لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > ما وراء الطبيعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

ما وراء الطبيعة روايات ما وراء الطبيعة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-08-06, 08:57 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين السريعي المنتدى : ما وراء الطبيعة
افتراضي

 

عشرة !!
السبت 18 أبريل


من جديد أعود لكتابة مذكراتي 00إن الحلم القديم لدي لن يموت أبداً 00ان تكون عندي مذكرات ، وأنا – كما تعرفون – لم أواظب قط على شيء في حياتي ، ماعدا عادات التنفس والأكل والشرب والإخراج ، لأنها لا تتم بإرادتي ، مازلت آمل أن اصل إلى نهاية رحلة العمر ، لدي عدد هائل من الكراسات التي تحكي تفاصيل حياتي ، ولكن أية حياة هذه ؟
فما لم يحدث شيء مهم لي فلسوف تظل مذكراتي هي مذكرات تلك الإرادة الفسيولوجية 0
لقد عدت إلى مصر أخيراً ، ولا أعتقد أن تغيير ما قد حصل لي 00مازلت ألهث عند صعود الدرج ، وأسعل في الفجر حتى يوشك لساني على الوثوب من فمي ، وتوشك الأكلات الدسمة على إزهاق روحي 00
غنني ما زلت أنا 00
بالطبع كنت أعرف هذا من البدء ، لكنني لم أعترف به 00إننا أطفال خالدون ، وكلما تقدم بنا العمر ازددنا طفولة ورفضنا فكرة الشيخوخة 00لكننا نشيخ في طيلة الوقت ونموت ، وينسانا أصدقاؤنا الأعزاء مهما بكوا علينا في البداية 00هذه هي الحقيقة 00قبولها نضج ورفضها عته 00لكننا – المؤسف – نفضل أن نكون معاتيه على أن نكون شيوخاً 00

الأحد 19 أبريل :

لم يحدث لي شيء اليوم 00

الاثنين 20إبريل :
لا مزاج عندي لكتابة مذكراتي اليوم 00
الثلاثاء 21إبريل :

كنت في مكتبي بالكلية أطالع بعض الأوراق العلمية ، وأثار شغفي شيء ما ، فمددت يدي أصلح من وضع العوينات على أنفي طمعاً في وضوح الرؤية كعادتي هنا لاحظت أنها لم تكن على أنفي 00
أصابتني الدهشة وبحثت عنها على المكتب ، فوجدتها في جرابها لم تمس 00إن لدي مجموعة هائلة من العوينات 00بعضها للمسافات وبعضها للقراءة وبعضها للبحث عن النوعين الآخرين ، وقد صار تصلب عدسة العين – وهو داء الكهولة الشهير – ملازماً لي ، فلم أعد قادراً على مطالعة الجريدة دون عوينات ، ودون أن أبعدها على امتداد ذراعي 00
معنى هذا أنني قرأت كل ما قرأت دون عوينات ، ودون أن الاحظ فارقاً يذكر 00إنها علامة غريبة حقاً 00
ثم لاحظت شيء أكثر غرابة 00
لقد صعدت في الدرج – نحو ثلاثة طوابق – دون لهاث ، ودون آلام عاصرة في الكتف اليسرى ، ودون ذلك الجوع إلى الهواء الذي يثير شفقة من يراه 00الحقيقة هي أنني أتحسن 00لا أدري كيف ؟ ولماذا ؟ 00لكن هذا حقيقي 00أشعربه 00
هل هذا تأثير البلاسيبو الشهير؟ أم أن ميلفيسكو يعمل حقاً ؟
ما زال الوقت مبكراً كي أعرف الفارق 00
الأربعاء 22إبريل :من جديد تتزايد علامات الاستفهام وتتشابك 00لقد كان موعدي اليوم مع الدكتور صبحي متى طبيب القلب الذي يتابع حالتي ، والذي كان في كل لقاء يزداد وجهه تقلصاً ويطقطق بشفتيه ، قائلاً إن بقائي حياً هو أعجوبة طبية تتحدى كل القوانين 00رسم القلب مرعب ضغط الدم شنيع 00وفي كل مرة يودعني وعيناه تترقرق بالدموع باعتباري ( كنت نبراساً يشع لزملاء المهنة ) و ( فليرحمني الله )0
ولف جهاز قياس الضغط حول ساعدي ، وراح ينفخ متوقع أسوأ النتائج كالعادة ، لكن شفتيه تباعدتا ، واتسعت حدقتا عينيه ، وقال :
- غريب هذا 160/100!!
- مرتفع قليلاً 00ألا ترى هذا ؟
صاح في انبهار :
- بل هذا أفضل قياس قرأته لك منذ عرفتك 00إنها معجزة !!
وأوصلني بأقطاب رسام القلب العشرة 0 وراح كالصقر يراقب الشريط المتجمع ببطء بحثاً عن تلك الموجة الشاذة أو تلك التي تعني أن خراب بيتي قريب 00ثم طقطق بشفتيه في حسرة :
- ممتاز ! لا أدري ما الذي فغلته كي تتحسن هكذا ، لكنني أنصحك بأن تواصل فعله 00
وفرد الشريط بين كفيه كأنه ثعبان ميت وجده في القبو ، وراح يدقق فيه المرة تلو المرة ، ثم قال :
- ممتاز ! لكن لا تتفاءل كثيراً 00ربما هي صحوة الموت !! إن مرضى كثيرين يتحسنون لحظياً قبل الانهيار النهائي 00
قلت وأنا أزر قميصي :
- شكراً 00سأتذكر ذلك 00
وغادرت عيادته خفيفاً نشيطا يلعب براسي ألف خاطر باسم 00
إن الروماني لم يكذب 00كل الشواهد تؤكد أنه لم يكذب 00
الخميس 23أبريل ك
لاحظ الحلاق – وهو الرجل الموكل بتشذيب الشعر الثائر على جانبي رأسي – أن عدد الشعيرات البيضاء يقل نوعا ما 00أو بعبارة أدق لاحظ أن الشعيرات السوداء ، بدأت تظهر وسط القطن الأبيض الذي هو مابقي من شعري 00
- قلت مراراً لك يا دكتور 00التغذية أهم من أي شيء آخر 00التغذية والبال الرائق 00إن الشيب خرافة يا دكتور 00صدقني أنا 00
كدت أعلن رأيي , ذلك الرأي الذي لن يستطيع أي طبيب كتمانه لو صارحه حلاقه بأن الشيب خرافة ن لكنه أخرسني على الفور :
- خني أنا على سبيل المثال 00
وتأمل وجهه في المرآة وهو يقف خلفي ، ومرر المشط على شعره 0
- هذا أنا 00ستون عاما لكنك لا ترى شعره بيضاء واحدة 00هذا نتاج البال الرائق والأكل الجيد 00صدقني 00كان السمن البلدي صديقنا قبل الإفطار وبعده ، وفي الغداء والعشاء 00وقبل الزفاف شربت عروسي كوباً كاملاً من السمن البلدي لتكون أجمل 00إن ما تأكلون اليوم ليس طعام !!
شعرت بشراييني التاجية تتقلص من هول الفكرة – ومعها معدتي طبعاً – وكتمت عنه خواطري التي لن يتذوقها 00لا تجادل الحلاق أبداً فهو سيقهرك مهما حاولت 00
لكنني كنت في منتهى السعادة بفكرة استرداد بعض الشعيرات السوداء من فكي الشيخوخة 00
وقد لاحظت – وقت الغداء – أن معدتي تتحسن بشكل غير مسبوق 00لقد التهمت طبقاً كاملاً من الأرز والخضار ، مع أكثر من ربع بطة أرسلها لي أهلي منذ يومين مع 00مع 00والغريب أن كل هذا مر بسلام ونمت نوماً عميقاً هانئاً 00لكنني – عندما صحوت – حاولت تهدئة حماسي بعض الشيء وقلت لنفسي :
- من يدري ؟ ربما أنت يا رفعت حالة أخرى من التأثر بالوهم 00حالة أخرى من القابلة للإيحاء 00لقد تحسنت لأنك توقعت أن تتحسن 00كلنا يعرف الدجالين مدعي الطب في القرى 00إنهم يحقنون مرضاهم بالماء القراح ، وبرغم هذا يتحسن المريض بشكل ملحوظ من ناحية الأعراض على الأقل ، لكن اللعبة لا تطول وسرعان ما يعود المرض أعنف وأكثر شراسة 00
في المساء كان عندي موعد مع الدكتورة كاميليا 00
كان هذا في السابعة مساء ، وفي تلك الكافتريا الصغيرة التي هي خليط من المقهى والمطعم 00إن الدكتورة كاميليا كما تعلمون قد صارت صديقاً عزيزاً لي ن فهي تملك عقل رجل راجح حكيم ولو كان لها شاربان وتحلق ذقنها كل صباح لكنت أكثر راحة وسرور في التعامل معها 00
لكني أمقت هواجسها الوجودية ن وميولها القيادية المستفزة قليلاً ، بينما كانت هي مرتابة في حالتي العقلية ، خاصة بعد قصة ( عدو الشمس ) و ( أسطورة رفعت ) حيث تكفلت الظروف بجعلي أتصرف تصرفات عجيبة معها 00والسبب في المرة الأولى أنا لم تكن هي ، والسبب في المرة الثانية أنني لم أكن أنا !!ما علينا 00
فما أن رأتني ، حتى قالت في دهشة ك
- عيني عليك باردة !
نفس العبارة أسمعها اكثر من الازم هذه الأيام 00
لم اجرؤ بالطبع على مصارحتها بموضوع الروماني إياه 00المفترض أنني رجل عقلاني بارد لا تليق به هذه المهاترات 00قلت لها وأنا أنادي النادل ك
- لنقل إن الحياة أحسنت إلى كثيراً في الآونه الأخيرة 00
قالت في جدية :
- أنا لا أمزح 00لقد قلت التجاعيد في وجهك كثيراً 00يخيل إلى انك صغرت عشرة أعوام !
عشرة!!
هذا هو ما أشعر به فعلا ن وقد أمسكته هي 00اشعر إنني في الثلاثين من عمري 00ربما في الخامسة أو السادسة والثلاثين 00جسدي جسد رجل في العقد الرابع من العمر ن وربما تفكيري أيضا 00
قلت بلهجة تقريرية ك
- إنني أتناول وجبة ، مع جرعات عالية من فيتامين هـ 00لا مشكلة هنالك 00
مالت برأسها الأشعث نحوي ن وقالت همساً :
- هل يضايقك أن تكتب لي نظام حميتك بالضبط ؟ أنا أيضاً أشعر بعدم راحة بسبب الزمن 00يخيل إلي أن زحف السنين أسرع من قدرتي على الاستمتاع بها 00
وكنت أفهم ما تعنيه 00التجاعيد 00الشيب 00علامات وندوب الصراع مع الزمن تظهر – بلا رحمة – على الوجه وهي – بعد كل شيء – أنثى 00قد تتكلم عن العقل المجرد وعن مقولات العقل وصراع الوجود العبثي ، لكنها – في النهاية – تتضايق جداً حين تجد شعره بيضاء في مفرقها ، ولهذا تضع كل هذه الأصباغ على وجهها – كما قلت سابقاً – كأنها هندي أحمر ذاهب لحرق معسر الوجوه الشاحبة 00
- سأكتب لك نظام حمية ناجعاً 00
وكانت خجلى من اعترافها الأخير الذي يكشف عن كونها إمرأة ، وربما عن كونها إنسان أيضا ، لذا حاولت تغيير الموضوع على الفور :
- ماذا عن بروفات كتابي ؟
وكتابها هذا كان ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير ، قامت بلفها في كيس بلاستيكي كي لا تتبعثر 00وكانت مكتوبة بخطها الكبير الراسخ الذي يعني بنقاط التاء المربوطة ن والهمزات عناية بالغة 00
أما عن موضوعه فهو ( مدارس العقل من سقراط حتى هربرت ماركوس 00
وكان هذا كتابها الأول ، وتهدف به إلى تبسيط الفلسفة لتناسب رجل الشارع 00أي أنه – لو تحقق حلمها – سنجد البقال يبدي رأيه في فلسفة شوبنهاور وأم سعد – مدبرة داري – في الجشتلط 00
لقد أعطتني أصول الكتاب منذ زمن سحيق ن و بالطبع لم أقرأ منه حرف واحد 00أنا أمقت الفلسفة ولا أفهمها ، و أراها في فن الكلام عن البرتقالة حتى تفسد بدلاً من التهامها 00لكنني بدافع الحرج غالباً أخذت الكتاب ووعدت بقراءته بعناية وإبداء رأيي فيه ، وكان هذا الرأي مهما بالنسبة لها للغاية لأنني – كما تعتقد – من المثقفين الذين هم قشدة المجتمع 00
هنا فقط تذكرت الكتاب ، ودعوت الله ألا تكون أم سعد قد وجدته وباعته لأول بائع طعمية في الحارة التي تعيش بها 00
قلت وأنا أحاول التذكر ك
- لم أفرغ منه بعد 00إنه شديد العمق ولا يقرأ في جلسة واحدة 00ثم إن رحلتي إلى الولايات المتحدة قد 00
- حاول أن تنتهي منه سريعاً 00إهم يطالبون به 00
ومضت الجلسة في بعض المحاورات العميقة مثل سبب سقوط أقلام الحبر على سنونها ن ورنين جرس الهاتف حين تكون في الحمام ، وتأخر القطار عن موعده حين تصل إلى المحطة مبكراً , ورحيله في الوقت المحدد بالضبط لو تأخرت أنت عشر ثوان00
سأقرأ الكتاب غداً 00بالتأكيد سأفعل 00
الجمعة 24 أبريل :
بعد طقوس يوم الجمعة الشهيرة : الصلاة والغداء والنوم ، شعرت بوحدة بالغة 00قررت أن الوقت حان لقراءة كتاب كاميليا 0
جلست في الصالة أصغي لصوت انهمار المطر في الخارج 00كان يوما مطيرا رمادياً له كآبة محببة 00البرد يتسرب إلى قلبك وأعصابك 00إنني وحيد جداً 00وحدتي تفوق وحدة الأخرين 00هناك من هو وحيد لأنه ليس معه اثنان 00والوحيد الذي ليس معه ثلاثة 00أنا ذلك الوحيد البائس الذي ليس معه مائة شخص 00لهذا أقول : وحيد جداً 00
جرعت جرعة من الشاي الساخن ، وأرحت كفي على الكوب ورحت أطالع الصفحات 00غريب هذا !! الكتاب جيد بالفعل 00جيد وشائق 00وينجح في ربط الفلسفة بحياتنا إلى حد غير مسبوق 00
رحت أثب – كحصان طليق – بين الصفحات على صوت العاصفة 00على أن أتحكم في نفسي كي لا أنتهي من هذا الكتاب الساحر في جلسة واحدة 00
وعلى وريقة صغيرة رحت أخط ملاحظاتي كي لا انساها 00
ترك ما قرأته تساؤلات عديدة في نفسي 00تساؤلات كنت أحسبني أملك الإجابة عنها ، وزرع في نفسي حيرة محببة تجاه كينونتي وكينونة الآخرين 00أنت بارعة بحق يا كاميليا وأنني لأنحني لك احتراماً 00
إنها العاشرة مساء 00
ترى هل أنام أم 0000؟
نعم 00إن لي فترة لا بأس بها منذ ذهبت إلى دار عزت آخر مرة لقد تعافى تماماً من المرض ، ومن المفترض ان يكون الآن في شقته ما لم يكن في الاسكندرية 00
تمنيت الاحتمال الأول ، وتوكلت على الله وارتديت الروب ودسست قدمي في المركوبين وهي بالمناسبة لفظة فرنسية 00أعني مركوب طبعاً واتجهت إلى شقة المذكور ، ففتح لي الباب ، وقال بانبهار ك
- ماشاء الله ! عيني عليك باردة 00الخ 00
لقد صار هذا مملاً 00كم هو مضجر أن تكون في أفضل حال ، لا يكف الناس عن مصارحتك بهذا طيلة الوقت 00
كان في أسوأ حال بسبب البرد 00قلنسوة صوفية على رأسه تغطي أذنيه ، وروب صوفي سميك يستر عدة طبقات من الكنزات ، وفي قدميه جوربان صوفيان 00إن مرضه يجعل البرد عذاباً مقيماً 00
قال لي :
- هل لك في بعض الشاي ؟
- هل لك في بعض الشاي ؟
- ولكن قلل الصراصير نوعاً ، فلم أعد مولعاً بها 00
غاب في المطبخ فترة طويلة ، وشممت رائحة شياط وسبانخ تسلق وسمعت صراخا وعويلاً وعواء ذئب ، وأشياء غريبة جداً ، ثم عاد لي بكوب شاي على صفحة , وجلس جواري 00
أراد أن يخلي لي المائدة الصغيرة ليضعها أمامي ، لكن كان عليها تمثال ثقيل من تماثيله ، وحاول جاهداً أن يرفعه فلم يقدر 00تطوعت أنا بحمله إلى مكان آخر بسهولة تامة ، وعدت إلى مجلسنا أمام نظراته المندهشة 00
- غريب هذا !! أنت بصحة جيدة فعلاً 00
- الدهن في العتاقى 00أنا لم أنته بعد 00
قال في كياسة وهو يقرب صفحة الشاي مني :
- هذا يغريني بأن أفتح موضوعاً مهماً معك 00كنت متردداً لكنك قد جئت بقدميك 00
- جئت بكامل إرادتي الحرة كما يقول مصاصو الدماء لا يهاجمك إلا إذا تأكد من أنك جئت بكامل إرادتك الحرة00
أبعد الشر بكفه ، وقال :
- دعنا من هذه السيرة المنحوسة ، وقل لي :
- هل أنت مستعد للزواج ؟
نظرت له في حيرة تامة ولم أقل شيء ، وأعتبرها هو علامة موافقة ، فأدرف وهو يرتجف من البرد :
- أنها زميلتي00 رسامة ممتازة بحق ومناسبة من جميع الوجوه 00
- يا سلام ! ولماذا لا تتزوجها أنت ؟!!
اصطكت أسنانه وقال :
- في حالتي الصحية هذه أنا بحاجة إلى ممرضة لا إلى زوجه 00أما أنت فصحتك ممتازة ولن تجني علي من ستكون زوجتك 00
تذكرت العناية المركزة والآم الصدر وصفير الربو 00كل هذا يعتبره عزت صحة ممتازة 00لكنه ليس كاذب إلى هذا الحد 00حقا لم أشعر بهذه الصحة من قبل 00
قلت بفضول :
- والسن ؟
- خمسة وثلاثون 00إنها سن ناضجة 00ولا تسألني طبعا عن سر عدم زواجها حتى الآن 00
- طبعا 00أما أنها قبيحة كسحلية البازيليك وأما هي لم تجد الرجل المناسب بعد 00
- هي ليست قبيحة كسحلية الـ 00البا 00هذه فماذا نستنتج ظ
فكرت في الساعات المريرة الوحيدة التي قضيتها في داري ، وللمرة الآلف شعرت بأن الشرك يستحق أن أنزلق فيه 00
- دعني أراها أولا 00ودعها تراني أولا 00
- هذا من حقك طبعاً 00
وراح يرتجف قليلاً ، ثم قال :
- هذا من حقك طبعاً 00
وراح يرتجف ، ثم قال :
- يجب أن تراها في الإسكندرية 00أنها تعيش هناك مع أهلها 00
- وهل لديها عمل حكومي ؟
- أنها موظفة في شيء ما بالثقافة الجماهيرية 00ثمة معرض تشارك هي فيه في الأسبوع القادم 00أعتقد أنك ستهتم بالفنون التشكيلية في الفترة القادمة 0
قلت وأنا أرشف الشاي حالما ً :
- لقد كنت مهتماً بالفنون التشكيلية طيلة حياتي !!
وحين عدت لشقتي في 12 مساء ، كنت أفكر 00معنى ما حدث هو أن تأثير الشباب لم يكتف بجسدي ، بل بلغ روحي 00روحي التي بدأت تكتسب شباباً خاصاً بها 00فلو سمعت اقتراح عزت هذا منذ أسبوع لسخرت منه ، وسكبت الشاي على رأسه 00
لكن الاقتراح لم يبدو اليوم سخيفا إلى هذا الحد 00
سأسافر إلى الإسكندرية خصيصاً 00يالها من معجزة ! من يدري ؟ ربما لو نجح اللقاء أسافر إلى دمياط يوما لانتقاء صالون!! إن هذا يعد نوعا من الخيال العلمي لكن كل شيء جائز هذه الأيام 00
سأنام الآن وقد فرغت من هذه السطور 00

السبت 25 أبريل ك
لا يوجد ما أكتبه اليوم 00


الأحد 26 ابريل :

بانتظار تحسن الجو في الإسكندرية 00أنها نوه شرسة لكن من الواضح أنها آخرها 00يقولون أن اسمها نوة عوه أو شيء من هذا القبيل 00لكنهم يضيفون في ثقة : عوه آخر نوه 00لا بد أنهم سموها بهذا الاسم كي يستقيم السجع لا أكثر !


الاثنين 27 ابريل :
مزيد من الشعيرات السوداء والتجاعيد أقل 00لو استمر الأمر بهذا الشكل لتحولت إلى الفيس بريسلي بعد أسبوعين 00


الثلاثاء 28 ابريل :
إنها الثانية صباحاً 00لقد عدت من الإسكندرية من ساعتين 00
رباه ! لقد كانت تجربة ثرية بحق 00
ذهبت مع عزت إلى المعرض في السابعة مساء ، وكان هو قد أخبر الرسامة بقدومه ، ولم تكن هي لتفوت فرصة لقائه والترحيب به في معرضها 00وقد تفحصت لوحاتها بنهم قبل قدومها ، فوجدت أنها تقليدية جداً ما زالت في مرحلة رسم النهر ، والفلاحات الآتي يملأن الجرار، والبطة السعيدة السابحة 00وكان هذا على كل حال أفضل من لوحات زملائها ، المليئة بأكاليل الغار ومداخن المصانع والتروس العملاقة والفتوات الممسكين بالمفاتيح الانجليزية في أيديهم 00
ثم جاءت 00وكانت شيئاً رقيقاً هشاً شديد الخجل والعذوبة , وصافحتنا وجالت بنا في المعرض وكان معها أخوها 00وهو شاب مهذب لطيف الحاشية 00أناس طيبون حقاً وعزت لم يكن أحمق على الإطلاق ..على أن أكثر ما فتنني فيها النظرة الهفهافة الخجول التي لا تجرؤ على إطالة النظر إلى شيء 00كلمسة رضيع على وجهك وأنت تميل على مهده تلاعبه 00
قررت أن أتكلم ، فبدأت أقول كلاماً راقياً عميقاً جداً عن الفن وعلاقته بالحياة 00كلام لا يعيبه إلا أنني لم أفهمه أنا نفسي 00
ونظرت في ساعتها ، وقالت إننا أضأنا ليل الإسكندرية ، لكنها مضطرة للرحيل لأن الوقت تأخر 00
وهكذا انصرفت مع أخيها ، واعتقد أن انطباعها لم يكن سيئاً 00
سألني عزت :
- ما رأيك ؟ أتناسبك ؟
قلت في شرود :
- المشكلة الوحيدة هي أن هذه الزهرة لا تستحق أن تعاقب بي !!
- لا بد أنها تستحق 00إن كلاً منا له أخطاؤه الشنيعة !
ثم دار بعينيه في المعرض ، وقال بلهجة الإغراء :
- هل تريد أن ترى تماثيلي 0
كدت أقول له إنه لا وقت لدي لهذا الهراء !! ثم وجدت أن هذا سيكون فظاً بعد معاناته من أجلي 00





***********************************************

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 10-08-06, 12:33 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8998
المشاركات: 23
الجنس ذكر
معدل التقييم: issam_is_me عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدAntigua and Barbuda
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
issam_is_me غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين السريعي المنتدى : ما وراء الطبيعة
افتراضي

 

شكرا
استمر يا بطل
بالنسبة للسكانر نسق المسالة مع المشرفين

 
 

 

عرض البوم صور issam_is_me   رد مع اقتباس
قديم 10-08-06, 12:43 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين السريعي المنتدى : ما وراء الطبيعة
افتراضي

 

العفو 00ودمتم ستامين00

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 10-08-06, 11:39 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
امير المسابقات


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5144
المشاركات: 301
الجنس أنثى
معدل التقييم: حسين السريعي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 32

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حسين السريعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين السريعي المنتدى : ما وراء الطبيعة
افتراضي

 

عشرون !!


الأربعاء 29 إبريل :

لا يوجد ما يستحق الكلام عنه اليوم 00


الخميس 30 ابريل ك

اليوم قد مر أسبوعان على بدء التجربة وكما وعدت المعالج الروماني فقد ذهبت إلى المصور ، وطلبت التقاط صورة لي 00بالتأكيد سيبدو الاختلاف واضحاً ، لو كان يبغي أن يضع وجهي في إعلان من نوع ( قبل / وبعد ) 00
لقد صار شعري أسود ، وبدا ينمو ببطء غازياً الرقعة الصلعاء التعيسة 00كثيرون في العمل لاحظو الفرق ، وافترضوا أنني أصبغ شعري 00
غنهم يقولون 00ماذا يقولون ؟ دعهم يقولون 00
هذا ميثاق اللامبالاة المتعالية الذي سأتمسك به إلى النهاية 00
ما زال ضغط دمي في تحسن ، وهو يدنو بسرعة من الرقم السحري ( 120/80 ) الذي لم أحظ به منذ كان عمري 25 عاماً00
لاحظت شيء آخر 00هو أن قيادي للسيارة صارت أكثر جموحاً وجرأة ، ولم أعد أقودها بذلك البطء المرتجف الذي يضايق من يسير خلفي 00فلا تمر دقيقة إلا ويتجاوزوني بصوت الـ ( فرووم ) المتذمر الذي يقول : فلتذهب للجحيم بذعرك هذا 00لن أقضي حياتي ماشياً وراءك !
و 00و00ملايين التفاصيل الصغيرة التي أحتاج إلى مجلدين كي أحكيها 00تلك التفاصيل التي تعني الشباب 00بكل ما فيه من سحر 00
أعطيت اليوم موافقة مبدئية لـ عزت كي يتكلم في موضوع الرسامة السكندرية هذه – اسمها نجلاء – فقال لي :
- ألا تدير الأمر قليلاً في ذهنك ؟ لقد كان اللقاء يوم الثلاثاء لا أكثر 00إن التمهل في هذه الأمور ليس حماقة 00قلت في نفاذ صبر ك
- بل الحماقة هي ألا تعرف الفرصة حين تقابلها 00
هز كتفه بإيماءة من طراز ( هذا من شانك على كل حال ) ووعدني بأن يقدم لهذا الاقتراح غداً 00


الجمة 1 مايو :
في العاشرة صباحاً اتصلت بي د0 كاميليا تسألني عما فعلت بصدد الكتاب ، فوعدتها أن أخبرها تفصيلاً في إلقاء 00وليكن في السابعة مساء 00( المشكلة هي أنني لا أذكر أين وضعت تلك الأوراق الحمقاء ) 00
ثم أنني دخلت الحمام فحلقت ذقني بعناية وتضمخت بعطر فلغم ( كما يقولون ) وسرني أن وجهي في المرآة لم يعد كابوساً خارجاً من دهاليز ( هت 0 ب 0 لافكر افت ) أديب الرعب الشهير 00الحقيقة أن وجهي أصبى بكثير 00لا أستطيع العثور على تصعيده واحدة ، ويبدو أن الصلعة العتيدة في طريقها إلى التلاشي 00
لو استمر الأمر هكذا ، فلسوف يمنعوني من دخول الكلية ، ولسوف يسألني بواب البناية عن وجهتي حينما أحاول اجتياز الباب 0
وفي السابعة مساء لكم أن تراهنوا على أنني كنت هناك 00اجتزت مدخل الكافتريا ويداي في جيبي بدلتي الكحلية التي تجعلني فاتناً 00لم يعد هذا رأيي الحالي ، واعتقد أن الخلاص منها هدف لا بأس به 00
جلست في موضعي المعتاد ، وطلبت كوباً من العصير 00
بعد دقائق جاءت د 0 كاميليا 00غريب هذا !!لكم هي مهملة في ثيابها ! وما أكثر التجاعيد في وجهها 00إنها شمطاء بحق !!لا أدري كيف غابت عني هذه الحقيقة وشعرت بشيء من الخجل لأنني أجلس معها جلسة منفردة 00
بدا الذهول على وجهها كالعادة ، وهتفت وهي تتأمل وجهي :
- ما الذي تفعله بالضبط ؟ إنني تعرفتك بصعوبة !
ثم جلست ومالت برأسها المشعث نحوي ، وتسألت :
- هل أنت واثق من أنك لم تبع روحك للشيطان ؟
- قلت في استهتار :
- إن ثقافتك الأوربية هذه أفسدت تفكيرك 00لو نسيت جوته قليلاً لوجدت أن الأمر ليس بهذه الغرابة 00لنقل أنني تعلمت كيف أعيش واستمتع بحياتي 00
- أنا ى أمزح 00لقد صار الأمر غريباً 00غريباً إلى حد أنه مخيف 00
طلبت لها بعض العصير ، ثم استرخيت في مقعدي منتظراً أن تبدأ الكلام 00
قالت :
- هل قرأت الكتاب ؟
- بالتأكيد 00
- وهل هو معك ؟
- لا 00ثمة أجزاء أريد أن أقرأها مرتين 00
- ليكن 00وما هو رأيك النهائي ؟
- كتاب ممل 00آسف أن أقول هذا 00لكنه كابوس حقيقي !
كانت قد اعتادت سخريتي وآرائي الغريبة ، لكن شيئاً في لهجتي جعلها تقلق 00اتسعت عيناها وراء عويناتها ، وزمت شفتيها في عصبية ، وقالت :
- إلى هذا الحد ؟ هل قرأت الجزء الخاص بالوجودية ؟ كنت أحسبه ممتعاً 00
حاولت أن أتذكر هذا الجزء فلم استطيع 00كانت لي آراء جيدة في الموضوع ، لكنها ذابت وتلاشت 00لا أذكر سوى أنه كتاب سخيف ومرهق 00وبحثت عن الكلمات ذات معنى أقولها فلم أجدها 00
قلت وأنا أرشف ما بقي في كوبي :
- كتاب شديد الإملال 00لا أدري لماذا تصرين على أن تكتبي أصلاً ؟
كانت مصرة بالفعل ، لكن على مزيد من الاستجواب :
- والجزء الخاص بالرواقيين ؟ والردع لي مارتن بوبر ؟
خفت أن يكون هذا شركاً ثقافياً ، فلم أعلق على اسم بعينه ، وقلت :
- كله 00كله سخيف 00لا أخص بالذكر أجزاء بعينها 00
بدت عليها علامات الضياع والحماقة ، تلك العلامات التي زاد من قسوتها أنها كانت تحاول التظاهر باللامبالاة المتعالية 00إنها آراء ثقافية عقلانية باردة لا دخل للعواطف فيها ، لكنني أعرف أنها تتأرجح بين رغبتين : رغبة في البكاء الهستيري ولطم الخدين والتوسل لي كي أمدحها ، ورغبة في صفعي مع البصق في وجهي ثم تقول : ماذا تعرفه أنت عن الفلسفة أيها الأجوف ؟!
محتفظة بقناعها الحضاري قالت :
- ولم تحب الجزء الخاص بـ كيركجارد ؟
- كان سخيفاً جداً 00
ابتسامة منتصرة عبرت شفتيها ، وقالت في ترو :
- لكني لم أكتب حرف عن كيركجارد!
كما كنت أتوقع بالضبط 00هززت رأسي في سأم وقلت ك
- لم تعد الفروع مهمة ما دام أصل الشجرة نخراًَ واهياً 00
ساد صمت ثقيل لبرهة ن وأدركت كم هي تمقتني 00بعد قليل قالت :
- في الحقيقة كنت أظن أنك ستعطي الكتاب اهتماماً أكثر 00يخيل إلى أنك تعاملت معه بشيء من الخفة وكان علي أن أتوقع هذا وأنا أعرف كراهيتك للفلسفة 0
تباً! فلينته هذا الموقف السخيف سريعاً 00
قلت لها :
- أنا أحب الفلسفة ، لكن حين تجيء من سادتها !
والحقيقة أن العدوانية التي تسربت إلى نفسي لم يكن لها سوى سبب واحد غريب ..أنني وجدت كاميليا أقبح مما أذكره عنها ، وتصرفت بأسلوب الرجل الذي يحاول الخلاص من متسول لزج يدس رأسه في نافذة سيارته 00
ما سر هذه القسوة ؟ لا أدري 00لكنني صرت أقل استعداداً للمجاملة 00
وحين انتهت الجلسة ، ودعتها ووعدتها بأن أحضر لها الكتاب سريعاً 00
سيسعدني الخلاص من هذا الكابوس سريعاً 00


السبت 2 مايو :
الحاجة فتحية أبو الروس 00
في الخمسين من عمرها ، تعاني فقر دم بالغ لم يتضح سببه لنا بعد ، لكننا كنا نعرف شيء واحد : هذه المرأة تعاني بشدة 00أنها تجاهد من أجل الهواء ن عاجزة عن الرقاد ن ولون بشرتها يحاكي لون هذه الورقة 00
قمت بقياس ضغط دمها ، فوجدته منخفض 00قلت للطبيب المقيم الواقف بجوار فراشها معي :
- إنها على حافة الصدمة 00ماذا تنتظر لتعطيها المحاليل الوريدية ؟
قال في شيء من الحياء وهو يتراجع خطوة :
- قلبها يا سيدي 00إن حالة قلبها لن تتحمل المحاليل كما تـ 00
هنا صعد الدم إلى رأسي 00ربما أقبل الجهل لكنني لا أقبل الوقاحة ، وفي عصبية صحت :
أرجو أن تصحح لي مفاهيمي 00من هو الأستاذ ومن هو الطبيب المقيم حديث الخبرة ؟
ابتلع ريقه 00كان يفضل أن يصمت لكن الأمر أقوى منه ، فقال :
- معاذ الله أن أعترض 00لكن سيادتك لم تصغ إلى رئتيها 00إن حالتهما تنذر بـ 00
وأنا قد أقبل الوقاحة لكني لا أقبل الانحطاط ، لهذا صحت بعصبية أكثر :
- إما أن تبدأ في إعطائها محلولاً وريدياً الآن وليكن ( الدكستروز ) وإما أن تبدي الشجاعة ذاتها أثناء التحقيق معك 00
واستدرت كي تكون لي الكلمة الأخيرة 00
وبعد ساعة سمعت طرقة على باب مكتبي 00
كان هذا هو د 0 رأفت صديق حياتي وقال كالعادة :
- ما شاء الله عيني عليك 00
لكني لاحظت انه يريد إخراج كلمة محشورة في حلقه ، ولا تريد أن تخرج ، ثم في النهاية تحامل وقال متحاشي نظراتي :
- هل أمرت بإعطاء مريضة فقر الدم لترين من ( الدكستروز ) ؟
قلت في سخرية :
- الأخبار تنتشر بسرعة هذه الأيام 00
قال في كياسة :
- لماذا ؟ أنت تعرف أن رئتها ليست على ما يرام 00أن شيء كهذا سيؤدي إلى تفاقم هبوط القلب 00ربما إلى الأوديما الرئوية 00
صمت وقد تحولت إلى بركان آدمي :
- هل جرؤ الفتى على مخالفة أوامري ؟
رفع كفه ليهدئ من روعي ، وقال بكياسة :
- لم يحدث 00أنا مررت على فراشها ووجدت المحلول معلق ، ولمته على ذلك 00لكنه قال إن هذا أمر مباشر منك 00لقد سمحت لنفسي بأن أوقف المحاليل ، واحقنها بالـ فرو سيمايد المدر مع خلايا الدم الحمراء المحزومة 00وبالطبع قمت برفع ضغطها بأساليب أخرى غير المحاليل 00
طبعاً لم يحدث هذا 00معرفتي بالبشر تقول أن هذا لم يحدث 00
أستطيع أن أرى الطبيب المقيم يهرع مولولاً إلى الدكتور رأفت في مكتبه ويقول بهلع : افعل شيء 00د0 رفعت 00طلب كذا 00وكذا 00) فينهض رأفت ويربت على كتف الفتى قائلاً ( سأتصرف أنا فلا تقلق 00لكن لا تنفذ الأمر طبعاً 00أحسنت إذ أخبرتني 00
قلت في ضيق لـ رأفت :
- كيف تسمح لنفسك بمعارضة ما كتبت من علاج ؟
آي آي ! إنه الصدام ! هكذا قال لنفسه ، وابتلع ريقه وقال :
- رفعت 00نحن نتحدث عن حياة إنسان ها هنا 00لا مجال للمجاملات أو الكبرياء الشخصية 00أعتقد أن ثمة خطأ ما حدث منك 00ونحمد الله أن ضرراً لم يقع 00الواقع أنك لست على ما يرام هذه الأيام 00
قلت في ضيق كالعادة :
- إنني بخير حال هذه الأيام بالذات 00
- صحياً 00نعم 00لكن شيء من التهور والاستخفاف بدا يتبدى في تصرفاتك 00أحياناً أشعر أنك 00
وبحث عن لفظة مناسبة ، ثم قال :
- أنك في 25 من العمر !
كان محقاً في الرقم على الأقل 00بالفعل أشعر أنني في سن 25 أو أكثر قليلاً 00لكنه فيما عدا هذا مخطئ على طول الخط 00وخطء ووقح 00
وقبل أن أرد قام هو بـ التاكتيك الشهير في المشاجرات : انصرف 00وظللت وحدي أغلي 00لن يمر هذا الحادث على خير 00سأعرف كيف أنتقم وكيف ا}دب الشاب المستهتر 00

الأحد 3 مايو :
مر علي عزت في التاسعة مساء ، ليخبرني بأنه قد رتب لي لقاء في المعرض إيه مع الرسامة الشابة نجلاء 00لا بد أن نتبادل بعض العبارات قبل أن أستطيع زيارة أهلها 00
في المعتاد كنت سأجد الذهاب إلى الإسكندرية ثلاث مرات في أسبوع واحد أمر عسير ، لكني كنت الآن نشيطاً كالبراغيث 00وافقته على الفور ، وقررت أن يكون اللقاء غداً الساعة السادسة مساء 00وهو لقاء لتحديد لقاء 00


الاثنين 4 مايو :
رحت أتأمل اللوحات في المعرض مع عزت بانتظار مجيئها 00ولا أدري لماذا شعرت بأن الرسوم جميلة بالفعل 00لماذا لم ترق لي حين رأيتها قبل أسبوع ؟!!
بعد قليل وصلت نجلاء 00كانت مرتبكة بحق ، وبدا التكلف واضحاً على كلماتها وحركاتها 00شتان بين أن تعرف ولا تعرف 00
كانت لي موقف مماثلة مع د 0 محمد شاهين 00لكن الرجل – تذكرون – فضيحة مجسمة لا يكف عن لفت الأنظار ، لكن عزت كان ذكياً كيساً بشكل واضح 00وبعد دقيقتين لمح صديق له من بعيد فصاح يناديه ، ثم هز رأسه لنا في تهذيب معتذراً لأن : ( لي كلمتان مع هذا الفتى ) وتركنا وابتعد 00
ظللنا صامتين لفترة لا بأس بها , ثم قطعت الصمت قائلاً :
- إن لوحاتك جميلة جداً 00
احمر وجهها كالطماطم ، وأطرقت برأسها وهمست :
- هذه مجاملة 00الأستاذ عزت قال لي أنك كنت ترسم 00هل كنت مولعاً بالفن الكلاسيكي أم التجريدي ؟ هل ثمة مدرسة معينة تحبها ؟
- طبعاً 00مدرسة الأرومان الإعدادية ! نيا هاهاهاه0!!
دعابة ظريفة ، لكنها أكتفت بأن ابتسمت ومن جديد سألتني :
- أتحدث بجد 00هل تحب مدرسة معينة ؟
الحقيقة أن اسم أية مدرسة لم يخطر ببالي لحظتها ، فقلت وأنا أنقل ساقي كاشفاً عن توتري :
- كلها تعجبني 00كلهم بارعون بحق 00
بعد قليل بدا الكلام يتطور إلى مواضيع أكثر حرجاً 00مثل :
- لماذا يتزوج الرجل في رأيك ؟
هذه الحمقاء تعتبر أنها في حوار صحفي مع البير كامي 00والمفترض أن أقدم لها رداً مقنعاً 00قلت لها :
- يتزوج الرجال حين لا يجدون شيء أفضل يفعلونه 00
بدت لها دعابة لطيفة فأحمر وجهها قليلاً 00وفهمت أن احمرار الوجه هو نوع من القهقهة !!ويبد أنها اكتفت بهذه الإجابة ، فبدأت تسألني عن رأيي في الأوضاع السياسية في البلاد ، وعن مستقبل التجربة الإشتراكية ، وعن الحرب القادمة مع إسرائيل 00
أنها تحسب نفسها تحاور أحمد بهاء الدين على ما يبدو 00قلت لها ما استطعت قوله ، ثم أنهيت الكلام بلهجة تقريرية :
- أنا أرغب في التقدم لك 00فمتى أستطيع الذهاب إلى دارك ؟
لم تعلق 00يبدو أنها لم تتوقع هذا الهجوم 00
هنا أنقذها عزت إذ جاء مترنحاً يرتعش من البرد ، وقال بلا مناسبة :
- معذرة فهذا الفتى ثرثار حقاً 00إن نجلاء أختي يا رفعت ، وأنا لاأطيق مضايقتها 00لعلك لم تعطها حمامك الثقافي الشهير 00إن الرفق خصلة حميدة خاصة إذا كان بقارورة كهذه 00
- اطمئن 00
قلتها في غرور ضاحك ، ثم أن الفتاة هزت رأسها في أدب طالة الانصراف ، فحياها عزت 00
ووقفنا بضع ثوان تصطك أسناننا برداً 00وفي النهاية قال لي :
- ما رأيك ؟
- لم تبد كبيرة السن إلى هذا الحد في لقائنا الأول 00
- كبيرة؟! إنها زهرة لا تشيخ أبداً 00والآن سأعرف منها موعد اللقاء في دارها ، وعليك أيها الذكي أن تذهب وحدك هذه المرة 00أنا لا صفة لي هنا 00
- هل سنعود إلى القاهرة الآن ؟
- بالتأكيد 00هل لديك خطط أخرى ؟
- فلنتنزه ! لنمش على الكورنيش قليلاً 00
- في هذا الزمهرير ؟ حقاً أنت تغيرت يا رفعت 00كنت أعرف شخصاً يشبهك لا شيء يغريه في الحياة سوى الفراش الدافئ 00
وقد كان ما اقترحته 00


الثلاثاء 5 مايو :

عند الغروب جاءني عزت وكان وجهه متحفظاً 00قال لي :
- فيم تحدثتما بالضبط أمس ؟
- في كل ما يخطر ببالك 00
هز رأسه بحيره وقال :
- لماذا لم يبهرها بعقليتك الجبارة ؟ يبدو أنك بالغت في المزاح بعض الشيء هذه هي مشكلتي معك 00
تساءلت وقد بدا الموضوع يتضح لي :
- لم أرق لها 00هه ؟
- شعرت بأنك ضحل إلى حد ما ، وربما خاوي العقل أيضاً 00قالت أنها شعرت بأنها تكلم من يصغرها بعشر سنوات على الأقل 00إن المرأة تحب أن تشعر بان زوجها أكبر سنا أو أرجح عقلاً أو أوسع تجربة أو أثقل جيباً 00ومن الواضح أنك لم تعطها الإيحاء الذي كان عليك أن تعطه 00
قلت مغتاظاً ك
- تباً لها ! لم يكن نقاشاً بل كان استجواب أنا أرفض أن يختبرني أحد 00معنى هذا أن الزيارة لدارها قد ألغيت ؟
- طبعاً لا يوجد نصيب 00
- سحقاً لها ! أنا أيضا لم أر فيها أي جمال 00إنها قد خطت أول خطوة في طريق العنوسة ، ولسوف تكمله بلا شك 00وهناك شيء آخر أعتقد أن هذه الفتاة تميل إليك !
- رفعت ! هل جننت ؟
- الأمر واضح 00هي لا تأتي إلا حين تدعوها أنت ، ولا تثق إلا بمن أنت تثق بهم 00( ناداني حبيبي جيت بلا سؤال ) كما تقول فيروز 00
الأمر واضح يا أخ عزت ، وأنني لأتمنى لك التوفيق !
لم يجد الكلمات التي يعبر بها عن غيظه ، وراح يرتجف ويترنح ، وازداد وجهه سواداً حتى صار صالحاً لوضعه في المراجع الطبية تحت اسم ( مرض أديسون )
- رفعت أنت تهينني وتهينها 00ماذا دهاك ؟ تتصرف كطفل أخرق 00ثمة حدود للكلام يحسن التوقف عندها 00أنا الذي 00
- صمتاً !!
قلتها ودفعته خارج شقتي , وأغلقت الباب 00
ألن ينتهي كل هذا الذباب ؟ ألن ينتهي أبداً ؟
صبراً أيتها الرسامة السكندرية البلهاء 00ستدفعين ثمن رفض رفعت إسماعيل غالياً 00أنا لا أرفض 00هذه حقيقة يجب أن تعرفيها 00
أنا لا أرفض 00
لكني أرفض متي أريد 000




************************************

 
 

 

عرض البوم صور حسين السريعي   رد مع اقتباس
قديم 11-08-06, 02:22 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8998
المشاركات: 23
الجنس ذكر
معدل التقييم: issam_is_me عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدAntigua and Barbuda
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
issam_is_me غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين السريعي المنتدى : ما وراء الطبيعة
افتراضي

 

شكرا
اكمل يا صديقي المهمة

 
 

 

عرض البوم صور issam_is_me   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
43- أسطورة تختلف, أسطورة تختلف, اسطوره تختلف, د.أحمد خالد توفيق, روايات ما وراء الطبيعة, روايات مارواء الطبيعة, روايات مصرية للجيب, على شكل كتابة
facebook




جديد مواضيع قسم ما وراء الطبيعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t16116.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 01-10-09 05:54 AM
(43)-ط£ط³ط·ظˆط±ط© طھط®طھظ„ظپ (ظƒطھط§ط¨ط©) - Gturl This thread Refback 20-05-09 03:52 AM


الساعة الآن 05:36 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية