http://img528.imageshack.us/img528/8...9c8ecafef5.gif[COLOR="Indigo"][الروايه وايد روعه بصراحه انا احب هل النوع من الروايات/COLOR]
|
روايه روعه
|
مشكووووووووووووورين على المرور و التشجيع
شموخ الشرقية saf saf313 عاطفة ruqia و noor al hoda و لعيونكم و لعيون كل اللي متابعيني راح أنزل اليوم الفصل الخامس و السادس. |
5 - الفريسة اتى الى غرفتها كما كانت تتوقع . و لكن اثناء الفترة التي مرت بين ما قالته في الصالة بأنها تريد ان تتزوجه و بين الانتهاء من تناول الطعام عادت تارا الى رشدها . اقرت بأن اليوناني بخبرته الواسعة بالنساء قد يشعل فيها انفجارا يدمرها تدميرا تاما . استفاقت تارا و عاد اليها منطقها و سلامة تفكيرها . و فيما هما ينتظران القهوة في غرفة الجلوس كانت قد اتخذت جميع الاحتياطات لاعلان الحرب عليه مرة ثانية . فاستعادت رزانتها و كرامتها . اقرت داخليا بضعفها امام وسائله و اساليبه و لكنها عزمت بكل جد على الا تقع فريسة له . و ستحاربه على طول الخط و تتحكم باندفاعاتها العاطفية قدر الامكان . كان وجهها شاحبا و لكنها كانت متزنة عندما فتح الباب . و رأت ليون واقفا بقامته الطويلة و لون بشرته الاسمر و عينيه السوداوين النفاذتين و ابتسامته التي لا تخلو من دلائل النصر و التهكم . - لست جاهزة لاستقبالي ؟ كان كلامه هذا طلبا اكثر منه استفهاما . - هل تريدينني وصيفا لك يا سيدتي العزيزة ؟ رفع حاجبيه و هو يسألها ثم اغلق الباب . و بالرغم من تصميمها على المقاومة تأثرت بوجوده المغناطيسي . ماذا عمل لها ؟ كيف يمتلك اي رجل مثل هذه القوة ؟ هل كل امرأة يلتقي بها تقع ضحية له ؟ - انا ... انا غيرت رأيي في الزواج منك . و دهشت لهدوئها و هي تتكلم . - لا اعرف لماذا اتيت الي ، لكن ... فقال بصوت منخفض : - تارا ، كفاك كلاما طفوليا . آن الآوان لكي تعترفي بالأمر الواقع بعد كل الذي حصل هناك منذ ساعة . لو اني حملتك الى السرير في حينها لكنت ملكا لي الآن . - ملك لك ؟ النساء اليونانيات ملك لأزواجهن ، اليس كذلك ؟ اجابها بهدوء : - المتزوجات منهن طبعا ، و هذا ما يجب ان يكون . - من يتظاهر بالبعد عن الحقيقة ؟ انت تعرف الغرب حق المعرفة كما تعرف اليونان . لكن الأمر يختلف في الغرب . - هل تتوقعين المساواة بين الزوج و الزوجة ؟ لا مساواة بيننا يا تارا . انا سيد بيتي و كل شخص ... حتى امرأتي ... يعرض نفسه للخطر اذا تناسى ذلك . تكلم بدون هياج ولكن بلهجة السيد . و لكنها قالت متعبة : - ارجوك ، اذهب . اريد ان انام . - هل انت متعبة ؟ لم يبد عليه و هو يتكلم انه كان متأثرا او غير متأثر و لم يفصح وجهه عن اي شعور داخلي . - نعم ، متعبة . - تكونين متعبة ايضا لو كنت في شهر العسل ؟ لم يمض على اختطافها من خطيبها الا بضع ساعات . اخذت تبكي مرة اخرى . كانت هذه الليلة ... - اذهب عني ! اني اكره وجودك هنا ، وجهك ، كبرياءك اليونانية الفاسدة . اخرج ! اخرج ! وبدل ان يخرج مشى نحوها و هي تتراجع حتى وقفت عند السرير . - هل خاب ظنك ؟ هل الأمر كذلك ؟ لكن لا لزوم لكل هذا . قاطعته مذهولة : - خاب ظني ؟ - اي انك محرومة ... من رفيق يطارحك الغرام منذ اسابيع . مررت بهذه المحنة مرة او مرتين . يشعر الانسان انه مهزوم عندما لا يحصل على ما يشتهي . اقترب منها قليلا ثم توقف . فقالت لتكسب بعض الوقت : - يبدو انك تعرف . - طبعا اعرف . و النساء لا يعرف لهن قرار . كثيرا ما يوافقن و من ثم يرفضن . طبعا ، كل رجل يعرف قيمة نفسه يقبل هذا الرفض على انه تحد له ، و لكن احيانا لا قيمة لتحد من هذا النوع . فهمت من نظرته اليها انه يهزأ بها ولذا قررت ان تلزم الصمت . و اخذ يقترب منها على مهل . - كما قلت لك ، لا لزوم لأن تشعري بالحرمان . تأكدي من أني سأكون احسن بديل لعريسك . و بالفعل ، في سرك تفضلينني عليه . - انت متغطرس و متكبر و وثني ! كان يلامسها تقريبا و فاحت منه رائحة حلاقة طرية كأريج الصنوبر بعد المطر . رفع يده و توقعت ان يصفعها الا انه رفع ذقنها الى اعلى و عانقها . - تبدين جذابة جدا عندما تغضبين لذا اريد ان اطيل مدة غضبك . و مع ذلك ايضا اريد ان اذلك . انت مثيرة يا تارا كما كنت في اول لحظة و قعت عليك عيناي . و قالت بعد فترة : - ارجوك ، اذهب . - انت وعدت ان تتزوجيني و لا أرى ضرورة للانتظار و يمكننا ان نبدأ شهر عسلنا الآن ... - كان ذلك منذ ساعتين عندما وعدتك بالزواج . اخافتها نظرته التي كانت تأكلها اكلا و هي تجول من رأسها الى عنقها و صدرها . لكنها اضافت : - غيرت رأيي . لن اتزوجك ابدا ! احمرت عيناه و زفر من انفه فذكرها بحيوانات مفترسة تتأهب للهجوم على فريستها التي ترتعد من الخوف . كيف وقعت في هذا المأزق ؟ هذا يحدث للغير فقط و يقرأ الناس عنهم في الجرائد . يشفقون عليهم ثم يلقون بالجريدة جانبا و ينسون كل شيئ . و لم تحلم تارا مطلقا ان هذا سيحدث لها ذات يوم . و لابد ان الناس يقرأون عنها في انكلترا ، يقرأون عن العروس المختطفة و هي في طريقها الى حفلة الزفاف تحت عناوين ضخمة على الصفحات الاولى . سيطالعها القراء باهتمام كبير و هم يتناولون طعام الافطار . و تصورت ديفد الذي يكون قد جن من الحزن ، و لكنها سرت لأنها وحيدة لا اهل لها . - ستتزوجينني و ستسرين بهذا الزواج . طرد صوت هذا الرجل من افكارها كل شيئ ... الناس و الجرائد و ديفد و حل محلها ، و سمعته يدللها و يغنجها بنعومة : - تشجعي و استرخي و تقبلي ما اقدمه لك ، و سترين ان متعتك معي ستفوق بكثير متعتك مع الرجل الذي كنت ستتخذينه زوجا لك . - اتركني ! اذهب ! لا استطيع التفكير ! الا ترى ان قلبي تحطم ؟ - القلوب لك لا تتحطم . بحق السماء ، تخلصي من تعلقك بحب العذاب ! هذا من وحي خيالك فقط ! - لا قلب لك و هذا هو سبب عدم فهمك لوضعي . - لكني افهم كيف سأجعلك تنسين ... و بحركة خاطفة ضمها اليه و ارقد وجهه على وجهها . جمعت كل قوتها لتقاومه و مع كل بادرة للمقاومة كان يتشدد في عناقه . و تسارعت نبضات قلبها . - مازلت تقاومين ، ما هذه القوة التي فيك ؟ و كلما زادت مقاومتك كان انتصاري افضل . و عندما رفع عينيه في وجهها ... احمرار الخوف و اضاف : - قلت انك غيرت رأيك بصدد زواجك مني ، و لكنك لن تغيريه ، اليس كذلك ؟ في هذه الاثناء لمست يداه شعرها فشعرت بالفرح يسري في كل جسمها . نسيت كل شيئ و اصبح ديفد بعيدا عن فكرها بملايين السنين . و اعاد ليون سؤاله : - هل غيرت رأيك يا قطتي الصغيرة ؟ رفعت رأسها و اجابت بصوت لا يخالطه الشك : - كلا يا ليون ، لم اغير رأيي في الزواج منك . - اتريدين ان تتزوجيني ؟ قولي . - اريد ان اتزوجك . كان الآن يلتهمها بنظراته . - جميلة انت حقا ! و هنا تصورت تارا في موقف يشبه تماما موقف غيرها من النساء امامه . قرفت من هذا المنظر. فكم عدد النساء اللواتي كان ينظر اليهن هكذا ؟ تصورت تلك النسوة و هن واقفات امامه كما هي واقفة الآن ، يسيطر عليهن و على حواسهن بقوة الرغبة . و فجأة تراءى لها ديفد اللطيف ، و تراءت لها غرفة النوم في الفندق حيث كانت ستذهب اليه بارادتها لو انها تزوجت به . ارتجف جسمها ... و هطلت الدموع من عينيها بعد ان حبستها كل تلك المدة . - ما بك ؟ كان بكاؤها هذه المرة نحيبا جنونيا . هزها ليون من كتفيها و صرخ في وجهها : - استجمعي قواك . تحملت الكثير و لكن هذا افضل شيئ . منذ لحظة كنت سعيدة و الآن تبكين كالبنت الصغيرة . فركت عينيها و رأت وجهه في ضباب . لاحظت ان هياجه لم يعد كالسابق ، فقد خمد ، لكنها قد تكون مخطئة . و عندما تكلمت كان صوتها ناعما ذا نغمات حلوة تماما كما كان ديفد يحب ان يسمعه : - الم تفهم موقفي بعد يا ليون ؟ كان من المفروض ان يكون اليوم بداية شهر عسلنا انا و ديفد ، الشهر الذي لن ينساه كل محب طيلة ايام حياته مهما تبع ذلك من ملذات او احزان . كانت عيناها الدامعتان الجميلتان تتوسلان اليه . - و بدلا من ان اكون معه في اول ليلة من شهر عسلنا الذي كنت انتظره بفارغ الصبر اراني هنا في قبضة رجل متسلط لا يحبني . رجل حول يوم زفافي الى سواد و يأس و شقاء ، رجل حرمني حتى من فستان عرسي الذي رماه في البحر ... هذا الفستان الذي تحافظ عليه كل امرأة كما تحافظ على كنز . و هذا شيئ لا تستطيع ان تفهمه يا ليون ... خنقها البكاء و لم تستطع متابعة كلامها. و لكنها قالت بعد فترة : - لن اكون صادقة اذا قلت انك لا تغريني وتغويني و تجبرني على قبول او قول اشياء لا اعنيها ... مثل ... قبولي الزواج منك . ونظرت اليه متوسلة مرة ثانية الى وجهه الذي كان عابسا الآن و لكن خاليا من القسوة . و لاحظت عصبا في عنقه يخفق كأنه يتأثر بالكلام او يبلع ريقه . و تابعت حديثها : - هل تصدق اني جادة عندما اقول اني اريدك زوجا ؟ انا احب شخصا آخر . ... كلا ، لا تغضب ، اتوسل اليك الا تغضب من جديد . ليست لي القوة الكافية لأتحمل . لم اعد اتحمل . الا ترى ذلك ؟ اطمأنت قليلا عندما رأت وجهه يدل على زوال غضبه . كان يصغي اليها بكل انتباه . - ان قلبي يتحطم سواء آمنت بذلك ام لم تؤمن . هنا ، هنا يا ليون ! انه يؤلمني ... دلت على قلبها باصبعها وظل ليون مسحورا بمشهد اصبعها المرتجف و هو يلمس صدرها . و توسلت اليه ثانية : - لا تؤذني اكثر من ذلك . ارجوك . اتركني و اذهب عني ، اذا كانت لك ذرة من الشعور . وقف و تناول عباءة خفيفة ساعدها على لبسها . لم تدر ما تقول من شدة الدهشة . استدارت بعد ان ألبسها إياها و اخذ يرتبها على جسمها . وضع يديه على كتفيها بكل لطف و نظر في عينيها اللتين ما زالتا تدمعان . لم تفهم ما في عينيه السوداوين . كل شيئ في هذا الرجل غريب . مد اصبعه برشاقة و ازال دمعة عن وجنتها و قال : - استريحي قليلا اذا استطعت يا تارا ، و آمل ان تكوني احسن غدا . ليلة سعيدة يا طفلتي ، و حاولي الا تبكي . فتح الباب و خرج تاركا اياها متعبة ، ضعيفة و في حالة عقلية كانت تفضل عليها الموت . لم تنم تلك الليلة . و بالرغم من حزنها و تعاستها كانت تتوقع ان يسوء وضعها اكثر من ذي قبل . و ليون الذي ما زالت تعتبره وحشا مفترسا لم يحاول الاعتداء عليها بل توقف عند حد لم تكن تتوقعه . كانت طيلة الليل تفكر على صوت محركات الزورق بعدة اشياء . منها ما يتصل بعضه ببعض و منها ما ليس له معنى . الا ان شيئا واحدا كان واضحا كل الوضوح و حيرها كثيرا هو سلوك ليون . * * * تحولت بأفكارها الى ما كان سيحصل لولا اختطافها . فكرت في حفلة عقد القران و قرع اجراس الفرح و تجمع النساء و الاطفال ليشاهدوا العروس الجميلة و ذراعها في ذراع عريسها . هذه اجمل ساعة في الحياة عندما يأتي الجميع ليشاهدوها هي لا غيرها في يومها المجيد ، اليوم الأوحد الذي تعيشه العروس مرة واحدة في العمر . تصورت الموائد الممدودة في احسن فندق بالمدينة . تصورت المصور و هو يأخذ صورتها بينما تقطع كعكة العرس . و سجل معاملات الزواج الذي كانت ستوقع اسمها فيه . تبادل الانخاب و التهاني و التمنيات بالسعادة و الرفاه و البنين . تصورت سو تساعدها على تغيير ملابس العرس الى ملابس السفر . و السيارة التي كانت تنتظرهما لتأخذهما الى المطار حيث يستقلان الطائرة الى اسكوتلاندا ... لقضاء شهر العسل هناك ... فكرت في ديفد و في حالته النفسية و افكاره و قلقه . هو الآخر قد يكون متمددا مثلها في فراشه يتصور ما كان سيحصل . في تلك اللحظة صرخت تارا تناديه في ظلام سجنها ... ارادت ان تقول له روحا لروح انها تحبه و انها ستحارب لتعود اليه . منتديات ليلاس و الشيئ الآخر الذي كان واضحا ايضا هو مشكلة الهرب . لأنها تعتقد ان ليون لن يحتفظ بها سجينة مدة طويلة . و قد بدأت تقبل بفكرة زواجها منه و تعرف انه اذا خيرها بين ان تكون زوجته او ان تكون امرأته سرا فانها ستقبل بالخيار الاول . و بدا لها الآن انه مكتوب عليها ان تتزوجه ... و مع ذلك فانها ستهرب . و ملأها الأمل في ان تستطيع الهرب قبل الزواج و لكن املها هذا لا وجود له نظرا لأساليبه المنيعة التي يستعملها لابقائها في قبضته . اتى صباح اليوم التالي و وجدها تنتظر . عبس عندما نظر الى وجهها . - انك لم تنامي . كان بلباس بحري جميل و سترة زرقاء عليها صورة مرساة عند جيب الصدر . نظرت اليه تارا و لم تستطع التوفيق بين هذا الرجل الانيق الهادئ الواقف امامها و بين الوحش الآخر فيه . - كلا ! و من الطبيعي الا يغمض لي جفن . رأت شيئا يتحرك في عينيه و عصبا يخفق في عنقه و لكنها لم تحاول تفسير ذلك . امسك بيدها و قال : - في اليونان قول مأثور ... و تعرفين ان قدماء الاغريق كانوا فصحاء في ايامهم . ظلت تنظر اليه و هي لا تفهم اين اختفت غطرسته و سخريته اللتان كثيرا ما اذلتاها . - ما هو هذا القول ؟ - نتشاجر احيانا ثم نتوافق . فلنتوافق كلانا يا تارا فنرتاح . ارتعشت شفتاها لهذا التغيير المفاجئ و للطف عينيه و اقتراحه الرقيق . انزاح عن صدرها شيئ من تعاستها بسبب كل هذا . - انا ... اعني ... طبعا اذا كان هذا ما تريد . - هذا ما اريد . تأكدي من ذلك . هل نختم ذلك بخاتم العناق ؟ عانقها و لكن عناقه هذه المرة كان ناعما و لطيفا و كله رقة . شعرت بشيئ يؤلمها في صميم قلبها و لم تعرف له سببا . و احست ان بامكانها ان تتقرب اليه لو انهما التقيا في ظروف غير هذه . - لا افهمك . انت مختلف هذا الصباح . رأت عينيه تفكران ثم تعبسان . كان في صراع مع احساساته المتناقضة . - لأول مرة في حياتي لا افهم نفسي يا تارا . بدا غاضبا من نفسه . و قال منزعجا : - هل انت جاهزة لتناول الفطور ؟ و لا تقولي انك لا تشعرين بالجوع . و حذرها بلطف : - و الا اجبرتك ان تأكلي سواء شئت ام ابيت . رافقته طائعة . و ارتاحت لهذا التحول الذي جعلها تشعر لأول مرة بانها في امان . لم يغير ليون موقفه و بقي مخلصا لوعده . و كان كل ليلة يتمنى لها ليلة سعيدة و يتركها مطمئنة . و احيانا كان ينظر اليها منتقدا حزنها و كآبتها اللذين لم يختفيا بعد ، و مرة غضب لأنه كان يريدها ان تبتسم . فكانت تبتسم احيانا و تقول ان الابتسامة لا تغير شيئا من حالتها او شعورها . - انت عنيدة يا تارا . و ايا كان رأيك في قولي ، فقد انقذتك من زواج كان سيتحول الى كارثة . - انت لا تعرف الشعور بيني و بين ديفد . - انا اعرف اي رجل يعجبك . - لن تكون انت هذا الرجل في كل الأحوال . - سترين كيف ان زواجنا سيعطيك لذة لا تتصورينها . قالت ببرود : - ارى انك لم تتغير . - فيما اتغير ؟ كانا واقفين على ظهر اليخت في لباس السباحة . - ظننت انك قد تعيدني الى بيتي . - لا تحلمي بذلك . انا اريدك و تحملت الكثير لأحصل عليك . انا من نصيبك و انت من نصيبي لتكوني أما لأولادي ... - كلا ، لا اريد اولادك ! لاحظت الغضب في عينيه . و لم تستطع النظر الى تلك العينين النفاذتين فخفضت عينيها و بدأت تتصور رسوما و صورا تتراقص على الخشب حيث كانت واقفة . - بالرغم من اي شيئ آخر سأعطيك اولادا و هذا ما قررته ، اذ ان حياة زوجية بلا اولاد ينقصها عنصر حيوي مهم . - مهم ؟ و ما هو المهم فيه ؟ صحيح ان صوته كان جافا و صارما الا انه عنى شيئا قد يكون مهما . وكانت تود ان تفهم هذا الشيئ . - مهم لنجاح الحياة الزوجية . هل كان ينوي ان يقول انه مهم لسعادة الزوجين ؟ - الا تعطي السعادة الزوجية اهمية اكبر ؟ و بعد ذلك لم يتكلم كلاهما . فيم كان يفكر ؟ توترت اعصاب تارا وظنت انها قد تكشف شيئا من اعماقه ، و لكن هذا كان ظنا عابرا يجب ان تنساه . - سنصل جزيرة كورفو غدا ، و سأنزل الى البر لآتي بصديقي الكاهن كي يقوم بمراسيم الزفاف . انكمش قلبها و سرت قشعريرة في جسمها . وقالت و هي تشعر بجفاف في شفتيها : - لم تقل لي اننا نقترب من كورفو . - لا حاجة بك لأن تعرفي . اعرف انك تأملين في اغتنام الفرصة للهرب كلما توقفنا في احد الثغور بقصد التموين . و اعتقد الآن انك تعرفين قدرتي في التنظيم و حرص بحارتي على تنفيذ اوامري ليراقبوك كلما توقفنا في مكان ما . و في كورفو سأقفل عليك الباب مثل كل مرة . كانت تفرك يديها حينا و تلويهما حينا آخر . و اخذت تتكلم و هي تبلع ريقها : - لا اريد الزواج منك . استحلفك بالله ، اتركني و اعدك بأني لن اتكلم بشيئ . - و كيف تفسرين غيابك كل هذه المدة ؟ كان مهتما بسماع جوابها . - سأختلق اي شيئ . فقدان الذاكرة مثلا ... غيري يفقد ذاكرته ايضا ! - لا تكوني سخيفة ! كانت لهجته كأنها موجهة الى طفلة . - انسيت انك خطفت ؟ - لن انسى ذلك طيلة حياتي ! - قد تعتبرين يوما ان اختطافك كان بركة عليك . ارتدي الثوب الذي اشتريته لك من لشبونة . لونه يناسب جمالك و طرازه ايضا . هل احببته ؟ هزت رأسها لأنها تذكرت ثوبها الجميل الراقد في قعر البحر . اما الثوب الذي تكلم عنه ليون و هو واحد من بين اثواب اخرى كان يجمعها كلما توقفا في مرفأ فكان بلون المرجان الذهبي ، مشدودا عند الصدر و اسفله كله ثنيات . و كانت اكمامه طويلة تضيق عند المعصمين . الفستان جميل و كامل كل الكمال و لكنها بدأت تكرهه لأنه سيكون فستان عرسها . - لا بأس به . و بعد فترة قالت : - اليست هناك وسيلة لاقناعك باعطائي حريتي ؟ هز رأسه بالنفي و عبس و لم تترك له فرصة الكلام اذ قالت : - لن يزوجنا كاهنك هذا ! سأتهدده ، و بالرغم من انك ستبقيني سجينة فاني سأخيفه من العقاب حتى يرفض زواجنا مهما كان مدينا لك . - اذن سأصرفه اذا انت رفضتي ، و ستصبحين امرأتي بالسر . هذا هو الخيار الثاني الذي ذابت امامه كل احتجاجاتها و تهديداتها . - هل سيزوجنا على اليخت ؟ - طبعا . فاني لا اخاطر بأخذك الى الشاطئ . - اذن لا خيار لي ... الا في الزواج منك . المعروف ان الزواج بالقوة مستحيل ، و لكن بسبب الوضع الذي هي فيه الآن فاما الزواج و اما ... الخيار الآخر ... فاذن ستتزوج و ستبقى تخطط للهرب ... و سوف تنجح . ********************** |
6 - الدوامة العمياء عندما اقترب اليخت من هيدرا رأت تارا الجزيرة في وهج غروب الشمس ، و بدت كأنها عروس بحر تطفو على سطح الماء الهادئ . في خليج سارونيك . و بالرغم من وضعها لفت نظرها هذا المكان الذي ستعيش فيه . عرفت تارا شيئا عن تاريخ الجزيرة من جملة ما قص عليها ليون . كانت مركزا لقراصنة البحر ، اما الآن فانها تستهوي الكتاب و الفنانين و اصحاب السفن و غيرهم . و المباني الضخمة القائمة على سفوح التلال يملكها الاثرياء ... و كان ليون أحد هؤلاء . قال لها انه كان في وقت ما أحد ملاك البواخر الا انه تحول الى فن الازياء . يملك مؤسسة هيرا و هي من ارقى بيوت الازياء النسائية المشهورة . تذكرت تارا الآن لماذا ذكر ليون في احاديثه السابقة معها عبارة " نماذج و دمى " وعرفت ان ذوقه دقيق للغاية . و اشهر فساتين هذه المؤسسة صممها ليون بنفسه فأكسبتها شهرة عالمية . رفعت هذه المعلومات من قيمته في عينيها و اعتبرته اقل و حشية من ذي قبل ، و لكنها لم تتخل عن فكرة الهرب في اول فرصة ممكنة تواتيها على الجزيرة . كانت واقفة عند سياج اليخت عندما انضم ليون اليها : - سأدلك على بيتنا عندما نقترب من الجزيرة . احست بدغدغة في معدتها لدى سماعها كلمة " بيتنا " لانها دلت على ان مستقبلها تقرر و انتهى . و لا شيئ في العالم يستطيع ان يغير منه شيئا . اصبحت ملكا لزوجها ، و المبنى لهما كليهما ، ستسكنه حيث ستكون قطعة اثاث و عبدة مطيعة لليون كباقي نساء اليونان . التفتت اليه و دفع الهواء شعرها فغطى وجهه ، و عندما تكلمت كانت في صوتها مرارة اليأس : - أنه بيتك انت ! لن يكون ابدا بيتنا نحن الاثنين ! اغضبته هذه العبارة و قال محتدا : -ما معنى هذا ؟ هل مازلت تفكرين بالافلات مني ؟ - سأكون نموذجا لامرأة او دمية تعيش في عبودية ، لذا سأحاول الهرب . توقعت ان يرفع صوته عاليا ادهشها هدوؤه عندما قال : - يجب ان تؤمني بما قلته لك و هو انك ستباركين هذا الزواج . فقد يولد لنا طفل في وقت ليس ببعيد ... قد يكون على الطريق الان ... و عندئد ستقبلين نصيبك . احست بانقباض في قلبها . طفل على الطريق ؟ فعلا ، بعد تلك الليالي التي امضتها معه ربما صار هذا حقيقة واقعة . لم تفكر في ذلك مطلقا . دعت الى الله ان ينقدها من ذلك ، و اذا صح انها ستنجب طفلا ، فسيسد عليها هذا الطفل طريق الهرب . و لن يفرط ليون بطفله لتأخذه معها ذات يوم . و هذا سيرغمها على البقاء . لاحظ ارتعاشها و هي تعلق على كلامه : - أصلي من كل قلبي الا يحصل هذا . هل نسيت اني احب رجلا آخر ؟ اخذتني زوجة لك ، و لكنك ستندم ! - او ستذهبين الى الشرطة اذا هربت ؟ هل هذا الذي سيجعلني أندم ؟ بانت لها قساوة صوته كقساوة جبل من جليد ، و لكنها تابعت كلامها بحدة لم يعهدها فيها : - قلت لك قبل هذه المرة اني لن اخبر الشرطة اذا تركتني اذهب . رجوتك فرفضت ، و لكنني هذه المرة سأذهب ! و صديقك الكاهن سيكون مأواه السجن ... برفقتك طبعا ! - ماذا عمل لك الكاهن ؟ انك لم تتذمري ابدا و هو يقوم بمراسيم الزواج . تأخرت في التعليق على قوله هذا لانها احست باختناق من فرط حنقها ، لكنها استطاعت ان تقول : - لم اتذمر من تهديدك لي اذا انا رفضت . لكني اعتقد ان الكاهن ، و هو مفرط الذكاء ، احس بشيئ غير طبيعي . - لم يرتكب الكاهن اي شيئ غير قانوني . فدعيه و شأنه ... هذا اذا تمكنت من الهرب . - افهم من كلامك هذا ان الهرب قد يكون محتملا . اتعرف ؟ لقد شجعتني ، و اني اشكرك لإحياء هذا الامل في . تطلع نحو الجزيرة يتأملها و بعد برهة قال : - اذا تحققت آمالي فستلدين طفلا في وقت قريب . عندئذ لن تتركيني . ادارت نظرها عنه و بكت . لقد نجح في كل خططه حتى الآن ، فأي أمل لها بعد اليوم ؟ قالت و هي ترتجف : - كما قلت سابقا سأصلي كيلا أحمل طفلا . - كلانا في صحة جيدة ، و من المعقول ان تلدي طفلي خلال السنة . لم تعلق بشيئ على كلامه ، و ادار وجهها اليه ضاغطا على ذقنها باصابعه القاسية . فاستعدت لاحد مشاهده المعروفة بوحشيتها . ركز بصره فيها و قال : - سأعمل المستحيل كي تلدي لي طفلا يا تارا . افهمت ؟ انا سيدك و حياتك رهن بي ، و ستحملين العدد الذي اريده من الاطفال . - سأكون قطعة اثاث في بيتك اذن ! كاد صوابها يطير من الغضب . اي اهانة اكبر من اجبارها على سماع وقاحاته ؟ - و عبدة ايضا ! سأفلت منك يوما من الايام ! و ستكون أغبى الناس اذا ظننت انك ستفلح في ابقائي سجينة عندك ! تحول عنها واخذت تارا تتحسس ذقنها و الدموع تترق في عينيها ، دموع الشقاء و اليأس ، اليأس من أملها في التغلب على بطشه و على ضعفها . اذ انها ستبقى اذا هي ولدت له طفلا . ادار ظهره لها وتركها . رأته وقحا في مشيته ، وقحا في مظهره . و بالرغم من ارستقراطيته الراقية فانه لن يستطيع تغيير الطباع الدنيئة التي نمت فيه جنبا الى جنب مع رقيه . و عادت بتفكيرها الى الليلة الاولى على اليخت عندما ابدى تحولا في معاملته لها ، بعد ان لان لتوسلاتها و خرج من غرفتها دون ان يمسها . في تلك اللحظة كان صوته لطيفا و معاملته انسانية مما يدل على انه كان قلقا عليها ، و برهن على ذلك في الايام القليلة التي تبعت تلك الليلة و التي تعهد فيها بأن يبقى على وئام معها . و لكن ما ان اقترب اليخت من جزيرة هيدرا حتى دب الخلاف بينهما من جديد عندما ذكر لها اقتراب ساعة عقد قرانهما الذي يعني نهاية املها . و زاد في الشقاق في اول ليلة لهما معا بعد مراسيم الاكليل ، عندما حاولت ان تقاومه بكل قواها التي ما لبثت ان تلاشت امام بطشه . فهدأت تارا جسميا الا انها كانت تقاومه بكل عقلها . ارادها ليون امرأة خاضعة جسما و عقلا و لهذا لم يتمتع بانتصاره كاملا . دوخها و هو يؤكد لها ان اساليبه ستتغلب على مقاومتها و ستتشوق في نهاية الامر لتكون بين ذراعيه . اقرت و الاسى يملأ قلبها بصدق قوله معترفة بضعفها في لحظات كهذه . كما اعتبرت قوله صحيحا عندما أكد لها ان ديفد لن يستطيع منحها و لو جزءا صغيرا مما يمنحها هو ، فهذا ذو خبرة واسعة مع النساء و ذاك ما زال مبتدئا . اصبح اليخت كاتانا قريبا من مدخل الميناء . و اخذت تارا تمتع بصرها بمشهد اليخوت ذات الاشرعة البيضاء و القوارب الصغيرة ذات الالوان الزاهية . و رفعت نظرها لتشاهد جبل الجزيرة الخالي من اي خضرة . كان المشهد جميلا جدا . و الفيللات و البيوت البديعة تنتشر في المناطق العليا من التلال أمام بيوت اهل الجزيرة المتواضعة المدهونة بالابيض و الازرق فكانت متراصة في المناطق الادنى مستوى او منتشرة بمحاذاة الشاطئ يعلوها برج ... كانت الجزيرة جبلية محرومة من الطرق المعبدة ، و حركة السير فيها على الارجل او على الحمير ، و حيث الطرق معدومة تماما يصل الناس الى بيوتهم بواسطة الأدراج الحجرية . و لما ابدت تارا ملاحظة بأن الجزيرة فريدة من نوعها ، قال ليون بأن كل الجزر الجبلية حيث يصعب شق الطرق مبنية على هذا النسق . كانت تنظر الى كل ذلك وحدها عندما احست بحركة قريبة منها . كان ليون خفيفا في حركاته و لهذا اطلقت عليه لقب القط البري . - انظري ! هذا هو بيتنا . رأت قصرا جميلا فوق هضبة تطل على الميناء و على خليج سارونيك . - من المؤكد ان المنظر جميل من هناك . لو انها اتت الى هذا المكان مع زوج تحبه لكانت اسعد النساء ... - آمل ان يعجبك القصر يا تارا . سيكون بيتك الابدي من الآن فصاعدا ، و عليه انصحك با تتكيفي مع حياتك الجديدة هنا . - سأتكيف كسجينة طبعا . اني اتساءل كيف ستتدبر أمر ابقائي هنا ، غير ان لك خطتك التي ستنجح كما نجحت غيرها و لا شك . كانت و هي تتكلم تشعر بمرارة و أسى شديدين . - سأقول لخدمي انك تعانين من انهيار عصبي يمنعك من الاختلاط بالناس فيجعلك تتجولين بمفردك . وبما ان مرضك هذا يقلقني كثيرا و لكي تكوني في أمان فسيراقبك الخدم طيلة الوقت . هناك بستانيان يراقبانك اثناء تجوالك في الحديقة ، و بلايا التي ستكون وصيفتك الخاصة لن تفارقك و انت داخل البيت . و هي تقوم باعمال اخرى منها الا تتركك تذهبين خارج محيط القصر . وجدت نفسها مرغمة على الاعجاب به رغم حقدها العميق . - انت ذكي و ماكر ! و اذا قلت لهم ان كل ذلك كذب في كذب ؟ كان التهكم واضحا في ابتسامته . - هل سيصدقونك و يكذبون رجلا يعرفونه منذ سنوات ؟ و هل دفعت بك سذاجتك الى الاعتقاد انهم سيخاطرون فيخسرون عملهم من اجلك ؟ نظرت في عينيه مليا و سألته بكل جدية و اهتمام : - هل يصدقون كل ما تقوله لهم ام انهم فقط ينفذون اوامرك و أعينهم مغمضة دون ان يحاولوا معرفة مدى الصدق او الكذب فيما تقول ؟ احنى رأسه موافقا و قال : - يتقاضون راتبا مني ، و هم يعلمون ان العمل على هذه الجزيرة صعب المنال . و من حظي بعمل يتمسك به بيديه و رجليه . و انا واثق يا تارا انهم سيعتنون بك اكبر عناية و لن يدعوك تفلتين . - هل قيام مراقبة مراقبة على مدى اربع و عشرين ساعة في اليوم ممكن ؟ ابتسم كمن يبتسم لطفل ساذج . - ستكونين تحت مراقبتي فترة لا بأس بها في الاربع و العشرين ساعة اذ انك ستكونين رفيقتي من العشاء حتى ما بعد الفطور من صباح اليوم التالي . كانت النظرة السامة التي رمته به نقطة ارتباك و ضعف . - نعم يا سجاني ! - انبهك ألا تتمادي في الكلام . الصبر ليس من صفات زوجك . تركها فجأة كما اتى خلسة . و عادت تنظر الى اليخوت و القوارب الراسية في الميناء بينما عادت بافكارها الى ديفد . هل يفكر فيما يكون قد جرى لها من اختطاف و تعذيب او موت ايضا ؟ هل يتوقع اخبارا تقول انهم وجدوا جثة ملقاة في احد الحقول او في حفرة ؟ و تعرف تارا ان كل يوم يمر على ديفد يفقد امله في العثور عليها ، و قد مضى اسبوعان على اختطافها في ذلك اليوم المشؤوم ... قد يكتشف ديفد انها متزوجة ، و اذا نجحت في الهرب و كان ليون في السجن سيلغى زواجها . تصورت ليون في السجن يقوم بالاشغال الشاقة و يعيش على الخبز و الماء و ستأسف لانتهاء مدة سجنه ! في تلك اللحظة عاد ليون اليها و فكرت في ايذائه مثل دفعه الى الماء و النظر اليه و هو يغرق . - اراك تفكرين كثيرا يا تارا . - نعم . كنت افكر في مدى تمتعي بمنظرك و انت تغرق و تتحول طعاما لكلاب البحر . قال ضاحكا : - لا اتصورك امرأة متعطشة للدماء ، و لا توجد كلاب بحر في هذه المنطقة . و انذرته تارا بيوم الحساب قائلة : - ان يومي لآت . - سنرى ياطفلتي . اراهنك على انه لن يمضي شهر الا و تكونين متعلقة بي لدرجة لا تستطيعين معها الا التراجع عن تهديداتك . متكبر ، متغطرس ، ادارت له ظهرها لعله يتركها فتتخلص منه . و لكنها احست بيدين قويتين تشدان على كتفيها و تديرانها لترى وجها كل تقاطيعه صارمة و فما مطبقا و عينين تقدحان نارا . توترت اعصابها و نبض قلبها و اسودت الدنيا في عينيها و اخذت شفتاها تتلويان . - لا تديري ظهرك لي مرة اخرى ! تعلمي اصول الاحترام و الا ... هز جسمها هزا دل على وزن تحذيره لها . كانت تارا تبتلع ريقها المرة تلو المرة و هي تحاول التخلص من الاحساس المخيف الذي تشعر به كلما كانت في قبضته هذا الشيطان المتجبر و الذي يجمد فيها قوة التفكير . - ارفع يديك ، ارجوك ، انت تؤلم كتفي ! - سيؤلمك في جسمك غير كتفيك اذا عاملتني بهذه الطريقة ! كانت تبكي . تركها و لكنه ظل ينظر اليها نظرته الكريهة . اعتقدت انه سيرغمها على الاعتذار و على الطاعة له . و لكنه ظل صامتا . كان ينظر الى الجزيرة و الى انوارها المتكاثفة مع غياب الشمس وراء أفق ذهبي اللون اضفى جمالا حتى على الغيوم العالية . و بدأت النجوم تتلألأ في سماء هيدرا و الهلال من عليائه يطل على العالم . و كلما اقترب اليخت من الشاطئ توضحت معالم الفيللات و البيوت و التلال التي كانت فيما مضى مأوى للقراصنة الذين جمعوا اموالا طائلة و عاشوا عيشة بذخ و جنون . و قارنت تارا بين هذه المباني الفخمة و بين البيوت الصغيرة المكعبة الشكل ، و الفرق الشاسع بين ابهة الأولى و وضاعة الثانية . و لكنها لاحظت ان كل بيت من هذه البيوت الشعبية تحيط به حدائق صغيرة تزينها الازهار ، و لا يخلو من شجرة برتقال او ليمون . كان الظلام تاما عندما رسى اليخت في الميناء ، و لكي لا يترك لها اية فرصة للهرب امسك ليون بذراعها بقبضة من حديد و حذرها من محاولة القيام بأي شيئ و الا اعادها الى غرفتها على اليخت و اغلق الباب عليها حيث سيبقيها الى صباح اليوم التالي . اخذا طريقهما عبر ممرات مظلمة و بدأ صعود التل . و قال لها زوجها ان ثلاثة رجال اشداء سيرافقونهما فتبين لتارا مدى حرص زوجها على سد جميع الطرق في وجهها . و لكي يؤكد لها ذلك قال بسخرية : - حاولي الهرب يا تارا و سترين ان ذلك يكلفك غاليا . منتديات ليلاس تلفتت تارا حولها و لكنها لم ترى للرجال أثرا . - انهم لا يزالون على اليخت لينزلوا حقائبنا اذ اني جمعت لك مختلف الثياب من مخازن الازياء في مدن الثغور حيث كنا نرسو . و ستحصلين على المزيد منها ، كما اني مهتم بأن ترتدي فساتين من نماذجنا . يعني هذا انها ستلبس فساتين من تصاميم مؤسسته و ستكون دمية يستعملها للدعاية . و صلا الى الفيلا و كان احد الخدم عند الباب ليستقبل سيد الدار . أخذ الخادم يبتسم و لكن ابتسامته اختفت عندما وقع نظره على تارا . - هذه زوجتي يا كليانش . تارا ، هذا احد الخدم . بدا الرجل مذهولا و قال على الفور : - زوجتك يا سيد ليون ؟ و لكن الآنسة ... توقف عن الكلام على الفور و بدا الرعب في عينيه لتسرعه في السؤال . رمقت تارا زوجها بنظرة خفيفة و رأت الغضب في عينيه . - اهلا بكما ... سيد ليون ... سيدة ليون . كان كليانش يتعلثم خوفا من سيده . و استنتجت تارا من ذلك انه قد يعاقب ، و ودت لو تعرف من هي هذه السيدة الاخرى التي هجرها ليون بعد ان اصبحت له زوجة . لا تستغرب تارا ان يكون لزوجها اكثر من امرأة واحدة في نفس الوقت ، اذ ان بهيميته تسمح له بذلك . وقف كليانش جانبا فدخلا بهوا واسعا تزينه الازهار و الطنافس و المفروشات العتيقة الغالية الثمن و السجاجيد العجمية و ارض من الفسيفساء . - اخيرا سيسعد الجميع لأن للسيد ليون زوجة الآن ! نعم ، سيكون لهما اولاد عديدون ! استولى الغضب على تارا التي صرخت في وجهه : - اذهب الى الشيطان ! نظر الرجل الى ليون مستغربا . - الى الشيطان ؟ ما هذا ... الى الشيطان ؟ - ان السيدة ليون متعبة . ارسل لنا بلايا لترافقها الى غرفتها . - حسنا يا سيدي . انا ذاهب لتوي ! قال ذلك و اختفى راكضا ليشيع خبر قدوم العروس . في تلك الاثناء التفت ليون الى زوجته و عنفها قائلا : - تعلمي ان تضبطي لسانك . كنت نبهتك الى ذلك من قبل ! - لن اقبل ان يتكلم خادم عن اولاد . لي كرامتي . - هذه تمنيات طيبة ترافق التهاني بالزواج في بلادنا . و ستعتادين على عفوية اليونانيين و اندفاعهم . - الرجال منهم . اما النساء فاظن انهن خرس ... بفضل جبروت ازواجهن . - يا آلهي ! كنت صفعتك الآن لولا مجيء بلايا في اية لحظة ! لم تجب تارا و اخذت تجيل نظرها في انحاء البهو لتتلهى قليلا و تهدأ اعصابها المتوترة . رأت على الجدران لوحات قديمة و صورا تاريخية ، و فيما هي كذلك اتت بلايا و رافقتها الى غرفة لها سقف عال ابيض موشى بالذهب . ستائرها تتوهج و السرير مغطى بالمخمل الاخضر . اما جدران الغرفة فبيضاء و كل شيئ فيها يدل على ذوق سليم ليس فيه تطرف. وجدت في غرفة الحمام مناشف سميكة من الحرير . و على الرفوف زجاجات جميلة تحتوي على كل ما تحتاج اليه . و تساءلت تارا كم من النساء سبقنها و مكثن في هذا القصر . وجدت بجانب غرفتها غرفة اخرى كان بابها مغلقا . و حاولت ان تنصت لعلها تسمع صوتا او حركة فيها و لكنها لم تسمع شيئا كانت سجينة بين غرباء و شعرت بالوحدة و الشوق الى من تحب و بالحقد على من اختطفها و أذلها ... تكذب اذا هي ادعت انها لا تستمتع بعناق ليون . فليون يسيطر عليها بقوة و جاذبية خارقتين فيغريها بطرق سلسة و يستولي عليها بأساليبه الاخاذة . اي نوع من المرأة هي ؟ كم من مرة سألت نفسها هذا السؤال منذ ان اختطفها ليون . قبل ذلك كانت تحمر خجلا اذا حاول رجل ان يتقرب اليها بجرأة مكشوفة . و قبلت بديفد لأنها وجدته معتدلا و رزينا . و مع ذلك فهي تتمتع بهذا الرجل الذي تكرهه . لا تفهم كل هذا لأنها لا تفهم نفسها . كان هناك باب داخلي يؤدي الى غرفة ثانية . و جمدت في مكانها عندما رأت مقبض الباب يدور ببطء و دون اي صوت . من عساه يكون ؟ و لما لم يفتح الباب استعمل مفتاحا . كان رجلا . استدارت تارا لتستنجد ببلايا و لكن هذه لم تكن في الغرفة . و الرجل هذا كان زوجها و لم تتميزه بسرعة لأن الضوء كان وراءه فبدت تقاطيعه كتقاطيع الشيطان . اخذت تتفحصه و كلما حاولت ان تتبينه اكثر ترى فيه عدوها اللدود ! و لا تعرف من اين اتتها قوة داخلية مفاجئة جعلتها تصمم على مقاتلته حتى النهاية . لن تخضع له كما كانت تفعل في السابق . - تعالي الى هنا ! وجه اليها هذا الامر مشيرا الى مكان عند رجليه . - اني منشغلة الآن بالنظر الى الخارج . قالت ذلك و اقتربت من نافذة عليها ستائر غير مسدلة بعد . - تنظرين في الظلام ؟ لا تكوني سخيفة ! - لست عمياء . استطيع ان ارى . - ماذا تستطيعين ان تري غير الانوار و البحر ؟ - ماذا تريد ؟ سألته و هي تقترب من النافذة اكثر فاكثر . - قلت لك ان تأتي الي ، و اذا كان لك قليل من العقل يا تارا فاعلمي اني لست رجلا يتقبل التحدي . أطيعيني حالا ! - اين ثيابي ؟ اريد ان اغتسل ثم اغير . - ثيابك في طريقها الى هنا . و أمرها ان تقترب منه عند قدميه . بدأت دقات قلبها تتسارع و عقلها يعمل و مع ذلك كانت تتقدم نحوه كآلة مسيرة . - انا ... انت ... - من حسن حظك انك تحركت في النهاية . كنت على وشك تلقينك درسا لن تنسيه ! - اي انك تستعمل العنف ؟ - أنوي ان اركعك على ركبتيك و ان اذلك . **************** يتبع... |
الساعة الآن 01:24 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية