لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-07-11, 02:05 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46839
المشاركات: 2,235
الجنس أنثى
معدل التقييم: هدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 757

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هدية للقلب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اية الحماس دة كله ربنا يعطيك العافية يا قمر
حبيت اسجل حضورى واكون اول المشجعين
باين من الملخص انه رائعة كمليها بسرعة
شوقتينى كتيير تسلم ايدك

 
 

 

عرض البوم صور هدية للقلب   رد مع اقتباس
قديم 22-07-11, 11:55 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2- الأرض الذهبية





كان الفجر قد طلع حين أستيقظت سارة من نومها , فنهضت من الفراش بسرعة وأرتدت القميص والسروال اللذين كانت ترتديهما في الليلة الفائتة ثم لبست صدرية من الصوف فوق قميصها وأدخلت رجليها في حذاء قديم خاص بركوب الخيل.
وكانت السماء قد أصبحت زرقاء فاتحة حين خرجت من البيت , ورؤوس الأشجار ظهرت بلون الذهب في مواجهة شعاع الشمس المشرقة , وبدأت معالم الأشياء تتّضح حولها وهي تتسلق قمة الجرف وراء البيت , والصخرة تحت أصابعها تزداد حرارة وتلوّنا , وتحرك شيء ما بين الشجيرات في أسفل الجرف , ولاح فراء منقّط بالأصفر ثم لم يلبث أن أختفى , لعلّه ضبع , فكرت سارة في نفسها وهي تتمسك جيدا بصندوق التليسكوب الذي تحمله على ظهرها , فغالبا ما كانت الضباع تجيء للتجول حول المركز , تجذبها الى ذلك رائحة الطعام , حتى أن أثنين منهما شقّا طريقهما مرة الى مخزن المؤونة , والدليل على ذلك ما أحدثاه من خراب في المخزن , فضلا عمّا بان من أثر لدعساتهما عند طلوع الصباح....
منتديات ليلاس
وبلغت سارة الفجوة التي كانت تستهدف بلوغها , ثم قامت كعادتها بفحص المكان للأطمئنان الى أن لا وجود فيه للأفاعي قبل أن تجلس وتسند ظهرها الى الصخرة , وهي غالبا ما قصدت هذا المكان في الصباح , لأنه مكان رائع تشاهد منه البراري التي أحبتّها , فوراء النهر بضفتيه الواقعتين عند طرف الغابة تمتد السهول الى ما لا نهاية , ولا يقطعها غير بيوت النمل الترابية والشجيرات المسطّحة الرؤوس التي تحب الزرافات أن تقتان منها , وحين ينقشع غبش الليل عند طلوع الفجر والحر لا يكون قد كوّن ضبابه بعد , يمكنك أن تشاهد أقاصي الأرض.
وكان بوسع سارة أن تشاهد من هناك جميع أنحاء المركز وما يشتمل عليه من مبان , فرأت تيديخرج من البيت ويبدأ قبل تناول طعام الفطور بفحص سيارة اللاندروفر التي تخص ستيف يورك , وبعد بضع دقائق خرج ستيف نفسه , وأخذ يتحدث الى تيد قبل أن يعودا معا الى داخل البيت , وتذكرت سارة كيف تبعها ستيف الى الخارج في الليلة الفائتة , فأضطربت أعصابها .... كان لم يمض على مجيئه أكثر من أربع وعشرين ساعة ومع ذلك أفسد كل شيء , وتمنت لو كان بروس مادن هو الذي جاء بديلا عن والدها , بل يا ليت والدها لم يضطر الى القيام بتلك الرحلة , فهي لم تكن تحب التغيير , خصوصا أذا جاء على شاكلة الطاغية ستيف يورك!
وألتفتت الى السهول لتلقي نظرة ثانية عليها لآخر مرة قبل أن تهبط المنحدر , رأت مختلف الحيوانات البرية ترعى هناك في أمان , وفجأة بدأت تتراكض على نحو يوحي التحفظ والحذر , لا الخوف والذعر....
وحوّلت سارة نظارتي التليسكوب لترى السبب الحقيقي , فرأت تحركا بين الشجيرات التي الى اليمين , وحين ركّزت النظارتين أبصرت ثلاثة أفريقيين بلباس رعاة قبيلة مازي يخرجون ببطء وحذر الى العراء , وكانت أشعة الشمس تلمع على البنادق التي يقبضون عليها في أيديهم , فتوقفوا وتحادثوا قليلا , ثم رفع أحدهم يده نحو قمة المنحدر , كما لو كان يشير الى الطريق التي يجب أن يسلكوها , وبدا لسارة أنهم كانوا يتجادلون , ثم لم يلبثوا أن رجعوا جميعا الى حيث جاءوا.
منتديات ليلاس
وظنت سارة أنهم سيأخذون طريقهم حول محيط الأرض المكشوفة مخافة أن يراهم أحد , فأسرعت الى الوقوف على قدميها ووضعت التليسكوب في صندوقه , لم يكن هؤلاء من المازيين , ما في ذلك أي ريب , كانوا قصار القامة , وبشرتهم قليلة السواد , وتساءلت أذا كانوا يعرفون كم هم قريبون من المركز , ولماذا يسيرون في مثل تلك الساعة , على أن هذا التساؤل لم يكن مجديا في تلك اللحظة , فهنالك ما كان أجدى منه بكثير.
وأستغرق نزوبها هذه المرة ثلث الوقت المعتاد , وحين وصلت الى أسفل المنحدر هرعت الى المركز , فوجدت ستيف على الشرفة يدخن سيكارة ويراقبها وهي تقفز الحاجز وتتجه الى البيت , وما أن أقتربت منه حتى بادرها قائلا:
" أين كنت؟".
فأشارت سارة بيدها الى المنحدر وقالت:
" كنت هناك ..... والآن دعنا نرجىء الشروح والتفاسير ونعالج ما هو أهم.... أظن أنني رأيت اللصوص الذين تطاردونهم ...... أو سواهم , لا فرق".
فصاح ستيف قائلا:
" أين؟".
" تعال لأريك , ويجب أن نسرع لئلا نفقدهم".
وقفز ستيف فوق حاجز الشرفة الى حيث وقفت سارة , وبعد أن أصدر أمره الى الخادمين الأفريقيين في المركز بالبقاء حيث هما , طلب من سارة أن تدله على الأتجاه الذي يجب أن يسير فيه .
فقالت له سارة:
" أنت لا تعرف المنطقة كما أعرفها أنا , ولذلك فالوصول الى هناك يستغرق منك وقتا طويلا , وأقترح أن أذهب معك".
قال لها ستيف على مضض :
" حسنا , أصعدي الى السيارة".
فصعدت سارة الى السيارة وجلست في المقعد الأمامي بعد أن حيّت بمرح الحارسين الجالسين في المقعد الخلفي , وأعطى ستيف بعض التعليمات لتيد , ثم جلس بجوارها وأطلق للسيارة العنان , وبعد عشر دقائق وصلوا الى حيث رأت سيارة الأفريقيين الثلاثة , ثم صرفوا ست أو سبع دقائق للسير حول المرتقع الذي كانت سارة متأكدة أن اللصوص كانوا يقصدون اليه , وأوقف ستيف السيارة ورفع نظارتيه الى البعيد وأخذ يجول بنظره في كل ناحية , كان الحر بدأ يشتد ويجعل الرؤية غير صافية تماما , ثم أنه كان هناللك مئات الأمكنة التي بوسع الأفريقيين اللصوص أن يختبئوا فيها أذا كانوا سمعوا هدير السيارة , وأعلنت سارة عن شكّها في أنه كان بأمكانهم أن يسيروا الى أبعد من ذلك المكان في المدة التي أنقضت....
وحانت منهم ألفاتة فرأوا حركة بين الشجيرات الكثيفة بالقرب منهم , ثم لم يلبثوا أن شاهدوا رأس الكركدن بقرنه الضخم يخرج الى العراء , فلا بد أنه أحس بوجودهم هناك , ولكنه كان قصير النظر بحيث لم يكن بوسعه أن يتبين ما يراه , أقترب منهم قليلا وتوقف يفكر ماذا يعمل , وأستبدّ به حب الأستطلاع , فترك الحذر جانبا وركض نحو السيارة , فأسرع ستيف الى مقعده وقاد السيارة بعنف الى اليمين , ونظرت سارة الى الوراء فرأت أن الكركدن يهمّ بالهجوم ولكنه يتردد , أذ لم يلبث أن عاد الى مشيته الطبيعية وأحنى رأسه وأخذ يرعى , كان يصعب التكهن بتصرفاته , كما أن غباءه لا يصدق , على أن هجمة منه كانت كافية لتحويل السيارة الى حطام.
منتديات ليلاس
وكانوا الآن قد وصلوا الى وسط النباتات الشائكة حيث أنقطع هبوب الريح وساد السكون لولا صوت هدير السيارة , ولو كان اللصوص مختبئين هناك لكانوا في حال مزعجة جدا....
وبلغت السيارة الى فسحة من الأرض عبر أعشاب طويلة كثيفة في أستطاعتها أن تخبىء مئة رجل .
وقال ستيف فجأة :
" من الأفضل أن نعود , فلا شيء هنا".
فرمقته سارة بنظرة عاجلة وقالت:
" أنا متأكدة أنني رأيتهم يتجهون الى هنا....... أنت لا تصدّقني ....... هل تعتقد أنني لفّقت الأمر تلفيقا؟".
أجابها ستيف بوجه عابس:
" لا أعلم ماذا أعتقد ..... حاولي أقناعي مرة أخرى!".
فتطايرت عيناها شررا وقالت له:
" لا وفقك الله .... لك أن تعتقد ما تشاء.... هذه هي آخر مرة ......".
قاطعها ستيف قائلا بنبرة حادة:
" كفى!".
وكان الحارسان الجالسان في المقعد الخلفي يصغيان الى كل كلمة ويبتسمان , عضّت سارة على شفتها وغرقت في مقعدها متناسية الذين يرافقونها.....
وفي طريق العودة الى المركز لم ينطق أحد بكلمة , وقبل أن تتوقف السيارة أمام الباب الخارجي قفزت سارة من السيارة وأخذت تصعد السلم , ولم تكد تصل الى وسطه حتى كان ستيف قد لحق بها وألقى يده على كتفها وأدارها نحوه قائلا لها بخشونة:
" لا تقولي مثل هذا الكلام أمام رجالي مرة أخرى , وألا أنزلت بك عقابا لا تنسينه!".
ففتحت سارة فمها ونظرت الى عينيه , ثم أطبقته بغتة وأستأنفت صعود السلم , وعبرت الشرفة الى حيث مدّت مائدة طعام الفطور , فوجدت تيد وكيماني جالسين وعلى وجهيهما ما يدل على أنهما سمعا ما قاله لها ستيف على السلم , وتناولت سارة بغير مبالاة أبريق القهوة وسكبت لها فنجانا , ثم أخذت قطعة من الخبز المحمص وأتجهت نحو أقرب مقعد وجلست فيه , وحين وصل ستيف الى هناك وجدها تلتهم الخبز , كما لو كان ذلك كل ما يعنيها في الحياة.
وقال تيد لستيف وهو يجلس الى المائدة :
" هل توفقتم الى شيء؟".
فأجابه ستيف:
" كلا!".
ثم توجه بالكلام الى كيماني , فسأله أذا كان ينوي القيام بجولة تفتيشي بالطائرة , ولما أجاب بالأيجاب , قال له:
" أذن أطلب اليط أن تأخذ سارة معك وتتركها في اللودج لقضاء بقية النهار هناك , فحين غادرت نيروبي صباح البارحة كان جماعة من الأنكليز بستقلون الطائرة للمجيء الى هنا".
فقالت سارة:
" أفضّل البقاء هنا , شكرا!".
ساد الصمت قليلا , ثم قال ستيف :
" لا بأس , ولكن أحرصي على أن تبقي هنا".
ولم لم يزد العبارة الأخيرة بنبرتها المتعمدة التي أثارت أعصابها لكان من المحتمل أن تغير رأيها وتذهب الى اللودج.
وفرغت سارة من طعامها من دون أسراع , ثم جلست لبضع دقائق تصغي الى ما كان يدور حولها من أحاديث , وبعد ذلك نهضت ومرّت من أمام الرجال الثلاثة , فرأت كيكي متعلّقا بأحد غصون الشجرة الوارقة التي تظلل ذلك الجانب من البيت , ولما رآها هبط على كتفها , ولم يكن تناول طعام فطوره بعد , فأخذته الى غرفة الجلوس وأعطته موزة من الصحن الذي كان على المائدة , ثم تركته هناك ليأكلها وخرجت لتتفقّد الغزال الصغير.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 22-07-11, 11:57 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ولما وصلت الى الزريبة سمعت صوت محرك اللاند روفر يبدأ هديره , ولكنها لم تنظر اليه وهو يمر بها ويهبط الى الطريق مختفيا بين الأشجار.
وبعد حين غادر كيماني المكان الى المطار الصغير الخاص باللودج حيث كانت طائرة المركز الصغيرة , وكان كيماني ماهرا في قيادة الطائرة , رافقته سارة عدة مرات فأمتلأ قلبها بالبهجة والسرور , ومن الفضاء كان كيماني قادرا على أن يميّز الحيوانات التي رسمها من بين القطعان , وبذلك كان بأستطاعته أن يرصد تحركاتها الى حد يكاد يكون لوغه مستحيلا فيما لو حاول ذلك وهو على الأرض.
وفكرت سارة أنها كانت تود أن ترافق كيماني في رحلته هذه المرة , ولكن الأوان قد فات الآن.
وعند خروجها من البيت وفي يدها بندقيتها كان تيد قد هيأ أحدى السيارات , فصعدت اليها وقالت لتيد مبتسمة :
" أنا ذاهبة الى القرية , فأذا لم أعد قبل الغروب قل للمدير أنني قررت قضاء الليلة مع الأهلين".
فأجابها تيد وقد تجهّم وجهه بغتة:
" أنت مسؤولة عن نفسك...... هذا مع العلم أن ستيف هو الذي سيقلق لا أنت , أذا عاد ولم يجدك".
قالت سارة بحزم:
" فليكن!".
وأدارت محرك السيارة قبل أن تترك لتيد فرصة الكلام.
وأخذت سارة نفس الطريق الذي أخذته في اليوم الفائت , فمرت بالمكان الذي راقبت فيه التمساح على ضفة النهر وأجتازت قمة المرتفع , وبالقرب من مطلع السفح وطرف الأعشاب المستطيلة رأت لبوءة وشبلين من أشبالها, فخفّفت سيرها لتشاهدها جيدا وهي واثقة أنها في مأمن , وتجاهلتها اللبوءة ونظرت الى الجهة الأخرى كمن لا يريد المجابهة , وكانت سارة تعلم أنها لو وضعت رجلها على الأرض لتغير مزاج اللبوءة في لحظة , فتابعت سيرها مسرورة وكتفية بهذا المشهد العائلي الحميم....
كان الرعاة غادروا القرية مع مواشيهم قبل أن تصل الى هناك بوقت طويل , غير أن الحراس وقفوا على المدخل كعادتهم بقاماتهم الفارعة وحرابهم الطويلة وهم لا يبدون حراكا كتماثيل من النحاس الأصفر , وكان وسط القرية مزدحما بالناس , فألقوا عليها التحية من جميع الجهات بحرارة الأصدقاء , وكانت تحمل الحلوى فوزّعتها على الأولاد الذين تجمعوا حولها كالنحل على الخلية....
وكان مغاري جالسا خارج كوخه كالعادة , فرفع رأسه بكبرياء حين رآها تقترب اليه , وكانت تحيّته اليها تليق بزعيم قبيلة لما كانت عليه من اللياقة والرصانة.
وجلست سارة الى جانبه للتحدث اليه قليلا بلغة هي مزيج من السواحلي والمازي , الى أن يقرر أستدعاء زوجاته للترحيب بها , وكانت سارة تدرك أن هذا القدر من أهتمامه بها أمتياز لا يحظى به إلا القليلون , ذلك أن زوجات المغاريين لا شأن لهن غالبا كأفراد في المجتمع , وكم يكون مستغربا لو أن كيماني نغوجي عاش في هذه القرية كحارس , ربما كهؤلاء الحراس الذين على المدخل , على أنه قفز فوق الزمن فتعلّم لغة الجنس الأبيض وتلقّى العلم في الجامعة , وحصل لنفسه على مكانة في العالم الواسع , ولكن هل هو أسعد حالا يا ترى من أبناء قبيلته الذين لا يزالون يعيشون كما عاش أجدادهم من آلاف السنين ؟ كان هؤلاء القوم مكتفين بأنفسهم , مكتفين مع بيئتهم , لا تزعجهم ما يزعج أبناء الحضارة المعاصرة من تناقضات وتشابكات , فهم من نواح كثيرة يحسدون على ما كانوا عليه.
وجاءت لاوينا بآخر طفل ولدته لتريه لسارة, كان صبيا لا يتجاوز عمره الأسبوع زيّن جسده النحاسي الصغير بخرز ملوّن وودع , وحين أخذ يبكي وضعته أمه على صدرها وقعدت على الأرض بجانب سارة وهي تبتسم بحياء , كانت جميلة فملامحها منحوتة برقّة وهدوء ورأسها المحلوق آية في الشكل , وكان حول عنقها قلائد من الخرز الملون كالذي على جسد طفلها , وعلى ذراعيها صفوف من الأساور , وكان مغاري يتقبلها بسعة صدر , أذ كانت على ما يظهر زوجته المفضّلة.
ومرّ وقت الظهر قبل أن تهمّ سارة بمغادرة القرية , وحين فعلت رافقها جمهور غفير الى السيارة حيث ودّعوها وداعا حارا , وشعرت بالسعادة والهناء وهي تنزل الى المكان الذي رأت فيه اللبوءة وشبليها , وهناك عزمت على أن تترك الطريق العام وتعبر السهل بأتجاه المركز , وسرّها أنها تذكرت هذه المرة أن تجلب معها قبعتها , فحتى سقف اللاندروفر لا يقي تماما من حر الشمس في تلك الساعة من النهار.
وكان قطيع البقر الوحشي الأفريقي الذي لمحته من على الجرف قد سار نحو ميل واحد , فمرّت به بسلام على بعد عشرين قدما , وأصبحت على بعد نحو ثلاثة أميال من المركز , وهناك وقعت أحدى عجلات السيارة في حفرة , ولولا حسن الحظ لأنقلبت بها ....... ولما عادت الى رشدها من هول الصدمة , حاولت أن تسوق السيارة الى الوراء للخروج من الحفرة , فنتج عن ذلك أرتفاع هدير المحرك أرتفاعا جعلها تشك في أن السيارة أصيبت بعطل لا يمكنها بعد من الحراك....
جلست سارة وقتا طويلا تفكر في ما يمكن لها عمله , وكان السكون يسود السهول فلا يقطعه سوى أصوات بعض الحيوانات هنا وهناك , وخصوصا من جهة النهر , ففي ذلك الوقت من النهار أعتادت الحيوانات على الخلود الى الراحة في ظلال الشجر بأنتظار برودة المساء , وشعرت سارة بالوحشة القاتلة والعجز التام , فمنذ أن بدأت تقود السيارة لم يحصل لها مثل هذا الحادث الذي جاء في غير وقته تماما , على أنها لم تفكر على الأطلاق في ماذا يمكن أن يقوله أو يفعله ستيف يورك عندما يكتشف أمرها.
وفي آخر الأمر كان عليها أن تفعل شيئا , فرأت أن تتصل بتيد في المركز للمجيء الى مساعدتها, أدارت آلة الأرسال على أمل أن يكون أحد على مقربة منها ليسمع نداء أستغاثتها , وحين جاءها الرد لم يكن من المركز , بل من ستيف يورك نفسه وهو في سيارته , في مكان ما بين الأدغال , سألها:
" أين أنت؟".
من دون أية مقدمة , فتنهدت قبل أن تجيب , وعزمت على أن تبت الأمر معه عاجلا ودون تأخير , فقالت:
" أنا على بعد ثلاثة أميال من المركز , وعجلة السيارة الأمامية وقعت في حفرة , ويبدو لي أن كرسي المقود أصابه عطل".
فقال لها ستيف في الحال :
" هل أصابك أذى؟".
" كلا".
" أذن أنتظري في مكانك , نحن على بعد خمسة عشر ميلا , وسنصل في غضون أربعين دقيقة , دعي آلة الإرسال مفتوحة ولا تخرجي من السيارة , هل تسمعينني جيدا؟".
" لماذا تأتي أنت؟ ألا يكون من الأسرع أن يأتي تيد من المركز؟".
ولم يقبل ستيف طلبها , فقال:
" دور تيد سيأتي فيما بعد , الى اللقاء".
وشعرت سارة أن وقت الأنتظار يمر ببطء , كان ظهرها على مسند السيارة فيما قميصها مبلل بالعرق , فبدون النسيم الذي تحرّكه السيارة في سيرها تصبح مالآتون في مثل ذلك الوقت من النهار , وتاقت سارة الى الجلوس في ظل أحدى الأشجار المجاورة , ولكنها خشيت أن يشاركها في ذلك قطيع من الأسود , أو حتى فهد واحد يشعر بالوحشة , تلك مجازفة لا يقوم بها سوى المجانين.
ولم تسمع صوت ستيف في آلة الإرسال مرة ثانية , فأعتبرت سارة أنه لا بد أن يكون في طريقه اليها , وتمنت لو أنه يصل سريعا , فأي كلام يمكن أن يقوله عند وصوله يبقى أفضل من ذلك الأنتظار الذي لا نهاية له.
وفجأة شاهدت اللاندروفر مقبلا نحوها وهو على بعد ميلين أو أكثر , وهكذا صدق ستيف في كلامه أنه سيكون هناك في غضون أربعين دقيقة , وأنتظرت الى أن أقتربت السيارة الى مرمى حجر منها , فنزلت من سيارتها وأستلقت على العشب.
وأوقف ستيف سيارته عند وصوله ونزل منها , وبعد أن رمى سارة بنظرة صارمة , أقبل على مقدمة السيارة وأستلقى تحتها يتفحّص عجلتها الواقعة في الحفرة , ولما نهض على قدميه أسرع الى معالجة الأمر من غير إبطاء , فجلب حبلا من صندوق سيارته وربط به مقدمة السيارة الأخرى , ثم جرّها خارج الحفرة , وبما أنها كانت ذات عجلات أربع كان بالأمكان قيادتها ولكن ببطء وحذر , وبعد أن أمر ستيف الحارسين الأفريقيين الذين يرافقانه أن يتعاونا على أيصال السيارة الى المركز , ركّز أهتمامه على سارة فقال لها:
" أصعدي الى سيارتي".
فصعدت سارة من دون تردد , لأنها شعرت بأنها أمّا أن تطيع وأما أن تقع في مأزق مع ستيف لا يكون لصالحها , وجلست بصمت الى جانبه في السيارة فيما يتّجهان نحو المركز , والمخاوف تساورها مما سيحدث حالما يصلان الى هناك , وقالت سارة في نفسها أنه لا يتجرأ أن يقسو عليها , لأن والدها لن يرضى عن ذلك , ولكن والدها كان الآن في أنكلترا على مسافة آلاف الأميال.
وكان تيد لا يزال يصلح أحدى السيارات عندما وصلا الى المركز , فوقف منتصبا بعد أن كان منحنيا يتفحّص المحرك , وقال:
" ماذا جرى؟".
فأجاب ستيف بأقتضاب:
" ما فيه الكفاية ..... أرجو أن يكون في المستودع قطع غيار ...... يجب أن أتحدّث اليك بعد أن أعالج قضية أميرة الغابات هذه ".
وكانت يده على ذراعها وأصابعه تحفر عميقا في لحمها , ثم تابع كلامه معاتبا تيد:
" كان في وسعك أن تراقب تصرفات فتاة تافهة كهذه الفتاة!".
ولم ينتظر جواب تيد , بل دفع سارة أمامه الى المنزل , حيث أجلسها في كرسي وأغلق الباب وراءه , ثم وقف وأسند ظهره الى الباب وحدّق اليها بنظرة شرسة وقال :
" لو كنت أصغر سنا بسنتين لكسرت رأسك , هذا مع العلم أن هنالك ما يغريني على أن أفعل ذلك الآن!".
فقالت :
" تلك كانت حادثة طارئة ...... ويمكن لها أن تقع لأي كان! ".
قال موافقا:
" هذا صحيح , ولكنها لم تكن لتقع لك لو بقيت هنا في المركز".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 22-07-11, 12:01 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ووضع يديه في جيبيه كأنه كان يخشى أن يستعملهما لغرض آخر , ثم تابع كلامه قائلا:
" مشكلتك يا بنيّتي أنك لا تبالين على الأطلاق بما هو خارج مصلحتك , فأنت فتاة فاسدة مفسدة , تتمخترين هنا وهناك كالطاووس , يملأك الإعتزاز بنفسك إلى حد يحول بينك وبين إدراك ما أنت عليه في الحقيقة , وهي أنك جعلت من نفسك فتاة عنيد مغرورة , فقد كان في وسعك حين شرعت بالخروج من المركز أن تصطحبي أحد الحراس , ولكن ذلك يكون في نظرك خضوعا لما أمرتك به ! فأنت سارة مكدونلد , وهيهات أن تفعلي شيئا بالأكراه.....!".
وتوقف قليلا عن الكلام , ثم قال بخشونة :
" في الليلة الفائتة أخبرتك بعزمي على إرسالك إلى نيروبي لقضاء بضعة أسابيع مع أختي , هذا على الرغم من أنني أشك في أنك ستتصرفين كما ينتظر من كل ضيف أن ينصرف.... وأيوك يحمل تبعة كل ما أنت عليه".
وإستدار نحو الباب وقال بعد أن فتحه:
" سأتركك تفكرين في الأمر ... إنما إبتعدي عني طيلة ما تبقى من النهار إذا كنت تدركين ما هو خير لك!".
وتكومت سارة في كرسيها بعد أن أغلق الباب , وشعرت بحاجة إلى البكاء , أيكون أن الناس جميعا ينظرون إليها كما ينظر ستيف ........ أي فتاة طائش لا خير فيها ؟ وهو الذي لم بمض على معرفته بها أكثر من أربع وعشرين ساعة , وكم آلمها هذا الشعور بكراهية الآخرين لها , ولكن ماذا كانت تنتظر غير ذلك؟ فهي منذ أن وطأت قدما ستيف أرض المركز وهي تتحدّاه على مسممع ومشهد مرؤسيه في العمل.
وكان تيد على درجات السلم يدخّن سيكارة حين إستعادت سارة رباطة جأشها إلى حد يسمح لها بمواجه الآخرين , ونظر إليها تيد وهزّ رأسه قائلا لها :
" أنت تظهرين كمن داست عليه محدلة!".
فسألته قائلة:
" هل سمعت ما قاله لي؟".
أجابها:
" سمعت معظمه , لم أستطع أن أقاوم رغبتي في سماعه".
وهزّ رأسه مرة ثانية وقال مداعبا:
" نالني نصيب من التأنيب لأنني سمحت لك بأخذ السيارة ! ".
فأعلنت له عن أعتذارها , ثم قالت له بعد تردد :
" هل أنا في الحقيقة سيئة الى هذا الحد ؟ أعني هل أن ما أتهمني به ستيف صحيح؟".
فأجابها تيد:
" هو صحيح من بعض الوجوه , ولكن فيه على العموم بعض التطرف".
نظر إليها نظرة ود وحنان , وقال لها:
" خصال حميدة جدا يا صغيرتي سارة , وكل ما تحتاجين إليه هو تشذيب بعض الجواني الحادة من تلك الخصال , ولكن بلطافة ورفق ....".
منتديات ليلاس
فأحاطت سارة بذراعها العمود المنتصب عند الزاوية ووضعت خدها على خشبه الخشن , ولم تكن تدري تماما كيف كانت تشعر في تلك اللحظة , فكأنما كان في داخلها فراغ مليء بعلامة سؤال , طوال حياتها لم يطلب منها أحد أن تقف وتنظر إلى نفسها , ثم أن ستيف كان على حق في قوله إنها لم تكن تفكر , بل تنفعل , وهكذا كان موقفها منه.
وقالت لتيد بعد حين :
" هل ذكر شيئا يتعلق باللصوص؟".
فرمقها بنظرة وقال:
" إكتفى بالقول أنه هو ومرافقيه أضاعوا معالم آثارهم قبلما سمع نداءك , وكان في طريقه عائدا إلى المركز ..... هل حقا رأيت أولئك اللصوص هذا الصباح؟".
أجابت باألأيجاب , فقال تيد:
" ما لا أستطيع أن أفهمه هو لماذا جازفوا , فلم يبالوا بأن يراهم أحد في وضح النهار , ثم إنهم يعرفون ولا شك أن المركز على مقربة منهم ".
فقالت سارة وعلى وجهها إامارات التأمل والتفكير :
" أظن إنهم كانوا يفتشون عن مكان ملائم يختبؤن فيه ذلك النهار , وأنا متأكدة أنهم كانوا متجهين صوب السهول".
ورفعت رأسها فجأة وقالت لتيد :
" ألا تذكر في السنة الماضية حين أخبرتك أنت وأبي بأنني رأيت نمرا عند رأس المنحدر , فقلتما لي أن ما رأيته كان قطة برّية؟".
فنظر إليها متسائلا:
" نعم أذكر , لماذا؟".
" في هذا الربيع صدف أنني وجدت ما أعتقد أنه عرين ذلك النمر , هناك كهف صغير في الجهة البعيدة عند آخر المنحدر , وهو مغطى بالأشواك ومن الصعب لعثور عليه , وقد يكون أن اللصوص عثروا عليه في الصباح , فإذا كانوا مختبئين فيه عندما مررنا من هناك , فذلك يفسّر لماذا أختفوا من دون أثر...... ألا تظن ذلك؟".
قال تيد وكأنه لم يقتنع تماما :
" هذا ممكن , هل ذكرت ذلك لستيف هذا الصباح؟".
فقالت سارة:
" الآن تذكرت هذا الأمر ..... وعليّ أن أخبر ستيف به الآن قبل فوات الأوان , لأنهم مجبرون على أن يغادروه الليلة حالما يصبح ذلك آمنا".
وكان ستيف يتحدث إلى بعض الحراس حين مشت سارة حول زاوية المنزل , فلما رآها مقبلة نحوه توقف عن الحديث ونظر إليها وعلى وجهه إمارات التساؤل , قالت له سارة:
" أتسمح لي أن أكلّمك؟".

فأضطربت شفتاه ولكنه ضبط أعصابه بسرعة وقال لها:
" ماذا تريدين أن تقولي؟".
فبادرته بالقول:
" أريد أن أخبرك شيئا بشأن اللصوص".
حدّق إليها طويلا قبل أن يسمح لها بالكلام , ثم قال :
" ليكن ذلك بإختصار....".
لمّا أخبرته عن فكرتها قال لها والإهتمام باد على وجهه :
" تقولين أن الكهف في الجهة البعيدة , فكم هو ابعد , وكيف نجد الكهف؟".
وكانت قد فطنت إلى ذلك , فقالت:
" هناك علامة تمكنكم من إيجاد الكهف , وهي أن أمام المدخل شجرة يابسة , أما المدخل فهو على بعد نحو ربع ميل من المكان الذي وقفنا فيه هذا الصباح , فأذا أحسّوا بمجيئكم وحاولوا الهرب تستطيعون أن تبصروهم ".
قال ستيف :
" نعم , أذا كانوا بالفعل هناك!".
وبدا من كلامه أنه لم يكن مقتنعا تمام الإقتناع , ولكنه أمي أثنين من الحراس أن يذهبا ويجلبا البنادق , ثم إلتفت إلى سارة وقال لها :
" وأنت.......".
فقاطعته قائلة:
" أعرف ماذا تريد أن تقول , نعم , سأبقى هنا".
وذهب الثلاثة ثم عادوا بعد نحو ساعة , وسمعت سارة هدير سيارتهم فهرعت إلى إستقبالهم , ونزل ستيف من السيارة , وبعد أن أعطى تعليماته لمرافقيه الأثنين تقدّم الى سارة وقال لها:
"كنت على صواب بخصوص الكهف , لا ريب أن الرجال كانوا مختبئين هناك , ولكنهم هربوا بعدما غادرنا المكان هذا الصباح.... ليتك تذكرت الكهف في ذلك الوقت!".
وقال تيد :
" يخيّل إلي أنهم لم يتركوا أثرا ذا شأن ".
" لا شيء على الأطلاق , كانوا شديدي الحذر , ولعلهم يختبئون الآن في ملجأ ما".
" أتعتقد أنهم سيجازفون فيتابعون الصيد أيضا في هذه المنطقة؟".
" هذا ممكن , فمع حلول االظلام يكونون قد أستراحوا جيدا وأصبحوا في وضع يمكنهم على الأقل من المحاولة , وبعد الغداء سأذهب مع بعض الحراس في جولة حول المنطقة , فإذا لم نقبض عليهم ربما نخيفهم فيهربون ولو إلى حين".
ثم أقترب ستيف من تيد قليلا وقال له:
" ما رأيك بكأس من الشراب؟".
فأجابه تيد:
" فكرة حسنة".
وصعد ستيف السلم إلى الشرفة ليجلب الشراب , فلما رأى سارة تخرج من الداخل أضاف كأسا ثالثا وناداها أن تشاركهما قائلا:
" هل لك بكأس من عصير البرتقال؟".
وتناولت سارة الكأس من يده وقالت:
" أذن , هل أصبح مسموحا لي أن أنضم الى البالغين سن الرشد؟".
فقال لها ستيف:
" نعم , ما دمت تتصرفين مثلهم".
وجلس على مقعد وأخذ بنظر إليها متأملا , ثم قال لها:
" ليتني أعرف ماذا يجول الآن في خاطرك من أفكار بريئة ؟".
فقالت له:
" ظننت أنك تعرف كل شيء عني يا سيد يورك !".
قال لها بهدوء:
" كنت فظا معك إلى حد , ولكن يجب أن تعترفي أن لديّ ما يبرّر ذلك!".
" أنا لم أقل أن لا مبر لديك".
وتذكّرت ما قاله لها تيد , فتابعت كلامها بخبث:
" ولكن لا تنس أن للشيء ربما جوانب متعددة , لا جانبا واحدا! ".
فضحك وقال لها:
" يا لك من فتاة غامضة".
فردّت عليه قائلة:
" ولذلك يساء فهمي... ولكن إياك أن تفرض وصايتك عليّ , فأنا لم أعد فتاة صغيرة".
قال:
" نعم , صغيرة بما يكفي أن تجعليني أشعر بالعياء ,,,, ثم إن المسألة ليست مسألة سنين... وفي يوم من الأيام ستدركين ما أتحدث عنه".
" أي عندما أقوم بكل تلك الأعمال التي أنا محرومة منها الآن ..... ولكن قد لا أكون محرومة بهذا المقدار كما تظن".
وألتفتت إلى تيد قائلة:
" السيد يورك بشعر بالعياء , وأنت بماذا تشعر يا تيد؟".
فأجابها تيد :
" أشعر بقدر كاف من السعادة , ربما لبضع دقائق لا أكثر ..".
ورفع كأسه وقال:
" بالصحة والهناء!".
قال ستيف لسارة :
" أذا خطبتني مرة أخرى بلقب سيد , فسأحرمك من عصير البرتقال هذا الذي تشربينه....".
ثم أضاف قائلا:
" متى يعود كيماني عادة ؟".
فأجابته سارة:
" يعود عادة قبل حلول الظلام..... هل تنوي أن تأخذه معك هذه الليلة؟".
" كلا".
ثم أضاف:
" لن آخذ أحدا معي في جولتي التفتيشية هذه الليلة".
فقالت له سارة وهي تنظر إلى كأسها المليء بعصير البرتقال :
" ألا تحاول أن تغضّ النظر أحيانا؟".
فأجابها:
" كلا , عندما يؤخذ ذلك على محمل الضعف ... والعادة تنسى بسهولة ...... وأنا بطبيعتي من المشككين".
فشربت كأسها حتى الثمالة وقالت :
" أنا أعرف ذلك .... وأعدك أنني سأعمل بموجي القوانين , والآن هل تأذن لي بالإنصراف؟".
فلمعت عيناه وهو يجيبها قائلا:
" لا تغتري كثيرا , فأنا سأبقى في هذا المركز بعض الوقت".
وفكرت سارة وهي تعود إلى البيت أنه لو قال هذا الكلام منذ بضع ساعات لأنزعجت كثيرا , وهذا دليل على أن هنالك مختلف الوسائل للتعامل بنجاح حتى مع رجل كستيف يورك , أذا تم ذلك بعناية وحذر.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 22-07-11, 12:02 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


وبدا الليل لسارة طويلا على غير عادته , بعد أن غادر ستيف المركز للقيام بجولته التفتيشية , وأمضت معظم الليل على الشرفة تفكر بالرجال الذين كانوا في السهول , وتمنت لو أنها كانت تشاركهم التفتيش عن اللصوص , ولو كان والدها موجودا هناك لما تركها في البيت , بل لأصطحبها معه , ذلك لأنه كان يعرفها ويثق بها أكثر من ستيف.
وتساءلت عما هي عليه حال والدها الآن في أنكلترا , فلو أن العم جيفري ترك وصيته لبعد مماته لسهل الأمر كثيرا ولتمكّن والدها من أنهاء مهمته هناك والعودة بعد أيام , ولكنه لم يترك أية وصية , ولذلك توجّب على والدها , بوصفه الأقرب إليه نسبيا , أن يبقى في أنكلترا إلى أن ينهي توقيع جميع الوثائق الخاصة بمثل تلك المناسبة.
وشعرت سارة بالقلق وهي تنظر إلى كيمانب نكوجي الجالس إلى الطاولة يكتب رسالة إلى والديه اللذين كانا يسكنان في موماسا ولم يكن يتاح له رؤيتهما كثيرا , ولكنه أستعاض عن ذلك بكتابة رسالة أسبوعية إليهما من دون أنقطاع.
وقالت له فجأة :
" هل أنت عاشق يا كيماني؟".
فنظر إليها مبتسما وأجاب:
" كلا , لم يكن لي متسع من الوقت للعشق".
فقالت له:
" ولكنك في الثانية والعشرين الآن , ولا أعتقد أنك ستبقى على هذه الحال طول حياتك , ألا تفكر في ذلك؟".
أجاب:
" أفكر بذلك من حين إلى آخر , ولكن من دون أستعجال , وكنت دائما أرى أن أمامي الوقت الكافي للعشق والزواج ...... ولكن لماذا هذه الرغبة المفاجئة منك لكي تريني مكبّلا بقيود الزواج؟".
ولم تكن سارة تعرف الجواب , إلا أنها إبتسمت وقالت له:
" كثيرا ما تساءلت لماذا يتكلم الرجال دائما عن الزواج بمثب هذا الكلام".
فقال كيماني :
" هي عادة أكتسبتها في غضون أقامتي بأنكلترا , دليل ذلك يعود إلى أكتفاء الأنكليز بزوجة واحدة , خذي مغاري مثلا , فهو ينعم بثلاث زوجات لأنه يتبع التقليد القديم , أما نحن الذين من الجيل اللاحق فقد فاتنا القطار".
" قلت هذا الكلام من قبل , فهل أنت بالفعل تتحسّ لأنك لا تستطيع أن تتبع التقليد القديم في تعدّد الزوجات ؟".
" كلا , لا أتحسّر , وقد كان لي الأختيار في إتباع ذلك التقليد , لم يجبرني أحد , وأنما لم يعد بإستطاعتي أن أعيش حياة القرية كما كان يفعل آبائي وأجدادي مهما يكن أنتمائي شديدا لتلك الحياة , ذلك أنني تعلمت في بيئة ثقافية أخرى أن أحتاج لمعيشتي أكثر مما تستطيع موارد القرية أن تقدّم لي , فبيني وبين مغاري نحو مئة سنة من العادات والتقاليد , وليس بالإمكان ردم الهوة بيننا , وبإمكان الواحد منا أن يبقى كما أو أن يتقدم إلى الأمام , ولكن ليس بإمكانه أن يرجع ألى الوراء ".
فأزعجتها عبارته الأخيرة من دون أن تدرك السبب , ثم قالت له:
" ذهبت إلى القرية هذا النهار".
قال لها:
" سمعت بذلك.... ولكنني أوافق ستيف على أن من الخطأ أن تذهبي وحدك إلى هناك".
فسألته قائلة بإنزعاج :
" لماذا؟".
أجاب بصراحة:
" لأنهم غير معتادين أن يروا أمرأة من الجنس الأبيض تتجول فيما بينهم , والذين يزورون القرية من حين إلى آخر بصطحيون رجالا لحراستهم , عل أن مغاري يعاملك معاملة مميزة لا يعامل بها أحدا من نساء قبيلته , لأنه يدرك الفرق الأساسي بينكن , غير أنه في نفس الوقت يدرك أن تسامحه معك يضر بنمط الحياة المستمرة منذ قرون".
وحافظت سارة على هدوئها طويلا , ثم قالت معترفة بصحة رأي كيماني:
" بدأت في الواقع أعتقد أنني لم أفكر في أي شيء بما فيه الكفاية من قبل".
ونهضت واقفة وهي تقول:
" أنا ذاهبة إلى الفراش الآن ...... أراك عند تناولطعام الفطور ".
ولعلّها كانت تصغي بعقلها الباطن , أو لعلها كانت تسمع صوتا سابقا أدى بها إلى حافة النعاس , ولكن مهما يكن السبب , فقد أستيقظت تماما وسريعا حين سمعت صوت هدير السيارة القادمة من جهة النهر , كانت عقارب ساعة يدها تشير إلى الثالثة والنصف , والليل خارج المنزل حالك السواد , وكان المطر ينهمر على السطح ويسيل فوق النوافذ في طريقه إلى الأرض تحت الشرفة , ولم يكن هنالك هبوب ريح , بل فقط سيل من المياه وصرير السلم الأمامي عندما تطأه الأقدام صعدا.
وأسرعت سارة إلى فراشها فذهبت إلى باب الغرفة ووقفت تنتظر , ثم قادتها خطواتها إلى باب غرفة الجلوس حيث سمعت بعض الأصوات , وأتضح لها أن ستيف ألقى سترته وحذاءه خارجا على الشرفة , ولكنه أحتفظ بسرواله المبلل حتى الركب , ورأته على ضوء المصباح الكهربائي الوحيد , فأذا به يبدو متعبا ويحتاج إلى حلاقة ذقن , وألتفت ليتناول كأس الشراب فلمحها واقفة في الباب , فقال لها:
" ما لك حافي القدمين؟".
ونظرت سارة إلى بيجامتها القطنية وأصابع قدميها الحافيتين , فأحست بحرارة الحياة تلامس خدّيها , سألته قائلة:
" هل توفّقت هذه المرة؟".
فأجابها:
" أكثر مما توقعت , فقد ألقيت القبض على أثنين من اللصوص , وتمكّن الثالث من الهرب , ولكننا فقدنا كركدن للحصول على هذه النيجة".
فقالت سارة وهي غير مصدقة:
" تهانيّ , أين هما الآن؟".
" حجزناهما في اللودج ألى الصباح , حين نقوم بالترتيبات اللازمة لتسفيرهما إلى نيروبي للمحاكمة".
" أذن , فقد طويت هذه القضية".
" هذه المرة , نعم , فهؤلاء اللصوص لم يكونوا الأوائل , كما لن يكونوا الأواخر".
وتوقف لحظة عن الكلام ثم أضاف:
" المهم هو أن نعرف من يقف وراءهم".
" هذان اللذان قبضت عليهما , ألا يمكن حملهما على الإقرار؟".
" أشك في أنهما يعرفان أي شيء أكثر من أنهما أذا عادا بالبضاعة إلى مكان معين , فإنهما يقبضان ثمنها المتفق عليه , والأمل الوحيد لمعرفة رؤوس العصابة هو البنادق التي زودوا هؤلاء اللصوص بها , هذا مع العلم أن الأمر ليس سهلا على الأطلاق".
وبعد أن تثاءب وتمطى من التعب والنعاس قال لها:
" أما حان وقت ذهابك إلى الفراش؟".
فأجابت :
" سأذهب حينما تذهب".
قال لها:
" بعد سنتين من الآن , أذا قلت مثل هذا الكلام تجلبين على نفسك الأذى , وعلى كل حال , أن كنت تشعرين بالرغبة في مجالستي , فما عليك إلا أن تدخلي وتجلسي , فأنا أريد أن أتحدث إليك , فليكن عاجلا لا آجلا".
فدخلت سارة وجلست على أقرب كرسي وهي تنظر أليه بحذر ثم قالت :
" بماذا تريد أن تتحدث إليّ؟".
فقال لها:
" أذا كان بأمكانك أن تهدئي روعك قليلا , فسأخبرك ...".
وصمت لحظة ثم تابع قائلا:
" لا أزال أفكر بأقتراحي الذي قدمته لك , وهو أن تذهبي وتقيمي مع أختي جيل في نيروبي".
فقالت سارة على الفور:
" لا أريد أن أذهب إلى نيروبي".
قال لها ستيف مبتسما:
" أعرف أنك لا تريدين الذهاب إلى هناك... لكن المسألة هي أنني كنت أنوي قضاء بضعة أسابيع مع جيل لأول مرة منذ سنتين , ثم أنشغلت بوظيفتي هذه , والآن أذا لم أغتنم وجودي هنا , فلا أعلم متى تتاح لي الفرصة لأجتمع إليها , فما رأيك أن أدعوها للمجيء إلى هنا لمدة من الزمن ؟ فهي لم تأت إلى هذه الأنحاء من قبل , الخبرة قد تفيدها".
وكانت ردة فعل سارة مزيجا من الترحيب والحذر , فهي من جهة أرادت التعرف إلى أخت ستيف حبا في الأستطلاع , ومن جهة أخرى خشيت أن لا تروق لها معاشرة فتاة من جيلها نشأت في بيئة مختلفة عن بيئتها , فتمتمت قائلة لستيف:
" لماذا تسألني رأيي في هذا الموضوع ؟ فلك ملء الحرية في أن تدعو من تشاء إلى هنا , ما دمت المسؤول الأول عن المركز".
فرفع عينيه إلى فوق وقال:
" أسألك عن رأيك لأنني لا أريد المتاعب فيما بعد , جيل تستطيع أن تدبّر أمورها جيدا , ولكن ما يهمني هو هل أنت مستعدة للترحيب بها من دون مشاكل؟".
قالت له:
" بكل سرور , أذا كان هذا ما تريده , هل تقيم عائلتك في أنكلترا؟".
فأجابها :
" لا عائلة لي , لم يبق منها سوى جيل وأنا".
وبعد أن صمت قليلا أضاف قائلا:
" سأقوم بالترتيبات الزمة في الصباح , فبإمكان جيل أن تستقل طائرة المؤونة التي ستأتي ألى هنا في الأسبوع القادم ...... والآن , فليذهب كل واحد منا إلى فراشه".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
kay thorpe, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the man at kambala, عبير, في مجاهل الرغبة, كاي ثورب
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:58 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية