لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-10, 05:40 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



8- من سجن الى سجن

أغلق الأجهاد عينيها بمجرد أن وضعت رأسها على الوسادة , ولم تشعر ألا بطلوع النهار , فنهضت جالسة في السرير وهي تتوقع أن تجد الصداع ما زال يؤلمها لكنها لم تشعر بألم ,وعندما فحصت جبهتها وجدت كدمة بسيطة يمكن أخفاؤها بشعرها.
وأخذت حمامها وأرتدت تنورة خضراء قصيرة وقميصا ليموني اللون وكانت تمشط شعرها أمام المرآة عندما أحضر لها بولت أفطارها ,وقال وهو يضع الصينية:
" السيد لايول يريد أن يراك يا آنسة".
لم يكن في نبرات صوته ذلك الدفء الذي أعتادته.
" هل تعرف لماذا؟".
فهز بولت رأسه :
" سيشرح لك السيد لايول عندما ترينه يا آنسة".
وسار نحو الباب – وذهبت هيلين وراءه:
" بولت! بولت , ماذا حدث ؟ أنت لست غاضبا مني لأنني حاولت الهرب؟".
" لا يا آنسة ".
تنهدت هيلين:
" ولكنك غاضب- بولت , قلت بالأمس أنك لا تريد أن تراني أتألم , بالطبع أنت تعرف أنه كلما طال بقائي هنا كلما زاد هذا الأحتمال".
" نعم يا آنسة".
" آه.... بولت أرجوك حاول أن تفهم!".
" أفهم يا آنسة".
" أذن لماذا أنت هكذا؟".
وقطبت حاجبيها :
" ألا أذا كنت آسفا لأنني لم أمجح".
" نعم يا آنسة".
شهقت هيلين:
" هل كنت تريدني أن أذهب؟".
" كان أفضل".
وتمتمت بأستغراب:
" وكنت تتخيل أنني سأحاول لذلك تركت مفتاح السيارة فيها".
هز بولت كتفيه:
" لا يوجد لصوص هنا يا آنسة – والمفاتيح عادة تترك في السيارة".
" ولو....".
وهزت هيلين رأسها:
" لم أكن أعرف أنك متضايق الى هذه الدرجة".
وأنطبق فكا بولت :
" وجودك هنا ضار للجميع يا آنسة".
وبهذا التعليق الغامض أنصرف.
وجلست هيلين تأكل أفطارها بقلب حزين ,لمدة أسبوع كان بولت سندها في مواجهة عدم أهتمام دومينيك , وصديقها رغم أختلاف دوافعهما , ولكن الآن يبدو أنها ستفقد حتى صداقته ,وماذا يريد دومينيك ؟ أي سبب قد يكون لديه ليطلبها ألا أذا كان لمعاقبتها على تصرفاتها السيئة بالأمس.
فحصت محتويات الصينية , ما يهم ما بها؟ أن فكرة الأكل جعلتها تشعر بالرغبة في القيء لكنها أستطاعت أن تشرب فنجان القهوة لتهدىء أعصابها .
عندما أنزلت الصينية شعرت بالأرتياح لأنها لم تجد بولت في المطبخ . وبسرعة ألقت كل محتويات الصينية التي لم تذوقها في صندوق القمامة وهي سعيدة أن بولت غير موجود ليرى ذلك.
وهدّأت نفسها ثن خرجت من المطبخ وعبرت الصالة الى غرفة الجلوس وفتحت الباب بحذر ونظرت في الداخل , لكن دومينيك , لم يكن هناك بالطبع لا بد أنه في غرفة المكتب بعمل , وطرقت باب غرفة المكتب ولكن أحدا لم يرد , نظرت في الداخل فتأكدت أنه ليس هناك , فقطبت جبينها , أين يمكن أن يكون؟
قال بولت وهو يقف على السلم:
" أن السيد لايول في سريره يا آنسة , لو كنت أعلم أنك أنتهيت من أفطارك لحضرت لأوصلك".
سألت هيلين :
" هل هو مريض؟".
وأستدار بولت وقال:
" تعالي من هنا يا آنسة".
وصعدا الى الدور العلوي وأستدارا يسارا نحو غرفة دومينيك .
وفتح بولت الباب وأشار اليها بالدخول , وجدت نفسها في غرفة بسيطة جدا لا تشبه غرفتها ,أرضها من خشب مدهون مغطى ببضع أبسطة وجدرانها عارية , والسرير يشبه سريرها .... والهواء البارد يدخل من النوافذ المفتوحة , لاحظت هيلين هذه الأشياء بسرعة ولكن عينيها أنجذبتا الى الرجل الجالس في السرير مستندا على الوسائد ووجهه الأسمر شاحب ونحيل , وأنتقلت نظرته منها الى بولت ثم قال:
" حسنا يا بولت يمكنك أن تتركنا".


وأنصرف بولت ونظر دومينيك الى هيلين قائلا بهدوء:
" لا بد أنك تتعجبين لأحضاري لك الى هنا".
أنفجرت هيلين قائلة:
"لماذا أنت في الفراش؟ هل فخذك أسوأ كثيرا؟".
تحولت ملامح دومينيك الى القسوة وقال بخشونة:
"هل يمكن أن نترك موضوع حالتي جانبا؟ أنك هنا لأنني قررت أن أتركك تذهبين".
"تتركني أذهب!".
ذهلت هيلين وبدا عليها ذلك.
" نعم , أصلح بولت سيارتك وهي الآن في حالة جيدة وصالحة للأستعمال , كما أنه يقوم حاليا بأعداد حقائبك أستعدادا لرحيلك".
ولم تستطع هيلين أن تصدق ذلك:
" ولكن ماذا عنك؟ هل أنت مستعد للرحيل أيضا؟".
وهز دومينيك رأسه:
" لا أظن ذلك , سنعتمد على أنك لن تفشي مكاننا لأحد".
يا ألهي ! فكرت هيلين بأسى – أنها لا تريد أن تذهب!ليس الآن وهو في الفراش , قالت مرة أخرى:
" ما الخبر؟ لماذا أنت في الفراش؟ أرجوك, أريد أن أعرف".
" لماذا؟ هل تسعدين لمعرفة مدى ضعفي؟".
" أنك لست ضعيفا".
" أذن فأنا أتمارض , ماذا يهم؟ ستنسين كل شيء عني وعن أمراضي السخيفة قريبا".
وأطبقت يداه على ملاءة السرير :
" لن أنسى- دومينيك... أنني...".
" أرجوك أن تذهبي".
وكان صوته باردا وحاسما.
" مع السلامة , بولت سيشرح التفاصيل وبتعليماته لن تجدي صعوبة في الوصول الى الطريق الرئيسي".
فركت هيلين يديها وقالت بطريقة يرثى لها:
"لن أذهب أذا لم تكن تريد ذلك".
ولكنه كان بلا رحنة.
" يا فتاتي الصغيرة- أنا لم أكن أريدك هنا منذ البداية!".
كان بولت خارجا من غرفتها وهي تسير كالعمياء في الممر , وكان يحمل حقائبها وظنت أنها رأت للمحة قصيرة شيئا من التعاطف في عينيه ولكن هذا لم يدم ألا لحظة ثم أشار اليها أن تسبقه عل السلم.
قال بصوت لا تعبير فيه:
" أحضرت كل شيء , هل ستحضرين معطفك أم أحضره لك؟".
" أنا سأحضره".
فتحت هيلين غرفة الملابس ثم قالت:
" آه , كنت أريد أن أشكرك على أهتمامك بأشيائي".
" التي كانت في المطبخ؟ أنها في الحقيبة يا آنسة- هل هذا كل شيء؟".
هزت هيلين رأسها بالأيجاب , عليها أن ترافقه حتى الخارج.
وكان قد أحضر سيارتها الى الباب ولاحظت أنه قام يتنظيفها , ووضع حقائبها في صندوق السيارة ثم أعطاها المفتاح قائلا:
" المفتاح الآخر في الكونتاكت – هل أنت مستعدة ؟".
هزت هيلين رأسها بالأيجاب – كانت تخشى أن تتكلم من شدة أنفعالها .
" حسنا".
وأشار الى الطريق الذي سارت فيه الليلة الماضية وقال:
" أتبعي هذا الطريق حوال ميل ونصف وستجدين منعطفا على يسارك سيري فيه وستصلين الى قرية , هذه القرية هي هوكسمير أذا سألت هناك فسيدلونك على الطريق الذي يؤدي الى المكان الذي تريدين الذهاب اليه".
هزت رأسها مرة أخرى ثم أستطاعت أن تقول أشكرك وهي مختنقة:
" العفو- مع السلامة يا آنسة".
" مع السلامة".
نظرت هيلين مرة أخيرة الى المنزل ثم الى الرجل الذي يقف أمام الباب ثم ركبت السيارة وأدارت المحرك وتحركت بعيدا بدون أن تنظر خلفها.
وصلت الى هوكسمير قبل أن تتمالك نفسها , وهناك وضح لها الطريق الذي تسلكه.
وسارت بدون تفكير يكفي أنها عائدة الى لندن , وأي أفكار كانت لديها لقضاء عدة أسابيع في منطقة البحيرات أصبحت مرفوضة الآن , وحتى منزل أبيها في ميدان بارباري حيث يعيش مع أيزابيل فهو يمثل ملاذا لها الآن ولعواطفها الجريحة.
منتديات ليلاس

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بقليل عندما وصلت الى الميدان ورأت سيارة والدها المرسيدس أمام الباب , وتوترت أعصابها , كان هذا شيئا آخر عليها أن تواجهه , وكانت تشعر أنه لن يكون سهلا , كانت أطرافها متخشبة بعد أربع ساعات من القيادة , وكانت تشعر بصداع سببع التوتر العصبي , وصعدت سلالم المنزل ثم فتحت الباب بمفتاحها , وقد جذب صوت فتح الباب سيدة سمراء صغيرة الجسم , عندما رأت هيلين رفعت يديها في أندهاش ثم صاحت:
" أوه ... أوه آنسة هيلين – شكرا لله لقد عدت!".
أغلقت هيلين الباب الخارجي وأستندت عليه لحظة تستجمع قواها ثم حيّت مديرة منزل والدها بهدوء:
" أهلا يا بيسي- هل كان هناك ذعر؟".
وهزت بيسي رأسها:
" وأي ذعر! أين كنت يا آنسة؟".
" يا ألهي ! هيلين!".
ونظرت هيلين لدى سماع صوت والدها ,كان ينزل السلم بسرعة وهو يحملق فيها وكأنه لا يصدق عينيه , وشعرت بالخجل من نفسها عندما رأت خطوط الأرهاق حول عينيه , وفي لحظة كانت في أحضانه القوية وهو يضمها بشدة الى صدره.
أخذ يتمتم وهو يتجاهل تماما وجود بيسي:
"أوه شكرا لله !أين كنت أيتها الصغيرة المستقلة الغبية؟".
شعرت هيلين بالدموع تكاد تنهمر من عينيها , لكنها يجب ألا تسمح لنفسها بالبكاء , أذا فكر والدها أنها تبكي لرؤيته فأن أي ميزةأكتسبتها بذهابها ستضيع منها ثانية .
وقالت أخيرا بعد أن أفلتها وأخذ ينظر اليها كأنه لا يستطع ألا أن يفعل ذلك.
" ألم تصلك رسالتي؟".
" رسالتك؟ طبعا وصلتني رسالتك ولولا ذلك كنت فقدت صوابي الآن , بحق السماء أين كنت ؟ كلفت نصف مخبري بريطانيا السريين للبحث عنك!".
أستطاعت هيلين أن تبتسم :
" هل فعلت؟".
" نعم , لقد فعلت , وكدت أدفع أيزابيل للجنون أيضا , أين كنت بحق الشيطان؟".
سحبت هيلين نفسها من يديه ونظرت الى بيسي بأستعطاف:
" هل يمكن أن أشرب شايا؟ لم أتناول شيئا منذ الصباح الباكر".
ونظرت بيسي الى فيليب جيمس للموافقة وعندما هز رأسه موافقا ذهبت بسرعة ثم سار والدها الى المكتبة وأقفل بابها المزدوج وراءهما.
قال بعد أن جلست في كرسي مريح ذي مسند:
" والآن أريد أن أعرف كل شيء".
تنهدت هيلينوهي تنظر الى يديها:
" حسنا , ليس شيء كثير يقال حقا".
" ماذا يعني هذا بالضبط؟".
وهزت كتفيها قائلة:
" ذهبت الى منطقة البحيرات ".
" ماذا فعلت؟".
" سمعتني يا والدي – ذهبت الى منطقة البحيرات , الى ذلك الفندق الصغير في باونيس الذي أعتدنا النزول فيه عندما كنت طفلة".
فضاقت عينا جيمس وقطب جبينه:
"الثور الأسود؟".
" نعم , هل تذكره؟ قضينا أوقاتا سعيدا هناك , أليس كذلك؟".
حاولت هيلين أن تبدو متحمسة برغم أنها لم تكن تشعر بأي حماس ,وقام والدها عن الكرسي وسألها بهدوء:
" وبقيت هناك كل هذه المدة؟".
" نعم- أظن أنه آخر مكان كنت تفكر أن تبحث فيه عني ".
" في الواقع آخر مكان".
وأخرج علبة سكائره وأخذ منها سيكارة وضعها في فمه :
" ما الذي كنت تريدين الوصول اليه بهروبك؟".
أسترخت هيلين , سيسير الأمر على ما يرام – أنه ليس سئا حقيقة في قرارة نفسه وبعد التجربة المؤلمة التي مرت بها هذا الأسبوع فأن المشاكل التي ستواجهها معه تبدو تافهة بالمقارنة وتذكرت المعاناة التي مرت بها فشعرت بشعور مفاجىء باليأس الفظيع فأطبقت شفتيها وحاولت أن تركز تفكيرها على ما يقوله والدها فقط.
وقالت أخيرا:
" كنت أحتاج لبعض الوقت يا والدي – وقت لأكون بمفردي- لأراجع الأمور بيني وبين نفسي".
ورفع فيليب جيمس كأسه عن الأفريز وأعتدل , كان متوسط الطول ولكن جسمه الممتلىء قليلا كان يجعله يبدو أكثر طولا.
وقال ببطء:
" أظن أن هذا الكلام مقصود به كابح السيارة".
" نعم بشكل ما".
" أنك ما زلت تصرين على عدم الزواج به؟".
" نعم".
قال بعنف:
" أذن مع من كنت؟ لأنني أقول لك يا هيلين أنك لم تنزلي في الثور الأسود في باونيس!".


لحسن حظ هيلين أن بيسي دخلت بمنضدة الشاي في هذه اللحظة وأخذت ترتب الفناجين في أطباقها وتلفت النظر الى طبق الشطائر والبسكويت وكعكة البهار الطازجة قائلة:
" ظننت أنك قد تكونين جوعى يا آنسة- أنك تبدين نحيفة , فندق أو بدون فندق يبدو أنهم لم يكونوا يطعمونك جيدا".
وصاح فيليب جيمس بغضب:
" هل كنت تتنصتين وراء الباب يا بيسي؟".
وتحفزت بيسي:
" لا يا سيدي , أنا لا أتنصت على أحد , انا لست من ذلك النوع , ولكنها ليست غلطتي أذ سمعتك تقول أن الآنسة هيلين لم تكن في ذلك الفندق".
وهز فيليب جيمس رأسه بأستسلام :
" هذا يكفي يا بيسي – يمكنك أن تذهبي- الآنسة هيلين تستطيع أن تأخذ ما تريد بنفسها".
وأنصرفت مدبرة المنزل وبعد ذهابها أنكبت هيلين على أبريق الشاي وهي تحاول أخفاء مفاجأتها بما قاله والدها.
" حسنا يا هيلين , أنتظر الرد".
وقال والدها وهو يعود الى كرسيه أمامها ويطفىء سيكارته التي لم يدخن الا نصفها:
" أريد أن أعرف أين كنت؟".
أحنت هيلين كتفيها وسألت وهي تحاول أن تكسب بعض الوقت:
" كيف علمت أنني لم أكن في باونيس؟".
" بالطرق المعروفة – لقد أجرينا البحث وعلمنا أنك لم تكوني مسجلة هناك في الفندق".
" ولكن كيف علمت أنني قد أذهب الى هناك؟".
" لم أعلم ولكن عندما تبين أنك لم تغادري أنكلترا على الأقل بالطرق المعروفة كان يجب أن أفكر في المكان الذي قد تكونين فيه".
" ولكن باونيس!".
" ولم لا؟ قضينا فعلا أوقاتا سعيدة هناك , أنا أوافقك على ذلك- كان أحتمالا ممكنا".
حركت هيلين رأسها يمينا ويسارا – أذن لو كانت ذهبت الى الفندق الصغير الذي كان يبدو أحسن ملجأ لها من أسبوع لوجدها والدها بعد أيام قليلة , كان يجب أن تفعل الشيء غير المنطقي على الأطلاق , ولكن لو فعلت ذلك لما قابلت دومينيك لايول ولما وقعت في حبه ولما تحملت كل الألم والأذلال على يديه .
وأشتد شعورها باليأس , هل كانت تفضل ذلك؟ ألا تتعرف عليه أطلاقا وألا تشاركه ولو لوقت قصير على الأق آلام وحدته في عزلته! لكنها الآن ستعاني من آلامها الخاصة هي أيضا.
وقالت بتأثر:
" يبدو محزنا ألا أستطيع الذهاب بمفردي لبضعة أيام بدون أن تستأجر فرقة من المخبرين للبحث عني , ما الذي كنت تريده بالعثور علي؟ وماذا كنت ستفعل لو وجدتني في فمدق الثور الأسود".
بدأ والدها يغضب وقال بصبر نافذ:
" لا تجعلينني أفقد أعصابي يا هيلين , لقد سألتك أين كنت ومع من , هل ستجيبينني؟".
نظرت اليه هيلين:
" وأذا قلت لا؟".
فوقف والدها كأن الجلوس يضايقه:
" هيلين للمرة الأخيرة".
" لم أكن مع أحد".
" هل تتوقعين أن أصدق ذلك؟".
" لا يهم ماذا تصدق".
" هيلين أنني أحذرك".
" أوه يا والدي – أرجوك- ألا أستطيع أن أشرب الشاي بدون هذا التحقيق؟".
ودفع والدها يديه في جيب بنطلونه :
" حسنا ... حسنا".
وقال وهو يحاول ألا يفقد أعصابه:
" أشربي الشاي ,أستطيع أن أنتظر".
سكبت هيلين الشاي ووضعت الحليب ثم أخذت ترشفه ببطء , كان الشاي الساخن منشطا جدا وسكبت لنفسها فنجانا آخر , وكانت تشعر أن والدها يراقبها وأن عداءه يزداد مع كل دقيقة.
ولم يعجبها الطعام , أنها تشعر فعلا بالخواء ولكنه خواء الروح وليس الجسد , كانت صورة دومينيك الأخيرة وهو شاحب ومتعب في سريره لا تفارقها.
" حسنا يا هيلين ... هل ستخبرينني أين كنت؟".


وشدها صوت والدها الى محيطها الحالي.
وقالت بهدوء:
" لا أريد أن أجادل معك يا والدي , ألا تستطيع أن تقبل أنني قضيت بعض الأيام بمفردي؟".
" ولكن أين قضيت هذه الأيام- في فندق؟".
وترددت هيلين :
" وأين يمكن أن أقضيها؟".
" هذا ما أريد أن أعرفه".
تنهدت :
" أنني أفضل عدم مناقشة الموضوع- أذا كان هذا لا يضايقك".
" أذا كان لا يضايقني؟".
وقال وقد أغلق قبضتيه:
" أسمعي يا هيلين – يجب توضيح الأمور- ليس فقط لي ولكن لجيش النخبرين الذي أستأجرته للبحث عنك , ماذا أقول لهم؟".
" ألا تستطيع أن تقول أنه كان خطأ كبيرا وأنني لم أكن مفقودة ؟ أقصد أن رسالتي وصلتك".
" هل تظنين أنني أطلعتهم على رسالتك؟ هل تظنين أنني غبي؟".
ووضعت هيلين فنجانها الفارغ:
" أنا آسفة يا والدي لكنني لا أريد أن أتكلم في هذا الموضوع".
" لم لا؟ ما الذي حدث؟ هيلين- قد لا أكون ذكيا فيما يختص بك , ولكنني أعلم أنك تخفين شيئا ,هناك شيء يضايقك أو شخص ما؟ وأنا أنوي معرفة الحقيقة".
وضاقت عيناه:
" ما هذه الكدمة في جبهتك؟ كيف حدثت؟".
" لا شيء ... لقد خبطت رأسي , هذا كل ما في الأمر".
" كيف خبطت رأسك؟".
" كيف يخبط أي شخص رأسه؟ أرجوك يا والدي أنا تعبة ومرهقة – هل أستطيع أن أذهب الى غرفتي".
" هل ضربك أحد؟ هل هذا ما حدث؟ لأنني أحذرك يا هيلين أذا كان هذا ما حدث وأكتشفت من هو...".
" لا تكن دراميا يا والدي- أنك تعلم شعوري بالنسبة الى مايك قبل أن أذهب ,ولن تستطيع أرغامي على الزواج ولا شيء تستطيع أن تقوله سيجبرني عليه".
أخذ يذرع الغرفة بضيق قائلا:
" ولم لا؟ ما الذي يعيب مايكل؟ يا ألهي, لقد قضيت معه وقتا طويلا وكنت أظن أنكما معجبان ببعض وكذلك والده كان يظن الشيء نفسه".
" كنا وأون أننا ما زلنا – ولكن هذا لا يكفي لأن نتزوج".
" لم لا؟ هل تظنين أنني وأيزابيل....".
" ما فعلته أنت وأيزابيل يخصكما وأنا لا دخل لي به".
وأحمر وجه والدها:
" أذا كنت لا تريدين أن تتزوجي مايكل أذن لا بد أنك وجدت شخصا آخر".
" حقا يا والدي؟".
" ما الخطأ في هذا الرأي؟".
" من كنت سأقابل وأنت ووالد مايك وراءنا في كل لحظة؟".
" لا أعلم.... من الجائز أنك تصرفت....".
" لا لم أفعل ".
ونظر في عينيها :
" هل يمكنك أن تؤكدي بأمانة أنك قضيت هذه الأيام الأخيرة بمفردك- أو على الأقل بدون صحبة رجل؟".
أحنت هيلين رأسها بسرعة حتى لا يرى والدها وجهها وقالت:
" نعم".
" أنا لا أصدقك , أنا لم أصدقك من قبل وأنا لا أصدقك الآن – هيلين , أذا كنت تكذبين عليّ...".
" ماذا يحدث هنا؟".


جاءت كلمات زوجة أب هيلين الباردة الهادئة كالماء على الهواء الساخن , ولأول مرة تشعر هيلين بالسرور لرؤيتها برغم أن كلماتها لم تكن مرحبة , قالت بجفاف:
" أذن لقد عدت , كان يجب أن أفهم , فيليب هل هي طريقتك للترحيب بالشاه الضالة؟".
أحنى فيليب كتفيه العريضتين وهو ينظر الى زوجته:
" لا تتدخلي في هذا يا أيزابيل – لقد عدت مبكرة أليس كذلك؟ ألم تستطيعي اللعب؟".
" أن أهتمامك يغمرني يا عزيزي – ولكن الجو كان باردا ورغم أنني أحب الغولف لكنها ليست لعبة يمكن ممارستها بأصابع متجمدة".
ثم نظرت بعينين فاحصتين الى هيلين:
" حسنا , أين كنت؟ هل كنت تقضين أسبوعا ممتعا مع حارس الغابة؟".
" أيزابيل!".
أسكتها صوت زوجها ,وقامت هيلين بعدم أتزان وسألت بهدوء:
" هل أستطيع أن أذهب الى غرفتي يا أبي؟".
قال فيليب بغضب:
" آه ,نعم , ولكن الموضوع لم ينته بعد".
" نعم يا أبي".
سارت هيلين محو الباب وهي تحاول السيطرة قدر الأمكان على نفسها , كل شيء يتكرر مرة ثانية , المجتمع غير الطبيعي الذي تربت فيه يستمر مرة أخرى وهي تكره التكلف وعدم البساطة فيه, ربما كان دومينيك على حق في الأبتعاد عنه ,وربما يجب عليها أن تفعل الشيء نفسه ,ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الأمور لن تكون كما كانت.
وخلال الأسابيع التالية حاولت هيلين أن تعود الى نظام حياتها القديم , وبمجرد أت علم أصدقاؤها بعودتها كانوا متحمسين لدعوتها الى العشاء , لكنها كانت فقدت حماسها لهذه الأمور , كانت تريد أبعاد كل الأفكار الخاصة بذلك الأسبوع عن مخيلتها ,ولكن هذا كان مستحيلا , وكان دومينيك يسيطر على تفكيرها , كانت لا تأكل ولا تنام وبدأ تأثير ذلك يبدو عليها.
وكان مايكل فراملي أول من لاحظ التغيير عليها , بدأت تقابله مرة أخرى من ناحية لأنه هو ووالدها يتوقعان ذ لك , ومن نحية أخرى لأنه كان مرافقا مريحا حريصا على مشاعرها لدرجة منعته من توجيه الأسئلة ,وفكرت هيلين أنها قد اخبره ذات يوم بما حدث لأنها تستطيع أن تفضي بمشاكلها لمايك ولا تعرف ما أذا كان رد فعله سيكون متفهما كالمعتاد عندما يتعلق الأمر بمسألة تخصه كهذه.
وبعد ظهر أحد الأيام بعد أن زارا أحد المعارض الفنية في قاعة هيوارد تناولا الشاي في مطعم صغير بجوار نهر التايمس , كان الجو دافئا وكانت أزهار النرجس الصفراء قد بدأت تتفتح في الحديقة ,وأنتظر مايك حتى أنصرفت الفتاة التي أحضرت لهما الشاي وقال بهدوء:
"الى متى تظنين أنك تستطيعين الأستمرار على هذه الحال؟".
ورفعت هيلين رأسها بعنف , كانت ترسم بأصبعها على مفرش المنضدة وهي سارحة في أفكارها وغير منتبهة الى وجوده تقريبا , وصاحت وقد أحمر وجهها:
" أنا... ماذا تعني؟".
" أظن أنك تعرفين ماذا أعني".
قال ذلك ثم تولى سكب الشاي لنفسه.
" الى متى تستطيعين العيش هكذا على أعصابك؟ أنك لا تأكلين ومظهرك يدل على أنك لا تنامين أيضا".
وقالت محاولة تغيير الموضوع الى مزاح:
" هل منظري بهذا السوء؟".
فتنهد مايك:
" شكلك على ما يرام ,وأنت تعرفين ذلك , لكننا نعرف بعضنا جيدا يا هيلين , وأنا أعلم أن شيئا ما أو شخصا ما يضايقك".
قالت هيلين وهي تمد يدها الى قدح الشاي:
" كان الشتاء طويلا".
" أنا لم ألاحظ ذلك".
" لديك عملك- أليس كذلك؟".
قال مايك وهو يشرب الشاي :
" حسنا .... أذا كنت تفضلين عدم الكلام عن الموضوع".
وقالت هيلين :
" أنا لم أقل ذلك بالضبط".
" أذن فأنت تعترفين أن هناك شيئا يقلقك؟".
هزت هيلين رأسها وقالت ببطء:
" نعم , أظن ذلك".
" أنه رجل ,أليس كذلك؟".
" تقريبا".
لم تدر هيلين بماذا تجيبه:
" مايك- أنك تعلم أن والدي... أقصد أنك تعلم أن والدينا يتوقعان أن نتزوج".
" بالطبع".
" وقد خمنت... على الأقل بمعرفتك أنني لا أريد الزواج منك؟".
" هذا واضح جدا حتى لي".
نظرت اليه هيلين بأسف :
" أوه يا مايك , أنك لطيف جدا ,كنت أتمنى أن أحبك – كان الأمر يصبح أكثر بساطة".
وهز مايك رأسه:
" الحياة نادرا ما تكون بسيطة يا هيلين , وأنا متأكد أن هذه طريقة لطيفة لتخبريني أنك لا تريدينني".
" ربما".
فقالت عيلين وهي تضع يدها على يده فوق الطاولة :
" ولكنك لطيف وطيب ومتفهم ".
ورد مايك عابسا:
" يا له من أعتراف خطير!".
" أنت تعلم ما أقصد".
" للأسف أنني أعلم- وبمعنى آخر أنا لا أثيرك , ولكن شخصا آخر يفعل هذا – هل هذا ما تحاولين قوله؟".
نظرت هيلين الى يده البيضاء الرقيقة المختلفة تماما عن يد دومينيك القوية السمراء:
" نعم- هذا ما أحاول قوله".
" أذن هذا الأسبوع الذي غبت فيه , هل كنت مع هذا الرجل؟".
صححت هيلين قائلة بهدوء:
" قابلته عندما كنت غائبة".
" فهمت ,ووالدك لا يريد أن تكون لك به أية علاقة؟".
" بحق السماء ! الأمر ليس كذلك على الأطلاق!".


سحبت هيلين يدها وأطبقت قبضتيها :
" والدي لا يعرف شيئا عن الموضوع وأنا لا أريدك أن تخبره".
" لم لا؟".
" لأنه لم يفهم".
" لماذا؟ من هو ذلك الرجل؟ ماذا تعرفين عنه وأين يعيش؟".
" أوه يا مايك , لقد بدأت تفعل مثل والدي".
وقال مايك وهو يضغط على نفسه لئلا ينفذ صبره:
" حسنا .... تكلمي أنت في الموضوع بكلماتك ".
" أنه كاتب".
" كاتب قصص؟".
" ليس بالضبط – أنه يكتب كتبا غير راوائية".
" هل أعرفه".
" لا أظن".
" لم لا؟ أنني أعرف كثيرا من الكتاب".
" أنه لا يختلط بالمجتمع".
" من هو؟".
" لا أستطيع أن أخبرك".
" لم لا بحق السماء ؟ هيلين أنت تعرفين أن أي شيء تخبريني به سأبقيه طي الكتمان وألا ما كنت بدأت أصلا أن تقصي علي ما حدث".
" أعرف ولكن هذا مختلف- لقد وعدت".
وأسترخى مايك في كرسيه وقال بضيق:
" أنه مأزق".
قالت هيلين وهي تحتضن فنجان الشاي في يدها:
" حسنا , على الأقل أنت تعرف الموقف الآن".
" ليس بما فيه الكفاية , أنك تقولين أنك قابلت أحدا وأنت مسافرة , وأن هذا الشخص يثيرك! ماذا تعنين بذلك! هل تحبينه؟".
ترددت هيلين ثم قالت:
" وعلى فرض أنني أحبه؟".
قال مايك بصبر نافذ :
" لماذا لا تتزوجان أذن؟".
" قد يكون هذا غريبا يا مايك , ولكن أظن أنه يميل الي كثيرا".
فعكس وجه مايك أندهاشه:
" هيلين هذا يصبح أكثر جنونا كل لحظة ؟".
" لماذا؟".
" كيف وقعت في حب ذلك الرجل أذا كان هو لا يميل اليك؟".
قالت هيلين بأسف:
" بسهولة جدا للأسف".
ورد مايك وهو يمسك يدها :
" أوه يا هيلين- ألا تظنين أن كل ذلك خيالي أكثر من اللازم ؟ أقصد أنك قابلت رجلا أنجذبت اليه وظننت أنك وقعت في حبه ولكن يبدو أن كل شيء أنتهى الآن – أليس كذلك؟ ما الذي تستطيعين عمله ؟ لا معنى للمخاطرة بصحتك بعدم الأكل والنوم".
" هل تظن أنني لم أقل ذلك لنفسي مئات المرات؟".
وأستمر يقول بأصرار:
" الى جانب أنه من المحتمل أن يكون متزوجا أو شيئا من هذا القبيل ,هل فكرت في هذا الأحتمال ؟ في كل حال لا بد أن هناك أمرأة في الموضوع".
قالت هيلين بتأكيد:
" أنه ليس متزوجا".
" قد يكون له خطيبة".
" لا!".
" وكيف يمكنك أن تتأكدي من ذلك".
" لأنني أقمت في منزله".
وبعد أن نطقت بتلك الكلمات تمنت لو أنها لم تفعل , كان مايك يحملق فيها غير مصدق ما تقول كأنه لم يرها من قبل , أحست بالحرارة في خديها.
رد مايك بعدم تصديق:
" أقمت في منزله؟ كيف يمكن أن تفعلي ذلك بحق الجحيم؟".
وهزت هيلين رأسها:
" أوه يا مايك ... أرجوك لا تسألني , أرجوك".
" هل عشت معه؟".
" أذا كنت تقصد كزوجين فالجواب لا!".
بدا عليه شيء من الأرتياح ثم أستمر قائلا:
" ولكن كان هناك علاقة ما بينكما أليس كذلك؟".
" تستطيع أن تقول ذلك".
فتنفس بعمق :
" أوه يا هيلين ! لم لا تقولين لي الحقيقة؟ قد أستطيع مساعدتك".
" حسنا- سأحاول أن أخبرك بقدر ما أستطيع".
وهز مايك رأسه موافقا وأستطردت تقول:
" لقد توقفت سيارتي في العاصفة الثلجية ".
" أية عاصفة؟".
" العاصفة التي واجهتني وأنا أقود سيارتي".
" أذن ذهبت فعلا الى منطقة البحيرات؟".
" نعم وكما قلت توقفت سيارتي وقد أتى هذا الرجل لمساعدتي ".
" آه فهمت".
" ثم عرض أن يأويني تلك الليلة وقبلت".
"أستمري".
" في الصباح كان الجو أسوأ – فبقيت في منزله".
" بمفردك مع هذا الرجل".
" لا ليس بمفردي – كلن لديه خادم – كنا ثلاثة".
" وبقيت كل الأسبوع بمنزله؟".
" نعم".
" ووقعت في حبه؟".
" نعم".
" أذن لماذا عدت؟".
" لأنه طلب مني أن أذهب".


نظر مايك للسماء :
" يا ألهي! لماذا؟ ماذا فعلت؟".
لم تستطع هيلين أن تقابل نظرته:
" لم أفعل شيئا , لقد أخبرتك بما حدث".
" بل قصة معينة عما حدث".
" ماذا تقصد؟".
" يا هيلين.... لماذا يطلب منك هذا الرجل أن تبقي في منزله أذا كنت لا تعجبينه؟ ثم لماذا يطلب منك فجأة أن تذهبي؟ أن هذا غير مفهوم , هل كان حقا جذابا جدا؟".
فتنهدت هيلين :
" أنه يعرج- وهذا يسبب كثيرا من المشاكل".
" هل هو كسيح؟".
" ليس بالضبط- أنه يحتاج للراحة".
" وهذا هو الرجل الذي وقعت في حبه؟".
كان مايك مندهشا جدا , وأضاف:
" تقولين أنه يميل اليك وهو كسيح أيضا فوق كل شيء ,يا ألهي! هيلين ,لم أكن أتصور أن...".
نظرت اليه هيلين:
"أعرف ما تحاول أن تقوله يا مايك .... أنك لا تستطيع أن تتصور كيف أجد مثل هذا الرجل جذابا بينما أستطيع أن أتزوج شخا بكامل صحته وبرصيد كبير في البنك فوق ذلك".
" تقريبا".
قالت هيلين وهي تز كتفيها بأستسلام:
" أعرف – أن هذا سيكون شعور والدي بالضبط لو أخبرته".
" هذا طبيعي".
وبدا عليه عدم الأدراك الكامل – فقالت:
" ولذلك لم أخبره".
وهز مايك رأسه بالموافقة:
" لقد بدأت أفهم ".
أخذ يفكر لحظات فيما قالته ثم قال:
" أخبريني يا هيلين- هذه العرقة التي كانت بينك وبين هذا الرجل , هل هي علاقة عاطفية؟".
" يمكن أن تسميها كذلك".
" ولكنه لم يكن مهتما".
" لا".
" هل أنمت متأكدة من ذلك؟".
قالت بضيق:
"طلب مني أن أذهب- أليس هذا كافيا؟".
" نعم ولكن ألم تفكري في أن السبب قد يكون شعوره بعجزه؟".
فحملقت فيه هيلين:
" ماذا تقصد؟".
" من الممكن أن شعوره بالعجز كبير لدرجة تمنعه أن يطلب من أحد مشاركته حياته".
" لا, لا".
رفضت هيلين أن تفكر في هذا الأحتمال الجديد المقلق- أنه ببساطة غير ممكن- أن مايك لا يعرف جميع الحقائق فكيف يمكن أن يعطي تفسيرا معقولا؟ على سبيل المثال فهو لا يعلم أن دومينيك لم يدعها للبقاء في منزله ولكنه حبسها فيه , وهو لا يعلم أنه منذ ذلك الحادث الرهيب الذي قتل فيه شقيقه وأدى لأصابته , يرفض دومينيك مخالطة النساء , وأخيرا لا يعلم أن دو**** كان ينوي في تلك الليلة الأخيرة أن.... ولم يمنعه من ذلك ألا أعترافها المفاجىء بحبها له, هذا الحب الذي رفضه على الفور- لا, أن دومينيك ليس عاجزا بأية حال.
" وماذا ستفعلين الآن؟".
شدها صوت مايك من تأملاتها:
" لا شيء على ما أظن".
" هل تدركين أن والدك ما زال مصمما على أن يعرف أين كنت؟".
فغامت عيناها :
" هل أخبرك بذلك؟ هل طلب منك أن تحاول أن تعرف؟".
قال بصراحة:
" نعم".
وهزت هيلين رأسها:
" لقد خمنت ذلك".
وأمسك يديها بحنان :
" تعلمين أنك تستطيعين أن تثقي بي – أليس كذلك؟".
قالت وهي تبتسم قليلا:
" نعم أعلم ولولا ذلك ما كنت هنا".

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:42 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 




9- الزيارة

منتديات ليلاس
رغم أن هيلين رفضت أقتراح مايك
بأن دومينيك قد تكون لديه أسباب جعلته يطلب منها الرحيل , وجدت نفسها في الأيام القليلة التالية تفكر بأستمرار في هذا الأحتمال.
خطط كثيرة تواردت على ذهنها ولكنها أستبعدتها ,ولم تستطع أن تصل الى قرار , ألا عندما عرفت رأي أيزابيل , كان ذلك صباح أحد الأيام بعد أسبوع من عودتها , كان والدها قد أنصرف الى عمله وجلست هي وأيزابيل تشربان القهوة وقالت بقسوة :
" أنك تبدين في أسوأ حال , بحق السماء يا هيلين أذهبي لرؤية هذا الرجل أيا كان!".
" أي رجل؟".
" أوه لا تقولي لي هذا الكلام".
وأخذت أيزابيل سيكارة :
" ذاك الرجل الذي يجعلك لا تنامين , لا داعي لأن تتظاهري بغير ذلك- أنا أعرف الأعراض".
ونظرت هيلين الى يديها :
" هل طلب والدي منك أن تحدثيني في هذا الأمر يا أيزابيل؟".
" بالطبع لا .... هل تظنين أن والدك يتصور أنني أستطيع التأثير عليك في أي أتجاه؟".
" لا أظن ذلك".
" أذن لماذا لا تذهبين لرؤيته ! لا بد أنه رجل له قيمته , أنني لم أرك بهذا الشكل أبدا".
فتنهدت هيلين وقالت:
" أنك تجعلين الأمر يبدو سهلا".
" أليس هو كذلك ؟ ما المانع؟ هل هو متزوج؟".
"لا".
" أذن ما الذي يمنعك؟".
نظرت هيلين الى زوجة أبيها وقالت بهدوء وقد وصلت الى قرار:
" لا شيء .... لا شيء أبدا".
وأبتسمت أيزابيل:
" هل أفهم أنك ستختفين لبضعة أيام أخرى؟".
" أفهمي ما تريدين".
" في أي حال لا تشغلي بالك – سأخبر فيليب أنك ذهبت لقضاء بضعة أيام مع أحدى صديقاتك- ما رأيك في ذلك؟".
قالت هيلين بسخرية وهي تقف:
" أنه كالحلم".
وضحكت أيزابيل:
" يا عزيزتي – أريدك فقط أن تكوني سعيدة".
" هكذا! وبعيدا عنك أيضا".
" أنه أحتمال مغر".
هزت هيلين رأسها وخرجت من الغرفة , أيزابيل تقول رأيها بصراحة , في أي حال أذا كانت تستطيعأن تهدىء شكوك والدها فهذا شيء حسن.
كان الوقت يقترب من موعد الغداء عندما أستطاعت هيلين أن تخرج لتبدأ رحلتها الى هوكسمير في الشمال.
ووصلت هوكسمير حوالي الغروب , وبينما كانت تسير في القرية كانت تبحث بعينيها عن فندق صغير قد يستقبل نزلاء لقضاء الليل , هناك فندق واحد هو فندق البجعة وقد أخذت ملحوظة بذلك من باب الأحتياط وزمت شفتيها , هل يحتمل أن يمنعها دومينيك من دخول المنزل بعد أن سافرت كل هذه المسافة؟ هل يرفض مقابلتها؟
كان من السهل أن تجد المنزل القديم في ضوء النهار , لكن ضوء النهار لن يستمر طويلا .... زادت من سرعتها وأخيرا وصلت الى الباب الأمامي , لم يكن هناك أي علامة من علامات الحياة وهي تقترب من المنزل , لا دخان يتصاعد من المداخن ولا صوت للحيوانات من الخلف.
أوقفت السيارة وخرجت منها وهي ترتعش وتنظر الى النوافذ البيضاء.
كانت تريد أن تدير المقبض وتفتح الباب , لكن فكرة أن شيبا قد تكون وراءه منعتها , وبدلا من ذلك طرقت الباب ,ووقفت تنتظر بصبرأن يفتح بولت ,ولكن أحدا لم يرد , تردد صوت طرقها في المبنى الحالي فغشيتها موجة من خيبة الأمل غير المتوقعة- كان أفتراضها الأول صحيحا – أن المنزل مهجور – لقد رحلوا!


حاولت أن تفتح الباب يحدوها أمل ضئيل أن تكون مخطئة ولكنه كان مغلقا بأحكام , وولة سريعة في الفناء الخلفي أكدت لها أن الحيوانات غير موجودة أيضا ,ولكن الى أين؟ ولماذا؟ تنهدت بخيبة أمل , هل تصور أنها ستذهب وتخبر والدها عن مكانه؟
بشعور من الأكتئاب عادت الى السيارة ,ومرت بها سيارة واحدة في طريق عودتها , سيارة رمادية عادية لكن راكبها كان قصيرا وسمينا وأشقر ولا يشبع أبدا دومينيك لايول أو بولت.
رحب مدير فندق البجعة بها , وبعد أن دخلت غرفتها نزلت لتتناول عشاءها في غرفة الطعام , لم يكن هناك ألا نزيل واحد آخر , كان رجلا قصيرا أشقر له شارب , كانت شبه متأكدة أنه الرجل نفسه الذي رأته من قبل عندما تركت المنزل , لكنها كانت مشغولة بالتفكير في أشياء أخرى فلم تلق بالا الى ذلك الشخص- بعد أن أنتهت من طعامها حاولت التحدث مع المدير , قالت:
" أخبرني .... هل ذلك المنزل في أعلى الطريق.... القريب من هنا...".
" هل تقصدين منزل أشبورن يا آنسة؟".
" أذا كان هذا أسمه , مبنى قديم ولكنه لطيف".
" أنه هو يأ آنسة , هل أنت مهتمة به؟".
" أنا.... حسنا ...أظن ذلك".
هز المدير رأسه بأسف:
" وجدتيه خاليا ولكنه ليس للبيع".
" ليس للبيع؟".
" لا,الشخص الذي يملكه مسافر , هذا كل ما في الأمر , سمعت أنه ذهب الى المستشفى".
" المستشفى!".
وصاحت هيلين بدون تفكير ثم أجبرت نفسها أن تسترخي وتبتسم:
" أقصد- هذا مؤسف , هل هو أمر خطير؟".
" لا أستطيع أن أعرف بالضبط يا آنسة- لم نكن نراهما كثيرا".
" هما؟".
" نعم معه شخص آخر أسمه بولت كان يحضر الى القرية وأن كان هذا لا يهمك يا آنسة".
" أوه.... أنه يهمني – أستمر".
نظر اليها المدير نظرة غريبة:
" لعلك تعرفين ذا الشخص؟".
أخفت هيلين وجهها في فنجان القهوة وهزت رأسها بشدة بالنفي , وأستطرد المدير قائلا:
" في أي حال أتوقع أنهما سيعودان , ليس هناك أمل كبير في أن يبيعا المنزل".
" لا".
وكانت هيلين تسأل نفسها : كيف تصوغ سؤالها التالي:
"يبدو من المؤسف أن يبقى المنزل خاليا , ولكن لماذا لم يبق بولت؟ كنت أظن أنه يبقى في المنزل بينما مخدومع في المستشفى لو كانا سيعودان".
" آه , نعم, ولكن كما سمعت ذهبا الى لندن – من الجائز أن هذا الشخص كان يجب أن يدخل المستشفى هناك".
" لندن؟".
شعرت هيلين بالتخاذل ,جاءت كل هذه المسافة الى هنا ودومينيك يرقد في أحدى مستشفيا ت لندن , ولكن لماذا؟ ماذا حدث له؟ شعرت أنها تريد أن تأخذ سيارتها وتسرع عائدة الى لندن , ولكنها بالطبع لا تستطيع ذلك- تركها المدير وذهب ليحادث النزيل الآخر , فقامت وصعدت الى حجرتها , ستذهب لتنام مبكرة وفي الغد ستغادر الفندق بمجرد طلوع النهر .
ولأول مرة منذ عدة أسابيع نامت نوما هادئا , كانت متأكدة أن ذلك أذ كانت تشعر بأنها مرهقة .
ولكن في اليوم التالي , شعرت بأنتعاش وعادت الى المدينة بحماس أكبر.
كانت مستلقية بتعب في كرسيها بعد أن آلمتها عيناها من كثرة البحث في دليل التلفون عندما دخل والدها , فنظرت اليه نظرة أستطشافيى فوجدته في حال من الغضب الشديد.
" ماذا تفعلين بحق الجحيك؟".
سألها وهو يدفع أحد أدلة التلفون الضخمة التي تركتها على السجادة بقدمه ,وتنهدت هيلين وقالت بهدوء:
" أجري مكالمات تلفونية".
" أرى ذلك- من تطلبين؟".
" هل هذا مهم؟ ألا أستطيع أن أجري مكالمة تلفونية قبل أن أسألك؟".
" لا تكوني وقحة؟".
ودفع والدها يديه في جيبي بنطلونه :
" لماذا ذهبت الى هوكسمير أمس؟".
وفتحت هيلين فمها في دهشة:
" كيف علمت؟ أوه- لا يمكن أن تطلب من أحد أن يتبعني؟".
"لم لا؟ هناك مخبر يتبعك منذ ثلاثة أسابيع".
كان هذا رد والدها بأقتضاب .
وأرتعشت شفتا هيلين:
" أفهم ".


وقف والدها أمامها ونظر أليها بصبر نافذ:
"هل ستخبرينني لماذا ذهبت الى هوكسمير ؟ أم أخبرك أنا؟".
" أنت تعلم؟".
" أظن ذلك".
كان والدها يتنفس بصعوبة:
" أظن أنك ذهبت لمقابلة رجل كنت تظنين أنه يقيم في منزل أشبورن , دومينيك لايول ".
كانت هيلين ترتجف:
" أوه يا والدي! لماذا لا تترك الأمور تسير كما هي؟".
" يا هيلين أنت أبنتي الوحيدة , هل تظنين أنني سأجلس هادئا وأتركك تحطمين حياتك- حياتك التي خططتها لك؟".
" أنا أبلغ الثانية والعشرين يا والدي".
" وما أهمية ذلك- أنك ما زلت أبنتي ومن حقي أن أعرف ماذا تفعليم".
" يا والدي , أنك لا تفهم".
" أفهم جيدا الآن- ماذا كنت تأملين أن تحققي بذهابك للايول – هل هو الرجل الذي قضيت معه ذلك الأسبوع؟".
" هل هناك فائدة من الأنكار؟".
" لا أظن – أن باركلاي كفء جدا".
" لا بد أنه ذلك الشخص المجهول الذي كان في المطعم الليلة الماضية".
" نعم , أظن أنك تستطيعين أن تصفيه بذلك الوصف , كل النخبرين الخصوصيين يجب أن يكونوا كذلك! أقصد مجهولين .... لأن مهنتهم تتطلب ذلك , فمن غير المفيد لهم أن يلاحظهم الناس".
" نعم , أظن ذلك".
" أذن لم تجديه؟".
" لا".
" هذا ليس غريبا , بما أنه موجود هنا في لندن".
طرفت عينا هيلين فقد خطر لها خاطر:
" هل تعرف أين هو في لندن؟".
" ربما أعرف".
وأعتدلت هيلين في جلستها.
" أوه يا والدي أرجوك – أين هو؟".
قطب والدها :
" لماذا أخبرك؟".
" أرجوك".
" حسنا , سأخبرك- أنه في عيادة خاصة".
" كيف عرفت ذلك؟".
" باركلاي أكفأ منك قليلا يا عزيزتي , سأل في مكتب البريد عن العنوان الذي ترسل اليه مكاتباته".
وأطبقت هيلين قبضتيها:
" يا ألهي ! لماذا لم أفكر في هذا؟".
" أشك في أنهم كانوا سيخبروك , من المذهل أن بطاقة المخبر الخاص تبدو رسمية لهذه الدرجة".
وهزت هيلين رأسها :
" أريد أن أراه".
" لا أظن أن هذه فكرة حسنة".
" لا تظن؟".
وقامت هيلين:
" يا أبي- أذا لم تخبرني أين هو سأخرج من هذا المنزل ولن تراني ثانية!".
" هيلين! هيلين! بحق السماء ى تتصرفي كطفلة غبية ! ماذا يعني هذا الرجل لايول بالنسبة اليك؟ وماذا تعنين بالنسبة اليه؟ كيف تعرفت عليه؟ ".
" أذا أخبرتك هل ستخبرني أين هو؟".
أخذ والدها نفسا ثم أجاب:
" حسنا- بشرط أن تخبريني بالحقيقة كلها".


ترددت هيلين ثم غاصت في كرسيها وأخذت تحكي ببطء الأحداث التي أدت للقائها بدومينيك – أخبرته عن العاصفة الثلجية وتوقف سيارتها ثم الظروف المروعة التي أدت لذهابها معه الى منزله- ثم كيف كان وجهه مألوفا لديها وكيف تعرفت عليه.
في هذه النقطة قاطعها والدها قائلا:
" هل تقصدين أن هذا الرجل هو دومينيك لايول بطل السباق؟".
وكان يبدو مذهولا.
تلعثمت هيلين :
" ظننت أنك علمت".
" هيلين – هيلين ! أنه ليس أسما غريبا , لم أحلم أبدا ....".
وهز رأسه :
" آسف – أستمري ".
أستمرت هيلين بحماس أكبر الآن بعدما شعرت أن عداء والدها قد خف لحد ما , بالطبع كان معجبا بدومينيك لايول ... هل من الممكن أنه ما زال معجبا به؟".
لم تذكر التفاصيل في علاقتهما , وأن كانت قد لمحت الى ما حدث , وعندما أنهت قصتها فقط تنفس والدها محدثا صفيرا".
" يا ألهي ,أي موقف!".
" والآن هل تفهم لماذا لم أستطع أن أخبرك؟".
" كان يمكن أن تثقي بي".
" هل كنت أستطيع حقا؟".
ونظرت اليه هيلين بشك فبدا عليه الخجل .
" لعل لديك بعض الحق ألا تثقي بي – ولكن يا هيلين دومينيك لايول لا بد أنه يبلغ الأربعين عاما تقريبا".
وافقت بهز رأسها:
" أظن أنه يبلغ الثمانية والثلاثين ولكن ما أهمية ذلك؟".
هز والدها رأسه مرة ثانية:
" أنه كبير بالنسبة اليك, الى جانب أنك تقولين أنه كسيح".
" أوه يا والدي أرجوك لا تستعمل هذه الكلمة- أن به عرجا فقط هل تظن أن هذا يهمني- حتى لو كان سيمضي حياته على كرسي فأنني سأستمر أحبه!".
ذهب فيليب ليسكب لنفسه كأسا- وعندما رفع الكأس في سؤال صامت هزت رأسها بالنفي.
" لا أشكرك , لا أريد ,والآن هل ستخبرني أين هو؟".
" حالا... حالا".
أبتلع والدها نصف كأسه ثم قال:
" هل تعلمين لماذا هو في المستشفى؟".
" لا – هل تعلم أنت؟".
" لا , أن تحرياتنا لم تصل الى هذه الدرجة , وقد طلبت من باركلاي أن يتوقف حاليا".
" الحمد لله".
" ماذا تعنين ؟".
" أوه – يا والدي- ماذا سيكون شعوره أذا أكتشف أنك كنت تتجسس عليه؟ سيظن أنني أخبرتك".
" لقد أخبرتني!".
" أنك تعلم ما أعني".
تحركت هيلين بصبر نافذ:
" يا والدي أخبرني أين هو ".
" حسنا".


سحب والدها بطاقة من جيبه الداخلي:
" هذه هي العيادة- مديرها هو الدكتور جورج جوهانسن لا أعرف شيئا عنه سوى أنه مشهور بأنه أخصائي جراحة عظام".
فأمتقع لون هيلين:
"أخصائي جراحة عظام ! هل تظن أنه دخل العيادة لأجراء عملية جراحية في فخذه؟".
" كيف أعلم؟ أذا كنت مصممة على رؤيته أقترح أن تذهبي وتري بنفسك".
فوافقت هيلين وقد أصابها الدوار:
" نعم- نعم سأفعل ذلك".
وأتجهت نحو الباب :
" أشكرم يا والدي".
وأحنى فيليب كتفيه بضيق :
" لا تشكريني – أنا لا أعد بشيء – ولكن أذا كانت رؤية ذلك الرجل ستعيدك الى الحياة فأنا مستعد لذلك".
ترددت هيلين لحظة وهي تريد أن تضيف شيئا ولكنها هزت رأسها وأنصرفت.
وكانت عيادة جوهانسن في شارع هارلي , كانت فيما مضى منزلا فخما أما الآن فأن طوابقه الثلاثة تحولت الى مستشفى خاص , مجهز تجهيزا فاخرا , صرفت هيلين سيارة الأجرة , وصعدت السلم الى الباب , ضغطت على جرس صغير , وقفت تنظر حولها بفضول محاولة ألا تفكر في الأسباب التي دفعتها الى الحضور , وكانت الزهور تعطي جمالا وتخفف الجو الرسمي في غرفة الأستقبال , وبدد عبيرها رائحة العيادة الطبية , وكانت الصالة التي يؤدي اليها السلم مغطاة بسجادة خضراء فاتحة , وحاولت هيلين أن تدعي أنها لا تختلف عن الفندق.
" هيلين".
قطع عليها تفكيرها هذا النداء المصدوم فأستدارت لتجد بولت نزل السلالم القليلة التي تفصله عنها.
وقالت بصوت مهتز:
" أوه بولت! بولت هل دومينيك هنا؟".
كان بولت يبدو في شكل رسمي غير مألوف وهو يلبس حلة رمادية , ولكنه عندما رأى القلق على وجهها قال بهدوء:
" نعم أنه هنا".
وذهبت هيلين اليه وهي تنظر بأستعطاف:
" كيف حاله ولماذا هو هنا؟ هل أصابه التعب بعد أن حملني؟".
نظر بولت حوله :
" هل قابلت أي شخص في العيادة؟".
" لا لم يكن هناك أحد- ضغطت على الجرس ولكن لم يأت أحدا".
ونظر بولت الى ساعته:
" أنه موعد تناول الشاي – الشاي يقدم للمرضى الساعة الخامسة , أظن أن الجميع مشغولون".
أشار الى غرفة كتب عليها الزائرون :
" لندخل هنا- ليس من المحتمل أن يكون أحدا منتظرا في هذا الوقت".
لم يكن هناك أحد فعلا في غرفة الأستقبال وأغلق بولت الباب وعندما رفضت هيلين أن تجلس كما أقترح سألها:
" ماذا تفعلين هنا؟".
تنهدت هيلين:
" أريد أن أرى دومينيك".
" كيف علمت أنه هنا؟".
" أنها قصة طويلة- بولت أرجوك- ألن تتكلم في الموضوع , لماذا أتى دومينيك الى هنا؟".
دفع بولت يديه في جيبي بنطلونه وقال بحزن:
" قرر أن يجري العملية التي أرادوا أجراءها له بعد الحادث".
" هل تقصد... هل تقصد أنه وافق على أن توضع قطعة من العظم الصناعي في فخذه؟".
وكانت هيلين مذهولة :
" شيء من هذا القبيل".
" أوه يا بولت".
وضغطت يداها على خديها :
" ومتى ستجري العملية؟".
" أجريت من أسبوعين".
ولم تستطع هيلين أن تصديق :
" من أسبوعين ؟ ولكن هذا ... كان هذا....".
" بعد ذهابك مباشرة , نعم".
ونظرت اليه هيلين بأستغراب:
" لماذا قرر فجأة أن يجري العملية؟".
نظر بولت الى طرف حذائها :
" لا أعلم حقيقة".
وأمسكت هيلين بذراعه :
" أنا لا أصدقك! لا بد أن دومينيك ناقشك في الأمر!".
وقال بولت بهدوء :
" وهل هذا يخصك؟".
لمعت عينا هيلين :
" أظن ذلك- أنني أحبه".
هز بولت رأسه:
" هل حقا تحبينه؟".
" نعم ,نعم – حسنا أذا كنت لا تريد أن تخبرني لماذا أجرى العملية , هلى الأقل أخبرني أذا كانت قد نجحت".
وتردد بولت :
" أذا أخبرتك يجب أن تعديني بألا تخبريه بما أقوله لك".
" بالطبع".



فقطبت هيلين جبينها بقلق – شعرت من نغمة صوته أن الجواب سلبي .
وأعترف رغما عنه.
" أذن فالجواب لا – لم ينجحوا".
وتدلت كتفا هيلين :
" هل تعرف السبب؟".
" لا أعرف الكلام الطبي , ولكن أساسا يبدو أنه أذا تركت العظمة تلتئم بدون أصلاح فأنها تصبح مصدرا دائما لتشويه المفاصل الأخرى , وفي هذه الحالة أدى أنقضلء الوقت بين الحادث وبين محاولة العلاج الى أن يصبح الموقف أكثر صعوبة".
" أوه يا بولت".
وشعرت هيلين يشعور غامر بالعطف على الرجل الذي أحبته.
" أوه أين هو ؟ يجب أن أراه!".
فتنهد بولت:
" لا أعرف أذا كان سيوافق أن يراك يا هيلين".
" لم لا؟".
" أظن أنك تعلمين لم لا".
وسارت هيلين الى الباب وقالت بوضوح:
" سأذهب لأراه ولن يمنعني أحد".
عندما خرجت الى القاعة مرة أخرة وبولت وراءها , كانت المضيفة أمام مكتبها , ونظرت الى هيلين بأستغراب وأخذ بولت يشرح.
" هذه صديقة للسد لايول ,هل يمكن أن تراه الآن؟".
وشعرت هيلين بأمتنان شديد لبولت لتدخله , كان تعريفه لها يجعل وجودها أسهل , فأبتسمت المضيفة ووافقت قائلة أنه لا مانع من ذلك , وفتحت الممرضة الشابة الباب وقالت بمرح:
" أن لك زائرة يا سيد لايول- تفضلي يا آنسة جيمس".
ودخلت هيلين بشيء من الخوف وهي تتوقع أن يأمرها دومينيك بالخروج , لكن رغم أنه لم يبتسم لم يقل شيئا يجرحها قبل خروج الممرضة من الغرفة , كان يجلس في السرير الضيق ويلبس بيجاما من الحرير الأحمر الغامق ,لم تستطع هيلين أن ترفع بصرها عنه , كانت تشعر أنها لم تره من مدة طويلة , وأنها مشتاقة لرؤيته رغم أن المدة لم تزد عن ثلاثة أسابيع , لم تلاحظ الغرفة الجميلة ذات السجادة الزرقاء والستائر وغطاء السرير ذا اللون الأزرق أيضا , والتي تختلف عن أي غرفة في مستشفى عادي وبعد خروج الممرضة فزعت هيليت فجأة عندما سمعت صوته وقد أمتلأ بالغضب والخشونة .
" كيف بحق الجحيم وجدتني هنا؟".
تنفست بأضطراب ثم تمتمت:
" هالو دومينيك ! كيف حالك؟".
كان وجهه يعكس الضيق الشديد الذي يشعر به فغاص قلبها في صدرها .
" هل أرسل بولت وراءك؟".
" لا , بالطبع".
أقتربت من السرير – كانت مشتاقة لتلمس يده السمراء- ونظرت اليه وهي تتذكره عندما حملها بين يديه وكانت تشعر بقربه , وتمنت لو أحتضنها مرة أخرى- ثم قالت:
" دومينيك- ذهبت الى هوكسمير .... و... علمت أنك جئت الى لندن".
" لماذا ذهبت الى هوكسمير ؟".
للحظة تغلب فضوله على غضبه , فأجابت بأشتياق:
" أردت أن أراك مرة ثانية".
وألتوت شفتاه :
" حقا؟ لماذا؟".
" دومينيك , أنك تعلم لماذا".
لم تستطع أن تكمل كلامها .... مدت يدها لتمسك بيده , ولكنه سحبها بعيدا .
وقال ببرود:
"أظن أنك ترتكبين خطأ- أوضحت لك الموقف بما فيه الكفاية من عدة أسابيع ماضية- لا يوجد بينك وبيني أي شيء".
حبست هيلين أنفاسها :
" أنا لا أصدق ذلك".
" لا يهمني أذا كنت تصدقيه أم لا".
وقطب حاجبيه :
" كيف وجدت هذا المستشفى؟ أنا لم أخبر أحدا ألا بولت".
" ليس بولت".
وتكلمت هيلين بصعوبة:
" أذا كان لا بد أن تعرف فقد أستأجر والدي من يتبعني ".
"ماذا تقصدين؟".
وبدأت تبكي:
" أستأجر والدي مخبرا خاصا ليتبعني –أخبرتك عن شخصية والدي , حاول أن يجبرني عندما عدت أن أخبره أين كنت".
" لماذا لم تخبريه بكل بساطة أنك كنت تقيمين بفندق؟".
"فعلت ولكنه قد أتصل بالفندق الذي ذكرته وعلم أنني غير موجودة فيه وبعد ذلك...".
وصدرت عنها حركة تعبر عن الأستسلام.


وأطبقت يدا دومينيك :"
" وأظن أن ذلك المخبر وجد العيادة؟".
" نعم".
تنهدت هيلين وقالت:
" لكن والدي لم يعرف من أنت ألا ... ألا عندما أخبرته".
ضاقت عينا دومينيك:
"أنت أخبررته؟".
" نعم أضطررت الى ذلك , رفض أن يخبرني أين أنت , ألا أذا , ألا أذا.....".
وحملق دومينيك في أتجاه النافذة.
" هل أنت متأكدة أن هذه هي الحقيقة كاملة؟".
" ماذا تعني؟".
" حسنا- هل أنت متأكدة أن المخبر لم يذهب الى هوكسمير وأكتشف أنني في المستشفى؟ ثم أستنتج الباقي؟".
بدا على هيلين عدم الفهم :
" أنا لا أفهم".
ونظر اليها مرة أخرى :
" أظن أنك تفهمين , ألم تسنتجي أنني في المستشفى لأصلح فخذي".
" أنا.... حنا , نعم".
" ظننت ذلك – ول فكرت أنني فعلت ذلك من أجلك؟".
" لا... أنا".
لكنها كانت قد فكرت في ذلك, خطرت لها هذه الفكرة بشكل غير محدد بعدما تكلمت مع بولت وكان يبدو ذلك على وجهها.
ثم سألها:
" مع من تحدثي منذ مجيئك الى هنا؟".
" لماذا ..... لا أحد".
" حسنا .... أنا لا أريدك أن تناقشي أموري مع أي شخص – هل تفهمين؟ أموري لا تخصك , أنا آسف لأنني أخيب أملك ولكن عندما أخرج من هنا ليس لدي النية في أن أستعمل حريتي المستعادة في البحث عنك".
" حريتك المستعادة؟".
" بالطبع- أنط لا تعرفين , أليس كذلك؟ لقد نجحت العملية نجاحا كاملا , وسأصبح شخصا جديدا تماما بعد بضعة أشهر ,ولكنك لن تكوني موجودة للمشاركة في الأحتفالات , وسأرسل اليك بطاقة من فلوريدا أو جامايكا أو أي مكان آخر !".
تجمدت هيلين في الحال , ما الذي يقوله؟ العملية نجحت في تصحيح فخذه؟ ولن يعرج عندما يخرج من المستشفى؟ ولكن بولت قال أنها فشلت وأن التشويه لا يمكن علاجه!
وشعرت بالدوار , لا بد أن أحدا منهما يكذب – ولكن أيهما؟ وفي أي حال هل يهم ذلك؟ دومينيك لا يريدها , أوضح ذلك تماما , يجب أن تخرج من هنا وكلما أسرعت كان ذلك أفضل.
ونظرت الى الباب , كان يبدو بعيدا ولكنها تستطيع أن تتمالك نفسها حتى تخرج يجب ألا تنهار أمامه.
وتحركت بعدم ثبات وعندما وصلت الى الباب ووضعت يدها على المقبض قال:
" لا تقلقي لمعرفة والدك بوجودي , أنا متأكد أنك عندما تخبريه بما حدث سوف يسعده الأحتفاظ بهذه المعلومات لنفسه".
ونظرت اليه هيلين نظرة أخيرة , أنها لن تفكر فيه بعد اليوم.

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:44 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



10- هالو هيلين!

شعرت بالأرتياح لأنها لم تقابل بولت وهي خارجة من المبنى .
أشارت لسيارة أجرة وهي في حالة أقرب الى الدوار , وأعطت السائق عنوان منزل والدها , ولكن في منتصف الطريق غيرت رأيها وطلبت منه أن يأخذها الى شاطىء النهر- ولاحظت أن السائق ينظر اليها بطريقة غريبة عندما دفعت له أجرته وفكرت بطريقة هستيرية أنه يعتقدها ستنتحر.
راودتها هذه الفكرة وهي تنظر الى المياه المظلمة أسفل الجسر , كانت تعلم أن والدها ينتظرها في المنزل الأمر الذي ملأها بالأكتئاب , لم تكن تريد الكلام عن المشهد الذي حدث بينها وبين دومينيك ولكن لم يكن أمامها مخرج.
منتديات ليلاس
أخذت تتجول بلا هدف بينما حركة المرور على أشدها , ثم دخلت مقهى وطلبت بعض الشاي , الساعة حوال السابعة مساء عادت الى المنزل, وعندما توقف التاكسي أمام الباب قفز والدها هابطا السلم وذهب ليساعدها , تمتم قائلا وهو يمسك ذراعها:
" أوه حمدا لله ! هل تريدين أن أصاب بأزمة قلبية؟".
وأرتعش فمها , كانت تشعر دائما أو والدها قوي لا يقهر.
وبدأت تقول :
" آسفة أذا كنت سببت لك القلق".
ولكنه قتطعها بحدة:
" قلقت عليك؟ هيلين- هل تلاحظين أنك تركت العيادة منذ أكثر من ساعة ونصف!".
وقالت بتعب:
" أظن أنك أتصلت تلفونيا ".
" طبعا أتصلت تلفونيا – أين كنت؟".
" ذهبت أتريض سيرا على الأقدام – على شاطىء النهر".
" شاطىء النهر ؟".
وأصفر لونه قليلا:
" يا ألهي- هيلين , هل كنت تفكرين........".
وأعترفت بهدوء:
" نعم – فكرت –أوه يا أبي- أنني تعيسة جدا!".
وأنفجرت باكية.
بعد حوال ثلاث ساعات دق جرس الباب في منزل جيمس في ميدان بارباري , كانت هيلين في فراشها كنها لم تكن نائمة رغم أن والدها أعطاها بعض الأقراص المنومة قبل أن يخرج مع أيزابيل الى العشاء.
منذ عودتها الى المنزل هذا المساء أخذت تراجع رأيها في والدها- كان طيبا ورقيقا ومتفهما – وأدركت أنه في الحقيقة مهتم بسعادتها كأي أب آخر.
وعندما دق الجرس مرة أخرى جلست في فراشها ونظرت الى ساعتها , كانت الساعة حوال العاشرة والنصف , من الذي يحتمل أن يأتي في مثل هذه الساعة من الليل؟ ألا أذا وقع حادث لوالدها وزوجته , خرجت من فراشها وأرتدت ثوبا من الشيفون الأخضر الشفاف فوق قميص نومهل , لم تكن بيسي موجودة.
وركضت هابطة السلم وأجتازت القاعة ثم فتحت الباب نصف فتحة وفغرت فاها دهشة , كان دومينيك يقف على عتبة الباب ويستند بثقل على عصا.
وقال:
" هالو هيلين- هل أستطيع الدخول؟ أريد أن أتحدث معك".
خطوط الأجهاد التي رأتها من قبل حول فمه تبدو أكثر عمقا.
فتحت الباب ثم وقفت وراءه تخفي نفسها وهو يعرج الى الداخل , تنبهت في هذه اللحظة فقط أن ملابسها خفيفة أكثر من اللازم , فقالت بسرعة:
"سأذهب لأرتدي بعض الملابس".
"لا".
مد يده وأمسك بيدها وهي تمر بجانبه ثم نظر اليها نظرة فاحصة قائلا:
" لا , لا تذهبي- أنك تعجبينني كما أنت".
وأحمر خداها :
" دومينيك".
" هل هناك مكان يمكن أن نتكلم فيه؟".
أجفل عندما أعترته نوبة من الألم وقال:
" هل أستطيع – أن أجلس؟".
" بالطبع ... بالطبع , هل تريد أن تستند علي؟".
أتسعت عيناها – كانت قلقة عليه , ولكنه هز رأسه قائلا :
" لا أظم أن هذا ضروري".
ولكنها لاحظت أنه يستند بثقل أكبر على عصاه وهي تقوده الى غرفة الجلوس .
وأضاءت النور ثم وقفت بتردد الى جانب الباب بينما سار هو نحو الأريكة الواسعة وجلس عليها بأرتياح ظاهر , ثم أستدار لينظر اليها ,ومرة أخرى شعرت بالحرج , وقالت بأصرار:
" لا بد أن أذهب لأرتدي ملابس أخرى".
هز كتفيه العريضتين :
" حسنا , أذا كنت تريدين أن تكوني محتشمة ,ولكن لدي فكرة جيدة عن جسم المرأة ".
فحملقت فيه هيلين وقد نسيت موضوع مظهرها ثم سألت بأضطراب:
" لماذا.... لماذا أتيت الى هنا؟".
أسترخى على الوسائد , وقد بدا على وجهه النحيف شيء من السخرية بعد أن أستراح من عناء المشي , وفكرت بيأس أنها لن تتعب أبدا من النظر اليه , الى ملامحه السمراء وشعره الفضي الكثيف الذي يسقط بأستمرار على جبهته وفمه الذي تبدو فيه الرغبة.
" تعالي وسأخبرك".
ولم يكن في صوته أي سخرية الآن".


فتقدمت هيلين قليلا ثم توقفت – وقالت مرة أخرى:
" دومينيك...".
لكنه مال الى الأمام وسحبها من يدها وجذبها اليه وعانقها , لم يتركها ألا بعد مدة طويلة , شد نفسه واقفا ونظر اليها قائلا:
" ليس هنا يا هيلين- هل تريدين أن يعود والدك الى المنزل فيجدنا نتبادل الغرام؟".
وتحركت هيلين كأنها في غيبوبة :
" لا يهمني.....".
ورفعت يدها لتلمس خده :
" أوه يا دومينيم أنني أحبك".
أمسك دومينيك يدها وأخذ يقبل راحتها قائلا:
" هيلين , هل أنت متأكدة أنك تعلمين ما تفعلين؟".
هزت رأسها بالأيجاب , ثم قامت مستندة على منكبيها وعيناها تطرفان- أن شيئا مما قاله قد لفت نظرها – فقالت:
" دومينيك-هل طلب منك والدي أن تأتي الى هنا؟".
فترك دومينيك يدها وأعتدل في جلسته :
" لا بالعكس- لا أظن أنه يرحب بي كزوج لأبنته".
" ماذا قلت الآن".
قال بسخرية:
" أنا متأكد أنك سمعتني جيدا – أوه يا هيلين , أنني أحبك- أنا متأكد , لا بد أنك أدركت ذلك الآن!".
" أنك تحبني؟".
أرتعشت شفتاها وأرتعش كل جسمها بعاطفة أقوى منها.
" أوه يا دومينيك دومينيك لماذا لم تخبرني".
وألقت نفسها بين ذراعيه ودفنت وجهها في عنقه وقد سالت دموع السعادة والأرتياح على وجهها.
" ما هذا؟".
وقال وهو يبعدها عنه:
" لدينا الكثير لنتكلم عنه وأذا بقيت هكذا لن نستطيع الكلام".
فقالت وهي تسمح دموعها وتجلس:
" حسنا- قابلت والدي- أليس كذلك؟".
" نعم رأيت والدك وكان مهتما جدا بتأثيري السيء عليك , وأنا أقدر شعوره ,فأنه كان يأمل أن تجدي شخصا يناسبك أكثر مني كزوج".
ووضعت يدها على فمها :
" لا تكمل- أنا لا يهمني ما يأمل- أنني أحبك أنتو.... ولقد أخبرني بولت عن العملية".
قال بخشونة :
" نعم , أعلم ذلك الآن".
نظرت اليه :
" كيف؟".
" كيف تتصورين ؟ أعترف بولت".
" أرجو ألا تكون قد غضبت منه؟".
" ماذا تظنين؟".
وفجأة جذبها دومينيك اليه:
" يا ألهي حاولت يا هيلين أن أنكر نفسي حقا , حاولت , لقد أخذت أكرر لنفسي أنني يجب ألا أربطك بشخص كسيح بقية حياتك ....ولكن هذا المساء".
هز رأسه ودفن وجهه في عنقها وشعرت بجسمه يقشعر:
" عندما أخبرني بولت أنك كنت تعلمين قبل أن تحضري لرؤيتي....".
وأمسك بوجهها بين يديه:
" لقد ظننت حقا أنك لم تحضري ألا عندما علمت أنني سأصبح طبيعيا".


ولفت هيلين ذراعها حول عنقه :
" أنك طبيعي ! أوه يا دومينيك .... حبي لك لا يتوقف على كومك تسير بعرج أو بدون عرج .... أنا لا يهمني هذا ... أنا أحبك....".
وأرتعشت شفتاها:
" رغم أنني لا أعلم لماذا , بعد الطريقة التي عاملتني بها".
" هل كنت بهذا السوء كل الوقت.؟"
وافقت وقد أحمر خداها , وأعترف لها قائلا:
" كدت أفقد سيطرتي على نفسي ذلك اليوم في غرفة السونا ! ما كان يجب أن أتركك تفعلين ما فعلت".
وضحك من خجلها :
" عدينب أنك ستفعلين ذلك مرة أخرى عندما نتزوج".
" كل يوم أذا شئت".
ولكنه هز رأسه :
" لا أظن أن بولت يجب أن يبقى في عمله حاليا , أذا كان هذا لا يضايقك".
" بالطبع لا".
ثم أخذت نفسا عميقا – كان كل شيء جميلا لدرجة لم تستطع تصديقها .
" هل يمكن أن نعيش هناك حيث تعيش؟".
" أنه بعيد جدا عن لندن".
" وماذا في ذلك؟".
" حسنا , ألا تريدين أن تكوني أقرب للمدينة؟ أقصد.....".
"هل تريد أن تعيش هنا في لندن؟".
" هيلين- قررت أذا كان هذا ما ترغبين...".
" لكن ماذا عنك أنت؟ أنت لا تريد حقا أن تعيش هنا ,أليس كذلك؟".
" أنا لا أريد أن أبعدك عن أصدقائك وأسرتك".
فقالت ببساطة:
"أنا أحب العيش في منزل آشبورن – ليس لدي ما أتمناه أكثر من ذلك".
وسكت دومينيك للحظات ثم أبعدها عنه بأصرار قائلا:
" قد يكون من الأفضل يا هيلين أن ترتدي ملابسك لأنني أنوي الأنتظار حتى أكلم والدك ولا أريده أن يصدم, من يدري , قد لا يرفض".
وبعد ستة أشهر من ذلك كانت هيلين تهبط السلالم في ذلك المنزل قرب هوكسمير وكانت اللشمس تضيء تلك الأمسية ,كانت تعلم أنها تبدو جميلة وخاصة في ثوبها الطويل العنبري اللون الذي يخفي حملها عن أقرب العيون , ونظرت أعلى السلم لكن والدها وزوجته لم يظهرا بعد ,كان دومينيك يقف قرب المكتب يعد بعض المشروبات عندما دخلت , وكان يبدو نحيفا وجذابا وهو يرتدي سترة غامقة اللون , كان قد شفي تماما من العملية وأصبح الآن لا يحتاج للعصا التي كان يستعملها في البداية , نظر اليها نظرة نافذة وترك ما كان يفعله وذهب اليها وأحتضنها بين ذراعيه ,وقال:
" أنك تبدين جميلة جدا هذا المساء , هل ستخبرينهم؟".
وسحبت هيلين نفسها وهي تبتسم:
" أنهم سيصبحون أجدادا بعد خمسة شهور! هل تظن أنني يجب أن أفعل؟".
فقال وهو يبدو مسرورا:
" قد لا تحتاجين الى ذلك , أنا متأكد أن أيزابيل خمنت , ألم تلاحظي الطريقة التي كانت تنظر بها اليك بعد وصولهم مباشرة ؟ أن البنطلونات والملابس الواسعة ما زالت تبدو عادية عليك ولكن هناك شيئا ما في مظهرك , لا أعرف ما هو...".
ربتت هيلين على خديه:
" هل يضايقك هذا؟".
أحتضنها بشدة أكثر ودفن رأسه في عنقها وهو يقول:
" حقيقة كنت أفضل أن أحتفظ بك لنفسي مدة أطول .... ولكن طالما أنني المسؤول....".
وأمسك بها بتملك." أنا لا أستطيع أن أقاومك..... لم تفلح أية أحتياطات".
ولفت هيلين ذراعيها حول عنقه وقد أصبحت لا تحرج مما يقوله.
" أظن أن بولت سيكون مربيا ممتازا".
" ربما".
ورفع دومينيك رأسه بضيق:
" يا للعنة- أظن أن أحدهم قادم- لماذا عدنا الى المنزل- أنا لا أحب أن يشاركني أحد فيك".
وتنهدت هيلين برضى:
" يا عزيزي- قضينا أربعة أشهر بعيدين ومن الطبيعي أن والدي يريد أن يطمئن الى أنني سعيدة".
" وماذا ستقولين له؟ أنني أضربك؟ أنني أجعلك تعيسة؟".
وقالت وهي تفرد ذراعيها:
" وهل تظن أنه سيصدقني في هذه الحال؟".
أستقرت نظرة دومينيك على بطنها:
" لا أظن".
ثم قال بسخرية:
" من حسن الحظ أن شيبا ليست هنا الآن , وألا لأثارت بعض الشكوك".
وضحكت هيلين0 ثم سمعا طرقة على الباب فأستدارت ونادت:
" أدخل يا بولت".
دخل الخادم الضخم الغرفة على أستحياء , ولكن الأبتسامة العريضة التي نظر بها الى هيلين كانت أبلغ تعبير عن موافقته.
وسأل بأدب:
" في أي وقت أقدم العشاء يا سيدي؟".
ونظر دومينيك الى ساعته:
" أظن بعد حوالي نصف ساعة يا بولت- أشكرم , أوه على فكرة يا بولت هل أنت ماهر في غسيل ثياب الأطفال؟".
أرتفع حاجبا بولت الكثيفان في دهشة:
"" أنا.... أنا.... أنت لا تقصد".
وقالت هيلين وهي تتجه نحوه باسمة:
" نعم , ونريدك أن تكون أول من يعرف".
وبدا عليه السرور الشديد – وصاح:
" أنا سعيد جدا".
ثم ذهب فشد على يد دومينيك فناوله كأسا قائلا :
" خذ هذا الكأس , أنا لا أصبح أبا كل يوم!".
رفع بولت الكأس وقال بحرارة:
" الى الجيل الجديد من أبناء لايول".
وشرب دومينيك معه هذا النخب.




تمت


 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:44 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

اتمنى انها تعجبكم

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 09:42 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

يعطيك ألف الف عافيه

شكلها حلوووه

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
anne mather, آن ميثر, leopard in the snow, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, صحراء الثلج, عبير
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t140113.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Ask.com This thread Refback 24-09-15 11:59 PM


الساعة الآن 08:58 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية