لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-11, 12:35 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

/2 /











المملكة العربية السعودية

الرياض

مستشفى الـ ******** الحكومي

الطابق التاسع / قسم العنايا المركزة

9:17 صباحاً





تفتح عينيها بصعوبة في محاولة يائسة للبقاء في حالة الاستيقاظ .. لكن جفنيها يعودان وبقوة لحجب الرؤيا عن عينين عانت من الدموع والسهر الكثير .. رفعت يدها اليمنى ودلكت جبينها بطرف اصابعها .. وعادت لتفتح عينيها بكسل .. نهضت وتقدمت من اخيها الذي توسد ذلك الفراش الابيض .. وكثير من الاسلاك تربط جسده الهامد بجهاز يقيس سرعة نبضات القلب وشدة التنفس .. وهناك انبوبان احدهما يدخل فمه والاخر يتصل بأنفه .. يتم استخدام احدهما لغرض التنفس الصناعي الذي يجبر جسدً لا حول له ولا قوة على البقاء على قيد الحياة قدر الامكان .. والاخر يُستخدم لغرض ادخال بعض السوائل كـ - تغذية واجبة – وكذلك الكثير من الادوية الى معدته الخاوية .. تخللت اصابعها شعره الكث .. وهي تهمس ببعض الادعية والاذكار .. فأذا كان علاجه مستحيلا لأطباء هذا المشفى .. سيكون شيئاً يسيراً بيد خالقهم .. انحنت وقبّلت جبينه .. وهمست بالقرب من أُذنيه : محمد .. حبيبي .. ارجع لنا .. حنا نبيك .. لا تروح ..

عادت للجلوس بقربه .. فهي المرافقة له منذ الامس .. وحتى الان .. تنتظر والدتها بعد ساعة أو اقل لتأتي وتحل محلها .. وتعود هي الى المنزل للبقاء بجانب الصغيرتان .. اعتادت على هذا النظام منذ دخول * محمد * الى المشفى .. هي ووالدتها تتناوبان للبقاء بجانبه .. فعسى ان يستعيد وعيه في احد الايام .. لا تريده ان يستيقظ وهو لوحده في هذه الغرفة الكئيبة .. يجب ان يكون هناك احد بجانبه .. لديها أمل كبير بأنه سيستيقظ .. يجب ان يستعيد وعيه .. تشعر بأنها ستموت لمجرد التفكير برحيله عن هذه الدنيا .. لا تريد ان تفقده .. لا تـــــــريد ذلك إطلاقاً ..



- انتي مرافقة المريض محمد سلطان ...؟؟؟



ازدردت ريقها برعب .. وهي ترى الخمسة رجال الواقفين امامها .. احدهما يرتدي ملابس تقليدية – ثوب وشماغ - .. واثنان يرتدون زي الشرطة .. والطبيب المشرف على حالة اخيها .. مع احد الممرضين .. على الرغم من انها اعتادت على البقاء لوحدها بجانب اخيها الا انها لم تعتاد على الحديث مع الطبيب .. فكيف بها ان ترد على هؤلاء الخمسة الان ؟؟.. نظرت لهم بعيون تائهة .. لا تعرف ماذا يُفترض بها ان تفعل الان .. بالتأكيد انهم هنا للتحقيق بشأن المجرم الذي قام بالاعتداء على * محمد * .. أتاها صوت الرجل الذي يرتدي الملابس التقليدية .. وهو يتحدث بنفاذ صبر ..



- اختي .. ايش يقربلك محمد سلطان .. ؟؟



بدأت تتكلم بنبرة خافتة .. وتتمتم بكلمات متقطعة من شدة الخوف .. وعبراتها قد بدأت تتدافع .. ليتهدج صوتها بضعف .. : آآنــ .. آآآآ .. آآآنــــــــا .. آآآآ ..



- تفضـــل أخــــــــــوي .. أنــــــا مرافق المريض .. ايــــش بغيـــت .. ؟؟؟؟



التفتوا جميعاً نحو صاحب الصوت .. الذي تقدم نحوهم .. إجتازهم .. ووقف كحاجز بينهم وبينها بهدوء ..



- حنا بغينا نسأل اهل المجني عليه كم سؤال عشان سير التحقيق .. يا ريت لو نتكلم مع الاخت – يشير بيده خلف الرجل الذي دخل قبل قليل – على انفراد .. لو سمحت ..



نظر له بعينين جامدتين .. لثواني .. ثم التفت نحو تلك المرتجفة .. وهو يقول بصوت منخفض : اطلعي انتظريني برآ .. في الممر ..



حركت رأسها بعلامة الأيجاب .. وتحركت بسرعة نسبية هرباً منهم .. بعد ان فسحوا لها المجال للسير .. خرجت شبه راكضة .. مبتعدة عن تلك الغرفة المشؤومة عدة خطوات .. ووقفت في الممر الذي يقطعه الكثير من الاطباء والممرضين والمرافقين ذهاباً وإياباً .. استندت بجسدها على الحائط .. وادخلت يديها من تحت النقاب لتمسح دموعاً انهكت وجنتيها طوال هذه الفترة .. على الرغم من انها تشهق من شدة البكاء .. الا ان سعادتها لا توصف بقدوم ذلك الرجل الان وفي هذا الوقت بالذات .. لو بقيت لوحدها معهم لفقدت وعيها من شدة الخوف .. لكن تدخله انقذها .. انها تشعر بالامان لمجرد معرفتها بوجوده بنفس الطابق معها .. فمنذ اليوم الذي تلا تلك الليلة التعيسة التي علمت فيها بإصابة * محمد * كان هذا الرجل يأتي بصورة شبه مستمرة للإطمئنان عليهم .. وكل ما تعرفه عنه .. انه صديق * محمد * ويُطلق عليه اسم * عبدالله * .. انتظرت دقيقتين او ربما اكثر .. ثم التفتت نحو باب الغرفة التي تحوي اولئك الرجال .. وعادت تمشي نحوها بهدوء مرة اخرى .. تريد ان تعرف على الاقل ماذا سيقال بشأن حالة اخيها .. وقفت بجانب باب الغرفة وهي تسترق السمع لكلامهم ..



صوت الرجل الذي كلمها اولاً : أخوي لو سمحت .. ساعدنا عشان نقدر نحل القضية ونعرف هوية الجاني .. يكفينا القضايا المركونة فمركز الشرطة .. انت ما سهّلت علينــ ..



قاطعه ذلك الـ * عبدالله * بنبرة غاضبة .. : انا قلت لك .. محمد ما عنده أي عداوة .. ومع أي شخص .. ايش يعني تبيني اتبلى على الناس .. واقولك اشك في فلان وفلان ؟؟؟ .. محمد انسان عايش في حاله .. وبعدين انت شفت السلاح اللي استخدمه الجاني .. كااااانت قارورة خمر .. يعني الجاااني كان سكراااان .. وما يدري ايش يسوي .. ليه حكمت ان الجاني يعرف محمد وعنده عداوة معاه ؟؟؟



قال الطبيب المشرف على حالة * محمد * .. : اخوي انت في مستشفى .. ارجوك قصر صوتك ..



بعد عدة ثواني عاد صوت الرجل الاول : انا احتاج اني أكلم البنت اللي كانت هنا قبل شوي ..



ارتفع صوت * عبد الله * مرة اخرى : استغفر الله واتوب اليه .. ياخي يكفيهم اللي فيهم .. هم خايفين على ولدهم .. وانت تبي تزيد الطين بلة .. ايش هذا ؟؟ .. لا قام محمد بالسلامة .. تعال وبنشيلك فعيوننا .. حتى لو تبي انا اروح معك .. وامسك المجرم .. وهذا اخر كلام .. راعي ظروف الناس .. !!!



حاولت ان تستمع لما يُقال بعد ذلك .. لكنها عجزت .. يبدو انهم يتحدثون بصوت منخفض .. لم تلبث الا ثواني معدودة حتى خرج الرجلان ذوي الملابس العسكرية .. وبعدها خرج ذلك اللحوح .. رجعت الى الخلف عدة خطوات خوفاً منهم .. لكنهم تخطوها .. وتوجهوا نحو – المصعد - ..



- احـــــــم .. نجــــــــود ..



التفتت بسرعة نحو عبدالله .. وهي تقول بصوت مخنوق : مشكور اخوي .. الله يجزاك الف خير ..



قال بهدوء .. : واجبي .. – سكت لثواني قليلة ثم اردف قائلاً – آنــــا اتفقت مع دكتور في مستشفى خاص عشان حالة محمد .. ووافق انه يستقبله .. وان شالله اكلـم الدكتور هنا عشان ننقله اليــ ..



قاطعته بذهول وقوة .. رغم تعبها الواضح .. : أيــــــــــش .. ومن قال حنا نبي ننقله ؟؟؟ ..



قال والهدوء ما زال يقود نبرة صوته : مو مهم من قال .. المهم محمد وصحته .. اليوم بيكمل عشر ايام في المستشفى .. وحالته من سئ لأسوء .. ما في اي تحسن ..



قالت بعناد .. وعزة نفس .. : امس قال الدكتور في تحسن .. ولو كان بسيط .. بــ .. بس في تحسن ..



اطلق ضحكة قصيرة مستهزءة : في تحسن .. اممممممم .. سبحان الله .. والحين يقول للضابط ان الفطر الموجود في جمجمته صعب يلتئم .. وحتى لو التئم .. لازم ننتظر كثير عشان يصحى ..



ارتفع صوت شهقاتها .. وبدأت تبكي .. انها تعلم ان احتمال تحسنه قد يكون مستحيلاً .. لكن الامل الذي رسمته ما زال موجوداً .. وهي متشبثة به بقوة .. لم ترغب بسماع خبر سوء حالة اخيها بهذه الطريقة المزعجة .. ارتفع صوتها بغضب .. : بيتحسن .. وبيقوم ان شالله .. وبدون المستشفى الخاص تبعك .. – عادت لتقول بقوة – بدوون صدقاتك .. حنا ما نبغي شفقة منك .. رووح الله معك .. حنا مبحاجتك ..



من هي لترفع صوتها عليه ؟.. من تكــــون ؟ .. على الرغم من انه حاول جاهداً لكتم غضبه .. الا انها اشعلت نيران في داخله .. صرخ بصوت هز اركان جوارحها .. قبل ان يهز اركان المشفى .. : رخــي صـــــــــوتك .. ولا واللي خلقـــــــك اعيد تربيتــــــك من جديـــــد .. – ثم عاد ليقول بنبرة اهدئ من ذي قبل – انــا أصلاً ايــــــــــش اللي يخليني اكلم بـــزر مثــــلك .. لما تجي امك انا اتفاهم معها ..



ثم ابتعد ماشياً نحو المصعد امام انظار الكثير من الناس المستنكرين لتصرفه .. وتصرفها .. اما هي فإنحنت لتجلس على الارض وهي تبكي وتشهق بأسم * محمد * .. : مـــحمد .. انا ابيـــــك ..







******








المملكة العربية السعودية

الرياض

شركة العالي

11:15 صباحاً








يجلس على المقعد الفاخر بهدوء .. وهو مستند بكوعيه على حافة المكتب .. مُسنداً رأسه على باطن كفيه .. تحوم حوله هالة من الحزن المكبوت .. لقد امضى العشر ايام الماضية بهذه الحالة .. لم يهنئ بنوم مريح .. ولم يقوى على تناول الطعام بشهية كما اعتاد .. ولم يمضي عليه يوم هادئ لا يعكر صفوه المشاكل اللامتناهية مع هنادي .. رغم انها لم .. ولن تخطئ في حقه .. إلا انه بحاجة ليصرخ عليها .. ويخرج ولو جزءاً بسيطاً من الوجع المستوطن في قلبه .. لقد أخطأ في الماضي كثيراً .. وربما هذا عقابه على ما فعل .. ربمـــــــا ؟ .. بل أكيـــــــــــد .. انه يُعاقب على ما فعله بتلك المسكينة في الماضي .. هذا جزاءه .. لكن .. ربما كل ما قيل في تلك الليلة كان كذباً مُلفقاً .. ربما ذلك المعتوه يريده ان يمضي عدة ايام بهذا التشتت .. لكنه ليس بصيد يسهل الايقاع به .. كيف استطاع ان يفكر بموضوع من المرجح ان يكون كذباً .. يشعر بأنه على شفا حفرة من الجنون .. رفع رأسه وهو يرى اخيه * عبدالرحمن * الذي كان قد دخل الى غرفة مكتبه قبل قليل ..



- السلام عليكم ..



ارجع ظهره الى الخلف وهو يرد السلام على اخيه : وعليكم السلام ..



تقدم * عبد الرحمن * ووضع مجموعة من الاوراق الخاصة بأسهم الشركة أمامه .. ثم جلس على مقعد قريب وهو يقول : عبدالعزيز ياخوي .. ايش فيك .. ؟؟ مانت على بعضك طول الفترة اللي مرت ..



تنهد عبد العزيز بصوت مسموع .. وأغمض عينيه بتعب .. وهو يمسح وجهه بباطن كفيه .. دون ان يقول أي شئ .. فرغم انه جبلاً قوياً لا تهزه الرياح العاتية .. يشعر بأنه سيبكي أن نطق بكلمة واحدة .. فالهم الذي يحمله على عاتقه .. اصبح ثقيلاً جداً ..



حينما لم يجد رداً من * عبد العزيز * .. قال مرة أُخرى .. : كل هذا عشانك خسرت صفقة بكم مليون وفـــاروق هو اللي اخذها لصالحه؟؟؟ ..



رفع بصره بهدوء نحو اخيه .. وهو يشعر بالمرارة التي حلت على حياته .. " كم مليون ؟ " .. انه مستعد ان يتنازل عن حياته .. من اجل ان يُزاح هذا الهم عن عاتقه .. واخوه يقول " كم مليون " .. هو مستعد ان يخسر كل أراضيه .. وكل شركاته .. وكل امواله .. من اجل ان يعلم ما إذا هذه الدوامة المحيطة به مبنية على حقائق أم لا .. طوال هذه العشر ايام .. كان هو ما بين مــــد و جــزر .. رُبـــــــــاه .. كم هذا مُتعب ..



قال عبد الرحمن بنفاذ صبر .. : عبدالعزيز .. لما تحس أنك تبي تشكي لشخص عن مشاكلك .. أخوك موجود .. طيب ؟؟ ..



ازدرد ريقه وهو يرى اخاه الكبير يسير نحو الباب .. نظر الى ملف اصفر اللون امامه .. ثم عاد للنظر لأخيه .. : عبـــــــــــــد الرحمـــــــــن ..



التفت عبد الرحمن نحو اخيه الواقف و الذي اصبح كسيراً خلال فترة لا تقل عن الاسبوع .. وهو يراه يحمل بيديه ملفاً اصفر اللون .. عاد بخطوات ثابتة .. وأخذه .. ثم جلس في نفس المكان الذي كان جالساً به قبل دقائق .. رفع رأسه لـ * عبد العزيز * .. رآه يجلس بنفس الوضعية التي كان يجلس بها حينما دخل عليه قبل قليل .. فتح الملف وبدأ يتصفح أوراقه .. وعينيه تجحظ بذهول .. نظر لـ * عبد العزيز * بقوة وهو يقول بتوتر واضح .. : ايــــــــش هذا يا عبد العزيز .. ؟؟؟



اجابه ذلك المنهك .. : مدري ياخوي .. مدري ..



قال عبد الرحمن بقوة : انت تعرف لو كان الكلام المكتوب صحيح .. ايش يعني ؟؟؟ - نظر له عبد العزيز بعينين تائهتين - .. رد علي ..



قال الاخر بنبرة هادئة .. بعيدة عن نبرته – الغاضبة – المُعتادة .. : عبد الرحمن .. انا الحين تعبــــان .. تعبــــــان لدرجة اني ما ابي اسمع أي كلمة منك .. او من غيرك .. وانا ما قلت لك عن الموضوع عشان تأنبني على شي انا مدري عنه .. انا قلت لك عشانك اخوي الكبير .. واللي بيسندني لا وقعت ..



زفر عبد الرحمن بغضب .. وهو يسأل .. : مين عطاك الملف هذا ؟؟ ..



عبد العزيز .. بضيق .. : عـــــــادل ..



صرخ عبد الرحمن بانفعال .. : عـــــــــــــــادل ما غيره ..



قال عبد العزيز .. : إتصل فيني .. ورحت شفته في المستشفى قبل اكثر من اسبوع ..



عبد الرحمن بصدمة .. : في المستشفى ؟؟ .. يعني مريض ؟؟ ..



قال عبد العزيز ببرود .. : ايه .. يُقال انه في ايامه الاخيرة ..



نهض عبد الرحمن وهو يتقدم من مكتب اخيه : لا حول ولا قوة الا بالله ..



اكتفى عبد العزيز بالسكوت لثواني .. ثم قال وهو يجبر نفسه على تصديق الكذبة التي قالها .. : بـــــس أنا ماني مصدقه ..



يعلم انه يكذب .. لكنه سيجاريه بكذبته .. : وليــــــه ؟؟؟ .. لو قريت التاريخ المكتوب فالاوراق .. والاسم .. بتبصم ان الموضوع صحيح .. وما فيه اي مجال للكذب ..



عبد العزيز .. بشئ من الامل .. : أنـــــا ما صدقته .. عشـــانــ .. – سكت لثواني ثم قال - .. لأني اعتقد انه يبيني أتعذب .. يبي ينتقم مني عشان نجلا ..



عبد الرحمن .. وهو يفكر بهدوء : طيب ولو فرضنا إنه يكذب .. تتوقعه بيكذب وهو على فراش الموت ؟؟ ..



نظر عبد العزيز لأخيه بخوف .. لكن * عبدالرحمن * أكمل حديثه وتحليله للأمر .. : وانت تقول انه يبي ينتقم منك .. برأيك ان اللي سواه من البداية للحين ما يُعتبر انتقام ؟؟؟ .. – وحينما لم يجد رداً من ذلك المُتعَب اكمل متسائلاً – ما عرفت ايش اسمها ؟؟ .. أو هي وين الحين ؟؟



حرك رأسه نفياً .. وهو يجيب اخاه الاكبر : لا .. ما عرفت شي .. هو قال اني ما بعرف شي الحين إلا بعد ما يموت ..



قال الاخر باستغراب .. : كيف يعني بعد ما يموت .. ؟؟ وبعدين انت ما زرته مرة ثانية ؟؟ .. ما اصريت انك تعرف هويتها ؟؟ ..



قال بانهزام .. : لا .. ما رحت مرة ثانية .. عشاني ما صدقته ..



اجابه عبد الرحمن بثبات .. : اليوم بعد المغرب بنروح له ونفهم الموضوع .. وناخذ اسمها وعنوانها منه .. بالغصب او بالطيب .. مب رجال العالي اللي ما يعرفون بنتهم بأي ارض !!! ..



هز رأسه ايجاباً .. وهو يرى * عبد الرحمن * الذي خرج من المكتب بهدوء .. ثم عاد لوضعيته السابقة .. وهو يغرق دون مقاومة في بحر افكاره ..







******








الامارات العربية المتحدة

رأس الخيمة

حي ال *****

11:30 صباحاً








تحاول ايقاظ تلك الغارقة في النوم منذ ما يقارب النصف ساعة .. لكنها .. وفي كل مرة تعجز عن ادخال هذه المتمردة الى عالم الايقاظ .. هذا آخر يوم لها هنا .. في هذا المنزل .. تحاول قدر الامكان ان تقضي مع سكانه الوقت الكافي لكي تحتمل قراقهم .. تعلم ان زوجها لن يوافق على قدومها بشكل اسبوعي الى هنا .. وهذا من حقه فالمدينة التي يسكنها * ابو ظبي * بعيدة .. هو بحاجة لتفريغ يوم كامل لها .. في سبيل زيارة اهلها .. وبالتالي سيكون من الصعب ان يأتي بها بشكل دائم الى هنا .. لذلك كان من المفترض ان تكون زيارتها شهرية .. وهذه المدة تُعتبر طويلة جداً بنظرها .. كيف ستحتمل الابتعاد عن والدتها الحنونة .. زوج والدتها الذي كان يحل محل والدها منذ ان كانت في الثامنة من عمرها .. دانـــــــة الشقية .. وفاطمة المدللة .. ولمدة شهر كامل .. ؟ تنهدت بصوت مسموع وهي تهز * دانــــــة * المستمرة في النوم .. : دانـــــــــــــــــوووه .. إصحي أبي ارمسج فموضوع مهم .. – ضربت كتف دانة بقوة وهي تصرخ – دانووووه بتقومين ولا شلون .. ؟؟؟



اجابتها دانة بتأفأف .. : افففففففففف .. خييييييييير .. من صباح ربي .. شتبيييين ؟؟؟



ادخلت اصابعها النحيلة بين خصلات شعر * دانة * ثم سحبتها بعنف .. الامر الذي جعل دانة تنهض وتستوي جالسة في فراشها .. حينما قالت مريم .. : صبااااااااااح ربي ؟؟؟؟ .. الساعة بتصير 12 وانتي للحين نايمة .. من الساعة ثمان وانا وامي فالمطبخ نحضر الغداا .. هزي طولج وقومي رتبي المجلس ..



دانـــــــة وهي ترتب شعرها الطويل وتربطه كـ - ذيل فرس - .. : عسى يدج الكسر ان شالله .. قطعتي شعري ..



ردت مريم بسرعة : اسم الله علي .. فعدويني .. قومي يا كيس النوم .. يحليلها فطوم لو كانت هني الحين .. ما خلتني لوحدي ارابع في المطبخ ..



قالت دانــــة بعنف .. : عدااااااااااال يا منال العالم .. كله فصوب .. وترابعين في المطبخ بصوب ثاني .. ع اساس طابخة لريلي .. ما كأنه الثور ريلج حمدااااان بيتغدا اليوم هني ..



مريـــــم .. بقوة .. : احترمـــــــــــي ريلي يالسبالة .. وبعدين انتي لما عرفتي ان حمدان بيتغدا هني اليوم .. ليــــش ما صحيتي مبجر .. وساعدتينا انا وامااااااية .. ؟؟؟؟ ..



تغيرت ملامح دانة العنيفة .. وتحولت الى ملامح حزينة وهي تقول .. : مريووم انا بشتاق لك لا رحتي .. تمي هني اسبوع ثاني .. تكفيييين ..



اجابتها مريم وهي تشعر بالاحباط .. : انا بعد .. ما ابي اسير .. بس تعرفين حمدان .. لو ما سرت معاه بيجلب الدنيا علي فوق حدر ..



تأفأفت دانة بصوت واضح وهي تتقدم من * مريم * وتحتضنها بقوة .. : انتي اتصلي علينا يوووومياً ..



ربتت مريم على ظهر من تعدها اخت وربما اكثر .. ثم قالت بشيئاً من المزاح .. : وانتي بتمين ترمسين كلمة اماراتي وكلمتين سعوودي .. ؟؟؟ ..



ضحكت دانة وهي تنهض مع مريم وتبدأ بترتيب فراشها .. : هيــــــــــه .. تعرفين انا احن لأصلي مرررررررررة ..



ضحكت مريم وهي تخرج من الغرفة متجهة الى المطبخ .. : انتبهي لا تموتين علينا بس ..



بينما استمرت دانة في ترتيب الغرفة .. ثم بقية المنزل الصغير .. استعداداً لقدوم والدها مع زوج * مريم * لتناول الغداء ..

*

*

*

انهى الجرد الذي كان من المفترض القيام به البارحة .. ثم قدمه لسكرتير المدير العام للأطلاع عليه .. وعاد الى مكتبه مرة أخرى وهو ينظر الى الساعة التي تشير الى الـ 12 ظهراً .. يشعر بتعب كبير بسبب الضغط المطبق على جميع الموظفين في هذه الشركة .. خلال هذه الفترة بالتحديد .. وذلك بسبب الزيارة المفاجئة لصاحب المكان قبل بضع ايام .. ولكن بالتأكيد بعد سفره ستعود المياه الى مجاريها الطبيعية .. وسيعود العمل للسير بهدوء دون أي ضغوط .. رفع رأسه الى باب المكتب وهو يرى * حمدان * المبتسم يدخل بهدوء .. : السلام عليكم عمي ..



ابتسم وهو ينهض ليصافح * زوج ابنة زوجته * .. : وعليكم السلام يا هلا فيك يا ولدي .. وشلونك ؟



اجابه حمدان باحترام وهو يجلس على احد المقاعد في المكتب الصغير .. : بخير يعلك الخير .. انتو شحالكم ؟؟ شحال عمووه ؟؟ ومريم والبنات ؟؟ ..



حمد – ابو دانـــة وفـــاطمة - .. : دووم .. حنا بخير الحمد لله .. – ثم قال مازحاً – ومريووم ما عليها بااس ..



ابتسم حمدان بأحراج .. ورفع يديه لترتيب – غترته - .. : أحــــــــم .. دوم ان شالله ..



حمد .. وهو يدخل في موضوع وصاياه مباشرة .. : اسمع حمدان يابوك .. انت تدري بغلا مريم .. والله اللي خلقني هي بمعزة دانة وفاطمة .. ابيك تحطها فعيونك .. ما ابيها تجي البيت مرة ثانية وهي متضايقة ..



قال حمدان بسرعة .. : عمــي مريم فقلبي قبل لا تكون فعيوني .. وانا ما زعلتها .. ولا بزعلها .. بس انت تعرف الحريم .. وهناك فبيت ابوي حريم اخواني مالين البيت .. وعشان جذي المشاكل صارت تتحاذف علينا من كل صوب ..



حمد .. في محاولة لأصلاح وضع * مريم * .. : طيب والى متى ؟؟



اجاب حمدان بفخر .. : انا شريت شقة جريبة من مكان شغلي .. وأثثتها وما باجي غير مريم تنورها ..



ضحك حمد .. حينما وصل الى مبتغاه .. : كفوو يا ولد سعيد .. كفوو ..



ابتسم حمدان وهو ينتظر بفارغ الصبر الوقت الذي سيجمع بينه وبين زوجته العنيدة .. استمر بالجلوس بقرب عمه لمدة لا تقل عن ساعة .. ثم عادا الى المنزل سوياً ..







******








يتبــــــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:37 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الرياض
فيلآ " عبدالرحمن " / " ابو ناصر "
2:00 ظهراً



لا يُسمع أي صوت .. سوى اصوات احتكاك الملاعق بالصحون .. إنهم على هذه الوضعية منذ اقل من العشر دقائق .. يجلس * عبد الرحمن * على رأس الطاولة .. وعلى يمينه زوجته وبجوارها * نادية * ثم * خالد * .. وعلى يساره * ناصر * وبجواره * سمر * ثم * ندى * ..

رغم اعتيادها على الهدوء التام من قبل والدها اثناء جلوسها معهم .. إلا ان الوضع اليوم يختلف عن بقية الايام .. الهدوء اليوم مخيف جداً .. عينيها تعانق الصحن منذ البداية .. لا تقوى على رفع رأسها خوفاً من ان تقابل نظرات باردة .. او ربما نظرات محتقرة لذاتها .. تقلب الأرز الموضوع في صحنها يميناً ويساراً .. لا ترغب بتناول الطعام .. لكن جلوسها على المائدة اجبارياً .. فهذا النظام مطبق هنا منذ صغر سنها .. نظرت بطرف عينيها لجهة والدها رأته سارح في افكاره .. وغير آبه بالاخرين .. اما والدتها فتتناول الطعام بهدوء واناقة كما اعتادت .. وتتبعها في ذلك كلاً من نادية وسمر .. نهضت بهدوء وهي تقول بصوت مسموع .. : الحمـــــد لله ..

أتاها صوت والدتها وهي تقول .. : ندى .. ما خلصتي صحنك ..

رفعت بصرها نحو والدها .. تريد ان ترى اهتماماً منه .. تريده ان يقول * كملي صحنك يا ندى * كما اعتادت في الماضي .. لكنه يجلس وهو شارد الذهن .. دون ان يعيرها ادنى اهتمام .. : شبعت .. الحمدلله ..

مشت بانكسار واضح .. وخرجت من غرفة المعيشة .. توجهت نحو الحمامات .. غسلت يديها .. وخرجت متوجهة للطابق الثاني .. لغرفتها تحديداً .. حينما وصلت الى السلّم .. تراجعت خطوة .. خطوتين .. ثلاث .. ثم غيرت وجهتها ومشت نحو غرفة المعيشة مرة اخرى .. وقفت بجوار الباب .. دون ان يراها احد .. واخذت تسترق السمع .. ارادت ان تسمع صوت والدها مرة اخرى .. تشتاق اليه كثيرا رغم انهم بنفس المنزل .. ارادت ان ترى ما اذا كانت عبئاً ثقيلاً على كاهله ام لا .. انتظرت دقيقة .. وربما اكثر .. لكن الصوت الوحيد السائد هو صوت الملاعق والصحون .. ابتسمت بذبول يبدو ان والدها عرف بأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستعملها لتروي ضمأ شوقها له .. هل يريد ان يحرمها من صوته ايضاً ؟ .. ركضت نحو السلّم .. دخلت الى غرفتها وجلست على السرير .. وهي تفكر بوالدها .. لا تظن بأن سبب سكوته هو وجودها .. لماذا هو شارد الذهن هكذا ؟ .. على الرغم من انها اعتادت على سكوته في حضرتها لكنها تعلم جيداً بأنه يتحدث بعد خروجها من المكان الذي يضمهما سوياً .. يبدو بأنه مهموم .. هل هي سبب همه ؟ .. بالتأكيد هي سبب همه .. فلا ناصر ولا خالد ولا نادية فعلوا شيئا خاطئا ابداً .. هي المخطئة دائماً .. ووالدها مهموم بسببها .. رفعت يديها بوضعية الدعاء .. وقالت بصوت مسموع .. : يـــــــــا رب .. ريحـــهم مني ..

لقد مضى اكثر من اسبوع على وجودها هنا .. والى الان لم ترى جدتها .. أو أعمامها .. وحتى اهل والدتها .. لم تراهم .. فهي تعلم بأنهم غير راضين بسبب فعلتها .. رغم انها فعلت ما فعلت لمصلحتهم .. لن يعذرها احد .. فهم لا يعرفون ما تعرف .. ولم يخوضوا ما خاضت .. تمددت على الفراش واخذت تنظر للسقف بشرود .. ربها يعلم بمعاناتها .. وهناك شخص آخر يعلم بذلك .. لكنه ينكر الامر دائماً .. ينكــــــــــره دائمـــــــــاً ..
*
*
*
- الحمــــــد لله ..

نهض ببطأ ومشى خارجاً من غرفة المعيشة .. تحت انظار زوجته و ابناءه .. قالت * ام ناصر * موجهة كلامها لإبنها الاكبر .. : ايش فيه ابوك يا ناصر .. ؟؟؟

قال ناصر وهو ينظر لوالدته .. : مدري .. لما طلعنا من الشركة هو كان كذا ..

قال خالد باهتمام .. : صار شي في الشركة اليوم ..؟؟ ..

اجابه ناصر باقتضاب .. : لا ..

تحدثت نادية وهي تحاول ان تصيغ تحليل مناسب للموضوع .. : يماا انا اتوقع ان ابوي بيتزوج عليك .. لانــــ ..

قطعت جملتها حينما ضربتها والدتها بخفة على كتفها .. : انتي انطمي .. ما ابي اسمع صوتك ..

ضحك كلاً من سمر وناصر وهم يسمعون صوت نادية المنزعج .. وهي تحاول اغاضة والدتها .. : ايـــــــــــــه يماا .. ابوي بيتزوج ما شفتيه كيف سرحان .. تلاقيه يفكر كيف بيفاتحك بالموضوع ..

ضحك خالد وهو يجاري نادية بتحليلها الغريب : قبل كم يوم سمعت ابوي يكلم واحد فالتلفون وهو يقوله .. انه بياخذها بدون حفلة عرس ..

قالت نادية بسرعة .. : ايــــــــــــه .. تلاقيه زواج مسيـــــار ..

صرخت ام ناصر بغضب .. : بتنقلعون من قدامي والا كيف ؟؟

نهضا بسرعة .. وهما ينظران لوجه والدتهم المحتقن من شدة الغضب .. قالت نادية بمرح .. : كفك .. كفك خلوووود .. – وهي تصفق كفها بكفه وكلاهما يضحكان على الكذبة التي قالاها وصدقتها والدتهما - ..

انكتمت ضحكة الاثنان وهما ينظران لنظرات والدهما الحارقة .. تحدث خالد بتوتر .. : احــــــم احــــــم .. يبــــ .. يبـــــآ حنا كنا نمـــزح ..

صرخ عبد الرحمن بانفعال .. : انقلـــــــــــع انت وياها على غرفكم ..

خرجا مطأطأن الرأس .. وعاد الهدوء ليستولي على عرش المكان مرة اخرى .. فعبد الرحمن غرق في التفكير بمصيبة اخيه .. وزوجته اخذت تفكر بالسبب الحقيقي وراء صمت زوجها الغريب .. وناصر خرج من الغرفة بعد عدة دقائق .. اما سمر فبدأت تشرف على الخادمات اللاتي بدأن بحمل الصحون الى المطبخ ..



******




الرياض
مطار ال ****
4:25 عصراً




يقف امام بوابة * القادمين * منذ عدة دقائق مرتدياً بدلة رسمية باللون الاسود مع قميص ابيض وربطة العنق مربوطة بإهمال .. وبجواره حقيبة سفر صغيرة .. يشعر بالإعياء الشديد بسبب كثرة العمل في فرع شركته الواقعة في دولة الامارات العربية المتحدة .. يريد ان يعود لفيلته بأقصى سرعة .. الخمول والكسل متوسدان في جميع انحاء جسده .. انه بحاجة للراحة ولفترة طويلة .. فطوال العشر ايام الماضية لم يستطع ان يغفو فترة كافية لإراحة جسده المنهك .. ربما بسبب انشغاله بأوضاع الشركة .. او بسبب اختلاف البيئة المحيطة به .. لكنــــه بالتأكيد يريد ان يصل الى فراشه بلمح البصر الان .. لكن وعلى ما يبدو ان * سيف * .. كان قد نسي موعد وصول رحلته اليوم .. تحرك بملل نحو أحد المقاعد المتواجدة في الصالة .. وعينيه تتابع الاشخاص الواصلين الى اراضي المملكة .. هذا يحتضن طفله .. وذلك يقبّل اخاه .. وتلك ما زالت تبحث عن ضالتها .. أمــــا هو .. فسوف يقتل ذلك ال * سيف * .. رفع هاتفه المحمول وأتصل بالرقم 5 من لائحة الاتصال السريع .. واستمر رنين الهاتف على الجهة الاخرى حتى انقطع دون إجابة .. زفر بغضب .. ثم عاد ليتصل برقم آخر .. وما هي الا ثواني حتى اتاه الرد .. : هلا متعب .. تعال لي المطار بسرعة .... ايـــــه انا الحين وصلت .... فمان الله ..

أخرج علبة السجائر من جيب – سترته - .. وبدأ بالتدخين .. سيجارة تلو الاخرى .. من رآه وهو يترجل من طائرة خاصة .. سيستبعد فكرة جلوسه هكذا في انتظار ذلك الوغد .. نهض وتحرك باتجاه سلة المهملات رمى علبة السجائر - التي اصبحت خالية الا من بعض ذرات التبغ – بغضب .. وعاد ليجلس على نفس المقعد .. استند بكوعيه على ركبتيه .. ووضع رأسه بين كفيه .. يشعر بصداع شديد .. استغفر ربه بخفوت .. واغمض عينيه بتعب .. دقيقة .. دقيقتين .. ثلاث .. مرت ربع ساعة وهو على هذا الحال ..

- الحمد لله ع الســـــــــــلامة .. طـــــــــال عمرك .. السيارة جاهزة ..

رفع رأسه ونظر لـ * متعب * مساعده الشخصي بغضب .. وهو يتمتم : استغفر الله .. – ثم رفع صوته – الله يسلمك ..

سار بخطوات ثابتة .. و* متعب * يتبعه في الخلف حاملا حقيبة رئيسه في العمل .. وصلاآ الى السيارة .. تم وضع الحقيبة في المقعد الخلفي .. وجلس * فاروق * بجوار السائق .. وتولى * متعب * القيادة ..

اسند رأسه الى الخلف .. في محاولة للاسترخاء بعد مشقة الطريق .. وصوت القارئ * محمد العجمي * يطغي على اجواء السيارة .. لم يشعر بدخوله ضمن اسوار فيلته .. حتى تسلل صوت * متعب * الى أُذنيه .. : طال عمرك وصلنا ..

فتح عينيه التي قد اصبحت تميل الى الاحمرار .. من شدة الاعياء .. وهو يرى مساعده الذي ترجل من السيارة بسرعة وهو يفتح الباب المجاور لـ * فاروق * ..

ترجل من السيارة بهدوء .. أخذ حقيبته .. ثم توجه نحو الباب الخشبي المنحوت بدقة .. وهو يرى ثلاث عاملات يقفن في استقباله مع رئيسة الخدم .. التي انحنت وهي تقول بصوت خفيف .. : مرحبـــاً بك سيدي ..

حنا رأسه ليرد التحية عليها دون ان يقول شيئاً .. و توجه مباشرة نحو السلّم .. ثم الى جناحه الخاص .. وضع الحقيبة على الارض ودخل الى – الحمام - .. اغتسل بصورة سريعة .. توضأ .. وصلى صلاة العصر ..

- سيدي .. غدائك جاهز ..

نظر الى العاملة الاسيوية الانيقة ببرود .. : لا ارغب بتناول الطعام ..

انحنت امامه ثم خرجت بهدوء .. كدخولها .. رمى بجسده على السرير .. واغمض عينيه براحة .. لكن رنين هاتفه كان مزعجاً جداً .. نهض وهو يتأفأف بغضب .. وسار نحو الطاولة الصغيرة القابعة بجوار باب غرفة نومه .. ثم رفع هاتفه .. دون ان يتحدث ..

- فــــــاروق الله يهداك .. انــــــت ويـــــــن ؟؟

ارتفع حاجبه باستهزاء .. وهو يقول بصوت ساخر .. : للحيــــــــن ملطوع في المطار انتظر حضرتك .. – ثم عادت نبرة صوته الجدية - .. في البيت طبعاً ..

قال سيف بغضب .. : وانا جاي اركض للمطار عشانك .. وفالاخير تقول انك رحت القصر ..

اجابه فاروق .. : قلت لك الساعة كم توصل الطيارة ؟؟ ..

سيف .. بسرعة .. : الساعة اربعة ..

فاروق .. بصبر .. : والحين الساعة كم .. ؟؟

سيف .. : امممممم خمسة وثلث ..

فاروق .. : اممممممممممم وتبيني انتظرك ساعة كاملة .. ؟؟

سيف .. باستعطاف .. : ياخي راحت علي نومة ..

فاروق .. في محاولة لصرف * سيف * .. : انا تعبان الحين .. اكلمك وقت ثاني ..

سيف .. باحترام .. : طيب خذ راحتك .. واسف لاني تأخرت عليك ..

فاروق .. بهدوء .. : حصــــل خير .. فمان الله ..

سيف .. : الله معك ..

وضع هاتفه بحالة * صامت * ثم توجه نحو سريره مرة اخرى .. لأخذ قسطاً من الراحة .. قبل ان يبدأ دوامه غداً في الفرع الرئيسي لشركاته .. هنا .. في الرياض ..



******




الرياض
مستشفى ال ****** الخاص
7:30 مساءاً





يسيران نحو بوابة المشفى .. تقودهما مشاعر مختلفة .. أحدهما يفكر بمستقبل عائلة * العالي * .. والى اي مدى ستتأثر سمعتهم لو كان الموضوع صحيح .. والآخر .. يشعر بخوف يهز اركان جسده .. يشعر بارتجاف القلب بين اضلاعه .. يشعر بوجع ينهك حنايا روحه .. وصلآ الى قاعة الاستقبال .. وتحدث * عبد الرحمن * مع احد الموظفين - المسؤولين عن استقبال الزائرين الى المشفى – برسمية وهو يطلب رقم غرفة المريض * عادل الفياض * .. مضت عدة ثواني قبل ان يقول الموظف : الطابق الثاني .. الغرفة 543 ..

اكملا مسيرهما نحو السلالم .. ثم الى تلك الغرفة .. التي تحوي صديقاً قديماً لهما .. حينما انتهى بهما الامر امام باب الغرفة 543 .. كان لابد لشعور القلق العميق ان يستوطن قلبيهما .. طرق * عبد الرحمن * الباب مرتين .. ثم فتحه .. ودخل الى الغرفة ذات اللون الابيض الباهت .. تبعه بذلك * عبد العزيز * .. الذي توجهت انظاره مباشرة نحو الرجل المستلقي على السرير .. والذي نظر اليهما بدهشة .. ثم ابتسامة .. وهو يزيح كمامة الاوكسجين من على وجهه .. ويستوي جالساً على فراشه .. : تأخرت يا عبد العزيز !!!! ..

ازدرد عبد العزيز ريقه بصعوبة وهو يرى * عبد الرحمن * يجلس على احد المقاعد .. ثم قال بصوت ميت .. : شلونك الحين .. ؟؟

ابتسم عادل بتعب .. : الحمدلله .. – حول انظاره نحو عبدالرحمن - .. كبرت كثير يا ابو ناصر ..

قال عبد الرحمن .. وعينيه تجول حول وجه * عادل * المصفر .. : راح من العمر اكثر من اللي باقي ..

عادل وهو يتحدث بصوت متعب .. ويجر انفاسه بقوة .. موجهاً كلامه لـ * عبد العزيز * : توقعت انك بتجي قبل الحين .. تأخرت كثير ..

عبد العزيز .. بحيرة .. وهو ما زال واقفاً بقرب الباب .. : وليـــــه تبي تشوفني ..؟؟

ضحك عادل .. ثم تحول ضحكه الى سُعال .. : كنت ابي اشوف حالتك الحين .. وعذابك .. خصوصاً انه في شي من ممتلكاتك .. صرت ما تدري وين ارضه !!!

التفت عبد العزيز نحو اخاه .. ثم نظر الى عادل مرة اخرى وهو يقول بقوة مصطنعة .. : وانا قلت لك من قبل .. انا ما صدقت كلامك .. ولا بصدقه ..

اجابه عادل بسرعة بديهية .. : أجل ليه جيت اليوم .. ؟؟؟

رد عليه الاول بتلكؤ .. : انا ما كنت ناوي اجي .. لكن عبدالرحمن أصر اننا نشوفك اليوم ..

عادل .. لـ * عبد الرحمن * .. : بنت اخوك كبرت يا بو ناصر .. لو كانت عند ابوها كان صارت من نصيب ناصر ..

اجابه عبد الرحمن مُجارياً .. : ان ما صارت لناصر .. بتكون لخالد ان شالله ..

نظر عادل نحو * عبد العزيز * الساكت .. : ما أظن .. لانها أكبر منه .. تدري ان عمرها الحين 22 سنة ؟؟ .. – حينما لم يجد رداً منهما قال في محاولة لإغاضة * عبد العزيز * - .. تشبه امها كثيــــــر .. قصدي تشبهها لما كانت على ذمة شخص باعها ..

صرخ عبد العزيز بغضب .. : يــــــكفي ..

اكمل عادل حديثه دون ان يعير * عبد العزيز * ادنى اهتمام .. : لأن بعد ما قذفها فشرفها .. وطلقها .. ذبــــــــلت .. وتغيرت كثيـــــ .....

توجه عبد العزيز نحو * عادل * .. بخطوات سريعة .. واطبق على رقبته بقبضة قوية .. : انطـــــــــــم .. مــــــــابي اسمـــــــــــــع صـــــــــوتــــــك .. !!!

ركض عبد الرحمن باتجاههما .. ودفع * عبد العزيز * الى الخلف .. ثم عاد لينظر الى * عادل * الذي اخذ يسعل بقوة .. : اطلع برآ يا عبد العزيز ..

تحرك عبد العزيز ممتثلاً لأوامر اخيه وخرج من الغرفة بخطوات سريعة .. متجها الى الطابق الارضي .. اما عبد الرحمن .. فناول * عادل * كأساً من الماء .. كان موضوعاً بجوار سريره .. ثم ربت على كتفه .. : ما عليه يا عادل .. انت زودتها شوي ..

قال عادل بعد ما استرد انفاسه .. : انا زودتها ؟؟؟؟ .. طيب وهو ما زودها بعد ما طلق نجلا ؟؟؟ ..

سكت عبد الرحمن لثواني .. ثم قال .. : الموضوع ذا ما يهم الحين .. انا جيت اتكلم معاك بخصوص بنـــــ ..

قاطعه عادل بغضب .. : مـــا يهـــم ؟؟ .. مــــــا يهم يا عبدالرحمن ..؟؟ .. كل اللي سويته كان عشان هالموضوع .. كل اللي سويتــــــــــه كان عشان اشوف اخوك منهان قدامي .. مثل ما اهانها قبل ..

عبدالرحمن .. في محاولة لثني رغبة * عادل * الملحة في الانتقام .. : وأيش بتستفاد ؟؟ ..

صرخ عادل .. رغم تعبه .. : بستفـــــــــاد كثير .. كل ما اشوف عبد العزيز تعبان .. احس ان جروحي في السنين اللي مرت تشافت .. مرة بعد مرة .. – سكت ثواني ثم قال بصوت عميق - .. انا ادري انك الحين خايف على اخوك .. وتتمنى لو كنت تقدر تطلع مني معلومات بالغصب .. عشان تريحه .. صح كلامي والا ؟؟؟ ..

اجابه عبد الرحمن بضيق .. : مافي احد يرضى يشوف اخوه بهالحالة ..

ابتسم عادل .. وبدأت عيناه بالالتماع .. : طيــــــــب انت قلتها بلسانك .. تدري عذاب عبدالعزيز الحين .. ما يساوي نقطة فبحر عذاب نجلا ؟؟ .. سنـــــــة كاملة .. ونجلا من مستشفى لمستشفى .. ليين ما سلمت امانتها .. وكل هذا وانا اشوفها .. واموت فاليوم مية مرة .. وما اقدر اسوي شي .. لان الاخ عبد العزيز رافض يشّوفها ابنها .. – رفع يده ومسح دمعة متمردة من عينه اليسرى - .. عشان كذا انا كان لازم أشوفه العذاب .. وأحسسه بظلمه لها .. لازم يذوق من نفس الكاس اللي شربته نجلا ..

عبد الرحمن بتأثر واضح .. : طيب .. وبنت اختك ايش ذنبها .. ؟؟ .. كيف يطاوعك قلبك انك تأذيها ؟؟ ..

عادل .. : بتعذرني .. بتعرف السبب .. وتسامحني ..

- اخـــــــوي لو سمحت .. الزيارة انتهت الحين ..

نهض عبد الرحمن .. ونظر لعادل .. : اتمنى ترجع بقرارك يا عادل .. ما يجوز اللي تسويه ..

قال عادل وهو يتمدد مرة اخرى على سريره .. : ما برجع عن قراري .. وبنتكم ما بتعرفون شي عنها .. إلا لما انكفن بالتراب ..

عبد الرحمن .. وهو يهز رأسه بعلامة النفي استنكاراً .. : طيب .. ان شالله أمرك بكرة .. مع السلامــــــة ..

خرج عبد الرحمن .. مع الممرض .. وبقي عادل لوحده في تلك الغرفة الموحشة .. كما اعتاد منذ اسبوعين .. وطيف * نجلا * وذكرياتها يحومون حوله ..
*
*
*


& مـــــــــــــــــاضي &
~ ذكــــــــــريــــــات عـــــــــادل ~


- يبااااااااااااااااااا حراااااااااااااااااااااااااام عليييييييييه .. ابي ابني .. ابييييييييييه .. ليه ياخذه مني ؟؟ ..والله ما سوويييييييت شي .. واللـــــه ..

تحركت بلا وعي تُجاه باب الغرفة .. وهي تسحب شعرها بعنف .. وهستريا .. وجها مُحمر .. وعيونها متورمة بسبب كثرة البُكاء .. : انا باروح اجيبــــه .. ما بيقـــدر بدوني .. ما بينام الا فحضنـــــــي ..

نهض والدها بسرعة .. رغم كُبر سنه .. وامسك بذراعها .. حاثاً اياها على الرجوع .. : نجلا يبا .. ما يجوز تسوين كذا بنفسك ..

التفتت نحوه وتمسكت بملابسه .. وشهقاتها تزداد .. : يباا .. انا مقدر .. انا ما اتحمل .. يبا واللي يسلمك رجعلي ولدي .. – انحنت لتستوي جالسة على الارض ويديها ما زالتا معلقتين بثياب والدها – يبا رجعلي سيـــــف .. انا بموت لو ما اشوفه .. بمـــوت ..

رفع يده اليمنى وكفكف دموعه التي أبت الا الخروج .. لا يقوى على رؤية ابنته وفلذه كبده منهارة هكذا .. لم يعد يحتمل الوضع .. مسح بيده الاخرى على رأسها .. ولسانه ينطق بـ : حسبــي الله ونعــم الوكيــــل ..

تقدمت والدتها نحوهما .. وجلست امام ابنتها الصغرى .. تمرر يدها على ظهر تلك الشابة وتقرأ بعض من الايات القرآنية عسى ان يهدأ بالها .. لكن * نجلا * ما زالت متمسكة بسندها في الحياة بقوة .. وتشهق بأسم طفلها .. دون وعي او ادراك .. وصوت بكائها يعلو تارة و يهدئ تارة اخرى ..
*
*
*
فتح الباب بهدوء .. ودخل الى الغرفة التي شهدت البكاء والانين لأكثر من ثلاثين ليلة .. رآها تجلس على الارض ووالداه يحيطان بها .. كل منهما يحمل هم حزنها على كتفيه .. يتمنى لو يجد ذلك الوغد ليفصل رأسه عن جسده من شدة الغيظ .. يصعب عليه رؤية شقيقته بهذا الوضع ..

التفتت نحوه .. بعينيها الباكيتين .. ووجهها المحتقن بالدم .. ونظرتها المؤلمة لقلبه .. آه .. كم يتمنى ان يعيد الفرحة لها .. كم يتمنى ان يمحي صيغة الحزن الموشومة على قلبها .. كم يتمنى ان ينسيها همها .. تقدم من موضع جلوسها .. ونظر لوالديه .. حاثاً اياهما على تركه لوحده مع مدللته .. وبالفعل خرجت والدته .. ثم والده .. اما هو فجلس على الارض بجانبها .. مسح دموعها بأصابعه .. ثم أخذ يرتب شعرها الاسود الطويل والمتناثر حول وجهها القمري .. : ايش فيها حبيبة اخوها تبكي ؟؟..

تساقطت دموعها مرة أُخرى .. ثم بدأت تتحدث بانهيار .. ويديها تتحرك بعشوائية .. : انا قــ ... قلت لأبوو ... ووي .. اني ابي سيف – شهقت بقوة - .. وبروح اجيبـــــــ .. ـــــــه .. بــــــ .. بــــــس ما يرضى ..

سحبها لحضنه برفق .. وطوقها بذراعيه .. وهو يجاهد دموعه .. : مـــــــا عليـــه .. نجلا انا باجيبه لك .. طيب ؟؟ ..

هزت رأسها بعلامة الإيجاب .. ثم قالت بعدم صبر .. : متـــــى .. ؟؟

أبعدها عن اسوار أحضانه ونظر الى عينيها .. : ما اعرف متى .. بس اوعدك اني بجيبه لك .. حتى لو كان اخر يوم فعمري ..

شهقت ودموعها ما زالت تنساب بحرية على وجنتيها .. : بـــــــس .. انـــــا اشتقــــــــتله ..

ابتسم بحزن .. وهو يشعر بعجزه .. : وانــــــــا بعد إشتقتله .. لكن بنصبر شوي .. وبعدها نجيبه هنا .. الى ان تملين منه ..

حركت رأسها بقوة .. بعلامة النفي .. : ما بأمّل منه ..

سحبها مرة اخرى الى احضانه .. : المهم الحين صحة البيــبي .. صح كلامي والا ؟؟ .. ما يصير ما تاكلين .. قومي تغدي معي .. طيب ؟؟ ..

اجابته وصوتها مخنوق .. : ما أبي .. أبغى سيف ياكل معي .. – عادت للبكاء بصوت مرتفع - .. ابي سيـــــــــــف .. ابيــــييييييييه ..

حاول ابعادها عن صدره .. لكنها متشبثة بـ - ثوبه – بقوة .. تركها تخرج ما في داخلها من حزن .. وأخذ يمسح على ظهرها .. بلطف .. : اصصصصصص .. نجلااا .. حياتي .. والله اني بجيبه لك .. ... لا تبكين يا قلبي ..

نجلا .. وبكائها يعلو شيئا فشيئا .. ثم يخفت .. لا كلمه على لسانها غير كلمة .. : ابيـــــــــه .. أبي ولدي ..

وعادل مستمر بتهدئتها وحلفانه على انه سيجلبه الى المنزل بأقرب وقت .. حتى غفت على صدره .. ودموعها لم تجف إطلاقاً ..



******





يتبــــــــــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:39 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


~ عودة الى الحـــــــــاضر ~



******



الريــــــــاض
فيلآ * ام عبدالرحمن *
8:30 مساءاً


تجلس على الارض .. ورأس ابنها الاصغر في حجرها .. تحرك شعره الناعم يميناً ويساراً .. وتستمع لشكواه وتذمره بإنصات تام .. فمنذ قدومه الى المنزل قبل ما يقارب الساعة .. وهو يتحدث بنفس الموضوع .. وعلى نفس الوتيرة ..

- يماا انا ما يهمني أي شي غير صحة محمد .. وربي انا حتى ما كنت ابي انقله لمستشفى خاص صدقة او شفقة .. مدري ليه يفكرون بالطريقة هذي ..

ما زالت تعبث بخصلات شعره .. : عبدالله الناس اللي فمستواهم .. عندهم عزة نفس .. وحتى لو تكلمت معاهم لين بكرا ما بيوافقون ..

تحرك عبدالله بضيق .. وانقلب على جنبه الايسر .. : بس انا اسوي هالشي عشان مصلحة ولـــــدهم اولا واخيراً .. خلهم يحسبوه دين ولما يقوم محمد بالسلامة يرده ..

قالت بحكمة .. ووقار .. : بكرا وصلني للمستشفى الصبح .. وانا بكلم امه .. وبنشوف ..

استوى جالساً بسرعة وهو يقول بفرح .. : جـــد ؟؟؟ ..

حركت رأسها بعلامة الايجاب .. وابتسمت بوجه هذا المدلل .. : ايــــــــه ..

تقدم منها .. وقبل رأسها .. : الله لا يحرمني منك .. يا قلبي ..

أُم عبد الرحمن .. بمحبة فائضة .. : ولا منــــك .. – سكتت لثواني وهي تنظر لعبد الله الذي استوى جالساً بجوارها وبدأ بتغيير قنوات التلفاز مرة بعد أُخرى .. ثم قالت – اتصل على سيف .. تأخر اليوم ..

قال وعينيه تتابع مباراة لكرة القدم .. : لا تخافين عليه .. بيـــــ .. – بتر جملته .. حال سماعه لصوت سيف - ..

- الســــــــلام عليكم ..

اجابته أُم عبد الرحمن .. : وعليكم الســــــلام يماا ..

بينما قال عبد الله .. : لو طرينا مليون .. ابرك من وجهك ..

ضحك سيف وهو يتمدد على الارض واضعاً رأسه في حجر جدته من الجهة المعاكسة لعبدالله .. : باتجاوزك باخلاقي .. لانك عمي ..

عبد الله باستهزاء واضح .. : تكفى يا ولد اخوي المحترررم .... ليه تأخرت اليوم ؟؟

اجابه سيف .. بحقد .. وعينا جدته تتابع الحديث الذي يدور بينهما بابتسامة .. : عشان ابوي واعمامي المحترمين طلعوا من الشركة .. وتركونا انا ونصور نحوس فيها لوحدنا ..

عبدالله بتهكم .. : تراه حلالكم ..

سيف ببرود وهو يمسك بيد جدته اليمنى .. ويضعها على شفتيه ويقبلها .. : مـــا عليه .. بيجي يوم .. اخليك تسوي كل شغلي وانا مرتااااااح .. 0 ثم قال موضحاً - تراه حلالك بعد ..

عبدالله باندفاع .. : تحـــــــــــلم .. اسوي شغلك فيوم من الايام .. يا ولد ابوووك ..

تحدثت ام عبدالرحمن بنفاذ صبر .. : خلااااص .. تراكم رجاجيل الحين ..

سيف .. بمزاح .. : جــــــد ؟؟ .. – ثم نظر لعبدالله ونهض ليجلس بجانب جدته– تصدق .. ما كنت ادري ..

ضحك عبدالله .. : كفك سيوووف ..

تصافقت يديهما ببعض امام وجه * ام عبد الرحمن * .. الامر الذي دفعها للنهوض .. : اروح اقابل العشا ابرك لي ..

خرجت بخطوات متهادية .. نظراً لكبر سنها .. وعبدالله وسيف أخذا يتناقشان بأمر المباراة المعروضة بحماس ..



******




الرياض
فيلآ " عبدالعزيز " / " ابو سيف "
9:45 مساءاً




أنهت اعداد العشاء منذ اكثر من نصف ساعة .. وجلست على أحد المقاعد في المطبخ في انتظار زوجها .. صوت * فيصل و محمد * يصل اليها رغم المسافة الطويلة الفاصلة بين غرفة المعيشة والمطبخ .. فهما مندمجان باللعب بألعاب الفيديو الحديثة .. وعينيها تتابع حركة الخادمتان اللاتي بدأن بتحضير السفرة .. تفكيرها محصور بـ * فاروق * الذي عاد اليوم الى اراضي المملكة .. ومحاولتها لزيارته .. دون إغضاب * عبدالعزيز * طبعاً .. رفعت بصرها الى الساعة المعلقة على الجدار .. واستغربت تأخر زوجها .. نهضت متوجهة الى الطابق العلوي .. لتحضير ملابس نظيفة وجديدة له ..

دخلت الى غرفة نومهما .. ثم اخذت تبحث عن ملابس مناسبة لـ * عبدالعزيز * .. صاحب الذوق الصعب .. مرت عدة ثواني حتى فاجئها دخوله الى الغرفة بهدوء .. رمى – غترته وعقاله – على الفراش بإهمال .. ثم خلع – ثوبه – ورماه على الارض .. ودخل الى الحمام .. وكل هذا تحت انظار * هنادي * المستنكرة لتصرفه .. تأفأفت بصوت مسموع ثم رفعت ملابسه من على الارض .. - بعد ان وضعت ملابس نظيفة ومرتبة على السرير - .. خرجت من الغرفة متجهة لغرفة الغسيل .. وضعتهم بسلة الملابس المتسخة .. وعادت الى الغرفة .. بانتظار خروجه من الحمام .. لمعرفة السبب وراء غضبه .. مرت عدة دقائق حتى خرج بعد ان استحم .. مرتدياً ملابسه الداخلية .. تقدم من السرير .. أخذ الملابس التي كانت قد وُضعت مسبقاً من قبل هنادي .. وهمّ بأرتداها ..

حينما لم يعيرها اي اهتمام .. بادرت بسؤاله .. : ايش صاير في الشركة اليوم .. ؟؟؟؟ ..

لم يجبها .. بل أنهى ارتداء ملابسه وتوجه نحو المرآة حرك شعره بأصابعه في محاولة لترتيبه .. ثم وضع قليلاً من العطر .. وتحرك خارجاً من الغرفة ..

مشت خلفه .. شبه راكضة .. وهي تراه يدخل الى مكتبه .. زفرت بغيض حينما اغلق الباب بوجهها بقوة .. ماذا حدث ؟ .. هل قام * فاروق * بعمل اثار غضبه ؟ .. ربما .. فـ * فاروق * يتصيد المواضيع التي تثير غضب * عبدالعزيز * .. لا تستبعد فكرة جلب مصيبة جديدة لزوجها من قبل اخيها .. طرقت باب المكتب بهدوء .. مرة .. مرتين .. ثلاث .. لكن دون إجابة .. بللت شفتيها .. ثم دخلت .. ان كان يظن بأنها ستستسلم بمجرد عدم رده عليها .. فهو مخطئ .. ابتلعت ريقها وهي تراه ينظر إليها بعينين غاضبتين .. ويديه تطبقان على مجموعة من الاوراق .. : آآآآ .. كـــنــــ .. كنـــــــت ابي .. آآآ .. احم ... اقولك العشا جاهز ..

صرخ بغضب .. : وايــــــــش شـــــــــايفتني اســـــــوي ..؟؟؟؟

نزلت بنظرها الى الارض .. ثم قالت بنبرة منخفضة .. : طيــــب .. انت ما تغديت اليوم ..

عبد العزيز .. وهو يرمي الاوراق على المكتب بعنف : وأيــــــــــــش دخلــــــــــك .. ؟؟؟

ماذا يعني بــ - ايش دخلك ؟ - .. انها زوجتــــــه .. : أكل شوي .. وارجع كمل شغلك !!

عبدالعزيز .. بمحاولة لكتم ثورة الغضب المتأججة في داخله .. لكن صوته ما زال قادراً على اختراق الجدران : يــــــــا صبر أيــــــوب .. مــــا أبي .. قلـــــــــت مــــــــــا أبي ..

تقدم نحوها بسرعة .. الامر الذي دعاها للرجوع خطوتين الى الخلف بخوف من منظره الثائر .. لكنه فتح باب المكتب بيده اليسرى .. وأطبق على ذراعها بيده اليمنى .. ثم دفعها الى الخارج .. وأغلق الباب بعنف مرة اخرى ..

مسحت وجهها بكفيها .. ثم مشت متجهة الى الطابق الارضي .. وجسدها يرتجف بخوف .. رغم انها عاشت معه اكثر من 14 سنة .. إلا انها تكاد ان تموت رعباً في كل مرة يغضب فيها .. لم تستطع الاعتياد على تحمل نوبات غضبه .. وصلت الى غرفة المعيشة وهي ترى كلا من * فيصل * و * محمد * مستمران باللعب .. والسفرة جاهزة .. قالت بصوت معتدل نسبياً .. : يالله العشا جاهز ..

توجها مباشرة نحو الطعام .. ولكن قبل ان يهموا بتناوله .. سأل فيصل .. : وابوي ليه ما ياكل .. ؟؟

قالت بحرقة .. وهي تتجنب وضع عينيها بعيني * فيصل * .. : تعشى مع اصحابه .. يالله بسم الله ..

تناولوا عشائهم لوحدهم .. كالعادة .. ولكن * هنادي * لم تستطع ان تأكل شيئاً .. ففكرها انشغل بسبب غضب زوجها المصون .. وكذلك بمدى تدخل * فاروق * بهذه المعضلة .. ستتصل به غداً .. وتستفسر عن سبب غضب * عبدالعزيز *



******



الرياض
فيلآ " عبدالرحمن "
10:30 مساءاً





- لو تشوفيـــــــه يا ندى .. يخقق .. عذآآآآآآآب ..!!

رفعت ندى حاجبيها باستهزاء وهي ترد على اختها الصغرى .. : هو في واحد في المملكة .. ما خقت الانسة نادية عنده ؟؟..

نادية .. وهي جالسة على مقعد موجود امام مكتب الدراسة الخاص بندى .. في غرفة ندى طبعا .. : انتي تقولين كذا .. عشانك ما شفتي اللي شفتهم .. ووووه بسس .. يـــــــا فديتهم ..

تمددت ندى على سريرها .. بعد ان كانت جالسة .. : أجل لو شفتي اللي شفتهم هنــــــــاك .. ايش بتقولين ..

قفزت نادية .. على سرير اختها .. وهي تقول بلهفة .. : اوصفيهم .. اوصفيــــــــهم يختي ..

ضحكت ندى .. وهي تحاول إغاضة اختها .. : هذا اللي عينه زرقا .. وهذا عينه خضرا .. وشعرهم أشقر .. كل واحد يقول الزين عندي ..

نــادية بانفعال .. : مـــــــالت علي بس .. وانــآ جالسة هنا قدام العنز خالد ..

ندى .. وهي تضحك بقوة ولأول مرة منذ قدومها .. : خلود عنز ؟؟ .. يالمراهقة ..

- بــــــروح اقول لخالد .. نادية تقول عنك عنز ..

نهضت نادية بسرعة .. وتوجهت نحو الباب وهي تسحب * سمر * - التي تحمل * ملاك * - بقوة .. : انطمـــــي ودخلي داخل .. والا واللي خلق ملاك بقول لامي انك تاركة ناصر في الجناح لوحده ..

ضحكت سمر وهي تضع ملاك بحضن * ندى * .. : يا حمـــــارة .. لو تموتين ما بخطبك لاخوي ..

ندى .. باستغراب .. : وسيف ؟؟ ..

نادية .. التي اصبح وجهها محمراً .. لكنها ما زالت تمتلك لساناً سليطاً .. : ندوو تعرفين ان اختك ملكة جمال .. والطلب علي واجد ..

سمر .. باستهزاء : تكفين يا نانسي عجرم .. – وهي تقلد صوت نادية – الطلب علي واجد ..

ندى وهي تقبل * ملاك * .. : وووه بس .. تشبه عمتهاا ..

سمر .. بسرعة .. : أي عمة فيهم ..؟؟

نادية .. وندى .. بوقت واحد .. : انـــــــا طبعاً ..

سمر .. : مالت عليكم .. تشبه امها .. فديتها ..

تحركت ملاك بانزعاج من قبلات ندى .. ونزلت من السرير .. بخطوات بطيئة متجهة لوالدتها الجالسة على كرسي الكتب ..

ندى .. باستفسار : ناصر نايم والا ؟؟

سمر .. : لا .. جالس يطالع فلم ..

نادية .. : وليه ما تشوفين الفلم معاه ؟؟ ..

سمر .. بابتسامة .. : عشاني بغيت ندى بموضوع خطيــــــــر ..

نادية بفضول .. ايش هو ؟؟ ..

ندى .. وهي تضرب نادية على كتفها .. : مالك دخل .. – ثم نظرت لـ * سمر * بجدية – ايش فيه ؟؟

سمر .. : تعرفين بدر اخوي .. كلمته عنك .. وقلت له انك توك متخرجة وشهادتك من برآ .. وقال انه بيعينك معاه في المستشفى .. – ثم قالت بفخر - ايش رايك فيني ؟؟

ندى .. رغم سعادتها .. إلا انها خائفة من رفض والدها لفكرة عملها .. : طيب .. ولو ما وافق ابوي ؟؟ ..

قالت نادية .. بدفاع .. : ندى .. انتي ما درستي ست سنوات .. وتحملتي الغربة .. عشان تجلسين فالبيت .. لازم تشتغلين .. وبعدين ابوي يعرف انك دكتورة وهذا معناه .. انك بتشتغليــــن ..!!

قالت ندى بجدية .. : وحتى لو كان بيوافق .. مين بيكلمه فالموضوع ..؟؟

قالت سمر .. : انا بقول لخالتي .. وهي بتكلمه ..

نادية وهي تدفع * ندى * بمزاح .. : مــيـــن أدك يا كَمـــيـــل .. النهار كله بتقابلين بدوور .. وه فديته ..

ضحكت ندى .. : استحي على وجهك ياللي ما تستحين ..

نهضت سمر وهي تقول .. : يالله تصبحون على خير .. اشوفكم بكرآ ..

ندى و نادية .. : وانتي من اهله ..



******



يتبــــــــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:41 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 



الرياض
مستشفى ال ********
5:00 فجر اليوم التالي


دخـــــلت من البوابة الرئيسية للمستشفى رآكضة .. دون ان تعير موظفين الاستقبال أي أهمية .. وتوجهت بسرعة قصوى نحو السلالم .. نظراً لخوفها من الاماكن المغلقة كـالمصاعد .. صعدت الطابق الاول .. والثاني .. والثالث .. والرابع .. لكنها شعرت باختناق وضربات قلبها قد أخذت بالتسارع .. وأطرافها بدأت تخدر شيئاً فشيئاً .. جلست على عتبات السلّم .. وهي تلهث .. رفعت خمارها بعنف .. ودموعها قد أخذت تحرق وجنتيها .. إن ما قالته والدتها كـــــذب .. يستحيــــــــل ذلك .. لن تصدق ما قيل حتى تراه بأم عينيها .. كيف يعقل هذا أصلاً ؟ .. فلقد كانت معه بالامس .. لقد قالت له بأنهم بحاجته .. وإنها ستنتظره بفارغ الصبر .. حتى لو استيقظ بعد عشر سنين .. كيف بإمكانها ان تصدق ما قالته والدتها ؟ .. انها كــــــاذبة .. لن تصدق ذلك .. لن تصدق ذلك .. قالت بصوت منخفض وهي تنهض مرة أُخرى لإكمال طريقها .. : محمــــــد ما مـــــــــــــات ..

بدأت بالصعود .. * الطـــــــــابق الخامــــــــس * .. لن يمــــــوت .. لن يتركــــــــهم .. هو يعلم بإنها لن تستطيع العيش بدونه .. يعلم انه والدها .. واخاها .. ورفيقها .. وكل شئ ..* الطــــــــــابق الســــــــادس * .. كل شئ يتمثل فيه .. كل ما تحتاجه .. محمد .. كل ما ترغب به .. يجلبه محمد .. كل ما بكت .. اسكتها محمد .. * الطــــــــــابق الســــــــابع * .. كل ما غضبت .. محمد هو من يطفئ نيران غضبها .. وكل ما أخطأت .. محمد هو من يصحح خطئها .. وكلما خافت .. هدئ من روعها محمد .. * الطــــــــــابق الثــــــامن * .. لن يتركها .. لن يتركـــــــــها .. استندت على حافة السلّم بيديها .. وانحنت الى الامام .. تلتقط انفاسها .. لم يتبقـــــى سوى طابق واحد .. وتعرف ما إذا كان ما سمعته من والدتها صحيح أم لا ..

" أرجــــــــوك يا محمد .. لا تمت .. أرجــــــــوك " .. لن يخذلها .. لم يفعل ذلك مسبقاً ولن يفعل اليوم .. ربمــا استيقظ من غيبوبته .. وقالت والدتها ما قالت لتفاجأها .. ابتسمت رغم الدموع المغرقة لوجهها .. نعــــــم بالتأكيد ان والدتها تمزح .. والان ستصل وستراه يجلس على السرير .. ويبتسم لها .. كـــلا لن يبتسم .. سيغضب لأنها قدمت الى المشفى لوحدها .. وفي هذا الوقت المبكر .. لا يهُم .. حتى وإن وبخها .. سيكون شيئاً لطيفاً بعد غيابه طوال الفترة الماضية ..

// الطــــــــــــابق التـــــــــــــاسع //

رأت هذه اللوحة المعلقة فوق الباب الابيض الكبير .. وقفت وهي تلهث من شدة التعب .. ثم أخذت تمشي بخطوات مرتجفة نحوه .. دخلت .. وتلفتت يميناً ويساراً .. القسم هــــــادئ وبغرابة .. ابتسمت .. والدتها تمــــــــزح .. نعم .. فلو كان ما قالته صحيحاً .. لأمتلئ القسم بالممرضين والاطباء .. سارت في الممر بخطوات هادئة .. حتى وصلت الى غرفة اخيها .. رفعت يديها ومسحت دموعها .. سيستغرب * محمد * ان رآها تبكي .. فتحت الباب .. وهي ترسم ابتسامة على وجهها .. رغم انها رأته صباح اليوم الماضي إلا انها مشتاقـــــــ ..........

// الفراش خالي .. والاجهزة غير موجودة .. الغرفة خاليـــــــــــــة //

خرجت وهي تركض باتجاه غرفة استراحة الممرضين وفتحت الباب دون طرقها .. نهض أحد الممرضين باستغراب .. : تفضـــلي اختي ..

قالت ودموعها قد أخذت تنساب بغزارة .. : محــ ..... محمد سلطــان .. مو موجود .. ويـــــــــ .. ويــــنه .. ؟؟؟

اجابها .. وهو يشعر بالأسى .. : احـــم .. عطـــــ .. عطــــااك .. – سكت لثواني .. ثم قال - .. روحي الطابق الثاني .. تلاقيــــ ..

لم تسمع ما قاله بعد ذلك .. الطابق الثاني .. انه في الطابق الثاني .. نزلت السلالم بسرعة .. طابق بعد آخر .. حتى وصلت الى الطابق الثاني .. دخلت بسرعة وهي ترى العديد من الرجال .. الذين حجبوا الرؤيا عنها .. تسللت فيما بينهم .. الواحد تلو الاخر .. حتى رأت والدتها تجلس على الارض .. بجانب باب .. كُتب فوقه ..

// المشــــــــــرحة //

ارتجفت اوصالها .. واخذت تتعثر في خطواتها .. : يمـــــ .. يمــــاا ..

لم تجيبها .. تقدمت أكثر .. حتى وصلت .. والاصوات من حولها بدأت تتشوش .. : يمـــــا ..

- نجـــــــــود .. – بدأت تبكي بصوت أقرب للنياح - .. رااااح .. محمــــــــد راااااااااااح وخلاني .. اخووووك رااااااح ..

حركت رأسها بعلامة النفي بقوة .. : لااا يمااا .. تكفييييييين لا تكذبين علي .. لا تمزززحييين يمااااا ..

فتحت ذراعيها .. لتحتضن ابنتها .. عسى ان يخف الوجع المتوسد في قلبيهما .. : تعالي نجود .. تعالي ..

رجعت الى الخلف خطوتين .. ثم توجهت انظارها نحو * المشرحة * .. هناك .. إنه داخل هذه الغرفة ذات الاسم الموحش .. " لا تقلق يا محمد سأخرجك منها !! " .. مشت بخطوات مسرعة نحو الغرفة .. ودفعت الباب .. لتلفحها رائحة المعقمات المزعجة .. لا يهم .. ستخرج * محمد * .. بالتأكيد انه مختنق من شدة الرائحة .. : محمـــــــــــد .. محـــــــــــمد ..

صراخ من داخل الغرفة .. وصراخ من خارجها يحثها على الخروج .. لـــــن تخرج .. لن تخرج إلا و * محمد * معها .. : محــــ ..

بترت إسم ذلك الحبيب .. وهي ترى اليد التي أُطبقت على خصرها .. والاخرى أغلقت مجال الرؤيا امامها .. ورفعت من على مستوى الارض .. هل يحرمونها من رؤيته ؟!.. هل يريدونه ان يبقى لوحده هنا ؟!.. انه يكـــــــــره رائحة المعقمـــــــات .. يكرهها .. لن يستطيع ان يبقى هنا .. سيختنق .. : محمـــــــــد .. آآآآآآآآ .. محمـــــــــــــــد ..

- اصصصصصص .. يكفي .. محمد ماااات ..

ابتعدت اليدين عنها .. نظرت حولها .. هذه والدتها تقف بجانبها .. وهذا .. من هذا ؟ .. نعــــــــم انه * عبدالله *.. صرخت بغضب .. : مااااااااا ماااااااااااات .. ماااااااااا بيمووووووووت .. هوووو يحبني .. ماااا بيخليـــــني ..

نظر إليها بأسى .. ثم نظر الى الارض .. يبدو ان من شدة صدمتها لم تستوعب إنها بدون – الخمار - ..

نجــــود .. : يماااا .. محمد ما بيموووت .. مستحيل يمووت .. – التفتت نحو غرفة المشرحة .. ثم قالت بهستريا - .. يمااااا .. محمد ما يحب الريحة هذي ..

احتضنتها والدتها بقوة .. وهي تبكي فراق ولدها .. فلذة كبدها .. دون ان تقول اي شئ ..

نجود .. بترجي .. : والله مااااا يحب هذي الريحة .. لما انظف الحمام ما يرضى اني استخدم المطهررررر .. يمااااااا طلعووووه .. تكفيييييييييين ..

ام محمد .. وهي ما زالت محتضنة * نجود * التي تحاول الافلات من قبضتها : بنطلـــــ ... بنطلعـــــــة والله .. بس يخلصون الاجـــــ ..

لم تنهي جملتها .. لأن نجود الباكية .. سقطت أرضاً ..



******



إنتهـــــــــــــــــــــــــى



مع تحيــــــــاتي
الكاتبة .. صمت اللهيب

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
قديم 20-09-11, 12:43 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165538
المشاركات: 21
الجنس أنثى
معدل التقييم: أكرهك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أكرهك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أكرهك المنتدى : الارشيف
افتراضي

 




/3/




" بــــــــعد مرور ثلاث ايام "



الرياض
جامعة الملك سعود
8:45 صباحاً


أوقف - سيارته - في المواقف المخصصة للسيارات في الجامعة .. وترجل منها بشكل سريع وهو يتحدث في هاتفه المحمول ..

- فويرس قلت لك انا جاي الحين ..... طيـــب دقايق واكون عندك .... انتظرني ....

اغلق الهاتف قبل سماع جواب الطرف الاخر على كلامه .. وهو يحاول ان يسرع في خطواته قدر الامكان .. فـ - فارس – بانتظاره منذ فترة ليست بقصيرة .. ذلك لانهم كانوا متفقين على التلاقي في تمام الساعة الثامنة .. لمحاولة فهم احدى المسائل .. التي من المفترض ان يخوضوا اختباراً فيها هذا اليوم الساعة العاشرة .. ولكنه .. كالعادة .. بقى مستيقظاً طوال الليل لمشاهدة احد الافلام .. مما ادى الى استيقاظه متأخراً صباح اليوم .. اتسعت عيناه وهو يرى اولئك الحثالة .. يتبخترون على مقربة منه .. ركض بسرعة ودخل الى – الحمامات - .. واختبأ في احدى غرف دورات المياه الداخلية .. انه يتجنبهم منذ قرابة الاسبوعين .. ليس خوفاً منهم .. ولكن خوفاً من فقدانه لرشده برفقتهم .. انتظر عدة دقائق .. وهو يقدر المدة التي سيستغرقونها حتى يعبروا هذا المكان .. ليخرج بعد ذهابهم .. ارتفع صوت رنين هاتفه .. بأحدى الاغاني الاجنبية الصاخبة .. ولكنه ضغط على الزر الاحمر بسرعة .. وهو يتوعد فارس ..

فتح الباب بهدوء .. واخرج رأسه لينظر يميناً ويساراً .. المكان خالي .. وبإمكانه الخروج بأمان .. خرج وهو يسير نحو الباب الرئيسي لدورات المياه .. ولكن وقبل ان يصل .. أُغلق الباب .. وخرج من خلفه احد اولئك الاوغاد .. ازدرد ريقه ورجع خطوتين الى الخلف .. ليصطدم بآخر .. التفت وهو يرى الاثنان الاخرآن يقفان خلفه ..

- ايــــــــش فيك خلود ؟ .. ليه خـــايف ؟ ..

ابتسم خالد ابتسامة مصطنعة .. : وليه اخاف ؟ .. اخباركم شباب ؟.. من زمان عنكم ..

تقدم الشاب الذي كان يقف خلف الباب .. وهو يبتسم .. : حنا بخير .. بدون اللي سويته طبعاً ..

قال خالد باستغراب كاذب .. وفي نفس الوقت رن هاتفه القابع في يده اليمنى .. : وانا ايش سويت ؟ ..

ارتفعت ساق احدهم وركله بقوة .. مما أدى الى انحناءه الى الامام بوجع .. وسقوط الهاتف من يده .. : ما تدري ايش سويت يا ×××× ؟ ..

لم يجيبه خالد .. بل بقي عاقداً حاجبيه .. بسبب شدة الالم .. وهاتفه توقف عن الرنين بعد ان تكسر الى قطع صغيرة ..

قال الاول .. : رد علينا .. ما تدري ايش سويت ؟ ..

اعتدل بوقفته .. لكن يده اليمنى ما زالت على صدره .. وهو يتنفس بصعوبة .. : سويت الشي الصحيح .. انا ما قدرت اتركه وهو بـــ ...

قاطعته قبضة ذلك الساكت منذ البداية .. حينما لكمه بقوة .. : الشـــــــــي الصــــــــحيح ؟ .. انا باعلمك الشي الصحيح وشلــون شكله ! ..

خالد .. وهو يضع يده اسفل انفه .. الذي بدأ بالنزيف .. : ايــه الشي الصحيح .. احمد ربك اني ما رحت وفضحتك عند الشرطة ..

لكمة اخرى من نفس الشخص .. افقدت * خالد * توازنه .. وسقط على الارض بعنف .. : تهددني يا خالد ؟ - ضحك بسخرية .. وهو يطبق اصابع يده اليمنى على شعر * خالد * ليجبره على الوقوف – انـــا اتهدد .. وخالد اللي يهددني ..؟

ابتسم صاحبيه .. وهما يتقدمان .. ليعيقا حركة * خالد * .. امسكاه من الجهتين .. اليمنى واليسرى .. وذلك الغاضب يقف امامه .. : تدري .. لو انه ما مات .. كنت دفنتــــك بمـــكـــــانـه .. احمـــــــد ربــــــك انه اخـــــذ روحــــه .. قبل لا آخـــذ روحـــــك ..

خالد .. والصدمة قد شلّت عقله .. حتى عن استيعاب الالم .. لم يفكر بشئ قبل الان .. كل ما كان يشغل تفكيره .. هو انه قام بعمل اللازم .. لم يفكر بما قد يحدث بعد ذلك .. قال بصوت مخنوق .. : مــــــــــات ؟..

قال الاخر بارتياح .. : ايـــــــــه مات .. – ثم قال بشئ من السخرية - .. خليك عاقل واهتم بأمورك الخاصة .. لا تدخل باشياء ما تعنيك .. طيب يا شاطر ؟ .. والا واللي خلقك .. بتلحقه باقرب وقت ..

خالد وعينيه قد بدأت بالالتماع .. فلم يستطيع تخيل ما حدث .. فعل ما بوسعه .. ولكن على ما يبدو .. لم يكن ما فعله كافياً .. لم يكن ذلك كـــافياً .. قال متسائلاً .. دون ان يعير ما قاله الاخر اي اهتمام .. : حنا قتلناه ؟ ..

ارتفعت ساق الشخص الواقف امامه .. وركله بين فخذيه بقوة .. الامر الذي دفع خالد الى السقوط على الارض وهو يتأوه بشدة .. : اااااااااه ..

قال منهياً الحديث وبلهجة أمر .. : كل اللي صار تنساه .. وهذا ما كان الا مجرد تهديد بسيط عشان ما تتدخل مرة ثانية فأمور ما تعنيك ..

خرجوا بهدوء .. كما دخلوا في البداية .. وبقي هو يصارع الالم لوحده .. في دورات المياه ..


******


الرياض
فيلآ سلمـــان المــاجد
10:25 صباحاً


تشعر وكأنما لو كانت عينيها قد أُغمست بمحلول حمضي ولفترة طويلة .. فاحمرارهما اصبح امراً غير طبيعي .. وحجمهما كذلك .. وهي الان غير قادرة على فتحهما لفترة لا تزيد عن عدة دقائق .. رفعت يديها وضغطت عليهن بقوة .. علّها تشعر بارتياح .. لكن وكما اعتادت طوال الثلاثة ايام الماضية .. لم يحدث شيئاً مريحاً لها .. بل تم خروج مزيداً من الدموع .. امتدت يدها اليسرى لعلبة المناديل الورقية .. اخذت منديلين ومسحت دموعها بعنف .. مما جعل وجهها يصبح اكثر احمراراً .. نظرت لأختيها النائمتين بجانبها على السرير المزدوج .. ثم نهضت ببرود متوجهة نحو باب هذه الغرفة التي تعتبر بعيدة جداً عن مستواهم .. ولكنها غيرت رأيها .. وجلست على الارض بجوار السرير .. في انتظار والدتها التي ذهبت لتناقش صاحب هذا القصر بأمر عودتهم الى منزلهم .. اغمضت عينيها باسترخاء في محاولة لأخماد الحريق المتأجج فيهما ..

مضت فترة طويلة نسبياً .. حتى سمعت صوت فتح الباب .. رفعت رأسها وهي ترى والدتها تدخل بهدوء .. وتغلق الباب خلفها .. وتتقدم لتجلس على السرير .. دون ان تنبس ببنت شفة .. قالت تلك الشابة بنفاذ صبر .. : ايش صار معك .. ؟

لم تجيب ابنتها .. لانها خجلة من مواجهتها .. فلقد خذلت فتياتها الثلاث .. في الماضي اعتمدت على زوجها .. وبعد رحيله اعتمدت على ابنها .. ولكن بعد رحيل الاخير .. لم تجد شخصاً بأمكانها الاعتماد عليه .. وهي انسانة ذات شخصية ضعيفة منذ صغرها .. لم تستطع مواجهة احد فيما سبق .. ولم تستطع مواجهة ذلك المتسلط اليوم ..

قالت بتعب .. : يماا واللي يسلمك قولي ايش صار معك ؟ ..

صوت ابنتها الهالك .. جعل عقلها يعيد ذكريات رحيل احبتها .. فشرعت بالبكاء المؤلم .. دون كلام .. تشعر ان حبالها الصوتية قد اصبحت متصلبة .. تحاول البحث عن صوتها لكن عبراتها تمنع ذلك ..

زحفت ببطئ .. وجلست بجانب قدمي والدتها .. ويديها تحيط بذراع تلك الباكية .. تعلم ان ما ستقوله بعيد كل البعد عن ما تشعر به .. لكنها اصبحت الكبرى بعد رحيل ذلك الحبيب .. ولا بد ان تتصرف بمثل هذه المواقف بشجاعة .. : لا تبكين يماا .. ما يجوز .. يكفي يالغلا .. الحزن ثلاث ايام .. ما يجوز تبكين ..

رفعت يدها اليمنى .. واخذت تمسح على شعر تلك الفتاة بمحبة بالغة .. وبكائها يزيد .. فهاجسها الان اصبح بخوفها من الموت .. ماذا سيحدث لهذه الفتاة واختيها بعد رحيلها عن الدنيا ؟ .. لم يعد هناك شخصاً سيمد لهن يد العون .. لا احــــد .. قالت بصوت متقطع .. وهادئ .. : حنـــ .. ـــــا .. بنـــضيـــــع .. بنضيع .. بعـــ .. بعـــد محمـــ ... ــــد ..

قالت بسرعة .. رغم صحة كلام والدتها .. : لا يماا .. انتي مؤمنة بقضاء الله وقدره .. ليه تقولين كذا .. ؟

قالت وصوتها ما زال كسيراً .. : مـــا في حد بيرحمنا .. يا نجـــ ... ــــود ..

نجود .. وفي فكرها سؤال واحد .. : ايش قال لك ؟ ..

حركت رأسها نفياً .. : ما يــ .. ما يرضـــ ... ـــى ..

وقفت بغضب .. وهي ترتدي عبائتها على عجل .. : ما هو على كيفه ..

قالت والدتها بنحول .. : نجــود لا تسوين مشكــ .. ـــلة ..

نجود .. ولسان قلبها يقول " شاهدي ماذا سأفعل يا أُمـــاه " .. : لا تخافين يماا .. بس بكلمه ..
ارتدت حجابها .. و - لثمتها - .. وخرجت من الغرفة بسرعة .. تحت انظار والدتها ..

رغم كبر المنزل .. الا انها استطاعت ايجاد مكان اجتماعهم بسهولة .. ربما ما سهل عليها الامر .. هو مكان الغرفة التي ناموا فيها طوال الثلاثة ايام الماضية .. فهي في الطابق الارضي .. وقفت امام باب غرفة معيشتهم .. وهي تحاول ان تقيم الوضع قبل بدئها في الحديث .. المكان ممتلئ باشخاص كثيرين .. لم تعرفهم في الماضي .. ولن تعرفهم اليوم .. لكن ذلك الوغد موجود .. استطاعت ان تميزه من العصا التي يحملها .. فهو يجلس مولياً اياها ظهره .. نظرت الى التلفاز المفتوح على احدى القنوات الرياضية .. هل هذه طريقة حزنه على ابن اخوه المتوفي ؟ .. وصوت ضحك احدى الفتيات الموجودات ضمن نطاق ذلك المكان جعل قلبها يرتعش بغضب .. لمــــــاذا هم غير مبالين هكذا ؟ .. انه ابنهم .. ومن لحمهم ودمهم .. هل تم نسيانه بعد ثلاثة ايام فقط ؟ .. عجيــــب امرهم ..

تقدمت ببرود فضيع رغم الحسرات المتدفقة في شرايينها .. استغربت سكوتهم فجأة .. هل يمثلون الحزن امامها ؟ .. ام انهم مستغربين وجودها بينهم ؟ .. لا تعلم .. وقفت بجانبه .. وهي تنظر الى جانب وجهه الايسر .. ثم قالت بنبرة قوية .. وصوت واضح .. : حنــا بنروح البيت اليوم ..

قال بهدوء .. وبدون ان يلقي عليها اي نظرة .. : قلت لأُمك جوابي .. روحي لها وهي بتفهمك ..

قالت مرة اخرى وبصوت اقوى .. : حنـــــا بنــروح بيتناا ..

اعتصر رأس العصى .. القابعة في يده اليسرى بقوة .. لدرجة اصبح فيها كف يده ابيض اللون .. وانقبضت عضلات فكه .. وهو يقول .. : ما خذت رايك في الموضوع .. روحــ ..

قاطعته باستهزاء تــام .. : وانا ما جيت اطلب منك الموافقة .. انا اعطيك خبر بس ..

وقف ببطئ .. مشى بجانبها .. وتعداها .. : لو ما كنتي بنت المرحوم .. كنت ربيتك من جديد ..

التفتت بغضب .. وقالت وهي تنظر اليه .. وهو يسير نحو الباب ليخرج .. : وريــــني كيف بتربيني يا ســــلمــان .. !!!

صدرت شهقات متفرقة .. من جميع الجالسين في المكان .. استنكاراً لإسلوبها .. اما هو فتوقف عن المشي حينما سمع صوت الصفعة القوية التي صدرت من احد ابناءه .. بحق هذه الطفلة الرعناء ..

- عــــــمك وتاج راسك يا حثـــــالة ..

التفت نحو ابنه الغاضب .. ورآها ساقطة على الارض من شدة الصفعة .. والاخرين يشاهدون ما يحدث بدهشة .. وصمت تام .. ابتلع ريقه .. لا يريد لابناء * سلطان * ان يعانوا .. اكثر مما عانوه في السابق ..

اما الاخر .. فكان ثائراً من شدة الغضب .. من هي .. لتتجرأ على رفع صوتها في حضرة والده ؟ .. والادهى من ذلك .. تناديه بأسمه بهذه الطريقة المستهترة ؟ .. انحنى ورفعها من صدر عباءتها .. و- لثمتها - قد سقطت عن وجهها .. لتقف مواجهة له .. وهو يصرخ .. : ان ما عرف ابوك واخوك يربوك .. انا باربيك واخليك ما ترفعين راسك بحضرته ..

قال بصوت هادئ .. : نايـــف .. خلاص ..

لكن نايف .. لم يكن يعي ما قاله والده من شدة غضبه .. : واللي خلقك .. لو سمعتـــــــك مـــرة ثانيــة تتكلمين معاه بالطـــريقة هذي .. بادفنـــــــك بأرضــــــك .. فـــــــااااهمـــة ؟

هل يوجد اقسى من هذا الوضع ؟ .. فيما مضى .. اذا صرخ بوجهها احد ما .. كان والدها مستعداً لقتله .. وبعد رحيل ذلك السند .. كان * محمد * يثور غضباً حال سماعه بإنها بكت بسبب شخص ما .. لكن اليوم .. من سيقف بوجه هؤلاء ؟ .. من سيحول بينها وبينهم ؟ .. من سيعمل جاهداً على منع دموع عينيها المتساقطة ؟ .. نظرت لوجهه القريب منها .. وشفتيها قد بدأت بالارتجاف دليل على اقتراب نوبة من البكاء المنهك .. وهي تقول بوجع .. : عمــي ؟ .. تقــ .. ـــول عمي ؟ .. - شهقت بألم .. ودموعها بدأت تتساقط مرة اخرى – أي عم ذا اللي شفته اول مرة فحياتي بعــــزا ابوي ؟ .. والمرة الثانيـــ .. ـــــة .. وبكل قواة عين .. فعــ ... ــــــزا اخوي .. وان شالله المرة الثالثة بتكون بوفاة وحدة منا !!!

نظر الى وجهها المغرق بالدموع .. ولسان قلبه يحدثه بعظمة حزنها الان .. والمها بسبب ما فعل .. ولكنه غير نادم على ذلك .. فوالده .. بالنسبة له شئ لا يمكن لأحد التطاول عليه .. صرخ مرة أخرى وهو يدفعها الى الخلف .. : انقلـــعي من قدامي ..

ارتدت الى الخلف .. وانزلت رأسها بانكسار .. هل هؤلاء اهلها فعلاً ؟ .. هل ستأتي اليهم يوماً في حال احتياجها لشخص يسندها ؟ .. رفعت رأسها مجددا ونظرت لذلك العم القاسي .. الذي بدوره اكمل طريقه بعد مشاهدة هذه المسرحية الهزلية .. لكنه صادف زوجة اخاه تقف امامه وعينيها على ابنتها الكبرى .. : خذيها وروحوا لبيتكم يا ام محمد ..

حركت رأسها بإيجاب .. وهي تنظر لـ * نجود * الباكية .. لم تعد تخاف ابداً .. فلديها فتاة تستطيع الدفاع عنهم .. : يالله نجــــود ..

مشت نجود بهدوء .. وتعدت * عمها * .. وذهبت ماشية بجوار والدتها للغرفة المخصصة لهم .. لإخذ حاجياتهم استعداداً لعودتهم الى المنزل الذي ضم محمد و اباه ..


******


الرياض
مستشفى ال ****** الخاص
12:30 ظهراً


يسير في ممرات المشفى بهدوء .. عكس الثورات المتأججة في داخله .. بعد انهاءه لصلاة الظهر في مسجد المشفى طبعاً .. وهو يحمل املاً بين اضلاعه .. فعسى ان يرق قلب ذلك العنيد .. ويريح قلبه المُتعب .. وصل الى الغرفة التي تحمل الرقم 543 .. الرقم الذي حفظه غيباً .. وبقي يحلم بخبر قد يصدر من ساكن الغرفة تلك .. طرق الباب مرتين .. ثم فتحها دون ان ينتظر اجابة ممن يجلس فيها .. نظر الى الفراش الخالي .. ثم وجه نظره الى ذلك الرجل الجالس على مقعد متحرك وينظر الى النافذة بشرود .. وهو مولي الباب ظهره .. دخل .. واغلق الباب خلفه .. ومن ثم تقدم ليقف بجوار المقعد المتحرك .. وهو ينظر الى المدى البعيد .. قال بعد استمرار صمت الجالس .. : شعور المظلوم .. شعور صعب ..

رد عليه الاخر بسؤال .. دون ان يغير اتجاه نظراته .. فهو يعرف الزائر الوحيد الذي اعتاد على القدوم الى هنا طوال الثلاث ايام الماضية .. : ليه انت جربته ؟

ابتسم بضيق .. : وايش تسميني الحين ؟ ..

قال باندهاش .. وهو يلقي نظرات مستصغرة للاخر .. : المفروض اسميك مظلووم ؟؟؟؟ ..

نظر نحو صاحب الغرفة .. : ايــه .. انا مظلووم ..

حرك رأسه نفياً .. وباستنكار .. : ظـــاالم .. انت ظـــااالم يا عبدالعزيز ..

اجابه عبدالعزيز بهدوء .. : انت ما تعرف اللي صار بالضبط .. ما تـــ ..

قاطعه عادل .. : لا تحـــاول تغير فكرتي عنك .. في عقلي كثير اشخاص مظلومين .. وانت وحدك اللي ظالمهم ..

سحب مقعد .. كان على بعد عدة خطوات .. وجلس بجوار الاخر .. : انا ما ظلمت احد .. الا لاني انظلمت قبله ..

عادل .. : لا تكمل .. انا ما ابي اسمع شي عن الماضي ..

عبدالعزيز .. بصوت ساخر .. : واللي تسويه الحين .. ما يعتبر شي عشان الماضي ؟؟ ..

التفت عادل نحو الامام .. : ما ابي اسمع شي عن الماضي .. منــــــــك .. لانك بنظري .. شخص كذاااب ..

قال عبدالعزيز بشئ من الغضب .. : انا ما كذبت عليك او على نجلا ..

اغمض عينيه بهدوء .. : كذبت علي .. يوم اللي عرفت ان نجلا توفت ..

صرخ عبدالعزيز بانفعال .. : بأيش كذبت عليك ؟؟؟ ..

قال وما زال الهدوء يغلف نبرة حديته .. : كذبت علي لما مثلت انك حزين .. وانك ندمان .. لدرجة اني قررت اقولك عن بنتك .. لكن وبكل حقارة .. بعد اسبوع سمعت انك ملكت على وحدة ثانية .. ومن عائلة غنية .. ما هي بمستوى نجــ ..

عبدالعزيز .. بصوت حاول فيه ان يكتم غضبه .. : ايـــــه .. انا ما انكر هذا الشي .. بس انـــا .. انا .. – لم يجد ما يقول - ..

قال عادل .. : انت كذاب ..

عبدالعزيز .. باستسلام .. : طيب .. انا كذاب .. وظالم .. بس ايش ذنب البنت ..

قال بابتسامة .. : ذنبها انك ابوها ..

عبدالعزيز .. بمحاولة .. لاستعطافه .. : لو عرفت انك سويت كذا .. وان حياتها طول ال 22 سنة كانت كذبة .. ايش تتوقع بيكون ردها ؟ ..

عادل .. ببرود كاذب .. : ما بتهمني ردة فعلها .. لاني بكون ميت .. وهي بتكون عندك .. لو بيصير عليها شي .. بتكون انت السبب فيه .. وانت اللي بتتعذب ..

عقد حاجبيه .. : وعقاب ربك ؟ .. ما تخافه ؟ ..

اجابه بسؤال .. : انا عندي مجال اني اصحح اللي سويته .. لكن انت كيف بتصلح خطأك ؟؟؟ .. ونجلا ماتت .. ومافي مجال انك تطلب منها السماح ..

عبدالعزيز .. وبعد ان اصبح الكلام فيما بينهما عقيماً .. : ابي بنتي يا عادل !!

قال باستهزاء .. : لاحظت انك في البداية استخدمت التجاهل معي .. وما نفعك .. وبعدها استخدمت العصبية .. وما نفعتك .. والحين تستخدم معي اسلوب اللطف .. – اتسعت ابتسامته - .. بقولها لك .. بعد ما ينفعك ..

عبدالعزيز .. : وايش بيصير .. لو ربك ما اخذ امانته الحين ؟ ..

قال عادل وهو يدير عجلات مقعده .. متوجهاً نحو السرير .. : بتبقى تتعذب .. وانا استمتع بشوفتك كذا ..

نهض عبدالعزيز .. ومشى نحو الباب .. وهو يسجل رقماً جديداً لعدد محاولاته الفاشلة في ثني * عادل * عن ما يقوم به .. : انا بناديلك احد يساعدك .. وبروح ..

نظر الى طليق اخته المرحومة .. وهو يفتح الباب .. : عبـــدالعـــزيز ..

توقف عن السير .. دون ان يلتفت ..

عادل .. : خايف ان ربك ما ياخذ امانته ؟ ..

التفت نحوه ببطئ .. وقال له .. : انا ما ابي موتك .. لكن ابي بنتي ..

ابتسم وعينيه تلتمع نتيجة تجمع الدموع .. : بياخذها .. الحين او بعدين .. بيااخذها ..

خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه بهدوء .. وبقي واقفاً لعدة ثواني .. كما يفعل يومياً ومنذ ثلاثة ايام .. متى سيعرف مكانها ؟ .. متى سيراها ؟ .. متـــى ؟ ..


******



يتبـــــع

 
 

 

عرض البوم صور أكرهك  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القسم العام للروايات, الكاتبة صمت اللهيب, اقسام الروايات, روايات صمت اللهيب, روايات كاملة, رواية مميزة, رواية الخطايا, رواية الخطايا السبع, رواية الخطايا السبع كاملة
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:43 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية