كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 383 - همسات الندم - جين بورتر
فى الواقع لم تعد جويل تعرف حقيقة مشاعرها , حتى أنها فى بعض الأوقات بدت متلبدة الشعور . وفى الأشهر الستة الأخيرة , أى منذ وفاة جدتها حتى الآن , فقدت كل شعور , كل أمل, وكل شجاعة. فكيف تستطيع أن تعيش حياة عامة....أن تقوم بخدمات عامة إذا لم تكن تعرف من تكون , أو حتى ماذا تكون؟
امتد يد جويل إلى المغلف الموجود على مكتب جدها , و مررت أصابعها بسرعة على نشافة الحبر الجلدية الأثرية التى تملكها العائلة منذ أكثر من مئة سنة . بدا ملمس الجلد ناعماً جداً و بالياً من كثرة الأستعمال . ملأت الدموع عينيها وشعرت بأن أفكارها متناقضة جداً و معقدة جداً.....
لقد أحبت نشافة الحبر الجلدية القديمة تلك كما أحبت هيئة جدها و هو يطالع يوقار و انتظام . أحبت كل ما يتعلق بذلك القصر الحجرى القديم , وهى تدرك تماماً لما تشعر أنها بحاجة إلى أن تتزوج و تستقر هنا . فأختها نيكول تزوجت سلطان باراكا و لم تستطيع العودة إلى ميليو. أما شانتال فزوجها عضو فى مجلس العموم اليونانى و بما أنه يونانى الأصل فليس باستطاعته أن يصبح ملكاً . إلا ان جويل لم تعد تستطيع تحمل المزيد من الواجبات و المسؤليات قبل أن تسترد رباطة جأشها . إنها بحاجة إلى فترة استراحة...إلى فسحة.....إنها تحتاج بيأس إلى الخصوصية و الانفراد.
بعد رحيل جدتها شعرت أن القصر بات خالياً . ومع أنها تحب جدها حباً جماً إلا أن جدتها هى التى كانت تقدم لها النصح والإرشاد كلما تحدثت إليها.
منتديات ليلاس
و الآن لم تعد جدتها الآن و لم تستطيع جويل تحمل هذه الخسارة , كما لم تعد تستطع تحمل الشعور بالوحدة و بالمستقبل المبهم . بالرغم من ذلك كلع , أدركت ان الوقت حان لكى تستعيد تماسكها و تتحمل خسارتها , حتى ولو اضطرت إلى التعامل مع حزنها و حسرتها على طريقتها بعيداً عن مراقبة أحد أو التحدث إلى أى كان.
تركت جويل الرسالة حيث و ضعتها و قالت:"إنى آسفة جدى, سامحنى"
سوف ترحلين لسنة واحدة فقط . هكذا خاطبت جويل نفسها وهى تستدير بعيداً عن المكتب نحو الباب , و أكملت : لن يستمر هذا الأمر إلى الأبد . سوف تعودين بعد أثنى عشر شهراً و تتزوجين من الأمير لويجى بوغاد و تستمر الحياة كما يجب.
و لكن بعد ست ساعات من استقرارها على مقعد باص يعود إلى شركة نقل أوروبية و قد وضعت نظارات شمسية و أخفضت قبعتها على رأسها , كانت جويل لا تزال تحاول التخلص من شعورها بالذنب و التركيز على الإيجابيات الناجمة عن قرارها هذا.
أمامها أثنا عشر شهراً لكى تجد السلام و تستعيد رباطة جأشها بعد موت جدتها . أثنا عشر شهراً يمكنها خلالها أن تحزن دون أن تكون محط أنظار آلات التصوير و الصحافة.....مرت الساعات و هى تجاهد لتشعر بالراحة على مقعدها الضيق . تمنت للحظة فقط لو أن باستطاعتها السفر كما كانت تفعل فى الماضى , كأميرة تحظى بمعاملة مميزة و اهتمام خاص , فتختفى وراء المناكب العريضة لحراس الأمن الشخصيين و حراس الأمن فى المطار. لطالما كان هؤلاء جاهزين لحمايتها و الدفاع عنها , ساهرين على أمن العائلة المالكة و سلامتها . فكرت جويل و هى تشد الغطاء حول كتفيها أن هذه المسألة بحد ذاتها كانت مشكلة بالنسبة إليها . فلم تكن باستطاعتها أن تكون الأميرة جويل دون وجود آلات التصوير و الأمن الخاص و البروتوكول الملكى....و طوال مدة بقائها الأميرة جويل دوكاس , كان الجميع يرغبون بمعرفة معلومات كثيرة عنها و كل منهم يدعى أنه على علم بكل ما يتعلق بها.
لكن فى الحقيقة لا أحد تمكن من معرفة الأميرة جويل على حقيقتها . عرفوا عنها فقط ما كتبته الصحافة و ما قاله المسؤولون فى القسم الإعلامى فى القصر. لم يعرف أحد أحلامها أو عمق عواطفها....أو توقها إلى الاستقلالية و إلى الحرية.
لكن جويل لم تشأ أن تكون من آل دوكاس . لقد عانت بما فيه الكفاية من طريقة عيشهم و كل ما أرادته هو ان تكون أنسانة عادية لها حياتها الخاصة, استقلاليتها, واكتفاؤها الذاتى.
لسنة واحدة فقط سوف تكون جويل فقط!
|