منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الشعر والشعراء (https://www.liilas.com/vb3/f14/)
-   -   الشاعر جاسم الصحيح (https://www.liilas.com/vb3/t99378.html)

تعبني الزمن 27-11-08 11:56 PM

الشاعر جاسم الصحيح
 
السيرة الذاتية المختصرة للشاعر الأحسائي جاسم بن محمد بن أحمد الصحيح

ولد بمدينة الجفر عام 1384هـ - يعمل بوظيفة مهندس ميكانيكي في شركة ارامكو السعودية للنفط. - بدأ في الظهور على الساحة الأحسائية عبر الاحتفالات الدينية والإجتماعية - نشرت قصائده في العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية - شارك في المسابقات الشعرية وحصل على العديد من الجوائز، منها:
1- جائزة أفضل قصيدة من نادي أبها الأدبي مرتين على مستوى المملكة.
2- جائزة نادي المدينة المنورة مرتين.
3- جازة عجمان للشعر ثلاث مرات.
4- جائزة مؤسسة البابطين لعام 1419هـ عن أفضل قصيدة على مستوى العالم العربي.
5- جائزة الشارقة لمدة ثلاث سنوات على التوالي.
6- جائزة عجمان للإبداع الشعري للمرة الرابعة على التوالي عام 1422هـ
7- المركز الثالث في مسابقة أمير الشعراء 1428هـ.علماً بأن التصويت كان 50% للجنة التحيكم و 50% للجمهور.

كما يقول احمد هدهد عن الصحيح: وجاسم الصحيح من المملكة العربية السعودية. ويطيب لي الحديث في هذه العجالة عن صديقي الشاعر الكبير محمد جاسم الصحيح، هذا الشاعر الذي احسست وانا اقرأ له للمرة الاولى بنفس الاحساس الذي غمرني عند قراءة الشاعر صلاح عبدالصبور لأول مرة، احساس الحب والاعجاب بهذا العطاء الشعري المتدفق والخلاق، والمختلف عن السائد الشعري لمعناه ومبناه، بشكله ومضامينه، وبروحه الفنية المتدفقة. انه عالم يأسرك بروعة الفجاءة، ونشوة الدهشة الدائمة. صدر لشاعرنا الكبير ثلاثة دواوين شعرية هي: ظلي خليفتي عليكم ورقصة عرفانية وحمائم تكنس العتمة وديوان آخر صدر اثناء اجازتي بالقاهرة لم اقرأه بعد، ولقد قرأت الدواوين عدة مرات، فشاعرية جاسم الصحيح أكبر من ان تحوط بها في مرة او مرتين، وليس امامك الا التوغل في شعره إلى آخر ما تستطيع لكي تكتشف بنفسك جواهر ونفائس هذا الشعر، ولن تتوحد مع عالمه الشعري الا اذا اعطيت له من المحبة والمودة قدراً أكبر مما يمنحه الآخرون.جاسم الصحيح، شاعر عربي يمتد نسبه إلى العرق الاول من فحول شعراء العربية، شرب حتى الثمالة من تراثه العربية، فاتخذه إطاراً ترتد اليه اشاراته والماعاته. شاعر لا ترى في شعره اثراً لأي شاعر اجنبي، مثل ت. اس. اليوت اوبودليراوريلكه. جاسم الصحيح شاعر كبير رأيناه فجأة ينتصب بيننا كجبل شامخ او كطائر خرافي يرتاد آفاقاً شعرية لم يقترب منها شاعر بعد.. انه شاعر صنع لنفسه خيمة من الشعر ثابتة الاركان، أوتادها تمددت في اعماق لغتنا العربية حتى صافحت جذورها، وانتقت خير ثمارها، فقدم لنا باقات شعرية رائعة من أجمل زهورها وأطيبها شذى. انه شاعر يملك ناصية اللغة، بحار ماهر يغوص ويغوص فيعود بأجمل الآلئ والاصداف، فلا يستأثر بها لنفسه، انما يجود بها على عشاق شعره الكثيرين.تألقت شاعرية جاسم الصحيح حين طالعنا قصيدته الرائعة (عنترة في الاسر) التي فازت بجائزة البابطين التي يطمح لها كل شاعر اصيل، تلك القصيدة التي مطلعها: سيف طريح شاحب اللمعان، منكسر الصليل ومطهم ذبلت على شدقيه رائحة الصهيل هذه القصيدة التي اسقط رموزها على حالنا العربي الراهن، فأبدع واجاد. ومن أجمل قصائده ايضاً في ديوانه "رقصة عرفانية" قصيدة بوح الكروان. إن الشاعر في هذه القصيدة كروان محاصر بصحراء الصمت لم يذق طعم العشق، ولم يغسله المطر، فيرتجف نشوة وحباً، مات الكروان في داخله، فشعر بالغربة وبالضيق، والآن يتجه إلى فاتنته بعد ان فاض به الكيل او البوح، لكي تفك له هذه المحاصرة، ويحلم معها بالاتساع والامتداد للكون، ثم يرسم الشاعر لفاتنته خيوطاً وعشقاً لا يوفيه احتضان كما يقول. وفي حلمه مع فاتنته يحلم فيبدأ منه مهرجان الحب الذي يستيقظ كل شيء في الكون على رائحته، وما أجمل تعبير الشاعر (لا يقبر في الورد الا العطر الجبان).وتستيقظ روحه ايضاً فتصعد إلى قمة الوجد، ويعبر الكروان صوت الموت، فيغني ما شاء له الغناء، ويمتد حلمه إلى حورية الدفء الي تحوطه بالحنان. حورية هي لؤلؤة اللطف التي تشع سحراً وحباً.ثم يأتي ذلك الخوف من المجهول الذي يرتادنا في لحظة السعادة، انه كالطعنة المفاجئة تستقر داخل الجسد، فلا تسيل دماً، وانما تذبح لحظة السعادة فتتحول إلى الوهم، وتصبح ذكرى تصنع من الاوراق كفناً لها. هذه هي روح الشاعر جاسم الصحيح، روح تشعر دائماً بالحيرة والغربة والشك.وهناك ثلاث قصائد اخرى متتالية هي الثور نداء نزوة بيروتية. انها قصائد تكاد تحترق بالصراع الدائر داخل ذات الشاعر، صراع في الجسد، ورغم ان هذه القصائد تعج بكلمات اللذة والرغبة حيث تتفجر صخرة الطيش ويسيل النزق والشبق، ويجد الشاعر نفسه خارج دائرة الوعي حيث التباس المدارات المطلق، ورغم ان هذه القصائد تكاد تنطلق بوثنية الجسد، الا انها تخفي وراءها روح صوفي سليب البدن. هذه هي شاعرية جاسم الصحيح، شاعرية تنطق بالتفرد، وتشي بارتياده آفاقاً شعرية لم يرتدها شاعر من قبل، فهل يطول بنا الانتظار.


لفت نظر/ شعره جميل جدا ويستحق القراءة فعلا ... انتظروني مع بعض قصائده

تعبني الزمن 28-11-08 12:03 AM

قصيدة يا بحر يا شيخ الرواة
 
يا بحر كلك في مسامرتي فمُ

فافتح زجاجة ما تكِنّ وتكتمُ
وأدِرْ أساطيرَ البداية بيننا
سِيّان شهد حديثها والعلقمُ


سيّانَ فرَّ من الزجاجة ماردٌ
أم رفَّ منها نورسٌ مترنمُ
يا بحر ياشيخ الرواة على المدى
متعوذا من موجةٍ تتلعثمُ
حرية الكلمات فيك تقاصرت
عنها اللغات ولم يسعها المعجمُ



هذا لسانك هادرٌ بحكاية الـ

إنسان يختزل المدى ويحجّمُ
فالمد والجزر اختصار عوالمٍ
في الأرض تبنيها العصور وتهدمُ
فكأنما في الموج ربٌ غاضبٌ
يمحو وربٌ في الشواطئ يرسمُ
وكأنما لُجَجُ المياه خلائقٌ
تنمو على شطّ الحياة وتُعدمُ
وكأنما التيارُ وهو مجدّلٌ
في الرملِ أعمارُ الذين تصـرّموا


يابحر مادام الطريق يقودنا

للبدءِ من حيث النهاية تجثمُ


حطّم ضلوعي في ضلوعك إننا

متوحدان بقدر ما نتحطّمُ


يابحرُ قالوا عنك نبعُ أرومةٍ

للكائنات وللبداية توأمُ


ويقال كنتَ هناك أول عاشقٍ

فهم الغرام فذاب فيما يفهمُ


هيمان تصهرك المراهقة التي

تخذت ملامح زرقة تتضّرمُ


حتى إذا اكتمل انصهارك في الهوى

صلّى عليك العاشقون وسلّموا


وجمعت كل صلاتهم وسلامهم

درراً أضاءَ بها القرارُ المعتمُ


يا بحر هذي الشمس تنصب عرشها

فوق الشواطئ والهجيرُ يخيّمُ


والصيف جاءك عارياً وكأنه

عاصٍ يصرّحُ بالذنوب ويندمُ


والمبحرون على امتدادك حينما

رضعوا المسافة ماشتهوا أن يُفطموا


قنطار ضحكتهم يرنُّ إذا سجى

من خيبة الموت المحطّم درهمُ


وأنا أتيتك في شباك بلاغتي

أصطاد ما يوحي مداك ويلهمُ


صنارتي مثل الحقيقة صلبة

تدمي وطُعميَ كالمجازِ منمنمُ


فلربما انزلقت إلي قصيدة

من بين أرزاقٍ لديكَ تقسّمُ


يا بحر يا دمعَ الطبيعة حينما

كانت على إنسانها تتألمُ


عبثاً أطارحك الغناءَ وهاهنا

في كل موج في للطبيعة مأتمُ


خذني إليك مع الشواطئ شاطئاً

تبكي على صدري المياه وتلطمُ


هذي الملوحةُ لا عدمت مذاقها

رمزٌ على الحزن الذي نتجشّمُ


يا بحر هل بقيت لديك أبوةٌ

تحنو على تعب البنين وترحمُ؟


فأنا ابنك النهر الذي سرّحته

في الأرض يعزف رملها وينغّمُ


في روح قديسٍ رحلتُ كأنما

صفحاتُ مائيَ لؤلؤٌ متبسمُ
ورجعتُ ألهثُ في غسيل سرائرٍ
سوداءَ فيها لؤلؤي يتفحّمُ


من كل يابسةٍ حملتُ حكايةً
في الموج تسديها الهموم وتُلحِمُ


ألقى بيَ الفقراءُ أوجاعَ القرى

وجعاً يئِنّ وآخراً يتصنّمُ


ورمى بيَ العاصونَ من آثامهم

مالم تطقه مفاصلي والأعظمُ


وشعرت يا أبتي , شعرتُ بشهوةٍ

حمراءَ تصهل داخلي وتحمحمُ


وهناك حيث الماء أطلق مده

في الضفتين رغائباً تتوحّمُ


ضاجعتُ يابسةَ الحقولِ فأنجبت

شوكاً وساد على الثمارِ العلقمُ



لفت نظر/ لازال هناك الكثير والكثير

صدق المشاعر 28-11-08 12:59 AM

اهلين اخوووي
يعطيك العافيه ع المجهوود الرائع والمميز
استمتعت بقراءه هذي الشخصيه الشعريه الرااائعه
وتستحق خمس نجووم ع هذا الموضوع
http://www.kuwaitup.net/uploads/0811...5576ba2597.gif

تعبني الزمن 28-11-08 10:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صدق المشاعر (المشاركة 1759023)
اهلين اخوووي
يعطيك العافيه ع المجهوود الرائع والمميز
استمتعت بقراءه هذي الشخصيه الشعريه الرااائعه
وتستحق خمس نجووم ع هذا الموضوع
http://www.kuwaitup.net/uploads/0811...5576ba2597.gif

لك جزيل الشكر والعرفان على تجاوبك مع موضوعي

تعبني الزمن 28-11-08 10:15 PM

قصيدة ما وراءَ حنجرة المغنِّي
 
عـلـى السُّـهـولِ الـتـي تـمـتـدُّ فـــي لـغـتـي
مــا زال يـنـمـو مـعــي عـنـقـودُ موهـبـتـي
«بضـعٌ وعشـرونَ» شَـدَّتْ رحلَهـا.. وأنـا
أنا..الـمـعـتَّـق فــــي إبــريـــقِ تـجـربـتــي!
والأحـجـيــاتُ بـحـجــمِ الـعُــمْــرِ تُـوثِـقُـنــي
فــي سَـكْـرَةِ البـحـثِ عــن مفـتـاحِ أجـوبـةِ
أنـا المعتَّـقُ فــي الإبـريـقِ.. مــا انْفَـرَطَـتْ
روحـــي مـــن الـسُّـكْـرِ إلاَّ قــيــدَ أُحْـجِـيَــةِ
مــــا للـقـصـائـدِ مــــن حَـــــدٍّ لأخـتـمَـهــا..
يـفــنَــى خـيــالــي ولا تـفــنَــى مُـخَـيَّـلَـتـي!
في صِحَّةِ «الشِّعرِ».. ألـوي مـن زجاجتِـهِ
جيـداً وأسكـبُ «تشبيـهـي» و«توريـتـي»
لِـــي خـمــرةٌ شابَهَـتْـنـي فـــي غوايـتِـهـا..
مـن «تــاءِ تأنيثِـهـا» استوحـيـتُ قافيـتـي!
***
كـأنَّـنــي - والـحُـمَـيَّـا حــيــن تُـرْعِـشُـنــي-
عَلِـقْـتُ مـــا بـيــن أســـلاكٍ «مُكَـهْـرَبَـةِ»!
طـيــرُ الـنـبـوءةِ لـــم يـبــرحْ يُـشَـبِّـهُ لــــي
فـــي الـحُـلْــمِ أَنِّــــيَ مـخـلــوقٌ بـأجـنـحـةِ!
وحـــدي ولـكــنْ أُشَـظِّــي وحـدتــي بَـشَــراً
فيَـنْـطَـوي فــــي فــــؤادي كــــونُ أفــئــدةِ!
صَلَّـيـتُ للخـلـقِ.. كــلِّ الخـلـقِ.. واتَّسَـعَـتْ
لِـمـاَ وراء خـطــوطِ الـطــولِ، صومـعـتـي!
همسُ النسيمِ.. خريرُ النَّهْـرِ.. زغـردةُ ال-
عـصـفـورِ.. هـــذي تـرانـيـمـي وأدعـيَـتــي
فــي قـلـبـيَ الـكُــرَةُ الأرضـيَّــةُ انْمَـسَـحَـتْ
مـــن الـخـطـوطِ فقـلـبـي وحــــدةُ الــكُــرَةِ!
مــن أجــلِ كــلِّ الحُـفـاَةِ العـابـريـنَ عـلــى
دربِ الـحــيــاةِ سـأمــشــي دون أحــذيـــةِ!
حُــبًّــا لــهــذا الــثــرى.. حُــبًّــا يُـمـانـعُـنـي
أنْ أهــتـــدي بـنــجــومٍ غــيـــرِ مُـوحِــلَــةِ!
والــحــبُّ يـشـهــدُ أنِّـــــي فـــــي وثـائــقِــهِ
أســجِّــلُ الأرضَ مــــن أفــــرادِ عـائـلـتـي
***
«بضعٌ وعشرونَ».. فَصَّلتُ الجنـاسَ لهـا
تفصيلَ «زِيٍّ» على أعطـافِ «عارضـةِ»
أهــديـــتُ لـلــرَّمــزِ طــربــوشــاً يُـظَـلِّــلُــهُ
ومــــا بـخـلــتُ عــلــى الـمـعـنَـى بِـقُـبَّـعَــةِ
ذاتــــي إذا مــــا نَـــــأَتْ مــقـــدارَ قـافــيــةٍ
عـنِّــي، دَنَـــوْتُ إلـيـهــا قــــابَ نَـرْجِـسَــةِ!
يـأبــىَ لِـــيَ الـفَــنُّ أنْ آوي إلــــى حَــجَــرٍ
مــــا لــــم أُغــــاَدِرْهُ مـسـكـونــاً بِـلُــؤْلُــؤَةِ
لا أدَّعــي الـوحـيَ عُـلْـوِيَّ الـمــدَى، فـأنــا
لـــم أنـتـسـبْ لِـسـمـاءٍ غــيــر جمـجـمـتـي
نقـصٌ مـن الريـشِ فـي روحــي يَـهِـمُّ بـهـا
نــحـــو الــتـــرابِ إذا هَــمَّـــتْ بِـرَفْــرَفَــةِ!
مــا أتـعـسَ الغـصـنَ حـظـاًّ حـيـن تفـطـمُـهُ
فـــأسٌ ويـكـبـرُ فـــي أحـضــانِ مقـلـمـتـي!
«بضـعٌ وعشـرونَ» سهمـاً كنـتُ أطلقُـهـا
صــوبَ الحقيـقـةِ مـــن أقـــواسِ أسئـلـتـي
والــشــكُّ فــــردٌ وحــيــدٌ لا نـصـيــرَ لـــــهُ
يــلـــوي بـمـيـمـنــةٍ مِـــنِّـــي، ومــيــســرةِ
لــيــتَ الـيـقـيـنَ الــــذي طــالَــتْ أظــافــرُهُ
يَحُـكُّ مـا لـم أَطَـلْ مــن ظَـهْـرِ وَسْوَسَـتـي!
إنْ صحـتُ: آهِ! تَشَظَّـى الأُفْــقُ عــن حُـفَـرٍ
غــيــبــيَّــةٍ، وتــوابـــيـــتٍ وأضــــرحـــــةِ!
فــي خـارجـي ألــفُ حــربٍ قـادَهــا بَـشَــرٌ
وداخــلــي ألــــفُ حـــــربٍ بــيـــن آلــهـــةِ
لــــو كــــان لـلـسَّـهــمِ أنْ يــرتـــدَّ ثـانــيــةً
حَطَّـمـتُ قـوسـي ومــا كَــرَّرتُ معـركـتـي!
عـدالــةُ الـريــحِ فــــي تــوزيــعِ ثـروتِـهــا
تُـغــري بِـــأَنْ أَتَـمَـنَّـى الـريــحَ مـقـبـرتـي!
***
حسـبـي مــن الـغـيـبِ دربٌ كـنــتُ أقـطـعُـهُ
مــــن المـشـيـئـةِ حــتَّــى كــــفِّ قـابِـلَـتــي
عَــبَــرْتُ بـالـنَّـهْــرِ مـخــفــوراً فـأَوْقَـفَـنــي
فـــي الضِّفَـتَـيـنِ عـلــى مَـهْــدٍ وشــاهِــدَةِ!
بئـسَ «العبـورُ»! نَزَفْـتُ «الأربعيـنَ» لـهُ
ومــــا أَزاَلُ أُوَفِّــــي أَجْــــرَ «تـذكــرتــي»
لا حــبــلَ أعــقـــدُ آمـــــالَ الـنــجــاةِ بـــــهِ
إذا الـهُـوِيَّـةُ أَضْـحَــتْ «بـئــرَ» هـاويـتــي
أمــتـــدُّ مــثـــل جــهـــاتِ الأرضِ بـاحــثــةً
عـــن ذاتِــهــا دون أنْ آوي إلــــى جــهــةِ
«بضعٌ وعشرونَ».. أمشـي فـي مناكبِهـا
مـشـيَ العـواصـفِ إذْ فَـوْْضـاَيَ خـارطـتـي
فـمــا ائتـلـقـتُ ولــونــي لــــونُ سـنـبـلـةٍ !
ومـــا اهـتـديـتُ وطـولــي طـــولُ مـئـذنــةِ!
مُـزَمَّـلٌ فــي مــزاجِ الـريــحِ حـيــث دمـــي
لا يـحـتــفــي بــجِــيـــادٍ غـــيــــرِ نـــافــــرةِ
هـــذي تـضـاريـسُ روحـــي لـــوْ تَسَلَّـقَـهـا
وَعْـــــــلٌ لـــعــــاَدَ بِـــأقــــدامٍ مُــجَـــرَّحَـــةِ
لا يـعـرفُ الـنَّـاسُ مـنِّــي غـيــرَ حـنـجـرةٍ..
يــا ليتَـهُـمْ عَـرِفـوا مــا خـلــف حنـجـرتـي!
أنــــا الـجـمــالُ الــــذي عـيـنــاهُ تُـنـكِــرُهُ..
هــل بـعــد ذلـــك للـنُّـكـرانِ مـــن سَـعَــةِ؟!
حــقــلٌ ولــكــنْ تَـخَــلَّــتْ عــنـــهُ غـابــتُــهُ
فـجَــفَّ مــــن لَـمَـعــاَنِ الـقـمــحِ والــــذُّرَةِ
سكـنـتُ إسـمـي فـكـان الإســمُ لِــي وَطَـنـاً
ولــــم أغــــادرْهُ مـنـفـيـاًّ إلـــــى صِـفَــتــي
***
لا تنسبونـي إلـى «البئـرِ» التـي اشْتَرَكَـتْ
في ظُلْمِ «يوسفَ».. لا تستغفلوا «أَبَتِي»!
لا تبحثـوا وَسْـطَ «رحلـي» عـن مآربِكُـمْ..
فـمــا هـنــاكَ «صـــواعٌ» بـيــن أمـتـعـتـي
بلى..«شماغـي» دمـاغـي لـسـتُ أنـزعُـهُ
من فرط مـا اتَّحَـدَتْ رأسـي و«أشمغتـي»
بـلـى..تـرابـي ثـيــابــي حــيـــث يـنـسـجُـهـا
لِـــــيَ الـمــكــانُ ويـرفــوهــا بـعـاطـفـتــي
يـا «أخـوةَ» القـلـبِ.. لــم أبــرحْ أُعَـوِّذُكُـمْ
فــي الـحــبِّ أنْ تخـلـطـوا مِـلْـحـاً بِـسُـكَّـرَةِ
إنِّــي صـفـحـتُ.. فـــلا تستنـهـضـوا سَـبَـبـاً
يـسـعَــى إلــــيَّ عــلــى أقـــــدامِ مــعـــذرةِ
مـا كـان «يوسـفُ» أحـلـىَ فــي وسامـتِـهِ
مـــن الـوسـامـةِ فـــي صَـفْــحٍ ومـغـفــرةِ!


لفت نظر/ و لازال هناك الكثير

تعبني الزمن 28-11-08 10:24 PM

قصيدة للاستشهادي علي أشمر .. مناجاة باتساع الوادي
 

كان علي أشمر ( قمر الاستشهادييّن ) شيخَ ( طريقةٍ ) ابتكرها للعاشقين الوالهين للحريّة المطلقة ، وذلك عندما تحوّلَ إلى مخزنٍ من البارود وانفجر راجلاً في تلٍّ من الجنود الإسرائيلييّن .

-----


من بعيدٍ جاءَ ..

لا أعلمُ من أينَ

ولكنْ من بعيدٍ ..

رُبَّما من طعنةٍ في جسدِ التاريخِ

حينَ الْتَحَمَ الجيشانِ في ( خيبرَ )

فَانْسَلَّ الفتى من فجوةِ الطعنةِ

كي يختصرَ التاريخَ في جرحٍ

وحتَّى الجرحُ لا يعلمُ من أين الفتى جاءَ

ولكنْ من بعيدٍ ..

رُبَّما من ( ضَيْعَةٍ ) تجلسُ في أقصى حدودِ القِيَمِ

الكُبرَى

كما يجلسُ بستانٌ على التلَّةِ في عُزلَتِهِ ..

ماجَ الفتى بالعطرِ حينَ اختزلَ البستانَ في قامتِهِ

الوَرْدِ ..

وحتَّى الوردُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ

ولكنْ من بعيدٍ ..

رُبَّما حَلْقَةُ صوفِيِّينَ

في أعلى جبالِ الوجدِ

أَغْرَتْهُ لأنْ يكتشفَ العمقَ الإلهيَّ بِهذا الكونِ

فانشقَّ المدى

عن عاشقٍ قد نوَّرَ الروحَ بِمِشْكَاةِ يقينٍ عَلَويٍّ

ومضَى يسبحُ في كينونةِ الأشياءِ حتّى لامَسَ القعرَ

وحتّى القعرُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ

ولكنْ من زمانٍ خارجَ العصرِ

فَهذا الوَهَجُ الروحيُّ

لا يُمكنُ أن يُنجبَهُ عصرٌ من الفولاذِ ..

هذي الوردةُ الزهراءُ

لا يُمكنُ أنْ تولدَ ـ مهما حَاوَلَتْ ـ

من أُمَّةٍ في موسمِ الزقُّومِ ..

والله !

هُوَ الوعدُ السماويُّ لنَا أن نرثَ الأرضَ

هُوَ الوعدُ

أتى يحملُ في أضلاعِهِ كوخاً من الإيمانِ

معموراً بِحُبِّ الله والأرضِ

وطفلٍ ضاقتِ الأسماءُ عن إيمانهِ إلاَّ ( عليٌّ ) ..

حَمَلَ الإسمَ لواءً خافقاً بِالقُدْسِ

مُمْتدّاً من الثورةِ حتّى‍ الموتِ

جيلاً جَبَلِيّاً

نَبَتَتْ في فَمِهِ ( اللاَّءاتُ ) أنياباً

وربَّاها بِما وَرَّثَهُ الأجدادُ من رفضٍ قديمٍ ..

لم تَزَلْ ( لاءاتُهُ ) تكبرُ في الرفضِ فصارتْ

بُنْدُقيَّاتٍ

ومازالَ ( عليٌّ ) حالماً يركضُ خلفَ الشمسِ

مُشتاقاً لأنْ يصطادَ هذي الظبيةَ البيضاءَ في السفحِ..

فتستدرجُهُ الظبيةُ للقمَّةِ

كيْ يقطفَ أزهارَ الصعودِ الوَعْرِ من أعلى الزمانِ

الكربلائيِّ ..

( عليٌّ ) عصَّبَ الجبهةَ بِالتاريخ

واشتاقَ إلى الرقصِ مع القمّةِ

في عُرْسٍ سماويٍّ ..

جلا الحُسْنَ الربوبيَّ

جلاءً يُطلقُ الروحَ

إلى عالَمِها الأسمى متى ترنو إِلَيْهِ

فاضَ من بردتِهِ الحسنُ أساطيرَ

فكانت ( شهرزادٌ )

كُلَّمَا أدرَكَها الليلُ

أَجَالَتْ طرفَها فيهِ وسلَّتْ قصّةً من حاجِبَيْهِ

واستجارتْ بِالتعاويذِ التي تحرسُ أسرابَ المَهَا في

مُقْلَتَيْهِ

فَكَسَاها بِهدوءِ الزَغَبِ الناعسِ في أرجوحةٍ من

عارضَيْهِ

و ( عليٌّ ) زاحفٌ في الحُلْمِ

كالنَهْرِ

يلفُّ الموسمَ الأخضرَ في ريشِ حماماتِ يَدَيْهِ

حينمَا جَمَّرَهُ ماءُ الفُتُوَّاتِ

نَوَى العُرْسَ

فألفَى كلَّ شيءٍ صارَ أُنثى :

النَهْرَ والبيدرَ والبستانَ ..

والشمسُ الجنوبيّةُ مدَّتْ عُنُقَ الفَجْرِ على هيئةِ

أُنْثَى ..

والقُرى اصطفَّتْ صباياً

تتشهَّاهُ عريساً كاملَ الوجدِ ..

صحا كلُّ سريرٍ شدَّهُ الليلُ على نجواهُ

مأهولاً بِنَهْدَيْنِ شَهِيَّيْنِ ..

وجاءَ الكلُّ للموعدِ مخموراً

ولا بأس ..

فهذي خمرةٌ مغفورةُ الإثمِ ..

هُنا افترَّ ( عليٌّ )

عن فتىً تطلعُ من ضحكتِهِ الشمسُ

مشى في خاطرِ الوادي غزالاً مُترفَ اللفتَةِ

تختالُ بهِ حُرِّيَّةُ العُشْبِ وروحانيَّةُ الأرضِ

و ( آذارُ ) شبابيٌّ على خَدَّيْهِ ..

فَافْتَنَّ الفتى عشقاً

بَدَتْ فتنتُهُ أعنفَ ناراً

من فتيلِ امرأةٍ دهريَّةٍ خامَرَها الشوقُ

فهذا ( العامريُّ ) اسْتَدرجَتْهُ امرأةٌ من خارجِ الدَهْرِ ..

تجلَّى فرأى ( كِذْبَةَ نيسانَ ) على الدربِ

وتَلاًّ من جنودٍ يحرسُ الكِذْبَةَ

فيما أشرَقَتْ ( ليلاهُ ) خلفَ التلِّ ..

نَادَتْهُ

وقد كانَ على بُعْدِ جحيمٍ واحدٍ من جنَّةِ الوصلِ ..

هُنا فَخَّخَهُ العشقُ بأشواقِ المُحِبِّينَ

فماجَ الجَسَدُ الورديُّ في قنبلةِ الأشواقِ ..

فاضتْ لهفةُ التنفيذِ من عينيهِ

فاهتزَّ الفتى مخزنَ بارودٍ من اللَّهْفَةِ

وامتدَّ فتيلاً نافراً في خفّةِ الضوءِ

دقيقاً وجميلاً مثلَ خطِّ الكُحْلِ في جَفْنَيْهِ

تحدوهُ تسابيحُ خطوطِ الطولِ والعرضِ ..

علَتْ تكبيرةُ الوادي

وشعَّتْ في المدى جُرأةُ ( عبَّاسَ ) و ( حَفْصٍ ) و (

قصيرٍ )

فَتَلَظّى الوجدُ في ترسانةِ القلبِ

وثارَ المخزنُ الناريُّ في التلِّ

فما نسمعُ إلاَّ :

( ارِني أنظرْ إِليكْ )

( ارِني أنظرْ إِليكْ )

غرقَ المشهدُ في النشوةِ

حينَ اختلطتْ رائحةُ الليمونِ

بالبارودِ

بالأشلاءِ

بالجرأةِ

بالوَجْدِ الإلهيِّ الذي حَلَّقَ

حتّى عَرَجَ العشقُ عروجاً فادحاً

فانتصبَ الله من العرشِ لهذَا العاشقِ الداخلِ

لِلتَوِّ مدى الكينونةِ الكبرى ..

عليٌّ يا عليٌّ ..

هذهِ صوفيَّةٌ غابتْ عن ( الحلاَّجِ )

في تأويلِهِ الناريِّ للعشقِ

فَحَدِّثْ :

كيفَ أوْجزتَ المقاماتِ جميعاً

في مقامٍ واحدٍ

فارتبكَ المطلقُ إعجاباً بِهذي الحالةِ البِكْرِ ..

عليٌّ يا عليٌّ ..

سرقوا منكَ غزالاً واحداً

فانتثرتْ من دَمِكَ الغزلانُ آلافاً

وقامَ العشبُ في الوادي على ساقٍ

ودارتْ مهرجاناتُ الينابيعِ

فلا ساقيةٌ إلاَّ تَمَنَّتْ رقصةً منكَ على زغردةِ الماءِ

ولا زنبقةٌ إلاَّ تَشَهّتْكَ رحيقاً للمسرَّاتِ ..

وفي ( الخامسِ والعشرينَ من أيَّارَ )

شفَّ الغيبُ

والتمَّتْ شظاياكَ ( جنوباً ) عائداً يرفلُ في التحريرِ..

كان الشجرُ الواقفُ في السفحِ

وكانَ الزنبقُ الساهرُ في الجرحِ

وكانتْ باقةُ الغزلانِ في أيقونةِ الوادي

وكانتْ قُبَّراتُ الشوقِ في حنجرةِ الحادي ..

هُنا في موسمِ العودةِ

كانتْ تتحرَّاكَ على قارعةِ النصرِ ..

وحينَ انفتحتْ كلُّ جهاتِ الأرضِ عن وَجْهِكَ

شاهَدْنا السماواتِ

تلمُّ الصلواتِ البيضَ من محرابِ ذاكَ الوجهِ ..

شاهدناكَ طفلاً قادماً في باقةِ الألوانِ والفُرشاةِ

كيْ تصبغَ بِالفرحةِ قرميدَ البيوتاتِ

وموَّالَ الحكاياتِ ..

أضاءتْ فضَّةُ الصُبْحِ على جسمكَ

فانسابَتْ قُرى ( عامِلَ ) في مخملِ ذاكَ الضوءِ ..

راحتْ تجتني من فَمِكَ المشمشَ واللوزَ

و ( لاءاً ) حُرَّةً مفتولةَ الزَنْدَيْنِ ..

( لاءاً ) لم تزلْ مرفوعةَ الحرفَيْنِ ..

شعَّ القَمَرُ الطالعُ من جُرْحِكَ

يروي سيرةَ الجُرْحِ

ووَزَّعْتَ على الوادي

هداياكَ من الجَنَّةِ

أنهاراً .. ثماراً وعصافيرَ

فَلَمْ تبخلْ على ( بيَّارةِ ) الكَرْمِ

ولم تكسرْ لِحَقْلِ القمحِ خاطِرْ

آهِ !

يا ليتكَ وزَّعْتَ على الأُمَّةِ إيمانَكَ

كي يكتمِلَ الجوهرُ في قاعِ الضمائرْ

أيُّها الزاحفُ نحو ( القُدْسِ )

نهراً من دَمٍ يخترقُ التاريخَ ..

لا زلتَ ولا زلتَ ولا زلتَ

فتىً تنجبهُ كلُّ الحرائرْ


لفت نظر/ سأقدم في المشاركات القادمة فيديو للشاعر جاسم الصحيح

تفاحة فواحة 15-10-10 08:03 AM

يسعدني ان اضيف هذه القصيده لشاعر الاحساء جاسم الصحسح
القصيده بعنوان اسميها امي
أُسَمِّيكِ أُمِّي.. والأمومةُ موطنٌ..

بمقدارِ ما (ننمو) عليهِ لهُ (نُنْمَى) !

أُحِبُّكِ يا (أحساءُ) في كلِّ كِسْـَرةٍ

من الطينِ شَعَّتْ في يدي قَمَراً تَـماَّ

أنا ابْنُكِ فَلاَّحُ القوافـي، فطالما

طَبَعْتُ بمحراثي على قاعِها خَتْماَ

إذا انْغَلَقَتْ دونـي علـى السِّـرِّ بذرةٌ

أعارَ إِلَـيَّ الغيبُ مفتاحَهُ الفَخْماَ

نَظَمْتُ تفاعيلـي علـى شدوِ معولٍ

وتغريدِ مسحاةٍ.. فلم أخذلِ النَّظْماَ

ولم أنكسـرْ إلاَّ علـى الحبرِ خاشعاً

لأزرعَ فيهِ الوردَ أو أنزعَ اللُّغْماَ

أُحِبُّكِ يا (أحساءُ) في كلِّ نظرةٍ

إلى الحقلِ صَلَّتْ بـي إماماً ومُؤْتَـماَّ

وصدري الذي لو ضَمَّ ألفَ جميلةٍ

تَظَلُّ جذوعُ النخلِ أجملَ ما ضَماَّ

(أُسَبِّعُ) أشواطي إذا (طُفْتُ) سدرةً

وأهوي على أذيالِ تربتِها لَثْماَ

وإنْ رَكَعَتْ فأسٌ علـى صدرِ نخلةٍ

سمعتُ دعاءً هَزَّ من صدريَ العَظْماَ

أحبُّكِ حَدَّ الشِّعْرِ.. والشِّعْرُ قاتلـي..

أُحِبُّكِ.. رمياً بالقصائدِ أو رَجْـماَ !

سأودعُ في كفِّ الليالـي وصيَّـةً

وأنقشُها في وجهِ هذا المدَى وَشْماَ :

إذا مُتُّ.. و(الأحساءُ) في عِزِّ بَرْدِها..

فدُسُّوا رفاتـي في مواقدِها فَحْماَ




تُـحَدِّثُ عنكِ الشمسُ أنَّكِ أُخْتُها

حديثاً سـرى في الأُفْقِ فاكْتَسَحَ الغَيْماَ

أتيتِ إلى الدُّنيا من الأَزَلِ الأَعْمَى

أتيتِ.. وكان الدهرُ لم يبلغِ الـحُلْماَ

أتيتِ تُرَبِّينَ العصورَ ، فـكلَّما

عَبَرْتِ إلى عَصْـرٍ غَدَوْتِ لهُ أُماَّ

وأَبْدَعْتِ من جِذْعَيْنِ أَلْفَ (يراعةٍ)

و(سَبُّورَةٍ).. لم تُبدعي الرُّمحَ والسَّهْماَ



وأَلْبَسْتِ طفلَ الوقتِ ثوبَ حضارةٍ

وأَسْقَيْتِهِ شعراً وأَطْعَمْتِهِ عِلْماَ

وأطلقتِ ذاك الطفلَ في خضـرة الرُّبى

يلاعبُ نبعاً باتِّساعِ الـمُنَى حَجْماَ

عصورٌ تَلاشَتْ في الغيابِ، ولم يزلْ

حضورُكِ أعلـى من مـجرَّتِـها نَجْماَ

فها أنتِ تسترخين فوق أريكةٍ

من الـخُلْدِ في ظلِّ السكينةِ والنُّعْمَى

ولم تقطعي بين الحضاراتِ رَحْمَها

فقد عَرَفَتْكِ الأرضُ واصلةً رَحْماَ

وكم أَصْبَحَتْ تُفَّاحَةُ الصبرِ مُرَّةً

بـرُوحِكِ، لكنْ لم تـخونـي لها طَعْماَ

جَلَوْتِ لنا من أُمِّ (موسى) يقينَها

بـمَنْ أَلْهَمَ التابوتَ أنْ يعبرَ الـيَـماَّ




لَئِنْ جَفَّ صوتُ الماءِ من جَرَياَنِهِ

فلا تجرحي الينبوعَ عتباً ولا لَوْماَ

(عيونُكِ) ما جَفَّتْ ولكنْ أصابَـها
ذ
صداعٌ من الـمَسْـرَى فآثَرَتِ النَّوْماَ !

تلاشى الخريرُ العذبُ من كلِّ منبعٍ

فكيفَ سأستوحي منابعَكِ البُكْماَ

منابعُ.. حَلَّ الصمتُ فيها، فلم تَزَلْ

تقيمُ لهُ نَذْراً وتقضـي لهُ صَوْماَ

منابعُ.. قد كُنَّا نعومُ بـمائِها

إلى أنْ ظَنَنَّا - من هُوِيَّتِنا- العَوْماَ

وَقَفْتُ بـشَطَّيْ (عينِ نجمٍ) فلم أجدْ

من (العينِ) ما يكفي لأنْ يـحتوي (نجماَ)

ومِلْتُ على الأطلالِ من (أُمِّ سبعةٍ)

أسائلُها عن (سبعةٍ) فَقَدُوا (الأُمَّاَ)

جداولُ/أطفالٌ على هذهِ الرُّبَى

تَرَكْتِ لَهُمْ من بَعْدِكِ الـجَدْبَ واليُتْماَ

إذا لاحَ لـي نبعٌ من الماءِ غائرٌ

تَفَجَّرَ في جنبيَّ نبعٌ من الـحُمَّى

فأصـرخُ في وجهِ الهواءِ كأنَّني

أَبُثُّ لهُ حزناً وأشكو لهُ ظُلْماَ




ويا كُلَّ حقلٍ في ضواحي فؤادِهِ

لَعِبْنا.. وكان العُشْبُ أكبرَنا جِسْماَ !

حقولٌ نَمَتْ أخلاقُنا من ربيعِها

وضاءَتْ معانينا بإكسيرِها الأَسْمَى

حقولٌ جَمَعْناَ العُمْرَ من ضَحَواَتِـهاَ

غداةَ جَمَعْناَ التينَ والتُّوتَ والكَرْماَ



إذا الشمسُ مَدَّتْ خنجراً من أشعَّةٍ

نلوذُ بظلِّ السَّعْفِ كي نطلبَ السِّلْماَ

ويا ما تَسَلَّقْناَ إلى اللهِ سدرةً

هناكَ، وجاَوَرْنا الملائكةَ العُصْماَ

ولم تكتملْ في روحِ طفلٍ طفولةٌ

إذا لم يَسِمْ بالوردِ أعضاءَهُ وَسْماَ

وثَمَّةَ بين الطيرِ والنبعِ أُلْفَةٌ

عَرَفْناَ بـها فَنَّ المودَّةِ والرُّحْمَى

سلالتُنا تمتدُّ في كلِّ نخلةٍ..

فإنْ لم نَجِدْ خالاً وَجَدْناَ بـها عَماَّ !

وما النخلُ إلا الناسُ عِزًّا وطيبةً..

فها نحنُ نـخلٌ يلبسُ العَظْمَ واللَّحْماَ !




قد اصْفَرَّ وجهُ الوقتِ حتَّى ظَنَنْتُهُ

- حداداً على ماضيهِ- قد شَـرِبَ السُّماَّ

ومالَتْ من الشكوى حجارةُ بيتنا..

فهل يا تُراَها حُـمِّلَتْ مثلنا، الهَماَّ

وأَبْدَلَ ماءُ البئرِ حسنَ سلوكِهِ

بأرواحِنا، واستأصلَ الأَدَبَ الـجَماَّ

نمدُّ إلى الأرواحِ حبلَ دلائِنا

فتَرْتَدُّ من أعماقِها تحملُ الوَهْماَ

قد اصْفَرَّ وجهُ الوقتِ حتَّى سَمِعْتُهُ

يُـحَدِّثُ أنَّ البئرَ قد تنجبُ العُقْماَ

وقد ينضبُ النبعُ الذي يسكنُ الثَّرى

إذا نَضَبَ النبعُ الذي يسكنُ الـحُلْماَ !

قد اصْفَرَّ وجهُ الوقتِ حتَّى قَرَأْتُهُ

قراءةَ نَصٍّ بائسٍ يـحملُ الشُّؤْماَ


الساعة الآن 07:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية