لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات منوعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات منوعة الروايات المنوعه


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-02-09, 04:16 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

أمسى الليل و دون أن تشعر لورا بأنها ابتعدت كثيرا عن القصر و من الأفضل لها أن تعود .. سارت على أطراف أصابعها و هي داخلة إلى القصر حيث كان مظلما لتأخر الوقت فساعتها تشير إلى الثانية صباحا و لابد بأن الجميع نيام ..
أغلقت الباب خلفها بهدوء .. لكنها توقفت عندما شعرت بأنفاس دافئة خلفها .. و حاولت عبثا أن تستدير لتنظر من الذي يقف خلفها .. لكن يدا قوية كانت أسرع منها و قبضت عليها من الخلف و تجرها خارج القصر .. كانت تصرخ لكن تلك اليد الرجولية منعتها عن الصراخ .. فحاولت أن تفلت بكل ما أتيت من قوة من تلك القبضة .. تقاوم و ترفس الهواء و تضرب الرجل ذو الساعدين القويين..

حملها على كتفه و مشى بها بعيدا و هي تضرب كتفه و لا تستطيع أن ترى إلا أقدامه على الأرض

- " أنزلني .. اتركني .. ماذا تريد مني؟ "
أدخلها غرفة مظلمة و من ثم دفعها على الكنبة بعنف..لم تر وجهه حتى الآن لأنه بسرعة استدار ليقفل الباب خلفه.. و ما إن ابتعد عنها لخطوات حتى اندفعت عليه و انهالت عليه ضربا و ركلا.. لكنه استدار مرة أخرى و أجلسها بعنف على الكنبة ثم أنار الأضواء .. تشنجت في مكانها عندما رأته واقفا أمامها يحدق فيها بغضب .. قالت بصوت مخنوق

- " لم فعلت هذا ؟! "
تنهد بعمق و قال كعادته بصوت بارد و واثق

- " هذا ما تريدينه "
لم تفهم ما عناه ..

- " أريده ؟! و ما هو هذا الشيء الذي أريده ؟"
- " تريدين نصيبك من القصر و لن تتنازلي عنه.. "
رفعت رأسها بكل ثقة و قالت بحدة

- " نعم "
- " إذن تفضلي هذا هو نصيبك "
لم تفهم شيئا مما يقوله .. لذلك صرخت بوجهه

- " هل من الممكن أن تكون نبيلا و لو لمرة واحدة و توضح لي ما تقصده "
و كأنها بذلك أثارته فاندفع ناحية الباب و أنار جميع الأضواء ليتضح لها المكان الذي تجلس فيه ليس إلا غرفة جلوس صغيرة ..

- " هذا هو نصيبك آنسة آغنر ... منزل صغير منعزل عن القصر أقام فيه والدك كارلوس عندما كان يعمل هنا كمستشار قانوني لوالدتي .."
دارت عيناها في المكان الصغير المهجور ثم قالت و هي تنظر إليه بغضب

- " لابد إنك تمزح "
- " أبدا .. إن كنت تريدين أن تأخذي نصيبك من القصر.. فهذا هو.. و لن تقيمي إلا فيه.. حتى أن قدمك لن تطأ مكان إقامتي أنا .. و لن يخدمك أي أحد .. فأنت هنا بمفردك .. مستقلة كما كنت في موطنك.. هل يعجبك هذا آنسة آغنر؟؟ "
سكتت لبرهة ثم قالت بهدوء ..
- " للأسف يا حضرة الدوق .. لا أصدقك .. لذلك لن أقبل عرضك و سأعود إلى القصر حيث جناحي "
قهقه ثم سرعان ما عادت ملامحه إلى الجد
- " عرض ؟؟.. هه ..أنا آسف .. لن يحصل ذلك "
وقفت و سارت ناحية الباب غير مكترثة به و أيا كان ما يكون.. دوقا.. ملك .. إمبراطورا.. قيصر الروم ..

لكنه سد عنها الطريق بجسده العريض و جذبها بقوة من يدها .. فسقطت على الكنبة مرة أخرى وقف يحدق فيها ..نظرت إلى عينيه الجميلتين و للحظة كادت أن تضعف أمام سحرهما لكنها سرعان ما تذكرت بأن الذي يقف أمامها هو الرجل الذي رفض التناقش معها بحجة أن النبلاء لا يتفاوضون مع عامة الناس بشأن الميراث و الآن يتصرف معها كهمجي و يجبرها على التنازل بقول الأكاذيب ..

- " و هل تصرفك الآن يدل على عرقك النبيل يا حضرة الدوق ؟! "
- " هذا من يدعيني إليه واجبي .. و هو حماية عرقي النبيل يا آنسة آغنر .. "
- " و ماذا ستفعل ؟ هل ستقيدني ؟! "
قرب وجهه منها و قال بصوت هامس مع ابتسامة متطرفة على شفتيه

- " إذا اضطرني الأمر .. "
- " لن تستطيع "
- " أرجوك لا تجبريني على فعل شيء لا أحب القيام به "
- " و هل ستصل بنتيجة أن قيدتني و حبستني هنا ؟! "
- " ربما .. "
- " إذا قيدني .. و سأريك بأنك لن تحصل على تنازل مني "

كانت نظراتها إليه باردة و ماكرة مما جعلها مثيرة في نظره .. أتت خاطرة في باله بأن يأخذها بين يديه و يقبلها.. لكن أعدل عن هذه الفكرة ..
- " لن تستطيعين التأثير بي بكلامك هذا .. انك تظهرين بمظهر الذكية الشجاعة لكنك بأعماقك ترتجفين خوفا "
- " يا لك من مسكين تعتقد بأن الجميع يهابك.. فأنت مخطئ .. أنا لا أراك إلا شخصا عاديا .. مثلي "
ضغط على معصمها فصرت على أسنانها حتى لا تصيح ألما و قال

- " أنت سليطة اللسان و جريئة "
- " و أنت مغرور و متكبر "
ابتسم بطريقة شيطانية و قال و هو يقرب جسده منها ..
- " اعترفي بأن ذلك يعجبك و يغريك"
قالت برباطة جأش و ازدراء منه

- " أنت واثق جدا من نفسك "
لوى شفتيه و رفع حاجب واحد و قد اقترب كليا منها

- " حقا ؟! "






إنها الآن تحت رحمته فقد استطاع أن يستحوذ على عقلها و قلبها بسحره.. ظلت تحدق في عيناه بلا حول و لا قوة.. أخذها بين يديه .. يمعن النظر فيها .. و يدقق في ملامحها .. و كأنه يحاول أن يتذكر أين رآها من قبل؟ شعر برغبة جامحة في تقبيلها فقرب شفتيه منها .. و هي استسلمت له و تركته يتحكم في جسدها و يجذبها إليه مثل المغناطيس ..لكنه في آخر لحظة أفلتها بهدوء ..فتراجعت خطوات للوراء و قلبها يهبط و يرتفع بسرعة غير طبيعية .. احمر وجهها خجلا فأشاحت عنه و عن نظراته الفاحصة..
لكنه اقترب منها و أجلسها بهدوء هذه المرة على الكنبة و دنا منها .. قال لها بصوت ودي

- " ستبقين هنا الليلة .. لديك كل ما تحتاجينه من وقت للتفكير .. أتمنى أن تعودي إلى رشدك يا آنسة .. عمتي مساءا "
تجمعت الدموع في عينيها و ارتجف فمها و هي تراه يفتح الباب فقالت بصوت مخنوق

- " أكرهك .. "
توقف بدهشة عندما سمع كلمتها الطاعنة ثم استدار و حدجها بنظرة آلمتها كثيرا .. نظرة خيبة أمل.. فهو على الرغم من العداء بينهما إلا إنه يحس بشيء تجاهها و يحاول قدر الإمكان أن لا يجرحها أو يؤذيها .. خرج بكرامته ..و صفق الباب خلفه ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:18 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

5-



صهيل الحصان في الخارج أيقظها من سباتها .. فتحت عينيها بتثاقل و نظرت حولها.. كانت أشعة الشمس قد تخللت من خلال نافذة البيت الصغير المنعزل عن القصر و على حسب صوت الخيول القريبة في الخارج أيقنت بان البيت بعيدا جدا عن القصر.. وقفت بصعوبة و هي تشعر بان جسدها متكسر لنومها على كنبة صغيرة جدا مما أضطرها أن تتكور حتى تسعها .. فتحت النافذة لتلقي نظرة على الخارج .. بالفعل.. صدق حدسها .. إنها قريبة جدا من الإسطبل و بعيدة لمسافة ليست بقصيرة عن القصر ..

جالت في أرجاء البيت الصغير الذي هو عبارة عن حجرة نوم ضيقة مع حمام لا بأس به .. و غرفة جلوس مشمولة مع طاولة طعام تسع لأربعة أشخاص و مطبخ صغير و مكتب.. و كان مؤثث بطريقة راقية و ذوق رفيع .. لكن يبدو و كأن لم يدخل هذا البيت أحدا منذ قرون..

قرصها بطنها من الجوع فهي لم تأكل منذ الأمس ..


نظرت إلى ساعتها بيدها التي تشير إلى السابعة صباحا .. قالت في نفسها مع ابتسامة شيطانية

- " جيد .. دون باتريك لم يستيقظ بعد .."

رتبت من هندامها و قررت أن تفعل شيئا خارج عن المألوف .. شيئا قد يؤدي بحياتها ..

خرجت إلى الإسطبل و دخلت من الباب الخلفي حتى لا يراها سائس الخيل الذي يقوم بتنظيف الإسطبل .. سارت إلى أقرب حصان لها .. نظرت إليه و هي تشعر بالخوف من لمسه و هو كذلك ارتعب عندما رأى إنسانة غريبة عن هذا المكان .. استطاعت أن تهدئه بجزرة جذبتها من السطل الموضوع أمام الحصان ..أطعمته إياها و هي تمسح على شعره الأسود الناعم ..بعد أن هدأ فتحت الباب له و أخرجته من حيث دخلت هي .. الباب الخلفي .. و من الجيد بأن ذلك الحصان كان يرتدي سرجا ..لابد أن سائس الخيل قد أعد السرج لباتريك ..

صعدت على صخرة صغيرة و امتطته.. تمتمت بصلاة قصيرة ثم ضربت برجلها جنب الحصان فانطلق راكضا بطريقة جنونية ..اتجاه القصر .. بدأت تصرخ بخوف ... و لم تعرف كيف توقف ذلك الحصان السريع الهائج الذي كان يركض بلا توقف و بسرعة غير طبيعية .. تشبثت بالسرج و مالت على ظهره و أحست بأنها ستقع أرضا عندما دخل إلى الحديقة و ركض باتجاه باب القصر الضخم .. لم تعرف هل تبكي أم تضحك أم توقف الصراخ أم تزيد منه حتى يأتي أحد لنجدتها ... أيقنت بان ما فعلته شي خارج عن العقل .. لقد جنت لورا بان فكرت امتطاء الحصان .. و لأنها تشعر بالخوف و لا تعرف كيف تتصرف أفلتت السرج من يدها و غطت عيناها و أخذت تبكي .. و ما هي إلا لحظات و توقف الحصان .. لكنها لم تتوقف عن الصياح و الصراخ ..

جذبتها يد قوية أنزلتها على الأرض .. و ما أن رفعت يدها عن وجهها حتى رأت كل العائلة السعيدة يحدقون فيها بغضب ..


صرخ باتريك في وجهها بعد أن لامست رجليها الأرض

- " بماذا كنت تفكرين ؟! هل تريدين قتل نفسك ؟! "
حدقت في عينيه المشتعلتين غضبا و حاولت البحث عن جواب ملائم لكنها لم تجد أي شيء غير السكوت .. عندما لم يجد جوابا منها تركها بالخارج و دخل القصر.. فتبعه الجميع ما عدا داني الذي بقي معها في الخارج .

. ساعدها على الجلوس و هو يسألها

- " هل أنت بخير يا لورا ؟! "

أخذت نفسا عميقا و هي ترى سائس الخيل يأخذ بالحصان إلى الإسطبل مرة أخرى .. ثم وضعت يدها على قلبها تتحسس النبض ..

- " نعم .. أعتقد ذلك .. يا إلهي لا أعرف بماذا كنت أفكر عندما امتطيت ذلك الجواد "
أجابها داني ضاحكا و هو يربت على ظهرها ..
- " لا و ليس أي جواد .. إنه اسبرينسيس .. "

وضعت يدها على رأسها .. ثم انفجرت ضاحكة .. و ما هي إلا لحظات حتى تحول هذا الضحك إلى بكاء مرير .. كانت تبكي لما حدث معها و الأحداث المفاجئة التي جرتها إلى هنا .. و كونت لنفسها أعداء هي في غنى عنهم .. ما الذي دفعها إلى هذا الجنون ؟؟

ضمها داني إليه و أخذ يربت على رأسها و يهدهدها..


في تلك اللحظة كان باتريك يقف في غرفة الطعام و ينظر إليهما .. بلا تعابير .. بل التعابير ارتسمت في أعماقه .. إلى الازدراء و الخيانة و العداء و .. الغيرة.. هل حقا يشعر بالغيرة ؟! من داني أم من لورا التي استحالت على داني صديق الطفولة ؟!!

- " هيا يا لورا تعالي لتناول الطعام في الداخل ؟!"
رفعت رأسها عن صدر داني و هي تمسح دموعها ..

- " لا يا داني لا أريد .. ليس الآن "
- " لكنك لم تأكلي منذ الأمس "
- " أعرف .. كما إنني أتضور جوعا لكني لن ادخل و أنا على هذه الحال .. "
- " لا أرى شيئا غير مرضي .."
ابتسمت له

- " شكرا لمجاملتك اللطيفة .. اسبقني أنت و سأدخل لأواجه ذلك المتعجرف "
- " تقصدين باتريك "
- " نعم دون باتريك المغرور المتعجرف القاسي الشرس المتوحش .."
قاطعها و هو يضحك

- " لا لا يا لورا توقفي .. كل هذه الألقاب لباتريك ؟! "
أجابته بصوت دفاعي ..

- " نعم و هناك المزيد لو تركتني أكمل "
- " و لم كل هذا العداء ؟! "
- " أتعرف بأنه تركني في البيت المهجور القريب من الإسطبل بالأمس .. "
استهجن وجه داني و سألها مستنكرا فعل صديقه

- " لكن باتريك لا يقوم بهذا الفعل .. أبدا "
- " إذا كيف أتيت من الإسطبل إلى هنا على الخيل ؟! "
- " ما السبب الذي يدفعه لفعل ذلك ؟! "
- " لا أعرف .. سأدخل الآن لأوقفه عند حده "
- " لا يا لورا لا تفعلي شيئا قد تندمي عليه "
- " لا عليك يا داني لا تخشى علي.. أرجوك اتركني افعل ما أراه صواب "
- " لكن أنا ليس لي علاقة بأي شيء .. "
- " بالطبع .. لا تقلق "
- " أرجو أن تعودي لرشدك يا لورا "
- " هو الذي دفعني لذلك .. لقد أخرج المارد في داخلي و لن أسكت له هذه المرة "
نظر إليها و قد ازداد إعجابا بتلك الفتاة التي تحملت الكثير و صبرت و اليوم أتت لتنفجر...


دخل داني غرفة الطعام و جلس أمام نانيرا .. نظر إليه باتريك بنظرة باردة كالثلج .. ثم رفع رأسه ليجد لورا واقفة أمامهم و الشرر يتطاير من عينيها .. رفع حاجبيه بدهشة فهي آخر شخص يتوقع أن ينضم إليهم على مائدة الإفطار .. خاصة بعد ما حدث بالأمس و قبل قليل ...

قال ببرود ..

- " آنسة لورا .. ما الذي أتى بك إلى هنا ؟! "
- " أعتقد بأنك تعرف يا دون باتريك .. "
- " ماذا أعرف ؟! نوريني .."
- " اسمعني جيدا يا ...."
قاطعتها نانيرا ناهرة إياها

- " ويحك .. كيف تسمحين لنفسك بالتحدث مع الدوق بتلك الجرأة "ا
- " اسمعي يا .. يا نانيرا إيزابيلا .. لقد ولدت مستقلة و تربيت على أن أكون مستقلة بنفسي فمن حيث أتيت ليس لدينا ما تطلقين عليه أنت " بدوق " ففي موطني هناك المساواة و الديمقراطية .. و الديمقراطية التي يظهر عليك بأنك لا تفقهين فيها شيئا ..و يسعدني أن أوضح لك بأنها تعني أن لكل شخص حقه في العيش في هذه الحياة بكرامة و ليس هناك أي أحد يفرض رأيه عليه .. أو يسلب حقوقه .. بل الجميع يتشاركون في اتخاذ القرارات و ليس شخص واحد يهابه الجميع .."

ثم نظرت بطرف عينيها إلى باتريك الذي كان يسمعها جيدا و هو يلعب بأعصاب وجهه .. فأضافت و هي تشعر بالانتصار

- " و كلنا نبلاء .. لا يوجد لشيء اسمه طبقات ,, فالولايات المتحدة هي الدولة التي أنشأها الأحرار الذين هربوا من فساد أوروبا لوطنا لا طبقات فيه بل المساواة .. انظري حولك إننا لا نعيش في القرن السادس عشر..."

أرادت نانيرا أن تقطع كلامها لكنها أشارت لها بالسكوت و أردفت قائلة
- "أرجوك تتوقفي لأنني لن اهتم بما ستقولينه .. لقد احترمتك على الرغم من أنك تطاولتي علي و أنتم كذلك احترمتكم جميعا بالأخص الدوق لأنني اعتقدت بأنه سيكون مضيافا لكني لم أرى من ذلك شيئا عدا التقليل من قدري و احترامي .. حتى أنك لم تنزل من نفسك يا دون باتريك للتحدث معي بطريقة حضارية بل عاملتني و كأنني إحدى جواريك .. فمن تعتقد نفسك ؟! أنت لست بسيدي .. و لن تكون أبدا .. لذلك توقف عن فرض أوامرك علي فأنا لا أتلقى أوامر من أحد ..أنا سيدة نفسي ..و لن أسمح لك و لغيرك بالتطاول علي .. كما فعلت بالأمس .. لقد تركتك تفعل ما فعلت لأني كنت مصدومة من تصرف رجل نبيل مثلك أو يفترض أن يكون نبيلا أن يقوم بحبسي في بيت مهجور و أنا الغريبة هنا .. و الأسوأ من ذلك بأنك كنت تكذب علي .. هل تظن أني غبية ؟! معتوهة لا أفهم شيئا ..أجبني من فضلك .. "

انصدم الجميع عندما نظرت بكل جرأة إلى الدوق المهيب الجالس أمامها .. بينما هو فقد عقد لسانه بعد أن سمع هذا الخطاب الطويل المليء بالتجريح و لم يعرف بماذا يجيبها ..

كررت السؤال و هذه المرة امتلأت عيناها بالدموع

- " قل لي .. يا دون باتريك ماذا فعلت لكم لأتلقى كل هذا؟! أجبني .. هل اعتقدت بأني لا أفهم شيئا .. أجبني .. هيا ماذا تنتظر .."

و أخيرا نطق .. بهدوء .. متحكم بأعصابه قدر الإمكان ..

- " لا .. لا أعتقد بأنك غبية .. "
- " إذن لماذا ؟؟ و أنت تعاملني و كأنني كذلك .. و تكذب علي "
- " لم أكذب عليك .. كل ما قلته بان لك الربع في هذا الورث .. و الربع في نظري هو البيت الذي أقام فيه والدك "
- " هذا صحيح .. لكن هذا قبل أن يتزوج من الكونتيسة و قبل أن يرثها.. "

عض على شفتيه و تبادل النظرات مع الجالسين حوله .. فقالت بسخرية

- " هل اعتقدت بان الأمر سيغيب عني ؟! "

استقام واقفا بكل شموخ و كأن كلامها لم يحرك ساكنا .. لم يؤثر فيه .. قال بصوت حازم

- " آنسة لورا .. أتمنى أن تتوقفي تهجمك علينا و تتركين ذلك لوقت لاحق .. سنتحدث أنا و أنت على انفراد .. عندما يتسنى لي الوقت لذلك .. "

مر من أمامها و ذهب ناحية الباب ليخرج لكنه توقف و قال لوانيتا

- " وانيتا .. خذي آنسة آغنر إلى جناحها .. و اعتني بها .. "
ثم استدار لينظر إلى الجالسين

- " و انتم .. كونوا مضيافين للآنسة .. على الأقل حتى نحل المشاكل العالقة .."
بعد ذلك نظر إلى لورا و قال مبتسما بخبث

- " هل رضيت عنا الآن ؟! "
نظرت إليه و الحقد يملأ عينيها .. لكنه لم يكترث بل فتح باب غرفة الطعام مغادرا ...

أخذتها وانيتا إلى جناحها و أحضرت لها طعام الإفطار .. تناولته لورا و كأنها لم تأكل منذ سنوات .. و بعد ذلك دخلت الحمام و أخذت شاور سريعا بعد أن انتهت و ارتدت ثيابها العملية تذكرت بأنها منذ قدومها إلى هنا لم تقم بالاتصال على والدتها ..

- " ألو .."
- " أمي .. كيف حالك ؟! "
- " أهلا يا عزيزتي أين أنت؟؟ لم لم تتصلي بي فور وصولك؟؟ ... هل أنت بخير ؟ هل كل شيء على ما يرام ؟! "
ضحكت لورا و أجابتها

- " صبرا علي يا أمي .. سأخبرك بكل شيء .. انتظري .. أولا أنا بخير .. و أنا في منطقة بعيدة و منعزلة عن العالم لكن يوجد بها قصر رائع و خيالي و كأننا في عصر الإقطاعيين"
- " رائع.. و كيف جرت الأمور معك ؟!"
أغروقت عيناها بالدموع لكنها حاولت قدر الإمكان أن لا تبين لوالدتها ضيقها حتى لا تقلق عليها
- " في بادئ الأمر كانت الأمور معقدة و لم أتلق الترحيب الكافي من هذه العائلة الغريبة الأطوار.. لكن كل شيء بخير الآن "
- " و متى ستعودين ؟! "
- " لا أعرف ذلك بعد .. لكن ليس في أي وقت قريب .. أحتاج إلى أن أبقى هنا حتى أهتم ببعض الأمور .. كيف حالك أنت و أبي ؟! "
- " بخير .. والدك مشتاق لك .. أتعرفين بأنا لا نستطيع الاتصال بك .. لا أعرف لماذا؟ لكن الخطوط لا تعمل هنا "
- " حقا ؟ لم اعرف ذلك ؟! "
- " نعم .. و لقد حاول سام الاتصال بك مرارا و لم يستطيع .."
أضافت بصوت ضاحك
- " ينبغي لك أن ترين سام كيف جن .. أنه يحاول الوصول إليك .. يقول بأن لديكما أعمال كثيرة "

ضحكتا معا و هما تتخيلان حال سام و كيف أنه يصيبه انهيار عصبي و يجن عندما تتوقف أعمالهم لدقيقة فكيف و أن توقفت لشهر أو اثنان

- " أنا هنا للراحة و الحمد لله أن سام لا يستطيع الوصول إلي حتى لا يزعجني .. أخبريه باني سأتصل به قريبا .. و لا ضير بأن نأخذ فترة للراحة بين حين و أخرى "
- " سأفعل يا عزيزتي .. استمتعي .. و لا تتأخري في العودة فلقد اشتقنا لك جميعا و نتحرى عودتك .. لا تنسي الاتصال بنا عندما تتسنى لك الفرصة"
- " بالطبع لن أنسى .. اعتني بنفسك و بوالدي .. أحبك .. إلى اللقاء "
- " إلى اللقاء "

ارتاحت بعد أن سمعت صوت والدتها و أطمأنت بأن كل الأمور بخير هناك .. فتحت التلفاز و قلبت في القنوات .. سئمت جلوسها في الحجرة هكذا تريد أن تفعل شيئا جنونيا كما فعلت هذا الصباح .. ضحكت بينها و بين نفسها و تذكرت صباح اليوم كيف تجرأت و امتطت الخيل و كيف هجمت على باتريك .. ذلك الرجل المتلبد الأعصاب ..


سمعت صوت باب القصر يفتح في وقت متأخر من الليل و أيقنت بأنه باتريك قد عاد و أخيرا .. حان الوقت للتحدث يا باتريك .. قالت في سرها .. خرجت من غرفتها لتقابله في الممر الطويل .. توقف فهو لم يتوقع أن يكون أحدا مستيقظا إلى الآن ..نظر إليها لم تكن ترتدي فستان نوم كما تمنى أن يراها في هذا الوقت من الليل .. بكل كانت ترتدي جينزا و قميص ملونا و رفعت شعرها برباط أضفى عليها جمال أنثوي طاغي .. اقترب منها بهدوء

- " آنسة آغنر .. لم أنت مستيقظة حتى هذا الوقت ؟! "
- " كنت أنتظرك "
- " تنتظريني ؟! "
لا يعرف لم أحس بشعور جميل .. وجود أحدا ينتظره .. لكنه طرد هذه الفكرة من رأسه و قهقه ثم أردف سائلا

- " و لم تنتظريني يا آنسة ؟! "
حدقت فيه بحقد و قالت بثقة

- " لقد أخبرتني صباح اليوم بأننا سنتحدث على انفراد أنا و أنت يا دون باتريك "
أومأ برأسه مجيبا إياها

- " نعم ..هذا صحيح لقد أخبرتك بذلك صباح اليوم .. لكنني قلت عندما يتسنى لي وقت للتحدث و كما ترين بان الوقت الآن متأخر جدا و انا متعب .. "
دنا منها أكثر حتى كاد يلتصق بها و لاستغرابها من تصرفه تجمدت رجليها و تسمرت في مكانها تحملق فيه و هو يقرب شفتيه ناحية أذنها و يهمس قائلا

- " كما أن إذا جلسنا أنا و أنت بانفراد و في مكان منعزل بهذا الوقت المتأخر سيظنون بأن ... أنت تعرفين ما أقصده "
ابتعد عنها و هو يضحك بسخرية عندما التفتت و حدجته بنظرة حادة و قالت باستهزاء

- " أنت خفيف الظل يا دون باتريك .. أنا و أنت .. هذا فعلا مضحك.. "
كلما تحدثت في هذه النبرة كلما زادته إثارة .. قاومها قدر الامكان و قال بصوت ماكر و نظرة خبيثة جريئة
- " حقا ؟ تجيدينه ممتعا أم مغريا ؟! "
زاد ضحكه و هو يرى وجهها الذي تورد خجلا ..أحست لورا بأنه ليس بطبيعته لابد أنه ثمل أو يعاني من شيئا ما ..
- "حسنا أتمنى أن تجد وقتا صباح الغد في التحدث أريد أن انتهي من هذه المسألة "
توقف عن الضحك و علت ابتسامة سخرية على وجهه و هو يفتعل الدهشة

- " حقا ؟! و عندما تنتهين منها هل ستغادرين إلى بلادك ؟! "
- " هذا يعتمد .. "
- " على ماذا ؟! "
لم تستحمل رؤيته يستهزأ بها .. فقالت
- " يبدو عليك التعب يا حضرة الدوق.. سأتركك لترتاح.. عمت مساءا "

استدارت لتعطيه ظهرها و مشت باتجاه حجرتها دون أن تلتفت .. و بحركتها تلك أشعلت النار في صدره.. نار الافتتان و الإعجاب ..



استيقظت في الصباح و هي تشعر بالانهماك فهي لم تنم جيدا تلك الليلة و هي تفكر بما قالته صباح أمس و كيف أتت لها الجرأة بأن تواجه الجميع و تكشر عن أنيابها .. و كيف دنا منها باتريك في المساء و همس في أذنها .. استطاعت رائحة عطره الرجولية أن تعلق في انفها و تقطع أوصالها و صوته الواثق يبعث قشعريرة في جسمها .. و مجرد التفكير فيه يزيد من ضربات قلبها ..


دخلت غرفة الطعام لتجد نانيرا تتفطر وحدها و ما أن رأت لورا داخلة حتى تركت طعامها و غادرت الغرفة .. تبعتها لورا إلى غرفة الجلوس و أطرقت عليها سؤالا

- " أين الدوق ؟ّ! "
لكن العجوز لم تتعب نفسها بالنظر إلى لورا ..

- " حسنا إذا ستتجاهلينني .. أتعرفين يا نانيرا !! هذا يناسبني "
لم تكترث نانيرا للرد عليها .. فغادرت الأخرى و خرجت من القصر..


أخذت تتمشى في الحديقة لعلها تبعد ذلك الضجر الذي اعتراها .. تنظر إلى النافورة العملاقة و حوض السباحة ..و فجأة خطرت في بالها فكرة أعجبتها ..فأسرعت بالذهاب إلى جناحها و نزلت بعد دقائق و هي ترتدي ثوب الاستحمام و لفت جسدها بمنشفة أظهرت أكثر مما أخفت و سارت أمام نانيرا التي فتحت عينيها باتساع و هي ترى تلك الفتاة الشبة عارية تتمشى في القصر !!

ثم تخرج إلى الحديقة حيث حوض الاستحمام و تفرش منشفتها على الكرسي و تتموضع أمام الشمس كأنها أمام كاميرات سام .. تدهن جسدها بالزيت و تنادي على أحد الخدم و تطلب منهم أن يحضروا لها إفطارها بالخارج ..

بلغ الغضب عند نانيرا مبلغا و لم تستطيع أن تسكت عن تلك المهزلة التي تحدث فخرجت لتلقي قنبلتها الموقوتة على الغريبة ..


- " ماذا تظنين نفسك فاعلة ؟! "
فتحت لورا عينيها و نظرت إلى العجوز الغاضبة

- " ماذا تعتقدين ؟!! إنني آخذ حمام شمس .. "
- " كيف تجرئين ؟ و من سمح لك ؟ "
- " آه الآن تتحدثين إلي .. "
- " أجيبيني "
- " اسمعي يا نانيرا لا رغبة لي في إعادة خطاب صباح أمس فأرجوك اتركيني أتنعم و استمتع .. ابتعدي إنك تحجبين الشمس عني "
- " عديمة التربية و الأخلاق .. إذا رآك الدوق بهذا المنظر سيطردك من القصر فورا.. آه كم آمل هذا "
لم تأبه لورا بكلام تلك العجوز فقالت بخبث ..
- " أخبريه لعله يريد أن ينضم إلي .. أو يساعدني في وضع الزيت على جسدي "
فتحت نانيرا عينيها باتساع فصرخت بعصبية

- " يا لك من وقحة .. لن أسكت عن هذا.. ستأخذين جزاءك يا عديمة الأخلاق "

سارت نانيرا مبتعدة باتجاه الإسطبل و أمرت سائق العربة الصغيرة أن يأخذها إلى حيث باتريك يتدرب على الخيل .. أوقف الحصان و اقترب من العربة البيضاء الصغيرة التي توقفت و توقع بأنها قد تكون لورا أتت لتتحدث معه كما تفعل تلك الجريئة كالعادة .. لكن مفاجأة .. إنها ليست هي بل ..


- " نانيرا إيزابيل ..!! ".
- " دون باتريشيو ..لن أستطع تحملها أكثر .. أرجوك يجب أن تفعل شيئا بشأنها .."
كتف ذراعيه و قال بكل بساطة
- " دعيني أخمن .. لورا ؟! "
- " و من غيرها ..أنها تفقدني صوابي "
- " ماذا فعلت الآن ؟ّ! "
- " شيء مخزي "
- " هيا نانيرا أخبريني "
- " تلك الوقحة الغير متربية صاحبة المبدأ الديمقراطي .. تلك الفاج..."
قاطعها باتريك حتى لا تكمل شتيمتها .. و قال بنفاذ صبر
- " نانيرا .. ماذا فعلت لك آنسة آغنر ؟ "
- " على الرغم مما تفعله معك و قلة احترامها لك لا تزال تناديها بآنسة .. يجب أن تلقيها خارج القصر.. "
- " حسنا .. هل ستخبرينني ماذا فعلت لك أم أذهب و أسألها بنفسي ؟ "
أوقفته قبل أن يتحرك من مكانها و قالت بصوت مرتفع ..
- " لا .. لا تذهب .. "

اقترب داني و ماريو ناحيتهما فقال داني بدهشة

- " نانيرا إيزابيل .. إنها أول مرة تأتين فيها إلى الإسطبل .. لعله أمر طارئ "
أكمل ماريو عنه و هو يعرف ما هو الأمر الطارئ الذي جعل نانيرا تشرفهم في الإسطبل

- " ماذا فعلت آنسة آغنر ؟! "
- " قل ماذا لم تفعل ؟! "

إنها تزيد النار حطبا في قلب باتريك ..
- " أنت تفقديني صوابي.. سأذهب إليها "
- " لا توقف .. لن يعجبك ما ستراه "
- " و ما الذي قد أراه ؟ "
- " إنها .. إنها تأخذ راحتها في القصر و كأنه ملكها "
ضحك داني و قال معلقا

- " هذا ليس شيء جديدا عليها “
- " لا .. لقد تعدت الحدود "

نفذ صبر باتريك فقفز على ظهر الخيل و ركض به إلى القصر

- " حسنا هذا يكفي ..سأذهب لأرى بنفسي ماذا فعلته تلك المزعجة .."
صاحت نانيرا و هي تلحق به

- " دون باتريشيو ... توقف "لكنه لم يسمع لها فجذبت داني و ماريو معها ليمنعوه ..

أوقف حصانه بالحديقة و ربطه على السياج .. و سار باتجاه القصر .. وصلت نانيرا و تابعيها ماريو و داني و سائق العربة ..قالت و هي تنادي عليه

- " دون باتريشيو .. أرجوك توقف .."

لكنه لم يسمع لها .. و هو يهم بالدخول إلى القصر توقف عند الباب و استدار.. فقد لمح شخصا ما .. اقترب من حوض الاستحمام .. لم يصدق ما يراه !!


لورا بثوب اسود للسباحة و يكشف عن كل جزء في جسدها الممشوق اللامع..بدت مثيرة جدا بشعرها الأشقر الذي تبعثر فوق كتفها محدثا ضجة عارمة في قلب باتريك.. لا شعوريا قال بصوت منخفض

- " آه يا إله السماوات "

في هذه اللحظة أتت نانيرا و هي تهرول و خلفها ماريو و داني .. لكنها أبطأت عندما عرفت بأن الأوان قد فات ..

توقف ماريو و داني و أخذا ينظران بافتتان إلى التحفة الفنية التي أمامهما و قال داني المصدوم معلقا ..

- " هذا الذي لن يسره ما يراه ؟!! "

رفعت لورا رأسها و فتحت عينيها لتجد الدوق و حاشيته يتمنظرون فيها و كأنهم لم يروا امرأة تأخذ حمام شمس في ثياب السباحة من قبل .. اكتفت بأن ابتسمت و لوحت لهم بيدها..

ذاب الرجال لتأثير ابتسامتها مع منظرها المثير .. كانت نانيرا تنظر إليهم بغضب .. فاقتربت من لورا و ألقت عليها المنشفة و قالت بعصبية

- " احتشمي أمام الدوق ..و الرجال ..عدلي من جلستك .. "
لكن لورا ألقت المنشفة أرضا و أعادت إسناد رأسها على الكرسي بلا اكتراث بوجودهم ..

قال باتريك لداني و ماريو

- " أرجوكما خذا نانيرا إلى الداخل "
- " ماذا ستفعل ؟! "
- " هيا يا داني "
- " حسنا "

دخل جميعهم ما عداه وقف يحدق فيها ثم اقترب منها بخطوات ثابتة و واثقة .. و في كل خطوة بخطيها يزيد قلبه اشتعالا و تشعر هي بالارتباك.. وقف أمامها فحجب الشمس عنها ليظلل عليها بجسده العريض .. فتحت عينيها و التقت بعينيه التي احتضنت نظراتها ..

كان ينظر إليها من رأسها إلى أخمص قدميها بإعجاب و كأنه نمر يتحرق شوقا لالتهام فريسته .. أخذ قلبها يصعد و يهبط بسرعة كبيرة لكنها حاولت قد الإمكان أن تبين له بأنها لا تكترث بوجوده أو بمن يكون ..


قال بصوت هادئ كعادته هز به بدنها
- " إذا كنت تحاولين لفت نظري.. أنا أقرها لك ..لقد نجحت .."

انقبضت أحشاءها بقوة و صعد الدم إلى خديها و ارتجفت أطرافها.. يا لتأثيره الخطير عليها ..

جلس على الكرسي بالقرب منها و هو يمتع عينيه بالنظر إليها .. تنهد و قال بابتسامة ملتوية

- " هذه ليست بالطريقة المثلى لحثي على التحدث معك .. لكنها قد تحثني على فعل أشياء أخرى .. إن كنت تفهمين ما أعنيه !! "
جعلتها كلمته الأخيرة تكره نفسها و تشعر بأنها فاسدة و كأنها **** ..عدلت من جلستها و لفت المنشفة على جسدها ..

قال باستهزاء معلقا

- " آه آسف هل أحرجتك ؟! اعذريني .. أرجوك عودي لما كنت تفعلينه "
استفزها فقالت معاتبة بعصبية
- " ما كنت أفعله ؟!! إنك تحاول أن تفهمني بأني ارتكبت معصية أو شيء من هذا القبيل "
أجابها بسخرية
- " حقا ؟!! هذا هو انطباعك .. لم أقصد .. اعذريني "
- " أتعرف شيئا يا حضرة الدوق ؟! لن أكترث .. و إن أردت بإمكانك الانضمام إلي "
ألقت بالمنشفة ثم قفزت إلى الماء أمام عينيه .. لا يمكن أن يكون أكثر إعجابا و استثارة مما يكون عليه الآن ..

- " يا إلهي إنه منعش.. "
استقام واقف و قال مبتسما

- " جيد.. يسرني بأنك تستمتعين بوقتك .. لكن انتبهي على نفسك .. فانا لا أريدك أن تصابي بالبرد "
- " شكرا لقلقك علي .. لكن أطمأن سأكون على أحسن ما يرام "
تنهد و هز رأسه

- " أتمنى ذلك .. "
استدار داخلا القصر .. غاصت في الماء و هي تشعر بشيء من السعادة أحست بلذة الانتصار ..


اقتربت منه نانيرا و هي منزعجة

- " ماذا يا دون باتريشيو هل ستتركها تفعل ما تشاء ؟ "
- " اهدئي يا عزيزتي .. لن يدوم ذلك طويلا "
- " ماذا تعني ؟! "
- " انتظري و سترين "

ثم اقترب منها و عبطها من جنبها و هو يجذبها معه إلى الطابق العلوي و يقول لها مع ابتسامة شيطانية و لمعة غريبة في عينيه

- " كيف حال معطفك الفرو ؟! "
- " ماذا تنوي أن تفعل ؟!! "


مر على وجودها في الخارج ساعتين .. قررت أن تدخل القصر.. بحثت عن منشفتها لكنها لم تجدها لا على الكرسي و لا أسفله.. دارت حول الحوض فلعل الهواء طيرها لكن لا يوجد أي أثر لتلك المنشفة..

دخلت القصر و قد ضربها هواء مثلج ما أن فتحت الباب.. ارتعشت أطرافها فضمت جسدها الشبه عاري بيديها و صعدت الدرج بأطراف أصابعها .. حاولت أن تفتح باب جناحها لكنه كان مقفل حاولت مرة و أخرى .. لكن دون جدوى الباب مقفل .. أخذت ترتجف من البرد و أسنانها بدأت تصطك و تحولت أصابعها إلى اللون الأزرق .. قالت في نفسها

- " يا إلهي سأموت من البرد .. "
-
و لحسن حظها بأنها رأت وانيتا تصعد الدرج و بيدها أغراض كثيرة ..

- " وانيتا .. أرجوك ساعديني على فتح الباب "
- " آسفة يا آنسة .. لقد نادى علي الدوق لآخذ له الأغراض.. سآتي فور انتهائي منه "
- " لكني أتجمد من البرد.."
- " سأحاول أن لا أتأخر.."

ثم دخلت جناح باتريك .. و غابت لفترة طويلة و بدأت لورا بالعطس .. واحدة ثم ثانية .. فثالثة و تلتها سيل من العطسات .. و بعد وقوفها في الصقيع بثوب الاستحمام الأسود ذو القطعتين ..

و الجسد المبلل لخمسة عشر دقيقة تقريبا فتح الباب ليخرج منه داني الذي وقف يحدق بلورا التي تحولت إلى زرقاء..

- " لورا ؟!! "
قالت و أسنانها ترتجف

- " لم .. اعد .. أشعر .. ب..ب..أطرافي "
- " يا إلهي .. بالطبع .. فأنت مبللة كليا و واقفة فوق الرخام في هذا القصر المثلج.. اعتقد بان هناك مشكلة في التكييف .. "
كانت ترتجف بقوة و شعر بأنها قد تسقط أرضا..
- " باب.. حجرتي .. مقفل .."
حاول أن يفتح الباب لكنه بالفعل كان مقفلا ..

- " حسنا إذا أدخلي حجرتي و خذي حمام دافئ بينما أحاول أن أفتح لك الباب "
- " حسنا "
أخذها إلى حجرته و دلها على الحمام ثم فتح لها الماء الساخن .. و دون أن تنتظره يخرج دخلت تحت الدش الدافئ .. انساب الماء الدافيء على جسدها المثلج .. و شيئا فشيئا بدءت تستعيد عافيتها .. وقف ينظر إليها من بعيد بإعجاب ثم خرج من الحمام لتأخذ راحتها ..


بعد دقائق فتحت باب الحمام و هي ملتحفة بمنشفة داني ..

- " داني ؟!! "
كان جالسا على الفراش مقابلا لباب الحمام و يحملق فيها ..

- " اعتقدت بأنك في الخارج تحاول فتح باب حجرتي "
لم يجبها بل استقام واقفا كان يقترب منها بخطوات صغيرة .. لا تعرف لم شعرت بالخوف لكنها مع ذلك ابتسمت و قالت له

- " شكرا لك داني .. سأذهب الآن "
و قبل أن تسير مبتعدة من أمامه حشرها بجسده و ألصقها على الحائط و كان ملتصقا بها ...

- " لا يا لورا ليس بهذه السرعة "
- " أرجوك داني دعني أذهب .."
- " ليس قبل أن أطفئ غليلي "
و فجأة لثم شفتيها بقبلة نهمة و هي تدفعه و تقاومه لكنه استطاع السيطرة عليها بأن دفعها بقوة على الفراش و انقض فوقها و فتح المنشفة ..

أخذت تصيح و تصرخ و هي تقاومه بقوة و تستنجي بأحد لعله يساعدها .. لكن لا أحد .. يبدو بان الجدران و الأبواب عازلة للصوت ..

- " ابتعد عني .. اتركني يا قذر ... النجدة.. ساعدوني .. "

فجأة فتح الباب على مصراعيه و دخل باتريك بقوة و اندفع ناحية داني فجذبه بعيدا عن لورا .. لكمه بقوة حتى أسقطه أرضا .. ثم استدار ليجد لورا عارية لكنها تسترت بالمنشفة ما أن أيقنت أن الذي يحدق فيها هو الدوق ..

نظر إليها بنظرة اشمئزاز ثم جذبها بقوة من يدها و جرها خارج غرفة داني أمام مرأى ماريو و وانيتا و .. نانيرا المتشمتة ..

حاولت التلصص من قبضته لكنه كان أقوى منها ,فتح باب جناحها و دفعها إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه و أوصده..

انهارت على الأرض بالبكاء عندما سمعت الدوق يصيح و يصرخ بصوت عال على داني و لو أنها تفهم ما يقولونه لارتاحت ..و كرهت نفسها كثيرا فهي لا تريد أن يظن باتريك بأنها امرأة فاسدة أو أي شيء من هذا القبيل إنها تحاول بكل الطرق أن تكسب وده .. خاصة و أنها معجبة به كثيرا على الرغم من خشونته معها.. ظلت في فراشها تبكي حتى أغشاها التعب لتغفو و هي تشعر بالتعب و الإرهاق ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:20 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-6-



دخلت وانيتا بعد الظهر جناح لورا لتطمأن من أنها قد تناولت إفطارها الذي تركته لها هذا الصباح لكنها وجدت أن لورا لم تلمس شيئا من إفطارها و وجدتها بصعوبة بسبب الظلام مستلقية على الفراش .. اقتربت منها و همست

- " يا آنسة .. هل أنت مستيقظة "
لكن لورا لم تجبها .. فتركتها وانيتا و غادرت الحجرة ..


- " نانيرا إيزابيل "
- " نعم يا وانيتا ماذا تريدين ؟! "
- " إن الآنسة آغنر لم تلمس شيئا من إفطارها الذي وضعته لها هذا الصباح و لا تزال نائمة و لم تجبني "
- " لعلها نائمة بالفعل بعد أن سهرت طوال الليل تشعر بالخزي و العار "
- " لا أعتقد ذلك يا نانيرا فهي مهما طال سهرها تستيقظ باكرا "
- " لا تقلقي عليها إنها نمرة متوحشة و لن تموت من الجوع "
ابتعدت
نانيرا و هي تتذمر من تلك الوقحة .. آغنر

لكن وانيتا بدأت تقلق كثيرا عندما دخلت جناح لورا في المساء لتجد الغرفة مظلمة و لورا لم تتحرك من مكانها و لم تلمس صينية الإفطار .. اقتربت منها مرة أخرى و وضعت يدها لتهزها فشهقت و أبعدت يدها بسرعة.. يا إلهي إنها ساخنة كالنار..

ركضت وانيتا و طرقت باب جناح الدوق فدعاها للدخول رفع رأسه عن الأوراق و الملفات التي أمامه و نظر باتجاه وانيتا المفزوعة

- " وانيتا ماذا لديك ؟! "
- " آسفة يا سيدي لإزعاجك لكن الآنسة لورا ليست على ما يرام "
- " ما بها ؟! "
- " لم تلمس إفطارها و لم تغادر فراشها حتى ..و عندما وضعت يدي لأوقظها وجدتها ساخنة جدا .. لعلها مصابة بالحمى يا سيدي"

اعتصر قلب باتريك فقد يكون هو السبب إن أصابها مكروه .. هب ليلقي نظرة عليها.. دخل حجرتها و اقترب من فراشها كانت متكورة و ملتحفة بالغطاء.. و نائمة.. مثل الحسناء النائمة .. وضع كفه على جبينها يتلمس حرارتها فاحترقت يداه و أبعدها بسرعة .. و قال هامسا إلى وانيتا حتى لا يوقظ لورا

- " اتصلي بالطبيب و أخبريه أن يأتي حالا "
- " حسنا سيدي "




خرجت من الحجرة و بقي هو مع لورا وحدهما .. مسح على رأسها و قال بصوت منخفض

- " لورا ... لورا .. استيقظي "

فتحت عيناها بتثاقل و نظرت إلى صورة مهزوزة و مظلمة و غير واضحة لباتريك و كانت تسمع صوته يقترب ثم يبتعد و ينادي باسمها .. قرب وجهه من وجهها حتى تراه بوضوح .. أغمضت عينيها مرة أخرى فوضع يده بيدها يهزها لعلها تستفيق مرة أخرى

- " لا يا لورا لا تغمضي عيناك ..استيقظي "
فتحت عين واحدة بصعوبة لتجد صورة باتريك لا تزال موجودة و كذلك صوته .. لعلها تحلم .. ضغط على يدها و أكد ذلك لها بأنه باتريك بلحمه و شحمة و ليس حلما .. فقالت بصوت مرتجف و بالكاد يسمع

- " باتريك .. أنا لم .. مع.. دان.."
وضع سبابته على شفتيها
- " اشششش .. أعرف ذلك .. ارتاحي"
أغمضت عيناها مرة أخرى فجلس على الفراش و أخذ يمسح على رأسها و لا شعوريا ارتسمت ابتسامة ارتياح على محياه ..


دخلت وانيتا و قالت

- " لقد اتصلت بكل الأطباء الذين استطعت الحصول على أرقامهم لكن لا أحد منهم يرد إلا الطبيب جيوفاني و قال لي أن اعتذر منك لأنه يسكن بعيدا جدا عن القصر و قال أنه يستطيع أن يكون هنا في الصباح الباكر "
- " حسنا إذا يجب أن نعمل على تخفيف حرارتها.. اذهبي و احضري إناء ماء و مكعبات ثلج و أحضري مناشف صغيرة.."
- " حسنا "
ضغطت لورا على يده و أصدرت أنينا .. رأى دمعة تنزل على خدها .. فمسحها بطرف إبهامه

- " ستكونين بخير يا لورا "
- " باتريك "
- " ماذا يا عز**.. يا لورا ؟! "
- " سأغادر.. "
و فجأة غابت عن الوعي .. فتح عينيه باتساع و رفع ظهرها ليجلسها و أخذ يلطم وجهها حتى تستفيق .. إنها تدخل في نوبة الحمى ..

- " لا يا لورا .. استفيقي .. أرجوك .. لورا ... "
ثم صرخ عاليا ينادي وانيتا ..
- وانيتا ... أسرعي "
بدأت تتهالك بين يديه .. و بسرعة تصرف و حملها و دخل بها إلى الحوض و فتح عليها الماء البارد.. شهقت و أخذت تهتز و ترتعش .. ضمها إليه و هو يمسح على شعرها و يقبل رأسها..

- " لورا .. افتحي عينيك أرجوك "




دخلت وانيتا و رأت منظرا لم تره في حياتها من قبل .. الدوق جالسا في حوض الاستحمام و بين يديه فتاة بين الحياة و الموت يمسح على رأسها و يقبلها !!!

انتبه لوجود وانيتا فقال برباطة جأش

- " هيا ألقي مكعبات الثلج بالحوض "
- " لكن .. "
- " هيا وانيتا "
فعلت ما أمرها و ألقت بمكعبات الثلج بالماء .. ازدادت برودة الماء و أخذت لورا ترتجف و شعر هو بتجمد أطرافه لكنه تحمل ..

شيئا فشيئا بدأت لورا تستعيد وعيها و تفتح عينيها .. رأت يد رجل تحوط صدرها و صرها و شعرت بوجود شخص ما خلفها .. فبدأت بالهسترة و أخذت تصرخ و تضرب باتريك بقوة

- " اتركني يا قذر ..اتركني.. ابتعد عني .. ابتعد .."
- " لورا .. لورا .. اهدئي .. إنه أنا باتريك "
اقتربت وانيتا منها و أمسكت رأسها حتى تجعلها تنتبه لها ..

- " توقفي يا آنسة.. أنت بين أيد أمينة "
بالفعل توقفت و قلبها ينبض بسرعة غير طبيعية .. لفت رأسها لتجد نفسها مستندة على صدر باتريك و هما الاثنان في حوض استحمام و الماء بارد كالصقيع .. قالت بخوف

- " ما الذي يحدث هنا ؟! "
ابتسم لها و هو يرتجف و قد تحولت شفتاه إلى اللون الأزرق لكنه قال مهدئا

- " كنت فاقدة الوعي و حرارتك مرتفعة جدا .. و بدأت تدخلين في نوبة "
نظرت بين عينيه لتجد لأول مرة دفئا غير طبيعي على الرغم من برودة الماء ..كما رأت ابتسامة صغيرة صادقة أخبرتها بأنه يهتم بها و يقلق عليها .. ألقت بجسدها عليه و بكت.. ضمها إلى صدره و هو يربت على كتفها

- " اششش .. اهدئي يا لورا .. أنت بخير الآن"
أعطى وانيتا نظرة لتغادر فخرجت بسرعة و تركتهما وحدهما ..

لا تعرف لم كانت تبكي !! .. آه صحيح لما شعرت به بالأمس من خزي .. لأنه ظن بأنها قد أخطأت مع داني !! و لأنها كانت متعبة جدا ..

ظلت بين يديه لفترة وجيزة ثم رفعت رأسها و بدأت ترتجف و كذلك هو كان يرتعش و اصطكت أسنانه و ما هي إلا لحظات حتى انهمر على الاثنان ضحك مفاجئ و أخذا يضحكان حتى امتلأت عيناهما بالدموع .. ثم توقفا فجأة و أخذا يتبادلان نظرات الافتتان و الإعجاب التي قطعها هو بأن استقام واقفا و خرج من الحوض فتقطر الماء من ثيابه التي التصقت بجسده ليأتي بمنشفة و يضعها حول لورا التي ترتدي قميص نوم خفيف و أصبح شفاف بفعل الماء فكشف جسدها لكنه بسرعة أشاح عن النظر إلى جسدها .. فهو يعرف بانه لن يستطيع مقاومتها أكثر من ذلك .. ساعدها على النهوض دون أن ينظر إلى عينيها.. ثم اخذ منشفة لنفسه و وضعها على كتفه ..

- " كيف تشعرين الآن يا آنسة ؟! "
- " بخير .. شكرا لك .."
- " أنت مصابة بالحمى .. درجة حرارتك كانت مرتفعة جدا .. أتمنى أن ترتاحي و تتناولي وجبة عشاء و غدا سيأتي الطبيب ليفحصك "
أومأت برأسها .. إنها لا تريد أن تسمع هذا الكلام منه .. لا تريد وجبة عشاء و لا أي شيء غير أن تبقى نائمة على صدره ..


بعد ذلك فتح الباب و نادى على وانيتا ..

- " وانيتا ساعدي آنسة آغنر بتغير ثيابها إلى أخرى جافة ثم أحضري لها طعام للعشاء "
- " حسنا سيدي "
- " أبقي معها الليلة "
- " حاضر "

ألقى نظرة خاطفة عليها و سرعان ما أشاح بنظره عنها عندما وجدها تحملق فيه بحزن و قد تجمعت الدموع في عينيها.... و كأنها تعاتبه بنظراتها .. بل هذا ما كانت تفعله .. تريده أن يبقى .. أن يعترف لها بشيء .. لكنه غادر بهدوء .. آلمها قلبها و كأنه خلع من صدرها و غادرها معه .. يا إلهي إنها واقعة في الحب !!

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:21 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-7-


يسابق الرياح فوق التلال و السهول , يداعب النسيم أذنيه ثم يدخل بين خصلات شعره الأسود .. يركض بالخيل و كأنه يهرب من مشاكله و من همومه , من ضغوط العمل , من شعوره بالذنب من .. من تلك الجميلة التي احتلت عقله و قلبه و لم يعرف هل سيقابلها من جديد ؟؟ و من هذه الجريئة التي احتلت الجزء الثاني من قلبه و عقله فهل هذا ممكن ؟! أن يعشق اثنتان في وقت واحد ؟!! واحدة لا يعرف من تكون و ما اسمها و لم ير منها إلا شعرها الأشقر الكثيف الذي استرسل أسفل كتفيها و طرف أنفها و ابتسامتها و طول قامتها و أناقتها و عذوبة صوتها.. و الثانية الشقراء ذو الشعر الأشقر القصير الذي يلامس أطرافه كتفها و الجسم الرشيق و الشقاوة و الجرأة و صاحبة المنطق و الرأي السديد التي تقنعه بنظرة واحدة من عينيها فهي يفترض أن تكون عدوته لكنها للأسف هي هنا لتحتل قلبه و عقله و سكنه و ورث أجداده..

فكيف انقلبت الآية و هو الذي يعرف عنه بأنه ذو بأس شديد و لا يقع ضحية لجمال النساء بل كن هن من يقعن فريسة له !! ..


عاد إلى الإسطبل بعد أن تسابق مع الهواء على ظهر جواده ليجد ماريو ينتظره عند السياج ..

- " سيدي .."
- " ماذا تريد يا ماريو ؟ "
- " لقد أتى الطبيب جيوفاني ليكشف على الآنسة "
- " حسنا جيد سأوافيه حالا "
- " سأخبره أن ينتظر "

خرج الطبيب جيوفاني من جناح لورا و كان باتريك في انتظاره عند الباب يريد أن يطمئن على صحتها فهو لم ينم طيلة الأمس و هو يفكر بخطئه و أن كل ما حدث لها هو بسبب تصرفه الطفولي..

- " دون باتريك كيف حالك ؟! "
- " أنا بخير .. لكن السؤال يفترض أن يكون كيف حال الآنسة ؟! "
- " أنت قلق جدا عليها .. اهدأ .. لا داعي للقلق فهي امرأة قوية "
- " إذن ما بها ؟! "
- " مجرد نزلة برد و إن ارتاحت ليومان ستكون أفضل "
- " أتمنى ذلك "
- " لقد سمعت بأنك أنقذتها بالأمس .. أهنئك على تصرفك السليم دون باتريك فلولا انك لم تقم بما فعلته لدخلت الفتاة في نوبة أو غيبوبة و قد تصاب بمرض ما أو تصاب أنسجتها العقلية لارتفاع درجة حرارتها ..لكن كيف خطرت لك هذه الفكرة بأن تضعها في ماء بارد لتقوم بموازنة حرارة جسدها بطريقة سريعة ؟!"
- " حمدا لله بأنها بخير فهذا ما يهم "
- " نعم صحيح .. أنا لا ألومك يا دون باتريك لاهتمامك الزائد بها فهي ضيفتك "
أنزل رأسه فهو يشعر بالخزي .. هل هكذا يقوم المضيف بالاهتمام بضيفته ؟؟ بأن يأخذها في منتصف الليل و يلقيها في بيت منعزل و مهجور , أم يقوم بأخذ منشفتها و رفع درجة برودة المكيف حتى تصاب بالبرد و تتجمد أطرافها , ثم يلقي اللوم عليها عندما وجدها في حجرة داني ملقاة على فراشه و هي تصيح و تصرخ مستنجدة بأحد ما ..

قالها دون أن يقتنع بإجابته ..
- " بالطبع "
- " حسنا أستأذنك الآن و لا تقلق على الآنسة ستكون بخير إن اتبعت إرشاداتي جيدا "
- " شكرا لك "
- " على الرحب و السعة "

أوصل الطبيب إلى الباب و ودعه بلباقة ثم وقف على أول الدرجات يهم بالصعود.. تردد لفكرة خطرت له بأن يدخل على لورا ليطمأن عليها بنفسه .. هذا ما حثه عليه قلبه .. لكنه فكر مليا و أعدل عن هذه الفكرة بإتباعه لعقله .. و بدل من ذلك خرج من القصر و استقل العربة الصغيرة ليذهب إلى المصنع و يلهي نفسه عن التفكير بلورا ..بالعمل...



دخلت وانيتا حجرة لورا و وضعت صينية الإفطار على فراشها ثم فتحت الستائر لتدخل الشمس فتصحصحها .. غطت عينيها بيدها فهي لم تر النور ليوم كامل ..

- " يجب أن تأكلي يا آنسة "
- " لكني لا أشعر بالجوع "
رفعت وانيتا الملعقة إلى فم لورا لكن الأخرى أبعدت رأسها .. لوت وانيتا شفتيها و ابتسمت بطريقة شيطانية و كأن فكرة جهنمية خطرت لها

- " هل تريديني أن أنادي الدوق ليطعمك ؟! "
ابتسمت لورا غصبا عنها ثم سألت وانيتا

- " و ما الذي يدعوك لقول ذلك ؟! "
تظاهرت وانيتا بأنها لا تعرف شيئا عما يدور بين الاثنين

- " ليس هناك سببا .. لكنه يستطيع إرغامك "
انزعجت لورا فردت عليها

- " أنت مخطئة لا الدوق و لا غيره يستطيع إرغامي على فعل شيء لا أريده "
- " حسنا أنا آسفة .. أرجوك تناولي هذه اللقمة من يدي.. من أجلي "
- " من أجلك فقط .. و ليس لباتريك "
تناولت الملعقة من يدها فابتسمت تلك الأخرى

- " هل قمنا نناديه باسمه ( باتريك ) عوضا عن (دون) أو (الدوق) ؟؟"
رفعت لورا حاجبيها و مع ابتسامة سألت وانيتا

- " إلى ماذا تلمحين ؟! "
- " لا .. لا شيء أبدا "
- " هيا أخبريني بما يدور في خلدك ؟! هل سمعت شيئا من أحد ؟! هل قال لك احد شيئا ؟! أو رأيت شيئا "
- " لم أسمع من احد و لم يقل لي أحد أي شيء .. لكنني رأيت بعيني الكثير "
بدأت لورا تتحمس لحديث وانيتا فأمطرتها بالأسئلة

- " و ماذا رأيت .. أخبريني هيا ؟! "
ترددت وانيتا قبل أن تتحدث فألحت عليها لورا و هي تهز يدها

- " هيا أخبريني .. "
- " لكن هل توعديني بان تنهي طبق الحساء إن أخبرتك ؟! "
- " نعم .. وعد مني أن أنهي كل الطبق لكن أخبريني "
- " حسنا .. بالبداية رأيت الدوق عصبيا جدا عندما ضرب دانيال على وجهه لأنه حاول أن .."
- " نعم .. رأيته "
قاطعتها لورا فهي لا تنوي أن تتذكر تلك الحادثة المرعبة ..

- " هو لم يضرب صديقه قط و لم يطرده من القصر من قبل بل دائما ما يقف معه حتى و لو كان داني مخطئا.. لكن لأن الامر يتعلق بك .."
- " ربما لأنني كنت اصرخ و استنجي به .. أيا كان سيقف معي لأني امرأة أتعرض لهجوم رجل غريب "
- " نظراته بالأمس و قلقه عليك أكد لي ما أشعر به .. إن الدوق يهتم لأمرك .. بل أكثر من ذلك "
- " كيف ؟! "
- " كان قلقا جدا عليك و حزينا بحيث قفز معك بحوض الماء البارد و أخذ يمسح على رأسك و .. "
- " و ماذا ؟! وانيتا تكلمي "
- " كان يقبل رأسك .. و يناديك بلورا عزيزتي.."
- " حقا ؟!! "
لكن سرعان ما أبعدت لورا فكرة أن باتريك قد يهتم لأمرها فبسرعة أجابت ظنونها

- " أنا متأكدة لأنه يشعر بالمسؤولية اتجاهي فأولا و أخيرا أنا غريبة و ضيفة عنده "
- " هذا سبب بسيط لا يجعله يقبل رأسك و يجلس معك في الحوض بثيابه و يرتجف من البرد و تزرق شفتاه.. كما أنه عندما بكيتي و تعلقت به نظر إلي بأن أغادر حتى يكون معك وحدك "
لا تعرف لورا لم تألمت لحديث وانيتا بدل من أن تسعد و تبتهج .. هل لأنه يحاول إخفاء مشاعره لكبريائه ؟! أم أن غروره و كبرياءه لا يسمحان له بأن يقع في عشق فتاة أمريكية و من عامة الناس و بدل من هذا أنها أتت لتأخذ جزء من ممتلكات أجداده حيث يفترض أن تكون له وحده و لابناءه و أحفاده من بعده ..

- " آنسة لورا .. هل أنت بخير ؟! "
- " نعم .. لقد سرحت قليلا "
- " بدون باتريك أليس كذلك ؟! اعترفي بأنك تكنين له مشاعر الإعجاب ؟! "
تلونت عيناها بالحزن و هي تجيبها بصوت مخنوق

- " بل أسوأ من ذلك .."
وضعت يدها على قلبها تحاول أن توقف النزيف الذي اعتصر من قلبها و هي تتذكر كيف أنه قاوم تقبيلها مرتين .. أنه لا يريد أن يخطأ معها فيندم .. ارتجفت شفتيها و أحست بغصة .. ضمتها وانيتا و أخذت تربت على كتفها ..

- " لقد ترك اليوم تدريبه على الخيل ليسأل عنك عندما علم أن الطبيب جيوفاني أتى ليكشف عليك .. اعتقد يا آنسة بأنه يكن لك نفس المشاعر التي تحملين له "
- " ربما .."
وقفت وانيتا لتغادر فجذبت لورا يدها و قالت لها مبتسمة


- " كنت أتساءل يا وانيتا إن كان للدوق صديقة أو زوجة أو ..."
- " لا .. كانت لديه صديقة قبل أن يغادر .."
- " و ماذا حدث ؟! "
- " غادر .."
ابتسمت لها لورا .. فمن دون وانيتا لم تكن تعرف كيف كانت ستتحمل البقاء في هذا القصر أكثر من يومان ..

- " شكرا لك وانيتا لأنك الوحيدة التي تعامليني جيدا هنا .. إني أعتبرك صديقة لي .. شكرا مرة أخرى لاعتنائك بي "
- " على الرحب و السعة يا آنسة لورا "
- " ارجوك .. ناديني بلورا "
- " حسنا .. لورا .. هل يعجبك هذا ؟! "
- " بالطبع.. خاصة و أنك أصبحت صديقتي المقربة و اعترفت لك بسري الدفين .. "
ابتسمت لها وانيتا بابتهاج

- " و أنت كذلك يا آنسة.. أقصد يا لورا .. امرأة متفهمة و ناضجة و عادلة و لك قلب أبيض كبير"
- " شكرا لك .. إنك تحرجينني "
- " بل هذه الحقيقة يا لورا و الدوق يقن لذلك "
تورد خدي لورا لكلام وانيتا و لأنها ترسم لها آمال و أحلام بعيدة المنال .. فحتى و ان يكن الدوق يعشقها فهو لن يبوح لها بذلك فآخر ما يريده هو أن تكون بينهما علاقة .. سترضى بالأمر الواقع ..






دخل باتريك القصر في وقت متأخر جدا من الليل و كان يبدو عليه التعب و الإرهاق .. صعد الدرجات بهدوء .. شيئا ما دفعه لان يقترب من جناح لورا .. وقف لدقائق و هو يسمع بهذا الهدوء ضربات قلبه المتسارعة .. آه كم يتمنى أن يفتح الباب فقط لأن يراها من بعيد نائمة و مرتاحة في فراشها ..

كانت جالسة على الكنبة و ملتحفة بغطاء صغير تقرأ كتاب "لجين أوستن" بعنوان "الليدي سوزان "عندما رأت ظل أقدام عند أسفل فتحة الباب .. قامت بهدوء و اتجهت لتفتح الباب .. ارتجفت يديها و ضرب قلبها بشده .. لعله يكون داني !! .. استطاعت أن تضع يدها على المقبض و تجذبه .. اهتز بدنها و اقشعر عندما رأته واقفا ينظر إليها بدهشة .. فتح فمه ليتكلم لكنه أغلقه و فعل ذلك أكثر من مرة حتى أخيرا قال

- " آسف لم أكن أريد إزعاجك آنسة آغنر "


لم ترد عليه ..بل اكتفت بان نظرت إلى أجمل عينين مرهقتين و أوسم وجه متعب رأته .. تجهم وجهه و كأنه تضايق من نفسه و من تصرفه .. فماذا كان يفكر بان يقف عند باب حجرتها في هذا الوقت من الليل و هو بهذه الحال الرثة و بتلك الثياب المتسخة و الشعر المبعثر الذي أضفى إليه منظر الشاب الشقي.. نظرت إلى ثيابه و ساورها القلق ففتح الاثنان فمهما للتكلم في نفس الوقت .. ثم سكتا معا و انتظرا أحد منها أن يتكلم أولا .. و عندما طال الانتظار فتحا فمهما معا للمرة الثانية .. قهقه بهدوء و ابتسمت بخجل.. أشار لها بيده بأن تبدأ أولا .. ترددت ..لان تسأله عن سبب منظره الرث و هي لأول مرة تراه هكذا فهو دائما ما يكون متأنقا حتى و هو يمتطي الخيل .. لكنها عوضا عن ذلك غيرت السؤال بآخر
- " كنت أريد أن أشكرك لما فعلته بالأمس .. أنقذت حياتي "
- " لا داعي يا آنسة فهذا واجبي .. أنت ضيفتي و أنا مسئول عن أي شيء يصيبك .. خاصة إنني لم أكن مضيافا لك في الآونة الأخيرة.. فاعذريني "
نعم هذا ما كرهت أن تسمعه .. ابتسم لها و سألها

- " كيف حالك الآن ؟! "
- " على أحسن ما يكون .. الفضل يعود لك و لوانيتا و الطبيب جيوفاني الذي آلمني بحقنته"
عبس وجهه و قال قلقا

- " حقا ؟! هل آلمتك كثيرا؟!"
هبط قلبها إلى بطنها و هي ترى تغير ملامح وجهه.. لقد صدق كلام وانيتا .. قالت بخجل

- " لا .. ليس كثيرا .. إنه ألم أستطيع تحمله .. "
بعكس الألم الذي أشعر به الآن من نظراتك .. و جفاءك .. و كبريائك و عنادك .. هذا ما تمنت أن تقوله له

- " هذا أكيد فأنت امرأة قوية آنسة آغنر .. أتمنى أن تستعيدي عافيتك قريبا فهناك العديد من الفعاليات ستقام في بداية الأسبوع و آمل أن لا تفوتيها "
- " فعاليات ؟! "
أومأ قائلا

- " نعم .. إنها مجرد عادات و تقاليد تقام كل سنة ,,سترين .. حسنا آنسة آغنر .. سأتركك لترتاحي.. اعتني بنفسك و آسف على إزعاجك "
- " لا أبدا ليس هناك إزعاج .. و أنا متشوقة لتلك الفعاليات لذلك سأعتني بنفسي .. شكرا لك دون باتريك "
أومأ برأسه لها ثم رجع خطوات للخلف و هو يودعها تمنى أن يبقى في مكانه و ينظر إليها

- " عمتي مساء آنستي "

أغلقت الباب خلفها و استندت عليه و هي تعيد رسم ملامحه حتى تحفظها في ذاكرتها جيدا .. خفق قلبها بقوة لكلمته الأخيرة التي ظلت ترن بمسمعها ( آنستي ) و كأنها تخصه .. و آه كم تتمنى أن يناديها باسمها الأول و يلقي الحواجز و الرسميات بينهما ..

إن ما يحدث بينهما مثل رواية من روايات "جين أوستن" .. و صدقت "جين أوستن" الكاتبة المشهورة بوصفها الدقيق لمعاني العشق .. فلورا حتما معتلة به ...




استيقظت صباح اليوم التالي و هي تشعر بنشاط و حيوية فارتدت ثياب عملية مريحة و حذاء رياضي و نزلت الدرج قفزا و كأن حقنة الطبيب جيوفاني قد أدت مفعولها جيدا .. توقفت عند باب غرفة الطعام عندما سمعت صوت نانيرا تتحدث مع شخصا ما .. و لأول مرة كنا يتحدثان بمفردهما بالإنجليزية ..

- " ألن تتصل به يا دون باتريشيو ؟! "
- " لا لن أفعل "
- " لكنه صديقك المقرب "
- " لقد ارتكب خطأ و يجب أن يعاقب عليه"
- " و ما الذي يجعلك تلومه وحده فهي أيضا تتحمل جزء كبير من الخطأ.. فماذا كانت تفعل في حجرته ؟! و لم كانت عارية .. إنه رجل و لابد أنها أغرته "
قال بعصبية
- " نانيرا .. أنت لا تعرفين شيئا "
- " إذا أخبرني بالذي أجهله .. كل ما أراه هو أن تلك الخبيثة دائما وراء المشاكل .. لا تدعها تفرق بينك و بين صديقك المقرب .. اتصل به و تصالحا .. غدا يوم مهم بالنسبة لك و ينبغي أن يكون هنا يساندك كما يفعل دائما.."
فتح جريدته و هو يقول لها

- " إذا هذه السنة لن يكون هنا "
- " بالله عليك يا بني لقد سامحته و سامحك على كثير من الزلات ألا يمكنك أن تسامحه على غلطته هذه .. أنتما صديقين منذ الطفولة و واجهتما الكثير معا "
فكر بكلام نانيرا ..

- " حسنا نانيرا .. سأتصل به لكن ليس الآن .. "
احتضنته و قبلت رأسه ..

- " هذا هو باتريشيو الذي أعرفه .. هيا تغذى جيدا فلديك تدريب .. و أنا متأكدة بأنك ستضيف كأسا عاشرا على تلك الكؤوس .. بالمناسبة أين كنت أمس ؟!"
- " هنا .. في حجرتي"
عرفت لورا بأنه يكذب فلم يكن بحجرته .. لقد عرفت ذلك من ملابسه الرثة ...

قررت أن تعود إلى جناحها فذلك أفضل لها .. لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن كما يقول المثل ..

- " آنسة آغنر حمدا لله على سلامتك "
التفتت لتجد ماريو خلفها

- " شكرا لك "
- " هيا تعالي و تناولي الإفطار معنا "
- " لكن.."
لم يدعها تكمل كلامها لأنه دفعها من كتفها بهدوء إلى داخل غرفة الطعام .. رأتها نانيرا بعين حادة طويلا ثم غادرت المكان .. أنزل باتريك جريدته و أخذ ينظر إليها و قال مبتسما عندما رآها مرتدية فستان مشجر قصير و قد تزينت بمكياج خفيف .. و هذا يدل على أنها قد استعادت عافيتها من جديد ..

- " ماذا تفعلين ؟! ألا يفترض بك أن تكوني في فراشك ؟ "
- " لقد أصبحت أفضل .. كما أن شفائي سيطول إذا حبست نفسي بالحجرة "
- " نعم أصبت .. تفضلي "
وقفا حتى تجلس .. كانت تنظر إليه .. بدا مرتاحا و غير عدائيا تجاهها على غير عادته .. جلست فسكبت لها إحدى العاملات القهوة الساخنة .. شرفت منها قليلا لتزيدها نشاطا ثم نظرت إلى باتريك الذي كان يحملق فيها .. لكن ما أن أحس بها تلتفت إلها .. رفع جريدته و اصطنع بأنه يقرأ باهتمام ..

- " دون باتريك .. "
رفع رأسه عن الجريدة

- " نعم آنسة آغنر .."
- " كنت أريد .. أعني لو نتحدث عن مسألة الميراث لننتهي منها و يرتاح كل منا "
أعاد الجريدة إلى عينيه ..
- " ليس الآن بالوقت المناسب "
دائما يؤجل هذا الحديث ..لا تعرف ما يخشاه ..و ها قد عاد إلى برودته مرة أخرى ..

- " لكن في كل مرة تؤجل الحديث و تغير الموضوع و أنا أرى بأن الآن هو الوقت المناسب"
أنزل جريدته و قال بصوت جدي و حاد يقطع الأحشاء ..

- " حقا ؟! حسنا إذا هيا تكلمي فلدي فقط خمسة دقائق كنت أنوي أن أقرأ فيها الجريدة و أغادر لأن لدي أعمال مهمة في مجلس الشيوخ بالمدينة .. فهل باستطاعتك أن تنهي المسألة بخمسة دقائق يا آنسة؟!"
استقامت واقفة و قالت بانزعاج

- " أنا آسفة لتضيع وقتك .. اعذرني "
ثم خرجت من غرفة الطعام و صعدت إلى جناحها .. تضايق لتركها قهوتها لكنه حاول أن يدعي عدم الاكتراث ..


دخلت وانيتا بعربة الإفطار جناح لورا و سعدت عندما رأتها مرتدية ثياب أخرى غير قميص النوم و بدت أكثر نضارة مما كانت عليه بالأمس ..

- " أرى بأن صحتك قد تحسنت ؟! "
- " نعم أشعر بذلك "
- " إذا لم لا تنزلين لتناول الإفطار ؟! "
- " فعلت و لقد صعدت للتو .. لكني لم أتناول شيئا "
- " و ما الذي يضايقك ؟! "
- " و من يكون غيره .. دائما ما يتعذر عن الحديث بسبب انشغاله "
- " نعم .. أنا آسفة لذلك "
- " كما أنني متضايقة لأني سمعته بالخطأ يتحدث مع نانيرا التي تعتقد باني السبب فيما حدث بيني و بين داني .. آه تلك العجوز كم هي مزعجة .. إنها تكرهني أكثر مما يفعل دون باتريك لا أعرف هل حلالها هو الذي أشاركها به ؟! "
- " إنها من قامت بتربية الدوق و كانت أمه أكثر من الكونتيسة .. لكن لا عليك منها فكما قلت هي عجوز مخرفة "
تناولت خبزا من أمامها ثم قالت

- " آه نعم .. ما هذه الفعاليات التي تقام كل سنة ؟! لقد سمعت نانيرا تقول لدون باتريك بأن يتغذى جيدا حتى يربح و يحصل على الكأس "
- " نعم .. تقام كل سنة في هذا الوقت سباق للخيل بين سكان مدينة ألبا النبلاء و يقام احتفالا كبيرا ويرتدون فيه النساء ثياب أنيقة و يبدعون في قبعاتهن و في كل سنة يفوز الدوق.. هذا كان قبل أن يغادر أسبانيا و يحدث ما حدث بينه و بين الكونتيسة .. و الآن يبدو بأنه يعيد هذه الفعاليات لمثوى والدته "
- " لم أكن أعرف ذلك .."
- " و كانت الكونتيسة في الليلة التالية من فوز ابنها تقيم احتفالا لهذه المناسبة و تدعو النبلاء إلى وليمة كبيرة .. ستتعجبين مما سترين من فساتين سهرة و أطقم و نساء جميلات و رجال متأنقين يرقصون السامبا و الرومبا و الفالس ... لكني لا أعرف إذا كان الدوق سيقيم حفلة هذه السنة أم لا ؟! "
- " و لم لا يفعل ؟! "
- " لان الكونتيسة هي التي اعتادت أن تقيميها و لابد أن ذلك سيحزنه كثيرا .. لكننا سنعرف ذلك غدا بعد السباق "
اتسعت حدقتا عين لورا و قالت بدهشة

- " السباق غدا ؟! "
- " نعم .. أتمنى أن يكون لديك ثياب مناسبة لذلك وأهم شيء قبعة "
- " لا .."
- " لا عليك سنتدبر ذلك لاحقا .. بالمناسبة .. هل تجيدين الرقص ؟!"
ضحكت لورا و هي ترشف من عصير البرتقال فأجابتها

- " و من سعيد الحظ الذي سيرقص معي ؟! "
- " دون باتريك ؟ "
زاد ضحك لورا و لم تعلق على جواب وانيتا ..

طرأت فكرة ببالها بأن تذهب إلى المدينة اليوم للتسوق و تحاول أن تقنع الدوق بأخذ وانيتا معها ..


انتظرته حتى يعود .. نفذ صبرها و هي تنتظره قررت أن تذهب بنفسها إليه .. لكن الحراس أخبروها بأنه غادر القصر و أخذ معه السائق و لم يعد حتى الآن.. إذا ليس بإمكانها الذهاب إلى المدينة للتسوق و لن تستطيع أن تذهب إلى السباق غدا و هي ليس لديها شيئا مناسبا لترتديه ..


سمعت صوت هدير سيارة في الخارج في وقت متأخر جدا من الليل .. نظرت عبر النافذة لترى باتريك يخرج من السيارة و ماريو خلفه و شخصا ثالثا ...

داني ؟!!!

إذا لقد ذهب لإحضار صديقه .. يا إلهي كيف ستواجه داني بعد الذي فعله لها ؟!

و قررت بينها و بين نفسها بأنها ليست مستعدة لن يتلاقيا غدا لذلك لن تذهب إلى ذلك السباق و ستقضي اليوم هنا بين جدران القصر ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 19-02-09, 04:23 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

8-





استيقظت على صوت طرقات الباب على حجرتها .. و كانت وانيتا ..

- " ألم تستيقظي يا لورا ؟! بعد قليل سيبدأ السباق .. هيا تجهزي بسرعة "
- " لا لن أذهب يا وانيتا "
- " و لم ؟! "
- " أشعر بالنعاس .. كما أن ليس لدي شيئا لارتديه "
- " ارتدي أي فستان لديك .. و أنا متأكدة بأنك ستبهرين الجميع "
- " لا.. لا أريد الذهاب .. "
- " حسنا كما تشائين لكن أخبريني إذا غيرتي رأيك "
- " سأفعل "

خرجت وانيتا و تركت لورا لوحدها تتحسر فهي تود الذهاب لكنها لا تريد أن تواجه طبقات المجتمع الراقي و تتمنى أن تشاهد فارسها على ظهر الجواد يتسابق مع بقية الرجال ثم يحرز الفوز .. لكنها لا تريد أن تلفت الانتباه إليها.. كما و أنه لم يدعوها بالأمس شخصيا إلى الحضور بل أخبرها تلك الليلة بأن تتشافى حتى تستطيع الذهاب معهم .. لعله لا يود اصطحابها و انه يفضل أن تكون مريضة في فراشها بدلا من وقوفها مع نبلاء ألبا ..

استلقت على الفراش عندما سمعت جدال بين رجال و صوت امرأة بالخارج في البداية تجاهلت الأمر لكن بعد أن أدركت بأن المتكلمين كانا يتحدثان بلغتها الانجليزية و بلكنة أمريكية همهما الأمر فقامت لإلقاء نظرة من النافذة و .. شهقت أثر ما رأته ...

ارتدت روبها و نزلت الدرج ركضا حتى فتحت الباب ..قالت بدهشة

- " سام .. جاكي ؟!! ماذا تفعلان هنا ؟! "
اقترب سام ليحتضنها ثم قال للحراس بغضب

- " انظروا إنها تعرفنا.. لورا عزيزتي اشتقت لك "
كانت تحت تأثير الصدمة

- " و أنا كذلك لكن ماذا تفعلان هنا ؟ و كيف عرفتما بأني هنا ؟! "
ضمتها جاكي و قالت ضاحكة

- " تلك الليلة بعد أن تحدثنا شعرت بأنك لست على مايرام ثم تحدثت إلى والدتك و أخبرتني كل شيء عنك و قمت بعمل بحث صغير عن مكان إقامتك ثم حجزت .. مفاجأة.."
ابتسمت لورا بتوتر ثم جذبت جاكلين بعيدا و همست بأذنها

- " لكن ماذا يفعل سام معك ؟! "
- " زارني قبل ثلاثة أيام يسأل عنك .. و عندما رآني أوضب حقيبتي أصر علي أن يأتي معي .. و أنت تعرفين سام عندما يصر على رأيه "
ضحك سام و أضاف قائلا

- " بالطبع كنت سآتي لأقنعك بالعودة .. و كيف لا أفعل و عرض الأزياء سيقام في أسبوعين و يجب أن نجهزك .. يا إلهي لا تبدين على ما يرام يا عزيزتي ؟! انظري يا جاكي إلى السواد تحت عينيها "
و أخذ وجهها بين يديه و هي تقاومه و تضحك

- " تفضلا بالدخول "
منذ دخولهما من الباب و عينياهما لم تتوقف عن الدوران في التأمل بهندسة القصر الفخم و الأثاث الراقي .. حتى فتحت لهما باب جناحها و دعتهما للدخول

- " إذن هذا هو جناحك ؟! "
سألها سام و هو يتمشى في الجناح

- " نعم .. إنه كبير كحجم شقتي في لوس أنجلوس "
أضافت جاكلين .. فقالت لهما لورا
- " القصر بأكمله رائع و العجيب فيه هو تاريخه القديم "
جلس سام و مد رجليه على المنضدة أمامه

- " آه صحيح أين الدوق؟ أريد أن أقابله "
- " سام .."
حدجته جاكلين بنظرة حادة .. ابتسمت لورا فهو لا يعرف شيئا عن من يسأل وإن عرف الدوق بوجودهما سيشتاظ غضبا .. آه كم تريد أن ترى تعابير وجهه عند مقابلته إياهما ..

- " إنه في سباق للخيل "
- " و أين بقية الناس الذين يعيشون في هذا القصر "
- " معه .. يشجعونه!! "
رأت جاكي نظرات حزن في عين لورا فسألتها قائلة

- " و أنت ؟! لم لست معهم؟ "
- " ليس لدي شيء لارتديه خاصة و أن هذا السباق لنبلاء المنطقة فتوقعي ما سترتديه النساء من فساتين أنيقة هذا بالإضافة إلى القبعات التي ليس لدي منها "
- " يا حبيبتي .. كنت طلبت من الدوق أخذك إلى السوق "
قال سام .. و كأن الأمر بسيط هنا ..

- "كلا يا سام إن الأمر معقد .. الدوق لا يتحدث معي .. حتى أنه لم يتعب نفسه بدعوتي و كأني لست موجودة .."

- " كنت سأفعل لكنه أتى في وقت متأخر و فات الأوان "
- " إذا الحل عندي فأنا سام ديكاري .. أم نسيتني؟! "
قالها غامزا بعينيه .. ثم طلب بإحضار حقائبه و ما إن وصلت حتى أخذ بفتحها و هو يخرج ما بها فانفجرت لورا و جاكلين ضحكا عندما رأت بأن أغلب الثياب التي أحضرها سام هي للورا و التي تفوق ثيابه .. عبارة عن ثلاث حقائب مليئة بالبدلات الباهظة الثمن و الفساتين لأشهر المصممين و حقائب و أحذية و الإكسسوارات و حقيبة رابعة لملابسة هو و الخامسة لمعدات التصوير .. و كأن سام قد احضر معه الأستوديو بأكمله.. انتقى لها ثلاث بدلات بأحذيتهم و حقائبهن و لحسن حظ لورا بأنه أحضر معه قبعتان أنيقتان ..

- "من حسن حظك يا لورا بأن موضة الموسم هي القبعات .. هيا اختاري البذلة التي تعجبك يا و سنذهب جميعا إلى ذاك السباق "
ضمت بقوة و قبلته

- " أنا سعيدة لوجودكما هنا .. "
- " و نحن كذلك .. لا تضيعي الوقت .. هيا أسرعي "


اصطف المتسابقين في حيزهم .. رفع نظره إلى المدرجات حيث يجلس الجمهور متفرجين .. و أخذ يبحث بين الوجوه عن وجه يحب رؤيته .. وجه جميل كنور الصباح .. لقد أمل أن يراها جالسة بين الحضور .. لكن للأسف لا أثر لها .. ابتسمت له الكثير من الفتيات الصهباوات الجميلات و بادلهن الابتسامة قدر ما يستطيع .. فبعضهن وجهها مألوف و الأخرى يعرف أبويها و ثالثة كان بينهما علاقة فيما ما مضى قبل مغادرته ألبا .. لوح لها بيده .. ثم انطلق بخيله ما أن سمع صوت طلق النار و فتح له الباب .. في البداية كان المتسابق رقم خمسة يتفوق عليه بخطوات .. ضغط على نفسه حتى أسرع جواده و أصبح هو في المقدمة ..


- "هذا هو .."
أشارت لورا بيدها على الدوق .. و كانت مبتهجة لرؤيتها له في المقدمة .. كانت واقفة في آخر صف بالمدرج و سام و جاكلين بالقرب منها

- " يا إلهي إنه شاب !! لقد اعتقدت بأنه كبير في السن .. كم يبلغ من العمر ؟! "
سألتها جاكلين و هي ترى الدوق يركض بحصانه و يتفوق على جميع المتسابقين

- " سيبلغ الثلاثين على ما اعتقد .. هذا ما قالته لي وانيتا.. أنا مثلك قبل أن أقابله اعتقدت بأنه رجل كبير بالسن "
لكزتها جاكلين و هي تقول

- " أتساءل إن كان هذا الجسد الرياضي يحمل وجها وسيما ؟ .. فما قولك ؟! "

و فجأة صفق الجمهور بحماس و وقفن السيدات و الشباب .. و كما يقول المثل ( أنقذت بالتصفيق) كان الدوق يتمشى بجواده و يقترب من مدرج الجمهور فيرفع قبعته و يطأطئ رأسه .. ثم غمز بعينيه لنانيرا فأرسلت له قبلة في الهواء فرفع يده ليلتقطها .. التقط قلبها في رقي أسلوبه .. إنه يستحق لقبه ..

قدم له الحكام الكأس و أخذه بكل شموخ ثم أمسك المايكروفون وقال كلمة بالاسبانية فزاد الجمهور حماس و تصفيقا ..و تمنت لو أنها تعرف ما قاله .. لكن ذلك لا يهم فبمجرد سماع نبرات صوته بتلك اللكنة المثيرة ارتفع قلبها ثم هبط بقوة ليقع أرضا..


بعد ذلك اجتمع الحاضرين من النبلاء (الطبقة الراقية ) حيث رجال الإعمال و التجار المعروفين و النساء المتأنقات و الفتيات الجميلات اللاتي تحومن حول الدوق و كل واحدة منهن تحاول أن تجعله يلتفت ناحيتها .. ضغطت لورا بعصبية على يديها و زاد من غضبها بأنه لم ينتبه لوجودها ..

هو لا يهتم بي .. قالت في سرها .. إذا لم أزعج نفسي .. و لم أشعر بالغيرة ؟!


كانت جاكلين تراقب تصرفات صديقة الطفولة و هي تعرف كيف تكون لورا عندما تقع في الحب أو تعجب بأي شاب .. و ما تراه الآن هو ما رأته من قبل ...

اقتربت منها و دفعتها بخفة من كتفها و همست

- " امشي أمامه .. افتعلي إعصار .. أوقعي كأسك .. افعلي شيئا .. دعيه يلتفت إليك "
- " لا .. فهذا آخر شيء أريد فعله "
- " إذا سأخبر سام .. و أنت تعرفين ما سيفعله سام إن عرف بأنك واقعة في غرام الدوق و هو يتجاهلك تماما أو حتى لا يعرف بوجودك و أنت لا تحركين ساكنا .. خاصة و أنه بذل جهدا في إعطائك هذا المنظر الساحر .."
- " حسنا .. حسنا .. سأمر من أمامه .. لكن معك "
- " هذه لورا التي أعرفها .. "
جذبت يد جاكلين و مشت أمام الدوق و هما تضحكان بصوت مسموع مما جعل باتريك يرفع نظره عن الفتيات المتحومات حوله ليجد تلك التي تحبها عيناه و يعشقها قلبه و تنجذب لها كل حواسه .. كانت ترتدي معطف أبيض يصل إلى ركبتيها و مطرز عليه بنقشات باللون الأبيض .. و ارتدت قبعة حمراء و بها ورود سوداء و بيضاء .. و شعرها الأشقر لامس رقبتها و أطراف كتفيها .. و تزينت بقرطين من اللؤلؤ.. و ارتدت كعب أحمر عالي أعطاها منظرا أنثويا ساحرا .. بالإضافة إلى ماكياجها الأسود الذي أبرز من لون عينيها .. و الحمرة الحمراء الفاقعة .. جعلته يتناسى الجميلات و ذهب خلفها مثل حديد منجذب إلى مغناطيس... لقد أحسن سام ديكاري في إنقاذها ..


أوقفها من كتفها بلمسة من يده

- " لورا !! أقصد ..آنسة آغنر .. لقد أتيت "
اختلست نظرة إلى جاكلين المبتسمة بابتهاج و هي ترى نظرات الإعجاب في عيني الدوق الوسيم.. فأجابته بثقة

- " لقد دعوتني في تلك الليلة أتذكر ؟! "
أرادت أن تحرجه لأنه لم يطلب قدومها بل تمنى لها الشفاء حتى يتسنى لها القدوم .. لكنه قال
- " اعتقدت بأنك مازلت مريضة و ليس لديك نفس في الحضور.. لم ألاحظك بين الجموع.."
- " نعم لقد وصلت على نهاية السباق.. و أهنئك على الفوز "
- " شكرا لك .. و لقدومك "
- " على الرحب و السعة .."
انتبه إلى جاكلين الوجه الغريب بالنسبة له و هي لا تبدو له من هذه البلاد فوجه سؤاله إليها

- " أنت لست من هنا .. أليس كذلك؟"
ابتسمت له جاكلين و هي منجذبة لانجليزيته المتقنة الممزوجة بلكنة خفيفة لا ينتبه لها إلا المتحدثون بها ..

- " نعم أنا جاكلين صديقة لورا و لقد وصلت للتو من لوس أنجلوس "
سرعان ما تغيرت ملامح وجهه و كان في حيرة من أمره .. فقال باستغراب يسأل لورا

- " حقا ؟!! "
اضطربت لورا و هي تجيبه

- " كنت أريد أخبارك لكني أيضا تفاجأت بحضورهما "
زادت دهشته فأردف سائلا

- " حضورهما ؟! هناك شخص آخر ؟! "
زادت ضربات قلبها و شعرت بأنها ستقع أرضا لولا أن سام اقترب منهم و بيده ثلاثة كؤوس

- " لورا .. جاكي .. أين اختفيتما عني ؟! لقد بحثت عنكما في كل مكان .|"
سكت ثلاثتهم .. الدوق سكت استغرابا .. و سكتت لورا و جاكي إحراجا و خوفا من ردة فعل باتريك



لكن سام لم يكترث للأمر فقال بمرح

- " مرحبا .. لابد انك الدوق .. لم أعتقد بأنك شابا يافعا تتمتع بصحة و جسد رياضي ..آه صحيح أهنئك بفوزك .. "
ثم مد يده ليصافحه .. لكن باتريك لم يستوعب الأمر إلا بعد ثواني قليلة ثم مد يده ليأخذ بيد سام

- " شكرا لك "

كان لا يزال باتريك تحت تأثير الصدمة .. و هذا ما خشيته لورا .. حدج لورا بنظرة غريبة ثم جذبها من ذراعها و ضغط عليها كادت تطلق آهة لكنها أبقتها لنفسها .. قال لها هامسا صارا على أسنانه

- " سنتحدث أنا و أنت عندما نعود إلى القصر "
ثم أفلت يدها ليعود الدم بالتحرك في مجراه .. رأته يبتعد عنها و يتجه ناحية تجمع من الرجال..

فقالت بحزن لصديقيها

- " هيا لنعد .. "
- " لكن لم نتشرب من ذلك النبيذ اللذيذ .. و لم نرقص .. أنظري إلى تلك الأسبانيات بلباسهن .. أريد أن التقط صور للمجلة .. "
قال سام معترضا و هو يحاول أن يثير حماسها.. فقالت له غاضبة

- " سام ... "
جذبته جاكلين تعاتبه

- " هيا يا سام نحن متعبين .. أتذكر بأنك تذمرت كثيرا بأن الرحلة طويلة و متعبة.. و الآن تريد الرقص و التقاط صورا .. من أين تأتي بكل هذا النشاط ؟"
- " حسنا .. حسنا .. سأذهب معكما .. لكن لا داعي لهذه العصبية يا لورا .. و أنت .. جاكي .. لا تحسدين شبابي و روحي المرحة "
- " صدقني لا أنوي ذلك .. "

عاد ثلاثتهم إلى القصر .. و لم يكن لها رغبة بتغير ثيابها التي ارتدتها من أجل أن تلفت نظر باتريك الذي بدا له بأنه لم يكترث لها .. إن ذلك الرجل يحيرها .. فمرة يبدي استحسانا تجده في عينيه في كل مرة يراها و مرات أخرى تطغي نظرة عدم الاكتراث التي تعذبها ..


جلست على الكنبة و انضمت إليها جاكلين .. و كذلك فعل سام لكنه أحضر معه زجاجة شراب و فتحها لهم.. شربت و هي لا تشعر بلذة الشراب و لا بطعمه .. كل ما كانت تفكر فيه هو تجاهل باتريك لها اليوم .. حتى أنه لم يعلق على شكلها أو مجيئها.. كل ما فعله هو أن عاملها بقسوة و جفاء كما يفعل دائما حتى و لو رسم ابتسامة ودودة على شفتيه فهذا لا يعني شيئا..

لم تكن تعر أي اهتمام لحديث جاكي و سام .. و شعرت برغبة في الخروج إلى الحديقة و تنفس هواء منعش بدل من دخان سجائر سام ..

جلست هناك دون أن تشعر بمرور الوقت و أن السماء قد أظلمت و حل الليل..

وقفت لتعود أدراجها و عندما استدارت لتدخل ارتطمت بجسد عريض فرفعت رأسها لتنظر إلى أجمل عينين لرجل رأتهما في حياتها .. ساعدها على استعادة توازنها و بسرعة أشاحت عنه .. و رتبت هندامها و هي عابسة..

- " آسف لأني أفزعتك "
- " لا .. لم تفعل كنت أهم بالدخول .."
قالتها بعصبية .. حاولت أن تمر من أمامه لكنه قطع عليها الطريق بجسده العريض الطويل مجبرا إياها على النظر إليه ..

- " كنت رائعة اليوم .. أحببت قبعتك "
حاولت قدر الإمكان تجاهله .. لكنه أمسك وجهها بين يديه و قرب شفتيه منها محاولة منه لتقبيلها .. لكنها دفعته بعيدا عنها و قالت بضيق و غضب ..

- " أرجوك .. أريد الذهاب إلى حجرتي "
أمسك بمعصمها بعنف عندما ابتعدت عنه ... و قال بعصبية

- " لا .. ليس قبل أن نتحدث عن وجود أصدقاءك هنا "
- " عن ماذا نتحدث؟؟ .. لقد قلت لك بأنهما فاجأني "
- " و كيف عرفا المكان ؟ "
- " لم أعطهما العنوان كما أنهما لا يستطيعان الاتصال بي من حيث يقيمان .. "
قاطعها قائلا بحدة صوته
- " اسمعيني جيدا يا لورا ... نحن لم نتحدث بعد عن الورث لعدم رغبتي بذلك لأكون صريحا معك ... لكن هذا لا يدعك تتصرفين و كأنك قد حصلت على ورثك و تفعلين ما يحلو لك و كأن هذا القصر ملكك و تقومين بدعوة من تريدين .. لا ... و لن يحدث ذلك أبدا .. مهما حدث و مهما حصلت على حصتك فستبقي هنا تحت الشروط و القوانين و عادات و تقاليد القصر و إن لم يعجبك هذا فأنا سأشتري حصتك من الورث و فوقها إكرامية ..فما رأيك ؟؟ أعطيني السعر المناسب و سأقوم بدفعه .. كل ما تريدينه !! ما قولك ؟!"

حدقت فيه و عيناها مغرقتان بالدموع العالقة .. إنه يزيدها تحطيما .. تمنت أنه أصر على تقبيلها و حاول رغم مقاومتها إياه بدل من أن يلقي بحجارته عليها ..

تركته و سارت من أمامه و الدموع تنهمر من عينيها .. وقفت عند باب الحجرة و مسحت أثر الدموع حتى لا يراها سام و جاكي بتلك الحالة .. و لحسن حظها كان سام نائما على الكنبة و جاكي على الفراش .. فأسرعت بالدخول إلى الحمام اغتسلت ثم اندست تحت الفراش و نامت بعد تقلب دام لأكثر من ثلاث ساعات ..



فتحت عينيها لتجد عينان خضراء ملتصقة بها .. شهقت و ابتعدت للخلف و إلا بها تنظر إلى وجه سام المبتسم و قال بلغته الفرنسية

- " بون جور "
- " آه سام .. "
- " آسف .. هيا استيقظي .. فلدينا أعمال كثيرة "
- " أعمال ؟!! "
- " نعم .. سنذهب لنستكشف الطبيعة ثم نأخذ مكان مناسب للتصوير "
- "تصوير .. لكن .."
- " لا يا لورا لا أريد أن اسمع هذه الكلمة .. هيا غيري ثيابك و تعالي معي "




فعلت ما طلبه منها غيرت ثيابها و تناولت معهما الإفطار ثم خرجوا ثلاثتهم خارج القصر و بعيدا عنه إلى الطبيعة الساحرة.. حيث السهول الخضراء من خلفها الجبال المرتفعة الرمادية و من فوقها السماء الزرقاء الصافية و الشمس الساطعة .. ابتعدا كثيرا حتى توقفا عند نقطة خلابة فيها شلال صغير ..

جهز سام آلات التصوير و المعدات و أخرج فستان عنابي من تصميم أرماني ارتدته لورا و قامت جاكلين بتسريح شعرها و وضع مساحيق التجميل لها ..

- " أجلسي على تلك الصخرة و مدي رجليك داخل الماء و دعي الفستان يطفو "
- " لكنه .. الفستان .."
- " لا عليك يا لورا إنه مجرد ماء .. هيا .. اتركي التصوير لي .."
جلست بتلك الوضعية و أخذ لها سام أكثر من صورة .. ثم غيرت فستانها إلى آخر و آخر .. و تنقلوا من مكان إلى آخر ..

و عادوا في وقت العصر إلى القصر ..


رأته واقفا عند باب مكتبه يحدق فيهم .. اقترب منها ليتحدث معها لكنها أشاحت بنظرها عنه و صعدت الدرج إلى حجرتها.. و خشيت أن يقف سام و يتحدث معه فيزيد الطين بله .. لكن و لله الحمد أن سام لم ينتبه لوجود باتريك .. على عكس جاكلين..


صاح سام ما أن فتح باب الجناح

- " يا لكرمهم .. انظري لقد أحضروا لنا طعام الغداء رغم أننا تأخرنا في العودة "
انضمت إليه جاكلين لتناول الغداء .. لكن لورا أحست بالإرهاق و أن شهيتها مسدودة لذلك دخلت الحجرة الصغيرة و ارتدت ثياب عملية مريحة و استلقت على الفراش ..

أحست بشيء أسفل رجليها .. كيس أسود كبير.. وضع على الفراش .. رفعته و فتحته .. و إذا بها ترى فستان حريري أخضر اللون.. وضعت يدها على فمهما و هي تنظر إلى جمال هذا الفستان .. أخرجته من الكيس و تلمسته على بشرتها .. ثم انتبهت وجود ورقة بيضاء مثنية معلقة عليه ... فتحتها لتقرأ

( شرفيني بارتدائه لحفلة اليوم الراقصة .. )

قهقت.. إن سام يجيد اللعب .. و يصل إلى مراده بطرق ملتوية .. لم تستطع أن تقاوم جمال الفستان و ملمسه فأسرعت بارتدائه.. لينساب مثل الماء على جسدها و يلتف حوله بارزا ثناياها و جمال قوامها .. و كاشفا ظهرها بأكمله و جزء من صدرها ..ارتدت معه كعب عال ليزيدها طولا و رشاقة .. و لا يكتمل جمال الفستان من دون قرطين ذهبيين مرصعين بالزمرد الأخضر .. و زينت عيناها بضلال أخضر و كحل أسود ليبرز لونهما الشذري ... وضعت أحمر شفاه ذو لون عنابي غامق .. و في النهاية أسدلت شعرها و تركته يتموج على كتفيها .. ثم دخلت عليهما في غرفة الجلوس ...

انبهر سام و جاكي .. و تعلق فمه في الهواء و هو ينظر إلى لورا الآسرة للقلوب ..

- " يا رب السموات .. إنها تحفة فنية "
دارت أمامهما بالفستان و استعرضته و هي مبتسمة ...

- " إنك خلابه يا لورا .. سيجن الدوق إن رآك "
ضحكت و دارت مرة أخرى .. فأسرع سام بإحضار كاميرته و أخذ يلتقط لها ملايين الصور .. و لحسن حظه أنها في مزاج مناسب للتصوير ...

ما أن أمسى الليل حتى أقبل المعازيم على الحضور .. و كان الدوق و داني و ماريو في استقبالهم .. أخذ يتمشى بين المعازيم يسلم على هذا و يلقي التحية على آخر .. يقف و يتحدث مع مجموعة .. و من ثم مجموعة أخرى .. يبادل فتاة ابتسامة .. و ثانية .. يقف مع داني فينضم إليهما رجال آخرين و يفتحون باب لنقاشات مختلفة .. و مع كل هذا التجمع كان باله متلهي .. ينظر إلى الدرج بين حين و أخرى .. ينتظرها بفارغ صبر أن تبهره بطلتها في أية لحظة .. لذلك كان يخشى أن يبعد عينيه للحظة عن الدرج حتى لا يضيع ثانية دون النظر إليها ..

وقف و قلبه و عيناه متلهفتين لرؤيتها.. لكنها تأخرت .. ماذا عسى أن يكون أصابها ؟! ربما لا تزال متضايقة من ما جرى بينهما من نقاش بالأمس ؟! آه كم يكره نفسه .. فهو دائما ما يفسد الأمور بينهما ..


- " دون باتريك .. في ماذا سرح فكرك ؟! "
أيقظه صوت أحد الرجال الواقفين معه من أفكاره .. فابتسم و قال

- " لا شيء أبدا .. لكني أترقب شخصا ما.. اعذروني "

ثم تركهم و ابتعد و أخذ يبحث في أرجاء القاعة و بين الحضور عنها لعلها نزلت و هو لم ينتبه.. لكن هذا مستحيل .. أو ربما لم تعد بعد..كيف و هو رآها تدخل المنزل و تشيح عنه .. الأمر الذي آلمه كثيرا.. كما و سمع صوت سام في جناحها .. إذا لم كل هذا التأخير؟!

لمح وانيتا تقدم الشراب فاقترب منها يسألها إن رأت لورا .. لكنها أجابته بالنفي ..

آخذ يتلفت يمينا و شمالا .. حتى رأى وميض أبيض يبرق من أعلى الدرج .. ثم يقترب هذا الوميض أكثر فأكثر .. و حاول أن يقترب هو من الدرج .. و بالفعل استطاع أن يرى سام يأخذ صورا .. صورا للورا بفستان أخضرا خلاب..

تجمد باتريك في مكانه .. و لم يعد قادر على التفكير أو تحليل أي شيء مما كان يراه..

كانت تدفع سام و تطلب منه أن يوقف التصوير و كذلك فعلت جاكي .. حتى رضخ للأمر و أخذ يضحك .. نزلت الدرج و كأنها ملكة هذه الحفلة .. أحدثت جلبة عارمة ما أن لامست قدميها أرض القاعة الرخامية .. و على الرغم من العيون التي كانت تحملق فيها و تراقبها إلا أنها لم تلمح إلا عينيه ..

كان يحدق فيها دون تعبيرات على وجهه.. غير الفراغ و التلبد .. ألقت عليه نظرة باردة كالثلج ثم أشاحت عنه و تأبطت ذراع سام و ذهبا بعيدا عن الأنظار .. بالضبط كما حدث من قبل ..

لم يصدق عينيه .. بل لم يصدق كيف كانت عيناه معمية عن رؤية الحقيقة التي أمامه ؟! وميض آلات التصوير جعلت عقله يومض من جديد ..عاد تفكيره أسابيع للوراء .. حيث كان واقفا في قاعة الدرجة الأولى في مطار لوس انجلوس .. ينظر إلى الناس .. عندما لمحت عيناه امرأة جميلة تتحدث مع رجل و تضحك .. حتى رفعت رأسها .. ظن للوهلة الأولى بأنها لا تستطيع أن تراه .. لكن عندما ابتسمت له أيقن بأنه وقع في غرامها ..

إذن لورا هي تلك الهيفاء الجميلة التي لمحها في المطار و تعلق بها قلبه .. و كيف لم يدرك ذلك و هي أمامه كل يوم .. و خاصة عندما أتى سام .. كان وجهه مألوف بالنسبة له .. يا إلهي .. إذا الفتاة التي تعلق بها قلبه ما هي إلا لورا التي يعشقها بجنون .. إذا لقد أحب نفس الشخص مرتين .. فهل هذا منطقي؟!!

يا ربي .. لم الأمور معقدة إلى تلك الدرجة .. لم لورا و الفتاة الهيفاء هما شخص واحد .. لم أحب من يجب أن لا يحب .. إن الأمور تزيد خناقها عليه و لم يعد يعرف كيف يتصرف حيالها .. هل يتبع قلبه أم يسمع عقله ؟! و من تكون لورا ؟!!


لم تتحرك رجليه إلا عندما بدأت أنغام موسيقى الفالس بالعزف و أخذ كل رجل امرأته إلى وسط القاعة ..

- " هيا دون باتريشو .. انتقى فتاة و راقصها .. إنها حفلتك "
كان صوت نانيرا يناديه من بعيد .. اقتربت منه و همست في أذنه و هي تشير على امرأة وحيدة

- " تصرف كالنبلاء و ادعوها للرقص "
ثم دفعته بيدها ناحية تلك المرأة التي رفعت رأسها لتنظر إليه .. يا إلهي كيف المصائب تتحذف عليه من كل الزوايا .. لم ماريا من بد الفتيات الجميلات ؟!!

انحنت أمامه و حاولت أن تغريه بابتسامتها .. قالت برقة

- " دون باتريك .. كنت أتساءل متى ستدعوني للرقص ؟! "
لم يعلق بل مد لها يده فتعلقت برقبته و شبكت أصابعها الناعمة بيده و كأنها كانت تنتظره دهرا .. قادتها خطواته إلى وسط القاعة .. حيث زاح الراقصون عنهما ليكونا في المنتصف .. كانت هائمة به و لطالما فعلت .. لكنه لم يكن يهيم بغير لورا .. و تمنى أن تكون هي من يرقصها الآن ..


رأتهما لورا من بعيد و لا شعوريا ضغطت على ذراع سام الذي تأوه و التفتت إليها

- " لم فعلت ذلك ؟! "
نظرت جاكلين إلى حيث تحدق لورا ,, و رأت الدوق يرقص مع امرأة جميلة جدا و يبدو أنها مسحورة به ..

لم تعد لورا تتحمل تجاهله إياها.. و قالت في نفسها .. إلى متى سأنتظر منه ردة فعل ؟! يبدو بأنه إنسان بلا مشاعر ..

فأخذت يد سام و جرته إلى وسط القاعة .. ارتعب سام لهذه الفكرة و قال لها

- " لكني لا أجيد رقص الفالس "
- " اتبع خطواتي .. و اترك القيادة لي "
و بالفعل فعل ما طلبته منه .. و تصنعت الابتسام و رقصت بالقرب من الدوق .. رقصت و كأنها تملك القاعة و حاولت قدر الإمكان تجاهل نظراته و وجوده .. حيث كان ينظر إليهما مستغربا.. حاولت ماريا أن تجعله ينتبه إليها لكن عيناه كانتا مسمرتين على تلك المرأة التي عشقتها منذ أول مرة.. و من ثم غار قلبه ..

تعمدت لورا أن تخلل أصابعها في شعر سام الذي نظر إلها مدهشا لتصرفاتها .. فقربت فمها من أذنه و همست قائلة

- " إني استعمل سلاح الغيرة .. و أنت وسيلتي يا سام .. أرجوك جارني في لعبتي "
نظر إلها بكل إعجاب بأفكارها.. فهو خير من يجيد لعب هذه اللعبة

- " أمرك موالاتي "
قبلت لورا رقبة سام أمام مرأى باتريك الذي صارت مثل النار أعصابه و هو يرى التودد فيما بينهما..

جذبت ماريا وجهه بيديها و قالت معاتبة

- " دون باتريك .. أنا هنا "
- " و أنا يقن لذلك.."
قالها بعصبية .. و لحسن حظه أن الموسيقى توقفت .. و توقف الجميع عن الرقص و صفقوا للورا الغريبة بالنسبة لهم و كيف كانت جريئة بأن تبهرهم برقصها و جمالها و روعة فستانها ..

و ما هي دقائق حتى تحوم حولها الرجال و كانت تحاول قدر الإمكان الاختباء خلف سام حتى ابتعدت عن وسط القاعة ..


اقترب أحد أصدقاء باتريك و سأله قائلا

- " من تلك الجميلة الشقراء ؟! "
- " تقصد آنسة آغنر .. ضيفتي "
- " و كيف لم تراقص ضيفتك يا باتريك ؟!"
و بماذا يجبه ؟! غير الابتسامة ...
- " لو كنت بمكانك لوقعت في غرامها"
و من قال عكس ذلك .. فانا مولع بتلك الأمريكية الساحرة .. لو أنها لا تكن تشاركني ملكي لكنت ... قاطعه صوت داني يتكلم بالمايكروفون من أفكاره التي أخذت إلى عالم آخر .. و لم يسمع إلا آخر جملة قالها داني

- " و لنشرب جميعا نخب فوز الدوق.."
رفع الجميع كؤوسهم و التفتوا ناحية باتريك الذي أومأ لهم امتنانا و غمز بعينه لداني .. و من جديد بدأت الأنغام تتصاعد .. و هذه المرة كانت رقصة السامبا .. فأسرع باتريك ليتوارى عن الأنظار .. فهو لا يود أن يراقص أي أحد الآن .. إلا إن كانت تلك صاحبة الفستان الأخضر..


خرج إلى الشرفة و أشعل سيجارته و أخذ يتأمل السماء المرصعة بأحجام مختلفة من النجوم و كأنها ماسات متلألئة .. أنزل عينيه إلى الأرض ليلمح شخصا في الحديقة في الأسفل .. دقق النظر ليجد شخصا آخر .. و بسرعة عرفها عندما استقامت واقفة .. استطاع أن يلمح حركة يديها الغاضبتين و كأنها كانت تتشاجر مع سام الذي كان يحاول جرها إلى داخل القاعة لكنها بدت له بأنها تريد البقاء وحدها خارجا فتركها و دخل إلى القاعة برفقته جاكلين ..

انتهز الفرصة لأن يختلي بها .. أسرع بالنزول إلى الحديقة من الدرج الجانبي و اقترب منها بهدوء .. كانت تنتظر إلى انعكاسها على سطح الماء .. و فجأة ارتعبت عندما رأت انعكاس رجلا خلفها .. و استدارت بسرعة ... تنهدت ارتياحا عندما رأت ملامح وجه مألوف .. وضعت يدها على صدرها و قالت مؤنبة

- " لم تحب أن تجعل قلبي يقفز ارتعابا ؟! "
- " و لم تحبين أن تجعلي قلبي يقفز تعذبا ؟! "
قالها بهدوء و هو ينظر إليها بافتتان .. ارتعش جسدها بأكمله و أخذت تنظر إلى عينيه تحاول أن تجد معنى لتلك النظرات و ما قاله .. هل كانت تحلم ؟!


اقترب منها خطوتين و ابتسم بطريقة مثيرة و ساحرة قائلا

- " إن الفستان يلائمك تماما "
قالت و هي لا تعرف سبب شعورها بالخوف

- " شكرا "
- " لم أتوقع أن النتيجة ستكون بهذا السحر و الإثارة "
لقد أضاعته للحظة و لم تفهم عن ماذا كان يتحدث

- " عفوا .. عن ماذا تتكلم ؟! "
- " عن الفستان بالطبع "
- " الفستان ؟! و كيف بإمكانك أن تتوقع النتيجة ؟! "
- " لقد تخيلته على جسدك عندما رأيته على واجهة المحل .. لكنه بالطبع أجمل عليك من المانيكان "
فتحت عيناها على اتساعهما و قالت بدهشة

- " ماذا ؟ أنت من اشترى لي هذا الفستان و وضعه على فراشي ؟! "
- " و من غيري يدعوك لارتداء فستان لحفلة اليوم ؟! "
- " لقد ..لقد اعتقدت أنه سام يريد أن ... "
قاطعها معلقا بعصبية
- " بالطبع .. سام "
شعر بالحنق على سام و الغيرة و العدائية تجاهه .. على الرغم من صدمتها إلا أنها سعدت بفكرة أن يهديها باتريك فستان و يدعوها لحفلة اليوم و لسذاجتها لم تعي بذلك .. أو أن عقلها الباطني رفض تلك الفكرة من أساسها .. لكن الفكرة لا تزال قائمة .. و الدوق واقف أمامها و هو يلتهب من الغيرة ..

و أرادت أن تكمل لعب لعبتها فقالت له و كأنها لم تتأثر بنظراته المغرية و لا بهمساته المثيرة أو غيرته الساحرة .. رفعت رأسها و قالت

- " شكرا لك دون باتريك على الفستان "
استغرب برودتها التي على عكس عادتها و أجابها

- " على الرحب و السعة "
مرت من أمامه قائلة

- " استأذنك الرحيل "
لكنه أمسك بها من معصمها يوقفها لكنه هذه المرة بخفة

- " إلى أين يا آنسة ؟! "
بدأ الخوف يدب في أوصالها من جديد .. و لا تعرف كهنته .. فهل هو خوف من حب رأته في عيون آسرها ؟! ..أم أنه خوف من شيء سيء قد يحدث في أية لحظة الآن ؟!

حاولت أن تتحلى بالشجاعة أمامه و أن لا تضعف أمام رجولته الطاغية

- " إن سام و جاكي ينتظران في الداخل "
- " لا ضير إن انتظراك لعشرة دقائق أخرى "
- " ماذا تريد مني ؟! "
فكر بعقله هذه المرة .. هل من الممكن أن أبوح لها بإعجابي بها ؟! و أني رايتها من قبل و وقعت في غرامها و لا أود مفارقتها الآن ..أو أني أريدها أن تجلس معي فنتسامر و كأن شيئا لم يحصل بيننا ؟ و كأن ذلك العداء قد طار إثر ذلك الوميض الذي نبهه إلى الواقع ؟ هل يمكن أن يتناسى كل شيء بتلك السهولة و كأن شيئا لم يكن ؟! و ماذا عن تهجمه عليها بالأمس ؟ هل ستغفر له ؟!

انتظرته حتى يجيبها .. لكنه عوضا عن ذلك أفلت يدها و بسرعة تبدلت ملامح وجهه لتصبح أكثر جدية ..

شعرت بخيبة أمل .. فقد أملت أن يقول لها : أريدك أنت .. دعينا ننسى الماضي .. ونبدأ من جديد ..

لم يكابر و يعاند مشاعره و قد كاد للحظة أن يبين لها ما يشعر به نحوها .. لو فقط قال لها أريد التحدث معك أو النظر إلى عينيك أو أي شيء غير هذا التلبد .. لم تعد تستطيع الوقوف و النظر إليه .. فهو بالنسبة لها جبان يخشى إظهار مشاعره,, أشاحت عنه و ابتعدت مسرعة حتى دخلت القصر..
ظل واقفا يتحسس الأثر الذي تركته في هذا المكان و في قلبه .. لم لا يستطيع أن يسهل الأمور على نفسه و عليها .. أحس بصداع قوي في رأسه فضغط عليه بيديه و أغمض عينيه .. و تخيل للحظة ان تعود لورا لتقول له شيئا ما .. و ما هو هذا الشيء ؟!

شعر بيد أنثوية تلمس كتفه .. و من ثم تميل على ظهره و تقرب فمها من أذنيه .. استرخت عضلاته المتوترة .. شعر بالراحة و هي تضع شفتيها على رقبته و للحظة كاد أن يجذبها و يقبلها لو أنها لم تفتح فمها لتنطق

- " آه باتريك .. بحثت عنك في كل مكان "
و بردة فعل مفاجأة هب واقفا .. و نظر إليها .. و قال بعصبية

- " ماريا .. بحق السماء .. ماذا كنت تفكرين ؟! "
- " لقد اعتقدت بأنك تريد أن نستعيد علاقتنا ببعض "
- " و ما الذي جعلك تعتقدين ذلك ؟! "
تجمعت الدموع في عيناها السوداء و هي تجيبه

- " أنت يا باتريك .. في الأمس عندما كنا ...."
هدأت عصبيته قليلا و عاد إليه الصداع مرة أخرى فجلس و ضغط على رأسه من جديد و قال بجدية

- " أنا آسف إن جعلتك تعتقدين بشيء لن يحدث .. بالأمس كنت على غير طبيعتي .. "
- " لم يا باتريك لم ؟! نحن نليق ببعض جدا و الكل يقول ذلك "
- " ماريا علاقتنا انتهت قبل ست سنوات .. كنا صغارا و مراهقين "
- " لكن حبنا لم يكن كذلك أبدا .. لم يا باتريك ترفض الفكرة من أساسها ؟؟"
استقام واقفا و أمسك بمعصميها بقوة و قربها إليها ثم قال بحدة

- " هل يجب أن أقول لك بأن هناك شخصا آخر يستحل عقلي و قلبي و يشل تفكيري ؟!"
انهمرت دموعها على وجنتيها و هي تسأله عارفة ما سينطق به

- " و من تكون ؟! هل هي ضيفتك الأمريكية التي لا تستطيع أن تبعد عينيك عنها ؟! "
أفلت يدها و استعاد رباطة جأشه

- " هذا ليس من شأنك .. و الآن اعذريني "
تركها و غادر ليدخل ..


اقترب منه داني و سأله بقلق عندما دخل القاعة و وقف بهدوء

- " باتريك .. لست على ما يرام يا صديقي "
- " إنني بخير .."
- " لكنك تبدو شاحبا فهل هناك ما يزعجك ؟!"
- " لا .. أرجوك داني لا تحقق معي .. سأذهب لاحتسي شرابا لعله يخفف من هذا الصداع "

انزو عن معازيمه قليلا الذين بدأ عددهم يقل في نهاية السهرة .. و بعد أن غادر الجميع اقتربت منه نانيرا تمسح على رأسه بحنية

- " دون باتريشو عزيزي لم لم تودع ضيوفك ؟! "
- " ليس لي نفس في ذلك .. اعتقد بان داني و ماريو أدوا واجبهم على أكمل وجه "
- " نعم لكن غادر الجميع و هم قلقين عليك "
- " سيتفهمون الأمر عندما أعتذر لهم في وقت لاحق .. "
- " اخبرني يا بني ما بك ؟! "
- " إنه مجرد صداع "
- " لا تكثر الشرب يا عزيزي .. و من الأفضل أن تخلد للنوم "
استدارت لتغادر لكنه صاح عليها بصوت منكسر

- " نانيرا .."
آلمها هذا الصوت من ابنها الصغير فتوقفت و قالت بقلق

- " ماذا هناك يا عزيزي ؟"
- " اسمعي احتاج لأن آخذ إجازة للراحة ..يومان فقط .. سأذهب فيهما إلى مدريد .. "
- " هذا أفضل لك ..و هل ستأخذ ماريو و داني معك ؟! "
- " لا .. سأذهب لوحدي .."
- " ماذا عن مهرجان دوس العنب ؟! "
- " سأكون حاضرا لا تقلقي فلن أفوت الفتيات الجميلات و هن يعصرن العنب بأقدامهم "
غمز لها و ضحك فجعلها تبتسم و تقبل جبينه

- " هذا هو باتريشيو الذي اعرفه .. إذا عمت مساءا يا عزيزي "
- " شيء آخر نانيرا .."
- " أنت تأمر "
- " شكرا لك .. أرجوك حاولي أن تخففي عداءك تجاه لورا و صديقيها .. "
- " ماذا هل اشتكت لك ؟! "
- " لا .. لا .. لم تقل لي أي شيء .. أرجوك رتبي حجرة لصديقها فليس من الصواب أن يقيم ثلاثتهم في حجرة واحدة "
- " على الرغم من نواياها السيئة إلا أنك تعاملها و كأنها ضيفة محترمة "
- " و هي كذلك .. حتى ننتهي من الأمر "
- " حسنا سأفعل ما بوسعي "
أخذ يدها و قبلها و بعد ذلك صعد إلى حجرته .. وجد كيس أسود معلقا على باب جناحه.. عرف من أين هذا الكيس فهو الذي به الفستان الأخضر الذي اشتراه للورا ..اعتصر قلبه ألما .. فهي بردها لهديته كأنها ترده هو .. و هذا يدل بأنها لا تنوي مصالحته .. من حقها فهو لم يكن إلا وغدا معها منذ قدومها .. إنه الوقت الأنسب له لأن يصفي ذهنه .. جهز حقيبته الصغيرة في دقائق ثم غادر القصر و انطلق بسيارته إلى مدريد ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماري روك, لورا والدوق الاسباني, روايات مكتوبة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات منوعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t105529.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Jnooby-grp-Vtb This thread Refback 30-01-18 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 02-12-14 06:00 PM
Untitled document This thread Refback 12-07-14 06:47 AM


الساعة الآن 05:08 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية