لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


42 - جزيرة آدم - مارجري هيلتون - عبير القديمة ( كاملة )

جزيرة آدم 24 عبير القديمة خلق الله آدم وحواء.خلقهما الواحد تلو الآخر.الواحد للآخر،هكذا كان الأمر منذ بداية الخليقة وفي هذه الرواية الملفوحة برياح المحيط الهاديء،تلتقيهما من جديد..آدم و...روبين،هو

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-01-09, 08:05 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي 42 - جزيرة آدم - مارجري هيلتون - عبير القديمة ( كاملة )

 

جزيرة آدم 24 عبير القديمة


خلق الله آدم وحواء.خلقهما الواحد تلو الآخر.الواحد للآخر،هكذا كان الأمر منذ بداية الخليقة وفي هذه الرواية الملفوحة برياح المحيط الهاديء،تلتقيهما من جديد..آدم و...روبين،هو موسيقي اصيبت يداه في حادث ففضل الأنعزال ومراقبة الطيور في تلك الجزيرة النائية،وهي ارسلها القدر ذات ليلة الى الشاطئ وهي قاب قوسين او ادنى من الموت.
لكن كيف ستكون ردة فعلها حين تعلم ان الزواج هو الحل الوحيد لبقائها في الجزيرة!
وهل ستستطيع ان تتزوج رجلا مشهورا يضع فنه فوق كل شيء.
في جزيرة آدم صراع وشبح امرأة يطل من الماضي...منتديات ليلاس




تابعو معي احداثها واتمنى ماتكون مكررة واعتذر من كل قلبي على الغيبة ومن جد اشتقتلكم حبايبي واتمنى تسامحوني

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس

قديم 12-01-09, 08:19 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الأول
1- الغريقه


كانت جزيرة الزينا ترقد ناعسه تحت السماء العميقه, واشعة الشمس الأخيره تتخلل السحب القاتمه وتنشر اللون الناري في الأفق الممتد فوق المحيط. ومن تلك المسافة البعيده كانت المداخل الشماليه للمحيط الهادي تبدو ساكنه كالحرير, الا أن هدير الأمواج, تتكسر فوق الصخور عند مدخل الخليج المائي اث

فردت ليه وما زال لونها شاحيا وقالت:
" لا تقلق, لن اعود لزيارتك مرة اخرى. وحالما تجف ملابسي سأتركك بسلام "
فرد عليها في سخرية وهو يسكب الحساء في اناء وقال:
" والى اين انت ذاهبه؟ ومن اين اتيت؟ "
" ذاهبه الى القريه, كنت في طريقي اليها عندما دفعت بي امواج المد واجبرتني على النزول هنا...واصيبت قدمي...ورأيت ضوء الكشاف الذي كنت تحمله...وعندئذ...."
وصاح بها في دهشه:
" كنت ذاهبه الى الطرف الاخر من الجزيرة؟ لا افهم! هل كنتي تسبحين؟ "
فهزت رأسها قائله:
" استغرقت حوالي الساعتين في السباحه, كان التيار عنيفا و كنت...."
واخذ الشك يساوره فيما تقول وصمم ان يعرف الحقيقة وقال لها:
" هل امضيت ساعتين في الماء؟ انني لا اصدق هذا, اخبرني الحقيقة, فأنت تعلمين تماما انه لا وجد هنا اي قريه "
فهت رأسها في حدة وبدا عليها الخوف من جديد وقالت:
" الا توجد اي قرية هنا؟ ولكن هناك بعض القرى فعلا, رأيتها هناك ابنية وساحة كبيره بجوارها, ولا يمكن أن يكون هذا سوى فندق, وهذا ما جعلني..."
فقاطعها ببرود قائلا:
" انها محطة للرصد الجوي وهي قاعدة امريكيه ولا يوجد هنا اي فندق أو قريه وانت تعرفين ذلك كما اعرفه والان عليك ان تطقي بالحقيقه "
فنظرت اليه وقد شعلات بصدمه وقالت وأصابعها ترتعد بصورة اوشكت معها أن تدلق الشاي:
" لا يوجد اي فندق؟ ولكن لابد أن يكون هناك فندق....لا بد ان يون هناك فندق "
واصيبت فجأة بانهيار واخذت شفتاها ترتعشان وهي تغالب دموعا. واصابتها حالة من اليأس جعلتها تتلمس أي شيء يطمئنها بأنها لم تقع فريسة لكابوس, واخذتت تتمتم قائله:
" يا الهي! ما الذي فعلته؟ "
واخذ حدق فيها للحظات طوال وهو منزعج ويشعر بأنه مقدم على مأساة. انها تعاني من ورطة كما انها تعاني من التعب والانهاك ولو صح انها ظلت في الماء لمدة ساعتين ـ وهو لا يستطيع أن يجد تفسيرا اخر لظهورها المفاجئ امام بيته ـ فإنه لامر غريب انها ما زالت على قد الحياة. ولابد أن تكون جاءت من ذلك اليخت. ولك كيف؟ هل سقطت عنه! كلا فهذا تفكير مضحك. ولكن لو كان ذلك قد حدث لكانت غرقة وسط الانواء. وهذا اليخت ليس لعبه فهو سفينةحديثه عابره للمحيطات ومزوده بأحدث الاجهزه ولها قاربها الخاص الذي يسر بمحرك. ومن يملك هذا اليخت لابد ان كون من طبقة الفن او احد اثرياء النفط.منتديات ليلاس
وعندما نطق رغما عنه ببعض الكلمات التي اظهرت تعاطفه معها. تحركت ونظرت اليه وتوقفت الكلمات في حلقه وماتت. وبدا كالملهوف وهو ينظر اليها بشعرها غير المنظم الذي بدأ يجف, وتلاشت صورتها من امام عينيه لتظهر مكانها صورة ستيلا التي تخيلها جالسة مكانها وذقنها يلمس احدى كتفيه وهي ترمقه بعينيها الارجوانيتين. ثم تخيلها بعد ذلك وهي تميل برأسها....كلا....انها لا تريده وهي لم تنتظره ولن تفعل ذلك ابدا اذا هو عاد يوما الى الوطن.
وسيطرت عليه حالة من الثوره العنيفه عندما اخذت تلك الصوره الذهنيه تعذبه وتبعث فيه ميلا شديدا لكراهية النساء اللواتي يتصفن بخيانة الوعد لمجرد الرغبة في التدمير وامتلأت نفسه بغضب جامح ضد الفتاة التي اقتحمت عليه مأواه, وكيف دفعت بها الاقدار في طريقه. انها تذكره بالمرأة التي ظنها تنتظره حتى يأخذ مكانه في الحياة من جديد وتضمد جراحه بخبها....
ونهض وتقدم خطوة واحده واخذ فنجان الشاي من يد الفتاة المرتعشه وقال لها:
" استحلفك بالله ان تفضي الي بما فعلته؟ ولماذا جئتي الى هذا المكان؟ "
ار انطباعا مفعما بالخطر, ارتسم على وجه الرجل الذي وقف ساكنا في شرفة اليت المطل على الخليج, وهو يغالب مشاعر الغضب المعتمله في نفسه.
ولم يكن هناك اسم معروف لهذا البيت المكون من اربعة جدران خشبيه وسقف. وتحرك الرجل اخر الامر, وانعكس الضوء الصادر من النافذه الخلفية على المخطوطة البيضاء التي كان يحملها في يده وانحنى فوقها يعيد قراءة سطورها برغم انه حفظها على ظهر قلب, وهي سطور تتسم بالتناسق والجمال كاليد التي خطتها. وفجأة طوى المخطوطه وألقى بها فوق الناباتات المتسلقه المزينه الزهور القرمزيه الزاحفة على سفح التل كبساط يضيق به المكان.
واشعل سيكاره بالولاعه التي اهدتها هي اليه, واخذ الشرر المتطاير من عينيه يعكس مدى عمق الاحساس بالاحباط الذي اصابه اذ حامل قارب البريد الاخير رساله لستيفنز الذي يعمل في محطة الارصاد الجويه في الجزيره مما ذكره بعلاقته مع ستيلا, فزم شفتيه بمراره وهو لا يكاد يصدق.
اختفى قرص الشمس وبدأ الظلام يلف المحيط وصمتت أصوات الطيور مع مغيب الشمس, وعادت الجزيره الى وحدتها وعزلتها. وبدأ يألف شيئا فشيئا ليالي الوحده المقيته ويتقبلها. وفجأة لمح أضواء أحد اليخوت يخرج من المرفأ القاتم وسط تجويف صخري.
انها راحله اذا. اطفأ سيكارته وقد تملكه شعور بالارتياح الغاضب وهو يتذكر المشهد غير السار الذي حدث صباح اليوم. كانوا سته: ثلاثة من الشباب وثلاثة يتظاهرون انهم من الشباب, وكانوا عى درجة من الغطرسه والعجرفه المستهتره مما جعله يتذكر العالم الذي جاء منه. نعم انه يتذكر ذلك تماما. ولكن أتراه يجرؤ على أن يتذكرانه هو نفسه كان يوما ضمن مجموعه من الغزاة القادمين من اليخت الابيض والباحثين عن المتعه والاثاره؟ الفارق انه كان يحمل هدفا لحياته. هدف ذو قيمه تغطي على المظهر المتباهي الذي كان يظهر به مع اقرانه وهم يرتدون القمصان الحريره التي يبلغ ثمن الواحد منها ثلاثين جنيها استرلينيا, ولكن في أي حال فإن هذا كله لم يكن ليصل الى حد الكبرياء والغرور اللذين لمسهما اليوم من اولئك القادمين الجدد.
ولوى فمه في سخريه, اذا كان من المشكوك فيه أن ذلك الرجل الفارع القامه المفرط في التأنق والي يحمل آلة تصوير يبلغ ثمنها مائتي جنيه استرليني, يمكنه أن يمييز الحامل الذي ترتكز الاله عليه ان هو شاهده فكيف يعرف شيئا عن الزوجين النادرين من الطيور المهاجره اللذين كان يصورهما.
كان هذا المغرور ذو الانف الارستقراطي المتعجرف بادي التحدي وهو يبحث عن ذلك الذي يعتبر نفسه حامي حمى الديار لهذين الزوجين من الطيور, بل ظن أن ستيفنز وهو يشبه اولئك البيض الذين يتسكعون في جزر المحيط الهادي, هو الذي أقام نفسه قانونا في جزيرة ألزينا.
ولوى استيفنز فمه بسخرية مرة اخرى, وفي تلك اللحظه تماما لمح هؤلاء الاشخاص جراب مسسه وهو يرتكز على فخذيه من الخلف, انه الرادع الصامت. فهل اصبح ستيفنز نفسه فجأة على تلك الدرجة من الخطوره, جعلتهم يتراجعون ويعودون أدراجهم الى قاربهم يحتسون المشروبات المثلجه الامر الذي اثلج صدر ستيفنز الذي كان يراقبهم باهتمام من مسافة يمكنه لن يقطعها بسهولة اذا افلت زمام الامور من يده.
خيم الظلام تماما الان, وبينما هو يتأهب لدخول البيت لمح شبح ابيض يتحرك عند الخليج فأخذ يمعن النظر محاولا أن يخترق حجب الظلام, وظن ان ما رآه من صنع خياله, واشعل سيكاره ثانيه وهو في حالة التوتر. ولمح ذلك الطيف الشاحب من جديد عند الجانب القريب من الارض التي تغطيها الشجيرات الصغيرة يتحرك, ويقترب ببطء الى اعلى في اتجاه البيت. فدخل بسرعة واحضر كشافا وقد تيقن أن شخصا ما أو شيئا ما موجود اسفل البيت.
وشق طريقه بخطى واثقه. فقد اعتاد على المواق الصعبه, وتوقف عند حافة الخليج واخذ الكشاف الذي يحمله يحدث دوائر سريعة وسط الاشجار والنباتات. لكنه لم يعثر على شئ أو يلمح أي حركة, وكاد الصمت يفقده صوابه وصاح فجأة:
" من هناك؟ "
وكان صوت المد البحري المندفع نحو الخليج هو الرد الوحيد الذي تلقاه, وراح يتفقد المكان حوله, اذ لا يمكنه ان يكون مخطئا فأن شيئا ما تسلل الى هذا المكان, وفجأة سمع صيحة كالانين فالتفت نحو الصوت الذي كان صادرا عاى ما يبدو من الجانب الاخر وعبر المياه الضحله وتعثر أثناء ذلك فسقط وابتلت ملابسه. وما ان وصل حتى أطلق صيحة اخرى ينادي بها على صاحب الصوت, فرد عليه صوت يشبه صوت غلام. فاتجه نحوه وسأه عن غرضه هنا, وطلب منه ان يظهر فقال له صاحب الصوت بعدما حاول النهوض انه لا يستطيع لان قدمه مصابه. فامسك به وأحس بقشعريرة وهو يلمس جسمه, فسلط نحوه الكشاف ليتبين ملامحه, ففوجئ بأن هذا الوافد انما هي فتاة ترتدي فردة حذاء واحده! فتاة تبدو كالطفل الصغيرأو هذا هو ما تراءى له حينئذ. وراح يبحث عن شيء يحمل فيه بعض الماء ولكنه لم يجد. كما لم يكن معه غطاء للرأس يستخدمه في هذا الغرض, فسارع يملا كفيه بالماء وبلل رأسها فستردت وعيها, وتحركت وابعدت خصلات شعرها عن وجهها الذي بدى عليه القلق وقالت:
" فقدت حذائي على الشاطئ, اما حاجياتي الاخرى فقد...."
" لا تشغلي بالك بالتفسيرات. هل يمكنك السير؟ "
حاولت ان تسير بمساعدة من يده ولكنها اخفقت. وبدون ان تتفوه بكلمة واحده حمله فوق ذراعيه وعبر بها الخليج في حذر نحو الشاطئ الاخر ثم اتجه الى الممر المؤدي الى منزله وعندئذ سألته:
" الى أين نحن ذاهبان؟ هل هذ...."
" لا أعتقد أنك في وضع يسمح لك بالاسئله "
" كلا, ولكن...."
وانزلها حتى يفتح الباب باحدى يديه, وادخلها الغرفة الرئيسيه وجلسها على المقعد الوحيد, واشعل الموقد بسرعة ووضع فوقه اناء ماء ثم اتجه نحو الفتاة الصغيرة المسترخيه على المقعد وسألها:
" ما الذي بلل ملابسك؟ "
" ماء البحر "
ونظرت اليه في قلق وقد بدا الخوف في عينيها واضافت:
" سبحت...."
فقاطعها قائلا:
" وهل تسبحين عادة وانت في كامل ملابسك؟ لا تخافي اخلعي ملابسك, وسوف احضر لك ملاءة تسترين نفسك بها "
فتجدد خوفها ودار بصرها في ارجاء الغرفه ثم نظرت اليه قائله:
" كيف اخلع ملابسي! كلا, لا اهمية لذلك سأصبح على ما يرام خلال دقيقة واحده "
واخذ يتأملها ببرود وبدون أي رغبه, ولمح بقعا حمراء على كم قميصها الابيض. ونظر الى قدمها الحافيه والرسغ المصاب. وذهب فحأة الى الغرفه المجاوره واحضر منها ملاءه, ثم احضر منشفه كانت معلقه بالقرب من الموقد وقال لها:
" هيا...اخلعي ملابسك. ولا تقلقي فلن انظر اليك. سأعد مشربا ساخنا "
وادار ظهره وانشغل باعداد المشروب وتقطيع السمكة التي اصطادها في الصباح, وبعد أن أضاف بعضا من مسحوق الحساء الى السمكه في الوعاء احضر وعاء نظيفا ووضع فيه بعض الماء واضاف اليه كمية من مادة مطهره واتجه الى ضيفته التي اخرجت ذراعها من تحت الملاءه وسمحت له بأن ينظف الجلطه التي اصيبت بها وان يضمدها بضمادة لاصقه. وقالت له بسرعه:
" سوف اتولى أنا بنفسي امر قدمي "
فترك وعاء الماء الى جوارها, وقام في هدوء بعد أن اخذ كومة ملابسها المبتله, ووضعها فوق الموقد لتجف وسارع لانقاذ السمكه قبل ان تحترق, واعد قدحا من الشاي قدمه للفتاة بعدما اضاف اليه القليل من الشراب وقال لها:
" هيا اشربيه كله, فأنت تبدين كالشبح "
واخذ يراقبها وعندما رأها تتردد في اكمال شرب الشاي بعدما رشفت منه بضع رشفات قال لها:
" اشربي, لكن لا اريد أن تحضري الى هنا مرة اخرى "

نهاية الفصل

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة تمارااا ; 12-01-09 الساعة 08:34 PM
عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 12-01-09, 08:24 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثاني

ثلاثة اشهر فقط!

أخذت آهة مرتعشة تسري في اوصال الفتاة بينما الدفء يعود الى شفتيها المرتعدتين المتعبتين بعدما رشفت قدح الشاي، ولكن هذا لم يشعرها بالرحة الكاملة لانها، وان كانت تعتقد ان كابوس البحر انقضى، بدأت الان تواجه كابوسا اخر.
دفعها السكون المخيم داخل المنزل المعتم الى التزام المزيد من الحذر، وتملكتها انطباعات مضطربة وهي تتفقد الغرف ة حيث مجلس، فهي مبنية من جذوع الشجر، موائدها عارية من اية أغطية، وارضها تكسوها السجاجيد البالية، وليس فيها سوى مصباح مكشوف، لايكاد يصل ضوؤه الى اركان الغرف الغارقة في الظلال .منتديات ليلاس
انها غرفة فسيحة، لكنها تختلف عن اي غرفة اخرى في اي مسكن عرفته في حياتها، فالجدران والارضية من الخشب الطبيعي، والموقد لونه رمادي وغير جميل، والنافذتان عاريتان من اي ستائر، وتحت احداهما مكتب كبير تكونت فوقه مجموعة من المجلدات الضخمة، وبعض الدوريات العلمية وزوج من نظارات الميدان واكوام من الاشياء الاخرى التي تستخدم في العمل والدراسة.
لكن الغرفة ومافيها تضاءلت امام القوة الطاغية للرجل الذي اجتذب انتباهها، طوله ستة اقدام على الاقل، وجسمه متناسق، وقسمات وجهه حادة وفمه ينم عن حس بدني كامن قد يتطلق من عقاله في لحظات الانفعال العاطفي، ولكنه يبدو الان مشدودا ومتوترا وليست فيه اي ملامح وديه، وذقنه حادة وله شعر كثيف فاحم ، وجبهة عريضة وبشرة برونزيه تشير الى انه امضى فترة طويلة من الزمن في العراء تحت اشعة الشمس. وترك ازرار قميصه مفتوحة حتى الوسط في اهمال واضح.
وفجأة احست بعينيه تأسران عينيها، ولكنها كانتا تشتعلان بإحساس صارم بالامتعاض والتبرم، مما جعلها تتجمد خوفا. ووضع قدح الشاي على المائدة بعنف بجوار الطعام الذي لم يكن يبدو انه سوف يؤكل....
وهمست له قائلة:
" اسمي روبينا واين ولكن اصدقائي ، يطلقون علي اسم روبين وانا....."
فقاطعها في برود وقال لها بصوت غير ودي وبتعبير كله اشمئزاز:
" واين هم اصدقاؤك الان؟ وكم هو العدد الذي اتوقع قدومه الى هنا اثر انتهائهم من ممارسة رياضة السباحة بعد منتصف الليل!"
فردت عليه في برود:
" ليس لي اصدقاء."
فقال لها وهو لايكاد يصدق:
" ماذا ليس لك اصدقاء؟"
وبددت نظرة التشكيك في عينيه ماتبقى لها من قدرة على المجادلة واطرقت برأسها وهي تقول:"
"ليس لي الان اصدقاء، ولا اعتقد انه سبق ان كان لي اصدقاء..."
فحدق فيها لحظة، واقترب حاجباه من بعضهما البعض ثم نظر الى المائدة وسألها:
" الن تتناولي طعامك؟"
"لا اعتقد انني استطيع تناول شيء من الطعام الان."
فهز كتفيه قائلا:
"هل يضايقك ان اتناول انا الطعام؟"
" طبعا لا، آسفة لانني عطلتك عن تناول عشائك.."
فاخذ مقعدا وجلس الى المائدة المصنوعة من البلاستيك وامسك بسكين ثم وضعها على المائدة مرة اخرى وراح يرمقها ، فنظرت اليه وقالت له:
"تناول طعامك، فما كان يجب ان اكون هنا، ولولا اصابة رسخي ، كنت الان في محطة الرصد الجوي او في اي مكان آخر."
فرد عليها بجفاف قائلا:" كانو سيرغبون بك في هذه المحطة بكل تأكيد."
وقالت لنفسها لي مرارة:" كانوا سيستقبونها بأفضل من استقباله لها، واحست باحمرار وجهها وهو يرمقها بنظرة حادة، وقال لها بجفاف وكأنه قرأ افكارها:" إن كان استقبالهم لك سيلقي استحسانك اكثر من استقبالي ، فهذه مسألة اخرى."
ولم تكن هناك صعوبة في فهم ما يعينه ، فلزمت الصمت ، واخذت نظراتها تدور في ارجاء المكان حيث يعيش هذا الرجل الغريب، واحست لاول مرة يحب الاستطلاع نحو منقذها. فما الذي يفعله في تلك الجظيرة المنعزلة التي تبدو من المعالم القليلة التي رأتها وكأنها جزيرة مفقودة في ارجاء الكون العريض؟ عجرفته وثقته بنفسه تتحدثان عن شيء ، كان يجب عليها ان تدركه في الحال الا انها لم تستطع اكتشافه.
ونظرت مرة اخرى الى المنظار الموضوع على الكتب والى رفوف الكتب ، ولاحظت على المائدة الصغيرة منظار لرؤية الشرائح المصورة وشيء آخر بدا شاقا وسط تلك الاشياء وقال لها وهو يتابع اتجاه نظرها:" الا يحسن بك ان تبداي في تناول الطعام وان تروي لي القصة من بدايتها."


فحولت بصرها عن دفتر المقطوعات الموسيقية والتمثال النصفي العاجي لشخصية اعتقدت انها كان يجب ان تعرفها. ووضعت طبق الطعام فوق ركبتيها. وبعد ان تناولت شيئا منه قالت له في بطء:" ليس لدي الكثير اقوله ، وكل ما هناك انني اطضررت الى ترك ذلك اليخت."
"لماذا؟"
ردت عليه في ضجر:
" اشك في انك سوف تفهم ما اقول."
قدم لها كعكة مغطاه بالزبدة، وسكب مزيدا من الشاي في قدحها وقال لها:" لانني لست امرأة.؟ استمري في تناول طعامك؟ فالخبز لذيذ؟ لديهم في محطة الرصد الجوي طاه يزودني بالكعك والبسكويت، واقوم انا باعداد باقي الطعام... اعتقد ان هناك رجلا وراء ماحدث.
" ومالذي يجعلك تفكر هكذا؟"
اخذت قضمة من الكعكة وفوجئت بانها فعلا لذيذة، وادركت انه يجب عليها الان ان تفكر فيما يجب ان تفعله بعد فرارها من اليخت، ورد عليها قائلا:
" لانه عندما تقوم المرأة بتصرف طائش كالفرار من قارب والسباحة ليلا الى الشاطئ، يمكن المراهنة ان هناك رجلا وراء ذلك."
" نعم كان هناك رجل، وارجو الا اراه مرة اخرى في حياتي."
" اهو مالك اليخت؟"
" نعم ، انه المالك، وهو يمتلك اسطولا من السفن التجارية ، وجيشا من الارقاء، انه في الستين من عمره تقريبا، وهو انيق يبدو كملاك ، ولكن له قلب شيطان ، وقد اعتقد انه يمتلكني."
" ومالذي جعلك تغيرين رأيك؟"
فرمقته بنظرة حادة وقالت:
" لم اغير رأيي، ماذا تقصد؟"
ابتسم ابتسامة ساخرة وقال لها:
" لابد انك صعدت الى اليخت بمحض ارادتك . فرجل غني كالذي اشرت اليه يمكنه ان يشتري عددا غير محدود من النساء لارضاء نزواته."
" كنت اعمل لديه، ولم يكن امامي مجال كبير للخيار."
ولاحظت تعبير الامتعاض الذي بدا للحظة على وجهه فأضافت بسرعة:
" اقام حفلا على ظهر اليخت، حضره حوالي ثلاثين شخصا، وكان اخوه وزوجه اخيه بين المدعوين ومعها ابتنها،التي كان عمرها اذ ذاك احدى عشر سنه وكنت رفيقتها وخادمتها في آن واحد"
"انها لتدبر طريقه رومنطيقية للسفر حلو العالم والحصول على اجرة اكملي قصتك.."
"سيرينا ليست طفلة سيئة،افسدها التذليل طبعا،وكانت مهمتي الترقية عنها والابتعاد عن الحياة الفاسده.."
"اعتقد ان مهمتك كانت منعها من مشاهدة اشياء يجب ال
تشاهدها!"
قلب روبين فمها في مرارة وهي تتذكر ما حدث،وضافت قائلة:
"لم اتبين ذلك الا في الليلة التالية لابحار اليخت،عندما اقيم حفل تنكري انتهى بلعبة تعرى فيها المدعرون من ملابسهم، ولا ادري ما الذي جعلهم يقحمونني في تلك اللعبة، وكان الشيء الذي دهشت له سيرينا واصابها بصدمه هو انني لم اكن اعرف مسبقا بما سيجري فوق هذا اليخت، وكان فزعي مما يجري مثار متعة لها ولكنني لم اصدقها عندما حذرتني يوما ما، رغم انها طفلة، ان اتجنب عمها، الا انني سرعان ما تبينت السبب، وقد كان تجنبه امرا مستحيلا، وبدأت انام في غرفة سيرينا الى ان وصلنا الى باناما ومرضت واظلمت الدنيا في وجهي ولم اعد اكترث بالحياة والموت. وعندما بدأت استرد عافيتي لم يكن هذا الضرب من الحياة يسعدني، لان المعاناة ستبدأ من جديد، واخذت احاول اتجنب كالترغ دأب على ملاحقتي فهو تارة يبتسم لي وتارة يراقبني ومرة ثالثه ينتظرني، وهو في هذا وذاك لا ينتهي ولا يتراجع ومنذ ليلتين قرر انه انتظر بما فيه الكفاية، ادركت عندئذ انه من الضروري ان اغادر السفينة مهما كانت العواقب، كانت معه نسخ من المفاتيح لجميع غرف اليحت.."
وتوقفت عن الكلام وهي تشعر بقلبها يسرع في دقاته بينما اخذت تحكي قصة الكابوس الذي فاجأها تلك الليلة، واحست بالخجل الشديد لانها تورطت في تلك الادلاء
بتلك الاعترافات، ونظرت الى اعلى في حيم قال لها الرجل الجالس الى المائدة بهدوء:
"وهل استخدم المفتاح؟"
"دفعته داخل الحمام، ولا اظن انه كان يعتقد اني ساقاومه، وتحررت منه لاختبئ في غرفة سيرينا التي لم اغادرها طوال اليوم التالي، وكنت اعلم اننا سنبحر الى هذه الجزيرة
بسبب مافيها من طيور، انها مشهورة، اليس كذلك؟ وقررت ان اتسلل من اليخت وانزل الى الشاطئ واختبئ الى ان يرحل اليخت مرة اخرى عن الجزيرة. ولكن كالنرغ على ما اعتقد، توقع ذلك فلم تتح لي اي فرصة لتفيذ

ماعقدت العزم عليه، فانتظرت الى المساء، وقبل العشاء ابلغت الجميع بأنني اعاني من صداع حاد وانني ساذهب لتناول اقراصا منومه، وعندما سمعتهم يدخلون قاعة الطعام، اسرعت لاخذ جواز سفري وقليلا من النقود وبعض الملابس وحزمتها داخل قماش مشمع واق من الماء، واثناء ذلك حضر احد الحراس في عملية تفقدية وتمكنت من اخفاء تلك الاشياء بسرعه قبل ان يراها، وتظاهرت بانني اغير ملابسي استعدادا للنوم، ثم قفزت من فوق اليخت وبدات اسبح وكلي امل الا يلمحني احد، وعندما وصلت الى الشاطئ كان الظلام مخيفا، ومكثت هناك الى ان شاهدت اليخت يبحر مع موجات المد كما كان مقررا، وما حدث بعد ذلك تعرفه.
وظل صامتا لفترة طويلة جعلتها تتساءل اذا كان قد انصت اليها وهي تروي قصتها، ثم قال في برود:
:" اخترت بلا شك بقعة تفرين اليها، فماذا انت فاعلة الان؟"
"لم افكر في هذا بعد، وكل ما كان يشغلني هو الفرار من ذلك اليخت اللعين، ثم مواصلة طريقي الى فانكوفر او سان فرانسيسكو او حتى هولولود، وكنت سألود بأي قارب يصل اولا ، السنا بالقرب من الطرق الملاحية الكبرى؟"
ابلغها انها تبعد كثيرا عن مجموعة جزر هاواي، قالت له ان لديها من المال ما يكفي لسفرها الى الولايات المتحدة ، وهناك يمكنها ان تعمل لتغطية نفقات عودتها الى الوطن ، فهي تعرف فتاة تدعى سارة استطاعت ان تعمل وتوفر لنفسها نفقات طوافها حول العالم. فوقف واخرج علبة سكائرها ابتلت وطلبت منه في رجاء ان يعطيها بعض السكائر لتدخين، ثم قال لها انه سيعد لها سريرا لتمضي الليلة فيه، فاعتدرت له عن البقاء هناك وقالت له ان ملابسها جفت الان، وانها تركت حاجياتها على الشاطئ. فرد عليها بأنها تستطيع ان تبيت في غرفته مالم تكن تفضل المبيت على الشاطئ الى جوار حاجياتها ، وقال لها انه لا داعي لان تقلق فلا يوجد سوى مفتاح واحد لهذا الكوخ، وانه يرحب بها فيه وسوف يبيت هو نفسه على سرير للرحلات ينصب داخل غرفة تحميض الافلام.
وتركها وعاد اليها بعد لحظات ليسالها عن حالة قدمها فقالت له انها لن تعرف قبل ان تختبرها ، ونهضت وخطت بحذر وهي تخشى من سقوط الملاءة التي تسترهما اكثر من خوفها من ان تؤلمها قدمها. فشجعها على مواصلة السير واحاطها بذراعه ليساعدها بدون ان تستشعر منه اية عاطفة، وقادها الى الغرفة وقال لها انه يأسف لعدم وجود زر للكهرباء فوق السرير، وطلب منها الا تسقط المصباح الذي اعده فقالت له انها ستحرص على الا تشتعل له حريقا في البيت.
واخذت تنظر في حب استطلاع الى الغرفة التي تشبه صومعه راهب ، وكل ما فيها يوحي بالتقشف: السرير والصندوق الذي وضع فوقه مصباح الزيت، والكرسي الوحيد عدا ان الستائر او السجاجيد معدومة وقال لها:
" لديك هنا بطانية صوفية اضافية ان احتجت اليها، الا ان الليل هنا ليس باردا، وانما انت تشعرين الان بالبرد بسبب فترة السباحة الطويلة والارهاق وسوف اتركك الان اذا لم تكوني في حاجة الى شيء اخر."
وتردد قليلا ثم اشار الى السرير قائلا:
" وضعت لك بعض الملابس لترتديها، وهي قد تكون واسعة قليلا، ولكن يس من حق الفارين ان يختاروا."
فنظرت الى البيجاما الموضوعة فوق الوسادة وقالت له:
" اشعر بانني لاجئة ولست هاوية، ابديت عطفا شديدا نحوي، ولا اعرف كيف اشكرك."
"لاتحاولي ، فأنا لست عطوفا، ولم يكن امامي من خيار اخر."
فقالت له وقد استبد بها شعور شديد بالملل:
" اسفة لما سببته لك من ازعاج ياسيد..."
ونظرت اليه في تساؤل وهي تدرك لاول مرة انها لا تعرف اسمه فقال لها :" آدم غرانت."
ثم اتجه الى باب الغرفة واضاف? تصبحين على خير يا روبينا واين."
"بل روبين ، تصبح على خير واشكرك."
وغلق الباب بهدوء، وراحت تسائل نفسها عما يكون عليه الوقت الان لقد توقفت ساعتها ولا توجد ساعة حائط معلقه في البيت، ولكن ما اهمية ذلك؟"
ووقفت امام النافذه تراقب النجوم والغابات الممتدة تحت السماء التي اختفى منها القمر، واحضرت مرآة من صندوق الملابس لتنظر الى ملامحها المتوترة ووجهها الخالي من الاصباغ وشعرها غير المنسق واحست بأن شعرها لن يعود الى سابق عهده ماذا ليس لديها مشط لكي تصففه، كما ان الملابس التي لديها سوى فردة حذاء واحدة وستكون محظوظة ان هي عثرت في الصباح على حاجياتها التي تركتها على الشاطئ، والتي تضم جواز سفرها وبعض النقود والملابس كانت تعتزم ارتداءها عندما تصل الى الشاطئ. وتساءلت اذا كانت ستجد حاجياتها كما هي بدون ان يكون الشريط اللاصق الذي لفت به القماش المشمع قد انفك، ما الذي دفعها الى تلك الحماقة؟ لا بد انها اصيبت بجنون.

واحست بحاجة الى النوم اذا سرعان ما يأتي الصباح ولابد وان تجد معه وسيلة للخروج من ورطتها ، وامسكت بالبيجاما التي قدمها لها، فوجدتها جديدة تماما ومصنوعة من قماش ناعم من الحرير الخالص، وصممت ببراءة ممايشير الى انها صنعت على يد احد مصممي الازياء المشهورين، وبسطت البيجاما فوجدت بداخلها بطاقة محل الغسل والكي ، وقد تبت على البيجاما شريط يشير الى ان صانعها خياط من شارع بوند ، وعندئذ اخذت تجول ببصرها في ارجاء في ارجاء غرفة صاحب تلك البيجاما.
وتخلصت فجأة من الاحاسيس المتضاربة والمحيرة التي احست بها نحو آدم غرانت فيما جدوى ان يعيش هناك كالناسك تقريبا، في بيت بدائي فوق جزيرة مفقودةويمتلك بيجاما فاخرة ذات تصميم عالمي وتصلح لان تلبس في المساء في فندق هيلتون لكنها بعد ان اطفأت مصباح الزيت واستلقت على السرير شعرت انه مريح وسيطر آدم غرانت بملامحه البرونزيه الحادة على تفكيرها ولم تستطع التخلص من الاحساس بأنها رأته في مكان ما من قبل، رغم انها تدرك انها لا يمكن ان تكون قد قابلته، ونسيت اين ومتى!
وعندما غليها النعاس رأت في منامها انها ما زالت فوق اليخت، وان كل من فيه غادره، واثناء بحثها عن سبرينا داهمت اليخت عاصفة وبدأ يغرقولا احد يستجيب لصراخها ، وفجأة هدأت العاصفة وحملها آدم غرانت الى برالامان واستسلمت لذراعيه شاكره، وبعد ذلك ظهر امامها وجه كارلنغ الشيطاني وهو يحاول انتزاعها ، واستيقطت من نومها وهي تصرخ وتحاول انقاذ نفسها من بين يديه.
ونظرت الى شجيرة المشمش القريبة من النافذه ، واخذت تحملق في جدران الغرفة الخشبية وهي تتطلع الى ما يطمئنها ويهدئ من روعها ، وادركت انها كانت تعاني من كابوس مزعج ودق غرانت الباب مستأذناً في الدخول ليقدم اليها الشاي ، وفوجئت بأنه احضر لها أيضاً حاجياتها عن الشاطئ ، وأحست بحرج نحو هذا الرجل الذي قال لها انه عثر أيضاً على فردة حذائها الأخرى . واستأذنها في الذهاب لضخ الماء في الخزان وتغذية المولد الكهربائي بالبترول و قال لها انه لن يغيب كثيراً وسألته :
" وقيل أن تذهب ، أود أن أعرف ما اذا كان هناك حمام ؟"
" انني آسف لأنه كان يجب أن أرشدك الى مكانه في الليلة الماضية ، انه في خارج المنزل وله سقف أبيض ، وكوني على حذر في استعماله حتى لا يغرقك ."
وابتسم وتركها وهي تشكره ثم قفزت من السرير لتتفقد أشياءها فوجدت ملابسها قد ابتلت ، ماعدا النقود وجواز السفر .
وأخذت ملابسها الجافة وذهبت تأخذ حماماً ، وأدركت ان نصيحة غرانت لها بأن تلزم الحذر كانت في موضعها ، لأنها أخذت تدير العجلة التي تتحكم بالماء ببطء وحذر الى أن امتلأ الحوض الذي كان منعشاً وفي حالة جيدة و صافية .
وجففت جسمها وشعرها بمنشفة وجدتها معلقة في متناول يدها ، وثبتت شعرها بمشابك الشعرالقليلة المتبقية معها . ان عليها اعداد قائمة بالأشياء الكثيرة التي تحتاجها عندما تتاح لها الظروف لاعادة تنظيم حياتها ، انها تستشيط غضباً عندما تتذكر الأشياء التي تركتها وراءها في اليخت ، ولكن لم يكن أمامها من سبيل آخر كان الموقف بالغ الخطورة حتى بدون أن تحاول حمل الأشياء الصغيرة التي ربطتها حول وسطها قبل ان تسبح الى الشاطئ ولم يكن في استطاعتها شراء السكائر .وان كان مجال الاختيار أمامها محدوداً.
وعادت الى المنزل ، تسرع بترتيب الفراش ، ووضعت قليلاً من احمر الشفاه وهندمت نفسها ، ثم توجهت في تردد نحو الباب الرئيسي وهي لا تدري أن أدم غرانت موجود في الداخل ، ودفعت الباب ببطء فانفتح ، ونظرت الى داخل الغرفة وسمعته يقول لها :
"حسناً يمكنك الدخول ."
ورأته يقطع بعض شرائح اللحم المقلاة . فتساءلت بينها و بين نفسها عن مفاجأة طعام الافطار التي تنتظرها ، وسألته اذا كان في امكانها ان تساعده . فطلب منها اعداد المائدة و قال لها انها ستجد كل شيء في الخزانة . ولاحظت المعلبات الكثيرة المصطوفة فوق الرفوف فقالت له :
" اعددت العدة لنفسك كاملة تماماً كأنك مقدم على فترة حصار ."
"لابد من أن اتخذ الاحتياطات اللازمة ، هل تفضلين القهوة ؟"
وأشعل الموقد لتقوم هي نفسها باعداد القهوة ، ولاحظت أنه استطاع ان ينظم حياته في نطاق التسهيلات التي لم تكن فقط محدودة جداً ، وانما بدائية جداً وعلى نحو لا يطيقه الا اولئك الرحالة الذين اعتادوا العيش في الخيام ، واستمعت اليه بدون تعقيب وهو يقول لها انه يحصل من محطة الرصد الجوي على أطعمة سريعة التلف وهم يحفظونها في ثلاجة ضخمة ، ولكنها لم تدرك الا بعد مضي فترة مغزى وجود قدور البن و الشاي الصغيرة التي لديه وصفائح المواد المنظفة و الصفائح الكبيرة التي تحوي السكر و السلع الجافة الأخرى

[/

وبمضي الوقت بدأت عملية اعداد طعام الافطار تتحسن ، وبدأت تعتاد الاحساس بضبط النفس الذي مازال قويآ بينها وبين الرجل الذي هبّ لانقاذها ليلة امس ، وطلبت منه سيكارة فأعطاها علبة سكائره كلها فشكرته وقالت له وهي تبتسم :
" أ‘رف انني ضيفتك غير المدعوة ، ولككني اطمح في مزيد من كرمك ، واطلب منك ان تمد فترة اقامتي في بيتك لمدة ساعة اخرى او نحو ذلك ."
فرفع حاجبيه وظل صامتآ ، فأضافت قائلة :
" أريد أن أغسل ملابسي و أصفف شعري ، ألا يوجد لديك اي نوع من وسائل غسل الشعر ؟"
فرد عليها بجفاف :
"كلا ، لا يوجد لدي شيء من هذا القبيل ، ولكنك تستطيعين استخدام أي شيء موجود في البيت ."
وعندئذ بدأ اطمئنانها يتذبذب ، ولكنها حاولت أن تحتفظ برباطة جأشها ، وقالت له :
" انك تراني الآن في أسوأ مظهر لي ، ولكنني فعلت مالم يفعله أحد من قبل ."
فنهض قائلا:
" علي أن أخرج الآن ، وسوف تتاح لك ساعة تقريباً تعودين خلالها إلى أحسن مظهر ."
وأخذ المنظار وشيء آخر من درج المكتب . وطلب منها ألا تستهلك كل مياه الخزان والا فسوف يتحتم عليها أن تقوم بتشغيل المضخة لملء الخزان من جديد ، وركب سيارة جيب وانطلق بها من خلف المسكن ، وراحت روبين تبحث اجابة لعدة أسئلة جالت في خاطرها . فكم من الزمن أمضى آدم غرانت في هذا الكوخ الصغير الذي يعتمد فيه على مضخة لتزويده بامدادات المياه ، ولا توجد فيه أي وسائل للراحة بتاتاً؟ بل مالذي يفعله هنا ؟ هل هو أحد علماء الطيور ؟ أن جزيرة الزينا هذه فيها الطيور النادرة التي اتخذت أعشاشها لأول مرة بدون ان يتمكن احد من تغيير سبب او كيفية مجيئها الى هنا . سمعت الآخرين يتحدثون عنها . الا أنها لم تعر ذلك التفاتاً ، وتمنت الآن لو أنها اهتمت بتلك المسألة ، فالمنظار له علاقة بهذا على مايبدو.. ثم تذكرت ماحدث بعد ظهر امس عندما عاد ريمون مارش وزمرته الصغيرة من الغزوة التي قاموا بها على الشاطئ وهم في غضب شديد وقع حادث ما، واستطاع رجل قوي جرئ ان يطردهم من الجزيرة . وبدأت الاحداث تفسر بعضها البعض في ذاكرتها لتفسر لها الملاحظة الساخرة التي بداها غرانت مساء امس عندما سألها عن مكان اصدقائها لابد ان يكون آدم هوذلك الرجل القوي!
وابتسمت روبين في ابتهاج فتوهج وجهها بالضياء، وتمنت لو انها رأت ذلك المشهد لتلمس التعبيرات التي ارتسمت على وجه ريمون وزمرته من المتملقين الاذلاء، وتملكتها فجأة رغبة جارفة في ان تبلغ آدم غرانت الي اي مدى ارتفع في نظره... وذلك برغم انه يميل الى النظر اليها كواحدة من افراد تلك المجموعة الفوغانية.
وقامت روبين باعداد حبل لنشر ملابسها بعدما غسلتها بالسائل المنظف الذي استعاره منه، وسرعان ما جفت بفعل الهواء الدافئ المشمس، وقامت بتنظيف مكان تناول الافطار وتنظيم غرفة الجلوس لتصبح في مثل بهاء الغرف القائمة على سطح اليخت.
ودارت في ارجاء المكان وهي تقاوم الاغراء بالعبث في صفحات اكوام المذكرات والكراسات الموجودة فوق المكتب، ثم امسكت بمذكرة موضوعة فوق كومة من الاوراق الموسيقية ووجدت بين الصفحات ورقه منفصلة يبدو أنها جزء من موسيقى أوركسترالية عليها ملاحظات وعلامة استفهام مكتوبة بالقلم الرصاص في هامش المقدمة . وتساءلت اذا كان من هواة الموسيقى ، الا انه لم يكن لديه اي مسجل لسماع الموسيقى أو أي شيء يشبه أية آلة موسيقية ، وتركتها لتنظر الى التمثال النصفي العاجي الذي ظنت أول الأمر أنه أحد كبار المؤلفين الموسيقيين ، ولكنها عندما تفقدته عن قرب لم تجده يشبه أحدآ ممن تعيهم بذاكرتها . انه لا يشبه أي شخص مشهور . وهو ان كان يشبه إنسانآ فهو آدم غرانت ، شعره كثيف غير مجعد كالتمثال العاجي بملامحه المثالية التي تشبه تماثيل الاغريق .
وهزت رأسها وراحت تفكر أنه لابد أن يكون هناك شخص آخر يقيم هنا لكي يتبادل مع زميله مراقبة وتسجيل أنواع الطيور التي تفد إلى هذا المكان وعلى أي حال فليس هذا من شأنها ، وهي لابد أن تبدأ في الرحيل من هنا حالما تعيد ترتيب حياتها . والشيء الواضح أمامها الآن هو أنها لم تكن راضية اطلاقآ عن أناس مثل كارلنغ و ريمون مارش أو من يشبههما ممن كانوا يقدمون الاعانات بلا اكتراث ... انها لاتريد اعانة من احد .
وذهبت لجمع ملابسها الجافة . ونظرت الى نفسها تنتظر جفاف ملابسها لتغير الملابس التي ترتديها وأشفقت على نفسها وانهمرت دموعها وهي تتمنى أن تغمض عينيها وتفتحهما من جديد لترى أن ستة أشهر من حياتها قد محيت ، وأصبحت كأنها لم تكن .
وسمعت صوت سيارة تتوقف وينزل منها رجل ، ولكنه لم يكن آدم غرانت وانما كان شاباآ أزرق العينين أخذ ينظر الى هيئتها الجذابة في دهشة و ابتهاج ، وقال لها :
"اذآ فأنت هنا ... لم أصدق عندما علمت بهذا!"
وتقدم خطوة الى الأمام ومد يده ليصافحها وهو يقول لها :
"أنا توني ستيفنز ، هل ما أراه حقيقي هل أنت أنسان حقيقي ! سوف أغادر هذا المكان وأختفي ان لم تمدي يدك لمصافحتي ".
فاتجهت اليه وصافحته وقد لاحظت احمرار خديه وسألته :
" هل تعمل في هذا المكان ! السيد غرانت سيعود في أي لحظة ."
" كلا ، أعمل في محطة الرصد الجوي في وسط الجزيرة ، وعليّ أن أعود وأرد على تلك الرسالة ..."
وأخذ ينظر اليها في دهشة ويحدق فيها بنظرة تحمل تعبيرآ كريهآ اعتادت عليه روبين خلال الأشهر القليلة الماضية .
وسألته في حدة :
"أية رسالة تقصد ؟"
"رسالة تقول انك هنا ، تسببت في حدوث هياج شديد ... أعتقد أنك روبينا ... الآنسة واين .... ابنة ..."
فامتقع لونها وتوترت ملامحها فأضاف بسرعة :
"أنا شديد الأسف ، ألا أكون لبقآ معك ، أبلغتك فقط بما جاء في الرسالة وآسف جدآ لما سببته لك من ازعاج ."
ولم تكترث روبين بما سببته لها عدم لباقته من ايذاء ، كان صبيآ لايزيد عمره عن عشرين عامآ . وسألأته مرة أخرى :
" أية رسالة تقصد ! لابد ان خطأ ما قد وقع ، لا أعرف أحدآ يمكنه أن يبعث لي برسالة ."
وقبل أ، يبدأ في الشرح أحست بغصة في صدرها وهي تتوجس خيفة من الأمر ، وقال لها :
" تلقينا رسالة باللاسلكي من السيد كارلنغ انهم قلقون جدآ عليك ، ولا يعرفون كيف تخلفت عن اليخت ، أو ما اذا كنت موجودة في الجزيرة أم لا ، اكتشفوا صباح اليوم غيابك عن اليخت ، لابد أن أعود الآن."
وأسرع بالقفز في سيارة الجيب الصفراء ، وانطلق بها بدون أن يتمكن من سماع صياحها وهي تطلب منه التوقف . وترجوه ألا يبلغ اليخت بأنها موجودة هنا .
فهي لا تريد العودة إلى اليخت . واختفى بسرعة وسط أشجار الغابة وقد أدركت أنه لاجدوى من اللحاق به . وهدأت نفسها وبدأت تفكر فيما يجب عليها أن تفعله الآن . جيرالد كارلنغ سيتشيط غضبآ ويشعر بأن كبرياءه جرحت لأنها هربت منه ، وتخيلت ماسوف ينزل بها من عقاب بعد أن يحضر كارلنغ ويستلمها بابتسامته الساخرة ليعيدها الى اليخت . وربما لا يفعل هذا بل يتركها تهيم على وجهها في الجزيرة . انها تأمل ألا يفعل ، ولكن ترك الأمر للأقدار فيه مخاطرة هائلة وتمنت لو أنها تمكنت من أيقاف توني ستيفنز قبل أن ينطلق بسيارته . ورأـ عندئذ سيارة جيب تبرز من وسط الأشجار وتتجه الى البيت .
وتنهدت بارتياح وهي تقول لنفسها أن الفرصة لم تفت بعد ، وأن آدم غرانت سوف ينقلها الى المحطة لتشرح لهم الموقف ، وتطلب منهم إلغاء الرد على الرسالة والقول بأنه حدث خطأ أو شيء من هذا القبيل . وسألها آدم غرانت :
" مالذي يزعجك ؟"
" أرجو أن تأخذني إلى محطة الرصد حتى ...."
فقال لها وهو يمسك بكتفيها :
"اهدأي وقولي لي ماذا حدث . انك مضطربة ."
فردت عليه وهي تلتقط أنفاسها :
"لابد أنك قابلت سيارته في الطريق ."
ولم ترفع عينيها عن وجهه ، وكان مازال ممسكاآ بكتفيها وهي تحاول أن تقنعه بأن الأمر عاجل ، وقالت له :
" أرجوك أن تفهم ، أن الأمر سيستغرق وقتآ طويلآ لأشرح لك السبب ، ولكنني لا أرغب بالعودة ، وقد بعثوا برسالة لاسلكية الى محطة الأرصاد لكي ..."
"ولكن ألا تدرين ، أيتها الحمقاء الصغيرة ، أنه يجب عليك ابلاغهم بأنك في أمان ، أم أنك تعبأين بهذا ؟ واذا لم تعودي اليهم فالى أين تذهبين ؟ انك لا تستطيعين البقاء هنا ."
" لا أريد البقاء هنا ، وليست لي رغبة في هذا ، ولكنني لن أعود الى هذا اليخت ، ولا يهمني الى أين أذهب أو أين أقيم مادمت بعيدة بقدر المستطاع عن جيرالد كارلنغ ."
وتخلصت من قبضة يديه وهي تبدي استياءها وقالت :
" أنك لا تعبأ ، كما أن أحدآ لا يهتم ..."
وأمسك بذراعها وهو يقول :
حسنآ ، فهمت قصدك ، وان كنت لا أعرف القصة كلها الا أنني فهمت جوهر الموضوع ستبقين هنا ."
"ولكنني ..."
"سوف أعالج الأمر ، أعدي لنفسك شرابآ والزمي الهدوء ، ولن أغيب طويلآ ."
ووقفت ترقب السيارة التي استقلها آدم غرانت الى أن اختفت وهي تعد الدقائق التي كانت تمر كأنها ساعات . ثم دلفت الى الداخل تعد لنفسها شرابآ ، أخذت تحتسيه بأصابع مرتعشة وهي تسأل نفسها ، كيف يمكنها ان تجعل رجلآ غريبآ يفهم مدى خوفها من جيرالد كارلنغ ومن بحثه عنها ، وما كان سيترتب على ذلك من نتائج اذا هي لم تهرب من يخته الذي تحول الى سجن . ووسط مشاعر القلق التي استبدت بها عاد آدم غرانت .
وكان وجهه متجهمآ و قلقآ وقال لها ان اليخت الكيرون يقف على مسافة عشرة أميال من الجزيرة ، وأنه وصل الى المحطة بينما كان ستيفنز يرسل بالرد على الرسالة .
فسألته وهي تلتقط أنفاسها :
"وماذا حدث ، أكمل ."
"تحدثت الى كارلنغ ."
"ماذا قال لك ؟ وماذا قلت له ؟"
فنظر إليها آدم و قال :
" القصة التي رواها لي تختلف عن القصة التي رويتها لي ليلة أمس ، ولكنني أدركت أنك سببت له قدرآ كبيرآ من القلق و الضيق ... انني في دهشة ... هل أنت الطفلة الصغيرة التي أشفق عليها ؟ طفلة روبيرت واين الممول الذي انتحر منذ ستة أشهر ."
فاسترخت في مقعدها وأخذت تنظر في تجهم و قالت :
" نعم ، انك تفضل أن تصدق رجلآ آخر ، أليس كذلك ؟ ولكن أبي لم يتخلص من حياته ، كان حادثآ عرضيآ ، فقد تناول أقراصآ منومة بعد تناوله الشراب وأدى ذلك الى وفاته ، وأياك أن تقول هذا عن أبي مرة أخرى ."
قالت ذلك وهي تصيح في وجهه بتحد وأضافت :
" وبالنسبة اليّ كنت مدللة ، ولكنني لم أكن متهورة الى حدّ البحث عن رجل مثل كارلنغ ."
"كان صديقآ لأبيك ، فلماذا يسعى اذآ لاغوائك ؟"
"لم يكن صديقآ لأبي ."
" بل يقول انه كان كذلك ، ولذلك اعتقد أن قيامك برحلة بحرية سيخرجك من جو المأساة الذي تعيشين فيه . والعمل الذي اسنده اليك لمرافقة سبرينا كان مجرد وسيلة لأرضاء كبريائك ، وقال أيضآ انه قدم لك هدايا عديدة ثمينة من المجوهرات ."
"هذا غير صحيح ، أراد فعلآ أن يقدم لي مجوهرات ، وقد تحليت بقطعة منها في احدى المرات ، ولكنني تركت كل شيء على ظهر اليخت ، كانت هناك صلة عمل تربطة بأبي ، وعن طريق تلك الصلة حصلت على هذا العمل الذي كنت في أشد الحاجة إليه ."
"لم تصادفك بالتأكيد أية صعوبات في الحصول على عمل ، فقد حصلت كما أعتقد على قدر من التعليم ."
"هذا ما ظننته في البداية ، ولكن الحياة العملية تتطلب تخصصات لم أكن مؤهلة لها ."
"أليس هناك أحد من أسرتك على قيد الحياة ؟"
"ماتت أ/ي ، وليس لي سوى أخت ، أقمت معها ، وهي متزوجة منذ سنتين الا أن زواجها يتداعى ، ولم أستطع تحمل المشاجرات بين الزوجين اللذين أخذ كل منهما يشكو لي الآخر ، مما جعلني أكاد أجن ، فكان التحاقي بهذا العمل على اليخت هو الحل المناسب ."
ونظرت إليه فوجدته يضغط شفتيه فصاحت فيه :
" ألن تقول لي أنك آسف ؟ وتذكر لي كل الملاحظات التافهة المبتذلة التي تفوهوا بها عني ، ثم تتركني أمارس حياتي بأفضل ما أستطيع ؟"
" كلا ، انني لن أتعاطف معك . فهذا هو مافررت أنت منه ، وبالاضافة الى هذا فأنت تشعرين الآن بالأسف الشديد لما أنت فيه من حال ."
ونهضت وسارت بضع خطوات الى النافذة و قالت :
" ربما كان هذا هو العزاء الوحيد أمامي الآن ، انك لم تبلغني بعد بما قلته لكارلنغ ،ن اعتقد أنك قلت له انك ستكون ممتنآ له لو حضر وأخذني من عندك بأسرع وقت ممكن ."
" كلا ، لم أفعل هذا ."
" برغم أنك صدقته ؟"
"ولكنني لم أصدق ."
واقترب حاجباها من بعضهما البعض وهي ترمقه و قالت له :
"اذآ لابد أن تصدق أحدنا ."
فاجابها بأنه انتهى من ذلك فعلآ ، وقال لها ان كارلنغ معروف بمباذله وانغماسه في الملذات . فسألته اذا كان يعرفه ، فقال لها انه سمع عنه ، وعندما طلبت منه ان يخبرها بما قاله لكارلنغ تنهد وقال :
" قلت له ان الفتاة التي تبحث عنها ليست في الجزيرة على ما أعلم ، ونصحته بألا يضيع المزيد من وقته ويقلق نفسه من أجل فتاة صغيرة حمقاء ، وحذرته أنه في حالة نزوله الى الجزيرة نتعامل معه ونعيده الى وطنه على أول قارب يغادر الجزيرة ."
ونظر اليها في برود وسألها :
" أليس هذا هو ما كنت تريدين مني أن أقوله ؟"
"نعم ."
وشعرت روبين بمزيج من الآلم والارتياح وهي تنظر الى السماء الزرقاء التي يكتظها السحاب . وقالت لنفسها انه فهم مشكلتها ، ولكن أما كان يجب عليه ان يوفر عليها مشقة سرد قصتها .
وقال لها آدم في هدوء :
" كنت أعرف النتيجة ، اذ أخذ كارلنغ يضحك ووافقني على رأيي وعليك أن تعرفي الآن أن هذه هي اللغة التي يفهمها ."
وأحست فجأة بالملل وقال له وهي ترمقه :
"طبعآ ، رجل في مواجهة رجل ، كان عطفآ منك أن تهتم بمشكلتي انني ممتنة جدآ لك ."
وصمت لحظة ثم ابتسم بسخرية و قال :
" أهتم ؟ كم هي كلمة مهذبة وتقليدية ، لا تشغلي بالك في اي حال ، تمت تسوية المشكلة الأولى على الأقل فقالت له في حدة :
"أتقول المشكلة الأولى ؟ تمت تسوية المشكلة الوحيدة فيما يخصني أنا ، حالة التمزق انتهت وهي على وشك أن تنتهي حالما أتمكن من شراء تذكرة السفر ."
وقامت تجمع الملابس التي جفت على الحبل ، وردت اليه شاكرة الملابس التي أعارها اياها ، فأخذها منها وهو يهز رأسه و قال :
" لم تتم تسوية المشكلة كلها بعد يمكنك شراء تذكرة للسفر على أول سفينة تغادر الجزيرة ، ولكن سيتحتم عليك الانتظار لفترة طويلة لأن السفينة التالية لن تصل قبل مضي أثني عشر أسبوعآ ."
"اثنا عشر أسبوعآ ؟ أتعني أنني سأظل ضائعة في الجزيرة لمدة اثني عشر أسبوعآ ، أي أقل من ثلاثة أشهر ، يحسن بنا الآن أن نتناول القهوة هل رأيت ! هناك أشياء أخرى لم تتم تسويتها . وهذه هي البداية فقط ."


نهاية الفصل

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة تمارااا ; 12-01-09 الساعة 08:31 PM
عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 12-01-09, 08:40 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث

آدم و ... حواء!




يا للضياع! في أرض غريبة بدون مال أو وسيلة للرحيل! تلك هي الأبعاد الكاملة لورطتها كما بدت واضحة آخر الأمر جلست روبين وقد انحنى ظهرها وشعرت أنها تضاءلت أمام نفسها وكان ادراكها لهذه الأبعاد سببا في اصابتها بوعكة في المعدة. أصبحت ضائعة ليس فقط لفترة تبدو كالأبدية وفي جزيرة ألزينا التي يبلغ عدد سكانها جميعا عشرة أفراد فقط، وحيث لا توجد أية محلات أو فنادق أو أي مكان يمكنها أن تقيم فيه خلال فترة الأبدية هذه ولكنها وقعت أيضا في مشكلة لا تعرف مداها، ولا يبدو أن لها حلا بسبب المساعدة التي طلبتها من رجل غريب.منتديات ليلاس
ولمس كتفها وهو يقول:
"أعتقد يحسن بنا الخروج لنتمشى، فقد يساعدنا هذا على التفكير."
وتركته يقودها خلال الممر الوعر حتى الشاطئ، حيث أنقذها منذ ساعات قليلة تبدو لها الآن كأنها زمن بعيد.
وقال لها في بطء:
"لم يكن أمامي من بديل سوى أن أتظاهر بأنني أرتبط بك، اذ كانت تلك هي الوسيلة الوحيدة لاقنع أفراد طاقم المحطة بأن سوء فهم قد حدث، وأنك لست الفتاة التي يبحث عنها كارلنغ، وما زلت غير متأكد إذا اقتنعوا فعلا، إلا أن هذا الوضع يتفق مع ما يعرفونه من أن لي خطيبة."
فقالت في تململ:
"يا إلهي، كم يبدو هذا رائعا؛ فأنا لست فقط ضائعة، وإنما أصبحت خطيبة شخص آخر، ماذا أنا فاعلة؟"
" لا أعتقد أن باستطاعتك أن تفعلي شيئا، فأنت هنا وعليك تحقيق أكبر فائدة من هذا الوضع."
فصاحت قائلة:
"نعم، ولكنك كما يبدو، لا تدري معنى هذا، فعلي أن أعيش لمدة ثلاثة أشهر أوفر لنفسي فيها الطعام والمأوى، كما أنني بحاجة إلى ملابسي وليس في حوزتي أي شيء تقريبا. وعلي أن أشتري تلك الأشياء، وان أوفر مبلغا لشراء تذكرة لتلك السفينة حالما تصل، وعلي بعد ذلك أن أعود إلى انكلترا."
وانهارت وقد غلبتها الدموع، وأحست بيده تمسك بها وتهدئ من روعها وهي تصيح:
"ياللعنة، سأظل أياما كالمشلولة العاجزة."
وهزها فجأة وأدارها لتصبح في مواجهته وقال لها:
"أنصتي إلي، لا فائدة من الغضب والسباب، تعالي اجلسي وهدئي من روعك."
ورافقها على طول الشاطئ إلى كتلة خشبية مغروسة في الرمال في مكان يرتفع عن مستوى درجات المد والجزر. وقدم لها سيكارة وأشعل لنفسه أخرى ثم قال:
"المال لن يفيد في هذه الحال، فلو أن كارلنغ بكل ما لديه من ملايين الجنيهات، كان جالسا هنا على الشاطئ وليس معه اليخت الخاص به، فإنه ماكان ليفترق عنك بالمرة، ولأصبح محتما عليه أن ينتظر السفينة التي ترحل به مثلما تفعلين أنت تماما."
ردت عليه في يأس:
"ولكنني لا أستطيع البقاء هنا لمدة ثلاثة أشهر".
"ليس أمامك مجال للاختيار."
هزت رأسها وأخذت ترقب الأمواج العاتية تتكسر فوق الصخور محدثة زبدا كالثلج. أحبت البحر دائما وأحبت وحدة الشاطئ المهجور حيث الحركة الوحيدة تصدر من البحر، والصوت الوحيد أغنية البحر وأصوات الطيور التي تحوم فوقه.
كانت تلتمس الأمان من البحر في تلك الفترات القليلة من حياتها عندما أحست باحتياجها إلى الأمان، وكانت أسعد فترات العطلات تلك التي أمضتها في جزيرة ايغيتا اليونانية حيث كان أبوها يمتلك فيللا، ومنذ وفاة أمها لم تعد إلى تلك الجزيرة على الإطلاق. غير أن الجزيرة الصغيرة الغريبة التي تعيش فيها الآن ليس لها أي سحر، وهي تشعر بالغربة فيها، وليس لديها أي تفسير لذلك، وسألت آدم:
"من غيرك يعيش في الجزيرة بخلاف أفراد طاقم المحطة؟".
"هل سمعت عن هودريك وولف!"
"ذلك الكاتب الفيلسوف، أم أنه شخص آخر؟"
"هو نفسه، يعيش في شمال الجزيرة على بعد نصف ميل تقريبا من المحطة. ويقيم في فيللا لسان أرضي داخل في البحر، أصبحت المنطقة حولها تشبه حظيرة حيوانات، ويعيش معه مراهق مشاكس ومفسد، وأعتقد أنهما لن يرحبا بك."
"لم أكن لأطلب منهما ذلك."
فهز كتفيه بعدم اكتراث وقال لها:
"أحذرك، فمجال الاختيار أمامك محدود، ويقيم في الجزيرة أيضا شخص يشبه أولئك البيض الذين يتسكعون في جزر المحيط الهادئ. وهو يدعي غيفون ، أصيب في الحرب الماضية واستقر أخيرا هنا، وهو يهوى صيد السمك والتسكع لغير غاية ما أو هدف، ويعامله أفراد طاقم المحطة معاملة طيبة جدا."
"ألا يستطيع أحد أن يفعل له شيئا؟"
"وكيف؟"
"بأن يساعده أو يعالجه بالصورة الواجبة في مثل حالته تلك."
"لن يقبل هذا. وهو يريد أن يتركه الناس وحده في سلام، فهو سعيد تماما بحياته."
فردت عليه في عبوس:
"نعم، ولكن لا بد أن يفعل أحد ما شيئا لاعادته إلى وطنه وأهله."
فقال لها آدم في حدة:
"ليس ثمة انسان يمكن أن يقوم بشيء من هذا القبيل، هل ترحبين أنت الآن بأي تدخل في شؤونك؟ ماذا تفعلين لو جاء أحد ما وحاول انتزاعك من الحياة التي تحبينها الآن؟"
"الأمر يختلف، فأنا أعرف ماذا أفعل."
"وهو الشيء نفسه بالنسبة إليه، وليس هناك أي فرق."
"كلا ربما يكون هناك فرق."
وأضافت تقول بلهجة لاذعة:
"ولكنني لا أستطيع البقاء هنا، أي الإقامة معك لمدة ثلاثة أشهر."
"انه المجال الوحيد المتاح أمامك للاختيار-شئت أم أبيت، فأنا الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يهيء لك المأوى، ويهيء لك أيضا عملا بسيطا حتى يمكنك توفير ما لديك الآن من مال فسوف يفيدك فيما بعد."
وسألته وهي لا تعرف ما إذا كان جادا فعلا:
"وأي نوع من العمل أؤديه؟"
"إنني في حاجة إلى من يساعدني في إعداد الأفلام وتدوين البيانات."
"ولكنني لا أفهم شيئا من مبادئ التصوير الفوتوغرافي."
"يمكنك أن تتعلمي ذلك."
"نعم، ولكن هذا مستحيل، ولا يمكنك أن تكون جادا."
وأخذت تنظر إليه في تشكك وهي تتلمس من ملامحه ما يقنعها وقالت له:
"أعلم انك تبذل جهدك لمساعدتي ولكن... ما الذي ستقوله خطيبتك لا شك جال هذا الهاجس في خاطرك."
فقطب جبينه وقال لها:
"كانت لي خطيبة، ولكنها أصبحت الآن في خبر كان."
فنظرت إليه في دهشة ولزمت الصمت في حين أخذت الأفكار اليائسة تدور في رأسها وهي لا تجد حلا لمشكلتها، فهي لا تستطيع أن تقيم مع آدم غرانت، ولا تستطيع الاقامة في محطة الأرصاد الجوية، فإلى أين تذهب؟ وفجأة لمعت أمام عينيها فكرة مثل ضوء يغشى البصر، فقالت لىدم وهي تشعر كأنها انتصرت:
"محطة الأرصاد يمكنها أن تبعث برسالة لاسلكية إلى أي جهة لكي تنتشلني من هذه الجزيرة."
"آسف، ألا تظنين أنني كنت سأقترح ذلك لو كان مجديا، لا يمكن استدعاء سفينة تبعد مئات الأميال عن هذا المكان إلا في الحالات الطارئة."
"ولكن هذه الحالة طارئة؟"
"كلا، إنها ليست مسألة حياة أو موت."
كانت لهجته الحاسمة كسيل من ماء مثلج ينهمر فوق رأسها، وأدركت أنه صادق فعلا فيما يقول. فالمحنة التي وقعت فيها لا تتوفر فيها الشروط التي تجعل منها حالة طارئة، كما أنها غادرت يخت كارلنغج بمحض إرادتها، ولايمكنها أن تلوم إلا نفسها بالنسبة إلى أي عواقب تترتب على هذا.
ووقف أدم غرانت وقال لها أن أمامها وقتا طويلا لتقتنع بالفكرة، وعليها أن تكف عن المعارضة، وسألها إذا كانت تستطيع طهو طعام الغداء الذي حان وقته. فقالت في تردد:
"لا أعرف، نعم أعتقد أنني أستطيع..."
"أتوقع منك أن تصبحي مفيدة."
ولم يكن أمامها سوى اطاعة ما يأمها به، كما لم يكن أمامها أي بديل آخر للاقتراح الذي ذكره لها آدم غرانت. ولم يكن هناك أي سبب للاعتقاد بأن غرانت كذب عليها فيما يتعلق بالخدمات المتاحة في الجزيرة كما أنه لا يمكن أن يكون قد تطلع إليها كرفيقة يعايشها كي يستمتع بسحرها.
وذهبت لإعداد الطعام، لكنها عندما لاحظت نظراته اللاذعة اختارت أهون الطرق، وفتحت إحدى علب اللحم المحفوظ وقامت بقلي اللحم في الزبدة، وفتحت علبة فاكهة محفوظة وأخذت تراقبه أثناء تناول الطعام، وضايقها أنه لم يصدر عنه أي تعقيب حتى تهب للدفاع عن نفسها. وقالت لنفسها أنه ما من أحد يستطيع أن يطهو أي شيء بصورة جيدة بدون الاستعانة بالمواقد والأفران المزودة بعدادات لضبط الحرارة ، وبدون أن تتوفر له الخلاطات والكثير من البيض، فالطهو أصبح علما، ولاحظت أن آدم غرانت أخذ يضحك وقال لها انها لا شك كانت طفلة مدللة، وانها سوف تتحسن بمزيد من التدريب، فقالت له:
"هذا إذا كنت سأمكث هنا لأتدرب."
فقال لها انها ستمكث هنا. وطلب منها أن تخرج بعد الظهر لتستكشف المنطقة المحيطة بالبيت. واشار عليها بأن تسير قرب الشاطئ وألا تسلك الطريق المؤدية إلى أعلى التل، ويمكنها أن تصل إلى المحطة بعد حوالي ميل ونصف الميل. وقال انه لو كان لديها المزيد من النشاط فيمكنها أن تصعد إلى المنطقة التي يقيم فيها رولف. وأضاف قائلا:
"سوف أرافقك لمشاهدة الملاذ الذي تأوي إليه الطيور، فالطريق بعيدة وشديدة الوعورة، لا يمكنك الذهاب إليها سيرا على قدميك."
وخرج آدم غرانت بدون أن يذكر لها شيئا عن المكان الذي ينوي التوجه اليه أو عن موعد عودته، وبدأت الأفكار اليائسة تتملكها من جديد وهي تتذكر أن عليها قضاء ثلاثة أشهر في تلك الجزيرة المهجورة، وما كانت لتصبح كذلك لو كانت نصف متحضرة أو كانت فيها امرأة أخرى يمكنها أن تبثها شكواها وتثق بها. وطاف بخاطرها آدم غرانت... وهزت رأسها، فهو لا يصلح لهذا الدور، وهو رجل غامض يخفي في صدره سرا ما برغم أنه من جانب آخر يميل إلى الدعابة وله روح مرحة، وفجأة قررت الموافقة على اقتراحه والخروج للتعرف على الجزيرة، ها هي الشمس ساطعة، والهواء المنعش يلطف من درجة حرارة الجو التي لا يمكن أن تكون في قسوة الحرارة التي شهدتها في باناما، وبعد قليل اختفى المنزل عن بصرها، ولاحظت الطريق الملتوية المؤدية إلى المنزل، وهو الطريق الذي يختفي وسط أشجار الغابة ثم يعود إلى الظهور من جديد، وعن يسارها وأمامها رأت البحر الممتد كما رأت شجر البلوط وسقوف الأبنية التي لابد أن تكون خاصة بمحطة الرصد، الا انه يبدو أن آدم غرانت أخطأ عندما قال لها أن المحطة تبعد مسافة ميل ونصف تقريبا، لأنها تقترب الآن من النتؤ الجبلي الداخل في البحر،
ومازال أمامها خليج فسيح يظهر وراءه برج المحطة.
واتخذت من أشجار البلوط معالم تسترشد بها حتى وصلت إلى بداية الخليج برماله الصفراء، فتركت الطريق التي سلكتها وعرجت إلى شاطئ الخليج، ومن هناك ظهرت لها معالم المنطقة بوضوح بما في ذلك المسكن الصغير الذي يكاد يختفي وراء الجانب المحمي من الرياح في اللسان الأرضي الداخل في البحر، ويبدو انه مسكن ذلك الشخص الذي يهوى التسكع لغير ما غاية او هدف.
وعند حافة الشاطئ شاهدت قاربا مقلوبا، وبالقرب منه مخلفات علب من الصفيح ومواد أخرى تشير إلى أنه كانت تجري هنا عملية لاصلاح القارب لكن لا يبدو أي أثر لمالك القارب، واتجه اهتمامها بعد ذلك إلى المسكن فوق الصخرة، وكان يبدو كالمهجور ويمكن الوصول إليه من الطريق العلوية، وصعدت إلى أعلى ثم توقفت لاهثة، وأخذت تمسح الخدوش التي أصابتها أثناء صعودها وشهدت النباتات الخضراء والزهور الممتدة بجانب الصخرة. واقتربت من سور أبيض يحيط بحديقة واسعة ومنسقة بطريقة أدهشتها، لكنها ترددت في دخولها خشية ألا تقابل بالترحيب، ورأت الفيللا وسط الحديقة وهي مبنية من خشب الأناناس وتحيط بها أشجار الأناناس، وقد طلي سقف الفيللا باللون الأخضر الداكن، وذلك فيما يبدو نوع التمويه الذي لا يبعث على الإحساس بالود والارتياح.
ولم يكن منظر الفيللا وحده هو الذي لا يبعث على الارتياح، فقد أخذت السحب المقبلة من الغرب تتجمع، وبدأ البحر يكتسب اللون الرمادي، وهنا قام رجل مسن ذو لحية يختلط فيها الشعر الأبيض والأسود بفتح باب الفيللا، وما أن لمح روبين حتى أوصد الباب مرة أخرى، وفي تلك اللحظة بدأ المطر يتساقط ثم ينهمر بشدة، فاحتمت روبين تحت الأشجار وهي تصب لعناتها، ولكن مياه الأمطار الناجمة عن عاصفة شبه استوائية بللتها تماما، ولم تكن معها أية سترة أو رداء يقيها المطر، وعندها بدأت السماء تبرق وترعد اضطرت إلى الخروج من وسط الأشجار، وأخذت تعدو في العراء في طريق العودة وهي تبدي سخطها وامتعاضها من ذلك الرجل داخل الفيللا الذي لا بد علم بأن العاصفة داهمتها، وبرغم ذلك أغلق الباب بدون أن يعبأ بها فلا عجب اذا أن يحذرها آدم غرانت أنها لن تلقى الترحيب في تلك المنطقة. وأخذت تسرع وهي تعزي نفسها بأنها سوف تغتسل عندما تعود وترتدي أحسن ما عندها من مجموعة الملابس الكثيرة لديها، ولكنها تذكرت فجأة بأنه ليس لديها شيء وأن هذه ستكون أكبر مشكلة تواجهها.
وفجأة سمعت صوتا يناديها، فالتفتت لتجده توني ستيفنز يسرع نحوها وهو يلوح بيده، ولحق بها وأمسك بذراعها وهو يقول لها:
"لا يمكنك أن تشقي طريقك عائدة إلى البيت في مثل هذا الجو."
وخلع معطفه الواقي من المطر ووضعه على كتفيها غير عابئ، باحتجاجها وقال لها:
"رأيتك تهبطين من الفيللا، وحاولت أن ألفت انتباهك ولكنك كنت على مسافة بعيدة مني...أين آدم؟"
فهزت كتفيها وقالت له أنها خرجت وحدها تستكشف الجزيرة، وحكت له عن الرجل الذي الذي أغلق باب الفيللا في وجهها، فضحك توني وقال لها أنه يعرفه فهو يدعى هودريك المسن، وان كان يحب ان يدعى وولف فهو مثل كلب الحراسة الأصيل المعروف بهذا الإسم والذي لا يجارى في براعته، وصحبها توني إلى مبنى أبيض مواجه للشاطئ مباشرة ودعاها للدخول لتناول مشروب، وفي الداخل وجدت قاعة كبيرة مليئة بالموائد والكراسي وفجأة وجدت نفسها محاطة بمجموعة من الرجال، فأخذ توني المعطف عن كتفيها وقال لهؤلاء الرجال:
"ارجعوا فأنا الذي وجدتها أولا!"
فرد عليه صوت عميق في جفاف قائلا:
"وهل تريد أن تغرقها أنت أولا؟"
وطلب أحدهم من بقية الرجال أن يذهب كل منهم لشأنه، فلاذوا بالصمت، وأحست روبين بأن هذا الرجل ذو شخصية قوية وله سلطة عليهم. انه لا يطاول غرانت في قامته ولكنه عريض المنكبين وله عينان زرقاوان وفم عريض، ويبلغ من العمر أربعين عاما تقريبا. ابتسم لها ومد يده لمصافحتها قائلا انه يدعى مارك ثورنتون، وأحست بالاعجاب نحوه فهو يتصرف بطريقة انسانية، وهو الشخص الوحيد الذي يمكنها التحدث إليه في هذا العالم. واعتذر لها عما بدر من هؤلاء الرجال الذين لم يوا أية فتاة منذ شهور عدة.
ودعا ثورتون أحد العاملين في المبنى لاحضار رداء ترتديه روبين ريثما يتم غسل ملابسها وتجفيفها. وجاء الرداء في مقاس جسمها. وأثناء انتظار غسل ملابسها توثقت علاقتها بثورنتون، لدرجة أنها أصبحت تناديه مارك وأحست أنها كانت تعرفه منذ وقت بعيد. حدثها قليلا عن نظام العمل في محطة الرصد، وأخبرها بأن أمه كانت انكليزية وأنه زار انكلترا لأول مرة العام السابق وعندما ذكر لها أن أمه عاشت في البلدة الصغيرة التي ولدت فيها أم روبين، بدا ذلك كأنه اكتشاف لعلاقة ظلت مفقودة فترة طويلة.
وقال لها:
"لو علمنا بأنك ستحضرين للحاق بآدم لأعددنا برنامجا لاستقبالك."
وأشار إلى أن الشاب هولرد لديه قيثارة يعزف عليها، وابتسم وقال لها انه مغتبط لأنها قررت المجيء من أجل صالحها وصالح آدم فليس من الملائم أن يعزل الإنسان نفسه. وأضاف قائلا انه مازال يعتقد أن جزيرة ألزينا هي آخر مكان كان يجب أن يقع اختيار آدم عليه، برغم ذلك فانه يتمنى لها إقامة طيبة في الجزيرة.
وأحست روبين بأنه مازال هناك الشيء الكثير الذي لا تعرفه عن آدم غرانت. وتملكتها رغبة في أن تروي قصتها كلها لمارك ثورنتون الذي لابد أن يتفهمها، مما سيؤدي إلى تحرك الأمور بصورة مختلفة. فهي مازالت تشك في أن الخروج من ألزينا أمر مستحيل مثلما أقنعها آدم، واعتقدت أن مارك ثورنتون يمكنه أن يجد لها مخرجا، ولكنها ترددت في الإقدام على هذا لأنها أحست بأنها انما تخون بذلك الرجل الذي مد لها يد المساعدة.
وقال لها مارك أن ألزينا أصبحت تشبه صومعة الناسك، كما أنها ملاذ تأوي إليه الطيور. وفي إمكانها أن تحضر إلى هذا المكان في أي وقت هي وآدم اذا ما شعرا بالملل، كما أن في استطاعتك المجيء للحصول على أي شيء تحتاجان إليه. فشكرته كثيرا وقالت له:
"عندما أنتهي من اعادة تنظيم البيت يمكنكم الحضور لتناول طعام العشاء معنا، ولكن عليكم باحضار المقاعد معكم."
"وسأحضر طعام العشاء أيضا إن كنت..."
وتوقف مارك عن الكلام عندما فتح الباب ودخل منه آدم غرانت الذي رمق روبين بسرعة، وقال لها:
"توقعت مجيئك إلى هذا المكان."
ووجه آدم التحية إلى مارك ثم سأله إذا كانت لديه قطارة للعين لأن أحد الطيور أصيب اصابة طفيفة، فنادى مارك على هوارد وطلب منه إحضار قطارة من المخازن الطبية، ونهضت روبين في تراخ وكأنها لا تريد ترك تلك الصحبة اللطيفة، ولاحظت أن ملابسها تم إحضارها بعد تنظيفها وكيها وبدأت تستعد لخلع الرداء الذي أعاره مارك لها لترتدي ملابسها، ولكن مارك قال لها:
"لا تشغلي بالك بهذا، فالرداء مناسب لك ويبدو متناسقا ومقاسه مضبوط عليك، وأتساءل لماذا لا يبدو هذا الرداء بمثل هذا الجمال عندما يلبسه هوارد صاحب الرداء؟"
واستمتعت روبين بنظرة الإعجاب التي أبداها مارك نحوها، ولكن آدم لم يبتسم لدعابة مارك، كما لم يبتسم عندما أضاف مارك قائلا لروبين:
"لا داعي لإعادة الرداء سوف تحتاجين اليه في اعداد طعام العشاء!"
وبعد مضي دقيقة تقريبا كانت روبين تجلس بجوار آدم في سيارة الجيب وهي تحمل ملابسها فوق ذراعها، وتمسك بيدها لفافة صغيرة فيها قطارات طبية للعين، ونظرت إلى آدم قائلة:
"داهمتني العاصفة."
"وحدث لي الشيء نفسه."
وأخذت السيارة تهتز بعنف وهي تشق طريقها، وعندما روت له روبين كيف أوصد ذلك الكهل الفظ الباب في وجهها لم يعقب آدم بشيء، فقالت له:
"انني افزع من العواصف، كما لم آخذ معي سترة أو أي شيء من هذا القبيل."
"علمت بهذا."
فضمت روبين شفتيها وقد أحست بأن آدم يشعر بأنها بدأت تميل إلى مارك وقالت له في تحد:
"أنا معجبة بمارك، فله شخصية جذابة."
"شعرت بهذا، ولكن للأسف فهو متزوج وله طفلان، كما أنه يكبرك بعشرين عاما."
فردت عليه في غضب:
"كيف تجرؤ على هذا القول؟ لم أتعرف عليه إلا من نصف ساعة، كيف تفكر بهذه العقلية؟"
"انني أفكر بعقلية منطقية تستطيع إدراك ماهو أبعد من طرف أنفي."
"وبأي حق تفعل..."
"سوف نتحدث عن هذا فيما بعد."
ودار بالسيارة في المنحنى المؤدي إلى داخل الغابة، وتعبيرات وجهه تتسم بالجمود والبرد، وقال لها:
"لدي الكثير اقوله لك في هذا الشأن، ولكن من الأفضل أن أقوله في وقت لا تكونين فيه مهيأة لأن يجتاحك الغضب الشديد في اللحظة التي أحدثك فيها عن أمر كان أجدر بك أن تدركيه من تلقاء نفسك.."
"ولكن ما الذي فعلته؟ أعتقد أن من حقي أن أغضب في أي وقت أشاء، وانني لا أرى..."
وقاطعها قائلا:
"حسنا، وفري هذا الكلام لما بعد، فلديك عمل أهم من هذا."
واقترب من المنحدر المعشوشب المؤدي إلى البيت وأوقف السيارة وطلب منها أن تتبعه في هدوء لئلا تفزع فرخ طائر بنى عشه وسط الأعشاب فتبعته وهي في حيرة من أمرها، ودار حول البيت ثم أشار إلى وعاء قديم مفروش بأوراق الشجر، وسمعت صوت جناحين يصفقان وصياحا حادا مذعورا،وانحنى ليرفع بيديه ذلك الفرخ الذي نمت ريشه منذ وقت قصير في حين نسيت روبين كل شيء وتملكها شعور طبيعي بالحنان، وانحنت نحوه، لكنها تراجعت بسرعة عندما أخذ يصفق بجناحيه في ذعر. وسألته عنه فقال لها:
"انه الطائر المحاكي الذي يقلد الطيور الأخرى، عثرت عليه بعد ظهر اليوم وأصيبت إحدى ساقيه بتشويه، وأعتقد أن هذه الساق أصبحت مفقودة."
"ألا يستطيع التحليق في الجو؟"
" ليس بعد، ولكنه يستطيع إذا تمكنا من تغذيته."
"مسكين هذا الطائر الصغير، ألهذا السبب ذهبت لإحضار القطارة الطبية؟"
فقال لها في رقة وعلى شفتيه لمحة تهكم وهو يرقب تعبير الحنان الذي بدا عليها:
"نعم، واعتقدت أن هذا سوف يحرك فيك مشاعر الحنان الأنثوي الحقيقي."
"ليس هناك ما يخجل في ابداء العطف نحو مخلوق ضعيف، وفي أي حال أشفقت أنت نفسك عليه."
"نعم، هو كذلك."
ووضع الطائر برفق فوق فراشه المكون من ورق الشجر وقال لها:
"سوف نعد له شيئا يأكله."
وقام آدم بوضع كسرات من الخبز في وعاء يحتوي حليبا، وتعاون مع روبين في إطعامه برقة حتى لا يغص حلقه، وقال لها انه سيصبح قادرا على الطيران خلال أسبوع أو عشرة أيام. ووضعه في فراشه وهو يرفرف بجناحيه.
وقامت روبين بمداعبة الطائر الصغير ودهشت عندما استجاب لمداعبتها في الحال بتغريده الجميل، فقال لها آدم:
"سوف يقلد صوتك بعد فترة غير طويلة، انه من الطيور اللطيفة المسلية، حسنا هل أنت مستعدة للقيام بتلك المهمة؟"
"أتقصد رعاية هذا الطائر؟ طبعا، ولكن هل أنت متأكد من عدم وجود قطط بالقرب من هذا المكان؟"
"لا توجد أي قطط في الجزيرة كلها، وفي الليل سوف أضعه في هذا الكوخ حتى يكون في مأمن."
وانشغلت روبين تماما منذ ذلك الحين بالطائر المحاكي، وأخذت تتفقده كل خمس دقائق وتطعمه كل ساعة بالطريقة التي شرحها لها آدم، وعندما غربت الشمس قام آدم بوضع الطائر في الكوخ الصغير المقام خلف المسكن، وكان يستخدم في تخزين الوقود ومختلف المواد المنزلية. وجمع بعض الأغصان الصغيرة ونفضها فوق ورقة لتنزل منها عدة حشرات متنوعة، قام بخلطها في الماء وقدمها للطائر، وقال لروبين أن الحليب والخبز لا يصلحان كطعام للطائر، فهو يحتاج إلى غذائه الطبيعي، وجذبها من ذراعها وقال لها:
"هيا بنا نتمشى على الشاطئ قبل تناول طعام العشاء."
لم يعد هناك أي أثر للعاصفة التي داهمت الجزيرة بعد الظهر، وأصبحت صفحة البحر هادئى تماما، وتحولت الرياح إلى نسيم رقيق يداعب الأكتاف كهمسات الحرير، وأخذ طائر وحيد من نوع الفرقاط الذي يلتهم طعام الطيور الأخرى يحلق على ارتفاع شاهق وهو يسبح بجناحيه الهائلين في سهولة ويسر، وانحسرت مياه المد بعدما غسلت رمال الشاطئ التي أكسبتها الشمس الغاربة لونا ذهبيا ناريا، وأخذ غرانت وروبين يمشيان على الشاطئ الشرقي بدون أن ينبسا ببنت شفة، وأخذ كل منهما يسبقه ظله الذي استطال بفعل الشمس الغاربة.
وبعد قليل أحست روبين بأنفاسها تتقطع لا بسبب الاجهاد وانما بسبب التوتر الناجم عن صمت الرجل الذي يسير إلى جوارها، وتذكرت فجأة تلك التلميحات المحيرة التي جاءت في كلام مارك ثورنتون لها بعد ظهر اليوم، وكذلك تذكرت بعض المظاهر الطفيفة التي لمستها خلال الفترة القصيرة التي عرفت فيها آدم غرانت، من المستحيل ألا يتملكها حب الاستطلاع لمعرفة كنه هذا الرجل، وألا تتكهن بمن يكون ومن أي مجتمع جاء ليحيا في تلك الجزيرة النائية، وتذكرت شكل يديه وهما تحملان الطائر المحاكي وهو يقدمه لها لتراه، انهمت أجمل من أن تكونا يدي رجل، وليست فيهما أي ملامح للخشونة توحي بأنه يؤدي عملا يدويا، انهما في الغالب يدا جرّاح... وأخذت تسأل نفسها إذا كان غرانت جراحا ارتكب غلطة؟ قد يكون هذا هو الرد الكلائم على تساؤلاتها، رغم إن آدم غرانت ليس كما يبدو من النوع الذي يرتكب الأخطاء وتوجد أسفل معصمه خطوط باهتة ودقيقة وفي يده اليمنى ندبة من جرح قديم كادت تتلاشى تماما , ولكن مالذي يسبب له ذلك الشعور الدفين بالمرارة الذي يحس به , هل فسخ الخطوبة هو السبب ؟ أم أن هناك سبب آخر أشد قسوة ؟ لن تسأله مطلقا عن السبب . ولكن هل يفصح هو نفسه عن ذلك السبب ؟؟
وعندما طالت فترة الصمت توقف آدم فجأة ودار ليصبح في مواجهة روبين وبدون أي مقدمات فاجأها بقولة :
( روبين , أريد الزواج منك )
وبدا أن عجلة الزمن توقفت ثم بدأت تدور في عنف وسرعة حول الهالة الضوئية المحيطة بروبين وهي تحاول أن تتأكد إذا كان آدم غرانت قد تفوه فعلا بتلك الكلمات أو أنها كانت تحلم , ربما كان الأمر كله مجرد حلم .....
وقال لها :
( كلا إنني لم أصب بالجنون , سمعت ماقلته لك ..)
وتنهد وهز رأسه وأضاف قوله :
( لا تقولي شيئا , علينا الجلوس وسوف أشرح لك كل شئ )
وأمسك ذراعها في لفتة تبدو طبيعية تماما , ولكنها هذه المرة جعلت الدفء يسري كالنار في جسمها , واتجه بها نحو الكتلة الخشبية التي جلسا عليها ذات صباح ... أكان ذلك صباح اليوم ... الأمر يبدو لها وكأن زمنا طويلا مر منذ ذلك الحين .. وقدم لها سيكارة وأشعلها ثم قال لها في هدوء :
( ظللت أفكر في الأمر مليا , وأعتقد أن هذا هو السبيل الوحيد ...)
فقالت وقد أتسعت عيناها وهما تشعان ببريق ينم عن الشعور بالدهشة :
( أن أتزوجك ؟)
وهزت رأسها وهي تحاول أن تضحك وقالت :
( آدم , لايمكن أن تكون جادا فيما تقول )
( هذه أول مرة تنطقين فيها بأسمي )
( كان يجب أن أدرك هذا تقدمت لي بإقتراح غريب جدا بعد مضي أربع وعشرين ساعة فقط على تعارفنا )
( وأنا أعني ما أقول , ولست ممن يندفع في تصرف أحمق , روبين أنصتي لي , الظروف تتطلب هذا إن كنت ستعيشين معي لفترة ثلاثة أشهر , وإنني ..... )
( ولكنني لا أعيش معك , وإنما أنا .....)
( إنك تقيمين معي , إنه فرق بسيط في المعنى , ولكن المفهوم واحد , أو هو يبدو كذلك بالنسبة للعالم من حولنا )
( .. أنتظر لحظة ....)
وابتعدت عنه وهي مدركة أنه مازال غريبا عنها , وأضافت قائلة :
( أريد أن يكون الأمر واضحا , أي فرق في المعنى ذلك الذي تتحدث عنه ؟ لو كانت في رأسك أية أفكار ملتوية ....)
فرفع يده وقال في حدة :
( إما أنتي إنسان غير قادر على التعبير عن نفسه , أو أن إدراكك للأمور ضعيف , هدئي من روعك , فأنا لا أتبع خطا ملتويا , مالم يكن احترام سمعة فتاة يعتبر الآن من الأمور الملتوية .. )
( أنه يعتبر كذلك في بعض الأوساط , ولكن الزواج هو بمثابة تطرف في إبداء الاحترام .)
واسترخت قليلا , وأضافت قائلة :
( وإلى جانب هذا العالم بعيدا عنا , فمن الذي سيعرف , ومن الذي سيهتم , ولست ممن يهتمون بما يجول في رؤوس الناس من شكوك )
( ربما لا تعبأين أنت ,ولكنني أعبأ بهذا ,وسوف يعود كلانا إلى الوطن آخر الأمر)
( وماذا في هذا ؟ على أي حال هناك كثيرون لديهم مديرات يشرفن على بيوتهم ,أو
اناث يعملن ويقمن معهم، فأي فرق في هذا ؟"
"أنت."
فقالت له في دهشة:
"أنا؟ انني لا أفهم."
"أولا أنت في رأيي بحاجة إلى من يرعاك إلى أن تعيدي تنظيم حياتك المرتبكة، وعلى هذا فسوف تمكثين معي إلى ان تعود إلى انكلترا، وتبقين معي بعد ذلك لبعض الوقت إلى أن تتكيفي مع الوضع الجديد بعد فقدانك لأبيك، وفقدانك لذلك النمط من المعيشة الذي كنت تحبينه."
وهز كتفيه قائلا:
"وما يأتي بعد هذا سوف نواجهه في حينه."
"ما زلت لا أصدق أنك جاد في هذا، ولكن حتى لو كنت جادا فالأمر مستحيل، فنحن لا يعرف أحدنا الآخر، ناهيك عن أن..."
"أن يحب كل منا الآخر، أليس كذلك؟"
فردت عليه وهي تحاول الاستخفاف:
"حسنا، إنه لأمر جرى عليه العرف قبل أن يفكر المرء في الزواج."
فقال لها وقد اكتسب صوته بعضا من الخشونة:
"انني لادهش أحيانا لأن فترة الثلاثة أشهر التي أمضيتها هنا في عزلة انفرادية غيرت نظرتي إلى الأمور. فأنا الآن أنظر في تشكك إلى أساليب المجاملات الزائفة التي يشغل بها الناس أنفسهم. فتقديم الهدايا من الفراء الفاخر والحلي انما يعبر فقط عن الجانب الحسن من شخصية أحد الأفراد ثم تتضح الحقيقة المريرة بعد فوات الأوان، وانني اعتقد أن شخصين تتوفر فيهما الارادة ويخلص كل منهما للآخر، يمكنهما اقامة حياة مشتركة أكثر مدعاة للرضى، وعلى أساس أكثر رسوخا من تلك الحياة التي تقوم على الجاذبية البدنية."
"كلامك واضح، واستنتج منه أنك لا تؤمن بالحب، أو تراك تعرضت لصدمة شديدة في حياتك؟"
"ألم يحدث هذا لك أنت؟"
ولاذت بالصمت، فقال لها في هدوء:
"هذا الرجل الذي ذكرته، هل كنت مخطوبة له، وهل كنت تحبينه؟"
"لست متأكدة من هذا."
وترددت وأخذت تنظر إلى يديها وهما تتلويان وقالت:
"كنت أعتقد هذا، ولكن عندما تمت الخطوبة، بدأت الأمور كلها تسير في الاتجاه المعاكس، وبدأ يتهرب مني ويتركمي وحدي، ولم أكن أدرك أنه متبرم بهذا الارتباط، وقال لي انه سيتيح لي الوقت للتدبر والتفكير في الأمر و..."
وتوقفت عن الكلام وهي تحاول ترطيب حلقها الذي جف، ومضت تقول:
"وترك الأمر لشخص آخر لكي يبلغني بالحقيقة، كانت هناك فتاة أخرى في حياته وكان يشاهد معها في كل مكان، وعندئذ رددت اليه خاتم الخطوبة وأبلغته بأنني لا أريد رؤيته مرة أخرى. وفي ذلك الحين قابلت كارلنغ، وباقي القصة أنت تعرفه."
"أتعتقدين أنك كنت ستسعدين معه؟"
فالتوت شفتاها في مرارة وقالت:
"أتقصد إذا كنت تزوجته؟ أتريد حقا معرفة الإجابة؟"
"في الواقع لا أريد."
ومال إلى الأمام وهو ينظر إلى البحر الذي لفه الظلام وسألها:
"قولي لي يا روبين، ما الذي تتطلعين للعودة إليه؟"
"انك لست في حاجة إلى الاجابة على هذا السؤال أيضا."
"لنفترض أنك تتطلعين في اتجاه آخر."
"أتقصد العلاقة التجريبية التي اقترحتها منذ قليل؟"
"ولم لا؟ إنها ستحل مشكلة؟"
" وتنجم عنها مشكلات أخرى كثيرة."
وسألها باستغراب:
"انك معجبة بمارك ثورنتون، أليس كذلك؟"
"وما دخل هذا فيما نتحدث عنه؟"
"له دخل بكل شيء، فأنت لا تدركين أنك تتطلعين إلى شخصية تحل محل أبيك الذي فقدته، ولهذا منحت ثقتك لكارلنغ، والآن سيلبي مارك ثورنتون حاجتك في ترحيب."
فردت في حرارة:
"هذا شيء مضحك، فأنا لم أفكر في شيء من هذا القبيل."
"أعلم أنك لم تفكري في هذا، ولكنك اذا مكثت هنا ثلاثة أشهر بدون أي ارتباط فسوف ترتبطين به عاطفيا في القريب العاجل، فهذا أمر لا يمكن تجنبه، ناهيك عما يمكن أن يحدث أيضا بالنسبة إلى ستيفنز وروري تريهيرن."
"لم أقابل تريهيرن."
"سوف تقابلينه، وانت تعرفين ما الذي ينتظرك في نهاية الشهور الثلاثة: قلب محطم بدون أن تجدي ما يعوضك سوى الأمل في أن تبدأي حياتك من جديد، وانت تحملين على كتفيك حملا ثقيلا من مشاعر الرثاء لحالك."
قالت له في حدة انها سمعت منه أغرب اقتراح على الإطلاق. وبدا عليها أنها لا تريد الاعتراف بالشكوك التي غرسها في نفسها، وبالمخاوف التي أثارها فيها وهو يصور لها الواقع الذي لا تريد الاعتراف به، وأضافت قائلة:
"كم هو رقيق منك أن تقول لفتاة انها تعيش الحياة وهي تعطف على نفسها وترثي لحالها.!"
فرد عليها في هدوء قائلا:
"انني عندما أبدي الحنان والمحبة نحوك فانني صادق في مشاعري، وكل منا لا يعرف الكثير عن الآخر، ولكن كل منا عرف في الآخر شخصيته الحقيقية وليست الواجهة المنمقة لشخصيته، ولم تكن هناك أي مناسبة لتقديم الهدايا التي سرعان ما يضيع تأثيرها مثل العطر الرخيص."
"لم تقل لي الكثير عن حياتك، فلا بد أن شيئا ما جعلك تدير ظهرك للعالم، هل تلك الفتاة هي وحدها السبب في ذلك؟"
"ليست تلك الفتاة هي السبب الوحيد، وسوف أحكي لك قصتي يوما ما."
"ولم لا تحكي الآن؟"
"أريد ردك أولا، قبل أن يأتي الرد متأثرا بمشاعر الشفقة نحوي."
"أليس هذا-أي شعورك بالشفقة نحوي- هو الدافع نفسه وراء اقتراحك غير العادي؟"
"كلا، فأنت في عنفوان الشباب وتتمتعين بالجاذبية الشديدة، وما كنت لأطلب منك الزواج مني ان لم تكن لدي رغبة في ذلك."
فقالت له وقد أعيتها الحيل:
"ولكنك لا تعرفني."
"وهذا أفضل.."
وتحرك وأخرج علبة سكائره وقال لها:
"ولكننا بهذا النقاش بدأنا ندور من جديد في الحلقة المفرغة نفسها، أمامك قليل من الوقت لتفكري في الأمر، وتفكري أيضا فيما سوف يعنيه رفضك."
وعضت شفتها وهي تفتح بابا جديدا للنقاش وتحاول أن تكيف نفسها مع موقف أفلت من يدها على ما يبدو، وخطر لها فكرة، ثم قالت له وعيناها تشعان ببريق الانتصار:
"اذا افترضنا أنني وافقت، فلن نستطيع الزواج، فليست هناك كنيسة، وليس هناك موثق لعقد الزواج، لا شيء هنا بالمرة."
"فكرت في هذا الأمر، وأعتقد أن المبدأ، الذي يطبق فوق السفينة يصلح للتطبيق في جزيرة ألزينا، فربان السفينة يمكنه أن يبرم عقود الزواج وأن يشرف على عملية دفن الموتى في البحر، وهنا يعتبر اللفتانت ثورنتون هو حاكم الجزيرة التي تملكها بريطانيا وتعيرها الولايات المتحدة التي تستخدمها في أغراض الأرصاد الجوية، وفي غيبة أي سلطات أخرى مسؤولة فانه يصبح مسؤولا عن أي معاملات رسمية، بما في ذلك، كما أعتقد في مثل هذه الظروف، اجراء طقوس الزواج."
"وهذا سيجعلنا نقع غالبا في ورطة قانونية عندما نعود إلى انكلترا."
"لن أقول رأيي في هذا الشأن، ولككني مصمم على ألا أدع هذا يقف عقبة في سبيلنا."
فقالت وقد تملكتها الدهشة:
"إنك تبدو شديد الإصرار على الزواج."
فأخذ يتمتم وكأنما يحدث نفسه وقال:
"نعم، وانه لشيء رائع أن تكون لدى المرء الرغبة في التصدي للعقبات، ومع هذا فهناك شيء آخر أشعر أنه ربما يسبب لك قلقا دفينا، رغم أنني غير متأكد من هذا."
ووقف ووضع القداحة في جيبه وأضاف قائلا:
"اعلمي أنني أحترم الأنثوية في مسائل الحب والحنان، واذا انت قررت الزواج مني فسوف تكونين حرة في تحديد مدى التقدم الذي تحققينه في مجال العلاقة المبدأية بيننا، وأنت كزوجة لي سوف تحملين اسمي، وتنالين احترامي ورفقتي واخلاصي أيضا، ولكنني لا أريد مطلقا انتزاع الحب سرا بدون رغبة من الطرف الآخر، هل فهمت ما أعنيه؟"
فردت بصوت خفيض:
"نعم."
"حسنا."
واقترب منها وأمسك بيدها وجلبها حتى نهضت واقفة، وسارا بخطى بطيئة في طريق العودة على طول الشاطئ الذي خيم فوقه الظلام، ولزم الصمت في طريق العودة مثلما فعل عندما خرجا في البداية، وهو ما لقي ارتياحا شديدا من روبين،
ولأول مرة منذ ستة أشهر أحست روبين بأن ذهنها أصبح خاليا تماما من الذكريات الأليمة والمريرة، فالرجل الذي مازال غريبا عنها تماما شغل كل فكرها، ونحّى من ذهنها جانبا كل الأشياء والأشخاص، ولم تبذل هي أدنى جهد لتتخلص من هذا الذي يشغل بالها ويقتحم عليها حياتها في تصميم واصرار.

انتهى الفصل

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
قديم 12-01-09, 08:46 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 33834
المشاركات: 1,230
الجنس أنثى
معدل التقييم: تمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عاليتمارااا عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 815

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تمارااا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تمارااا المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع

حظة اسمها نعم ؛؛


في تلك الليلة رقدت روبين في فراشها وهي مستيقظة لفترة طويلة، وراحت تحدق من خلال النافذة إلى النجوم المتناثرة في السما، وهي ترتدي البيجاما الحريرية المريحة التي ترطب جسمها في حين أخذت تتنازعها الأفكار، حارة بين الرفض القاطع لتلك الفكرة الحمقاء التي عرضها عليها غرانت/ وبين التفكير الجاد في قبوله زوجا لها، أية صدمة سيصاب بها ان هي فعلت هذا، ما الذي جعل تلك الفكرة تراوده؟ بالتأكيد ليست الأسباب التي ذكرها هي الدافع الحقيقي وراء ذلك؟ انه يكبرها سنا، ويتسم بالكياسة والتهذيب الرفيع، وهذا خلق لم يكن مجرد ثمرة للتعليم والخبرة والقدرة على اقتناء الملابس الثمينة الراقية، انها لا تستطيع حتى مجرد التفكير في هذا الأم، لأنه سوف ينطوي على الحماقة، ما قاله آدم عن المظاهر الخادعة صحيح تماما، وتساءلت عما جعلها لا تدرك هذا من قبل.
وجالت بخاطرها ذكرى خطيبها السابق نيجل الذي لم تعرفه على حقيقته مثلما أدركت الآن، كان في عنفوان الشباب والسحر والمرح، وكل هذه كانت مظاهر سطحية تخفي تحتها حقيقة شخصيته التي تتسم بالأنانية، تخلصت منه قبل أن يجمعهما قفص واحد بعد حوالي عام، مثلما حدث بالنسبة إلى اختها جولي التي تزوجت من تيري... ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى آدم غرانت...
وأخيرا بدأ النعاس يداعب جفنيها، فاستغرقت في نوم عميق، ولم تستيقظ إلا بعدما ملأت أشعة الشمس السماء، كان الصمت والسكون يخيمان على البيت الصغير، وأحست بالخوف، وهي ترتدي ملابسها وتعد لنفسها طعام الإفطار، ولم تكن تسمع سوى أصوات الطيور، وتملكها شعور بأنها آخر من يقب على الأرض.
لا بد أن يكون آدم قد ذهب إلى الملاذ الذي تلجأ إليه الطيور، وتساءلت:
كيف استطاع آدم أن يتحمل تلك العزلة؟ وماهي الفترة التي عاشها هنا؟
ولمحت على المائدة علبة القطارات الطبية، فتذكرت الطائر المحاكي... هل مازال على قيد الحياة؟ وقامت بخلط الحليب بالخبز، وذهبت تتفقد الطائر في كوخه الصغير، فوجدته غادر فراشه المكون من ورق الشجر وأخذ يكتشف المكان من حوله، فاقتربت منه في هدوء لئلا تزعجه وهي تطلق صفيرا. وما أن رأى خليط الحليب والخبز حتى أدرك سبب مجيئها، وأخذ يعمل منقاره الطويل في وعاء الطعام، أبلغها آدم بأن تلك الطيور تتمتع بشهية خارقة، واصبح واضحا لها أن ميكي سيصبح طائرا أليفا قبل مرور أيام قليلة.
ولاحظت أن سيارة الجيب غادرت مكان الانتظار المخصص لها خلف المنزل.
لماذا لم يوقظها آدم؟ ولماذا يريد الزواج منها؟ وبدأت تقوم بترتيب المنزل، وتملكها الملل وتمنت أن يعود آدم قبل أن يحدث شيء ما.
وعندما حان وقت الغداء وطالت غيبته بدأت تنزعج وينتابها شعور بالقلق الشديد الا أنها راحت تلتمس له الأعذار. ولكن هل طالت فعلا فترة تأخره؟ لم يكن أمامها من سبيل لأن تعرف برنامجه لهذا اليوم... وأحست بالجوع الشديد ولكنها امتنعت عن تناول الطعام، واكتفت بإعداد فنجان من الشاي تناولته مع قطع من البسكويت. وخرجت للقيام بجولة، وقررت السير إلى محطة الرصد الجوي، وعندما وصلت إلى النقطة التي ينحني عندها الممر خلال الغابة، غيرت رأيها وقررت العودة إلى الشاطئ ولكن عليها أن تعود إلى البيت لإحضار منشفة الاستحمام، وربما يكون آدم نفسه قد رجع إلى البيت، وتملكتها الحيرة والتردد وهي تتذكر أن عليها أيضا إطعام ميكي.
وعادت إلى الشاطئ لتسبح، فهي تجيد السباحة ولا تخشى البحر، ثم خرجت من الماء وجففت جسمها وفرشت المنشفة فوق الرمال وتمددت فوقها تاركة لشمس تكمل تجفيف بدنها. وغلبها النعاس فنامت لتعويض فترة النوم التي فقدتها الليلة الماضية. ولم تعرف كم من الوقت مضى عليها وهي نائمة، ثم استيقظت فجأة عندما أحست بظل يحجب عنها أشعة الشمس فتحركت لتجد نفسها وجها لوجه أمام آدم، تهللت أساريرها ولم تستطع أن تخفي سعادتها وهو يمد يديه اليها لتمسك بهما وتنهض وهي تصيح قائلة:
"أين كنت؟ تملكتني الحيرة والتساؤلات...هل تناولت طعام الغداء...انتظرت لفترة طويلة ثم..."
فابتسم قليلا ثم قال:
"أخذت معي بعض الطعام، هل كنت قلقة علي؟"
"طبعا كنت قلقة! لماذا لم تخبرني؟"
"لأنك كنت مستغرقة في النوم هذا الصباح."
ورمقها بنظرة حادة وأضاف قوله:
"أعتقد أنني حصلت على الاجابة بالنسبة إلى اقتراحي."
وفغرت فاها، وقد تاهت منها الكلمات التي كانت ستتفوه بها وأحست بأنها أسيرة لعينيه اللتين ترمقانها.
وأدركت فجأة، والدفء الشديد يسري في جسمها، أنه يمسك بيديها كما لاحظت ازدياد سرعة تنفسه. وجذبت يديها من بين يديه، وانحنت لتحمل ملابسها وقد تملكها الاضطراب الشديد. ولاحظت بعدما ارتدت ملابسها أنه مازال واقفا مكانه بلا حراك، يبتسم، وأدركت وهي مستاءة أنه يعرف سبب الارتباك الذي تعانيه ،وسألها:
"هل أنا أسبب لك حقا كل هذا الشعور بالخجل؟"
"حاليا، نعم."
"كلامك ينم عن الصدق، وانني لأتساءل اذا كانت النساء يدركن كم هن مراوغات في تعاملهن مع الرجال!"
"لا أفهم قصدك.."
"هل تفكرين أن النساء يقمن باختيار ملابسهن بصورة تجعلهن أكثر جاذبية في عيون الرجال، وخاصة اختيارهن لملابس السباحة."
فصمتت لحظة ثم بدا على وجهها الاحساس بالخزي وقال له:
"ان كنت تظن انني .. هل تحاول أن تمزح؟ في أي حال ان مزاحك لم يدخل السرور إلى نفسي."
وقامت بطي المنشفة وسارعت بانتعال حذائها وأضافت قائلة :
"تعلم انه ليست عندي اي ملابس تقريبا، ولو كان عندي ما يلائم السباحة لارتديته بدلا من أن اضطر الى.."
وتوقفت عن الكلام وهي تنحي وجهها جانبا وتغالب دموعها في حين أخذ آدم يعتذر ويقول لها انه كان يبدي اعجابه بلباس البحر الجذاب الذي ترتديه وبلون الزهور البرتقالية والخضراء والفراشات التي تزينه. وأضاف قوله:
"أؤكد لك أنني لم أقصد بالمرة اطلاق الدعابات على حساب مشاعرك، ومازلت مصرا أن لباس البحر الذي ترتدينه جذاب وجميل."
فردت عليه قائلة:
"ولكنني لا اعتبره كذلك."
وانطلقت في طريق العودة الى البيت تاركة اياه على الشاطئ أو يعود كيفما تراءى له. وأخذت تتساءل عما كان يعنيه، وهل كان يظن أنها تعمدت اغواءه، لا بد أن تزيل من ذهنه هذه الفكة الخاطئة وكلما أسرعت في ذلك كلما كان أفضل.
ولحق بها في اللحظة نفسها حين وصلت الى البيت، ودخلت وأعدت ملابسها وذهبت الى الحمام لتستحم وتزيل الآثار المتبقية من الملح والرمال الناعمة، لكنها وجدت الدش لا ينزل منه الماء، فنادت على آدم الذي ذهب لتشغيل مضخة الماء بعدما قال أنه سيترك لها أمام الباب علبة السكائر لتقطع الوقت في التدخين ريثما يمتلئ الخزان بالماء. وعندما أحست بخطواته تبتعد فتحت الباب قليلا ووجدت علبة السكائر والقداحة فوق كرسي، فأخذتهما وبدأت تدخن، ولاحظت أن القداحة محفور عليها حرف ف وليس حرف الألف أو الغين أول حرفين لاسم آدم غرانت. ربما يكون الحرف الأول لاسم أبيه أو أخيه. ترى ماهي الأسماء التي تبدأ بحرف "ف"! فيكتور، فرنون، فنسنت، فلاديمير، فالانتين، وبدأ الماء ينهمر فوقها من الدش وبعد لحظات سمعت صوت آدم يقول لها:
"ستحتاجين إلى شيء آخر للاستحمام.."
وفتح الباب قليلا ومد يده ليقدم لها منشفة نظيفة كبيرة، فشكرته وهي تقول له ان المنشفة التي معها اتسخت بالرمال. فقال لها انه يرى ضرورة شراء غسالة أو شراء مزيد من مناشف الاستحمام، وأحست بصوته يخفت تدريجيا مع ابتعاد خطواته.
وفي المساء وبعد تناول طعام العشاء، كانت في روح معنوية أفضل وهي تدخن السكائر الفاخرة وتحتسي القهوة، وكان آدم يبدو مشغولا بعمله، وأدركت أنها ربما تكون قد تسرعت في حكمها، أو أنها حساسة أكثر من اللازم.
وذهب آدم إلى الردهة الصغيرة، وأحضر خزانة ملابس كبيرة تستخدم في السفر، ولاحظت أنها تحمل عددا كبيرا من بطاقات العواصم الأوروبية، الكبرى.
وقال لها وهو يفتح الخزانة انه ممتاز في قدرته على ربط الأشياء وتغليفها ولكنه لا يستطيع أن يجاري أمه في هذا المجال.
وأخرج قميصا حريريا لونه برتقالي داكن، ورفعه لحظة ثم وضعه على مسند كرسي وهو يقول:
"وضعت أمي كل ملابسي في هذه الخزانة حتى تكون بمأمن من نسيان أي شيء."
وأمسك بقميص آخر من الحرير السميك الناعم، ولكنه أكبر حجما ولونه أخضر وتساءل:
"هل سبق لي ارتداء هذا القميص؟"

"انت أدرى بهذا."
وأخذ يمر ببصره على جسمها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، وقال لها انه ليس خبيرا في مقاييس المرأة، ولكنه لا يعتقد أن مقاييسه تناسبها، وسألها اذا كانت تستطيع صناعة الملابس، فقالت له انها تستطيع ذلك بشرط أن يقوم أحد ما بادخال الخيط في ثقب الإبرة التي ستستخدمها، فرد عليها بقوله:
"عليك الآن ان تتعلمي القيام بهذه المهمة بنفسك."
ونهض وهو يشير بعدم اكتراث الى خزانة الملابس وأضاف قوله:
"اختاري ما تشائين، واعملي المقص فيه."
ولم تعجبها النظرة التي رمقها بها كأنه يظنها غبية.
فقالت له:
"أتعني..."
"أعني أن لدي ملابس تزيد كثيرا عن حاجتي لسنة كاملة..."
وهز كتفيه وأضاف قوله:
"وان وجدت ما يفيد فاختاري منه ما تشائين."
فقالت في تردد:
"ولكنني لا أستطيع..إنه لكرم منك، ولكن..."
ومرت لحظة من الصمت ثم استدار ليتركها وهو يقول في ضيق:
"نعم، أعتقد أنها كانت فكرة سخيفة، ولا أظن أن هذه الخزانة فيها شيء ذو قيمة."
"كلا..."
تملكها شعور مفاجئ بالحنو والمحبة، واتجهت نحوه ومست ذراعه بانفعال وقالت له:
"ليس الأمر كما تظن، ولكن لا يمكنني قص تلك الملابس الجميلة والثمينة انها ستكون جريمة.."
"كلام فارغ، انها لا تلائمني، ولكنها قد تحل لك مشكلة نقص ملابسك."
وابتسم ثم أضاف قائلا بجفاف:
"لن يكون مظهرك غير عادي، وأنا أعلم أن المرأة على استعداد لاستعارة اي ملابس يرتديها الرجل، اذا كان هذا يزيد من جاذبيتها."
"انك تغريني بشدة لأفعل هذا."
"افعليه اذًا."
ورفع القميص الحريري الناعم وقاسه عليها، وقال لها انها اذا قصرت الكمين سيصبح ملائما لمقاسها. وراحت تنظر إلى طول القميص وأحست بلمسات يديه فوق كتفيها تحدث ارتعاشات غريبة ومقلقة، ولكنها افتقدتها عندما تحرك آدم وانقطع التلامس الذي استغرق برهة قصيرة. وصاح آدم:
"يا إلهي، وضعت أمي هذا أيضا في الخزانة."
وأخرج سترة مخصصة للتدخين في المساء، فأخذتها روبين ولبستها ووقفت في وضع مسرحي مفتعل وسألته عن القبعة التي تلبس مع تلك السترة فقال لها وقد بدا الحزن في عينيه انه ليست هناك أية قبعة وإنما يمكن استخدام الغليون، فقالت له وهي تضحك:
"السيكار سيكون أفضل، وسوف أشعر عندئذ بأنني أشبه بجرورج صائد الروائية الفرنسية التي برعت بتصوير حياة الريف."
قلمعت عيناه وسألها في حدة:
"لماذا تقولين هذا؟"
"لماذا؟ لا شيء، انها كانت ترتدي ملابس الرجال، مثل هذه الملابس، وتدخن السيكار، وهزت باريس في القرن التاسع عشر حينما كانت واحدة من الرواد المحدثين في الدوائر الفنية في ذلك العصر. كانت على درجة كبيرة من الشجاعة مكنتها في تلك الأيام من تأكيد استقلالها كامرأة ذات فكر متحرر، ألم تكن صديقة للموسيقار العالني فردريك شوبان؟"
فرد عليها آدم في تجهم:
"نعم، وتببت في تقصير السنوات القليلة الأخيرة والثمينة من حياته وجعلته يلهث وراءها عبر أوروبا في قارب مليء بشحنة من الحيوانات، ثم يقيم في دير رطب ليس فيه أي خدم أو وسائل للراحة في جزيرة مايوركا الاسبانية."
"ولكن هل كانت تحبه؟"
فرد عليها بعنف قائلا:
"أتسألين عن الحب؟ حطمته ملما حطمت ألفريد دي موسيه، ابرز رواد الرومانسية. والله يعلم كم من الشعراء والفنانين الآخرين راق لها أن ترعاهم؛ ولن يتاح لأحد أن يعرف كيف كانت ستسير حياة شوبان لو لم يكن واقعا تحت تأثيرها. انه الرجل العظيم الذي وضع أسس لوحة المفاتيح في البيانو بالشكل الذي نعرفه اليوم."
ودهشت روبين بسبب رد الفعل الحاد الذي صدر منه لدى ذكرها لاسم جورج صائد، تلك الروائية التي استعارت اسم رجل وارتدت ملابس الرجال حتى يعترف بها المجتمع الذي كان ينكر المواهب الفنية للمرأة ويتجاهلها وسألته ببطء:
"هل كان شوبان أعظم الموسيقيين في عصره؟ وما رأيك في بيست؟"
"انه موسيقي استعراضي، وموسيقاه مثل الألعاب النارية البراقة المتلألئة، ولكنها تفتقر إلى العمق."
وأحس بأنه استرسل وأطال الحديث في هذا الموضوع فسألها قائلا:
"لماذا لم تمنعيني من الاسترسال في هذا؟"
"ليست لدي معلومات كافية في هذا الموضوع تتيح مناقشتك... يبدو في وضوح أنك من عشاق الموسيقى."
"نعم."
قالها بطريقة أنهى معها الكلام في هذا الموضوع، ثم نظر إلى خزانة الملابس وقال لها:
"سأنقل هذه الخزانة إلى غرفتك لتنتقي منها ما تشائين."
ولفتت نظرها كلمة غرفتك وراحت تسأل نفسها: منذ متى بدأ يتطرق إلى نفسه هذا الاحساس الغريب نحوها بالانتماء والقبول والود؟ ومر يومان لم تشهد مثلهما من قبل في حياتها رغم أنهما مرّا مرورا سريعا. تملكها شعور غريب بأن روبينا واربن-وهو اسمها الأصلي- لم يعد لها وجود، أو هي بدأت في التلاشي من الوجود ذات صباح كئيب لا تستطيع نسيانه، منذ ستة شهور، ثم انقطع آخر خيط يربطا بالوجود عندما تسللت فيها من اليخت وقفزت الى البحر وسط الظلام.
واليوم بدت لها ذكرياتها غير مترابطة، ووقفت المشاهد الجديدة التي مرت بحياتها عاجزة عن الا ندماج في تلك الكريات، وأخذت تتزاحم عند حافة الشعور لديها، وأقوى تلك المشاهد تمثل في التعبير الذي ارتسم على وجه آدم غرانت عندما فجرت إشارة غير مقصودة كل تلك العواطف الجياشة لديه. فما هو الذي فجر ذكريات الماضي لديه؟ وما الذي جعلها تشعر غريزيا بأن هناك شيئا ما يثير الأحزان في نفسه اذا استرجع ذكراه، وهو الشيء الذي لا يريد التحدث عنه؟
هل هو من عشاق الفنون؟ معلوماته الموسيقية تشير إلى هذا، الا أن مظهره العام يتسم بالخشونة، فهو مفتول العضلات ومكتمل الرجولة...
وبدأت تخرج الملابس من الخزانة في بطء، ان الطريقة التي صنعت بها تلك الملابس الخالية من الأخطاء، الأمر الذي يزيد من الغموض المحيط بشخصية آدم غرانت. وبعض هذه الملابس يوحي بالانتماء إلى عالم رجال الأعمال، في حين يوحي البعض الآخر بأن صاحب تلك الملابس هو ممن يركنون إلى الدعة والتكاسل وان كانوا يتميزون بالأناقة. ولكن الشيء الذي يجمع بين كل تلك لملابس هو أنها ذات طابع رجال وأنها غالية الثمن.
وعلقت بعضها في العلاقات القليلة الموجودة، بينما بدأت تنتقي ما يلائم مقاسها، وأمسكن بالقميص الحريري الأخضر، وخلعت ملابسها وراحت تختبر مقاسه بالنسبة اليها. المرآة صغيرة جدا لا تمكنها من التعرف الى مدى ملائمة القميص وأدركت أن مقاسه كبير نظرا لأن آدم غرانت عريض المنكبين، في حين أن المسافة بين كتفيها قصيرة، وانتقت بعض الملابس التي تتفق مع مقاسها، وأجرت بعض التعديلات فيها لتتلاءم مع جسمها وذوقها.
وفجأة ملأها الزهو وأحست بالرغبة في استعراض نفسها، وأخذت تنادي آدم وهي تقول:
"آدم، انظر!"
ولكن أحدا لم يرد عليها. وأخذت تنظر إلى الطريق المؤدية إلى الشاطئ لعلها تراه، وراحت تناديه ولكن بدون جدوى. ثم لمحته بقف مستندا إلى مقدمة سيارته الجيب وظهره ناحيتها، فتقدمت منه ولمسته بيدها في رقة وقالت له:
"آدم، ماذا جرى؟"
فاستدار نحوها فجأة، مما جعلها تتراجع خطوة إلى الوراء ونظرت إلى وجهه فرأته شارد البال وكأن عينيه لا تريانها واستطاعت عندئذ أن تحس بالمأساة التي يعيشها وتمزق قلبه. ثم أفاق من شروده وتنبه إلى وجودها، وارتسمت على شفاتيه ابتسامة عذبة جعلت روبين ترثي لحاله. ولاحظ أنها ترتدي أحد قمصانه، فطلب منها أن تأتي إلى حيث الضوء حتى يستطيع أن يراها جيدا. فترددت، وتلاشى ذلك الاحساس بالزهو الذي جعلها منذ قليل تخرج للبحث عنه، ونظرت اليه قائلة:
"آدم، ماذا هنا؟ انك تبدو شديد.."
وهزت رأسها وهي ترمقه بنظرة قلقة وقال له:
"ألا تخبرني بما حدث؟"
فزم شفتيه وقال لها:
"هل هناك ضروة لايلامك؟ أنا واثق أنك تعلمين تماما ما الذي تحدثه اللحظات التعسة في حياة الانسان عندما تقع..."
وساد الصمت بينهما وهو ينظر إلى ملامحها الممتقعة والقلقة.
وسرت رعدة في شفتيها، وأحنت رأسها وتحسست الحزام الذي يطوق خصرها بأصابعها المضطربة، وأخذت شهقة عميقة كأنها تتنهد ونظرت إلى الغابة الكثيفة خلف كتفي آدم، وهمست قائلة له:
"آدم، هل كنت تعني ما قلته ليلة أمس عن، عندما سألتني..."
"أعني تماما كل كلمة قلتها."
"حسنا، إن كنت ما زلت ترغب في هذا...فأنا أيضا أرغب فيه... ان كنت تعتقد أنه سيحل المشكلة و."
وفي هدوء مد ذراعيه، وفي لحظة كانت في أحضانه تستشعر دقات قلبه ودفء ذراعيه، ولم يحاول أي منهما تقبيل الآخر، وكان عناقا مجردا من أي رغبة بين شخصين لا يتطلع أي منهما إلى الحب وإنما إلى ملاذ يلجأ إليه.


انتهى الفصل

 
 

 

عرض البوم صور تمارااا   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارجري هيلتون, القديمة, frail sanctuary, جزيرة آدم, margery hilton, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات رومانسية مترجمة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير الرومانسية, رواية, عبير, عبير القديمة, قصة
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t102473.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 18-12-10 06:08 PM


الساعة الآن 10:07 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية