لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات منوعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات منوعة الروايات المنوعه


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-02-09, 04:24 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-9-



كان جالسا في شرفته المطلة على حوض الاستحمام لأحدى أفخم الفنادق في مدريد .. يرشف من قهوته من جهة و ينفث دخان سيجارته من جهة أخرى .. و يحملق في الظرف الأبيض الذي وضعه أمامه المخبر..

- " هنا ستجد كل ما تريد معرفته عن لورا آغنر يا سيدي "
- " شكرا لك .. "
مد يده عبر الطاولة فسحب الظرف و أخذ يقلبه .. كان مترددا في فتحه .. لكنه فتحه بالنهاية و أخرج منه أوراق بيضاء قرأ أول ما لفت نظره حيث كان أسود بالخط العريض

( لورا آغنر أشهر عارضة أزياء في أمريكا )

إذا هذا ما أنت عليه يا لورا .. عارضة أزياء مشهورة .. أخذ يقرأ المزيد و المزيد .. أخرج قصاصات مجلة و جرائد تحمل صورا للورا و بعض أبرز العناوين عنها ..

( شقراء تكتسح دور عروض الأزياء )

( آغنر هي كامبل بنسخة شقراء )

(فستان مارك جيكوبس بجسد لورا آغنر )

و قرأ أجدد عنوان لمجلة (اكسبلوجر) تحمل صورة للورا بفستان ذهبي و تقف على أوراق الأشجار معلنة قدوم فصل الخريف .. فصل تساقط قلبه في حب تلك المرأة الذهبية.. أخذ يدقق في هذه الصورة و يفكر فيها ..





- " لورا .. لورا .."
دخل سام مفتعلا ضجة عارمة كعادته عندما يكون هناك شيئا ما يلح في باله..

- " ماذا هنالك يا سام ؟! "
- " انظري ماذا أحضرت لكما ؟!"
كان يحمل بيده فستان من القطن الأبيض ..

- " ما هذا ؟! "
سألته جاكلين باستغراب

- " و ما عساه يكون .. فستان أبيض من التراث الأسباني .. لمهرجان دوس العنب .."
أعادت لورا جملته الأخيرة

- " دوس العنب ؟! سمعت عنه من قبل .."
قاطعها ليكمل عنها

- " شرح لي ماريو كل شيء عنه .. يقومون بقطف العنب من الكروم و بعد ذلك يضعونه في برميل عملاق جدا .. و الأجمل في هذا الأمر هو أن الفتيات يرتدين الفساتين البيضاء التي تلتصق على أجسادهن البرونزية و يعصرن العنب بأقدامهن العارية على أنغام الموسيقى .. آه كم من الصور الرائعة سألتقط لك يا عزيزتي .."
- " و من قال لك بأني سأشارك في هذا المهرجان "
قال بحزن و ضيق

- " بلى ستفعلين .. أرجوك قولي بأنك ستفعلين .. لا يا لورا .. جاكلين أقنعيها "
أجابته جاكلين

- " ستفعل ما يحلو لها يا سام "
- " لا يا جاكي أقنعيها أرجوك .. و إلا لما أحضرتك معي ؟"
- " أنت أحضرتني معك ؟ إنك محتال يا سام .."
ضحكت لورا و جاكلين على تعابير وجهه ..

- " لقد طلب مني ماريو أن أوصل الخبر لك و هو من أعطاني الفستانين .. هذا يعني بأن الدوق هو من أمره بذلك "
- " حسنا سأحضر المهرجان و سأشارك فيه لكن ليس من أجل الدوق بل لي أنا و جاكي .. حتى نمرح قليلا .."

كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا حيث تجمع الجميع بسلالهم في الكروم لقطف العنب ..انبهرت لورا عندما رأت بأن جزءا من ورثها يشمل هذا الكروم العملاق .. الذي يمتد إلى أسفل الوادي ..و هناك بالأسفل رأت مبنى عملاق كتب عليه (مصنع ألفاريز دو تيلدو)..

ارتدت لورا و جاكلين الفستان الأبيض الذي أحضره سام .. و الذي يكشف كتفيها و أعلى صدرها و ربطت شعرها الأشقر برباط أحمر.. و حملت بيدها سلة أعطاه إياها ماريو الذي عندما رآها قال معلقا ..

- " تفضلي يا آنسة آغنر سلتك .. أتمنى ان تملئيها بالعنب الصالح "
ابتسمت معلقة

- " شكرا لك .. سأبذل جهدي "
أعلن أحد المسئولين عن التنظيم بدء المهرجان .. فركض الجميع نساء و رجال إلى الكروم .. و الكل كان يملأ سلته بالعنب الأحمر الناضج ..
حاولت أن تقطف واحدة لكن الأمر كان صعبا بالنسبة لها .. شدت بقوة و حاولت أن تقطعها.. كان داني يراقبها من بعيد و يقترب منها شيئا فشيئا..

أحست لورا بيد رجولية تحط فوق يدها و عرفته من رائحة عطره .. تجمدت في مكانها و تركت نضالها في قطع عنقود العنب..


- " تقطعيها هكذا بطريقة مائلة .."
سقط العنقود في سلتها .. عندها استدارت لتواجهه .. كان مبتسما و بدا لها أكثر وسامة من قبل خاصة ببروز لحية ذقنه قليلا و ارتداءه قميصا أبيض فتح أزراه الأولى ليبرز جزء من صدره البرونزي و فوقه سترة سوداء .. اللباس الأسباني..

كانت تنظر إليه بشوق و كأنه غاب عنها سنتين و ليس ليومين..

- " تبدين و كأنك من الأسبانيات لم أكن لأفرق بينك و بينهن لولا شعرك الأشقر .. "
اقترب منها ليزيح خصلة سقطت على جبيها ..اضطربت و اهتز بدنها و هي تنظر إليه .. لا يعقل أن يكون هذا الطويل العريض الواقف أمامها هو الدوق باتريك .. خاصة مع هذا المزاج المبتهج.. أو أن غيابه ليومين غيره كليا ؟! ..

نظر إلى سلتها الخاوية فضحك قائلا ..

- " اعتقد بأنني أنقذتك .. يجب أن تملئي ثلاث سلال من العنب على الأقل .."
- " حقا ؟! "
- " سأكون سعيدا بمساعدتك .. فآخر ما تريدينه هو أن تجرحي يديك الناعمتين بالشوك"
نظرت إلى عنقود العنب إن أطراف الغصن مليئة بالشوك الصغيرة ..
- " شكرا لك .. نبهتني.. و ماذا عنك ألن تملأ سلالك ؟! "
- " بلى سأفعل ذلك .. معك "
غمز لها بعينه ثم بدأ بقطف عنقود فآخر و هي تنظر باستغراب من تصرفاته و مزاجه المختلف ...

ما هي إلا دقائق حتى ملأ سلة واحدة و قال لها ضاحكا

- " هيا أسرعي .. لقد سبقتك .."
تركت الماضي خلفها .. و قالت معترضة مع ابتسامة

- " لم أكن أعلم أننا نتسابق .. هذا ليس عدلا "
- " حسنا إذا سنبدأ من جديد إن شئت .. "
- " يروق لي ذلك .."
كانا يقطفان العناقيد و يلقيانها بسلالهم بسرعة و جدية و كل منهما مركز ذهنه .. فجأة اصطدم بها فكادت أن تسقط و سلتها فوقها .. فأسرع بان حوط خصرها بيده و جرها إليه .. فتحت عينيها لتجد نفسها تحدق بعينيه الجميلتين ذات الرموش السوداء الطويلة .. بقيت لفترة بين ذراعيه و قلبها معلق بين السماء و الأرض ..


- " داني ألم تر الدوق ؟ لقد رأيت سيارته مركونة عند باب القصر "
- " إنه هناك .. انظر يا ماريو.. هناك بين الأشجار "
رأى ماريو منظر الدوق و لورا ملتصقين و يحدقان ببعضهما البعض .. تبادل ماريو و داني النظرات فسأله

- " ماذا يعني ذلك ؟! "
فرفع داني كتفيه بلا اكتراث و ابتعد .. استدار ماريو ليعطي سيده الخصوصية ..


- " هل وجدته يا ماريو ؟! "
- " آنسة ماريا .. لقد طلبت منك أن تنتظري ريثما أبحث عنه .. هيا تعالي معي "
أخذها بعيدا عن مكان تواجد لورا و باتريك و هما في منظر حميمي .. لعل الجنون يصيبها عندما تراهما معا ملتصقين ..


ذابت لورا و هي متشبثة في قميصه و قد لامست أطراف أصابعها صدره المكشوف .. لمعت عيناه و قال لها بطريقة ساحرة

- " يجب أن ترتدي هذا الفستان الأبيض كل يوم .. "
ثم شيئا فشيئا قرب شفتيه من رقبتها يقبلها .. فتعلقت به أكثر و هو يصعد بقبلاته حتى شفتيها الناعمتين .. و لم يتوقف إلا عندما سمع صوت الصفارة التي تعلن انتهاء وقت القطف ..


اتجه الجميع إلى البرميل الضخم حيث وضعوا فيه العنب المقطوف .. و كان الدوق و لورا آخر الواصلين ... حمل باتريك ثلاث سلال في يد و اثنتان باليد الأخرى .. بينما حملت لورا سلتين فقط .. و بعد أن ألقي العنب في البرميل .. بدأ عزف الموسيقى .. و حمل الرجال النساء داخل البرميل .. شهقت لورا عندما حملها باتريك من خصرها بحركة مفاجأة واضعا إياها داخل البرميل .. و بسرعة أخذت النساء يدها لتنظم إليهن في الرقص .. في البداية كانت الأنغام هادئة مع صفقات بطيئة و شيئا بدأت تزداد سرعت العزف و التصفيق ..و الرجال بالغناء .. لم تفهم لورا كلمات الأغنية .. لكنها رأت باتريك واقفا بسعادة يصفق و يغني و هو يتأملها .. فأخذت النساء تقفزن فوق العنب و تتطاير العصارة على وجهوهن و ثيابهن التي تحولت من اللون الأبيض إلى البنفسجي ..

كانت لورا و جاكي يضحكان و يلقيان العنب على بعضهما .. و كان سام يأخذ لقطات عدة لهما ..

رقصت لورا و هي تضحك بسعادة متناسية وجود باتريك يحدق فيها بكل افتتان و كان يذوب في كل مرة تشيح بشعرها الأشقر الكثيف المتطاير الذي تبلل بعصارة العنب محدثا جلبة عارمة في حواسه و عقله .. كانت عيناه تترقصان مع تمايل جسدها .. و كلما ارتفع فستانها مظهرا رجليها و فخذيها يرتفع قلبه معه ..

- " دون باتريك .. انضم إلينا "
- " هيا يا دون باتريشيو.. هيا "
كانت النساء تنادي عليه فأخذ الرجال يدفعونه نحو البرميل الضخم .. و يدفعونه حتى أسقطوه داخله .. و بسرعة ساعدته النساء على النهوض و شبكت ماريا أصابعها بأصابعه..أصبح هو في المنتصف و على يمينه و يساره مجموعة من النساء .. بينما لورا في الجهة المقابلة له .. و ينظر إليها يبتسم ..و في كل مرة تقترب المجوعتين ببعضها ثم تبتعد للخلف مرة أخرى .. كان يميل ناحية لورا و كأنه سيصطدم بها .. غمز لها فأنزلت رأسها خجللا و أبطأت من رقصها لشعورها بالإحراج من نظراته الفاحصة ..لم يعد يستطيع مقاومتها .. كانت مثيرة بمعنى الكلمة بثوبها الملتصق بجسدها و وجهها الملطخ باللون البنفسجي ..فترك يد ماريا و اتجه ناحية لورا .. أخذ يدها و جذبها إلى المنتصف .. زاد تصفيق الرجال و النساء الذين ينظرون إليهما .. كان يقود حركاتها و يلفها بكل سهولة و كأنه محترف بالرقص .. و لأول مرة تسمعه يغني .. كان يغني بصوت مرتفع .. تناست بأن هذا هو الدوق الذي عرفته طوال الثلاثة أسابيع الماضية ..الدوق المتكبر المتعجرف .. ذو الأعصاب الباردة .. الخالي من المشاعر .. الذي يتجاهلها .. إنه شخص آخر ..

- " عصر العنب .. أعصروا العنب .. دوس العنب .. "
هذا ما استطاعت فهمه من كلمات الأغنية الأسبانية التي أخذ الجميع ينشد بها ..

رقصوا لساعتين تقريبا و هم يدورون في حلقات و يؤدون حركات إيقاعية حتى تحول العنب إلى عصير سائل في البرميل .. عندها توقفت الموسيقى و توقفت الراقصات ..

صفق باتريك و قال بصوت مرتفع

- " غراسياس (شكرا ) .. أحسنتم جميعا "
ثم نظر إلى لورا و كأنه عاشق يتغزل بحبيبته .. نزل من البرميل, وضع يده على خصر لورا و انزلها على الأرض بخفة .. لكنه لم يفلتها بل أبقاها ملتصقة به و يديها على صدره ..

اشتعلت ماريا غيرة و هي ترى هذا الحب المتبادل بينهما .. و لم تعد تستطيع أن تتحمل المزيد فابتعدت بسرعة .. و تبعتها الفتيات الأخريات لتغيرن ثيابهن المبتلة ..

لم تصدق نانيرا عيناها عندما رأت اليوم ما دار بين باتريك و تلك الجريئة لورا .. إنه مفتون بها .. لقد استطاعت أن تلقي بسحرها عليه ..

بقي هو معها واقفين وحدهما بثيابهما المبتلة الملتصقة عندما غادر الجميع .. كان أكثر سحرا من قبل خاصة بخصلات شعره التي التصقت بجبينه .. أخرج من جيب بنطاله وشاحها الذي كانت تضعه فوق رأسها .. توترت و هي تأخذه من يده ثم قالت بعد أن بللت ريقها الجاف ..

- " اعذرني دون باتريك يجب أن أذهب .."
وضع سبابته على شفتيها

- " اششش..ستذهبين عندما يحين الوقت لذلك "
أخذ قلبها يدق بعنف بين ضلوعها عندما قرب شفتيه فلامست شفتيها ..قبلها .. بنهم و شغف .. تعلقت به بقوة و بادلته حرارة التقبيل .. أغمضت عينيها لتنعم بهذه اللحظة بين أحضانه ..

الصقها على البرميل و حشر جسدها بجسده و انقض عليها بقبلاته في وجهها و رقبتها و صدرها المكشوف ..و امتزج طعم قبلاتها بطعم العنب اللذيذ .. ذابت مثل الشمعة تحت حرارة جسده و قبلاته .. و تمنت أن لا يتوقف أبدا ..

لكن هذا لا يدوم أبدا .. أنهى قبلاته بواحدة على كتفها ثم رفع رأسه ليحدق في عينيها الساحرتين

- " لديك أجمل عينين رأيتهما في حياتي "
أمسكت وجهه بيديها و أخذت ترفع خصلات شعره المبتلة .. إنها هائمة بحبه .. طبعت قبلة صغيرة على جبينه ثم ابتعدت عنه بسرعة و هي تركض إلى القصر .. كانت مبتسمة و سعيدة .. و أخيرا فتح لها باب السعادة .. لكن هذه السعادة لا تدوم طويلا !!!


كانت ماريا في انتظارها في غرفة الجلوس و ما أن صعدت لورا أول خطوات الدرج حتى أوقفتها

- " آنسة آغنر .."
نزلت لورا الدرجات و اقتربت من ماريا

- " تفضلي .. كيف أخدمك ؟! "
- " لابد أنك لا تعرفين من أكون "
- " بصراحة لا لكنني رأيتك عدة مرات هنا من قبل "
- " أنا ماريا سيلفادور .."
استغربت لورا .. فماذا تريد منها هذه السيدة و لم تقول لها من تكون ؟؟ انا لا أبه بك .. فاتركيني أصعد حجرتي و أزف خبر سعادتي لجاكلين .. لكنها عوضا عن ذلك قالت لها
- " أهلا و سهلا آنسة سيلفادور .. "
- " اسمعيني يا لورا لست هنا لأعقد صداقة معك أو أي شيء من هذا القبيل فأنت في نظري دخيلة ليس إلا .. "
عبس وجه لورا و أعادت ما قالته ماريا

- " دخيلة؟! ماذا تعنين "
- " وجودك في هذا القصر و قربك من باتريك "
- " أنت لا تعرفين عن سبب وجودي هنا .. و قربي من دون باتريك ليس من شأنك "
- " بلى من شأني ففي القريب العاجل سنتزوج .. لذلك يجب أن توقفي لعبتك السخيفة فلقد انكشفت يا آنسة .."
استغربت لورا هذا التهجم عليها من امرأة لا تعرفها .. و ماذا قالت ؟ نتزوج ؟!!
- " أية لعبة عن ماذا تتحدثين ؟!.. "
- " أنت تعرفين جيدا ما أعنيه .. إلقاء نفسك على الدوق ..في حين أنت مولعة برجل آخر غيره .."
- " غيره ؟! ماذا تقولين ..؟!"
- " اسمعيني إنه لا يريد فتاة أمريكية لعوبة و لا يعرف عنها شيئا لتكون زوجته و أما لأبنائه .. كما و أنها لا تتمتع باللباقة و المستوي الذي أنعم به أنا.."
قاطعتها و قالت بعصبية

- " لا .. تعديت حدودك كثيرا و لولا لباقتي لبادلتك الإهانات .. "
ثم استدارت و أخذت تصعد الدرج فصرخت ماريا

- " هيا افعلي .. أريني حقيقتك يا آنسة أغنر .. "
لم تعرها لورا انتباها و دخلت حجرتها .. و هناك انهارت بالبكاء ..يبدو بان كل ما تفعله لورا منذ قدومها هنا .. هو البكاء .. فهي لم تعرف عنه شيئا منذ مدة طويلة.. و ها هي الآن لا تمر عليها لحظة هنا دون أن تنهمر دموعها على وجنتيها .. اقتربت منها جاكلين و حضنتها بقوة ...

- " لم تبكين يا عزيزتي ؟! "
- "جاكي .. لم أعد احتمل بقائي هنا .. لا أريد الورث و لا أريد أي شيء منهم .. دعينا نغادر .."
- " لم يا لورا و أنت تحرزين تقدما ملحوظا .. لقد رأيتك اليوم مع الدوق و كيف كان يعاملك بكل افتتان .. إنه مغرم بك و سرعان ما سيغير رأيه عن فكرة الورث .. انتظري قليلا .. فلقد انتظرت الأسابيع كلها "
مسحت دموعها و استعادت رباطة جأشها .. فكلام جاكي صحيح .. لن تنهار الآن ليس بعد الذي حدث بينهما اليوم .. لقد أثبت لها أنه يكن لها نفس المشاعر التي تحملها له .. لذلك لن تتأثر بكلام ماريا الغيورة .. لكن ماذا عن .. نتزوج ؟!!





في المساء أقيم احتفال لتذوق النبيذ الذي اشتهرت به عائلة آلفاريز دي تيلدو منذ قرون طويلة جدا .. و هناك لبس الرجال البذل الرسمية (تكسيدو )و تزينت النساء بفساتينهن الراقية .. بعكس ما بدوا عليه هذا الصباح بثيابهن الريفية العملية..

طرقت وانيتا على باب جناح لورا فأجابتها جاكلين بالدخول

- " مرحبا .. "
- " أهلا وانيتا .. كيف أساعدك ؟! "
- " دون باتريك يسأل إن كانت الآنسة لورا ستنزل أم لا ؟! "
لكن لورا أجابتها وهي تدخل عليهم غرفة الجلوس
- " أخبريه باني سأفعل .."
التفتت الاثنتان ينظران إلى لورا .. كانت أكثر من رائعة بفستانها الأسود الطويلة الذي استرسل على جسدها و كشف ظهرها كله .. رفعت شعرها إلى الأعلى و ارتدت قرطين ماسين و وضعت ماكياج يليق بالفستان الخلاب ..


كان ينتظرها كعادته أمام الدرج برفقة ماريو و داني و بعض الرجال .. حبس أنفاسه في صدره عندما رآها تنزل الدرج بطلتها البهية مبتسمة .. اقترب منها و أخذ يديها أمام مرأى ماريا التي كانت تتآكل في داخلها و تشب غضبا و حنقا على تلك الأمريكية الجريئة ..

همس في أذنها ..

- " لقد خطفت أنفاسي .. "
- " شكرا لك دون باتريك .."
- " أرجوك .. لقد تعدينا مرحلة الرسميات.. ناديني باسمي فقط .. باتريك "
ابتسمت خجلا عندما غمز لها بعينه

- " حسنا كما تريد .. باتريك .. هل يعجبك هذا ؟! "
- " كثيرا .. "
وضع يديه على خصرها و أخذ ينظر في عينيها .. ثم قال

- " هل تشرفيني بالرقص معي ؟! "
- " لك الشرف "
وضعت ذراعها حول رقبته و شبكت أصابعها بيده الأخرى .. و أخذ يرقص معها حتى أصبحا في المنتصف .. كانت تشعر بأنها سانديرلا تراقص الأمير.. و كلما أدراها بخفة تطاير فستانها و كأنها تملك القاعة لنفسها .. هي و هو .. يرقصان وحدهما ..

و كان حلمها قد أصبح حقيقة و هي بين ذراعي هذا الوسيم .. الذي لم تبعد الفتيات عيناهن عنه خاصة ببذلته التكسيدو السوداء التي تليق بجسده الرياضي .. و بشعره الأسود المرتب و ذقنه الحليق الأنيق ..

انتهت أغنية و بدأت أخرى لتنتهي مرة أخرى و هما يرقصان دون إحساس بالوقت..


عندما التفتت وجدت أنهما وحدين في الخارج ..

- " يا إلهي .. كيف وصلنا إلى هنا ؟! "
- " ألم أخبرك باني ساحر ؟! "
ضحكت .. فأخذ يديها و أجلسها على الكرسي و جلس بالقرب منها .. رفع يدها و قبلها برقة .. فسرت قشعريرة بكل جسدها ما إن لامست شفتيه جلدها ..


- " اسمعيني لورا .. دعينا نترك موضوع الورث و لا نتحدث فيه في أي وقت قريب .. و أوعدك بأن كل ما تريدينه سيكون لك .. لكن الآن دعينا نستمع بوجودنا معا .. ففي الحقيقة يا لورا.. أنا معجب بك جدا ..و حاولت كثيرا أن أبقي هذا الإعجاب بداخلي .. لكن لم أستطيع التحمل أكثر .."
شعرت بأنه سيغمى عليها .. زادت دقات قلبها بطريقة جنونية .. و شعرت بحرارة غير طبيعية في بدنها .. يا إلهي .. لم تستطع أن تنطق بحرف واحد .. و اكتفت بأن أومأت برأسها و ابتسمت بتوتر .. فبادلها الابتسامة ثم قرب شفتيه ليطبع قبلات على شفتيها المرتجفتين..

عندما ابتعد عنها قليلا استعادت وعيها .. و قالت له

- " ما الذي غيرك يا باتريك .. لقد كنت قاسي معي و معاديا قبل يومين فما الذي بدل حالك ؟! "
- " لقد فكرت مليا بأن هذا الأمر لابد منه .. و أنا كنت معجب بك حتى قبل أن أتعرف عليك ..و في ذلك اليوم عندما رقصت مع سام و وجوده معك جعلني أدرك باني لا أريد أن أفقدك لشخص آخر .. لقد جعلتني الغيرة أفكر كثيرا بنا "
- "إنني أشعر بالإطراء ..لكن كيف كنت معجب بي قبل أن تتعرف علي ؟! "
لوى شفتيه و رسم ابتسامة صغيرة فقال

- " لن تصدقي ما سأقوله لك .."
- " جربني .."
- " حسنا .. قبل شهر تقريبا كنت في المطار أنتظر طائرتي التي سأغادر بها من الولايات المتحدة ..من لوس أنجلوس إلى هنا .. كنت أنظر من فوق النافذة إلى الناس بالأسفل .. فرأيت أجمل فتاة رأتها عيني .. أملت أن ترفع رأسها و تنظر إلي .. و كأنني أحلم .. فقد رفعت رأسها فعلا .. و ابتسمت لي .. و بعد ذلك اختفت .. فنزلت أتبعها و هناك رأيت تجمع غفير و وميض آلات تصوير عندما اقتربت قليلا وجدت أمراة هيفاء شقراء كانت محط الاهتمام و الأنظار فسلبت عقلي و قلبي منذ حينها .. و عندما ارتديت الفستان الأخضر تلك الليلة و تركت شعرك الأشقر ملتف حول كتفيك و وميض آلة تصوير سام نبهت عقلي بان المرأة التي سلبتني العقل و القلب ما هي إلا أنت يا لورا .."
كانت غير مصدقة الكلام الذي قاله .. أو أنها صدقته لكنها تحت تأثير الصدمة .. كيف شاء للقدر أن يجمعهما معا ؟!! .. أمسكت وجهه بين يديه و خللت أصابعها في شعره الأسود الكثيف ..
- " آه يا باتريك .. لقد جعلتني أؤمن بالقدر أكثر .. "

أخذها بين ذراعيه و قبلها من جديد بكل شغف.. غاصت بين ضلوعه..و ذابت في اللحظة أكثر من مرة .. لكن داني دخل ليقاطعهما

- " آه أنا آسف .. لم أقصد مقاطعتكما.. اعذروني "
تركها باتريك .. فاستقامت واقفة و ابتعدت عنهما قليلا.. كانت تشعر بالإحراج
- " لا بأس .. ماذا تريد يا داني ؟! "
- " بعض رجال الأعمال يبحثون عنك .. أظن أنهم يردون عقد صفقة ( دو أميغو ) خاصة بعد تذوقهم للنبيذ .. "
- " حسنا .. أخبرهم بأني سأوافيهم حالا .."
دخل داني قبل باتريك .. لكنه وقف ليتصنت قليلا .. لا يعرف لم فعل ذلك!!.. هل يمكن أنه يشعر بالغيرة من صديقه؟! .. أم لأنه معجب جدا بلورا ؟!


وضع يده على كتفها و طبع قبلة ناعمة و رقيقة على ظهرها العاري .. و قال لها بهدوء

- " اعذريني لورا يجب أن أذهب .. "
كان يريد أن يبرر لها سبب ذهابه لكنها استدارت لتواجهه

- " لا بأس.. سأكون هنا .. انتظرك حتى لو تأخرت "
- " شكرا "
ثم طبع قبلة صغير على شفتيها و كأنهما اعتادا على التقبيل ..

طالت غيبته و بدأت تمل.. فجأة وضع يده على كتفها فوضعت يدها فوقها ثم استدارت لتواجهه .. و سرعان ما استنفرت منه و ابتعدت للخلف و قالت بعصبية

- " ماذا تريد يا داني ؟ ماذا تفعل هنا ؟! "
أشار لها بيده أن تهدأ قائلا ..

- " اهدئي يا لورا اهدئي .."
- " لن أهدأ حتى تغادر من هنا فورا "
- " اسمعني لورا لا أريد ان أفعل لك شيئا أو أؤذيك .. كل ما أريد فعله هو الاعتذار منك على تصرفي السابق .. لم تتسنى لي فرصة لأعبر لك عن مدى أسفي عن فعلتي المشينة .. لم أستطع تلك الليلة مقاومة دوافعي و رغباتي .. و لست ممن ينجر خلف رغباته و لقد ندمت أشد الندم على تلك الليلة و لا ألومك إن أصبحت تكرهيني.."
- " أنا لا أكره أحدا يا داني لكن لا أريدك أن تقترب مني "
- " أرجوك يا لورا أن تتقبلي أسفي .. فلا تنسي بأني كنت صديقك الوحيد هنا و وقفت إلى جانبك أكثر من مرة "
- " لكنك خذلت صداقتنا و أنا آسفة الأمر ليس بهذه السهولة لأن أسامحك.. "
أنزل رأسه حزنا ثم استدار ليتفاجأ بوجود باتريك واقف يسمع حديثهما


- " باتريك .!!"
قال باتريك بصوت خالي من المشاعر

- " هل تحاول انتهاز فرصة غيابي يا دانيال ؟! "
- " لا .. أبدا ..كل ما أردت فعله هو أن أقدم اعتذاري إلى لورا .. "
اقترب من لورا و قال لها بهدوء

- " حسنا لك أن تغادر الآن "
- " صدقني يا باتريك .."
- " لا بأس .. داني .. "

غادر داني متضايقا فالتفت باتريك ينظر إلى لورا التي ابتعدت عنه أيضا و استندت على الشرفة.. كانت عابسة و متضايقة جدا من داني و وجوده عكر مزاجها .. فاقترب منها و قال بهدوء


- " لورا ..أعرف بأن الأمر صعبا عليك.. لكنك إن فعلت و غفرت لداني فستساعدينني على مسامحته أيضا "
نظرت إليه .. كان الحزن باد على ملامحه

- " ماذا ؟! اعتقدت بأن الأمور بينكما تسير على ما يرام "
- " تقريبا .. "
- " و لم ؟ هو لم يخطيء بحقك "
- " بلى لقد فعل .. لورا أرجوك لا تسألي .. حاولي فقط أن تسامحينه.."
خللت أصابعها في خصلات شعره فهذا ما تحب فعله ..و قالت له بهدوء مع ابتسامة صغيرة

- " سأحاول من أجلك فقط ..."
- " شكرا لك .. أقدر لك هذا "
قبلها ثم قال لها و هو يتأمل جمال عينيها .. تعالي معي ..

- " إلى أين .."
- " إلى مكان لا يوجد به أحد ..."

جذبها من يدها و نزل الدرج الجانبي .. فتفاجأت لورا بأن هناك درج جانبي لا تعرف عنه بالشرفة و يؤدي إلى داخل القصر حيث مكتب باتريك الذي لم تدخله من قبل ..

دارت بالمكتب و مرت بالقرب من الكتب التي تمتد من السقف حتى الأرض كانت منبهرة لكثرة عدد الكتب .. اقترب منها فناولها كأسا ..

- " هل أعجبتك المكتبة ؟"
- " إن المكان رائع و دافئ .. و الكتب .. هل تحب القراءة ؟! "
- " نعم .. لكن هذه الكتب تعود لوالدي و أجدادي .. إنها قديمة جدا .."
- " هذا ما يجعلها رائعة .. و قيمة "
- " إن أردت تستطيع أن تقرئي منها ما شئت .."
تعلقت في رقبته و هي تبتسم له

- " شكرا لك .. "
- " لن تكفي الكلمة .."
قهقهت فقد عرفت ما يريده .. طبعت قبلة صغيرة .. فأخذها هو بقبلة أكبر .. حملها بين يديه ليضعها بهدوء على الأرض .. ثم ينظر إليها كأسد جائع .. يريد أن يلتهم فريسته .. انقض عليها بالتقبيل و ما هي إلا لحظات حتى دخلا في عالم الخيال .. عالم بعيد عن الواقع ..

استلقى بالقرب منها ينظر إليها .. يتوهج جسدها مثل تلك النار التي بالمدفأة... و جسده الحطب الذي يزيدها اشتعالا .. مدت يدها إلى وجهه .. فقبل راحة يديها و هي تمرر أناملها في تقاطيع وجهه الحادة .. و قال بصوت مثير ..

- " لورا ..يجب أن أذهب لتوديع ضيوفي "
أومأت مبتسمة و هي تجذب فستانها ...

بعد أن ارتدى ثيابه وقف عند الباب يتأملها طويلا .. و أخيرا قال ..

- " أراك صباح الغد .. أتمنى أن تنضمي إلينا على الإفطار "
- " سأفعل .. عمت مساءا "
- " و أنت كذلك .."

عندما غادر بقيت هي في المكتب تعيد اللحظات التي مرت عليها مع باتريك .. هل كانت تحلم بأنها بين أحضانه ؟! أم إنها الحقيقة ؟! و هل كانت مجرد نزوة عابرة ؟! أم أنه يكن لها مشاعر أكثر من ذلك و أنه بالفعل أرادها بكل حواسه ليس فقط لأها جذابة و أنها تعجبه .. بل لأنه واقع في عشقها.


 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:25 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

10-





مر يومان على حفلة تذوق النبيذ التي تقام كل سنة بعد مهرجان دوس العنب .. و إبرام باتريك لصفقة ( دو أميغو ) المتعلقة بالنبيذ .. و على الإفطار كان ماريو و سانتياغو يتناقشون مع باتريك عن أهمية الصفقة و إنها سوف ترفع أسهم المصنع و سيشتهر النبيذ خارج أسبانيا .. و سيفتح فرعا للمصنع في كاليفورنيا ..

دخلت لورا غرفة الطعام و ألقت تحية على الجالسين ..بادلها باتريك الابتسامة و أكمل حديثه .. و بعد دقائق تبعها سام و جاكلين..
- " صباح الخير جميعا "
قال سام بسرور كعادته .. فابتسم له باتريك على الرغم من حقده عليه ..

فسأل قاطعا على الثلاثة نقاشهم الأمر الذي أزعج باتريك كثيرا ..

- " ماذا تفعلون هنا للمتعة ؟"
نظر باتريك إلى ماريو حتى يجيبه .. فقال له ماريو بود

- " باستطاعتك يا سيد سام أن تسبح في حوض الاستحمام.. أو أخذ جولة في الوادي.."
- " لقد فعلنا كل هذا .. كما أن الجو بارد للاستحمام "
أجابه باتريك بانزعاج

- " ما رأيك إذا أن تذهب للمدينة و تقضي هناك ثلاثة أيام .؟؟. "
أعجبت سام الفكرة فسأل لورا

- " إنها لفكرة جهنمية يا عزيزتي لورا ما رأيك فيها ؟"

أصبح الأمر جدي بالنسبة لباتريك فرفع رأسه عن الأوراق و أخذ يحملق في وجه لورا التي احتارت قليلا .. كان يتحرى هو أيضا إجابتها .. فقالت له

- " ربما يوم آخر يا سام .."
ارتاح باتريك .. فهو لا يريد أن تتركه لورا ..ليس بعد أن اقترب منها أخيرا .. و بعد الذي حدث ذلك اليوم في المكتب .. يريد أن يكرره بين فترة و أخرى ..

همست في أذن سام عن السبب الذي جعلها ترفض الذهاب عندما أشاح باتريك بنظره عنها و أخذ يقلب الأوراق بانزعاج ..

جذبت لورا جاكلين خارج غرفة الطعام و أخبرتها عن فكرة سام .. و إنها من الأفضل أن تكون هنا مع باتريك لكم يوم .. لعله يتقرب منها أكثر إن وجدها وحيدة.. و لعله ينهي معها المسائل العالقة..

و بالطبع جاكي الحكيمة وافقت و قررت أن تغادر مع سام ليومان فقط ..


صعد الثلاثة ليوضبوا حقائبهما .. و بكل سهولة قام سام بعمل حجوزات الفندق الذي سيقيمان فيه ليومان من خلال الإنترنت .. يا له من عصر السرعة ..






و بعد غضون ساعة كانت سيارة الفندق التي طلبها سام تنتظرهما في الخارج ... سمع باتريك صوت محرك السيارة .. فخرج من مكتبه بسرعة و رأى لورا واقفة فسألها ..

- " هل أنتم جميعا ذاهبون؟ "
- " لا .. سام و جاكي فقط .. "

قبل أن يصعد سام السيارة توقف ليودع لورا ثم نظر إلى باتريك مطولا .. استغرب الآخر هذه النظرات الفاحصة فعبس بوجهه .. لكن سام قال له

- " أتعرف شيئا يا دون باتريك ؟! "
- " ما هو هذا الشيء ؟ "
- " إنك تصلح لأن تكون عارض أزياء .. ألم تصور إعلانات من قبل ؟! أعتقد بأنك تصلح لإعلان لمستحضر تجميلي أو ل...."
جذبته جاكلين لداخل السيارة و هي تودعهم و تخبر سائق السيارة أن ينطلق ..


كان مدهش من كلام سام غريب الأطوار ذلك .. بعد أن أدرك أنه كان جدي و رأى لورا تضحك بهدوء .. انفجر ضاحكا .. ثم فجأة توقف عن الضحك و ابتسم لها .. كان يريد أن يعرف لم لم ترافقهما .. لكنه أعدل عن ذلك .. و قال

- " سنذهب في جولة إلى المصنع .. هل تودين مرافقتنا ؟ "
- " نعم و لم لا ؟! "

هي المرأة الوحيدة بين الرجال الذين ترافقهم و الآخرين الذين يعملون في المصنع.. باختصار كانت محط الأنظار.. امرأة جميلة و صبية و أنيقة و شقراء و هنا من النادر رؤية الشقراوات فكيف لا تكون محط أنظار الرجال ؟؟

سارت بالقرب من باتريك الذين كان يشرح لعاقدي الصفقة عن طرق سير العمل بالمصنع .. إن المكان هائل .. حيث الأجهزة و المعدات العملاقة..

بعد جولتهم في المصنع .. أخذهم باتريك في جولة أخرى بين الكروم .. لكن هذه المرة على ظهر الخيل ..

توقف باتريك ليسألها ..

- " هل تردين إكمال الجولة معنا يا لورا؟ .. أم تفضلين العودة مع ماريو إلى القصر؟؟ "
- " لا .. سأرافقكم .. إن الأمر ممتع"
- " حقا ؟! و هل أنت مستعدة لركوب الخيل ؟ "
ضحكت فهو يلمح عن تلك الحادثة المجنونة .. سكتت قليلا لكنه أردف قائلا

- " سيسعدني أن نتشارك أنا و أنت جواد واحد .. فما قولك ؟"
أنزلت عيناها و فكرت قليلا .. ثم قالت بابتسامة ..

- " و لم لا .. فبذلك لن أتوتر و أنا أخشى السقوط .. أو أن يركض فيني الخيل بلا توقف"
- " بالطبع .. تقصدين مثل المرة السابقة "
- " هذا ما كنت أنت تقصده "
- " حقا و هل كنت أقصد شيئا ؟ "
- " لا .. على الأقل سيكون هناك من أستند عليه و أتشبث به جيدا خشية السقوط "

قهقه مجيبا إياها
- " حسنا إذا .. أعطني يدك "
رفعها فوق ظهر (اسبرينسيس) الجواد الذي هاج بها راكضا حيث القصر عندما أصابها الجنون الذي دفعها لتلك الفعلة .. و بعدها صعد خلفها .. و قادهم إلى حيث الكروم ..

غمرها شعور جميل .. فهي كالأميرة التي يحملها الفارس النبيل و يسير بها بين الغابات .. امتزجت رائحة العنب و الزروع برائحة عطرة الشهية .. و تمنت أن تبقى هكذا للأبد .. لكن للأسف .. ليسا لوحدهم .. فنظرات داني الثقابة المزعجة جعلتها تدرك بان هذا الحلم لا يبقى أبدا .. كما و أن أحد الرجال الذين صحبهم معهم باتريك في الجولة لا ينفك يسأل أسئلة كثيرة و بلا توقف ..


بعد هذه الجولة ودع باتريك الرجال .. لكنه عوضا من أن يدخل القصر ظل واقفا ينظر إلى المفاجأة..

توقفت سيارة سوداء ليخرج منها رجل كبير في السن و خلفه امرأتان .. عرفت لورا من تكون الثانية .. إنها .. ماريا ..


- " دون باتريك .. كيف حالك ؟"
- " أهلا سيد سيلفادور .. بخير .."
- " تبدو مصدوما لقدومنا أليس كذلك ؟"
شعر باتريك بالإحراج فقال

- " بعض الشيء .. إنها مفاجأة .. لم يخبرني أحد بقدومك لكنت أكثر مضيافا "
- " لا تقلق .. لقد قامت نانيرا إيزابيل باللازم "
- " حقا ؟! "

في اللحظة خرجت نانيرا و صافحت السيد سيلفادور و عانقت السيدة سيلفادور .. و الذي جعل باتريك يفتح فمه بدهشة أكثر عندما قالت نانيرا للسائق أن يأخذ بحقائبهم للداخل ..


بعد أن دخلوا القصر أوقف باتريك نانيرا و سألها بعصبية

- " ماذا يفعلون هنا ؟ "
- " دون باتريشو .. اهدأ .. إنهم يقضون بداية فصل الخريف هنا لمدة أسبوع "
- " أسبوع .. و منذ متى ؟؟ "
- " منذ أن غادرت أسبانيا يا عزيزي .. اقتربت الكونتيسة من السيدة سيلفادور و كذلك زوجها أصبح صديق السيد سيلفادور .. و منذ حينها و هم يقضون أول أسبوع من الخريف هنا .. و لم أشأ أنا أن ألقي هذا التقليد .. خاصة و أن السيدة سيلفادور عانت كثيرا لفقدان الكونتيسة .. "
- " و .."
لم تعطه فرصة ليتحدث فأكملت قائلة

- " دعنا ندخل .. كي لا نتأخر على ضيوفنا "

\



وبينما يهمان بالدخول حتى خرجت لورا و الشرر يتطاير من عينيها و هي تنظر بحقد إلى نانيرا

- " هل أنت بخير يا لورا ؟"
- " لا أعتقد ذلك .. فالمصونة نانيرا قامت بنقل أغراضي إلى الحجرة الصغيرة في الأسفل "
تضايق باتريك و نظر إلى نانيرا متسائلا

- " هل هذا صحيح ؟"
- " لقد اعتقدت بأنها ذهبت مع أصدقائها إلى مدريد .. كما و أن هذا الجناح قد خصصته الكونتيسة لهم .. و ليس من العدل و الضيافة أن نجعلهما يقيمان في .. غرفة الضيوف السفلية .. أنا آسفة يا لورا .. اعذريني .. "
ثم تركتهم و صعدت إلى الطابق العلوي ..

دنا باتريك منها و هو ممسك وجهها بيديه و قال بضيق ..
- " لا أعرف ماذا أقول لك يا لورا .. أنا متفاجيء أيضا من وجودهم هنا .. و في نفس الوقت محرج منك .."
- " لا عليك .. ستروقني الغرفة الصغيرة .."

في المساء تجمعوا حول المائدة لتناول وجبة العشاء .. كان السيد سيلفادور وديعا بالنسبة لزوجته الشرسة التي لا تتوقف عن التهامس مع نانيرا و ابنتها ماريا المتعجرفة .. و توجيه نظرات غير ودودة للورا ..

- " آنسة آغنر .. "
رفعت لورا رأسها و نظرت إلى السيد سيلفادور الذي ناد عليها

- " نعم .."
- " إذا أنت من الولايات المتحدة كما سمعت "
- " هذا صحيح ..."
تكلم داني قائلا

- " لكن لها جذور أسبانية .."
- " و كيف ذلك ؟ "
قال باتريك و هو متضايق من هذا النقاش ..

- " إنها ابنة بابلو .. "
ترك السيد سيلفادور ملعقته و شهقت زوجته و كذلك فعلت ماريا

- " ابنة كارلوس ؟؟ لم يخبرني بأن لديه ابنة "
انزعجت لورا و أجابتهم بطريقة دفاعية

- " و أنا كذلك لم أعرف بوجود أب بيولوجي لي فلقد اعتقدت كل هذه الخمسة و عشرين سنة بأن بيتر آغنر هو والدي .. "
رفعت السيدة سيلفادور رأسها و سألتها

- " و ما الذي أتى بك إلى هنا و أنت لا تعرفين والدك ؟ "
حدجها زوجها بنظرة حادة .. و قال مبتسما للورا

- " لا داعي لأن تجيبيها فهي حشرية و فضولية أكثر من اللازم أعذريها يا ابنتي "
- " لا بأس .. "
تعاطف باتريك مع لورا التي تشعر بالغربة هنا .. أنزلت رأسها فهي لا تريده أن يرى الحزن الذي اعتراها .. و كلما ذكر موضوع والدها تتضايق ..

جلس الجميع بعد العشاء في غرفة الجلوس الصغيرة التي تحوي مدخنة كبيرة لشرب القهوة ..

و كعادتهن النسوة يتحدثن عن لورا و ينظرن إليها بطريقة أزعجتها ..

عندما استقامت لورا لتغادر سألها باتريك

- " إلى أين يا لورا ؟ "
- " استأذنكما .. أريد الذهاب إلى حجرتي "
لكن السيد سيلفادور قال لها

- " اجلسي قليلا .. فنحن لم نتشرف بعد بمعرفتك آنسة آغنر "
جلست مجاملة له ..

- " ماذا تفعلين آنسة آغنر لكسب رزقك ؟"
أطرقت عليها السيدة سيلفادور هذا السؤال .. فقالت لورا بكل ثقة

- " أنا عارضة أزياء "

رفع داني رأسه .. و الآن تذكر أين رآها و لم كان وجهها مألوف بالنسبة له .. فلقد رآها من قبل في المجلات و تلك الليلة في المطار ..

- " إذن أنت هي تلك الفتاة في المطار التي ... "
أراد أن يكمل لكن باتريك قاطعة و أكمل عنه

- " لورا عارضة أزياء مشهورة و ناجحة في هوليوود "
- " هل هذا صحيح آنسة آغنر ؟؟"
- " إنني في بداياتي .. لكني أمارس عرض الأزياء كهواية فقط .. فأنا درست علم الآثار في الجامعة و أريد أن آخذ شهادة عليا في هذا المجال "
انبهر باتريك فهذه معلومة جديدة عليه .. و لأول مرة يشعر بأنه يريد أن يعرف المزيد عن هذه المرأة المذهلة ..

- " إذا أنت هنا لاستكشاف هذا القصر .. إذ يعتبر من الآثار التي تهمك آنسة آغنر ؟ "
قالت ماريا حتى تحرج لورا .. لكن الأخرى لم تجد إحراج بهذا السؤال فقالت

- " نعم .. صحيح كلامك .. هذا القصر من الآثار التي بهرتني حقا .. لكني لست هنا لهذا الغرض و أنت تعرفين ذلك جيدا "
أضافت ماريا بخبث

- " لا .. لا أعرف حقيقة لم أنت هنا ؟ "
استقامت لورا واقفة و هذه المرة وجهت كلامها لباتريك و السيد سيلفادور

- " أستأذنكما .. "
و عندما خرجت بسرعة سمعت النسوة يضحكن بخبث .. دخلت حجرتها و أقفلت الباب ..


شعرت بضيق و هي حبيسة الغرفة الصغيرة التي لم تعتاد عليها .. فقررت أن تخرج لتتفسح قليلا خاصة و أن الجو أصبح باردا قليلا لينعشها ..

ارتدت روبها الأبيض و أخذت تتمشى في حديقة القصر المظلمة .. ففي هذا الوقت الكل يفترض أن يكون نائما , تمنت بأنها رافقت سام و جاكلين .. و لعلها تفعل غدا و تذهب لمرافقتهما ..

متى سيفرج عنها هذا السجان و يتركها تعود إلى ديارها ؟؟ تريد أن تعرف ماذا سيكون مصيرها و هي قريبة منه تتعلق به أكثر فأكثر كل يوم ..



- " لعلك تريدين قهوة تدفئك في هذا الجو البارد "
استدارت تنظر ناحية الصوت لتجد باتريك واقفا و بيده كوبين من القهوة .. مدت يدها فتناولت القهوة منه و قالت مبتسمة

- " شكرا لك "
- " على الرحب و السعة .. هل تسمحين لي بالجلوس ؟ "
دنت قليلا ليجلس و هي تجيبه

- " بالطبع .. تفضل "
جلس و رشف من قهوته .. كانت تنظر أمامها محاولة تجنبه قدر الإمكان .. لكنه كان يحدق فيها .. و قال بهدوء

- " يبدو بأنك اعتدت على حجرتك القديمة و لم تستطيعي النوم في فراشك الجديد "
- " ربما "
أجابته بلا نفس في الحديث معه .. فهو السبب في كل ما تشعر به من إرهاق و أرق .. ليته يتحدث معها و ينهيا المسألة فتعود إلى وطنها معززة مكرمة ..

- " ما بك يا لورا ؟ هل أنت بخير ؟ "
- " نعم .. اعتقد ذلك .. "
- " تعتقدين ذلك .. "
أجبرها على النظر إليه بأن جذب وجهها بيده .. و عندما أنزلت عيناها أدرك بأنها منزعجة منه استقام واقفا فرفعت رأسها تنظر إليه .. لكنه مد يده إليها .. و قال مبتسما

- " تعال معي "
- " إلى أين ؟! "
- " سترين .. هيا "

أمسكت بيده .. لأول مرة تشعر بدفئها حقا .. غمز لها و هو يصحبها ناحية الإسطبل .. و يتوقف عند الباب .. ثم يساعدها على ركوب الخيل و قفز هو خلفها ..

- " إلى أين سنذهب يا باتريك ؟ "
نظر إليها قبل أن ينطلق بالحصان

- " لقد أحببت اليوم امتطاءنا لحصان واحد .. و تمنيت لو كنا لوحدنا نستمتع بالنسيم البارد.."
ابتسمت .. استطاع بكل سهولة أن يرسم الابتسامة على وجهها .. و صدفة بأنهما فكرا بنفس التفكير اليوم ..

كان يقود الجواد بهدوء حتى خرج عن حدود القصر .. وضعت لورا رأسها على صدره .. و تركت لنفسها استنشاق رائحة عطره .. من رقبته .. سرت قشعريرة في بدن باتريك فطبع قبلة صغيرة على أنفها ..


توقفت عند الشلال الذي انعكس على سطحه ضوء القمر.. أنزلها عن ظهر الخيل .. و كان ينظر إليها بافتتان في رداءها الأبيض و كأنها أميرة قد خرجت من حلمه

- " لقد قدمت إلى هذا المكان مرتين .. إنه رائع.. لكن ضوء القمر و سواد الليل جعله كلوحة فنية

اقترب منها و قال بسحر

- " و وجودك بالقرب مني .. يجعل هذا المكان كحلم لا أريد الاستيقاظ منه "
أمسك وجهها بين يديه و راح يمرر إبهامه في تقاطيع وجهها .. ثم أخذها بين يديه يقبلها .. ذابت كالشمعة .. و طالت اللحظة بينهما حتى توقف ليتأمل وجهها الجميل ..

- " أنك جميلة جدا "
- " و أنت وسيم أيضا "
ابتسم .. و قال ضاحكا

- " لم أكن وسيما عندما كنت مراهقا .. "
- " لا أصدق هذا .. فلفقد رأيت صورة لك في غرفة الجلوس "
ضحك قليلا و شاركته ..ثم عادت ملامح وجهه جدية ..

- " هل كنت تتمنين لو أنك عرفت والدك من قبل ؟ "
- " لا .. فلطالما كان بيتر أبا و صديقا لي .. "
- " و الآن عندما عرفت بأن لك أبا بيولوجيا .. ألم تشعري بالفضول لمعرفته ؟ "
أنزلت رأسها حزنا و قالت

- " آلمني كثيرا أن أعرف بأن بيتر ليس والدي الحقيقي .. مع أني أعرف جيدا أن وجود أب غيره لن يحدث فرقا .. لكن كما قلت الفضول دفعني لأن أقبل دعوة المحامي سانتياغو عندما اتصل بي .. لأعرف من كان والدي .. و ماذا خبأ لي ؟؟ هل كان فعلا يهتم بي كما كانت تقول والدتي بأنه يسمع أخباري و يعرف بأني عارضة أزياء فيقوم بشراء كل مجلة أعرض فيها و يتابع أخباري.. هذا شيء كنت أتمنى لو أعرفه .. و هذا هو السبب الأول في قدومي هنا .. يجب أن تصدقني يا باتريك .. أنا لست هنا طمعا في الميراث .. أبدا .. "
أبعد خصلة عن خدها .. و قال

- " و لم أقل بأنك طامعة بالورث يا لورا .. "
ثم قبل خدها و ساعدها على الوقوف .. سألته بضيق

- " هل سنعود ؟ "
- " لا .. أريد أن آخذك إلى مكان آخر "


أوقف الحصان عند الإسطبل ثم سار معها حتى البيت الصغير الذي جعلها تقضي الليل فيه وحيدة ..

أنار الأضواء و أشار لها بالدخول ...

- " ماذا نفعل هنا يا باتريك ؟ هل تريد حبسي مثل المرة السابقة ؟ "
ضحك و اقترب منها

- " أبدا .. و أنا آسف عن تلك الليلة .. كنت أحمقا .. "
- " أعرف ذلك "
زاد ضحكه .. و هو يجذب يدها لتجلس على الكنبة .. ثم ألقى قطعتين خشب في المدفأة و قام بإضرام النار فيها ..

- " آتي إلى هذا المكان عندما أريد أن أنعزل عن الجميع "



ثم جلس بالقرب منها و قال ..

- " عرفت والدك عندما كان مستشارا قانونيا لوالدي و ساعده الأيمن .. لم أكن أعرف بأنه و والدتي على علاقة إلا عندما توفي والدي .. و كنت وقتها أبلغ الثامنة عشر .. كنت قريبا جدا من أبي .. وعندما شعرت بان هناك شيء يجري بين والدتي و كارلوس قمت بطرده من القصر .. و توليت أنا الشؤون هنا .. لكن المفاجأة هو عندما علمت بأن والدتي تذهب كل يوم إلى مدريد لملاقاته بينما أكون أنا هنا أتلقى تعليمي .. حاولت أن لا أعر الأمر اهتمام لكن بعد سنوات أتت لتلقي علي قنبلتها و تخبرني باني غدوت شابا استطيع الاعتناء بنفسي و أنها تشعر بالوحدة و تريد الزواج .. و من من ؟!! "
- " من كارلوس بالتأكيد "
- " نعم .. كنت حاقدا عليه .. لأنه خان والدي الذي اعتبره صديقه الوفي .. و أخبرت والدتي إن تزوجت منه سأغادر القصر .."
- " و اختارته !! "
- " للأسف نعم .. فقررت أن أرحل عن هنا بكرامتي .. فوالدتي اختارت الغريب على ابنها .. و لم نتحدث طيلة ستة سنوات "
ضمته إليها و مسحت على رأسه ..

- " هل أنت نادم يا باتريك ؟ "
- " نعم .. لأنني كنت أناني .. تمنيت لو أني حاولت أن اقترب منها لأعرف السبب الذي جعلها تخون والدي مع كارلوس .. لعلني أجد لنفسي سببا في مسامحته لكن الحقد يا لورا قد أعمى بصيرتي .. فرحلت و أنا أحمل كرها لهما معا .. و الآن أتمنى أن يعود ذلك اليوم الذي وقفت و صرخت بوجهها فألقيت عليها سيل من الكلمات الجارحة و المهينة .. تمنيت لو أنقطع لساني وقتها .. "
- " لقد حدث ما حدث .. و أنا أعرف يا باتريك بأن مما جرى بينكما ستظل والدتك تحبك و تنظر إليك من حيث هي الآن "
- " ربما صحيح ما تقولينه يا لورا .. لكني أريد أن أعرف والدتي أكثر من خلال زوجها.."
- "ماذا تعني ؟! "
- " بعد أن توفيا .. نقلت معظم أغراض كارلوس إلى هنا .. و لأني آتي إلى هنا بين فترة لأنعزل عن الجميع كنت أبحث في أغراضه .. و وجدت أشياء و رسائل كثيرة .. لكني توقفت .. فهذا ليس من حقي أن أقرأ ما كتب في رسائله .. "
سكت و أخذ ينظر إليها ..

- " أنت الشخص الوحيد الذي له الحق برؤية أغراضه الشخصية ... "
- " ماذا ؟! لا يا باتريك .. "
- " لم يا لورا .. ألا تريدين أن تعرفي والدك كما تقولين ؟ ألا تشعرين بالفضول لمعرفة إن كان فعلا يهتم بك مثل ما قالته لك والدتك "
- " نعم هذا صحيح .. لكني .. لا اعرف ماذا أقول لك يا باتريك ؟ "
أحضر صندوقا وضعه أمامها

- " هنا ستجدين كل شيء .. "
دفعت بالصندوق بعيدا عنها و هي تقول له ..

- " أنا لا أشعر بان كارلوس والدي .. و هذا ما يدفعني لرفض فكرتك يا باتريك "
- " لكن شئت أم أبيت هو والدك .. و لقد أورثك آنت ما يملكه .. أنت الاسم الوحيد الذي ذكر في وصيته يا لورا .. فماذا يعني هذا ؟! "

أخذت تنظر إلى الصندوق أمامها .. و ترددت .. لكن باتريك أومأ برأس مشجعا إياها على فتحة ..

فمدت يدها و فتحته .. و جذبت أول شيء وقعت عليه عيناها ..

- " هذه .. أنا .. في عيد ميلادي السادس .. "
ثم جذبت صورة أخرى و أخرى .. و كلها صور لها على اختلاف مراحل حياتها .. أخذت تنظر إلى الصور مع باتريك .. و هي تبتسم تارة و تدمع تارة أخرى ..

- " إنها تقارير عني .. تقارير المدرسة .. "
- " دعيني أرى .."
أخذ الأوراق منها و قال مبتسما

- " كنت طالبة مثالية يا لورا "
ضحكت و جذبت أوراق أخرى .. حتى سقطت على الأرض ورقة .. حملها باتريك و قال

- " ينبغي لك أن تنظري إلى هذه "

أخذت الورقة منه .. و قرأتها .. كانت رسالة من والدها لها .. لكنها لم تصل إليها أبدا

- " ابنتي العزيزة .. لورا .. كنت أتمنى لو أراسلك كل يوم .. لكن شاء القدر بأن أكون بعيدا عنك و أن يقوم شخص غيري بتربيتك .. لعله من الأفضل لك أن تعيشي في كنف والدين يحبانك .. حتى لا تشعري يا حلوتي بأنك تختلفين عن من حولك .. و اليوم تبلغين الثامنة عشر .. و أنا أحمل صورتك بين يدي التي أرسلتها لي والدتك .. و كم أنت جميلة بفستانك الزهري .. أتساءل إن كان هذا الشاب الواقف بالقرب منك يحبك أو معجب بك أم أنه مجرد ابن الجيران الذي يزعجك دائما ؟! .. سمعتك ذات يوم و أنا أتحدث إلى والدتك بالهاتف عن خبر قبولك في جامعة لوس انجلوس و فرحت لك كثيرا فعزمت أن أشتري لك سيارة بنفسي .. هذا أقل شيء أستطيع فعله من أجلك .. أتمنى لو أن أحضنك بين يدي .. لكن الأمر سيكون غريبا .. أحبك .. و كل عام و أنت بخير.. والدك المحب .. كارلوس دي بابلو "

ظلت لفترة تحدق بالورقة التي بين يديها و تعيد قراءتها أكثر من مرة .. و فجأة سقطت دمعتها ..

أخذ باتريك الورقة من يدها وضعها في الصندوق و أغلقه .. ثم احتضن لورا و أسند رأسها على صدره .. كانت تبكي بحرقة .. بألم .. لعل هذا ما تحتاجه الآن .. تركها تبكي دون أن ينبس ببنت شفة .. تعلقت به .. و توقفت عن البكاء عندما أنهكها .. لكنها لم تبتعد عن صدر باتريك .. أغمضت عيناها .. و غفت لدقائق .. و دون أن تشعر .. أصبحت هذه الدقائق ساعات إلى أن سل الفجر خيوطه .. و تسللت أشعة الشمس من بين ستائر المنزل الصغير ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:26 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

11-





فتحت عيناها لتجد نفسها نائمة على الكنبة و في مكان غير حجرة نومها .. رفعت عيناها عن صدر عريض كانت مخبأة وجهها به .. فرفعت رأسها لتجده ..باتريك .. نائما بسلام ..قبلت رقبته .. فاستيقظ .. مبتسما لها .. باعث دفئا لجسدها في هذا الجو البارد .. و لأن النار قد خمدت ..

- " صباح الخير"
قال لها مع ابتسامة عريضة ..

- " صباح النور .."
ثم عادت إلى أحضانه مرة أخرى .. و أغمضت عينيها من جديد ...


- " أين دون باتريشيو ؟ "
سألت نانيرا ماريو و هو يدخل القصر ..

- " أعتقد بأنه لا يزال نائما في حجرته "
- " لا .. "
- " إذا ربما استيقظ باكرا و خرج إلى الإسطبل "
- " اذهب و ابحث عنه .. ليتناول الإفطار مع السيد سيلفادور و زوجته "
- " في الحال سيدتي .."
اتجه إلى الإسطبل و سأل سائس الخيل عن ما إذا رأى اليوم الدوق .. فأجابه بالنفي ..

أين عساه يكون اختفى .. بالطبع .. المنزل الصغير .. فهناك يحب أن يقضي وقته عندما يريد أن يعتزل عن الجميع .. اقترب من الباب لكنه قبل أن يمد يده لفتحه سمع أصوات بالداخل .. لرجل و أمرآة .. لباتريك .. و !!!!

سيتوقف قلب نانيرا بكل تأكيد .. إنه في ورطة .. فماذا يفعل ؟

من الصعب عليه أن يدخل البيت ليجد الدوق مع لورا في وضع حميم .. لا .. سأعود للقصر و اخبر نانيرا بأنني لم أجد الدوق في الإسطبل .. لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن

عندما استدار اصطدم بداني .. فقال بهلع

- " داني !! "
شعر داني بريب و شك و هو ينظر إلى وجه ماريو المضطرب

- " من بالداخل يا ماريو ؟"
- " لا أحد "
صد ماريو عن الباب حتى لا يقوم داني بفتحه
- " دعني أمر "
- " لا يا داني "
حاول داني دفعه .. دون جدوى لأن ماريو كان متشبثا بالباب بقوة ..

لكن الباب فتح .. و كاد ماريو أن يقع أرضا لو أن باتريك لم يمسكه .. وقف ينظر إلى الاثنان و تساءل ..

- " ماذا يجري هنا ؟"
نظر إليها داني متفحصا .. و هو يرى قميصه مفتوح و شعره مبعثر !!

- " نبحث عنك .. ماذا تفعل هنا يا باتريك ؟"
قال داني ذلك بانزعاج .. فأضاف ماريو

- " نانيرا تبحث عنك .. تقول بأنك يجب أن تنضم إليهم على الإفطار "
- " ألم يعد السيد سيلفادور إلى منزله بعد ؟ "
قالها بعصبية و كتف يديه .. مما جعل داني يضحك عليه و يقول

- " لا .. و لن يفعل حتى تخطب ابنته منه "
- " ماذا ؟! "
سأله باتريك بعصبية .. فأجاب داني مبتسما و كأنه يستهزأ بصديقة

- " ألم تكن تعرف سبب قدومه.. الأمر واضح يا باتريك "
جذبه باتريك بعيدا حتى لا تسمعه لورا فتتضايق .. و قال و هو صارا على أسنانه

- " اذهبا إلى القصر و سأوافيكما حالا "
- " لك ما شئت "
حاول داني أن ينظر من في الداخل .. لكن باتريك استوقفه و قال ناهرا

- " حالا يا داني .."
الأمر واضح يا داني .. من يكون في الداخل ؟؟ مستحيل أن تكون ماريا .. إذن ... لورا بكل تأكيد

قال في سره .. ثم غادر

عاد إلى الداخل فلم يجد لورا جالسة على الكنبة ...

- " لورا .. أين أنت ؟ "
خرجت من الحجرة الصغيرة و نظرت إليه بفتور ..

- " اذهب يا باتريك .. فضيوفك بانتظارك "
اقترب منها و أمسك بخصرها

- " سأفعل .. لكن ماذا عنك ؟ "
- " سأبقى هنا قليلا .. "
- " حسنا "
رفع رأسها و أبعد شعرها عن وجهها ثم أخذها في قبلة طويلة .. دفعها على الكنبة و ما فوقها و قال ضاحكا

- " أستطيع أن أذهب لاحقا "
ضحكت .. و أكمل تقبيلها لكنها أوقفته قائلة

- " يستحسن أن تذهب .."
- " هل تريديني أن أفعل ؟"
- "لا .. أعني ... إنهم ضيوفك"
- " أصبت .. ضيوف ثقال على قلبي بعكسك "
حاول تقبيلها مرة أخرها لكنها أشاحت عنه لتجلس و قد بان على ملامحها الضيق .. أمسك ذقنها و رفعه لتنظر إليه بإبهامه

- " ما بك ؟ "





أنزلت رأسها .. ما بها ؟! تذكرت كلام ماريا ذلك اليوم عندما أوقفتها و هجمت عليها مما ترك جرحا نازفا في قلبها .. جعلها تدرك الحقيقة .. و إن كانت مرة ..

- " لا شيء .. هيا باتريك يجب أن تذهب "
أومأ برأسه و استقام واقفا وقال بضيق

- " أراك لاحقا إذن .."
ثم خرج دون أن يلتفت إليها .. و آلمها ذلك كثيرا .. لكن أليس هذا ما أرادته ؟!



رأته نانيرا داخل فأمسكت به موقفة إياه عند المدخل .. و قالت بنبرة الأم المعاتبة

- " أين كنت ؟ و هل هذه ثياب أمس ؟ "
- " نعم .. لقد غفوت في البيت الصغير "
- " و لم فعلت ذلك يا بني ؟ ماذا كنت تفعل هناك ؟!"
- " نانيرا أرجوك .. دعيني أدخل حتى أقوم بتغير ثيابي و انضم إليكم .. "
- " تفضل "
مر من أمامها فلمحته ماريا .. التي قامت من كرسيها و اقتربت من نانيرا سألتها و هي تنظر إلى باتريك يصعد الدرج ..

- " هل بات في الخارج ؟ "
- " نعم .. هذا ما قاله لي .. في البيت الصغير "
- " معها ؟! "
- " لا اعتقد .. إنها في حجرتها على ما يبدو "
كانت ماريا تشك بالأمر و نظرت باتجاه حجرة لورا .. و قالت

- " هل من عادتها النوم إلى هذا الوقت المتأخر .."
- " لا أعلم يا عزيزتي .. ما الذي يقلقك ؟هل لورا تقلقك ؟"
تأففت و قالت بضيق صدر

- " إنه يقضي معها معظم الأوقات .. إذا نعم أظن إن لورا تزعجني و تؤرق نومي "

في هذه اللحظة كانت لورا تهم بدخول القصر لكنها توقفت عندما رأت نانيرا و ماريا واقفتان عند المدخل و يتحدثان بصوت خافض كي لا يسمعهما أحد .. حاولت ان تنصت لما يقولون لكنها و مهما فعلت لن تفهم شيئا .. فهما يتحدثان بالإسبانية ..

شهقت عندما أحست بيد توضع على كتفها فاستدارت لتنظر إلى وجهه

- " داني !! "
سألها و بفمه ابتسامة سخرية ..

- " ماذا تفعلين هنا يا لورا ؟ هل تتنصتين على ماريا و نانيرا ؟؟"
أرادت أن تنفي لكن هذه الحقيقة .. فقالت معترضة تصرفهما و كأنها تدافع عن نفسها

- " إنهما يتحدثان عني "
- " حقا ؟ و كيف عرفت ؟ هل تفهمين الإسبانية ؟! "
- " لا .. لكني سمعت اسمي "
تنصت داني قليلا و قال

- " أصبت ..إنهما يتحدثان عنك "
لم تستغرب فقد سمعتهما يحضران اسمها
- " حقا ؟ و ماذا يقولان ؟"
- " لا .. لن أخبرك "
- " أرجوك يا داني يجب أن أعرف "
- " لن يعجبك هذا يا لورا "
- " داني .. أرجوك "
سكت قليلا .. ثم قال بصوت مؤثر

- " أعرفي يا لورا باني كنت الشخص الوحيد الذي لم يحاول أن يؤذيك هنا"
- " نعم .. لكن ذلك اليوم ... "
قاطعها قائلا

- " ذلك اليوم .. كان خطأ فادح .. و أنا نادم أشد الندم يا لورا .. لقد اعتقدت بأنك تبادليني الإعجاب نفسه .. لكن هذا لا يبرر فعلتي الشنيعة .. أتمنى أن تسامحيني "
وضعت يدها على كتفه و قالت بهدوء ..

- " لا عليك .. سأحاول أن أنسى ذلك .. أرجوك الآن أخبرني بحديثهما "
- " لكن الأمر لن يعجبك "
- " لا بأس .. أريد أن أعرف فالأمر عني أليس كذلك ؟! "
- " نعم ..حسنا .. سأخبرك.. "
قرب أذنيه من الباب ليسمع جيدا .. و اخذ يترجم كل كلمة دارت بينهما للورا ...


ربتت نانيرا على كتفها و قالت

- " ألا تعرفين ما يفعل دون باتريشيو ؟"
أجابتها ماريا و قد بان على صوتها الضيق

- " لا ..لكن يبدو لي بأنه معجب بها كثيرا.. و هذا ما قاله لي ذلك اليوم .. "
- " أبدا يا عزيزتي .. إنه يحبك أنت ..أنت حبه الأول و من الصعب أن ينسى الإنسان حبه الأول.. كل ما يفعله باتريك هو دفعك للشعور بالغيرة .. "
- " لا أعتقد ذلك"
- " صدقيني .. كما أن ماريو أخبرني بأنه يريد أن يكسب ودها فيجعلها بذلك تتنازل عن كل شي أو أن تبيعه حصتها من الورث .. "
- " حقا ؟! و هل هذا صحيح ؟!"
- " كوني متأكدة .. "
- " و كيف أتأكد ؟!"
- " لأن بكل ببساطة لا يمكن أن يعشق هذه الفتاة الجريئة فهو ينتقدها في كل مرة يراها .. إنه يحاول دفعها للجنون .."
- "لقد طمأنتني يا نانيرا .. شكرا لك "
- " على الرحب و السعة ... و اعلمي يا ماريا بأن باتريك لن يتزوج غيرك فقد رأيته تلك الليلة يخرج خاتم زواج الكونتيسة و ينظر إليه .. و عندما انتبه إلي أدخله في درجه بسرعة .. سألته إن كان ينوي الزواج فلم يخطئني و قال لي ببساطة .. ربما .. و كان ذلك بعد أن راقصك في حفلة فوزه بالسباق "
انبسطت ماريا و ابتسمت .. قائلة
- "و أنا لا أريد غيره "
- " جيد .. و الآن تعالي معي و حاولي التقرب منه أكثر يا عزيزتي .."

كادت لورا أن تسقط أرضا و هي تسمع هذه الكلمات تخرج من فم داني ..تجمعت الدموع في عينيها .. أراد أن يضع يده عليها لكنها ابتعدت عنه فقال لها

- " أنا آسف يا لورا قلت لك بان هذا لن يعجبك "
أومأت برأسها قائلة بصوت متألم

- " لا عليك .. شكرا لك.. فانا من طلب ذلك منك و ألح عليك "
- " لورا هل ستكونين بخير ؟"
- " نعم أعتقد .."
- " ماذا ستفعلين الآن بعد أن عرفت الحقيقة ؟"
نظرت إليه بغضب و قالت

- " الحقيقة ؟ إذا أنت تعرف أيضا بأن باتريك يريد التقرب مني كي ... يا إلهي .."
أنزل رأسه و اكتفى بالنظر إلى الأرض .. فثارت ثائرتها و لكزته

- " أخبرني يا داني .. هل كنت تعلم ؟ "
- " نعم يا لورا .. كلنا .. و أنت أيضا .. في داخلك كنت تعلمين بأن لا يمكن أن يحدث شيئا بينكما أنت و باتريك .. و كما تعلمين بأنه لن يتزوج إلا من ماريا "
وضعت يدها على فمها تكتم صرخة قهر كادت أن تخرج منها .. حاول أن يقترب منها مجددا لكنها أوقفته بإشارة منها و قالت

- " توقف .. اتركني وحدي .. "
- " لورا .."
- " داني .. اتركني وحدي .. سأعود إلى حجرتي "
- " افعلي ما تريدين .. لكن صدقيني لم أنوي لك سوءا أبدا .."

لم ترد عليه بل اتجهت إلى حجرتها و قامت بفتح النافذة بقوة .. فهي لا تريد أن يظن الجميع بأنها قد باتت في الخارج مع باتريك خاصة و هي ترتدي قميص النوم و كمشيرها الأبيض فوقه .. دخلت حجرتها و ارتمت على السرير و انهارت باكية .. بكت قهرا و ألما و حزنا لأنها ضيعت من وقتها الكثير ..على شيء ليس هي بحاجة إليه .. و الآن سترحل .. بكرامتها و عزتها فمنذ أن جاءت إلى هنا و هي تشعر بالمرارة و الندم لقدومها .. و ما الذي يجبرها على البقاء بعد كل ذلك .. لقد طفح الكيل .. لا تريد شيئا .. لا الورث ولا ذلك الحب المؤلم ..


اتصلت على سام و أخبرته بأنها سترحل عن هذا المكان و ستعود إلى وطنها و روتينها اليومي ..و بعد أربع ساعات أتى لاصطحابها دون علم أحد و أخذها إلى الفندق حيث يقيم هو و جاكلين ..


قصت عليهم سبب قرارها المفاجئ ..سام وافقها على قرارها لكن جاكلين كانت مترددة .. و فضلت أن تصر لورا على موقفها أكثر ... و لم تعد لورا تستحمل المزيد من الإهانات و المؤامرات .. لدرجة بأن باتريك تجرأ لأن يلمس عواطفها و يلعب بها كدمية ثم يرميها بعد أن ينتهي منها ..





- " على الأقل يا صديقتي تكلمي مع المحامي سانتياغو لعله يستطيع رفع دعوى قضائية "
قالت لها جاكلين .. فأجابت لورا بعصبية

- " آخر ما سيقوم به ذلك المحامي هو رفع دعوى على سيده .. أنت لا تعرفين .. هنا الجميع يعمل ألف حساب للدوق "
- " يا له من مجتمع ديكتاتوري"
- " أتعلمين رغم كل شيء سيء استطعت أن أبحث في الأمور المشرقة فيهم .. و استطعت أن ... أن .. أحبه رغم قسوته .. لأني حاولت أن أرى فيه الإنسان ..."
لم تستطع أن تكمل جملتها لان العبرة خنقتها و ضيقت عليها أنفاسها ..


عاد سام و قد أحضر معه تذاكر رحلة العودة إلى لوس أنجلوس ..

- " سنغادر غدا ظهرا فهذا أقرب وقت ... لن تغادر أية طائرة الآن لتدهور الأوضاع الجوية "
- " لا بأس .. سنحاول أن نقضي وقتا ممتعا هنا "
قالت جاكلين مشجعة صديقتها لتنسى حزنها و ألمها ..

- " ستقام حفلة في الفندق هنا .. "
سألها سام بابتهاج و هو يضع التذاكر جانبا .. و يمسح دموعها بيده ..

- " رائع .. ما رأيك يا لورا ؟ "
- " لا أشعر برغبة في الذهاب .. لكني مع ذلك سأذهب معكما فهذا أقل شيء أستطيع فعله من أجلكما .. "
فتحت ذراعيها لتضمها في آن واحد ..






في المساء افتقد باتريك لورا .. و كان بين حين و أخرى يمر بالقرب من حجرتها و يحاول أن يتنصت .. لعله يسمع لها حسا .. لكن لا شيء ..

رأته ماريا واقفا وحده فاتجهت إليه ..

- " ما رأيك بان نركب الخيل و نتسابق كالأيام الخوالي يا باتريك ؟"
أجابها بفتور دون أن يكلف نفسه بالنظر إليها ..
- " أنا متعب قليلا يا ماريا .. ربما في وقت لاحق .. اعذريني "
- " حسنا كما تشاء .. أبي يبحث عنك .. في الحديقة يريدك أن تشاركه التدخين و التكلم عن التجارة و الأشياء السخيفة هذه .."
- " حسنا .."
تركته بسرعة .. فلمح وانيتا و هو خارجا من بعيد .. نادى عليها و سألها

- " ألم تر لورا اليوم ؟ "
- " لا يا سيدي لم أفعل "
تأفف .. ثم خرج لينضم إلى السيد سيلفادور في الحديقة و جلس معه مشعلا سيجارته و أخذ ينفثها بعصبية .. لا يعرف لم أتاه حدس بأن شيء سيء سيحدث ؟ أو أنه حدث و انتهى و هو في غفلة عن الأمر .. كان السيد سيلفادور يتكلم عن الوضع الاقتصادي و كيفية تحسينه في ألبا و جعلها منطقة سياحية ريفية .. و من الطبيعي أن يتناقش في هذا الأمر مع الدوق .. دوق ألبا .. الذي لم يكن فكره معه بل بشيء آخر .. بإحساسه الغريب .. بلورا !!

- " ما قولك يا دون باتريك ؟"
أيقظه صوت السيد سيلفادور من أفكاره العميقة فالتفت إليه و قال باسما

- " عفوا ؟ "
- " ما بك ؟؟ ما رأيك أن نذهب غدا للصيد ؟ "
- " الصيد !! "
- " نعم .. لديك بندقية أليس كذلك ؟ "
- " آه الصيد .. نعم بكل تأكيد.."
- " رائع .. "
نظر العجوز إلى ساعاته و قال

- " لقد تأخر الوقت .. يجب أن يذهب هذا العجوز إلى فراشه .. و أنت كذلك لأننا سنغادر في الصباح الباكر "
ثم وقف و هو يضحك

- " بلغ سلامي للآنسة آغنر .. آه صحيح أين هي اليوم ؟ "
أحرجه سؤاله فأشار بيده بأنه لا يعلم .. و ليته يعرف أين هي .. فأنه مشتاق لها على الرغم من أنه رآها هذا الصباح

- " عمت مساءا يا بني "
- " و أنت كذلك "
ظل جالسا ينظر إلى نافذة حجرتها المظلمة ... أين عساها تكون ؟!

- " باتريك .."
سمع صوتا فقفز قلبه فرحا .. لكنه عندما استدار تجهم وجهه و عبس

- " ماريا ؟! "
- " انظر ماذا وجدت ؟ "
وضعت أمامه ألبوم صورا لهما عندما كانا مراهقين و شابين يافعين ..
لا يشعر برغبة في النظر إلى تلك الصور .. فباله مشغول .. ألا ترين ؟!

كانت تقلب الصفحات أمامه و تضحك و هي تتذكر كل موقف التقطت فيه الصورة .. لم يكن يشاركها الضحك حتى .. و أحست بذلك الجفاء منه فنظرت إليه بغضب قائلة

- " أين يسرح فكرك يا باتريك ؟ "
- " لا شيء .. بالصور .. "
- " حقا ؟! "
قالها برود
- " نعم "
- " لا أعتقد ذلك .. إنك لا تنظر إلى الصور حتى "
لم ينطق بكلمة .. بل قام بإشعال سيجارة أخرى ... أحست بانها مثل هذه السيارة التي تشتعل و تحترق و هو بكل برود ينفث دخانها ... فصرخت بوجهه

- " حسنا .. سأعترف لك .. إني أموت في اليوم غيرة مئة مرة .. فتوقف عن لعبتك.."
و كأنه تلقى لطمة على وجهه و نظر إليها مستغربا ..
- " لعبة ؟! "
- " أنت تعرف ما أقصد "
استدارت لتغادر لكنه جذبها من يدها بقوة لتقف و قال لها بصوته المهيب ..

- " وضحي لي .."
توقفت لحظات و هي تشعر بشيء من الخوف .. و بعد فترة صمت قالت ..

- " أنت و لورا .. لقد نجحت في إشعال الغيرة داخلي فتوقف و دعنا نبدأ من جديد .. "
قهقه قهرا و سخرية من القدر .. و ترك يدها

- " هل تعتقدين بأن ما يحدث بيني و بين لورا هو لعبة لأجعلك تشعرين بالغيرة و من ثم تعترفين لي فنبدأ من جديد ..؟ "
- " ماذا تعني ؟ "
- " أنت مخطئة يا عزيزتي .. أنا و أنت كنا خدعة .. فرضنا أهلنا على بعض .. لم نكن نحب بعض أبدا .. "
تجمعت عيناها بالدموع و هي تسمع هذا الكلام الجارح من باتريك .. و قالت بانكسار بضعف ..
- " بلى .. أنا أحبك يا باتريك"
نظر إليها .. لا يعرف ماذا يقول .. لا يريد أن يجرحها أكثر ..فاستقام واقفا ليقترب منها و طبع قبلة على جبينها و قال بضيق

- " عمت مساءا يا ماريا ... و لا تنتظري مني شيء .. و إن كنت تعتقدين باني ألعب عليك فأنت مخطئة "
- " ماذا يعني هذا ؟ "
- " تصبحين على خير "
- " باتريك توقف.. ماذا يعني هذا ؟!! "

لكنه تركها و غادر ليدخل حجرته و يقفل على نفسه الباب .. أخذ يجول في الجناح ذهابا و إيابا و القلق يتاءكل بداخله ... نظر إلى ساعته التي تشير إلى الواحدة صباحا .. يا إلهي الوقت يسير ببطء و كأنه قد توقف ... خرج إلى شرفته و أخذ ينظر ناحية حجرة لورا بالأسفل .. الأنوار لا تزال مطفئة .. ما الذي يحدث ؟ّ


لم يعد يستحمل أكثر .. خرج من غرفته و كالطائرة اتجه إلى حجرة لورا .. طرق الباب .. لا أحد يجيب .. طرق مرة أخرى .. فثالثة .. دون أي حس أو حركة تصدر .. فتح طرف الباب و قال

- " لورا .. لورا .. هل أنت هنا ؟ "
أجابه صوت زفير الهواء من النافذة المفتوحة.. دخل الحجرة و أضاء الأنوار .. لا أحد بالداخل .. قرصه قلبه بقوة .. و لأول مرة يشعر بان لا حول له و لا قوة .. التف يبحث عن شيء ما .. فلم يجد حقائبها و لا ثيابها !!! أين ذهبت لورا ؟!! هل غادرت ؟!! و لم ؟!!










وقفت على الطاولة و أخذت ترقص بجنون كانت ثملة جدا .. و الرجال يحومون حولها و يرقصون فرحين بالقرب منها .. و هي بلا اكتراث .. كان سام جالسا يراقبها و بيده كاميرته و يأخذ لها عدة لقطات .. لكزته جاكلين بانزعاج قائلة

- " إنك لا تضيع وقتك أليس كذلك ؟"
نظر إليها معترضا

- " ماذا ؟! "
أشارت ناحية لورا التي كانت تبدو لها إنسانة غريبة غير صديقتها

- " انظر إليها !! "
قال بلا مبالاة

- " إنها تحاول نسيان ذلك المعتوه .. بقضاء وقت ممتع "
- " أعتقد أن أحد المرعبين سوف يهجم عليها "
- " لا تقلقي .. إنها تعرف كيف تدافع عن نفسها .. بالله عليك إنها لورا آغنر "
فأجابته جاكلين باستهزاء من عدم اكتراثه
- " نعم أصبت .. تحمي نفسها .. و هي بهذه الحال "
فجأة توقفت لورا عن الرقص و دفعت أحد الشباب الراقصين بعيدا عنها..و اتجهت ناحية البار حيث سام و جاكلين .. تطلب كأسا آخر .. و تشربه دفعة واحدة .. و بعدها وضعت رأسها على المنضدة ... و ما هي إلا دقائق حتى دخلت بسبات عميق ..


- " سام .. ساعدني على حمل لورا إلى الحجرة .. لقد أفرطت في الشرب ..إنها نائمة "
حملها سام و صعد بها الحجرة .. وضعها في الفراش .. فاستلقت كالطفلة الصغيرة ..

قال معلقا و هو ينظر إليها
- " تلك المجنونة .."
- " إنها ليست مجنونة بل مجروحة.. لقد كنت تقول بأنها كانت تقضي وقت ممتع.. "
- "هذا صحيح ..لكن كان المفروض منذ البداية أن تقوم برفع دعوى قضائية على ذلك الدوق المتعجرف .. كنت وكلتها أشهر المحامين في لوس أنجلوس لو تركتني أفعل "
- " ليس الآن هو وقت اللوم يا سام .. همنا الوحيد أن نبعدها عنه الآن .. هل يعرف باتريك أين نقيم ؟ "
- " لا .. كما أنني لا أظنه سيبحث عنها .. "
- " كيف و هي لم تقدم تنازل أو أي شيء بشأن ذلك الورث اللعين الذي لم يجلب إلا المشاكل ؟ "
- " أتمنى لو أني أوسعه ضربا .."
صوت لورا الحالمة قاطعهما .. اقترب منها سام ليسمع بماذا تتمتم لورا ..

- " باتريك !! .. باتريك ّ!! "

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:29 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

12-





مر شهر و نصف و لورا تحاول أن تنهك نفسها بالعمل و الدراسة .. إكمال دراستها للحصول على درجة الماجستير في علم الآثار , فتذهب منذ الصباح الباكر إلى الجامعة و تعود عصرا لتناول وجبة مع سام و من بعدها تبدأ في العمل بالأستوديو و التصوير و عروض الأزياء و الحفلات التي تدعو إليها و من ثم تعود إلى المنزل في وقت متأخر جدا .. فتضع رأسها على الوسادة و تغط في سبات عميق ثم تستيقظ في الصباح و هكذا ... كل ذلك حتى تنسى باتريك و الحب الذي يعتصر قلبها كل وقت و كل دقيقة تنفرد بنفسها , فتأتي صورته لتزعزعها من جديد..

و في ذلك اليوم و بعد الانتهاء من التصوير ذهبت هي وسام لاصطحاب جاكلين إلى إحدى عروض الأزياء لشراء فستان زفافها .. فجاكي ستتزوج من صديقها براد ويسلي في نهاية الأسبوع ..


- " ماذا ؟! نهاية الأسبوع لابد إنك جننت يا جاكي "
تبادلت لورا و جاكي النظرات مستغربين من سام المعترض

- " و لم لا يا سام ؟ "
- " كيف ستنهي كل شيء خلال أسبوع واحد .. "
- " لا تقلق فلقدنا بدأنا بذلك منذ فترة طويلة "
و أخذتا تضحكان و تلكزان بعضهما البعض الأمر الذي جعل سام يثور و يصيح بجنون ...

- " لكن ماذا عن عرض مارك جيكوبس يا لورا ؟! .. فهو أيضا في نهاية الأسبوع .. "
توقفتا عن الضحك فجأة بالفعل ماذا ستفعل حيال ذلك فلا تستطيع أن ترفض عرض مارك جيكوبس خاصة و أنها قامت بالتوقيع على العقد .. سيكون الأمر صعبا


- " لن تقولي شيئا سلبيا يا لورا بل ستذهبين .. لأنك وقعت على العقد و لن ترفضيه .. إنه مارك جيكوبس .. و أنت يا جاكي حاولي أن تغيري موعد زفافك .. من أجل لورا "
فأجابت جاكي مبتسمة و مطمئنة

- " أعتقد بأن حفل الزفاف سيكون بعد عرض الأزياء .. اهدأ يا سام"
لكن لورا قالت بقلق ..
- " لكني لن أكون موجودة في ليلة العشاء يا جاكي فكيف ذلك و أنا صاحبة الشرف ؟!"
ربتت على كتفها و قالت

- " سنذهب جميعنا إلى عرض مارك جيكوبس .. نحن مدعوون أليس كذلك يا سام ؟ "
- " نعم بكل تأكيد "
- " جيد و بعد عرض الأزياء .. سنقيم حفل العشاء .. و سنذهب جميعنا معا .. "
ضمها سام بقوة .. و قبلها

- " ستكونين أجمل عروس يا جاكي ... "
- " يا محتال "




كان ينظر من نافذته إلى جبل هوليوود عندما اقترب منه ماريو ليقول له بأن الطائرة قد حطت .. ما أن نزل من الطائرة حتى لفحه الهواء البارد و شعر بأن الروح تعود له من جديد .. فتفكيره و إحساسه بأن لورا موجود على هذه الأرض يبعث في نفسه الدفء و السرور و البهجة ..

اتجه إلى قصره في إحدى ضواحي لوس انجلوس .. قال له ماريو بأنه يجب أن يقابل أصحاب العقد الذي أبرمه معهم في ألبا مساء اليوم ..

- " ليس اليوم يا ماريو ...أبلغهم باني متعب .. فلدي أمر أهم من ذلك "
- " ألن تذهب إلى الشركة يا سيدي؟ "
- " لا .. غدا .. ربما .. أو الذي بعده .. "
- " لكن .."
قاطعه باتريك قبل أن يضيف أي شيء و قال بصوت حاد ..
- " ماريو ألغي كل ارتباطي لهذا الأسبوع .. فلقد قلت لك لدي أمر أهم من العمل كما و إنني وصلت للتو .. بالله عليك يجب أن آخذ قسط من الراحة ... و أنت تعلم جيدا السبب الرئيسي لقدومي إلى لوس انجلوس .."

ثم دخل حجرته و أخذ الهاتف ليتصل بصديقه ( بن ) الذي يعمل صحفي لأحد المجلات المشهورة في الولايات المتحدة .. و ما أن أغلق باتريك الهاتف منه حتى وصل بن بعد دقائق قليلة .. و هو يحمل بيده مجلات و جرائد مختلفة..

- " مرحبا يا صديقي كيف حالك ؟"
- " بخير"
صافحه باتريك و دعاه للجلوس .. فمد الأخير المجلات له و هو يبتسم بخبث ..

- " هذا ما طلبته أليس كذلك ؟! "
- " نعم شكرا لك .."
أخذ مجلة (اكسبلوجر) التي يحتوي غلافها على صورة للورا بفساتن أبيض أسباني و هو الذي ارتدته لمهرجان دوس العنب .. فتح المجلة إلى الصفحات التي تتكلم عن لورا .. و كان العنوان ( لورا آغنر .. عشت قصة خيالية في ألبا )

و من بعدها عدة صور لها في القصر و في الشلال و هي ترقص بالقرب من باتريك .. لكن لم يظهر وجهه إلا جزء من ظهره .. و صورا عديدة أخرى آلمته و أبهجته في نفس الوقت ..


أغلق المجلة بسرعة و تركها مع المجلات جانبا و سأل بن و هو يحتسي فنجان القهوة ..

- " ماذا لديك لتقول لي يا بن ؟ "
- " لم أنت مهتم جدا بالآنسة آغنر ؟ "
- " ستعرف ذلك لاحقا .. لكن أخبرني الآن "
- " حسنا ..ما عرفته بأن لديها غدا عرض أزياء لمارك جيكوبس .."
تغيرت نبرة صوت بن و هو يضيف , مما جعل القلق يجتاح باتريك فيستحثه على النطق بنفاذ صبر فقال ..

- " و في اليوم الذي بعده سيقام حفل زفافها "




ترك باتريك قهوته و سأله بعصبية

- " ماذا ؟ زفافها ؟ هل أنت متأكد ؟! "

- " نعم .. إن الكل يتحدث عنها و عن زفافها .. فهي منذ أسابيع ترتاد دور الازياء المتعلقة بفساتين الأعراس .. و الجرائد تتكلم عنها .. اقرأ .. "


شعر باتريك بطعنة خيانة في قلبه .. إذا قد تكون لورا هي من كان يلعب لعبة و يحاول التقرب منه من أجل حصولها على الورث و كل شيء .. استقام واقفا بعصبية ... و أخذ يجول في أرجاء الحجرة ..أمام مرأى ماريو الذي دخل و سأل بن

- " ما به دون باتريك ؟ "
كان بن يشعر بالضيق من تصرف باتريك المفاجئ .. فأجاب ماريو

- " لقد أخبرته أن لورا آغنر ستتزوج بعد غد "
- " ماذا ؟!!"
علا صوت ماريو بسبب الصدمة,,

فالتفت باتريك ينظر إليهما بغضب .. و قال موجها الحديث إليهما

- " كيف أستطيع الحصول على بطاقة دخول لعرض مارك جيكوبس ؟! "


جلست في غرفة التبديل مع باقي عارضات الأزياء و هي تشعر بتوتر .. على الرغم من اعتيادها على عرض الأزياء أمام ملايين من الناس و آلات التصوير إلا أنها دائما ما تشعر بالرهبة و الخوف .. و هو أمر طبيعي لامرأة ناجحة مثلها ... وقفت لتطل من خلف الكواليس على الجالسين لعلها تلمح والديها أو أي أحد يطمأنها ..

تصلبت في مكانها عندما لمحت من بعيد شخصا طويل و عريض المنكبين يدخل و خلفه رجلين و يجلس بعيدا عن المسرح .. و بدا لها كأنها رأت باتريك !!

حاولت أن تدقق النظر أكثر .. لابد أنها قد جنت ..


دخل سام و هو ينظر إليها متوترة و متصلبة .. جذبها إلى الكنبة فقدم لها كأسا لتهدأ أعصابها قليلا

- " ما بك يا عزيزتي ؟! "
لم تنطق .. فمازالت تنظر ناحية المقاعد و تعيد في مخيلتها ذلك الشخص الذي يشبه باتريك كثيرا .. هزها سام بقوة فانتبهت له و نظرت إليه ..

- " لورا ؟؟ أنت بخير أليس كذلك ؟ "
أومأت إيجابا .. ثم فجأة نفت بهزة من رأسها ..

- " قولي لي يا لورا ما بك ؟! هل أزعجك أحد ؟ "
وقفت و مشت ناحية المسرح فتبعها مستغربا .. أشارت ناحية الرجل الجالس بعيدا و قالت

- " أنظر هناك "
نظر إلى حيث أشارت فقال

- " من عساه يكون ؟!"
- " باتريك "
دقق النظر .. ثم انفجر ضاحكا و جذبها للخلف مرة أخرى و هو يقول

- " إنه التوتر و الضغط يا عزيزتي يجعلك تتوهمين أشياء .. "
- " لا أنا متأكدة ..هذا باتريك .. سام أنظر .. "
نظر من أجلها مرة أخرى .. و هذه المرة لم يجد ذلك الرجل الذي كانت تشير إليه جالسا ..

- " لو كان ذلك الشخص الذي تشيرين إليه هو بالفعل باتريك لرأيت داني و ماريو معه .. أنظري .. لا يوجد أحد بالمقعد .. باتريك ليس هنا .. إنه في ألبا .. أسبانيا .."

أخذت نفسا عميقا .. فاحتست الكأس الذي أحضره لها باتريك دفعة واحدة .. وضع يده على كتفها و هو يقول بصوت حاني ..

- " اهدئي .. و ابتسمي .. سيكون كل شيء على ما يرام يا عزيزتي.."
أومأت له برأسها قبل أن يغادر حجرة التبديل و ما إن خرج حتى بدأت في ارتداء ثيابها و استعدت للدخول .. اهدئي يا لورا .. الذي لمحته شخصا يشبه باتريك .. هل أنا مشتاقة له لهذه الدرجة التي قمت أجسده أمامي في كل وقت ..

بدأ عرض الأزياء .. فدخلت العارضات قبل لورا .. و ها قد أتى دورها .. دخلت فأحدثت ضجة عارمة .. و كأن آلات التصوير قد جنت و هي تتوهج بفلاشات بيضاء و زرقاء.. صفق الجمهور بحرارة ..

عاد باتريك إلى مقعده في الصف الأخير و انتبه إلى أن سبب هذه الضجة هو دخول لورا المسرح.. لورا بفستان أرجواني و شعر أشقر مرفوع و جسد مثير ممشوق .. أخذ يحملق فيها .. لقد خطفت أنفاسه و هو يرى لورا على حقيقتها .. لورا الجميلة البهية الطلة .. لم يكن يعرف بأن لها معجبين لهذه الدرجة .. يذوبون مثله كلما خطت لورا أمامهم بثقة .. و كأنها تعرف بأنها تثيرهم و تغريهم أخذ يتمعن النظر فيها و في مشيتها على الرواق الأبيض الطويل ..


حاولت أن تنظر في وجوه الجالسين لكنها لم تستطع أن تلمح أي أحد بسبب فلاشات آلات التصوير و الضوء الأبيض الساطع المسلط عليها ..


همس بصوت خافت يسأل بن عندما رأى سام واقف أمام لورا يحيها و يحاول أن يبعث الهدوء إليها بابتسامته و من ثم تغمز له بعينيها بحركة شيطانية مما جعلت قلب باتريك يثور بالداخل و يشعر بحرارة غمزتها على بعد أمتار عنها ...

- " ألم تعرف ممن ستتزوج لورا غدا ؟ هل هو سام ؟ "
- " تقصد سام ديكاري .. مدير أعمالها الفرنسي ؟ "
- " نعم هذا هو "
و أشار ناحيته فانفجر بن ضاحكا .. و قال

- " إن سام ليس من النوع الذي يهتم بالفتيات الجميلات .. إن كنت تفهم ما أعني "
صدم باتريك لكنه مع ذلك ضحك على غباءه فلقد شعر بالغيرة منه لفترة طويلة ..


انتهى العرض بعد أن دخل مصمم الأزياء المشهور مارك جيكوبس ممسكا بيد لورا و كانت قد غيرت فستانها لترتدي فستان أسود قصير و منفوش في النهاية بطريقة غريبة و بوسطه حزام أبيض ذو نقشات ذهبية .. و كانت قد غيرت طريقة تصفيف شعرها ليكون مسدولا و لاول مرة يراها تضع مكياج ذو ألوان غامقة..
دخلا و قد أحدثا ضجة أخرى كبيرة .. و كان المصورين يتهاجمون على إلتقطات أكبر عدد من الصور لهذين النجمين ..
توقفا أمام آلات التصوير و الجمهور .. ثم انحنى المصمم يحي الجمهور الذين وقفوا مصفقين له لإبداعاته في تصميم الأزياء .. ثم تنحى جانبا و أشار على لورا و قال بصوت عال .. لكن بسبب الضوضاء لم يسمع من صوته شيئا ..

- " لورا آغنر "
فصفق الجمهور أكثر .. و من بينهم باتريك .. الذي لم يبعد عينيه عنها و لا ثانية .. حتى أنه لم يرمش خوفا من أن يفوته شيء من النظر إلى معذبته ..


و بعد ذلك العرض الرائع ذهبت لورا مع الأصدقاء و الأقارب إلى حفل عشاء الذي تقيمه جاكلين بمناسبة حفل زفافها في الغد ( عشاء تدريب) (ري هيرسال دينير ) .. و هناك تلقت لورا العديد من التهنيئات و المباركات على نجاحها اليوم و كيف أنها بدت ساحرة و مبهرة .. رقصت و استمتعت حتى وقت متأخر من الليل محاولة بذلك نسيان باتريك ..



قفزت من فراشها في الصباح .. فلقد تأخرت بالاستيقاظ بسبب تأخرها بالنوم أمس و كل ذلك أنها كانت تحلم أحلام مزعجة .. فلقد رأت باتريك يدخل إلى غرفة التبديل و يأخذها بين يديه قائلا لها بأنه يحبها و من ثم يقبلها ..

بسرعة استحمت و جذبت فستانها الذي سترتديه اليوم معها و اتجهت إلى منزل والديها حيث يقام الحفل هناك .. استقبلتها والدتها التي كانت مشغولة بإعطاء الأوامر للطباخين و النادلين.. و صاحب الزهور عندما دخلت لورا راكضة .. فصاحت عليها معاتبة

- " لورا لقد تأخرت يا عزيزتي .. هيا أسرعي فجاكلين ستصاب بنوبة جنون "
- " لم ؟ ما بها ؟ "
لكنها صعدت الدرج ركضا دون أن تسمع جواب والدتها ... دخلت الحجرة حيث جاكلين واقفة بملابسها الداخلية و هي تبكي

- " ماذا يجري يا جاكي ؟ هل كل شيء بخير ؟ "
- " لا .. لقد تمزق الفستان ..."
ثم أشارت ناحية التمزق .. عندما رأته لورا حبست ضحكتها فلقد اعتقدت لورا بأنه كبير جدا و الذي جعلها تعتقد ذلك هو منظر جاكي منهارة على شق بسيط في الفستان صعب رؤيته ..

- " اهدئي عزيزتي .. سوف أتصل بالخياطة التي تعمل بالأستوديو "
أخذت لورا الهاتف و قامت بالاتصال بالخياطة التي أجابتها على الفور ..


- " قالت بأنها ستصل خلال دقائق .. اهدئي .."
- " كيف أهدأ يا لورا كيف و لم تأتي مصممة الشعر بعد .. و .. "
قاطعتها .. و أجلستها على الكرسي

- " جاكلين .. أنظري إلي .. سأحضر لك فنجان قهوة .. فأعصابك مشدودة جدا .. و هذا شيء طبيعي .. لكن كل شيء سيكون على ما يرام .. لقد عانيت من لحظات محرجة في عروض الأزياء .. و كدت أصاب بالجنون مثلك .. و أصبت فعلا .. فقد كنت أتوهم شخص بالأمس .. "
نظرت إليها جاكلين و قد توقفت عن البكاء .. و هي تسألها

- " توهمت شخص ؟! من ؟! "
حاولت أن تطرد تلك الذكرى من مخيلها فقالت

- " لا عليك .. اهدئي الآن .. فاليوم هو يومك .. و لن يبدأ الحفل إلا بعد أن تكوني أنت مستعدة و جاهزة .."
مسحت دموعها و هي تبتسم لها عندها دخل سام .. و شهق بصوت عال عندما رأى الاثنتين غير مستعدتان ...و قال و كأنه الآمر الناهي هنا ..

- " ما هذا؟ .. "
ثم صفق بيديه

- " هيا يا لورا إلى حجرتك للاستعداد.. جاكي توقفي عن البكاء الذي سيجعل عيناك تنتفخان بشيء غير معقول بيوم عرسك .. و ستكون الصور بشعة و قبيحة .."
لم تستطع أن تكبح ضحكتها فضحكت لورا معها أيضا ..سألته و قد تمكن منها القلق من جديد ..
- " و براد .."
أردف قائلا مقاطعا إياها

- " براد يستعد بدوره و هو لا يستطيع الانتظار كي يتزوج بك يا عزيزتي .."
اقترب ليحضنها و يقبل عينيها المتورمتين ..

-" يا حلوتي .. أنا مسيطر على الوضع .. و السيدة آغنر تقوم بكل شيء .. سيكون الحفل ساحرا مثلما تمنيت .."

ثم جذب لورا و أخرجها و دفعها لحجرتها حتى تستعد ...

و ما هي إلا دقائق حتى حضرت الخياطة و مصممة الشعر و دخلتا حجرة جاكلين .. عندئذ اطمأنت لورا و دخلت حجرتها كي تستعد بدورها ..



أوقف سيارته خلف الشاحنة التي تقوم بإنزال المقاعد و الطاولات للحفل.. نظر إلى ماريو قائلا

- " انتظرني هنا "
بدا على ماريو التوتر .. فسأله

- " ماذا تنوي أن تفعل يا دون باتريك ؟ "
- " مجرد التحدث معها .. أريد أن استوضح منها بعض الأمور .. "
قالها مبتسما و هو يخرج من السيارة و يتجه ناحية منزل والدي لورا ..


دخل حيث كان الجميع مشغولون بالترتيبات و التحضيرات .. و كان يرتدي بذلة رسمية لكنه ترك سترته السوداء في السيارة و ظل بقميصه الأبيض المرفوع الأكمام و بنطاله الأسود .. التفت يمنا و شمالا عله يوقف أحد و يسأله أين ممكن أن يجد لورا .. لكن ...تسمر في مكانه عندما دفعت والدة لورا بصينية فيها أبريق قهوة و فناجين إليه و قالت آمرة ..

- " خذها إلى لورا .. هيا أسرع "
ثم ابتعدت لتعطي أوامرها إلى باقي العاملين ..

وقف مستغربا يرقب تلك المجنونة .. لكنه ابتسم عندما رأى بان أغلب العاملين يرتدون الأبيض و الأسود .. إذن لابد أنها اعتقدت أنه نادل يعمل هنا .. جيد .. فهذه فرصة له بأن يصعد إلى حجرة لورا و يتحدث معها ..

كانت جالسة على المزينة تضع لمسات الماكياج الأخيرة أمام المرآة.. عندما طرق الباب

- " تفضل .. "
دخل بهدوء و وقف ينظر إلى انعكاسها على المرآة كان شعرها الأشقر مرفوع و يبدو بأنها لم تسرحه بعد و كانت ترتدي روب حريري صيني التصق بجسدها الرشيق ..

سمعته يضع الصينية على المنضدة و قالت دون أن تكلف نفسها بالنظر إليه

- " شكرا لك .."

لكنه ظل واقفا بلا حراك يحملق فيها و هي تتزين .. حسد تلك المرآة التي تنظر إليها و تعجب كيف لتلك المرآة أن لا تذوب أمام سحر هذه الجميلة ..

وقفت و استدارت لتفتح روبها الحريري و ترتدي فستانها المعلق داخل الكيس الأبيض ..


توقف قلبها للحظة و بسرعة لفت روبها من جديد و شدت رباطه و عيناها مسمرتان على الواقف يرقبها من بعيد ..

هل هي في حلم ؟! ألم تستيقظ بعد ؟؟ أما أنها وصلت من الهلوسة لدرجة تخيل باتريك واقف أمامها مرة أخرى ..


اقترب منها و قال بصوت دفيء و كله شوق و حنين

- " مرحبا لورا "
من الصدمة ربط لسانها لكنها استطاعت أن تنطق باسمه

- " باتريك ... "
توقف أمامها و هو يتفحصها جيدا و قد ارتسمت على شفته ابتسامة لطالما أحبتها .. و قال

- " جئت استوضح أمر مغادرتك من ألبا دون سابق إنذار.. لم يا لورا ؟ "

دققت النظر فيه .. و في ملامحه .. إنه باتريك .. هذا هو .. هذا صوته الرجولي الذي ينتشلها في كل مرة يتحدث إليها .. لكنها قالت معاتبة

- " و لم الآن ؟..فلقد غادرت قبل شهران تقريبا "
- " لا أعرف .. كل ما أعرفه بأني فقدت الشعور بالوقت منذ مغادرتك القصر .. "

اقترب أكثر منها و قال بصوت منكسر و عينان تبرقان

- " أنا مشتاق لك يا لورا .. لكن يبدو .."
آه كم تحب أسمها عندما يخرج منه .. أشاحت عنه حتى لا يرى الدموع التي تجمعت في عينيها .. و هي تتذكر كلام داني و نانيرا ..

أومأ برأسه بألم و هو يقول

- " لقد فات الأوان و تأخرت كثيرا.. أليس كذلك ؟ .. أم أنه لم يحين بعد أو لم يكن موجودا أصلا ؟!"
لم تنظر إليه بل ساورها الشك فيما يقول .. و عندما لم تجبه أضاف قائلا بحسرة..

- " حسنا لورا .. أردت فقط أن أتمنى لك التو...."

توقف عن النطق عندما هبت جاكلين داخلة حجرة لورا بفستان ناصع البياض و طرحة من الدانتيل و قد بدت جميلة جدا و كأنها هي العروس ... بل إنها هي العروس يا غبي ؟!


- " ما رأ..ي..ك..... باتريك ؟!!!!"
شهقت و هي ترى باتريك واقفا ينظر إليهما بتعجب .. و كأنه قد رأى شبحا أمامه..


استدارت لورا .. فقالت لباتريك و هي تشير إلى جاكلين مع ابتسامة تحسر

- " جاكلين هي من سيتزوج اليوم يا باتريك .. و لست أنا "

إذن لقد فهمت ما كان يقصد عندما قال لها بأن الأوان قد فات .. ظل واقفا ينظر إليهما و يشعر بأن الحياة تدب فيه من جديد و يعود له الأمل .. فاقترب من لورا و أمسك بيدها

- " هذا يعني بأنك لست على علاقة بأحد ؟ "
هزت رأسها بالنفي .. فاسألها بصوت حزين و كأنه يلومها

- " لم غادرتي القصر إذا؟ "
أنزلت رأسها محاولة تفادي نظراته المخترقة إلى روحها

- " لأن هذا ما أردته أنت .. "
- " ماذا تقولين ؟! "

شيئا فشيئا انسحبت جاكلين خارج الغرفة و أغلقت الباب بهدوء .. رآها سام و كاد أن يتكلم لكنها قفزت و أقفلت فمه .. و أجبرته على السكوت .. وقف و سمع صوت باتريك .. ففتح عيناه باتساع و قرب أذنيه أكثر من الباب حتى يسمع ما يقولانه


- " نعم ..كنت تقترب مني يا باتريك حتى تكسب ودي و تلعب بعواطفي .. ثم تجعلني أتنازل عن الورث و كل حصتي منه لك .. سأفعل ذلك بكرامتي يا باتريك و إن أردت سأوقع على التنازل الآن ..."
لم يصدق باتريك الكلمات التي تخرج من فمها فهو أيضا أعتقد بأنها تفعل الشيء نفسه ..

ضغط على يدها لا شعوريا .. فقالت

- " أرجوك يا باتريك أتركني .."
لكنه لم يفعل بل وقف بكبرياء و شموخه كعادته قائلا

- " من قال لك هذا الكلام يا لورا ؟! "
إنه يعرف تماما من قال لها ذلك .. لكنه يريد أن يسمع ذلك منها .. قالت بعصبية و هي تجذب يده لتبتعد عنه و تستدير حتى لا يراها و تضعف أمامه ..

- " و هل هذا يهم ؟! "
تبعها و هو يعاتبها قائلا
- " نعم .. لا يعقل أن تفكري أنت بهذه الطريقة .. "
- " ماذا يعني هذا ؟ "
أجبرها على مواجهته و النظر في عينيه ..

- " لورا لقد قطعت كل هذه المسافة ليس لآخذ تنازل منك عن الورث ..لو كنت أريده لكنت رفعت عليك دعوة أو قاضيتك .. "
لم تضف شيئا بل سكتت فهو محق ..

التصق بها أكثر و لمس وجنتها بأنامله فقال بصوت مثير
- " أنا لا أريد الورث يا لورا .. بل أريدك أنت "

عضت على شفتيها و هي تسمعه يقول هذه الكلمات .. يريدني أنا ؟!!

- " نعم يا لورا .. فلقد أحببتك منذ أن رأيتك ذلك اليوم في المطار .. و قبل أن تغادري وقعت في غرامك .. "
كانت تنظر إلى بريق عينيه .. إنه صادق فيما يقول ..

أرادت أن تتكلم أن تقول له بأنها هائمة به .. لكن صوت والدتها قطع عليهما لحظتهما ..


- " لورا ... جاكلين .. لقد حضر القس .. ماذا الآن هل نلغي حفل الزفاف أم ستنزلان حالا ؟! "
فجأة ابتسم الاثنان لهذه اللحظة المحرجة .. وضعت يدها على فمها ضاحكة .. إن الموقف موتر حقا .. كيف تجيب شخصا ألقى عليها قنبلة الحب .. و هي انفجرت ؟!!


عندها دخل سام و ألقى تحية على باتريك .. الذي أومأ له برأسه .. و جذب لورا و هو يقول

- " سنسرق هذه الحلوة منك الآن يا حضرة الدوق فاعذرنا "
أومأ مبتسما و هو يراها تجذب فستانها المعلق و تقول له و هي خارجة

- " أتمنى أن تبقى في الحفل يا باتريك "
- " حسنا .."
لكنها عادت مرة أخرى و هو يهم بالخروج من حجرتها فتوقف .. و ابتسم لها .. عضت على شفتيها و قالت بإحراج

- " أخبرني بأن الذي رأيته في عرض الأزياء أمس هو أنت .."
- " نعم هذا صحيح .."
أخرجت صيحة من فمها و هي تضرب سام على ظهره و تقول لها و هو يجذبها بعيدا

- " أرأيت .. لقد أخبرتك .. لم أكن أتوهم ... "

خرج من حجرتها و اتجه إلى سيارته ليرتدي سترته و ربطة عنقه حتى يكون زيه لائقا بحفل زفاف و من ثم جلس مع ماريو في إحدى الطاولات عندما دخلت جاكلين تتأبط ذراع والدها .. فوقف لها الحضور .. حتى خطت آخرة خطوة لها أمام الكاهن ممسكة بيد زوج المستقبل .. و دخلت خلفها لورا بفستان أزرق طويل و شعر أشقر متناثر على كتفيها تتأبط ذراع سام ..بدت كملاك يسير .. خطفت الألباب و العقول .. بالأخص باتريك الذي لم يبعد نظره عنها .. ابتسمت له و قد تورد خداها و هي تشعر بحرارة نظرات باتريك تخترق قلبها ..


بعد الانتهاء من تبادل النذور أعلن القس إنهما أصبحا زوج و زوجة .. فقبل براد زوجته .. بينما كان باتريك يتبادل النظرات مع لورا .. و كأن هذه النظرات تعني شيئا خفيا و مثيرا ...


بعد تبادل النذور اتجه الحضور إلى طاولات الطعام للرقص و الشرب و الاحتفال بزواج جاكلين و براد .. و حان وقت شرب نخبهما عندما ضرب سام على الكأس بسكينة أخذها من الطاولة أمامه .. فأنصت له الجميع

- " لورا .. أتمنى أن تصعدي إلى المنصة يا عزيزتي .. "

شعرت لورا بالإحراج و هي تصعد المنصة و تأخذ الميكرفون من سام الذي همس شيئا في أذنها فابتسمت له و هي ترفع كأسها

- " مرحبا ... أنا لورا آغنر .."

فضحك الجميع .. بالطبع هي لورا آغنر .. لا شعوريا نظرت ناحية باتريك المبتسم و قالت و قلبها يتخبط ..

- " حسنا .. غنها بالفعل لحظة محرجة .. آسفة يا جاكي لم أجهز ما سأقوله في نخبك .. فأنت تعرفين .. لقد انشغلنا بالتحضيرات .. لكن .. سألقي نخبا و لو لم أقل شيئا .. فأنت جاكي .. صديقتي و أختي الحبيبية .. لقد عرفت جاكي منذ أن كنا أطفال صغار .. و حلمنا بهذا اليوم .. و لقد صدقت جاكي عندما قالت لي بأنها ستتزوج قبلي .. أتعرفون ماذا فعلت وقتها ؟!! "
أجابها سام ضاحكا

- " لا .. أخبرينا فإنها تبدو قصة مشوقة "
قهقهت و أجابته

- " آسفة لتخيب ظنك يا سام .. بل أني لم أفعل شيئا .."
فانفجر الجميع ضاحكا ... و أردفت قائلة

- " لنشرب نخب جاكلين و براد .. أحبكما "
رفع الجميع كأسهم و شرفوا منه قليلا .. ثم أخذ سام الميكرفون و قال ..

- " حسنا حسنا .. لدينا ضيف هنا .. "

التفت الجميع حولهم يبحثون عن هذا الضيف ..فشعر باتريك بالإحراج .. أشار سام ناحيته و هو يعرفه

- " إنه دون باتريك آلفاريز دي تيلدو .. دوق ألبا .. "

عضت والدة لورا على شفتيها خجلة .. فلقد جعلت الدوق يحمل بصينية القهوة للورا دون أن تعرف إنه ضيف و دوقا ...قالت له من بعيد .. أنا آسفة .. أومأ لها مبتسما .. و أشار بيده إن لا تعتلي هما .. لو أنها تعرف الخدمة التي أدتها له .. لما تأسفت ..


- " أتود أن تقول شيئا يا دون باتريك ؟ تلقي نخبا مثلا للعروسين ؟! "
حثته لورا بنظرتها بأن يفعل ..

فاستقام باتريك واقفا و رفع كأسه .. و كان ينظر ناحية لورا .. أخذ سام الميكرفون له لكنه قال بصوت عال

- " لن أحتاج إلى الميكرفون .. شكرا لك سام .. "


ثم استدار ناحية العروسين و قال

- " لقد عرفت جاكلين لأيام قليلة عندما كانت ضيفة ضيفتي .. "
ثم نظر إلى لورا مرة أخرى و هي تضع يدها على قلبها ..

ثم التفت لبراد و جاكي المبتسمين

- " و لكني يا جاكلين .. آسف .. لن أشرب نخبك ..ليس الآن على الأقل.. لأن لدي شيء آخر أود قوله "
و نظر مرة أخرى ناحية لورا التي جلست تترقب كلامه بنفاذ صبر .. فقال بعد أن جعل الجميع متشوقين لسماع الشيء الذي يود أن يقوله .. ابتسم لها بطريقة مثيرة و قال بكل ثقة ..

- " بل سأشرب نخب لورا إن وافقت على الزواج بي .."

صاح الحضور و بدئوا يتحدثون بصوت عالي مدهشين و فرحين .. لقد أحدث كلام باتريك ضجة عارمة .. كانت لورا تنظر إليه و هي غير مصدقة ..

لكنها بدأت تصدقه عندما أقترب باتريك من مقعدها و أخرج من جيب سترته علبة مخملية سوداء تحوي خاتم ماسيا رائعا .. و أثريا ..

وضعت يدها على قلبها حتى لا يطير فرحا .. عندما جلس باتريك على الأرض و أمسك بيدها طبع قبلة صغيرة ثم قال

- " لورا .. هل تقبلين الزواج بي ؟! "
أومأت برأسها ... موافقة .. بالطبع أقبل ..

و دون وعي منها تناثرت الدموع من عينيها عندما وضع الخاتم في إصبعها و بعد ذلك حملها من مقعدها فقبلها قبلة طويلة أمام مرأى الجميع الذين كانوا يصفقون فرحا لهذا المشهد المسرحي الرائع ..


التفت سام ناحية المصور الذي يحمل كاميرا الفيديو و قال يسأله

- " هل التقطت المشهد من بدايته ؟! "






- تمت -

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:31 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

لا تنسون يا حلوين تتركون تعليقكم و انتقاداتكم .. و إلي يعرف شلون أدرج صورة للموضوع يقولي لأني نسيت .. و ودي أحط لكم صورة الغلاف .. و مشكورين ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماري روك, لورا والدوق الاسباني, روايات مكتوبة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات منوعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t105529.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Jnooby-grp-Vtb This thread Refback 30-01-18 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 02-12-14 06:00 PM
Untitled document This thread Refback 12-07-14 06:47 AM


الساعة الآن 12:20 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية