لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-09-09, 11:13 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

عودة الماضي!
نهار الثلاثاء وبسبب أجتماع هام, تأخرت جاسيكا في المكتب , لذلك عادت الى شقتها مسرعة ليتسنى لها أن تستحم وترتاح قبل وصول برودي , ولكنها أستغربت حين وصلت أن تجد الباب مفتوحا , فقد كانت متأكدة من أنها أقفلته جيدا في الصباح , دخلت بحذر.
أمر غريب! رائحة( الروستو) تملأ البيت , تساءلت : ترى هل هو برودي , وصل باكرا فأقنع البواب أن يعيره المفتاح الذي بحوزته؟
تقدّمت ببطء , وأذا بسيدة شقراء تستوقفها عند زاوية المطبخ فبادرتها:
" جاسيكا , وصلت في الوقت المناسب!".
صرخت مذهولة :
" جوردانا , ماذا تفعلين هنا؟".
" مفاجأة! توم أخذ فرصته , عهدنا بالأولا الى أمي وأبي , وها نحن في رحلة لمدة أسبوعين".
قبل أن تصحو جاسيكا من صدمتها , عانقتها جوردانا بحرارة , لكن جاسيكا سألتها من دون أنتباه:
" كم ستمكثان هنا؟".
" نحن في طريقنا الى مامفيس لنزور جوستان ثم ننتقل الى نيو أورليان , لنقضي بعض الوقت مع أهل توم , قررنا أن نمضي ليلتنا عندك لقد طال البعاد , لم نشاهدك منذ عطلة الميلاد".
وأقتربت جوردانا لتتفحص معالم شقيقتها جيدا:
" كم تغيّرت يا جاسيكا!".
أمعنت النظر في وجهها لتستدل الى التغيرات التي طرأت على مظهرها , ثم هتفت وكأنها كشفت سرها الخفي:
" لا بد أن في حياتك رجلا".
بلعت جاسيكا ريقها ولم تشأ أن تخفي الحقيقة :
" أجل هناك رجل".
" ستخبريني بكل شيء , تعالي معيالى المطبخ , أنني أحضر العشاء , روستو مع البطاطا والجزر ".
أرادت جاسيكا أن تتخلص من هذه المواجهة الصعبة فقالت:
" أريد أن أستحم وأرتاح بعد عناء يوم طويل".
" توم في الحمام ,عليك أن تنتظري , بالمناسبة القهوة جاهزة , بأستطاعتك أن تصبي لك فنجانا , أنا أهتم بترتيب الطاولة".
الله! كم تغيّرت جوردانا! بدت أكثر جمالا من الماضي , لقد أضفت الأمومة الى محياها مسحة من النضوج وهالة من الفرح.وشعرها الملون بالصباغ الفضي صفّفته بشكل تبرز معه أستدارة وجهها ونضارة عينيها الخضراوان.


ولكن ! كيف يتاح لجاسيكا أن تخرج من هذا المأزق الحرج؟ ما بها صامتة فلا تجد كلمة واحدة تقولها؟ وسألت جوردانا:
" كيف حال الأولا؟".
" بخير, جولي مضطرة لوضع مقوّم لأعوجاج الأسنان , أنها مغتاظة , تماما كما حصل لك في الماضي".
بدت جاسيكا شاردة , لا تصغي الى حديث شقيقتها , وراحت تفكر : أين هو برودي الآن ؟ هل من وسيلة لتتصل به فتنبئه بقدوم توم وجوردانا؟ ينبغي أن تمنعه من المجىء بأية طريقة.
أيقظتها جوردانا من شرودها:
" جاسيكا ما بك هل تسمعين؟".
فأجابت مرتعشة:
" عذرا أظنني كنت أحلم".
" لا بأس, لكن قولي لي من هو الرجل الجديد في حياتك؟ هل أعرفه؟".
وضحكت جاسيكا قليلا وهي تجيب:
"من الأفضل أن لا تعرفيه".
أرادت أن تتهرب قدر المستطاع لكن توم ظهر في الوقت المناسب ليعفيها, وان الى حين , من الأجابة العسيرة , حتى الآن لا أحد من عائلتها , بأستثناء خالها , على علم بعلاقتها العاطفية , ثم أنها تجهل ردة الفعل عندهم , خاصة شقيقتها التي عرفت برودي عن كثب.
" مساء الخير يا جاسيكا , كل مرة نراك فيها , تبدين أكثر جمالا".
وعلّقت جوردانا مازحة:
" ربما لأنها وقعت في شباك الحب".
" كيف حالك يا توم , أنني سعيدة بكما".
وأستطردت جاسيكا واصفة أرتباكها عندما وجدت القفل مفتوحا:
" في الواقع ,لم أتوقع حضوركما في هذا الوقت, عندما وجدت باب شقتي مفتوحا , كدت أتصل بالبوليس , ظننت أن أحدا خلع الباب ودخل".
" أنها فكرة جوردانا , أردت الأتصال لأعلامك بقدومنا لكنها أصرّت أن تفاجئك بهذا الشكل".
" هل علم جوستان أنكما مقبلان لزيارته".
" جوردانا مصممة أن تفاجئه هو أيضا".
وتمنت جاسيكا عليهما أن يتصلا بع مسبقا لئلا تساوره المخاوف التي تبادرت الى ذهنها , راح توم يتحدث عن برنامج رحلتهما الى نيو أورليان والأمكنة الأثرية التي سيقصدانها والأقارب الذين سيزورانهم , بينما جاسيكا في أضطراب واضح , وكان الوقت يمضي بسرعة دون أن يخطر لها أي حل , كيف تتصل ببرود؟ وتذكرت أنها نسيت سؤالا مهما كان يفرض بها أن تطرحه منذ البداية:
"كيف حال أبي وأمي؟".
أجابت جوردانا وهي تتابع تحضير الطعام:
" أنهما بخير , والدي رافق توم في كانون الثاني الى مباريات الغولف , أصبح يستمتع جدا بهذه اللعبة ويمارسها من حين لآخر , أما والدتك فهي مشغولة هذه الأيام في تطريز غطاء للمائدة".
هذه المعلومات العائلية , لم تكن لتهدىء روع جاسيكا فأعصابها تزداد تشنجا وركبتاها ترتجفان.
فجأة قرع جرس الباب فكاد قلبها يتوقف عن الخفقان , وهمهمت قائلة:
"أنا أفتح الباب".
تمالكت أعصابها جزئيا وهرعت نحو الباب , هذه المرة لن تشرعه كالعادة لبرودي , فتحته بحذر وقد ظهر الأضطراب جليا على محياها ,وبادرته بصوت منخفض:
" حدث ما لم يكن في الحسبان , أنني في مأزق , لا أستطيع مرافقتك الليلة".
عقد برودي جبينه مستفسرا :
" ما الأمر؟".
ولم تثنيه ملاحظتها عن دفع الباب بغية الولوج الى الداخل , لكنها قطعت عليه الطريق مضيفة:
" أتاني زوار من غير ميعاد , كان بودي الأتصال بك ,لكن...".
وعلا صوت جوردانا وهي تتقدم نحو غرفة الجلوس:
" جاسيكا , هل لديك علبة فطر؟".
هكذا تشابكت نظرات برودي وجوردانا , فأبتسم لها بدافع المعرفة السابقة , واذا لم تخف معاني هذه النظرات العاطفية على جاسيكا , تراجعت بضع خطوات مضطربة.
وجاءت كلمات برودي تقطر رقة وعذوبة:
" جوردانا! غير معقول , أنك تزدادين جمالا مع تعاقب السنين".
" برودي هايس؟ أكاد لا أصدق عيني".
تقدم منها , أخذ يدها وقبّلها أحتراما ثم قال:
" بعد هذه الغيبة الطويلة , لا أصدق أنك تتذكرينني".
وتساءلت جاسيكا : ما معنى هذه الأبتسامة العريضة التي أعتلت ثغر شقيقتها وهي تثبت ناظريها على برودي؟ كانت تعتقد أنه سوف يثير عصبيتها . فأذا بها على العكس تراها سعيدة جدا بهذه المصادفة , وها هي تؤكد له:
"لم أنسك أبدا يا برودي".
وكادت جاسيكا تفقد صوابها , الأثنان لا يشعران بوجودها وكأنها وضعت على الهامش وسط هذا اللقاء الحميم.
أستأنفت جوردانا الحديث مبدية رغبة قوية في أستطلاع أخبار برودي دفعة واحدة.
" كيف قضيت هذه المدة؟ أين كنت؟ ماذا كنت تفعل؟".
وخرج توم من المطبخ فأعترته الدهشة وهو يرى زوجته تتحدث بأهتمام الى رجل غريب , لكن جوردانا أسرعت الى تقديم الرجلين...
" هل سبق أن تعرفت الى زوجي توم؟".
ثم التفتت الى زوجها قائلة:
" أنه برودي هايس".
أوضح برودي:
" لا أظن أننا ألتقينا من قبل".
قال توم:
"أذا لم أخطىء , أنت صديق قديم لجوردانا ".
فعلّق برودي على فكرة الصداقة المزعومة مازحا:
" عبثا حاولت أن أستميل جوردانا , لكنها كانت يومها واقعة في غرمك!".
كادت جاسيكا تصرخ لتضع حدا لهذه المهزلة فبرودي الأمس تغير ولم يعد ذاك الفتى الذي يقرع باب آل ثورن متوسلا الى جوردانا أن ترافقه , أنه هنا من أجلها فقط, ولكن , لماذا يتناسى وجودها ويعير كل هذا الأهتمام الى شقيقتها؟
بقي السؤال الأهم بالنسبة لجوردانا فسألت برودي بفضول:
" ولكن, ما الذي أتى بك الى هنا".
ولم يتح توم له فرصة الجواب فسأل بصراحة:
" ألست أنت الرجل الذي دخل الى حياة جاسيكا؟".
وبدت الدهشة واضحة في عين جوردانا , هل ما يزعمه زوجها صحيح؟ يا لسخرية القدر! هل قدّر لشبكة برودي أن تصطاد احدى فتيات ثورن؟ وسألت برودي بلهفة:
" هل انت على موعد مع جاسيكا؟".
" أجل , بما أنك تسأليني , ينبغي الأعتراف بالحقيقة , لقد تواعدنا على تناول العشاء معا".
ثم رمق جاسيكا بنظرة كأنه يدعوها للأنضمام اليهم , والأشتراك في الحديث , وأستأنف موضحا : ( الآن على الباب, أبلغتني أنها ألغت الموعد).
فقال توم :
" جاسيكا لم يكن من داع لألغاء الموعد بسبب وجودنا؟".
فبررت جاسيكا موقفها:
" أنا ليلة واحدة , غدا لن يعود بأمكاني الأجتماع بكما".
وأعتذرت جوردانا:
" ما كنا نحسب أننا قد نخرب مخططاتك ... في كل حال ستبقى بضيافتنا يا برودي , الروستو في الفرن وهو يكفينا نحن الأربعة".
لكن جاسيكا أعترضت مثيرة دهشة شقيقتها وصهرها:
" برودي كثير المهام , أذا أعفيناه من ضيافتنا , نؤدي له خدمة كبيرة فيصبح بأمكانه تصريف بعض الأعمال في مكان آخر".
لكن برودي عارضها بصراحة وقال:
" لقد نظّمت برامجي مع درو بشكل يخوّلني أن أبقى طليقا من الآن حتى ظهر الغد".
وحاولت جاسيكا أن تخترع له سببا آخر للأنصراف:
"أنا متأكدة من أن هناك حسابات ينبغي أن تلقي نظرة عليها".
وعلّق توم على ملاحظتها:
" لا يمكن أن نصل الليل بالنهار في العمل , لا تصغ اليها يا برودي , أمكث معنا للعشاء".
وألتفت برودي اليها قائلا:
" خسرت الجولة , الأكثرية تربح , أذن سنبقى".
وتظاهرت جاسيكا مكرهة بالأرتياح لبقائه فقالت:
" سوف نكون سعداء أن شاركتنا العشاء".
لكنها في الواقع , كانت تريده أن ينصرف , أو بالأحرى أن يبتعد عن شقيقتها , وتابعت معللة موقفها:
" كنت أعتقد أن هناك أعمالا ضرورية بأنتظارك".
كانت جوردانا تريد أن تجمع أكبر قدر من المعلومات عن برودي فراحت تكثر الأسئلة:
" كيف تم اللقاء بينك وبين جاسيكا؟".
فأجابها بلهجة متّزنة وكأن الذكريات لا تحدث فيه أي أهتزاز .
" ألتقينا عند منعطف الشارع منذ شهرين تقريبا".
ثم أبتسم وهو يرمقها بنظرات معبّرة:
" كانت صدفة, لأول وهلة ظننتها جوردانا ولم أميّز الفرق الا بعد بضع دقائق".
وتنهدت جاسيكا وهي تفكر أن الفضل يعود الى شقيقتها فلولاها لما لفتت أنتباه برودي , وأذ شعرت بالخيبة من هذا التصور, أنسحبت معتذرة لتهتم بالطعام".
في المطبخ بدأت الشكوك تخامرها , ما الذي دهى جوردانا؟ فعوض أن تلحق بها لأعداد المائدة فضّلت الجلوس مع برودي وتوم ؟ ترى, هل ما زال يحن الى الماضي ويتوق الى التعويض عن مغامراته الفاشلة؟ ثم لماذا ينهش الحسد قلبها؟ هل هذه الخواطر مبنية على أساس من الصحة , أم أنها مجرد أوهام تستولي على عقول العشقين؟
ولحقت جوردانا بها لا لتشاركها في العمل فحسب ولكن لتستقصي معلومات أضافية عن برودي:
" لا شك أنه ناجح في أعماله".
كانت تريد أن توافيها جاسيكا بتفاصيل حياته الحميمة , لكنها غيّرت الموضوع سائلة:
" من منا سيحضّر الصلصة؟".
" أنا بالطبع".
وأستأنفت جوردانا الحديث عن برودي:
" أنه حقا رجل جذاب".
لكن جاسيكا ذكّرتها بمواقفها الماضية من برودي هايس:
" يبدو أن نظرتك تبدّلت بالنسبة اليه".
وقبل أن تعطي شقيقتها الفرصة للجواب , حملت طبق الروستو الى غرفة الطعام , وقالت لصهرها:
"توم أنت تقطع الروستو".
خلال العشاء أستأثر برودي وجوردانا بالحديث وهما يسترجعان ذكريات الماضي , وقلما أشترك توم بتسجيل بعض النقاط الهامشية , أما جاسيكا فتفاقمت هواجسها التي حاولت أخفاءها بالخدمة , تارة تقدم الطعام , وطورا الفاكهة ثم القهوة , وأحسّت نفسها كالخادمة المنسية , بعدها أخرجت جوردانا من حقيبتها ملف الصور داعية برودي لتأمله:
" هذان أبني وأبنتي , أصبحا في عمر الشباب , أنهما في زهوة دائمة , يذكرانني أيام كنا في عمريهما وكنت تقصد بيتنا لنزهة في السيارة".
وأجابها برودي مازحا:
" يومها أوقفتني عند أسفل الدرج ولم تسمحي لي بالتقدم خطوة واحدة... في كل حال أنا لا ألومك , لم يكن لك مصلحة مع فتى قذفت به المدينة على قارعة الطريق!".
" أنت مخطىء يا برودي , لم تخطر أبدا هذه الفكرة على بالي , لولا وجود توم في حياتي لقبلت بالتأكيد دعواتك المتكررة".
هال جاسيكا أن تسمع هذا العتاب والتبرير الصريحين , فأعتذرت مضطربة .
" أرى من الأنسب أن أبدأ بغسل الصحون".
وأعترضت جوردانا :
" نغسلهما فيما بعد".
فأصرت جاسيكا :
" أفضل الآن , لقد أصبحت الساعة متأخرة ".
وأراد برودي أن يحسم الجدل:
" جاسيكا معها حق , لقد تأخر الوقت , لا شك تريدون أن تدردشوا منفردين بأمور عائلية , وعليّ الأنصراف".
بينما هو خارج , رمق جاسيكا بنظرة تدعوها لمرافقته حتى الباب , ثم ودّع جوردانا وزوجها متمنيا لهما رحلة سعيدة , ولحقت به جاسيكا لترافقه حتى المدخل الخارجي , عند العتبة مدّ يده الى جيبه وأخرج منها علبة وسلّمها لها قائلا:
" هذه لك , لم أستطع تقديمها خلال العشاء".
ألتقطت يداها الباردتان هديته بدون أن تفارق نظراتها وجهه , كان بودها أن تعاتبه , أن تقول له : خذ هديتك الى جوردانا فهي تشغل بالك أكثر مني , لكنها حبست أنفاسها وأمتلكت أعصابها , وهو يضيف:
"أنه عقد من اللؤلؤ , ليس بوسعي البقاء لأقدمه بيدي".
فأجابته بأختصار:
" شكرا لك سأفتحها بنفسي".
وأنصرف قائلا:
"سوف أتصل بك".
عندما رجعت الى غرفة الجلوس سألتها جوردانا مستفسرة:
" ما الذي تحملينه بيدك؟ هدية؟".
" أجل".
" حسنا , أفتحيها, ألا تريدين أن تعلمي ما في داخلها؟".
كانت جاسيكا تفضل أن تؤجر فتح العلبة , لكنها وجدت نفسها مضطرة للأستجابة الى رغبة شقيقتها , حلّت الشريط ورفعت الغطاء , فهتفت جوردانا بأعجاب:
" عقد لؤلؤ, أنه رائع!".
وسأل توم:
" ما هي المناسبة التي دعته لتقديم هذه الهدية؟".
" ليس هناك من مناسبة فبرودي يجلب لي الهدايا بأستمرار ".
أبتسمت جوردانا مهنئة:
" أنك محظوظة مبروك".
ثم ألتفتت الى زوجها ممازحة:
"هل كنت تجلب لي الهدايا يوم كنا نتواعد على اللقاء؟".
" لم أكن أريد تدليلك!".
ثم أضاف وهو ينظر مليا الى اللؤلؤ :
" من أين لي المال الوفير لأغدق عليك بالهدايا الثمينة كهذه!".
بعد ذلك أنهمرت الأسئلة على جاسيكا , عن علاقتها ببرودي , عن مشاريعها المستقبلية , فكانت تارة تجيب وطورا تغفل الحقيقة الى أن أستولى النعاس على صهرها فتمنت لهما نوما هنيئا


في الصباح الباكر تظاهرت جاسيكا أنها ترغب في أستبقائهما مدة أطول , لكنها في الحقيقة كانت تفضل أن يرحلا على الفور , فودعتهما متوجهة الى المكتب , هناك, بدأت تسترجع ذكريات الأمس, وشعرت بشيء من تبكيت الضمير , لماذا نظرت الى جوردانا مرتابة؟ , حسودة؟ فهي شقيقتها وليست منافستها في الحب , وفي غمرة هذه الأفكار , دخل عليها برودي بدون أن يقرع الباب, وقد بانت عليه سمات العنفوان , فتنهدت مستغربة:
" ماذا تفعل هنا؟".
" جئت أدعوك الى الغداء".
" ولكنك قلت في الليلة الماضية أنك على موعد عند الظهر ".
" أجل عندي موعد في ناشفيل , سنطير ونتناول الغداء هناك , ألم أعدك برحلة في طائرتي الخاصة؟".
" ولكنني لا أستطيع..".
فقاطعها بدون أن تكمل أعتراضها:
" أنك تستطيعين , أخذت لك الموافقة من خالك , فلا مانع لديه من تسريحك لبضع ساعات , لا تنسي , أنت جلبت أكبر الزبائن للمؤسسة : شركة جانسون , هيا أحضري حقيبتك, لم يعد لدينا الكثير من الوقت".
ما هي الا دقائق معدودة , حتى وجدت نفسها جالسة في سيارته , وأنطلق بهما السائق الى المطار , في الطريق بدأ برودي الحوار:
" لا بد أن توم وجوردانا غادرا باكرا هذا الصباح؟".
" أجل لم يتأخرا".
ورمقها بنظرة متسائلة قائلا:
"ما الذي جعلك تستعجلين أنصرافي البارحة؟".
حاولت أن تبرر نفسها وكأنها تشعر بالذنب فقالت:
" لم أكن أقصد التخلص منك , في كل حال , أردت فقط أن أراعي ظروفك فوجدت أنه من الأنسب أن تخلد الى فراشك وتستريح عوض أن تستمع الى الدردشات العائلية المملة".
" ولكن الحديث لم يكن مملا".
وشعرت أنها طعنت بالصميم , فهو لا يشعر بالسأم مع جوردانا , فأرادت أن تنهي الموضوع كي لا يلاحظ اضطرابها المفاجىء.
توقفت السيارة بالقرب من محطة طائرته الخاصة , صعدا السلم ودخلا , هناك أهتم برودي بتقديمها الى الطاقم , جيم كانت, فرانك مورفي.
لقد جهزت طائرته بشكل يؤمن الراحة , ولفت أنتباهها المكتب الفخم الذي ركزت حوله مجموعة من المقاعد بشكل دائرة, وفي أحدى الزوايا , وضعت أريكة مريحة للنوم , فسألها برودي وقد جلس قبالتها:
" هل سبق أن سافرت بالطائرة؟".
" أجل , ولكن ليس بطائرة كهذه".
وأستطرد مبينا أهمية الطائرة بالنسبة الى تسهيل الأعمال:
" أنها تؤمن تنقلاتنا على وجه السرعة , أنا وكليف ودرو , ثم أنها مجهّزة بكل وسائل الراحة كما ترين".
وسألته:
" كم من الوقت يلزمنا للهبوط في ناشفيل؟".
" أنها رحلة قصيرة , وها هو جيم يستعد للهبوط , للأسف لم يعد لدينا متسع من الوقت لكسب جولة الأغراء.".
وأستفسرت بأهتمام:
" ماذا تقصد؟".
فأجابها وهو يفك حزام كرسيه:
" معنى ذلك, يا حلوة العينين الخضراوين , الحب على أرتفاع ميل من الأرض!".
عندما حطت الطائرة في مطار ناشفيل , كانت سيارة بأنتظارهما , فأنتقلا لتناول الغداء في أشهر مطاعم المدينة , بعدها عاد بها برودي الى المطار ليحلقا من جديد متجهين الى شاتانوغا.
عندما توقفت سيارة برودي أمام مبنى شقتها , أستودعها بضمة حميمة , مؤكدا:
" سأتصل بك في الأسبوع المقبل".
أذن ستنتظر ككل مرة ولكن هذه المرة أمتلكها شعور بأن الأنتظار مع برودي لا تهاية له!
http://www.liilas.com/vb3

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:13 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- أنتهى كل شيء
ذاك الأسبوع لم يتصل بها برودي فجلست تتساءل أذا كان يعد لمفاجأة جديدة.
كانت عائدة من المكتب في المساء عندما توقفت سيارته بالقرب منها, وسمعت نقرا على الزجاج فألتفتت لتجد برودي يناديها :
" هل نذهب في نزهة؟".
" حسنا , أمهلني دقيقتين لكي أبدل ملابسي".
" لا لزوم لذلك فملابسك لا تشكو من شيء".
" ولكن...".
" هل تنتظرين المزيد من الألحاح في الدعوة؟".
" كلا , لم أقصد ذلك".
" هيا أصعدي أذن".
قالها بصيغة الأمر فصعدت.
أبطأ برودي سرعة سيارته قدر المستطاع , ليسهل عليه التحدث الى رفيقته وسألها مبتسما:
" هل أنت غاضبة, لأنني لم أتصل بك؟".
أجابت بأختصار:
" لا لست غاضبة".
عرف أن طريقة دعوته لها , أصابت كرامتها بالأذى , فمد يده الى رأ سها وراح يداعب عنقها برفق, فأحست بأنها أصبحت الحمامة الوديعة بين يديه , لا تعرف التذمر ولا الغضب, حتى أنها لم تعد تطلب من برودي أن يراعي معها اللياقات المألوفة , المهم أن يزورها بأستمرار لأن غيابه يدفع اليأس الى نفسها.
وسألته بهدوء:
" هل كان أسبوعك حافلا بالأعمال؟".
" أسبوع عادي , بشكل عام".
أنحدرت السيارة بأتجاه طريق شائكة تتوجه الى خارج المدينة فسألته:
" الى أين نحن ذاهبان؟".
تظاهر بعدم الأنتباه وبدّل الموضوع.
" نسيت هديتك أنها في الحقيبة".
وفتحت جاسيكا الحقيبة مخفية أمتعاضها بسبب أهماله لسؤالها , فعثرت على ظرف كتب عليه أسمها , ترددت قليلا في قبوله , هل يعقل أن يحتقرها ويقدم لها مبلغا من المال؟
" هيا أفتحيه".
راحت تفتح الظرف ببطء وتتساءل أية هدية غريبة هذه , مفتاح!
" لماذا هذا المفتاح؟".
أبتسم بأرتياح وقد أوقف سيارته في المدخل الخارجي لأحدى الفيلات , ثم أشار الى الباب الرئيسي.
" أنظري , لماذا لا تجربيه في قفل هذا الباب؟".
ترجلا من السيارة وتوجها معا نحو البوابة الفخمة , هذه المرة بدت معالم الغموض على وجه برودي وتواردت مئات الأسئلة الى خاطر جاسيكا , أدخلت المفتاح بيد مرتعشة , وفتحت بدون أن تفهم الى أي بيت تدخل.
بضعة خطوات الى اليمين وظهرت أمامها غرفة جلوس مميزة , أرض مفروشة بقطع من السجاد الشرقي الفاخر , عند الجدار المواجه للباب , أنتصبت على أرتفاع مترين مدخنة يلمع على جوانبها البلاط الرخامي وتشتعل في داخلها نار أصطناعية.
على الجدرانين الآخرين , وضعت على مسافات متفاوتة مجموعة من المقاعد المريحة.
منذ دخلا سمعت جاسيكا موسيقى عذبة تتسلل الى أعماق نفسها ولم تلحظ من الجهاز الخفي سسوى فوهات المكبرات في الزوايا.
أشعل برودي الأنوار فتدفقت ألوان متنوعة تضفي على الغرفة حالة من الروعة والسحر , ثم مشى بها الى غرفة طعام صممت بأسلوب حديث ثبتت على جدرانها لوحات فنية تبعث الأرتياح في النفس بألوانها الزاهية كما تدلت فوق زجاج النوافذ ستائر حريرية تتناسق رسومه مع ألوان السجادة الرمادية وقماش المقاعد العسلية , دخلا الى المطبخ الواسع الملاصق لغرفة الطعام فرأت جاسيكا الأرض المرصوفة بالبلاط الأزرق والجدران المغلفة بطبقة نحاسية بلون الياقوت , وكانت الخزائن فوق المغسل الرخامي وتحته مصنوعة من أجود أصناف الخشب وقد ثبتت عليها قبضات معدنية ثمينة , كان المطبخ مجهزا بأحدث الأدوات وأشهرها , بعد ذلك أنتقلا الى غرفة المطالعة , أنها مضيئة وتشرف على حديقة صغيرة , وضع في الصدر الأمامي مكتب خشبي زين بالرسوم المحفورة باليد, كما ركزت أشهر المؤلفات القديمة والحديثة على رفوف خشبية وضعت على الجدرانين المتقابلين.
قاعة الأستقبال الرئيسية , فرشت بأحدث المقاعد التي لا تعرض عادة في صالات المفروشات , أما غرف النوم , فقد كان هنالك أثنتان للضيوف فرشتا بالألوان الربيعية , بالأضافة الى غرفة نوم رئيسية يهيمن فيها سرير من القياس الكبير , الى جانبه كنبتان مريحتان , وقد لاحظت جاسيكا تناسق هذه المفروشات جميعا من حيث ألوانها وأسلوب تصميمها وزخرفتها .
قطع برودي الصمت قائلا:
" ما رأيك بهذا البيت؟".
أرخت يدها الى خصرها مجيبة:
" ماذا أقول؟ أنه رائع".
" هل هو جميل كفاية للسكن فيه؟".
ونظرت اليه مليا كأنها لم تفهم قصده بالسؤال , ولم يستمهلها للأجابة فأضاف:
" أنه بعيد عن ضوضاء المدينة ويتيح الخلود الى الراحة".
رقص قلبها من الفرحة وهي تسمعه يقول:
" أظن أنك ستستمرين في العمل, وأن كنت تواق أن أراك كل يوم في أنتظاري عند عتبة هذا البيت".
غمرت السعادة نفسها وبات لسانها عاجزا عن التعبير فهي لطالما أنتظرت هذا التصريح العذب , برودي اليوم, ليس برودي الأمس, فهو لم يعد الأنسان الغامض الذي يقودها بمغامراته نحو المجهول.
أنه الرجل الذي ستسير الى جانبه رحلة العمر والذي يفرش أمامها دروب المستقبل بالورود , وناب العناق الطويل عن كلام الحب المعسول .... فأستاقت جاسيكا من غيبوبتها بينما بقيت ذراعها تلف عنقه بعذوبة , وسألت برودي بصوت تذوب فيه رقة الأنوثة.
" لي طلب لا يخلو من الأنسانية... حاول أن تتفرغ أسبوعا من العمل لقضاء شهر العسل".
تجمّد برودي في مكانه وتشنجت أعضاء جسده , وهو يستغرب:
" أي شهر عسل؟ عم تتكلمين يا جاسيكا؟ " وأذا بيده تدفعها بعيدا عنه.
وقفت مذهولة , عاجزة أن تحل اللغز الكائن في عينيه ثم أردفت متلعثمة:
" ألست أنت... أنت من عرض عليّ ذلك".
وأختنق صوتها وهي تقرأ الجواب في تجهم وجاء رفضه لزعمها قاطعا:
"لا, لا أستطيع الزواج منك يا جاسيكا".
وأبتعد بضع خطوات عنها ليشعل سيكارته ولاح عبوسه جليا من خلال سحاب الدخان المتصاعد.
أما هي فأنتابها الأعياء وأحست بحاجة للجلوس, ولكن, أية ثورة عارمة تغلي في عروقها وتكاد تنفجر!
لم الصمت ؟ ألم يحن الأوان لوضع الأمور في نصابها الصحيح؟ ومع أنها حاولت أن تكبح جماح غليانها , صرخت بصوت متهدج :
" لماذا؟ هل عندك زوجة ترفض الطلاق منك؟ هل هي مريضة أو معاقة؟".
وأجابها بصوت خشن:
" لا زوجة عندي والزواج بالنسبة اليّ خارج عن الموضوع".
" فهمت........".
لقد وعت الحقيقة كاملة الآن , جوردانا هي المرأة التي كان يحلم بها , وبعدها نزع فكرة الزواج من رأسه , فواجهته بنبرة حاسمة:
" أذن تريدني عشيقة لك , ليس الا".
" أن كان هذا رأيك , فهو كذلك".
وردت عليه بسرعة وبعنف:
" لماذا تجهد نفسك أذن في ترتيب هذا البيت؟ لماذا لم تطلب مني أن أترك عملي وأنتقل معك من بلد الى آخر؟".
" لأنني لا أريدك جارية عندي".
" وما هي العشيقة في نظرك , أليست أنسانة مملوكة ومستعبدة".
" لا أريد أن أدخل معك في جدل بيزنطي حول تحديد العشيقة".
في تلك اللحظة خطرت لها فكرة بعثت القشعريرة في جسدها , فتساءلت أتراه يهوى أصطياد النساء , وبات يملك عشرات الطرائد؟ فسألته:
" هل جهّزت منازل مريحة كهذه في المدن الأخرى التي تزورها؟".
جلس قبالتها وقد فهم مغزى تساؤلها فقال:
"لا أنكر أن في حياتي عدة نساء , لكنك الوحيدة التي أريد أن أحافظ على علاقتي بها".
" أذن أنت توزّع قلبك عليّ وعلى الأخريات؟".
" أفهميني جيدا , لم يتوزع على الأخريات , على الأقل منذ اليوم الذي ألتقيتك فيه".
وتحولت لهجته الى شيء من العنف:
" يجب وضع حد لهذا الجدل العقيم فأما أن نستمر في الحب أو كل يسير في طريقه ".
وساد صمت عميق قطعه برودي وهو يسير نحو الباب:
"أنا نازل الى الطابق السفلي لأرى أن غيروا لي جهاز التدفئة , تأملي موقع البيت , فأن لم يعجبك سنبحث عن غيره".
لدى خروجه تزاحمت الخواطر في رأس جاسيكا , كان كلامه بمثابة تهديد , لكنه عدل عن رأيه وأعتبرها باقية, هل من الأفضل أن تستسلم لمشيئته , فالسؤال المطروح هو ليس هل تحبه أنما هل تستطيع التخلي عنه , وأنتابها يأس شديد فأرتمت على الفراش لتبلله بدموعها الحارة.
في هذه الغرفة بالذات كانت تحلم أن تغمض عينيها على ذراعه وتستيقظ على نغمات صوته , وهذه الخزانة ألم تكن معدة لتضم ملابسها وملابسه ؟ وأذ غمر الحزن نفسها , دنت من الخزانة وفتحت بابها بيد واهنة فوجدت مئزرا نسائيا معلقا فيها , فعلمت أن برودي كان عقد النية أن يبيتا ليلتهما هنا , من يدري؟ لو فتحت البراد والخزائن لوجدت فيها جميع الحاجيات المطلوبة للأكل والشراب , وراودتها فكرة رهيبة , خلعت ثيابها بسرعة , , علّقتها في الخزانة ولبست المئزر ثم دنت من المرآة لتصفف شعرها المبعثر , وأخذت ترتجف كالورقة الهزيلة وسط العاصفة , أنه برودي يصعد الدرج, تسمّر أمامها كالصنم فأحسّت أنفاسها تتقطع , أي رجل هذا يجمّد عواطفه ساعة يشاء ويطلق لها العنانافعل بي ما تشاء".
وبيد مرنة , أجتذبها الى جانبه وراحت يده تداعبها , وهي تختلج بين يديه كالطفل الرضيع تحنو عليه أمه بلمساتها الرقيقة.
ولاحظ برودي أنها تذوب نشوة فقال بصوت حنون:
" كم تبدين جميلة يا حلوة العينين الخضراوين!".
ساعة يشاء فتنفجر كالبركان , وبدا أنه رهن أشارة منها ليستجيب الى رغباتها المجنونة , فقالت له بصوت ملتهب:
" برودي أنا لك أفعل بي ما تشاء".
وبيد مرنة , أجتذبها الى جانبه وراحت يده تداعبها , وهي تختلج بين يديه كالطفل الرضيع تحنو عليه أمه بلمساتها الرقيقة:
" كم تبدين جميلة يا حلوة العينين الخضراوين!".
وللمرة الأولى تساءل لماذا يدعوها بحلوة العينين الخضراوين كلما أستعرت شهوة الحب في قلبه , أليتغزل بها؟ أم أن اللقب يخص جوردانا ولا علاقة لها به؟ ومن يدري , قد يكون يحب شقيقتها بشخصها , وهنا الكارثة فقد يستفيق من سكرته قريبا ويعرف أن المرأة التي بين يديه, هي جاسيكا وليست جوردانا.
خافت حين أحست بأن الوجه المزيف سينكشف أخيرا ويسقط القناع فتصبح بالنسبة اليه ثوبا باليا يرميه في سلة المهملات , فتمتمت :
" لا".
لم يسمعها برودي فقد كان غارقا في أحلام الحب , وأعقبتها ب "لا" ثانية وثالثة , فهمهم برودي:
" ما الأمر:
" وظن أنه سبّب لها ألما من غير قصد , أستولت عليه الدهشة وهو يراها تغمض عينيها ثم تصرخ بأعلى صوتها:
" لا أستطيع... لا أستطيع الأستمرار معك".
وأنتفضت لتبتعد عنه , فأثار هذا الأمر حفيظته , لذلك نهض وأعادها بعنف اليه قائلا:
" أتظنينني رجلا مصنوعا من الجليد؟".
ثم حاول أن يشدها بقوة مظهرا غيظ العاشق الذي تقطع عليه أحلامه.
أما هي فكانت تشهق وتختلج كطفلة مذنبة ترتعد خوفا أمام أب قاس , لكنها تابعت والدمعة تبلل وجنتها:
" لا أستطيع يا برودي , حاولت ذلك لكنني لا أستطيع".
ساد صمت عميق بينهما في الغرفة , ثم وقف برودي قبالتها يتفحص معالمها والشرر يتطاير من عينيه فهمست بصوت مأساوي:
" أعذرني يا برودي".
لم يكن يدري على ماذا سيعذرها , فلقد أختلط الأمر عليه ولم يعد يفهم شيئا , لماذا خلعت ثيابها ولبست المئزر ؟ ألم تفعل ذلك بغية أثارته؟
وأراد أن ينهي هذه المسرحية الغريبة , فبادرها بلهجة قاسية :
" كفى! أنتهى كل شيء".
نهضت ومشت بخطى مثقلة نحو الخزانة , أخرجت منها ملابسها مطرقة الرأس , مخذولة وكأنها تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها , ثم سألته بصوت حزين:
" أرجوك أن تعيدني الى البيت".
" هيا أرتدي ملابسك".
وسبقها الى الخارج.
دقيقتان فقط ولحقت به جاسيكا ودخلت السيارة.
بالقرب منها وعلى المقعد الأمامي , رأت الظرف الذي كتب عليه أسمها , تناولته وأعادت المفتاح اليه ووضعته داخل الحقيبة , لم ينظر اليها طيلة الطريق , ولا مرة واحدة , وكانت معالم الشراسة واضحة على وجنته , فتأكدت أنه أسقطها نهائيا من حساباته.
عندما توقف أمام مبنى شقتها , ترددت جاسيكا لبضع ثوان محاولة أن تقول أي شيء, أما هو فلم يلتفت بأتجاهها , بل ظلّت يداه مثبتتين على المقود وبصره شارد في البعيد.
ترجلت , فلم يكلف نفسه أن يغلق الباب وراءها , بل أنتظرها لتفعل ذلك بنفسها , ورددت في سرها:
" أنته ارحلة فقد خرج برودي من حياتي الى الأبد.
http://www.liilas.com/vb3

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:14 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- دائرة الزواج
مضت ثلاثة أسابيع على رحيل برودي , لكن جراح جاسيكا لم تبرأ , كانت تجلس حزينة , تتساءل أن كان هذا هو قدرها , أن تنزوي وحيدة وتنزف الى الأبد؟
كانت الأيام تبدو طويلة مثقلة بالهموم, تجمد فيها الوقتوتجمد ت الدموع في عينيها, وأصبح الليل عدوا لدودا ينخر عظامها , ويشد جفنيها , ويحرم عليها لذة الرقاد.
أستلقت تلك الليلة , مرهقة على الأريكة , وصور الماضي تتزاحم ف رأسها , تنهشها التساؤلات وتزرع اليأس في قلبها , فتتساءل أن كان عليها أن تسلك طريقا آخر مع بروديّ
لو لم تستسلم لمغامراته العاطفية هل كانت تبدلت العلاقة؟ هل تراها أستعجلته لطلب يدها؟ وهل تراها أتبعت الطريقة الأفضل لأستمالة الرجل وجذبه الى دائرة الزواج؟
لقد باتت قصتها مكشوفة الآن , بعد أن لاحظ الجميع هزالها المفاجىء , ولفت أنتباههم شحوب وجهها وتبدل مزاجها , وبنوع خاص , خالها وسكرتيرة المكتب , لقد عرفا سر تبدل جاسيكا المفاجىء , وكيف تحولت تلك الفتاة المرحة المرهفة اللطيفة المثابرة , المتوثبة الذهن , الى أنسان عصبي تثيره أبسط الأشياء وأتفهها , لذلك بدأت علاقتهما بها تتحول الى نوع من الشفقة , وراحا يسديان اليها المواعظ... الأمر الذي كان يزيد عصبيتها ويعكر مزاجها!
كان جرس الهاتف يرن بألحاح لكن جاسيكا لم تكلف نفسها مشقة الجواب.
كانت الساعة تشير الى السابعة حين رفعت السماعة , ولفظت بصوت متهدج . وكأنه أنين أنسان منازع:
" ألو".
لا جواب على الطرف الآخر , همس متنكّر لا يقوى على البوح بسره.
قفز قلبها من صدرها فردت من جديد:
" ألو".
لكن الصوت الهامس أكمل همسه, وتمتم:
" هل أنت جاسيكا ثورن؟".
" من ؟ برودي؟".
حضنت السماعة بيديها وكأنها تريد معانقة محدثها على الطرف الآخر , لكن الصوت , أجاب متلعثما :
" عذرا , لقد أخطأت".
وأقفل.
كانت تعلم أنه برودي , قلبها ينبئها بذلك, والقلب لا يخطىء , صرخت به:
" برودي... أسمعني!".
لكن كلماتها لم تصل اليه , فأعادت السماعة الى مكانها , وأرتمت على الأريكة حزينة , وأغرورقت عيناها بالدموع , أنها المرة الأولى التي تشعر بها بحاجة الى البكاء , لذلك راحت تشهق مثل طفل صغير , قضت تلك الليلة ساهرة في فراش ينخرها كالأشواك.
تلك السنة أقبل الصيف حارا أكثر من المعتاد , وكأن الطبيعة أرادت أن تزيد الثقل على قلب جاسيكا , فقد كان المكيف الكهربائي معطلا في مكتبها لذلك أخذت غلاف مجلة وراحت تستخدمه كمروحة تعيد اليها أنفاسها , دقائق ثم خرجت من غرفتها غاضبة وراحت تصرخ بالسكرتيرة:
" لم أعد أطيق غرفتي الخانقة, متى سيأتي الكهربائي ليصلح المكيف؟".
" وعد أنه سيأتي ظهرا".
نظرت جاسيكا الى ساعة يدها , وقالت بغضب ظاهر:
" أنها الثانية عشرة الا عشرين دقيقة , متى يأتي؟".
" هل تريدين أن نتصل به مرة ثانية؟".
" أجل , أتصلي به, وقولي له أذا تأخر عن موعده سوف ...".
كانت جاسيكا في ذروة غضبها لذلك لم تستطع أن تكمل عبارتها لشدة أضطرابها , وبينما هي في أوج ثورتها , سمعت صوت رجل يمازحها قائلا:
" قد يكون من الأنسب أن يأتي بعد الظهر , أن حرارتك مرتفعة أكثر من اللازم هذه الأيام".
وراح الرجل يقهقه بمرح , لكن جاسيكا , ردت على الضحكة بزيادة أنفعالها , رغم أن الرجل لم يكن سوى خالها , ورب عملها , فتجهم وجهها أكثر , وعلت جبينها تجاعيد قاتمة , دنا منها خالها باسما وقال:
" جاسيكا , ماذا أصابك ؟ أين نكاتك الطريفة؟".
" تبخّرت في هذا المكتب العفن".
فأسترسل خالها بضحكة محاولا أن يلطف خاطرها , لكنها بدل أن تهدأ أرتفع صوتها أكثر وقالت له:
" أضحك فأن الأمر لا يعنيك , ففي غرفتك مكيف من أجود الأنواع , وأنت لا تشعر بالحر".
" هذا أمر طبيعي , فأنا صاحب الشركة".
كادت جاسيكا أن تجهش بالبكاء وهي تصرخ بوجه خالها :
" بأمكانك أن تأخذ شركتك , مكيفك , وكل ما تريد...".
لكنه تدارك الموقف فأقترب منها ووضع يده على كتفها بدفء وقال:
" مهلا يا عزيزتي , ربما أسأت اليك, صدقيني أريد أن أكفر عن ذنوبي , أنني أدعوك لنتناول الغداء في مطعم فخم يكون فيه مكيف للهواء".
وبصعوبة كبحت جاسيكا جماح غيظها وقالت لخالها:
" أن كنت تعتقد أنني سأرفض , فأنت مخطىء , ثم لا تنس أن آن شاهدة عليك ولن تستطيع أن تنكث بوعدك".
" أنا لا أحلم , ودعوتي ليست للمجاملة".
وأقترب ناحية السكرتيرة مضيفا:
" أن سأل أعد عني قولي له أنني أتناول الغداء مع فاتنة شقراء , ألا أذا أتصلت زوجتي فقولي لها أنني أتغدى مع جاسي".
| دعني أحضر حقيبة يدي".
شبك يده بذراعها وتوجها الى سيارته.
" الى أين تريدين أن نذهب؟".
" لا فرق عندي, الى أي مكان شرط أن يكون مكيفا".
في الطريق بدأ خالها الحديث بقوله:
" أنني فخور بك يا جاسيكا".
فأجابته وقد شغلتها ملاحظته عن تأمل المناظر عبر زجاج السيارة.
" أصحيح ما تقوله ؟ أنا لا أتذكر أنني فعلت أي شيء يستحق مثل هذا المديح".
" أنا لم أقصد عملك في المكتب , على العكس أنا فخور بشخصيتك القوية , وبقدرتك على مواجة المصاعب, فمنذ شهرين كنت تبدين على حافة أنهيار عصبي".
دخل كلامه الى قلبها وأحدث فيها هزة , لأنها لم تكن تتوقع هذا التلميح المباشر على علاقتها الفاشلة مع برودي , لذلك أدارت وجهها نحو زجاج السيارة , وأغمضت عينيها , ثم تمتمت:
" أن الزمن قادر أن ينهي أصعب القصص".
" أنني أدرك مدى صعوبة كلام الآخرين , وحدة سهامهم , أعذريني أن كنت قد قسوت عليك , أو أرهقتك بالمواعظ , لم أكن أبغي الا خيرك".
" أنني أقدر لك توجيهاتك , ولن أنسى فضلك أبدا".
وراحت تسترجع الماضي , وتتذكر الصدمة التي كادت تدمر حياتها, وكيف أستدعاها خالها الى مكتبه , بعد شهرين من التمزق , وراح يستفسر عن ضياعها وعن أسباب خلافها مع برودي , فأطرقت صامتة ولم تكن قادرة على أن تشرح , وحين فهم أن الأجوبة على أسئلته مستحيلة , تحدث اليها ببساطة , وحنان قائلا:
"أذا لم يعد هنالك أي مجال للتلاقي , أريدك أن تطوي هذه الصفحة من حياتك وتنسيه الى الأبد".
بدا الأقتراح لاذعا , رغم واقعيته , فشعرت جاسيكا أن الحياة تضع الناس أمام الأختيارات الصعبة , وتفرض عليهم عملية الأختيار...
أيقظها خالها من شرودها بقوله:
" ها قد وصلنا".
فترجلت لتتعرف الى المكان الذي أصطحبها اليه:
" يا ألهي".
وأحست أن قلبها يعتصر , أنها محطة القطار التي دعاها برودي اليها من قبل , وشعرت بالرغبة في الأبتعاد عن هذا المكان , تمنت لو يصطحبها خالها الى مطعم آخر , ولكن كيف تبرر له هذا التمني؟ أيليق بها أن تواجهه بالحقيقة, وهي أضعف من أن تقف على الأطلال وتبكي على الذكريات الماضية؟
ألم تعلمها التجربة أن الوقوف عند الرصيف قرب مبنى شقتها , محاولة يائسة لن تعيد اليها الحبيب؟
ألم تستفق أخيرا من أوهامها , فتعلم أنه من العبث الألتفات الى كل سيارة فخمة , ظنا منها أن برودي قد يكون في داخلها؟
مشت الى جانب خالها مرتعشة , أرتفع صوت قريب ينادي خالها :
" رالف! كيف حالك؟".
وقف رجل عن كرسيه لكي يرحب بهما , وللحال تعرفت عليه جاسيكا , أنه كال جانسون, فهي لم تجتمع به منذ أختلافها مع برودي , لقد تهربت أكثر من مرة من التحدث اليه عندما زار مؤسسة خالها لتصريف بعض الأعمال , وتساءلت هل سينضم اليه أحد القيمين عن شركة " جانسون للمراكب".
دنا خالها من جانسون ورد عليه التحية.
" كيف حالك يا كال؟ هل الأشغال على ما يرام؟".
" كل شيء بألف خير".
ثم ألتفت نحو جاسيكا , وأضاف:
" جاسيكا , أنك تزدادين جمالا ".
" شكرا لك".
ثم تمتمت في قرارة نفسها : أرجو ألا يأتي على ذكر برودي , لكن جانسون تابع حديثه مازحا:
" كلما رأيتك أشعر بأنني عدت عشر سنين , أو عشرين سنة الى الوراء , بالمناسبة سوف أتصل ببرودي الآن , وأقول له أنكما بضيافتنا على العشاء , بما أنني ألتقيتكما الآن , فالصدفة خير من الميعاد , يسعدن أن أدعوكما الى العشاء...".
تمالكت جاسيكا أنفاسها , وضبطت أعصابها ,حين علمت أن برودي موجود في المدينة , وأرادت أن تفهم جانسون بأن العلاقة أنتهت مع برودي , لكنها لم تستطع الكلام من شدة الأنفعال , فتابع الرجل حديثه قائلا:
"أعلم أن برودي يستمتع بلقياك , ولا أحد غيرك يستطيع أقناعه بتلبية دعوتنا , فهو كثير الأشغال دائم الأسفار!".
" ولكن...".
قاطعها جانسون:
" ها هو يأتي صدفة, وسنحاول أن نقنعه معا".
كاد قلبها أن يتوقف , وأعتلى الشحوب وجهها النضر , حين أبصرت برودي يشق طريقه بين الطاولات واثق الخطى مرفوع الرأس, كان يبدو في ذروة جماله وأناقته , بعد أن سرّح شعره بطريقة جديدة , وأختار كعادته أفخر الملابس وأجملها.
وأحست جاسيكا بقدرته تقطع مفاصلها , وتسرق أنفاسها من ضلوعها , لم تكن مستعدة للمواجهة , فتمنت لو تغيب عن المكان بقدرة سحرية.

كانت عيناها شاخصتين به , ولا تستطيع أن تبتعد عنه لحظة واحدة, ويأكلها سؤال مبرح:
" ماذا يجول في خاطره الآن؟ ما هو شعوره في هذه اللحظة ؟ ماذا تراه سيفعل؟
حاولت جاسيكا عبثا , أن تعرف مشاعر برودي , أو أن تكشف أحاسيسه من خلال تقاسيم وجهه , لكنه لم ينظر اليها , لم يحييها , بل تعمّد اللامبالاة , وكأنها أنسان غريب يلتقي به للمرة الأولى...
ووسط دهشتها , رحب جانسون ببرودي قائلا:
" أنها صدفة رائعة حقا , أنظر بمن التقيت منذ لحظات".
لم يكترث برودي لكلام جانسون , ورد بصوت خافت , دون أن يلقي التحية على جاسيكا , أو حتى أن ينظر اليها:
" أعتذر لقد تأخرنا في بلتمور".
أصيب جانسون بالذهول , وراح يحدق تارة ببرودي , وتارة أخرى بجاسيكا , ويكاد لا يصدق ما يرى, فهو لم يتوقع أن يلتقي الحبيبان مثل الغرباء , ووسط دهشته قال لبرودي:
" لقد أنتظرتك طويلا , وقلت لجاسيكا أنكم...".
قاطعه برودي مجددا:
" لو تأخرنا أنا ودرو بضع دقائق لسبقتنا الطائرة".
ثم جلس الى المائدة بدون أن ينظر الى جاسيكا , التي شعرت بأنها أصيبت في الصميم , وبأن كرامتها قد أهينت, وأحت بأعين الجميع تنصب عليها , وتكاد تعريها من ثيابها , وفي ذروة غضبها , وقع بصرها على كوب ماء مليء بقطع الثلج , فتناولته , وبحركة لا شعورية أفرغته على رأس برودي!
لم تنتظر ردة الفعل , بل أدارت ظهرها , وخرجت, وسط ذهول الحضور ووشوشاتهم.
كانت تسير مسرعة الخطى , لتقطع الممر الفاصل بين المطعم والطريق , ويبدو أنها تعبر ممر الألم , لتصل الى ضفة الأمان , بعد أن شفت غليل قلبها , لكنها أحست فجأة بيد فولاذية تطبق على ذراعها , وتسمرت في مكانها , ألتفتت لتجد برودي يقف أحمر العينين غاضبا , والزبد يملأ فمه , وتكاد أصابعه العنيفة تحطم عظامها.
صرخت به:
" أتركني!".
فرد بعنف , وهو يطبق أسنانه , بغضب ظاهر:
"أخرسي!".
حاولت جاسيكا أن تتخلص من قبضته , بلا جدوى فراحت تصرخ:
" أتركني , أتركني , والا طلبت من مدير المطعم أن ينادي الشرطة".
كانت تحاول أن تتخلص من قبضته , ولكنها في قرارة نفسها تشعر بوطأة عينيه , أخذها بحركة عنيفة وأسكتها.
أبتعد عنها قليلا , ثم دفعها أمامه بأتجاه المخرج, الذي كانا على مقربة منه , وبينما هو يدفعها بقوة , سمع صوتا يصرخ به:
" بالله عليك يا برودي , ماذا تراك تفعل؟".
تطلع وأذا درو , مدير أعماله يحاول أن يحد من تصرفه الهمجي , ويعيده الى صوابه , لكن برودي الغاضب , لم يسمع بل تابع سيره وهو يقول:
" اليك عني!".
" ماذا دهاك يا رجل ؟ أنت تستحق كوب الماء البارد على رأسك على كل حال , كيف يمكنك أن تتصرف هكذا مع الناس؟".
ثم أرسل درو نظرة قلقة صوب جاسيكا , وقال لبرودي بلهجة الأمر:
" أتركها وشأنها!".
" قلت لك أبتعد عن طريقي!".
" تريدني أن أبتعد عن طريقك ,الى أي حد؟ ربما تريدني أن أبتعد نهائيا؟ هل تريد أستقالتي؟ هل هذا ما كنت تبحث عنه خلال الأشهر الماضية؟".
" بصراحة يا درو لا فرق عندي , يمكنك أن تفعل ما يحلو لك".
وبحركة من يده , دفع برودي درو من أمامه وتابع سيره, وجاسيكا معه , بأتجاه الباب الخارجي.
كان يسير بخطوات سريعة, وكانت جاسيكا تركض كي تبقى بمحاذاته , فسألته :
" الى أين نحن ذاهبان؟".
" أخرسي!".
وتابع خطواته المسرعة وهو يجرها وراءه حتى وصلا الى السيارة , فتح الباب , ودفعها الى الداخل , فجلست تتحسس موضع يده على ذراعها , وكانت تشعر بألم مبرح.
جلست بصمت وكآبة , بينما كان برودي يقود السيارة بصمت غاضب, وسرعان ما أدركت أنه يتوجه بها نحو شقتها.
توقفت السيارة أمام المبنى , ترجل برودي , ثم فتح الباب من جهة جاسيكا , أمسك بذراعها من جديد محاولا أن يدفعها بالقوة الى الخارج , فعضت على شفتيها مبدية أعتراضها لكنه لم يبال .
عند الباب , فتح حقيبة يدها بالقوة وأخرج المفتاح ... وضعه بالقفل بعنف ثم أدخلها أمامه ولحق بها ثم أقفل الباب غاضبا .
خطت خطوتين داخل الغرفة , ثم توقفت , وراحت تقضم أسنانها من شدة الغيظ , ثم تطلعت نحوه وصرخت به بقوة:
" ماذا بعد؟ ما هي الخطوة التالية ؟ هل تريد أن تهاجمني؟".
كان صوتها يضج بالتحدي , لذلك أدار برودي وجهه عنها قليلا , وضع أنامله في شعره وهتف بصوت عال/
" لعنك الله يا جاسيكا".
" لعنني الله , أنا؟".
وأطلقت ضحكة ساخرة وتابعت:
" لعنك الله أنت لأنك تجاهلت وجودي!".
أقترب منها , وضع يده حول عنقها , فكاد يخنق الكلمات ثم قال:
" كان عليّ أما أن أقتلك , أو أن أتجاهل وجودك , كان بأمكاني أن أقتلك بسبب ما فعلته بي وبعد أن أتأكد من موتك أقتل نفسي".
كان صوته جازما , ونبراته حادة , وأنامله تطبق بحزم عل عنقها , ورغم ذلك لم تشعر جاسيكا بالخوف , بل سألته بكل جرأة:
" لماذا؟".
" لقد حاولت كل شيء لكي أقصيك عن ذهني , لكي أبعد طيفك عني , وأتخلص منك , لكن عبثا كنت أحاول بقوة , لكنك كنت تسيطرين عليّ بقوة أكبر , فأسقط أمامك مثل طفل صغير , أتعلق بتفاصيل ذكرياتك , برائحة ثوبك , لعنك الله , ولعن ذكرياتك...".
أنحنى قليلا على عنقها وعانقها.http://www.liilas.com/vb3
" هل حقا تريدني أنا؟".
" يا ألهي , كيف تسألين؟ منذ اليوم الذي عرفتك , سرقت قلبي , وجميع حواسي , ولم يعد بمقدوري التفكير بأحد سواك".
فوجئت بكلماته , لم تكن تتوقع أن تسمع منه هذا التصريح , لذلك شعرت بصدمة , وحاولت أن تستجمع أنفاسها , وتسيطر على أفكارها , فتمتمت:
" ماذا؟".
ووسط ذهولها , أخذ وجهها بين يديه , وهمس بحنان:
" أنت أمرأة بلا قلب , لم يؤثر فيك لا قلبي , لا حبي , ولا رجولتي...".
" برودي هل تحبني؟ هل حقا تحبني؟".
كانت بحة صوتها تشبه أنين عصفور , فأحس برودي بصدقها , فرد:
" لا تدّعي أنك كنت تجهلين حقيقة شعوري نحوك, لقد أمضيت في الجو من أجلك , ساعات طويلة كانت كافية لأنجز أضخم مشاريعي , لا أحد يفعل ذلك أن لم يكن يشعر بالحب".
"ولكنني كنت أعتقد ... أن جوردانا !".
كانت جاسيكا مضطربة جدا , فلم تعد تعرف لا كيف تفكر , ولا بماذا تجيب حين رد برودي مستغربا , نافيا أية علاقة بينه وبين جوردانا:
" شقيقتك ؟ يا ألهي!".
" كنت أعتقد أنك تريدني فقط من أجلها".
" تعنين ., لأنني كنت على علاقة سابقة بها؟".
" ألم تقل بأنني أذكرك بها...".
وتابعت جاسيكا:
" ثم , تلك الليلة , حين ألتقيتها هنا , كنت تحدق بها طوال الليل".
" تلك الليلة كنت أشعر بالمرارة لأنك لم تكوني تريدين وجودي بينكم, لم أكن أعلم أين كنت أتطلع , ربما كنت أتطلع الى جوردانا , لكنني كنت أحاول أن أفهم ما الذي شدّني اليها , في زمن الصبا , هل كنت تشعرين بالغيرة؟".
" كنت أحترق غيرة" ردت جاسيكا ببساطة.
" يا ألهي , كنت أعتقد أنك رفضت وجودي لأنك كنت تعتقدين بأنني لست من مقام أسرتك!".
" كلا يا برودي! كيف يمكنك أن تفكر بهذه الطريقة؟".
ثم أخذ يده بيدها , وشدت على معصمه , وأطلقت ابتسامة ناعمة من ثغرها , فشد برودي على يدها , وقال:
" ربما هي عقدة النقص التي كبرت في صدر ( الفتى الشرير) القادم من الجهة الفقيرة من المدينة لقرع باب آل ثورن الأغنياء , فيقفلون الباب في وجهه , أما بما يتعلق بجوردانا , ربما عندما ألتقينا في المرة الأولى , أردت أن أخرج معك بسببها , لكي أنتقم من فتاة بورجوازية رفضت الخروج معي في الماضي ,لكن صدقيني بعد لقائنا الثاني تبدل كل شيء , ولم يعد للقاءاتنا أي علاقة بموضوع الأنتقام..".
بينما كان برودي يتكلم , كانت جاسيكا تدنو منه رويدا رويدا , حتى لاصقته فهمست بصوت خافت ينبعث من أعماق جوارحها :
" أنني أحبك يا برودي".
فطوّقها بذراعه, وطبع قبلة حارة على يدها , ثم قال , بصوت متساءل:
"أذا كنت حقا تحبيني , لماذا جعلتنا نمر بهذه التجربة القاسية؟ لماذا رفضت أن تستسلمي لحبي؟".
" لأنني كنت أعتقد, برفضي الأستسلام لرغباتك , قد تتزوجني , الحقيقة كنت أريد أن أكون زوجتك , لا عشيقتك , كنت أريد أن أشاركك لا أن أقاسمك السرير فقط".
" سوف يكون لك ما تريدين , أذا كانت الطريقة الوحيدة للحصول عليك هي بالزواج, فسوف أتزوك".
نفرت جاسيكا قليلا الى الوراء , ثم قالت بحسرة ظاهرة:
" لماذا يا برودي ؟ لماذا لا تريد أن تتزوجني؟".
" لسبب بسيط جدا , أنظري حولك , أنك تملكين كل شيء , كنت دائما تملكين كل شيء : المال , الملابس الفخمة , المنازل الوثيرة ,والمدارس الخاصة , عندك كل شيء تحلم به الفتاة ".
لمع بريق حزين في عينيه لاحظته جاسيكا فحدقت به , وقالت:
"المال ؟ هل هذا هو سبب عدم رغبتك بالزواج؟ أي فرق بالنسبة اليك , أنت غني جدا , بأمكانك أن تؤمن لي أفضل سبل العيش, فماذا تخشى؟".
" نعم, أنا أملك المال اليوم, ولكن غدا من يدري , قد أخسر كل شيء , أنها مجرد لعبة حظ بالنسبة الي".
" المال لا يعني لي أي شيء, أنا لا يهمني أن كنت ثريا أم لا , أنا أحبك".
رد برودي بهدوء:
" أنه كلام جميل , لكنك لا تعلمين معنى أن يعيش الأنسان بلا مال, عندما يأتي ذاك النهار تكتشفين أن الحب وحده لا يكفي".
ردت جاسيكا بحزم:
" بل أنه يكفي , ربما الحب ليس كل شيء , لكنه كاف بالنسبة لي , طيلةة أشهر غيابك , كنت أجلس وحيدة في البيت , كانت جميع المجوهرات التي أهديتها اليّ معي , لكنها لم تكن تعني لي أي شيء , لأنني كنت عاجزة عن الحصول عليك , لقد قلت لي مرة : ماذا ينفع المال أذا كنا لا نستطيع أن نتقاسمه مع من نحب , ولكن بلا مال يمكنك أن تتقاسم الحب مع من تحب!".
كانت تريد أن تتابع كلامها , لكن برودي أخذها بين ذراعيه , وأسكتها بأجمل الطرق.
تمت

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 18-09-09, 12:29 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 101656
المشاركات: 70
الجنس أنثى
معدل التقييم: zoubaida عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدGermany
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
zoubaida غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

merci zonar 3ala hadihi riwaya el hilwa

 
 

 

عرض البوم صور zoubaida   رد مع اقتباس
قديم 25-09-09, 07:14 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2009
العضوية: 143053
المشاركات: 107
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسماء88 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 24

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسماء88 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور اسماء88   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ممر الشوق, جانيت دايلي, janet dailey, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, sentimental journey, عبير القديمة
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية