لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-11, 03:22 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

9- بأي حال عدت يا عيد؟



ولما أستيقظت لوريل من نومها في اليوم التالي , كانت عازمة على التفكير فقط بعملها وبعودتها المقبلة الى لندن , وبالرغم من نواياها وأستعداداتها , صوت داخلي لم يكف عن تذكيرها بأن الكونت في طريق عودته الى فالديروزا......
ذهبت الفتاتان في نزهتهما الصباحية الأعتيادية , على ظهور الخيل, وبقيت دونا لويزا في شقتها للأستراحة بأنتظار قدوم أصحاب القصر.
تحضيرات العيد في ذروتها , فوق عربة جوزيه تعلّق المصابيح على أشجار الحديقة وعلى الأعمدة المنتصبة قرب حافة جدران القصر , شعرت لوريل بأن لا أحد بحاجة اليها , فقررت القيام بزيارة كنيسة النبع , حملت سلة الطعام التي أحضرتها لها صوفيا وأخذت طريق التلال.
الصباح كان رائعا والبحر يلمع تتحت سماء زرقاء خالية من أي غيمة , النسيم الخفيف الآتي من البحر يخفف من حدة الحرارة القاسية , صعدت لوريل التلال ببطء , تتوقف من حين الى آخر للتمتع بالمنظر حولها , وفجأة , ظهرت أمامها كنيسة صغيرة تقع في جوف الجبل , في ظل غابة صغيرة من الصنوبر , بضع خطوات في الصخر المصقول تؤدي الى المغارة الواقعة في زاوية الكنيسة , في الواقع , المغارة كناية عن شق واسع تنبعث منه المياه الشفافة كالكريستال , كان الجو هذا المكان المعزول رائعا وهادئا , الصمت لا يقطعه سوى هدير النبع.
منتديات ليلاس
ولما خرجت لوريل من الكنيسة تسمرت لحظة في الساحة من شدة الأعجاب , أمام عينيها تبرز الجزيرة كبساط من المخمل الأصفر فرش على البحر الأزرق , هنا وهناك , نقطة بيضاء تدل على وجود بيت أو مزرعة , أحيانا يسمع صوت راع وقطيعه على طرف الجبل , أو طقطقة حوافر حصان يجر وراءه عربة , الى اليسار يرز القصر المحاط بالحدائق الواسعة المتدحرجة حتى الشاطىء , أطلقت لوريل زفرة عميقة ثم تناولت سلة الطعام وراحت تبحث عن زاوية مظللة للغداء.....
وبينما كانت العصافير الصغيرة تنقر فتات الطعام , راحت لوريل تتأمل حالمة المنظر الخلاب أمامها , وهي ,نصف مددة على بساط من العشب , لكن , سرعان ما أدركت الواقع , فأذا أحتلت السياحة هذه الجزيرة , ماذا سيحل بالهدوء الكبير في هذا المكان الساحر؟
فجأة , أنتفضت , في الأفق الفارغ ظهرت نقطة صغيرة , راح قلبها ينبض بسرعة , الباخرة تسير في المياه الزرقاء , مقتربة من المرفأ , وأذا أصغت لوريل ال ى قلبها لأنطلقت كالمجنونة نحو الرجل الذي يعني كل شيء لها..... لكن للأسف , ليست سوى غريبة في فالديروزا , وليس من اللياقة أن تعكر صفو الأجتماع العائلي , لذلك أخذت وقتها وعادت في الطريق المتعرجة , وتراءى لها بهو القصر منعشا , بجانب الحر الخارجي , المكان هادىء , وضعت منشفتها ومنديلها ونظارتيها في المدخل , ودخلت الى المطبخ لوضع سلة الطعام , ولدى عودتها سمعت حديثا آتيا من الصالون , ترددت في المرور أمام الباب المفتوح عندما ظهرت منه كارلوتا , غاضبة , حانقة , ولما رأت لوريل , توقفت مكانها وقالت بلهجة متهمة:
" آه , هذه أنت! أنت من أخبر كل شيء ! ألا تخجلين من التدخل في أمور لا تعنيك!".
" كارلوتا! أرجوك أن تسكتي!".
ظهر رودريغو بدوره وقال:
"ستعتذرين فورا!".
" هذا أمر غير وارد أطلاقا!".
أمسك رودريغو بذراعيها وقال:
" كيف تجرؤين على أتهام ضيفتنا مجانا؟".
" أنا أعرف جيدا بأنها جاءت الى هنا للتجسس عليّ".
" أنت مخطئة كليا , ليست لوريل من أخبرتني عن رحلتك السرية".
" لكن من أذن.. لا أرى من يستطيع أن ........".
" الظاهر أن كلمتي لا تكفيك , ولا شك بأنك نسيت بأن العالم صغير.... أمس , ألتقيت مصادفة بآل بيريرا في مدريد ....... لقد لمحوك مع صديقتك في ماديرا , ويأسفوا لأنك لم تزوريهم , الآن , ستعتذرين من لوريل , وأنا أنتظر ذلك منك".
نظرت كارلوتا الى لوريل نظرة أستياء وقالت:
" أذن , بأمكانك الأنتظار! لست أنا من طلب المجيء الى هنا لأجد مثل هذه الجاسوسة القذرة!".
" كارلوتا ! رودريغو!".
ظهرت دونا لويزا تتبعها أمرأة قصيرة وسمينة , شعرها رمادي , ثم قالت:
ألا تخجلان من الصراخ هكذا؟".
قال رودريغو بجهد كبير :
" أعذريني , يا جدتي".
" في المستقبل , لا أريد أن أسمع عراكا كهذا , هنا , ضيوفنا سيستاؤون من ذلك , كارلوتا , لدي كلام معك , أنتظريني في الصالون الصغير".
أبتعدت الفتاة الأسبانية بسرعة ومن دون أحتجاج , أمسكت دونا لويزا ذراع أبنتها وسارت ببطء بعدما رمقت رودريغو بنظرة متعالية.
خلال كل هذا الوقت , بقيت أيفون على حدة ,لكن لوريل لاحظت أنها تكبت رغبة ملحة في الضحك , فتقدمت منها , لكن رودريغو قطع عليها الطريق وقال لها وهو يشير الى باب مكتبه:
" لدي شيء أقوله لك يا لوريل , هل بأمكانك أن تعطيني قليلا من وقتك؟".
وما أن أغلق باب مكتبه وراءه حتى قال:
" لماذا لم تنفذي أوامري؟".
" أوامرك؟ أي أوامر؟".
" هيا , يا لوريل , لا تتصنعي السذاجة , تعرفين جيدا ما أريد قوله , كيف تجرأت وتركن كارلوتا نخالف أوامري؟".
" لكن لم.....لم .......".
" ألم تسمحي لهما بالذهاب ؟".
" طبعا لا !".
" أذن , كيف تمكنتا من الذهاب؟".
" هل تعتقد بأنه من السهولة أن تفرض سلطتك على فتاتين مراهقتين ؟ نحن لا نعيش في القرون الوسطى ! ليس لأنك رئيس العائلة ..... وبأنك , ذات يوم , سيكون لك الحق أن تفعل ما.....".
ترددت لحظة فسألها بسرعة:
" الحق أن أفعل ماذا؟".
" أن تحدد مستقبل كارلوتا , بأتباعك تقليد بال يجعلك لا تكترث بعواطف الآخرين , ألا يمكنك مرة واحدة أن تبذل جهدا وتضع نفسك مكانها ؟ لماذا لا تحاول أن تنصحها بدلا من معاملتها دائما وكأنها ما تزال طفلة؟".
" كيف أنصح فتاة شقية وعنيدة مثلها؟ هل تمزحين وأذا أستمريت في الكلام بهذه اللهجة ربما سأضطر الى انسيان بأنك ضيفة عندي وأعاملك , أنت أيضا , كما تستحقين , لنتوقف عن المناقشة".
بغضب , أرتمت على الباب الذي كان يفتحه لها وقالت بحماس ناقم :
" لكنني لم أنته من الحديث , أنا أرى بأن غلطتي الكبيرة كانت عندما قبلت ضيافتك , آه , كان يجب عليّ أن أثق بنظريتي الأولى فيك.. حين عرفت بأنك رجل بارد , قاس ومتعال , وبأنك لا تبالي بعواطف الآخرين , وبأنك أعمى حيال التقاليد البالية! آه كم أشفق على كارلوتا المسكينة!".
" هل أفرغت ما عندك؟".
أرتجفت لوريل أمام نظرات الكونت القاسية وقالت بصوت حازم:
" نعم , ولم يعد لدي ما أضيفه".
" وأنا أيضا أرتكبت خطأ في الحكم عليك ".
" آه......".
" نعم , لقد وثقت بك وما كان يجب أن أتكل عليك ".
لم تتذكر لوريل أبدا كيف تمكنت من الخروج بعد هذه الشتيمة القاسية , ولا كيف أستاعت التحلّي بالجرأة والبرود لأكمال هذا النهار الطويل.
وفي ذلك المساء كثر المدعوون الى العشاء ومن بينهم قس الجزيرة , الدون أماديو ومعلم المدرسة السيد ألفاريس وزوجته , والجراح الألماني الذي قرّر التقاعد في هذه الجزيرة , العشاء كان لذيذا والحديث خصبا لكن لا شيء مكّن لوريل من التوقف عن التفكير بما حدث قبل قليل.
وبعدما أنتهت هذه السهرة الطويلة , شعرت لوريل بأرتياح كبير وهي تستعيد وحدة غرفتها , وبعينين تحرقهما الدموع دخلت الى سريرها محاولة أقناع نفسها بأنها تكره رودريغو , لكن من دون جدوى , أغمضت عينيها , لكن الصور ظلت تلاحقها , ذكريات ذراعي رودريغو وهي تلتف حول عنقها وحنانه الناعم والقوي في آن واحد....
مع الفجر , بدأت الحركة حول القصر , الأولاد يقطفون الزهور العطرة لتزيين العيد , في الحادية عشر بدأت الأجراس تقرع بفرح داعية الى حضور الصلاة الأحتفالية.
منتديات ليلاس
كانت لوريل تنتظر في الساحة , رائعة بثوبها الأبيض البسيط , شحوب وجهها الخفيف يضفي على ملامحها بريقا ليلكيا يجعلها حنونة وجذابة.
عندما توجهت الى المائدة توقفت وترددت لحظة على عتبة الباب , لكن رودريغو نهض وأنحنى ببرود , فأشارت لها دونا لويزا بالدخول قائلة:
" تعالي , يا أبنتي , تعرفين الآن بأننا نضج من لا شيء !".
" المعذرة , لقد تأخرت".
قال رودريغو بتهذيب :
" لا , كلا نحن جئنا باكرين".
جلست لوريل مكانها وران صمت طويل , وبأبتسامة ساخرة , قالت كارلوتا:
" لا شك أن لوريل أعتقدن بأننا كنا على وشك أن نتضارب بالأيدي , بينما كنا في الواقع نتحدث عن الطقس".
قال رودريغو:
" أولا , لم نكن نتحدث عن الطقس.....".
قالت دونا لرودريغو:
" نعم , بالفعل , أنا مصرّة على حضور الأحتفال والذهاب الى الكنيسة".
قالت العمة كونستانس :
" لكن , يا أمي , فكّري بالجمهور والأزدحام والحر... ... هذا أكثر مما بأمكانك تحمّله , في السنة الماضية , لقد....".
" كفى ! سئمت الدلع , مثل عجوز مسكينة فقدت وعيها!".
رفعت ذقنها بعناد وقالت:
" أذن , رودريغو , هل تصطحبني أو سأطلب من جوزيه أن يخرج السيارة القديمة".
قال رودريغو منحنيا أمام جدته:
" لا حاجة لذلك , يا جدتي , أنا تحت أوامرك".
ولما رأت لوريل الكونت يساعد جدته بلطف في الجلوس داخل السيارة , لم تكف عن التفكير بظلمه أتجاهها , لقد فرض عليها مسؤولية كبرى , ثم راح يتهمها بالفشل في أمر لا أرادة لها فيه.
ولحسن الحظ تمكنت لوريل من عدم التفكير بحزنها أمام الفرح العام خلال هذا النهار الكبير المليء بالألوان , الجميع في الشوارع , بثياب الأحد : الرجال بالبزات السموكينغ السوداء والفتيات بالأبيض , والنساء بالثياب الملونة.
الكنيسة كانت تعج بالناس والحر لا يطاق , الشموع تضيء منصة العذراء المرتدية ثوبها الأحتفالي بألوانه الزرقاء , الوردية والفضية .
أخيرا جاء الوقت الأحتفالي الذي ينتظره المصلون بفارغ الصبر , وببطء خرج الناس من الكنيسة والمنصة محمولة على سرير أبيض , ذهبي ويفيض فرحا وراح الأولاد يضعون باقات الزهور , وبدأ الأحتفال بالنشيد الوطني , داخل المدينة , ثم على طريق التلال.
وبسرعة أختفت كارلوتا وأيفون بين الجمع , أما لوريل فلم ترفع نظرها عن قامة الكونت الممشوقة , أحيانا كان يلتفت الى الوراء ويلقي نظرة الى الموكب , كأنه يبحث عن شخص معيّن , وفي كل مرة كانت لوريل تحاول الأبتسام أو التحدث مع الذين قربها.المكان صغير لا يقدر أن يحتوي جميع المصلين , بقي القس خارجا , تحت السماء الزرقاء وتم الأحتفال ببساطة متناهية , بعدهاعاد الجميع الى المدينة لوضع المنصة في مركزها الأعتيادي , تفكك الجميع وحان الوقت للأستعداد لحفلة المساء.
وبعدما أعدت المائدة في حديقة القصر , لم يبق سوى وقت قصير كي بستعد الجميع للسهرة , صعدت لوريل الى غرفتها لتحضر نفسها , وفوجئت بأن ثمة من جلب أغراضها التي نسيتها في المدخل , مساء البارحة , رتبتها مكانها ثم أخرجتم خزانتها تنورة طويلة حمراء وقميصا من الدانتيل الأبيض , هذه ابزة تجلب لها الحظ ..... من يدي ربما الأعجوبة ستحل....
منتديات ليلاس
بدأت الوفود تنتشر وسط الحديقة المضاءة بالمصابيح العديدة , النساء كالفراشات الملونة , بعض الرجال أرتدوا بزات مخملية , رائحة لحم الغنم والدحاج تفوح في الهواء , الليل فاتر وفي السماء المنجمة ظهر القمر ببطء , فجأة , وجدت لوريل نفسها وحيدة في طرف الطاولة , فسحرت بهذا المنظر الغريب , لقد أبتعدت عنها ايفون وذهبت للرقص.
" تذوقي هذا , يا لوريل".
أنتفضت , قدم لها رودريغو صحنا فيه بعض الحلوى الصغيرة , فسألته وقلبها ينبض بسرعة مجنونة:
" ما هذا؟".
" برشان من أختصاص الجزيرة , والأنكليز يحبونه كثيرا ".
أخذت لوريل وحدة وتذوقتها ثم قالت بصوت متقلص :
" آه , أنها لذيذة!".
" هل تتسلين هنا؟".
أبتسمت لوريل وقالت:
" كثيرا , شكرا , الحديقة مضاءة بصورة رائعة".
وقبل أن يتسنى له الرد كان جوزيه قد ظهر أمامه , فتبعه رودريغو من دون أن يعتذر, شيء ما قد حصل , حاولت لوريل جهدها أن تنسى حقدها والتغلب على توترها فأنخرطت مع الجمع المتحمسين , بعض المدعوين تجمعوا حول الطاولات الصغيرة المنثورة على العشب , والبعض الآخر جلسوا تحت الشجر , ببساطة ومن دون تكلف.
" لوريل , يا صغيرتي , تعالي وأجلسي قربي , أخبريني كيف تم الأحتفال؟".
أشارت لها دونا لويزا من حيث تجلس تحت أحدى العرائش , ثم أضافت بطيبة :
" تبدين متعبة لا أحد يهتم بك .. رامون".
ظهر صبي في الحالت فقالت له:
" أحضر كأس شراب للآنسة دانواي".
جلست لوريل على الكرسي فرحة , جرعت شرابها ببطء , سعيدة لهذا الأسترخاء قرب العجوز الطيبة .
فجأة , ناصت الأضواء وبدأت الأوركسترا تعزف لحنا حماسيا وظهر على المسرح ستة راقصين يرتدون الملابس الملونة , راحوا يؤدون الرقصات الأسبانية الشعبية , وبعد الرقص بدأ الغناء , أخيرا دخل راقص وسيم الى الحلبة وعلى لحن بوليرو لرافيل رقص رقصة رائعة.
صفقت لوريل بحماس وقالت بأستغراب:
" أنه راقص رائع وغريب , كنت أجهل بأن الجزيرة تحتوي على مواهب رفيعة الشأن ".
" هؤلاء الفنانون ليسوا من هنا".
هذا الصوت ظهر من وراء رأسها , أرتجفت لوريل وهي تشعر بيديه تسندان الكرسي وتلمسانها , منذ متى رودريغو واقف وراءها ؟
تابع يقول:
" يأتون من مدريد , وصلوا صباح اليوم وسيعودون في الغد".
" آه , صحيح".
أستمر الغناء والرقص والعزف , لكن فرح لوريل أختفة , ظلت جالسة على حافة الكرسي , مستقيمة كالعصا , كي تتحاشى ملامسة رودريغو , ولما أنطفأت الأضواء العالية , أعتذرت لوزيل وصعدت الى غرفتها وراحت تغسل وجهها ويديها , متمتعة بوحدتها.
ولما نزلت من جديد , كان العيد في أوجه , الموسيقى الشعبية ترن في كل مكان , والراقصون والراقصات يرقصن بحماس غريب , أتكأت لوريل على حافة الشرفة وراحت تتأمل الراقصين , لمحت كارلوتا ترقص مع راقص معروف عرض مواهبه منذ قليل , فشعرت بالوحدة الغريبة , فجأة صوت معروف طلع من خلفها:
" ها ها , أذن هنا أنت مختبئة يا لوريل !".
" ولماذا ...... أحتاج الى الأختباء؟".
" هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟".
لكن رودريغو كان قد أمسكها من معصمها وسار بها الى أسفل الشرفة , ثم همس بصوته الناعم وهو يضمها اليه:
" أسترخي , أرجوك , لا تحاولي أقناعي بأنك تجيدين الرقص , ليس من الصعب الرقص على هذه الموسيقى , والآن , أريد أن أرى على وجهك تعبيرا مختلفا.....
" كيف؟".
" لو كانت عيناك رصاصتان , لمتّ في الحال! هل نكرهينني الى هذا الحد؟".
" لا , لا!".
" أنا سعيد لسماع ذلك ,أذن أشرحي لي لماذا تتحاشينني منذ الصباح؟".
لم ترد خوفا من الأنفضاح , وتمسكا بالوعد الذي قطتعته على نفسها , لكن هذه الموسيقى الناعمة لا تساعدها , فهمس في أذنيها :
" أنت غاضبة عليّ؟".
قلبها يطرق بسرعة , لكنها أستطاعت أن تقول , مديرة له رأسها :
" أبدا , يا رودريغو , لكن لم يتسن لي فرصة التكلم معك اليوم , هذا كل ما في الأمر".
" ليس هذا ما سألته".
أرتجفت لصوته الساخر , ثم أبتعدت عنه وصرخت:
" ما دمت تريد معرفة كل شيء , نعم , أتحاشاك منذ صباح اليوم , نعم , أنا غاضبة منك , ماذا أنا في نظرك؟ هل تعتبرني عبدة في مملكتك؟ والآن , ترى من الطبيعي أن أضمك كأن شيئا لم يحدث ؟ كلا أنا لست من هذه الفئة ! أذهب وأعثر على أنسانة أخرى لترقص معها!".
وبغضب قوي , أنزلقت بين الراقصين وهرولت من أول طريق , بعد قليل أصطدمت بشاب وفتاة متعانقين , فأعتذرت وحاولت أكمال طريقها , لكن , هذه التنورة والقميص الحمراء والسوداء.... أنها أيفون ...... وكانت مع.........
ألتفتت بسرعة لترى الفتاة تبتعد عن ذراعي رينالدو , أحتلّها الغضب ...... كل مصائبها ناتجة عن تصرف أيفون الأحمق مع رينالدو الدون جوان , لم تعد تتحمل الصبر , أقتربت من الفتاة بغية توبيخهما , لكن في هذا الوقت شعرت بيدين تمسكانها من كتفيها وتديرانها , وعندئذ لمحت أيفون ورينالدو يختفيان في الظلام.
هزّها الكونت كي تكف عن أحتجاجاتها , أذ قال :
" يا ألهي , دعيهما وشأنهما! بدأت أملّ من هذا الشباب الطائش ".
" وأنا أيضا , بدأت أملّ , لكن ليس للأسباب نفسها".
" ماذا تعنين بهذا الكلام؟".
" أمل أيضا من مزاجاتك المتقلبة , من البرود البعيد الى الحماس الملهوف , وتتهمني بجميع الخطايا , ثم.....".
" تابعي".
رفعت ذقنها بتحد ونظرت اليه مواجهة وقالت:
" ثم , متى أردت , تلعب دور الدون جوان , كأن شيئا لم يكن! ".
" دون جوان! أنا !".
كان على أستعداد للأنفجار , ولعدة لحظا أنتابها الخوف , لكن غضبه حل بسرعة وهمس لها:
" يا ألهي , هكذا تنظرين الي أذن!".
فجأة لم تعرف لوريل ما تقوله , أخفضت رأسها , لكنه رفع وجهها بهدوء وتابع يقول:
" هذا أذن سبب هذه النظرات الحزينة ...... كيف بأمكاني أن أسامح نفسي على ما فعلته بك".
قالت بصوت مخنوق:
" أنت لم تجرح شعوري .... أردت فقط أن ......".
داعب عنقها وقال:
" أنظري الي , يا لوريل".
توتر لذيذ عبر كيانها , وأصبح من المستحيل عليها مقاومة هذا الصوت الدافىء وهذه النظرات الساحرة .
" لا أريد أن أرى بعد الآن هذا التعبير الحزين في عينيك , أريد....".
وقبل أن ينتهي من جملته , ضمها اليه وعانقها بلهب , ونسيا الزمان والمكان.....
نداء قطع عناقهما , رفع رودريغو رأسه , وتساءلت لوريل : لمن هذا الصوت الآتي من عالم آخر , سمعت رودريغو يقوا بغموض:
" ينتظروننا في القصر , يا لوريل , أنها ساعة المفاجأة النهائية , تعالي يا حبيبني".
يا حبيبتي..... لقد دعاها ( يا حبيبتي ) نسيت نظرة كارلوتا القاسية التي فاجأتهما في هذا العناق الجميل.
وفي شرفة القصر , العائلة مجتمعة بأنتظار الأحتفال النهائي , صوت دوى , في الحال أشتعلت السماء
أنسحرت لوريل بهذا المنظر الرائع , كان رودريغو قربها , وذراعه حول خصرها , شعرت بتوتر جميل وبسعادة متناهية , أستأذنت دونا لويزا معتذرة وصعدت الى شقتها , بينما عا الضيوف الى الحديقة حيث بدأ الرقص من جديد , كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل , لكن لا أحد يبالي بذلك.
" تعالي نرقص".
كان رودريغو يحدق اليها بشغف كبير , فألتفتت نحو الطاولة حيث أرادت أن تضع كأسها , وأذا بها تلتقي بنظرات كارلوتا الوقحة المحدقة بها , قالت لها الفتاة الأسبانية :
" أظن بأنك وجدت كل هذا شيقا , يا لوريل , أنها تسلية أضافية تجذب السياح والآن , بدأت تعدين الرحلات السياحية , أليس كذلك؟".
تلعثمت لوريل وقالت:
" أنا....... أنا لا أفهم ما تقولينه".
" بلى , تفهمينني جيدا , ولا حاجة لنفي ذلك , في كل حال لم يعد ذلك سرا لأحد , لماذا ترسمين أذن خرائط الجزيرة ولماذا تدونين جميع التفاصيل أليس والد أيفون مديرا لمكتب السفريات وأنت مساعدته؟".
شعرت لوريل بدواخ وبغموض وسمعت تعجب الكونت , أضافت كارلوتا تقول:
" نعم , هذا صحيح , يا رودريغو , أنت لا تعلم بالأمر , أنهم يريدون جلب السياح الى هنا , وبناء الشقق المفروشة والمطاعم الفخمة والنوادي الليلية , سيأتي السيّاح بالألوف ليدمروا كل شيء , كالجراد , وأنت ألم تكن تعرف ذلك , أسألها أنت بنفسك , لا يمكنها أنكار ذلك , هذه مهنتها".
" هذ هذا صحيح؟".
رجعت لوريل الى الوراء أمام نظرات رودريغو القاسية , هل أيفون هي التي أفصحت لكارلوتا عن سبب وجودهما هنا ؟ لكن فجأة , وكالبرق , فهمت كل شيء .... المنشفة التي تركتها في المدخل ذلك اليوم......
" كلا , دعني أشرح لك , لم أنو أبدا أن ....".
" الحقيقة , أريد الحقيقة , هل تعلمين , نعم , أم لا , عند هذا.... هذا.......".
قاطعته كارلوتا, فرحة من نفسها:
" يدعى غوردن سبرل وشركته تدعى : ( السياحة الكوكبية) ".
قال كأنه لم يسمع ما قالته أبنة عمته:
" هل ستجيبينني؟".
" نعم , لكن.... أنا.....".
" حسنا , لست بحاجة أن أعرف المزيد , لقد خدعتني ..... لقد...".
وضعت لوريل يدها المرتجفة على ذراعه وقالت متوسلة:
" أرجوك , أسمعني , لقد..........".
أبتعد عنها وقال بغضب:
" لا أريد أن أسمع شيئا , يكفي ما كذبت عليّ , حتى الآن , أعتقد بأن عودتك الى لندن أصبحت أكيدة وبسرعة , وجوابي هو نفسه , الذي أعطيته لشركة من هذا النوع , أبدا , لن أدع السياحة تتطور هنا , مساء الخير".
وبسرعة جنونية , غادر الكونت وأختفى داخل القصر.
وجدت لوريل نفسها وحيدة على الشرفة وسط فرقعات سعادتها المدمرة , حولها العيد ما زال مستمرا...
......

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 03:24 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

10 – سهرة لم تحصل



النهار الأخير , الذي أمضته لوريل في فالديروزا , سيبقى محفورا في ذاكرتها الى الأبد , ومنذ ذلك الحين مضت ثلاثة أسابيع , أستعادت لوريل حياتها اليومية الأعتيادية , لكن قلبها ما زال حزينا , وكلما فكرت بيومها الأخير في جزيرة المصير , تتذكر الساعات الطويلة التي قضتها بين خوفها من مجابهة رودريغو وبين رغبتها في رؤيته , ولو لمرة واحدة.
أخيرا , غادرت القصر من دون أن تراه ومن دون أن تستطيع شرح ظروفها له , كان قد غادر الجزيرة منذ الفجر , مصطحبا كارلوتا معه , ترك لضيفتيه كلمة لطيفة , مهذبة طالبا منهما عدم التردد في أستعمال الهاتف لأبلاغ ذويهما عن وصولهما , مشيرا بأن جوزيه سيهتم بحقائبهما وبأيصالهما الى المرفأ.
دونا لويزا وحدها تمنت لهما رحلة سعيدة , وكادت لوريل أن تذرف الدموع لدى رؤية وجه العجوز الحزين والمتأسف .
منتديات ليلاس
وخلال العودة , تمكنت أيفون من رفع معنويات رفيقتها عندما أخبرتها هذه الأخيرة بما جرى , من غير أن تلومها , كان غوردن سبرل بأنتظارهما في المطار , باشرت أيفون بسرعة في سرد تفاصيل مغامرتهما الفاشلة , غير تاركة للوريل المجال في الكلام.
" آه , كيف تمكنتما من دخول القصر ؟ أن تدعيا اليه أمر خارق ".
أجابت أيفون:
" هذا بفضل سحرنا الكبير , طبعا"
ولما رأت تعبير لوريل المتقلص , خففت من حدة لهجتها وقالت:
" في الواقع , حدثت للوريل مغامرة غير مفرحة , بعد قليل من وصولنا الى الجزيرة , ولكونت هو بنفسه أخرجها من تلك الورطة.
وراحت أيفون تخبر والدها بتفصيل ما جرى , مصرّة على عدم أخباره الدور المتعلق بها , فسأل غوردن سبرل سكرتيرته بنبرة شكوكة:
" هل كلام أيفون صحيح , يا لوريل؟".
" نعم , أه يا سيدي , أفسدت كل الخطط , بوجودي هناك.......".
" لكن , لا يمكنك أن تفعلي المستحيل , أرجوك , لا تحزني".
أصطحبهما غوردن سبرل الى مطعم جيّد بعدما مرّ الى المنزل وأخذ زوجته التي شفيت تماما , وخلال الطعام راح يتحدث عن مشروع أخر , من النوع نفسه , لكن في جزر الكاريبي , ولم يعد واردا التحدث عن ( جزيرة المصير) أذ أن غوردن سبرل لا يحب أضاعة الوقت في التأسفات غير المجدية.....
وخلال العشاء , كانت لوريل تلوم نفسها على كل ما حدث , لماذا لم تحدّث رودريغو بالحقيقة منذ وصولها الى القصر؟ ولماذا وقعت في حب هذا الأرستقراطي الرائع والكريه في آن واحد؟
أوقف غوردن سبرل سيارته قرب المكتب ونظر الى لوريل وقال:
" ما بك يا لوريل , حزينة هكذا؟".
هزت رأسها من دون أن تنطق بكلمة , فقال:
" هل ما زلت تفكرين بالمهمة الفاشلة و في جزيرة المصير؟".
ومن جديد هزّت رأسها , فأضاف يقول:
" أراك مضطربة ويائسة منذ وصولك لا حاجة للتوتر , يا لوريل , أنسي كل ما جرى وحصل , حتى الآن".
أنت تنسى ما حصل , كيف؟
" أنها مهمة خاسرة , منذ البداية , أقطعي عليّ وعدا بعدم التفكير فيها من جديد , هل أخبرتك أيفون عن الحفلة التي سنقيمها في مناسبة عيد ميلادها؟".
" نعم , وكنت على وشك أن أسألك , ماذا يمكنني أن أهديها , في هذه المناسبة".
قال مازحا:
" أذن , قبل أي شيء , تحب أيفون , كل ما يتعلق بالعطورات !".
أبتسمت لوريل , فأضاف مديرها يقول:
" لائحتها كبيرة , تمتد من جوارب كريستيان ديور الى سيارة مكشوفة , مرورا بآلة تسجيل ( هاي فاي) تحلم بها منذ دهور".
توقف لحظة ثم أضاف يقول:
" بصراحة , أصبحت سهلة أكثر وذات مزاج ثابت , منذ رحلتكما , وشفاء زوجتي له تأثير كبير في هذا التغيّر أيضا".
قالت لوريل بلطف :
" أنا سعيدة جدا لسماع هذا الكلام".
" أنا مدين لك بالكثير , يا لوريل , وأبنتي تحبك كثيرا , آمل أن تبقي صديقتها".
دخل الى مكتبه , تاركا لوريل حالمة , مشاكل مديرها العائلية أنحلّت , آه , ماذا عن مشاكلها هي؟ ضميرها ما زال يطاردها وقلبها ينزف من جرح لا دواء له , والآن , باذا بأمكانها فعله ؟ لا شيء , الشر قد حصل , بعد عودتها , بأيام قليلة , بعثت لوريل برسالة الى رودريغو , معتذرة عن خداعها له , شاكرة له , أستقباله الحميم وضيافته الودودة , وقبل أن تضع الرسالة في البريد فكرت كثيرا , هذه الرسالة لن تغير شيئا , لم يخف رودريغة ما يفكره أتجاهها , لكن على الأقل فعلت واجبها , ولم يعد أمامها الآن سوى محاولة النسيان , وهذه أصعب المراحل
ربما كانت تتأمّل ردا على رسالتها... لكن الأسابيع تمر وأملها يضمحل , لم تعد تجد طعما في هذه الحياة , مع العلم بأنها تعرفت على وجوه جديدة وأصبح لديهاأصدقاء من جديد , بعضهم دعوها للخروج , لكن لا أحد نجح في أن يخرجها من تكتمها وتحفظها.
وذات يوم , في أواخر تموز ( يوليو ) جاءت أيفون الى المكتب وصرخت للوريل قائلة:
" بدأ بالي ينشغل عليك! الظاهر أنك لم تستفيدي من هذا الصيف الجميل....... ماذا جرى؟".
" لا شيء , العمل كثير والوقت قليل".
" لا تبالغي , والدي ليس صارما الى هذه الدرجة ليرهقك بالعمل!".
" أنا لم أقل هذا الكلام".
" أسمعي يا لوريل..... كوني صريحة هل بسببي أنا؟ هل وجودي قربك يضجرك ؟ لقد تصوّرت بأنك فرحت عندما دعوتك الى قضاء عطلة الأسبوع في قريتنا........".
لم ترد لوريل على الفتاة, لأنها لم تفهم ما قالته , تابعت أيفون الكلام مضيفة:
" لقد.... لقد تذكرت فجأة بعض المضايقات , والكلام البذيء الذي أستعملته معك هناك , في الجزيرة.... ربما ما زلت تلومينني على ذلك؟ لم أكن أدري ما أقوله , لأنني كنت أجتاز مرحلة صعبة و........".
" لكن , يا أيفون , كيف تفكرين هكذا .. لم تزعجينني قطعا , بل فرحت كثيرا بعطلة الأسبوع التي قضيتها مع عائلتك".
" لكن , ما بك أذن ؟ هل تشاجرت مع فيليب؟".
" فيليب؟".
كادت لوريل أن تنفجر من الضحك , لم تلاحظ قبل الآن , بأنها لم تفكر به لحظة واحدة منذ عودتها , أبتسمت بسخرية , أذا كانت تستطيع أن تنسى الرجل بهذه السهولة , فالأمل ما زال واردا أذن.
" كلا , الأمر لا يتعلق بفيليب , في كل حال , كيف عرفت بوجوده؟".
" بواسطة أبي , لقد ذكره مساء أمس , وأخبرنا بأنه كان يتصل بك الى المكتب أو يأتي لأصطحابك , أبي مستغرب لأنه لم يعد يراه".
" لقد مضت ثلاثة شهور على أفتراقنا".
" حسنا , لن أفتح هذا الموضوع بعد الآن , ما دامت القصة قديمة , أوه ....... أسمعي , يا لوريل , جئت أسألك أذا كنت حرة هذا المساء , أعرف بأن الوقت قصير .... لكن هل تتذكري تشارلز؟ أعرف بأنك لا تبالين به , لكن شقيقه ريتشارد عاد منذ قليل من مصر , وفتح صالة رقص جديدة , من الطراز الحديث , هذا المساء سنذهب الى حفلة تقام في صالته وأريدك أن تأتي معنا وتتعرفي على ريتشارد ..... مارك وساندرا آتيان أيضا".
" آه , آه , لقد تغيّرت كثيرا , يا أيفون وأصبحت تفكرين بالغير".
" أذن , هل تأتين معنا؟".
" حسنا , وماذا سأرتدي : الجينز أم ثياب السهرة؟".
" آه , أنصحك بأرتداء الفستان الموسلين الذي جئت به ليلة حفلة عيد ميلادي , أنه رائع , أراهن بأن ريتشاردد سيقع في حبك بسرعة".
ذهبت أيفون الى المزين بعد أن وعدت بالمرور الى منزل لوريل في الثامنة , وكالعادة , عادت لوريل من عملها في الخامسة , فرحة لفكرة الخروج في المساء , فربما تستطيع أن تنسى العيون الحنونة والعناق الشغوف لمن تزال تحب حتى الآن.
كانت لوريل تستعد للدخول الى الجمام , عندما رن الهاتف , خفق قلبها عندما سمعت صوت أيفون , خشية تأجيل السهرة أو ألغائها.
" أتصل بك لأعلمك بأنني سأمر بك باكرا , أي في السابعة والنصف , والدي بحاجة الى السيارة , فسيوصلنا الى منزل ساندرا حيث سنلتقي ببقية المدعوين , هل ستكونين مستعدة في هذا الوقت؟".
" نعم لا تقلقي , لن أتأخر".
" حسنا , الى اللقاء القريب".
أعادت لوريل السماعة ونظرت الى ساعة يدها , ما زال أمامها متسع من الوقت لتستحم وتزيّن وجهها فتبدو جميلة وأنيقة, دخلت الحمام , وتمتعت بالماء الساخن والصابون الخاص الممزوج بالعطور الزاهية, ثم أرتدت مئزرها الحريري ووضعت ملابسها على السرير وجلست أمام طاولة الزينة لتلوّن أظافرها قبل أن تزيّن وجهها , وبعد عشر دقائق , فتحت الماء البارد فوق أصابعها بغية تجفيف الطلاء بسرعة , وفي تلك الأثناء سمعت جرس الباب , أنتفضت : مستحيل أن تكون أيفون , فالساعة ما زالت السابعة , أسرعت الى الباب قائلة:
" لكنك جئت باكرا جدا , يا أيفون! لم أستعد....... آه".
لم تكن أيفون , أصابع لوريل الباردة أبتعدت عن مقبض الباب , أسندت نفسها الى الحائط , وحدّقت مرتجفة بزائرها , هذا مسحيل , أنها تحلم!
" مساء الخير , يا لوريل".
الشبح تكلم.
همست بصوت مخنوق:
" رودريغو.........".
نظر اليها مفصلا وقال:
" الظاهر أنك فوجئت جدا لرؤيتي ! لقد جئت ردا على رسالتك , لكن أخشى أن أكون مخطئا بأختيار الوقت أعذريني , سأعود في وقت لاحق".
كاد يبتعد عندما خرجت لوريل من حالة الذعر التي أصابتها منذ وصوله ومدت له يدها قائلة:
" لا , لا ترحل... لم ..... لم أكن أتوقع أن... أن.....".
وذابت في نظرة رودريغو السمراء التي تصوّرت بأنها لن تراها بعد الآن , تسمّر الكونت لحظة على عتبة الباب , متأملا كيف تلفّ حولها لمئزر الحريري فسألها:
" هل تثقين بي؟".
تمكنت من القول بصوت متقطع:
" وكيف لا.....".
صفق الباب وراءه وقال:
" في بلادنا , لا يحق للرجل أن يرى خطيبته في وضع كهذا , وكيف بالأحرى أذا كان وحده معها.....".
أجابت بصوت مطمئن:
" أنا لست خطيبتك ولا أسبانية , في كل حال , كنت أستعد لأرتداء ملابسي , أذا كان بأستطاعتك أنتظاري لحظة .... لن أطيل غيابي.....".
تقدم منها وقال:
" كلا , يا لوريل , أنتظري , قولي , لماذا كتبت لي؟".
" لماذا؟ ربما لأنني شعرت بالذنب".
" هذاكل ما في الأمر".
" أهذا لا يكفي؟".
" كلا".
" أسمع يا رودريغو , حاولت أفهامك في رسالتي بأنني لم أكن أنوي قطعا أن أخدعك , الظروف كان ضدي في البداية , ثم , فات الأوأن , كنا قد أصبحنا في فالديروزا و..".
" وأعتقدت بأنني كنت غير قادر على سماع الحقيقة , أليس كذلك؟".
" نعم , كأنني أملك موهبة أغضابك , ليلة العيد , هندما حاولت أن أشرح لك , لماذا رفضت الأصغاء اليّ , لحظة واحدة؟ أكتفيت بالنظر اليّ بترفع كأنني......".
أنقطع صوتها ببكاء مكبوت , ثم أنهت كلامها بنبرة شاكية:
" بعد أن دعيتنا الى القصر بهدف معيّن , طردتنا منه وكأننا غير صالحات .... هذا ما فعلته!".
" حسنا , لكن ألم تكن لدي حجة مقنعة لأفعل ذلك ؟ لقد تجاوبت معي بشكل واضح وملموس , لكن , هل كان هذا التمثيل جزءا من خطتك ؟ كنت أظنك بريئة لشدة ما كنت أحمق , ولما أوضحت لي كارلوتا الأمور , لم أكن لأصدق بأنك تستطيعين التمتع بالأزدواجية".
" لكن , يا رودريغو , هل تصورت بأنني كنت كاذبة في عواطفي؟".
ومن دون وعي , تمسكت بذراعه بوجه متوسل , ثم أخذت نفسا عميقا قبل أن تبدأ بأخباره عن مغامرات أيفون وأنتهت بالقول:
" بعد قصة الخاتم , بدأت أيفون تموت رعبا من أثارة غضب والدها مرة أخرى , فتوسّلت اليّ لئلا أخبرك شيئا , حتى لا تطرد من الجزيرة وكي لا تضطر أن تخبر والدها عن مغامراتها مع رينالدو , أما بالنسبة الى غوردن سبرل حسب رأيي , لم يكن مهتما بجزيرتكم لسبب سياحي محض , أنما بحجةأبعاد أبنته عن الجو العائلي , أعطاني عملا لتبرير هذه العطلة الطويلة التي قضيتها على حسابه , لم يظهر لي عن تأسفه لفشل المشروع ... لكن , يا رودريغو , لا تعتقد بأنني حاولت خداعك من أجل الوصول الى غايتي , أنا لست من هذا النوع".
بصمت راح يحدق فيها مطولا , ثم قال بلطف:
" لماذا لم تشرحي لي كل هذا , قبل الآن؟".
أزاحت نظرها عنه ولم ترد فسألها:
" أكنت صعب المنال الى هذه الدرجة؟".
" لم يكن سهلا شرح الأمور لك".
" حتى عندما كنت بين ذراعي؟".
هزت رأسها وران الصمت , فجأة قال رودريغو:
" لوريل , حبيبتي , في بلادنا , مثل يقول بأن الصمت والوحدة يؤذيان الأنسان الأسباني حتى الموت , وهذا صحيح بالنسبة اليّ , لا يمكنني أن أتخيّل المستقبل من دون صوتك الناعم ووجهك الصغير المثير الشرس والعنيد....".
" كيف.......؟".
نظرت الى وجهه , لكنها لم تر فيه أي علامة سخرية , أنما تعبيرا جعل قلبها ينبض بسرعة , فقال لها:
" هيا , لا تنظري اليّ وكأنك تشكين بي وبك! ألا تريدين الأفصاح عن سبب أرسالك الرسالة؟ هل يهمك رأيي بك؟".
" أظن أنك تعرف تماما بأن رأيك بي يهمني كثيرا".
" لكنني كنت أحب أن أسمع ذلك منك!".
" منذ أسابيع كتبت هذه الرسالة , لكنك لم ترد عليّ".
" تأخر وصول رسالتك بسبب الأضرابات ولما وصلت الى القصر , لم أكن هناك , كنت مسافرا من أجل التمويه والراحة .... لم أجد طعما أو لونا للحياة منذ رحيلك , وعندما تمكنت و أخيرا , من أستلام الرسالة , قررت أن أرد عليها بشخصي .... وها أنا هنا.... ألا تشعرين برغبة في الحصول على الغفران؟".
" أنا ؟ الحصول على الغفران؟ منك؟ بعد أن شتمتني ونظرت اليّ بأشمئزاز تلك الليلة ,أنت دائما غاضب , دائما مستعد للأتهام , ألا عندما.......".
منتديات ليلاس
" ألا عندما لا أعود أتحمل كبت شعوري وأنفعالي أتجاه ما كنت توحين به من رغبة جامحة ..... أليس هذا ما كنت تريدين قوله؟ آه , يا كنزي , متى ستتوصلين الى فهم الطباع الأسبانية ؟ نحن لا نعرف أخفاء شعورنا وعواطفنا , وغضبنا وفرحنا , كما لا نحقد على أحد , أنفجارنا مؤقت وسريع , ثم.... ما أجمل السلام بعد العراك , واللقاء بعد الفراق.....".
أمسك يديها وجذبها اليه وقال:
" والآن , هل سنتصالح , مرة الى الأبد؟".
ضمّها اليه وعانقها بحنان وشغف , رفعت لوريل رأسها وقالت:
" وكارلوتا , ألا تريد الزواج منها؟".
" يا رب , نجني منها! من الذي جعلك تفكرين بذلك؟ آه عرفت .... جدتي! أنسي هذه الأقاويل العائلية ! وأنت؟ كنت تستعدين للخروج , أليس كذلك ؟ مع من؟ مع رجل طبعا ! ستلغين الموعد وبسرعة! أنت , من الآن فصاعدا لي , وسأحاول دائما ألا أدعك تنسين ذلك , هذا هذا واضح!".
" تقريبا...... هناك أمر صغير...".
" أعرف , لم أطلب بعد يدك بصورة رسمية , أذن , يا لوريل........ هل تقبلين الزواج مني؟".
" آه , نعم".
" قولي بأنك تحبينني".
" أحبك , يا رودريغو , آه , يا حبيبي , كل هذا جميل , لكن أخشى ألا يكون حقيقة!".
" ليس هذا حلما , يا لوريل وسأبرهن لك ذلك".
ضمّها اليه بشدة وعانقها مطولا .... ثم أرخى قبضته وقال:
" لنكن واقعيين , يا حبيبتي , لا يجب أن نستبق الأمور , أدخلي الى غرفتك وأرتدي ملابسك وألا سيطير عقلي".
لكنه لم يبعدها كليا عنه , بل سألها بصوت مبحوح:
" هل تتذكرين لقاءنا الأول؟".
أحنت لوريل رأسها وأحمرّت وجنتاها فقال:
" التجربة والتقليد لا يتفقان , هيا , أفعلي ما قلته لك ".
" وألا قاصصتني ؟".
" طبعا".
" آمل ألا تسجنني طوال مدة خطبتنا وتمنعني من عناقك".
" نعم , أذا رفضت الزواج مني في الحال!".
أسرعت في الأنضمام الى ذراعيه لكن رن الجرس!
يا لها من مفاجأة كبيرة لأيفون!






تمت

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 15-06-11, 02:44 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

مــــــــــــــــــــــــــــــــشــــــــــــــــكـــــــــ ــــــــــــــوره

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 16-06-11, 06:28 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64726
المشاركات: 961
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاطالجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 127

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجبل الاخضر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

يسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلمو: friends: يالغاليه روايه مرررررررررره حلو واختيارممتاز وننتظر جديدك

 
 

 

عرض البوم صور الجبل الاخضر   رد مع اقتباس
قديم 16-06-11, 11:46 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الادارة العامة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
عضو في فريق الترجمة
ملكة عالم الطفل


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77546
المشاركات: 68,160
الجنس أنثى
معدل التقييم: Rehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدع
نقاط التقييم: 101135

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Rehana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

موفقة حبيبتي لكل خير
لك وودي

 
 

 

عرض البوم صور Rehana   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارجري هيلتون, جزيرة الاقدار, margery hilton, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the velvet touch, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:01 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية