لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-06-11, 10:30 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

" لا بأس .
ماذا تعني بالأشياء الضرورية؟".
" آه , سجاد ,مفروشات , جهاز تلفزيون , الخ ........... أعتقد أن سجادة هذه الغرفة لونها أزرق رمادي , يتناسب ولون ورق الجدران".
أستدارت جولي , وخرجت من الغرفة , تعبر الرواق الى غرفة أخرى مقابلة , وسألت تستوضحه:
" هذه غرفة أستقبال أخرى على ما أعتقد؟".
" ذلك يعود اليك تحديده".
وتقدّم ليفتح بابا جرارا في وسط الغرفة يفضي الى صالة تبدو مثالية لأقامة الحفلات والمآدب.
أنتقات جولي أليها , ولاحظت أذ نظرت الى الخارج , الحديقة الكبيرة التي خلف المنزل , أشجارها مثمرة وأرضها يكسوها العشب مما يشير الى وجود بستاني يرعاها.
سمعت وقع أقدام في الطبقة العلوية , فأستنتجت أن أيما تمضي أوقاتا ممتعة في تفقد أرجاء المنزل , فتحت بابا آخر يفضي الى الرواق وألقت نظرة على الأبواب الأخرى.
بادر روبرت يوضح وقد لاحظ نظراتها المتسائلة:
" هناك غرفة مخصصة لتمضية فترة الصباح , غرفة أفطار أذ صح التعبير , أو سمها ما شئت , مطبخ كبير وملحقات مختلفة , والآن , هل تريدين الصعود الى الطبقة العلوية ؟".
بانت بوادر ضحكة مكتومة على شفتي جولي , أذ أن التوتر بينهما كان على أشده , وخيّل اليها أنها أذا لم تضحك فقد تنفجر بالبكاء.
عقد روبرت حاجبيه , وسألها:
" هل هناك أمر يدعو الى الضحك؟".
عادت جولي الى رصانتها , وهزت رأسها نفيا :
" كلا , بالطبع".
مشى روبرت الى أول السلم , ثم قال بصوت بارد , وقد أدرك ما دفعها الى الأبتسام :
" يمكنك الصعود بمفردك , أذا كنت تفضلين ذلك".
رفعت نظرها اليه وخانها الكلام أولا , ثم جهرت بصوت جلي:
" أنا آسفة , روبرت , أحتاج الى وقت كاف , أنا.... لست أدري , الأمر كله ...... مختلف".
حدّق فيها طويلا قبل أن يجيب بصوت أجش:
" أوتظنين أنني لست مدركا لهذا الأمر؟".
أرتعشت جولي في غمرة الأحاسيس التي لم تستطع السيطرة عليها كليا , ومن دون أن تنبس بكلمة , أستدارت وصعدت الدرجات بحثا عن أيما.... والأمان.
في أحدى الغرف العلوية للمنزل , وجدوا الصندوقين الكبيرين اللذين كانت جولي شحنتهما بحرا من مالايا , فبادرت أيما ترجو والدتها فتحهما .
أعترضت جولي , قائلة:
" لكن , ليس هناك خزائن جاهزة لوضع محتوياتهما ( ثم أستدركت , أذ تذكرت حاجتها الى بعض من ملابسها ( لكن قد يكون من الأفضل أن نأخذ معنا الى الشقة بعضا من هذه الملابس ( ورفعت نظرها نحو روبرت تستوضحه ) الى متى.... سنبقى في الشقة قبل أنتقالنا الى هنا؟".
" لقد أعلمني المتعهد بأن المنزل سيكون جاهزا خلال أسبوع تقريبا , لذا تستطيعان الأتقال اليه بعد نحو عشرة أيام".
" عشرة أيام ! ( ردّدت جولي , وقد فاجأها طول المدة , فتحت حقيبة يدها تبحث فيها عن مجموعة مفاتيح لصندوقي السفر , وأستطردت ) أذن , علينا أن نستعين ببعض من ملابسنا , فلا يعقل أن نبقى , أيما وأنا , في ثيابنا هذه نفسها طوال هذه المدة".
جلس روبرت القرفصاء الى جانب الصندوقين يتفحّص الأقفال , وقال يلفت جولي الى أن هذا الأمر ليس ضروريا :
" يمكنكما شراء بعض الملابس الجديدة".
" أتظن أن هذا ممكن ؟ بماذا؟".
" أن لوالدتي حسابا مفتوحا في كل محلات المدينة , يمكنك شراء ما ترينه ضروريا وتضيفين ثمنه الى حسابها".
" كلا , شكرا ( وتابعت تقلب أغراضها في قاع حقيبتها ) اللعنة , أين هي المفاتيح؟".
" لم هذه افظاظة ؟ يجب أن تدركي , كونك أرملة مايكل , أن في أستطاعتك طلب أي شيء تحتاجين اليه".
رفعت عينين يملؤهما الغضب:
" ماذا؟ أتريدني أن أفعل هذا لأفسح لوالدتك بأن تعيّرني بالأعتماد عليك أعتمادا مطلقا؟".
تجهم وجه روبرت وغمغم متوعدا :
" يوما ما , جولي.....".
تنهد وعاد يجلس القرفصاء الى جانب الصندوقين .
أخرجت جولي المفاتيح , فتطاول روبرت يتناولها من دون أن يتفوه بكلمة , بعد أن تفحصها جيدا وجد مفتاح الصندوق الأقرب اليه , عالج قفله في حركة عصبية , ثم أرخى الرباطين الجلدين اللذين يحكمان الصندوق , وفتحه.
قفزت أيما فرحا وكادت تلج الصندوق لكثرة أنفعاله , لو لم يمسك بها روبرت , أستجمعت جولي نفسها وهزّت رأسها أذ أستعصى عليها الكلام ثم بادرت تقول والأرتباك يعاودها :
" أن.... ملابسنا في الصندوق الآخر".
أقفل روبرت الصندوق , وبدت الخيبة في وجه أيما , شدّ الرباطين وأحكم القفل , ثم.... وضع المفاتيح في جيبه , حدّقت فيه جولي مستغربة تصرفه , أما هو فبادرهما :
" هيا بنا , هذا يكفي , الآن".
أشارت جولي معترضة :
" لكن , ماذا عن ثيابنا؟ ".
ألا أنه مشى الى الباب وهو يجيبها:
" في ما بعد".

رفعت جولي كتفيها لا تفهم تصرفه , وركلت الصندوق الذي أمامها برأس حذائها , وقالت مصرة على فتح الصندوق:
" يجب أن آخذ بعضا من هذه الثياب".
نظر اليها وقال يحسم الأمر:
" لا أعتقد أنك تريدين فتح هذين الصندوقين , هيا بنا الآن لقد تأخرنا , وأنا جائع".
ترددت جولي لحظة قبل أن تذعن لأرادته , لم تكن تريد حقا فتح الصندوق , ليس الآن , ولم تستطع ألا أن تعجب بقوة حدسه ونفاذ بصيرته.
قال روبرت فيما هم يصعدون الى السيارة:
" سنتناول غداءنا في مطعم ( الثور الأسود ) في القرية , قيل لي أنهم يحسنون المشويات , هل تحبون المشويات؟".
أطهرت جولي لا مبالاة للسؤال , وهي تعتدل في مقعدها :
" لا مانع لدي أذا كان هذا ما ترغب فيه".
تجهم وجه روبرت , ولم يعلق بشيء , أدارك محرك السيارة وأنطلق بها .
لم تكن صالة الطعام ممتلئة , وبدا رئيس الخدم منزعجا أذ رآهم يدخلون , فبادر بلهجة جازمة:
" أخشى أننا لن نستطيع خدمتكم , فالساعة تعدت الثانية ألا ربعا , وقد أنتهى موعد الخدمة في الصالة".
تنهدت جولي , فيما ظل روبرت هادئا , وقال:
" لقد سبق وحجزت طاولة , أسمي بمبرتون".
فجأة , رفع روبرت نظره نحو جولي وسألها وفي عينيه غموض لم تستطع فهمه:
" حسنا , هل أعجبتك وجبة الطعام؟".
أنهت جولي شرب كوب الحليب الذي في يدها , أسندت رأسها الى ظهر المقعد , ثم أجابت بصوت جلي:
" كان غداء رائعا!".
" أترغبين في فنجان قهوة؟".
" ألا تعتقد أن علينا العودة الآن ؟ أقصد .... أنهم في أنتظارنا ليقفلوا صالة الطعام".
" سأعوض خسارتهم".
" تعتقد أن كل شيء يشترى بالمال , أليس كذلك؟".
" لقد أشتريتك , أليس كذلك؟".
عادت تنظر اليه :
" ماذا تعني بهذا؟".
" حسنا , لا أعتقد أنك كنت تزوجت مايكل لو أنه كان معدما , أليس كذلك؟".
ظهر الرعب جليا في عيني جولي , ورمقت أيما بنظرة خاطفة ألا أن هذه بدت غير آبهة لحديثهما بل مركّزة كل أهتمامها على محتوى كوبها من العصير , عادت تستوضحه ثانية :
" لا أفهم ماذا تعني بكلامك؟".
فجأة , أنتصب روبرت واقفا:
" أوه جولي , كفي عن التظاهر والأدعاء الكاذب , فأنت لم تهتمي قط بمايكل , وقد واتتك فرص عدة , قبل سفري الى فنزويللا , لتتزوجيه بدلا مني , ألا أنك لم تفعلي , كلا! أنما أنا الذي كنت تنصبين شباكك حوله , لذا لا تحاولي أن تنكري هذه الحقيقة!".
بدا وجهه ممتقعا , وأبتعد بخطى حثيثة يبحث عن رئيس الخدم , وهو يتناول محفظته من جيبه.
في الحظة التي عاد روبرت يلحق به رئيس خدم أنيق , راض , كانت جولي وأيما جاهزتين في أنتظاره , أرتدى معطفه الجلدي , وشكر الرجل بأيماءة من رأسه ثم توجه الى باب المطعم , كان الهواء البارد في الخارجمنعشا , وتنفست جولي عميقا قبل أن تصعد الى داخل السيارة.
لحظة أوقف روبرت سيارته في باحة المبنى الخارجية حيث يقطن , بدأ النعاس يثقل عيني أيما , كما لاحظت جولي أن الظلام بدأ يخيم والساعة لم تتجاوز الرابعة بعد.
منتديات ليلاس
ألا أن النعاس طار من عيني الطفلة وهم داخل المصعد في طريقهم الى الشقة , وما أن وصلوا اليها حتى كانت أستعادت حيويتها كاملة الى درجة سمحت لها بأن تمتع لوسي بمبرتون بأخبار ما جرى معهم وما شاهدوه خلال نهارهم , ولا سيما قصة الصندوق وموضوع الغداء المتأخر في مطعم ( الثور الأسود).
ترك روبرت جولي وأبنتها مع والدته ودخل غرفته , وبدت لوسي كلها أصغاء لما كانت أيما تسرده عليها , أما جولي فنزعت عنها معطفها وهي تتجه نحو الباب قاصدة غرفتها , وقد أحست برغبة في قضاء بعض الوقت وحيدة , أذ , بعد أحداث الساعات القليلة الأخيرة , شعرت بحاجة الى بعض التأمل والتفكير.
غير أن لوسي , وقد لاحظت كنّتها تهم بالخروج , بادرتها قائلة:
" لا تذهبي الآن , جولي , فهالبيرد يستطيع أن يعيد معطفك الى الخزانة , تعالي وأجلسي , أريد أن أعرف رأيك في المنزل".
أسقط بيد جولي , فرمت معطفها بأمتعاض على مقعد , ودنت لتجلس على مقعد آخر قريب من الأريكة حيث جلسا حماتها وطفلتها , ثنت ساقا على ذراع المقعد الجلدي الوثير , وقالت معلقة:
" أنه منزل جذاب , هل شاهدته؟".
" بالطبع , لقد أصطحبتني باميلا الى هناك يوم كنت في زيارة لأهلها".
" حسنا".
" هل تعلمين أن باميلا هي أول من وقع نظره على المنزل ؟ في الواقع كان ملكا لعائلة تربطها صلة صداقة بأهلها , ألا أن العائلة أضطرت الى السفر , وهكذا ..... عرض المنزل للبيع".

تدخلت أيما تسأل جدتها:
" من هي باميلا ؟ هل هي عمة لي؟".
ألتفتت لوسي الى الطفلة وأجابتها في أبتسامة:
" قريبا , ستكون هكذا , عزيزتي , لأنها ستصبح زوجة عمك روبرت".
" آه ( علّقت أيما وشفتاها متكورتان ) هل هي لطيفة؟".
" أنها لطيفة جدا عزيزتي.. ستتعرفان اليها غدا".
عادت أيما تسألها وبدت مهتمة للأمر ويدها تسند ذقنها :
" غدا؟".
ألقت لوسي نظرة عابرة على كنتها قبل أن تجيب:
" أنها قادمة مع والديها لتناول العشاء عندنا مساء غد, في مناسبة التعرف اليكما , جولي".
بلعت جولي ريقها تسأل بدورها:
" حقا؟".
ولم ترقها فكرة لقاء المرأة التي ستصير زوجة روبرت.
" نعم , رأينا أنه من الأفضل لك , قبل أن نعرفك الى أصدقائنا , أن تنالي قسطا من الراحة لأيام قليلة , ثم أن مساء السبت هو االوقت الأفضل لذلك ألا توافقينني الرأي؟".
" أذا كنت تعتقدين أن هذا مناسب , فهو كما تقولين".
وسألت حماتها:
" سها عني أن أسألك , هل تشعرين بتحسن هذا الصباح؟".
رفعت لوسي كتفيها وقالت:
" أنني أحسن حالا , شكرا ( ثم عادت تلتفت الى أيما ) أخبريني , عزيزتي , هل لاحظت الأرجوحة المتدلية من شجرة الكرز في حديقة منزلكما الجديد؟ لقد قالت لي باميلا أنها كانت تتأرجح فيها أيام طفولتها".
هزت أيما رأسها بعجب نفيا:
" كلا , لم أر أي أرجوحة".
قالت لوسي مقطّبة:
" هذا غريب".
ألا أن أيما أوضحت لجدتها:
" لم نخرج الى الحديقة ( ثم توجهت بكلامها الى والدتها ) لماذا لم نفعل هذا, أمي؟".
رفعت جولي كتفيها كأنها لم تول الأمر أهمية , وأجابت:
" لم يكن لدينا متسع من الوقت".
علّقت لوسي بتهكم قائلة:
" عذر أقبح من ذنب , كان لديكم وقت كاف".
" حسنا , أظن أن الأمر لم يخطر في بالنا".
ردت لوسي بحدة:
" لقد أمضيتم وقتا طويلا خارجا".
دخل هالبيرد , تلك اللحظة , وبادر لوسي:
" هل ترغب سيدتي في فنجان شاي؟".
أطرقت هذه للحظة قبل أن تجيب:
" أوه نعم.... نعم , أعتقد ذلك".
أما جولي فأستبقت سؤاله لها وقالت:
" لا تزعج نفسك من أجلي .... ( ثم أستدارت فجأة على عقبيها ) فأنا ذاهبة لأستحم".
أجاب هالبيرد مبتسما:
" كما تشائين , سيدتي".
عادت لوسي تسأل الخادم:
" أين السيد روبرت؟".
" لقد خرج, سيدتي".
" خرج! ( رددت لوسي كلمته وقد فاجأها الجواب) لكن لم تمض على عودته لحظات؟".
" نعم , سيدتي , أؤكد لك أنه خرج".
" هل ذكر لك الى أين هو ذاهب؟".
" قال لي أن أخبرك , أذا ما سألتني , أنه ذاهب الى المكتب , ولن يتأخر في العودة".
عادت أيما تسأل جدتها , وهي تزرع الغرفة جيئة وذهابا , وتعبث بما نطوله يدها:
" هل أستطيع أن أشاهد التلفزيون , جدتي؟".
بدت لوسي متضايقة , فأجابتها بأمتعاض :
" لم لا ؟ ( وألتفتت الى هالبيرد ) هلا أدرت مفتاح الجهاز هالبيرد ؟".
أدار هالبيرد الجهاظ , وما هي ألا لحظات حتى أرتسمت الصورة على الشاشة بالألوان .بدت أيما مبتهجة جدا فهتفت:
" آه.... أليس هذا رائعا؟".
أومأت جولي للطفلة أيجابا , وسارت نحو الباب فبادرها هالبيرد قبل أن تخرج:
" هل ترغبين في فنجان شاي , أحضره الى غرفتك , سيدتي؟".
ترددت لحظة ثم تمتمت:
" لا أريد أن أزعجك بالأمر".
هز هالبيرد رأسه قائلا:
" ليس هناك أي أزعاد في الأمر , سيدتي".
بدا الضيق واضحا في تنهيدة أطلقتها لوسي وقالت معلقة في حدة :
" أذا ما كانت السيدة بمبرتون ترغب في فنجان شاي , فما عليها , هالبيرد , ألا أن تتناوله هنا , معي".
" أووه ! بالطبع , سيدتي".
تنهدت جولي هي الأخرى قبل أن تجيب:
" أنني آسفة , لا أستطيع ذلك الآن".
" هل أنت فعلا آسفة؟ ( سألتها لوسي والشك في نبرات صوتها واضح , ثم تناولت منديلا صغيرا عالجت به طرف أنفها وأردفت ) في أي حال , بما أن علينا أن نعيش معا ..... أقله لبضعة أسابيع مقبلة , فأنني أكون ممتنة أذ ما حاولت أن تتصرفي معي بأسلوب أقل عداء".
أسندت جولي جبينها الى أطاب الباب البارد , وقالت:
" حسنا , سأحاول".
أعادت لوسي منديلها الى مكانه وهي تسألها:
" هل ستكونين اضرة في موعد العشاء؟".
أومأت جولي مؤكدة:
" طبعا".
" حسنا".
كان جواب لوسي أيذانا منها بأنتهاء الحديث مما أزعج جولي , فأغلقت الباب وراءها وسلكت الممر الى غرفتها , وما أن ولجت بابها , حتى أحست بنفسها عاجزة عن كبت مشاعرها , فألقت بنفسها على السرير وأطلقت العنان لدموع حارة.
منتديات ليلاس
لم تر جولي روبرت ثانية ألا بعد ظهر اليوم التالي , أذ لم يعد لتناول العشاء تلك الليلة , وهذا ما حدا بوالدته على أن تشرح لجولي بأغتباط , وهما على العشاء , أن سبب تخلّف رورت , , أرتباطه وباميلا بحضور سهرة راقصة يقيمها أحد أصدقائهما , ويبدو أنه عاد من مكتبه فيما كانت جولي تستحم , فأستحم هو الآخر وأبدل بذلته ثم خرج ثانية , أما أيما , فذهبت الى فراشها نحو السابعة كما عادتها أن تفعل , لذا لم يبق الى العشاء سوى جولي وحماتها.
كان الصمت مخيما , والجو لا يبعث الشهية , ولم تتمتع جولي بطعامها , بعد العشاء عادتا الى غرفة الجلوس لتشاهدا التلفزيون.
بادرت لوسي وهي تستريح في مقعد وثير :
" مما لا شك فيه أنك ستجدين صعوبة في التكيف مع نمط حياتنا هنا , ثم أنك لم تتعودي قط مستوى العيش الأجتماعي الذي نحياه , أليس كذلك جولي؟".
تظاهرت جولي بأنها مشدودة الأنتباه الى الفيلم الذي كان يعرض تلك اللحظة على الشاشة الصغيرة ومن دون أن تلتفت الى محدثتها سألتها:
" ماذا قلت؟".
ردت لوسي بلهجة تشوبها الحدة:
" قلت أنه يصعب عليك التكيف مع نمط حياتنا , فلا أظن أن الحياة في بقعة نائية في مالايا يمكن أن تقارن بمستوى الحياة الأجتماعية , هنا , في لندن؟".
" كلا , لا أظن المقارنة ممكنة".
أردفت الحماة تسترسل في حديثها.
" لم يتسنّ لك أيضا العيش معنا لتتعودي طريقة عيشنا قبل أن يأخذك مايكل معه بعيدا , لم أكن لأتصور أن في أستطاعة مايكل أن يجد الأكتفاء الذاتي في مكان كالذي عشتما فيه , أذ أعتقدت أنه كان يعشق العيش هنا , في لندن".
علّقت جولي في أقتضاب:
" لقد ألتحق بالبحرية قبل أن يتعرّف الي".
" نعم , أعرف هذا , فهو كثيرا ما أحب الأبحار , مذ كان صغيرا , لكن أن يقبل وظيفة في بلد بعيد.... وظيفة دائمة".
" تلك كانت أرادته".
" أعرف هذا , ألا أن تصرفه كان بعيدا عن قناعاته ( تطاولت لوسي لتتناول فندان الشاي الذي كان على طاولة قريبة منها , وأضافت ) ألا أنني أعتقد أن قراره ذلك جعل الأمور أقل صعوبة بالنسبة اليك".
حاولت جولي جهدها أن تبقى هادئة , وأستوضحتها:
" أقل صعوبة؟".
" طبعا , أقصد....... أنك لم تكوني على صلة بنمط حياتنا , أذ أنك لم تتعودي قبلا الحياة الأجتماعية بمعناها الصحيح .... كأن تقيمي الحفلات والمآدب ! أنا متأكدة مثلا أنك لم تحضّري لائحة طعام قط في حياتك؟".
" كلا , ففي المأوى حيث ترعرعت , لم يعلمونا أشيائ كثيرة كهذه".
لم يرق لوسي جواب جولي لها , فقالت:
" لنكف عن الجدل , كل ما أحاوله هو التفاهم وأياك".
قالت جولي:
" أنني لا أجادلك ( وتنفست عميقا , ثم أضافت ) قد تفاجئين أذا ما أدركت أنني كنت ومايكل سعيدين!".
شخصت عينا لوسي عليها وتساءلت مشككة:
" هل كنتما فعلا سعيدين؟".
" نعم , ثم أنه لم يكن يحب مجتمع لندن , أبحر كثيرا ؟ نعم , لا أخالفك الرأي في ذلك , كان لنا مركبنا الخاص , مركب صغير , نقضي على متنه معظم أجازاتنا الأسبوعية , نسبح , نستلقي تحت الشمس , وندعو أحيانا أصدقاءنا الى أمسيات حلوة , تلك كانت ...... حياة رائعة ".
أرتسم الغضب في أرتعاشة شفتي لوسي:
" لو لم تقنعي مايكل بقبول تلك الوظيفة هناك لكان لا يزال حيا يرزق الآن".
أمتقع وجه جولي:
" هذا ليس صحيحا !".
سألتها لوسي بلهجة عداء:
" وكيف لك أن تعرفي؟".
ترددت جولي لحظة , تضغط كلتا شفتيها , فهي لم تشأ أن تبحث مع لوسي في مواضيع وتفاصيل حميمة , كموضوع صحة مايكل مثلا , على رغم أن هذه والدته , ثم أجابت:
" لأن السبب الذي حدا بهقبول وظيفته خارج البلاد , كان نصيحة طبيبه الذي أشار عليه أن يقلل من نشاطاته".
" ماذا ؟ أنني لا أصدق كلمة واحدة مما تقولين!".
" أنها الحقيقة , لم أعرف بالأمر ألا .... ألا بعد أن أصيب بنوبة قلبية أخرى , فأضطر الطبيب الى أن يشرح لي الحقيقة ( أرتدّت جولي في مقعدها الى الوراء وأردفت )ألا أن مايكل لم يعر حاله الصحية أهتماما كافيا".
كانت لوسي تحدق فيها , شفتاها ترتعشان , وأحست جولي , للحظة , بعطف عميق حيال هذه المرأة :
" أنك تختلقين ما تدّعينه حقيقة ........ أذ لو أن ما تقولينه صحيح لكان أطلعني عليه , فأنا والدته!".
أجابت جولي غير مكترثة لأتهامها:
" لم تعرفه جيدا كما عرفته".
" بل عرفته لثمانية وعشرين عاما. أي بمقدار أربع أو خمس مرات أكثر مما عرفته".
منتديات ليلاس
أجابت جولي بهدوء:
" صحيح , لكن ليس كما عرفته أنا صدقيني, أنها الحقيقة , ولست أحاول بهذا أيذاء شعورك".
أنتصبت لوسي من مقعدها :
" هل أخبرت روبرت ما تخبرينني به؟".
" كلا , لم أخبر أحدا بهذا".
" أذن أتمنى عليك ألا تفعلي ( أخذت جولي تزرع الغرفة بخطواتها التائهة ) أفضل أن يعتقد الجميع أن وفاة مايكل كانت نتيجة حادثة مأساوية غير منتظرة , قد تحصل لأي كان في أي زمان ومكان".
" لكن الذي حدث هو ما أخبرتك به".
هتفت جولي وفي داخلها حرقة , أذ أدركت أن لوسي لن تقبل في أي حال أن يعرف أصدقاؤها السبب الحقيقي لوفاة مايكل وأنه أخفى عن أهله حقيقة أعتلاله , وبخاصة عن أمه , طوال ستة أعوام".
" هل تتجرأين , صراحة , على أن تجهري بهذه الحقيقة؟".
" طبعا , أستطيع".
لم تعد تفهم شيئا من أحداث الفيلم الذي كان يعرض على الشاشة الصغيرة , ثم بدرت أشارة من لوسي رغبة منها أنهاء هذا الحوار. وقالت:
" على كل , موضوع مايكل شيء من الماضي , وما من شيء يستطيع أن يفعله أي منا لأعادته الينا حيا , شكرا لله , أن روبرت بقربي .... وأيما أيضا , بالطبع".
أنتصبت جولي ولم تتمالك نفسها من سؤال حماتها:
" وماذا بعد أن يتزوج روبرت ؟".
" ماذا تقصدين ؟".
رفعت جولي كتفيها , قائلة:
" لا شيء".
لكن لوسي عادت تسألها وهي بادية الأزدراء:
" أوتظنين زواج روبرت سيغيّر من حبه لي؟ كلا , فهو ليس كمايكل , ولن يقوم بأي عمل قد يؤذيني , هذا , فضلا عن أن الفتاة التي سيتزوجها تتفهم حقيقة علاقتنا ومقدار حبه لي , أنها فتاة لا تعرف الأنانية , وهي بالتالي صديقة حميمة لي".
تنهدت جولي عميقا , كان هناك الكثير تستطيع قوله , وأن ترد بقسوة على كلام حماتها , وأن توضح لها أن العلاقة بين صديقتين هي غيرها تماما بين زوجة وحماتها , ألا أنها كتمت ما كان يخالج فكرها ,تلك اللحظة, وتوجهت نحو طاولة عليها أبريق الشاي تسكب لنفسها فنجانا , ثم سألت لوسي:
" أترغبين في فنجان ثان؟".
" كلا , شكرا".
رشفت قليلا من فنجانها , ثم تفحصت الوقت في ساعة معصمها:
" أنها التاسعة والنصف , هل لديك مانع أن أذهب الى سريري؟".
" أطلاقا , واضح أن لا قاسم مشتركا في حديثنا , في أي حال".
بعد ظهر اليوم التالي , أخذت لوسي أيما في نزهة الى الحديقة العامة , كان يوما رائعا من أيام تشرين , حيث يتحول الصقيع على أغصان الأشجار الى ماس يشع تحت نور الشمس, والهواء نقي منعش.
سألت أيما والدتها أن ترافقهما , ألا أن جولي أمتنعت , أذ أدركت أن لوسي كانت ترغب في الأختلاء بالطفلة , فهي جدتها , رغم كل شيء .
وكان روبرت قد خرج صباحا هو الآخر , حتى قبل أن تصحو جولي من نومها , وبعد أن أخطر هالبيرد أنه لن يعود ظهرا الى الغداء , وهكذا , بقيت جولي وحيدة في الشقة , عدا الخادم طبعا.
كانت تجلس في الصالون , تتمتع بلحظات قليلة من الحرية حين رن جرس االباب , نهضت من مقعدها تلقائيا , وظهر هالبيرد قبل أن تستطيع التوجه لترى من الطارق.
" سأستطلع من القادم , سيدتي".
قالها هالبيرد بدماثته المعهودة , وععادت جولي الى مقعدها.
ما هي ألا لحظات , حتى سمعت صدى أصوات , وهالبيرد يرفع صوته على غير عادته , ثم تناهى اليها صوت الباب يغلق , نظرت في أتجاه باب الصالون فأذا بهالبيرد يدخل , رزم وعلب ملء يديه.
هتفت مبتسمة:
" بحق السماء! ما هذا؟".
تردد هالبيرد بدءا , ثم أوضح قائلا:
" أنها مرسلة اليك , سيدة بمبرتون , أين ترغبين أن أضعها؟ في غرفتك؟".
" خاصتي , أنا؟ ( رددت جولي غير مصدقة ) لكنني ...... لم أوص بشراء أي شيء؟".
أجاب هالبيرد جازما:
" هذا ما قاله لي الأجير".
" هل أنت متأكد أنها ليست لوالدة السيد روبرت؟".
" كلا , سيدتي , أنها للسيدة جولي بمبرتون , هكذا أوضح لي الصبي".
تركت جولي مقعدها , وقالت:
" من الأفضل , أذن , أن تضعها هنا , وسأرى ما تحويه".
سألها هالبيرد وأبتسامة تغلف وجهه:
" حسنا , سيدتي , أذا كان هذا ما تريدين... أم أنك تفضلين أن أفتحها لك؟".
فوافقت جولي على عرضه وتخصبت وجنتاها.
وضع الخادم مجموعة العلب قربها على الكنبة , ولاحظت جولي أسم الماركة التي على العلب فجمدت , أذ هو أسم أحد أشهر محلات الثياب في لندن , وللحال عرفت ما تحويه الرزم هذه.
قالت له بصوت متقطع الوتيرة:
" شكرا لك , أستطيع أن أفتحها بنفسي ( لكنها لاحظت أن هالبيرد كان لا يزال يرمقها بتساؤل , فأردفت ) هذه العلب لا تخصني".
" لكن الصبي الذي أحضرها....".
" نعم , أعرف ما قاله , لقد ظن أنها مرسلة الي , ألا أن الحقيقة غير ذلك , دعها هنا , هالبيرد , سأتدبر أمرها".
" كما تريدين , سيدتي".
منتديات ليلاس
تنهدت جولي عميقا , ووقفت تحدق في مجموعة العلب بعينين نفذ الصبر منهما , ترى , من الذي أوصى عليها ؟ روبرت ؟ أم هي باميلا المرأة التي لم تقابلها بعد ؟ في أي حال , يجب أن تعاد هذه العلب اليه , كائنا من كان , فهي ليست في وارد قبول أي شيء من آل بمبرتون!
نهضت , بادية التبرم , وسارت في أتجاه العلبة المرمية على السجادة , جثت بقربها تحاول أعادة ما تحويه وأحطام غطائها ثانية , كان ثوبا قماشه ناعم الملمس ينزلق على راحة يدها , تناولت القطعة ,وبدافع غريزي , تفحصتها.
تفحصت الثوب , فأذا هو رداء طويل , له كمّان عريضان وياقة عالية تنتهي بفتحة عند الصدر , أمسكت به تقيسه على قامتها , وأدركت أنه من مقاسها تقريبا , ومجرد الأستنتاج هذا ضايقها.
وبينما هي في حال تأملها هذه , تسر الى نفسها بتساؤلات شتى , تناهى اليها صوت الباب الرئيسي يفتح , وما هي ألا لحظات قليلة حتى دخل عليها روبرت , كان يرتدي معطفا متوسط الطول ذا قبة من الفرو .
فوجىء أذ وجدها وحيدة , جال بنظره في أرجاء الصالون متسائلا , ومتجاهلا في آن وجود العلب الملقاة على الكنبة , ثم سألها:
" أبن الجميع؟".
أجابته وأنفاسها تتضاءل:
" في نزهة في الحديقة العامة".
وخلع معطفه بينما ظهر هالبيرد يتناوله منه.
قال الخادم يسأل سيده:
" أترغب في بعض الشاي , سيدي؟".
نظر روبرت الى جولي يستطلع رغبتها هي أيضا , فأومأت نفيا , أذ ذاك ألفت الى هالبيرد :
" كلا , شكرا , هالبيرد , ربما في ما بعد , متى عادت السيدة بمبرتون ".
" كما تشاء سيدي".
وأنسحب هالبيرد , أما جولي فقامت تبتعد عن الكنبة الى وسط الغرفة , وهي تتوقع منه في أي لحظة توضيحا في شأن بادرته.
لكن روبرت بدا عازما على ألا يخوض في موضوع العلب , ألقى بنفسه على مقعد , ثم أشعل سيكارا بلا مبالاة مثيرة , أخيرا , لم تعد تستطيع أحتمال الأمر , فبادرته:
" حسنا , لماذا فعلت هذا؟".
فأجابها مستوضحا , وقد أختار أن يظهر جهله المتعمد للموضوع :
" فعلت ماذا ؟ جولي؟".
" لماذا أبتعت لي هذه الأشياء؟".
" هل أنا الذي أبتاعها؟".
" أجبني صراحة , ألست أنت الذي أشتراها؟".
" وماذا لو كنت أنا الذي أشتراها؟".
" أوه , كف عن تجاهلك الأجابة مباشرة عن سؤالي !( أطبقت راحتيها ) كنت نبّهتك ....... الى أنني لا أريد منك شيئا".
" أنا آسف أذا كنت خيّبت ظنك , غير أنني لست مسؤولا عن شراء هذه الأشياء".
" أذا لم تكن أنت الذي أشتراها , فمن يكون أذن؟ لا تقل لي هي والدتك التي أبتاعتها!".
" وماذا في هذا؟".
" لا يعقل أن تكون فعلت أمرا كهذا!".
" حسنا , آسف ثانية أن أخيب ظنك , لكن والدتي هي التي أشترت هذه الملابس( وأخذ يراقب ردة فعلها بعين ناقدة , ثم أضاف) أغلبالظن أنها أدركت أن ما لديك من ثياب ليس ملائما لظروف وضعك المستجد".
مررت جولي يدا مرتعشة على شعرها , وقالت ثائرة:
" كيف تجرؤ على أن تفرض علي ما أرتدي؟ ( وأضافت وعلامات الأزدراء في قسمات وجهها ) أه , بالطبع , كيف لم يخطر هذا في بالي قبل الآن؟ أنها مأدبة العشاء لهذه الليلة , هذا ما دفعها الى شراء هذه الثياب , أليس الأمر كذلك؟ أتراها تخشى أن أحط من قدرها؟ فأظهر مظهر النسيبة المعدمة!".
" هدّئي من روعك , يا جولي! وكفي عن التصرف كطفل مدلل ! أن أختياروالدتي شراء بعض الثياب لك يفترض فيك أن تقابلي لفتتها هذه بالأمتنان , هذا أقل ما يمكن أن تفعليه!
هل تعلمين أنك تبعثين الأشمئزاز في نفسي؟".
ردت عليه وهي مهتاجة:
" ليس بمقدار الأشمئزاز الذي تبعثه أنت في نفسي".
" أنت مصممة على دفع الأمور نحو الأسوأ , أليس هذا ما تفعلين؟".
" أذا كان ما أرتديه لا يليق بكم ..... وبأصدقائكم , فسأبقى في غرفتي هذا المساء".
" بل ستفعلين ما أقوله لك".
" ومن ذا الذي سيضطرني الى الأمتثال لكلام؟ ( وأرتدت خطوتين , أذ لاحظت الغضب الشديد الذي أخذ يتملكه , ثم أضافت مستطردة ) يظهر أن والدتك كانت تعلم سلفا بشعوري حيال هذا الأمر , فأشترت هذه الملابس لتغيظني".
أوغل روبرت أنامله في شعره الكث ثم أراح يده على مؤخر عنقه وقد أعتراه سأم , وبصوت جاف عاد يخاطبها:
" لا تنطقي هراء , أنت تدركين جيدا أن ما كنت ترتدينه في مالايا لن يبدو مناسبا عمليا , خصوصا في فصل الشتاء هنا ( ثم أرخى نظره الى حيث مجموعة العلب وسألها ) ألم تنظري ما في داخلها؟".
" كلا حتى أنني لم أحل رباطها".

منتديات ليلاس
تردد روبرت لحظة ثم فك أزرار سترته وأنحنى يحل رباط أقرب علبة طاولتها يده , كانت العلبة تضم تنورة من الجوخ لونها أخضر , أخرجها وتأملها متفحصا , ثم قال بنبرة متّزنة:
" يبدو أنها تناسبك".
" أنك لا تتردد في أهانتي , أليس كذلك؟".
" ولماذا أتردد ؟ فأنت لا تجدين غضاضة في أهانتي".
" أنا ..... أهنتك؟ وكيف هذا؟".
" كيف تتصورين كان شعوري حين عدت من فنزويلا وأدركت أنك تزوجت مايكل؟".
" أفضل ألا نتطرق الى هذا الموضوع".
" أنا متأكد أنك لا ترغبين في بحث هذا الموضوع , أذ هو لا يقبل الجدل!( لاحت أبتسامة عند طرفي شفتيه , وأضاف) ألا أنك كنت صريحة معي , صريحة بحق , لقد جعلتني أدرك بوضوح أي غبي كنت فعلا.....".
" أنت لا تدرك حقيقة الأمر!".
" بل أنني أدركها جيدا , فقسم من الصفقة التي أتممتها كان بدافع المال , أليست هذه في النهاية حقيقة الأمر؟ كنت قد نجوت من مصيدتك , أي رصيد في مصرف هو بقيمة أي رصيد آخر!".
مدت جولي يدها وصفعته بقوة , مما أجبره على التوقف عن حديثه , لم تدر ماذا سيكون رد فعله , الرد بالمثل , تصورت , ألا أن روبرت لم يحرك ساكنا , بل ظل يحدّق فيها بنظراته الثاقبة , وآثار الصفعة واضحة على خده , فجأة , أستدار على نفسه وخرج من الصالون.
حدقت جولي في الباب الموصد بعينين دامعتين , وهي تسأل نفسها: ( رباه , ما الذي فعلت؟).
عادت تنظر الى العلب على الكنبة , وراودها شعور بتمزيقها أربا مع محتوياتها , لكن هذا لن يفيد في شيء , سوى كونه أثباتا لأتهامه أياها بالمراهقة.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 22-06-11, 10:22 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- دعوة للخروج




أستجمعت كل قواها قبل أن تفتح الباب وتدخل الى القاعة , وما أن خطت أولى خطواتها حتى تلاشت الأصوات تدريجيا وأتجهت أنظار جميع الحاضرين صوبها.
بادرت لوسي قائلة , وهي تدنو من كنتها , وأبتسامة متكلفة تواكب نظراتها:
" هل أنت أخيرا , جولي! نحن جميعا في أنتظارك , تعالي أقدمك الى الحاضرين".
أخذت لوسي كنتها من ذراعها ومشت وأياها الى حيث يقف الآخرون , وعينا جولي شاخصتان الى أمرأة شابة طويلة القامة , كانت تقف الى جانب روبرت , لم تكن باميلا هيلينغتون كما تصورتها جولي , ألا أن هذه لم تستطع أنكار كون المرأة جذابة , شعرها بني , ممتلئة الوجه نضرة الملامح , ثوبها الطويل ذو اللون الأرجواني أبرز قوامها الرشيق.
نظرت جولي الى روبرت , بدا هو الآخر ذا ملامح تنطق بالرجولة ,كان يرتدي بذلة السهرة , وأحست جولي بأنكماش في معدتها جعلها تشعر بتوعك خفيف , عيناه الرماديتان تتلطيان خلف رموشه الكثيفة وبدا على وجهه خلوا من أي تعبير.
" فرنسيس...... لويز.... أقدم أليكما كنتي جولي , جولي , أقدم اليك والدي باميلا , باميلا , عزيزتي , أقدم اليك جولي".
صافحت الجميع بحركة آلية , وبدا لها والدا باميلا أصغر سنا مما تصورت , هما في أواخر الأربعينات من العمر , كانت عينا فرنسيس هيلينغدون الزرقاوان تتفحصانها بأعجاب لا تحفظ فيه , وبدا لجولي رجلا جذابا , لم يكن بطول قامة روبرت , ألا أنه كان قوي البنية , شعره أسود يخالطه الشيب , سالفاه طويلان.
أما لويز فكانت كأبنتها طويلة , ويبدو للناظر اليها وزوجها أن أبنتها أزاءهما غير ذات أهمية.
بعد أن تعارف الجميع , بادر فرنسيس قائلا:
" لقد تعرفنا لتونا الى أبنتك , جولي أنها سيدة صغيرة رائعة".
ضحكت أيما قائلة:
" لقد ظن السيد هيلنغدون أن بيجامتي ورداء النوم ما هما سوى التقليعة الجديدة للباس السهرة".
أبتسمت جولي لها , وقالت:
" هل قال هذا فعلا؟ ( ثم أردفت تذكّرها ) أعتقد أنك أوضحت للجميع أن على السيدات الصغيرات الآن أن يأوين الى سرائرهن ".
أنعكست ملاحظة جولي تقطيبة ظريفة على وجه أيما , وقالت تسأل :
" هل هذا يعني أن علي أن أذهب الى فراشي؟".
أجابت جولي بحزم:
" نعم".
بادر روبرت يسألها بصوت بارد :
" ماذا تودين أن تشربي , جولي؟".
" كوب من عصير البرتقال , أذا سمحت".
ما أن ترك روبرت المرأتين وحدهما , حتى بادرت باميلا بالقول:
" هل تجدين صعوبة في التكيف ثانية مع الحياة في لندن؟ لا بد أنك وجدت الطقس باردا , أليس كذلك؟".
وتدخلت لويز هيلنغدون للحال:
" هل كنت تعيشين في مالايا؟".
أومأت جولي برأسها أيجابا:
" نعم , هذا صحيح ( ثم أخذت من روبرت كوب العصير ) أوه , شكرا ( وعادت تكمل حديثها مع السيدتين) نعم , الطقس بارد جدا , ألا أن التدفئة المركزية في الشقة تخفف من الأحساس بقسوته".
سألها فرنسيس وهو يقدم اليها لفافة تبغ:
" ما رأيك في منزلك؟ كان ملكا لأحد أصدقائنا".
" نعم , لقد قيل لي هذا , يبدو منزلا جميلا جدا , لقد أخذني روبرت لمشاهدته , البارحة".
نظرت باميلا الى خطيبها وعادت خطوة الى الوراء لتفسح له مجال مشاركتهم في حلقتهم , ثم سألته:
" متى سيكون في أستطاعة جولي أن تنتقل الى منزلها؟".
أجاب روبرت:
" في نحو أسبوع أو أكثر قليلا , فأعمال الديكور أوشكت على الأنتهاء".
نظرت باميلا الى جولي ثانية , وسألتها:
" هل أعجبك الديكور؟".
" أعجبني جدا , عرفت أن معظم التصاميم كان لك فيها الرأي الأخير".
أبتسمت باميلا معلّقة:
" هذا صحيح , كان الأمر مسليا بالفعل , نوعا من التمرس , لي ولروبرت , الى أن نجد منزلنا الخاص".
تلك اللحظة , بادرت لوسي هاتفة:
" أليس من السخافة أن نظل جميعا قياما , هنا؟ ألا يمكننا أن نجلس في راحة؟".
ألتفت روبرت نحو لويز:
" هلا تفضلت بالجلوس , لويز؟".
أتكأت أيما على ساعد والدتها , والحديث دخل في العموميات , وما هي ألا دقائق قليلة حتى لاحظت جولي أن النعاس بدأ يغالب عيني أبنتها , أذ أخذ جفناها ينسدلان على عينيها تعبا, نهضت من مقعدها قائلة:
" هيا بنا , حبيبتي , أضعك في فراشك".
نهض روبرت وفرنسيس , أحتراما , وبأبتسامة أعتذار طلبت من أيما أن تلقي التحية على جدتها والآخرين وتتقدمها الى غرفتها.
عادت جولي بعد فترة وجيزة , وكان العشاء جاهزا , فتوجه الجميع الى غرفة الطعام.
في الصالون , وضع روبرت بضع أسطوانات , فأمتلأ الجو بألحان ( البعد الرابع) للموسيقار بيرت بكارا.
جلست باميلا وروبرت على كنبة واحدة , فيما أستغرقت لوسي ولويز في حديث ثنائي طويل , وبأعتبارهما والدتي عروسي المستقبل , فقد كان طبيعيا أن يدور حديثهما حول تفاصيل حفلة الزواج , وهكذا , بقيت جولي وحيدة مع فرنسيس.
بعد أن غادرت عائلة هيلينغدون , أحست جولي كما لو أنها كانت تعرف فرنسيس منذ أعوام طويلة , وشعرت بالأمتنان له كونه جعل أمسيتها الصعبة تنقضي ساعاتها بسرعة ومتعة.
واكبهم روبرت الى سيارتهم , وبعد خروجهم , تنهدت لوسي تعبيرا عن الرضى.
قالت تسأ ل جولي:
" أوليسوا عائلة رائعة؟".
" بالكاد تسنى لي التحدث مع أي منهم , اللهم سوى أطراف حديث تبادلته مع فرنسيس".
" فرنسيس! ( بدت لوسي مذعورة , وأضافت ) لا أظنك ناديته بأسمه مجردا , كما فعلت الآن؟".
" ولم لا؟".
" أسمعي , عزيزتي , أنت بتصرفك هذا لم تكوني في مستوى لائق , أتدرين من يكون؟".
" لست مهتمة للأمر كثيرا".
" أذن , ربما من الأجدر بك أن تعلمي أنه رئيس مجلس أدارة شركة هيلنغدون , والده هو السيد أرنولد هيلينغدون , وسيرث والد باميلا اللقب بعد وفاة أبيه".
" شيء عظيم!".
أمتقع وجه لوسي من الغضب , وقالت:
" كان عليّ أن أدرك سلفا أن معلومات كهذه لا وقع لها في نفسك ولا قيمة.......".
" فعلا , أعرف هذا , ولن أكون في أي حال عقبة في طريق أحد".
شرعت لوسي تفرغ منفضة ملأى بأعقاب السكائر في سلة قمامة صغيرة , ثم سألت جولي:
" لم أكن أدري أنك تدخنين؟".
" أنني لا أدهن ".
" لكنك فعلت هذا المساء!".
" أدخن في المناسبات فقط , هذا كل ما في الأمر ( وتنهدت قبل أن تضيف ) هل أستطيع أن آوي الى فراشي؟".
أجابت لوسي وهي تستدير مبتعدة:
" لم لا؟".
" لم أكن متأكدة مما أذا كان يحق لي أن أفعل من دون أستئذان".
فجأة , فتح باب الشقة ثن أوصد ثانية , وكان القادم روبرت , دخل الغرفة وهو يفط أزرار سترته , وبدا متضايقا لكثافة دخان السكائر , وظهرت تقطيبة على وجهه , تماما كما تفعل أيما , وحبست جولي أنفاسها .
أحسّت بأقترابه منها , ثم وقف قبالتها , بادرها بصوت بارد ميّزت فيه لهجة تحد:
" حسنا ؟ أراك غيّرت رأيك؟".
لم ترد جولي على ملاحظته , وأذ أدركت أنه كان يشير بكلامه الى ثيابها, أما لوسي فتملّكتها الحيرة والتساؤل:
" غيّرت رأيها؟".
قال روبرت وأشارة من يده تحسم تساؤل والدته:
" لا شيء!".
ثم جال بنظره في الغرفة وأردف:
" ما هذه الفوضى!".
رفعت لوسي كتفيها أستخفافا , وقالت :
" هالبيرد سيهتم بأمر تنظيف الغرفة صباحا".
سار روبرت الى حيث أبريق العصير , سكب لنفسه كوبا , ثم ألتفت نحو والدته يسألها:
" أترغبين في كوب؟".
سبقت جولي حماتها في الجواب:
" أنا أرغب في واحد".
سكب روبرت لها كوبا وحمله اليها , بادرت لوسي تثير ثانية موضوع علاقتها المتوترة بجولي , وشكت لأبنها معاملة كنّتها لها وتصرفاتها الأستفزازية , فتطلّع روبرت ناحية والدته متأملا , ثم قال:
" أذا كانت علاقتكما مستعصية فما من أحد يمنعك من العودة الى شقتك".
فوجئت جولي بأقتراحه هذا , أذ لم يكن من عادته أن يتكلم مع والدته بهذا الأسلوب الفظ.
هتفت لوسي مذعورة :
" ماذا؟ وأتركك هنا وحيدا ....... معها؟".
" وماذا في الأمر ؟ ( سألها روبرت ساخرا , ثم أضاف ) لا أظنك تعتقدين أن في الأمر مانعا .... من كلا الطرفين ؟".
أجابت لوسي وهي تحدّق فيه محاولة أستقراء ما يجول في ذهنه :
" بل هناك مانع , هذا فضلا عن أنني لست متأكدة من أن باميلا ستقبل أن أترك الشقة".
مرر روبرت راحة كفه على عنقه:
" ولم لا؟".
أجابت لوسي بأمتعاض:
" لا تكن بليد الذهن روبرت".
" لست كذلك , أمي , أذا كنت تعتقدين ما أظنه يراود مخيلتك , فلا أعتقد صراحة أن وجودك سيكون عقبة في طريقي أذا ما رغبت في مغازلة جولي!".
هتفت جولي وقد أمتقع وجهها:
" روبرت!".
ألا أن روبرت هتف بدوره اضبا:
" أنها الحقيقة , أمي , في الواقع أن وجودك هنا بهدف حمايتي ليس ضروريا , جولي هي أرملة أخي....... لهذا , علي أن أنهض بأعباء معيشتها هذا كل ما في الأمر , هل أنت مقتنعة الآن ؟ ( أستدار مبتعدا , ثم أردف قائلا) الآن , الأفضل لنا جميعا أن ننال قسطا من النوم , فأنا تعب".
نهضت جولي من مقعدها وهي ترشف ما تبقى في كوبها , رمقتهما بمرارة , وقالت لروبرت ملاحظة بسخرية:
" أحسنت , فتحديدك اللبق لعلاقتك بي , أعجبني هل لي أن أضيف على ما تفضلت , بأن الأمر يعود اليك فقط في توفير قوتي أو عدمه!".
ذات يوم , وكان مضى أسبوع على وجودها في لندن , رن جرس الهاتف وكانت وحيدة في الشقة , وفوجئت لدى سماعها صوت فرنسيس هيلينغدون .
هتف قائلا:
" جولي!".
" نعم ...... هل المتكلم... السيد هيلينغدون ؟".
" فرنسيس ( أوضح في أقتضاب ) كلمة سيد تبدو كأنك تعتبرينني كهلا".
أبتسمت جولي :
" لم أقصد هذا أطلاقا".

بدا فرنسيس مستمتعا بالحديث:
" أنني متأكد أنك لم تفعلي , هل أنت في حال جيدة؟".
" بخير والحمد لله ( ألتفتت الى الوراء , وقد شعرت بقدوم هالبيرد الى الغرفة , وأستدركت ) مع من كنت ترغب في التحدث؟ روبرت غير موجود , أنه في مكتبه في الشركة , وحماتي أصطحبت معها أيما في نزهة الى حديقة الحيوانات".
أوضح مؤكدا , أذ فوجىء بسؤالها:
" أردت التحدث اليك , جولي ".فرفعت كتفيها تسليما للأمر , أمام هالبيرد .
قالت مرددة , ليفهم الخادم حقيقة الأمر :
" أردت التحدث اليّ؟".
فأومأ هذا برأسه تهذيبا ثم غادر الغرفة.
: نعم , أردت أن أسألك أذا كنت تقبلين دعوتي الى الغداء , هذا , أذا لم يكن هناك ما يشغلك؟".
" الى الغداء ؟ ( رددت جولي وهي تستجمع حواسها , وبدا لها أنها تردد كلماته ببغاويا وهي في حال مرتبكة ) لكن ...... لماذا؟".
ضحك فرنسيس:
" هل علي أن أقدم سببا لدعوتي أياك؟ ألا تستطيعين تقبل رغبتي في دعوتك الى الغداء , مجرد من أي سبب؟".
بدت جولي كمن غلب على أمره , وقالت :
" حسنا , لست أدري.....".
" لماذا ؟ تقولين أن روبرت في مكتبه , ولوسي وأيما خرجتا الى حديقة الحيوانات , فما الذي يمنعك من قبول دعوتي؟ أما أذا كنت مرتبطة بمواعيد أخرى , في هذه الحال طبعا , أقدم أعتذاري المناسب , وأعدل عن الموضوع".
تنهدت جولي.
" كل ما في الأمر أن دعوتك لي جاءت مفاجئة".
" أذن؟".
منتديات ليلاس
أنتظر فرنسيس سماع جوابها.
خالج جولي مزيج من الماعر المتضاربة , ففكرة الغداء مع فرنسيس تغري , أذ هو شخص مسل وذو شأن في آن , ولم تشك للحظة في أنها ستتمتع برفقته , لكن هناك أمورا أخرى عليها أن تأخذها في الأعتبار : ماذا سيقول روبرت , أولا , وأية قصة خبيثة ستختلق لوسي عن الموضوع برمته , ثانيا.
ولأن تقييد حماتها لها بدا نوعا من الأستفزاز يحض على أقتراف أي عمل متمرد لا يغتفر , أتخذت جولي قرارها.
أخيرا , أجابت فرنسيس:
"حسنا , أنني أتطلع الى أن أتناول الغداء معك , أين نلتقي؟".
بدا فرنسيس منشرحا وقال مقترحا:
" سآتي الى عندك لأصطحبك , نحو الثانية عشرة؟".
بلت جولي شفتيها:
" حسنا , سألقاك عند مدخل البناية".
" أتفقنا".
أقفل فرنسيس الخط , وأعادت جولي هي الأخرى سماعة الهاتف الى مكانها بيد مرتعشة , لقد قضي الأمر وقبلت دعوته , ولم تعد تستطيع , بالتالي , التراجع عن موافقتها , حتى ولو أرادت ذلك , أذ أنها لم تكن تدري وسيلة للأتصال بفرنسيس , ولا هي كانت تعلم مكانه ورقم هاتفه , فضلا عن أنه لم يعد هناك متسع من الوقت لذلك , وما هي ألا ساعة أو أقل حتى يكون في أنتظارها عند أسفل السلم.
تأملها فرنسيس بتمعن فترة طويلة قبل أن يعود الى حاله ويدير محرك السيارة , ثم قال معلقا , وقد أنطلق بالسيارة في شارع أيتون غايت :
" تبدين جميلة جدا... الحقيقة أنني تساءلت عما أذا كنت ستعدلين عن المجيء؟".
حدّجته لوسي بطرف عينيها:
" هل كان مفروضا فيّ أن أفعل؟".
" ليست هذه وجهة نظري".
" الى أين نحن ذاهبان؟".
" الى مطعم (( الطائر الأرجواني )) ( أجابها وهو يراقب رد فعلها , ثم أضاف ) أنه مطعم يقع في شارع سلوت , هل سمعت به من قبل؟".
هزت جولي رأسها نفيا , قائلة:
" كلا , لكن هذا ليس غريبا قياسا على الظروف ( وتنهدت قبل أن تضيف ) لقد أنقضت ستة أعوام مذ دعاني شخص الى الغداء في لندن ".
" أذن , أعتبر نفسي محظوظا , سنشرب نخب هذه المناسبة".
ضحكت جولي لملاحظته الطريفة , وأحست براح كبرى وهي تتأمله.
مطعم ( الطائر الأرجواني ) كان يستحق الشهرة التي له , فالطعام فيه كان شهيا , وأحست جولي على رغم متعتها بالدعوة بأسف وهما في طريق العودة الى شقة روبرت.
خلال جلسة الغداء , لم يتعد حديثهما العادي من المواضيع المختلفة, وما أن أقتربت بهما السيارة من البناية , حتى قال فرنسيس:
" هل تقبلين دعوتي ثانية ,جولي؟".
نظرت اليه جولي , وعيناها شاخصتان بثبات الى الأمام تستطلعان الطريق:
" هل تريدني أن أخرج معك ثانية؟".
" طبعا".
" لست أدري ما أذا كان مناسبا أن تفعل هذا".
" ولم لا ؟ ( ورمقها بنظرة قصيرة , ثم أضاف) ألم تمضي وقتا ممتعا في رفقتي؟".
" بلى , لكن ليس هذا هو المقصود".
" لا أفهم ما ترمين اليه".
" بل أنت تفهم تماما ما عنيت , عندما..... دعوتني الى الغداء , سألتك عن السبب وكان جوابك لي.... هل يجب أن يكون هناك سبب لتقبلي دعوتي؟ حسنا , الآن , أرى سببا لذلك ".

قطب جبينه:
" بالتأكيد , السبب واضح, أنني أرتاح لوجودك".
" وزوجتك؟".
" لويز؟ وماذا عنها؟".
" هل هي على معرفة بدعوتك لي اليوم؟".
" لا لزوم لأن تعرف , فالأمر لا يخصها".
" بل على العكس ( تنهدت جولي ثم أضافت) ألم تدرك قصدي بعد؟ أنها أذا علمت أننا كنا معا اليوم ولم تخبرها بالأمر سلفا ... ماذا سيكون موقفها؟".
" الحقيقوة أنني لا أكترث لهذا كثيرا".
حدّقت فيه جولي تستشف مغزى كلامه وسألته:
" لماذا؟".
" هل عليّ أن أوضح لها الأمر ؟ الحقيقة أن علاقتي بلويز أنتهت منذ سنوات , نعم , ما زلنا متزوجين , ونتصرف كأننا سعيدان , أنما المسألة كلها لا تتعدى مصلحة باميلا , وأهلي , هذا كل ما في الأمر".
تنفست جولي بعمق , وقالت:
" فهمت الآن".
أحنى فرنسيس رأسه يتأمل أزرار سترته , وقال:
" أرى أن الحقيقة هذه تجعلني , بالطبع , فاقد الأعتبار والأحترام".
" ماذا تقصد؟".
رفع فرنسيس نظره نحوها , وقد أرتسمت على وجهه سخرية مرّة , وأجاب:
" هل يمكنني أن أفهم أنك نادمة لخروجك معي اليوم . ستفكرين أن عليك بعد الآن أن تكوني أكثر أحترازا في علاقتك معي وستقولين لنفسك : هذا رجل يسعى وراء هدف أبعد من صداقة مجرّدة!".
تلوّن وجه جولي , وأعتدل هو في جلسته بحركة عصبية , ثم قال:
" أترين؟ أنني على حق في ما قلت , أليس كذلك؟".
سألته بلطف :
" وهل أنت فعلا؟".
" هل أنا ماذا؟".
" هل أنت وراء ما يتعدى صداقة مجرّدة؟".
تنهد فرنسيس قائلا:
" قد أكون غبا وكذابا في آن أذا أنا أنكرت ذلك , لكن , أذا كنت تعتقدين أنني أرغمك على القيام بأي عمل لست مستعدة لقبوله , فأنت مخطئة , أنني أميل اليك , ولا أستطيع أنكار هذا , لكن أذا كان ما تريدين من علاقتنا هو صداقتي فقط , فأنا مستعد لأكون صديقا بكل ما للكلمة من معنى ".
قالت جولي , تحدق فيه وقد غلبت على أمرها :
" أوه , فرنسيس".
" لقد توترت أعصابنا فجأة , وهذا لا ينفع في شيء ( ثم نظر الى ساعته , وقال ) علي أن أعود , لدي موعد ... دعيني أرى , منذ نصف ساعة!".
شهقت جولي :
" منذ نصف ساعة ؟ لقد تأخرت!".
تمتم فرنسيس بكلمات مبهمة وبدا غير منزعج للأمر.
دفعت جولي باب السيارة وأنسلت خارجا وهي تقول:
" من الأفضل أن أذهب".
وفي اللحظة نفسهاخرج فرنسيس هو الآخر ودار حول السيارة قادما ناحيتها.
" أشكرك لقبولك دعوتي".
"بل أنا شاكرة لك ( وهزت رأسها دلالة الرضى وهي تضيف ) كان غداء رائعا".
أومأ فرنسيس :
" حسنا".
ثن عاد الى الجهة الأخرى من السيارة , ألا أنها أوقفته وهي تضع يدها على كتفه :
" ألن تدعوني الى الخروج معك ثانية؟".
" وهل تقبلين؟".
" بأعتبارك صديقا , نعم".
أخذ يدها بين راحتيه , وقال :
" حسنا , سأتصل بك خلال أيام قليلة , أذا لم يكن هناك مانع ".
أومأت جولي موافقة .
" حسنا , الوداع , فرنسيس".
" الوداع , جولي ".
أخلى يدها وخفّ عائدا الى مقعده في السيارة.
حين دخلت الشقة تناهى الى سمع جولي بوضوح صوت أنثوي, وأحست بقلبها يغور في صدرها , ظنت أن لوسي عادت , ولا بد أنها ستتحرى منها تفسيرا لخروجها من دون أن تعلم أحدا بالمكان الذي قصدته.
سوّت سترة ثوبها , وألقت حقيبتها على الطاولة في رواق الشقة , ثم دفعت باب الصالون ودخلت , غير أن التي كانت في الداخل تقتعد الكنبة لم تكن حماتها , بل أمرأة شابة لم تكن ألتقتها قبلا , ألتفتت هذه نحوها متسائلة أذ خطت داخل الغرفة , كان روبرت هناك أيضا , يقف متكدر الوجه الى جانب النافذة , ويداه خلف ظهره.
أغلقت جولي الباب ثم أسندت ظهرها اليه , وأرتسم على جبينها المعقود سؤال أذ أستعصت عليها هوية المرأة , ثم حدّجت صهرها مستفسرة , فأقترب هذا متثاقلا , ليقف وراء الكنبة.
بادرها بصوت بارد:
" طاب يومك , جولي , أنني مسرور جدا أن أراك قد قررت العودة أخيرا , الأنسة لوسن وأنا ننتظرك منذ ما يقارب الساعة".
أوضح قائلا وعيناه تجبهان عينيها بقوة أحست معها أنها طفلة أعتراها الخوف:
" الآنسة لوسن هي المربية التي أخترتها لترعى أيما , لقد أطلعتك قبلا على هذا الموضوع , أن كنت تذكرين".
" أنني آسفة لتخلفي عن أستقبالك , آنسة لوسن".
وتوجهت نحوها لتصافحها , مدت لها المرأة الشابة يدا متراخية , وجولي تقول:
" أنا جولي بمبرتون , والدة أيما".
رأت الآنسة لوسن أن الوقت مناسب لتعيد بعض الحماسة الى الجو المتشنج , فأنتصبت على قدميها وقالت:
" كيف حالك سيدة بمبرتون ؟ ( كانت أطول قامة من جولي , وبدا أن هذا راقها , ثم أضافت بصوت مهذب ) أنه لسرور عظيم لي أن أتعرف اليك , بالمناسبة , أين هي أيما؟".
رفعت جولي نظرها صوب روبرت , وسألته:
" ألم تعودا بعد؟ أذ أن والدتك أخذت ايما الى حديقة الحيوانات ".
عقد روبرت يديه على صدره , فبدا بهذه الحركة أكبر حجما وأكثر قوة , ما لم يسبق لجولي أن لاحظته فيه قبلا , خصوصا متى قورن مع فرنسيس الأقصر منه قامة , والأصغر بنية , ثم قال:
" ضروري أن تتعرف الآنسة لوسن الى أيما اليوم , فغايتي من ترتيب هذا اللقاء هي الأفساح في المجال للآنسة لوسن أن تعطي رأيها في موضوع تدريسها".
" لم أكن أدري أننا أتخذنا قرارا نهائيا في هذه المسألة".
تجهم وجه روبرت وقال :
" أنما العكس هو الصحيح , كل شيء تم ترتيبه , الآنسة لوسن ستقطن معكما في ثورب هيلم لدى أنتقالكما الى المنزل الجديد في نهاية الأسبوع , ولست أرى سببا حقيقيا يعقوق هذا الأمر".
شمخت جولي برأسها وقد صممت على ألا تسمح له بأن يهولعليها في حضرة أمرأة غريبة وقالت بلهجة حازمة:
" أني متأكدة أن مدرسة القرية مكان مناسب لتبدأ أيما دراستها , وعندما تصبح أكبر سنا...".
قاطعها روبرت وبريق بارد يغلف نظراته:
" أتركي لي الحكم المناسب في هذه المسألة , جولي".
فأجابت تحاول أسترضاءه:
" ألا تعتقد أن علينا تداول هذا الموضوع مليا قبل أتخاذ أي قرار؟".
" ليس هناك مجال للبحث فيه أكثر ".
" لا أوافقك الرأي ( وأبتسمت للآنسة لوسن أبتسامة خفيفة , وأضافت ) لا شك عندي أن الآنسة لوسن مربية ممتازة , ألا أنني أفضل أن تخالط أيما أولادا آخرين خلال النهار".
" لست في وارد الخوض معك في جدل عقيم , جولي , لقد أحضرت الآنسة لوسن الى هنا , كما سبق وقلت , لتتعارفا , ليس ألا ".
ببدت جولي مهتاجة , ألا أنها , وقد أدركت أن القرار ليس في يدها , ألتفتت الى الفتاة تسألها:
" هل ترغبين في فنجان شاء , آنسة لوسن؟".
أومأت الفتاة موافقة:
" نعم , شكرا".
منتديات ليلاس
وأسرعت جولي في أتجاه الباب , بعد أن أشارت لها لتجلس ثانية , في الممر الذي يصل الصالون بالمطبخ قطع عليها روبرت طريقها وأعترضها مانعا أياها من التقدم , أمسك بمعصمها ولوى ذراعها , ثم قال لها بنبرة مزمجرة متوحشة:
" أين كنت حتى هذه الساعة ؟ أتعلمين أنها تخطت الثالثة والنصف؟ ".
رفعت جولي نظرها والغضب يملؤها , كان الممر ضيقا لوجودهما معا , ولم يحدث أن كانا على مثل هذه المسافة القريبة جدا , منذ عودتها من مالايا , كانت أصابعه الممسكة بمعصمها باردة قاسية , أما شرارات السخط التي كانت تنبعث من عينيه فلم تكن من البرودة في شيء , وبدا على وشك أن ينفجر من الغضب , قالت توضح له:
" أنت لست قيما على حياتي الخاصة , روبرت".
" لم أقل أنني هكذا , فقط سألتك أين كنت؟".
" خرجت أتغدى في أحد المطاعم".
" اللعنة عليك . أعلم هذا , لكن ما لا أعرفه هو من كان في صحبتك الى الغداء ؟ ( وشدّ على معصمها وهو يسألها ) هل تريدين أن أحطم عظم معصمك؟".
" لن تتجرأ!".
" أتراهنين!".
وبدا من عينيه الملتهبتين أنه جاد في ما يقول.
" أحست جولي بأنقباض في حلقها , وقالت:
" أنك متوحش! أذا كان لا بد أن تعرف من هو الشخص الذي خرجت معه الى الغداء , فلا بأس في ذلك , أنه فرنسيس!".
" فرنسيس؟ ( رجج متسائلا ) فرنسيس من؟".
" فرنسيس هيلينغدون !
بدا واضحا أن أن روبرت صعق لوقع الأسم هذا , غير أنه لم يدعها تفلت من قبضته , وأضاف يسألها غير مصدق:
" والد باميلا؟".
" هو أياه ( وأضافت بلهجة ساخرة) دعني وشأني!".
تجاهل روبرت طلبها , وعاد يسألها:
" ماذا تظنين أنك تفعلين بخروجك معه الى الغداء ؟ أنت بالكاد تعرفينه".
أجابت والنبرة الساخرة تلازم صوتها :
" نعم , والآن توطدت معرفتي به".
" أيتها اللعينة , كيف أتفق أن خرجت معه؟".
" لقد دعاني الى ذلك ( أجابته , وأبتسامة تتوزع على قسمات وجهها , وأضافت) ليس هناك أي سوء فيما فعلت , أتصل بي هذا الصباح ودعاني الى الغداء , هذا كل ما حصل".
قال روبرت وعيناه لا تفارقان وجهها:
" لم أكن أتصور أن فرنسيس يمكن أن يقدم على أمر كهذا".
" أنه ليس ما تظن , ثم , ماذا تعني بقولك : أمرا كهذا , لقد قلت لك أن ليس في الأمر أية غاية أخرى".
" أنا متأكد من هذا ( ونظر الى يدها الأسيرة بين أصابعه وأضاف ) يغريني الآن أن أهشم معصمك كما أفعل بعود ثقاب ( بدا وجهه كالحا ) أم ترى من الأفضل أن أحطم عنقك؟".

أطلقت جولي ضحكة عالية , غير مدركة ما في عينيه الرماديتين من شر , ثم قالت:
" كف عن هذا التصرف الأرعن , روبرت , أننا نضيع الوقت , بينما الآنسة لوسن ....... تنتظر مني أن أحضر اليها فنجان شاي , وقد تتساءل ما الذي أخّرني".
أجاب روبرت بصوت أجش:
" لا يهمني أبدا أن تنتظر الآنسة لوسن فنجان الشاي".
" لكنني أنا أهتم لهذا".
كان روبرت لا يزال يحدق فيها بوقاحة غريبة , تخصبت وجنتا جولي ورجته أن يتركها , ألا أنه لم يعر رجاءها أهتماما.
فجأة , شدّها اليه , ولوى ذراعها خلف ظهرها , نظر اليها بعينين زائغتين :
" حسنا ؟ ( غمغم بصوت أجش ) ماذا في أستطاعتك الآن أن تفعلي ؟".
تلوت جولي من الألم تقاومه على غير طائل , وزادته محاولاتها هذه تصميما , فأشتدت قبضته على معصمها , وضغط عليها حتى كادت تنقطع أنفاسها .
قالت له ثانية وقد وهن صوتها:
" أرجوك , روبرت".
" أيتها اللعينة ... أنك لا تتبدلين أبدا , ولا يهمك من تجرحين!".
سوت جولي قميصها بأنامل مرتجفة , والغضب حل مكان ضعفها :
" لم أطلب منك أن تلمسني ".
كان روبرت لا يزال يحدق فيها بنظرات تربكها , ومن دون أن يعلق بكلمة , أبعدها من طريقه ليختفي داخل غرفته , ظلت واقفة لفترة حيث تركها , وكانت ترتعش من قمة رأسها حتى أخمص قدميها , ثم أقتربت من باب المطبخ وأسندت يدها اليه , وقالت وفي صوتها عزم مصطنع:
" هالبيرد , هلا أحضرت لنا ثلاثة فناجين شاي؟".
راودتها فكرة الذهاب الى غرفة روبرت , ألا أنها فضّلت أن تسلك طريق التعقّل.
كانت الآنسة لوسن في مكانها تنتظر , وفي يدها لفافة تبغ , وبدا التأفف عليها لحظة دخلت جولي الغرفة.
بادرت جولي تعتذر لتأخرها:
" آسفة لتأخري , ثانية , لقد طلبت من الخادم أحضار الشاي , هلا أخبرتني قليلا عنك".
نظرت اليها المرأة الشابة وفي عينيها عداء لم تستطع جولي أن تتبين له سببا , ثم سألت مستوضحة:
" هل هذا يعني أنك موافقة على وجودي مربية لأيما؟".
جلست جولي في مقعد من الجلد قبالة الفتاة , ثم قالت بتحفظ:
" لنقل , حاضرا , أنني أقبل الوضع على حاله".
رفعت الآنسة لوسن حاجبيها أستغرابا وقالت:
" لكن السيد بمبرتون هو مخدومي".
تنهدت جولي , وقالت:
" هذا صحيح , الى حد ما , أسمعي آنسة لوسن , من المفترض أن تعرف الواحدة منا الأخرى جيدا , هذا أذا قيض لنا أن نعيش معا ( وحاولت أن تبدو أكثر ودا فأردفت قائلة ) ما أسمك الأول ؟ أذ ليس من المعقول أن أناديك آنسة لوسن طوال الوقت".
" أسمي ساندرا ( أجابت الفتاة ) ألا أنني أفضل أن ينادى عليبأسمي كاملا في حضور أيما , لأن رفع التكلف مع الأطفال لا يساعد في أنضباطهم كما تعرفين".
حاولت جولي جاهدة أن تكتم أبتسامة بانت على شفتيها.
" لا أظنك في حاجة الى ممارسة أصول الآداب مع طفلة في الخامسة , آنسة....... ساندرا , ثم , أن أيما ليست من ذلك النوع من الأطفال.......".
" أي نوع من الأطفال تقصدين , سيدة بمبرتون؟".
" الذي يحتاج الى التأديب , هذا ألى أن أيما طفلة مهذبة جدا , ولا أستطيع أن أتصور أنها قد تكون مصدر أي مشكلة كبيرة".
" أنت والدتها , سيدة بمبرتون , وبالتالي ر يمكنك أن تدركي المشكلات الطارئة التي تواجه المدرّي في مهنته".
أجابتها جولي وقد أحست بالسخط رغما عنها:
" ما أستطيع تصوره هو أن الأمر يعود بغالبيته الى قدرة المدرّس وكفايته".
بعد دخول هالبيرد تلك اللحظة , التشنج الذي بدأ يسيطر على حوارهما , وأنهمكتا بسكب الشاي وأنتقاء بعض الفطائر , رشفت جولي من فنجانها من دون أن تأكل شيئا , أذ أنفت نفسها الطعام في هذه الساعة من النهار.
منتديات ليلاس
أما ساندا فأكلت مليا وبشهية ظاهرة.
همّت هذه تسكب لنفسها فنجانا ثالثا من الشاي حين دخل روبرت , ولاحظت جولي أن روبرت أستحم ثم أبدل ثيابه , أذ كانت قطرات الماء لا تزال عالقة تلمع على شعره الأسود , وبدا متكاسلا عل عكس ما كان منذ فترة قصيرة.
أنفرجت أسارير ساندرا لرؤيته ثانية , وأبتسمت له بحرارة , بينما تعابير وجهه على حالها لم تتغير , سوى رقة باهتة ظهرت في عينيه وهو ينظر اليها.
فجأة تغيّر سلوكه , حين نظر الى جولي , وسألها بصوت فظ :
" حسنا ؟ هل تم ترتيب كل شيء؟".
رفعت جولي كتفيها بلا مبالاة , وأجابت:
" ليس عندي ما أقوله في هذا الشأن".
" جولي!".
" حسنا , قم أنت بالترتيبات التي تراها مناسبة ( ثم نهضت من مكانها , وأضافت ) يبدو أن لا قيمة أطلاقا لوجودي هنا".
بدا روبرت يتلظّى غيظا لموقف جولي هذا , وأذا بصوت الباب الخارجي يفتح , مما جعله ياتفت نحوه فجأة في أنفعال.

أطلّت أيما من باب الصالون , صغيرة , سمراء , ينطق وجهها بالحنان وهي ترتدي معطفها الأحمر وسروالا أخضر , توقف نظرها عند ساندرا لوسن , ونظرت الى والدتها مستفسرة.
أنحنت جولي تضمها اليها , وقالت:
" أهى حبيبتي , هل أمضيت وقتا ممتعا؟".
أجابت أيما بأنفعال وحماسة:
" كان يوما رائعا , أمي! ( وأفلتت من والدتها تعدو الى حيث كان روبرت واقفا , أخذت يده بين راحتيها تشد عليها بقوة ) لقد شاهدنا كل أنواع الحيوانات , عمي , وقد أشترت لي جدتي بوظة ومرطبات وحلوى".
سألها روبرت بلهجة لا تخلو من البرودة:
" هل أشترت لك , فعلا , كل هذا؟".
ثم أخذت ملامح وجهه تلين أمام سحر وجه الطفلة , لم يكن هناك أدنى شك في أنه كان يكن لها عاطفة كبيرة , وتساءلت جولي عن سبب الألم الذي يتولد فيها كلما لاحظت ذلك.
أردفت أيما تسرد له في شوق وفرح:
" شاهدنا أيضا قطيعا من الجياد , أتدري ماذا قالت لي جدتي؟.......... لقد قالت أن في أمكاني أن أقتني جوادا حالما ننتقل الى الريف, هل هذا صحيح , هل ستشتري لي جوادا , عمي؟".
قالت جولي وقد أحست بضيق مفاجىء:
" أيما".
كذلك فعلت لوسي في لهجة حادة , وهي تدخل وتنزع قازيها :
" ليس في الوقت الحاضر أيما".
ثم أنتبهت لوسي الى وجود ساندرا لوسن , فأنفرجت أساريرها , وهتفت:
"ساندرا! عزيزتي ساندرا , , لم أكن على علم بقدومك اليوم , وألا لبقيت في المنزل لأستقبالك".
قال روبرت , موضحا , وهو يساعد أيما في نزع معطفها:
" لم تكن الآنسة لوسن نفسها على علم بموعد قدومها , لقد أتصلت بها هذا الصباح ( وألتفت نحو الطفلة يقدم اليها الفتاة) الآنسة لوسن ستكون مربيتك , هل تعلمين ما معنى كلمة مربية؟".
قطبت أيما حاجبيها , تجيبه:
" هل تعني أنها مدبرة؟".
" كلا , كلمة مدبرة تشبه في معناها الراعية , بينما المربية هي أقرب الى معلمة منها الى مدبرة , أنها تعطي دروسا , كما في المدرسة".
عظم الأهتمام في وجه أيما وسألته:
" ..... في المدرسة؟".
أنحنى روبرت يجلس القرفصاء قرب الطفلة , عيناه في موازاة عينيها , ثم أوضح لها قائلا:
" أنا قلت , كما في المدرسة ولم أقل في المدرسة , أن الآنسة ستقطن معكما , أنت ووالدتك , في ثورب هيلم".
تحولت نظرات الطفلة صوب والدتها , لتتثبت من حقيقة الأمر , غير مصدقة ما قاله عمها , وأحست جولي بقلبها ينفطر.
قالت الطفلة معترضة:
" لكن...... لكن أمي قالت لي أنني أستطيع الذهاب الى مدرسة مناسبة متى عدنا الى لندن!".
أجابها روبرت وهو ينتصب ثانية:
" والدتك كانت مخطئة".
أبت أيما أن تقر بالواقع الجديد , وعادت تسأله وهي تشده بطرف سترته:
" لكن , لماذا , تعال , أقترب عمي".
وأشارت اليه بأصبعها فعاد ينحني ثانية.
" ماذا تريدين الآن؟".
أرخت أيما يديها على كتفيه , ثم أدخلت أصبعين في أذنية , وقالت :
" لماذا لا أستطيع كغيري الذهاب الى المدرسة؟".
تنهد روبرت وقد أعيته أسئلتها المباشرة , فتدخلت لوسي وهي تتفحص كمية الشاي في الأبريق:
" كفي عن طرح أسئلتك السخيفة , فعمك يعرف جيدا ما هو الأصلح لك".
أمسكها روبرت من خصرها الصغير , وأنتصب ثاني , فأذا هي بين ذراعيه , يداها حول عنقه تحكمان الطوق كمن يمتلك كنزا بين يديه , تساءلت جولي وهي تراقبهما عما أذا كانت أيما ترى في روبرت نظيرا لوالدها , أذ بدا أنه يحنو عليها , والطفلة أستجابت لحنانه.
أبدت لوسي أنزعاجا لتصرف روبرت المدلل للطفلة , فهتفت فيه قائلة:
" أنزل الصبية عن ذراعيك , روبرت , فهي لم تعد طفلة صغيرة!".
غير أن روبرت تجاهل كلام والدته , وأخذ يدغدغها , فخبأت هذه رأسها عند عنقه , تقهقه.
لم تعد جولي تستطيع تحمل رؤيتهما معا أكثر من ذلك , أذ كان المنظر هذا بالنسبة اليها تجربة مؤلمة جدا , فبادرت قائلة:
" أستميحكم عذرا........".
ولم تكمل كلامها أذ قاطعتها لوسي تسألها:
" هل تم التعارف بينكما , أنت وساندرا؟".
تنهدت جولي قبل أن تجيب:
" الى حد ما".
أوضحت لوسي:
" ساندرا صديقة قديمة لباميلا , كانتا معا في مدرسة واحدة , ثم أختارت ساندرا التخصص بتعليم الأطفال مهنة لها بدلا من الزواج ( وأبتسمت بلطف قبل أن تضيف) أنا متأكدة من أنك ستجدينها أهلا لمهنتها".
قالت جولي وهي تضغط بأصابعها على راحتيها :
" أنا متأكدة من ذلك".
منتديات ليلاس
كان في أمكانها أن تدرك أن أحساس تلك المرأة الشابة حيالها , من خلال سلوكها ونظراتها اليها , هو أكثر من مجرد أستعداء غريزي , وبالتالي سيكون حضورها الدائم في المنزل بمثابة مهمة مراقبتها أذ ذاك شعرت جولي بحاجة الى البكاء , ماذا يعتقدون أنها تكون؟ وماذا يخشون أن تقوم به؟
أستعادت أنفاسها , وهي تنظر الى أيما بين ذراعي روبرت , وقالت:
" هيا بنا حبيبتي , عليك الأغتسال قبل أن يحين موعد العشاء".
تشبثت أيما بروبرت , كما يفعل الأطفال حين لا يريدون القيام بعمل لا يرغبون فيه , وكادت جولي أن تفقد صبرها حيال تصرف أبنتها , وقبل أن تفضحها حالها النفسية المتأزمة وتجعلها مدعاة للسخرية , جمعت قفازيها وحقيبة يدها وخرجت من الغرفة , وأغلقت الباب وراءها بأحكام.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 22-06-11, 02:35 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

مشكوره كتير فراولايه

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 22-06-11, 09:30 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

4- سهرة مع رجل لطيف




صباح الأحد , كان مقررا أن يوصلهما روبرت الى ثورب هيلم , ألا أن برقية عاجلة تلقاها مساء الجمعة , يشعره فيها مكتب الشركة في نيويورك بأجتماع كان يريد أن يحضره , أضطرته الى السفر , وكانت باميلا , ساعة تسلمه البرقية تلك الليلة في الشقة تنتظر موعد ذهابهما الى المسرح , وحضّته على السفر , على أن تتكفل هي بأيصال جولي وأيما الى ثورب هيلم , وقالت:
" في أي حال , عزيزي , ليس مهما من منا يوصل جولي والطفلة , أليس كذلك؟".
لم يجبها روبرت , ورفع كتفيه غير آبه , ثم قال :
" أنت محقة , لا أعتقد أن الأمر مهم , هذا , أذا كانت جولي لا تمانع".
لم تتحمس جولي لفكرة باميلا هذه , فأقترحت تقول:
" يمكننا أن نستقل سيارة أجرة".
فتحت باميلا ذراعيها فارغتين , وقالت:
" ليس هذا ضروريا , عزيزتي , فأنا متفرغة.......".
ورمقت روبرت بنظرة ذات دلالة مبهمة.
أضطرت جولي الى القبول , وهكذا , أوصلتهما باميلا الى المنزل , ثم ساعدتهما في نقل حقائبهما الى الداخل.
ظهرت السيدة هادسون من المطبخ , لتستقبلهن , بدت أمرأة قصيرة القامة , كما جولي , أنما ممتلئة الجسم , غلب على شعرها الشيب وعلى وجهها أبتسامة لا تفارقه , خصت أيما بأستقبال مميز , وقالت:
" القهوة جاهزة , سيدة بمبرتون , أنها في أنتظارك في الصالون , هل ترغب الصغيرة في المجيء معي الى المطبخ ؟ سأقدم اليها بعض الحلوى , أنتهيت لتوي من تحضيرها".
أتسعت حدقتا أيما , وهتفت فرحة:
" رائع".
لكن جولي نبّهتها قائلة:
" أياك أن تتخمي معدتك".
" لن أدعها تفعل ذلك".
أجابت السيدة هادسون , تعد جولي , ولسبب في داخلها جهلته , لم تصدقها هذه الأخيرة , هذا , وبدت لها السيدة هادسون أمرأة أهلا لأن تكون جدة مثالية لأيما , وأحست بوخز من الذنب لتصورها هذا.
رافقت السيدة هادسون أيما الى المطبخ , وأخذت جولي تتأمل حولها في غرفة الأستقبال بعين راضية كانت جدرانها مطلية بالأبيض , بينما أمتدت سجادة حمراء داكنة تغطي أرض الغرفة حتى أعلى درجات السلم التي تؤدي الى الطبقة العلوية.
كان الأثاث يبعث الدفء ويوحي بالترحيب , تقدمتها باميلا في أتجاه الصالون , وكانت هذه تتصرف كما لو أنها في بيتها هي , جلست في مقعد قريب من الطاولة حيث صينية القهوة , وبدت بهذا كما لو أنها هي التي تستقبل جولي.
غير أن جولي أبت أن تفقد رباطة جأشها , أذ ليس مهما ما تفعله أو تقوله الواحدة منهما للأخرى , فهي وأيما تمتلكان الآن منزلا خاصا بهما , ومن الآن فصاعدا , سينصب أهتمامهما , معظم فترات وقتهما , على التطلع الى شؤونهما الخاصة.
بعد أن تناولت جولي فنجان القهوة , وكانت قد جلست في مقعد الى جانب النافذة , بادرتها باميلا بالقول :
" أظن أنك ستجدين الراحة التامة هنا , ألا توافقينني الرأي في هذا ؟".
تصنعت جولي أبتسامة خفيفة , وقالت :
" أعتقد ذلك , أنه منزل قديم وجميل".
" نعم , أنه كذلك , طلبت من روبرت أن بشتريه بادىء ذي بدء ليكون منزلنا في المستقبل , ألا أنه أعترض على صغر حجمه".
رشفت جولي قليلا من فنجانها , وقالت :
" أنني أرى ما تقصدين".
" الحق يقال , أن روبرت كان سديد الرأي , ذلك أنه بين فترى وأخرى يقيم بعض الحفلات والمآدب , الشقة في الوقت الحاضر تحاصره ولا تسمح له بهذا , لكن , متى تزوجنا , سيكون في أستطاعتنا أن نستضيف ضيوفنا بحرية أكثر , فالعازب , كما تعلمين , لا يقيم وزنا لهذه الأمور".
هزت جولي رأسها تهذيبا أشارة موافقة.
وحدّقت باميلا في جولي هنيهة غير قصيرة , فبدا الأرتباك على هذه الأخيرة , ثم قالت الفتاة :
" كنت ذات يوم مخطوبة لروبرت , أليس كذلك؟".
أعادت جولي فنجان القهوة الى مكانه بيد مرتجفة , فأحدث أحتكاكه بالصحن قرقعة لدى ملامسته الطاولة , وأجابت قائلة:
" نعم , هذا صحيح".
أطرقت باميلا قليلا قبل أن تقول:
" لقد أخبرني روبرت ذلك".
بلعت جولي لعابها بصعوب , أذ كانت ترفض مبدئيا أن يبحث روبرت في شؤون حياتها الخاصة مع باميلا , وتساءلت عن سبب طرح باميلا لهذا الموضوع بالذات.....
" ألا أنك تزوجت أخاه؟".
بدت باميلا كأنها تستجوبها .
أومأت جولي برأسها :
" نعم , مايكل".
" قال لي , كذلك , أنكما فسختما خطبتكما قبيل سفره الى فنزويللا في مهمة عمل؟".
" نعم , هذا ما حصل".
" هل لديك مانع أن توضحي لي سبب ذلك؟".
بدت باميلا متحسبة , مترقبة.
" هل هذا الأمر يهمك كثيرا؟".
" أود أن أعرف السبب ".
" لماذا لا تسألين روبرت؟".

بدت باميلا مترددة قبل أن تجيب:
" لقد فعلت ....... قال لي أنك أنت التي أردت فسخ الخطوبة".
تلونت وجنتا جولي أحمرارا وعلّقت :
" هل هذا ما قاله؟".
" هل هذه هي الحقيقة ؟".
" نعم , أنها ........... الحقيقة ".
" لكن , لماذا؟".
وبدا الأهتمام في حاجبي باميلا المعقودين .
لم تكن جولي تدري جوابا , فتنهدت , ثم قالت:
" أن الأمر واضح ..... ألا تعتقدين ذلك؟ لقد وقعت في غرام مايكل! ".
عادت الأشراقة الى وجه باميلا , وقالت , أذ أطمأن بالها :
" أوه , أنني آسفة لما حصل , ألا أن ما أخبرتني به في شأن مايكل , لم يخطر ببالي , وكان يجب أن أستنتجه سلفا , لأنك تزوجت مايكل قبل أن يكون روبرت عاد من مهمته في الخارج , أليس كذلك؟".
بدت جولي عاجزة عن الكلام , فأومأت ثانية برأسها تؤكد فحوى سؤال باميلا , ثم أوضحت في أقتضاب:
" لقد تغيّب روبرت آنذاك فترة ستة أشهر".
" نعم , هذا ما قاله لي , لكن ألا تعتقدين , على ما أتصور , أنك كنت سافرت معه , لو أن ظروفك حينذاك كانت مختلفة ؟".
تمنت جولي لو تستطيع تغيير موضوع حديثهما , وبدا تبرمها واضحا في حركات أصابعها , ثم قالت تسألها:
" هل لديك سيكارة؟".
تناولت باميلا حقيبة يدها , تبحث عن علبة السكائر , ثم أستطردت تقول بعد أن أشعلت كل منهما واحدة:
" هل تمانعين في طرحي هذه الأسئلة عليك ؟ الحقيقة أنني أجد صعوبة في البحث في مواضيع من هذا النوع مع روبرت".
نفثت جولي دخان سيكارتها , ثم أجابت:
" كلا , لا بأس في أن تسأليني ما تشاءين ( وأنتصبت على قدميها وهي تتلوى ثم أستطردت تقول ) هل تعتقدين أننا سنمضي فصل شتاء قاسيا ....... لقد نسيت كيف يكون شكل الثلج".
نهضت باميلا بدورها , وأقتربت تقف الى جانبها عند النافذة , ثم أجابت بصوت مهذب:
" لم أذكر لك شيئا من هذا القبيل قبل الآن , ألا أنني , ولو متأخرة , أقدم اليك تعزيتي لوفاة زوجك , من المؤسف أن الفرصة لم تسنح لي لأتعرف اليه".
حدقت فيها جولي بعينين زائغتين , وتساءلت عما يمكنها أن تجيب معلّقة على ذلك , ثم تمتمت بصوت خفيض:
" شكرا".
أومأت باميلا برأسها مؤاسية وهي تضع يدها بلطف على كتف جولي , ثم قالت:
" علي الآن أن أذهب , أمي في أنتظاري وقد أقترب موعد الغداء , فضلا عن أنني دعوت أصدقاء الى الغداء عندي ( وترددت قليلا قبل أن تضيف ) أنني أنتظر زيارتك لنا , بعد أن تستقر بك الحال هنا , كما أنني متأكدة أن والدي سيكونان سعيدين برؤيتك".
منتديات ليلاس
كان روبرت لا يزال في الولايات المتحدة , بعد أن مدّد زيارته ليستطيع الأنتقال الى سان فرانسيسكو , ولم تكن عودته منتظرة قبل أسبوع , وكان طبيعيا ألا يكون هناك أتصال مباشر بينه وبين جولي , ألا أن لوسي كانت تتصل كل يوم تقريبا وتطلع جولي على كل المستجدات.
أتصل بها فرنسيس هاتفيا , يوم الخميس , رفعت سماعة الهاتف بتلكؤ , وقد تصورت أن المتكلم سيكون أمرأة عمها , وفوجئت حين تناهى صوته الى مسمعها.
" مرحبا جولي ( وتراءت لها أبتسامته الساخرة ) أوتظنين أنني نسيتك كليا؟".
رفعت كتفيها لا تدري ما تجيب , ثم قالت مازحة:
" لا تقل لي أنك عدلت عن رأيك في دعوتي ثانية".
ضحك فرنسيس وأجاب:
" من الصعب جدا أن أفعل هذا , أخبريني , كيف تجدين حياتك الجديدة في الريف؟".
جلست على ذراع المقعد الذي بقربها , ثم أجابت:
" لا بأس بها , أننا نتكيف جيدا وبسرعة مع واقعنا الجديد , فضلا عن أن أيما تعشق الحرية المتوافرة لها هنا".
" لا شك في ذلك فعلا , أذ هي على ما أتصور لم تعرف معنى الحرية في مالايا".
" لم تعرفها حقا , فقد كانت في رفقة مدبرة ترعاها معظم الوقت , كيف حالك؟".
" أجاهد في هذه الحياة , وحيدا ( أجابها مداعبا , وأستطرد يقول ) هناك سبب واحد منعني من الأتصال بك قبل الآن وهو أنني كنت خارج البلاد , في أسكوتلندا وقد عدت ليلة أمس".
" روبرت مسافر , كذلك".
" أعرف هذا , فأخباره دائما موضوع أي حديث يجري في منزلي".
" عفوا , كان علي أن أعرف هذا سلفا , لقد سها عن بالي وجود باميلا".
بدأ حديثه يسليها.
" فعلا؟ مما لا شك فيه أن هذه مهمة صعبة ".
ضحكت جولي ثانية وقالت بطريقة عفوية:
" أنا مسرورة لأنك أتصلت".
" هل أنت فعلا كذلك ؟ لماذا؟".
منتديات ليلاس
تنهدت جولي قبل أن تجيب :
" آه , لست أدري , ربما لأنني أشعر قليلا بأكتئاب , أعتقد أن أختلاف المناخ بأنتقالنا من مكان الى آخر أثّر علي قليلا.... ثم , أن المربية ستصل يوم الأحد".
" المربية؟ تقصدين..... ساندرا لوسن؟".
" نعم , هل تعرفها؟".
" طبعا أعرفها , كانت زميلة باميلا أيام الدراسة".
" هذا صحيح ( وتذكرت أن حماتها كانت أخبرتها بذلك ) لقد نسيت ".
" ماذا بك؟ هل يضايقك وجودها في شيء؟".
أجابت جولي جازمة:
" لن أدعها تفعل ذلك".
ضحك فرنسيس وبدا أنه لم يقتنع بجدية جوابها , وقال:
" يبدو أن الأمر ينذر بعاصفة بينكما , أسمعي , جولي , لم أتصل بك لأقضي نصف ساعة في الحديث معك على الهاتف , أريد أن أراك , متى يكون ذلك؟".
ترددت جولي بادىء الأمر , ثم قالت :
" لست أدري , فهناك أيما.......".
" أحضري أيما معك ....... ما رأيك في أن أحضر الى الغداء في منزلك , بدعوة منك؟".
" لا مانع عندي ".
علّق فرنسيس وقد لاحظ ترددها:
" يخيل ألي أنك لست متحمسة للفكرة , هل هذا يعني أنك لا تحبذين مجيئي؟".
" عفوك فرنسيس , بالطبع يمكنك أن تتغذى معنا , سأحضر لك في المناسبة طبقا خاصا!".
" يبدو هذا مشجعا , ما هو نوعه؟".
" أنتظر تر ( ورمقت ساعة يدها , وأضافت ) أنها الحادية عشرة , أين أنت الآن ؟".
" في المنزل".
صعقت لجوابه وهي تردد :
" في المنزل!".
" لا تجزعي , أنني في مكتبي , وما من أحد يستطيع سماع حديثنا ".
" لكنك تبدو من صوتك كمن يسترق الحديث؟".
" هل أبدو كذلك حقا ؟ أنني أعتذر عن ذلك , حسنا , أنا ذاهب الآن لأخبر لويز وباميلا , لا شك في أنهما تودان المجيء معي".
" فرنسيس!".
" هل تريدينهما معي الى الغداء ؟".
تنهدت جولي , فهي أرادت أن تلتقي فرنسيس ثانية , أذ هو الوحيد الذي كان يعاملها معاملة جيدة , فضلا عن أنها كانت في حاجة الى من تستطيع التحدث اليه.
" أذن؟".
" حسبك أن تتفضل وحدك في المجيء".
وأقفلت الهاتف.
ما أن أنتهت من أرتداء ثوبها وتصفيف شعرها , حتى كانت سيارته تتوقف أمام باب المنزل الرئيسي , أطلت أيما قادمة من المطبخ ,وسألت والدتها:
" هل هذا العم فرنسيس؟".
كانت جولي أعلمت السيدة هادسون في حضور أيما بقدوم ضيف الى الغداء , وبدت هذه فرحة لهذا النبأ.
" نعم , حبيبتي , أنه العم فرنسيس".
وذهبت تفتح له الباب .
بدا فرنسيس فتيّا , وهو في بنطال بيج وكنزة بنية اللون , ورمقته جولي بنظرة دافئة.
بادرهما محييا وهو يدغدغ أيما تحت ذقنها , فضحكت , ثم توجه الى جولي هامسا:
" لا تنظري الي هكذا , وألا تمنيت لو لم أكن ذلك الأنسان الطيب الذي تتصورين".
أبتسمت جولي لكلماته المداعبة , وقالت:
" هيا بنا الى الداخل , لا أعتقد أن المكان غريب عنك".
بدا لها فرنسيس أنسانا مختلفا عن أي رجل عرفته من قبل.
تقدمتهما أيما الى غرفة الجلوس , وبدأ يتأمل الغرفة , ثم قال :
" نعم , أعرف المكان , أنه جميل , أليس كذلك ؟ علما أن أبنتي أختارت ديكوره!".
ضحكت جولي قائلة:
" أترغب في فنجان قهوة؟".
" نعم , شكرا".
وجلس على الكنبة وأيما الى جانبه.
بادرته الطفلة بسؤال خلو من أي تحفظ :
" أين هي العمة باميلا؟".
أبتسم فرنسيس راضيا عن سؤالها وأجابها:
" أنها في المنزل ".
" ألم تشأ أن تأتي معك؟".
" أعتقد أنها ترغب في ذلك , غير أنني لم أسألها ( وأضاف مبتسما أذ لمح خيبة في وجهها ) كانت كلما أتت لتراك تتحاشى أن تدعوني للمجيء معها , فلماذا أسألها أنا أذا كانت لا تفعل الشيء نفسه؟".
بدت أيما راضية لتبريره , وسألته:
" هل قدمت حقا , لتزورني فقط؟".
" ولأزور والدتك أيضا , ( أجابها , وتناول فنجانه يرشف منه قليلا ثم أوضح قائلا) الحقيقة أنني حين أجيء لزيارتك أدّعي أنني جئت لأزور والدتك أيضا , فلا أبدو هكذا أنانيا في تصرفي ( وغمز لها ) أعتقد أنك تدركين ما أعني".
ضج المكان من ضحكة أيما العالية , ثم أقتربت جولي تجلس بالقرب منهما , وقالت تسأله:
" كيف أتفق , فرنسيس , أنك لم تنجب سوى باميلا؟".
ثم أدركت بعد فوات الأوان أي سؤال وقح , فضولي هذا الذي طرحته.
لكن فرنسيس بدا غير ممانع , فأجابها:
" لم يكن ذلك مستطاعا".
لم تكن السيدة فرنسيس قابلت فرنسيس من قبل , وأخذت ترمق جولي بنظرة مبهمة , ثم قالت:
" يبدو رجلا لطيفا , أليس كذلك ؟ أنه صبور جدا".
" نعم , ألا تدركين أنه والد الآنسة هيلينغدون؟".
" لقد أستنتجت ذلك".
" أظنك أستنتجت أيضا أنه يجب ألا يكون هنا؟".
" لماذا؟".
" لكن الأمر واضح تماما ........ أنه رجل متزوج".
في هذه اللحظة , تناولت السيدة هادسون الأطباق لتجلبها , ثم قالت:
" لكن لا علاقة بينكما من أي نوع؟".
" كيف تدعين هذا , وأنت لا تعرفين واقع الحال؟".
" أعرف ما فيه الكفاية لأدرك أذا كانت هناك علاقة حب بين رجل وأمرأة".
شهقت جولي فاغرة فاها , لكن الخادمة تجاهلت رد فعلها وأستطردت تقول:
" هل سيبقى السيد هيلينغدون الى حين العشاء؟".
" لا أعتقد ذلك".
" كان يجب ألا أتفوه بكلمة في ما لا يعنيني".
رفعت جولي كتفيها غير مقتنعة بما قالته السيدة هادسون , وأجابتها :
" أنا مسرورة أخيرا لأنك فعلت .... فليس هناك أحد سواك أستطيع البوح اليه بما يعتمل في داخلي".
" حسنا , لا يداخلنك قلق , فأنا أعرف متى أكتم خبرا".
ألتفتت اليها جولي والأستنكار باد عليها:
" هذا يبدو رهيبا , أتدركين ذلك؟ ( وضحكت ) أوه , سيدة هادسون , أنت على حق , أنه رجل لطيف".
ما أن عاد فرنسيس وأيما الى الداخل , حتى أحضرت السيدة هادسون أبريقا مليئا بالشاي , أرتمى فرنسيس متعبا في أحد المقاعد, وقال لأيما شاكيا:
" لقد أرهقتني!".
بينما هرعت هي تدير جهاز التلفزيون وتتخذ لنفسها مكانا قريبا قبالة الجهاز .
أبتسمت أيما وقالت:
" أنه وقت برنامج ( ألعاب المدرسة) , لا أظنك حقا تعبا , عمي فرنسيس , أم أنت كذلك بالفعل؟".
" لا أظنك جادة في سؤالك ,وهل تتصورين أنني أقضي فترة اقيلولة كل يوم أركض في الحديقة؟".
" هذا نافع لك".
علّقت أيما ,وهي أنما كانت تردد ما تسمعه بين حين وآخر عن فائدة العدو ممن هم أكبر منها سنا.
" يعجبني أن تفكري بهذا الأسلوب ( قال فرنسيس , ثم ألتفت الى جولي التي أقتربت منه تقدم الشاي , وسألها ) أرى أنني أستحق فنجانا من الشاي".
" بالتأكيد ( أبتسمت له وسألته ) هل أنت باق الى العشاء؟".
حلت ملامح الجدية على وجهه محل أمارات التفكه , وأجاب:
" في الواقع , ليس هناك شيء آخر أفضل عندي من البقاء معك , ألا أنني سبق ودعوت لويز الى تناول العشاء, في أحد النوادي , أذ نحن معتادان في كل خميس أن نلعب البريدج".
خاب ظن جولي لجوابه , فأومأت بأشارة من رأسها , وعلقت :
" لا بأس".
عاد فرنسيس يتأمل أيما التي كانت مستغرقة في تتبّع الحلقة التي يعرضها التلفزيون , ثم تطاول نحو جولي وأخذ يدها بين راحتيه , وقال:
" أوه , جولي! أطلبي مني أن أبقى , وسأفعل ذلك راضيا".
سحبت يدها بحياء , وغيّرت الموضوع , وقد تسارعت أنفاسها :
" أتريد سكرا مع الشاي؟".
" حبتين , من فضلك ( تنهد , ثم عاد يسألها) هل تقبلين دعوتي الى العشاء في بحر هذا الأسبوع , وقبل أن يصل التنين ؟ ( وأدركت أنه بنعته هذا أنما قصد ساندرا لوسن , بدت مترددة , فأردف قائلا ) ما رأيك في أن نخرج معا مساء السبت ؟ أنها أمسية تغري أولا ترغبين في أمسية كهذه أن ترتدي أجمل ثيابك لديك وتنزلي الى المدينة؟ أنا متأكد أن السيدة هادسون يمكنها أن تهتم بأيما"
" لا شك في أنها أهل لذلك ( وبلت شفتيها ) يبدو الأمر....... رائعا".
" أعدك بأن سهرتنا ستكون كذلك بالقعل".
" حسنا , سأسأل السيدة هادسون قبل خروجها أذا كانت تقبل أن تهتم بالطفلة".
" حسنا ( وتناول فرنسيس فنجانه وأضاف ) صدقيني , أن الأيام المقبلة التي تفصلنا عن موعدنا , ستجرجر نفسها ببطء".
بعد أن ذهب فرنسيس , وأتفقت مع السيدة هادسون , أحست جولي بندم كبير , ثم وضعت أيما في سريرها وذهبت الى المطبخ بدل أن تعود الى غرفة الجلوس كما عادتها أن تفعل كل أمسية , كانت السيدة هادسون في هذه هذه الأثناء تجلي الأطباق , وعندما دخلت عليها جولي أستقبلتها الخادمة بأبتسامة عريضة.
بادرت تسأل سيدتها:
" هل ترغبين في شيء , سيدة بمبرتون؟".
" جئت أثرثر معك قليلا".
أخذت جولي خرقة تنشف بها الأطباق النظيفة على مسطح المجلى.
" لا لزوم لأن تفعلي هذا , ( هتفت الخادمة ) يمكننا أن نتبادل أطراف الحديث , وأنا أتكفل بالأطباق".
" بل أرغب في مساعدتك ( ثم أستطردت تقول ) لقد سئمت العيش وحيدة".
سألتها الخادمة مستفسرة :
" هل أوت أيما الى سريرها ؟".
" أوه , نعم , كانت جد مرهقة بعد يوم حافل".
ضحكت السيدة هادسون وقالت:
" كذلك كانت حال السيد هيلينغدون , لا عجب".
أبتسمت جولي قائلة:
" أنه يعاملها بمحبة , أليس كذلك؟".
" نعم , سيدتي , يبدو أهلا لأن يكون لديه أكثر من ولد في عمرها".
" لكن أبنته باميلا أصبحت شابة الآن".
" نعم".
منتديات ليلاس
بدت لهجة الخادمة معبرة , فلم تستطع جولي أن تمنع نفسها من سؤالها , متناسية أنها تبحث في شؤون ضيوفها مع خادمتها:
" ألا تحبينها؟".
أرتسمت أبتسامة ساخرة على وجه السيدة هادسون , وأجابت بدبلوماسية :
" لنقل أنها ليست نجمتي المفضلة".
" أرى ما تقصدين".
عصرت السيدة هادسون الخرقة وشرعت تمسح مسطح المجلى , ثم أدركت عدم صواب ما قالت في شأن باميلا:
" لكن , لا بد أن أكون مخطئة , أذ أن السيد روبرت يحبها كثيرا ".
" أنت تعرفين..... روبرت؟".
" باركك الله , طبعا أعرفه , كنت أعمل سابقا لوالدته , يوم كان لا يزال هو وأخوه مايكل صبيين صغيرين".
ظهر التعجب في عيني جولي , وسألتها:
" أحقا ما تقولين ؟ بالله عليك , أكملي , أخبريني المزيد".
" عن مايكل , سيدتي؟".
" بل عن كليهما ".
وتخصّبت خداها.
رفعت الخادمة كتفيها تتذكر:
" كانا طفلين مكتنزين , لا يفصل بينهما سوى سنة واحدة".
" لا شك أنك كنت , يومئذ صغيرة أنت أيضا؟".
" كلا , كنت في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة".
" عجبا , كم يبدو هذا العالم صغير!".
أومأت السيدة هادسون برأسها تؤيد رأيها , وأردفت:
" عندما أشترى السيد روبرت المنزل هذا , كان يبحث عن خادمة لتعمل فيه , فأتى توا الي يسألني أن كنت أرغب في ذلك".
جلست جولي على كرسي , ثم قالت تسألها:
" هل كنت تصادفينهما خلال السنوات الأخيرة؟".
" كانا يأتيان لزيارتي , بين حين وآخر , وكنت قد تزوجت ( بدت نظرات الخادمة المتأملة في اللاشيء مفعمة بالذكريات ) كانا ولدين لطيفين".
" فعلا.... هل عرفت أنني كنت مخطوبة لروبرت؟".
بعد أن أفرغت السيدة هادسون حوض المجلى , أخذت تجفف يديها , وقالت:
" نعم , عرفت هذا , بل أكثر , ذلك أنني كنت تلقيت بطاقة دعوة الى حفلة زواجكما".
تخصّبت وجنتا جولي ثانية , تنهدت السيدة هادسون قبل أن تضيف :
" لم أكن لأتصور أبدا أن زواجكما سيلغى , وأن يسافر السيد روبرت الى فنزويللا .... الى ما هنالك مما حدث يومها".
نهضت جولي من كرسيها وعلّقت قائلة:
" تلك كانت أرادته".
" أن يذهب الى فنزويللا؟".
" نعم , وأن يلغي حفلة الزواج أيضا".
" لكنه , على ما أخبرت به يومذاك سيدتي , أضطر الى السفر , ذلك أن حادثا وقع هناك أدى الى مقتل أحد الرجال , أليس كذلك؟".
" نعم , الحادث الذي تذكرين وقع فعلا في مشروع وادي غوابا ".
" بالضبط! وكان على السيد روبرت أن يذهب ليحل محل الرجل الذي ذهب ضحية الحادثة".
ردت جولي قائلة:
" لم يكن مضطرا الى الذهاب".
ظهر الأرتباك في حركات السيدة هادسون لوجهة نظر جولي:
" لا أعتقد أنني من هذا الرأي , سيدتي , فأرسال رجل آخر غيره كان يمكن ألا يكون عملا صائبا , ألا تعتقدين ذلك؟ وهذا عدا أن السيد روبرت , كان , عمليا , الشخص الوحيد المؤهل للحلول محل الرجل الذي قضى".
رفعت جولي كتفيها لا تبالي لحقيقة كلام الخادمة , وقالت:
" في أي حال , كان ذلك كله منذ زمن بعيد".
وافقت السيدة هادسون , بأحناءة من رأسها:
" نعم , كما لا يمكن أن تكوني قد أحببته , ذلك لأنك تزوجت السيد مايكل أثر رحيله , وسافرتما قبل عودة السيد روبرت الى لندن".
في هذه اللحظة توجهت جولي نحو الباب , وقالت بنبرة لا تخلو من أنفعال:
" سافر روبرت قبل موعد زواجنا المقرر بأسبوع واحد , هل كان زوجك ليفعل ذلك لو تهيأت له الظروف نفسها؟".
" هذا سؤال تصعب الأجابة عنه , سيدتي ... هل أفهم من كلامك أن سبب خلافكما حينذاك , كانت تلك الرحلة؟".
كادت جولي أن تفقد رباطة جأشها وترد على مغالاة السيدة هادسون لواقع الأمر , ألا أنها تمالكت نفسها , وقالت:
" أنا لم أقل هذا ".
" صحيح , في أي حال , أنت أدرى بأمورك الخاصة , وأنا متأكدة من أنك ما كنت لتتزوجي السيد مايكل , كما سبق وذكرت , لو لم يكن لديك بعض الشكوك حيال علاقتك بروبرت".
فتحت جولي باب المطبخ , وقالت قبل أن تخرج:
" كلا , في أي حال , من الأفضل ألا نذهب بعيدا في بحث هذا الموضوع , يمكنك الأنتهاء من عملك , وأذا ما أحتجت الى شيء في ما بعد , فسأتدبر الأمر بنفسي".
" حسنا , سيدتي , شكرا ( نزعت السيدة هادسون مرولتها وطوتها بعناية ثم وضعتها في أحد الأدراج , وقالت ) سأغيب لمدة ساعة في زيارة للسيدة فيلدينغ في القرية".
" لا بأس".
تركت جولي الباب ينغلق خلفها وعادت الى الصالون , وما أن دقّت الساعة التاسعة , حتى شعرت فجأة بالملل وهي تشاهد التلفزيون , فعادت الى غرفتها لتأوي الى فراشها , لم تكن دامعة , لكن قنوطا ثقيلا كان يكتنف أحاسيسها.
منتديات ليلاس
صبيحة يوم السبت ,وصلت ساندرا لوسن فجأة , من دون أي أشعار سابق.
فتحت لها السيدة هادسون تستقبلها , كذلك أتت جولي الى الرواق تلتقيها , وبادرت ساندرا قائلة , وهي تضع حقيبتيها أرضا:
" أرجو ألا يكون لقدومي المفاجىء أي مانع لديك , سيدة بمبرتون , الحقيقة أن مالكة الشقة التي كنت أشغلها أخطرتني بأنها أجّرت الشقة لشخص آخر أعتبارا من اليوم , لذا رأيت نفسي مضطرة أن أجيء الى هنا , بدل أن أبدد دراهمي في قضاء ليلة في فندق , على كل , يوم أكثر أو يوم أقل في التدريس , ليس بذي بال".
بدت جولي مرتبكة لحضور ساندرا على حين غرّة , وحاولت أن تقول شيئا:
" أنا... حسنا..... سيدة هادسون؟".
أجابت الخادمة تطمئن سيدتها:
" حجرة الآنسة جاهزة سيدتي , ليس هناك أي أشكال".
حدّجت ساندرا السيدة هادسون بنظرة فاحصة , وبادرتها:
" لا بد أنك السيدة هادسون , لقد أخبرتني عنك الآنسة هيلنغدون".
أحنت السيدة هادسون رأسها:
" نعم , أنا هي , آنستي".
عقدت جولي أصابعها وقالت:
" ليس هناك أي أزعاج في قدومك قبل اليوم المحدد بيوم واحد... هلا قدرت الآنسة لوسن سيدة هادسون , الى غرفتها؟ ثم أحضري لنا بعض القهوة".
" حسنا , سيدتي".
منتديات ليلاس
وتساءلت جولي , كيف يعقل أن تخرج الليلة وتترك ساندرا في أول يوم لوصولها؟ وماذا عن أتفاقها السابق مع السيدة هادسون في شأن أيما؟ قد تقرر ساندرا , مثلا , أن تأخذ المبادرة كونها المسؤولة عن أيما , لتهتم بالطفلة في غياب والدتها , وعلى الرغم أن جولي لم يتبادر الى ذهنها أن أيما يمكن أن تهتم كثيرا بمن سيرعى أمرها في غياب والدتها , ألا أنها كانت تشعر بأن أبنتها لم ترتح لساندرا لوسن.
بدا لها الوضع مثبطا ومصدر قلق , وتمنت لو تستطيع أن تفضي الى أحد بما يعتمل في داخلها.
دخلت أيما الصالون , تلك اللحظة , قادمة من الحديقة , خدّاها متوردان والعرق يتصبب منها , وهتفت تسأل والدتها مستفسرة :
" من الذي جاء منذ لحظات في سيارة الأجرة , أمي؟".
تنهدت جولي قبل أن تجيبها:
" أنها الآنسة لوسن , حبيبتي".
" لكنك قلت أنها لن تحضر قبل يوم غد؟".
" نعم , قلت هذا , لكن طارئا أضطرها الى المجيء قبل الموعد المقرر".
أرتسمت تقطيبة على وجه أيما:
" لماذا ؟ هل يعني هذا أنني سأبدأ دراستي اليوم؟"
" لا أعتقد ذلك حبيبتي , قبل مضي بضعة أيام , ..... لكن..... ما هذا الحذاء الوسخ الذي تنتعلينه ! أذهبي وأبلديه بخفّيك أذا أردت البقاء في المنزل".
بعدما خرجت أيما , رفعت جولي سماعة الهاتف , وأتصلت بشقة روبرت , رد هالبيرد , فسالته:
" هل السيدة بمبرتون موجودة".
" أسف سيدتي , أنها غير موجودة , خرجت هذا الصباح , هل تريدين أن أخبرها , لدى عودتها , أنك أردت التكلم اليها؟".
تردد جولي لحظة , ثم قالت:
" كلا , ليس هذا ضروريا هالبيرد , شكرا".
" كما تريدين سيدتي , في كل حال , سررت لسماع صوتك ثانية , هل أستقريتما كما يجب؟".
" ألى حد ما ( وختمت مكالمتها ) طلب يومك , هالبيرد".
بقيت تحدق في سماعة الهاتف , بدا واضحا أن روبرت لم يعد بعد من الولايات المتحدة , وألا لكان هالبيرد أخبرها بذلك , تناولت دليل الهاتف وأخذت تبحث عن رقم هاتف آل هيلينغدون , وجدت الرقم وحدّقت فيه لحظة وهي تتساءل , هل ستتجرأ على الأتصال بفرنسيس ؟ وماذا أذا ردت باميلا أولا , أو لويز؟ ما هو التبرير الذي ستقدمه سببا لأتصالها؟
ثم فكرت أن تتصل به في مكتبه , قد يكون هناك , وأذا كان الأمر سلبا , فيمكنها أن تستعلم عن مكانه وتتصل به مباشرة.
أجابتها عاملة الهاتف في شركة هيلينغدون :
" السيد هيلينغدون موجود , هل ترغبين في أن تتركي له أشعارا؟".
تنهدت جولي مترددة ثم سألتها:
" هل في الأن=مكان أن تبلغيه أنني على الخط وعما أذا كان مناسبا أن أتكلم معه؟".
ترددت عاملة الهاتف , وبدا أنها لم تكن متأكدة من هوية جولي , على رغم أن هذه ذكرت لها أسمها , ثم قالت:
" دقيقة واحدة , آنسة".
وحوّلت الخط.
أنتظرت جولي جوابا بنفاد صبر , وبينما هي كذلك , دخلت أيما الغرفة وكانت قد أغتسلت , وأنتعلت خفّيها , أقتربت من والدتها وهمست:
" من تخابرين؟".
أجابتها جولي بصوت خفيض:
" ليس الأمر مهما ".
" هل هي جدتي!".
" كلا".
وتساءلت جولي ألى متى ستظل تنتظر الجواب.

مرت ثوان قليلة قبل أن يأتيها الجواب , كان المتكلم هذه المرة , فرنسيس , بصوته الهادىء:
" جولي؟".
" فرنسيس ! ( هتفت وقد أحست بالأرتياح ) عجبا , أن الذي يحاول الأتصال بك كمن يتصل بالقصر الملكي!".
أطلق فرنسيس ضحكة خفيفة عبر الهاتف , وقال بصوت رقيق:
" كنت في أجتماع أداري".
" أعرف هذا , أنني آسفة لأزعاجك".
أجابها مطمئنا:
" لا تكوني سخيفة , ماذا في الأمر؟".
رمقت جولي أبنتها بنظرة مستسلمة ثم قالت:
" حسنا , ليس في أستطاعتي الأفصاح الآن , في المناسبة , وددت أن أخبرك أن الآنسة لوسن هنا , لقد وصلت اليوم".
لم يبد في صوت فرنسيس أنه أعار الخبر أهمية , وقال متسائلا:
" وما الغرابة في ذلك؟".
" أليس هذا واضحا بما فيه الكفاية؟".
" تقصدين موضوع سهرتنا الليلة , طبعا".
" بالضبط ( وتنهدت قبل أن تضيف ) ما العمل والحال هذه , فرنسيس؟".
أجاب وقد أرتسمت نبرته بالحزم:
" سنخرج , طبعا , الى العشاء كما أتفقنا".
" لكن كيف السبيل الى ذلك , وهي تعرفك؟".
" وماذا أن هي عرفتني؟".
" أرجوك , فرنسيس!".
" أسمعي جولي , لقد أوضحت لك أن.... معرفة الناس بعلاقتنا لا تهمني , وكل ما أهتم له هو أنت فقط ( وتنهد ) أذا كان سبب أتصالك بي , هو رغبتك في ألغاء موعدنا الليلة لوجود تلك المرأة... فهذه مسألة أخرى".
شدّت جولي بكلتا يديها على سماعة الهاتف:
" أوه فرنسيس!".
" أسمعي أذا كان ذلك يجعلك أكثر أطمئنانا , فسأقترح على باميلا أن تزورك بعد ظهر اليوم , وهي ستجد ساندر هناك , فمن المؤكد أنها ستدعوها الى منزلنا , خصوصا أن روبرت لم يعد بعد , كيف يبدو لك هذا المخرج؟".
تنفست جولي الصعداء:
" هذا رائع ( ثم شعرت بساندرا لوسن تدخل الغرفة فيما هي مسترسلة فقالت تنهي المخابرة) أسمع , يجب..... أن أنهي الآن الحديث".
ضحك فرنسيس قائلا :
ط" فهمت قصدك , أي ورطة هذه التي أنت فيها ".
ضحكت جولي بدورها ضحكة ضمنتها ما لديها من رقة ولطف , وأقفلت الهتف , ثم ألتفتت الى الفتاة تسألها:
" هل كل شيء على ما يرام؟".
جلست ساندرا على الكنبة من دون أستئذان , وأجابت:
" نعم شكرا ( ثم ألتفتت نحو أيما تحييها ) مرحبا , أيما! أود أن أتعرف اليك جيدا".
أجابتها أيما والريبة في عينيها :
" هل ستقطنين معنا؟".
" نعم ( وبدت ساندرا مرتاحة وكأنها في منزلها , وأضافت) عليك أن تريني فيما بعد , المكان المعد لدراستك , هل أعدت لنا والدتك غرفة مستقلة , نستطيع أن نعمل فيها بهدوء؟".
تنحنحت جولي قليلا , ثم علّقت قائلة:
" في الواقع ليست كل الغرف مفروشة بعد , الصالون وغرفة الطعام مفروشتان , كذلك هناك ثلاث غرف جاهزة في الطبقة العلوية , لذا أرتأي أن نكتفي حاضرا بغرفة الجلوس أو غرفة الطعام".
عقدت ساندرا حاجبيها:
" أذن , فلتكن غرفة الطعام , ذلك أننا لا نستطيع أن نعمل في مكان حيث لا توجد طاولة , وأيما ستحتاج الى مسطح مقوى حتى تستطيع الكتابة".
سارعت جولي قائلة:
" في أي حال , آمل أن أنزل الى البلدة في بحر هذا الأسبوع , أو الذي يليه , لأختيار بعض ما نحتاج اليه من فرش وأدوات منزلية , ألا أنني لن أشتري في الوقت الحاضر طاولة خاصة بالدراسة , ذلك أن أيما تحتاج الى بعض الوقت لتتعود فكرة الجلوس عليها , ربما يكون من الأفضل أن تركزي على بعض الأمور الأكثر ملاءمة لطفلة في سنها , حتى يتسنى لي أن أتدبر أختيار الأثاث الملائم كما يجب".
علّقت ساندرا بطريقة فظة:
" لكن , مضى أسبوع على أنتقالكما الى هنا , أليس كذلك ؟ وهو وقت كاف ليتدبر المرء شراء ما يحتاج اليه".
" نعم ( أجابت جولي وهي ترفع نظرها لتستقبل بأرتياح قدوم السيدة هادسون تحمل صينية القهوة ) شكرا جزيلا , سيدة هادسون , ضعيها على الطاولة".
" حسنا , سيدتي ( وألتفتت الخادمة الى أيما تقول لها ) هل تودين المجيء معي اى المطبخ وتساعدينني في صنع بعض الحلوى؟".
" أووه , نعم , هل أستطيع فعلا مساعدتك؟".
قفزت أيما منتصبة تهم بمرافقة الخادمة , فأذا بساندرا توقف أندفاعها , ثم قالت توجه كلامها الى السيدة هادسون وقد بدا عليها الأنفعال:
" مهلك سيدة هادسون , نكاد أيما وأنا لا نعرف الواحدة منا الأخرى ".
حدّجتها جولي بنظرة حادة وقالت:
" أعتقد أن لدى أيما متسعا من الوقت لتتعرف اليك جيدا ( وأستطردت توجه كلامها الى أيما ) يمكنك حبيبتي الذهاب مع السيدة هادسون".
منتديات ليلاس
أنسلت أيما الى خارج الغرفة , فيما الخادمة وساندرا تحدقان في جولي , ثم قالت المربية بصوت لا يخلو من حدة:
" كيف أستطيع أن أضبط سلوك الطفلة بينما أنت تقفين عقبة في وجه تعليماتي لها".
هزت جولي رأسها , وهي تحاول أن تتمالك غيظها , وأجابت:
" أن سماحي لأيما بمساعدة السيدة هادسون لا يعني نقضا لتوجيهاتك , هذا , أضافة الى أنه لم يمض على وجودك هنا وقت طويل , فلا تعاملي الطفلة بقسوة".
على أثر هذا الحوار الذي كان أقرب الى المسادة أستؤنف الحديث بينهما متكلفا , وبدا واضحا أن ساندرا كانت لا تزال تعاني أحساسا بالغبن , وأخذت جولي تتطلع حزينة الى سنين مقبلة مع هذه المرأة , كيف ستتمكن من تحمل هذا الوزر؟ والى متى؟
وفى فرنسيس بتعهده لها كما كان وعدها , ووصلت باميلا بعد ظهر ذلك اليوم , كانت فرحتها عظيمة لرؤية ساندرا , تركتهما جولي ودخلت الى االمطبخ تنشد مؤانسة السيدة هادسون.
كانت أيما لا تزال تلعب في الحديقة , أخذت جولي تراقبها بعينين حالمتين , لفترة قصيرة , قطعها صوت السيدة هادسون وهي تقول:
" ماذا عن اليلة , سيدتي؟ هل ما زلت تعتزمين الخروج؟".
" نعم ( أجابتها جولي وألتفتت نحوها وأضافت ) تحدثت مع فرنسيس هاتفيا هذا الصباح وقد أقترح أرسال باميلا الى هنا , لأنه يعتقد أن أبنته يمكن أن تدعو ساندرا الى العشاء في منزله , ذلك أنهما صديقتان حميمتان منذ زمن , كما تعرفين , هذا فضلا عن أن روبرت غائب".
لم تستطع السيدة هادسون أن تكتم ضحكتها , ثم علّقت قائلة:
" أنها فكرة جهنمية !".
" أنها حقا كذلك , ثم , أنني لم أشأ أن أترك أيما في عهدتها وهي الليلة الأولى لها في منزلنا , هذا طبعا , عدا أعتبارات أخرى".
تنهدت السيدة هادسون تقول:
" أرى ما ترمين اليه , سيدتي , لكن , أذا كنت لا تركنين اليها , لم قبلت بها مربية لطفلتك؟".
" تلك كانت رغبة روبرت , ظاهرا , ولم يكن لي آنذاك أي خيار آخر , فهو المسؤول قانونا عن تربية أيما وتنشئتها".
" ليس هناك من هو أفضل منه للأعتناء بها".
تخصّبت وجنتا جولي لملاحظة الخادمة , وألتفتت نحوها تسألها:
" ماذا تقصدين بذلك؟".
" لا شيء سيدتي , سوى أن السيد روبرت أهل لأن يرعى الطفلة ".
" لكنني أنا أمها!".
تنهدت جولي , وقالت:
" أتفهم وجهة نظرك".
وعاد الى وجهها أستقرار لونه:
" ماذا ظننت أنني قصدت بقولي , سيدتي بمبرتون؟".
تظاهرت هذه باللامبالاة:
" لست أدري ( وتوجهت نحو الباب, وقالت ) أنا ذاهبة لأستحم , أذا أردتني لشيء , تعرفين أين تجدينني".
صح ما كان متوقعا , أذ دعت باميلا ساندرا الى العشاء مع أهلها , وشعرت جولي بالغبطة تغمرها , ألا أن غبطتها سرعان ما تحوّلت قلقا وأرتباكا , حين أقترحت عليها باميلا الذهاب معهما , قالت:
" لم لا تأتين معنا , جولي؟ والدي سيخرج الليلة تلبية لدعوة , وهكذا نبقى نحن الأربع فقط , بحيث يمكننا أن نمضي سهرتنا في أحاديث حميمة دافئة".
أستبعدت جولي أي حديث بينهن يمكن أن يتّصف بالحميمية ألا أنها فكّرت مليا في الأمر قبل أن تجيب , ثم قالت تعتذر:
" في الواقع , لا أستطيع قبول دعوتك , شاكرة لك هذا ذلك أن أحدى صديقاتي أتصلت بي هذا الصباح , وأتفقنا على أن تتصل ثانية هذا المساء , لا أظنني سأستطيع تلبية دعوتك , أذ هي قد تتصل فلا تجدني , ألا تعتقدين ذلك؟".
بدت باميلا مصدّقة لما قالته جولي , فأجابت:
" فعلا , الأفضل أن تنتظري مكالمتها ( وأضافت وهي تفرك راحتيها ) هل قلت أنها صديقة قديمة؟".
سارعت جولي تجيب:
" نعم , أحداهن ..... كنت أعمل وأياها".
" في شركة بمبرتون ؟".
" نعم ".
" هل أعرفها؟".
" لا أعتقد ذلك ( أحست جولي بكره حيال أستجواب باميلا ) لقد تركت العمل منذ مدة ليست قصيرة , أسمها ....... فاليري سميث".
" لا , لا أظن أنني أعرف واحدة بهذا الأسم ( هزت باميلا رأسها وأضافت) حسنا , ساندرا , علينا أذن بالذهاب".
نهضت ساندرا من مكانها وهي توميء أيجابا , وسألت جولي:
" هل هناك مانع في أن أذهب , سيدة بمبرتون؟".
" كلا , أطلاقا".
كل ما تمنته جولي تلك اللحظة أن تخرجا , فقد بدأ وجودهما يوتّر أعصابها.
حسن سمعت صوت محرك سيارة باميلا وهي تبتعد , شعرت براحة قصوى ,وعادت الى الصالون مرهقة وما أن جلست في أحد المقاعد , حتى هرعت أيما أليها وأعتلت حضنها , فضمّتها بيدين محبتين الى صدرها المفعم حنانا.

بادرت الطفلة تقول وقد غلبت عليها مسحة من الكآبة:
" أتمنى لو تغادرنا الآنسة لوسن , ألا يساورك أمي , أحساس بهذا أنت أيضا؟".
تنهدت جولي , ترد عل أبنتها :
" أنها مربية ليس ألا , أيما , لن يبدّل وجودها معنا أي شيء".
" بل سيكون علي أن أدرس على يدها".
علّقت جولي قائلة:
" نعم , ألا أنك , عاجلا أو آجلا , ستفعلين هذا , متى أصبحت في سن تؤهلك للذهاب الى المدرسة , أنني أعدك , بأن شيئا لن يتغير وستمارسين هواياتك اليومية التي تريدين متى أتممت دروسك".
قبل أن تتهي جولي من أرتداء ملابسها أستعدادا للعشاء , كانت أيما قد أستسلمت الى نوم هانىء ولم تذكر لها جولي شيئا عن دعوة فرنسيس لها الى العشاء ,لكي تتحاشا أسئلتها , لكنها أوصت السيدة هادسون بوجوب أطلاعها على حقيقة الأمر أن هي أفاقت , وبدأت تشعر بالقلق .
لبست جولي ثوبا عاديا لونه بيج , ذا ياقة مستديرة تكشف العنق , بدت فيه رشيقة القامة , رقيقة الخصر , وقد زاد الثوب من جمالها وجاذبيتها.
وصل فرنسيس بعد السابعة بقليل , وأذ لاحظ جمالها ومظهرها المميزين بادر يبدي أعجابه في كلمات من الغزل الرقيق ثم أستدرك قائلا:
" ألا أنك دائمة الجمال ".
وسرّت جولي لأطرائه أياها.
ثم خرجا الى مطعم في البلدة , حيث تناولا طعام العشاء , وبدت جولي مرتبكة الى حد ما كلما أقترب أحدهم , وكانوا كثرا , ليتحدث الى فرنسيس , وعيونهم تحدّج جولي بحشرية واضحة.
" ما لك تبدين مرتبكة ؟ نظراتهم نحوك تشعرني بأحساس لذيذ, بعدما ظننت أن رجلا في مثل سني فارقته هذه الأحاسيس.
أعترضت جولي , وهي تضحك :
" لكنك لست كهلا ".
أومأ يعترف:
" أنني في الثامنة والأربعين ( وأردف يسأل نفسه) أما أنت فكم عمرك؟ خمس وعشرون؟ ست وعشرون ؟ أنني أكبرك بنحو عشرين سنة , في الواقع , أنا في سن والدك".
مدّت جولي يدها , ووضعتها على يده , وقالت:
" العمر مسألة نسبية , أنت لا تبدو متقدما في السن , كما أنك تتصرف تصرّف واحد منهم , فلماذا توحي الى نفسك غير ذلك؟ ثم أنك لا تختلف في هذا الأحساس عن أي شيخص آخر , أنا مثلا ؟ أنني أتصرف أحيانا وأنا أعيش ظروفا معينة كأنني عجوز بائسة".
أرتسمت أبتسامة عريضة على شفتي فرنسيس وقال:
" كما سبق وقلت , أنت مناسبة جدا لشخص مثلي".
رقصا خلال تلك السهرة على أنغام موسيقى حالمة , وشعرت جولي بأرتياح وهي بين ذراعيه وأدركتها عاطفة قوية حياله , ومجرد أدراكها هذا الأحساس بعث فيها الدفء , لم تكن مغرمة به , غير أن علاقتهما كان لها طابع مميز هي في حاجلة اليه.
منتديات ليلاس
ما أن ولجت باب الدار حتى أنطلق بسيارته مبتعدا , كانت الأنوار في الصالون مضاءة , وأعتقدت أن السيدة هادسون لا تزال تشاهد فيلما تلفزيونيا , فتحت باب الصالون , وأنسلت بهدوء كي لا تفاجأ الخادمة بدخولها في حال كانت تغط في نومها , فجأة شهقت للمفاجأة غير المتوقعة , كان روبرت ممددا بكسل على الكنبة يغط في نوم عميق , وبدا المكان هادئا مريحا.
حدّقت جولي فترة طويلة في وجهه المتعب وقسماته المسترخية في آن , كان واضحا من محجري عينيه أنه لم ينم كفاية خلال سفرته , وبدا مرهقا.
ألا أنه وقد أخذ يشعر بوجودها وهي تمعن النظر اليه , فتح عينيه فجأة , يطرفهما بكسل , جمدت جولي في مكانها فيما نظراته تتبيّن حضورها بدءا من أسفل قامتها الى أن أستقرت على وجهها .
هتف قائلا وهو لا يزال أعشى العينين:
" جولي ! ( لم يكن في يقظة تامة بعد , تحامل على نفسه وأتكأ على مرفقه , عابسا , يحاول أن يعي ما حوله , ثم تأوّه متألما ) يا ألهي , رأسي!".
وأرتد ثانية يلقي رأسه على الوسادات خلفه .
جلست جولي على حافة الكنبة , وقد داخلها القلق , ووضعت راحتها على جبينه وشعرت بأرتفاع حرارته ألا أنه أمسك بيدها وأنزلها الى خده , ولامس راحتها فأرتعشت تحت قبضته , كانت عيناه شبه مغمضتين , وبدا لا يزال ناعسا , وتأكد لها أنه لم يكن يعي ما يقوم به .
" روبرت".
قالت معترضة , وحاولت أن تسحب يدها من قبضته , ألا أنه تطاول اليها وشدّها نحوه يحاول ضمها الى صدره , غير أن وهنه كان فرصة لها لتفلت ثم تبتعد , بينما هو بقي ممددا يراقبها ترد خصلات من شعرها أنسدلت على جبينها , بدا لها منظره مخيفا.
سألها بصوت أجش:
" ماذا بك ؟ هل تأخرت عنك اليلة ؟ هل كان فرنسيس في المستوى الذي يرضيك ؟".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 03:13 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

دايمن بتوقفى عند برت مهم وبتحبى تشوقينا بس ولا يهمك يا قمر لعيونك نستنا طلتك الحلوه
على فكره أنا حسه ان أيما بنت روبرت

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أرجوحة المصير, anne mather, آن ميثر, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, take what you want, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:03 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية