لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-12-12, 06:59 PM   المشاركة رقم: 81
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: رماد ملون

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَسْماء✿ مشاهدة المشاركة
  

ملكة الحرف

كم أحب حرفك ... أستمري يا صديقتي بنقش ألوان رمادك هنا .. أستمري بزف شهقات ألوانك برماد ملون

اروينا ... واجعلينا كالفرشات نرتوي من بئرك البذخ ... المليء بجماله العذب

جميلة بمشاعر قمر وضياء

مؤلمه بإكتشاف غسان لماضي جود

صديقتي أنتظرك



وياله من فخر..

كاتبة عظيمة مثلك تطلق علي تسمية كهذه

"ملكة الحرف"

كلماتك يا صديقتي هي قناديل مضيئة ارفعها فتستضيء روحي من نورها..
وستقي قلمي حبره منها..

فشكرا لك على وجودك المذهل!!

ضوء،،

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 15-12-12, 07:03 PM   المشاركة رقم: 82
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: رماد ملون

 



صخب حديث..

تفاهات ماضٍ أبيض..

ترهات مستقبل أسود..

بينهما يقف الرمادي ليخط نهايته..

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 15-12-12, 07:07 PM   المشاركة رقم: 83
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: رماد ملون

 

أُضيئت شاشات التلفاز في أكثر من منزل ومقهى لتعرض أخبار الساعة الثانية عشر..

ظهر مذيع منمق على الشاشة ليتحدث على عجل معلنا:
"عند الساعة العاشرة والنصف كشف رجال الامن عن محاولة اعتداء على مبنى وزارة التجارة..
والشكر للعمل الجاد لرجال الامن تم الكشف عن ذلك قبل أن يحدث أي ضرر"



اختفت صورة المذيع ليبدأ عرض فيديو لسيارة بيضاء اللون مقلوبة على جانبها بجانب أحد أعمدة الانارة يحوم حولها عدد من رجال الأمن بينما قام أحدهم بوضع شريط أصفر حول المكان..


أكمل المذيع:
" طاردت عدد من سيارات الأمن طاردت تلك السيارة التي عتمت نوافذها فلم تكشف عن هوية من بداخلها من أشخاص..
لم يطل الوقت حتى فقد السائق التحكم بالسيارة المسرعة لتنزلق عجلاتها جانبيا قبل أن تنقلب على جانبها وتكمل طريقها متزحلقة ليوقفها أحد اعمدة الإنارة بعد أن اصطدم به سقف السيارة..

وعلى الرغم من أن سقف السيارة المهشم يخبر بأن صاحب السيارة تلقى اصابة لا بأس بها.. لم يجد رجال الأمن أي شخص بداخلها أو حول المكان ..

فقط بقع دماء لا أكثر"

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 15-12-12, 07:13 PM   المشاركة رقم: 84
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: رماد ملون

 




في المساء ذاته..
في مكانين مختلفين وقبل الساعة الثانية عشر ..
..


بدأ غسان في تفقد محتويات بريده قبل ذهابه الى النوم ..
بشعر مبلل بعد ان انهى استحمامه وبمنشفة معلقة بعنقه امتدت كفاه لفتح أسمك مظروف والأكبر حجماً..


أخرج رزم أوراق منه..
صفحات بيضاء امتلئت بمعلومات تمنى لو لم يعرفها يوماً..
حقائق وذكريات كان يفترض بالزمن ان يطويها خلفه .. أن تمحى من الوجود بحسب رغبة أحدهم لكن هاهي الكلمات تطفو أمام عينيه..
اتسعت عيناه.. انخطف لون وجهه..


خارت قواه ليرمي بثقله على ذراعه التي مدها ليمسك طرف مكتبه.. محاولة بائسة للسيطرة على الرجفة التي بدأت تجتاح خلايا جسده الذي تكسوه بجامة "كحلية" اللون..
قلّبها بسرعه.. رصت كفه على رزم الأوراق بينما أنحنى رأسه ليدفنه فيه..
أصاب تلك الكلمات البلل من شعره.. ربما أراد غرس تلك الكلمات في عقله غرسا إذ يبدو انه لم يعد يفهم العربيه!!


خرج من بين شفتيه صوت ألم وكأنه تواً تلقى طعنة مدميه..
خارت قواه فجأة لتنثني ركبتاه فينهار على الأرض اما عيناه فتعلقتا في تلك الأوراق في انتظار اللحظة التي تعترف فيها بكونها ملفقه..


كذب!!
لا يعقل ان يكون ذلك صحيحا!

لا يمكن ان تحمل زوجته التي يعشق هوية كتلك؟!
رفع تلك الأوراق ليقلبها بسرعه ويتنقل بصره مرهقا ًزائغاً بين محتوياتها


"حريق مجمع سكني مكون من 3 طوابق"

"وفاة تسعة عشر شخصا"

"المتسبب الرئيسي للحادث هو احد سكان المبنى"

"حسناء عبد الخالق"
"حسناء عبد الخالق"
"حسناء عبد الخالق"


تكرر الأسم اكثر من مره حتى كاد يعمي عينيه..
تفاصيل محاكمات وأوراق لم يجدر بها ان تكون في متناول شخص عادي..
للتنتهي الأوراق بورقة تحمل عنوان المستشفى الغربي للصحة النفسيه..
بعد فترة وعندما يأس من تغير محتويات تلك الاوراق استند الى مكتبه.. كان يحتاج الى خلفية يمكنها ان تسند جسده المصطدوم..


مد ذراعيه على ركبتيه ليدفن رأسه بينهما في انتظار مرور الوقت.. فعلقه توقف عن العمل تحت لسع سياط صدمة كهذه..
روحه وقفت بجواره لتطبطب على ظهره وتسأله تمالك أعصابه..

لكن ما العمل؟!.. فهاهي السيالات العصبيه قد اتخذت من خلاياه العصبيه ساحة سباق :
أي منها ستوصل الصدمه بشكل اكبر؟

أي منها ستشل أطرافه ؟

أي منها سترسل الى قلبه وخزات مسببة عدم انتظام في دقات لقلب؟!

رفع رأسه بسرعه يضربه على الحائط البني الذي يستند اليه .. حرك رأسه الى الأمام ليعود ويضربه مرة أخرى ..
يجدر بي ان أتخلص من حالة الخدر هذه .. إذ كيف يمكن ان أتأثر هكذا بشيء لم أفهمه..
كيف يمكن ان أفهم أن زوجتي هي ابنة قاتلة سلبت حياة تسعة عشر شخصاً؟!


لا يمكن ان يكون ذلك صحيحا..
جود لا يمك ان تكون ابنة قاتلة مثلها ؟!!


من غير المعقول ان تتمكن من خداعي كل هذا الوقت .. من غير المعقول ان تكون لزوجتي حياة غير التي اعتقدت انها تملكها!!
لكن .. كيف يمكن تفسير كون والدتها التي فقدتها في حادث حية ترزق!!
نهض من مكانه بسرعه ليتناول المغلف الذي وصلت فيه الأوراق.. تنقلت عيناه الداكنتان على ظهر المغلف تبحث عن هوية للمرسل لكنها اتسعت عندما لم يجد شيئاً..


ربما .. تكون خلف المغلف حكاية ترتبط بما يحدث حوله .. مرسلها هو نفسه الشخص الذي لم يتوقف عن ارسال رسائل تهديد عل جواله منذ الليلة التي شهد فيها الانفجار..
ربما يكون كل ذلك مجرد تلفيق لا أصل له.. تلك الاوراق هي وسيلة غير مباشرة لتحطيمه..
أطبق جفنيه لتتعانق رموشه الكثيفه..

لا يمكن ان أفقدها!!..
لا يمكن ان اسمح لحياتي بأن تتحطم امام عيني!!

لكن.. كيف يمكن ان يتأكد..


عقد حاجبيه مفكراً.. مقلبا في صفحات ذكرياته علّه يصل الى نقطه تمكنه من التأكد.. أليس كل ما يمر فيه سيطفو الى سطح ذاكرته يوماً ما؟!
ساعات تمر عليه وقد جلس القرفصاء على الأرض.. عينان معلقتان بجزيئات الهواء ..
يناشدها الحقائق ويبحث عن حلول..


مرت لحظات قبل تزداد العقده بين حاجبيه.. ألم تقل انها فقدت والدتها بسبب حريق ناتج عن التماس كهرباء؟!
ازدرد ريقه مع هذه الذكرى.. لا يمكن تواجد حقيقتان مناقضتان لبعضهما.. أما ان تكون والدتها حية او ميته..
إما ان تكون جود صادقة او كاذبه.. سحب انفاسا مختنقه وعيناه تتنقلان في محتويات الغرفه..


وقع بصره على مكتبته التي تحوي الكثير من الكتب..
تلك المكتبه تحوي عددا من الكتب في لغة الجسد التي قرأها كي تساعد واجهته السياسيه وذلك كي يتعلم ايماءات ينتهجها جسده فتترك اثراً أكبر فيمن حوله ..
كان دوما يتخلى عن حذره معها وفي بيته ..

لكن الآن..
ربما لو تذكر شكلها وهي تتحدث في ذلك اليوم لاستطاع اكتشاف شيء ما .. ربما يفصح شكلها عن شيء .. فلغة الجسد ستبقى دوما أفصح متحدث..


توالت الذكريات في عقله.. ألم تتكلم في ذلك اليوم وهي تشيح بعينيها عنه وكأنها تتحاشى النظر اليه..
ذلك الفعل لم يقتصر على ذلك اليوم فقط ..
الطريقة التي تدس فيها كفيها في جيبي ملابسها او تخفيها وراء ظهرها وكأنها تخفي شيئا ما ..


إنها تكذب!!
هز رأسه مستنكر.. مرر يده في شعره بألم ..

لا يمكن!!..
لن أصدق ذلك.. إذ ان ذاكرتي ربما تخونني على غير العاده!



نهض من مكانه ليفتح حاسبه المحمول ويحجز أقرب رحلة بالطائره ستوصله بعد ثلاث ساعات من التحليق الى المدينة التي نشأت فيها جود..


يجدر به أن يتأكد قبل ان يبدي أي رد فعل ..
لا يمكن ان تشعر جود بما يمر فيه قبل أن يذهب الى مدينتها الأم ويبحث بعينيه هناك عن حقائق مضت عليها قرابة العشرون عاماً..


انهى الحجز على متن طائرة ستقلع بعد ساعتين من الآن.. رفع هاتفه الجوال ليكتب رسالة موجهة الى زوجته:
"سأغادر باكراً اليوم ..
لدي الكثير من الأعمال التي يبدو أنني لن أتمكن من إنهاءها قبل وقت متأخر"


ارتخت عضلات ذراعه لتسقط كفه بجواره فيما ضغط اصبعه على "ارسال"
سيذهب هناك ليرى تلك القاتله بعينيه..
عقد ذراعيه امام صدره بغضب مكبوت..

إن كانت الأوراق حقيقة..
سيغتال روحه..
شدد من قبضتيه المتكورتين على جانبي صدره..

وسيحطم تلك الفتاة التي تلاعبت به بيديه هاتين..



عندما تفقد الحياة هويتها..
تبدأ في الانحدار كمؤشر ما..
لتصل الى القاع..
نحو الدمار التام..






*********************************



 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
قديم 15-12-12, 07:21 PM   المشاركة رقم: 85
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 241477
المشاركات: 84
الجنس أنثى
معدل التقييم: futurelight عضو له عدد لاباس به من النقاطfuturelight عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 146

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
futurelight غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : futurelight المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: رماد ملون

 





مدت كفاً مرتجفة الأصابع لترتشف القليل من مشروب الأعشاب الساخن..
لم تسكب لها الا حتى منتصف الكوب الأزرق .. هي تعلم انها ستحرق نفسها إن سكبت أكثر..
لفت كفيها حوله ببصر زائغ وهي تجلس في الأريكة المجاورة للنافذه ..


منذ أن وصلتها رسالة غسان قبل الفجر وهي مستيقظه.. نومها ليس منتظما هذه الأيام لكن تلك الرسالة التي أتت من دون موعد كان كفيلة باختطاف النوم من عينيها..
رمت الكف التي تحوي هاتفها الجوال لترتطم بأغطية السرير الزهرية اللون.. رفعت عينيها الى السقف تطلب من الله العون ..


كيف يمكن ان يحدث ذلك فجأة ومن دون مقدمات؟!
كيف يمكن ان يغرس مسمار الحقيقة وينهي بناء نعش حياتها قبل ان تستعد له .. قبل أن تتأكد من ان غسان لن يتخلى عنها حتى لو عرف بحقيقتها؟!
كيف تطويها الأكفان قبل أن تمتلك قلبه؟!


صلت الفجر لتعتكف على هذا المقعد بانتظار المحتوم..
مدت ذراعها لتبعد الستائر "السكرية" اللون عن النافذه.. ابتعدت الحواجز لتخترق أشعة الشمس زجاج النافذه فتمطر جسدها بكثير من الوعود..

ربما كان الموضوع الذي تسبب بمغادرته في حلكة الليل آخر لا يتعلق بها ..

ربما هي فقط من خوفها ربطت بين الموضوعين ..لن تعرف الجواب لذلك حتى حين عودته..


وصل الى مسامعها صوت حركة في الشقه .. التفتت بقوه تبحث عن مصدر لذلك الصوت لكنها لم تجد شيئا كالعاده..
منذ ان انهارت ذلك اليوم وهي تسمع تلك الأصوات.. مهما بحثت عن هوية لها عادت فارغة اليدين..
ليتبادر الى ذهنها بسرعة ان والدتها قررت أن تظهر في حياتها لتحطمها وتقضي عليها نهائيا..
ما يخيفها اكثر أنها ستبقى وحيده خلفه هذه الجدران .. وضعت الكوب الفارغ لترفع كفيها وتحتضن جسدها المغطى بلباس شتوي أبيض..


نكست رأسها لتنزلق خصلات شعرها المشعث فوق كتفيها فتحيط بوجهها..
لا تكاد تحتمل تلك الجدران التي تنهش وجودها .. توحي لها بالكثير من الخيالات التي تحمل من الموت عنواناً..
أما ان تموت امها او تموت هي ..


سحبت نفساً مرتجفاً.. اغرق في الخوف ولا أعرف كيف يمكنني إنقاذ نفسي ..
اخشى على نفسي من جنون يطاردني لا أعرف كيف أفر منه.. فتلك الأصوات لا تعني الا أنني بدأت أفقد السيطرة على عقلي ..
مضت فترة قبل ان يتكرر الصوت مرة اخرى لترفع كفيها وتغطي أذنيها.. هزت رأسها في حالة نكران تام..


أتركيني لوحدي!!
أنا لم أفقد عقلي بعد!!
أنا لست مجنونة مثلك !!


فتحت عينيها وهي تنهض على عجل.. لا يمكن أن تبقى لوحدها مع هواجسها.. سوف تموت قبل أن يعود غسان..
ولجت الغرفه لفترة قصيره لتخرج منها وهي تلف حجابها حول وجهها بعد أن بدلت ملابسها وارتدت عباءتها ..
ستذهب الى منزل أهلها .. ستخرج على الرغم من توصيات غسان لها بتوخي الحذر.. لا ترغب بمخالفة اوامره لكنها لم تعد تحتمل السكون اكثر..



بعد أكثر من نصف ساعه دخلت منزل أهلها لتغلق الباب خلفها وتسند عليه..
رفعت راحتها لتضعها على نحرها وتتنهد براحه .. هذا المكان الذي سعت جاهدة للهرب منه بدا في عينها جنة الآن..
اغمضت عينيها لتجذب نفسا حرمت منه خلال الأيام الماضيه ..


يبدو أن جزءا من روحها التي نستها في أروقة المستشفى تستكع هنا بين جدران احتضنتها لسنوات طوال..
جرت قدميها لتعبر البوابة الداخليه للمنزل .. تلفتت بعينها تبحث عن شعور بالامان تركته بين جدران هذا المنزل لكنها لم تعرف يوما ذلك الشعور حقيقة..


لكن..
لم يحوِ البهو الفسيح والذي اعتمد على ضوء الشمس المتسلل عبر فتحات السقف كإنارة له الا إحساساً بالخطر و الانكسار كان يلاحقانها دوما ..
مدت ذراعها أمامها لتفتح كفها وتقبض حفنة من الهواء في محاولة لالتقاط ما تاه عن وجودها منذ سنوات ..


سمعت صوت خطوات على درج المنزل الداخلي.. ظهرت أمام عينيها حور.. كانت تسير منكسة الرأس لتنسدل قصتها القصيره حول وجهها .. لباس أزرق يصل طوله الى منتصف فخذها وبنطال أسود قصير يصل الى منتصف ساقها .. يتدلى من أذنيها سماعتا مشغل صوت.. عندما لامست قدمها الأرض رفعت عينيها لتلتقي بعيني جود..


لوهلة فقط توقف قلب جود عن النبض.. ليست مستعدة لمواجهة ذات نصل حاد مع هذه الفتاه..
عقدت الأخرى حاجبيها باستفسار .. اقتربت بهدوء لتتقلص المسافه التي تربط بينهما .. وقفت قريبا منها لتتغضن تلك الملاح الجميله مستفسرة باستنكار :
"ما الذي تفعلينه هنا؟"

عقدت جود ذراعيها امام صدرها تخفي ارتجافة سيطرت على كامل جسدها .. زمت شفتيها.. لترفع حاجباً.. لحظة مرت قبل أن تستجمع صوتاً لم يكن ينتمي الى كيانها المحطم:
"أنتِ.. ما الذي تفعلينه هنا؟..
فهذا منزل اهلي أنا"
عقدت الأخرى ذراعيها مقلدة جود لتقول ببرود:
"جئت لتناول الإفطار مع جدتي .. "
كان في جعبتها الكثير من الكلام الحاد الا انها توقفت .. اقتربت لتقول بصوت لوهلة بدا أنه يحمل القلق في طياته:
"ماذا هناك؟.. لمَ أنت شاحبة هكذا؟"

هل جاءت الى هذا المنزل ترتجي شعوراً بالإمان؟! .. يا لها من حمقاء ..
لا يوجد امان يمكن أن يحتويها هنا..
تحركت الى الأمام متجاوزة تلك الفتاة بتجاهل تام.. وصلها من الخلف صوت تلك الفتاة الحانق:
"اجيبني أمل "



قشعريرة سرت في خلاياها ليقف شعر جسدها معلنا حالة استنفار..
تصفد العرق على جبينها ..
زاغ بصرها لتتوقف انفاسها عن العبور جيئةً وذهاباً عبر قصبتها الهوائيه..
دمية معلقة بخيوط .. هكذا كانت وهكذا ستبقى .. ألعوبة سهلة يمكن لأي كان نهش روحها بكلمة واحدة فقط ..
سحبت نفسا ممزقا قبل أن تقول بصوت خافت:
"لا تذكري أسماءً ماتت منذ زمن"


أكملت طريقها الى الداخل متجاهلة غضب من تقف خلفها بعدة امتار..
جلست بجوار جدتها بعد ان ألقت التحية عليها.. فتحت جود فمها لتتكلم .. لتسأل عن والدها واخوتها الصغار الا أن الكلمات بقيت معلقة في الهواء..
بالتاكيد سيكون في عمله.. كيف أتت الى هنا لتطلب العون من والدٍ يقضي ساعات صباحه في عمله كما يفعل غيره ؟..
هو الوحيد الذي سيتفهم مشاعرها .. دخلت حور الغرفه وهي تحمل صينية الشاي بين يديها لتقف جود بسرعه..

رمقتها الفتاة بنظرة يشتعل الغصب في قعرها إلا ان جود لم تولها أي اهتمام ..
القت التحيه تغادر الغرفه مع وعد بالعودة للزيارة عندما يكون والدها موجوداً.. لكم تشتاق في هذه اللحظات الى وجود شخص يهتم حقاً بها..


عندما وصلت الباب الخارجي للشارع لحقت بها حور لتقبض بكفها على ذراع جود .. في ذلك البهو الذي حوى كثيرا من المواجهات التي جمعتها مع حور والتي كان اولها عندما كانتا في السابعة من عمريهما..

زمت حور شفتيها الزهريتين وكأنها تمنع سيلاً من الكلمات الغاضبه التي لو تفوهت بها لسببت إنفجراً عظيماً..
فتحت فمها لتعاود اغلاقه ..
رصت عينيها فيما تحركت كفها لتهز ذراع جود ..



استعادت صورة الطفلة المحطمة التي بقيت ترتجف في سرير المستشفى لأسابيع .. الصغيرة التي خاضت عملية تجميل تلو الأخرى كي تزيل الأثار التي تركها الحريق على جسدها الغض..
زيارات متعدده الى العياده النفسيه بغية إنعاش روح الطفلة المرحة فيها..


إذا ..
لماذا بعد كل هذا لا زالت عيناها تلمعان بنفس الطريقة التي كانت عليها قبل سنوات؟!!
أستفيقي جود!

أرجوكِ..
استفيقي قبل ان تتحطمي!!


فتحت حور عينيها وهي تحرر ذراع جود.. لن تتفوه بتلك الكلمات الا عندما تكون جود مستعدة لسماعها.. لن تصراحها فتتسبب في شجار جديد بعد كل تلك السنوات..
ستتوقف عن تجريحها كما دأبت ان تفعل بغية إخراج جود من العالم الذي دفنت فيه وجودها ..

تراجعت خطوة الى الوراء وهي تفتح عينيها لترى جود الممزقه..
رسمت ابتسامة على شفتيها قائلة بهمس:
"توقفي عن إيذاء نفسك"


شدت جود من قبضتها على الباب ..
لا يمكن ان أبقى هنا أكثر من ذلك .. تواجدي هنا في هذه اللحظات ينعش ماضٍ بذلت جهدا كي أفر منه..
دفنته منذ زمن..
لا يمكنني أن أحتمل ذلك .. ليس الآن..
رفعت كفها لتمسد رأسها بعد أن داهمتها نوبة دوار لتمد الذراع الأخرى وتتكأ بها الى الباب..
زمت حور شفتيها بألم قبل أن تستدير وتدلف الى داخل المنزل بينما جرت جود خطواتها لتغادر..


إلى أين يفترض بي ان أذهب؟!
ربما يجدر به ان أصفه بالفرار ؟!.. فهذه هي الحقيقه .. أنا أهرب من ماضي يلاحقني ..
كل ما يربطني بالماضي بات يتقافز في وجهي..
أخرجت نظاراتها الشمسيه لتغطي عينيها ثم سارت تحت وابل من أشعة الشمس على غير هدى ..
هكذا فقط ..
يجدر بي أن أسير حتى ينتهي اليوم..
فلا حضن يحتوي روحي..
تعلمت انه يجدر بي ان امضي قدما في حياتي .. لكن الى متى ؟!..

متى سأتوقف عن الترحال لإريح قدميّ المتعبتين إن لم تتواجد محطة لتتوقف عندها رحلتي..
لا وجود لمن يقبل بذاتي دون تغير او زيف.. أين تلك المحطة التي لا كذب فيها؟!..


جلست على احد المقاعد في الحديق العامه بعد سير دام لساعات.. مررت يدها على جبينها تمسح قطرات العرق المنهكه..
ذلك الجبين الذي يعلو زوجاً من العدسات المظلله والتي تعكسان ما يقع امامها.. تعكسان شارعا كبيرا وبناء تجارياً..
توقف بصرها على البناء التجاري البعيد .. مقر عملها..


ارتجفت شفتاها للحظات .. كيف نسيت قمر؟!
ألم تقبل بها قمر حتى بعد ان علمت انها تكذب..
انحنت شفتاها الى الأعلى في شبه ابتسامه .. هناك شخص..
يعلم شخصيتها الحقيقيه دون زيف وتقبلها كفرد مساوٍ له في المجتمع .. دست يدها في حقيبتها لتستخرج هاتفها الجوال..

لم يدم انتظارها طويلا حتى تسلل صوت قمر الى مسامعها:
"مرحبا جود.. كيف حالك؟"
ابتسامة ارتسمت على شفتي جود.. ابتسامة من وأخيرا صادف من قد يخفف من قلقه.. سحبت نفسا قبل أن تقول:
"قمر.. لقد كُشِفت... "
صمت على الجهة الأخرى قبل أن يرتفع صوت قمر بقلق:
"ماذا تعنين؟.. "
رفعت جود كفها اليسرى لتحدق بالخاتم الذي يعلن عن ارتباط حياتها بغسان وتعلن بصوت متهدج:
"زوجي.. اعتقد أنه اكتشف أنني أكذب عليه.. اكتشف حقيقتي .."
قالت قمر بسرعه:
"أين أنت؟.. سأكون عندك في الحال"

اخفضت عينيها عن البناء التجاري الذي يحوي قمر لتقول:
"أنا .. في مكان بعيد.. لا داعي لقدومك.. "
تنهدت قمر قبل أن تقول:
"إذا ..ماذا تعنين عندما قلت انك تعتقدين أنه اكتشفك.. ربما كان كل ذلك خيال مجرد من الحقيقة؟.."
شدت جود قبضتها وهي تقول:
"ربما.. لكن.. لا استطيع انكار الذي الاحساس الذي يخبرني بأن حياتي التي اعتدتها على وشك التحطم امام عيني"
عضت على شفتها السفلى وهي تسمع قمر تقول:
"حسناً.. أنت تعنين الحياة الملفقة التي اعتدتها؟!.."

أغمضت جود عينيها بألم بينما أكلمت قمر عندما لاحظت صمت الأخرى:
"عزيزتي جود أنا لن أجاملك.. على الرغم من أنني لم أفهم تماما ما تعنينه بقولك أن حقيقتك كشفت لكنني أستطيع أن أٌقول لك..
لا يمكن للكذب أن يبني حياة أبدا.. فستبقى الحياة التي تعتمد عليه كبنيان رخيص قد ينهار في أي لحظه"


تسللت دمعة من تحت العدسة الداكنة للنظاره لتنساب فوق وجنتها الباهتة.. أما قمر فقد فتحت كفها ليظهر خاتم ملون يتوسط راحتها:
"ربما لا تكون لدي خبرتك في الحياة لكنني أعلم ما هو شعور أن يقنع الشخص نفسه بعيش كذبة..
تلك الكذبة التي يخفي فيها حقيقة نفسه ورغباتها"

شدت قمر قبضتها لتحتضن الخاتم فيما نكست جود رأسها لتمد أناملها وتمسح دموعها:
"قد تعتقدين بأن حياتك انهارت لكنها تكون فرصة لبداية حياة جميلة وحقيقية دون أي زيف..
أنت نفسك فقط من يستطيع أن يحدد إن كنت سعيدة بحياتك التي عشتها سابقا أم لا؟"



أغلقت الهاتف بعد تلك الكلمات المهدئة من قمر.. تعلم تماما أن كلام قمر يحوي من الصحة الكثير لكنها غير مستعدة لتقليب الصفحات الماضية في حياتها.. غير مستعدة للتقدم في كتاب حياتها نحو صفحات جديدة تخطهما كيفما تشاء..
لا زلت أأمل أن اليوم سينتهي بسلام.. سأعود قبل وقت عودة غسان بكل تأكيد..
سأتظاهر بأن كل شيء بخير بكل تأكيد..


سيرى الحياة التي أعتادها في استقباله في المنزل .. ربما في النهايه يكون إحساسي مجرد أوهام ..

ربما بعد ذلك سأغير تصرفاتي تماماً واظهر شخصي الحقيقية تدريجاً..

سأعطي نفسي فرصة لم أتجرأ لأخذها من قبل..
تلك هي الوعود التي أعطتها نفسها الا أن اليوم كان قد قُدِّر له أن ينتهي بنهاية مختلفة..



دخل غسان المنزل ..
خلع حذاءه بهدوء قبل أن يقطع الممر الرخامي ويلج غرفة الجلوس.. وقع بصره عليها وهي تحتل المقعد الذي اعتكفت عليه صباحا..


استقامت واقفة بعد أن رسمت على شفتيها ابتسامة لم تجد لها صداً في ملامحه..


تقدم الى الأمام بوجه قد من حجر ولم ترَ لها انعكاسا الا في عينيه المحمرتين!!




لم تعلم أن فصل الخريف قد ولّى ليكتنفها شتاء لا يرحم!!
ثم..
غادرتها الحياة على حين غرة..





*******************************

 
 

 

عرض البوم صور futurelight  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لأنو, للكاتبة futurelight, ليلاس, مستقبل, لغه فصحى, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, رماد, رواية رماد ملون, روايه مشوقه, ضياء, ضياء و قمر, قمر, قصص و روايات
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:40 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية