لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-05-12, 08:05 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Stupid 1 ـ أريد زوجـــاً !

 


1 ـ أريد زوجـــاً !


(( هل تتزوجني , غارد )) ؟ .
أخذت (( روزي )) تــــذرع أرض غرفتها , وقد توترت ملامحها ,
وانقبضت يداهـــا , كمـا أظلمت عيناهــــا الزرقاوان , الصريحتان فــي
العادة , وهي تكرر نفس الكلمات مرة بعد مـــرة بصـــوت خافت ومع
ذلك ما زالت غير واثقة من أنها ستتمكن من قولها بصوت عــال : (( هل
تتزوجني ؟ هل تتزوجني ؟ هل تتزوجني ؟ ))
ها أنها قالتها , وإن لم تبد الكلمات بالحزم والتأكيد المطلوبين .
على أي حال , اجتازت الآن الحاجز الأول , وبإمكانها إذن اجتياز
الآخــر . . . هكذا أخذت تحدث نفسها بشجاعة .
ابتلعت ريقها بصعوبة , ثم نظرت إلى التليفون القائم بجانب
سريرها : (( لا فائدة من التردد , ومن الأفضــل الانتهاء من هذا الأمر
الآن ! )) .
ولكن ليس هنا ! ليس وحدها في غرفتها المنعزلة بينما هي . . .
وحولت عينيها فجأة عن غطــاء السرير المزين بباقات الأزهار , بذوق
الفتيات الصغيرات . فقد كانت في الرابعة عشرة عندما اختارته , بينما
هي الآن في الثانية والعشرين تقريباً .
في الثانية والعشرين ! ولكنها ما زالت بالسذاجة والبساطة التي
كانت عليها . . . أو هكذا قيل لها .
شعرت بغصة في حلقها , وهي تتذكر من قال لها هذه الكلمات .
فتحت باب غرفتها , ثم أسرعت تهبط السلم . ستستعمل تليفون
الغرفة التي كانت مكتب أبيها وجدها من قبل . من الأفضل أن تقول
تلك الكلمات من غرفة المكتب تلك , فهذا يمنحها وزناً وكرامة .
رفعت السماعة ثم أخذت تدير الأرقام , توتر جسمها وهي تسمع
الرنين . ثم قالت للفتاة التي أجابتها من الطرف الآخر :
ـ أريد (( غارد جيميسين )) , من فضلك ! أنا (( روزي وندهام )) .
أخذت تنتظر الاتصال وهي تقضــم باطن شفتها السفلى
متوترة . . . وهذه عادة تملكتها منذ طفولتها وظنت أنها تجاوزتها .
ـ الأطفــال فقط يفعلون هذا , أمـــا النساء . . .
كان هذا ما حذرها منه غارد عندما كانت في الثامنة عشرة .
ثم سكت حينذاك ونظر إليها ساخراً , ما جعلها تســأله دون
تفكير : (( مــاذا تفعل النساء ؟ )) .
مال إلى الأمـــام وأشــار إلى شفتها السفلى المتورمة , ثم قال
بالسخرية نفسهـــا :
ـ النساء , يا روزي العزيزة البريئة , لا يكون هذا الأثر على
شفاههن إلا بفعل عــاشق . . .
لقد ضحك طبعاً لاحمرار وجنتيها . هذا هو غارد ! (( لو كان عاش
في الزمن القديم , لكان قاطع طريق أو قرصاناً . . . رجلاً لا يهتم
لأحد ويضع بنفسه قوانينه وأنظمته )) ! هذا ما كان يقوله جدها على
الدوام . جدها الذي كانت تشعر أنه يكن له دوماً نوعاً من العطف
رغم عدم اعترافه بذلك .
ـ مــاذا تريدين يا روزي ؟ ماذا حدث ؟
دفعتها خشونة صوته إلى تشديد قبضتها على السماعة مدركة أنه
ما زال يثير في نفسها الإضطراب . هذا رغم أنها تعلمت أثناء نضجها
كيف تتجاهل تعليقاته الساخرة التي ما زال يعذبها بها أحياناً .
لم يكن يتصرف على هذا النحو مع النساء الأخريات , بل كان
يفيض معهن إحساساً ودفئاً . لكنه , طبعاً , لا يعتبرها امرأة , وإنما
فقط . . .
ـ روزي هل ما زلت على الخط ؟ .
أعادها الضيق الذي بدا على صوته , إلى الواقع . تنفست بعمق :
ـ نعم , ما زلتُ هنا ! غارد . . . هناك شــيء يا غارد أريد أن
أســألك عنه الآن . . .
ـ لا أستطيع الكلام الآن , يا روزي ! إنني بانتظار مكالمة هامة .
اسمعـــي ! سأزورك هذه الليلة ونتحدث في ما تريدين .
شعرت روزي بالذعر , وقالت على الفـــور :
ـ لا ! لا !
تريد أن تســأله من مسافة بعيدة . إنها لا تريد أن تعرض عليه
الزواج وجهاً لوجه . وغصت بريقها , لكنه كان قد وضع السماعة فلم
تستطع إخباره بأنها لا تريد رؤيته .
عندما وضعت سماعتها , أخذت تحدق في أنحاء الغرفة بحزن .
أربعمائة عام من التاريخ تنام في هذه الغرفة من هذا المنزل الذي
أنشــئ هنا منذ وهبت الملكة اليزابيت الأولى قطعة الأرض لـ بيبرس
ويندهام , هدية مقابل خدمات أداها لها . هكذا قيل رسمياً , لكن
الشائعات حينذاك قالت إنها مقابل علاقة شخصية حميمة .
أطلق (( بيرس )) على المنزل اسم (( مرج الملكة )) اعترافاً منه بكرم
اليزابيت . لم يكن منزلاً فخمــاً , حتى ولا فسيحاً . لكنه في نظر روزي
كان فسيحاً للغاية بالنسبة إلى شخص واحد , أو حتى أســـرة
واحدة . . . خصوصاً عندما علمت أثناء عملها في الملجـــأ كم من
الناس دون مأوى وفــي حاجة ماسة إلى سقف فوق رؤوسهم .
آخر مرة طرقت هذا الموضوع مع غارد , قال لها ساخراً معنفاً :
ـ لو كان لك الخيار ماذا كنت ستفعلين ؟ تسلمينهم المنزل ؟ ثم
تتفرجين عليهم وهم ينتزعون خشب الجدران ليستعملوه حطباً في
المدفــأة ؟ تتفرجين عليهم وهم . . . ؟ .
احتدت حينذاك بغضب :
ـ هذا ليس إنصافاً ! أنت غير منصف . . .
حتى (( رالف )) , المسؤول عن الملجــأ , قال في أكثر من مناسبة
إنها غير واقعية , وإنها مبالغة في المثالية ورقة القلب , كما أن ثقتها
بالآخرين هي أكثر مما يجب . خُـــيل إليها أن رالف يميل إلى
احتقارها , إذ كان , منذ البداية , عدائياً نحوها , ساخراً من بيئتها التي
نــشأت فيها ولهجتها المميزة , مديناً ثروتها وأسلوب حياتها , مقارناً
كل ذلك بحياة أولئك القانطين في الملجــأ .
قال ذات مرة , هازئاً :
ـ إن قيامك بعمل إنساني يجعلك تشعرين بالرضى عن نفسك ,
أليس كذلك ؟ .
فــأجابت حينذاك بصدق :
ـ هذا ليس صحيحاً ! لأن أموالي , أو ثروتي كما تحب أن
تسميها , هي . . . تحت الوصاية , ولا يمكنني التصرف بها حتى لو
رغبت في ذلك . وأعتقد أنني إذا سعيت إلى عمل (( حقيقي )) , أي عمل
بأجر , أكون سلبت ذالك العمل من شخص بحاجة إليه ليعيش .
تحسنت الــعلاقة بينهما هذه الأيام كثيراً , رغم أنهما كانا شديدي
الكراهية لبعضهما البعض , والأحرى القول إن رالف هو الذي يكره
غارد , ذلك أن غارد لم يكن يعبر عن مشاعره تجاه أي كان . وفي
الواقع , كان الشك يساورها أحياناً في أن غارد قد عرف حقاً المشاعر
البشرية في حياته .
إنها تعلم مبلغ كراهية رالف الذهاب إلى غارد كي يطلب مساعدة
مالية للملــجأ , لكن غارد كان أغنى رجل في المنطقة , وأعماله أكثر
الأعمـــال رواجاً .
قال لها أبوهـــا ذات مرة :
ـ إنه مزيج نادر جداً ! إنه مقاول ناجح للغاية , كما أنه رجل نزيه
وذو مثل عليا !
أمـــا رالف فكان يدعوه (( بغلاً متعجرفاً )) .
ـ جذاب !
همست بذلك إحدى زميلات روزي القديمات في المدرسة
عندما جاء لزيارتها . كانت متزوجة , وقد سئمت زوجها على ما
يبدو . فقد نظرت إلى غارد بنهم مكشوف لم تجده روزي محرجاً
فحسب , بل مذلاً أيضاً . كانت سارا , بنظراتها المحرقة التي أخذت
تلقيها على غارد باستمرار , والتلميحات والإيماءات المكشوفـــة ,
وبعض الملامسات المتعمدة , تبرز , بشكل ما , عدم نضج روزي ,
مبررة بذلك ما اعتاد غارد أن يوجهه إليها من انتقادات ساخرة .
هي تعلم جيداً أن غارد يظنها ساذجة غافلة . . لا بأس ! فلتتحمل
تعليقاته وسخريته المربكــة , والمؤلمة أحياناً , لكنها سبق وعاهدت
نفسها منذ زمن طويل ألا تندفع في علاقة غرامية من خارج مشروع
الزواج , ومع رجل له مثل مشاعرها , رجل يحبها ولا يخجل من
الإعتراف بحبه , مــا يجعلها تتخلى معه عن تحفظاتها وتكشف له عن
الجانب العاطفي من طبيعتها .
منتديات ليلاس
إنها لم تقابل ذلك الرجل حتى الآن , وستعرفه عندما تقابله ,
لكنها غير مستعجلة , على كل حال . فهي ما زالت عذراء في الحادية
والعشرين . في الحادية والعشرين وعلى وشك عرض الزواج على
رجــل . . . ليس بالتأكيد من النوع الذي تطلبه !
نظرت إلى ساعتها , إنها الرابعة ! كانت تعلم أن غارد غالباً ما
يبقى في مكتبه فترة طويلة بعد مغادرة الآخرين . وهذا يعني أنه لن
يــأتي إليها قبل السابعة أو حتى الثامنة . كل تلك الساعات
للانتظــار ! . . . ولتهيئ نفسها لعرض الزواج ذاك ! واحمر وجهها
ضيقاً .
ماذا سيقول ؟ سيضحك منها دون شك ! كل ذلك كان ذنب
محاميها ! لو أن (( بيتر )) لم يقترح . . .
وسارت نحو النافذة وهي تتذكر آخر كلمات بيتر قبل أن يخرج :
ـ عديني بأن تسأليه , على الأقل , يا روزي .
حينذاك أجابته غاضبة :
ـ ولماذا أضحي بنفســي لأنقذ هذا البيت ؟ هذا غير ممكن حتى
ولو كنت أريده . . . أنت تعرف شعوري .
رد عليها بيتر معترضـاً :
ـ أنت تعلمين ما الذي سيحدث إذا ورثه (( إدوارد )) . سيهدمـه
بالتأكيـــد وهو يشعر بالسرور .
ـ وأيضــاً ليعود إلى منزل جدي . نعم , أعلم هذا .
كان إدوارد ابن عم أبيها . وقد تشاجر مع جدها قبل أن تولد
روزي بوقت طويل , شجاراً خطيراً بسبب سلوكه والمال , كان من
نتيجته أن منعه الجد من وضع قدمه في هذا المنزل مرة أخرى .
لكل أسرة نعجتها السوداء , كما يقال , وأسرتهم غير مستثناة من
ذلك . حتى وهو في منتصف عمره الآن , وبالرغم من مظهره المحترم
وزواجه , ثمة شــيء غير سار في شخصية إدوارد .
قد لا يكون تجاوز القانون في معاملاته المالية , ولكنه بالتأكيد
تجاوز حدوده تحت ستار الظلام غير مرة , كما اعتاد أبوها أن يقول
أبوهــا . . .
أشاحت روزي بوجهها عن النافذة , ونظرت نحو الـمكتب .
كانت صورة أبيها الفتوغرافية ما زالت فوقه . صورة أخذت له بالبذلة
العسكرية قبل موت أخيه الأكبر بوقت قصير .
لقد ترك الجيش , حينذاك , وعاد إلى البيت ليكون بجانب
أبيه . . . ولم يكن هو نفسه غريباً عن الموت منذ وفاة والدة روزي .
كان المنزل (( مرج الملكة )) يعني الكثير بالنسبة إلى أبيها
وجدها . كانت هي تحب البيت طبعـــاً ــــ ومن ذا الذي لا يحبه ؟ ــــ وإنما
دون شعــور بالتملك .
لم يكن ما شعرت به وهي تجول في حجراته , هو الزهو , وإنمــا
الشعــور بالذنب .
يا ليت الأمــور كانت غير ما هي عليه الآن ! يا ليت إدوارد غير ما
هو عليه ! إذن , لغادرت هذا المنزل بسهولة وسرور واشترت أو
استأجرت لنفسهــا شقة صغيرة في المدينة ومنحت كل وقتهـا واهتمامها
للعمل في الملجـــأ .
ولكن كيف بإمكــانها أن تفعل ذلك الآن ؟
لقد حذرهــا بيتر حينذاك , قائلاً :
ـ سيهدم إدوارد المنزل . سيجمع أولاً كــل ما يستحق البيع من
محتوياته ثم يهدمه حجراً بعد حجر , ثم يبيع الأرض لأحد أصدقائه
المقربين الذي سوف . . .
قاطعته محتجــة :
ـ كلا ! لا يمكنه القيام بذلك . المنزل مسجــل تراثياً و . . .
ـ حسب معرفتي بإدوارد , لن يصعب عليه أبداً العثور على من
يدعي أن البنائين أساوؤا فهم التعليمات التي أعطيت لهم . هل تظنين
أن هذا البيت سيصمد طويلاً عندما يهاجمه نصف (( دزينة )) من الرجال
مع (( بلدوزراتهم )) ؟ وطبعاً , لن تكون لإدوارد أية صلة بما حدث ! إنه
يكره جدك , يا روزي , وهو يعلم كم كان هذا المنزل غالياً عليه وعلى
أبيك .
قالت روزي متنهدة :
ـ كثيراً جداً ! لا , يا بيتر , هذا المكان أكبر من أن تسكنه أســرة
واحدة , مهما يكن مقدار جماله . . . آه ! لماذا لم يستمع جدي إلــي
ويسجله مؤسسة خيرية ؟ لماذا لم يفعل ذلك ؟ .
ـ أنت إذن لا تهتمين بما يحدث للمنزل ؟ إلا يهمك أن يرثه
إدوارد ويدمره . . . يدمـر أربعمئة عام من التاريخ ؟ .
قالت متبرمـــة :
ـ طبعاً يهمني ! ولكن ماذا بإمكاني عمله ؟ إنك تعرف شروط تلك
الوصية الحمقاء , التي تركها جدي , كما أعرفها : في حال وفاة ولديه
قبله , يذهب منزله ومزرعته إلى أقرب أقربائه بشرط أن يتزوج خلال
ثلاثة أشهـر من وفاته ويصبح قادراً على إنجاب وريث . لقد كتب تلك
الوصية منذ سنوات بعد وفاة عمــي توم , ولو أن أبــي لم . . .
سكتت حينذاك مختنقة بالدموع . لم تكن استوعبت بعد فكــرة
وفاة أبيها بنوبة قلبية قبل أسابيع فقط من وفاة جدها بعد إصابته
بغيبوبة توفي على أثرها . ثم قالت بــأسف :
ـ شروط تلك الوصية مكتملة جميعها في إدوارد . . .
قاطعها بيتر بهدوء :
ـ إنك أقرب أقــرباء جدك .
أجابته حينذاك , بجفــاء :
ـ نعم , لكنني لست متزوجة , ومن غير المحتمل أن أتزوج , على
الأقــل ليس خلال الأشهــر الثلاثة القادمة .
حينذاك قال بيتر بثقة :
ـ بل يمكنك عقد زواج مصلحة . زواج لغرض محدد يمكنك من
استكمال شروط وصية جدك . زواج يمكن إنهاؤه بسرعة وسهولة .
ـ زواج مصلــحة ؟
وحدقت به روزي باهتمام . بدا لها الأمر وكــأنه من إحدى
الروايات الخيالية التي تحب قراءتها . موضوع شــاعري جميل لكنه لا
يحدث في الحياة الواقعية .
ـ لا !
قالت ذلك بانفعال واستنكــار , وهي تهز رأسهــا بعنف جعل
خصلات شعرها السوداء تترامى على كتفيها . دفعتها عن وجهها
بضيق . كان شعرها آفة حياتها . . . أسود داكناً متمرداً يضج حيوية ؛
ولطالمـا دعاها جدها , وهو يدللها , بالغجرية الصغيرة . لكنها كلما
حاولت ترويضه وتنظيمه , كان يثور ويعود إلى شكله السابق , كومة
من الخصل الجعدة حالما ينغلق باب الحلاقة خلقها . وهكذا تخلت
في النهاية عن كل محاولة للسيطرة عليه .
ـ هذا مستحيل ! وحتى زواج المصلحة , يحتاج إتمامه إلى
شخصين . وأنا لا أعرف شخصــاً يقبل . . .
لكن بيتر قاطعها , حينذاك , قائلاً :
ـ أنا أعــرف .
أتراها سمعت نبرة شؤم في هذه الكلمات , أم أنها تخيلت ذلك ؟
سكتت وهي ترفع بصرها إلى وجه محاميها , بارتياب ثم سألته
بحـــذر :
ـ من ؟
ـ غارد جيميسن !
ما إن قال ذلك حتى انهارت جالسة على السلم وهي تقول
بحــزم :
ـ لا ! أبداً هذا غير ممكن ! .
لكنه تابع يقول بحماسة وكأنه لم يسمع اعتراضها :
ـ إنه اشخص الناسب تماماً ! وهو على أي حال , لا يخفي
رغبته في امتلاك هذا المنزل .
أجابت بجفاء وهي تتذكر كم من المرات كان غارد يزعج جدها
متوسلاً إليه أن يبيعه المنزل :
ـ أبداً ! إذا كان يريد هذا المنزل حقاً , يمكنه إقناع إدوارد ببيعه .
رفع بيتر حاجبيه :
ـ هيا , يا روزي ! أنت تعلمين أن ادوارد يكره غارد بقدر ما كان
يكره جدك تقريباً .
تنهدت روزي . كان هذا صحيحاً ! ذلك أن غارد وإدوارد عدوا
مصلحة قديمان . وكما قال أبوها في أكثر من مناسبة : لم تحدث بين
الرجلين مواجهة , إلا كان غارد هو الرابح .
قالت :
ـ نعم ! ومجرد معرفته بمبلغ حب غارد لهذا المنزل , يقوي رغبته
في هدمـــه .
ـ إن حديثنا يتناول فقط بعض الترتيبات العملية بينكما , أنتما
الاثنين . بعض الاجراءات الشكلية البسيطة التي تمكنك من استيفاء
شروط الوصية , وفي الوقت المناسب , يمكن فسخ الزواج . يمكنك
أن تبيعي البيت لغارد و . . .
فسألته بارتياب :
ـ في الوقت المناسب ؟ كم من الوقت يستغرق ذلك ؟ .
ـ سنة أو سنتين . . . لا أظن أن هناك شخصاً آخر تريدين الزواج
منه , أليس كذلك ؟ وإلا لما كان هناك مشكلة أو حاجة للزواج من
غارد .
قالت بحـــزم :
ـ لا يمكنني القيام بذلك , الفكرة كلها تبدو لــي كريهة منفرة .
ـ حسناً ! عليك إذن أن توطني نفسك لقبول حقيقة أن إدوارد
سيرث . لقد مضى على وفاة جدك شهــر تقريباً .
قالت متجاهلة قول بيتر :
ـ لا يمكنني القيام بذلك . لا يمكنني أن أطلب من رجـــل أن
يتزوجني , خصوصــاً غارد . . .
ضحك بيتر حينذاك :
ـ إنه عرض عملي , ليس إلا . فكـــري في ذلك , يا روزي . إننــي
أعرف تذبذب مشاعرك نحو المنزل (( مرج الملكة )) , لكنني لا أصدق
أنك تريدين أن تري إدوارد يهدمــه .
ـ لا ! لا أريد ذلك بالتأكيــد ! .
ـ ومــاذا ستخسرين إذن ؟قالت عند ذاك :
ـ حــــريتي !
عند ذلك ضحك بيتر :
ـ آه , لا أظن غارد سيتدخــل في هذا الأمر . إنه أكثر انشغالاً من
أن يهتم بما تفعلين . عديني بأن تفكري في الموضوع على الأقل , يا
روزي . إنني أفعل هذا لأجلك , لأنك إذا سمحت لإدوارد بهدم
المنزل , فلن يمكنك التخلص من الشعور بالذنب .
فسألته بجفــاء :
ـ هل تخدمني بابتزازي ؟ .
وإذ بدا عليه , حينذاك , شـــيء من الضيق , قالت :
ـ لا بأس . ســأفكــر في الأمــر .
وأخيراً , فعلت أكثر من مجرد التفكير في الأمر , كما اعترفت
روزي وهي تعود بأفكارها إلى الحاضر .
ـ المشكلة معك هي أنك أرق قلباً مما يجب أن تكونــي .
كم من المرات سمعت هذا الإتهام يوجه إليها على مر السنين !
مرات لا تحصى !
منتديات ليلاس
لكن بيتر على حق . لا يمكنها أن تدع إدوارد يدمر المنزل من
دون أن تحاول منعه , بتضحيتها بنفسها ! وارتسمت على شفتيها
ابتسامة حين التمعت في ذهنها فكرة ماكرة . يا لخيبة غارد لو أنه
تمكن من قراءة أفكارها ! كم من النساء يعتبرن , مثلها , الزواج منه
تضحية . . . ؟ لسن كثيرات . . . حتى ولا واحدة , على ما تعتقد .
حسناً إنها فتاة غريبة إذن . . . وشاذة بحيث أنها , لسبب ما , لم
تستطع أن ترى فيه أية جاذبية كسائر النساء . إنها إذن حصينة إزاء
مواهبه التي تنهار أمامها النساء . . . تنضح أعينهن رهبة وهن يهذين
بشكله المثير وعينيه الملتهبتين . . . بفمه وكتفه وجسمه , وشخصيته
المهيبة وهالة الغموض التي تحيط به .
من الغريب أن آخر شــيء كن يذكرنه هو ثروته !
حسناً , لا يمكنها أن ترى فيه ما يجذبها عاطفياً . فهو بالنسبة
إليها خنزير ساخر متغطرس لا يسره شــيء أكثر من جعلها موضعاً
للهزل .
أثناء حفلة عشاء منذ شهر واحد فقط , قالت لها المضيفة إن ابن
عمها يرغب في الجلوس بقربها أثناء العشاء . مال غارد نحو روزي ,
وكان قد سمع الحديث , قائلاً بتهكم :
ـ إذا كان يرجو أن يجد امرأة تحت هذه الكتلة الشعثاء من
الشعر , وهذا الثوب المضحك الذي ترتديه , يا روزي , سيصاب دون
شك بخيبة أمل مرة , أليس كذلك ؟ .
ولما كان (( الثوب المضحك )) الذي أشار إليه عزيزاً جداً عليها , إذ
صنعته بنفسها من قطع قماش أحضرتها من المبرات الخيرية ,
فأصلحتها وغسلتها ونسقتها بكل فخر واعتزاز ــــ إذ كان الأمر كذلك ,
فقد رمقته بنظرة بالغة المرارة وهي تقول :
ـ ليس كل الرجال يحكمون على المرأة من خلال إغرائها , يا
غارد ! .
فكان أن أجاب حينذاك , دون اهتمام بمشاعرها :
ـ هذا من حسن حظك ! لأنك , حسب الأقاويل , ليس لديك
أدنى فكـــــرة عن هذا الموضوع ! .
احمر وجهها طبعاً , ليس فقط لما قاله فهي , على كل حال , لا
تشعر بالخجل لأنها غير مستعدة لإقامة علاقات عابرة ولكن للطريقة
التي كان غارد ينظر بها إليها . . . للسخرية البادية في عينيه , وأيضاً
للصورة المفزعة التي مرت للحظة في خيالها إذ تمثلته مع إحدى
عشيقاته المغـــرمات !
نبذت هذه الصورة من ذهنها على الفور , لائمة نفسها على
خيالها الخصب وتهويماتها المزعجة .
ذاك المساء , كانت قد تابعت الجدال مع غارد , قبل أن يغادر
المنزل مع شقراء رائعة الجمال والأناقة كانت بصحبته .
كانت قالت له و هي ترفع ذقنها الصغير تحدياً :
ـ على كل حال , من الأصوب هذه الأيام عدم إقامة علاقات
عاطفية .
أجابها بلطف موافقاً :
ـ من المؤكد أن الظروف الحالية مناسبة جداً للتهرب والاختباء ,
خصوصــاً . . .
ـ خصوصاً ماذا ؟
فقال متهكماً :
ـ خصوصاُ في مثل وضعك !
ومنعتها عودة صاحبته من قول أي شــيء آخر , حينذاك .
زواج مصلحة من غارد ! ستكون مجنونة إذا سمحت لبيتر أن
يقنعها بهذه الفكرة الحمقاء . لكنه كان قد أقنعها بذلك ولم يعد
بإمكانها التراجع الآن .
هل رغبة غارد بتملك منزل (( مرج الملكة )) تكفــي لكي يوافق ؟
ـ حسناً يا روزي , ما سبب مكالمــــتك إذا كنت تسعين إلى هبة
أخرى منــي لمؤسستك الخيرية تلك ؟ عليك أن تعلمـــي أنني , حالياً , لا
أشعر بأية رغبة في العطــاء . . .
أخذت روزي تنظر إليه صامتة وهو يدخــل الردهة . كان قلبها
يخفق بقوة وكــأنه على وشك أن يخترق صدرها .
لم تتذكر أنها شعرت من قبل بمثل هذا التوتر . . . حتى ولا
عندما علم جدها بتسللها خفية في إحدى الليالي لســرقة السمك من
مزرعته مع كليم أنجرز .
كادت تغرق في تداعياتها ولكنها ما لبثت أن عادت بأفكـــارها إلى
الواقع , بحزم .
حضر غارد مبكــراً أكثر مما توقعت . حضر ببذلته الأنيقة الغالية
الثمن , وقميصه القطني المنشى الناصع البياض , ولو لم يكن مألوفاً
لديها بهذا الشكل لوجدت ذلك مثبطاً جداً لعزيمتها .
لكن غارد قد يكون مثبطاً حتى في ملابسه العادية , على ما
حدثت نفسها . ولم يكن هذا بسبب طول قامته , حتى ولا عرض كتفيه
وعضلاته المشدودة التي طالما تأوهت صديقاتها لرؤيتها . بل كان
هناك شــيء يتعلق بغارد نفسه . . . شــيء معين لا تدركه الحواس . . .
هو الذي يجعله مختلفاً عن غيره من الرجال . . . هالة من القوة
والسيطرة , من . . . الرجولة الخالصة التي تعترف بها روزي نفسها .
كانت تشعر بها إنما لا تنجذب إليها , كما ذكرت نفسها بحدة . لا
يمكن أبداً أن تنجذب إلى غارد , فهو ليس نموذجها المفضل بين
الرجال . إنها تحب من الرجال الرقيق الدافــــئ العواطف . . الأليف ,
والأكـــثر . . . إنسانية , والأقـــل . . . الأقــل هوســـاً .
وتنحنحت متوترة . ســـألها بجفــاء :
ـ مــاذا حدث ؟ إنك تحدقين في كأنك تحدقين في كلب ! .
ردت عليه بحدة وألم :
ـ أنا لست خائفة منك ! .
ـ أنا مسرور جداً لسماع ذلك . علي أن أستقل الطائرة إلى
بروكسل عند الصباح , يا روزي , ولدي حقيبة يد مليئة بالمستندات
لأقــرأها قبل ذلك . أخبريني فقط ماذا تريدين , يا فتاتي الطيبة , إنما لا
تتراجعي الآن قائلة إن الأمر غير هام . نحن الاثنين نعلم جيداً أنك ما
كنت لتتصلي بي لو كـــــان الأمر عادياً .
قطبت جبينها قليلاً للسخرية البادية في صوته , لكنه كان ينظر
إليها بنفاذ صبر وهو يفك أزرار سترته ويحل ربطة عنقه .
وعندما ركزت نظراتها على حركات يديه , شعرت بالإنقباض في
قلبها يشتد .
ـ هيا , يا روزي ! لا أريد أية ألاعيب ! مزاجي , حالياً , لا يحتمل
هذا .
ذكــرها تحذيره الشفهي المصحوب بنظرته العنيفة الثاقبة , بزلتها
القديمة مع (( كليم أنجرز )) وعقابه القاسي لهما .
ابتلعت ريقها متوترة . فات أوان التراجع الآن .
استجمعت شجاعتها وجذبت نفساً عميقاً .
ـ غارد ! أريدك أن تتزوجــــني . . .

نهاية الفصل الأول

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 03-05-12, 08:07 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

إن شــاء الله بكرة بانزل أكثر من فصل
كنت راح أنزل اليوم فصلين بعدين غيرت رأيي
التشويق حلوووووو مووو
موعدنا غداً بإذن الله
قراءة ممتعة

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 03-05-12, 09:12 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,995
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Thanks تسلملى الأنامل الرقيقة

 
دعوه لزيارة موضوعي


يسلم أيديكى زوووووز
أكيد أنا عندى ثقة بيكى حبيبتى
وأكيد هستمتع بقراءتها زى ما أنتى أستمتعتى بكتابتها
لأنى بحب ذوقك بالروايات كتيررررررررررررر
وبحس أنه قريب من ذوقى
الله يعطيكى الف الف الف عافية
وإنشالله دايمن منورنا بإبدعاتك
مووووووووووووووووووواه

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 04-05-12, 09:17 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية مشاهدة المشاركة
  
يسلم أيديكى زوووووز
أكيد أنا عندى ثقة بيكى حبيبتى
وأكيد هستمتع بقراءتها زى ما أنتى أستمتعتى بكتابتها
لأنى بحب ذوقك بالروايات كتيررررررررررررر
وبحس أنه قريب من ذوقى
الله يعطيكى الف الف الف عافية
وإنشالله دايمن منورنا بإبدعاتك
مووووووووووووووووووواه

تسلمين غلاتي . . وأكيد متفقين إن اذواقنا وحده فديتك
الله يعافيك وأكيد نورك سابق

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 04-05-12, 09:23 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 2 ـ بــأمــر عينيه

 


2 ـ بــأمــر عينيه


قالت روزي ذلك وهي تغمض عينيها بحركة آلية . لكن الصمت
الذي أعقب طلبها ذلك أرغمها على فتحهما .
ـ ماذا قلت ؟
اندفعت هاتان الكلمتان من بين أسنان غارد القوية البيضاء بنعومة
تبطن الشؤم , وأخذ يحدق فيها بطريقة خيل إليها أنه سيوقع عقابه
على جسدها وعظامها . تملكها التوتر وتنحنحت للمرة الثانية ,
وكررت قولها بسرعة وهي تكبح شعوراً غريزياً للهرب :
ـ أنا . . . ســألتك إن كنت تتزوجني ؟
ـ هل هذا نوع من المزاح ؟
أدهشها الغضب الذي بدا في صوته . فقد كانت أمضت الساعات
القلية الأخيرة محاولة أن تتصور بالضبط ما ستكون عليه ردة فعله
إزاء ما ستطلبه منه . أمــا أنه قد يغضب , فهذا ما لم يخطر ببالها .
التسلية , السخرية , الازدراء , الرفض الصريح المباشر . . . كل هذه
الأمور توقعتها , أما الغضب . . .
ـ كلا , هذا ليس مزاحاً . ويا ليته كان كذلك . ( أضافت الجملة
الأخيرة بصوت خافت ) إنها فكرة (( بيتر )) . قلت له إنها فكرة مجنونة ,
لكنه أصرَ على أنها الطريقة الوحيدة لمنع إدوارد من أن يرث المنزل
ويدمره . إنك تعرف شروط وصية جدي .
ـ أعرفها . لكنني لم أكن أدرك أن هذا المنزل يعني لك الكثير .
ماذا حدث لكل إصرارك على عدم الزواج من قبل أن تقعي في الحب ,
وتتأكدي من أن حبك سيكون متبادلاً ؟ أم أن ذلك كان مجرد تصورات
الصبا سرعــان ما تبددت أمام الخوف من خسارة المنزل ؟
قالت بغضب :
ـ لا , لم يكن الأمــر كذلك , ولكـن . . .
كان خلع سترته وذهب ليقف أمام المدفأة الضخمة التي كان
وجودها مع زخارف السلم الأثرية , يهيمن على جو الردهة .
رأت روزي غارد ملائماً لهذا المنزل , قبل أن تحول عينيها عنه
بسرعة , نظراً إلى طول قامته وهالة القوة والسيطرة التي تحيط به وهو
يسير بنفس الخيلاء التي لا بد أن جدها الأول كان يسير بها . كان يبدو
وكأنه في بيته , أكثر منها هي التي كانت الغرف الفسيحة المبطنة
بالخشب الداكن اللون تكاد تحجبها عن الرؤية .
ورثت روزي عن أسرة أمها من مظهرها وبنيتها الجسدية أكثر مما
ورثته من أسرة أبيها . ذلك أن أكثر صور أسلافها كانت تظهر
أشخاصاً ممتلــئي الجسم أقوياء العضل , بينما هي صغيرة الجسم
هزيلة نحيفة كما وصفها غارد , ذات مرة , هازئاً .
لكن هذا ما زال بيتها وجزءاً منها , وبقدر كراهيتها الاعتراف
بذلك , كانت تكره رؤيته مدمراً . وهي من الصدق بحيث تدرك أنه
سيكون آمناً بين يدي غارد , بالرغم من مشاعرها الخاصة نحوه .
قاطعها متسائلاً :
ـ ولكن مـاذا . . . ؟ إنك تحبين هذا المنزل إلى درجة لا تريدين
معها التخلي عنه . فإلى أي درجة تحبينني ؟
ألقى عليها السؤال الأخير سـاخراً , عارفاً الجواب مسبقاً . أجابته
بعنف مستنكــرة .
ـ لا ! هذا غير صحيح طبعاً .
لماذا ينظر إليها بهذا الشكل , بعيني النسر الحادتين تلك , مـــا
جعلها تشعر بمثل هذا الضيق ؟
ـ أنت إذن لا تحبين أياً منا , ومع ذلك مستعدة للزواج مني
للاحتفاظ بـالمنزل !
أســرعت تصحح كلامه :
ـ بل لأنقذه من إدوارد و . . . وسيكون ذلك زواج مصلحة
صورياً .
أضافت ذلك بحذر وهي تدير له ظهرها قليلاً . لسبب ما ,
وجدت من الأسهل عليها الكلام معه بهذا الشكل . وتابعت تقول :
ـ زواج مصلحة , ولا حاجة لأن تطول مدته . قال بيتر إن بإمكاننا
ربما الحصول على فسخ الزواج , ما يجعلنا بغير حاجة إلى . . . ليس
علينا أن . . .
سكتت فجأة بشكل لافت , منتبهة بقلق إلى صمته المريب الذي
جعلها تستدير لتنظر إليه . قال سـاخراً :
ـ استمـري . . . ليس علينا ماذا ؟ أن نعاشر بعضنا كزوجين ؟
كرهت روزي الطريقة الناعمة التي لفظ بها هذه الكلمات . . .
متلذذاً بنطقها , وكانت واثقة من أنه يستمتع بكل ثانية من شعورها
بالضيق .
ـ إذا كــان المفروض في ذلك تشجيعي على الموافقة , أنت إذن لا
تعرفين الكثير عن شعور الكرامة عند جنس الرجال , يا روزي . أتظنين
حقاً أن هناك رجلاً , أي رجل , يرضى أن يقف أمام المحكمة ويخبر
العالم أنه ليس رجلاً بما يكفي لأخذ زوجته إلى الفراش ؟ هل تعتقـدين
حقاً أن أي شخص خصوصاً ابن عمك الكريه ذاك , سيصدق قصتنا
هذه وهو يعلم الرعب الذي يتملكك من فكره الاختلاء برجل ؟ آه ,
كلا يا عزيزتي لــســتُ من الجــنون بحــيــث أوافـــق على الزواج
الاحتيالــي الذي تعرضينه علي ! .
أخذ قلب روزي يخفق بعنف أثناء كلامه . لكنها عندمــا أدركـــت
أنه لم يرفض عرضها هذا على الفور , أخذت تحدق فيه مترددة , وما
زال وجهها محمراً نتيجة ارتباكها السابق . غارد فقط هو الذي يجعل
ردة فعلها بهذا الشكل عندما يتحدث في هذا الموضوع . حتى عندما
كان الفتيان المراهقون يُسمعونها التعليقات الوقحة الفجة , لم تكن
تشعر إزاء ذلك بمثل الخجل والحرج اللذين تشعر بهما مع غارد .
استدارت تنظر إليه بإمعان . المفروض أن يقرأ المرء أفكار
الشخص من عينيه , لكن هذه القاعدة لا تنطبق على غارد . لا يمكنها
أبداً أن تعرف ما يفكر فيه . قالت بإصرار :
ـ لكن هذا لن يكون زواجاً حقيقياً . أعني , أننا لن . . .
أكمل لها حديثها عابساً :
ـ لن ننام في غرفة واحدة ؟ من الصعب تصور ذلك حقاً ! المرة
الوحيدة التي أخذتك فيها بين ذراعي , كدت تقتلعين عيني .
قالت تدافع عن نفسها :
ـ لأنك أفزعتني . حملتني فجأة بذلك الشكل , بينما كـان المكــان
مظلماً وأنا . . .
ـ وأنت كنت خارجة سراً مع (( كليم أنجيرز )) لتسرقا صيد جدك
من السلمون .
فقالت ســاخطة :
ـ كان كليم وعدني من زمن طويل بأن يأخذني لرؤية حيوان
الغرير , وإذا بك تتدخل وتفسد كل شيء . كان وعدني بأن يأخذني
حالما أبلغ السادسة عشرة .
ـ أحقاً ؟ أرجو ألا تكون هذه هي حجتك السخيفة آنذاك , عندما
سألك أبوك ! ( وتابع متجاهلاً اختناق وجهها بالغضب ) . حلوة في
السادسة عشرة , لم يعانقها أحداً قط ! . . . أنعشي ذاكرتي , يا روزي
من فضلك . كم عمرك الآن ؟
أجابت بانزعـــاج :
ـ اثنان وعشرون تقريباً .
ـ آه ! , المفروض أن لديك الآن خبرة جيدة في الغزل ! على الأقل
منذ رأيتك ليلة رأس السنة في حفلة آل (( لويشام )) الراقصة .
احمر وجه روزي وهي تتذكر الحادثة التي أشار إليها . أحد أبناء
عم (( لويشام )) وكان ثملاً سريع التأثر , أمسك بها عند باب الخروج
وأخذ يضمها بنزق . كان ذلك في الممر نصف المعتم والمؤدي إلى
غرفة المعاطف . كانت حادثة تافهة لا ضرر منها . لكن الفتى جاء
لزيارتها عصر اليوم التالي , مبدياً ندمه وأسفه لما حدث , متوسلاً إليها
أن تمنحه فرصة للقيام ببداية جديدة , وهذا ما رفضته روزي بلباقة .
لكنها , حتى الآن , لم تكن تعلم أن غارد شاهدهما في تلك اللحظة .
ابتعدت عنه وأخــذت تذرع أرض الغرفة , متوترة الأعصاب .
ـ ما الذي يمنعك من شراء ملابس مناسبة لنفسك ؟ إنك غير
فقيرة . لقد ترك لك أبوك ما يكفيك تماماً . أم أن العزيز رالف ,
المنافق المتظاهر بالصلاح والتقوى , لا يعجبه أن يراك على هيئة امرأة
بدلاً من مظهرك الطفولي غير الناضج هذا ؟
استدارت روزي إليه مستنكرة بغضب :
ـ رالف ليس منافقاً . أما بالنسبة إلى مـلابــسي . . . ( وقطبت جبينهـــا
وهي تنظر إلى البنطلون الرث الـذي ترتديه والكنزة الــــتي كانت أصلاً
لأبيها ) . إنني ألبس ما يريحني ويرضيني . ربما أنت من نوع الرجـال
الذين يحبون رؤية المرأة تقيد نفسها في ملابس ضيقة لا تكاد تستطيع
السير بها , متقلقلة بكعبها العالــــي . . . وأظن أن ذوقك هذا مناسب
لسنك الآن ! .
أضافت الجميلة الأخيرة باستخفاف . قال متجهماً :
ـ إنني في الخامسة والثلاثين , يا روزي , ولست عجوزاً في
الستين أكافح بيأس تقدم السن . أما عن ذوقي في الملابس , أنا
شخصياً لا أرى أكثر جاذبية من المرأة الواثقة بنفسها فتلبس لا لتخفي
محاسنها ولا لتظهرها . المرأة التي ترتدي الحرير و الكشمير ,
الصوف أو القطن , ولكن بذوق وأناقة . . . أما أنت فلم تصبحي امرأة
بعد , أليس كذلك يا روزي ؟ .
آلمتها انتقاداته وتعليقاته وجعلتها تقفز على الفور للدفاع عن
نفسها قائلة بغضب :
ـ بل أنا امرأة , لكن ليس بإمكانك أن ترى هذا . إنك لا تفكر في
النساء إلا من ناحية معينة , حسناً , لمعلوماتك الخاصة . . .
وسكتت فجأة ! لماذا تدعه يغضبها بهذا لشكل ؟ لماذا ينتهيان
دوماً متشاجرين متجادلين عدوين ؟ سألها متحدياً :
ـ ماذا (( لمعلوماتي الخاصة )) ؟
أجابت متراجعة :
ـ آه , لا شــيء !
منتديات ليلاس
كانت حمقاء عندما أصغت إلى بيتر , إذا كانت الطريقة الوحيدة
لإنقاذ المنزل هي زواج المصلحة , كما قال , عليها إذن أن تتزوج
شخصاً آخر . أي شخص ما عدا هذا الرجل المتغطرس البغيض
المخيف الواقف أمامها , يراقبها بتلك العينين الثاقبتين المتأملتين
الذهبيــتي اللون . قالت بمرارة :
ـ لا بأس , أنا أعرف أنها فكرة غبية , وكنت حمقاء عندما ظننتك
ستوافق , مهما كان حبك لهذا المنزل . من الأفضل وضع إعلان في
الصحف بطلب زوج . . .
ومضَ شيء في عيني غارد . . . شــيء سرعان ما تلاشى , فظنته
روزي من تخيلاتها .
ـ لم أعطكِ جوابي يعد .
رفعت بصرها إليه , بينما تابع محذراً :
ـ إنك تتحدثين عن مشروع قد يكون شديد الخطر ! سيشك
إدوارد في الأمــر .
ـ لكنه لن يستطيع فعل شــيء ما دمت أنفذ شروط وصية جدي .
ـ إدوارد رجل داهية , وليس من الحكمة التقليل من شأنه . ثمة
شــيء من الخداع في خطتك هذه .
قاطعته روزي بقلق :
ـ خــداع ؟ ولكـن . . .
ـ ســأعود من بروكسل بعد غد . عندئذ سأعطيك جوابي . وأثناء
ذلك لا تعلني شيئاً في الصحف .
حين غادر المنزل تملكها السخط . لماذا يجعلها دومــاً تشعـر
وكأنها طفلة ؟ وطفلة غبية على الأخص ؟
ـ نسيت مرة أخرى أن تضعي السكر في قهوتي .
قال رالف ذلك لروزي متذمراً . ثم رفع حاجبيه الأشقرين :
ـ يبدو عليك الانشغال البالغ هذين اليومين ! هل حدث شيء ؟.
ـ لا . . . لا شــيء ! .
ـ أتعلمين , يا روزي ؟ من المؤسف أنك لم تبذلي جهداً أكبر فــي
إقناع جدك بأن يتنازل لنا عن منزل ((مرج الملكـة))! المجد لله ! سيغلق
مكتب الهندسة أبوابه الأسبوع القادم وهذا سيزيد الضغط علينا . الله
يعلم كم من الناس سيصبحون دون مأوى ! البيت الكبير اللعين وكــل
تلك الغرف . . .
ـ نعم , نعم , أعرف هذا .
وتملك روزي شعور بالذنب . لم تكن حدثت رالف عن شروط
وصية جدها . ومنذ أوضح إدوارد أنه يتوقع أن يؤول إليه المنزل ,
أوحت روزي لرالف بذلك أيضاً .
عند إعلانها رغبتها في التطوع في المأوى , علمت أن أباها تملكه
شيء من القلق . ولا حاجة للقول بأن غارد هو الذي تكفل آنذاك ,
بتحذيرها من أن رالف قد يطمع في البيت ليضمه إلى المأوى .
ـ لن يفعل رالف شيئاً كهذا .
قالت لذلك , حينذاك , سـاخطة . صـدقت هذا . . . صدقته . . . وما
زالت تصدقه , وإذا كان رالف مستاءً اليوم لأنهـا لم تبذل جهـداً كافياً
لإقناع جدهـا بالتخلـــي عن المـــنزل للمبرة , فإنهــا تتفهم سبب ذلك .
لا يمكنهــا أبــداً أن تدخـل ذلك المبنى القديم المـتـهـالـك القــدر القـائم
في ضواحي المدينة , الذي هو المأوى , من دون أن تشعــر بغصة .
بذلوا جميــعـــاً غاية جهدهـــــم لجعله صالحــاً للسكن قـدر الإمكــان ,
لكن غرفه ما زالت تذكرها بغرف مدرستها الداخلية التي انتسبت إليها
عندما عات مع أبيها من ألمانيا إلى إنكلترا حـيـث كان يخـدم في سلك
الجيش . لـم تمض فــي تلك المدرسة مــدة طويلة , لكنهــا تركت فـي
نفسها أثــراً لا يمحـى .
في بداية عملها في المأوى , وصلت ذات صبـــاح وصـــندوق
سيارتها مليء بالزهريات , والمقعد الخلفي مغطى بالأزهار . كان
رالف رآها وهي تضع آخر زهرية في المكان المناسب . حتى الآن ما
زالت تجفل كلما تذكرت مبلغ غضبه حينذاك , وهو يصيح فيها :
ـ إنك تبذرين النقود على الأزهار بينما لا نكاد نحصل على مـــا
نشتري به طعماً لهم ! .
لم تقترف تلك الغلطة قط بعد ذلك , لكن تقشف المأوى كـــان
يثقل على نفسها. يضاف إلى ذلك مشهد الأحداث المشردين الذين
يتوافدون عليهم .
لكنها اليوم تشعر بالذنب لأن أفكارها منشغلة بمشاكلها الخاصة
أكثر منها بأولئك المشردين ! سيعود غارد عصر هذا اليوم . ماذا
سيكون قراره يا ترى ؟ وماذا تريد هي أن يكون قراره ؟
كانت تعلم جيداً ما سيقوله رالف لو أنها طلبت منه النصيحـــة .
الجزء العصري الواعي منها يوافقه رأيه ؛ إذ هناك أشياء أهم
بكثير من مجرد منزل . هناك أناس , إخوتها في الإنسانية , بحاجة إلى
أكثر من مبنى . ومع ذلك , عندما سارت حول المنزل , وهو أمـــر
وجدت نفسها تقوم به كثيراً هذه الأيام , أدركت ذلك الجهد البشري
المبذول بعناية وحب لتشييد هذا البناء . لم تكن الزخارف هي التي
جعلتها تشعر بالذنب لفكرة هدم البيت , وإنما معرفتها بالجهد
المبذول في أعمال النحت . بإمكانها الآن , إذا هي أغمضت عينيها أن
تتخيل نفسها هناك تشم رائحة الخشب اللاذعة الطازجة , وتشعر
بصمت التلاميذ وهم يراقبون ما يفعله معلمهم بإمكانها أن تتخيل
اللذة والزهو في وجوههم عندما يُسمح لهم أخيراً بإنجاز حصتهم من
العمل . وعندما تمر يدا المعلم الخبيرتان على نحتهم وزخـــارفهم
لفحصها وإجازتها يمسكون أنفاسهم وينتظرون قراره .
الجص المزخرف على السقوف , الأثاث في الغرف . . . كل
ذلك آيات على إبداع الإنسان وعلو همته !
أما رالف , فهو يرى دون شك , الناحية الأخرى من ذلك . يرى
الفتيان الذين أصيبوا وبترت أعضائهم فطردوا من العمل ليموتوا
جوعاً , العمال بأجورهم الزهيدة التي يدفعها لهم مستخدموهم
الأغنياء .
ـ ماذا حدث ؟ هل حبيبك يشغل بالك ؟
التفتت روزي صوب فتى نحيل كل ينظر إليها , متكفلة الابتسام ,
متجاهل قول رفيقة وهو يطلق ضحكة نصف مكبوتة :
ـ لو كان ذلك صحيحاً , أراهن على أنها ما كانت بنصف هذه
التعاسة البادية عليها الآن .
لم يخجلها هذا التعليق , خلافاً لما تشعر به مع غرد . سألت
الفتى الأول متجاهلة كلامهم :
ألم تسمع خبراً جديداً عن تلك الوظيفة التي وعدوك بها , يا
(( ألان )) ؟
ـ لا . . . ولا أظنني سأسمع .
ـ يمكنك أن تحاول الحصول على مؤهلات . اذهب إلى مدرسة
ليلية .
كانت تعلم مسبقاً جوابه , ولهذا لم يدهشها أن يهز الفتى رأسه
رافضاً نصيحتها . عندما يخيب المجتمع أمل شخص , كما خيب
أمل هؤلاء الأحداث , يصبح من الصعب إصلاح الأمر . أخذت روزي
تفكر في ذلك وهي تنظر إليهما ينطلقان , متبخترين , في اتجاه غرفة
التلفزيون .
بعد ذلك بساعة , أخذ قلبها يخفق , وهي في طريقها إلى البيت ,
مفكرة في قرار غارد . عندما أوقفت سيارتها في الفناء خلف منزلها
وجدت سيارة لا تعرفها واقفة هناك .
أخذت تتأمل السيارة الرولز ــــ رويس الحمراء بدهشة , ثم دخلت
المنزل من المدخل الخلفي خلال ممرات متشابكة , مارة بمجموعة
من الغرف الصغيرة المعتمة .
سمعت أصواتاً في الغرفة الأمامية فأجفلت حين ميزت واحداً
منها . إنه إدوارد , إبن عم أبيها ! ما الذي يفعله هنا ؟ والأهم من
ذلك , كيف دخــل ؟
جذبت نفساً عميقاً , ثم دفعت الباب ودخلت إلى الردهة .
رأت إدوارد واقفاً , وظهره إليها , وصلعته تلمع تحت الثريا
المضيئة , فيما هو و الرجل الذي معه يتأملان الثريا فوقهما .
كان الرجل يقول مهمهماً :
ـ . . . أظن بإمكانها أن تجلب مبلغاً لا بأس به , رغم أن هذا
النوع من الأشياء غير مطلوب الآن . إنها كبيرة الحجم وغالية الثمن .
ربما يكون من الأفضل شحنها إلى الخارج بواسطة وكيل . . .
وسكت فجأة عندما التفت ورأى روزي . أشــار إل إدوارد ينبهه
إلى وجودهــا .
ـ آه روزي ! . . .
لم تنخدع روزي برقة إدوارد ولطفه . لم يحدث هذا قط كــــانت
تشارك أباها وجدها كراهيتهما وقلة ثقتهما به .
ســألته متجاهلة مظهر المودة الزائف نحوها :
ـ ما الذي تفعله هنا , يا إدوارد ؟
تنحى رفيقه قليلاً بينما تغيرت ملامح إدوارد وهو ينظر إلى حيث
كان رفيقه يتأمل زخارف السلم , ثم قست نظراته حين رأى عداء
روزي نحوه , فقال بنعومة وخبث :
ـ أتأكد من ميراثي فقط .
قالت غاضبة :
ـ إنه لم يصبح ميراثك بعد .
هز إدوارد كتفيه رافضاً كلامها وقد بدا الانفعال على وجهه
السمين . كان إدوارد , خلافاً لأبيها وجدها , ابتدأ يسمن منذ توسطه
في السن .
قال أبوها مرة إن لإدوارد طبعاً سيئاً للغاية . وفي المناسبات
القليلة التي قابلته فيها , كان التوتر ينضح من وجهه ,ما أثبت كلام
أبيها , لكنها المرة الأولى التي تختبر فيها سوء طباعه مباشرة .
قال بغضب :
ـ ربما لم يصبح بعد , لكنه سرعان ما يصير لـي . ولن يمكنك
أنت أو أي شخص آخـــر عمل شــــيء في هذا الموضوع . للمرة الأولى
يتصرف جدك العجوز خلافاً لمصلحته ! كم تظن مقدار المبلغ الذي
تجلبه الزخارف , يا تشارلي ؟
صاح بذلك يسأل الرجل الآخر , وهو يبتسم راضياً لرؤية مـــا
ارتسم على ملامح روزي من تعبير .
عندما رأته وسمعته , تلاشت من ذهنها أي فكرة لمناشدة الناحية
الطيبة من طبيعته . أدركت أن ليس لديه ناحية طيبة , وهو فعلاً
سيستمتع بتدمير المنزل .
منتديات ليلاس
ســـمـــعت الـــبـــــاب الــــخـــارجــي الــثـــقيل يقرقع ثمة من فتحـــه ,
استدارت تنظــــر بــحـــذر , لكن القادم لم يكن (( شريك عمل )) آخـر
لإدوارد , بل كان غارد .
تقدم إلى المدفأة القائمة بعد المــدخــل مباشرة , وأخــــذ يتــأمــــل
المشهد البادي أمــامــه , مقطباً جبينه .
رأت روزي نظرة العــداء والخشية تلتمع في عيني إدوارد , لكن
غارد لم يكن ينظر إليه , وإنما إليــها . . . ينظر إليها بطريقة لم
تتصورها قط منه نحو امرأة . . . وخصوصاً نحوها هي . أدركت ذلك
باضطراب أدار رأسها .
حولت وجهها متجاهلة تلك النظرة الملتهبة . منذ متى كانت عينا
غارد تتحولا من ذلك اللون الذهبي البارد إلى مثل هذا الكهرمان
الملتهب ؟ أين تعلم النظر إلى المرأة بهذا الشكل الذي يجعلها وكل
من في الغرفة معها , يشعرون برغبة غارد فيها ؟ لكن غارد لا يرغب
فيها . حتى إنه لا يشعر نحوها بأية مودة . . . إنه . . .
قالت بارتباك وهي ترفع يدهــــا إلى عنقهـــا تخفـــي النبض الخافق
هناك بعنف :
ـ غارد ,لم . . . لم أظنك ستعود إلا بعد . . . بعد وقت طويل .
ـ هذا صحيح , لكنــني لم أصبر على فراقك طويلاً .
حملــقــت روزي فيه , شــاعرة بجلدها يحترق . ما الذي يهدف إليه
غارد ؟ لا بد أنه يعلم , كمــا تعلم هي , أن . . .
جمدت ذاهلة وهي تراه يتقدم منها , ملقياً بحقيبة أوراقه جانباً ,
ثم يضمها إلى صدره بشــدة وهو يتمتم بصوت أجش :
ـ رباه , كم اشتقت إليك ! .
ابتلعت روزي ريقها متوترة , فقال غارد بمرح :
ـ ألم تبشــري إدوارد بعد , يا حبيبتي ؟
تبشره ؟ أي بشارة تلك ؟ وانتفضت بعنف محتجة على تصرفه ,
وأوشكــت كلمات الغضب أن تندفع من بين شفتيها لكنها لم تستطع أن
تنطق بكلمة , لأن غارد انحنى عليها بسرعة , محذراً إياها من قول أي
شـــيء .
غارد يحتضنها ! هل هذا ما فعله حقاً ؟ لم تشعر بأنه فعل حقيقي .
فتحت عينيها ونظرت في عينيه باضطراب . كنتا لا تزالان غير
مألوفتين لديها , بلونهما الكهرماني الذي يثير خفقان قلبها وسرعة
نبضها, لم تكن تتصور أنها ستواجه يوماً ما مثل هذا الموقف .
أدارت رأسها موجة من الأحاسيس فيما غارد يضمها بـــشــوق
مفتعل .
بقيت عيناها مفتوحتين , وكذلك عيناه اللتان كانتا تنومانها
مغناطيسياً لتطيع أوامره الصامتة , وقد تملكتها قشعريرة غير عادية من
الأحاسيس . ثم تملكها الذعر ؛ وبصرخة احتجاج خافت , أبعدته عنها .
قال وكأنها قالت له شيئاً .
ـ الحق معك ! فهذا ليس الزمان ولا المكان المناسبين .
ـ ما الذي يجري هنا بحق الجحيم ؟ .
حولت روزي عينيها عن وجه غارد , ورأسها يدور , والتفتت
لتنظــر إلى إدوارد . سأله غارد بأدب :
ـ ألم تخبرك روزي بأننا سنتزوج وقد أعددنا كل شــيء ؟!.
قال ذلك هو يشيح بوجهه عن إدوارد , متجاهلاً غضبه
المتصاعد . كان يتحدث ويتصرف كأن إدوارد غير موجود , كأنهما
بمفردهما . . . كأنهما . . .
ـ سيكون عرسنا كما تحبين أن يكون . صغيراً . هادئاً , فـــي
الكنيســة . . .
في الكنيسة ! أجفلت روزي لهذا , لكنها هذه المرة استــــطــاعــت
كبح كلماتها الذاهلة .
كان إدوارد يتوعد بجانبهما قائلاً بغضب :
ـ لا يمكنكما القيام بذلك ! إنـي أعرف ما تهدفان إليه . لا تظناني
لن . . .
من دون أن يرفع غارد صوته أو رأســه , ومن غير أن يحول نظره
عنها , ما أثار إعجابها , تمكن من أن يسكت إدوارد ويستولي على
انتباهه , بقوله الهادئ :
ـ إدوارد . . . أظن حان وقت ذهابك , ســأودعــك إلى الباب .
ابتعد غارد عنها الآن , ولو كان الوقت مختلفاً , ربما سرها أن
ترى العبوس على ملامح إدوارد , والاضطراب يتملك صديقه الذي
كان يطلب أن يعرف بالضبط ما الذي يجري ولماذا وضعه إدوارد في
مثل هذا الموقف الحرج .
قال إدوارد يتوعد غارد قبل خروجه :
ـ لن تقدر على ذلك . إنك لم تتزوج بعد , و . . .
قاطعه غارد بدماثة وهو يغلق الباب خلفه بحزم :
ـ وداعاً!
ـ هل . . . هل كنت تعني ذلك حقاً ؟ أعني أننا سنتزوج ؟
سألته روزي هذا وقد جف فمها خـــلال الصمت الثقيل الذي تلا
خروج إدوارد .
قال بهــدوء :
ـ نعم ! ما بك يا روزي ؟ هل غيرت رأيك ؟
سألها هذا وهو يعود فجأة إلى سلوكــه الطبيعي الساخر نحوها .
نظرت روزي إلى السلم , ثم الثريا فوقها , وهــزت رأسها , غير
واثقـــة من القدرة على الكلام .

نهاية الفصل الثاني

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لم أعد طفلة, احلام, بيني جوردن, دار الفراشة, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, penny jordan, unwanted wedding
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:03 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية