لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-13, 12:45 AM   المشاركة رقم: 106
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 218737
المشاركات: 1,290
الجنس أنثى
معدل التقييم: قرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 950

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قرة عين امي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: أرواح متعانقة

 

السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
اخبارك حبيبتي اسوم
بارت جميل ولكن قصير

امل وعامر
اثنان متنافران مختلفان في الطباع والحياة لكن القدر يجمعهم دوماً في اكثر من موقف ومكان وما حصل لهم اكبر دليل على جمع القدر لهم
امل بطبيعتها الغير راضخه وبضميرها الحي لم تقبل بالتستر والاخفاء عما حدث وهي من لم تقبل لنفسها الراحه والاطمنان طيله الثلاثة ايام لتتفاجاء بصوره البطل المزيفة التي ظهر بها الوحش عامر معادله معقدة ومتشابكة ووقف عامر في ووجهها بصورته الغاضبة وبالفاضه القاسية وبالحقيقة التي تنتظرها ان هي افصحت عما حدث في تلك الليلة المشؤمه الجمها عن البوح بما يورق عقلها وتفكيرها ويقتلع جذور الامان والراحة داخل نفسها موقف صعب وليس بيدها حل سواء التستر والسكوت خوف من فضيحتها وانتشار الشائعات والهمسات عليها

ترفة
ظهور عليا بينها وبين ذياب اشعل المراءة المختفية داخلها وغيرتها جعلتها تتصرف بما يملي عليها قلبها بعيد عن عقلها الذي اتعبها بتانيبه لمخالفتها ماتفقاء عليه سابقاً من اتنقامها من ذياب وبهذا اظهرت حبها الخفي لذياب مما جعله يستريح الي ان ماتمر به الان سحابه صيف لابد ان تنقشع وان طال بقائها وانه سياتي يوم ينعم بالهدواء والاستقرار معها
ومشاعرهما الان التي يختبرانها لاول مره هي مشاعر الحب الذي بداء يتغلغل بينهما الحب الذي يكون بين الرجل وزوجته وليس ماكان بينهما سابقاً

اسفة لركاكت ردي ولكني على عجل من امري
ساكون في انتظار ماتحمله جعبتك من اعاجيب الحياة فلا تتأخري علينا
المحبه لك اسمـــــــــــــــــــــــــاء

 
 

 

عرض البوم صور قرة عين امي  
قديم 24-12-13, 12:17 PM   المشاركة رقم: 107
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: أرواح متعانقة

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي مشاهدة المشاركة
  
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
اخبارك حبيبتي اسوم
بارت جميل ولكن قصير

امل وعامر
اثنان متنافران مختلفان في الطباع والحياة لكن القدر يجمعهم دوماً في اكثر من موقف ومكان وما حصل لهم اكبر دليل على جمع القدر لهم
امل بطبيعتها الغير راضخه وبضميرها الحي لم تقبل بالتستر والاخفاء عما حدث وهي من لم تقبل لنفسها الراحه والاطمنان طيله الثلاثة ايام لتتفاجاء بصوره البطل المزيفة التي ظهر بها الوحش عامر معادله معقدة ومتشابكة ووقف عامر في ووجهها بصورته الغاضبة وبالفاضه القاسية وبالحقيقة التي تنتظرها ان هي افصحت عما حدث في تلك الليلة المشؤمه الجمها عن البوح بما يورق عقلها وتفكيرها ويقتلع جذور الامان والراحة داخل نفسها موقف صعب وليس بيدها حل سواء التستر والسكوت خوف من فضيحتها وانتشار الشائعات والهمسات عليها

ترفة
ظهور عليا بينها وبين ذياب اشعل المراءة المختفية داخلها وغيرتها جعلتها تتصرف بما يملي عليها قلبها بعيد عن عقلها الذي اتعبها بتانيبه لمخالفتها ماتفقاء عليه سابقاً من اتنقامها من ذياب وبهذا اظهرت حبها الخفي لذياب مما جعله يستريح الي ان ماتمر به الان سحابه صيف لابد ان تنقشع وان طال بقائها وانه سياتي يوم ينعم بالهدواء والاستقرار معها
ومشاعرهما الان التي يختبرانها لاول مره هي مشاعر الحب الذي بداء يتغلغل بينهما الحب الذي يكون بين الرجل وزوجته وليس ماكان بينهما سابقاً

اسفة لركاكت ردي ولكني على عجل من امري
ساكون في انتظار ماتحمله جعبتك من اعاجيب الحياة فلا تتأخري علينا
المحبه لك اسمـــــــــــــــــــــــــاء

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمدالله انا بخير يا أسماء , وكيف حالك أنتِ اتمنى ان تكوني بصحة وعافية !


أمل وعامر شخصان كما قلتي عنهما مختلفان في كل شيء حتى في العالم الذي يعيشان فيه
عامر لم يفعل ذلك الا لمصلحة امل وان لم يفعل ذلك فسيكون المتضرر الاكثر هو أمل ....


عزيزتي أسماء لم تكن لركاكة من مكان في ردكِ

فهو مفعم بالجمال , واعطاني الكثير من الفرحة

شكرا لكِ يا اسماء على ردكِ الجميل هذا

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 26-12-13, 09:15 PM   المشاركة رقم: 108
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: أرواح متعانقة

 



المعانقة الثامنة عشر

يُدق الباب عليّ , فأنهض من على سريري , وارتدي حجابي وافتحه بعد معرفة القادم.
تتسع ابتسامتي لرؤيته , يملئني الفرح وتُسكرني النظرات.
وكعادته الأزليتِ يضم كتفي إليه , ويقبل خدي وجبهتي ويقول بصوته الحنون : " صباح الخير لأجمل أخت في العالم ".
تخنقي العبرات , فأحبس دموعي لكي لا يراها .
ومايزيدني شده على كتفي إلا سعادة , سعادة لتواجده في هذا الوقت , الوقت الذي احتاج فيه لمن يفهم نظرات عيناي , لمن يبعدني عن التفكير في ماضيّ القريب , لمن يرويني بحنانه وحبه.
حب ليس كأي حب , إنما حب أخوي , حب يضم أضلعي , ويعانق روحي.
ابتسامه منه فقط تنسيني أحزاني , وتريح نفسي المتهاويه.
هو أخي أبن أمي وأبي , أخي المختلف كليا عن كل البشر , هو نبع الحنان , هو المتفهم والمحب.
هو رجل ليس لهُ أشباه , هو أخي هاني.
نظراته مبتسمة , لهُ وجه يحمل الراحة , مسح على خداي وقال : " مابال هذا الوجه الناعس ! "
اغمضت عيناي مفكرة , في الحقيقة أنا لم أنم مطلقاً , لم استطع النوم أبدا فالأرق قد أصبح رفيقي , والأفكار قد باتت لاتكف عن الدوران , ولا بات الضمير يرتاح
ابتسمتُ ابتسامة كسولة وقلت : " في الحقيقة لم استطع النوم "
تبسم وجهه المرح لي , وهو يأخذني إلى داخل الغرفة , ويقول ممازحا : " وهل هذا بسبب الجوع , أم أنها أحلام اليقظة "
ضحكتُ لينجلي توتري ,وتحل على نفسي السكينة.
أحبه كما لم أحب أحدا من قبل , أحب المشاعر التي يبعثها إليّ , أحبه لانه الرجل الوحيد الذي يُنصف النساء في عائلتنا , الرجل الوحيد الذي يضم عظامنا الرقيقة تحت جناحيه أمام قسوة الاهل , أمام الاجبار الذي لا نجد منه أي انصاف , أمام التميّز الذي يحدث في محيطنا الاُسري .
أخي هاني يقطن في العاصمة بسبب عمله , وعند مجيئي إلى هنا من أجل المؤتمر أصر على مكوثي في شقته الصغيرة
أجلسني على سريري , وهو جلس على الكرسي أمامي.
اختلفت ملامحه المسترخية , وحل عليها بعض الألم , وجهه شفاف , يظهر مشاعره بسرعة , هو مثلي تماما, يشبهني شكلا وقالبا , قال لي بعد هدوء قصير : " أمل إني أراكِ مختلفة عن ذي قبل, فأنتِ لستِ أمل القديمة , فأنا أرى أمل الحالية حزينة , مضطربة وخائفة , أمل ان وجهكِ يكشف الكثير لمن يعرفه جيدا "
هزت كلماته مشاعري , وذكرتني بما احاول نسيانه.
فأنا أعترف انني قد تغيرت , تغيرتُ كثيرا , تغيرتُ للأسوء وكرهت هذا التغير الغبي.
كرهت ما افعله والذي بتُ أجبر نفسي عليه , أجبر نفسي عن التغاضي عن كل ماحدث معي .
اكتم غيظي وغضبي , امسك انفاسي عن الخروج , أصمت واصمت وكأن تمسكي بالحياة الزائلة والوهمية هو كل ماأريده.
فأنا لا أريد هدمها ولا سحقها , لأن هذه الحياة هي التي خلقتها أنا بنفسي ويجب عليّ ان احتملها , يجب عليّ ان احتمل ماجنته يداي.
هززت رأسي وكانني أنفي كلماته , أخرجها من عقلي وقلبي قبل ان تستعمرهُما.
ابتسم بعينين تحملان التفهم , بوجه محب وودود , بوجه حمل ملامحي وعيناي.
وقال بصوت خزنته ذاكرتي , بصوت له رنة تريح قلبي , وتنزل إلى أعماق أعماقي : " أمل ... أنتِ تعرفين انكِ أحب شقيقاتي إليّ , لانكِ الأقوى , لأنكِ أمل الحنونة والرائعة , والتي تحتضن الكل بعطفها وحنانها , أمل التي تستطيع فعل الكثير وتحمل قوة الصبر , أمل أنا أثق انكِ قادرة على التقلب على كل مايقف أمام طريقكِ , لانكِ قوية وتعرفين الصحيح من الخطأ , أمل يجب عليكِ ان تضعي النقاط على الحروف وتحاربين مالا يعجبكِ وترفعين الاذى عن نفسك ,و تدبيرين أمور حياتك , ان كانت في العمل أو في أي شيئا اخر , فكري فيها وضعي كل شيء في ورقة وأكتبي مايرهقكِ وحاولي التقلب عليه ,فكري بأنك أنسانه عظيمة , واني أحبكِ وان الكل يحبكِ وانك فخر لعائلتك ومصدر سعادة , ودعي كل ماهو حزين واصنعي سعادتكِ ولا تجعلي لآيّ أحدا كان ان يتلاعب بمزاجكِ أو يضعفكِ لسبب تافهه "
***
لم يأتني النوم من بعد خروجه القصير عني , بعد ان ودعني وقبلني على رأسي.
فكلماته أثارت ضميري , وطرحتني في دوامة من التفكير , جعلتني افكر وافكر بلا توقف.
جعلتني افكر بالخروج مما أنا فيه , جعلتني مشتتة.
صعب !!! انهُ صعب كصعوبة تنفسي الآن.
الخروج مما أنا فيه صعب !
فكيف اخرج , وهذا الأمر لا يستهان به.
خرجت من أغطيتي المغطيةِ لجسدي , خرجت منها وأنا عازمة على الخلاص من فوضى حياتي.
اتجهتُ نحو باب النافذة وفتحتها , وجلست عند بابها.
ليس باليد حيلة وليس هناك خلاص مما وقعت فيه , ولا حل !
ولكن نفسي , فنفسي أصبحت تتغير للأسوء , وقد بدأت بالأنهيار إلى منحدر التشاؤم.
تشاؤم انني اتعس المخلوقات , وان لا حد يحمل أكثر مما أحمل أنا.
مع انني موقنة ان هناك من هو اسوء مني , فأنا لا أحمل الكثير .
إنما بت اصطنع التعاسة , احبس نفسي في سجن وهمي , أحمل على عاتقي جبلا من الأحزان , وادور في حلقة فارغة ولا أجد فيها بابا يقودني إلى مخرجا منها.
هو ذنب عامر , وليس ذنبي أنا بإخفائه للحقيقةِ, والتستر على نفسه .
فعلته هو وعليه ان يعاقب عليها , وسيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقيقة عاجلا أم أجلا , لأن الله يمهل ولا يهمل.
ولكن لمَ أنا اتعس نفسي من أجل لا شيء , هو لا يشعر !! لمَ أنا أشعر أكثر منه , وارهق نفسي واهدم كل مابنيته خلال سنيني الماضية.
لا ... لا أريد لنفسي ان تتغير , فأنا لا أريد فقدان ثقتي في نفسي وحياتي , في حلي لكل مشاكلي والوصول إلى ما اريده , فأنا قد تحديتُ عقلية أهلي في أمور عده واثبت لهم انني الأقوى واني قادرة على تخطي العراقيل مع فشلي الماضي والمتكرر , استطعت انجاز الكثير فقط لانني فعلت هذا لنفسي , لآنني أردت الافضل لنفسي وحياتي , اردت التغير لان لديّ حياة اريد بنائها وإعمارها من أجل ان اعيشها بسعادة واحقق أحلامي فيها .
بصري يجول ويمور في الانحاء , وأفكاري لا تكف عن التصارع , ومشاعري تتأثر وتضيع.
ضباب عيناي كثيف , والرؤية ترنو إلى البعيد.
أمواج قاتمه , أرض لا يرى ما وراها , أسلط بصري إلى البعيد والبعيد.
أرى ماهو غريب !
لمَ البحر البعيد لونه غريب !
لمَ لا أرى لون السماء عليه !
لمَ هو ضبابي !
هو شعور مخيف يبعثر الاحاسيس , ويقلب الاحشاء.
وقفتُ ممسكة بطرف نافذتي الطويلة , لافتحها بأكملها.
اجر قدماي, وتحل أصابعي على سورها , واشد عليه شدا.
تبتلعني الرجفات , تتسع عيناي , تتسع بلا نهاية .. لا يمكن حدوث ذلك !!
ما هذا السيل الهائج القادم نحونا !
هو رمادي أو أسود اللون , ضخم يأكل مابطريقة , يبتلع و ينقض على كل من أمامه.
الاجواء هادئة خانقة تضج بعنف مخيف.
انفاسي تنفلت بقوة من رئتاي , واصابعي تشد أطراف شفتاي , ويجف الدمع من عيناي.
الصراخ يأتي من بعيد , والرعب يطوف ويلتصق بالجدران الصارخة
وتنطلق أصوات صفارات الانذار بصخب يهز الأرض
اتراجع إلى الخلف , واسرع كالمجنونة مغلقة باب نافذتي.
أعدو في غرفتي ذهاباً وإياباً, أقضم أظافري باسناني , ترتعد فرائضي , يمسني الخوف وانفاسي تنقبض , والمشهد يعبر عقلي فيرفض عقلي مايراه.
واعود لالصق وجهي على زجاج نافذتي , يرتفع طول الأمواج أمامي , وتزيد سرعة اجتياحه , يكاد يصل إليّ
أنه الطوفان !
أمواج عاتية تجتاح المدينة , تأكل ما تحتها وتبتلع كل مايقف أمامها وتمحي معالم المدينة , سريعة مخيفة هي , أراها أمامي من البعيد أراها سوداءً قاتمة.
ما هذا !
لمَ لم يكن هنالك أيّ انذار !
ولمَ لم تبث الاخبار عن هذا شيئا في الايام المنصرمة !
ترتطم أفكاري بحبلها وتتبعثر , ما الذي عليّ فعله !!
أأختبأ وابقى في غرفتي , ولكن إن كانت الامواج أكبر منا , إن كانت أقوى منا , أقوى من الحياة نفسها
أهناك أمل في البقاء بينها !!!
هي تقترب , وتقصر المسافة.
ابعثر ملابسي , والقيها واضع حجابي ومايسترني عليّ.
وأنا اشعر بمسافة الصفر تقترب , تقترب وترتطم بي.
الأرض تهتز , والدموع تغشى العينان.
أركض إلى خارج غرفتي بلا عقل , أهرب من ظلمتها التي حلت عليّ فجأة.
أضغط على زر المصعد , وأنا أضربه مرارا وتكرارا راجية إياه بفتح ابوابه لي وانقاذي.
يأتي خاليا إليّ , وأهرول إلى داخله , وأقف في وسطه خائفة حائرة أحدق إلى الفراغ الابيض الذي أمامي وبسرعة لمس اصبعي زر اغلاقه ...
انغلق المصعد وانا واقفة في مكاني يأكلني رعبي , فأفكاري لاتعرف طريقا إلى الصواب , ولا أعرف إلا أفكار الهروب والنجاة , انقاذ روحي من الغرق والموت بأبشع الصور.
أنطفأ كل شيء فجأة , حل الهدوء وغطاني الظلام , والحفني برداءه الاسود , وكأنهُ مرض الحمى , بدوائره السوداء المرعبة , التي تتفاقم وتنبض بعنف , الشياطين.... انها شياطين الحمى !!!!!!!!!!!!!!
لااااااااااااا .. لا أريدها , أريد الضوء , ولكنها تجتاحني وتفتتني , تخترقني وتميت الحياة فيني.
فأصرخ كالمجنونة : " لا ...أنقذوني أرجوكم أنقذوني , سأمووت أرجوكم "
انه الموت لا محال , أصرخ وأصرخ والامواج تعيد منظرها أمامي , والارض تغرق والهدوء يصرخ.
أركل بابهُ , أحاول تحطيمهُ , أضربه بيديّ , أبكي سيولا من الدموع
وانهار على أرض المصعد أبكي بهستيرية فاقدة للامل , وأنا أضغط على أزراره فتعود الحياة إليه , وتشرق الشمس , وتختفي الحمى , ابتسم فرحة ودموعي تتساقط , والباب ينفتح وتعود صورة ذلك الفارغ أمامي , اضغطُ كالممسوسة على رقم أعلى طابق , لا أطيق الصبر ولا الصبر يطقني , احتمل ثوانيه المرعبة , أذكر نفسي بانني سأحيا ولن أموت , اتعلق بأمل النجاة , ينفتح باب المصعد فأنطلق إلى خارجه وإلى باب السطح , أفتحهُ مندفعة , تتسع عيناي واطراف حجابي الاسود تتطاير بفعل الهواء ...
لا أحد .. ولكن فجأة تندفع الصرخات من الخلفي , وتضربني الايادي دافعة جسدي إلى الارض ,حتى كادت تسحق وجهي على الأرض لولا ذراعاي .
ثواني فقط , وتدفق جمع أخر من الناس منهم من غرقت ملابسه بالمياة , والبعض الأخر مهلوع مجنون , ومنهم الباكي والناحب .
امسكتني أصابع الرجفة , وانا أجري إلى حدود السطح , وأنظر إلى أسفل المبنى.
الأمواج الرمادية عالية وعاتية تجتاح ماتحتها , تحمل معها السيارات والأشجار وأجساد الأحياء , تتلاعب السيول بالجثث , تلعب بها كخرقة بالية , ترميها وتضربها على الجدران , لا تعرف معنى الرحمة.
صور مروعة تلتقطها عدسة عيناي , والخوف يدب في أنحاء جسدي , واصابعي تتجمد ويحل الرعب على قلبي.
أنظر حولي , نظراتي تتشتت , ابحث وانقب , أمشي واضرب هذا وهذاك.
أصرخ , تتبعثر شهقاتي ويعلق الدمع في عيناي ولا ينشف , وتجف حنجرتي.
أخي !!
أخي هاني , لا يمكن أن لا يكون هنا !!
هو يقطن معي !
ابحث عنه من بين الرجال الهلعين الذين أمامي ولا أجدهُ , ولا أجد عامر ايضا والاطباء الاخرين.
فقط هنالك طبيب واحد مقيم مثلي
أصرخ عليه من البعيد
ألوح له
فيأتي مسرعا إليّ , انشده اغاثتي وانا أحدق به , أريده أن يخبرني بان أخي بخير , وانه هنا وأنهُ رأهُ , أصرخ بصوت عالي , لعله يسمعني من بين الضجيج , صوتي باكي مخنوق المشاعر : " سالم , أين البقيه , ألم ترَ أخي هاني والاطباء "
ملامحه تحمل الخوف والرعب كالبقية , ينفي بهزة من رأسه , ويقول : " لا أحد لقد كانوا في الخارج فأنا بصعوبة هربت إلى ان وصلتُ هنا "
أهلع , ترتجف قدماي , وانا أحدق حولي ولا أرى إلا الألوان الباهتة.
أبحث بعيناي لعلي أرَ بصيص أمل بوجوده , ولكن لا أحد فليس هنالك نفس أو صوت لهُ.
الطيارات المسعفة تحلق في السماء , والسماء داكنة عابسة.
وأصوات صفارات الانذار تطن في أذنايّ
الضجيج يحمل معه ألوان الخراب.
منسوب الطوفان يزداد , ويغرق البيوت الصغيرة.
النواح يزداد , والطيارات تنقذ أرواح الاحياء.
يلتف الناس حول بعضهم فمنهم الصغير والكبير والمسن , والجراحى والمرضى.
ينادون على الأطباء , ان كان لهم وجود , لا اسمعهم فليس لديّ ادراك أو عقل يستوعب.
يعيدون النداء فأقفز إليهم للنجدة , أعرق وأتوتر وأحاول اسعاف من ينزف , واطبطب على جراح الجرحى.
المناظر تدمي القلب.
الحالات في تزايد مستمر.
الدماء تنزف .
والأجساد تنطرح على السقف الذي بات مخنوق.
يمر الوقت طويلا مريضا
وبصري لا يكف عن البحث , أبحث في كل مرة تنزل فيها الطائرات بين المنكوبين عن أخي والاطباء.
أقف على الأرض وبصري يسافر إلى البعيد
تعمني وتلهثني المناظر , الوضع مزري والقلب يذويه الألم , والدمع لا يكف عن الهطول.
يزداد علو الموجة الرمادية لتأتي أخرى أكبر منها , ولكنها لاتصل علو المبنى.
الأجسام تحمي بعضها , والأيادي تحل فوق الرؤوس.
نرتعب من حدوث صدمة مفاجأة , إنكسار أو إنهدام , أو وصول الطوفان إلينا.
يختفي الضجيج , وتسحب المياة الهائجة كل شيئا معها .
يطفو الكثير على سطح المياة.
يخف عويلها , أرَ قربها منا وارتفاع منسوبها , وقوة اجتياحها ولكن قوتها تقل تدريجياً , وتنتهي مخلفة ورائها خرابا ودمارا شاسعا .
دمارا يحول مدينة في قمة حضارتها , وإزدهارها إلى حطام بلون رمادي.
فلقد باتت المدينة لا تحمل أي ملامح من ملامح الحضارة أو الحياة.
تهدأ العقول , ويزيد خفقان القلوب.
أنظر إلى المياة الجارفة , ومن بين الحطام والاجساد الخاوية أشجار تطفو.
شجرة يتمسكُ بها جسد امرأة تلبس ثياب سوداء ممزقة , والدماء الحمراء تنزف منها , تنزف وتختفي مع المياة وكأنها لم تكن.
ينكمش وجهي فزعا , وأصرخ على الجميع أن أنقذوها.
تنفتح عيناي , وادقق نظري إلى ما أراه.
أراها تحمل بين ذراعيها طفل محشو بين أقمشة بيضاء مبللة
طفل يأن ويبكي بصوت صاخب.
تنتابني موجة من البكاء فأبكي بهستيرية , وأنادي بصرخة على النجداء.
أناديهم وقد اخذني الجنون من المنظر.
فينزل أحدهم إليهما.
ومن بين الأمواج المتلاطمة , واللون الترابي
تحاول المياه الجارفة ابتلاع كل شيء , وعدم الابقاء على الأحياء.
وبعد مصارعة عنيفة أخذت أنفاسنا منا
وانتزعت كل ذرة من الصبر فينا , ورمتنا في غيبوبة اللا وعي.
استطاع الرجل الشجاع انتزاع الاجسام من الحرب القائمة تحتنا.
انتزع الطفل والأم بكل قوته , ورفعوهم إلينا , واسجو الاجسام على السطح.
اشرأبت الاعناق الحناجر , وشل الصمت الاجواء.
الأم لم تكن تملك جزئها السفلي , كانت ممزقت الجسد, وكان لحمها يبدو ليناً مشوها تتقاطر منه الدماء.
الأرض جمدتنا
والأبصار لاتزال شاخصة
لم نكن نملك أي وسيلة للنجاة لها
لم نكن نملك أيّ أمل لها بالحياة
كنّا مجرد أجساد تشيع الأرواح
تشيعها وتتمنى لها موت السلام
أمسكت الاصابع بي , أصابع الأم الغارقة في سكرات موتها , عينيها تفيض من الدمع , وتغرق وجهها النحيل الشاحب , وشهقاتها تعلو وتنخفض , تنظر إليه بألم , وتحاول النطق من بين شفاه مرتجفة : " طفلي , طفلي الرضيع "
عضضت شفتاي , ودموعي تسيل بحرقة وغزارة , وأنا أحمل بين ذراعيّ طفلها , واقربه إليها وأضعةً إياهُ على صدرها .
لم أملك حق حبس دموعي , لم أستطع منع ألم تأثري بهذا المشهد المفجع , والوضع الموجع والمهشم للقلوب , انهرت ابكي بجانبها وقلبي يتقطع إلما لما حصل لها وعلى طفلها الرضيع الذي لم يصب بأي أذى .
طفلها الذي حمته بجسدها ,هي لن تستطيع النجاة , هي شبة ميته , هي ستموت وتترك هذا الطفل الرضيع والذي لم يكمل شهره الأول لوحده .
ألقت نظراتها الحزينة على طفلها وكأنها تودعهُ , تستنشق رائحته قبيل رحيلها , تتأسف على تركه وحيدا في هذه الدنيا.
اصبحت تلقي نظراتها تارة عليّ وتارة أخرى عليه.
شخص بصرها في مشهد مخيف , ورمت بأنفاسها وروحها خارج جسدها وماتت.
شهقتُ باكية , شهقتُ متوجعة عليها وعلى طفلها.
صرخ الرضيع مع خروج روحها , فألتقطهُ ضامة جسده الصغير إليّ.
معانقة حزنه على فقدان أمه .
حملوا جثتها مع دموعنا المنهمرة , ومع بكاء صغيرها الذي شعر برحيلها .
ووضعوها في زاوية مظلمة مغطين جسدها بقماش أبيض .
وضعت الرضيع في حجري , و دموعي تتساقط على وجهه الصغير , وجه أبيض فاحم من البكاء , وينادي بأمه , يصرخ عليها بأن ترضعه وتسقيه من حليبها الدافئ .
هو يريد احضانها الدافئة وحنانها , هو لا يريد فقدانها , هو يريد أمه الحنونة , أمه التي أخذها الموت عنهُ .
شددت ذراعيه عليه , واخذتُ أهزه وأنا امنع نفسي من البكاء واستغفر ربي وادعوا لها بالمغفرةِ والرحمة .
أخذتُ أضمه تارة وأقبلهُ تارة أخرى.
أحاول تهدئته , وتهدئتِ نفسي الباكية والتي تكاد تنهار من الصدمات المتوالية.
أحمل الرضيع متمسكة به , خائفة من اصابته بأي أذى , متذكرة نظرات أمه لي والتي لا تغادرني إنما تحوم حولي وتبكني .
أناشد الجميع بعيناي .
أرفض مساعدة احد لي .
وأقول لهم بانني سأعتني به .
وهو لا يكف عن البكاء !
تحمله عني أحدى النساء وتقوم بإرضاعه , يرفض ويرفض ويبكي , تحاول إرغامه , نحاول معها حتى رضخ لحليبها , وشرب منها حتى الارتواء .
فأحمله أنا عنها وكأنه جزء مني , واجلس بعيدا عنهم .
نظراتي حائرة حزينة , وانفاسي تلهث من التعب .
عيناي متعبتان تحملان جفون ثقيلة , وجسمي يرتجف .
وكل مافيني يرتعش بشدة , أرَ بوضح أقدامي المرتجفة , ويداي اللتان تحاولان ضم الرضيع بقوة .
كنتُ أجلس على الأرض الباردة , وألتحف بلحاف غليظ يقني ويقي الطفل من البرد .
كنتُ أحدق إلى الضجيج من حولي , وجسدي خائر القوى .
رأيتهم ومن بين ضباب عيناي .
رأيت عامر يقف بمسافة قريبة مني , ومعه بعض الرجال.
رأيت جسد نازف ملطخ بالجروح يطرح على الأرض , ويجلس بجواره عامر ويحاول اسعافه.
جسد قد شرب من لون المياة البنية , وسُقي بلون الدم .
أختلطت الالون ببعضها لتكون لون سوداوي .
انجلى ضباب عيناي , وانا أدقق النظر إليه , واشهق من هول المنظر .
كانت هناك كتلة من الحديد مغروسة في خصره , كتلة كبيرة الحجم مخيفة تشق جسده .
عبس وجهي من لوعة المشهد , وتصلبت أعصابي وجعا وألماً عليه .
كانت الاقدام تحجب وجهه .
الاقدام المرتدية للون الاسود, والملطخة بالطين .
تركض بعشوائية حوله .
تسد الرؤية , وتمنحها الضبابيه .
ينكشف القليل , ويختفي لمرة أخرى .
أدقق النظر , وقلبي يهوي رويداً رويدا .
ويمزق مجرى سيره .
يقشعر بدني , وتصبني الحمى .
ارتعش , وانا في قمة ذهولي وانهياري .
أريد الصراخ على الذين من حوله .
الصراخ عليهم بأعلى صوتي .
بان يبتعدو عنه , لكي أنفي حقيقة ما أراهُ !
وانه ليس حقيقي انما هو من خيالي وشبه الاربعين .
تختفي الاقدام ...... ويظل عامر والقليل من حوله .
تخنقني الغصات , وتعمني الدموع .
تتشنج ملامحي.
ويرتفع النشيج إلى حنجرتي.
يعتصرني الألم , ويظهر على وجهي جليا .
تفر صيحاتي , وتتبعها صرخات الفاجعة .

****
كانت هذه المرة الثانية التي أخرج فيها معه من المنزل
ففي المرة السابقة كنتُ فيها صامتة يختلجني بعض الخجل
فمعهُ أتحول إلى جرو لطيف قد انتُزعت عنه شراسة القطة الغاضبة
جرو أحمق خجول يلهث , وينظر إلى صاحبه بحب
يا إلهي , كم كرهت تلك اللحظات واحببتها
أعرف انني اصبحتُ متناقضة , فهو قد جعلني غير طبيعية بتاتا .
فهو قد نزع عني رداء التمرد والقسوة , وألبسني لباس الحب والخجل .
ذياب... يكاد يوصلني إلى الجنون !
حتى أن أفعالهُ , وحبي لهُ يرضخني على البكاء في منتصف الليل , بسبب خيانتي لوعد أبي .
يجعلني غاضبة من نفسي .
صحيح كل شيء !!!
هو صحيح !!
أنه قد فعل الكثير من أجلي , وإلى الآن هو يفعل ذلك !
ولكن زمن طفولتي من سن الصفر إلى السابعة هو سن تشكلي .
سن عشتُ فيه مع أبي
لن أقول أنني لا أذكره !
لا بل أنا أذكره , صحيح ان ذكرياتي ضبابية , ذكريات ليس لها معالم
ولكن عندما تعيش حياة تمتد لسبعة عشر سنة , ترى فيها شخصا كاملا , شخص هو قدوة لك , شخص تحبه حبا عميقا , شخص خالي من الاخطاء في نظرك .
أبي كان هكذا في نظري !
فكيف لي أن اتخلص من هذا كله , وأن أُصدق أن أبي كان مجرما حقيرا
لا أستطيع ذلك لأنهُ أبي , أبي بالنسبة لي هو المحب والطاهر.
وأيضا ذياب , ولانه كذب عليّ , ولم يخبرني بالحقيقة فانا هكذا الآن
أمتد بصري إلى الفضاء , وإلى السماء , إلى حيث أبعث إليه صراعي .
النوافذ مفتوحة في هذا الصباح , والجو خانق .
يشغل ذياب زر التكيف في السيارة , وينطق مخرجا عقلي من سرحانه : " أتودين أن اغلق النافذة ونتحرك "
لم ابتسم , ولم التفت إليه إنما قلت بجمود كسا صوتي : " لا "
في الحقيقة الأجواء غير مريحة , لا أعرف ماهو الغير مريح بالضبط !
ولكن عندما يتحرك ذياب أو يصدر صوتٍ , تتشنج أعصابي معه .
يا إلهي !!! مابي !!
حتى انني اصبحتُ اتصببُ عرقا .
أشعر بان السيارة تضيق علينا , وتكاد تقربني منه , وأنا لا أريد التقرب منه , لأنني خائفة من مشاعري المجنونة به , والتي لا تكف عن التلاعب بنبضات قلبي .
خرجنا لِتمشي , لانه قال لي انه يريد تناول الأفطار معي في هذا الصباح الجميل
وأنا أراهُ على العكس , وانه لصباح يحمل هواء الشؤم .
هو فقط يريد الخروج معي والتقرب مني , وانتزاعي من حفرة الحقد والكره القابعة فيها
يحدثني بهدوء ويحثني على قول كل ماأرغب به , والتدلل عليه
والخروج إلى حيث أريد , وان نعود كما في الماضي.
أمشي وهو بجواري , أنقل بصري إلى المتاجر التي فُتحت للتو وإلى الشارع المغبر , هنالك القليل من المارة , والملابس ربيعية ملونه بأجمل الألوان , والسماء مغبرة مثل الأرض .
وقفت فجأة وقد انتابتني القشعريرة , وانا أرى أُناس تأتي من الشرق راكضة مصروعة , وملامحها مفزوعة هلعة .
انطلقت أصوات صفارات الانذار في الأجواء , وارتفع بصري إلى الأعلى وإلى المباني المتراصة من حولي.
لم أستوعب الأمر , لمَ هذه الاصوات الغريبة !
ولمَ الناس بدأت تركض وتصرخ !
طوفان الناس يزداد و يتعاظم , الكبير يحمل الصغير والكل يهرول , والأرض تهتز , والصراخ يزدادُ حدة .
كل شيء مر بسرعة البرق , و مع أصوات الصفارات أتى صوت أحد الرجال , وهو يصرخ بفزع : " الطووفان , أنه الطوفان , الرجاء الصعود إلى المباني المرتفعة لانقاذ أرواحكم "
تقبض أصابع ذياب على جسدي , يقبضني وهو ينتشل جسدي من الأرض ويركض.
يركض بي وأنا لا أكاد اطأ الأرض , الألوان تختلط ببعضها , والسرعة تطمس المعالم.
والأرض تدور وتدور , وفجأة تتعثر الملامح ليؤدي ذلك إلى سقوطها وسقوطنا.
نسقط أنا وذياب , ونرتطم بالأرض بشدة وعنف.
يضربني سطحها الحجري الخشن , لأتدحرج عليها مرة تلو الأخرى , وفي كل مرة يُخدشُ فيها جلدي ويتمزق لحمي , وترتطم عظامي بالسطح الحجري , اشعر بأن الحياة قد انتهت , وانني ألفظ أنفاسي وانني ميتة لا محال.
توقف جسدي عن التدحرج , توقف وأنا مشلولة الجسد , منزوعة الانفاس , لا أقوى على الحراك أو البكاء من الالم والذهول.
هي ثواني فقط وسقط عليّ الالم بالمرصاد , ألم شنيع اخرس حنجرتي عن الصراخ , انما جعلني اتخشب من الالم.
ضغطُ على اسفلت الشارع بيدين مرتجفتين تتقاطر منهما الدماء.
وانا أشعر بأن كل جزء مني قد تمزق , وتكسرت عظامي معه.
أنفاسي مقبوضة لا استطيع اخراجها من صدري , وجسدي لا يملك إلا طاقة الصراخ من الألم.
خرج صوت من حنجرتي بما يشبه البكاء , لأبكي كالمجنونة من الوجع الذي بدأ يقتلع جذور العافية مني.
لم يهدأ الألم انما ازداد قسوة.
وأنا لا أزال أبكي بعيون مفتوحة قد افجعتها الفاجعة , حطت يديّ ذياب على جسمي, وهو يناديني بصوت لاهث متعب : " ترفه حبيبتي , يا إلهي , يا إلهي ارحمنا , أسف أسف ".
من بين انقاض جسدي المجروح , ومشاعري المنهارة ومن بين أصابعي المرتعشة , وتحت وجهي تماما رأيت المياه تجري , مياه وحلة تحمل معها غبار حياة الأرض , تجري بسرعة خاطفة مرعبة لتغير لون الاسفلت إلى اللون الاسود.
انتشلني ذياب من بين المياة المتدفقة , وقد نسيت في تلك الثواني كل أوجاع جسدي.
وركض بي كالمجنون , كُنّا كالمجانين نركض ونقفز إلى الأمام , ولا نعرف إلى أين المهرب أو إلى أين المفر من هجوم هذه الأمواج العاتية والقادمة نحونا.
هاجمتنا الامواج , وغطست أجسامنا فيها , وكادت ان تحملنا معها , وترمينا إلى جحيم غضبها.
ذياب ممسك بي وأنا كالجثة الهامدة أتأرجح بين يديه, وبيده الاخرى يمسك عامود الكهرباء , والذي يكاد يقطع ذراعه من شدة قوة الامواج المهاجمة لنا.
صوت ذياب يأتي إليّ بشدة لهاث انفاسه وانفاسي وهو يقول : " تمسكي بي جيدا , واصعدي على ظهري وقومي بعدها بتسلق العامود وإلى تلك النافذة أقفزي , هياااا ".
ذياب يدفعني بذراعاه , يدفعني بكل قوة جسده إلى الأعلى , وأنا أبكي وارتعش من الرعب.
لم أكن أشعر بحواسي , ولا حتى جروح جسدي.
حاولت التسلق وأنا أشعر أنني سانهار , فقوتي تفقد طاقتها في كل حركة أصدرها.
تشبثتُ في ذياب وصعدت على اكتافه , والتصقت بحديد العامود , وغرزت كل قوتي فيه.
والأمواج تضربني بحمولة بقايا الخراب.
والاصوات ترعشني وترهبني.
أتمسك جيدا لكي لا أسقط , أظافري تتكسر, ولحمي يخدش والصعود يصبح صعبا.
وذياب يدفع قدماي إلى الأعلى حتى وصلت إلى حافة النافذة.
فقفزت إليها بلا أيّ خوف أو تردد.
وتعلقتُ بطرفها الخشن إلى أن حملت جسدي على الصعود إليها.
صعدتُ قافزة من فوق حاجز أعمدة الحديد , ووقعتُ على السطح وعلى وجهي.
أنطرحتُ على السطح وأنا لاهثة الانفاس , منهارة الجسم , انطرحت أصرخ من شدة ألم الجروح النازفة.
بقدم تزحف ويد تحاول سحب جسدها عدت إلى الحافة , وأرجحتُ ذراعيّ إلى أسفلها , وأنا اصرخ وأبكي على ذياب : " ذياب هاك يديّ تمسك بي "
ذياب كان يحاول الصعود , وفي كل مرة يحاول فيها الصعود , ينزلق ليسقط بين الامواج لتضربه الاخشاب وجثث الاموات , والناس الذين تجرفهم الأمواج وتطمس أجسامهم.
يحاولون الصراخ والهرب من الطوفان , ولكنه يقوم بإبتلاعهم وأكلهم بلا رحمة.
ذراعاي لا تزالان تنتظران ذياب , وعيناي تنزفان أمطارا من الدموع.
وجسدي يرتعش من الرعب , وعقلي يطن ويطن , أفكاري تتداخل ببعضها وتموت.
الكون يدور , والضجيج يصم الآذان.
وصراخ البشر مرهب وعظيم.
أنادي على ذياب من بين الاهوال , انادي عليه لعلهُ يسمعني ويمسك بيدي , وأن لا يموت ويتركني , فأنا لا استطيع العيش من دونه.
رأسي يدخل من بين أعمدة الحديد , وأنا أبحث عن ذياب الذي طُمست ملامحه , وغاص به كل شيء.
واحاول التنفس بصعوبة , واعيد النداء عليه بصياح استنزف صوتي : " أرجوك تمسك بي ولا تذهب عني , أرجوك " .
يصعد ذياب اخيرا هاربا من غضب الامواج , يصعد بصعوبة إلى الأعلى , وينكسر العامود قبل وصوله إلي ولكِنهُ يقفز متعلقا في النافذة.
تتسع عيناي وتلجمني الرهبة , أشعر بجسدي ينطوي ويلتوى على بعضه , كل شيء يتجمد
و تجف عيناي , وحنجرتي تتيبس.
العامود يسقط لتسقط الاسلاك النحاسيه في المياة البنية , وتمر تموجات الموجات الكهربائية في الأمواج , وتمس الاحياء والاموات , تُجحظ العيون , وتفتت الاجساد , وتصرخ الحناجر بصخب عميق ومفزع.
الايادي تطالب بالنجدة وتعوم بين المياة , والوجوه تحمل ملامح الجحيم , تقفز الاجساد من بين الامواج مصعوقة, والجثث تبدأ في الطفو على السطح.
يقفز ذياب إليه, وينتشلني من حفرة هستيرية الهلع التي اقبع بها , ومن هلع البكاء والصراخ.
يضمني بذراعيه, ويضع اصابعه على وجهي ليعمي بصري.
أسقط بين ذراعيه جثة فاقدة للوعي و لا تستطيع استوعاب الامر , أو إبتلاع حقيقة مايحدث.
تجلدني المناظر وهي تعيد احداثها في مخيلتي , ويلهثني ماحدث , وتُخيّل إليّ فأتقيأ وأتقيأ.
لا أعلم ما الذي يحدث ولكنني أشعر بانني اربط , ويتقاذفني الهواء بين يديه وما بين يدي ذياب .
ولا أرى إلا الظلام أمامي , يضمني ذياب إليه , وأنا اشعر بأننا نصعدُ إلى السماء
وليس هنالك إلا الرياح والصراخ من حولي , وانفاس ذياب المتعبة, وكلماته التي لا يستوعبها عقلي.
أشعر بأن الوقت يمر ببطء , يداهمني النوم , ولكن الاصوات تجعلني أشعر بأنني معهم.
ينزلوننا من الطائرة التي حملتنا , وأنا لا أستطيع فتح عيناي أو استعادة نصف وعيّ الغائب.
يحملني ذياب ويضع جسمي على الأرض.
حمى وألم جسدي لا يقادرنني.
اتقلب يمنة ويسرة من المرض , وألم الجروح.
وفي كل دقيقة اسمع صوت ذياب بجانبي , يمسح على جبيني , وينشدني عن حالي ويسقني ماءً .
أغمض عيناي وأغطس في سبات , سبات دقائقه مغرقة , هو مرض ورعب , ويعاد جحيم ماحدث ولكن في هذا الجحيم يسقط ذياب في الأمواج , وينادي مستنجدا بي , وتصقعه الكهرباء فيطفو ويصبح مثل الجثث الأخرى .
أستيقظ مذعورة مجنونة , استيقظ وأنا أبكي واصرخ , وأزيحُ اللحاف عني وارميه بعيدا عني , واحاول الوقوف والذهاب إلى تلك الزاوية التي كنت فيها لكي انقذ ذياب, ولكن جسدي يهوي, وانفاسي تكتم والدنيا تدور .


***
كنتُ اقف مع الرجال بعدما ان امتصت الأرض المياة , وبخرت اشعة الشمس البقايا.
كنتُ اقف على تلك الارض التي نلقنا إليها , ارض طينيه لزجة وسخه.
ارض تضم ملجأ صغيرا يحوي خياما خضراء رديئة متراصة تحتضن الكثير من العائلات.
كانت أمامي حفرة كبيرة قد حفرناها نحنُ الرجال.
حفرناها لرمي تلك الجثث التي لعب بها الطوفان , وحللها , حتى لم يبقي منها إلا الرفات.
تُمسك الايادي المرتجفة الاطراف , وبحزن تقذف الاجساد إلى تلك الحفرة العميقة.
ترمى الواحدة تلو الاخرى.
تتناثر الجثث على بعضها , والالوان تصبح باهته ضبابية.
الدموع تملأ أعين الفاقدين , والقلوب ترتجف في الصدور.
النواح لا يكف , الكل يبكي , والضجة لاتختفي , والحزن يملأ الوجوه ولا يقادرها .
البعض من عُرف هويته والبعض الاخر لا , ولم يكن لنا إلا هذا الخيار بسبب تعفن الجثث , وكثرتها في منطقتنا.
تمشي الاقدام مودعة من غاب عن الحياة , من غاب عنها بأبشع الصور , وتلوح لهُ برايات الاحزان.
وتعود الحياة في الجزء الاخر مابين صراخ وبكاء , ومرارة العيش الذي بتنا نعانيه.
فالطوفان قد سلبنا الحياة الرغيدة , سلبنا كُل حضارتنا , سلبنا العش والمأوى , سلبنا انفاس الاحبة , ,أمرضهم واماتهم , وحول كل شيء إلى حطام , بتنا مجرد أجساد خاوية تمشي وتقاوم حد الهالك لكي تحيا , كل شيء مدمر والقليل مايصل إلينا , والارض تغطيها المياة من كل الجوانب .
عدت إلى صغيرتي الراقدة على تلك الارض اليابسة , صغيرتي المريضة والمجروحة والتي باتت طريحة الفراش بسبب الرضوض والجروح التي اصابتها , وبسبب ذلك اليوم المشؤوم.
عصرني الألم , خنقتني أحداث ذلك اليوم , وأخذ التعب مني مأخذه , فأخذت أوبخ نفسي التي لم أكف عن توبيخِها على تسببِ لها بكل هذا الألم.
ياحبيبتي... ياليتني أخدتُ كُل الألم , ولم تأخذي أنتِ منه شيئا , فأنا السبب في اصابتكِ بهذه الجروح, فأنا لم احميكِ جيداً.
اقتربتُ منها , وطرحتُ جسمي بجانب جسمها المستلقي , والمنكمش على بعضه.
طرحتهُ لعله يغفو لثواني , يغفو بجانبها , وينسى همومه , هموم الارواح ,والمستقبل والحياة.
جفاني النوم , ورحلت نظراتي إليها , إلى صغيرتي المقابلة لي , وإلى وجهها الشاحب المغطى بالكدمات وإلى انفاسها المتعبة وهمهماتها.
التواجد معها ورؤيتها عن قرب يجعلني بخير , رؤيتها حية بعد كل ماحدث يمنحني السعادة.
في نفسي حاجة لضمها , ضمها إلى داخلي وإحتوائها بين أضلعي , لكي أحميها وأمنحها كل الحب والعطف, ولا اجعلها تعاني بعد اليوم.
صغيرتي قد تغيرت , وقبل الطوفان اصبحت لا تبكي ولا تصرخ بحزن ومرض , إنما باتت تدعي الغضب والعصبية.
وتحاول إثارتي بتصرفاتها , وتحاول إيقاعي في شباكها , تجلدني تحت سياط نظراتها , وتفطر قلبي من الحب , وتجعلني أريدها بكل مافيها , مشاعري كرجل تطغى عليّ يوما بعد يوم , وحبي لها يقاسمني انفاسي , ويجعلني متيما بها حد الهوس , حتى انني لا اريد مفارقتها لدقيقة واحدة .
رحلت الأيام , ورحلت معها الراحة , ليل بارد طويل يسبقه نهار لا ينتهي , أرض جرداء يطويها الطين , وتتساقط في انحائها أشكال الخراب , المياة شحيحة , والزاد قليل , والناقلات قد قلة وازدحام الناس لا ينتهي, ولا احد يعرف نفس الراحة.
لم يكن للأمان من مكان , جاءتنا أخبار عن انتشار العصابات واستغلالها للوضع من أجل السطو والتخريب والقتل حتى عاثوا في الارض فسادا , ولم يكن هذا فقط , انما اندلعت الحروب الاهلية بين الناس , ولم تبقى من المدن إلا العاصمة من هي في امان , اما مدينتا الساحلية فهي أكثر المدن ضررا من ناحية الطوفان , واكثر مدينة تحتاج إلى مساعدة .
الايام كما هي , ولكنها باتت دافئة نهارا وباردة ليلا , حتى رائحتها اختلفت , وتجمعت المياة حولنا لتكون مستنقعات وبحيرات كثيرة , كنتُ أتابع حال الملجأ الذي نحنُ فيه فتنظيم مايأتي إلينا , ومراقبة اللاجئين هي من احدى المهام التي كلفتُ نفسي بها بما اني رجل شرطة , مع انني من شُرطة التحري , ولكن الواجب الانساني يحتم عليّ هذا.
علمت من الطبيب الوحيد الذي لدينا أن المرضى قد ازدادُ , وأن هنالك عددا قليلا من المرضى من هم يعانون من أعراض غريبة لم يشهد لها الطبيب مثيلا, إستفراغ , وبقع في الجسم وحمى ترتفع في كل يوم , حتى ماتا اثنين اليوم , ماتا بعد ان انتابتهما نوبة تشنج عنيفة .
حل علينا الليل , حل برداءه الأسود ليغمسنا بثوب البرد , لقد مر أسبوع على مكوثنا في هذا الملجأ , مكوثنا بين انقاض الحياة وشدة العيش , رأيتها جالسة بقرب النار التي رسمت نورها على ملامحها التي بدأت تستعيد عافيتها , كانت تغطي جسدها برداء أبيض ثقيل يقيها البرد , إلا يديها اللتان عبرتا القماش لتتوقفا بقرب النار , كانتا أمام جسدها , كانت تنظر إليهما بسرحان , ووجهها الشاحب لا يحمل إلا تعابير الصمت.
اقتربتُ منها , وجلستُ قبالتها والنار بيننا , عندما احست بتواجدي , أدارت وجهها إليّ , ولمعت عينيها وقد عكست عدستيهما لهيب النار .
رسمت شبه ابتسامة على شفتيها لرؤيتي , وضجت الحياة في تقاسيمها المتعبة , اتسعت ابتسامتي وأنا احدثها بتودد : " عزيزتي كيف هي صحتكِ ؟ "
هزت رأسها .. وكأنها تعبر عن حالتها الحسنه.
اخفضت رأسها عني واعادة عينيها تحدقيهما إلى النار.
هي لحظات سكننا فيها الصمت , هي لحظات سكينة للانفس وطمئنة للقلوب.
الجو عليل والرائحة زكية , والانفاس تخرج بهدوء مسترخية مطمئنة.
أحب هذه الراحة التي بدأت تسكن جدراننا.
أشعر أنني لم أعش مثل هذه اللحظات من قبل , لحظات رميتُ فيها كل الالام والاحزان.
رميت ثقل هموم صدري التي لازمتني أكثر من عشر سنوات , سنوات أخذت مني نصف عمري.
بعد انكشاف كل شيء
بعد كل ماحصل
وبعد عودتها إلي
أشعر بأن الحياة قد فتحت اجنحتها لي من جديد , وابتسمت لينخشع ظلامها الملامس لصدري .
مر الوقت سريعا , خاطفا تلك اللحظات الحميمة.
في الصباح الباكر , كانت الاجواء تحمل هواء الاختناق , وتضج برياح التوتر.
استيقظتُ لأفاجأ بوجوه حملت ملامح الرعب , فالدنيا تعوم بالفوضى , والناس تسير بلا هدى , والخراب ازداد خرابا.
فلقد وقع الحجر الصحي , و اكتشف ان المرضى الذين اصيبوا بالاعراض المرضيه الغريبة , وماتوا مابهم إلا وباء فتاك , وباء انتشر لدينا ولدى المناطق المجاوره الاخرى .
الصدمة شلت جسمي
والتشتت أحتل عقلي
والموت أخذ يطرق أبواب الحياة .
والخوف رسم عباراته على الطريق , طريق طويل يسبح بنهر من الاوساخ.
ويرفع بين كفيه راية الموت.
هرعت إلى تلك الخيمة الكبيرة , والتي اُعدت للمرضى .
ودخلت إليها
كانت تغوص بالإسرة الحديدة المتراصة , وتغرق برائحة المرض.
كانت حارة خانقة .
كان هناك القليل من المرضى فيها , ولكن انينهم كان مرض مرعب.
تقدمت خطواتي إلى الطبيب غير أبهة بما حولها , اتخطى الاسرة للوصول إليه.
واكتم انفاسي مبعدا رائحة المرض الكريهة عني.
حييّة الطبيب , وسألته وأنا أرفض تصديق حقيقة مايحدث : " ما الذي يحدث , وهل حقا ماسمعته ! "
كانت ملامح الطبيب من وراء الكمامة مقتضبة ومتعبة , رفع يده واعطاني كمامة وقال منزعجا : " ألبس هذه مع انني اشك في فعاليتها , الامر حدث بسرعة ولا نعرف للامر حلا , إلا علاج مرضى مصيرهم المحتوم هو الموت بلا شك "
أكمل الطبيب حديثه بلا مبلاة : " لا نعرف طريقة عدو المرض , ولكنه يبدو انه ينتقل عبر الهواء"
لم أضع الكمامة على فمي , انما بقيتُ باهت الملامح , جاحظ العينين , أحاول استيعاب حديثه المروع , قاطعته متهتهً , أأكُلُ كلماتي قبل خروجها : " وهل يمكن ان نصاب به نحن !!!!"
قال الطبيب بابتسامة , وبوجه لا يحمل إلا ملامح الجد : " من الممكن ان نكون حاملين للمرض , فقط هي ايام ونسقط مثلهم "
شحب وجهي , واعترتني الرجفة.
وانا أسمع ضجيج الناس , وصخبهم.
وانفاس الهواء البارد يلمس جلد وجهي.
دخل رجل إلى داخل الخيمة , واسرع إلينا وبين يديه جثة طفل لانعرف أهي حية أو ميتة.
هرع الطبيب إليه, ووضعو الطفل على السرير , وحقنوه بالمغذي.
تقدمت خطواتي من الطبيب وامسكت ذراعه أشده , امسكتُهُ صاغطا بأصابعي عليه.
كنتُ مشدود الاعصاب , مريض الجسد , منهك التفكير , غير قادر على السيطرة على نفسي المرتجفة .
فقلتُ لهُ بلهجة بائسة , تريد الفرار , وعدم تخيل ماقد يحدث , وأن هناك أمل بالحياة , وانقاذ الانفس من هذا الوباء المميت : " أيمكننا الفرار والنجاة !!"
استقرت نظرات الطبيب الغاضبة على تهجمي هذا , وعلى لهجتي الرعناء , فقال بغضب : " أحل الجنون على عقلك يا ذياب , أتريد مخالفة قوانين البلاد وقبلها الدين , فليس هناك من مفر بعد وقع هذا البلاء والابتلاء "
ضحكة هستيرية خرجت من حنجرتي , ضحكة تحمل صرخة عنيفة , تبلد صخري استقر في صدري , حتى بات الواقع مجرد وهم , مجرد حلم عابر أريد الخلاص منه .
ضربت اسناني , وحاولتُ كتم غضبي , ولكنني انفجرت عليه , وفجرتُ كُل غضبي , كُل صبري , كُل مرض شب عليه صدري : " اذاً أ نبقى هنا !! , وننتظر مصير الموت فقط !! نجونا من ذلك الجحيم لنموت في جحيم أخر , نمووووووووت فيه , انموووووووووت بهذه البساطة "
كشرت ملامحي عن غضبي , وازداد سخطي على مصائبنا التي حلت فوق الرؤوس.
فأمسكتُ الطبيب من ياقةِ ملابسه , كرهتُ برودتهُ , تبلده واستخفافه لما يحدث.
فقابلني وجهه المندهش ,رفعته عن الارض حتى كدتُ اخنقه , لولا الايادي التي طوقتني وزجرتني , لم اتزحزح , إنما صرخت على وجهه , صرخت عليه متمسكا بوهم البقاء , وعدم اختفاء من احبهم : " لا تستهن بأمر الحياة , ابعد الحصول على الاشياء نفقدها ببساطة , وهل الموت بالنسبة لك كشرب الماء "
ازداد ضحكي , وقل تماسك نفسي , امسيتُ شخصي القديم , امسيتُ نفسي الضعيفة , نفسي التي هجرتها دهورا , نفسي التي تخشى الفقدان , وترتعب من حصول الفجائع , اكملتُ وموجة من الالم تخنق صدري : " فأنا جربته مرارا وتكرارا , عشته اياما وسنينا , اصبحت وامسيت عليه , تذوقته حتى الزقوم منه "
حررتُ أصابعي عنه فسقط وانهارت طاقتي معهُ , طاقتي التي اِختزنتها كل ذلك الوقت , تخلت عني ونفذت,
أنني لا أريد فقدان احدا بعد الآن !
لا أريد إعادة شريط تلك الايام التعيسة
لا اريد الموت وأنا حي
أريد السعادة ولو لمرة واحدة , أريد العيش معها فقط .


نهاية المعانقة الثامنة عشر

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 27-12-13, 09:55 PM   المشاركة رقم: 109
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 195114
المشاركات: 106
الجنس أنثى
معدل التقييم: ريم السعودية عضو له عدد لاباس به من النقاطريم السعودية عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 147

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ريم السعودية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: أرواح متعانقة

 

نور المنتدى بك ياعزيزتي اسماء
بارت اكثر من رائع باتنظار بالقادم

 
 

 

عرض البوم صور ريم السعودية  
قديم 08-01-14, 01:21 PM   المشاركة رقم: 110
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 218737
المشاركات: 1,290
الجنس أنثى
معدل التقييم: قرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عاليقرة عين امي عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 950

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
قرة عين امي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: أرواح متعانقة

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يالهي اي كارثة جلبتها معك يااسماء
عندما قراءت مايحدث بلسان امل ظننت انه تهياة وهلوسات بسبب ارقها وقلقها وتوترها لم اكن اصدق انه طوفان حقيقي ولكن عندما شاهدته بعيني ترفة توقفت نبضات قلبي من هول المشهد واصابني الالم من عظم البلاء الذي اصابهم
ابدعتي فوق الابداع جعلتني اشعر بأني اشاهد بام عيني مشهد لتوسنامي حدث في الواقع بالفعل
لكن ماهذا الوباء الذي حل عليهم ارجوك لا ترينا في من نحب مكروه فيكفي ماقد ارعبتنا واخفتنا فيه اثناء الطوفان ونحن نمسك ايادينا على قلبنا نربت عليه ليهدى من هول ماشعر به ومن خوفه من ان يبتلع الطوفان احبتاً لنا
سلمت يمينك على هذا البارت رجاء لا تاخرين علينا فقد اشتقنا لجمال حرفك
المحبة اسماء

 
 

 

عرض البوم صور قرة عين امي  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة سميتكم غلاي, متعانقه, ليلاس, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, ارواح, ذياب, جريمه, روايات اماراتيه, روايات خليجيه, رواية أرواح متعانقه, سميتكم, شرطه, علاج
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t174693.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط±ظˆط§ظٹط© ط§ط±ظˆط§ط­ ظ…طھط¹ط§ظ†ظ‚ط© This thread Refback 07-08-16 04:39 PM


الساعة الآن 12:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية