منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t97516.html)

redroses309 03-11-08 11:11 PM

1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
السلام عليكم

كيفكم يا جماعة ؟

أنا راح أبتدي أكتب راوية

ثمرة الابتزاز ... لـ جاكلين بيرد

أنا ما شفتها في المنتدى ، بس إذا موجودة عطوني خبر

***************

و هذا الملخص..

في سبيل الصداقة الحقة ، وافقت باريسا على المساعدة في إستعادة مظروف الصور ، و لكن عندما وجدت نفسها تسطو على شقة فخمة في حي "ماي فير" أدركت فجأة فداحة العمل الذي قامت به ، و لكن بعد فولت الأوان.
بعد أن ضبطت بالجرم المشهود ، و جدت باريسا نفسها في مواجهة الرجل الذي يبتز صديقتها المقربة. لقد كان لوك دي ماغي ينوي المساومة على الصور لأنه الآن في وضع يسمح له بالمطالبة بأمور لم يكن يستطيع الحصول عليها منذ عشر سنوات خلت . لقد أراد لوك أن تكون باريسا تحت سيطرته .

منتديات ليلاس
*******

السيدة ملعقة 04-11-08 11:00 AM

كملي بليييييييييييييييييييييز

redroses309 04-11-08 12:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السيدة ملعقة (المشاركة 1715201)
كملي بليييييييييييييييييييييز


هلا و غلا :flowers2:

و إنشاء الله راح أكملها و بنزل اليوم الفصل الأول
و أتمنى أشوف شوية تفاعل .

redroses309 04-11-08 12:22 PM


هل كان لديها أي خيارآخر؟


"و ماذا يتوجب علي أن أفعل بالضبط؟" قالت محاولة المماطلة و تابعت : "أحضر حفلة واحدة فقط ، هذا كل ما في الأمر." قالت ذلك بطريقة توحي بأنها تفكر جديا بعرضه .
قال ساخرا: "أجل لكن حاولي أن تكوني لطيفة معي ، و تصرفي و كأننا خطيبان."
قالت باريسا التي كانت تنوي صفع هذا الرجل المتعجرف: "و لكنني لست بارعة في التمثيل."
"سوف أعلمك."

***************

الفصل الأول


مال جسد باريسا الممشوق بخفة عبر شباك الحمام محاولة إدخال قدميها قبل جسدها ، فارتطم بطنها المسطح برف الشباك بينما كانت تتسلل إلى الحمام ، أو لنقل إلى أرض الأمان .
تبا! كم تضايقت و لعنت حظها عندما بدأ الماء يتسرب من أحد القساطل. لقد أقسمت بأن تقتل صديقتها مويا إذا ما استطاعت أن تسحب قدمها من كرسي الحمام و جسدها من هذا المأزق و الخروج سالمة.
لا بد أنها كانت معتوهة عندما وافقت على خطة مويا السخيفة للسطو على شقة تقع في الطابق الثالث و في وسط منطقة "ماي فير". ما همها أن تكون صديقتها تتعرض للابتزاز؟ لقد كان على صديقتها الحمقاء أن تملك حسا أكبر بالمسؤولية بدل أن تقف أمام عدسة كاميرا أحد الإيطاليين على الشاطئ جنوبي فرنسا ، و تتصور هناك بمفردها.
عندما أعلنت خطوبة مويا في صحيفة "التايمز" لابن أحد القضاة البارزين الذي كان أخوه رجل دين ، لا أكثر ، بدأ هذا المحتال الإيطالي بالاتصال بصديقتها مطالبا بالمال ثمنا للصور.
و بتنهيدة فرج ، شعرت باريسا أخيرا أن قدميها قد لامستا أرض الحمام ، فاطمأنت لأنها قد دخلت الشقة و وقفت بهدوء لتكييف نظرها مع الظلام و لاسترجاع قواها الخائرة.
بالأمس ، و في صبيحة أحد أيام شباط (فبراير) ذات الضوء الرمادي و الطقس البارد ، بدا لها المخطط سهلا.
و قد حضرت مويا هذا الصباح للقاء ذاك الإيطالي في محاولة منها لاسترجاع الصور. و تولت مهمة فتح شباك الحمام ، و من حسن الحظ أن الرجل لم يلاحظ أن شباك الحمام ، مفتوح قبل ترك منزله و التوجه إلى عمله. و بما أنه مدير أحد المطاعم في لندن و يعمل حتى ساعة متأخرة من الليل ، لم يكن هناك أي شك في غيابه عن المنزل ليلة الجمعة.
حتى الآن يسير كل شي حسب المخطط ، فكل ما على باريسا أن تفعله هو السير عبر البهو في إتجاه غرفة الجلوس ، و حسب كلام مويا فإن صورها موجودة داخل جارور مقفل في طاولة ذات سطح مغطى بالجلد. لفد راقبت مويا ذاك الصباح الرجل و هو يضع الصور في ذلك المكان ، في الوقت الذي كانت تعده بخوف بأنها سوف تدفع له المال في اليوم التالي. الساعة الآن العاشرة ليلا و الظلام دامس في الخارج و كل شيء يسير على ما يرام. و لكن باريسا تعيش حالة من القلق.
حتى هذه الساعة لا يزال المكان خاويا ، قالت ذلك في محاولة منها لطمأنة نفسها بعد أن تكيف نظرها مع الظلام ، و استطاعت تمييز إطار الباب عن غيره فتقدمت في إتجاهه ، و لكنها ما لبثت أن تسمرت في مكانها.
لقد تسرب بعض الضوء إلى الحمام من أحد الأبواب المفتوحة بشكل جزئي و هو الباب الذي كانت تنوي التوجه نحوه ، و هنا عادت باريسا لتلعن حظها بعد ما سمعت بوضوح أصوات بعض الأشخاص. و بقلب ملأه الرعب كتمت نفسها وراء الباب المفتوح نصف فتحة. على الحائط المقابل لها شاهدت مرآة استطاعت أن ترى فيهما صورة رجل يدير لها ظهره و إلى جانبه إمرأة واقفة ممدودة اليدين، و لوهلة شعرت باريسا أن وجه هذه المرأة مألوف لديها. لقد كانت مارغوت ماي و هي إمرأة ذات رأس صغير و شعر أحمر و مشهورة ، إن لم تكن مشهورة ، فهي على الأقل فنانة محلية.
تبا! ما هذا المأزق. لقد جف ريق باريسا من الخوف ، كانت واثقة أنه سيتم افتضاح أمرها في أية لحظة ، و لهذا لم تنبس ببنت شفة و لم تحرك ساكنا.
"أؤكد لك يا مارغوت أني كنت أنوي الإتصال بك يوم غد ، أما اليوم فلقد كان لدي عمل و علي الألتزام به."
لقد سبب هذا الصوت العميق ذو اللكنة الخفيفة ، الرعب في نفس باريسا . إذن هذا هو "الحقير النذل الصغير." كما تسميه صديقتها. لقد لاحظت باريسا أن صديقتها مويا أخطأت الوصف عندما سمت هذا الرجل "بالصغير" ، فحسب إعتقادها ، لم يكن هناك أي شيء صغير في هذا الرجل ، فقد كان عريض المنكبين و طوله يزيد عن 190 سم. أما بالنسبة لوجوده في المنزل ، فإنه لم يغادره و لم يذهب إلى عمله ، بل كان موجودا في الغرفة.
"لوك ، عزيزي ، لا تغضب مني." ثم لفت يديها الممشوقتين حول كرسي ، و تابعت: "لم استطع أن أتحمل بعدك عني ، فقد مر وقت طويل لم أرك فيه."
في هذه اللحظات شعرت باريسا بأن الدم يكاد ينفر من وجنتيها ، فإسم لوك ليس غريبا عليها ، لا بد و أنها سمعت بهذا الإسم من قبل. و لكن من غير المعقول أن يكون هو.
فأحنت رأسها محاولة استبعاد الفكرة و شعرت بأن العرق يتصبب على حاجبيها من تحت قبعتها السوداء السميكة. لقد كان عليها الخروج من هذا المكان و بسرعة. في هذا الوقت ، دهشت عندما رأت الرجل يبتعد و يتراجع إلى الوراء.
"ليس الليلة يا مارغوت ، لقد أخبرتك بأني مشغول ، سوف أراك لاحقا في منزلك."
"و لكن يا لوك..."
"لا."
كم أشفقت باريسا على حال هذه المرأة ، التي تغيرت تقاسيم وجهها من الجمال إلى الغضب لتصرف هذا الرجل الأرعن الذي رفض مرافقتها. و لكنه عاد ليخفي تصرفه الأرعن خلف قناع متمثل بابتسامة مصطنعة.
قالت المرأة بصوت مبحوح: "لقد تم رفضي من سيد الأناقة شخصيا! لماذا يا لوك؟ أنت تعرف أني لم أرك منذ زمن طويل."
في هذه الأثناء حاولت باريسا أن تكتم تنهيدة الإحتقار و لكنها لم تستطع ، "سيد الأناقة" يا لها من نكتة! كان الأجدر به أن يسمى "سيد الغرور" فهذا الإسم يناسبه أكثر. ألم تستطع هذه المرأة كم أن هذا الرجل مغفل؟
"ربما ، و لكن ليس الآن ، سوف أقضي معك بعض الوقت يوم غد ، أعدك بذلك ، أما الآن فعليك الرحيل."
"هل هذا يعني أنك أعدت التفكير في الأمر و أنك سوف تصطحبني معك إلى إيطاليا في الأسبوع المقبل لحضور حفلة والدتك؟ لقد مضى على صداقتنا أكثر من سنة ، كانت سنة رائعة فعلا." ثم تنهدت بغصة.
كانت باريسا على وشك أن تنفجر من كلام هذه المرأة ، ألا تملك هذه المخلوقة أي حس بالكبرياء؟
"مارغوت ، فلنتكلم بصراحة ، لا أجد طريقة لأقدمك بها إلى أمي و أنت تعرفين ذلك ، لقد كانت صداقاتك كثيرة و علنية." ثم ضحك و تابع كلامه: "إن كل إيطاليا ، بما فيها أمي رأت صورتك و أنت تجلسين إلى الطاولة في أحد أفخم مطاعم روما و برفقة أحد أعضاء الحكومة."
قالت المرأة بمرارة كبيرة: "أتعني أني جيدة في الصداقة فقط ، و ليس الزواج؟"
"كوني واقعية ، لقد كنا قد حضرنا مشاريع ممتازة ، أنا و أنت فقط." ثم وضع الرجل يده على كتفها محاولا مراضاتها و تابع: " لا تفسدي الأمر بمزيد من الأسئلة ، أما الآن فعليك حقا أن ترحلي. و بالمناسبة، كيف عرفت مكاني؟" ثم بدأ صوته يخفت ، فشعرت باريسا ببعض الارتياح عندما لاحظت أنه يرافق المرأة في إتجاه باب الغرفة. و لكنها عادت للتفكير في صوت هذا الرجل المألوف.
"لقد عرفت بوصولك من الصحف ، كما عرفت أنك اشتريت المطعم ، و هكذا ، عندما لم أجدك في مكانك المعتاد ، اتصلت بالمطعم و أعطوني عنوان ال..."
و هنا لم تعد باريسا تسمع أي صوت ما عدا صوت دمها الذي كان يغلي من الغضب. لا بد أن هذا الشرير قد ابتز العديد من النساء ، فاستطاع بذلك شراء أكبر مطعم خاص في لندن ، ثم سمعت صوت إغلاق الباب ، و من بعده سمعت صوت إغلاق الباب مرة ثانية ، فعرفت أنهما قد رحلا.
و بحذر شديد مسحت كفيها المعرورقتين بجانبيها فامتص الفستان الأسود الضيق بعض الرطوبة. لقد أصبحت على وشك إتمام المهمة كما تعتقد ، فتنفست الصعداء في الوقت الذي كانت تعود فيه دقات قلبها إلى سرعتها الطبيعية تقريبا ، ثم خرجت بخفة و حذر شديدين من الحمام إلى البهو.
لقد تحولت الإثارة التي كانت تعتريها بينما كانت تتسلق درج الحرائق الخلفي إلى خوف مشوب بحالة من الذعر. لا بد أنها كانت مجنونة ، لأنها قبلت بهكذا مهمة. و لكنها ، و بعزم كبير استطاعت عبور البهو و فتحت الباب و ما لبثت أن وجدت نفسها في غرفة مظلمة. لم تجرؤ على إضاءة النور ، بل سحبت بحذر شديد مصباحا كهربائيا من الكيس المعلق بحزامها الجلدي العريض الذي كان يطوق خصرها ، ثم اضاءته.
إذن هذا هو المكتب ، و تقدمت في إتجاهه. سحبت الجارور الأول فكان مقفلا ، و مرة ثانية عادت لتبعثر في محتويات كيسها فوجدت سكينا ، فارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة ، و فكرت بالموقف الذي ستكون فيه إذا ما ضبطتها الشرطة في هكذا وضع.
انحنت باريسا فوق طاولة المكتب و أدخلت السكين بين القفل و الخشب و حاولت سحب الجارور إلى الخارج ، فلم تنجح في ذلك. إن الأمر يبدو أكثر سهولة في الأفلام السنيمائية ، قالت في نفسها بغيظ شديد. انحنت مرة ثانية و لكزت ذاك القفل العنيد ، فتشقق الخشب و نجحت في فتح الجارور.
و أخيرا عثرت على الصور ، فاخرجتها من مظروفها سريعا ، و مررت الضوء فوقها ، أجل إنها صور مويا. و لو أن مويا تريد الزواج من أي شخص ينتمي إلى أي عائلة أخرى ، لما كانت هذه الصور سببت لها أي إحراج. فابتسمت باريسا ابتسامة رضى و أعلنت انتهاء المهمة. و عندما استدارت و حاولت المشي اصطدمت بشء ضخم.
"لقد أمسكتك."
لم تعرف باريسا بما اصطدمت ، و قبل أن تصرخ امتدت ذراع قوية العضلات و التقطتها من خصرها و اسقطتها أرضا. فتحت باريسا فمها محاولة الصراخ ، فما كان من مهاجمها إلا أن هوى بثقله فوق ظهرها فمنع الهواء من دخول رئتيها مما سبب عجزها عن الصراخ ، صعقت باريسا لهول المفاجأة ، فتجمدت و لم تحاول الهرب ، و مع شعورها بدوار أيقنت أنها ممدة أرضا على بطنها ، و احست بثقل طن يجثم فوقها. كان رسغاها مثبتين فوق رأسها ، و رأت ذراعا مرفوعة تنوي ضربها.
قالت باريسا صارخة بعد أن استعادت صوتها: "انهض من فوقي أيها المتوحش الضخم و إلا استدعيت الشرطة."
لقد كانت غاضبة لدرجة أنها لم تلاحظ سذاجة ملاحظتها.
و بعد الارهاق الذي حصل لها من ثقل وزنه ، لم تعد في وضع يسمح لها بالمقاومة. و لكنها فعلت كل ما في مقدورها للتخلص من الجسد الذي كان يجثم فوق ظهرها.
أما اليد التي كانت تعتقد أنها تحاول ضربها ، فقد رفعت القبعة السوداء عن شعرها الذهبي على كتفيها ، ثم عادت و أمسكتها من ذقنها.
"حسنا ، حسنا ، أنظروا ماذا لدينا."
لقد بدا صوته كصوت ممثل كومبارس من فيلم من الدرجة الثانية حسب وصف باريسا. و لكنها عادت و فقدت حسها المرح بعد أن تذكرت موقفها الحرج.
لقد كانت ساقاه الثقيلتان تغطان على خصرها ، و كان منحنيا فوقها في الوقت الذي كانت يده الأخرى ممسكة برسغيها. باختصار ، كانت عاجزة عن الحركة ، شعرت باريسا بزفير الرجل يلفح وجهها ، و على ضوء المصباح الكهربائي الخافت الملقى على الأرض بقربها ، استطاعت رؤية وجهه للمرة الأولى.
قالت بصوت متهدج: "هذا أنت! لقد كان يتوجب علي معرفة ذلك." كان يبدو أكبر سنا منها ، و كان شكل حاجبيه و تقاسيم وجهه و عينيه السوداوين يوحي بالقسوة.
"لقد تعادلنا يا باريسا."
حدقت باريسا بالرجل و شعرت و كأنها منومة مغناطيسيا في الوقت الذي بدأ رأسها بالدوار و شعرت بأنها سوف تموت إذا لم يسمح للهواء بأن يدخل رئتيها.
في هذه اللحظات لمع ضوء قوي على وجهها ، فاستدارت برأسها ، فرأت ساقين انثويتين ممشوقتين.
"عزيزي لوك ، ماذا حصل؟"
"تينا ، لقد وصلت!" قال الرجل ذلك بصوت بدا عميقا و مشوشا بالنسبة لباريسا المنهكة.
"من الواضح أني وصلت في وقت غير مناسب." ثم ضحكت تينا بصوت مصدوم: "باريسا بلمونت ، لم أكن أتصور أنكما بقيتما على اتصال بعد كل هذا الزمن! و لكني سعيدة لذلك ، لطالما اعتقدت أنكما تشكلان ثنائيا رائعا."
نظرت باريسا الممدة إلى تينا برانكو و هي فتاة كانت زميلة لها في نفس المدرسة الداخلية التي كانت تدرس فيها ، فما كان من باريسا إلا أن بادرتها بالقول: "مساء الخير تينا." كم شعرت باريسا بالحماقة لتفوهها بهذه التحية. يالها من غبية. لقد كان الموقف يشبه المسرحيات الهزلية الفرنسية.
أغمضت باريسا عينيها و حاولت طمأنة نفسها بأن ما يحدث هو مجرد كابوس ، من المؤكد أنه كذلك ، إلا أن وزن الرجل الذي كان يضع ثقله فوقها ، حقيقة مؤكدة غير قابلة للشك. و فجأة عادت و فتحت عينيها ، فهي لم تكن مخطئة في تحليلها لأن قوته لا تزال تضغط عل معدتها.
صرخت باريسا بشراسة و هي محمرة الوجه من الخجل: "دعني أنهض."
في هذا الوقت استدرك الرجل حراجة الموقف الذي كان فيه و وقف منتصبا على قدميه ثم مد يده لمساعدة باريسا على الوقوف ، و من دون أن يترك يدها استدار ببطء لمواجهة تينا.
"أنا آسف لما حصل يا ابنة العم ، و لكنك كنت قد وعدتني بالحظور قبل هذا الوقت."
"هذا صحيح ، و لكن كان جينو قد طلب أن نتناول طعام العشاء أولا ، كما أننا لم نكن نعرف أن شقتك بعيدة عن المطعم. إنه في انتظاري الآن في سيارة الأجرة ، فنحن مسافران هذه الليلة إلى إيطاليا." ثم رفعت الحقيبة السوداء التي كانت تحملها و تابعت: "إن كل الأوراق التي طلبتها موجودة هنا. و الآن علي الانصراف."
ثم نظرت إلى باريسا و ابتسمت ابتسامة عذبة و قالت: "لقد سررت برؤيتك ثانية ، أنا آسفة ، لا وقت لدي الآن للمسامرة ، و لا تنسي أن تحضري الحفلة يوم الثلاثاء ، فوالدة لوك ستكون سعيدة بالتعرف إليك ، إلى اللقاء." ثم رحلت.
بعد ذلك عم الهدوء المكان ، فحاولت باريسا أن تفلت يدها من يد لوك ، لكنه أحكم قبضته على يدها ، و دون أن ينطق بأية كلمة ، جرها عبر الغرفة إلى أريكة كبيرة و رماها عليها.
"اجلسي."
لم يكن أمام باريسا أي خيار آخر سوى إطاعة الأوامر ، و بعصبية كبيرة شدت أصابعها المتشنجة. لو كان لباريسا أدنى شك في أن الرجل الذي تورطت مويا معه هو لوكا دي ماغي المسمى ب"لوك" من قبل اصدقائه... لما اقتربت من منزله أكثر من ميل. لقد ألتقت بالرجل مرة واحدة عندما كانت مراهقة تبلغ من العمر أربعة عشر عاما ، و كم تمنت أن لا تراه ثانية.
"إذن ، باريسا بلمونت ، أم علي تسميتك باريسا هاردكورت بلمونت؟" لقد كادت هذه السخرية أن تمزق أعصاب باريسا المضطربة و تابع: "ها نحن نلتقي ثانية ، ومن الواضح أن كل هذا الزمن لم يعلمك بعض التعقل ، ربما يجدر بك أن تفسري لي ما كنت تقومين به ، فلقد دخلت إلى الشقة بالكسر و الخلع ، و ها أنت متلبسة بالسرقة."
كان يروح و يجيء بالقرب منها ، و لأول مرة في تلك الأمسية استطاعت أن تنظر إليه نظرة متفحصة ، فشعرت بنوع من العجز يسيطر عليها في الوقت الذي كانت تحدق به. كان ضخم الجثة ، أنيقا ، و كانت سترته الداكنة تظهر كتفيه العريضتين ، و كان قميصه الأبيض الحريري مفتوحا عند العنق. كما كان قويا و طويل القامة. و عندما ألتقت عينا باريسا الزرقاوان بعينيه ، شعرت بمدى حنقه.
"إذا كنت متعطشة لهذة الدرجة إلى المال ، فبإمكان إمرأة جميلة مثلك أن تلجأ إلى الأساليب النسائية القديمة ، مثلا قبل اللجوء إلى السرقة." قال ذلك بشكل تهكمي.
ابتلعت باريسا ريقها و نظرت إلى البعيد ، فاصطدم نظرها بمظروف الصور الملقى على السجادة ، الأمر الذي ذكرها بسبب وقوعها في مثل هذا المأزق ، ثم استوت في جلستها و رفعت رأسها و حدقت بوجه خصمها الفظ.
"إن المال ليس سبب وجودي هنا ، فتلك لعبتك و ليست لعبتي يا لوك، و لكنك أسأت الاختيار عندما اخترت مويا لابتزازها ، فهي صديقتي." بعد ذلك لم تحاول باريسا أن تخفي الاستهزاء الذي ظهر في عينيها الزرقاوين ، فهي لم تقم بأي عمل خارج عن القانون بعكس هذا الرجل ، ثم تابعت كلامها: "أما بالنسبة للكسر و الخلع..."
قال بهدوء شديد و كأنه يحدث نفسه: "لقد تركت الباب مفتوحا لبرهة." فشعرت باريسا بنظرة مدققة تغلف عينيه السوداوين ، في الوقت الذي كان يحدق فيه في أرجاء الغرفة و تابع: "و هكذا دخلت." ثم إتجه صوب طاولة المكتب و فتح الجارور ، بعدئذ رأى الصور على الأرض فانحنى و التقطها.
لم تكن باريسا مضطرة لتصحيح معلوماته و لم تكن مضطرة لإخباره بأنها شاهدته مع إحداهن ، فراقبته و هو يقلب الصور و الابتسامة المصطنعة ترتسم على فمه ، بعد ذلك استدار نحوها و قال مستفسرا: "لقد أتيت من أجل هذه الصور إذن."
لقد صار يعرف الآن السبب الحقيقي لوجودها في منزله. فأجابته: "بالطبع." ثم نهضت على قدميها و توجهت نحوه بشجاعة كبيرة و أضافت قائلة: "أما بالنسبة لدفع المال ثمنا لهذه الصور ، فأرجو أن لا تحلم بذلك." مدت باريسا يدها و التقطت أحد طرفي المظروف ، فما كان من لوك إلا أن أحكم قبضته على رسغها ثم أجبرها على ترك الصور.
"ليس بهذه السرعة يا باريسا ، اتعتقدين بأنني كنت أبتز صديقتك؟" ثم هز المظروف بالقرب منها و تابع: "لهذا السبب إذن قررت السطو على الشقة و سرقة الدليل. هل أنا مخطئ في تقديري؟"
"لا تحاول أن تلعب معي دور البريء يا لوك دي ماغي ، لأنني أعرف كل ألاعيبك ، فلكي تحصل على مدخول إضافي زيادة على مدخول المطعم ، تلجأ إلى أبتزاز بعض الشابات المسكينات." ثم ابتسمت مستهزئة.
"المطعم؟ إذن أنت تعرفين بأمره؟"
ما قصة هذا الرجل؟ و هل يحاول حقا أن يستغبيها من وراء هذه الأسئلة؟ فكرت باريسا قليلا، ثم قالت محاولة استدراجه: " أما أن تعطيني هذه الصور أو أستدعي الشرطة."
كان لطريقة لمسه لرسغها ، و قرب جثته الضخمة منها تأثيرا كبيرا على أعصابها المنهكة. لقد كان عليها أن تخرج من هذا المكان و بسرعة ، فبعيدا عن كل ما يجري ، لم يكن لباريسا أية ثقة بمويا الخائفة ، الأمر الذي قد يسبب نفاذ صبرها فتقود سيارتها و ترحل إذا ما تأخرت باريسا أكثر من ذلك.
و هنا ، خرق صوت لوك الصمت الذي خيم على المكان ، فقال: "سوف تستدعين الشرطة يا باريسا؟ أنت تدهشينني ، فلطالمااعتقدتك أذكى من ذلك."
قالت باريسا بصوت عال: "ان الأبتزاز جريمة كبرى."
"و لكن ياعزيزتي باريسا ، قبل أن تصل الشرطة إلى المكان أكون قد أحرقت الدليل ، و كل ما ستجده الشرطة هو إمرأة شابة متلبسة بالسرقة." ثم نظر إليها نظرة متفحصة من أعلى شعرها إلى أخمص قدميها و هو يبتسم بطريقة مثيرة.
فجأة ، فكرت باريسا بالمنظر الذي تبدو عليه ، ففستانها الأسود كان ضيقا ، و بطريقة دفاعية شبكت يديها ببعضهما لعجزها عن مواجهته بالكلام. إذا ما أحرق الصور تكون مشكلة مويا قد حلت ، و لكن بالمقابل تكون مشكلتها هي قد بدأت.
"نعم يا صغيرتي." ثم أخذ يتأمل ملامح وجهها الجميل الذي بدأ يتبدل من الخوف ، و أردف قائلا: "بدل الصور سيشاهدونك أنت و سيشاهدون سكينك و قفل جارور طاولة مكتبي المكسور. و بإضافة رزمة من المال إلى الموقف ، استطيع أن أضمن لك حكما طويل الأمد تقضينه في السجن."
بدا مخططه قريبا جدا إلى المنطق ، فلاحظت باريسا بقلب خافق من الخوف ، و ثقة بالنفس في طور التلاشي ، أنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء. نظرت إلى الأعلى في إتجاه عينيه السوداوين الباردتين و فكرت بخوف بما قد يحصل لها.
"و لكن سوف أعقد معك صفقة ، فإذا وافقت عليها استطيع أن أضمن لك أن الصور و الأفلام سوف تصل إلى صديقتك في القريب العاجل و بسرعة تامة."
"صفقة؟" لم تكن باريسا تثق به ، فكيف يمكن أن تثق بشخص مثل دي ماغي؟ إنه محتال. و لكن كان عليها أن تصغي إليه. قالت مستفسرة: "و ما نوع الصفقة؟"
محاولة التظاهر بأنها مازالت تتحكم بأعصابها.
مشى لوك بتمهل عبر الغرفة ، و وضع الصور على خزانة أدوات المائدة ، ثم التقط زجاجة من عصير الأناناس كانت موضوعة على صينية فضية و سكب بعضا منها في كأس كريستالية و خاطبها قائلا:
"أتشاركينني بكأس من العصير؟" ثم أدار رأسه في إتجاهها و تابع: "أترغبين في بعض الأناناس ، أو لعلك تفضلين مزيجا من عصير الليمون و البرتقال ، تبدين مصدومة قليلا."
ان كلمة "مصدومة" لا تفي بالغرض لوصف مشاعر باريسا ، كما أنه لم يكن هناك أي مجال لتشارك شخصا مثله الشراب.
"لا أريد شيئا ، أشكرك. أدخل في صلب الموضوع فقط."
قال ساخرا: "إنك عديمة الصبر." و ببضع خطوات استطاع أن يعبر الغرفة من أولها إلى آخرها و جلس على الكرسي المواجه لها.
أخذ رشفة من شرابه ، ثم ركز بصره عليها و كأنه يحاول أن يستخلص فكرة ما ، ثم قال: "حسنا باريسا ، إن الأمر سهل جدا ، فكما قالت تينا عندما خاطبتنا بفظاظة ، علي السفر لحضور حفلة والدتي يوم الثلاثاء المقبل."
قالت بسخرية: "استغرب أن لأمثالك أمهات."
"يا لك من فظة يا باريسا."
"حسنا ، أدخل في صلب الموضوع."
"ان أمي في السبعين من العمر ، و للأسف فإن صحتها ليست على ما يرام ، أما أغلى أمنياتها فهي أن تراني متزوجا ، إلا إني لا أنوي التورط في مثل هذه الأمور. و لكن ، لكي أريح بال والدتي لا أمانع في التظاهر بذلك ، و هنا يأتي دورك."
نظرت باريسا إليه بارتياب ، فالفكرة لم ترق لها ، ثم ركزت بصرها على وجهه. لقد كان رجلا وسيما جدا ، ذا شعر أسود كثيف يتدلى على شكل موجات على جبهته العريضة ، و كانت عيناه مفتوحتين نصف فتحة و كأنهما تحاولان أن تخفيا تعابير وجهه. أما فمه فقد كان جميلا ، و ذقنه رباعي الشكل بالنسبة لأنفه ، فقد كان من النوع الروماني المثالي مما منحه نوعا من الوسامة الكلاسيكية.
سألت بقلق شديد: "و كيف ذلك؟"
"تسافرين معي إلى إيطاليا و تتظاهرين بأنك خطيبتي لمدة يومين فقط ، و بالمقابل تحصل صديقتك على الصور.
منتديات ليلاس
أعتقد أن والدتي سوف تفرح كثيرا إذا ما تأكدت أن "ليدي" إنكليزية سوف تصبح كنتها ، و بذلك أكون قد أرحت نفسي لبعض الوقت."
لقد سبق لباريسا أن رأت كل ما حدث هذه الليلة ، فقد شاهدت إحدى المعجبات به و هي تتوسل إليه أن يصطحبها معه ، و شاهدته و هو يخذلها برعونة. أما هي فأنها لم تعتد على استعمال لقبها "ليدي" على الدوام ، فقد كانت تستخدمه عندما تبغي لفت نظر الآخرين فقط.
إن السؤال المطروح هنا هو ، هل تستطيع باريسا أن تحتمل رفقة هذا الرجل لمدة يومين كاملين؟ و لكن في الوقت الحاضر ، و بما أنها رهينة بين يديه ، هل هناك خيار آخر؟
قالت محاولة المماطلة: "و ماذا يتوجب علي أن أفعل بالضبط؟"
وضع لوك كأسه على طاولة قريبة ثم نهض و وقف قربها ، فرفعت رأسها و قالت: "أاحضر حفلة واحدة فقط؟ هذا كل ما في الأمر؟" قالت ذلك بطريقة توحي بأنها تفكر جديا بعرضه.
"أجل ، و لكن حاولي أن تكوني لطيفة معي ، و تصرفي بطريقة تجعلها تعتقد و كأننا مخطوبان لبعضنا البعض."
و قبل أن ترد عليه ، جذبها و أمسك يديها ، و لكنها أبقت يديها مسمرتين إلى جسدها.
قالت باريسا التي كانت تنوي صفعه و لكنها لم تستطع لعجزها عن الحركة: "و لكني لست بارعة في التمثيل."
قال ساخرا مستمتعا بالغضب الذي يظهرعلى وجهها: "سوف أعلمك."
قالت غاضبة: "ماذا؟ أيها القاسي المتعجرف." بعد ذلك لم تعد باريسا تشعر بأي شيء ، فحاولت أن تفلت من بين يديه ، و لكنها لم تفلح.
رفعت باريسا رأسها و حدقت به ، فوجدته يبتسم ابتسامة تهكمية باردة ، و كأن شيئا لم يحدث. لقد أحتقرته ، ثم عادت و أحتقرت نفسها لأنها لم تستطع التغلب عليه و تحرير يديها من بين يديه.
عادت باريسا و فكرت في الموضوع ، فصممت على عدم مرافقته إلى إيطاليا. أما بالنسبة لمويا فعليها أن تحل مشاكلها بنفسها ، و هنا بدأت تركز تفكيرها على كيفية الخروج من هذه الشقة هربا من هذا الرجل.
"لا تنصدمي يا حلوتي إلى هذه الدرجة ، فلن تكوني مضطرة لتمثيل هذا الدور على الدوام."
قالت باريسا بهدوء: "حسنا ، لا بأس." كانت ساقاها ترتجفان ، و كان عقلها يفكر بطريقة ما للهرب ، و يبدو أنها عرفت أخيرا هذه الطريقة.
"أعتقد أني سأشرب كأس العصير الذي عرضته علي منذ قليل، ثم نتابع مناقشة التفاصيل ، و لكن قبل ذلك علي أن أذهب إلى الحمام."
"أحسنت التصرف ، لقد كنت مقتنعا بأنك سوف تقبلين ما عرضته عليك ، فالأمر ذو نفع متبادل." ثم ابتسم.
تصنعت باريسا ابتسامة ردت بها على ابتسامته ، ثم استدارت و كادت أن تخطئ عندما حاولت الولوج مباشرة إلى الحمام ، إلا أنها استدركت الأمر و سألته ببراءة زائفة: "أين الحمام؟"
"مباشرة عبر البهو ، سوف أدلك." فوضع يده في جيبه و رافقها في إتجاه البهو و أشار بيده الأخرى إلى الحمام.
"سوف أحضر نوعا آخر من الشراب احتفالا بصفقتنا."
قال ذلك برفق و هو واثق من أن وجوده في البهو سيمنع باريسا من الوصول إلى الباب الخارجي.
خلال لحظات قليلة ، كانت باريسا قد دخلت الحمام و خرجت من الشباك و منه إلى درج الحرائق الخلفي. ثم تنفست الصعداء عندما رأت سيارة مويا الفيات الزرقاء لا تزال متوقفة في مكانها . فركضت في إتجاه السيارة و فتحت بابها و صعدت إليها .
"هيا ، انطلقي بسرعة."
سألت مويا بقلق شديد: "هل حصلت عليها؟"
"هيا ، هيا يا مويا ، أسرعي." و انطلقت السيارة.
بعد نصف ساعة تقريبا كانت باريسا جالسة على أريكة مريحة في شقة مويا في منطقة "كنسينغتون" و بيدها فنجان قهوة محاولة الاسترخاء.
"أرجوك يا باريسا لا تدعيني قلقة ، فأنا لا أحتمل ذلك. هل حصلت على الصور؟"
نظرت باريسا إلى صديقتها الجالسة أمامها . كانت مويا متوسطة الطول ، ذات شعر كستنائي طويل و عينين بنيتين واسعتين ، و شخصية قريبة من مارلين مونرو. كانت تجلس على طرف الكرسي و الحزن الشديد باد على وجهها الجميل و ظلال الأسى ظاهرة في عينيها ، لقد بدت مهمومة جدا.
"أنا آسفة يا مويا ، لقد فشلت المهمة."
"و لكن كيف ذلك ، فكل ما كان عليك أن تقومي به هو تسلق البناء و إحضار الصور ، إنك رياضية." ثم بدأت بالبكاء: "لقد كنت أملي الأخير."
"كنت قد حصلت عليها ، و لكن لسوء الحظ أن معلوماتك لم تكن صحيحة لأن المكان لم يكن خاليا . لقد كان صديقك الإيطالي موجودا في الشقة ، و بالمناسبة ، لو كنت مكانك لما سميت الرجل "بالصغير" ، لقد أوقعني أرضا من دون أي صعوبة."
"آه ، حقا!"
"هذا ما حصل بالضبط ، إن كل ما تبقى لك هو الرجاء يا صديقتي . لم يعد في إمكاني أن أفعل أي شيء بهذا الخصوص ، لقد كنت مجنونة عندما وافقت على خطتك منذ البداية . و كيف أخبرتني أن اسم الرجل لويجي؟ إن اسمه لوكا دي ماغي ، و لو أني كنت أعرف ذلك لما كنت اقتربت من شقته أكثر من عشرة أميال."
أجابت مويا و نبرة الألم ظاهرة في صوتها: "لويجي ، لوكا ، ما الفرق في ذلك؟ حتى أنك لم تخبريني ما الذي حصل بالضبط ، لا بد و أنه قال شيئا ما."
ببضع جمل مختصرة ، وصفت باريسا لصديقتها أهم الأحداث التي صادفتها أثناء مهمتها ، دون أن تتطرق إلى الجزء الذي يختص بالمرأة الأخرى.
"على كل حال ، لقد رماني على السجادة و تصورت لبرهة أنه سوف يقتلني ، و في هذه اللحظة دخلت تلك المرأة . أتذكرين تينا برانكو؟"
"أهي تلك الفتاة الإيطالية التي كانت معنا في نفس المدرسة و كنا نعتقد أن عائلتها تنتمي إلى عصابات المافيا؟ و لكن ما الذي ذكرك بها الآن ، ان مستقبلي في خطر و انت..."
فقاطعتها باريسا و قالت: "إنها ابنة عمه ، لقد تعرفت علي و اعتقدت أننا أصدقاء . و يبدو أن والدته سوف تقيم حفلة في الأسبوع المقبل ، و قد عرض علي أن أرافقه إلى إيطاليا و أتصرف على أني خطيبته فيعطيني الصور مقابل ذلك."
"حسنا ، رافقيه يا باريسا ، أرجوك ، إن مستقبلي كله على المحك ، وعليك مساعدتي ، فأنا لا أستطيع تحمل خسارة سيمون ، و أنا متأكدة من أني سأفقده إذا ما تم نشر تلك الصور."
"كلا يا مويا ، أنا مستعدة لأن أفعل لك أي شيء ، و لكني لست على استعداد للذهاب إلى أي مكان مع دي ماغي. صراحة ، أنا لا أفهم كيف تورطت مع انسان مثله ، أن أفضل حل أمامك الآن هو أن تخبري سيمون بكل شيء ، أنه يحبك و سوف يسامحك على ما حصل في الماضي بينك و بين صديقك ، أنا متأكدة من ذلك."
قالت مويا صارخة "صديقي؟! إنه ليس صديقي على الإطلاق . لقد التقيته مع مجموعة من الأصدقاء في النادي ، وخلال الصيف الماضي ذهبت في إجازة مع نفس المجموعة إلى "نيس" و صودف أنه كان موجودا هناك ، كنا جميعا موجودين على الشاطئ ، فالتقط تلك الصور. لقد خرجت معه مرة واحدة فقط عندما كنت عائدة من الإجازة و لم يحدث بيننا أي شيء."
"آه ، حسنا ، لا يوجد هناك ما يقلق ، أخبري سيمون بكل ما أخبرتني به الآن و انسي أمر ذلك المحتال."
"لا استطيع يا باريسا. إنه يحبني و أنا أحبه ، و إذا ما تم نشر هذه الصور في الصحيفة فإنها ستدمر كل شيء و عائلته سوف تحتقرني. أترين؟ عليك مساعدتي ، أرجوك." ثم انحنت على باريسا و أمسكت ذراعها. "في إمكانك أن تقومي بذلك يا باريسا ، فأنت في إجازة من المدرسة و كل ما عليك هو أن تتصلي بمدبرة منزلك و تخبريها بأنك سوف تمددين إقامتك و تذهبين معي لشراء فستان يوم الأثنين ، أرجوك فليس لي أي شخص آخر ألجأ إليه."
كانت باريسا على وشك الاستسلام لتوسلات صديقتها حتى عاودتها صورة الرجل، فنهضت عن أريكتها مقشعرة البدن على وقع الذكرى.
"كلا يا مويا ، أنا آسفة، سوف أستقل أول قطار في الصباح و أعود إلى بيتي قبل أن أدع فرصة لذاك الرجل بأن يمسكني ، إنه يعرف عنوانك و لا أريد أن أجازف بذلك. تحدثي مع سيمون ، إنه يحبك و سيتفهم الوضع ، أو أتصلي بالشرطة. أما الآن فأنا أريد أن أنام."
قالت مويا متوسلة: "أرجوك يا باريسا. أن سعادتي المستقبلية على المحك." ثم أخذت شفتاها بالارتعاش: "لطالما ساعدنا بعضنا البعض في السابق ، أتذكرين يوم أردت الخروج لحضور حفلة موسيقى البوب؟ لقد تسلقت شباك المهجع ، و نزلت من على شجرة السنديان ، فما كان مني إلا أن موهت سريرك عندما أتت الآنسة كليف لتفقد مسكن الطالبات و بقيت في انتظارك على الشجرة حتى منتصف الليل لكي أساعك على الصعود إلى المسكن ثانية."
شعرت باريسا بذنب كبير لخذلها مويا ، و لكنها لم تستطع أن تشرح لها الخوف اعتراها عندما كانت موجودة مع لوك دي ماغي. هذا عدا عن ذكر حادث ذاك اليوم الصيفي الذي لم تخبر تفاصيله لأحد ، حتى لمويا. لقد جعلت من لوك دي ماغي غبيا و هو ليس من النوع الذي يغفر بسهولة. كانت تشعر بطريقة غريزية بأن الرجل لا ينوي لها سوى الأذى.
قالت باريسا و هي تتوجه نحو الباب: "أنا آسفة."
قالت مويا بحزن شديد: "حسنا يا باريسا ، إذا كنت لا تستطيعين القيام بذلك فلا بأس. أعتقد أنه لم يبق أمامي الآن سوى أن أكلمه ، على الرغم من أن مجرد التفكير في الأمر يجعلني أحتقر نفسي."
"ماذا؟!" قالتها باريسا صارخة و هي تدير وجهها لمواجهة صديقتها.
"لقد طلب واحدا من اثنين ، إما المال و إما... و بما أن كلتانا لا نملك المال لم يتبق سوى..." قالت ذلك بحزن ، فتعلثمت بكلامها و أغرورقت عيناها البنيتان بالدموع.
لقد احتقرت ذلك الرجل الذي يبتز النساء ، و كرهت أن تكون مويا واحدة منهن.
"إذا كنت لا تستطيعين مساعدتي ، فأنا لا أملك أي خيار آخر ، لأني لا استطيع أن أحتمل نظرة الاحتقار من عيني سيمون إذا ما رأى الصور فأنا لا استطيع العيش من دونه. أرجوك يا باريسا."
"لننم الآن يا مويا ، فالأمور تبدو دائما أوضح عند الصباح."

************************

يتبع...

موني الاردن 04-11-08 03:29 PM

ارائعة و تسلم ايدك و نحنا بانتظار التكملة على احر من الجمر

majedana 04-11-08 08:26 PM

يعطيكي الف عافية

بكملي بسررررعة انا حبيتها كتير


فرحة افق 05-11-08 12:08 AM

مجهود رائع


في الانتظار عزيزتي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

redroses309 05-11-08 12:37 AM

أسعدني مروركم
موني الأردن ، مجدانا ، و فرحة أفق
ومشكوررررررين على الردود الحلوة

redroses309 05-11-08 12:43 AM



الفـصل الثانــــــــــــــــــي


شعرت باريسا بتعب شديد و هي تدخل الحمام ، ثم فتحت الماء الساخن و وقفت تحت الدوش. يا لهذه الليلة المتعبة! ففي كل مرة تصغي للجانب المتهور من شخصيتها تنتهي بمأزق ، و مجرد التفكير بأن تصبح لصة لم يكن بالأمر الصائب.
منتديات ليلاس
كانت باريسا تحب صديقتها ، و لكن كان على الأخيرة أن تكون أكثر حسا بالمسؤلية. كانت باريسا قد تعرفت على مويا و هي في الرابعة عشرة من عمرها في مدرسة "برنلودج" للأناث ، و كانت في مثل عمرها. كانت باريسا في تلك الفترة تعاني من فقدها لوالديها ، اللذين قضيا أثناء محاولتهما عبور الأطلنطي بواسطة المنطاد. في نفس الفترة كانت أم مويا قد توفيت في حادث سيارة ، أما والدها فقد كان رجلا عصاميا يقضي كل وقته في العمل دون أن يعير ابنته أي اهتمام. فما كان منه إلا أن أدخل ابنته في مدرسة داخلية. و هكذا اصبحت باريسا و مويا صديقتين حميمتين. فصارت مويا تقضي معظم عطلها المدرسية في منزل باريسا الكائن في "هاردكورت" في الوقت الذي كان والدها يقطن في منطقة "نورفوك".
بعد أن دخلت باريسا الجامعة و تخرجت ، و عينت مدرسة في إحدى المدارس الخاصة ، بقيت على اتصال دائم مع صديقتها. و صودف أن مويا كانت مدعوة مرة لقضاء سهرة في ضيافة باريسا ، فالتقت بسيمون و وقعت في حبه من النظرة الأولى.
تنهدت باريسا و شعرت بأنها مسؤولة لدرجة ما عن صديقتها ، و لكنها لم تكن تدري كيف تستطيع مساعدتها.
أقفلت باريسا حنفية الماء و خرجت من الحمام بعدما جففت نفسها. أن كل ما تستطيع أن تفعله الآن هو الجدال مع لوك دي ماغي ، و لكنها عادت و استبعدت الفكرة ، كانت متعبة جدا و تعاني من صداع عنيف ، فكل ما تريده في هذا الوقت هو النوم. مشت في إتجاه غرفة النوم و رمت المنشفة على الأرض ثم اعتلت السرير ، إلا أن النعاس فارق جفنيها فكلما كانت تغمض عينيها محاولة النوم ، كانت تظهر لها صورة لوك دي ماغي. كان قد غاب عن تفكيرها منذ سنوات ، و لكن الليلة بعد أن رأته هو و تينا ، عادت كل الذكريات.
لم تتغير باريسا كثيرا منذ سن الرابعة عشرة حتى الآن من ناحية الشكل. يقارب طولها 170 سنتيمترا ، ذات شعر ذهبي و جسم ممتلئ. كانت تحب مدرستها و كانت متفوقة في الرياضة بشكل خاص ، و ربما أختارتها تينا لهذه الأسباب جميعا لتنفذ الخدعة.
كانت تينا في الثامنة عشرة من العمر و في الصف النهائي ، و في صباح أحد أيام السبت ، طلبت أن تتحدث مع باريسا على انفراد سائلة إياها إذا ما كانت تستطيع أن تؤدي لها خدمة. يبدو أن صديقها كان قادما لقضاء بعض الوقت معها في ذلك اليوم ، إلا أن ابن عمها كان قادما معه ايضا ليلعب دور المراقب للقائهما ، فقامت بتخطيط حيلة لالهاء ابن عمها و ابعاده عنها.
و لسذاجة باريسا ، وافقت على مخطط تينا ، فسمحت لها بوداعة أن تلبسها إحدى تنانيرها مع بلوزة تليق بها ، و بإضافة بعض المكياج على وجهها بدت باريسا و كأن عمرها ثمانية عشر عاما.
قامت تينا بتدريب باريسا بتلقينها بعض الكلمات ثم قالت: "تذكري ، أنت في الثامنة عشرة من عمرك ، في صفي و من أعز صديقاتي ، فلا تنسي ذلك إذا ما سألك لوك ، اذبلي له عينيك و تحدثي معه بنفس طريقة الكبار ، فيصبح رهن إشارتك، إنه مولع بالشقراوات و هذا يسهل عليك مهمتك. و بما أنك رئيسة فريق التجديف ، هل تحملين مفتاح مرآب القوارب؟"
ردت باريسا بسرعة بالإيجاب ، فقالت تينا: "حسنا ، أريدك أن ترافقي لوك لمشاهدة القوارب ، و بعد أن يدخل المرآب ، أقفلي عليه لبعض الوقت."
إلا أن الأمور لم تجر كما خططت لها تينا. نظرت باريسا إلى ذلك الشاب الطويل ، فعرفت رغم سنها اليافع أنه ليس من النوع الذي يتقبل الألاعيب. في البدء سار كل شيء على ما يرام ، فمشت برفقته عبر ضفة النهر ، و لم يجد أية صعوبة في اختيار حديثهما. أخبرها أنه في السادسة و العشرين من عمره عازب و يبحث عمن يتزوجها ، فردت عليه بأنها في الثامنة عشرة من عمرها ، و تبحث عمن يتزوجها.
لقد كان حديثه مرحا جدا ، الأمر الذي جعلها لا تتصنع الإعجاب به ، لأنها أعجبت به فعلا. كان لوك جذابا و غامضا في نفس الوقت ، بعد أن سألته عن عمله فأجاب بأنه يعمل في مختلف المجالات.
بعد وصولهما إلى مرآب القوارب ، اقتربت تينا من باريسا و ربتت على ظهرها لتذكيرها بالمخطط. نظرت باريسا إلى لوك مبتسمة ثم أذبلت له عينيها و سألته إذا ما كان يرغب في رؤية القارب الذي تقوده برفقة أربع طالبات أخريات.
فرد عليها مداعبا: "سوف أكون سعيدا برؤية اهتماماتك."
استدارت باريسا و فتحت الباب ، كانت تنوي أن تتنحى جانبا لتسمح له بالدخول أولا ، و لكنه أغدق عليها بأدبه ، فأمسك يدها و رافقها إلى الداخل.
في هذه الأثناء حضرت تينا و أقفلت القفل فحبستهما معا في الداخل. كان الضوء خافتا في داخل المرآب ، فأخذ لوك ينظر إلى القوارب متفحصا. و لدهشتها الكبيرة ، حول نظره باتجاهها و بدأ يتأملها بهدوء.
تململت باريسا في سريرها ، فبعد عشر سنوات استطاعت أن تتذكر كل نظرة و كل كلمة قالها لها.
قال لوك مغازلا: "كم أنت جميلة. لما كنت استطعت الحصول على مكان أفضل للقائنا ، لو كنت خططت لذلك بنفسي."
ما زالت باريسا تشعر بالخوف و الإهانة كلما استذكرت تلك اللحظات. كانت تعتقد أنها نسيت كل ما حصل في الماضي ، و لكن عادت إليها كل تلك الذكريات بعد أن شاهدته هذه الليلة.
صرخت باريسا: "كلا..." و حاولت أن تبعده عنها إلا أنه أمسكها بإحكام و بغضب.
"كلا! كيف تجرؤين على رفضي ، لقد كنت طوال فترة الظهيرة تحاولين استدراجي لهذا الأمر."
ذعرت باريسا و تمكنت من الإفلات من بين براثنه ثم أجهشت بالبكاء لشعورها بالمذلة.
في تلك اللحظة ، فتح باب المرآب و شعرت باريسا بحالة من الرعب تعتريها عندما شاهدت استاذة الرياضة تدخل إلى المكان. نظرت الآنسة شبلاي إليهما و طلبت شرح ما يجري.
أخبرها لوك دي ماغي ، الذي كان يتحكم بأعصابه بشكل كبير بأنه ابن عم تينا ، و قد أتى لزيارتها هذا اليوم ، فعرضت عليه باريسا مرافقته لرؤية القوارب و فجأة أقفل الباب خلفهما ، أما سبب بكاء باريسا فهو خوفها من الظلام.
وجهت الآنسة شبلاي كلامها إلى باريسا قائلة: "هل صحيح ما قاله يا فتاة؟" فردت عليها بالإيجاب.
"حسنا ، اعتقد أنه لا يوجد أي مانع لذلك." ثم أضافت: "و لكن بما أنك رجل ناضج ما كان يجدر بك اختيار طفلة عمرها أربعة عشر عاما لمرافقتك. بل كان عليك مرافقة ابنة عمك تينا فتتجول معك بدل إزعاج الليدي باريسا هاردكورت بلمونت". كانت نبرة الإزدراء في صوت الآنسة شبلاي واضحة و قاسية.
رد لوك دي ماغي متعجبا: "أربعة عشر عاما؟!"
سحب وجهه الوسيم و ركز بصره المرتاب على طول و جسد باريسا الممتلئ.
تقلبت باريسا في سريرها ، فحتى الآن لا تعرف سبب تجاهل الآنسة شبلاي لما رأت ، و حسب ظن باريسا هناك احتمالان: الأحتمال الأول هو أنها حاولت تفادي إحراج الفتاة اليافعة ، و الأحتمال الثاني ، و هو أنه المرجح ، هو أنه كان سيجري في اليوم التالي سباق بطولة المدارس في التجديف ، و بما أن باريسا كانت نجمة في هذا النوع من الرياضة ، تجاهلت الآنسة شبلاي الأمر و لم تعاقبها.
تثاءبت باريسا في سريرها ، فرفعت الملاءة و قربتها من ذقنها. لقد مضت تلك الذكريات و لم تعد لها أية قيمة، و نظرا لما حدث في الماضي ، لم تستغرب أن يصبح لوك نصابا.إن صورته محفورة في ذاكرتها على أنه إنسان عديم الرحمة.
في تلك اللحظة ، سمعت باريسا نحيب مويا في الغرفة المجاورة ، فأصغت لذلك الصوت الحزين ، و أدركت أنه لا يوجد أمامها أي خيار آخر سوى الموافقة على مرافقة لوك دي ماغي إلى إيطاليا. ما كانت باريسا لتقبل بأن تكون سببا في تدمير سعادة صديقتها خاصة و أن بيدها مفتاح الحل.
أيمكن أن يكون الأمر رهيبا إلى هذه الدرجة؟ و ما المشكلةفي قضاء يومين في إيطاليا مع عائلة لوك دي ماغي؟ قالت متسائلة، فهي لم تعد الآن فتاة يافعة بل إمرأة ناضجة عمرها أربعة و عشرون عاما و ذات مركز اجتماعي مهم. أما بالنسبةإلى لوك دي ماغي ، فلن يكون سمجا في منزل والدته. و لم يفعل ذلك؟ فصديقته الجميلة مارغوت ماي تكفيه.
في صبيحة اليوم التالي ، و بينما كانت باريسا جالسة في المطبخ لاحتساء فنجان من القهوة ، أخذت تتفحص وجه مويا الحزين و عينيها الشاحبتين ، ثم قالت: "حسنا مويا ، سوف أقوم بذلك ، اعطني رقم هاتف الرجل وسوف اتصل به." تفوهت باريسا بهذه الكلمات بصوت مخنوق و متعلثم.
قالت مويا بسعادة: "أحسنت يا حبيبتي ، لقد كنت واثقة من أنني يمكنني الاعتماد عليك." و الابتسامة تظهر على وجهها الشاحب.
بعد أن خلصت نفسها من بين ذراعي مويا ، عادت باريسا و كررت: "أعطني الرقم."
"إني لا أعرف الرقم ، لا يهم ،فسيمون سوف يصل بعد قليل." ثم تابعت كلامها بنبرة حب: "نحن ذاهبان لشراء خاتمي الخطبة ، تعالي معنا لنوصلك إلى منطقة ماي فير ، أما سيمون فنخبره بأنك ذاهبة لزيارة صديقة ، و هكذا تتحدثين مع الرجل شخصيا." و بنبرة شاكرة اضافت: "أشكرك يا باريسا ، لقد أنقذت حياتي لأني ما كنت لأحتمل خسارة سيمون ، فأنا أحبه جدا."
كم كرهت باريسا فكرة الصفقة و لكنها لم تعد تستطيع أن تبدل رأيها بعد رؤية الارتياح الذي بدا على وجه صديقتها.
و هكذا ، في تمام الساعة التاسعة و النصف صباحا ، كانت تقف على مدخل بناء سبق لها أن زارته من قبل. و بطريقة مترددة ضغطت على جرس شقة الطابق الثالث متمنية لو أنها كانت موجودة في أي مكان آخر في العالم غير هذا المكان.
قال بصوت مزمجر عبر جهاز الهاتف الداخلي: "نعم ، من هناك؟"
أجابت بصوت أجش: "باريسا."
"لا تتحركي... اصعدي مباشرة."
دفعت باريسا البوابة و دخلت المدخل الرئيسي و بدأت بصعود الدرج ، و ما أن وصلت إلى الطبقة الأولى من البناء حتى ظهر لها لوك دي ماغي ، فتوقفت خائفة من وقع الصدمة.
بدا و كأنه استيقظ لتوه من النوم ، كان يرتدي قميصا قطنيا و بنطلون جينز. أبتلعت باريسا ريقها بصعوبة ، و قبل أن تتفوه بأية كلمة اقترب منها و أمسك ذراعها بقبضته الفولاذية.
"ما الذي فعلتيه يا باريسا؟ لا بد أنك مجنونة ، فخروجك من الشباك و نزولك عبر درج الحرائق الخلفي هو عمل طائش ، كان يمكن أن تقعي و تكسري رقبتك الجميلة ، يا غبية."
كان لوك غاضبا جدا ، فسلط عينيه السوداوين على عينيها الزرقاوين بطريقة جعلتها ترتعش من الخوف ، فكانت نظرته توحي بأنه يبغي معاقبتها.
قالت باريسا مستهزئة: "أنا في أحسن حال ، ما القصة يا لوك ، أكنت خائفا أن يتم القبض عليك بسبب القتل بدل الابتزاز؟" محاولة أن تشعره باحتقارها له.
شد لوك يده قليلا على ذراع باريسا ثم عاد و اعتقها في الوقت الذي كان يركز بصره على وجهها الجميل.
"كلا يا باريسا، لست خائفا من أي شيء و لا من أي أحد ، و من الأفضل لك أن تكوني أكثر حكمة خلال مخاطبتك لي ، فهناك أشياء كثيرة سوف أستفيد منها بواسطتك يا سيدتي الصغيرة. ففي الأمس و في خلال عشر دقائق اعدت إلي ذكريات عشر سنين خلت."
اتسعت عينا باريسا الزرقاوان من الدهشة ، و شعرت لبرهة باهتمامه الزائد بها و ذلك قبل أن يغمض عينيه في محاولة منه لإخفاء تعبيرهما.
"إذا ، كنت تنوين مساعدة صديقتك ، و هذا ما اعتقد أنك أتيت من أجله ، اتبعيني..." قال ذلك بلهجة آمرة.
تبعته على مضض صاعدة الدرج، و هي تتمنى لو أنها تحمل سكينا لتغرزه بين كتفيه ، و لكنها على الرغم من هذا الشعور لم تستطع إلا أن تعجب بوسامته و مشيته المميزة.
ما الذي يجري لها؟ فهي لم يسبق لها أن اهتمت بمظاهر الرجال الخارجية من قبل. لقد كانت تائهة في تفكيرها لدرجة أنها تقدمت و دفعت لوك من ظهره و ادخلته إلى شقته.
"يا لهذه العجلة ، لقد غمرتني بلطفك." ثم استدار و أمسك بذراعها جاذبا إياها إلى داخل الشقة و مضيفا: "أم انك فعلت ذلك خوفا من أن يراك أحد معي ، أنا النذل السيء السمعة؟"
بعد أن وطات قدما باريسا أرض تلك الشقة للمرة الثانية ، نظرت إليه بإشمئزاز ، فهي لم تعتد أن تجب من قبل أي رجل بهذه الطريقة و شعرت بأنه يهزأ منها. و بعد أن استعادت باريسا سيطرتها على نفسها ، اجابته في محاولة منها لرد الإهانة: "إن الخطبة بيننا لمجرد يومين ، شيء لا يشرف أي إمرأة ، لأنه يسيء إلى سمعتها."
قال ساخرا: "آه ، الآن عرفت سبب زيارتك غير المتوقعة يبدو أنك ندمت على مغادرتك المتسرعة الليلة الماضية ، و قررت قبول العرض ، أليس كذلك؟"
أجابت متمتمة و كارهة الأعتراف بالهزيمة: "تقريبا."
"حسنا ، فلنناقش الموضوع و نحن نحتسي فنجانا من القهوة." ثم أضاف آمرا: "أتبعيني."
إذا ما عاد الحقير و أمرها بأن تتبعه فإنها سوف تقتله، قالت باريسا بينها و بين نفسها ، و لكنها عادت و تبعته إلى المطبخ.
"إجلسي يا باريسا ، بينما أصنع القهوة."
"أليس من الأفضل أن تنهي ارتداء ثيابك أولا."
قال مازحا: "تقبلي إعتذاري. و لكنني لم أنم إلا عند الفجر ، و لعل سبب ذلك هو أني قضيت معظم الليل و أنا قلق على الليدي باريسا."
يا له من كاذب ، فطبيعة عمله تفرض عليه أن يقضي الليل ساهرا حتى الصباح. اشاحت باريسا برأسها و قررت عدم الرد على سخريته حتى و لو أدى ذلك إلى اختناقها من الكلمات التي لم تكن تستطيع كبتها. ثم كزت على أسنانها و قالت بحنق: "و لكن باريسا على أحسن ما يرام." عادت باريسا و تذكرت صديقتها مويا و حفلة الزفاف ، و قررت أن تتصرف بطريقة لبقة مع الرجل ، كما حاولت اقناع نفسها بأن الوقت الذي ستقضيه معه هو يومان فقط و ليس العمر كله ، كما أن رحلة مجانية إلى إيطاليا ليست بالأمر السيئ ، و هي لا تستطيع تحمل نفقات رحلة إلى خارج بريطانيا من جيبها الخاص ، أما بالنسبة لصديقها ديفيد ، الذي كان يعمل مدرسا معها في نفس المدرسة ، فإن فكرته المفضلة لقضاء عطلة كانت التخييم مع الكشافة. عبست باريسا قليلا ثم عادت و تناست أمر ديفيد.
انتفضت باريسا على كرسيها عندما رأت يدا ضخمة تضع فنجانا من القهوة امامها على الطاولة ، فرفعت رأسها لتجد لوك جالسا في مواجهتها على نفس الطاولة حاملا في اليد الأولى فنجانا من القهوة و ممسكا باليد الثانية ذقنه.
بعد أن تناول رشفة من قهوته الساخنة وجه كلامه إلى باريسا في محاولة منه لبدء حديث معها.
"إن باريسا اسم غريب ، فكيف سميت بهذا الأسم؟"
ركزت باريسا بصرها على حنجرة لوك و راقبت حلقه و هو يتحرك خلال ابتلاع القهوة ، ثم أخذت رشفة من فنجانها و اجابت:
"لقد سافر والداي مرة في رحلة تنقيب عن الآثار إلى الشرق ، و هناك سمعا بهذا الأسم و أعجبا به ، يظهر أنه اسم شرقي و يعني ، ذات الشكل الجميل."
"أنه يناسبك تماما ، أنك إمرأة رائعة الجمال ، تماما كما كنت طفلة رائعة الجمال."
شعرت باريسا بالارتباك عندما سمعت اطراءه المفرط ، فأدارت رأسها و تفادت النظر إلى وجهه.
"أخجلت؟ إنك تدهشينني يا باريسا." ثم مد يده و مرر اصبعه على خدها و اضاف برقة بالغة: "أني اتذكرك عندما كنت في الثامنة عشرة ، لا بل في الرابعة عشرة من عمرك ، أليس كذلك؟"
أحست باريسا بحرارة اصبعه ، فأجفلت و تراجعت ، ثم عادت و حدقت بوجهه الوسيم البسام ، كانت نظرة لوك المتفحصة ذات تأثير عليها مما أدى إلى شعورها بالخجل.
قالت هامسة: "حسنا، ألام ترمي؟"
"ربما كنت تكذبين علي في ذلك الوقت و لكنك كنت عاطفية جدا ، فبعض الأمور لا يمكن تصنعها أبدا."
قالت بغضب شديد: "إن كلامك غير صحيح على الإطلاق ، لقد كانت ابنة عمك هي سبب إقحامي في تلك الخدعة." فهي ما كانت لتقبل بأن تنعت "بالكاذبة" خصوصا من قبل محتال مثله ، أما بالنسبة لطبيعتها العاطفية ، فهي لم تكن تملك هذه الصفة.
"ربما ، و لكن لم تكن تينا هي من ينظر إلي بشغف ، و لم تكن تينا برفقتي ، بل أنت يا باريسا ، و هذا ما جعلني ادهش عندما رأيتك تخجلين الآن ، لا بد تعرفت على الكثير من الرجال منذ ذلك الوقت و تعاملت معهم بنفس الطريقة التي عاملتني بها حينذاك."
قالت فاقدة اعصابها: "ماذا؟! إنك تهينني بـ..."
فقاطعها لوك محاولا استرضاءها: "ما بك يا باريسا ، إنني امازحك لا أكثر ، إنك تقعين بسرعة في الفخ."
"حسنا، فلنتوقف عن الحديث حول الماضي." قالت باريسا هذا الكلام في محاولة منها لإعادة مسار الحديث إلى موضوع مويا.
"إنني أهوى التحدث عن الأيام الغابرة. خاصة و أنها ذات معان فريدة من نوعها. تصوري أن يضبط شاب في السادسة و العشرين من عمره و هو يجلس مع طالبة يافعة! لقد كانت من أحرج اللحظات التي مرت في حياتي لطالما كنت متشوقا لمعرفة ما حدث لك بعد ذلك ، لا بد و أن المعلمة قد عاقبتك."
"لا ، لا. لم تفعل." ثم أخذت باريسا رشفة من فنجانها بعد أن شعرت بأن الحديث عن الماضي ليس بالأمر المؤلم، ثم ابتسمت ، أنها ذكريات مضحكة حقا.
"لم تفعل لك أي شيء بعد كل ما رأته! لا بد و أنها قالت لك شيئا ما. لقد تضايقت في بادئ الأمر لأني شعرت بإني خدعت من قبل طفلة، و لكني عدت و شعرت بالذنب عندما تخيلتك و أنت تبعدين عن الدراسة لبقية الفصل و تحرمين من كل الأمتيازات التي كنت حاصلة عليها."
أجابت باريسا: "لقد حدث العكس تماما." إن شعور الألم الذي أحس به أعطى باريسا بعض الطمئنينة ، فلم تناقشه في هذا الأمر. و تابعت:
"لقد كنت نجمة بالنسبة للآنسة شبلاي في فريق التجذيف ، وكانت بطولة المدارس في التجديف على وشك الأفتتاح ، فلم تبلغ مدير المدرسة بما حدث ، لأنها لو فعلت ذلك تكون قد خسرت أفضل مجذفة في الفريق."
"لم أكن أعرف أنك حقا تجيدين التجذيف. لقد كنت أعتقد إن كلامك هو مجرد تباه."
"ماذا تقول؟ لقد كنت أنا من ألف الفريق الأولمبي و ذلك خلال دراستي في الجامعة." قالت بفخر شديد متناسية إلى من توجه كلامها: "كما أنني كنت بطلة البلاد في التجذيف الانفرادي عندما كنت في التاسعة عشرة من عمري."
"و هل ربحت أي ميدالية في الأولمبياد؟"
قالت متنهدة: "كلا." فهذا الأمر أكثر ما ندمت عليه في حياتها: "لأنني لم أشترك في التجذيف." ثم سيطرت مسحة من الألم على عينيها الجميلتين.
"دعيني أحزر سبب ذلك.لا بد و أنك تسللت من القرية الأولمبية في وقت كان يمنع فيه التجول ، و هكذا منعت من الأشتراك."
ابتسم لوك محاولا تشجيعها على الابتسام ، و دون أن تشعر ، وجدت نفسها تخبره حقيقة ما حصل.
"ليس بالضبط، لقد كنت في ذلك الوقت قد تعرفت إلى شاب هولندي يدعى جان ، و كان يهوى اللعب على الرفاس النطاط ، و هي لعبة لطالما أحببت ممارستها ، و كان من سوء حظي إني وقعت و كسرت ساقي."
و لدهشة باريسا، أحنى لوك رأسه إلى الخلف و شرع بالضحك ، و لكن ما المضحك في الأمر؟ قالت بينها و بين نفسها بغضب.
لقد تلاشى الجو الهادئ الذي كان سائدا بينهما منذ دقائق و حل محله الغضب و الحنق.
"إن الأمر ليس بالمضحك ، لقد كنت منهارة تماما."
"صحيح ، صحيح ، بالطبع." قال لوك محاولا وقف ضحكه و تابع: "ماذا حدث لصديقك؟ هل ربح أي ميدالية؟"
"لا ، لأنني كنت قد حطمت رفاسه المفضل."
قررت باريسا في هذه اللحظة أن تصب القهوة على وجهه إذا ما عاد و ضحك ثانية. كان عليها أن تعرف كيف يمكن أن تكون ردة فعل رجل مثله على مثل هذه الأحداث. فكيف لنذل مثل لوك دي ماغي أن يقدر التعب و الجهد الذي بذلته للوصول إلى الألعاب الأولمبية؟ فمحتال مثله يستطيع أن يحصل على كل ما يريد بالطرق الملتوية.ط
"إن هذا الأمر لم يحدث إلا لك يا باريسا." ثم هز رأسه و تابع كلامه ضاحكا: "لقد حطمت الرفاس... ها... ها."
وقف لوك منتصبا ثم فرك ذقنه و قال يجب أن أحلق ذقني." و خرج من المطبخ.
لا بد و أن هذا الرجل غير طبيعي ، قالت باريسا في نفسها بعد أن سمعت قهقهته المنبعثة من الحمام. بعد ذلك شعرت بدافع يحثها على النهوض و الخروج من ذلك المكان.
فنهضت ، و لكن ليس إلى الخارج ، بل إلى البهو ، لقد كانت وشك الخروج ، و لم يمنعها من ذلك سوى صدى نحيب مويا الذي لا يزال يرن في أذنيها ، لقد وعدتها بأن تقبل العرض و تصمد حتى النهاية ، و لكن كيف السبيل إلى ذلك؟ نظرت باريسا إلى باب غرفة الجلوس ، فكان مفتوحا على مصراعيه ، ثم أصغت فسمعت صوت الماء الجاري في الحمام ، فأيقنت أن لوك لا يزال مشغولا.
و بهدوء شديد دخلت الغرفة و توجهت نحو الطاولة و فتحت الدرج بحذر ، لمعت عينا باريسا بعلامة النصر بعد أن رأت مظروف الصور و بحذر شديد ، ألتقطت المظروف و مشت على رؤوس اصابعها في إتجاه الرواق ، ومنه إلى الباب الخارجي و ابتسامة الرضى ترتسم على ثغرها. لقد كان الأمر سهلا جدا.
أدارات باريسا مسكة الباب النحاسية و هي غير مصدقة حظها الرائع.
يا لحظي السيء! قالت و هي تلتقط أنفاسها ، ثم أدارات المسكة في الإتجاه المعاكس.
"أعتقد أنك سوف تحتاجين إلى هذا..."
أستدارت باريسا بهدوء ، فرأت لوك واقفا مستندا إلى الحائط و مادا ذراعه و المفتاح يتدلى من بين اصابعه الطويلة.
نظرت إليه و شعرت بأن كل المعنويات المرتفعة التي كانت تشعر بها منذ لحظات قد تلاشت ، و أحست بقشعريرة تعتري جسدها. تذكرت باريسا أن هذا الرجل ليس سوى مجرم قد لا يتوانى عن قتلها ليحصل على ما يريد.
لقد جردها من كل أسرارها بحديثه الودود خلال احتسائهما القهوة ، و قد كان في كل تحركاته يسبقها في التنقل في أرجاء المنزل ، لا بد و أنه أغلق الباب و سحب منه المفتاح بعد وصولهما مباشرة ، لقد بدا الآن كحيوان هائج مستعد للانقضاض في أية لحظة.
نظر لوك بغضب إلى باريسا التي كانت ترتعش من الخوف ، ثم اقترب منها و هو يحدق بالمظروف الذي كانت تحمله.
"إذن ، ما زلت تحاولين السرقة." قال ذلك في الوقت الذي كان يضع المفتاح في جيبه: "و كما أفترض ، فإن تلك السيارة في انتظارك ثانية في الشارع الخلفي."
"إن افتراضك غير صحيح." أجابت باريسا مرتعشة الصوت. فالتقط بيده الأولى رسغها و سحب بالثانية مظروف الصور من بين اصابعها المرتجفة.
"إنها ملكي على ما أعتقد." و حرك فمه باستهزاء بينما كان يرمي بالصور برعونة على الطاولة و أضاف: "إلا إذا كنت تشعرين بأنها أصبحت ملكك يا باريسا." ثم أمسك بذقنها و أدار رأسها مجبرا إياها على النظر إلى وجهه.
كانت باريسا مرتعبة و غاضبة في نفس الوقت ، و لكنها كانت تكافح من أجل عدم إظهار ذلك ، لقد كانت على وشك أن تنجح في تمالكها لنفسها ، و لكنها فشلت في ذلك بعد أن اقترب بجسده الضخم منها فشمت شذا عطره. حاولت الابتعاد ، فما كان منه إلا ان ضغط باصابعه على ذقنها.
"إنك تقرفني، لقد أخبرتني مويا عن مطالبك ، إما المال و إما... و لكنك لا تخيفيني ، يا لك من حقير." قالت ذلك بغضب بعد أن ازداد خوفها.
نظر إليها بصمت ثم ترك رسغها دون أن يترك ذقنها.
"نعم ، أن الأمر يستحق هذا العناء ، على الرغم من أن معظم النساء يتمنين أن أطلب منهن ذلك."
قالت باريسا بحنق: "يا لك من مغرور."
"هذا يكفي يا باريسا ، فأنا لم أعد احتمل المزيد من إهاناتك. إما أن ترافقيني إلى إيطاليا يوم الأثنين أو أبعث بالصور إلى الصحف. إن القرار عائد لك. و أؤكد لك أني لن أحاول التحرش بك ، أو مضايقتك." ثم أرخى يده من على ذقنها و تراجع إلى الوراء خالي الوجه من أي تعبير.
"إني جائع ، في إمكانك إخباري قرارك النهائي و نحن نتناول طعام الفطور ، خذي وقتك." ثم أدار إليها ظهره و ألتقط الصور متوجها إلى غرفته.
راقبته باريسا و هو يغادرها بعبسة غضب. فهي لم تعرف ما إذا كان عليها أن تفرح أو أن تشعر بالإهانة لعدم إهتمامه بها.
قال بغير إهتمام: "هل أنت جاهزة للذهاب؟"
لاحظت باريسا مدى غضب لوك من خلال مراقبتها له و هو يرتدي معطفه فلم تستطع منع نفسها من الكلام.
"كنت أحسب أنك تريد تناول طعام الفطور."
"صحيح ، و لهذا نحن ذاهبان."
"ألا تستطيع أن تحضر طعامك في المنزل؟"
"إذا كنت تنوين فعل ذلك أكون لك من الشاكرين." ثم ابتسم ، فقفز قلب باريسا من مكانه من الفرح بعد أن رأت الأبتسامة تعود إلى وجهه الوسيم. لقد تذكرت باريسا المرة الأولى التي رأته فيها مبتسما في تلك الأيام الخوالي.
قال متأسفا: "و لكن لا يوجد طعام في الشقة."
بعد نصف ساعة تقريبا ، كان الأثنان جالسين إلى مائدة أنيقة في أحد أفخم مطاعم لندن ، نظرت باريسا إلى لوك مندهشة في الوقت الذي كان يطلب فيه فطورا إنكليزيا كاملا مؤلفا من اللحم ، البيض ، النقانق ، الفطر ، الطماطم ، والخبز المحمص. رشفت باريسا رشفة من فنجان قهوتها الخامس في ذلك الصباح و عادت للتفكير بابتسامته الدافئة. إنه غريب الأطوار ، ففي لحظة واحدة يمكن أن يتحول من الشراسة إلى الأبتسام مما يشعرها بأنه صديق وفي.
"هل قررت؟"
غصت باريسا بقهوتها ، ونظرت إليه.
"كيف يمكنك أن تأكل كل هذا الطعام في الصباح؟" قالت ذلك مستفسرة في محاولة منها لتغيير الحديث.
"هذا سهل جدا ، فكما تلاحظين ، أنا رجل ضخم و لدي شهية جيدة..." ثم ابتسم ابتسامة سطحية.
"الآن أجيبي عن سؤالي." قال ذلك آمرا و عيناه تحدقان بوجهها. أن عليها مرافقته إلى إيطاليا ، تماما كما سبق لها و وعدت مويا ، و لكن بما أنها جالسة برفقته في أحد المطاعم الفخمة ، سوف تحاول و لو لمرة واحدة أن تتقرب من الجانب الطيب في شخصية لوك الجذاب ، المسترخي.
"لوك ، أني لا أصدق أنك في حاجة إلى المال لدرجة أن تفسخ خطوبة مويا و تدمر حياتها من أجل هذا الشيء البغيض. إنها مغرمة جدا بسيمون ، لقد أوصلاني غلى منزلك هذا الصباح ثم تابعا طريقهما لشراء خاتمي الزواج ، ثم لم لا تعطيني الصور و تنسى الموضوع؟ و لو لهذه المرة فقط."
راقبت باريسا وجهه الوسيم آملة أن يتقبل الفكرة ، و لكن بد ذلك عبس وجهه و قطب حاجبيه.
قال ساخرا: "و لو لهذه المرة فقط! و هل يجب عليك أن تمدحيني و تستغلي شكلك الجذاب بالنسبة لي لكي اعطيك الصور؟ و ماذا أفعل بالنسبة لضحاياي الآخرين؟ ألا يستحقون بعض هذه الشفقة؟"
"أنا لا يهمني الأخرون يا لوك ، فإذا نسيت موضوع مويا ، أعدك بأن لا أخبر أحدا عن عملك."
قال متهكما: "لقد أرحتني قليلا ، و لكني غير موافق ، إن كل ما أريد أن أعرفه الآن هو نعم أم لا."
نظرت باريسا إليه نظرة ثاقبة و فتحت عينيها الزرقاوين محدقة بعينيه و قالت: "نعم ، تبا لك! سوف أذهب معك إلى إيطاليا و لمدة يومين فقط و سوف أدعي بأني خطيبتك ، أما يوم الأربعاء فعليك أن تسلمني الصور.ط
نهضت باريسا شاعرة بأنها أخطأت عندما حاولت التقرب من الجانب الطيب لشخصية لوك ، لأن هذا الجانب غير موجود.
"أحسنت. في هذه الحال يجب أن نحذو حذو صديقتك و نذهب لشراء الخاتم."
أمسك بيدها و قادها إلى خارج المطعم. دهشت باريسا عندما رأت سيارة ليموزين سوداء ضخمة مع سائقها الخاص متوقفة في انتظارهما على مدخل المطعم.
"صباح الخير سيد دي ماغي ، لقد سررت لرؤيتك ثانية."
هذا ما قاله السائق الذي يرتدي زيه الخاص مرحبا ، ثم فتح لهما الباب الخلفي.
"صباح الخير يا جونسون."
و قفت باريسا فاغرة فاها لدهشتها ، فدعاها لوك إلى دخول السيارة ، لم تستطع أن تفهم ما يجري حولها ، فلقد كانا استقلا سيارة أجرة لكي يذهبا إلى المطعم.
"من فضلك يا جونسون ، خذنا إلى سوق الصاغة." قال لوك آمرا و مغلقا الزجاج الذي يفصل بين السائق و المقعد الخلفي ثم استقر في جلسته على المقعد الجلدي.
"من الذي قال أن العمل الأجرامي لا يطعم خبزا؟" قالت باريسا ذلك مذهولة و فاتحة عينيها من الدهشة.
نظر إليها لوك نظرة جانبية و قال: "أستأجر سيارة ليموزين دائما عندما أكون في لندن. فمن الصعب أن يحصل الانسان على موقف ليركن سيارته الخاصة. و لكن قبل أن نصل إلى أي مكان أريدك أن تتوقفي عن مناداتي بالمجرم في الأيام القليلة القادمة ، فبالنسبة لعائلتي و أصدقائي أنا رجل أعمال."
يا له من عمل! قالت في نفسها ، ثم نظرت إلى وجهه و قررت الاحتفاظ برأيها لنفسها.
"و هل من الضروري أن نشتري خاتما؟ فأنا لا أملك متسعا من الوقت لأقوم بذلك و علي أن أعود إلى بيتي و أخبر..." لقد كانت على وشك أن تقول مدبرة منزلي.
و لكنها استدركت الأمر في الوقت المناسب: "علي أن أوضب حقيبتي..." محاولة تصحيح الخطأ الذي كادت تقع فيه. ثم نظرت من الشباك فلاحظت أن السيارة توقفت جانبا.
"نعم ، إن الخاتم ضروري ، و لا تقلقي ، فسوف أوصلك إلى المنزل بعد أن ننتهي ، ثم تخبريني من أين أقلك صباح يوم الأثنين. من سوء الحظ أن لدي عملا هذه الليلة و يوم غد و علي أن ألتزم به ، لو لم يكن الأمر كذلك لكنا أمضينا بعض الوقت معا نتمرن على تمثيل دورنا." ثم لمعت عيناه مرسلة رسالة إلى باريسا التي تجاهلت الأمر. لقد تذكرت صورة لوك و مارغوت ماي و هما يتجادلان في المنزل ، فحركت شفتيها بابتسامة ساخرة ، فقد عرفت تماما ما هو العمل الذي يجب عليه الألتزام به.
دخلت باريسا إلى محل الصائغ ، فما كان منه إلا أن حيا لوك بابتسامة عريضة.
"لقد عدت بسرعة يا سيد دي ماغي ، هل كان ثمة خطب في السوار الذي اشتريته البارحة؟"
كادت باريسا أن تضحك بصوت عال. فلقد أجبرت على الذهاب إلى إيطاليا من أجل صديقتها ، و لكنها لاحظت الآن أنه لا يوجد ما يخيفها من لوك دي ماغي الذي ابتسم بظرافة و أجاب: "لا ، فالسوار رائع و أنا متأكد من أن السيدة سوف تعجب به. لقد أتيت اليوم من أجل شراء خاتمين."
نظر الصائغ إلى باريسا بطريقة معتذرة . فدفعها حسها النسائي ، أو لنقل كبرياؤها الأنثوية إلى القول: "أريد أن أرى أجمل و أضخم خواتم مزيفة لديك." لقد أرادت أن تتصرف كالفتيات الوقحات لترى ردة فعله.
نظر الرجل إلى لوك و بعد أن تبادل معه بضع كلمات بالإيطالية ، هز لوك رأسه علامة الموافقة ، فاختفى الرجل و عاد بعد دقائق و معه علبة مليئة بالخواتم.
اختارت باريسا أكبرخاتم. لقد كان خاتما ضخما ذا لون مائل إلى الزرقة لدرجة بدا فيها و كأنه حقيقي. وضعت باريسا الخاتم في اصبعها فناسبه بشكل رائع.
"لقد أعجبني هذا الخاتم يا حبيبي لوك." ثم نظرت إلى مرافقها و ابتسمت ابتسامة مصطنعة.
"هل أنت متأكدة يا باريسا؟ فهناك تشكيلة واسعة." قال ذلك لوك و عيناه تتأججان بالغضب المكبوت.
"أنا متأكدة يا عزيزي." أجابت متصنعة الابتسامة و سعيدة بما تقوم به. و لكن بعد عشر دقائق و خلال وجودها في السيارة بجانب غريب مهان ، كم تمنت لو أنها لم تحاول الإيقاع به.
بعد ذلك توقفت السيارة جانبا ، فنزل السائق و فتح باب باريسا التي نظرت إلى لوك.
قال لوك: "حسنا ، يوم الأثنين الساعة العاشرة صباحا إذن ، و لا تنسي الخاتم."
أجابت متمتمة: "بالتأكيد."

****************************

يتبع...

safsaf313 05-11-08 11:10 AM

وااااااااااو روزى روايه باين عليها روعه انا لسه ماقريتش الفصلين بس شكل الروايه اكشن زى رواياتك التانيه انتى بتجبيها من فين؟؟؟؟؟؟ نفسى اعرف الروايات الحلوه دى من فين؟؟

redroses309 05-11-08 05:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 1716924)
وااااااااااو روزى روايه باين عليها روعه انا لسه ماقريتش الفصلين بس شكل الروايه اكشن زى رواياتك التانيه انتى بتجبيها من فين؟؟؟؟؟؟ نفسى اعرف الروايات الحلوه دى من فين؟؟

هلا بهالطلة يا أحلى صفصوفة
كيفك و أخبارك أيه؟
أما بالنسبة للرواية فهي فعلا أكشن
و راح تعجبك إنشاءالله
و مشكورة على مرورك و لا تحرمينا من طلاتك الحلوة يا قمر

redroses309 05-11-08 05:31 PM


الفصـــــــــل الثـالث


دخلت باريسا الشقة بعد أن فتحت بابها بواسطة المفتاح الذي زودتها به مويا ، كانت شقة صغيرة في منطقة كينسنغتون ثم توجهت مباشرة إلى الهاتف و طلبت سيارة أجرة لتقلها إلى محطة السكة الحديدية. لقد استطاعت أن تخدع لوك دي ماغي و تجعله يعتقد بأنها تسكن مع مويا في نفس الشقة في لندن. بهذه الطريقة استطاعت تضليل لوك عن مكان سكناها الحقيقي في حال حدوث ما يريب. كانت مويا تنوي ترك شقتها للسكنى مع والدها في نورفوك ثم تعود بعد الزواج لتستقر في ساسيكس. و في حال استطاعت باريسا الصمود في الأيام القليلة القادمة و استعادت الصور فإن كل شيء سيسير على ما يرام. لقد استغرقها الأمر بضع دقائق لتوضب حقيبتها ، ثم كتبت ملاحظة لمويا مؤكدة لها فيها أن كل شيء يسير على ما يرام. و مخبرة إياها بأن تتوقع عودتها عشية يوم الأحد ، ثم غادرت الشقة.
منتديات ليلاس
بعد ثلاث ساعات تقريبا تنهدت باريسا تنهيدة أرتياح بعد أن وصلت إلى قصر هاردكورت، فترجلت من السيارة و دفعت الأجرة للسائق ، ثم دخلت إلى القصر عبر بوابة المدخل الضخمة.
صعدت باريسا الدرج إلى البيت و رمت حقيبتها على الطاولة.
قالت بصوت عال: "ديدي ، عزيزتي لقد عدت."
و على الفور حضرت سيدة حانية الظهر ذات شعر رمادي قادمة من الفناء الخلفي للمنزل.
"لا داعي للصراخ ، فأنا لست صماء يا طفلتي."
ضحكت باريسا بصوت عال و ضمت المرأة الواهنة: "أنا آسفة يا ديدي، و لكني سعيدة بعودتي إلى البيت."
"و لكنك لم تتغيبي سوى ليلة واحدة. إن من غير العدل أن تمكث إمرأة جميلة و شابة مثلك نفسها في الريف. كان عليك أن تقضي وقتا أطول في لندن و تتمتعي بوقتك ، أما أنا و جو فبخير و لا ينقصنا أي شيء."
"أعرف ذلك يا ديدي و وفري علي هذه المحاضرة ، فلدي موعد عشاء مع ديفيد هذه الليلة و سوف أعود إلى لندن يوم غد ، فأتغيب بضعة أيام في إجازة. لقد أستجيبت أمنيتك ، فهل أنت راضية الآن؟"
"بالتأكيد ، و لكن ما هذا؟" ثم أمسكت يد باريسا و نظرت إلى الخاتم الضخم ، فارتبكت و سحبت يدها.
"إنه لا شيء ، لقد أشتريته للتسلية."
"آه للتسلية! إن على فتاة جميلة مثلك أن تتزوج و بذلك يشتري لها زوجها المجوهرات ، فأنا لا أستطيع أن أصدق أن ديفيد براون يستطيع أن يؤمن لك متطلباتك."
"أرجوك يا ديدي ، لا تبدأي بهذا الآن." لم يكن ديفيد مناسبا للزواج من باريسا حسب وجهة نظر مدبرة منزلها.
قالت ديدي: "كوني عاقلة. سوف أذهب لصنع بعض الشاي."
راقبت باريسا ديدي و هي تختفي خلف الدرج. لقد كانت تعي تماما كلام ديدي. كان ديفيد في الثلاثين من عمره و يقيم مع والدته في منطقة باتل و كانت باريسا قد بدأت بالخروج معه منذ عام تقريبا ، في بعض الأحيان كانا يتواعدان على العشاء و في أحيان أخرى كانا يزوران مسرح برايتون و لكن مرة واحدة في الشهر ، و كان كلاهما يهتم بفرقة الكشافة. لقد كان ديفيد طويلا و حسن الطلعة... لا بل وسيما ، فأعجبت باريسا به لكونه محدثا جيدا و صديقا مخلصا ، كما أنه لم يكن من النوع المتصنع.
ركضت باريسا بخفة متسلقة الدرج. من يعلم ما الذي ستقوله ديدي إذا ما عرفت الحقيقة! قالت باريسا في نفسها ، فما الذي ستقوله إذا ما عرفت أنها مسافرة إلى إيطاليا برفقة نذل؟ و لكنها عادت و تمنت أن لا تتمكن من معرفة ما حصل ، فنزعت الخاتم من اصبعها و رمته في حقيبتها. كانت ديدي مدبرة المنزل ، و لكنها كانت بمثابة أم بالنسبة لباريسا ، فبعد وفاة والديها تم تعيين محامي العائلة و جدتها وصيين عليها. و عندما توفيت جدتها بعد بضعة شهور من وفاة والديها تنازل المحامي بسعادة عن وصاية باريسا و عهد بها إلى ديدي لترعاها ، إن باريسا تحبها كثيرا و لا يمكن أن تفعل ما يؤذي مشاعرها.
تقطب حاجبا باريسا علامة القلق ، و هي تصعد الدرج الداخلي و حاولت أن تتفادى في مشيتها السجادة الممزقة التي تفترشه. فإذا لم يتوصل محاميها إلى حل عاجل ، يصبح القصر عند ذلك معرضا للسقوط فوق رأسها ، قالت باريسا بينها و بين نفسها ، و لكن في حال حصل ذلك ما الذي سيحل بديدي و جو؟
كانت باريسا تحب عملها كمدرسة رياضة ، لكن راتبها لم يكن كافيا لا لترميم القصر المتداعي و لا لتغطية مصاريف ساكنيه. كان السيد جارفيس المحامي عجوزا لطيفا ، و لكن تمنت لو أنه أجل أمر مصارحتها بحقيقة وضعها المالي السيء حتى وقت آخر.
إن تلك المسؤلية كبيرة على عاتق باريسا ، خاصة أنها آخر شخص حي من عائلة هاردكورت ، و آخر قيم على القصر و على الثنائي العجوز الذي يشاركها مسكنها.
لاحقا ، و بعد مشاركة العشاء مع ديفيد في فندق صغير في منطقة هايلشام، ودعها برقة ، مما أشعرها بالدفء و الطمأنينة. ثم عادت إلى بيتها فبدلت ثيابها و اعتلت سريرها و غطت نفسها بعدد من الأغطية. لقد علمتها التجارب أن الدفء أمر يجب المحافظة عليه خاصة أنها مقيمة في بيت معطل التدفئة و رياح شباط (فبراير) تعصف فيه من كل الجهات.
أغمضت باريسا عينيها فارتسمت في مخيلتها صورة ذلك الرجل صاحب الشعر الغامق و العينين السوداوين. أرتعشت باريسا و لكن ليس من البرد. لقد تساءلت عما يفعله لوك في هذا الوقت ، فتذكرت مارغوت ماي ، كانت على يقين بما يفعله لوك فحاولت أن تقنع نفسها بأنها سعيدة بذلك ، لأن من شأن هذا الأمر أن يسهل عليها مهمتها في الأيام القليلة القادمة.
وقفت باريسا على الرصيف ، فتاة طويله ممشوقة القد ، ذات شعر أشقر متدل على ظهرها و مربوط بربطة شعر زرقاء اللون منسجمة مع لون عينيها الزرقاوين اللامعتين و متناسبة مع كنزتها و معطفها الذي كان يلف جسدها الجميل بواسطة حزام منسجم مع ثيابها. و كانت تنتعل حذاء ذا لون بيج و نعل مسطح و تحمل حقيبة متناسقة الألوان مع باقي ثيابها. أما بجانبها فقد كانت تضع حقيبة قديمة و لكن من الجلد الجيد.
حركت باريسا قدميها لتدفئ نفسها و لتخفف من توترها في نفس الوقت. كانت قد إقترحت في الليلة الماضية على مويا أن تحاول و لآخر مرة أن تسترضي لوك دي ماغي لكي يعطيها الصور ، و لكن صديقتها رفضت حتى فكرة رؤية الرجل. و لكن بعد أن عادت مويا للنحيب تخلت باريسا عن الفكرة ، الأمر الذي أدى إلى وقوفها في إنتظار لوك على هذا الرصيف.
نظرت باريسا إلى الساعة الذهبية اللون التي تطوق معصمها ، غنها الساعة العاشرة و خمس دقائق ، لقد تأخر. ثم لمحت الخاتم المتلألئ في إصبعها ، فلاحظت أنه كبير لدرجة إنه لم يسمح للقفازات بأن تدخل يدها مما أدى إلى تجمدها من البرد.
"هل أنت معجبة بخاتمك يا باريسا؟" قال ذلك الصوت الرنان الذي أجفلها.
استدرات باريسا محدقة فنظرت إلى ذلك الوجه الوسيم ، إنه وجه لوك دي ماغي الذي أمسك بذراعها ، فما كان منها إلا أن تراجعت في إتجاه الطريق.
"حاذري يا باريسا." ثم شدها في إتجاهه ، ثم تابع كلامه: "لا أريد أن أخسرك الآن ، على الأقل ليس قبل إنهاء دورك في الصفقة."
قالت بغضب: "لقد تأخرت." و هي تحملق به و تحاول أن تكبت مشاعرها. حتى أنها عجزت عن ملاحظة سيارته التي ركنها على مسافة أمتار قليلة منها!
ارتسمت ابتسامة صغيرة على فمه و قال: "هل اشتقت إلي؟" ثم رفع أحد حاجبيه متهكما و أمسك بيدها و حمل بيده الأخرى حقيبتها.
لقد استنفذت باريسا كل رقتها و كل خياراتها ، فبعد أن أمسك بيدها الصغيرة الباردة التي تدفأت تحت ضغط أصابعه الطويلة ما كان في إمكانها إلا أن تتبعه بوداعة.
رمقت باريسا خلسة الرجل السائر إلى جانبها و الذي كان ينظر مباشرة إلى الأمام ، فبدا شكل وجهه الوسيم و كأنه قد من الصوان. كان يرتدي معطفا يبرز كتفيه العريضتين و كان نسيم الصباح يلفح ربطة عنقه فترتد على وجهه ، أما شعره الأسود و عيناه السوداوان و لون بشرته البرونزي و مشيته المهرولة ، و حتى ثيابه كل هذه الأشياء كانت توحي بأنه رجل إيطالي خالص. و هنا تذكرت الشائعات التي تتعلق بارتباطات هذه العائلة مع عصابات المافيا.
لقد كان مجرد خزعبلات من الطالبات ، قالت باريسا محاولة طمأنة نفسها ، و لكنها عندما وقفت قرب سيارة الليموزين السوداء مراقبة السائق و هو يضع الحقائب في صندوق السيارة ، عادت و شككت في الأمر.
قال لوك باقتضاب: "اصعدي غلى السيارة." ففعلت.
بعد مضي ساعة تقريبا ، و بينما كانت تصعد سلم الطائرة ، ازدادت شكوكها. فلقد إستطاع لوك ان يعبر و إياها الجمارك و كل مكاتب خروج مطار غاتويك حتى صعود الطائرة دون أن ينطق ببنت شفة.
دخلت باريسا الطائرة و نظرت حولها ، فشعرت بتقلص في معدتها.
تقدم رجل يرتدي بزة غامقة اللون من باريسا و قال: "هل لك أن تعطيني معطفك؟" فما كان من باريسا إلا أن حلت الحزام و خلعت المعطف و أعطته للرجل.
قال الرجل: "سوف تقلع الطائرة بعد خمس دقائق ، إجلسي من فضلك." ثم رافقها بكل أدب فمشى معها عبر ممر مفروش بالسجاد الأخضر مارة بقرب أريكتين جلديتين و بجوارهما مقعدان و طاولة قهوة مذهبة الإطار و جميعها منسجمة الألوان ، ثم تابعا المسير حتى وصلا إلى صف من المقاعد في مؤخرة الطائرة ، فجلست فاغرة فاها و فاتحة عينيها من الدهشة. لا بد أنها طائرة خاصة ، لا أكثر و لا أقل.
رفعت باريسا رأسها فوجدت لوك واقفا قربها ، فهز كتفيه العريضتين فاقترب رئيس التشريفات و تناول المعطف منه ثم جلس على المقعد الملاصق لمقعد باريسا.
سألت باريسا: "لمن هذه الطائرة؟."
"إنها من أملاك الشركة بالطبع. أربطي حزامك الآن يا باريسا." ثم ساعدها على ربط الحزام.
أشاحت باريسا برأسها ، و نظرت من الشباك إلى خارج الطائرة. الشركة! آه يا إلهي! قالت باريسا بينها و بين نفسها بعجز ، هل هذا أسم آخر للمافيا؟ و ما الذي تعرفه عن هذا الرجل؟ فلا يوجد أي صاحب مطعم مهما علا دخله ، يستطيع أن يتبختر في سيارة ليموزين مع سائق خاص أو أن يستعمل طائرة خاصة. ربما أن لوك استطاع توفير و دفع ثمن المطعم عن طريق خبرته الطويلة في عالم الاحتيال. لقد أيقنت على أنه عضو أو على الأفل يملك إرتباطات مع عصابات الإجرام المنظمة. فما الذي تعرفه عن لوك دي ماغي؟ لقد التقت بالرجل ثلاث مرات فقط خلال عشر سنوات. ما الذي ورطها في هذا المأزق؟
نظرت باريسا إلى الأسفل ، لاحظت أن حزامها يهتز فمد ذراعه الطويلة ليعيد تثبيته ، الأمر الذي أشعرها بالخوف.
و بسرعة التصقت بالشباك في الوقت الذي بدأت فيه أصابعه بإحكام الحزام. لقد تحول خوفها إلى حالة من الذعر و لمتعد تستطيع أن تركز تفكيرها على أي أمر ، فحاولت حبس أنفاسها في الوقت الذي كانت تحلق فيه الطائرة في السماء ، لقد بدأ قلبها بالخفقان فتشبثت بالمسكات المخصصة للأيدي التي تبدل لونها من شدة ضغط قبضتها عليها.
في هذه اللحظات مد لوك يده الضخمة الدافئة و وضعها عليها ، و شدت هي على لحمه القاسي. لم تهتم باريسا بما تقوم به من تصرفات فهي تكره الطيران.
قال مستهزئا: "أتخاف باريسا المتهورة من الطيران؟"
"كلا ، أنا لا أخاف من الطيران." أجابت كاذبة ثم تابعت و هي تكز أسنانها: "و لكن أكره الاقلاع و الهبوط ، كما أني لست متهورة."
أدار لوك رأسه في إتجاه باريسا و عيناه تلمعان ثم قال: "لست متهورة؟ غنك موجودة في هذه الطائرة و مخطوبة إلى رجل بالكاد تعرفينه و لا تعرفين الجهة التي تتوجهين إليها..." ثم ابتسم و كشر عن أسنانه البيضاء فتمنت لو أنها تستطيع لكمه ، و تابع: "إن كل ما تقومين به يدفع إلى الإعتقاد بأنك متهورة."
لقد كان كلامه صحيحا ، فتضايقت منه لهذا السبب. إن الصفة الوحيدة التي تفاخر بأنها تمتلكها هي كونها إمرأة هادئة عقلانية ناضجة ، إلا أن صدقها الغريزي يدفعها إلى الأعتراف بأنها تصرفت بطريقة متهورة في الأيام القليلة الماضية. و لكن بما أن سعادة مويا على المحك لم يكن لديها خيار! و بهدوء ، رفعت يدها عن يده ، ثم نظرت إلى الأسفل فحلت الحزام و حاولت أن تتفادى نظراته الساخرة.
قال ساخرا: "لن أعود و أربطه لك يا باريسا." و لكنه ما لبث أن فك حزامه هو أيضا و مد رجليه إلى الأمام.
استدارت باريسا و عيناها تلمعان من الغضب. لقد أصبحت تشعر بالغثيان كلما رأته. كان يمد ذراعيه الطويلتين فوق رأسه، فبدا مثل نمر متوحش ، في هذه اللحظات حضر مدير التشريفات.
"هل ترغب السيدة بالقهوة أم الفطور؟"
"قهوة فقط ، من فضلك." ثم وقف لوك و قال: "أحضر لي من ما عندك ، من فضلك يا جاكس." مد لوك يده القوية إلى باريسا قائلا: "ما بك يا باريسا؟ لم لا تحاولين أن تريحي نفسك؟ فسوف يكون لدينا أشياء كثيرة لنقوم بها على الأرض فيما بعد و في كل المجالات."
تجاهلت باريسا يد لوك الممدودة و وقفت على رجليها فارتسمت على فمه المثير ابتسامة ساخرة كرد فعل على ما قامت به دون أن يعلق على هذا التصرف ، ثم توجه إلى الأريكة الملاصقة لطاولة القهوة و جلس عليها.
"ماذا تعني بقولك في كل المجالات؟" سألته باريسا بتحفظ ثم توجهت إلى الأريكة المواجهة لطاولة القهوة و جلست عليها. كانت عيناه السوداوان تحدقان بها و هي في طريقها إلى الأريكة فأخذ يتفحصها من أعلى شعرها إلى أخمص قدميها.
"إننا بصدد صفقة أنا و أنت فقط ، سوف أقضي يومين مع والدتك ثم تسلمني صور مويا." لقد كانت مصرة على إعادة تذكيره بمستوى علاقتهما و ذلك لكي تحد من الخوف الذي كان يعتريها.
في هذه الأثناء حضر مدير التشريفات حاملا صينية فوضعها على الطاولة ثم وضع فنجان من القهوة الساخن أمام باريسا ،أما بالنسبة إلى لوك فقد وضع أمامه صحنا كبيرا من البيض و اللحم ، نظر لوك إلى الصحن ثم عاد و نظر إلى باريسا فاصطدمت عيناه بعينيها.
"إنك على حق يا باريسا ، فلقد عنيت بقولي في كل المجالات أن علينا أن نظهر على أننا مقربان من بعضنا البعض بشكل لا يجلب الشك لأحد."
تيبست يدا باريسا على الفنجان و ذهبت في تخيلاتها إلى البعيد ، ارتعشت باريسا من هذا التفكير ، فتوردت وجنتاها.
"أنا لا أعني بالشكل الذي تفكرين به بالمعنى المحافظ."
قال ذلك ساخرا و هو يقرأ ما يجول في رأسها: "لأن أمي إمرأة ذكية و شديدة الملاحظة فسوف تتوقع مني أن أكون عارفا لعائلتك و لتاريخها و لكل هذه الأشياء يا ليدي باريسا." ثم التقط شوكة و سكينا و أضاف: "ربما سأفتح شهيتك إذا ما شاهدتني آكل أمامك." ثم ركز اهتمامه على الطعام الموجود على الطاولة و شرع في الأكل.
تنفست باريسا بعمق محاولة تذكير نفسها بأنها إمرأة ناضجة و ليست مراهقة بلهاء مشغولة بالأفكار الشاذة. لقد بدا لها طلب لوك منطقيا.
"حسنا ، أود أن أخبرك أولا بأنني لست ليدي." و على وقع كلام باريسا شرع لوك بالضحك.
قال لوك ضاحكا: "شكرا أنك قلت هذا ، فلو أن رجلا ما قال ذلك لما توانيت عن صفعه."
"أنا لا أقصد ذلك بالمعنى الذي فهمته أنت. لقد كان والدي لورد سرايا هاردكورت، و قد زال اللقب بزوال السرايا. بعد وفاة والدي بستة أشهر توفيت جدتي تاركة طفلة تعتبر آخر عضو من السلالة ، و هكذا أسماني البعض بشكل آلي ليدي هاردكورت بلمونت ، إلا إن هذا اللقب لا ينطبق علي."
"ألأنك أصبحت تعيشين في لندن الآن؟ كم كان عمرك عندما توفي والدك؟"
"أربعة عشر عاما."
"أي قبل أن ألتقيك."
"أجل."
"و كيف ماتا؟"
"لقد كان والدي سائق سباق ناشئ عندما ألتقى بوالدتي. بعد ذلك جرب سباق الزوارق ثم أنتقل إلى رياضة الناطيد ، و قد فقدا بينما كانا يعبران المحيط الأطلنطي بواسطة المنطاد. هل أنت راض الآن؟"
لم تكن باريسا تحب التحدث في موضوع وفاة والديها فبدت منهارة تماما. لقد كانوا عائلة سعيدة و شعرت بالضياع بعد رحيلهما ، و في شهورها الأخيرة قامت جدتها بتذكيرها بأنها الوريث الوحيد ، و بتعريفها على مسؤلياتها بصفتها آخر حي من تلك السلالة ، و بعد ذلك بفترة قصيرة توفيت جدتها. قضت باريسا شهورا طويلة في البكاء ، و قد بذل جو و ديدي كل ما في وسعهما لمواساتها و التخفيف عنها ، و لكن لا يوجد أحد يستطيع مواساة الإنسان مثل عائلته ، و مع مرور السنين خفت معاناتها و لكنها ما زالت تشعر بالألم و الوحدة.
"هل ستحذين حذوهم؟"
"كلا ، لا أريد ذلك." لقد أحبت باريسا والديها كثيرا و قد قضت معظم حياتها و هي تحاول كبح الناحية المتهورة في شخصيتها.
"حسنا ، لا تغضبي. من الذي أعتنى بك بعد فقدك لوالديك و لجدتك؟"
نظرت باريسا إلى الطرف الآخر من الطاولة و دهشت عندما رأت لمعان التأثر في عينيه السوداوين.
"محامي العائلة ، فقد أنتهيت من دراستي المدرسية و من ثم دخلت الجامعة ، و أنا الآن أعلم الرياضة في مدرسة خاصة في منطقة ساسيكس جنوبي لندن." و هكذا أنتهت باريسا من إخباره قصة حياتها فقد أخبرته الحقيقة ، و لكن ليس كل الحقيقة.
"و الآن ، ماذا عنك؟ أعرف أن لديك أما و ابنة عم أسمها تينا ، و أعرف أنك تبتز بعض الناس ، فحصلت على ما يكفي لشراء مطعم و ربما تقيم أرتباطات مريبة لامتلاكك مثل هذه الطائرة. هل أنا في حاجة على معرفة المزيد عنك؟"
شعرت باريسا لوهلة بأنها تمادت في كلامها فتغيرت تعابير وجهه إلى حالة قريبة من الغضب. و سلط عينيه السوداوين على وجهها فبدتا قاسيتين كالجليد ، ثم راقبته و هو يضغط بأصابعه على السكين التي كانت في يده ، إلا أن المجهود الرهيب الذي قام به استطاع الحد من غضبه فتمالك أعصابه و اتكأ على مقعده.
"لا ، أعتقد أنك لم تعرفي بعد أي شيء يا باريسا ، أعذريني الآن فلدي عمل." ثم التقط حقيبته من على جانب مقعده و دفع بالصحن و الفنجان من على الطاولة و وضع حقيبته عليها ثم فتحها.
بعد ذلك سحب بعض الأوراق و بدأ بقراءتها متجاهلا باريسا.
في هذه الأثناء حاولت باريسا اقناع نفسها بأنها سعيدة لكونه تركها و شأنها ، فأحنت رأسها على الأريكة و تظاهرت بالنوم ، لقد مضت عليها ثلاثة أيام و هي تعيش حالة من التوتر العصبي. و شعرت أن رموشها قد ارتخت. إن آخر فكرة تجول في بالها الآن هي عدم نكرانه لنشاطاته الاحتيالية...
لقد أجبرها على مرافقته في هذه الرحلة إلى إيطاليا لأنها ما كانت لتحتمل النظر إلى وجهها إذا ما سمحت للوك بأن يدمر حياة مويا ، فقد كان عليها تقبل فكرة الدفاع عن صديقتها في كل الأوقات.
تململت باريسا في أريكتها المريحة متنهدة. فمسدت وجهها و حاولت تجاهل الأصوات التي سببها عمله ، ثم تثاءبت و فتحت عينيها فشعرت لبرهة بأنها تائهة.
"إننا على وشك الوصول إلى وجهتنا يا باريسا."
تبا! لقد كان رأسها مستلقيا على كتفه ، وقفت باريسا و وجهها متورد من الخجل فنظرت إلى لوك الذي كان يجلس إلى جانبها ، فلاحظت أنه يراقبها بمتعة و على وجهه علامة رفضت الأعتراف بها.
"أنا آسفة... كان عليك أن توقظني... " قالت باريسا ذلك متعلثمة من الاحراج.
"لا بأس. لقد حاولت إيقاظك... و لكني كنت مسرورا بذلك." ثم أضاف برقة: "من سوء الحظ أننا سوف نهبط بعد خمس دقائق."
وقفت باريسا منتصبة من على أريكتها و توجهت إلى المقعد الذي كانت تجلس عليه عند بدء الرحلة و ربطت حزامها دون أن تعيد النظر إليه. لقد كان عليها التصرف بطريقة مختلفة بدل الاعتذار.
مرة ثانية ، عادت باريسا تكز أسنانها لأنه عاد و جلس بقربها مرة أخرى. فأغمضت عينيها و حاولت إبقاء يديها مثبتتين في حجرها ، لقد حاولت أن تقنع نفسها بعدم الاستسلام إلى الارهاب الذي سيمارسه عليها و هما على الأرض ، ثم فتحت عينيها.
"آه ، البحر!" تنهدت باريسا متعجبة و هي تركز كل اهتمامها على المنظر الذي تشاهده من النافذة فالتقطت ذراع لوك بيديها الأثنتين!
"مطار جنوى. إنه منظر بحري." قال لوك ذلك بهدوء ثم تابع: "لا يوجد هناك ما يقلق."
التقت عينا باريسا الخائفتان بعينيه اللتين جعلاها تضيع في سبر أعماقهما و تنسى ما يدور حولها لعدة دقائق.
بعد ذلك ، اتكأ لوك على مقعده ، و فك حزامه بهدوء.
"ما كان يحق لك أن تقوم بذلك... أن صفقتنا هي صفقة عمل لا أكثر و لا أقل."
"هكذا إذن يا باريسا ، و لكن عليك أن تعترفي بأنني نجحت في ذلك لأنك لم تلحظي هبوط الطائرة."
نظرت باريسا إلى خارج الطائرة ، لقد كان على حق.
حدقت به بغضب شديد ثم فكت حزامها و حملت حقيبة يدها من على الأرض ، و بعد أن تأكدت من أنه سبقها في مشيته ، نهضت من على مقعدها. في هذه اللحظات أحضر لها مدير التشريفات المعطف و ساعدها على ارتدائه ، كانت ما تزال ترتجف في الوقت الذي كانت تتبع فيه لوك بوداعة و هما ينزلان سلم الطائرة.
بدا لباريسا أن ضابط الجمارك يعرف لوك جيدا و ذلك من خلال تبادلهما الحديث باللغة الإيطالية في الوقت الذي كانت تقف فيه باريسا بثبات و جواز السفر في يدها. لم تفهم باريسا كلمة مما كانا يقولانه ، باستثناء فيدانزاتا ، أي خطيبتي ، و هنا نظر الضابط إليها و ابتسم ابتسامة ودودة ، فعرفت أنه يهنئها فردت له ابتسامة خفيفة و نطقت بالكلمة الإيطالية الوحيدة التي تعرفها: "غراتزي."
نظر لوك إلى باريسا مبتسما و قال متهكما: "أنك تستطيعين التكلم بلغتي يا حلوتي." ثم أمسك بيدها و خرجا من المطار حيث كانت سيارة حمراء تنتظرهما.
تفحصت باريسا السيارة ذات العجلات المنخفضة بدقة. إن معلوماتها قليلة جدا عن السيارات و لكنها عرفت أن هذه السيارة الرائعة هي فيراري، و حسب معلوماتها فأن هذا النوع من السيارات ليس بالرخيص. و هنا عادت باريسا مرة ثانية لتؤكد لنفسها أن هذا الرجل محتال كبير ، و اعتبرت أن البضعة آلاف التي طلبها لوك ثمنا للصور هي مجرد نقطة في بحر هذا الرجل الذي يتنقل بطائرة خاصة و يمتلك مثل هذه السيارة. إن هذا كله ثمرة الابتزاز. راقبت باريسا رفيقها و هو يفتح لها باب السيارة بكل أدب و احترام و فكرت بأنه ربما لم يكن يرغب في المال بل بقضاء بعض الوقت مع مويا. فبصفته رجل عصابات لا يتمتع بأي أخلاق و لا يبالي بالطريقة التي يجذب بها النساء.
"اصعدي." قالها آمرا ، ثم نظر في عينيها القلقتين و أردف قائلا: "سوف تكونين في أمان ، فأنا سائق بارع." لم تشك باريسا في ما قاله ، فرجل متعجرف و عديم الرحمة مثله لديه الإمكانيات المتوحشة التي تسمح له بأن يقوم بكل ما يريد و على أكمل وجه ، لقد كانت متأكدة من ذلك.
أرتعشت باريسا و هي تركب السيارة فلقد كانت فاقدة لكل طاقتها ، فأحكمت ربط حزام الأمان و نظرت بطريقة مرتابة إلى لوك الذي كان يجلس إلى مقعد القيادة.
"هل تعيش والدتك في جنوى.؟" سألته بأدب و هي مصممة على أن تتخطى الثماني و الأربعين ساعة المقبلة بأقل قدر من المشاكل. فما همها أن يكون محتالا و ما همها أن يكون رجل عصابات ، فكلما قلت معرفتها به كان أفضل لها.
"أحيانا ، و لكنني أمتلك فيلا على شاطئ منطقة بورتوفينو ، و هو المكان الذي سيقام فيه الحفلة."
"كم هذا جميل ، لقد سبق لي أن سمعت بهذا المكان ، ألم يسكن ريكس هاريسون في هذه المنطقة فيما مضى؟"
سالته باريسا ذلك محاولة أن تتحدث بطريقة إجتماعية معه.
"أعتقد ذلك." ثم نظر إليها نظرة جانبية و أضاف: "و لكنك لست مضطرة أن تبدأي بالتمثيل منذ الآن يا باريسا ، وفري جهدك حتى وقت استقبال والدتي."
هذا صحيح ، يالك من نذل ، قالت باريسا في نفسها فالوقت لم يحن بعد لأكون مؤدبة... و هكذا قضت بقية الرحلة و هي تنظر إلى الطبيعة من نافذة السيارة ، أخيرا و بعد الخروج من المدينة الرابضة على سفح جبل ، ظهر لها الشاطئ الصخري فأعجبت بجماله و بجمال البحر الأبيض المتوسط ذي اللون الأزرق اللازوردي.
لشدة الدفء الذي كان يعبق في السيارة شعرت باريسا بأن هذا اليوم هو مجرد يوم صيفي. كانت الشمس ترسل أشعتها الذهبية و السماء زرقاء اللون خالية من الغيوم ، فلم تعرف أن الفصل هو فصل الربيع سوى عندما رأت البراعم الندية التي كانت تنمو على الأشجار المنتشرة على جانبي الطريق. انعطفت السيارة إلى اليسار بين عمودين صخريين يعلوهما رأس أسد منحوت ، ثم تابعت طريقها صعودا عبر طريق تحيط بجانبيه أشجار الصنوبر الخضراء.
فجأة عادت أشعة الشمس و دخلت السيارة فلم تستطع باريسا أن تتمالك نفسها لشدة دهشتها عندما رأت أجمل فيلا وقعت عليها عيناها على قمة تلك الوهدة.
أوقف لوك السيارة ثم نظر إليها. لقد كان لمعان ماكر يشع من عينيه في الوقت الذي كانت فيه ابتسامة صبيانية ترتسم على وجهه: "أأعجبك منزلي؟"
لا بد أن الأمر هو مجرد نكتة أو خيال ، فلم تستطع إلا أن ترد على ابتسامته بالمثل. قالت بذهول: "إني لا أصدق ما أرى."
لقد كان بناء ضخما ذا شكل دائري و لون زهري و شبابيك ذات قناطر. أما الطابق الأول فقد كانت شرفته التي تزنر البناء مزودة بدرابزين حديدي فخم و منمق و تحتها صف آخر من الشبابيك المقنطرة, كان البناء يشبه منارة ذات بوابة كبيرة تعلوها قنطرة ضخمة. أما أكثر ما يلفت النظر فهو سطح المبنى الذي كانت تتوسطه غرفة دائرية الشكل تعلوها قبة نحاسية اللون.
"إن المبنى يبدو و كأنه كعكة حلوى ضخمة." قالت ذلك ضاحكة ثم تابعت: "لا أستطيع أن أصدق أن انسانا يستطيع بناء منزل كهذا."
"و لا أنا صدقت ذلك عندما رأيته للمرة الأولى. لقد قام أحد نجوم موسيقى الروك بتصميم الفيلا و بنائها في فترة الستينات ، أما الغرفة المستديرة فهي مرصد فلكي ، يبدو أنه كان يهوى النجوم بصفته واحدا منها. لقد اشتريته لأنه واقع على قطعة أرض كبيرة و كنت أنوي هدمه و بناء منزل بتصميم آخر مكانه و لكن بطريقة ما ، عدت و أعجبت بالبناء فأبقيته كما هو ، إنه تصرف غريب و لكن هذا لا يعني أبدا أني غريب الأطوار... لكن..." ثم حرك كتفيه على الطريقة الإيطالية و ابتسم.
كانت باريسا لا تزال تتمتم في الوقت الذي كان فيه لوك يساعدها على الترجل من السيارة ، ثم شبك مرفقه بمرفقها و رافقها صعودا عبر الدرج الرخامي في إتجاه الباب الضخم ، و قبل أن يصلا غلى آخر درجة فتح الباب على مصراعيه ، و ظهرت منه سيدة مهيبة ذات شعر أبيض و فتحت ذراعيها إلى أقصى درجة ، فما كان من لوك إلا أن ترك يد باريسا و تقدم معانقا إياها.
أخذت باريسا تراقب المتعانقين فقد كانت أمه سيدة عجوز طويلة و ضخمة الجسم ، من الواضح إذن أن هذه هي أمه المريضة ، قالت في نفسها و تابعت مراقبتها.
"باريسا ، حبيبتي ، اسمحي لي أن أعرفك على أمي."
دهشت باريسا عندما سمعت كلمة حبيبتي ففتحت فاها و لكنها عادت و أقفلته بسرعة. ثم صعدت الدرجة الأخيرة و تقدمت مادة يدها إلى السيدة العجوز.
قالت برقة: "كيف حالك؟" لكن السيدة العجوز أبعدت يدها و دون أن تعي باريسا ما يجري حولها ، وجدت نفسها مغمورة بذراعي السيدة العجوز.
"لا داعي للشكليات يا طفلتي ، فأنت ستكونين بمثابة إبنة لي." قالت العجوز ذلك ثم قبلت باريسا على الوجنتين قبل أن ترفع عنها ذراعيها. نظرت باريسا في عيني السيدة العجوز متأثرة بعد أن رأتهما مغرورقتين بالدموع...
"تعالا ، تعالا فلندخل..."
لم تدر باريسا ما يحدث لها ، فبعد دقائق قليلة وجدت نفسها تخلع معطفها و تجلس قرب لوك على كنبة مريحة و في غرفة جميلة.
قالت العجوز: "فلنتناول كأسا من شراب الورد لهذه المناسبة."
هزت باريسا رأسها في محاولة منها لاستيعاب ما يجري حولها ، ثم شدت أصابعها و أصغت لكلامه في الوقت الذي كانت فيه عيناها تحدقان بعينيه.
"لا تنسي سبب وجودك هنا ، فسوف أجعلك تدفعين الثمن إذا ما أحزنت أمي."
أرتعد جسد باريسا على وقع تهديد لوك الذي نطق به بصوت هامس ، ثم نظرت غليه نظرة ارتياب و حاولت للحظات قليلة أن تتناسى أنه عدوها.
سألته باريسا: "ماذا تعني؟"
"لن أسمح لك بأن تخذلي أمي بهزة من رأسك الجميل و عليك أن تأخذي منها كوب الشراب و تبتسمي ."
لقد كان لوك مخطئا في تفسير رد فعلها فهي لم تكره والدته ، و لكن الآن ليس الوقت المناسب للجدل. أدارت باريسا رأسها و ابتسمت للسيدة العجوز ثم قالت برقة: "نعم أني متشوقة لشرب شيء ما."
في هذه اللحظات ، ظهر شاب يرتدي بزة سوداء حاملا كؤوس كرستالية أنيقة ، فوضعها على الطاولة قرب السيدة العجوز. التقط الشاب الزجاجة ثم فتحها.
قال لوك و هو يتناول الكوب: "باريسا خطيبتي العزيزة هل لنا أن نتحد اتحادا أبديا." و لكن من بريق عينيه عرفت أنه لاحظ حقيقة شعورها و أنه يستمتع بما يقوم به.
و بشجاعة كبيرة ، رفعت باريسا كأسها و أخذت منه رشفة. لقد تقبلت تهاني أمه بمزيج من اللغتين الإيطالية و الإنكليزية و من ثم منحتهما مباركتها بروعة خاتم الخطوبة في الوقت الذي كانت تنظر فيه باريسا إلى عيني لوك اليقظتين تراقبان أقل خطأ.
تنفست باريسا الصعداء عندما قالت السيدة دي ماغي مقترحة: "لا بد و أنك متعبة ، فلقد كانت رحلة طويلة ، سوف يرشدك لوك إلى غرفتك و سوف نعود و نتحدث لاحقا هذه الليلة قبل أن تصل الشلة."
في طريقها إلى غرفة النوم ، نظرت باريسا إلى لوك بعينين غاضبتين و قالت مستهزئة: "أهذه أمك المسكينة و المريضة؟ يا لك من كاذب ، فهي إمرأة مسترجلة و لكنها تتظاهر بالرقة." لقد حاولت باريسا أن تخفي خوفها ببعض الغضب فقد سمعت السيدة دي ماغي تستعمل كلمة الشلة ، أليس هذا أسما آخر للمافيا؟
"اسكتي و اتبعيني." أمرها بذلك و هو يصعد الدرج الرخامي.
لقد عاد لاستعمال تلك الكلمة: اتبعيني ، قالت باريسا في نفسها غاضبة ، لكنها لا تملك أي خيار آخر سوى تنفيذ ما قاله. كيف قامت بتوريط نفسها في هذا المأزق؟ إنها لا تصدق ما يجري لها. لا بد و أنها ورثت بعض التهور من عائلة هاردكورت. لقد كانت طوال كل السنوات الماضية تحاول اقناع نفسها بأنها لا تتصرف بطيش كما تصرف والدها ، و لكنها ليست واثقة الآن من نجاح محاولاتها.
"هذه غرفتك. أتمنى أن تشعري بالراحة هنا. إذا ما احتجت إلى أي شيء اقرعي الجرس الموجود قرب سريرك ، سوف أكون في الغرفة المجاورة."
ظل لوك ثابتا مكانه ، فنظرت إليه و هي متضايقة من فكرة أن يكون حائطا واحدا يفصل بينهما.
أجابت بطريقة رسمية: "سأكون مرتاحة ، أشكرك." فنجحت في إظهار ما تريد. تأملت باريسا الغرفة ، لقد كانت منمقة باللونين الأبيض و الوردي بطريقة أنثوية ، فبدت رائعة. كان السرير من الطراز الملوكي تعلوه ملايات بيضاء ناصعة و زهرية فاتحة. و كان يوجد كنبة صغيرة قرب المدفأة و بعض التحف. باختصار ، كانت غرفة نوم أنيقة.
في هذه الأثناء مد لوك يده و وضعها على كتفها فشدت أعصابها استعدادا للدفاع عن نفسها ، فهي لم تكن تعرف أن لوك قريب منها لهذه الدرجة.
قال مشيرا بيده الأخرى: "الحمام عند ذاك الباب."
قالت باريسا: "أشكرك." متمنية خروجه من الغرفة.
"إنك مهذبة ، مع أنه منذ أقل من خمس دقائق كنت تنعتينني بالكاذب. تذكري عقاب مثل هذا الكلام يا باريسا."
كان يجدر بها أن تعرف أن تعليقها على أمه ما كان ليمر دون رد فعل منه.
"لقد سبق و حذرتك ، و لكن يبدو أنه عليك تلقي بعض الدروس لتتعلمي كيفية التصرف على أنك خطيبتي."
أمسك يدها بقوة ، فحاولت دفعه.
"حقا يا لوك ، لا تتصرف بطريق صبيانية." إلا أن لوك لم يكترث لمحاولتها في إبعاده عنها ، فصرخت بشدة: "دعني... يا لك من وحش! لا تلمسني!" جلس على كرسي و عيناه تتفحصان وجهها في نظرة توحي بأنهما تأمرانها بالهدوء حسب تفسير باريسا المذعورة. "لقد سبق أن قلت لي أنك لن تضايقين ، لقد وعدتني." قالت ذلك و هي تعض على شفتيها.
"حسنا ، و لكني غيرت رأيي ، و لم لا أغيره؟"
نظرت إليه بدهشة ، فهو لا يمزح ، بل يعني ما يقول.
"أنت مبتز و محتال و ربما كنت عضوا في عصابات المافيا. فمن أين لك لتشتري المطعم و تستأجر الطائرة و تمتلك سيارة فيراري و هذا المكان؟"
و لدهشة باريسا انفجر بالضحك. و قال بتعجب: "المافيا؟ باريسا إنك تضحكينني..."
لم تلاحظ باريسا ما يضحك فقالت: "حتى أن أمك قالت الشلة ، أتعتقدني بلهاء."
توقف لوك عن الضحك و ضاقت عيناه و ارتسمت على وجهه علامة جد ثم التقط أنفاسه و عدل جلسته و نظر إلى باريسا المرتجفة من شعرها إلى أخمص قدميها و كأنه يراها للمرة الأولى ، ثم مرر يده على شعره الكثيف و مسح جبهته و نظر إليها ثانية.
"و ماذا لو قلت لك إنني لست مبتزا."
"لو لم تكن كذلك لما كنت أنا هنا." أجابت باريسا مستهزئة ثم نظرت إليه فرأت على وجهه علامات الدهشة.
"هذا صحيح." ثم نهض و إتجه نحو الباب فوضع يده على المسكة و استدار قائلا: "إن غلطتي يا باريسا إنني وعدتك بعدم لمسك. نحن نتناول العشاء عند الساعة الثامنة و النصف. و بالمناسبة ، استعملت والدتي كلمة الشلة لأن لغتها الإنكليزية ضعيفة و ليس لأي سبب آخر." ثم خرج من الغرفة و أقفل خلفه الباب بهدوء.
حدقت باريسا بالباب لبعض الوقت و هي عاجزة عن تفسير تصرف لوك. لقد أصبح هذا الرجل يشكل لغزا محيرا بالنسبة لها ، فتارة يتقرب منها بطريقة عاطفية ، و بعد دقيقة واحدة يقول أن ما فعله كان غلطة و يتبدل مزاجه فيصبح مهذبا و مضيافا و كريما. كم تمنت باريسا أن تمتلك تلك القدرة على تغيير المشاعر و الأحاسيس في لحظة واحدة مثله.
لسبب ما شعرت باريسا بأن ما من سبب يمنعها من أن تحب إنسانا من نوع لوك دي ماغي. فهو رجل في السابعة و الثلاثين من عمره ، و له عالمه الخاص ، و هو عالم تستطيع أن تعرف بعض صفاته ، ربما أمه أخطأت خطأ لغويا فلم تستعمل الكلمة المناسبة! و لكن لوك لم ينكر كونه عضوا في المافيا. ارتعشت باريسا ثم اعترفت بأن هذا الأمر يفوق قدرتها على الاستيعاب.
لقد كانت تعيش حياة ريفية هادئة في شرق ساسيكس و تزور لندن في رحلة دورية لحضور المسرح أو مشاهدة استعراض ما. و مع أنها كانت دائما مفلسة كانت مقتنعة بحياتها. فبعد وفاة والديها و جدتها تركت لتتولى حياتها على مسؤليتها الخاصة. و بالرغم من أنها كانت تعتبر على الصعيد المحلي من العائلات الأرستقراطية لم تكن تختلط مع هذه العائلات ، و كانت اختلاطاتها على الصعيد الاجتماعي محدودة جدا. أما أصدقائها الحقيقيون ، مثل مويا و ديدي و قلة أخرى ، فقد كانوا أوفياء لها. أما بالنسبة للأصدقاء الذكور فلديها ديفيد و مع أن صداقة ديفيد لم تكن قوية و لم تكن جدية في علاقتها معه فقد كانت تشعر بأنه يلائمها ، فهو إنسان لطيف و غير معقد... يا ليتها كانت معه الآن.
لوك هو نوع الرجال الذين لا يمكن وصفهم إلا بالمعقدين. و لكن مع هذا كانت تحيط به هالة من القوة و الطاقة التي لا علاقة لها بجسده ، بل بشخصيته.
أطرقت باريسا مفكرة في وضعها الحرج ، فما كان يجدر بها المجيء إلى إيطاليا... لقد كانت غلطة كبيرة ، فقد كان يجدر بها اقناع مويا بأن تبلغ الشرطة التي عليها أن تتصرف مع لوك دي ماغي على طريفته. و لسبب لا تستطيع فهمه كانت نظرة واحدة من عيني لوك السوداوين ، كفيلة بأن تحولها إلى مراهقة طائشة مع أنها كانت تعرف أنه مبتز.
و هنا عادت و تذكرت عيني صديقتها الباكية و وجهها الخائف. لم يكن هناك أدنى شك بالنسبة إلى باريسا في أن الرجل خارج عن القانون. و لكن لم تعاني من هذا الانجذاب الغامض إليه؟ إن الأمر مجرد جنون. لقد أقنعها منطقها بأن هذا الرجل إنسان حقير.
تنهدت لحالها و كم تمنت لو أنها كانت موجودة مع ديفيد الآن في إنكلترا ، فعلى الأقل ديفيد إنسان من النوع الذي تستطيع مجادلته و اقناعه ، لأنه غير معقد و هادئ. بينما لوك ، لا تستطيع أن تفعل معه هذا الأمر.


*********************

يتبع....

siham205 05-11-08 08:31 PM

الرواية جد رائعة نحن في انتظار التكملة يا اختي الغالية

ريحانة المدينة 06-11-08 12:22 AM

مشكرة احنا في الانتظار..................................;)

فيفي و بس 06-11-08 10:59 AM

روووووعة

يسلموا اناملك يا احلى روز في الدنيا
شكر ررررررررررررررا

safsaf313 06-11-08 04:50 PM

رائعه جدا جدا والفصول اللى فاتت رائعه مستنيين التكمله والله يعينك فى كتابتها باين عليها من فصولها انها روايه كبيره والروايات الكبيره صعبه كتابتها بس ياريت تقوليلى الروايه كام فصل؟

redroses309 07-11-08 12:17 AM

أهلين سهام ، و ريحانة المدينة ، و فيفي و بس
مشكورين على المرور

redroses309 07-11-08 12:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 1719231)
رائعه جدا جدا والفصول اللى فاتت رائعه مستنيين التكمله والله يعينك فى كتابتها باين عليها من فصولها انها روايه كبيره والروايات الكبيره صعبه كتابتها بس ياريت تقوليلى الروايه كام فصل؟


أهلين صفصوفة
فعلا الرواية طويلة شوي مكونة من 189 صفحة مقسمة في عشرة فصول
بس أنا قدها و ما عندي مشكلة في كتابتها كاملة
و إنشاء الله ما أطول عليكم في كتابتها و على فكرة هي موجودة في المنتدى إذا ما تقدري تصبري حتى أخلصها.

redroses309 07-11-08 12:31 AM



الفصـــــــــل الرابـــــــــع




حاولت باريسا اقناع نفسها بأن تركز كل اهتمامها على العمل الذي جاءت من أجله ، و أن لا تنسى مويا. و لكن الأمر لم يكن سهلا ، فتمددت في سريرها واضعة يدها على رأسها و مفكرة بحالها ، فبدا لها أن كل ما يجري حولها هو مجرد تصرفات غير منطقية.
لقد نعتت مويا الرجل بالنذل و الانتهازي ، إلا أن هذا الوصف لا ينطبق على لوك. و حسب وجهة نظر باريسا ، فإن المرأة التي لا تنجذب إلى لوك لا يمكن إلا أن تكون عمياء أو بلهاء.
شعرت بتأنيب الضمير ، مسكين ديفيد ، فهي لم تكن جدية في علاقتها معه على الاطلاق ، فقد كانت تعرف أنه يأمل في أن يتزوجها في النهاية ، و حتى هذه اللحظة ، لم تحاول أن تزعجه بإيقاظه من حلمه ، و لكي لا تخسر صديقا يمكن الاعتماد عليه و تشعر معه بالأمان ، فهي لم تخبره خلال سهرة يوم السبت بأنها مسافرة إلى إيطاليا ، الأمر الذي اشعرها بأنها لم تكن صادقة معه.
ثم نهضت من سريرها و توجهت إلى الحمام ، عسى أن حماما باردا يساعدها على إراحة بالها. فإذا ما استطاعت أن تقضي الفترة المتفق عليها و هي بوعيها التام ، قد تنجح في الوصول إلى تحليل مناسب لشخصية لوك.
دخلت باريسا الحمام و صدمت عندما أحست نفسها ، و كأنها في مرآة عملاقة ، فرأت صورتها تنعكس على المرايا الموجودة في الداخل ، ثم لفت نظرها حمام الجاكوزي المستدير و المحاط بحوض من النباتات الأستوائية. فخشيت الأستحمام في هذا المكان خوفا من هذه النباتات ، و عوضا عن ذلك أخذت حماما سريعا تحت الدوش الملاصق للجاكوزي.
و بسرعة قفلت عائدة إلى غرفة نومها. لقد بدت لها ضخامة الحمام غريبة جدا ، و لكنها عادت و أدركت أنها الحمام المقابل الذي أشار إليه لوك بيده ، على الفور استدركت أنها قد تكون استعملت حمام لوك الخاص.
نظرت إلى حقيبتها ، فلاحظت أن شخصا ما قد عبث بها ، و لكنها لم تفاجأ نظرا لما صادفته من أمور غريبة في هذا البيت. ففتحت الخزانة و صدمت عندما رأت ثيابها القليلة معلقة فيها بشكل منظم. لقد كانت قد احضرت معها فستانين ، و في الواقع ، إن كل ما تملكه فستانان رسميان فقط ، فتناولت فستان المخمل الأزرق الغامق ، و هو الأقل جمالا بين الأثنين.
و بخفة كبيرة ، جلست على السرير و وضعت جوربا حريريا في ساقيها الطويلتين ، ثم نهضت و ارتدت الفستان المخملي و توجهت إلى المرآة لتهندم الفستان.
إنه ليس سيئا ، قالت في نفسها و هي تنظر إلى صورتها المنعكسة في المرآة. لقد كان فستانا طويلا و من النوع المحتشم الذي تصل كماه إلى رسغيها.
جلست على مقعد طاولة التجميل و شرعت في وضع أقل قدر ممكن من الزينة على وجهها المتعب. فوضعت بعض الكريم المرطب و قليلا من الظل الأزرق فوق عينيها و بعض الكحل الغامقة على رموشها ، و أنهت زينتها بوضعها قليلا من البودرة الحمراء على خديها لإضفاء بعض اللون ، ثم سرحت شعرها الطويل و ردته إلى الخلف. و أخيرا وضعت أحمر شفاه على شفتيها و رشت عطرها المفضل على رقبتها ، و هو عطر قدمته لها مويا كهدية في ذكرى مولدها.
تنهدت باريسا و حالة من العجز تسيطر عليها ، فهي لم يسبق لها أن شعرت بهذا القدر من الوحدة في حياتها ، و شعرت بأنها لن تتمكن من النجاح في مهمتها ، فنظرت إلى صورتها المنعكسة في المرآة ، و شعرت بأنها تنظر إلى إمرأة غريبة.ط
كانت معتادة على اليقظة في حياتها لدرجة أنها أصبحت تعتقد أنها معجونة بطينة من الحذر ، و لكن ماذا لو كان في طينتها جزء من التهور الذي ورثته عن والديها؟ إنها شيء ترفض باريسا تصديقه. و لكن هل وجودها في بلد أجنبي برفقة رجل لا تثق به و بالكاد تعرفه و تدعي أنها خطيبته يعتبر تصرف إمرأة حذرة؟ قالت باريسا متسائلة بمرارة.
ثم هزت كتفيها و وقفت ، لأن الأجابة عن هذا السؤال سهلة جدا ، فهي قامت بهذا التصرف لأنه لم يكن أمامها سوى خيارين ، إما أن تأتي إلى إيطاليا ، و إما أن تقبل بتدمير حياة أعز صديقاتها ، و هي ما كانت لتقبل بحدوث هذا الأمر. إن مويا هي السبب الرئيسي لوجودها هنا و عليها أن تحاول تخطي مدة إقامتها بنجاح في هذا المكان من أجلها ، فالأمر يستحق عناء العيش مع لوك ، إذا كان يعني ذلك أن مويا سوف تتزوج من سيمون و تريح تفكيرها.
التفتت ثانية إلى الخزانة ، فأخذت منها حذاءها ذا الكعب العالي و انتعلته ، لقد أصبحت الآن جاهزة لأي شيئ ، قالت ذلك بعزم و هي تنظر في المرآة للمرة الأخيرة ، ثم توجهت نحو الباب. لقد قررت أن تنزل إلى الصالة و تستكشف ما يجري ، قبل أن تفسح المجال للوك بالعودة ثانية إلى غرفتها.
دخلت باريسا الرواق و فوجئت عندما رأت لوك يقترب نحوها. لقد كان رائعا ببذلة السهرة السوداء التي كان يرتديها و يرتدي تحتها قميصا حريريا أبيض منسجما مع لون بشرته البرونزي ، فشعرت بأن قلبها قد زاد من سرعة خفقاته و وجنتاها قد توردتا في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى شعرها نزولا حتى فستانها المخملي الأزرق. فأحنت رموشها أملا في إخفاء تأثير نظرته الذي بدا واضحا على وجهها. لقد أصبحت جاهزة لكل شيء ، قالت في نفسها ، كل شيء عدا جاذبية لوك دي ماغي التي لا تقاوم.
"آه ، لقد اصبحت جاهزة. كنت في طريقي لاصطحابك."
قال لوك ذلك برقة و هو لا يبعد سوى مسافة قليلة عنها.
فوضع اصابعه على ذقنها ثم رفع رأسها و تأمل وجهها فالتقت عيناه البراقتان بعينيها و أضاف بحساسية بالغة: "إنك فعلا ليدي. ليدي أنيقة جدا."
قالت متعلثمة: "آه ، حسنا ، أشكرك..."
كان يتأملها بسكون و كأنه يحاول أن يستعمل قوة شخصيته ليجعلها طوع يديه. فاستعملت كل ما تملك من إرادة لتتراجع إلى الوراء ثم قالت: "هلا نزلنا إلى الصالة ، فأمك في إنتظارنا."
قال مبتسما: "يا لك من جبانة." ثم مشى بقربها محاولا أن يبقى في مشيته خلفها و لو بخطوة واحدة ، الأمر الذي جعلها تشعر بالإرتباك.
إن العشاء هو عمل لا ينتهي ، حسب رأي باريسا التي تحدق بصحنها المليء بالتورتة ، فهي لن تتمكن من إنهاء ما فيه بعد أن شربت عدة أكواب من عصير الفاكهة الطبيعية ، و أكلت صحنا كبيرا من السباغتي. بالنسبة للمحادثة التي دارت على المائدة ، فقد كانت رسمية ، رغم محاولاتها الحثيثة لم تستطع أن تتصرف بطريقة طبيعية مع لوك ، و سبب ذلك حسب تفسير باريسا هو كرهها له و لما يمثل ، و لكن في صميمها كانت تشعر بعكس ذلك. لقد وجدت صعوبة في أن تكون طبيعية لأنها كانت تتصرف معه بحذر شديد و بطريقة لم تختبرها و لم تعتد عليها من قبل. لقد قاومت المشاعر الغريبة التي كانت تسيطر عليها مما أدى إلى تصرفها الحذر في محاولة منها للدفاع عن نفسها.
سألت السيدة دي ماغي: "إن الزواج في العيد الكبير شيء رائع ، أليس كذلك يا باريسا؟"
"لا أعتقد ذلك." أجابت باريسا بحدة لأنها لم تستطع أن تجيبها بـ "كلا". لقد كانت سعادة السيدة العجوز بخطبة ابنها واضحة جدا ، و لو كانت الظروف مختلفة لكانت حماة رائعة بالنسبة إلى باريسا ، و لكن باريسا لم تكن ناجحة في متابعة دورها كخطيبة محبة. كان للغنى الواضح لسيد هذا البيت ، و الضخامة الباهرة لغرفة الطعام تأثير كبير على تفكير باريسا التي لم تستطع أن تبعد عن رأسها فكرة أن سكان هذا البيت محتالون. لا بد أن والدة لوك تعرف جيدا من أين يحصل ابنها على هذا المال ، و مع هذا تبدو فخورة به كأي أم أخرى. إن الخدم و الطعام الفاخر و كل ما في هذا البيت يدفعون ثمنه من مال أتى بالنصب و الأحتيال. رمقت باريسا بعينيها لوك و أخذت تفكر. كيف يمكنها أن تنجذب إلى رجل تعرف بينها و بين نفسها أنه خارج عن القانون؟ و هنا لم تستطع إلا أن تعترف بأنها منجذبة بشكل كبير إلى هذا الرجل.
منتديات ليلاس
ركزت باريسا بصرها على شعر لوك الأسود و هي في حيرة من أمرها ، فلم تستطع أن تفهم ما يجري لها. لقد كانت تجد نفسها منجذبة إليه ، رغم إن كل الصفات التي تكرهها في الرجال موجودة فيه.
كان لوك يبدو هادئا و مبتسما على المائدة ، غلى أن أدلت باريسا بأحد تعليقاتها اللاذعة فتعكر مزاجه و توقف عن تمثيل دور الخطيب المحب.
بعد ذلك ، تبادل مع والدته بضع عبارات باللغة الإيطالية لم تستطع أن تفهم منها شيئا ، ثم دخل في سكوت عميق كاد أن يشكل نهاية لصبر باريسا.
لقد كانت تلك فكرته المجنونة ، و كان عليه أن يعرف أنه لن يستطيع بذلك أن يخدع والدته أو أي شخص آخر ، قالت باريسا في نفسها و تمنت لو أنها تستطيع أن تنهض و تخرج من هذا المكان في الحال.
رفع لوك رأسه و نظر مباشرة إلى والدته ثم قال: "عذرا يا أمي ، فأنا أريد أن أتكلم مع باريسا على إنفراد."
و لدهشة باريسا ، نهض لوك و مشى حول الطاولة ثم أمسك بذراعها و قال: "فلنذهب إلى مكتبي."
نظرت باريسا إلى أمه و ابتسمت ابتسامة عصبية في الوقت الذي كانت تخرج فيه من الباب و يد لوك ممسكة بمرفقها.
"لم فعلت هذا؟" سألته باريسا بغضب بعد أن أصبحا في الرواق.
قال لوك: "أريد أن أتحدث معك. أرجوك ، لا تجادلي." ثم فتح أحد ابواب الرواق الواسع و اخلها إلى غرفة مكتب مليئة بالكتب.
"إجلسي." قالها آمرا و هو يشير إلى أريكة قرب المدفأة الرخامية الأنيقة.
أشعل لوك المدفأة ، فأخذت النار تتراقص و تتأجج في الظلمة ثم توجه نحو مصباح المكتب و أضاءه ، و مع هذا بقيت الغرفة خافتة الإضاءة فأخذ لهيب النار يرسل ظلالا تنعكس على الحائط و على لوك فأخفت تعابير وجهه.
بدا لباريسا أن لوك يحاول عدم إظهار وجهه ، فراقبته و هو يجلس خلف طاولة المكتب بطريقة أوحت لها و كأنه يدير جلسة مجلس إدارة. ثم رأت أصابعه و هي تلتقط سكينا لفتح الملفات فعبث بها ثم أعادها إلى مكانها. بعد ذلك التقط بعض الأوراق الموجودة أمامه ثم خلطها ، و بما أنها تعرف عاداته جيدا ، تأكدت أنه غاضب.
سألت باريسا بفظاظة: "حسنا ، ما هذا الشيء المهم الذي بسببه منعتني من إنهاء طعامي؟" ثم عم السكون المكان.
على أي حال ، فهي لم تكن تريد تلك الحلوى.
"لم يسبق لك أن تصادقت مع رجل ، أليس كذلك؟" سألها بعجرفة ، ثم رفع رأسه و سلط بصره عليها.
"ماذا؟" لم تستطع باريسا أن تصدق أذنيها ، يسحبها من غرفة الطعام إلى هنا لكي يسألها هذا السؤال؟ ففتحت فاها و توسعت عيناها على وقع المفاجأة.
سألت متمتمة و هي تهز برأسها: "هل أنت مجنون؟"
"كلا ، و حتى الآن لم تجيبي عن سؤالي يا باريسا."
قالت بسخط شديد: "و لن أجيب عن هذا السؤال المبهم."
"لا تتكلمي بهذه الطريقة أمامي." قال لوك ذلك بحزم ، ثم تلاشى عصيان باريسا بعد أن لاحظت بخوف شديد التصميم البادي على وجهه العابس. ثم تابع كلامه قائلا: "و لكن هذه المرة سأسامحك ، فلك الحق في أن تخافي مني ، إنك لست مضطرة للإجابة عن سؤالي. لقد كانت أمي على حق ، إذ إني استطيع أن أرى الإجابة على وجنتيك." و حاول أن يضع يده على ذراعها ليمنعها من الوقوف.
"أمك؟!" قالتها مستغربة فهي لم تكن تعرف عما يتكلم.
"بالضبط ، يا باريسا." ثم وضع يده على اليد التي تضع فيها الخاتم فشعرت بالذنب عندما تذكرت الإحراج الذي سببته له في محل الصائغ.
"كنا قد اتفقنا على صفقة ، و حتى الآن كان تمثيلك للدور غير مقنع و لا يمكن أن ينطلي على أحد. لقد أعربت أمي خلال تناول العشاء ، عن سعادتها لأنها أحست بأنك فتاة محافظة ، لقد كانت على حق ، أليس كذلك؟"
قالت باريسا باقتناع: "نعم هذا صحيح ، مع أن هذا الأمر لا يعنيك."
أيعتقدني بلهاء؟ قالت باريسا في نفسها.
إن هذا الرجل ماكر و عليها أن لا تنسى ذلك.
"لا أملك أية نية لأناقشك في هذا الموضوع الآن يا باريسا ، و لكن من الأفضل لنا أن نتفاهم على أمر أو أمرين قبل أن نقوم بأية خطوة أخرى."
"نتفاهم؟!" قالت و الابتسامة الساخرة ترتسم على وجهها: "لا تضحك ، فأنت لا تعرف معنى هذه الكلمة."
قال غاضبا: "حسنا هذا يكفي." ثم أمسكها بعد أن كانت قد وقفت.
قالت صارخة: "دعني!"
قال آمرا: "إسكتي. إذا كنت تريدينني أن ألتزم بالجزء الذي يختص بي من الصفقة و أعطيك الصور فعليك أن تتصرفي بطريقة أفضل من التي تصرفت بها حتى الآن. و كبداية لذلك عليك أن تتوقفي عن سخريتك. إن القرار يعود لك ، فهل أنت مستعدة لبذل بعض الجهد في تمثيل دورك كخطيبة محبة؟ أم إنك تفضلين إلغاء الصفقة و تحمل نتائج كل ما سيصيب صديقتك من عواقب وخيمة؟"
"كلا ، أريد الصور." لم يكن أمام باريسا أي خيار آخر ، و كان يعلم ذلك ، كما أنها لم تكن تريد أن تخذل مويا. "و لكن ما الذي تعنيه بالضبط؟ أيجب علي أن أظل جالسة بقربك؟"
"لا تخافي يا باريسا ، أعدك بأن لا أقوم بأي تصرف إلا بموافقتك ، و بعد ما حصل بيننا الآن ، لا أعتقد إننا سنجد صعوبة في إقناع مئات البشر ، بمن فيهم أمي ، بأننا ثنائي مغرم."
بعد ذلك تلاشت غمامة الغضب التي سيطرت على لوك لبعض الوقت و حل محلها الهدوء و الرقة.
"إن سبب إحضارك إلى هنا هو إنني أريد..."
قالت السيدة دي ماغي مقاطعة لوك: "هذا أفضل. لقد أصبحتما الآن صديقين ، أليس كذلك؟" نظرت باريسا بدهشة غلى السيدة دي ماغي التي تابعت كلامها: "لا بأس ، لا بأس ، فأنا أعرف تصرفات الشباب. إن ولدي لوك سوف يبذل كل جهده لإسعادك ، فهو رجل ناضج."
نظرت باريسا إلى لوك و لم تستطع أن تمنع الابتسامة من أن ترتسم على شفتها ، لقد بدا لها لوك غير مرتاح و مرتبك.
لا بد إنها المرة الأولى التي يشعر فيها بذلك دون شك.
في اليوم التالي استيقظت باريسا على صوت قرع الباب فداعبت أشعة الشمس عينيها و هي تفتحهما.
قالت باريسا: "أدخل." لا بد و أن الخادمة تحضر قهوة الصباح.
قال لوك ضاحكا: "إنك تبدين مبتهجة ، لا بد و إنك تحبين وقت الصباح."
رفعت باريسا الملاءة ثم نظرت إلى وجهه الوسيم.
"أهذا أنت؟! كنت أعتقد أن الخادمة هي من تدق الباب."
"إنه لمن دواعي سروري أن أحضر لك القهوة." و بهدوء شديد وضع الصينية على الطاولة المجاورة لسريرها و سكب القهوة ، ثم ناولها فنجانا.
"أشكرك." قالتها برقة بعد أن احمر وجهها على وقع هذه المفاجأة.
"إنك تبدين رائعة حين تحمرين من الخجل." قال لوك ذلك مغازلا مما زاد من خجلها. ثم ضحك و أومأ لها قائلا: "لا تقلقي. اشربي قهوتك الآن ،؟ ثم رافقيني إلى الأسفل بعد نصف ساعة. أريد أن اصطحبك إلى الخارج تجنبا لضجة ترتيب البيت."
قالت مستغربة: "ضجة ترتيب؟!" فحسبما لاحظت ، كان كل شيء في منزله يسير كعقارب الساعة.
"لقد وصل متعهد الحفلة و بدأ التحضير للسهرة. و يقوم الخدم بترتيب غرف النوم ، و من الأفضل لنا أن نخرج من هذا المكان." قال لوك هذا الكلام ثم خرج من الغرفة.
في استطاعة لوك أن يكون مضيفا رائعا ، قالت باريسا في نفسها و هي تستذكر ما حدث في الليلة الماضية. فبعد أن انضمت إليهما أمه في المكتب ، تلاشى التوتر الذي كان يعم الغرفة و شرب الثلاثة القهوة و تناولوا كعكا بالشوكولا ، كان للغة السيدة دي ماغي الركيكة و لحماسها لخطوبتهما الأثر الكبير في تلطيف أجواء السهرة ، لدرجة إنه بعد أن خرجت السيدة دي ماغي من الغرفة مقبلة الأثنين ، قضيا ساعة رائعة في الدردشة بأمور تتعلق "ببافاروتي" و "دومنيغو" ، و هما مغنيا الأوبرا المفضلان بالنسبة إلى لوك ، لأنه كان عاشقا لموسيقى الأوبرا مثل معظم الإيطاليين. بعد هذا الحديث رافقها لوك صعودا إلى الطابق العلوي و تمنى لها ليلة هادئة ، و قال: "إنها هدنة يا باريسا ، ليوم واحد فقط." و هكذا وافقت باريسا على هذه الهدنة.
قررت باريسا أن تخرج مع لوك لتستمتع بنهارها متناسية سبب وجودها في إيطاليا ، فالتقطت معطفها و نظرت في المرآة للمرة الأخيرة ثم خرجت من غرفتها.
كان ذلك النهار يوما مميزا جدا. فقد كانت الشمس ترسل أشعتها الدافئة مبشرة باقتراب فصل الصيف ، فتنتشر أشعتها الذهبية عبر المروج.
قاد لوك سيارته الفيراري عبر الطرق الريفية المتعرجة بخبرة كبيرة ، ثم ترجلا من السيارة و وقفا على وهدة و أعجبا بجمال المناظر الخلابة.
كانت أصوات الأمواج المتكسرة على الشاطئ و اصوات طيور النورس المحلقة فوق البحر تتقاطع مع بعضها البعض فتؤلف لحنا موسيقيا.
بعد الظهر تركا الوهدة نزولا في إتجاه بورتوفينو.
"إن هذا الوقت هو أفضل أوقات السنة حسب رأيي." قال لوك ذلك و هو يساعدها على الخروج من السيارة.
سألت باريسا: "ألا تعتقد أن الصيف أفضل؟"
"كلا ، ففي فصل الصيف يكون هذا المكان مكتظا بالسياح و يكون المرفأ مزدحما بالأجانب ، أما الآن فلا يوجد في المنطقة سوى السكان المحليين." و بينما هما يتكلمان اقترب صبي لا يزيد عمره عن العشر سنوات من لوك.
"عذرا عذرا." قال الصبي موجها كلامه إلى لوك.
حمل لوك الولد و أرجحه بين ذراعيه ثم عاد و أنزله أرضا برفق شديد.
راقبت باريسا الأثنين باندهاش ثم زادت دهشتها عندما لاحظت أن الصبي بذراع واحدة. إنه أمر محزن حقا. و لكن مع هذا كانت الابتسامة لا تفارق وجهه.
لم تستطع باريسا أن تفهم شيئا من الحديث الذي دار بينهما باللغة الإيطالية ، كما لم تفهم السبب الذي من أجله أعطى لوك الولد المال. أمسك لوك باريسا و شرح لها الأمر.
"إن باولو صديقي، و أنا أدفع له المال لأنه ينظف زورقي. كنت أنوي أن آخذك لرؤيته و لكنني جائع الآن."
قالت باريسا ممازحة: "لا تريد أن تأخذني لأنه لا يمكن لأي شيء أن يحول بينك و بين الطعام."
قال لوك برقة: "في إمكانك أن تفعلي ذلك ساعة تشائين و في أي وقت."
قالت باريسا بعد أن أخجلها لوك بإطرائه: "حسنا ، فلنأكل."
"ما زلت جبانة." قال لوك و هو يرفع يدها و قربها من فمه ليقبلها ، ثم نظر إلى أصبعها و تابع: "أين خاتمك؟"
"لقد تركته في غرفة النوم ، فقد أردت أن استمتع بهذا اليوم بشخصيتي الحقيقية ، كما أن الخاتم هو مجرد وسيلة لتكملة تمثيلية هذه الليلة." قالت باريسا ذلك و هي متأكدة من أن لوك سيتفهم الأمر.
قال بغموض: "إذا كان هذا ما تريدين ، فلا بأس." فنظرت إليه و لكنه أشاح بوجهه عنها ، فشعرت باريسا لوهلة بأنها جرحت شعوره و لكنها عادت و استبعدت الفكرة بعد أن عاد للكلام.
"إنه مطعمي المفضل." قال لوك و هو يقودها إلى مقهى صغير قرب البحر من النوع الإيطالي النموذجي حيث رحب مدير المقهى بـ لوك على إنه صديق قديم.
لم تذكر باريسا إنها اكلت وجبة في السابق و استمتعت بها إلى هذا القدر ، كما إنها لم تكن تملك أية فكرة عن الطعام الذي تناولته إلى أن أخبرها لوك بأنها قد أكلت كبدا.
قالت مستغربة: "و لكنني أكره الكبد." و لكنها ما لبثت أن انفجرت بالضحك بعدما أشار لوك إلى صحنها الفارغ.
"إن ذلك واضح يا حلوتي."
و غادرا المطعم متجهين إلى السيارة.
بعد أن جلست باريسا في السيارة ، نظر لوك إليها بجدية محدقا بعينيها.
"أتعرفين ما يعجبني فيك؟"
"ماذا؟" سألت و عيناها الزرقاوان تتأملان بريق عينيه.
"يعجبني فيك أنك لا تسمحين لأي شيء بأن يعكر صفو سعادتك. فقد هددتك لكي تأتي إلى إيطاليا ، و كان في إمكانك أن تجعلي هذا اليوم رهيبا ، و بدل ذلك جعلته سعيدا ، فقد استمتعت بكل دقيقة فيه ، و لا أظن إنه يوجد بين معارفي من استطيع أن اسعد بوقتي معهم كما سعدت معك."
حاولت باريسا أن لا تركز على نبرة صوته الجدية و بريق عينيه المتأجج خوفا من الانجذاب إليه.
"من الواضح إنك لا تقابل النوع المناسب من البشر." قالت له ذلك برقة في محاولة منها لكسر هذه الجدية المفاجأة ، ثم عدلت جلستها و أمسكت حزام الأمان ، فأخذه من يدها و أحكمه حولها.
"ربما إنك على حق يا حلوتي ، و لكن في إمكانك أن تحكمي بنفسك هذه الليلة." ثم أدار محرك السيارة منطلقا و مضيفا: "سوف يحضر الحفلة كل أفراد عائلتي تقريبا و مجموعة كبيرة من الأصدقاء."
لم تجب باريسا على ما قاله ، فقد ذكرها كلامه بسبب مجيئها إلى إيطاليا ، الأمر الذي سبب لها إنزعاجا. لقد كانت قد تناست طبعه الحاد بعد اليوم السعيد الذي قضياه معا ، أما الآن ففكرة السهرة التي تنتظرهما هذه الليلة تسبب لها ضيقا.



******************

يتبع....

Z.A.D 07-11-08 12:35 AM

مشكورة على الرواية الرائعة

وفي انتظار الباقي

jooody 07-11-08 01:07 AM

تسلمي عزيزتي فعلا الروايه رائعه انا قرأتها
اكثر من مره لانها تستحق
لكن اختي عندي سؤال
هل هذه النسخه الكاملة او المقطعه
لاني اللي قراتها مقطعه كنت اشتريتها من جرير زمان

safsaf313 07-11-08 03:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة redroses309 (المشاركة 1719935)

أهلين صفصوفة
فعلا الرواية طويلة شوي مكونة من 189 صفحة مقسمة في عشرة فصول
بس أنا قدها و ما عندي مشكلة في كتابتها كاملة
و إنشاء الله ما أطول عليكم في كتابتها و على فكرة هي موجودة في المنتدى إذا ما تقدري تصبري حتى أخلصها.

انا عارفه يا قمر انها موجوده فى المنتدى بس قرائتها متحلاش الا معاكى وانا هاستنى الفصول القادمه معاكى يالا متتأخريش عليا والا ....... ،................ ،.............
ههههههه

Z.A.D 08-11-08 12:07 AM

لو سمحتووااا

وين اقدر القى الرواية كاملة ؟

فرحة افق 08-11-08 08:50 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Z.A.D (المشاركة 1721795)
لو سمحتووااا

وين اقدر القى الرواية كاملة ؟



:qUA04678:
عن جد ياليت احد يعطينا رابط الراوية كامل لاني تحمست معها ومافيني صبر :Taj52:


يعطيكي العافية حبيبتي على الرواية الروووووعة ومتابعين معاكي للاخير

أميرة & القلوب 08-11-08 06:01 PM

انا قرات الملخص وعجبني كتير بس مش را ح ابدا قراءة الرواية الا لما تتكمل لاني لو قراتها ما رح اصبر لحتى ينزل كل فصل لحالو

ياريت لو بس يا redroses309 تقدري تكتبيلنياه بسرعه بليز لانو عنجد الروايات الي بتكتبيهم عنجد بجنن روعه الك زوق كتير حلو بروايات

Z.A.D 08-11-08 08:15 PM

خيتو redroses قرأت الرواية اللي كتبتيها قبل

أريد سجنك ومررة تجنن واختيارك في الروايات روعـ،،،،ـة

ويعطيك العافية

redroses309 08-11-08 10:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jooody (المشاركة 1720065)
تسلمي عزيزتي فعلا الروايه رائعه انا قرأتها
اكثر من مره لانها تستحق
لكن اختي عندي سؤال
هل هذه النسخه الكاملة او المقطعه
لاني اللي قراتها مقطعه كنت اشتريتها من جرير زمان


أهلين أخت جودي
بصراحة مو متأكدة إذا كانت نسخة مقطعة أو لا لأني ما قريت غير هالنسخة اللي عندي
و تقبلي تحياتي :flowers2:

redroses309 08-11-08 10:44 PM

Z.A.D و فرحة أفق
أعتذر منكم لأني قلت إن الرواية موجودة في المنتدى ، هي موجودة فعلا بس الصور مو ظاهرة
و بس إنشاء الله ما أطول عليكم
و أسعدني مروركم

redroses309 08-11-08 10:49 PM

هلا صفصف تسلمي يالغالية و أنا يصير عندي موضوعي غير لما أشوف مشاركاتك معاي
لا تحرمينا من طلاتك الحلوة يا قمر

هلا فيكي يا أميرة القلوب
و تسلمي أنتي اللي زوق و مشكورة على مرورك يا عسل

redroses309 08-11-08 10:51 PM


الفصــــــــــل الـخـامــــــــس



كانت باريسا تضع اللمسة الأخيرة من زينتها على وجهها عندما لعنت حظها. فقد إنزلق اصبع أحمر الشفاه عن خط شفتها العليا على صوت قرع باب غرفتها.
و بسرعة مسحت فمها بمنديل ، و أعادت وضع أحمر الشفاه بشكل صحيح ، و بعد أن اقتنعت بالنتيجة توجهت إلى الباب لتفتحه.
كان منظر لوك الذي يقف منتصبا على الباب تأثير كبير على باريسا التي حبست أنفاسها عندما رأته. كان يرتدي بزة سهرة ذات سترة مفتوحة حيث يظهر تحتها قميصه الحريري الأبيض الأنيق ، فغطت مسحة من الخجل وجهها من جراء نظرته المتأملة التي تفحصت و دققت بثوبها المخملي الأسود الذي كانت ترتديه.
قال برقة: "تبدين رائعة يا باريسا. و ثوبك مثلك تماما ، فيه لمسة من الجرأة." ثم أمسك بذقنها برقف شديد و نظر إلى وجهها مقدرا جمالها، فلاحظت أن عينيه تحملان تعبيرا لا تستطيع فهمه.
كانت تعرف أنها أخطأت عندما ارتدت هذا الثوب ، فهو جريء التصميم ، و هي الصورة التي لم تكن تنوي إبرازها.
و بعد أن التقطت أنفاسها ، لعنت الساعة التي اشترت فيها ثوب السهرة هذا من أحد المحلات الصغيرة التي كانت تقدم حسما في العام الماضي في منطقة برايتون، كان يبدو في ذلك الوقت مناسبا جدا لها و وجدت أن شراءه فرصة لا يمكن تفويتها. و لكن الآن و بعد أن لاحظت مدى إثارة ثوبها ، أدركت مدى فداحة غلطتها.
تلاشى حذر باريسا عندما اقترب منها و قال:
"هل أنت جاهزة للانضمام إلى الحفلة يا خطيبتي الجميلة؟"
لم تستطع باريسا أن تسيطر على الرجفة التي كانت تعتريها ، و لكنها استجمعت قواها ، و مدت له يدها فبدا الخاتم اللماع يتلألأ كالنار في إصبعها.
قالت مازحة: "أجل ، و لم أنس وسيلة التمثيل."
بعد نصف ساعة تقريبا ، كان لوك يطوق كتفي باريسا بأحد ذراعيه ، و يطوق أمه بالذراع الأخرى.
"هذا كل ما في الأمر سيداتي. لقد حيينا الجميع ، و الآن حان وقت الاستمتاع بالسهرة." ثم رافق باريسا إلى حلبة الرقص ذي الأرض البراقة و راقصها برشاقة.
بعد أن ردت الضحكة إلى لوك ، أطرقت باريسا مفكرة بمدى وسامة هذا الرجل الذي يشاركها السهرة ، و قررت أن ترمي الحذر جانبا و تستمتع بوقتها و لو لليلة واحدة فقط ، فارتسمت ابتسامة جميلة على ثغرها. ثم نظر إليها نظرة رضى قبل أن يجيل نظره في أرجاء الصالة مراقبا الحشد الموجود فيها.
"حتى الآن يسير كل شيء بشكل رائع يا حلوتي. فأمي تستمتع بسهرتها بشكل كبير ، حيث لم يسبق لي أن رأيتها أكثر سعادة من الآن. و أخيرا أصبح في إمكانها أن تتحدث مع أصدقائها عن الأحفاد الذين سترزق بهم بعد فترة قصيرة ، أما بالنسبة إلى اصدقائي ، فكلهم يحسدونني لأنني أسرت أجمل سيدة." ثم لمعت عيناه بسعادة و هو ينظر إليها.
"ألا تشعر ببعض الذنب يا لوك و أنت تخدع أمك؟" سألته باريسا ذلك و هي تشعر ببعض الحرج و تفكر للمرة الأولى في الاسلوب الذي سيبرر فيه سبب فسخ الخطوبة العاجل.
"إنك تعرفين يا باريسا كيف تسبرين أغوار ضميري ، مع أنني استطيع أن أقسم بأنني كنت منذ بضعة أيام بلا ضمير."
"إذن ، هذا يعني أنني نجحت في شيء ما." قالت مبتسمة في محاولة منها لإخفاء مشاعرها المنهارة.
و بينما هما يتحدثان ، دخل صوت ثالث عالمهما الخاص.
"إنه دوري يا لوك ، فلا يمكنك أن تراقص هذه السيدة الجميلة بمفردك طوال السهرة."
أجاب لوك بإقتضاب: "آه ، و لكني استطيع ذلك."
لقد سبق للوك أن قدم لها الرجل الذي قاطعهما في بداية السهرة على أنه مساعده الخاص و اسمه ألدو جينيتي. كان الرجل بطول باريسا تقريبا ذا شعر أسود و عينين بنيتين. و كانت تقف إلى جانبه زوجته و هي حسب ما بدا لباريسا من أجمل ما رأت من النساء و اسمها آنا جينيتي. كانت آنا ترتدي فستان سهرة أسود أنيق ، و سوارا من الماس يطوق معصمها ، و حسب تقدير باريسا ، فإن السوار وحده يقدر بثروة.
تبادلت آنا الحديث مع لوك باللغة الإيطالية ثم حشرت نفسها بين باريسا و بينه و وضعت يدها ذات الأظفار المطلية باللون الأحمر على ذراعه فبدت كالمخالب. نظرت باريسا إلى لوك مرتجفة ، و كم تمنت أن لا يعير آنا أي اهتمام ، و لكنه بدل ذلك نظر إليها ضاحكا و باللغة الإنكليزية:
"و كيف في إمكاني أن أرفض مراقصتك؟"
قال ألدو: "هيا يا باريسا ، لم يبق سوانا ، أنا و أنت. لنر هذا الحشد كيف يكون الرقص." و هنا عزفت الفرقة المسيقية لحنا صاخبا، فقررت باريسا أن ترقص ، و لم ترفض؟ فقد كانت تحب الرقص.
استسلمت باريسا للايقاع الصاخب بكل جوارحها و تمايلت بقدها المياس برشاقة لا تضاهى ، و لم يكن ألدو بالرقص السيء.
أفسح المجال لألدو و باريسا للرقص و خلال دقائق لم يبق سواهما في الحلبة و اكتفى الباقون بالمراقبة.
تضاحكت باريسا بصوت عال على إطراءات ألدو المفرطة ، و دارت حول نفسها عند إنتهاء الوصلة الموسيقية ، فتطاير شعرها على كتفيها ، ثم رمقت لوك بعينيها و لاحظت كم كان غاضبا.
قال ألدو لاهثا: "أشكرك يا باريسا ، لقد كنت رائعة."
"أجل يا حلوتي. لم أكن أعرف أنك تحبين الأستعراض."
قال لوك ذلك بغضب ، و هو يقترب منها ، ثم تابع كلامه هامسا في أذنيها: "في المستقبل أفضل أن تكبحي جماح مواهبك الدفينة ، فأنا لا أقبل أن يراقب ضيوفنا جمال خطيبتي."
لقد سبق لها و رأته و هو يراقص آنا فكيف يجرؤ على إنتقادها؟ كما أنها ليست خطيبته.
"ألا تلاحظ أنك نسيت أمرا ما؟"
"اسكتي يا باريسا ، أتريدين أن يسمعنا كل الناس." قال هامسا في أذنيها قبل أن يتابع كلامه: "بالنسبة لهذه الليلة على الأقل ستكونين معي أنا ، و لن أسمح لأي رجل بالاقتراب منك ، مفهوم؟" قال ذلك بإلحاح.
فكرت باريسا بتملكية لوك ، و تساءلت عما إذا كان يشعر بالغيرة عليها ، فسرت لهذه الفكرة و احتفظت بها لنفسها.
عاد لوك و باريسا للرقص ثانية ، فشعرت و كأنها سندريلا الحفلة. و غرقا في تمثيل دور الخطيبين ، لدرجة أن باريسا لم تعد تميز التمثيل من الحقيقة و لكنها لم تأبه للأمر.
تركت السيدة دي ماغي الحفلة عند منتصف الليل تقريبا ، بعد ذلك بدأ الضيوف بالرحيل بشكل تتابعي حتى لم يبق سوى أربعة ثنائيات لمتابعة السهرة.
عند الساعة الثانية فجرا لم يكن قد تبقى في الطابق السفلي سوى لوك و باريسا.
سألها لوك: "هل ترغبين في فنجان قهوة؟"
قالت متثائبة: "كلا. لقد كانت سهرة رائعة." ثم نظرت إلى عينيه و تابعت: "من المؤسف أنها أنتهت ، و لكن..."
"لا تقولي "لكن" يا باريسا ، فالحفلة لم تنته بعد ، على الأقل ليس الآن..."
راقبت باريسا لوك و هو ينزع ربطة عنقه و يفك الزرين العلويين من قميصه ، فسيطرت على تفكيرها مسحة من الخوف ، ما الذي يفعله هذا الرجل؟ لا بد و أنها أهينت!
"إني أقصد المرصد الفلكي في معظم الليالي عندما أكون هنا ، فمراقبة السماء في الليل تساعدني على النوم ، ما رأيك في أن ترافقيني؟"
لم يفعل لوك الشيء الذي كانت تتوقعه باريسا ، فشعرت بالخجل من إفتراضها الخاطئ.
قالت موافقة: "نعم ، أود ذلك." فبعد أن قضيا يوما رائعا سويا ، و بعد أن لاحظت أنه لم يقم بأي تصرف شائن ، لم تجد مانعا لمرافقته. فلقد أصبحت أفكارها هي الشائنة ، حسب إنتقادها.
تسلق الأثنان السلم بهدوء محاولين عدم إزعاج ساكني المنزل ، ثم تبعت باريسا لوك في الممر ذي الإضاءة الخافتة.
منتديات ليلاس
"انتبهي لخطواتك." قال لوك و هو يفتح الباب و يدخل إلى الغرفة ، فتبعته ممسكة يده التي مدها لها في الظلام حيث أنه لم يكن في الغرفة سوى مصباح خافت الإضاءة.
نظرت باريسا حولها باهتمام ، فرأت منظارا ضخما مرتكزا على منصة دائرية في وسط الغرفة ، و لاحظت أنه لم يكن في المكان سوى طاولة مكتب و مقعد جلدي و أريكة كبيرة.
"إن المكان مقفر و موحش." قالت باريسا ذلك و هي تشعر بأنها محتجزة بين جدران هذه الغرفة.
"راقبي." قالها لوك و بكبسة زر واحدة فتحت قبة الغرفة لتظهر منها عدسة المنظار.
"آه ، إنه أمر فتان." في هذا الوقت تراجع لوك مفسحا في المجال للقمر بإضاءة الغرفة بضوئه الفضي فرفعت باريسا رأسها و نظرت بمهابة إلى النجوم المتلألئة في الفضاء.
"إننا محظوظان لأن السماء صافية." قال لوك ذلك و هو يساعدها على المشي ، فمشت معه إلى وسط الغرفة.
ترك لوك باريسا ، ثم خلع سترته و عدل المنظار ، ثم جلس على المقعد الذي إلى جانب مقعدها و قال لها:
"إنظري يا باريسا". فنظرت باريسا بسكون و انبهار إلى النجوم و الكواكب التي كان يشير إليها.
إنه رجل جذاب جدا ، قالت باريسا بينها و بين نفسها في الوقت الذي كانت تبعد فيه رأسها عن المنظار و تتأمل تقاسيم وجهه الوسيم. كان لوك مستغرقا في ما يقوم به.
فألقت باريسا برأسها على ظهر المقعد ، ثم أغلقت عينيها.
لقد بدا لها الأمر و كأنه لا يوجد غيرهما في هذا العالم و شعرت بأنها سوف تظل تذكر هذه الليلة طوال حياتها.
"أنا آسف يا حلوتي ، فلقد استغرقت في ممارسة هوايتي ، لا بد و أنك متعبة."
"لوك..."
"اعذريني لدقيقة ، فعلي أن أتحقق من أمرما. ارتاحي."
لم تستطع باريسا و هي تفكر بينها و بين نفسها بـ لوك ، فقد رأت احترام اصدقائه له في هذه الليلة ، و رأت احترامه لأمه.
و رأت اهتمامه بالطفل المعاق ، كل هذه الأمور شواهد على طبيعته المحبة و نفسه الكريمة. و لكن لم أصبح مجرما؟ ربما أن أشخاصا آخرين ورطوه في هذه الأمور.
كانت تحاول أن تجد له الأعذار ، و مع أنها كانت تعرف أنه مبتز و لص ، إلا أن نظرة واحدة من عينيه السوداوين كفيلة بأن تنسيها ما تفكر فيه. ثم ابتسمت ، لأنها لم تكن تعرف معنى هذا الكلام إلى أن قابلت لوك.
فتحت عينيها ببطء حين سمعته يقول:
"أهذه ابتسامة سرية يا باريسا ، بم كنت تفكرين؟"
"إن الرجال المحترمين لا يسألون مثل هذا السؤال ، فللسيدات أسرارهن الخاصة."
كان جواب لوك الوحيد على كلامها هو أن تمنى لها ليلة سعيدة بعدما أوصلها إلى غرفتها.



***************

يتبع...

مني عباس ميرغني 09-11-08 06:23 AM

عزيزتي روز روايتك أكثر من رائعة كروعتك
وانا مشتركة جديدة في المنتدى وبدأت كتابة أول رواية
وبعاني في كتابتها لذا مقدره تعبك في كتابتها فربنا يعينك
:f63::55::f63:

redroses309 09-11-08 10:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مني عباس ميرغني (المشاركة 1723848)
عزيزتي روز روايتك أكثر من رائعة كروعتك
وانا مشتركة جديدة في المنتدى وبدأت كتابة أول رواية
وبعاني في كتابتها لذا مقدره تعبك في كتابتها فربنا يعينك
:f63::55::f63:

تسلمي حبيبتي منى

و يسعدني جدا مشاركتك معاي

و أهلا و سهلا فيك في المنتدى:flowers2:

و الله يعينك على كتابة روايتك :f63:

redroses309 10-11-08 10:43 PM



الفصــــــــــــل الســــــــــــــادس



في اليوم التالي و فيما كانت باريسا ترشف قهوتها الصباحية في غرفة الجلوس مع لوك ، إذا بالهاتف يرن.
"عذرا يا باريسا ، فعلي الرد على الهاتف. لا بد و أن الأمر طارئ ، و إلا لما تجرأ أحد على إزعاجي." و نهض عن الأريكة ثم التقط سماعة الهاتف.
شعرت باريسا بفراغ الأريكة الواسعة بعد نهوضه. ثم فكرت بقوله المتعجرف أن أحدا لا يجرؤ على إزعاجه ، الأمر الذي دفعها إلى أن تكون أكثر تيقظا منه بسبب وضعها الحرج معه. هكذا بدأ الحلم الذي عاشته خلال الأربع و العشرين ساعة الأخيرة بالتلاشي. نظرت باريسا بحذر إلى لوك ، فراقبته و هو يلتقط سماعة الهاتف و أخذ يصغي بإهتمام إلى الشخص الذي يحدثه على الطرف الآخر لخط الهاتف. لقد كان رجلا قويا ، ديناميكيا ، و كان لوجوده رهبة كبيرة. لم تستطع باريسا أن تفهم كلمة مما كان يقوله ، و لكنها استطاعت أن تعرف أن مزاجه قد تعكر لأن ذلك كان واضحا على ملامحه.
نهضت باريسا ببطء شديد من مقعدها ، ثم أغمضت عينيها و الأحمرار باد على وجهها ، و كأنها لاحظت الآن جسامة الغلطة التي اقترفتها بمجيئها إلى إيطاليا.
لم تجرؤ باريسا على أن تنظر إلى لوك. لا بد و أنها كانت ثملة أو مجنونة أو مسحورة ، أو الثلاثة معا.
أشاحت باريسا برأسها هربا من عينيه الساخرتين. و لكن بعد أن لاحظ لوك رد فعلها و خجلها ، بدل ملامح وجهه و نطق ببضع كلمات مقتضبة ، ثم وضع الهاتف جانبا و توجه نحو باريسا.
قال لها: "كنت أنوي أن أجعل هذا الصباح مميزا يا باريسا ، و لكن من سوء حظنا أن هناك حالة طارئة في المصنع في مدينة نابولي. يبدو أن حريقا شب في المصنع في الليلة الماضية و جرح ثلاثة رجال ، لذا يجب علي التوجه إلى هناك.
صعقت باريسا من كلامه ، فنظرت إلى وجهه الوسيم. لقد كانت تريد أن تخبره بأنها تحبه ، و لكنها استدركت الأمر لأن الوقت ليس مناسبا لذلك ، مع علمها بأن هذا الوقت لن يأتي أبدا. فابتسمت ابتسامة عريضة مملوءة بالغبطة ، و نظرت إليه بعينيها الزرقاوين اللتين عكستا حقيقة حبها الجديد.
"لا تنظري إلي هكذا يا باريسا. إن علي الرحيل بعد نصف ساعة ، و لكن عليك أن تبقي هنا حتى أعود ، علينا أن نتحدث مع بعضنا."
"و متى تعود؟"
"بعد يوم أو يومين على الأكثر."
تململت باريسا: "و لكن علي أن أعود إلى دياري ، فهناك مويا..." ثم تابعت كلامها باندهاش: "الصور!" كيف استطاعت أن تنسى السبب الرئيسي لوجودها هنا؟ قالت في نفسها ، إن حبيبها مبتز و ربما أسوأ من ذلك! و مع هذا نسيت أمر صديقتها.
سيطر القلق على عيني باريسا و فكرت بأنه لا مجال لبقائها في إيطاليا لإنتظار لوك و أن أفضل حل أمامها الآن هو إنهاء مهمتها و الرحيل.
"لا يوجد أمامي الآن متسع من الوقت لأشرح لك ، لذا سوف أسمح لك بأن تتغلبي علي هذه المرة. سوف أحضر الصور و أرتب أمور سفرك لتعودي إلى إنكلترا اليوم. و لكن تذكري أنك لي ، و انتظري مني مكالمة هاتفية هذه الليلة ، اعطني رقم هاتفك."
و بدافع من حذرها الشديد ، أعطت لوك رقم هاتف مويا في لندن بينما كان يرافقها إلى غرفتها.
بعد أن ارتدت باريسا بنطالها و قميصها الصوفي ، وجدت نفسها واقفة في الفناء الخلفي للفيلا و بيدها مظروف الصور و إلى جانبها يقف لوك الذي كان مهندما ببدلة أنيقة و ترتسم على شخصيته ملامح الرجل الناضج و الناجح. في هذا الوقت حطت الطائرة المروحية على العشب الأخضر مكملة شخصية لوك.
"إني أكره وداعك بهذه الطريقة يا باريسا ، و لكنني مضطر. سوف أكون في لندن في أسرع وقت ممكن."
"لا بأس ، فأنا أتفهم الوضع." و لكنها لم تكن تتفهم شيئا ، لأنها لم تكن تعي الوضع الذي أصبحت عليه ، لأن جزءا منها كان يريد التشبث بـ لوك و يحاول إقناعها بالذهاب معه و عدم النظر إلى الوراء.
"فتاة طيبة. إن أول ما أحببته فيك هو وفاؤك لصديقتك الذي أحب أن يكون لي مثله. أعرف أني أكبر منك سنا بكثير ، و كان يجب علي السيطرة على نفسي بشكل أفضل ، لقد أعجبت بك لدرجة أنني لم أعجب بأي إمرأة أخرى بهذا القدر. ضعي خاتمي و انتظريني."
"سوف أفعل." كانت تائهة في بريق عينيه. قد لا تكون كلماته اعترافا صريحا بالحب، لكنها كانت كفيلة بأن تجعل قلب باريسا يقفز من الفرح.
و هكذا ودعها للمرة الأخيرة و قال: "سوف أقضي معك بعض الوقت لاحقا. أعدك بذلك." تذكرت لوك و هو يوجه مثل هذه الكلمات إلى مارغوت ماي. إنها المغنية التي يبدو أن باريسا نسيت كل ما يتعلق بها.
و بخطوات متثاقلة قفلت عائدة إلى غرفتها حيث كانت المدفأة مشتعلة و سريرها مرتب. فهزت كتفيها و توجهت إلى المدفأة ، حيث رمت بالصور في النار و راقبتها و هي تحترق.
لقد انتهت المهمة الآن. و لكن ماذا كان الثمن؟
منتديات ليلاس
توجهت باريسا إلى السرير و تمددت و أخذت تفكر. فأين المشكلة في أن يكون لوك قد التقى مارغوت ماي خلال عطلة الأسبوع المنصرم؟ لقد أصبح هذا الأمر جزءا من الماضي. فأمر انجذاب الرجل إلى إمرأة ما بسرعة ، أمر محتمل ، و قد حصل لها ذلك أيضا. فقد قضت ثلاثة أيام فقط برفقة لوك و مع هذا أغرمت به. لذا ما المانع في أن يكون قد حصل نفس الشيء للوك؟ لقد سبق له أن أخبرها بأنه أعجب بها منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها ، و لكنها لم تستطع أن تتحمل فكرة أن يكون قد كذب عليها ، و لكن إذا كان كلامه صحيحا ، فماذا عن الباقي؟ أي الابتزاز!
و بسرعة نهضت و بدلت بنطالها و قميصها. ثم وضعت ماكياجا خفيفا على بشرتها مكونا من الكريم المرطب و أحمر الشفاه و أجلت أمر تساؤلاتها حتى تلتقي بـ لوك لأنها لم تكن تنوي أن تستبق الحكم عليه. لقد كانت متشبثة به ، و هي تعرف هذه الحقيقة جيدا. و لكن من الممكن و من المحتمل أن تكون مويا هي الشخص الوحيد الذي حاول ابتزازه ، و ربما كان للوك تفسيرا منطقيا لتبرير أفعاله الشائنة. و لكن من تحاول أن تخدع؟ لا أحد سوى نفسها.
فقد وقعت في حب محتال. إن من سخرية القدر ، أن الرجل الذي وقعت في حبه متهور أكثر من والديها و سلالتها بمئات المرات ، إلا أن والديها كانا صادقين ، و هذا أدنى المطلوب ، أنما لوك...
رفضت باريسا أن تتابع تفكيرها بهذه الطريقة ، ففتحت الخزانة و سحبت منها ثيابها و وضبتها في حقيبتها. ثم حملت الحقيبة و المعطف و جالت بنظرها في أرجاء الغرفة للمرة الأخيرة. فابتسمت عندما رأت الخاتم لا يزال على الطاولة و تذكرت لوك عندما طلب منها أن تضعه في اصبعها ، فوضعته ، و شعرت بارتفاع معنوياتها.
بعد نصف ساعة تقريبا ، عادت معنوياتها للانهيار ، فقد كانت باريسا واقفة في غرفة الطعام قرب طاولة المائدة الأنيقة تحاول اختيار طعام فطورها عندما دخلت تينا إلى الغرفة.
"باريسا ، أيتها المحتالة ، لمَ لم تخبريني يوم الجمعة الماضي بأنك مخطوبة من لوك؟! الأمر رومنطيقي حقا ، فلطالما شككت في أنه مغرم بك حتى الجنون ، لقد غضب جدا من تلك الحيلة التي مررناها عليه أيام الدراسة ، و أقسم بالانتقام في بادئ الأمر ، لكنه عاد و تناسى ما حدث ، و يضحك من تلك الحيلة كلما تذكرها ، إني سعيدة لأجلكما."
لم تلتق باريسا تينا في الليلة الماضية لأن الفرصة لم تسنح لذلك ، و هذا الصباح لم تكن في مزاج يسمح لها بالإستماع إلى مجاملتها حول تلك الخطوبة المزيفة.
"أشكرك."
"لقد وعدت جينو بأن آخذ له بعض الطعام ، إنه في إنتظاري." و بلمح البصر ، ملأت صحنا بالطعام و غادرت المكان.
التقطت باريسا صحنا و وضعت فيه قطعة من "الكرواسان" و كانت على وشك أن تسكب فنجانا من القهوة عندما دخلت آنا ، السمراء الفاتنة.
"لقد سمعت أنك تعرفين لوك منذ مدة طويلة..." قالت آنا ذلك بلغة إنكليزية ركيكة ثم توجهت نحو باريسا و وقفت بقربها و تابعت: "لقد قدم لك الخاتم و سوف يتزوجك من أجل أمه." ثم حدقت آنا بعينين قاسيتين كالجليد إلى باريسا و تابعت كلامها: "إن أمه سعيدة ، فبالزواج من "ليدي" إنكليزية يكون لوك قد قدم لوالدته... كيف تقولينها؟ آه ، يكون قد قدم لها المركز الإجتماعي الذي تريد."
شحب لون باريسا على وقع تعليق تلك المرأة اللاذع.
"اسعدي بوقتك الآن ، لأن لوك ليس من النوع الوفي ، و قريبا سوف تحصلين على سوار ، تماما كما فعلنا نحن... لقد قدم لي هذه ، إنها جميلة أليس كذلك؟"
قبل أن تستجمع باريسا أفكارها لترد على آنا ، ظهرت السيدة دي ماغي و وجهت كلاما إلى تلك المرأة جعل لونها قرمزيا و اضطرها للخروج.
قضت باريسا بقية ذلك الصباح تحاول فهم ما قالته السيدة دي ماغي بمزيج من اللغتين الإنكليزية و الإيطالية ، و لكنها لم تتوصل إلى أي نتيجة ، ثم تنفست الصعداء عندما وصلت سيارة الأجرة لتقلها إلى المطار و استطاعت أخيرا أن تقول: "إلى اللقاء".
سألت مويا: "إذن ، هل أحضرت الصور؟ و ماذا حصل؟"
رمت باريسا بحقيبتها إلى الأرض.
قالت باريسا لاهثة: "دعيني أدخل الشقة أولا ، قبل أن تمطريني بأسئلتك." كانت خطوط القلق بارزة على وجه مويا ، فتذكرت بألم شديد أن تصرف لوك هو الذي جعل صديقتها على هذا النحو. كيف يمكنها أن تحب مثل هذا الرجل؟
"لقد أنتهت متاعبك يا عزيزتي مويا ، فقد أحرقت الصور بنفسي. أما الآن ، فاصنعي لي فنجانا من القهوة ثم عودي لأخبرك بكل شيء."
بعد عشر دقائق تقريبا ، أخبرت مويا قصة مختصرة عما صادفها ، متفادية إخبارها التفاصيل الدقيقة حول والدته ، أما الخاتم فقد خلعته في الطائرة و وضعته في حقيبة يدها.
"باريسا ، لا استطيع أن أعبر لك عما يعنيه لي هذا الأمر. فقد كنت أعيش تحت وطأة اكتشاف سيمون أمر تلك الصور ، و كنت أعتقد أن ذلك الكابوس لن ينتهي أبدا. بصراحة ، عندما سافرت برفقة ذلك النذل إلى إيطاليا ، لم أكن أتصور أنه سيحترم كلمته و يعيد إليك الصور. شكرا لك يا باريسا."
عضت باريسا على شفتيها ، و كانت على وشك أن تعض مويا بسبب تعليقها حول لوك ، و سيطرت غمامة حزن على عينيها عندما لاحظت أن رأي مويا بـ لوك قد يكون صحيحا.
و لكن ، لماذا تحاول باريسا أن تجعل من نفسها العوبة بين يديه؟ سؤال تصعب الإجابة عنه.
هكذا ، قضت الصديقتان بقية السهرة و هما تتحدثان عن حفلة زفاف مويا المرتقبة. لقد كانت تنوي أن تترك عملها في نهاية الأسبوع ، لأن سيمون سوف يحضر يوم الأحد لإيصالها إلى نورفوك لتقيم مع والدها إلى أن يعين موعد زفافها ، إلا أن باريسا لم تكن تصغي لحديثها جيدا ، لأنها كانت تنتظر رنين الهاتف! و أخيرا قررت أن تبقى بضيافة مويا حتى نهاية الأسبوع على أساس أنها كانت تنوي الذهاب إلى السوق لشراء فستان جديد ترتديه يوم عرس مويا ، و لكن بينها و بين نفسها كانت تمني النفس بأن يتصل لوك أو أن يصل إلى لندن قبل يوم الأحد.
عندما توجهت باريسا إلى السرير كانت الساعة قد قاربت الثانية صباحا ، و لوك لم يتصل بعد. فتمددت في سريرها و استذكرت كل كلمة و حركة قاما بها خلال الأيام القليلة الماضية.
سوف يتصل لوك... لا بد و أن يتصل. ربما أن الحادث كان خطيرا أكثر مما تصور لدرجة أنه لم يسنح له الوقت بالأتصال ، قالت ذلك في نفسها. ثم لاحظت فجأة أنها لا تعرف حتى نوع المصنع الذي يملكه. ماذا لو كان مصنع مشبوه؟ و بدأت الأسئلة بتعذيبها. من المستحيل أن تكون قد بنت علاقة مع تاجر ممنوعات. ما هذا الشيء الذي تفكر به ، و هل أن هذه الجريمة أسوأ من تلك؟
تململت باريسا في سريرها بقلق ، فقد كان يجول في عقلها ألف سؤال و سؤال. ففي الأسبوع الماضي كانت تسخر من فكرة الوقوع في حب مجرم ، و كانت تفسر هذا التصرف على أساس أنه ضعف في شخصيتهن. أما الآن ، فقد بدأت تتفهم قوة الحب الخارقة. فبرفقة لوك لم تكن تهتم لأي أمر أكثر ، لأنها لم تكن تبغي غيره. هل يمكن أن يصدق ذلك المفهوم القديم الذي يقول بأن الرجل إذا وقع في حب إمرأة طيبة قد يتأثر بهذه الطيبة؟
لقد فكرت بكل المغامرات المتهورة في تاريخ عائلتها و التي كان بعضها خارجا عن القانون ، و تذكرت تحذيرات جدتها التي كانت تنصحها بالسيطرة على الجانب المتهور في شخصيتها. لقد كانت تعتقد أنها نجحت في ذلك حتى حصل لها ما حصل. هل أصبحت حمقاء لهذه الدرجة؟ و أخيرا خلدت إلى النوم و هي تختلق الأعذار المثيرة للشفقة لسكوت لوك.
يوم الأحد كانت باريسا قد استنفذت كل اعذارها ، لقد قامت بالمطلوب منها خلال الأيام القليلة الماضية ، فكانت تبتسم أمام مويا في الوقت الذي كانت تبكي فيه من الداخل ، و لكن الآن عليها أن تتقبل حقيقة أن لوك لن يأتي و لن يتصل. من الأفضل لها أن تعود إلى سرايا هاردكورت و تحاول أن تتناسى هذا الجزء الأليم من حياتها و ترميه خلف ظهرها. فلديها الآن عملها ، و بيتها ، و لديها ديفيد.
لقد كان لوك نذلا و قام باستغلالها و الآن انتهت القصة... إلا أن شيئا لا يستطيع أن يسكن جراح قلبها و شعورها الرهيب بفقده.
وضبت باريسا حقيبتها ثم جلست كئيبة إلى مائدة الفطور لارتشاف فنجان من القهوة.
"باريسا انظري إلى هذا." قالت مويا ذلك ، ثم قربت جريدة الأحد منها و تابعت: "لقد ألقي القبض على النذل."
حدقت باريسا إلى الصورة التي كانت تشير إليها مويا ، فدهشت لما رأت. لقد رأت صورة لوك ، و لكن اصبع مويا لم يكن يشير إليه بل إلى صورة الرجل الواقف إلى جانبه ، و هنا ازدادت سرعة خفقان قلبها و هي تقرأ.
لم تستطع باريسا أن تصدق. ما تقرأ... إنه أمر غير معقول...
لوك دي ماغي أحد أشهر المقاولين في أوروبا امتلك الأسبوع الماضي ، كجزء من ملكيته لشركة ضخمة قام بشرائها ، أحد فنادق لندن ، و أول ما قام به بصفته المالك الجديد هو طرد مدير الفندق و الابلاغ عن عمليات احتيال لويجي رينو التي بلغت ألوف الجنيهات إلى الشرطة يوم الخميس ، فتم اعتقاله.
"هل هذا هو الرجل الذي...؟" سألت باريسا مويا باندهاش و هي تشير إلى صورة الرجل ذي الوجه البيضاوي الذي يقف إلى جانب لوك في الصورة.
"أنت تعرفين إنه هو يا باريسا. لا بد و أن الشرطة قد ألقت القبض عليه بعد عودته إلى إنكلترا."
بدأت باريسا بالضحك بشكل هستيري لدرجة أنها لم تستطع تمالك نفسها ، فلقد كانت قد ذهبت إلى إيطاليا مع الشخص الخطأ...
في هذه الأثناء وصل سيمون ، الذي لم يفسح المجال لباريسا بالتفكير بعظمة اكتشافها ، بل رافقها إلى الخارج و مباشرة نحو السيارة ، كان سيمون في عجلة من أمره ، فأوصلها إلى محطة السكك الحديدية و من ثم تابع طريقه نحو نورفوك.
بعد نصف ساعة تقريبا ، كانت باريسا وحيدة في القطار. ففتحت الجريدة و قرأت الخبر للمرة الثانية و هي مندهشة مما تقرأ. يبدو أن حياة لوك المهنية قد بدأت بمساعدة والده الخباز الذي كان يملك مخبزا صغيرا في إحدى القرى الصغيرة. و بعد وفاة والده ، وسع عمله إلى مجموعة من المخابز ، و أسس سلسة من مطاعم البيتزا التي انتشرت في أربع قارات. و لم يكتف بهذا بل نوع في عمله ، فعمل في مجال الشحن البحري و العقارات ، وأصبح الآن المالك الوحيد لإحدى أكبر الشركات المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
إلا أن ارتياح باريسا لاكتشافها أن لوك ليس محتالا لم يدم طويلا ، لأن غمامة من الحزن سيطرت عليها. فعندما كانت تعتقد أنه محتال ، كان كرهها لنشاطه سببا كافيا للقضاء على حبها له. أما الآن ، فبعد أن عرفت أنه مليونير و أنه ليس محتالا كما اعتقدت ، لم يعد هناك من سبب لتكرهه ، و لكن عذابها النفسي ازداد إلى حد يصعب تحمله.
كم كانت غبية عندما تصورت أن رجلا ناضجا و عالي المقام مثل لوك يمكن أن يقع في حبها ، لقد كانت سذاجتها مشابهة لسذاحتها عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها عندما ألتقت لوك للمرة الأولى ، و هذا هو التفسير الوحيد لغبائها ، قالت باريسا في نفسها بحزن شديد. فالقصر ، و الطائرة و السيارة... كلها أمور تصرخ بالثراء. لقد كان يتوجب عليها معرفة ذلك... لأن الحياة لم تقدم لها مثل تلك المعطيات التي تجعلها من طبقة أصحاب الطائرات الخاصة ، و هي الطبقة التي من الواضح أن لوك ينتمي إليها.
لقد كانت تتمتع بكل الحسنات الإجتماعية التي تعلمتها من والديها و من المدرسة الداخلية ، و لكن المرحلة الأخيرة من سن المراهقة قضتها في التمرين و التحضير للألعاب الأولمبية ، فلم يسنح لها الوقت لإقامة علاقات صداقة مع الجنس الآخر كما كان يفعل أترابها ، و عندما تركت رياضة التجذيف توجهت مباشرة لتدريس الرياضة في إحدى المدارس الخاصة. أما بالنسبة لحياتها المنزلية ، فقد كانت اقامتها في السرايا برفقة ذلك الثناءي العجوز تناسبها تماما ، فلقد كانت ، و سوف تظل في الصميم تلك الفتاة الريفية بغض النظر عن وضع لوكا دي ماغي العالي المقام.
فعندما دخلت باريسا بيته و جلست مع والدته العجوز التي كانت فرحة بوجودها ، استسلمت لكلامه الرقيق ، فقبلت الأمر بسذاجة مفرطة مما دفعه إلى الاعتقاد بأنها سهلة ، و لكن الخطأ هو خطأها هي لأنها وافقت على البقاء في إيطاليا ، و وافقت على خداع كل من حضر الحفلة. و لكن لوك تمادى في الخداع ، فقد تقرب منها دون أن يلقى أية معارضة من جانبها ، مع أنها كانت تعرف جيدا أنه لا ينوي أن يراها ثانية. لقد قضت خمسة أيام في لندن في ضيافة مويا و عاشت كل دقيقة من هذه المدة على أمل أن يتصل هاتفيا أو أن يأتي ، و لكنها عرفت الآن أنه لن يفعل ذلك أبدا.
كان لوجود باريسا في شقته أثر كبير على تفكيره. فقد تذكرت الآن رد فعله عندما اتهمته بابتزاز مويا و قوله: "اتعتقدين بأنني أبتز هذه الفتاة؟" ربما باريسا محقة في تفكيرها ، لأن الرجل لم ينكر هذا الاتهام و استعمله لخدمة اغراضه الخاصة. فاصطحب معه إلى إيطاليا خطيبة مزيفة ذات نسب أصيل لإرضاء أمه و للإنتقام من باريسا التي تسببت في إحراجه في السنوات الخوالي. فلقد ذكرت ابنة عمه تينا أن لوك أقسم على الإنتقام في ذلك الوقت.
كان الألم يمزق أحشاء باريسا ، و شعرت بقرف عندما تذكرت شغفها للبقاء معه في الوقت الذي كان يسيطر فيه على نفسه سيطرة كاملة. لا عجب إذن في أنه لم يصدر أي اعتراض عندما أخبرته بأنها ستعود إلى إنكلترا و لعله كان يتمنى أن تعود قبل أن تطلب منه ذلك.
ارتسمت ابتسامة استهزاء على شفتي باريسا عندما تذكرت قوله: "ضعي خاتمي." جوهرة مزيفة لقصة حب مزيفة ، إنه أمر مناسب تماما. لا ، لا ، إن الأمر لم يكن قصة حب ، قالت باريسا بصراحة مريرة.
مسحت باريسا عينيها الدامعتين بيدها المتعبة. فقد حولها لوك دي ماغي إلى شخص كريه و هي التي لم تكن تتصور أن تصبح هكذا. هل سبق له و أن أخبرها الحقيقة حول أي أمر. قالت باريسا متسائلة. من الممكن و من المحتمل ، أن لا يكون قد حصل أي حادث في نابولي. و من الممكن أن تكون المخابرة الهاتفية حول أي شيء آخر ، فباريسا لا تتكلم اللغة الإيطالية ، و من السهل على لوك أن يكذب عليها دون أن يخاف من اكتشاف أمره.
في هذا الوقت كانت باريسا قد دخلت أخيرا البوابة الرئيسية لسرايا هاردكورت وبدأ حزنها الشديد يتحول ببطء إلى غضب جارف. لقد كانت مجرد بلهاء لا أكثر و لا أقل. سوف تعود غدا إلى المدرسة و تذهب من بعدها مباشرة إلى محاميها للبحث في ما يمكن اجراؤه لوضع السرايا الحالي المزري ، لقد عادت الآن للواقع و لمتاعب الحياة اليومية ، و لن تسمح ثانية لمشاعرها بأن تتحكم بتفكيرها السليم.
قادت باريسا سيارتها البيتل القديمة بانتباه شديد عبر برايتون ، فعلقت في زحمة السير ، ثم وصلت إلى الشارع الرئيسي ، و بالكاد لاحظت أنها تقود سيارتها عبر هايلشام و قرية "ماغوم داون" الصغيرة ، فبعد مرور شهرين على عودتها من إيطاليا أصبحت تشعر بأنها كبرت عشر سنوات.
و لكن اليوم كانت مرتاحة لأنها توجهت إلى المصرف و أودعت شيكا بقيمة ستين ألف جنيه استرليني ، و هو مبلغ ليس بالسيء.
أخيرا ، بدا لها أن أمرا ما في حياتها يسير على مايرام ، و يعلم أنها تستطيع أن تنجح في حياتها إذا ما تغير حظها ، بعدما عانته في الأسابيع الماضية. لقد ضغطت على نفسها لكي تتابع حياتها بشكل طبيعي ، فلبت دعوتين من ديفيد للسهرة ، و لكنها كانت تعلم أنها ليست عادلة معه ، فأخبرته بأنها لا تصلح لأن تكون صديقة له.
عادت باريسا إلى عملها في اليوم الذي تلا عودتها من لندن ، بعد أن أصبحت أكثر حزنا و أكثر حكمة في نفس الوقت. لقد كانت مضطرة لأن تتقبل الحقيقة المريرة التي كانت تعرفها جيدا ، و هي أن لوك لا ينوي أن يراها ثانية. فكل كلامه الجميل ذهب أدراج الرياح. لقد تصرفت بتهور تماما كما وصفها لوك ، و هذا وحده كان سببا كافيا لأن يجعلها تفقد ثقتها بنفسها.
إن الشيء الوحيد الجيد الذي حدث لها في هذه الأسابيع هو أن السيد جارفيس قد تمكن أخيرا من إيجاد طريقة لتحصل بها على المال ، فقد كانت سهلة جدا. لم تكن باريسا تنوي بيع السرايا ، و لم تكن تستطيع تحويلها إلى فندق أو ما شابه. فاقترح عليها السيد جارفيس بيع اسم ولقب السرايا. "سرايا اللورد هاردكورت."
يبدو أن القانون الذي صدر عام 1922 يسمح بفصل الاسم عن الملكية. و هكذا صار في إمكان باريسا من الناحية القانونية أن تبيع اللقب دون ان تبيع العقار. فاتصل السيد جارفيس بسمسار عقارات و بمخمن ، فكانا سعيدين بتولي أمر هذه الصفقة.
بعد أربعة أسابيع ، توجهت باريسا إلى نورفوك لحضور حفلة زفاف مويا. فرسمت الابتسامة على وجهها و لعبت دور الصديقة السعيدة. و من الغريب أن باريسا بدأت باسترجاع عافيتها في هذه الحفلة. ربما كان سبب ذلك رؤيتها للسعادة التي كانت تغمر مويا ، الأمر الذي أقنعها بأن على الحياة أن تستمر و بأنها لم تقم سوى بغلطة واحدة. فهي لم تكن أول من خدع بسحر أحد الرجال و لن تكون آخرهن ، كما أن السبب الآخر لسعادتها هو ما أخبرها به السيد جارفيس عند عودتها إلى البيت و هو أنه وجد شاريا للقب السرايا.
ابتسمت باريسا و هي تقود سيارتها عبر منعطف ضيق. لقد كرهت ديدي الفكرة و نصحتها بعدم اللجوء إليها ، و لكن باريسا نفذت ما كانت تريد ، و لا زالت حتى الآن مستغربة سهولة الأمر: "سرايا اللورد هاردكورت." أخيرا اصبحت مشاكلها منتهية تقريبا ، و على الأقل اصبحت الآن قادرة على أن تجري بعض التصليحات الضرورية في بيتها ، و تأمل في أن تقدم لديدي و جو بعض المساعدة لضمان شيخوختهما.
بالنسبة لديدي ، فعليها أن تعاملها برفق ، لأن العجوز لم تتوقف عن الثرثرة على مسامعها منذ أن أخبرتها بأمر الصفقة. و لكن على كل حال ، إنتهى الأمر و على ديدي أن تتقبل ما حصل...
لقد توقفت الدراسة في المدرسة يوم الجمعة الماضي بمناسبة فرصة عيد الربيع. أما اليوم ، فهو الأثنين ، و قد التقت باريسا بمحاميها لإنهاء معاملات الصفقة. لقد خف العبء عن باريسا ، و أخيرا ، بدأت حياتها بالعودة إلى مجراها الطبيعي...
في هذه الأثناء قطع صوت بوق أحد السيارات حبل أفكار باريسا ، فتشبثت بالمقود بإحكام ، و ركزت كل اهتمامها على الطريق أمامها حتى وصلت إلى سرايا هاردكورت.
و بإبتسامة واضحة على وجهها ، دخلت باريسا البيت ، فرمت بمعطفها و حقيبة يدها على الكنبة و صرخت: "ديدي أخبار جيدة."
حضرت مدبرة المنزل العجوز و هي تمشي ببطء قادمة من غرفة الجلوس.
"نعم ، لاحقا يا آنسة باريسا ، و لكن أولا..."
"لا. اسمعي يا ديدي ، لقد رأيت السيد جارفيس ، و قد إنتهت الصفقة و أصبح الشيك في المصرف." ثم سكتت لتلتقط أنفاسها و لترى رد فعل ديدي.
"لا تأبهي لذلك يا فتاتي البلهاء. و لكن لماذا..." قال صوت من بعيد.
عادت باريسا و فكرت في ما تسمع ، فقاطعت ذلك الصوت و تابعت كلامها: "ستون ألفا يا ديدي. فكري بالأمر ، فبذلك المبلغ نستطيع أن نرمم سطح المنزل."
"ما زلت متهورة كما كنت يا باريسا." قال ذلك الصوت الساخر و المألوف مرة ثانية.
هزت باريسا رأسها ، فهل بدأت تسمع اصواتا غير موجودة؟ ثم نظرت إلى خلف ديدي و تجمدت في مكانها.
لقد رأت هيئة رجل يقف قرب باب غرفة الجلوس ، فبدا طويلا ، لا بل طويلا جدا.
"هذا ما كنت أحاول أن أخبرك إياه يا آنسة باريسا." قالت ديدي بإشمئزاز ثم تابعت: "لقد وصل خطيبك منذ ساعات و كان يتوجب عليك إخباري بذلك لنني في البدء لم استطع أن أعرف عما يتحدث السيد لوك. لم أعرف ما كان يقصد إلا بعد أن اخبرني عن العطلة ، فتذكرت رؤية ذلك الخاتم الجميل في يدك و أدركت عندها أن لوك يخبرني الحقيقة. كما أن الهاتف لم يتوقف عن الرنين منذ الصباح."
"أأخبرك أننا مخطوبان؟!" قالت باريسا و هي لا تصدق ما تسمع.
"نعم ، و كان يتوجب عليك أنت أن تخبريني بذلك ، فمع أنك مخطوبة و على وشك الزواج لم تخبري مربيتك بهذا الخبر ، و لكن ماذا يهم؟ فأنا لست سوى خادمة في هذا البيت و لا أحد يأخذ برأيي. لقد أصبت بالرعب عندما عرفت أنك تنوين بيع اسم و لقب السرايا ، و لو أخبرتني من هو المشتري لكنت و فرت علي ذلك القلق. لحسن الحظ أن خطيبك أكثر إنفتاحا في أعماله منك. أنا ذاهبة لتحضير الشاي ، و ردي أنت بنفسك على الهاتف." ثم غادرت ديدي المكان و هي تتمتم بغضب.
بعد أن سمعت كلام ديدي ، إتكأت باريسا بيدها على الطاولة لتسند ساقيها المرتجفتين. كان لوك يرتدي سترة جلدية سوداء مفتوحة الأزرار و تظهر من تحتها كنزة فضفاضة من الكشمير و يرتدي بنطالا أسود. إتجه نحوها ، و شعرت لوهلة بأن هذه الهيئة ليست سوى صورة من صنع الخيال ، و لكن بعد أن حدقت بوجهه الوسيم أدركت أن ما تراه حقيقة. ثم عم السكون المكان.
لقد كان هذا الشخص هو لوك ، و لكن لوك المختلف عن الذي تذكره. فقد أصبح نحيل الجسد ، ضعيف الوجه. و شاحب اللون. كانت ثيابه واسعة على جسمه. أما شعره...
شعره الجميل ، الكث، فقد أصبح قصيرا.
سألت باريسا باستغراب: "ماذا حدث لشعرك؟"
"لقد قصصته ، فقد اعتقدت إنك تحبين ذلك."
"ماذا؟" لم تعرف باريسا عما يتحدث فضغطت على نفسها و أبعدت عينيها عن عينيه ، و حاولت السيطرة على مشاعرها المرتبكة. إنه موجود هنا في بيتها و أخبر ديدي بأنها خطيبته. يبدو أن النذل أخبر ديدي عن تلك الخطوبة.
"كيف تجرؤ على المجئ إلى بيتي و تخبر مدبرة منزلي بأمر تلك الكذبة الشنيعة؟ فنحن لسنا مخطوبين ، و لن نكون كذلك أبدا. أخشى أنني مضطرة لأن أطلب منك مغادرة المكان." و بحركة دراماتيكية أومأت باريسا إلى الباب الرئيسي و هي مذهولة من نبرة صوتها السلطوية.
"لقد قمت بذلك بشكل رائع باريسا ، و كل جزء فيك يوحي بأنك سيدة هذه السرايا ، و لكن من المؤسف أن اسم و لقب السرايا لم يعودا ملكا لك."
لا بد و أنه سمع الحديث الذي دار بينها و بين ديدي ، قالت باريسا في نفسها ، فحاولت إبعاده عن الموضوع.
"إن شؤوني الخاصة لا تعنيك يا سيد دي ماغي." قالت باريسا ذلك و هي مقطبة الحاجبين.
"بما أنني كنت جزءا من أول علاقة عاطفية في حياتك الشخصية منذ بضعة اسابيع اعتقد أنه يحق لي أن أكون فضوليا."
تحول لون باريسا إلى قرمزي على وقع تلميحه ، فلمعت عيناها الزرقاوان من الغضب و قررت أن ترمي الأخلاق الحميدة جانبا و تصرخ في وجهه ليخرج من المكان ، إلا أن لوك لاحظ مدى حنقها ، فارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه في الوقت الذي كانت فيه عيناه تحدقان بيديها الصغيرتين المتشبثتين بالطاولة.
"إن قضاء ثلاثة أيام معا لا يعني أن بيننا علاقة ، و لو كنت رجلا شهما..."
"و لكنك في ذلك الوقت لم تصدقي أنني رجل شهم ، أليس كذلك يا باريسا؟ لقد كنت تعتقدين أنني أحيا حياة وضيعة." ثم ظهر الغضب على ملامحه و تابع كلامه: "ما بك يا باريسا؟ هل أن كل الرجال أصبحوا لا يعجبونك؟ أم أنك قضيت معي تلك الأيام من أجل الخاتم ، فمن الواضح أنك كنت تحتاجين إلى المال."
"كيف تجرؤ على المجئ إلى بيتي...؟" قالت باريسا ممتقعة الوجه. فقد إنتظرت في لندن خمسة أيام من أجل مكالمته الهاتفية ، و الآن ، و بعد مضي شهرين ، عاد و ظهر في حياتها متهما إياها بأنها سايرته من أجل قطعة مجوهرات مزيفة.
دخلت ديدي الغرفة و هي تدفع طاولة خشبية قديمة وضعت عليها أفضل الأواني الصينية الموجودة في البيت ، بالإضافة إلى طقم الشاي الفضي و صحنا من البسكويت المصنوع في البيت.
"الشاي يا آنسة باريسا."
صمتت باريسا بعد أن قوطعت من قبل السيدة العجوز. ثم رن جرس الهاتف الموجود على الطاولة و الذي لا يبعد سوى انشات قليلة عنها ، فمدت يدها بشكل آلي و التقطت السماعة.
تحول لون وجهها من الشحوب إلى الإحمرار خلال بضع ثوان ، في الوقت الذي كانت تستمع فيه برعب إلى هذيان ديفيد ، الذي قرأ لتوه خبر إعلان خطوبتهما في جريدة التايمز.
"كان يجدر بك إخباري يا باريسا ، فأنا لا أستحق هذه المعاملة منك. لهذا السبب إذن قلت لي إننا لن نكون سوى أصدقاء عندما كنت على وشك أن أطلب منك الزواج. كيف استطعت أن تقومي بهذا الأمر؟ و لكن لا عجب ، فالرجل ثري جدا."
"كنت تريد الزواج مني؟" قالت باريسا مرددة كلامه ، و زاد لونها إحمرارا عندما سمعت قسمه بأنه كان ينوي ذلك ثم أقفل الخط.
مشت باريسا متأرجحة نحو غرفة الاستقبال و الغضب يلمح في عينيها ، ثم وجهت كلامها إلى لوك قائلة: "قل لي ، ماذا...؟" و توقفت عن الكلام.
جلس لوك على كرسي مجنح بسيط ، ثم نظر إلى ديدي و ابتسم إبتسامة لطيفة في الوقت الذي كانت تسكب فيه العجوز فنجانين من الشاي.
قالت ديدي: "إجلسي يا آنسة باريسا ، و تمتعي بفنجان الشاي ، فأنا أعرف أن بينك و بين السيد لوك مواضيع كثيرة للمناقشة."
قال لوك بلطف: "شكرا لك يا ديدي."
فتحت باريسا ثغرها بذهول ، فلا أحد يدعو السيدة ترمبيل بـ ديدي سواها هي ، و لم تستطع أن تصدق أن لوك استطاع أن يسحر السيدة العجوز بهذه السرعة ، و لكن بعد أن رأت الإبتسامة الخجولة على وجه ديدي ، عرفت أن إمرأة أخرى وقعت بسحر لوك الغريزي.
"إن هذا من دواعي سروري يا سيدي." ثم ناولته فنجانا من الشاي و استدارت نحو باريسا فناولتها فنجانا و تابعت كلامها: "بعد تناول الشاي لم لا تجولي مع السيد لوك في أرجاء المنزل و تخبريه تاريخه؟ فبصفته المشتري الجديد للقب سرايا اللورد هاردكورت سوف يكون مسرورا جدا بهذه الجولة."
"لقد حدثني ديفيد على الهاتف ، و هو..." ثم إنتبهت لما قالته ديدي و قالت مذهولة: "المالك الجديد! آه ، كلا!"
انهارت باريسا على الأريكة و ابتلعت ما كان في فمها من الشاي فكادت أن تحرق حلقها. لقد أحدث وصول لوك المفاجئ تشويشا كبيرا في تفكيرها ، فمنذ نصف ساعة فقط كانت تهنئ نفسها على تخطي الأزمة التي سببها لها و تشكر حظها على عودتها إلى حياتها الطبيعية ، أما الآن... فقد سيطر شعور بالصدمة على معنوياتها.
كانت قد باعت اللقب إلى شركة حسبما قال لها السيد جارفيس ، و كانت هذه الشركة تنوي استعماله كشعار لها في مراسلاتها. هل يمكن أن يكون لوك...؟
"نعم ، إنك على حق." قال لوك قارئا أفكارها ثانية.
فردت عليه ببرودة و تهكم : "ربما أنك اشتريت اللقب و لكن كان يجدر بمحاميك أن يخبرك أن شراءك اللقب لا يمنحك الحق بالتطفل على هذا البيت."
قالت ديدي معنفة إياها: "لا تنسي أخلاقك الجيدة يا باريسا."
شعرت باريسا بالنار تتأجج في داخلها من الغضب ، و لكنها ضغطت على نفسها لتتمالك اعصابها كي تستطيع التفكير بما يجري حولها. و بعد أن شربت فنجان الشاي بدأت أفكارها تعود إلى سيرها الطبيعية. كانت تستشيط غضبا كلما تذكرت أن شيك الستون ألف جنيه الذي طارت من فرحها به منذ ساعتين صادر عن لوك. و لكن فيما يخصها هي ، فإن بيع اللقب لا يعني بالنسبة لها سوى وريقة استطاعت ببيعها أن ترمم سراياها القديمة. كما أنه هناك سرايات كثيرة منتشرة في أنحاء البلد وضعها شبيه بوضع سراياها ، سرايات و مساحات شاسعة من الأرض ، ومال قليل لترميمها. بعض هذه السرايات تم تحويله إلى فنادق أو استراحات ، و لكن باريسا لم تكن تنوي اللجوء إلى هذا الخيار.
و لكن لم يدعي أنه خطيبها و ينشر الخبر في جريدة التايمز؟ و ما هي هذه الخطة المخادعة التي يحبكها الآن؟ تساءلت باريسا في نفسها بقلق. فاختلست النظر و تفحصت لوك الذي كان يجلس مسترخيا على كرسي والدها المفضل و وجهه يبتسم إلى ديدي التي كانت تناوله قطعة من البسكويت. لقد علقت باريسا مرة ثانية بفخ عينيه اللتين تجذبانها.
بعد أن نظر إليها لوك بهذه الطريقة ، شعرت باريسا بالألم يعتصرها ، فقد أحست بتقلص في معدتها مما اشعرها لوهلة بأنها سوف تمرض. مهما كان يريده هذا الرجل لا يهم ، أما كل ما تريده فهو أن يخرج من بيتها و يغرب عن وجهها و يبتعد عن حياتها... إنها تحتقره.
استجمعت باريسا كل قواها للسيطرة على نفسها ، و استطاعت أخيرا أن ترد على كلام ديدي.
"في الواقع ، إن البيت لا يثير الاهتمام ، و أنا متأكدة من أن لوك يريد العودة إلى لندن." قالت باريسا ذلك بتهذيب ، ثم تشجعت و رفعت عينيها لتلتقي بعينيه و تابعت كلامها مستهزئة: "إنه لطف منك أن تأتي لزيارتي و لكن لا أريد تأخيرك."
إلا أنه ليس من السهل صرف لوك. انبرت ديدي قائلة لتلطيف الجو: "اسمعي يا آنسة باريسا ، لا يجب أن تتكلمي بهذه الطريقة مع رجل سوف تتزوجينه. لقد حجزت لكما طاولة في مطعم الأولد فورج لتناول العشاء. تذكرا ، هذه السهرة على حسابي ، سوف أذهب الآن لأنهي عملي."


**********************

يتبع...

فرحة افق 11-11-08 07:11 AM

يعطيكي العافية حبيبتي في انتظار البقية

تمارااا 11-11-08 11:26 AM

[CتOLOR="DeepSkyBlue"]حبي ريهام رواينك ولا أروع تسلمي على تعبك وربي يعينك:flowers2::flowers2:[/COLOR]

فيفي و بس 13-11-08 10:01 AM

شكرا روز الرواية حلوة و رهيبة
رجائي لا طولي علينا في النهاية
يعطيكي اللللللللللللللللف عافية

redroses309 14-11-08 01:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيفي و بس (المشاركة 1730869)
شكرا روز الرواية حلوة و رهيبة
رجائي لا طولي علينا في النهاية
يعطيكي اللللللللللللللللف عافية


هلا بهالطلة يا أحلى فيفي
شو أخبارك ؟
معليش عذريني شوي مشغولة هاليومين بس أحاول أنزل الفصل الجاي بكرة إنشاء الله و ما أطول
و مشكووووووووووووووورة لمرورك أسعدني وجودك يا عمري

safsaf313 14-11-08 10:51 AM

هاااااااااى رووووووزى فينك ادينى فتحت الروايه النهارده لا لقيت فصل ولا غيره هههههه
بهزر خدى راحتك ياقمر مستنيين التكمله للروايه الروعه

redroses309 14-11-08 09:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 1732335)
هاااااااااى رووووووزى فينك ادينى فتحت الروايه النهارده لا لقيت فصل ولا غيره هههههه
بهزر خدى راحتك ياقمر مستنيين التكمله للروايه الروعه

هلا حبي صفصف
شو أخبارك ؟
حبيت أشوقكم شوي للفصل الجاي <<<<<<<< ههههههههه
:lol::lol::lol:

redroses309 14-11-08 09:08 PM



الفصـــــــــل الســـــــــابع

توترت أعصاب باريسا و بدأت تغلي غضبا بعدما خرجت ديدي من غرفة الأستقبال و أغلقت الباب وراءها.
"ماذا تظن نفسك فاعلا؟" ثم أنتصبت واقفة ممتقعة الوجه و مرتجفة الجسد تحت تأثير غضبها و تابعت كلامها: "لقد حضرت غلى بيتي مدعيا أنك المالك الجديد للقب السرايا و أنك خطيبي. ما هذه السخافة؟"
"إنه ليس سخافة ، فخبر إعلان خطوبتنا نشر هذا الصباح في جريدة التايمز ، أما بالنسبة إلى شراء اللقب ، فقد حصلت مصادفة غريبة ، و هي ان سمسار العقارات الذي استخدمتيه لبيع اللقب هو موظف من الشركة العقارية التي اشتريتها مؤخرا. عندما رأيت اسم هاردكورت ، لم استطع أن أقاوم الإغراء فاشتريت اللقب ، لأني وجدته مناسبا جدا."
إن كلامه صحيح ، قالت باريسا في نفسها ، فقد كان بريق الإنتصار واضحا في عينيه. و فجأة فكرت بجسامة العمل الذي قام به لوك ، آه ، لقد ادركت أن كل شخص الآن في البلد سوف يعرف بما حصل لها.
منتديات ليلاس
"يا لحظي يا باريسا! إنك تملكين وجها بريئا ، و مع هذا فإن قلبك قاس كالحديد." قال لوك مبددا ذلك السكون الذي عم المكان.
تغير لون باريسا على وقع الجزء الأخير من تعليقه ، فلو أن شخصا ما يملك قلبا من حديد فهو لوك. و لكن قبل أن تفتح فمها لترد عليه ، نهض منتصبا على قدميه و اقترب نحوها و امسكها من كتفيها.
تسمرت باريسا في مكانها و أمطرته بوابل من نظراتها الساخطة التي كانت تتهاوى على عينيه المتعجرفتين.
جال لوك بنظرته الباردة الساخرة على وجهها الغاضب و قال: "لقد مل منك صديقك المسكين ، فهل أزعجت نفسك و أخبرتيه بأنك أمضيت يومين برفقتي؟" و هنا اشتد وجه باريسا إمتقاعا ، فتابع كلامه: "بالطبع لا ، لقد حان الوقت الآن لأن تتحملي نتائج تصرفاتك الأنانية ، و أنا سوف أتكفل بهذا الأمر."
زادت كلماته من غضبها. كيف يجرؤ هذا النذل على أن يدعوها بالأنانية؟ و بدون وعي رفعت يدها لصفعه ، إلا أنه أمسك بيدها و لواها خلف ظهرها ثم جذبها نحوه.
ظهر الغضب و التوتر واضحين بينهما كعاصفة هوجاء ، لم تستطع باريسا أن تصدق ما يجري لها عندما وجدت نفسها تترنح بين ذراعيه.
"إياك أن ترفعي يدك ثانية يا باريسا ، فأنا لا أنوي إيذاءك ، و هذا ليس سبب مجيئي إلى هنا."
"لماذا أتيت إذن؟" سألته باريسا و هي تكافح لأستعادة السيطرة على مشاعرها المرتبكة. لم تستطع باريسا أن تستوعب ما يجري لها ، و كأن عقلها قد توقف عن أداء وظيفته. فعادت و جلست على الأريكة لعجزها عن الوقوف على قدميها المرتجفتين ، و أغمضت عينيها ثم حاولت إقناع نفسها بأن ما يجري لها ليس سوى كابوس ، ففي لحظة قد تستيقظ و تعود حياتها إلى مجراها الطبيعي.
و ببطء شديد فتحت عينيها ، و أدركت أن الأمر لم يكن كذلك. فقد وجدت أن لوك غير مكان وقوفه ليقف متكئا على المدفأة المحفورة من خشب السنديان ، فيما كانت عيناه تجولان في أرجاء الغرفة لتستقر أخيرا على باريسا.
"لقد عرفت الآن لماذا تحتاجين إلى المال يا باريسا ، إنك تملكين بيتا قديما جميلا ، و لكنه يحتاج إلى مبالغ كبيرة من المال لترميمه ، كما أني متعجب من قدرتك على إستئجار شقة في المدينة ، و لكن بعنوان شقة في لندن تستطيعين تضليل الأصدقاء غير المرغوب بهم ، و بذلك تستريحين منهم."
"شيء من هذا القبيل ، و لكن من الواضح أن هذه الطريقة لم تنجح معك."
"إنك كاذبة ، فهي ليست شقتك ، بل شقة صديقتك مويا."
"و إن يكن؟" و فجأة تذكرت يوم ابتاعا الخاتم ، لا عجب إذن أنه أصر على إيصالها إلى البيت ليتسنى له معرفة عنوانها... لأن المبتز الأصلي كان يعرف مكان إقامة مويا بعكسه هو. كم كانت غبية لأنها لم تلاحظ ذلك في الوقت المناسب ، فلو فعلت لكانت وفرت على نفسها الكثير من المتاعب.
"لو لم أعرض اللقب للبيع لما كنت موجودا هنا." قالت باريسا ذلك عن غير وعي و كانها تفكر بصوت عال.
قال لوك ضاحكا: "أهذه طريقتك في تبرير تصرفاتك؟"
أجابت باريسا بحدة: "و لكني لست مضطرة لأن أبرز لك أي إثبات."
إن العكس هو المطلوب ، فعليه أن يبرر تصرفاته و ليس هي. و في هذه اللحظات ، ظهر بصيص أمل لباريسا ، فكيف استطاع أن يعرف أن الشقة ليست لها لو أنه لم يتصل بالمكان بحثا عنها. و لكنها استبعدت هذا الشعور ، فصحيح إنه اتصل و لكن بعد عدة اسابيع ، ثم عادت و أمطرت لوك بوابل من نظراتها السامة.
"عليك أن تفسر لي سبب وجودك هنا و افتراضك السخيف أنني خطيبتك."
"إنه ليس افتراضا يا باريسا بل حقيقة ، و لديك خاتم ثمين يثبت صحة ما أقول."
"أهو تلك الحلية المزيفة التي أدت دورها بالنسبة إليك؟" أجابت باريسا ببرودة لتخفي استياءها العميق. فقد حصل على قيمة تلك الحلية المزيفة في اليومين اللذين قضياهما معا في إيطاليا.
"لو كنت مكانك لما سميت قطعة من الماس الأبيض و الأزرق بالحلية المزيفة. لقد كنت جيدة معي ، و لكن ليس لدرجة أن ادفع ثروة مقابل تمثيلك أمام والدتي." قال ذلك ساخرا و عيناه تنظران إلى عينيها ، فلم تستطع أن تخفي الصدمة التي سببها كلامه.
ماذا يقول هذا الرجل؟ هل أن ذلك الحجر الذي يزين خاتمها قطعة أصلية؟ لم تستطع باريسا أن تصدق ما تسمع ، فقد كانت تعرف أن الماس الأبيض و الأزرق من أغلى أنواع الماس الموجود في العالم.
قال لوك ساخرا: "أنا متعجب من أنك لم تبيعي هذا الخاتم رغم حاجتك إلى المال. أم إنك بعته؟" فجمدت على أريكتها.
قالت متعلثمة: "كلا ، ماذا تريد يا لوك؟ أتريد استرجاع الخاتم؟" ثم نهضت عن الأريكة و هي تنظر إليه مرفوعة الرأس ، فتوجهت نحو الباب و تابعت: "سوف احضره لك ثم يمكنك الرحيل."
قال لوك آمرا: "كلا ، ابقي هنا." فاستدارت و يدها ما تزال ممسكة بمسكة الباب.
قالت مستفسرة ببرود: "هل هناك شيء آخر تطلبه مني؟ إنك تدهشني ، فلقد اشتريت للتو لقب السرايا ، و لكن العقار ليس للبيع ، و عليك أن تكتفي أنت و أمك بتلك الوريقة و بذاك اللقب."
لقد كانت آنا جينيتي على حق ، قالت باريسا في نفسها ، فأسرة دي ماغي لا يبحثون سوى عن المراكز الإجتماعية ، و هو أمر لا تستطيع تحمله.
سيطرت مسحة من الحيرة ثم الغضب على عيني لوك السوداوين و هو يسمع كلامها الجارح. و استجمعت باريسا كل قواها للصمود من دون خجل في وجه نظرته المتفحصة. و دهشت عندما رأت غمامة من الحزن و الأسى تسيطر على تقاسيم وجهه.
"إن أمي في المستشفى الملكي في لندن و تعتقد بأننا مخطوبان ، و قد وعدتها بأن اصطحبك لزيارتها. لذا أعلنت خبر الخطوبة في جريدة التايمز كبديل في حال لم أجدك في البيت. لقد اعتبرت أن الإعلان الرسمي للخبر قد يطمئن أمي. إنها مريضة جدا ، و لا أريد أن تكون حزينة أو قلقة."
إذن هذا هو السبب... و بسرعة صدقت باريسا ما يقول ، و لم لا تصدقه؟ بالطبع ، فهو لم يبحث عنها بسبب مشاعره نحوها ، و قد كان هذا واضحا في كلامه.
"أنا آسفة بشأن والدتك ، ماذا حصل لها؟" لقد بدا الأمر و كأن حاجزا غير مرئي يفصل بينهما ، فقد كانا يتحدثان مع بعضهما و كأنهما غريبين مهذبين ، و هذا الأمر كان يناسب باريسا تماما.
"لقد تعرضت لنوبة قلبة منذ بضعة اسابيع ، و سوف تجري لها عملية جراحية يوم الخميس."
"لقد فهمت."
"أهذا يعني إنك سوف تذهبين معي لزيارتها يوم غد."
لقد كانت باريسا حزينة جدا لمرض السيدة دي ماغي ، و لكنها لم تكن تنوي التورط ثانية مع لوك أو عائلته ، فمرة واحدة تكفي.
"أخشى إنني لا استطيع."
"إنك مدينة لي... و أنا الآن أجمع ديوني." قال لوك ذلك و عيناه تتأجان بالغضب ، ثم اقترب منها.
أدارت باريسا مسكة الباب مصممة على الخروج من المكان ، و لكنها فوجئت بديدي داخلة إلى الغرفة.
"أعتقدت أنه من الأفضل أن أخبرك بان سائقك قد عاد و هو ينتظرك في المطبخ."
الآن عرفت باريسا ، لم لم تر سيارة في المرآب عند وصولها إلى البيت ، ثم تابعت ديدي موجهة كلامها إلى باريسا: "لقد حجزت طاولتكما ابتداء من الساعة السابعة ، و هذا يعطيك متسعا من الوقت لكي تجولي مع السيد لوك في أرجاء المنزل. عندما تذهبين غدا لزيارة والدته..."
"لن أذهب لا غلى العشاء و لا إلى لندن يا ديدي."
"ما هذا الهراء يا فتاة؟ بالطبع سوف تذهبين ، إذ لا يمكنك أن تخذلي السيد لوك و حماتك العتيدة."
"و لكن..." لقد كان على باريسا أن تعرف طباع ديدي جيدا بعد هذا العمر الطويل الذي قضياه معا ، إذ ما من سبيل للتغلب عليها في هذه المجادلة.
بعد عشر دقائق كانت باريسا تستعرض اللوحات المتنوعة المعلقة في الرواق الكبير ، ثم تقود لوك صعودا إلى الطابق العلوي و هي تتساءل عن حقيقة ما جرى لها.
"إنتبه للسجادة." قالت باريسا جملتها بشكل آلي عند وصولهما إلى القسم الممزق منها.
توقفت باريسا أمام لوحة زيتية ضخمة و استدارت نحو لوك الذي كان يقف إلى جانبها.
"لقد عاشت عائلة هاردكورت في هذا البيت منذ القرن الثاني عشر. و قد منح حاكم المنطقة في ذلك الوقت السلطة الإقطاعية لحد أجدادي في مقابل القتال في جيشه ، إذ لم يكن في ذلك الزمن بيع للألقاب كما يحصل الآن. لقد تم ترميم البيت أكثر من مرة عبر القرون ، و كانت آخر مرة عام 1850 ، هذه صورة الليدي بينيلوت ، و هي من أقدم هذه اللوحات." لقد كانت صورة لإمرأة في الزي الذي كان سائدا في القرن السابع عشر. و قد بدت شبيهة جدا بباريسا و تملك ذات الشعر الطويل الأشقر.
ثم تابعت باريسا كلامها و هي تصف اللوحة: "كان زوجها قبطانا و توفي خلال إحدى الرحلات البحرية. و قد سرت شائعات في تلك الفترة تقول إنه كان قرصانا. لم يترك لها سوى إبنة وحيدة و هذا البيت. في تلك الأيام كان يمكن توريث العقار إلى الذكر الثاني في العائلة ، و صودف أن الذكر الثاني كان من قرابة بعيدة ، فكان شهما و تنازل عن حقه المكتسب و سمح بتلطف منه بتغيير الوصية ، و بذلك صار يمكن توريث العقار إلى أول مولود في العائلة بغض النظر عن جنسه. وقد كان تغييرا جذريا في الورثة ، و هكذا تم توارث السرايا عبر سلسلة من الورثة الذكور و الإناث منذ ذلك الحين. و هذا هو السبب في أن بعض اللوحات تحمل اسماء عائلات مختلفة ، و الأسم الأكثر ترددا هو اسم هاردكورت."
و هكذا أنهت باريسا كلامها ، فبدت مثل دليل سياحي ، و لكنها لم تأبه للأمر.
"إنه أمر مثير ، و قد كنت اتساءل عن سبب تغير اسم العائلة في اللوحات."
"نعم ، إنه أمر غير عادي."
قال لوك و هو ينظر إليها: "لقد كانت جميلة جدا ، و أنت تشبهينها."
شعرت باريسا بالأرتباك بعد أن سمعت إطراءه.
"من حسن الحظ إنه تم توارث البيت بهذه الطريقة التقدمية ، لأن الحظ السيء قد حل على رجال عائلة هاردكورت ، فقد توفي معظمهم بطرق غريبة." ثم أشارت إلى اللوحة التالية و هي صورة رجل يرتدي ثيابا أنيقة و تابعت: "إنه هيوبرت هاردكورت ، لقد ذهب في رحلة صيد نمور إلى الهند و افترسه أحد الوحوش التي كان قد نصب لها فخا ، أما الذكر الثاني في العائلة ، فقد فقد في مجاهل افريقيا. أما بالنسبة للنساء ، فقد كان معظم أزواجهن من المتهورين المغامرين." ثم مشت قليلا و وقفت أمام لوحة سيدة ثانية ترتدي ملابس من زي عشرينات هذا القرن.
"حتى النساء اللواتي لم يتزوجن لم يكن حظهن أفضل من المتزوجات. هذه صورة باتريسيا ، كانت من المطالبات بحق المرأة في الانتخاب و أنتهت في السجن. بعد أن أنهت فترة سجنها ، قتل شقيقها في الحرب العالمية الأولى. فعاشت مع ابن و ابنة اخيها ، و قبل أن يتمكن ابن أخيها و هو الذكر الوحيد في عائلة هاردكورت في تلك الفترة من أن يبدد ما تبقى من ثروة العائلة ، فتحت حسابا مصرفيا لصيانة السرايا. فمن سوء الحظ أن الوصية تنص على أن يبقى هذا المكان ملك العائلة."
قال ضاحكا بصوت منخفض: "هذا يفسر الكثير."
نظرت باريسا إليه مستغربة سبب ضحكه ، إذ ليس ثمة ما يضحك. عندما كانت باريسا صغيرة السن اخبرتها جدتها التي لا تنتمي إلى عائلة هاردكورت و التي كانت رقيقة جدا ، كل تاريخ العائلة. و لم يزعج باريسا أن أجدادها كانوا متهورين أو مغامرين. لقد كانت تحب والدها ، و أمها كانت مغامرة تماما كالرجل الذي تزوجته ، و بصفتها طفلة ، كان والداها يتركانها دائما وراءهما كلما انطلقا في مغامرة جديدة. و لم تدرك خطورة ما كانا يقومان به إلا بعد أن توفيا. بعد ذلك بدأت جدتها بمحاولة لفت نظرها إلى أهمية الإبتعاد عن مثل هذه المغامرات الطائشة و عدم التصرف على طريقة والديها ، فلقد كانت تقع على عاتقها مسؤلية السرايا و ساكنيها. و بعد وفاة جدتها ، حاولت باريسا أن تقضي على الجانب المتهور في شخصيتها ، و لكنها صدمت عندما وجدت أن هذا الأمر وراثي و في طبيعتها. و لكنها تكره أن يقال عنها أنها متهورة أو طائشة.
"إني لا أجد ما سمعته مضحكا ، فلو كان لأي شخص منهم حس بالمسؤولية ، لما تورطت بهذا البيت الذي لا استطيع أن ابيعه أو أن اتحمل مصاريفه."
سأل لوك مستفهما: "و ماذا حدث للحساب المصرفي؟"
"إن بضعة آلاف في فترة العشرينات كانت تعتبر ثروة أما اليوم ، فإن المال بالكاد يغطي أتعاب جو و ديدي. أما بالنسبة إلى السرايا فإن الوصية تمنع بيعها و صك الملكية يمنع استعمالها للعمل."
"و لكن من الممكن تغيير صك الملكية."
قالت بتهكم: "و هل تعتقد إني لم أحاول ذلك؟ فبوجود إثنتي عشرة غرفة يمكن أن أحول هذه السرايا إلى فندق ، و بذلك احصل على مدخول جيد ، و لكن السيد جارفيس ابلغني أنه لا يمكن ذلك. أما الآن ، و بفضل سعيك وراء المراكز الإجتماعية صار يمكنني ترميم السقف و ربما تحسين التدفئة."
تجاهل تهكمها و أجابها بنبرة تجارية صرفة: "و لكن هذا ليس حلا طويل الأمد ، اسمعي نصحيتي ، فإن هذه التصليحات قد تكلفك ضعف المبلغ الذي دفعته لك."
ثم أمسك ذراعها ، فأجفلت ، فأبعد ذراعه عنها.
"في الحقيقة إن هذا الأمر لا يعنيك." قالت باريسا ذلك ثم ابتعدت كارهة الأعتراف بصحة كلامه حول المال و التصليحات.
"آه ، لست ادري ، فبصفتي اللورد الجديد..."
"صحيح أنك حصلت على اللقب ، و لكنك لن تكون أبدا سيدا علي ، مهما كان الكلام الذي قلته لديدي."
"من قال إنني أريد ذلك؟" ثم نظر إلى ساعته و أضاف: "لقد قاربت الساعة السادسة ، هل تريدين أن تزيدي جمالك بتحضير نفسك؟"
تورد لون باريسا خجلا على وقع إطرائه.
"نعم ، أنا متأكدة إنك تستطيع النزول إلى الطابق السفلي لوحدك." ثم توجهت إلى غرفتها.
إتكأت باريسا على باب غرفة النوم و أخذت نفسا عميقا ، ثم تنهدت في محاولة منها لإراحة اعصابها التالفة. فلوك موجود هنا في بيتها ، و هو المالك الجديد للقب ، إذ أن الأمر صعب التصديق. دخلت باريسا ببطء غرفة النوم و جلست على السرير ، فهي لم تكن غبية لدرجة أن تصدق إنه قام بهذه الزيارة من أجلها ، لقد انتظرت خمسة أيام في لندن من أجله ، و حتى لو أنه لم يكن يستطيع مغادرة إيطاليا ، فقد كان في إمكانه أن يلتقط سماعة الهاتف و يتصل بها. غن سبب وجوده هو أمه ، و هي تستطيع أن تقدر مشاكله ، كما تشعر بأنها مسؤولة عن هذه المشاكل نوعا ما ، فلقد كانت قد اقنعت السيدة دي ماغي بأنها سوف تتزوج من ابنها. و مما يزيد من همومها الشيك الذي استلمته من السمسار أو معرفة أن ذلك الشيك صادر عن لوك كان حقيقة يصعب تحملها.
لقد كان يراودها شعور بأن لوك لن يقبل باسترجاع المال في مقابل إعادة اللقب إليها. و لم يقبل؟ فمثل هذا المبلغ من المال لا يؤثر على رجل ثري ، و لكن صحة أمه تعني الكثير بالنسبة إليه.
لقد كانت تنوي عدم الذهاب لزيارة السيدة العجوز و لكن ضميرها لم يسمح لها بذلك. لقد أخذت ماله ، و خاتمه ، وهي تشعر الآن بنوع من الواجب...
نهضت باريسا عن السرير ، وبدلت ثيابها بسرعة ، فارتدت الفستان المخملي الأزرق ليس لأنها تريد تذكير لوك بالفترة التي قضياها معا في إيطاليا ، بل لأنها تريد أن تظهر صورة معقدة لها. أما الخاتم ، فهي على الأقل تستطيع إرجاعه. فأخذته و وضعته في علبته ثم نزلت إلى الطابق السفلي و توجهت إلى المطبخ. لقد كان عليها أن تكلم ديدي و تشرح لها أن الأمر كان مجرد غلطة ، فهي لم تكن تريد جرح مشاعر السيدة العجوز. و من سوء الحظ أنها طلبت عدم تبرير موقفها و قالت أنه لا وقت لتضيعه ، و طلبت منها الذهاب إلى غرفة الأستقبال.
لقد زاد من عدائية باريسا تقبل ديدي الأعمى للوك. لذلك ، توجهت إليه بثقة كبيرة و وضعت علبة الخاتم في يده.
"إنه لك يا سيد دي ماغي ، أنا واثقة أنك لن تجد أية صعوبة في العثور على من تضعه في اصبعها."
"باريسا يا حلوتي ، لم أعرف أنك رومنسية." و لدهشة باريسا فتح لوك العلبة و أخذ الخاتم ، و نظر بضعف إلى وجهها الغاضب.
"سوف تتزوجينني ، أليس كذلك يا باريسا؟" ثم وضع الخاتم في اصبعها أمام ديدي المبتسمة.
"لا." قالت باريسا بصوت مبحوح ، و لكن جوابها لم يسمع بعد أن غطت عليه ديدي بكلامها المادح.
"يا لك من رجل شهم يا سيد لوك؟"
بعد أن سيطرت مسحة من الإحراج الممزوج بالغضب على وجه باريسا ، وجدت نفسها تجلس على الأريكة و تشد على يديها من الغضب.
قالت ديدي: "سأخبر السائق بأنك جاهز للرحيل."
انتظرت باريسا المتوترة الأعصاب حتى خروج السيدة العجوز ، ثم نظرت بعينين قاسيتين إلى الرجل الواقف في مواجهتها و سيطرت على نفسها لدرجة لم تكن تعتقد أنها قادرة عليها ، ثم قالت: "سوف أضع الخاتم ليوم واحد فقط ، و سوف أذهب معك لزيارة والدتك ، و ليكن واضحا أني أقوم بهذا الأمر من أجل السيدتين العجوزين و ليس من أجلك... و في المقابل ، عليك أن تنشر خبر فسخ الخطوبة في الجريدة بعد بضعة أيام و ألا تأتي غلى هنا ثانية ، موافق؟"
"إذا كان هذا ما تريدينه ، فأنا موافق. و لكن لنناقش هذا الموضوع على العشاء."
إن كل ما أرادته باريسا هو أن يعود بها الزمن شهرين غلى الوراء ، لكي لا تعود و تلتقي بـ لوك ثانية ، و لكن للأسف ان هذا الأمر مستحيل...
يقع الأولد فورج في منطقة ماغوم داون ، و هو فندق مبني على طراز الأبنية الإنكليزية التي كانت معروفة في القرن السادس عشر ، و مطعمه معروف في كل المنطقة بطعامه الشهي.
راقبت باريسا لوك و هو يأكل طعامه ، فرفع رأسه مبتسما و قال: "كلي طعامك يا باريسا قبل أن يبرد."
"أجل." قالتها متمتمة دون أن تأبه لذلك القلق الذي جعل يديها ترتعشان ، فأبعدت نظرها عنه و بدات بتقطيع شريحة اللحم في طبقها. و تساءلت للمرة المئة عن الدافع الذي يقودها إلى مرافقة لوك رغم احتقارها له.
"هل ترغب في مزيد من البطاطاس؟" قالت ذلك و هي تقدم الطبق في محاولة لتركيز تفكيرها ، و لكنها لم تفلح.
"لا زلت تذكرين شهيتي... لقد غمرتني بلطفك." قال لوك ذلك ضاحكا و كأنه يقرأ أفكارها ، ثم تابع قائلا: "و لكني أتساءل ، هل تذكرين كل شيء؟" ثم إتكأ على كرسيه و هو ينظر إليها ببرودة و أضاف: "لا. لا أعتقد ، فأنت لم تزعجي نفسك حتى بإعطائي عنوانك الصحيح."
شعرت باريسا بصدمة عندما سمعت كلامه ، فلعله كان يرغب في رؤيتها ثانية و يهتم لأمرها ، و لكن بعد أن لاحظت تعبير الغضب مرتسما على وجهه، لامت نفسها على غباءها.
لقد انتظرت إتصاله في لندن و لكنه لم يزعج نفسه بالقيام بهذا الأمر ، إن كل ما جاء من أجله الآن هو أمه.
قالت هامسة: "أخفض صوتك ، فنحن في مكان عام."
"أنا آسف ، فأنا لم أقصد أن أحرجك."
يا لك من كاذب قالت باريسا في نفسها ، فقد كانت تنوي أن تعرب عن شوقها له ، و لكن بعد أن فكرت في الأمر ، عادت و اخفضت عينيها ، لم هو غاضب منها إلى هذه الدرجة؟ فقد كان يتوجب أن يكون الأمر عكس ذلك.
رفعت باريسا كوبها و أخذت منه رشفة ، فقد كان صاحب المطعم و زوجته قد قدما لهما زجاجة من العصير الطبيعي كهدية بعد أن رأيا الإعلان المنشور في صحيفة التايمز. لقد كانت باريسا زبونة دائمة ، و كانا يعرفانها جيدا ، فقاما بهذه البادرة الطيبة ، و لكنها زادت من شعور باريسا بالذنب. لم تستطع باريسا أن تسيطر على شعورها المخدوع. فالماسة الضخمة ، و الشيك الكبير ، شيئان مصدرهما الرجل الجالس قبالتها ، و لم يستطيعا أن يخففا من شعورها بالذنب.
صحيح أن لوك قد خدعها ، ولكنه دفع مبالغ طائلة ليحصل على هذا الإمتياز.
"لم احضرك إلى هنا يا باريسا لكي أجادلك ، إن الأمر عكس ذلك. هل تتزوجينني؟"
غصت باريسا وهي تبلع رشفة العصير التي كانت في فمها و بدأت بالسعال و هي عاجزة عن تصديق أذنيها ، فحملت منديلها و وضعته على فمها ثم نظرت إليه بعينيها الدامعتين من الغصة.
لقد كان سؤالا مباشرا و لم أتوقع أن تغصي ، و لكن بعد أن تستطيعي الكلام ، أود سماع جوابك."
"كلا." قالت باريسا متعلثمة و هي تبلع ريقها بصعوبة و عيناها مفتوحتان على وسعيهما من جراء الصدمة. لقد طلب منها الزواج مرتين هذا اليوم و لو عرض عليها هذا الأمر منذ شهرين لكانت طارت من الفرح. أما الآن فقد أصبحت أكثر حكمة...
"ما زلت طائشة كما عهدتك يا باريسا ، فأنت لم تفكري بالموضوع إطلاقا. فكري في الأمر و كل مشاكلك تحل على الفور. أنا رجل أعمال ثري ، و لست محتالا كما كنت تعتقدين. كوني زوجتي لمدة اسبوعين فقط و زوري أمي ، و سوف أحول مبلغا كبيرا من المال إلى حسابك."
يا له من مغرور متعجرف. ماذا يعني بقوله أنه سوف يحول مبلغا كبيرا من المال؟ و كأنها سوف تقبل بعرضه...
"و لكنك كاذ. لقد كنت تستمتع بجعلي أعتقد أنك محتال و عضو في المافيا ، و لم أكن سوى تسلية كبيرة بالنسبة لك. لقد عرفت بالصدفة فقط و عندما كنت أقرأ إحدى صحف يوم الأحد أنك رجل أعمال. صحيح انك قدمت لويجي رينو إلى المحاكمة و لكنك لم تكن أفضل منه عندما استعملت الصور لخداعي. في الواقع إنك مبتز مثله تماما."
"و لكن ذلك لم يمنعك من السفر معي إلى إيطاليا يا حلوتي."
"لست في حاجة لأن تذكرني كم كنت بلهاء." قالت جملتها بحدة و الغضب يقطر من عينيها.
"إنك لا تعرفين إلام تحتاجين؟" قال لوك ذلك قبل أن يركز اهتمامه على الطعام الموجود أمامه.
سيطر تعبير مشوب بالمرارة على وجه باريسا ، و تعجبت من إمكانيته على قول الكلام الصاعق و من ثم تجاهله. لقد مر ما يزيد على الشهرين على سفرها ، و الآن أتى ليذكرها بتلك الفترة... و لكي تخفي باريسا صدمتها و خوفها التقطت كأس العصير و شربت ما فيه بجرعة واحدة.
سأل لوك بأدب: "أترغبين في مزيد من العصير؟" ثم ملأ كأسها و تابع: "أنهي طعامك و فكري في الموضوع يا باريسا." عم السكون المكان بسبب إنشغال لوك بتناول الطعام الذي بدا واضحا أنه يستلذه.
"لقد كانت ديدي محقة في كلامها عن هذا المطعم. فقد كان الطعام رائعا."
"أجل." قالتها باريسا بشكل آلي و هي تأكل طعامها بلا تلذذ ، لأن عقلها كان عاجزا عن التركيز على الطعام بسبب أفكارها المشوشة.
"إذا وافقت ، نتزوج يوم الخميس عند الساعة الحادية عشرة و من بعدها نزور أمي قبل أن تدخل غرفة العمليات."
قالت متعلثمة: "كلا ، أقصد نعم ، إن الطعام رائع." فقد كانت مذهولة من الأحداث التي تتالت في الساعات القليلة الماضية لدرجة أنها أصبحت عاجزة عن التفكير بشكل سوي ، الأمر الذي جعلها لا تلاحظ لوك و هو يضحك عليها.
"هل أنت متأكدة من إنك فكرت بعرضي جيدا يا باريسا؟ فقد كنت تحدثينني في بداية هذه السهرة عن أجدادك المتهورين و تهزأين من عدم قدرتهم على القيام بعمل ناجح ، و ها أنت الآن ترفضين عرضا ممتازا بلا أي تفكير."
التقت عينا لوك بعينيها و بدت فيهما مسحة من التحدي ، فأخفضت نظرها بعدما نجحت في إقناع نفسها بأنه لم يفعل ما يهددها في السابق ، أما الآن فهي ليست متأكدة.
قال متهكما: "لعلك ورثت التهور عن أجدادك."
"هذا غير صحيح..." قالت ذلك بحدة بعد أن تلاشى خوفها على وقع تهكمه. "أنا..." ثم توقفت عن الكلام ، لقد كان على حق ، و هي تسرعت في الرد عليه. ربما حان الوقت لأن تستعمل عقلها بطريقة سليمة ، فمنذ اللحظة الأولى التي رأت فيها لوك هذا اليوم ، انصب تفكيرها على الرد عليه دون أي تركيز ، علما أنه ليس من عادتها التسرع.
"ما الذي تعنيه بالضبط بكلمة عرض؟" قالت مستفسرة و هي تنظر إلى الأعلى إلى عينيه و الشمعة التي تتوسط الطاولة ترخي بظلالها على تقاسيم وجهه الوسيم.
"لقد سألتك سؤالا مباشرا و واضحا ، و كما قلت لك فإن أمي في المستشفى و سوف تجري عملية جراحية ، و أريدها أن تراني متزوجا قبل أن تستسلم لمبضع الجراح. و أنت ، كما أعرف ، تحتاجين إلى مبالغ كبيرة من المال لإعادة ترميم بيت العائلة. أعلم أن لديك المبلغ الذي قبضته مني مقابل اللقب ، و لكنه لن يكفيك لمدة طويلة و سوف تعودين بسرعة إلى وضعك السابق و حاجتك للمال. في حال قبلت أن تتزوجيني فسوف أخصص لك دخلا لمدى الحياة ، و بالإضافة إلى ذلك سوف أقوم بترميم و تصليح البيت بأسرع وقت ممكن. و في المقابل فإن كل ما أريده منك هو حضورك كزوجة لي في لندن يوم الخميس و لمدة اسبوعين على الأكثر. إنها صفقة تجارية ناجحة ، و كل ما عليك هو أن تعملي بل تمثلي لمدة اسبوعين."
"اسبوعان من حياتي في مقابل ثروة ، هذا كل ما في الأمر؟" قالت باريسا و نبرة السخرية واضحة في صوتها.
"نعم ، هذا كل ما في الأمر ، و حسب كلام ديدي فقد بقي لديك ثلاثة اسابيع من العطلة المدرسية مما يعني أن اتفاقنا هذا لن يؤثر على عملك و سوف يكون لديك متسع من الوقت قبل أن تعودي إلى مدرستك لبدء التدريس. لا أعتقد أن الوضع يمكن أن يكون مناسبا أكثر من ذلك ، فكري يا باريسا و كل مشاكلك المالية سوف تحل ، و سوف تحصل ديدي و جو على تقاعدهما و تريحين نفسك من هموم إصلاح السرايا. أنا ثري و مستعد لأن أدفع كل ما يلزم لأربح راحة والدتي."
قالت مستفسرة: "ألن تلزمني بأي أمر آخر؟" لقد كان لوك على حق ، فهي ما كانت لتحصل على عرض أفضل لإعادة السرايا إلى وضعها الطبيعي. مسحت باريسا كفيها الرطبتين بتنورتها المخملية ، فأخيرا سوف تقدر أن تدفع راتبا تقاعديا إلى ديدي و جو.
"على الإطلاق. أعدك بذلك. سوف نسجل زواجنا بشكل لائق دينيا و رسميا في مكتب في مكتب تسجيل الزواج يوم الخميس ، و نقيم في الفندق و نزور أمي يوميا لمدة عشرة أيام تقريبا و هي المدة التي سيخبرنا فيها الطبيب إذا ما كان وضعها الصحي قد أصبح سليما للعودة إلى إيطاليا ، و على أي حال يمكنك العودة إلى سرايا هاردكورت في الوقت المناسب لكي تعودي إلى مدرستك."
"ألن تجد والدتك اختفائي بعد فترة زواجنا القصيرة غريبا؟" سألت باريسا دون أن تنتبه لبريق الانتصار الذي الذي كان يلمع في عيني لوك كرد فعل على قبولها.
"لا أعتقد ذلك. سوف نخبرها بأنك كنت مشغولة بترميم السرايا. فبما أنك سيدة السرايا ، من الطبيعي أن تشرفي على كل شيء أما أنا فسأتردد إلى إنكلترا بعد إمتلاكي لإحدى الشركات. لذا ، لن يكون هناك سبب يجعلها تشك في أن هناك خطبا ما بيني و بينك."
"يبدو أنك فكرت بكل شيء ، و لكن أمك لن تكون قادرة على رؤيتي." قالت باريسا ذلك و هي تشرب رشفة من العصير.
"إن أمل أمي في الحياة ليس كبيرا ، فهي لن تعيش أكثر من سنة ، أو سنتين حتى لو أجرت العملية."
"أنا آسفة ، لم أكن أعتقد أن وضعها بهذا السوء."
"و لماذا تأسفين؟ فهي ليست سوى إنسانة غريبة عنك. و لكن إذا وافقت تجعلينها سعيدة ما تبقى من حياتها." كانت باريسا متأكدة أنه يقول الحقيقة ، فقد كان الصدق واضحا في بريق عينيه و هو يقول: "قولي نعم..."
"لماذا أنا؟" فهو يعرف الكثير من النساء و كل واحدة منهن تتمنى أن يطلب الزواج منها ، و دون أن تكلفه المبلغ الذي بدا واضحا أنه يريد دفعه لها. و مرة ثانية لاحظت أنه عاد لقراءة أفكارها.
"لقد نسيت أن والدتي تعتقد أننا مخطوبان ، شخصيا لست راغبا في الزواج ، مثلك تماما و يسعدني أنك تتصورين أنني أستطيع الزواج من أي إمرأة ساعة أشاء. و لكن فكري في الأمر يا باريسا ، فإذا ما أحضرت إمرأة غريبة تماما يوم غد و قدمتها إلى أمي على أنها زوجتي العتيدة من الصعب عليها أن تقتنع مرة ثانية بجديتي في الزواج."
قررت باريسا أن تفكر في الأمر بعقلانية فرفعت كأسها و أخذت منه رشفة. أن ما يقوله منطقي جدا ، و لكن يجب أن لا تنسى أن لوك دي ماغي هو من يقول هذا الكلام... لا ، إن الأمر مستحيل ، أليس كذلك؟
"لا تعرضي نفسك للخسارة يا باريسا. الجميع هنا ينادونك بلقبك. ماذا ستقولين لهم؟ أستخبرينهم بأنك لم تعودي ليدي؟ إن هذا اللقب محفوظ للمرأة التي سأتزوجها."
"لا داعي لمناقشة هذا الأمر. فلو كنت أهتم لأمر اللقب لما بعته." قالت ذلك بحدة و تضايقت عندما سمعت أن لوك يمكن أن يتزوج من إمرأة أخرى.
رفعت باريسا رأسها فتدلى شعرها الطويل على كتفيها ، فقد تركته منسدلا هذه الليلة. ليس لأن لوك يفضله كذلك... بل لأنها كانت في عجلة من أمرها. أسندت باريسا مرفقها على الطاولة و لفت خصلة من شعرها الذهبي على اصبعها قبل أن تبدأ بتأمل لوك ، و لكنها لم تستطع أن تقرأ أي شيء من تعابير وجهه ، لقد كان متعبا و كان يبدو الصدق واضحا في عينيه.
و لكن هل تستطيع أن تثق به؟ و هل أن هذين الأسبوعين يؤثران عليها؟
"حسنا ، أنا موافقة. لقد أبرم الاتفاق." ثم مدت يدها الرشيقة لمصافحته.
مد يده الكبيرة و أمسك بيدها قائلا: "اتفقنا يا باريسا."
ثم دهشت عندما رفع يدها و قبلها و قال: "شكرا لك."
لم تستطع باريسا أن تجيبه أن تجيبه بأي كلمة ، و كل ما استطاعت عمله هو أن تسحب يدها من يده و تضعها في حجرها ثم تتساءل إذا ما كانت قد اقترفت أفظع غلطة في حياتها.
لم يمنح لوك باريسا أي وقت لتغيير رأيها ، فواصل كلامه بلا توقف و هما يتناولان الحلوى و القهوة. لم تكن واثقة مما جرى لها. فبعد أن وقفا أخيرا للمغادرة بدأت تتساءل إذا ما كانت قد فكرت جيدا قبل الموافقة على الزواج منه. فمشت إلى خارج المطعم و هي مشوشة التفكير ، و لم تعد إلى وعيها إلا بعد أن سمعت لوك وهو يصرخ.
"آخ." نظرت باريسا حولها فوجدته يترنح ثم يستقيم في وقفته ، فلم تتمالك نفسها و انفجرت بالضحك. لقد كان مغمض العينين و يضع يده على رأسه.
"إنه مطعم قديم جدا ، و خشب السنديان البارز ، و السقف المنخفض جزء من سحره كان عليك أن تكون أكثر انتباها ، فهناك لافتة فوق باب القاعة مكتوب عليها بأحرف كبيرة: انتبه لرأسك."
فنظر لوك إلى المكان الذي أشارت إليه باريسا و ضحك: "ها ، ها." ثم بدأ بالتأوه.
"هل أنت بخير؟" سألته باريسا ثم وضعت يدها على ذراعه و تابعت: "هل أذيت نفسك؟" في هذه اللحظات خرج السائق من حانوت ملاصق للمطعم.
قال و هو يستقيم في وقفته: "كلا ، أنا بخير." ثم أمسك ذراعها و توجها نحو السيارة.
جلست باريسا على المقعد الخلفي لسيارة الليموزين و التصقت بالنافذة محاولة إبقاء أكبر مسافة بينها و بين لوك.
"لا يوجد أي داع للخوف يا باريسا..." ثم نظر إليها بطرف عينه و رفع أحد حاجبيه بسخرية و تابع: "ليس لدي نية في الأقتراب منك ، سوف يكون زواجنا صفقة تجارية صرفة."
قالت باريسا بتصميم: "لو لم يكن الأمر كذلك لما وافقت." و لكن شيئا ما في داخلها كان يشك في صدق كلامها.

**********************
يتبع...

وردة الياسمين 15-11-08 03:46 PM

حبيبتي مستنيينك عنار روايه روووووعه وياريت تكمليها بسرعه يا عسل :friends:
:rdd12zp1:

عويش 16-11-08 06:11 PM

وين التكملةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


ناطرينج


اختكم عويش

redroses309 17-11-08 08:10 PM

أهلين وردة الياسمين و عويش
نورتوا بوجودكم
و أنا آسفة على التأخير صاير عندي هالفترة شوية زحمة بالدراسة
بس إنشاء الله ما أطول عليكم
و هذا الفصل الثامن وصل و إنشاء الله تستمتعوا بقراءته

redroses309 17-11-08 08:11 PM


الفصـــــــــل الثـــــــــــامـن


توقفت السيارة قرب الباب السندياني المزدوج لمنزل باريسا التي نظرت بطرف عينيها إلى لوك فوجدته مسندا رأسه إلى المقعد و مغمضا عينيه ، و ضوء السيارة الخافت يرسل ظلالا رمادية على تقاسيم وجهه. تساءلت لبرهة إذا ما كانت كدمة الرأس التي تعرض لها قد آذته أكثر مما اعترف به. في هذه اللحظات حرك رموشه و فتح عينيه ، فبدا أنهما لا تستطيعان التركيز و لكنه استطاع أن يعتدل في جلسته على المقعد.
استدار برأسه نحوها و كان على وشك الخروج من السيارة ليفتح لها الباب ثم قال: "اعذريني ، فلن أستطيع أن أخرج من السيارة ، و لكن السائق سوف يفتح لك الباب و يعود إليك عند الساعة العاشرة صباحا. سوف ألتقيك في المستشفى ، ثم نبلغ أمي معا الأخبار الطيبة."
"حسنا ، حسنا ، هذا جيد."
"باريسا." ناداها و هو يمسك بيدها قبل أن ترفع ساقيها للخروج من السيارة و تابع: "لا تغيري رأيك. سوف أكون في إنتظارك غدا صباحا. إن اتفاقنا لا زال ساري المفعول. أليس كذلك؟"
"نعم ، نعم."
يبدو أن هناك شيئا غريبا حصل له إذ أنه كان يتلفظ بكلماته بصعوبة. ترجلت باريسا من السيارة و نظرت أليه.
قال آمرا بلطف: "أدخلي المنزل."
مشت و صعدت الدرج و دخلت البيت ثم أغلقت الباب الثقيل وراءها ، و تابعت سيرها بإرهاق عبر الرواق فرأت صور أجدادها تبتسم لها ، و شعرت لوهلة بأنها تضحك عليها فهزت رأسها لتبديد هذه الخاطرة المخفية و أسرعت في تسلق الدرج.
توقفت عند الحمام القديم الملاصق لغرفة نومها و أعتلت السرير ، لأنها لم تكن تريد أي شيء سوى النوم.
و لكن الأمر لم يكن سهلا ، فهل هي حقا وافقت على الزواج من لوك يوم الخميس؟ إنها تعلم أن الأمر منطقي من الناحية المادية ، و لكن ماذا عن الناحية العاطفية؟ فهل تستطيع العيش معه لمدة اسبوعين دون إثارة الألم الذي عانت منه بسببه؟ و هل تملك قوة الإرادة ، أو حتى القدرة على تمثيل الدور الذي طلب منها أن تلعبه؟ مليون سؤال كان يجول في خاطرها ، و لكنها كانت عاجزة عن الإجابة عنها.
فكرت باريسا و هي تتململ في سريرها بأن الأمر ليس سوى مزحة ، قد يتصل بها لوك يوم غد و يخبرها بأن الأمر قد إنتهى ، و لكنها لم تتمنى كثيرا أن يحصل هذا الأمر. كان قد طلب منها أن تستعمل عقلها و تفكر بالأمر من الناحية العملية فترى حسنات عرضه واضحة. صحيح أنها تشعر بالأسف على حال والدته و تشعر بنوع من المسؤلية لأنها ساهمت في إقناع السيدة العجوز بأنها خطيبة إبنها ، و صحيح أن ديدي سوف تفرح بزواجها من لوك ، و لكن ماذا سيقول الناس؟ سيقولون أن باريسا هاردكورت بلمونت تزوجت من أجل المال... و هنا ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهها.
إن في تاريخ عائلة باريسا زيجات كثيرة مدبرة ، و بلا شك أن معظمها كان من أجل المال ، و لكن لماذا تحبط معنوياتها كلما فكرت بالأمر؟
إن الحب للأغبياء فقط ، هذا ما لقنها إياه لوك دي ماغي بذاك الدرس القاسي. لقد تذكرت الآن أول مرة فتح فيها لوك موضوع سفرها معه إلى إيطاليا و قال وقتذاك أنه لا ينوي الزواج مطلقا ، و لكنه لم يمانع بأن يخطب ليجعل والدته سعيدة ، و ربما أن هذا هو ضمان باريسا الوحيد. إنه رجل أعمال ديناميكي ، فمن بداية متواضعة في المخابز ، استطاع أن يبني امبراطورية شاسعة. لقد نال كل ما كان يبتغي دون أن يفكر بالناس الآخرين. فكم من الناس قد استغل و ازاحهم من طريقه بمن فيهم هي؟ قالت باريسا في نفسها متسائلة.
ربما أنها تحتقر هذا الرجل ، فالخمسة أيام التي انتظرتها في لندن من أجل اتصاله هي من أصعب المراحل التي مرت في حياتها. لقد كانت تحاول أن تخدع نفسها باقناعها بأنه يحبها ، لسبب بسيط و هو أنها تحبه ، و لكنها قرأت في اليوم الأخير ذلك المقال الصحفي ، فأدركت أنه قد كذب عليها ، و عندها أدركت أيضا أن الرجل المجرم الذي كانت تنوي الزواج منه أصبح غريبا عنها. لقد سمحت باريسا لرجل يتلاعب بها و يحاول الانتقام منها على تلك الإهانة التي حدثت منذ سنوات. و عندما أدركت مدى سذاجتها أقسمت على أن لا تسمح لأي رجل بأن يستغبيها ثانية.
هل يمكنها أن تكون قاسية و مستهزئة مثل لوك؟ نعم...
فسوف تأخذ ماله ، قالت في نفسها بتصميم مرير. و لم لا؟ فمن يستحق هذا الأمر أكثر منها؟ لقد اشترى لقبها و هذا ما جعلها تفكر في الأمر جديا. صحيح أنها كانت تتذمر من هذا البيت القديم ، و لكنها كانت تحبه ، و لم تكن تستطيع أن تتصور نفسها تعيش في أي مكان آخر غيره. إن ذكريات طفولتها في الركض في هكتارات السرايا الخمسة الخضراء و لعب الغميضة في غرف المنزل المتعددة ، و الإنزلاق على الدرابزين ، كلها ذكريات لم تكن تستطيع نسيانها. لكن من الآن فصاعدا و لبقية حياتها عليها أن تتقبل الحقيقة التي لا تستطيع نكرانها ، و هي أن لوك قد اشترى اللقب و بذلك أصبح لوردا.
إنها تستحق المال الذي سوف يعطيها إياه. و من الناحية القانونية ، في حال أصبحت زوجة لوك ، و لو بالأسم و لمدة قصيرة ، سوف يبقى وضعها الاجتماعي هو ذاته ، وسوف تبقى ليدي ، و بذلك لن يكون من الضروري أن تخبر أقاربها و أصدقاءها بأنها باعت اللقب. ربما هي جبانة نوعا ما ، و لكنها لا تستهوي فكرة أن يعرف كل الناس مشاكلها المادية. إن الأمر الذي يريحها هو أن هذه الصفقة تؤمن لديدي و جو راتبا تقاعديا مقبولا لبقية حياتهما.
بقيت باريسا ساهرة طويلا حتى استطاعت النوم أخيرا ، حلمت برجل طويل برونزي السحنة ذي عينين سوداوين و نظرة ماكرة مستهزئه.
استيقظت باريسا في الصباح التالي و هي مقتنعة تماما بأن كل ما حدث بالأمس كان مجرد حلم ، لا بل كابوس. لقد عاد لوك و ظهر ثانية في حياتها معلنا للملأ أنها خطيبته. ما من شك لدى باريسا بمدى اهتمامه بها... و لكن لماذا كانت غبية لدرجة أن تقبل بمخططه المجنون بالزواج منها حتى و لو لأسبوعين فقط؟ كيف ستخدع ديدي؟ و كيف ستضع خاتمه في اصبعها؟ لكنها لم تكن تملك أية إجابة عن هذه الأسئلة.
لم تكن باريسا تحبه... و كانت رحلتها معه إلى إيطاليا مجرد غباء مع أنه لم يكن لها أي خيار في ذلك الوقت. و لكن هذين الأسبوعين اللذين ستكون زوجته فيهما في لندن ، سيكونان علاقة أفلاطونية صرفة في مقابل ثروة... من المؤكد إن قبولها أمر منطقي.
تأوهت من الصداع الذي شعرت به ، و لم يساعد فنجان القهوة الذي أحضرته لها ديدي في التخفيف من الألم.
"من الأفضل أن تنهضي يا آنسة باريسا ، إذ يوجد رجل في إنتظارك في الطابق السفلي ، و يريدك أن تريه البيت!"
قالت متمتمة: "ماذا؟ من؟" ثم أبعدت الملاءة عنها و نهضت من السرير و شربت فنجان قهوتها دفعة واحدة.
"إنه السيد سمايث ، و هو مهندس معماري ، و قد أرسله السيد لوك ليكشف على البيت و يقرر ما يستطيع عمله ، أليس الأمر رائعا؟"
"أجل عظيم!" تأوهت باريسا بعد أن لاحظت فداحة الأمر الذي وافقت عليه. إن لوك لا يضيع أي وقت. و من الواضح أنه باشر في تنفيذ ما اتفق عليه قبل أن تغير رأيها ، و بالكاد كان لديها وقت لتغتسل و ترتدي ثوبها الجلدي قبل وصول سيارة الليموزين لنقلها إلى المستشفى.
ترجلت باريسا من السيارة قرب المدخل الرئيسي للمستشفى و قبل أن تضع حقيبة يدها في كتفها كان لوك قد شبك ذراعه بذراعها.
"هذا جيد ، لقد وصلت أخيرا. إن أمي ستكون سعيدة." ثم استدرك و قال لها: "صباح الخير." و رافقها إلى الداخل.
"صباح الخير." قالتها متهكمة و هي تنظر بطرف عينها إلى وجهه الوسيم الذي لا زال يبدو شاحبا بسبب قلقه على والدته ، أو ربما بسبب فكرة الزواج و لو لوقت قصير ، فهو ليس من النوع الذي يفضل الزواج كما ذكر أكثر من مرة.
منتديات ليلاس
دخلا المصعد برفقة فتاتين ترتديان معطفين ابيضين ، و لم تستطيعا إبعاد نظرهما عن لوك. ابتسمت باريسا بصمت ، فهي تعرف أن لوك من النوع الذي يجتذب النساء كما يجتذب العسل النحل.
رافقها لوك إلى الغرفة الخاصة في الطابق الثاني و كل تفكيرها منصب على شكل السيدة المستلقية في سريرها. و لكنها فوجئت عندما رأت السيدة دي ماغي لم تعد قوية البنية كما رأتها منذ شهرين. كيف يمكن لانسان أن يتغير بهذا القدر في مثل هذه المدة القصيرة؟ تساءلت باريسا في نفسها و هي تضغط على أحاسيسها للابتسام بعد أن اقتربت من سرير المريضة.
"مرحبا سيدة دي ماغي ، كيف حالك؟" ثم انحنت و قبلت خدها ذا الجلد الجاف.
ابتسمت السيدة العجوز و أدمعت عيناها السوداوان الشبيهتان بعيني لوك.
"باريسا ، يسعدني أنك هنا و أنك سوف تتزوجين لوك ، أنا سعيدة جدا..."
وقف لوك إلى الجانب الآخر للسرير و تفكيره منصب على أمه ، فارتسمت ابتسامة دافئة مليئة بالحب على وجهه.
"يجب أن لا تتكلمي كثيرا يا أمي و لا تنفعلي ، إنها أوامر الأطباء." ثم انحنى مقبلا جبينها و ممسكا بيدها الضعيفة بيده الضخمة ، ثم جلس بجانب والدته على السرير ، و تبادل معها النظرات لبضع لحظات.
شعرت باريسا و كأنها دخيلة ، فجلست بهدوء على مقعد قريب من السرير ، و أخذت تحدق بيديها الموضوعتين على حجرها ، لقد شعرت بتأنيب الضمير عندما رأت الخاتم البراق الضخم في اصبعها. في السابق ، عندما كانت تعتقد أنه من المجوهرات المزيفة لم تكن تعيره أي اهتمام ، أما الآن و بعد أن عرفت قيمته فقد أصبحت تحرص عليه. لم يكن لديها أي شك في أن ما قاله لوك عنه صحيح ، فهو من الماس النادر و النفيس ، لا بد أنها كانت عمياء لأنها لم تلاحظ قيمته الحقيقية. كان عليها أن تدرك ليلة الحفلة أن لوك يمكن أن يخدع عائلته بخطيبة مزيفة و لكنه لا يمكن أن يخدعهم بخاتم مزيف. و لكن ماذا عن الزواج المزيف؟ إن ما تقوم به هي و لوك غير صائب.
عضت باريسا على شفتها السفلى و فكرت بأن السيدة العجوز تستحق أن تعرف الحقيقة.
بعد نصف ساعة تقريبا ، و عندما هما بالرحيل ، لم تكن باريسا تحتاج إلى طبيب ليقول لها إن الزيارة قد أبلت حسنا على السيدة دي ماغي ، فقد كانت تبتسم و علامة الرضى واضحة على وجهها.
استدار لوك حول السرير و لف ذراعه حول كتف باريسا التي أجفلت ، و لكنها لم تبعده مراعاة لمشاعر السيدة العجوز. بعد خروجهما من غرفة والدته ، أمسك يديها و كأنه يشكرها. و خرجت من المستشفى برفقة لوك الممسك بيدها.
توقف لوك قرب السيارة و فتح لها الباب الخلفي ثم أعتق يدها أخيرا.
"أنا آسف لعدم مرافقتي لك ، و لكن السائق سوف يوصلك إلى البيت ، سوف أرسل لك السيارة يوم الخميس صباحا ، و لكني سوف أتصل بك قبل ذلك و أعطيك التفاصيل."
"لوك ، أنا لست متأكدة من..." لقد تضاعف الخوف الذي أحست به باريسا بخصوص الصفقة ، بعد أن شعرت بأنها ربما تكون قد تسرعت في الموافقة ، و لكن لوك لم يفسح لها في المجال لتغيير رأيها و ساعدها على دخول السيارة قبل أن تنهي كلامها.
"لقد فات الآوان الآن لتغيير رأيك يا باريسا."
يوم الخميس ، شعرت باريسا بأنها مراهقة ساذجة بالمقارنة مع لوك الناضج. إن ما تقوم به مجرد غباء و لكنه في الوقت نفسه صفقة تجارية رابحة. لم تكن باريسا تشعر بأية رهبة مما تقدم عليه ، فعلى كل حال سوف يكون زواجها صوريا ، و تنتهي مراسمه بسرعة ، و لكن ما سبب الرجفة التي في ساقيها؟
وقفت باريسا أمام الموظف في مكتب تسجيل الزواج ، فلم تركز على ما كان يقول ، و لكن بعد أن لكزتها ديدي بكوعها ، عادت إلى وعيها لتقول: "قبلت." ثم نظرت بغير اكتراث إلى الخاتم الذهبي الذي وضعه لوك في اصبعها.
قال بصوت خافت: "أصبحت الآن زوجتي."
و هكذا ، انتهت مراسم الزواج و توجه الجميع إلى فندق الريتز حيث تناولوا الطعام ، ثم دخلت باريسا و ديدي إلى غرفة التجميل في الفندق.
"إنك تبدين جميلة يا باريسا ، سوف تكونين إمرأة سعيدة ، ثقي بمربيتك ، لقد تحدثت مطولا مع لوك في ذاك اليوم قبل وصولك إلى البيت و عرفت أنه يحبك كثيرا." ثم لمعت عينا العجوز و هي تنظر إلى باريسا الخجلى و تابعت: "الآن لم يعد هناك ما يقلق ، فهناك الكثير من النساء اللواتي يتسرعن في علاقتهن ، إني أتفهم الأمر ، فقد لاحظت في الشهرين الماضيين أن تفكيرك مشغول برجل ما ، و لكن بعدما رأيت لوك عرفت كل شيء ، و الآن سيكون كل شيء على ما يرام."
لا عجب إذا أن ديدي كانت متحمسة لزواجها ، اتصل بالسرايا بالأمس و تحدث بإيجاز مع باريسا ، و لكنه أطال في الحديث مع ديدي التي ما انفكت عن حث باريسا على التوجه إلى برايتون لشراء ما يلزمها ، فأذعنت للأمر.
تنهدت باريسا بمرارة ، إذ كيف يمكنها أن تخدع السيدة العجوز؟ لقد كانت ديدي و زوجها جو الشاهدين على زواجها و كانا الضيفين الوحيدين ، في الحقيقة أنهما كانا من الدوافع الأساسية التي حثت باريسا على قبول عرض لوك. لقد اعتنى بها هذان الزوجان طيلة حياتها ، و صار يحق لهما أن يحصلا على ما يساعدهما على العيش في شيخوختهما. في السابق كان يقلقها هذا الأمر كلما فكرت به ، أما الآن فقد حلت المشكلة. و حتى لو حصل لباريسا ضرر ما خلال الأسبوعين القادمين فإن راحة بالها بضمان شيخوخة الشخصين الوحيدين اللذين تهتم لأمرهما في هذا العالم تكفيها. و هكذا ، خرجت من غرفة التجميل و ذراعها مشبوكة بذراع ديدي.
ركز لوك بصره على وجه باريسا الجميل و هو يقترب منها. ثم وقف بقربها و لف ذراعه بتملك حول كتفها.
"لقد سارت الأمور على ما يرام ، أليس كذلك يا حلوتي؟"
رفعت باريسا رأسها و نظرت إليه ، فرأت بريق الانتصار واضحا في عينيه.
"أجل." أجابت باريسا بإقتضاب ثم تبعت الثنائي العجوز إلى خارج الفندق في إتجاه سيارة الأجرة و سيارة الليموزين المنتظرتين في الباحة ، و هي تعض شفتها بغضب و تتساءل عن معنى نظرته الساخرة.
تنفست باريسا الصعداء و هي تودع ديدي و جو اللذين استقلا سيارة الأجرة متوجهين إلى سرايا هاردكورت. أما هي فقد توجهت إلى سيارة الليموزين حيث أمسك لوك بيدها و ساعدها على ركوب السيارة ، ثم جلس بقربها.
قال لوك: "لقد أصبحنا بمفردنا أخيرا." ثم أمسك بيدها فرأى الخاتم الذهبي في اصبعها و تابع كلامه: "لم أكن أتصور أنني في يوم من الأيام سوف أضع خاتما ذهبيا في اصبع أية إمرأة." ثم ابتسم ابتسامة ساخرة و أضاف: "الماس ، ربما ، أما هذا..." ثم رفع يدها و قبلها.
سحبت باريسا يدها من يده و أبعدت عينيها عن عينيه ، ثم فتحت حقيبتها الصغيرة و أخذت منها خاتم الخطوبة الذي كانت تعتبره مزيفا و وضعته في اصبعها. و بطريقة ما ذكرها الخاتم الماسي الضخم بالسبب الحقيقي لهذه الزيجة و هو السبب الذي ستحاول أن لا تنساه.
"هل أخبرتك كم تبدين جميلة؟ إنك عروس رائعة ، و أنا رجل محظوظ لأنني فزت بزوجة ممتازة مثلك." إلا أن الغضب المستتر في نبرة صوته لم يخف على باريسا ، التي كانت تعلم جيدا أنه لم يكن يرغب أبدا في الزواج.
"إنني شريكة عمل فقط." قالت باريسا مصححة كلامه ، ثم حاولت توسيع المسافة التي تفصل بينهما و تابعت: "أليس من المفترض أن نكون في المستشفى الآن؟" ثم وضعت باقة الورد أمامها و كأنها درع و أضافت: "اعتقد أن والدتك سوف تحب هذه الورود." كانت باريسا مصممة على المسافة بينهما ، و كانت مصممة أكثر على إبقاء العلاقة بينهما خلال الأسبوعين القادمين باردة و هادئة.
لم تستغرق الرحلة وقتا طويلا عبر لندن إلى المستشفى ، و عندما وصلا إلى غرفة السيدة دي ماغي الخاصة ، فوجئت باريسا بمنظر والدته التي بدت هزيلة أكثر مما كانت تبدو عليه منذ يومين ، فقدمت باقة الورود إلى العجوز ، و فكرت بأن زواجها من لوك يستحق العناء لأنه جعل السعادة تظهر جلية في عيني السيدة العجوز المتعبتين.
"كم أنا سعيدة بكما. الآن صرت أعرف أن هناك إنسانا يحبك و يعتني بك يا ولدي ، و صار في إمكاني أن أموت مرتاحة." قالت العجوز ذلك و عيناهاتغصان بالدموع.
"لا تقولي هذا يا أمي ، سوف تكونين بخير ، و سوف نقيم لك حفلة كبيرة في إيطاليا." قال لوك مواسيا ثم قضى الدقائق التالية و هو يمازحها.
و لكن بعد أن دخلت الممرضة و طلبت منهما المغادرة بسبب تحضير السيدة دي ماغي للعملية الجراحية ، اختفت الابتسامة فجأة عن وجه لوك.
كانت غرفة الإنتظار مكانا تعيسا جدا بالنسبة إلى لوك الذي أشفقت عليه باريسا فجلست قبالته.
نظر لوك إليها بعينين باردتين ثم مد يده إلى جيب قميصه و أخرج منه ظرفا طويلا و رماه على الطاولة التي تفصل بينهما.
"من الأفضل أن تقرأي هذا ثم توقعيه ، اعتقد أنك ستجدين كل شيء منظما."
قالت باريسا و هي تنظر إليه بإستغراب: "الآن؟" فأمه لا تزال موجودة في غرفة العمليات ، و هو يحدثها في شأن الصفقة مما أدى إلى تلاشي شفقة باريسا عليه.
"إننا شركاء عمل فقط هذا ما سبق و قلته يا باريسا ، و ها هو اتفاقنا أمامك ، اقرأيه و من ثم وقعيه."
التقطت باريسا الأوراق و شرعت بقراءتها ، ثم لهثت عندما رأت المخصص المالي المذكور. لقد بدا كرمه واضحا. و لكن لمَ لم يجعلها هذا الأمر سعيدة؟ إن كل ما أحست به هو احتقارها لنفسها... لقد نزلت إلى مستواه حيث أن لكل شيء ثمنا ، و دون أن تفكر بما تقوم به قالت: "هل يمكن أن تعطيني قلمك؟"
مد يده و ناولها قلما ذهبيا أنيقا ، و دون أن تنطق ببنت شفة وقعت العقد و اعادته إليه ، إن محاولتها في أن تكون قاسية و مستهزئة لم تكن سهلة كما تصورت...
قضيا كل فترة بعد الظهر حتى المساء دون أن يتبادلا أية كلمة ، و لم يكن يغير جو الجلسة سوى فنجاني القهوة اللذين كانت تحضرهما الممرضة من وقت إلى آخر ، و بقيا على هذه الحال حتى الساعة الثامنة حيث حضر الطبيب و أبلغهما بأن العملية كانت ناجحة.
أخذ لوك بيد باريسا و تبعا الممرضة التي كانت ترشدهما إلى غرفة العناية الفائقة ، حيث وجدا والدته مستغرقة في النوم ، و خراطيم كثيرة متدلية منها ، إلا أن لونها كان يبدو أفضل نوعا ما.
قالت باريسا: "سوف تكون بخير يا لوك."
"أجل اعتقد أنها ستكون كذلك الآن..." ثم تنهد و تابع: "شكرا لك يا باريسا."
و هكذا ، عادا أدراجهما فاستقلا السيارة من مدخل المستشفى إلى مدخل الفندق. بينما كان لوك يرافق باريسا إلى الداخل لفت انتباهها بهو المدخل المريح و الأنيق الذي كانت تفترش أرضه سجادة سميكة.
وقفت باريسا جانبا بينما كان لوك يأخذ المفتاح من موظف الاستعلامات و يتحدث معه بإقتضاب ثم استدار نحوها.
"لقد نقل السائق أغراضك إلى الفندق. هل ترغبين في تناول العشاء هنا أم في جناحنا؟"
قالت باريسا دون تفكير: "أنا لا أشعر بالجوع." و كم تمنت لو لم تجبه بالنفي ، لأن لوك أخذ بذراعها و توجه بها نحو المصعد.
صعدا الطوابق العليا بصمت ثم فتح باب المصعد و رافقها لوك عبر رواق واسع حتى وصل إلى أحد الأبواب ففتحه و وضع يده على ظهرها حاثا إياها على الدخول.
فتح الباب مباشرة على غرفة جلوس كبيرة تفترشها سجادة سميكة و تشتعل فيها مدفأة أنيقة ، و تتألف مفروشاتها من أريكتين مريحتين تتوسطهما طاولة منخفضة ، بالإضافة إلى جهاز تلفزيون و لمبتين نقالتين و طاولة مكتب صغيرة وضع عليها جهاز هاتف.
"إن غرف النوم من هنا." أشار إلى الرواق و تابع: "في إمكانك أن تتفحصي المكان لاحقا. أما الآن فأنا أحتاج إلى حمام و كوب عصير بارد. حضري لي واحد من فضلك و اطلبي طبقا أو سندويشات ، أي شيء تختارينه." و دون أن ينتظر ردها اختفى عبر الرواق.
تنفست باريسا الصعداء و هي تستذكر قوله: "غرف النوم." بصيغة الجمع. الآن لم يعد أمامها ما تخشاه و هذا الأمر سوف يسهل بقاءها مع لوك خلال الأسبوعين القادمين. توجهت باريسا إلى المطبخ التابع للجناح فأخذت كوبين و ملأتهما بأحد أنواع العصير مع الثلج.
أخذت باريسا الكوب الأقل إمتلاءا ثم عادت إلى وسط الغرفة و جلست على الأريكة المريحة ، و بدأت بتناول شرابها. بعد ذلك وضعت كوبها جانبا ثم التقطت سماعة الهاتف و طلبت بعض السندويشات و قهوة.
عادت و تناولت كوبها ، فأخذت منه رشفة و تأملت الغرفة الأنيقة. من السهل على الإنسان أن يعتاد على هذا النمط من الحياة ، قالت في نفسها، و بعد أن تتخطى فترة الأسبوعين القادمين سوف يكون في إمكانها أن تعيش مثل هذه الحياة ، لكن التفكير في ذلك لم يجعلها سعيدة بالقدر الذي كانت تتوقعه.
لم تكن تواقة للثروة على الإطلاق ، فقد كانت تستمتع بعملها ، و كانت سعيدة في حياتها طالما أنها تستطيع تسيير أمورها. و لكن ماذا حدث لطبيعتها المرنة؟ و كيف وافقت على عرض لوك؟ لم يسعها إلا الأعتراف بأن الجشع هو الذي أوصلها إلى هنا ، و هو شعور لا تحسد عليه. لكن هذا الأعتراف أتى بعد فوات الآوان ، فقد وافقت.
تململت باريسا على أريكتها ، و لكن ما لبثت أفكارها أن قوطعت بصوت لوك الجهوري.
"هذا كوبي على ما أعتقد؟" قال و هو يقف في مواجهتها ، فأحنى جسده الضخم لألتقاط الكوب.
تأملته و هي مندهشة ، و كانت على وشك أن تتكلم ، لكن من حسن الحظ أن قرع الباب ، و أعلن وصول الخادم بالعشاء.
لم تلمس باريسا الطعام ، مع أنها لم تكن قد أكلت أي شيء طيلة النهار. لكنها نهضت عن أريكتها و استغربت عندما رأت لوك ينهض عن أيضا عن الأريكة المقابلة لها.
قالت باريسا بتصميم متفادية النظر إلى عينيه: "أنا متعبة ، لقد كان نهارا طويلا. أعتقد أنني سأخلد إلى النوم."
عبرت باريسا الغرفة حافية القدمين ، و بسبب ضعفها و سرعة تأثرها ، عبرت الرواق دون أن تنظر إليه ، ثم دخلت الباب الأول. اتسعت عيناها من الدهشة فالغرفة لم تكن غرفة نوم ، بل غرفة مكتب على الأرجح. لقد كانت مجهزة بكمبيوتر و فاكس و هاتف موضوعين على طاولة ضخمة.
فتراجعت إلى الوراء ثم توجهت إلى الباب الثاني ففتحته.
كانت غرفة نوم كبيرة يتوسطها سرير ملوكي مزدوج تحيط به أربعة أعمدة و تتدلى على جانبيه ستائر مخملية زرقاء و ذهبية. كانت حقيبتها موضوعة قرب طاولة التجميل المنمقة فتنفست الصعداء ، إذ لا بد أن هذه هي غرفتها.
دخلت حمام الغرفة ، فأخذت حماما سريعا و جففت جسدها ، ثم لبست ثياب النوم ، بعد ذلك خرجت من الحمام إلى غرفة النوم ثم توقفت مصعوقة.
توقفت مسمرة في مكانها فاغرة فاها من أثر الصدمة. فقد رأت لوك واقفا قرب السرير و عيناه تتفحصانها.
"إنك رائعة جدا ، يا أجمل العرائس."
قالت باريسا صارخة و هي تبلع ريقها بصعوبة من الصدمة: "ماذا تظن نفسك فاعلا؟ إن هذه غرفتي." التقت عينا باريسا بعينيه و أجفلت عندما أحست بنواياه الواضحة تجاهها.
قال لوك و هو يقترب منها: "إنها غرفتنا يا باريسا."
"إنس الأمر يا لوك." قالت باريسا محذرة إياه و متراجعة إلى الخلف ، ثم تابعت: "لقد قلت غرف النوم بصيغة الجمع... و قلت إنك لن تلزمني بأي شيء... إن ما تقوم به هو صفقة لمدة أسبوعين... من أجل أمك... لقد كذبت..."
"كلا ، لم أكذب ، فهناك غرفتا نوم أستعمل واحدة منهما كغرفة مكتب ، فأنا أستأجر هذا الجناح على هذا الأساس. أما بالنسبة للباقي فأنت وافقت على أن تكوني زوجتي و لمدة محددة ، و هذا يشمل كل ما يعنيه الزواج." قال لوك ذلك و هو يقترب منها.
مدت باريسا ذراعيها محاولة إبعاده عنها.
"كلا ، كلا." قالت صارخة و شعرها ينسدل على كتفيها.
"لا تكوني حمقاء يا باريسا. هل كنت تتوقعين مني أن أدفع ثروة في مقابل لا شيء؟ و اعلمي أنت أغلى إمرأة ملكتها."
يملكني؟ أبدا ، قالت في نفسها. و لكن بينما كان عقلها يصرخ لا ، كانت هي في الوقت نفسه تنهار تحت تأثير الصدمة.

********************************

يتبع...

ديلارا 17-11-08 09:52 PM

يااااااسلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالا لالالالالالالالالالام

وردة الياسمين 18-11-08 09:29 AM

بانتظارك يا عسل لا طولي علينا بليييييييييييييييييز حبي

ruqia 18-11-08 11:45 AM

i realy like it please don't make us wait so mush

ثلوج 18-11-08 01:15 PM

شكرا عالمجهود حبيبتي.. وفي انتظار البقيه

فيفي و بس 18-11-08 06:23 PM

وااااااااااااااااااااااااااو
شو هالروايات الحلوة هاي
رهيييييييييييييييييبة
يالا فرجينا النشاط وكمليها:7_5_120:

AMNA1 18-11-08 10:59 PM

انا اول ماقرأت العنوان جذبني <<ذوقك رائع
تسلم ايديك
و جزاك الله الف خير

أوركــيـد 19-11-08 08:39 AM

روايه رائعه
و نحنوا باإنتظار التكمله
و أتمنى ما تطولي علينا:lWR04888:

AMNA1 19-11-08 03:03 PM

[SIZE="6"][/S:52::52::52:IZE]انا جددداااااااااًً متشوقة
بسرعة ياألبي ""لو تعبناك معانا""
بس والله كتير عاجبتني الرواية<<<الله يسلم عمرك
ولا يحرمنا منك ياأحلي روووزا

AMNA1 19-11-08 11:14 PM

:rdd10ut5:
ادري اني مززززززززززعجة بس مافيني صبر الله
يسعدك حاولي تنزلينها بكرى

ثلوج 20-11-08 10:48 AM

عن جد روايه حلوه.. بتلذذ بكل كلمة فيها..تحياتي الك حبيبتي

safsaf313 20-11-08 10:33 PM

فينك يا احلا روزاااااا وفين باقى روايتك الحلوه يالا مستنيينك ياقمر

redroses309 21-11-08 03:04 AM

اعتذر من كل اللي شاركوا في الموضوع و ما رديت عليه
و أهلين فيكم
ديلارا ، و ردة الياسمين ، رقية ، ثلوج ، فيفي و بس ، أوركيد ، أمنة ، و صفصف القمر
و آسفة على التأخير
بصراحة صايرة عندي زحمة بس من جد أحاول أني ما أتأخر عليكم و جبت لكم اليوم الفصل التاسع و أتمنى تستمتعوا بقراءته ...... و يعني تحملوني شوي
إنشاء الله الفصل الجاي "الأخير" راح أنزله بسرعة <<<< يعني خفت الزحمة

redroses309 21-11-08 03:07 AM



الفصــــــل التـاســــــع

استيقظت باريسا متكاسلة صبيحة اليوم التالي ، و للوهلة الأولى لم تعرف أين هي موجودة. كان كل ما تحس به هو ذلك الشعور الرائع بالدفء و الأمان. ثم عادت فجأة إلى الواقع...
و بقيت مستلقية على السرير و هي تحدق في السقف ، في الوقت الذي كان فيه نور الصباح يدخل من النافذة ، فأخذت تراقب ذرات الغبار المتراقصة في شعاع الشمس الربيعي. كانت قد عقدت اتفاقا ، و عليها أن تلتزم به رغم ما حصل و ما سيحصل لها.
منتديات ليلاس
بدأت الأفكار تتشابك في عقل باريسا حول حقيقة شعورها نحوه. إذ كيف سيكون في إمكانها أن تقضي معه الأسبوعين القادمين؟ و لكن الشيء الأكثر هولا هو كيف سيكون في إمكانها أن تقضي بقية عمرها من دونه؟
حاولت اقناع نفسها مرارا و تكرارا بأنها لا تحبه، و بأن ما تشعر به هو مجرد ميل عاطفي. و لكن الآن لم تستطع سوى أن تعترف بأنها تحبه. لقد كانت تكذب على نفسها ، و هو أسوأ انواع الكذب...
لم تكن باريسا تشعر سوى بالاكتئاب و بالقلق عندما لم يتصل بها لوك خلال وجودها في لندن ، فصممت على استبعاده من تفكيرها. أما الآن ، فقد أصبحت مضطرة لإعادة تحكيم عقلها و قلبها ، فهي ما زالت تحبه. إن لوك مستغل ، انتهازي عديم الشفقة ، و لا يهمه سوى مصالحه الخاصة ، فكيف في إمكانها أن تحبه؟ و لكن في صميم قلبها ، كان هناك شيء يهمس لها بأنها لن تتخلى عن حبه أبدا.
أخذت باريسا تتأمل الشخص الذي تسبب بكل هذه الفوضى في تفكيرها ، فلفت نظرها ندبة حمراء على شكل هلال على رقبة لوك ، و هي على ما يبدو حديثة ، فمررت اصبعها عليها ، فتح لوك عينيه و نظر إليها.
"ما الأمر يا باريسا؟ هل تزعجك ندبتي؟"
"بالطبع لا ، إذ لم يسبق لي أن رأيتها. كيف حدثت؟"
"هل حقا تريدين أن تعرفي السبب؟"
"أجل."
"في اليوم التالي لحصول الحريق في المصنع ، ذهبت في جولة في أرجاء المبنى المحترق مع مندوب شركة التأمين. و من سوء الحظ أن أحد أعمدة البناء لم يكن آمنا ، فهوت علي ركيزة من السقف و اصابتني في مؤخرة رأسي."
"آه ، كلا!" تنهدت باريسا و هي تعتدل في جلستها ، ثم نظرت إليه. لقد أصيب ، و هي لم تعرف بالأمر.
"نعم ، لقد قضيت أسبوعا كاملا في حالة غيبوبة ، و عدة أسابيع أخرى تحت العلاج."
"و لكن كان في إمكانك أن تتصل بي." قالت باريسا و هي مقتنعة بأنه لم يكن يستغلها كما كانت تعتقد ، فابتسمت ، لكن لوك لم يبادلها الابتسامة.
"أجل ، كان في إمكاني أن اتصل بك و لكن الظروف التي كنا نعيشها لم تشجعني على الاتصال ، فقد كان واضحا أنك لم تكوني مهتمة لأمري ، لذلك لم أتصل."
لم تستطع باريسا أن تفهم قوله "لم تكوني مهتمة لأمري." فهي لم تكن تعرف ماذا حدث له ، و لو عرفت لكانت ظلت معه و لم تفارقه. فمدت يدها و مررت كفها على شعره الأسود القصير.
"إذن لهذا السبب قصصت شعرك."
"بالطبع ، فأنا ما كنت لأقبل بأن أسير في الشارع نصف أصلع." ثم نهض و هو يضع يده على رأسه ، و نظر إليها و قال: "سوف أطلب القهوة ، خذي وقتك ، فأنت تبدين متعبة." بعد ذلك جمع بعض الثياب من الخزانة و خرج من الغرفة.
فتحت باريسا فمها محاولة الكلام، لكنها عجزت عنه، إذ ماذا في إمكانها أن تقول؟ أستقول إنني انتظرت مكالمتك و عندما لم تأت قلت عنك أنك نذل و أنني أكرهك ، و عندما عدت قلت أنني أحتقرك؟ و تصرفت معك و كأنني عنصر من المرتزقة الذين لا يهمهم سوى المال ، فقبلت بعرضك. بعد كل هذا ، كيف يمكنها الآن أن تعترف له بحبها؟
استلقت باريسا على السرير متعبة و مصدومة من حقيقة ما اكتشفته و مما يرمز له هذا الاكتشاف، فكل هذه الأمور صعبة التحمل بالنسبة إليها. لقد أحست بصدمة فظيعة في عواطفها ، و بشعور متنام يقول لها أنها أرتكبت غلطة أخرى ، لقد كان عليها أن تكون أكثر ثقة به منذ البداية ، بدل الإعتقاد بأنه كاذب و محتال ، فعلى الأقل ، كان عليها الاتصال به منذ أن اكتشفت شخصيته الحقيقية في الجريدة يوم الأحد ، و لو فعلت لسلكت علاقتهما مسارا طبيعيا، و لكن بدل ذلك هربت إلى بيتها و عضت على جراحها ، ثم أخذت تقول أنها تكرهه ، و نعتته بكل الصفات البشعة.
كيف لم تلاحظ الندبة من قبل؟ و لكنها الآن تذكرت أنه عندما رأته للمرة الأولى بعد عودته ، كان يرتدي كنزة عالية العنق ، أخفت جرحه. أنه أمر منطقي جدا.
اغرورقت عينا باريسا بالدموع و هي تفكر بالمعاناة التي مر بها ، فقد جرح نفسه ، و من ثم عانى من مرض والدته. لا عجب إذن في أنه بدا نحيلا و كئيبا. كيف أنها لم تلاحظ ذلك؟ سألت نفسها هذا السؤال مرارا و تكرارا ، و لكن بلا فائدة. مسحت دموعها ، و أخذت تلوم نفسها على عدم تحسسها معه ، إذ أنها لم تكن تفكر إلا بمشاكلها ، دون أن تفكر بالسبب الذي منع لوك من الاتصال بها.
سببت هذه المستجدات صدمة كبيرة لتفكير باريسا ، فقد كان في إمكان لوك أن يخبرها بأمر هذا الحادث لاحقا و في الليلة التي تناولا فيها العشاء معا ، سألته بعد أن اصطدم رأسه بالباب إذا ما كان قد تأذى، و لكنه أنكر ذلك. و مرة ثانية ، عادت لتحليل كل تساؤلاتها السابقة حول لوك.
نهضت باريسا و هي لا تزال تفكر بكل تصرفات لوك خلال الليلة الماضية ، ثم تذكرت أنها تريد الاستحمام. خلال وجودها تحت "الدوش" ، توصلت باريسا إلى قرارها النهائي. فقد قررت أن تخبر لوك بأنها لم تكن تعرف أي شيء عن الحادث الذي تعرض له ، و سوف تخبره أيضا كم هي حزينة لما جرى له ، و بعد ذلك يستخلص هو بنفسه كل ما يريد من الأمر ، إنها تحبه. و قد تقنعه لاحقا بتمديد زواجهما المحدد لفترة معينة إلى زواج مدى الحياة ، و لكن ليس في وسعها سوى المحاولة...
بعد عشر دقائق كانت باريسا قد أنهت حمامها ، فأرتدت ثيابها و سرحت شعرها إلى الخلف ، ثم وضعت قليلا من الزينة على وجهها ، و توجهت إلى غرفة الجلوس.
كان جالسا إلى طاولة المائدة الصغيرة و أمامه رزمة من الورق و إبريق القهوة ، نظر إليها و هي تدخل الغرفة.
"لماذا لا يوجد لحم و بيض على مائدتك اليوم؟" قالت باريسا مازحة في محاولة منها لإخفاء ارتباكها.
"لا رغبة لي الآن... لاحقا نتناول طعام الغداء ، ثم نذهب لزيارة أمي." وضع جدول أعماله لهذا النهار و هو ينظر إليها ، ثم عاد و ركز بصره على المستندات أمامه.
جلست باريسا في مواجهته على الطاولة و سكبت لنفسها فنجانا من القهوة ، ثم شربته بنهم و كأن هذا السائل الساخن يعيد إليها ثقتها بنفسها ، فنظرت إلى رأسه المنحني و تاقت لأن تمد يدها و تمسد شعره ، و لكنها بدل ذلك أحكمت يدها على فنجان القهوة الفارغ ، و أخفضت عينيها ثم قالت: "لوك ، لم أكن أعرف أبدا أنك مريض ، لو عرفت لكنت حاولت الاتصال بك ، أنا آسفة."
رفع رأسه ، و تأمل وجهها الحزين ثم قال: "نعم ، أنا متأكد من أنك كنت لتفعلي ذلك. أخبريني ، هل ما زلت تتصلين بصديقتك مويا؟"
لم تستطع باريسا أن تقيم رد فعل لوك ، فاعترافها و اعتذارها لم يعنيا له أي شيء ، و بدل أن يقدر كلامها ، أخذ يسألها عن صديقتها. فأخفضت باريسا جفنيها لتخفي الحزن الذي كانت متأكدة أنه ظهر على عينيها. لقد توصلت الآن لجواب عن تساؤلاتها السابقة ، و هو أن لوك لا يهتم لأمرها ، و لكنها لم تستطع أن تصدق ذلك و قررت أن تحاول من جديد.
"أجل بالطبع ، و لكن بخصوص الحادث ، أنا..."
"إنسي الأمر يا باريسا." ثم وقف و اقترب من مقعدها ، فانحنى و قبلها على جبينها قبل أن يأخذ بذراعها ثم يساعدها على الوقوف.
"إن الماضي ولى و انتهينا منه يا باريسا. لقد أصبحت الآن زوجتي ، و نحن سعداء مع بعضنا ، أليس كذلك؟" ثم نظر إليها متحديا إياها أن تقول العكس.
قالت باريسا مبتسمة: "نعم."
"جيد. إذن لا داعي للمجادلة و استعادة الماضي. اعتقد بأننا سوف نقضي الاسبوعين القادمين بشكل رائع."
"إن هذا الأمر يناسبني تماما." قالت باريسا و هي مصممة على جعل زواجها المحدود زواجا مدى الحياة.
وضع يده على كتفها ، ثم رفع ذقنها و قال:
"إذهبي و احضري معطفك." ثم أضاف مداعبا: "اسرعي يا زوجتي ، فأنا أتضور جوعا و هذا لا يناسب شهيتي."
و هكذا ، قضيا نهارهما حسب تخطيط لوك ، تناولا طعام الغذاء ، ثم توجها إلى المستشفى لعيادة والدته.
انقضت فترة الاسبوعين بسرعة كبيرة ، لدرجة أن باريسا و لوك لم يشعرا بهما.
"سوف أذهب إلى المستشفى اليوم لوحدي ، أما أنت فجهزي نفسك و أرتدي ثيابا جميلة ، لأني سوف اصطحبك للسهر خارجا."
قالت باريسا مازحة: "حسنا يا زوجي العزيز."
"إني أعني ما أقول يا باريسا. من المفترض أن تخرج أمي من المستشفى هذا اليوم ، و كما تعرفين ، فقد تم تأخير خروجها عدة مرات ، و لكني كنت تحدثت مع طبيبها فأخبرني أنه صار في إمكاننا أن نأخذها إلى إيطاليا. أما أنا و أنت ، فلنا كلام مع بعضنا ، لن أتأخر كثيرا ، ساعتين على الأكثر."
تنهدت باريسا و هي تنظر إلى لوك و هو يدخل الحمام ، و فكرت أنه ربما تسير الأمور حسب رغبتها ، فهي تحب لوك من صميم قلبها ، و قد ساعدت مدة الاسبوعين الأخيرين على ترسيخ مشاعرها نحوه. منذ اليوم الأول لهذا الزواج ، تعيش باريسا سعادة لا توصف.
أطرقت باريسا مفكرة في وضعها مع لوك.
لقد أخبرها الآن أنه يريد التحدث معها ، فأملت من صميم قلبها أن يكون حديثه حول استمرار زواجهما.
في هذه اللحظة ، عاد لوك و دخل الغرفة ، ثم تناول سترته من الخزانة ، فلم تستطع أن تبعد عينيها عنه و أخذت تراقبه و هو يرتديها.
"أراك لاحقا يا حلوتي." ثم انحنى و قبلها على جبينها ، و تابع: "وفري هذه النظرة حتى أعود." ثم ابتسم و مضى.
أمضت باريسا الساعة التالية و هي تحضر نفسها بسعادة حسب توجيهاته. لكن الغمامة الوحيدة التي تعكر صفو حياتها هي حقيقة أن لوك لم يتطرق بعد إلى موضوع إنتهاء مهلة الأسبوعين و ما الذي سيفعلانه بعد ذلك. أما هي فلم تجرؤ على فتح هذا الموضوع.

***********************************

يتبع...

ديلارا 21-11-08 03:19 AM

ياااي

متشكرين كتيييير

ناعمة 21-11-08 03:48 AM

مشكورة ياقلبي .. تسلم ايدك

ننتظر الفصل الأخير :)

مر مثل العسل 21-11-08 03:19 PM

مشكوره اختي

ننتظرك في الجزء الاخير

تحياتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــ /// ــــــــــــــــــــــــــــ

redroses309 21-11-08 06:34 PM

مشكووورة كثير على مروركم
ديلارا ، ناعمة ، مر مثل العسل
نورتوا و أهلين فيكم
و زي ما وعدتكم ما تأخرت عليكم في الفصل الأخير
و إنشاء الله تعجبكم نهاية الرواية
و قراءة ممتعة.

redroses309 21-11-08 06:36 PM



الفصــــــــل العــــاشـــر
و "الأخـــــير"


أنهت باريسا حمامها ، فلبست رداءها ، ولفت شعرها بالمنشفة ، ثم نظرت إلى صورتها في المرآة ، و لم يقاطعها سوى صوت قرع الباب. هل عاد لوك سريعا؟ قالت في نفسها و هي تبتسم ، فربطت حزام ردائها بإحكام حول خصرها و أسرعت عبر الرواق و فتحت الباب.
حدقت باريسا بالمرأة الواقفة عند المدخل ، و أبقت يدها على مسكة الباب و هي مرتعبة النفس و مرتعدة الأوصال من أثر الصدمة. إنها مارغوت ماي!
"آه ، أنا آسفة ، فأنت ما زلت هنا. كم أنا سخيفة ، لقد قال لوك يوم الأثنين الماضي أنك ستغادرين المكان يوم الخميس. أتمانعين دخولي؟" أنزلت باريسا يدها عن المسكة ثم أشارت لها بالدخول و هي تحاول أن تستجمع قواها المنهارة ، ثم تابعت مارغوت ماي كلامها: "هل لوك هنا؟ إن لم يكن موجودا فسوف أمر على مكتبه و أترك له رسالة ، فأنا أتشوق لشكره على السوار الجميل." ثم مدت ذراعها الرشيقة و استعضت سوارها المرصع بالماس و تابعت: "إنه إنسان محب و كريم للغاية ، طبعا ، لا بد أنك تعرفين ذلك." ثم ضحكت فبدت قهقهتها و كأنها زفرة موت بالنسبة إلى باريسا المصدومة.
رحبت باريسا بهدوء بالمتطفلة التي اجتاحت خلوتها ، ثم استجمعت قوتها المعنوية و ردت عليها بتهذيب ساخر: "خذي راحتك. أنا متأكدة من أنك تعرفين المكان جيدا. و اعذريني لأني سوف أتركك لأوضب ثيابي." و بقدمين متثاقلتين ، توجهت باريسا إلى غرفة النوم الرئيسية و أقفلت الباب وراءها.
قالت باريسا في نفسها ، أما من نهاية لهذا الغباء؟ لقد قالت مارغوت أنها رأته يوم الأثنين ، و هو اليوم الذي قال لوك أن لديه خلاله أعمال مهمة ، و اقترح عليها الذهاب فيه إلى سرايا هاردكورت لبضع ساعات لتفقد أعمال الترميم. أما الآن ، فقد عرفت السبب ، لقد كان يخطط للقاء هذه المرأة!
لبست فستانا قطنيا بسيطا ، ثم فتحت الخزانة و وضبت في حقيبتها ثيابها التي أحضرتها معها متجاهلة الثياب الكثيرة التي اختارها لها لوك في عدة جولات تسوقية ، ثم خرجت من الغرفة.
جالت باريسا بنظرها في أرجاء غرفة الجلوس ، فلم تجد أثرا لـ مارغوت ماي ، و لكن لفت نظرها اصبع أحمر شفاه مرميا على السجادة ، فالتقطته و هي واثقة أنه لمارغوت ماي و كتبت على المرآة: "لقد أنتهت الصفقة. باريسا."
بعد مرور اسبوعين بالضبط على وصولها ، غادرت باريسا الفندق ، فأوقفت سيارة أجرة و مضت. لقد فارقها الآن الإذالال الذي شعرت به منذ برهة ، و أحست بألم في معدتها ، فأغمضت عينيها من الألم.
بعد فترة ، كانت باريسا تركن سيارتها القديمة خارج السرايا ، فجلست للحظات تتأمل كتلة الصقالة التي تزنر منزلها. كان وكيل العمل قد أكد لها أنه سوف ينتهي من العمل في السطح الجديد قبل عطلة نهاية الأسبوع. شخصيا ، لم تهتم باريسا كثيرا للأمر ، فقد كانت متضايقة في الصميم. لقد ساعد اليومان الماضيان اللذان قضتهما في التخييم و في تدريب فرقة الكشافة التي يرئسها ديفيد على التجذيف في الأنهار ، على تحسين وضعها النفسي. لقد كان ديفيد يتصرف و كأنه تلميذ مستاء ، محاولا تذكيرها بأنها عاملته بشكل سيئ جدا ، و لم يكن في إمكانها أن تقول له أي شيء دفاعا عن نفسها ، لأنه كان على حق ، فهي تعرف أنها تصرفت معه بشكل أرعن.
منتديات ليلاس
ترجلت من سيارتها بهدوء ، ثم ولجت داخل البيت ، فبدت لها التغييرات واضحة جدا. فقد تم نزع أرضيات المنزل الخشبية و أعيد تحسينها و تلميعها ، و أعيد دهن السقف و الجدران ، و تم وضع سجادة جديدة على الدرج الداخلي و وضع عليه أيضا ، إطار من النحاس. أما التأثير البارز الوحيد فهو نزع لوحات العائلة من إطاراتها الخشبية لتنظيفها.
بعد مضي ثلاثة أسابيع على مغادرتها الفندق ، أحدثت التغييرات الجذرية في منزلها تطورا بارزا ، فقد كانت ديدي فرحة جدا بالمطبخ الجديد و الحمامات الحديثة ، و قد قام السمكري اليوم بتركيب حمام في الجناح الرئيسي الذي صمم حديثا. لقد كانت باريسا قد اختارت التصميم و الألوان عندما كانت في لندن برفقة لوك ، و الآن لم يعد في إمكانها أن تحتمل الأقتراب من الغرفة لأنها تذكرها به.
رمت باريسا بحقيبة الرحلات في الرواق ثم فكت ربطة عنقها و أسدلت شعرها. عليها أن تسرع في خلع بزة الكشافة لترتاح قليلا ، و قد تضحي بأي شيء في مقابل نوم هادئ ، و لكنها تعلم أن كل مال العالم لا يستطيع أن يشتري لها راحة البال.
قالت ديدي و هي تقف على الدرج الداخلي: "جيد ، لقد عدت يا باريسا ، لقد اعتقدت أني سمعت شيئا."
"أجل يا ديدي ، سوف أستحم و أنام باكرا ، فلدي مدرسة في الصباح."
"و لكن الساعة ما زالت الخامسة ، و ماذا عن العشاء؟ لقد حضرت لك كل المأكولات التي تحبينها."
توقفت باريسا بعد أن كانت قد صعدت درجة واحدة ، ثم استدارت و نظرت إلى السيدة العجوز ، إنها تعلم جيدا أنها جرحت مشاعر ديدي عندما رفضت مناقشتها في أمر زواجها ، مع أنها لم تكن تقصد ذلك.
"أرجوك يا ديدي ، أنا منهكة."
"و ماذا أفعل بالطعام الذي طهوته للتو؟"
قالت باريسامسايرة: "حسنا ، أمهليني ساعة." ثم استدارت و تابعت صعود الدرج. لقد كانت السجادة السميكة الوبر تداعب قدميها ، و لكن ارتسمت على وجهها علامة عدم الرضا ، فيما كانت تعبر الرواق العلوي ، فكيف استطاعت أن تقتنع بفكرة بيع البيت؟ لا بد أن عقلها كان مشوشا ، إذ ما من تفسير غير ذلك. كانت تتضايق كلما رأت التغييرات في البيت ، لأنها تذكرها بمن دفع ثمنها... و هكذا ، دخلت غرفة نومها و أقفلت الباب خلفها و هي تتنهد من الصميم.
إن مخدعها هو المكان الوحيد الذي تم تسريع العمل فيه. عاينت باريسا سريرها القديم الرباعي الأعمدة ، و ضغطت على نفسها لخلع البزة ، ثم دخلت الحمام ، فأخذت حماما سريعا و عادت إلى الغرفة ، ثم تمددت على سريرها.
و فجأة اجتاحت مخيلتها صورة لوك ، تذكرت أملها الساذج في أن يقع في حبها.
و أعادت استذكار رحلتها بعد تركها للفندق.
كانت قد ترجلت من سيارة الأجرة في محطة السكة الحديدية ، ثم دخلت غرفة السيدات ، حيث شعرت بتعب شديد ، و لم يكن لديها فكرة عن الوقت الذي قضته في ذلك المكان إلى أن حضر موظف في المحطة و أبلغها بأنهم سوف يقفلون بسبب حلول الليل و بأن آخر قطار قد غادر ، فأمضت الليل مستلقية على سرير صغير في أحد الفنادق الصغيرة البائسة و هي تبكي.
في الصباح التالي ، و بعد أن وصلت إلى السرايا هاردكورت ، رحبت بها ديدي بحرارة بالغة. و قد اتصل بها لوك عدة مرات ، و لكنها رفضت التحدث معه أو حتى الاتصال على الرقم الذي تركه ، مما أثار غيظ ديدي.
لم تكن باريسا ترغب في التحدث معه ثانية. كانت ثيابها التي تركتها عنده قد وصلتها بواسطة البريد في اليوم التالي لمغادرتها الفندق ، مما قطع بصيص الأمل في عودتها إليه ، و قد أرفق بطرد الثياب وريقة كتب عليها: "لقد شقيت من أجلها ، فاحتفظي بها. لوك."
تنهدت باريسا ، فقد استطاعت أن تنام. آه ، لقد عاد ذلك الحلم لمروادتها ثانية ، ألن ينتهي هذا الأمر أبدا؟ شعرت باريسا بالدم يغلي في جسدها ، فتململت بتعب في سريرها الواسع. لقد حلمت به و هو يداعب شعرها ، فأرادت أن تسترخي و تتابع حلمها ، و لكنها استدركت الأمر لكي لا تصحى و تجد نفسها وحيدة و تعاني من الاكتئاب.
ضغطت باريسا على نفسها لفتح عينيها ثم شهقت ، فالأمر لم يكن حلما. لقد رأت لوك و هو يجلس إلى جانب سريرها و واضعا يده على شعرها.
قالت متعجبة: "أنت..."
قال لوك متهكما: "أجل أنا. فمن غير زوجك يستطيع أن يدخل غرفتك؟"
"كيف استطعت...؟ من أدخلك؟" قالت بصوت مبحوح و الدم يكاد ينفر من وجنتيها.
راقبت باريسا لوك و هو ينهض و يتوجه نحو النافذة مديرا ظهره لها. فنهضت بدورها و اقتربت منه.
قالت باريسا ببرود: "ماذا تفعل هنا؟" و هي مندهشة من النبرة المحذرة التي تغلف صوتها ، فقد كانت تشعر بأنها تحترق في الصميم.
"إن رغبة الرجل في أن يرى زوجته ليس بالأمر المستغرب." قال لوك و هو يجلس على عتبة الشباك و يمد ساقيه أمامه.
"إن هذا الأمر لا ينطبق على حالتنا." ثم قطبت حاجبيها بتهكم ، و واجهته بشجاعة. لقد كانت شمس الأصيل تعكس على شعره الأسود شعاعا ذهبيا ، و كان الهدوء واضحا على تقاسيم وجهه ، و لكن لسبب ما كانت عيناه السوداوان تتحاشيان نظرتها المباشرة. فلو لم تكن تعرفه جيدا ، لكانت أكدت أنه ضائع و حائر. و لكن لوك لا يعرف شيئا اسمه ضياع في هذه الحياة ، فهو يعرف ما يريد و يحصل عليه ساعة يشاء. إنها تعرف ذلك جيدا.
"حالتنا! لقد ذكرتني ، هل قضيت عطلة جيدة؟"
"كانت مجهدة ، و لكنها مسلية." أجابت باريسا و هي تتساءل عن الطريقة التي عرف بها بأمر العطلة.
"لقد اتصلت بك يوم السبت ، فأخبرتني ديدي بأنك ذهبت لتمضية عطلة نهاية الأسبوع. إنه لأمر مهين أن يعرف الانسان مكان وجود زوجته من مدبرة المنزل. إنه ديفيد. أليس كذلك؟" ثم ظهرت علامة السخرية على وجهه و وقف منتصبا ، و عيناه تبحثان عن عينيها و تابع: "إنه صديقك القديم ، هل كان جيدا معك يا باريسا؟ هل جعلك تستمتعين بوقتك كما فعلت أنا؟ هل لف شعرك الجميل هكذا." و أخذ خصلة من شعرها الطويل و شدها نحوه و نبرة الغضب واضحة في صوته و هو يتابع: "هل تمتعت بوقتك معه؟ هل فعلت؟ يا لك من..."
"و ما علاقتك بهذا الأمر؟" قالت باريسا ذلك و يداها تحاولان إبعاده عنها ، ثم نظرت صعودا إلى عينيه الغاضبتين و تابعت: "لقد كنا بصدد صفقة ، و قد انتهت."
كيف يجرؤ هذا النذل على نعتها بهذه الصفات و يتهمها بأنها عديمة الأخلاق مثله؟ لقد بكت طويلا عليه ، لكن الأمر كان مضيعة للوقت.
"حسنا يا باريسا ، لا تستفزيني كثيرا لكي لا أجعلك تندمين على ذلك."
ارتسمت ابتسامة مستهزئة على ثغر باريسا ، و بالنسبة إلى الندم ، فهي ما زالت تلعن اليوم الذي التقت فيه بلوك.
"لا زال لدي الكثير من الأشياء التي يمكن أن تستفزك ، لذلك أنصحك بالرحيل." قالت باريسا ذلك متهكمة في الوقت الذي كانت تكافح فيه من أجل السيطرة على نفسها.
"لا يوجد أحد ، بمن فيهم أنت يا زوجتي الحبيبة ، يستطيع أن يأمرني بالخروج." ثم أقترب و أمسك يدها بقوة.
"من الواضح أن ديفيد هذا لم يسعدك. ما زلت تحبينني يا باريسا ، إني أرى ذلك في عينيك ، فلا تحاولي أن تنكري ذلك."
إن هذا صحيح ، فهي تحبه. و لكنها ضغطت على نفسها و انسحبت من بين ذراعيه متجاهلة الاجابة ، فتراجعت إلى الوراء و الغضب يسيطر على عينيها الزرقاوين.
"لا داعي للنكران يا باريسا." قال ذلك و هو يقترب منها ثانية.
"يا لك من مغرور ، متعجرف ، سافل ، إذا كان لي حبيب ، فهو ليس سوى واحد ، أما أنت... فإنك لم تستطع أن تبقى وفيا لأمرأة لمدة أسبوعين فقط." ثم حركت يدها و هي ترسم إيماءة الانصراف و تابعت: "لقد قلت لي إذهبي إلى السرايا يا باريسا ، فأنا لدي أعمال كثيرة اليوم. لقد قلت أعمال يا لها من نكتة. إنها أعمال مع تلك التي تدعى مارغوت. هل تعتقدني بلهاء لهذه الدرجة؟ يا لك من حقير. أما بالنسبة لحبي لك ، فيسرني أن أخبرك بأني أفضل الوحدة على أقترابك مني ، و الآن أخرج من هنا..."
"أتعلمين بأمر مارغوت؟" و شحب وجهه الوسيم و أنزل يديه قرب جسمه.
"إني أعلم بأمر مارغوت ماي قبل أن التقيك ثانية." قالت باريسا ذلك و هي تضحك بصوت ساخر و تابعت: "عندما سطوت على شقتك كنت دخلت من شباك الحمام و ليس من الباب ، وسمعتك تقول للآنسة ماي ، لا يوجد لديك وقت ، و قد وعدتها بأن تزورها لاحقا. لقد قلت لي نفس الكلمات التي قلتها لـ مارغوت ماي عندما تركتني في إيطاليا. إن ما يدهشني هو فعاليتك الفائقة قد خذلتك أخيرا ، و أصبحت متورطا مع إمرأتين."
استدارت باريسا في مكانها و توجهت مباشرة نحو الباب ، فهذا الرجل لم يسبب لها سوى الألم و جرح المشاعر منذ اللحظة الأولى التي رأته فيها.
"انتظري يا باريسا." قال لوك ذلك و هو يلف ذراعه القوية حول خصرها و يحملها عن الأرض.
"دعني أيها القذر."
"كلا ، يا باريسا ، أرجوك..."
قاومت باريسا بكل قوتها ، لكن لوك ضخم و قوي. و بشعور بالإهانة رماها على الأريكة ثم جلس بجانبها و ثبت يديها قرب جسدها ، مما جعلها مقيدة.
"لا يمكنك أن تمطريني باتهاماتك بهذه الطريقة دون أن تدعي لي فرصة لأدافع عن نفسي."
"و لم لا أفعل ذلك..."
"حسنا ، باريسا ، من أي نوع من الرجال تظينني؟ هل حقا تعتقدين بأنني قليل الوفاء و عديم الأخلاق لدرجة أن أتورط مع إمرأتين في نفس الوقت؟"
"نعم. دعني انهض لم يعد هناك ما نقوله لبعضنا."
"لكن هناك الكثير لأقوله لك ، و لن تذهبي إلى أي مكان إلى أن ننهي حديثنا ، ما الذي جعلك تهربين في تلك الليلة بعد أن تركتك لزيارة أمي؟ ماذا حدث بالضبط؟"
"لماذا تريد أن تعرف؟" قالت باريسا جملتها بعد أن أدارت رأسها جانبا ، فهي لم تكن تريد أن تواجهه خوفا من أن تظهر مشاعر لم تكن تنوي إظهارها.
"اخبريني ، أريد أن أعرف. لقد تركت إمرأة سعيدة قبل خروجي ، و عندما عدت وجدت الجناح فارغا و رأيت الكلمات المكتوبة باصبع أحمر الشفاه."
"إنه أحمر فاتح." ثم حرك جسده الضخم بقلق و تابع: "إنك لا تستعملين أحمر شفاه بهذا اللون. لقد زارتك مارغوت ماي في الفندق. أليس كذلك؟"
"إنك سريع البديهة."
"لقد شعرت بالغيرة..."
نظرت باريسا إليه فوجدت ذلك الماكر مبتسما.
"إنك مجنون ، مجنون حقا."
"أجل ، إنك على حق ، فأنا مجنون. لقد كنت أشك في أني كنت مجنونا قليلا ، و الآن أصبحت مجنونا تماما ، إني مجنون بحب سارقة زرقاء العينين."
أخذت باريسا تغمض عينيها ثم تفتحهما ،إذ لا بد من أنها تحلم. لقد تصورت أن لوك قد صرح لها بحبه. لكن لا ، إن الأمر ليس حلما ، لقد سمعت تنهيدته العنيفة و هو ينهض و ينتصب على قدميه.
"أليس لديك ما تقولينه يا باريسا؟"
عم السكون المزعج للمكان ، و لكنها لم تستطع أن تخرقه لأنها لم تكن تجرؤ على هدم ما تبقى من ذلك الحاجز المتصدع الذي بنته حول قلبها في الأسابيع القليلة الماضية. لقد كانت خائفة من أن تجعل من نفسها بلهاء ، للمرة الثانية مع هذا الرجل.
"و لماذا تصدقينني؟ فقد عاملتك بشكل بغيض و كان عذري الوحيد هو الجنون." ثم ضحك ساخرا و تابع: "لقد كنت محقة بشأن غضبي و غروري عندما تركت الفندق ، لقد وضبت ثيابك في لحظة غضب ، و قلت في نفسي أنه يجب أن أدعك تحترقين لمدة أسبوعين ، و لكني تذكرت حين قضيت شهرين أعاني من بعادك ، و في النهاية قررت أن آتي إليك."
"لقد قضيت عطلة نهاية الأسبوع و أنا أدرب فرقة الكشافة على التجذيف في الأنهار. و قد صودف أن ديفيد كان القائد ، و هو في هذه الأيام لا يتكلم معي كثيرا لأني تزوجتك. لقد كنت في خيمة الفتيات ، و كان ديفيد في خيمة الأولاد." قالت باريسا ذلك و هي تشعر ببصيص أمل.
"التجذيف؟ الكشافة؟ لقد كان يجب أن أعرف. لقد أخبرتني ديدي بأنك ذهبت مع دفيد ، و أنت أيضا جعلتيني اعتقد بأنك قضيت كل وقتك معه."
"أما أنا فلم أكن اعتقد ، بل كنت متأكدة من أنك كنت مع إمرأة أخرى ، فقد التقيت بها."
"أنا أحبك ، و قد أتيت اليوم لأقنعك بهدوء و بعقلانية بأن تمنحي زواجنا فرصة ، و أيضا لأقتلك إذا ما كان الكلام الذي أخبرتني به ديدي على الهاتف صحيحا. إن فكرة لمسك من قبل أي رجل آخر تقودني إلى الجنون من الغيرة."
هل أن هذا الرجل الخاطئ ، و الزوج المتعجرف يغار عليها حقا؟ إنه سؤال لم تكن مقتنعة به تماما ، و لكن كم كانت ترغب في أن تصدقه.
"اعتقد أن ديدي كانت تحاول أن تغيظك قليلا ، و مهما قالت لم يكن يجدر بك تصديقها." ثم نهضت و لفت ثوب النوم حولها. كان لوك ما زال جالسا ، لكنها تجاهلته و لم تنظر إليه و أضافت: "لم يسبق لك قط أن أخبرتني بأنك تهتم لأمري."
قال متضاحكا: "لم أخبرك قط...؟ آه ، يا باريسا ، كنت دائما أعبر لك عن حبي مرارا و تكرارا. لقد وضعت قلبي بين يديك ، و لكن على طريقتي الخاصة."
"آه ، يا لوك ، لم أكن أعرف ذلك." ثم ابتلعت ريقها و تابعت: "هل أن أمك و كل شيء..." و هنا قاطعها لوك قائلا: "باريسا ، أنا أشعر بالعار ، و أنا أعترف لك بأني استغليت أمي عن قصد و بعكس التصور الذي جعلتك تعتقدينه في الأسابيع الماضية ، فأنا أحب أمي كثيرا و لكني نادرا ما أقضي معها فترات زمنية طويلة ، إن لديها شقتها الخاصة في جنوى ، و لديها شلة من الأصدقاء ، و هي في واقع الأمر لا تعيش معي ، و لم تبق في فيلتي سوى في ليلة الحفلة ، لأن الحفلة كانت على شرفها ، صحيح أنها تريد مني أن أستقر ، و لكني قضيت سبعة و ثلاثين عاما من عمري و أنا أتفادى أي ارتباط ، و قد حان الوقت لكي أغير رأيي ، و هذا يعني أني لم أخطبك لأرضي أمي..."
"و لكنك قلت..." لقد كانت تريد أن تصدقه ، و لكن...
"هس ، يا باريسا و اصغي إلي. يجب أن أعترف لك بكل شيء الآن قبل أن أفقد شجاعتي. لقد تملكني حبك منذ وجدت نفسي جالسا مع إمرأة معينة ترتدي اللون الأسود ، و لعلني أحببتك قبل ذلك بكثير ، أي منذ أن استدرجتني تلك الطالبة ذات العينين الزرقاوين و أثارت حفيظتي. لا أعرف ماذا حصل لي ، و لكن كل ما أعرفه هو أنني منذ التقيتك في الشقة وددت أن أراك دائما. و عندما بدأت تثرثرين عن موضوع الابتزاز ، منحتني فرصة مثالية ، و لم استطع أن أقاوم ذلك الذي كان يهمس لي بأن أبقيك بصحبتي لبضعة أيام. أنا أعرف أن خداعي لك كان مقيتا ، و لكن لم أشعر بهذا الأمر إلا عندما وصلنا إلى إيطاليا و حاولت إغوائك فارتعبت و نعتني بالمبتز ، في هذا الوقت فقط ، أدركت فظاعة فعلي و عدت إلى رشدي. لقد شعرت فجأة بأنني لا أقل نذالة عن المبتز الحقيقي. في تلك الليلة ، و بينما كنا نتناول العشاء ، و بعدما أشارت أمي إلى مدى البراءة التي أنت عليها ، شعرت بأني إنسان بغيض ، وهو شعور لم أكن أحسد عليه. عندها فقط ، أدركت أني أحبك ، و أردت أن أعترف لك بكل شيء و أن أقنعك بأن نجعل خطوبتنا حقيقة. فأخذتك إلى غرفة المكتب و هذا الخاطر في ذهني ، و لكن قبل أن أتطرق إلى الموضوع الذي كنت أود أن أثيره ، أنضمت إلينا أمي لشرب القهوة. في اليوم التالي ، كنا قد تمتعنا كثيرا بوقتنا ، فلم أسمح لنفسي بأن أفسد مرحنا بإعترافي بأني خدعتك ، فقد كنت اعتقد بأن لدي الكثير من الوقت لذلك ، فأنا لم أكن أنوي أن أزجك في علاقة كاملة بشكل مفاجئ. و لم يكن يخامرني أي شك بأنك سوف تشكين بحقيقة شعوري نحوك ، و لكن بعدما حصل لي الحادث و لم تتصلي بي..."
"لم أكن أعرف بذلك ، لقد انتظرتك في شقة مويا خمسة أيام من أجل اتصالك ، و لم أترك المكان إلا عندما حان الوقت لأعود إلى عماي."
"حسنا ، لا داعي لأن ندخل في هذا الموضوع ، فما حصل قد حصل و قد انتهينا منه."
"و لكن يا لوك..."
"باريسا ، أنا لا أطلب منك أن تحبيني بشكل مباشر ، فأنا أعرف أنك لا تبادلينني نفس الشعور. عندما تركت تلك الرسالة الهاتفية في آلة الرد الأوتوماتيكية الموجودة في شقة مويا ، اعتقدت بأن أقل ما يمكنك فعله هو الرد عليها."
قالت متعجبة: "أية رسالة هاتفية؟ لم أعرف قط..."
"أرجوك يا باريسا ، لا تزعجي نفسك باختلاق الأعذار ، لقد أخبرتني بنفسك أنك تشاركين مويا شقتها و أنك تبقين على إتصال دائم معها. لقد اتصلت بعد عشرة أيام من الحادث ، أي بعد أن استطعت الكلام ، لا بد و أنها مررت الرسالة إليك."
"آه ، يا لوك..." و تنهدت و هي تقترب منه و تابعت: "أنت مخطئ ، فلا أنا و لا مويا عرفنا بأمر اتصالك ، أنا متأكدة من ذلك. لقد غادرت مويا في نفس يوم الأحد الذي غادرت فيه أنا ، فقد توجهت إلى منزل والدها لتحضير نفسها لحفلة الزفاف ، و بقيت هناك إلى أن سافرت لقضاء شهر العسل ، و سوف تعود يوم غد. لو عرفت بأمر الحادث لكنت أسرعت إليك و بقيت إلى جانبك."
"آه ، كم كنت غبيا! فقد كنت غاضبا جدا في المستشفى في نابولي و أنا أتشوق لسماع صوتك. بعد ذلك ، و حين صار في إمكاني السفر ، زاد غضبي لأنك لم تردي على إتصالي و قررت أن أسافر إليك و أطلب تفسيرا للأمر ، و لكن أمي أصيبت بالمرض ثم أتتني فرصة ، و اضطررت للمجيء إلى لندن و توجهت مباشرة إلى الشقة ، حيث عرفت من أحد الجيران أنك حتى لم تعطيني عنوانك الحقيقي ، فصممت على أن أجدك ثانية و أجعلك تدفعين ثمن الصدمة العاطفية التي سببتها لي."
إن الأمر ساخر حقا ، قالت باريسا في نفسها و هي تبتسم ، فاللحظة الحذرة الوحيدة التي قضتها في إيطاليا ، كانت عندما أعطت لوك رقم هاتف مويا ، و هي اللحظة التي تسببت بكل هذا الألم العاطفي الذي عانى منه الأثنان.
"لقد اكتشفت بالصدفة أن شركتي تتولى أمر بيع لقبك ، فلم استطع أن أصدق كم أنا محظوظ. أن اسمك هو اسم غير عادي ، و بعد أن تحريت الأمر عرفت أنه أنت. لقد اشتريت اللقب أملا في أن أصل إليك. أنا أعترف بذلك."
"ألم تشتريه من أجل حب أمك للعظمة ، أو أي شيء من هذا القبيل؟"
"هل أنت مجنونة؟ من أدخل في رأسك هذه الفكرة؟"
"آنا ، في إيطاليا. لقد قالت لي أن أمك أرادتك أن تتزوجني لكي تحصل على مركز اجتماعي."
"هراء. فأنا رجل معروف و ثري جدا ، و لدي المركز الاجتماعي الذي أريده." ثم نظر إليها مبتسما و تابع: "الآن دعيني أنهي كلامي. منذ أن عدت و رأيتك ثانية و عرفت ظروفك ، أدركت كم أنا أحتاجك. لقد كنت حقا كما وصفتني متعجرفا و متلاعبا. و لكني كنت اعتقد بأنه بعدما أعيدك إلى جناحي سوف أتمكن من إقناعك بالبقاء معي. هناك الكثير من الأشياء التي أود أن أعتذر لك عنها ، إذ ربما أنني لن أملك الشجاعة لأعتذر لك ثانية. إنه لأمر صعب على رجل مثلي أن يدرك أنه وقع في حب إمرأة تتنازل عن حبيبها الأول بسبب تعرضه لحادث ما تصبح أقرب إلى المرتزقة. لذلك ، قررت أن أعقد معك اتفاقا ، و قلت في نفسي أن هذا الأمر لتلقينك درسا ، و لكني لم أكن اخدع سوى نفسي. لقد كنت أتمنى في الصميم لكي تبقي معي و لا تتركيني بعد نهاية الأسبوعين."
قالت باريسا متمتمة باعترافها: "لم أكن أنوي أن أتركك أبدا." و لكن يبدو أن لوك لم ينتبه لها ، لأنه كان مستغرقا في اعترافاته.
"عندما تزوجنا ، اعتقدت بأني نجحت. ففي الليلة الأخيرة ، و عندما كنت عائدا في طريقي إلى الفندق متشوقا لاصطحابك للعشاء لكي أعرب لك عن حبي النابض ، كنت واثقا من أنك تبادلينني نفس الشعور. لم أصدق أنك تركتني بهذه السهولة ، فأصبحت كالمسعور الهائج. و عندما عرفت في صباح اليوم التالي أنك عدت غلى هنا ، كان قد فات الآوان لعمل أي شيء. فقد اضطررت لمرافقة والدتي في رحلة العودة إلى إيطاليا ، كما أن الأعمال كانت قد تراكمت خلال فترة غيابي..."
"لقد قلت سابقا أنك تنوي أن تجعلني أحترق ، بصراحة ، لقد أصبحت الآن محترقة."
أغمضت باريسا عينيها و هي ممتلئة بالحب و الطمأنينة ، فرفع ذقنها و مسح دمعة سالت على خدها.
"باريسا ، هل ما زال هناك أي أمل لي؟ هل ستمنحين زواجنا فرصة؟ سامحيني ، و دعيني أحاول أن أجعلك تحبينني."
"لقد أحببتك منذ اليوم الأول الذي قضيناه معا في إيطاليا ، و لكنك عندما لم تتصل بي لمدة خمسة أيام ، عدت إلى بيتي و أنا مقتنعة بأنك استغليتني لا أكثر. لقد رأيتك عندما كنت تحدث مارغوت ، وسمعتك و أنت تعدها بأنك سوف تقضي عطلة نهاية الأسبوع معها ، و بعد يومين فقط ، صرت على علاقة معي."
"باريسا. أصغي إلي ، لا أعرف ماذا سمعت ، و لكني استطيع أن أؤكد لك أنني لم أمض أي وقت مع مارغوت في تلك العطلة ، فبعد أن التقيت بك و عرفت منك أن مدير المطعم مبتز ،،،ن قضيت باقي أيام الأسبوع و أنا اساعد الشرطة لإلقاء القبض عليه. و أنا لم أرى مارغوت منذ عدة أشهر ، فقد كانت علاقتنا عادية جدا ، عندما كنت في لندن كانت شريكة مناسبة في العمل ، أنا لست فخورا بهذا الواقع و لكنها الحقيقة ، و قد قررت أن أنهي هذه الشراكة. و لو استمعت جيدا لما دار بيننا من حديث للاحظت أنني لم أخبرها بمكان إقامتي الحقيقي." وهنا تذكرت باريسا قول مارغوت أنها أخذت عنوانه من المطعم ، و تابع لوك كلامه: "لقد حضرت إلى لندن في ذلك اليوم خصيصا لحل الفوضى التي كانت قائمة في المطعم ، و قد كانت الشقة جزء من هذه الفوضى و كانت تستغل من قبل مدير المطعم. لقد بقيت معه حتى وضب متاعه و رحل ، و كنت أنتظر وصول تينا مع مزيد من المستندات التي كنت قد طلبتها ، و كنت على وشك الخروج عندما وصلت مارغوت ، أنا أعترف بأني اشتريت سوارا من ذهب الكارتييه في اليوم السابق لشرائنا للخاتم. و قد كان لمارغوت ، كهدية وداع ، إن عملي لا يستحق الثناء ، أنا أعرف ذلك ، و من بعدها ، لم أعد أرى مارغوت ، مع أنها تضجرني بالمكالمات الهاتفية ، و قد تحدثت معها هاتفيا للمرة الأخيرة يوم الأثنين. لقد أرسلت إليها السوار مع شخص ، و قد أرفقته برسالة أوضح فيها أنني أحب زوجتي و ليست لدي أية نية في رؤيتها ثانية."
"دفع مبلغ لقاء أتعاب..." قالت باريسا ذلك و هي مصدقة ما يقول ، ألم تحذرها آنا في اليوم التالي للحفلة بأنها قد تحصل على الخاتم و لكنها سوف تحصل لاحقا على السوار ، تماما كالباقيات؟ لكن باريسا لم تتوقف بل تابعت: "لقد دفعت لآنا بنفس الطريقة."
"آه ، إنك تجعلينني أبدو فظيعا يا باريسا. لكن كلامك صحيح نوعا ما ، فأنا لم أكن أفكر بما أقوم به. هدية فوداع كان كل ما استطيع تقديمه لكل إمرأة لقاء عدم ارتباطي بها ، إلى أن التقيتك."
قالت باريسا: "و لكن إياك من أن تشتري لي سوارا."
"إنك فتاة كشافة ممتازة يا باريسا ، فهل أن ازعاج الرجال جزء من تدريسك؟ أم أنك متهورة هكذا دائما؟"
"لست متهورة."
قال لوك ضاحكا: "باريسا! ألم تدركي هذا الأمر بعد؟"
"أدرك ماذا؟"
"تدركين أنك مغامرة و طائشة ، تماما كأجدادك القدماء ، لقد كان هذا هو الشيء الوحيد الذي اعتمدت عليه في ملاحقتي لك."
"لا أعتقد أني معجبة بهذه الملاحظة." فهل أن لوك يعرفها أكثر من نفسها؟
"لقد قضيت عطلة نهاية الأسبوع و أنت تجذفين في النهر ، إنه عمل خطر يا حلوتي! و كنت في الرابعة عشرة من عمرك عندما تهندمت بلباس إمرأة... أنها ليست تصرفات أناس حذرين. و أيضا وصلت الألعاب الأولمبية نتيجة جهد كبير ، و قضيت على هذا الحدث لأ،: فضلت أن تجربي الرفاس النطاط ، ثم تسلقت سلم الطوارئ و دخلت شقة بواسطة الخلع من أجل صديقة ، و سافرت إلى إيطاليا برفقة رجل بالكاد تعرفينه و أنت مقتنعة في ذلك الوقت بأنه محتال... كما بعت اللقب دون أن تفكري بعواقب الأمر ، و تقولين الآن أنك لست متهورة."
"حسنا ، ربما كنت متهورة قليلا ، لكني أتحمل المسؤلية. فأنا أعمل... آه!" ثم توقفت عن الكلام بعد أن أدركت فجأة أنها لا تستطيع أن تسافر بعيدا لأن لديها الكثير من الألتزامات و تابعت: "إن علي أن أبقى هنا يا لوك ، فأنا سعيدة بعملي."
"أعرف ذلك يا باريسا ، إنك إمرأة ممتلئة بالنشاط و الحيوية ، و سوف أنقل عملي و أبقى معك. ولكن لا تقلقي ، فقد رتبت كل يء لأني سوف أعيش هنا ، إن المكان واسع بما يكفي ، و لا يوجد هناك ما يمنع رب المنزل من أن يكون له مكتب مجهز بكمبيوتر حديث في بيته. أما بالنسبة لعملك ، فلن أطلب منك أن تتوقفي عنه ، و لكني أحب أن تكوني قادرة على السفر معي عند الضرورة ، لذلك سوف تعملين بشكل جزئي ، حيث تبدأين بناد للياقة البدنية خاص بك ، أو تعملين كمدربة ، و طالما أنت تحبينني ، فلا يهمني ماذا تعملين."
ذهلت باريسا من أفكار لوك المثمرة ، لكن هناك سؤال واحد لم يجبها عنه بعد.
"هل تعتبرني حقا كالمرتزقة يا لوك؟"
"أعرف نك وافقت على الزواج مني عندما كنت تكرهينني ، و لكني كنت على ثقة بأنك فعلت ذلك من أجل ديدي و جو و ليس من أجل المال."
كان قلب باريسا يخفق بالحب لهذا الرجل الضخم الذي أعرب ببضع كلمات عن مدى حبه لها و ولعه بها فرفعت عينيها اللامعتين و نظرت إليه.
قالت باريسا: "أحبك يا لوك." ثم أضافت مازحة: "لم أعد متأكدة الآن من هو السيد و اللورد."
"ألم تعرفي بعد يا باريسا؟ لو كان في إمكاني لقدمت لك العالم بأسره. فأنا أحبك... و بعكس ما كنت تتصورين ، فأنا لا أحب المراكز على الإطلاق."
"هل سيكون هناك إبتزاز آخر؟" قالت باريسا ذلك مازحة و هي تراقبه جيدا ، لكنها لم تلحظ أي تعبير بالإساءة على وجهه كرد فعل على كلامها ، و كل ما لاحظته هو ذلك الشعور الواضح بالرضى.
"لكن ليست لدي نية لأكون كذلك ، و أشك في أن أحدا ما سوف يستطيع أن يفعل ذلك. يا حبيبتي المتهورة باريسا و يا سيدتي و زوجتي."


*******************************


تمـــــــــــــــــــــ بحمد الله ـــــــــــــــــــــــــــت

نوااال 21-11-08 07:32 PM

الله يعطيك العافيه من جد ماقصرتي ..............محبتك نوال

ناعمة 21-11-08 07:52 PM

تسلم ايدينك ياعسل :)

safsaf313 21-11-08 08:10 PM

واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو
رااااااائع راااااااائع رااااااااااائع
حبى روزا الروايه جميله
جدا جدا جدا
ايه الجمال ده يارب يكون الكلام ده يشجعك انك تكتبيلنا روايه من رواياتك الروعه ماتتأخريش علينا يا قمر ليكى منى اجمل تحيه


:55::55::55::55::55:
:55::55::55::55:
:55::55::55:
:55::55:
:55:
:flowers2:
:flowers2::flowers2:
:flowers2::flowers2::flowers2:
:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:
:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:

ديلارا 22-11-08 12:07 AM

ياسلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالام تسلم ايدك

SLEEPING BEAUTY 22-11-08 07:29 AM

تسلم ايديكي و ان شاء الله دائما التألق:):):):)

فيفي و بس 22-11-08 11:51 AM

<a href="http://www.sweetim.com/s.asp?im=gen&lpver=3&ref=11" target="_blank"><img src="http://*******.sweetim.com/sim/cpie/emoticons/00

020143.gif" border=0 ></a>يسلموااااااااااااااااااالانامل

AMNA1 22-11-08 05:39 PM

السلام عليكم
يا احلي روز واحلى وردة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...:f63::Thanx:
متعك الله بالصحة واحبابك
والله روايتك مرررررررة روعة :55:
وسلمنا هالذوق
محبتك:Taj52:

insaf 23-11-08 12:29 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

تمارااا 23-11-08 08:43 PM

مشكووووووووووووووووورة من جد تسلمي ياآحلى من العسل

ايمانة 24-11-08 07:18 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

merci beaucoup
thinks

كيلو دلع 25-11-08 11:44 PM

روعه روعه روعه روعه روعه روعه :55::55::55::55:

روايه ولاارررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررروع

تسلم يدك يااااذوق :flowers2::flowers2:

فديتك ياقلبي ..

والله لايحرمنا منك ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااارب :friends:

اجمل تحيه لكِ:flowers2:

dont look at me 27-11-08 08:27 PM

يانااااااااااااااااااااااس عليي
تعرفي هادي القصة هيا اول رواية رومنسية اقرأها ومرة عجبتني
شكرا عشان ذكرتيني

redroses309 28-11-08 01:32 AM

آسفة على التأخير في الرد على كل اللي شاركوني في الموضوع
و مشكووووووورين على مروركم و أسعدني وجودكم

نوال الله يعافيك و مشكووورة على مرورك

ناعمة الله يسلمك ياقمر أسمك مرررة حلو

صفصف الله لا يحرمنا من طلاتك الحلوة يا قمر و إنشاء الله إذا صار في مجال قريبا أنزل رواية جديدة لعيونك يا أحلى صفصف

ديلارا تسلمي حبيبتي و أسعدني وجودك

سليبنغ بيوتي جدا سعيدة بمرورك و ردك الحلو

فيفي و بس كيفك حبيتي و حشتيني كثير و الله يسلمك يا أحلى قمر منورة بوجودك

امنةالله يسلمك و كلك ذوق

انصاف سعيدة بمرورك و ردك الحلو

تمارا كيفك ؟
أسعدني وجودك نورتي الصفحة و لا تحرمينا من ردودك الحلوة يا عسل

ايمانة مشكووووورة لمرورك يا قمر

كيلو دلع مشكورة لمرورك و أتني كلك ذوق و سعيدة جدا أن الرواية عجبتك

donot look at me سعيدة جدا أني ذكرتك فيها و تسلمي حبيبتي على المرور

anasoma 02-12-08 06:26 PM

شكرا لذوقك الجميل ولتعبك ومجهودك
انا سومه:o

hamesha 19-12-08 02:13 AM

rewaya jamila ta3abnaki ma3ana
aregato ^^

rouka2000 04-01-09 12:06 AM

تسلم ايديك تسلمى روزا يا احلى روزا

al hikma 27-01-09 09:51 PM

:flowers2: merci bq

ام هنا 05-02-09 05:41 PM

الله يعطيكي العافيه علي القصه الرائعه

بطوطه 07-02-09 03:56 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياسلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالام تسلم ايدك جزاك الله الف خير بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه.

ايدن 07-02-09 07:02 PM

شكراً على هذه الروايه الرائعه واتمنى رواية اثنان على الطريق مكتوبه

ملاك الشمري 14-04-09 02:00 PM

تسلمين على الرواية الروعة
اللة يعطيك العافية

dede77 16-04-09 11:10 PM

:) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رواية رائعة تسلم ايديكى وتسلمى على المجهود المبذول

نورالايمان 25-04-09 12:58 AM

أنا لسه ما خلصت قراءة ولكن اشوفها وايد حلوة
شـكــرا
... لك مني أجمل تحية .

طارق الجرف 25-04-09 04:44 AM

شكرا جزيلا

nanamicho 26-04-09 10:54 AM

جزاك الله الف خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . :)

نورالايمان 27-04-09 12:18 AM

مشكورة واااااايد على الرواية الحللللللللللوة
تسلمين يا الغالية

الاميرة ايما 30-04-09 07:56 AM

الرواية كتير حلوه الف شكر :):):o:):)

Miss Cati 04-05-09 09:34 PM

يعطيك الصحة

مجهولة 17-08-09 04:30 PM

رواية رائعة وجهد مشكور

ro0ro0-cute 19-08-09 05:21 AM

تسلم ايدينك على الكتابه

rana_rana 19-08-09 09:46 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

moura_baby 22-09-09 06:33 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جاكلين 26-09-09 03:01 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

نداء الحق 28-09-09 10:11 AM

رواية روعة عاشت الايادي التي نقلتها

redroses309 29-09-09 04:58 AM

أشكر كل اللي مروا على موضوعي
اسعدني وجودكم و ردودكم الرائعة

linka 06-10-09 03:09 AM

شكرا لك عزيزتى على هذه الرواية الرائعة

فى انتظار مزيدك

posy220 11-10-09 07:09 AM

شكرا على الرووووووووووووووووووعه

redroses309 11-10-09 10:07 AM

مشكورين على المرور
linka , POSY220

الحب الوحيد 15-10-09 01:05 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .الرواية رااااااااااائعة

redroses309 16-10-09 10:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحب الوحيد (المشاركة 2080346)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .الرواية رااااااااااائعة

أهلين حبيبتي
اسعدني ردك الحلو و نورتي بوجودك.

الجبل الاخضر 07-11-09 01:08 AM

الله يعطيك العافيه من جد ماقصرتي رووووووووووووعه تسللللللللللمين

جيرمون111 18-11-09 10:10 PM

شكرا لك على الرواية المتألقة والتي تحتوي
على قصة رائعة وحبكة دقيقة ...
أتمنى أن تستمري في كتابة الروايات ..
وشككراً
تقبلي مروري اخوك
جيرمون111

زهرة الماس 27-11-09 09:35 PM

يسلمووووووووووووووووووو ريدددددددددد0000000تحياتي لكي

Moon of Don 18-12-09 02:27 AM

شكرا جزيلا على المجهود الرائع


يعطيكي العافيه


الروايه رااااااااااااائعه


موون

نعووومي 18-12-09 05:22 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

قماري طيبة 01-01-10 05:27 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

علياء 511 31-01-10 12:17 AM

شكرا روايه حلوه ومجهود رائع

hayam o 01-02-10 10:01 PM

موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
http://www.liilas.com/vb3/images/smilies/55.gif

بنت طريب 03-02-10 01:21 AM

السلآم عليكمّّ~
ألف شكرر لكـ آختي ,..
منـ جد مآقصرتي ,..
تقبليـ فائق ودي }~

انسى العالم 04-02-10 07:07 AM


مررحبا خيتو
يعطيك الف عافيه ع هالروايه
يسلموااا........انسى العالم

سفيرة الاحزان 08-05-10 02:34 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

احلى البنات سكر نبات 16-05-10 05:44 PM

شكرااا يسلمووو

جروح انسانه 28-05-10 08:51 PM

روايات رائععععععة بس ياليت لو اعرف رقم صفحة الفصل الاخير

arsh 31-05-10 10:50 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

asmaa_amr 10-09-10 10:07 PM

روعة وجميلة شكرا كتيرررررررررررررر

فجر الكون 11-09-10 05:39 PM

مشكورة على الرواية الرائعة,,,,,


سنديان 12-09-10 11:46 PM

:friends::friends:

بنوتهـ عسل 13-09-10 09:31 PM

الله يعطيك العافية حبيبتي ،،

يسلموووو ،،

eanas 15-09-10 02:23 PM

الله يعطيك العافيه روايةرائعة

ليكى منى اجمل تحيه

جنون العشق 15-09-10 09:59 PM

رووعة
مشكورة ياعسل
الله يسعدك حبيبتي

بحيرة الدموع 01-10-10 07:13 PM

شكرا عاشت الايادي

% شموخي عزتي % 08-10-10 05:27 AM

روايه حلوه مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووره

هدىgb 13-11-10 01:02 PM

روايه اكثر من رائعه

سلمت اناملك على طرحها

الجبل الاخضر 14-11-10 07:59 PM

برافو:55::55:برافو:55::55:برافو:55::55:تسلمين :flowers2:ومشكوره وتقصرين:party0033:واختيار جميل جدا جدا جدا:flowers2::flowers2::flowers2:ننتظر جديدك

لحن الحيااة 15-11-10 08:17 PM

شكرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررا

انجلى 19-04-11 04:50 AM

الراواية روائئعععععععععععععععععععععععععععع شكرا لك على اختيارك الرائعععععععععععععع :flowers2::flowers2::55::Welcome Pills4::Welcome Pills4:

سنيوريتا 20-04-11 01:54 PM

روايه جميله وحلوه

سماري كول 11-05-11 07:09 AM

تسلمين ع الروايه

ندى ندى 04-06-11 04:38 AM

رائعه جدا وجميله جدا جدا

ملك محمد 11-12-11 09:22 AM

روووووووووووووووووووووووووووووووووووعو


:4redf54r::4redf54r::4redf54r:

عربجيه ناعمه 22-01-12 01:23 AM

:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134:

عميشه 27-01-12 11:32 PM

تسلم الايادي يا سوكره مره خطنطر الروايه واصلي
في إنتضار المزيد :075::075::;lkjlkutrfc:

honayda 16-02-12 02:36 AM

:8_4_134:مشكوووووووووووووووووووره يالغلا على مجهووووووووووووووودك الرائع:8_4_134:

ساحرات 11-06-12 02:39 AM

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا كتير على الرواية الجميلة وعلى مجهودك فى كتابتها[/U][/B][/B]http://www.liilas.com/vb3/images/smilies/8_4_134.gif

سنيوريتا 15-01-14 09:56 PM

رد: 1061- ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس (كاملة)
 
حلوووووووووووووووووووووووووووووووه جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

الجبل الاخضر 13-08-14 09:28 PM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
سلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

نميرة 20-09-14 09:33 PM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
:55::55:شكرا علي الروايه الجميله

نجلاء عبد الوهاب 03-02-15 01:42 AM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
رائعه رائعه رائعه
:55::55::55:

طاوعك قلبك تخليني 26-01-18 11:51 AM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
يعطيك العافية

لوووولا 26-07-18 06:22 AM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
يسلمووووووووووو

loleabd 03-10-18 11:19 PM

رد: 1061 - ثمرة الإبتزاز - جاكلين بيرد - دار النحاس ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الساعة الآن 09:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية