لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-01-12, 03:59 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

نظرت اليها سوزان بحرد وقالت:
" لا تستطيعين التخلص بهذه السهولة ، انت لم تلتقيه مرة واحدة فقط ، أنا لست بطفلة ، ويبدو لي ان معرفتكما قامت على عدة لقاءات ".
" أوه ، كفى يا سوزان....".
وخرجت هارييت من البيت .
فألحت سوزان وهي تلحق بخالتها:
" حسنا ! ما الخطا الذي حدث بعد ذلك؟ أقصد أنه جذاب وقد ذكّرني بساشا دي ستيل".
منتديات ليلاس
قالت هارييت غاضبة:
" يا ألهي ، لا يشبه ساشا دي ستيل ابدا ! هل ستساعدينني في نقل الحاجيات الى الداخل ام لا ؟".
حملت سوزان صندوق المأكولات وإستفسرت بعفوية:
" هل كانت لك علاقة غرامية به؟".
وللحظة لم تستطع هارييت الكلام لأن السؤال صعقها فأكملت سوزان حديثها وهي تحمل المأكولات الى المطبخ:
" أنه شيء طبيعي ، إنني اعرف فتيات في عمري و ....".
قاطعتها هارييت قائلة:
" أفضل أن لا اتحدث بهذا الموضوع".
وضعت هارييت أكياس النوم على الطاولة وتابعت قائلة:
" هل تفضلين الشاي أم القهوة ؟ أنا لا فرق عندي بين الأثنين".
فهتفت سوزان وهي تنظر اليها بتوسل :
" أخبريني إسمه على الأقل".
تنهدت هارييت وردت بسؤال:
" لماذا؟".
" اريد ان أعرف فقط ، وسوف اتوقف عن الأسئلة إذا اجبت بصراحة".
" أحقا ستتوقفين؟".
" نعم ، نعم اعدك بذلك".
إنحنت هارييت فوق الغراض وقالت:
" إسمه أندريه ، اندريه لاروش ،والآن ، هل يمكن أن نقوم ببعض الأعمال؟".
كان الماء يغلي في الأبريق المنظف ، واللحوم الباردة والجبنة والخبز المقمّر الطازج أشهى ما يمكن مع القهوة الساخنة، كان الباب موصدا على سواد الليل ، وضوء القنديل يبعث الدفء.
قالت هارييت:
" لم نجرب محاسن الإعتسال بالماء البارد ، وتذكري أنه لا يوجد حمام ، هل لاحظت التواليت وأنت تمرين بالجدول؟".
اومأت سوزان قائلة:
" إنه وراء الباب الخلفي مباشرة ".
فقالت هارييت :
" سوف نستعمل الكيماويات ...".
ثم زمّت شفتيها قرفا وتابعت:
"لا استطيع ان الوم أحدا على ذلك ، كنت أعرف أن التسهيلات غير مشابهة لما إعتدنا عليه ولكن...".
قاطعتها سوزان قائلة:
" سنبقى هنا اليس كذلك ؟ إنه ليس سيئا كما توقعناه ، وإذا أمّن لنا أندريه لاروش سريرين......".
" السيد لاروش من فضلك".
قاطعتها هارييت بحدة وتابعت قائلة:
" لا اعرف ماذا سافعل ، إذا أعاد لي السيد لاروش المبلغ ، من المستحسن أن أستعيد دراهمي".
فشهقت سوزان وقالت بإنفعال:
" أوه ، كلا !".
بسطت هارييت يديها كأنها لا تستطيع فعل شيء وقالت:
" يمكنني شراء بيت آخر ، وفي مكان اقل وحشة من هذا".
" لكنني أحب هذا المكان !".
هتفت سوزان وهي ترفع شعرها عن جبينها وبدت في هذه اللحظة تشبه والدتها كثيرا.
صوفي والدة الفتاة كانت ذات شعر أحمر وعينين زرقاوين ورثتهما إبنتها سوزان ، مع العلم أن شعر سوزان أكثر زرقة، ولم تكن لديها المشاكل الجلدية نفسها التي كانت والدتها تعاني منها ، اما هارييت فعيناها بنيتان وأقوى من عيني سوزان التي تشكو من قصر النظر ، تأثرت هارييت لذكرى شقيقتها وترددت مع أن كل شيء في داخلها كان يحثها على ترك البيت ما دامت الظروف تسمح بذلك ، وتفضل الإبتعاد عن روشلاك قبل ان تزج في وضع تندم عليه.
" سوزان.... سوزان".
قالت مسايرة ، لكن إبنة اختها كانت لها قوة ابيها نفسها فواجهت خالتها بعناد وقالت:
" وعدت بان نبقى هنا ، كنت دائما تقولين انك تودين الإقامة في وادي دوردون لتستكشفي القصور والكهوف ، أما الآن فانت تغيرين رايك، وكل ذلك من اجل هذا الرجل !".
" هذا ليس صحيحا !".
إحمرت وجنتا هارييت وتابعت:
" تعلمين يا سوزان أن المكان لم يعجبني عندما رأيته".
" لكنك كنت ستبقين ، وكنا سنحاول تحسين الوضع ، ذلك حتى اللحظة التي إلتقيت فيها اندريه لاروش!".
" سوزان !".
" لا اصدق أنك لا تحبين هذا اليت ، بإستطاعتنا تحويله الى جنة ، وأنت تعلمين ذلك ، ماذا حدث ؟ هل تركك أو حصل شيء من هذا القبيل ؟ الذلك أنت عانس في السادسة والعشرين؟".
حالما انهت سوزان كلامها ، ندمت على ما قالته فوضعت راسها على ذراعيها المطويتين وأجهشت بالبكاء كأنها مكسورة القلب ، تركتها هارييت تبكي لفترة وجيزة لأنها أيقنت ان هناك أسبابا أخرى غير خيبة الأمل التي جعلتها تذرف الدموع.
لم تشف بعد من صدمة وفاة والديها بحادث سيارات جماعي منذ ستة اسابيع ، وكانت هارييت مخطئة في تفكيرها إذ إعتقدت أنها تستطيع تحوير افكار الطفلة حينما يطيب لها ، بالنتيجة ربما إلتقت باندريه في أي وقت وفي عدة اماكن تجري فيها مزادات علنية في انحاء فرنسا ، ربما كانت فكرة صائبة ان تخرج طبقة من حياتها لآخر مرة ، على ان العلاقة التي كانت بينهما في تلك الحقبة من حياتها اثرت على كل علاقاتها اللاحقة ، ولم تكن سوزان مخطئة عندما إتهمتها أنها عانس ، فالرجل الوحيد الذي دخل حياتها بعد أندريه هو تشارلز ولم يكن بينهما إلا حبهما المشترك للأثريات.
نهضت من مكانها وتقدمت نحو الفتاة وإحتضنتها ، إعتذرت سوزان بصوت خافت وأسندت وجهها اليها وهي تشهق باحثة عن منديلها ، كانت العاصفة قد هدات فنظرت الى خالتها بسذاجة وقالت:
" آسفة".
قالت هارييت بمرح:
" لا تكوني سخيفة ، لست غاضبة وربما انت على حق فانا عانس بالفعل".
" كلا ، لست بعانس يا خالتي ، كل ما في الأمر انك تكرسين وقتك لعملك ، صديقاتي يقلن انك لبقة وثيابك دائما في غاية الأناقة ، أنت لا تشبهين أمي ، أقصد .... لم تبدي إهتماما بالزواج ولا بإنشاء عائلة، أليس كذلك ؟ ولكنني أعتقد انك عرفت عددا كبيرا من الرجال ....".
" إنك تظهرينني كإمراة قاسية انانية !".
كانت هارييت تبتسم وهي تجيب لتخفف اللم الذي احدثه كلام الفتاة ، لو علمت سوزان بالمرارة التي تشعر بها !
قالت سوزان:
" انا ايضا أود ان أكون مثلك ، لا أريد الزواج من أحد حتى اصبح في الثلاثين من عمري ، اريد ان تكون لدي مهنة".
إستدارت هارييت لتأخذ الأكواب الفارغة وتضعها على المجلى ، في الخارج اصبح السواد دامسا ، والحشرات التي يجذبها النور كانت تصطدم بزجاج النافذ الملطخ ، من فترة وجيزة كانت هارييت قد وضعت مكان الزجاج المكسور نوعا من الكرتون على النوافذ ، والان عندما رات الحشرات والبعوض تحاول ان تعبر الى داخل المنزل فرحت لما فعلت ، فهي لا تحب الحشرات على أنواعها.
سألتها سوزان وقد قررت ان تترك للغد إستيضاح هارييت حول بقائهما أو عدمه:
" أين سننام؟".
" هنا على ما أظن فالهواء في غرفة الجلوس يبدو رطبا ، وافضل أن تكون الحجرة نظيفة قبل أن نستعملها".
" حسنا".
إستعادت سوزان رباطة جأشها السابقة وأخذت تفرش أكياس النوم قرب النار ، وإستأذنت خالتها قائلة:
" هل بإمكاني تأجيل الحمام الى صباح غد ؟ إنني اشعر بالنعاس الشديد ".
" حسنا".
فقالت سوزان باسمة:
" لكنني سأذهب الى التواليت قبلك لتأكد انه خال من الحشرات التي تكرهين".
عندما عادت هارييت الى البيت سمعت نعيق بوم ، فكتمت ضحكة هستيرية كانت على وشك ان تخرج من اعماقها ، لماذا لم تتصور كيف يصبح المكان في الظلام ؟ وأقفلت الباب وهي تشعر بشيء من الإطمئنان.
ومع انها كانت منهوكة القوى ، إلا انها لم تستطع النوم جيدا لأن امورا كثيرة جالت بخاطرها ، ولا سيما القرار الذي ستتخذه في اليوم التالي ، اما سوزان فكانت تنعم بنوم هادىء عميق فحسدتها لأنها تستطيع ترك مشاكلها تحل نفسها بنفسها.
فكرت هارييت بالوضع الذي تعانيه ، ماذا ستفعل ، علما ان سوزان ستكون بغاية التعاسة إذا باعت البيت ، وكم سيستغرق إيجاد مكان آخر حتى لو توفر لها المال ؟ في كل حال ، لقد منحها تشارلز عطلة شهرين فقط كما على سوزان ان تعود الى المدرسة في شهر سبتمر / ايلول.
لا حل لها ألا البقاء هنا حتى لو لم تحب هذا التدبير ، إنها ثمانية اشهر فقط ، ومتى إستتب بهما المقام بطريقة مرضية ، فلا حاجة لهما لأن تريا أندريه لاروش ، فهما لا تدفعان إيجارا لتضطر الى رؤيته ، ولا شك أن زوجته ستسارع الى الإعتراض إذا بدأ يتردد عليهما بكثرة... هل هي غير واثقة من نفسها ومن مشاعرها الى حد الإستسلام الى فكرة الهرب الجبانة ؟ إن الماضي مات ، والألم الذي تحسه ناتج عن جرح قديم فتحته فجأة يد ثقيلة قاسية ، فكل جرح يتعرض للهواء قد يتأخر شفاؤه ، لكن ليس من شيء يقنعها بانها ستتخلى يوما عن إحساسها بالكره والإحتقار اتجاه الرجل الذي ايقظها بقسوة على حقائق الحياة.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 04:01 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- لماذا نام الحب؟

إستيقظت هارييت على صوت الماء الذي كانت سوزان تعبّئه في الأبريق ، وقد تمكنت من تحريك الجمر دون ان تحدث صوتا يزعج خالتها ، ثم أضافت بعض الأغصان اليابسة ، وبعض قطع الكرتون من بقايا العلب التي كانت تحتوي المأكولات ،ونجحت في إبقاء النار لتغلي الماء المطلوب للإفطار.منتديات ليلاس
تحركت هارييت في نومها ، واحست أنها مرتاحة برغم تشنّج ظهرها ، في الخارج ، كانت الطيور تغرّد ورائحة البراعم تفعم الجو بالعبير ، كل شيء أصبح أكثر إشراقا مما كان يبدو في الظلام ، مع ان أشعة الشمس التي تسللت عبر النوافذ الملطخة كانت تضيء عيوب الغرفة.
نامت هارييت بثيابها ، والان عندما خرجت من كيس النوم ، احست بالحرارة والعرق وتذكرت ما قالته عنها سوزان في الليلة الماضية بانها عانس ، هذا التشبيه بدا اصح في تلك اللحظة لأن منظرها يوحي بذلك .
سألتها سوزان وهي تضع الأبريق فوق النار:
" هل قضيت ليلة مريحة؟".
فلم تبح لها هارييت بانها لم تغمض عينيها قبل ساعات الفجر الأولى ، وسالتها بدورها:
" وانت؟".
ثم نهضت واخذت تطوي كيس النوم فأومأت سوزان بحماسة وقالت :
" نمت كقطعة خشب ، ربما بتأثير المناخ".
ثم ملأت صدرها بالهواء النقي وتابعت قائلة:
" اليس الصباح الريفي ساحرا؟".
لفت هارييت كيس النوم ووضعته على الطاولة وقالت متسائلة:
" اتظنين ان الجدول ضحل؟".
فردت سوزان بلهفة:
" جدولنا؟ لا أظنه عميقا إذا كان هذا ما تقصدين".
فعبست هارييت قائلة:
" هل بإمكاني أن اغتسل فيه ؟ أحس أنني متسخة ، وبحاجة الى حمام جيد قبل أن ابدّل ثيابي".
أجابت سوزان :
" سأذهب لأستطلع إذا أردت".
" كلا ، لا تتعبي نفسك ، سأذهب أنا ، هل اخرجنا المناشف من الحقيبة ليلة أمس؟".
فتحت هارييت الباب وخرجت الى الحديقة وهي تحمل الفرشاة ومعجون الأسنان والصابون والمنشفة ، كانت الحديقة الخلفية كالتي أمام البيت ، تعج بالأعشاب والشجيرات العالية ، وفيما هارييت تشق طريقها ، رأت حديقة حشائش تنبعث منها رائحة النعناع وأكليل الجبل.
كان الغدير صافيا سريع الجريان وخطر لها ان تذوق طعم الماء ثم عدلت عن الفكرة لأنها لا تريد أن تجازف ، خلعت حذاءها وغطست قدميها في الماء المثلج وهي تبتسم لأن برودة الماء دغدغت أصابعها ، في أسفل المجرى تجويف في الصخر تحوّل الى بركة ماء صغيرة ، وتمنت هارييت لو تستطيع تغطيس جسمها الدبق فيها ، لا باس بالأغتسال ، لكنه لا يشبه الإستحمام الكامل ، وبعد التأكد من خلاء المكان نزعت قميصها وبنطلونها ، وغطست في الجدول ، جلست على القاع الرملي ، فأخذ الماء ينساب من حولها وهي ترغي الصابون بلذة كالأطفال.
في شقتها بلندن حمام كبير وعصري يحتوي كل متطلبات الراحة ، ولذا نسيت مع الوقت كيف تستمتع بمباهج الحياة البسيطة ، حتى منزل والديها في ساري كان مزودا بجميع أسباب الراحة من تدفئة مركزية وآلات غسيل ، لكن جلوسها هنا جعلها تحس باللذة التي تفتقدها ، وبحركات رشيقة جففت جسمها بالمنشفة لتعيد اليه بعض الدفء ولبست بنطلونها وقميصها وركضت نحو البيت ، لم تبال بتزرير ثيابها لأنها كانت تزمع تبديلها في البيت ، ووصلته ملهوفة ومصممة على أن تخبر سوزان ما حدث ، رأت أندريه لاروش متكئا على المجلى ، يحادث سوزان وهي تضع الزبدة على الخبز المحمص ، إهتزت ولفّت نفسها بالمنشفة المبللة ، تساءلت بإنزعاج من اين أتى ، وإن كان قد شاهدها وهي تستحم في الغدير ، ربما خرير الماء منعها من سماع وقع خطاه ، لم تحتمل فكرة رؤيته لها وهي تاخذ حمامها المرتجل.
" صباح الخير".
إنتصب يحييها بتهذيب ، لكنها لحظت نظرته المتسائلة وضمّت المنشفة حولها.
هل في نبرة صوته سخرية مبطنة أم هي تصورتها فقط ؟ تجاهلت تحيته وقالت بجفاف:
" لقد بكرت في زيارتنا ، فالساعة بالكاد تناهز الثامنة".
اجابها بلطف:
" بعضنا لديه أعمال ، لو وجدتك نائمة لكان عليّ أن اعود ثانية".
" هل تريد بعض القهوة يا سيد لاروش؟".
سلب سؤال سوزان الفرصة من هارييت لتجيبه ، فدخل الصالون الصغير حيث الحقائب ، وفي لحظات إرتدت قميصا نظيفا وبنطلونا من القطن المخطط وإنتعلت حذاء ذا كعب عال ، وسرّت للطول الإضافي الذي منحها إياه ، فمع انها ممشوقة القامة ، إلا أن اندريه يطولها بعدة سنتيمترات ، وإذا إستطاعت تقليل فارق الطول يكون افضل.
لما عادت الى المطبخ وشعرها المسدل يبرق من الفرشاة ، أحست انها تستطيع التعامل معه بالرغم من انها لم تتبرج.
كانت سوزان قد احضرت القهوة وهي تقوم بسكبها وتقديمها الى الضيف ، إنتظرت هارييت بفارغ الصبر ان يطرح عليها السؤال الملح لديه ، لكنه لم يفعل ، لاحظ عودتها بحركة خفيفة من حاجبيه ن ثم أثنى على سوزان درايتها في الأمور المنزلية ، أشرق وجه سوزان نتيجة الثناء المقصود ، لكن هارييت صرّت على اسنانها بقوة وتعجّبت لأن أسنانها لم تتكسر !

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 04:03 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

قدّمت سوزان الى خالتها فنجانا من القهوة ، ورفضت قطعة الخبز متجاهلة الرجاء الذي ظهر في عيني إبنة اختها ، فرغم كل التعقل الذي حاولت إقناع نفسها به الليلة الماضية ، كان شيء يحثّها على إبلاغه انهما ستتركان البيت.
وعلّق لاروش فجأة :
" اخبرتني إبنة أختك أنك خبيرة بالسيراميك".
فرمقت سوزان بنظرة منزعجة واجابته:
" انت تعلم ان الأولاد يبالغون ".
تجاهلت تذمّر سوزان وتابعت قائلة:
" أتصور انك ترغب في معرفة قراري من ناحية البيت".
وضع اندريه فنجانه على الطاولة ، وكان اليوم يرتدي بنطلونا من الجينز يتهدل على وركيه وقميصا أخضر زيتيا يضفي على ملامحه نوعا من الشحوب ، عندما إستدار ليواجهها ، أحست أنه ينوي تاجيل سؤاله عن القرار الذي توصلت اليه فشعرت بإرادتها تضعف ... (يا الهي )، قالت لنفسها ، ( هل يريدني ان أبقى هنا؟ ).
" انت ذاهبة؟".
لم تكن هذه العبارة بمثابة سؤال بل كأنه يقرر واقعا ، تحوّل أنتباه هارييت لبرهة عندما سمعت سوزان تشهق معترضة ، ثم نظرت اليه وأنكرت التهمة بقولها:
" لم يكن لديّ متسع من الوقت لكي اجد بيتا آخر ولأدخل في مفاوضات البيع والشراء ، لكن بالطبع اتوقع منك أن تؤمن السريرين اللذين وعدت بهما ، والطباخ.
أجاب بالفرنسية:
" بالطبع".
كانت علامة قلّة إنتباه ان يجيب بلغته الخاصة ، واجبرت هارييت على تجاهل الإستفسار الصريح الذي بدا في عينيه ،كانت نصف غاضبة من نفسها لأنها قبلت البقاء وتميل الى لومه لهذا الوضع ، لم تستطع إقناع نفسها بأن لا علاقة له بهذه القصة ، وبتصرف صبياني أرادت ان تجعل منه كبش فداء ، ومن اجدر من اندريه لاروش ان يكون ذلك الكبش؟
سمعت وقع اقدام في الخارج ، ونظرت هارييت بتعجب الى ولد في الخامسة عشرة من العمر يقف على العتبة ، كان شابا وسيما طويل القامة ذا منكبين عريضين وشعر اسود وملامح رقيقة تدل على ذكاء ، وقف رافعا يديه ليسند نفسه على حاجب الباب ، وإرتعشت عيناه بإهتمام عندما رأى الفتاتين ثم إنفرجت أسارير وجهه بإبتسامة لما وقع بصره على الرجل.
وقال له الشاب بإرتياح:
" أنت هنا ؟ كنت ابحث عنك".
علمت هارييت على الفور من هو ، فالشبه كان واضحا ، إذ ورث الشاب عيني ابيه ، لم يكن مرتبكا وهو يقف هناك والفضول يعمق نظراته .
قلّص اندريه عضلات كتفيه قبل أن ينظر صوب الشاب ، ثم قال له بالإنكليزية:
لا نملك هذا البيت بعد اليوم يا بول ، وكان بإستطاعة لويز ان تقول لك أين أنا".
لويز ، هل هذا إسم زوجته؟ توقفت هارييت عن التنفس ، هل من المعقول ان ينادي زوجته بإسمها أمام الشاب؟
وهتف الزائر مندهشا:
" ماذا؟".
قابل عيني أندريه بتحد ودارت بينهما معركة بصرية صامتة ، ثم نظر الى وجه سوزان الذي تورد فجأة ثم حوّله الى هارييت وقال:
" عذرا أيتها الانستان".
بدا غير مقتنع بما يقول ، وسمعت هارييت صوت تنفس أندريه الغاضب ، وقال:
" هذا إبني بول".
لم يكن بحاجة الى التعريف عن إبنه لأن الشبه بينهما واضح ، لكن هارييت ردت قائلة:
" صباح الخير يا بول".
تأملها الشاب بإهتمام وعلّق بتمهل:
" انت الآنسة أنغرام أليس كذلك؟".
وإندهشت هارييت للسهولة التي نقل بها حديثه من الفرنسية الى الأنكليزية ".
ثم اضاف:
" قال لنا والدي انك أشتريت هذا المكان بدون أن تعاينيه".
وخطا الى الأمام متجاهلا نظرات أندريه الممتعضة وتابع يسالها:
" هل قررت البقاء في روشفورت؟".
قطبت هارييت حاجبيها عند سماع إسم روشفورت ، وإستوضحته قائلة:
" أتقصد روشلاك؟".
نظر بول بسخرية الى والده ، وهزكتفيه قائلا:
" ربما ، في كل حال ، هل ستبقين هنا؟".
أجاب والده:
" هذا الأمر ليس من إختصاصك".
فإعترض بول قائلا ببراءة:
" ربما إستطعت مساعدتكما".
لكن هارييت لاحظت ان والده لم ينخدع بكلامه وشاطرته الراي ثم إستدارت قائلة:
" لا تجعلنا نؤخرك عن اعمالك".
" حسنا".
ونظر أندريه الى إبنه بعصبية ثم قال لهارييت :
" سأرسل الأثاث المطلوب في وقت لاحق من النهار".
" شكرا".
تحركت شفتا هارييت بنوع من الأبتسامة المهذبة المجردة من الدفء ، وحوّل بول طرفه بين الآنستين لكن ذراع ابيه قادته نحو الباب وقال أندريه وهما يخرجان:
" إذا واجهتكما أية صعوبة أخرى فأرجو منكما الأتصال بي".
لم تدرك هارييت إلا بعد مغادرتهما أنها لا تعرف أين يسكن اندريه ، وركضت سوزان وإحتضنت خالتها قائلة بلهفة:
" شكرا ، شكرا".
لكن هارييت لم تكن صافية المزاج لتقدر عفوية رد فعل سوزان ، واجابتها بإختصار:
" لا تشكريني ، علينا أن نعمل كالعبيد قبل أن نبدأ بلتمتع بهذه الإجازة".
على الأقل ، العمل الشاق سيبعد طيف أندريه لاروش عن مخيلتها.
إستعانت بمخل ومطرقة لفتح نوافذ الطابق العلوي ، مع العلم أن محاولة إقفالها ثانية ربما تصبح مستحيلة ، طلبت الى سوزان ان تنظف أرضية غرفة النوم ثم نقلت كل محتويات المطبخ الى الخارج وبدأت بتنظيف الجدران والخزائن ، كان عليها ان تؤجل تنظيف قاعة الجلوس ، وفي أي حال لن تقضيا وقتا طويلا في تلك الغرفة.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 04:06 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

في الخارج وجدت كشكا صغيرا قرب بيت الخلاء يحتوي بعض أدوات الزراعة البدائية ، أخذت منجلا ثقيلا ، ثم طوحته ببراعة في الهواء ، فرات بدهشة رؤوس زهرات دوار الشمس تقع امام قدميها.
كان المنجل حادا أكثر مما تصورت ، فنظرت الى الحديقة المغمورة بالأعشاب البرية ، وقالت لنفسها أن دور كل هذا يأتي لاحقا.
منتديات ليلاس
عادت الى المطبخ حيث الجو حار والنار لا تزال متقدة ، فلم تجرؤ على إطفائها قبل ان يرسل لها الطباخ ، منذ الأمس لم تتناولا وجبة ساخنة ، فقررت أن تحضر بعض البيض واللحم المقدد على النار إذا إضطرت لذلك، لم ترغب في وضع المقلاة المطلية بمانع ضد الالتصاق على الموقد ، لكنها مجبرة على ذلك لأن سوزان بحاجة الى وجبة أفضل من الخبز والجبن .
عندما ناهزت الساعة الحادية عشرة بدا منظر المطبخ مقبولا ، مع أنه يحتاج الى طبقة من الطلاء ، إلا أنه أصبح نظيفا على الأقل.
في هذه الأثناء كانت سوزان قد نظفت غرفة النوم ، فتعاونتا على سحب الفراش الى الحديقة ، ثم فككتا السرير وأخرجتا قطعه ايضا.
صوت سيارة في الخارج جذبهما الى النافذة ، وعندما رأت هارييت الشاحنة الصغيرة محمّلة بالأثاث أحست بإرتياح ، كان البيت قد إكتسب رونقا ، والشيء الوحيد الذي يزعج هارييت هو وجود اندريه بالجوار ، عرّف سائق الشاحنة بنفسه فقال ان إسمه برتراند مادوك ، كان قصير القامة ثقيل البنية رمادي الشعر وله عينان صغيرتان بنيتان تشبهان الأزرار. عندما رأته هارييت خيل اليها أنه لن يستطيع حمل السرير الى الطابق العلوي ، لكنها سرعان ما غيّرت رايها لأنه بدا شديد العزم وبسهولة متناهية إستطاع ان ينقل السرير والمغسلة.
وهتفت سوزان متأففة:
" لقد إنتهيت توي من تنظيف الغرفة !".
لكن براتراند إكتفى بهز راسه وقال يطمئنها:
"لحظة يا آنسة ".
فإمتثلت سوزان ، ووقفت تنظر اليه.
لم يرسل أندريه سريرين وطباخا فقط ، إذ حوت الأغراض خزانة صغيرة (وتواليت )قديمة قيّمة ومزخرفة ببراعة ، ومقعدين من القطيفة الحمراء ، واريكة باهتة اللون ، ومكتبا من القرن التاسع عشر ، طلبت هارييت من برتراندان يضع الخزانة الصغيرة في المطبخ لأنها تصلح للأطباق والأواني ... ليتها نظّفت قاعة الجلوس قبل أن تصل الأغراض.
ضايق هارييت ان تشعر بالإمتنان نحو اندريه ، إنما بدون شك كان لطفا منه إرسال هذا الأثاث ، هل إستخدم هذه الطريقة ليجعلها مدينة له ؟ لكن لماذا تفكر هكذا وقد دفعت مبلغا مناسبا ومن حقها أن تحصل على تلك الأشياء ؟ وتساءلت من أين أتى بكل هذا ، لو أنه أشترى اثاثا عصريا جديدا لكلّفه أقل ، ما لم يكن حصل على هذه القطع من أحد القصور المتداعية .... ليست هذه المرة الأولى التي تساءلت فيها عما كان يفعل في قاعة المزاد في سان جرمان حين رأته قبل ثماني سنوات ، وفجأة ادركت لماذا بدا إسم روشلاك في حينه مالوفا ، فبعض الأغراض التي عرضت للبيع آنذاك كان من قصر روشلاك ، طبعا ! لماذا لم تتذكر هذا من قبل ! إذن من هو أندريه ؟ وكيل عند العائلات الأرستقراطية التي لحقها الفقر مع الزمن؟
أنهى برتراند عمله في غضون ساعة تقريبا ، ورفض أن يتناول الشراب ، ثم صعد الى سيارته فإضطرت هارييت الى اللحاق به ركضا قبل ان يقفل باب السيارة وقالت:
" ارجوك ان تشكر السيد لاروش بالنيابة عني".
فرد مبتسما:
" لا شك انك تستطيعين شكره بنفسك".
ثم رجع بالسيارة الى خلف ومضى.
عادت هارييت الى البيت وهي تفكر في كلماته ، لقد بدا واثقا مما يقول ، هل الكل يعرف ان أندريه يتردد على البيت ؟ الم يعترض أحد؟ قررت بحزم أنها لا ترغب في أن تتكرر هذه الزيارات ، وواجهت بهجة سوزان بوجه مكفهر.
لم تستطع إظهار عدم اللامبالاة لوقت طويل ، فالطباخ الذي أرسله اليها كان جديدا ويعمل على الغاز ومزودا بفرن ، الخزانة اصبحت أجمل الان وهي مزينة بصحون على رفوفها ، وحتى الشمس إستطاعت الآن إرسال اشعتها من خلال النوافذ النظيفة.
حملت هارييت حقائبهما الى الطابق العلوي ، وإنصرفت الى توضيب السريرين ، ثم فردت عليهما غطاءين جميلين فبدت الغرفة أكثر إشراقا .
إنتهت سوزان بسرعة من توضيب الثياب ، الفساتين والتنانير والبنطلونات معلقة بترتيب في الخزانة ، والملابس الداخلية وضعت في الأدراج.
التفتت سوزان الى خالتها وهتفت بسرور:
" الا يبدو كل شيء جميلا ؟ ألست سعيدة ببقائك هنا؟".
فاحاطتها هارييت بذراعها وإعترفت قائلة:
" كنت على حق بان هذا المكان قابل للتحسين".
بعد تناول وجبة الغداء ، كان الجو حارا للقيام بأي عمل ، إرتدت سوزان لباس السباحة ونزلت الى الغدير ، ثم إستلقت على حصيرة غير مبالية بالنمل.
حملت هارييت كرسيا هزازا الى الخارج ، وأخذت تكتب اسماء الأغراض التي إعتقدت انهما بحاج اليها ، لكنها احست أن هذا العمل البسيط مرهق ، فوقع القلم من يدها وإسترخت على المقعد ، كان الهواء ساكنا لا يداعب أوراق الأشجار ، ولم يعكر الهدوء سوى تغريد العصافير وأصوات الحشرات وخرير الجدول الناعم.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 04:07 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تحولت افكارها نحو أندريه لاروش لعدم إنشغالها بشيء ، والى الصدفة الطريفة التي جعلته هو مالك البيت الذي إشترته ، ربما لحسن الحظ لم تستقص عنه معلومات أكثر لأنها لو عرفت المزيد لما حضرت الى هنا.
وبالرغم منها عادت بها الذكريات الى المرة الأولى حيث إلتقت هذا الرجل الذي لعب دورا مخربا في حياتها...منذ ثماني سنوات كانت في الثامنة عشرة من عمرها وفي اول رحلة لها بصحبة تشارلز هوكني الى باريس ، كانت يومذاك في غاية السرور عندما اتيح لها لمس المعروضات التي قرأت عنها فقط ، وزيارتهما المتعددة لقاعات العرض فاجأتها بثروة من الجمال والحرفية المتقنة ، ربما في تلك اللحظات أصبحت تهوى البورسلين .... عندما حملت في يدها تمثالا رائعا وتعلمت ان تميز ماركة الدوق دي فيلوروا مؤسس المصنع ، أم انها مع مرور الزمن ، تتذكر كل تلك التفاصيل وتعطيها وزنا أكثر مما تستحق؟
مهما كانت الحقيقة ، تذكر حتى الان كيف وقفت بجانب تشارلز في مؤخرة قاعة المزاد الواقعة في ساحة سان جرمان ، وهي تراقب منادي المزاد العلني يقوم بعمله ، أحست فجأة ان هناك من يراقبها ، ومع ان تشارلز حسبها مستغرقة بالمزاد ، فقد إستدارت ونظرت الى رجل واقف في الناحية الأخرى من الغرفة يحدق اليها بإهتمام ، كان أطول من معظم الرجال في اقاعة ، أسمر البشرة ونحيلا ، تقاسيم وجهه غير منتظمة لكنها اكثر جاذبية من التقاطيع الوسيمة عينان غائرتان ، خدان عاليان ، أنف بارز وفم به نوع من الألتواء القاسي ، تذكرت أنه كان يرتدي بزة من المخمل الكحلي وقميصا من الحرير ، لم تلتق هارييت من قبل أحدا يشبهه ، اما الطريقة التي كان ينظر بها اليها ، فجعلتها تحس بالضعف والخوف الداخلي ، لم يكن مثل الشبان الذين عرفتهم ، ولا مثل تشارلز الذي كان بدينا ، قصير النظر واصلع ، ايقنت أن هذا الرجل في الثلاثينات ، أس أصغر من تشارلز بعشرين سنة ، وواثق من إعجاب النساء به ، أحست بالذعر عندما اثار مناسبة ليتكلم الى تشارلز .... وبالتالي اليها ، لكنها أدركت الآن أن لم يكن داع للخوف في حينه ، كان رائعا وجذابا ومن السهل التحدث اليه، سالها عن عملها وعن طموحاتها وكم من الوقت ستبقى في باريس ، جعلها تشعر أنها شخص مميز ، وعندما غادرت قاعة المزاد كانت تحس بنشوة دامت حتى اعادها تشارلز الى الواقع ، في اليوم التالي أتصل بها هاتفيا فنسيت توصيات تشارلز وقبلت تناول العشاء معه تلك الليلة ، لم يوافق تشارلز لكنه لم يستطع منعها ، وحتى لو فعل لكانت تجاهلته ، إصطحبها أندريه الى مطعم في مونمارتر.
منتديات ليلاس
أوصلها الى فندقها رأسا ، وخجلت من نفسها عندما أحست بخيبة وهو يقبل يدا متمنيا لها ليلة سعيدة.
ووبّخها تشارلز قائلا:
" هل فقدت عقلك؟" لو عرف أهلك بهذا التصرف فما عساهم يقولون؟".
فأجابته بحزم وإحترام:
" إنني في الثامنة عشرة من العمر يا سيد هوكني وأهلي لم يتدخلوا ابدا في إختياري لأصحابي".
كتمت عنه ان والديها يعرفان جميع اصحابها عبر أهلهم أو شقيقاتها الأكبر سنا ، ومن جهة ثانية لم تشعر ابدا بالنشوة التي أحستها مع اندريه وكانت غبية عندما إعتقدت أنها تسيطر على الموقف ، مخاوف تشارلز كانت في غير مكانها لأنها بعد تلك الليلة لم تر اندريه ثانية إلا بعد عدة أسابيع ، عادت بصحبة تشارلز الى لندن ، وبالرغم من الأحساس بالفراغ كلما تذكرت باريس إستطاعت أن تتحمل متاعب الحياة ، في هذه الأيام كانت تقيم مع والديها في غيلفورد وتذهب كل يوم الى لندن ، هذا يعني السرعة في الصباح والهرولة في المساء ، لكن والدتها تحبذ هذا التدبير وهارييت لا تمانع ، كانت تلتقي بعض الناس في عملها إلا ان جميع أصدقائها يقيمون في غليفورد ، ولو لم تتواجد هناك لحرمت من الحفلات الراقصة والإجتماعات التي تذهب اليها مع الأصدقاء .
كانت وحدها في المخزن ذات يوم حين دخل اندريه ، وقد فقدت الأمل بمشاهدته ثانية واصبحت مقتنعة بأن ما قاله تشارلز صحيح ، وهو ان أندريه يتلاعب بعواطفها وانها محظوظة لأن القصة انتهت دون أن تخلف جراحا.
مجيئه المفاجىء اربكها ، وبدا متغيرا كأنه كبر سنا او فقد شيئا من وزنه ، حيّاها وكانه فقد أيضا شيئا من جاذبيته التي عهدتها ، والشيء الوحيد الذي لم يتغير عينيه اللتين قالتا لها إنك متعة للنظر ، وسالته لعجزها عن قول شيء آخر:
" ماذا تفعل في لندن؟".
لكنه تجاوزها الى داخل المخزن فلحقت به الى الغرفة الخلفية.
تشارلز لم يكن يسكن فوق المتجر ، بل في مزل مريح في سانت جونز وود وهذه الغرفة كانت مخصصة لأستضافة الزبائن ، وعلّق اندريه قائلا:
" رب العمل ليس هنا ، رأيته وهو يغادر المكان".
ثم نظر اليها سائلا:
" قولي لي ، هل أردت لقائي ثانية؟".
عندما عاد تشارلز الى المخزن كان الباب مقفلا والستائر مسدلة وإضطر الى أن يحدث ضجيجا لوقت طويل قبل أن تاتي هارييت لتفتح له ،شعر انه قطع عليهما خلوتهما ، وتساءلت هارييت كيف لم يطردها من العمل ، لكنه جلس يرشف القهوة ويتحادث مع اندريه ، بينما أخذت هي توضب الأمور ، لم تفهم كيف إستطاع اندريه أن يبقى هادئا بعد كل ما حصل إلا أنها لاحظت إرتجاف يده وهو يرفع فنجان القهوة ، لاحظت كذلك أنه ليس مرتاحا كما يبدو ، تصرفها افزعها إذ لم تتصور أنها تستطيع التصرف بهذا الطيش دون أن تحس بتأنيب الضمير ، كيف سمحت لأندريه ان يغازلها؟ هذه أول مرة تتصرف فيها على هذا النحو مع رجل ، ولو لم يعد تشارلز في الوقت المناسب لكانت فعلت كل ما طلبه منها أندريه ، إعترفت لنفسها بهذا لأنها تعودت أن تكون صريحة مع ذاتها ، كانت غير مرتاحة لما حدث وكأنها وجدت شخصية أخرى بداخلها لم تعرفها بعد ، اهي كالفتيات اللواتي قرأت عنهن ، يلقين بأنفسهن في حضن أي رجل ؟ لكنها توغلت في الماضي وأيقنت ان الحياة ربما سهلت عليها لو كانت مثل هؤلاء النساء.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مرة في العمر, anne mather, آن ميثر, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير القديمة, the devil in velvet, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:00 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية