116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
السلام عليكم
كل عام و أنتوا بخير أنا كان نفسي أحط رواية كاملة هدية العيد بس ما قدرت أكتب غير ثلاثة أجزاء من الرواية و الحين أكتب في الرابع و هذي الرواية البطل فيها يوناني <<<<< و أنا أحب البطل يوناني بس من جد رواية رووووووعة إنشاء تعجبكم و لا تبخلوا علينا بالردود الزينة ********** أريد سجنك ! ل : آن هامبسون ********************* هناك عواطف غامضة كالهيام لا يمكن سبر أغوارها بسهولة ... تتخذ أشكالا غير متوقعة مليئة بالمفاجآت وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ... ليون بتريديس ، الرجل ذو السطوة الرهيبة ... عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد : ان يأخذها الى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن ... ولو اصبحت سجينة بالاكراه . انها المرأة التي خلقت له وحده ، دون سواه . أعماه جمالها عن كل شيئ ، حتى المجازفة بحياته ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو : ... ألم يكن لتارا رأي في تقرير مصيرها ؟ لماذا لم تحاول الهرب ؟ منتديات ليلاس ************ 1 - العاشق البربري بدا الارتياح على وجه (( تارا بنيت )) و هي تصغي الى الصوت على الطرف الآخر من الخط . لم يتخلف خطيبها مرة واحدة عن الاتصال بها كل يوم في مثل هذا الوقت ، ليذكرها مازحا انها له وحده و الويل لها اذا سمحت لأحد مرضاها ان يغازلها . وسألها ديفد : -كيف حال جماعتك في المستشفى ؟ - اتانا مريضان آخران في ساعة متأخرة من الليلة الماضية . كانا ضحيتي حادث سيارة ، ولم أرهما الا عندما اتيت الى عملي هذا الصباح . احدهما يوناني متغطرس ! لم أكلمه حتى الآن ولم ألق عليه حتى نظرة . ولكن سو غاضبة عليه لمعاملته لها . وتقول ان من يراه قد يعتقد انه سيد الاسياد . ضحكت تارا على الخط و هي تستعيد كلام سو و شكلها و هي ثائرة . - كيف هو ؟ صفيه لي . - تقول سو انه جميل الطلعة وتعتقد انه في الثانية و الثلاثين ، و لكنه يرفض ان يتكلم عن عمره . ضحكت تارا مرة أخرى عندما اطلعت خطيبها على ما قاله اليوناني لسو عندما سألته عن عمره . فقد نظر إليها بكبرياء وصرخ في وجهها : - مالك ولعمري . قومي بعملك و كفي عن توجيه اسئلة تافهة . علق ديفد على ذلك بقوله : - لا يدل هذا على ان في الرجل شيئا غير عادي . - كلا ، ولكن الطبيب المناوب يصر على اجراء فحوص أشعة عليه . لأن الحادث كان مهما ولأن اليوناني ضربته سيارة كانت تسير في الجهة المعاكسة قذفت به على الرصيف . كله رضوض وفي رأسه جرح بليغ . غير ديفد موضوع الحديث وقال : - نسيت ان اخبرك يا حبيبتي اننا مدعوان الى مطعم ماري يوم الجمعة . جون هنا في عطلة . - مدهش ! اذن سيحضر حفلة زفافنا . - هذا ما اعتقده . مضى عليه سنتان في الخارج و اظن ان مدة عطلته ستكون طويلة . بقي لنا تسعة أيام قبل ان نتحد . يكاد صبري ينفذ . اكتفت باحاسيسها السعيدة ولم تتكلم . واتجه كلاهما بذهنه في فترة الصمت هذه الى مستقبلهما الذي تأمل تارا ان يكون ورديا مليئا بالبهجة . وسرت كثيرا لصدفة وجود اخيه يوم زفافهما . وخاصة انها بدون اقارب على العكس من خطيبها الذي له والدان و عمتان مسنتان بالاضافة الى اخيه . قالت تارا : - يجب ان اتركك لأني سأحل محل التي انتهت من عملها الآن . قال ديفد مازحا : - احذري هذا اليوناني اذن ، فان اليونانيين معروفون بأنهم يطاردون النساء . - لكنه ليس من هذا النوع . و سو هنا الآن تعبس وتشير باصبعها الى غرفة اليوناني . - من الصعب اغاظة سو ، اليس كذلك ؟ - ان سو من اهدأ الناس ... و هذا هو الشيئ المطلوب في مهنة التمريض . وداعا يا حبيبي . سنلتقي هذا المساء . نظرت تارا الى سو وقالت هذه الأخيرة : - انه حيوان وقح ! دهشت تارا لهذه العبارة لان سو لا تتلفظ بعبارات بذيئة تسيئ الى مرضاها مهما كانت مضايقاتهم لها . - ارجو الا يضايقني يا سو . - انه مصر على الخروج لكن الدكتور جيمسون شدد على ان نبقيه تحت المراقبة مدة من الزمن . - ليس في استطاعتنا اجباره على البقاء اذا هو اراد الخروج ، و الدكتور جيمسون يعرف ذلك كما نعرفه نحن ايضا . - يبدو ان الدكتور جيمسون غير مقتنع بأن الانسان لا يصيبه اذى داخلي في حوادث كهذه .منتديات ليلاس لم تقل تارا شيئا ، و بعد بضع دقائق دخلت الغرفة الخاصة حيث اليوناني حاملة صينية قهوة وبعض البسكويت . و كانت قد توقفت قليلا قبل دخولها ريثما يهدأ نبضها المتسارع . كان اليوناني واقفا امام النافذة ينظر الى الخارج . كان طويل القامة ، عريض المنكبين نحيل الخصر ، وله جسم الرياضيين . دار على نفسه و ذكرتها تقاطيع وجهه الجانبية بتلك التماثيل اليونانية التي شاهدتها في المتحف . لاحظت بروز ذقنه وخط فكه الناعم وانفه المعقوف ... وقف امامها الآن وجها لوجه ... ولم تدر لماذا أجفلت . ربما كانت عيناه ، و هما سوداوان فيهما لمعان البلور الاسود ، ترمقانها دون ان ترفا ، ! ثم اتسعت فتحتهما وبدا لها انهما نفذتا الى صميمها . لم يتحرك اليوناني . وكان يخيل لمن يشاهده انه تحت تأثير التنويم المغناطيسي ... كما لو كان ينظر الى اشياء موجودة في غير هذا العالم . - ق ... قهوتك . تأتأت تارا ولكنها لم تتحرك من مكانها . كانت ساقاها ضعيفتين و ذهنها مرتبكا . وشيئ فيها يحس بأن تيارا كهربائيا يدور في حلقات عبر الغرفة تمر بينها وبين الرجل الواقف امامها . لم يظهر اي دليل في وجهه على تأثر معين او ابتسامة . واستطاعت ان تلاحظ و لكن بصورة غير واضحة لون جلده الكثير السمرة ، وعظم وجنتيه المنخفض الخاص بالجنس اليوناني ، وشعره الاسود الكثيف الممشط الى الوراء . تذكرت ان سو قالت انه جميل الطلعة . ولكنها لم تره كذلك ، بل ان ملامحه تدل على غطرسة وعلى انه قاس ومترفع . لم ترى تارا في حياتها وجها يؤثر هذا التأثير في الناظر إليه . كلا ، انه ليس جميلا في نظرها على الاقل . و بالمقارنة معه ... ديفد ليس بهذا الطول . ولكن تقاطيعه ناعمة ولطيفة وعينيه صريحتان ، وفمه ممتلئ و الشفتين فيهما حنان ، بعكس فم هذا الرجل ذي الشفتين الرقيقتين اللتين تدلان على قسوة . و بالرغم من ذلك فيهما شيئ يبعث الدغدغة في ظهر تارا . تكره تارا ان تجد نفسها وحيدة معه . تابع الرجل نظره فيها مدققا في جمال تقاطيعها الخارق و انفها الصغير . في شفتيها القرمزيتين الجميلتين الدائمتي الانفراج . و لاحظ الدهشة او شيئا من الخوف في عينيها الزرقاوين . وشعرت هي بهذا الخوف في عينيها . ولكنها لم تفهم مصدره . وكانت جفونها ترف و استطاعت بذلك اخفاء ردة الفعل في عينيها . و لكنها لم تستطع ان تخفي احمرار وجهها . وغضبت من نفسها لأنها لم تجد في نفسها القوة على الكلام او حتى السير نحو الطاولة لتضع القهوة عليها . و أخيرا تكلم اليوناني . ولم تكد تارا تستبشر بزوال الصمت حتى تولاها احساس جديد بالخوف او الحذر عندما سمعت رنة صوته الغريبة و لكن الجميلة التي كان يشوبها قليل من اللكنة الاجنبية . - نهارك سعيد . انت ممرضة النهار على ما اظن ... ما اسمك ؟ بلعت ريقها بشكل ظاهر . و اخذت الافكار تدور في رأسها مثل دوامة . لماذا أربكها صوت الرجل ؟ لم يقل غير بضع كلمات و لكنها رأت معاني كثيرة في تلك الكلمات البسيطة . سمعت نفسها تتمتم اسمها و احست بالدم يصعد الى وجهها . و اتى الى اذنها صوت الرجل و هو يعيد اسمها بنغمة ناعمة ولطيفة . قال اليوناني عالما بارتباكها : - تارا ... لا ، ليس هناك ، بل على هذه الطاولة الصغيرة هنا . تيبست في مكانها لأن الطاولة الصغيرة كانت قريبة منه كثيرا . - انا دائما اضعها هنا . اتجهت نحو الطاولة . ودهشت لأنه لم يوقفها نظرا لسطوته التي قد تخضع لها دون ارادة لو انه أعاد طلبه لتضع الصينية حيث يريد . و بعد ان وضعت القهوة على الطاولة سمعت صوته يوجه اليها امرا قاطعا ومزعجا : - تعالي الى هنا ! حملقت فيه ولعنت ضعفها امامه . اين مواقفها الجريئة مع مرضاها ؟ وماذا حل بصوتها الثابت وبنبرته الخاصة التي تجعلهم يطيعونها ؟ - يجب ان ... ان اذهب . ولكنها لم تتم عبارتها عندما اشار اليها بيده . و رأت عينيه نصف مفتوحتين وفيهما نظرة رهيبة . - تعالي هنا يا تارا . كان صوته ناعما ولكن فيه نبرة جعلتها تنظر حولها و تتجه نحو الباب بضع خطوات . لماذا لم تحذرها سو من ذلك ؟ - قلت تعالي هنا . ظل صوته ناعما . ولكنها لم تدر لماذا اخذت تقترب منه وتطيع امره كأنها دمية آلية . غير انها توقفت فجأة كأنما لتقاوم هذه المغناطيسية الخفيفة التي كانت تشدها اليه . - قلت انه يجب ان اذهب مستر بتريدس ، واظن ان الطبيب سيراك بعد ساعة تقريبا . فهمت تارا من سو ان الرجل يحتج كل مرة و يؤكد رغبته في ترك المستشفى . الا انه ادهشها عندما اومأ برأسه موافقا . - سأعود لأخذ الصينية في خلال نصف ساعة . - اظن اني طلبت اليك ان تأتي الى هنا . استدارت تارا و الغضب في عينيها و قالت : - لا اعرف سبب مناداتك لي يا مستر بتريدس ، و طلبك هذا يدهشني كثيرا . فالمرضى لا يعطون الاوامر للمرضات . و هنا ايضا توقفت عن الكلام عندما تقدم نحوها بخفة القط البري . ********** - لا تكن سخيفا ! وافلتت من قبضته . - انك شيطان مجسم ! سأشكوك ! كانت غاضبة ومرتبكة معا لأن اليوناني عندما قال انها استسلمت كان صحيحا . و لو ان استسلامها لم يكن طوعا بل ضعفا ، ولكن ما الفرق بالنسبة له ؟ و شعرت بالعار و الاشمئزاز من نفسها . وفكرت في ديفد الذي خانته دون ارادتها . وفكرت في سو وتساءلت لماذا لم يعرض عليها هذا اليوناني عواطفه غير المحدودة . قال الرجل وهو يتأمل في صدرها الذي كان يخفق بسرعة : - لا اصدق انك ستعرضين شكواك من هذا المشهد اللذيذ يا تارا . انت استمتعت به كما استمتعت انا . لا تنكري ذلك . تكفين عن المقاومة اذا كان العناق يروق لك . انك لم تمانعي . - آراؤك في جرأتك الغرامية متكبرة يا هذا ! لماذا تلفظت بهذه العبارة او تكلمت بهذه الطريقة لا تدري . هي تدري فقط انها تغلي من الغضب ولو استطاعت لتسببت له في اذى . نظرت الى الربطة التي تعصب الجرح في جبينه و تساءلت اذا كان هذا الجرح أثر في دماغه . لكنها ابعدت هذا الاحتمال اذ ان عقل الرجل سليم كعقلها . هذا الرجل يستغل كل دقيقة ليستمتع بملذات الحياة و فيض حيويته الداخلية يستحوذ عليه ، كان الله في عون زوجته اذا كانت له زوجة ... فهي ستكون عبدته ليس عقليا فقط بل جسديا . - اكتشفت ان النساء يجدن متعة في ... في اعتباراتي لهن . و انا اكيد من انك وجدت متعة انت الاخرى . - انك تتكلم كشخص مجنون ! اما بصدد تقديم شكوى ضدك فسأفعل ذلك حالما اخرج من هنا ! قالت ذلك وجرت نحو الباب دون اعتبار لكرامتها كسيدة وفتحته وخرجت . كريه ، كريه ! من المؤسف ان الحادث لم يقض عليه كليا . ولكي لا تعود اليه لتأخذ الصينية ، تدبرت في ايجاد ممرضة اخرى غيرها لتنوب عنها ، ولكنها حذرتها من هذا الذئب المفترس . - لقد اوقعك ، هيه ؟ هذه هي مفاجآت غرف الذكور . و لكن اذا تجرأ و حاول ان يتخطى الحدود سيذوق صفعة لن ينساها هذا المغازل ! بالطبع لم تطق تارا صبرا لمعرفة ما يكون حصل بينها و بين اليوناني عندما ذهبت لتأخذ الصينية . سألتها و هي ترى هدوء الفتاة : - كيف كان ؟ - لم يتفوه و لا بكلمة واحدة . كان هادئا و بعيدا . تطلع في وتناول كتابا . قطبت تارا ما بين حاجبيها ثم قالت : - غريب جدا ... لم يتحايل على سو ايضا . - ربما وقع في حبك من النظرة الأولى . قالت الممرضة ذلك وخرجت تاركة تارا في حالة ذهول ... و سألت نفسها لماذا عدلت عن تقديم الشكوى ضد هذا اليوناني المغرم . التقت ديفد ذاك المساء وذهبا لتناول العشاء في مطعم رويال اوك . وكانت تارا وهي جالسة قبالة ديفد تقارن بين وجهه السمح و وجه اليوناني . وعبست لأن وجه هذا المخلوق يغزو افكارها ، و لكن ديفد لم يلحظ هذا العبوس في ضوء الشموع التي كانت تزين مائدتهما الا بعد ان رأى شرودها : - هل كان يومك شاقا في المستشفى ؟ الهذا تعبسين ؟ اومأت برأسها ، ثم سألها ثانية : - كيف كان اليوناني الذي تكلمت عنه ؟ آمل الا يكون قد تكلم معك بوقاحة كما تكلم مع سو. بلعت تارا ريقها بصعوبة وهي تتساءل كيف يكون رد فعله اذا قصت عليه حادثة الصباح ، ولكنها كانت خجلة متضايقة من نفسها لاقتناعها بأنها لم تخلص للشخص الذي تحبه . ربما كان يجب عليها ان تقاوم بقوة اكثر وان تطيل مدة مقاومتها . ربما كان بوسعها ان تمنعه من معانقتها بالمرة . و بان لها ضعفها في استسلامها بتلك السهولة . نعم ، كان عليها ان تقاوم ، و لا غرابة اذا هي شعرت بالذنب . ذكرها ديفد بأنها لم تجبه على سؤاله بعد . نظرت اليه وأملت الا يكشف ضوء الشموع عن تعابير وجهها . - كان مزعجا بعض الشيئ . كانت تعرف ان هذا الوصف أبعد ما يكون عن الحقيقة ، ثم اضافت قائلة : - انه مريض وسيئ الخلق . كلمتك عن هذا النمط من قبل . - من المؤكد ان مسلكهم يؤثر على الاعصاب . هل ما زال في المستشفى ؟ - رحل بعد الغداء . سألها مقطبا : - هل ودعك ؟ - كلا ، لم افكر فيه مطلقا . لم تذكر لديفد انها سعت جهدها كي لا تكون في طريقه ساعة رحيله . - تخلصتم منه اذن ! اتعلمين حبيبتي ، سأسعد كثيرا اذا تركت عملك بعد زواجنا . - نعم ، ولكن بعد زواجنا بفترة قصيرة . اصبر قليلا يا ديفد لأن علينا تأثيث بيتنا وأقتناء اشياء اخرى قبل مولودنا الاول . قال مبتسما : -هذه فكرة حسنة ، و نحن متفقان على ان الأم تلزم بيتها لأجل اولادها . في صباح اليوم التالي اتى البواب بباقة فخمة من الورد و قدمها لتارا مهنئا اياها على حظها السعيد . - انها جميلة حقا ، ولكنها ليست لي ، و ربما ارتكبت خطأ بتقديمها لي . فكرت ان الباقة أرسلها احدهم الى مريض عزيز عليه ، وطلبت ان تقرأ البطاقة . وتناولت الباقة التي كانت مكونة من حوالي ثلاثين وردة يربطها شريط فضي . نظر البواب الى تارا مبتسما و هو يرمقها باهتمام جديد : - انها لك . ارسلها معجب اسمه ليونيدس . ليونيدس ... توترت اعصابها . انه اليوناني ! يا لجرأته ! احمرت من الغضب وكادت تمزق البطاقة لولا وجود البواب الذي كان ينتظر ردة فعلها . قالت و هي تحاول ان تبدو طبيعية : - شكرا يا بيل ، هذا من مريض يريد ان يعبر عن شكره ، و لكن لا يجب ان يبذروا مالهم بهذه الطريقة . رغم ان نيتهم حسنة . قال بيل بفتور : - طبعا ، لكنها تساوي ثروة . و رغم غليان الدم في جسمها لم تجرؤ تارا على رمي الباقة في القاذورات . أغراها جمالها فأرادت ان تعتني بها وترتبها في وعاء كبير . و زادت من رونقها عندما قطفت أورقا خضراء من حديقة المستشفى و رتبتها حول الورود . كان الجميع يريدون معرفة اسم من ارسلها و لمن ارسلها . لم ترد تارا ان تكذب . ولكنها ايضا لم تكن تنوي ان تكشف عن مرسلها اليوناني الذي سمع عنه كل نزلاء المستشفى منذ ان اذاعت سو اخباره على الملأ ، فقالت ان البواب أتى بها و ان البطاقة ضاعت . و بالفعل رمتها تارا في صندوق الزبالة . قيل لها فيما بعد انها مطلوبة على الهاتف وكان المتكلم ليونيدس بتريدس . سألها اذا احبت الورود . فأعادت السماعة الى مكانها فورا ، و لكنها بدأت تنتفض . ماذا يجب ان تعمل ؟ ترددت في السابق بين ان تطلع خطيبها او لا تطلعه على الامر . ولكنها حسبت حساب للنتائج ، وكان هذا خطأ منها لأن خطيبها أول من تلجأ اليه في الصعوبات او كلما احتاجت الى مساعدة او نصيحة . لذا قررت ان تتجاهل اليوناني اذ انه سرعان ما سيمل من هذه السخافات . ولكن بينما كانت تترك شقتها ذلك المساء في مبنى الممرضات الجديد وهي في طريقها إلى محطة السيارات رأت نفسها وجها لوجه معه . صرخت في وجهه قبل ان يتكلم : - اذهب عني ! واذا تابعت مضايقتي فسأطلب الحماية من الشرطة ! قال مشيرا الى سيارة بجانب الرصيف : - انسي هذا . ادخلي و سنتكلم بهدوء ، و لن يكون جوابك رفضا يا تارا . و لما حاولت ان تقاطعه اضاف : - يجب ان نتكلم ، اتفهمين ؟ تلاقينا في الحياة وليس من السهل ان يختفي احدنا عن الآخر . لذا ، ارجوك ، ادخلي السيارة و ... - هل تفترض انني ذلك النوع من الحمقى ؟ ولما حاولت ان تبتعد عنه اعترض طريقها و أوقفها . دارت بنظرها حولها لعل احدى الممرضات تراها من احدى النوافذ الكثيرة في المبنى . - مالذي يجعلك تعتقد اننا يجب ان نتباحث ؟ هذا شيئ لا اتصوره. ارجوك ، دعني اذهب . يجب ان استقل السيارة ! - اين وجهتك ؟ كان صوته خافتا و لكن فيه وقاحة . - انا اوصلك . قالت حانقة : - خطيبي ينتظرني ، لذا فابتعد عن طريقي . - خطيبك ! نظر الى وجهها الجميل الذي زادت من جماله هالة من الشعر الذهبي ، بتسريحة طويلة ذات اطراف متموجة كأنها ترفض ان تكون ملساء مثل باقي شعرها . وكانت خصلة تتوج جبينها العريض الذكي وتتموج الى ان تصل صدغها . - خطيبك ... ؟ انت مخطوبة و ستتزوجين ؟ كان صوته اجوف و حيرها هذا التغير المفاجئ فيه . - نعم . اجابته بكلمة واحدة فقط وشعرت كأنها ضربت انسانا في صميمه و آلمته . - و الآن يا سيد بتريدس ، ارجوك ان تدعني أمر . فان سيارة الباص قد تأتي في اية لحظة ... ها هي قد اتت ، يجب ان اذهب . - كلا ! كان صوته آمرا و وجهه قاسيا كوجه وثني . واضاف : - سأوصلك انا بنفسي . حاولت الافلات منه ولكنه بقي في مكانه يسد عليها الطريق . و نظرت الى الباص وقد مر عنها ، فقالت يائسة : - أرأيت ؟ هاقد ذهب . سيقلق علي خ ... خطيبي . اوه ، لماذا تضطهدني هكذا ؟ - الم تحزري ؟ - أحزر ؟ هزت رأسها و هي اعجز من ان تفكر في اي شيئ سوى ديفد الذي ينتظرها عند موقف الباص . واضافت مستوضحة : - احزر ماذا ؟ - انسي ما قلته . ادخلي السيارة الآن و سأقودك الى خطيبك . اقتنعت اخيرا بصدق كلامه . ودخلت السيارة . - حسنا سأدخل . لم تطق لمسة يده و هو يحاول مساعدتها في دخول السيارة ، حيث جلست جامدة تتوجس شرا وتشك في انه سيوصلها الى خطيبها . لماذا وثقت فيه ؟ الم تختبر معاملته لها ؟ - اريد ان اتكلم معك يا تارا . هل انت مستعجلة حقا للقاء خطيبك هذا ؟ - انه ينتظرني عند موقف الباصات . - اذن لدينا بعض الوقت لألحق بالباص . قال ذلك و اندفع بسيارته فدخل شارعا تزينه اشجار على جانبيه . كان الوقت غسقا في اول ايام شهر نيسان ( ابريل ) . و بدأت ترتجف و لكنها لم تصرخ اذ انها لم ترى فائدة ترجى من احتجاجاتها . وتوقف ليونيدس بتريدس على بقعة خضراء بجانب الطريق . تمهل قليلا ، ثم نظر اليها وقال : - انك لن تتزوجي خطيبك الذي تتوقعين ان تلتقي به . خطيبك ليس من نصيبك . - ماذا تقول ؟ انت لا تعرف خطيبي . و في اعتقادي انك معتوه . آه ، كان يجب ان اطلب حماية الشرطة منذ البداية . تطلع فيها بدهشة بريئة وسألها : - ماذا عملت ؟ - عانقتني بالقوة و أرسلت لي زهورا واتصلت بي هاتفيا ! و الآن اجبرتني على دخول سيارتك ... خف صوتها و هي تلفظ العبارة الأخيرة عندما رأته يبتسم . - هل تفترضين ان مثل هذه الاشياء ستقنع الشرطة لتقوم بحمايتك ؟ انا لم اجبرك على دخول السيارة يا تارا . انت دخلتها باختيارك ، وسأفي بوعدي و آخذك الى خطيبك ولكن بعد ان نتحادث . إلا اننا لن نصل الى نتيجة اذا بقيت متمسكة بادعاءاتك ضدي . لذا انصحك اذا كنت فعلا تريدين ملاقاة خطيبك ان تكوني اكثر تفهما ريثما نناقش اقتراحي . - اقتراح يا سيد بتريدس ؟ - ليونيدس ... كما هو مكتوب على البطاقة التي كانت مع باقة الورد . واصدقائي ينادونني باسم ليون فقط . كانت جلسته جانبية ولذا كان أسهل عليه ان ينظر اليها مباشرة . - بما اني لست صديقة لك و لن اكون ، فسأناديك سيد بتريدس و اكون ممتنة اذا ناديتني بالآنسة بنيت . و اقتراحك هذا ، اذا رأيت من الضروري ان تعرضه علي ، فأرجوك ان تسرع بعرضه و تأخذني بعدها الى خطيبي . ورغم انها تتكلم بهدوء كان قلبها يخفق بسرعة . رأت نفسها في عالم كله ظلام حيث تنتظر المجهول او القدر . و بالفعل نزل القدر وتكلم : طلب اليوناني منها ان يتزوجها . عندما تذكرت هذا فيما بعد و هي صافية الذهن انقشع عنها ذلك الضباب الذي كان يلفها و هي في السيارة . عندما تقدم بطلب يدها و هي تنظر اليه مبهوتة سألت نفسها لماذا لم تقفز من السيارة وتهرب . شعرت في حينه كأنها فريسة لتأثيره ذي القوة المغناطيسية التي سمرتها في مكانها وأرغمتها على سماع حديثه . أكد لها انه يسعدها بحياة هنيئة في فيلا بيضاء و زرقاء على جزيرة هيدرا في اليونان . و انه سيكون لها خدم و مصروف جيب يزيد عن حاجتها . ولم تحاول مطلقا ان تقاطع كلامه الذي كان ينساب من فمه بسهولة مدهشة وكان أشبه بقصص الخيال . انها تحلم وتهذي . هذا لا يحدث في الحياة الحقيقية . انهى كلامه و انتظر ردها عليه و لكنها بقيت حالمة . - لم تقولي شيئا بعد يا تارا . نظرت اليه و تأملت وجهه فرأت دلائل العزم في كل تقاطيعه و شعرت بقوة عينيه التي تؤثر في الناس وترغمهم على الخضوع لرغباته . تكلمت بسرعة لتظهر له انها لم تقع تحت سطوته : - اني سأتزوج من ديفد خلال ثمانية ايام يا سيد بتريدس . - ثمانية ايام ! تفرس فيها بعينيه السوداوين . ودفعتها غريزتها الى وضع يدها على عنقها دفاعا عن النفس . من المؤكد ان هذا الرجل يريدها الى درجة انه عرض عليها الزواج مستثنيا اياها من بين كل النساء اللواتي يعرفهن . و للوصول الى مراده قد يفعل اي شيئ ، وراودها الشك في انه سيقتل خطيبها . ورسخ شكها في ذهنها عندما قال : - لن تتزوجي من احد غيري في ثمانية ايام . استولى عليها خوف غامر مدها بالشجاعة الكافية لتقفز من السيارة وتركض بسرعة دون توقف الى ان وصلت الطريق العام . لحق بها ولكن في الوقت الذي استغرقه ليغير اتجاه السيارة ويصل الى الطريق العام كانت تارا قد اختفت داخل حرش مجاور حيث قبعت بين الاشجار و انتظرت الى ان رأته يتجه بسيارته على طريق الباص . ******************* 2 - عروس في المرآة وقفت تارا وهي لابسة فستان العرس الابيض مع سو التي ستكون لها وصيفة الشرف و اخذت هذه الاخيرة الفستان فوجدته في منتهى الكمال . - كم جميلة انت في هذا الفستان ! لم أرك أجمل من اليوم يا تارا ! توردت وجنتا تارا لهذا الاطراء وشعرت بسعادة لا توصف . اليوم ستكون العروس المحبة لشخص يحبها و ينتظرها ليعلن انه لها وأنها ستكون زوجته الى الابد . كانت واقفة امام المرآة وتنهدت : - اوه ، اليوم انا اسعد من يكون ! بعد ساعة و نصف سأصبح السيدة ديفد روثويل . وفجأة جمدت في مكانها . ولم تعد ترى أو تعي شيئا غير وجه اسمر اللون لشخص يقف امامها ... واخذ اسمه يطن في اذنيها ... " ليون بتريدس " يتبعه لقب " السيدة ليون بتريدس " ... قد يكون اسمها لو قبلت به . - تارا ، مابك ؟ كان صوت سو مفعما بالقلق و الذهول و لكنه ازال الطنين من اذني تارا . - كان مظهرك مظهر أسى ! اي انك بدوت حزينة ... نوعا ما . - كيف تتكلمين هكذا ؟ كان صوتها شبه مخنوق الا انها حاولت تغطية ما حل بها و قالت : - انا اسعد فتاة في العالم ! لكن فكرها اتجه الى ذلك اليوناني الذي اتى ورآها في اليوم الثالث بعد هربها منه . كان ذلك عندما خرجت ذلك المساء مع ديفد و اوصلها في آخر السهرة الى مبنى الممرضات في المستشفى . وقفت تارا عند المدخل واخذت تلوح له بيدها مودعة . و بعد ان اختفت سيارة ديفد عن الانظار وارادت ان تدخل وجدت نفسها فجأة بين ذراعي اليوناني الذي لم يمهلها حتى لتتنفس ، اذ هجم عليها يعانقها بعنف . عادت هذه الذكرى اليها وهي واقفة امام المرآة في فستان العرس . و اصابها الخجل من نفسها لأنها قصرت في اخلاصها لديفد . فهي لم تصرخ بعد ان هدأ جنونه وابعدها عنه قليلا و اخذ يتفرس في وجهها على ضوء المصباح الكهربائي . لم تستطع الهرب لانه كان ممسكا بها . لكن لماذا لم تصرخ ؟ * * * بدا ديفد مجرد ظل غير واضح . طلب ليون بتريدس ان تتفوه باسمه فاطاعته على الفور ، و قال ان القدر جمعهما فوافقت ، وطلب اليها ان تفسخ خطوبتها مع ديفد فوعدته بذلك . كانت هجينة بين يديه ، بين يدي هذا اليوناني الذي انحدر من الاساطير الاغريقية ... برز القمر و اضاء وجهها وسمعت اليوناني يهمس في اذنها : - انا سيدك . انا امتلكك روحا وجسما . ستأتين الي . ستكونين امرأتي . و سنكون سعيدين الى الابد . وستسحرك جزيرتي يا تارا . جزيرتي بلا طرق و هذا يعني بلا ضجة . وعندما تقفين امام الفيلا سترين الجبال والوديان و البحر الازرق الهادئ امامك وعن يمينك و عن يسارك . ستزين الزهور شعرك و المجوهرات عنقك . انحنى ليعانقها فرفعت وجهها اليه و عانقته ، وبعدها رجته كي يدعها تذهب و اعطته وعدا بانها ستكون زوجته ... أتى الصباح و أتى معه الاحساس بالعار و مرارة الحقيقة . ارادت ان تبكي ندما على ضياع براءة نفسها ... ارادت ان تطلب العفو باكية لأنها فقدت قدسية قلبها التي كانت تسحر خطيبها ديفد و هو يناديها " يا طفلتي العزيزة " . لم تعد تلك الفتاة الخجولة ... خدرها اليوناني بألاعيب حبه الماكرة و لكنها ما زالت تكرهه كرها عميقا . لماذا القى بها القدر بين مخالب هذا الغريب ؟ لعنت تلك الساعة التي قذفت فيها القدر باليوناني الى حياتها ، بعد ان كانت تحيا حياة هدوء و براءة ، وبعد حب ناعم لا اثارة فيه لكنه مع ذلك زمالة كله عطف وحنو و رقة . اتى هذا اليوناني بحب هائج كالعاصفة لا حدود لقدرته في اثارة العواطف و نبضات القلب . حب اكتسح كل شيئ امامه وحرمها من كل شيئ الا من لذة الساعة . و بالرغم من كل ذلك حاولت تارا ان تبعد اليوناني عن ذهنها . و لتنجح في ذلك طلبت من ديفد ان يأتي اليها كل مساء ليصطحبها معه و يعيدها الى شقتها في المستشفى حيث كان ينتظر الى ما بعد دخولها . اتصل بها ليون واتفقا على موعد للقاء في أحد فنادق المدينة و لكنها لم تذهب . و كانت قد طلبت من عاملة الهاتف الا توصله بها و ان تقول له انها في العمل او في الخارج او اي شيئ آخر ... لأنه كما قالت لها يضايقها كثيرا . واقترب يوم عرسها دون ان تقابله و لا مرة واحدة . وشعرت بالأمان و الاطمئنان و مضى بعض الوقت قبل ان يخبروها بوصول التاكسي . افاقت تارا من هذه الذكريات على صوت سو . وتناولت باقة القرنفل الابيض والزهري . و من تقاليد الزفاف ان يصطحب العروس من البيت الى مكان عقد القران والدها او صديق للعائلة . و كان سيرافق تارا صديق يسلمها الى عريسها عند المدخل . دخلت تارا التاكسي و اخذت مكانها بجانبه وكان يبتسم لها . وعندما نظر اليها جايك هتف باعجاب : - ما شاء الله ! جميلة ! ... ان ديفد محظوظ ! و لكن لماذا لم اسبقه و احظى بك ؟ قال ذلك مازحا وضجك كلاهما . و كانت سعيدة . فقد ابعدت ليون عن تفكيرها و تطلعت الى هذا اليوم الجميل و الى شهر العسل بعد حفلة الاستقبال في فندق غولدن لايون . و اثناء الطريق لاحظت تارا ان التاكسي كان يتمهل في سيره و لفتت نظر جايك الى ذلك . فقال ان السائق ذكر له ان في المحرك بعض الخلل . و لكنه طمأنها الى انهما سيكونان هناك في الموعد المحدد . ولكن بينما هم في الطريق اهتزت السيارة مرتين او ثلاثا ثم توقفت . قلق كل من تارا و جايك لهذا الطارئ . و اتى السائق و فتح الباب بعد ان تفحص المحرك وقال معتذرا ان فيه عطلا و سيفحصه ثانية . تفرست تارا في وجه الرجل و قد لفتت طريقة لفظه انتباهها . لغته الانكليزية ممتازة ولكن فيها لكنة غير انكليزية تماما . شعره اسود كعينيه وجسمه برونزي اللون . من اي بلد هو ؟ ان بريطانيا تعج بالاجانب و من الصعب معرفة اصلهم - لا تقلقي . اذا لم ينجح في اصلاح العطل فنستطيع ان ناخذ سيارة اخرى . قال جايك ذلك ليطمئنها . و بالفعل اسرع سائق السيارة بتأمين تاكسي آخر . و اسرعت تارا في الانتقال من التاكسي الاول الى الثاني لأنها لا تريد ان تتأخر عن الوصول الى المعبد عند الوقت المحدد تماما . لم يتحرك سائق السيارة الثانية من مكانه . فأسرع سائق السيارة الاولى بفتح الباب لتارا تدخل وتحتل مكانها . و فيما هي تنحني لتدخل دفعها السائق الى الداخل و اغلق الباب بسرعة . و اندفعت السيارة بها كا البرق الخاطف . مضى بعض الوقت قبل ان تعتدل في جلستها وترتب ثوبها و تنتبه الى ان جايك لم يكن معها في السيارة . نبهت السائق و قالت له : - نسيت السيد الذي في رفقتي ... - اجلسي و استريحي يا تارا . الطريق امامنا طويل . كان صوت السائق هادئا ، بطيئا جعل قلب تارا يخفق بسرعة خشيت معها ان يقفز من صدرها . واحست بدوار في رأسها . -قف ، قف حالا . انزلني الآن . انزلني ! نزع بتريدس القبعة عن رأسه ومسح شعره بيده ، ثم قال : -قلت استريحي . سأسرع كثيرا وعليك الا تفتحي الباب . -سأفتحه . سأفتح النافذة و اصرخ . كانت السيارة تسير بسرعة ستين ميلا في الساعة . و اخذ دماغ تارا يعمل بسرعة علها تجد وسيلة تخرجها من هذا المأزق . عرفت الآن انها أكثر حماقة مما تصورت . فقد اطمأنت الى انها تحايلت على هذا اليوناني وتخلصت منه اخيرا و لم يخطر ببالها أنه سيلجأ الى هذه الوسيلة الجهنمية . - لن تفلت من هذا ابدا لأنهم يكونون قد اتصلوا بالشرطة الآن و من المؤكد ان شريكك موقوف . أجابها ليون : - يا عزيزتي ، انت لا تعبرين الا عن أمنية . ان الرجل الذي ساعدني كان موظفا عندي و ارسلت في طلبه منذ بضعة ايام ليساعدني على اختطافك بعد ان تأكد لي انك تراجعت عن وعدك بالزواج مني . والآن ساصطحبك الى بلدي اليونان . و يكون مساعدي قد اختفى عن الانظار قبل ان يفطن صديقك الى المؤامرة وسيكون في انتظارنا على زورقي في بريدبورت . - زورق ؟ أنت تأخذني الآن الى زورق ؟ لم تتأكد أنها سمعت صوتها . نظرت الى باقة الزهور التي في يدها و لم تتمالك من البكاء . توسلت اليه ان يدعها و شأنها : - ارجوك ارجعني . ماذا تتوقع من اختطافي ؟ لا ادري ما الذي ستربحه ! سيلقى القبض عليك و سترسل الى السجن . ألست خائفا ؟ - هل يبدو علي الخوف ؟ سألها ساخرا ، ثم وجه اليها سؤالا كان هو الجواب : - تسألينني ماذا سأربح . زوجة ، اسمها تارا ، تلك الفتاة التي وعدت و التي تراجعت عن وعدها . صوته ناعم ، لطيف يخفي وراءه غيظا شديدا و غريزيا . سرت قشعريرة برد في جسمها . - لن اتزوجك ابدا ، ابدا . ولن تمنعني اية قوة من زواجي بديفد . كانت غاضبة و خائفة . و هذا الاجنبي ؟ كان هادئا و واثق من نفسه غير عابئ بالجريمة التي ارتكبها ... وكان صمته يثير حقدها عليه . - انت مجنون ! لا تستطيع اخذي الى اليونان بدون ارادتي ! كيف ستأخذني الى هناك ؟ لا توجد اية وسيلة . قالت ذلك في محاولة يائسة لتعطي نفسها بعض الثقة . وكانت تشك بذلك منذ البداية . - قلت اننا سنستقل زورقا . و آمل ان تعودي الى رشدك و انت على الزورق . و الا سأسجنك في غرفتك و اقفل عليك بالمفتاح و لن تخرجي منها الا في نهاية الرحلة . زاد من سرعة السيارة الى ثمانين ميلا ، و اضاف : - القدر جمعنا و القدر لا يحارب يا تارا . لأن ذلك كان مكتوبا قبل ولادتنا . - تتكلم كالأحمق ! - و انت تتكلمين بدون تحفظ . أحذرك من ذلك لأني لا أقبل ان يكلمني احد بدون احترام . صرفت اسنانها و انساها غضبها كل شعور بالخوف . فقالت : - اذا اعتقدت اني سأحترمك فانك احمق ... ابله ! من يحترم مجرما ... مختطفا ؟ - امرأتي ستحترمني كما يحترمني كل من له علاقة بي . سألته بفضول : - و من عساك تكون ؟ - زوجك ... و سيدك . ودت لو تضربه لو ان ذلك لا يعرض حياتها للخطر . فأخذت تفكر في طريقة للخلاص ... آه ، وجدت الحل و خفق قلبها لهذه المفاجأة . صرخت بانتصار : - جواز سفري ! كيف تخرجني بلا جواز سفر ؟ كان النصف الآخر من عبارتها خاليا من الحماس لأنها في الوقت نفسه رأته يخرج شيئا من جيبه و يلوح به في وجهها . - انت ... سرقته ... و لكن كيف ؟ - مساعدي ، سائق التاكسي ، تسلل الى غرفتك بسهولة كبيرة كما قال . اعاد ليون جواز السفر الى جيبه وزاد من سرعة السيارة . و رأت الشجر يركض الى الوراء بسرعة شديدة . وكانا الآن يقتربان من مصيف بريدبورت الجميل . لكنها ستهرب و أملها ان تجد طريقة ما . اذ كيف يستطيع ان يحملها على الصعود الى الزورق بالرغم منها امام الناس ؟ |
3 - سجينة اليخت
كان الوقت ليلا عندما وصلا الى الميناء ، و قبل ان تدير تارا رأسها لترى ما حولها وضع احدهم يده على فمها و دفع بها الى قارب صغير لنقلها الى يخت اليوناني . طار مشروعها بالاستنجاد بالناس و طارت معه آمالها . و مما زاد في يأسها المعاملة الخشنة التي لقيتها و هي تنقل من السيارة الى القارب الصغير ثم الى اليخت . واخيرا الى غرفتها . اخذت تتفحص الغرفة . فوجدتها مصنوعة من الخشب التيك الرقيق و كانت تسمع من خلاله اصواتا مكبوتة . كان ذلك هدير الآلات و المحركات . وكان ليون قد ذكر لها ان في اليخت سبع غرف او قمرات بالاضافة الى شقة لطاقم الملاحين . اما شقة صاحب اليخت فهي مجهزة و مفروشة بأحسن ما يجده الانسان في ارقى الفنادق . غرفتها لا تشبه غرفته طبعا الا انها مزودة بخزانة للثياب و بزاوية لطيفة للزينة . كان الفراش ناعم الملمس عليه غطاء من الحرير فوق حرام أزرق . جلست تارا على السرير و الدموع تسيل من عينيها . واخذت تتحسر على ما فاتها من سعادة بسبب هذا اليوناني الضاري الذي اوقعها في قبضته . و لولاه لكانت الآن زوجة سعيدة تمضي شهر العسل في فندق مريح . لم تكف عن البكاء و لكنها عادت الى افكارها السابقة . ماذا جرى ياترى بعد ان اختفت ؟ بالطبع اول ما يقوم به جايك هو الاتصال باقرب مقر للشرطة . وتقوم الشرطة بالبحث عنها فلا تجدها ، و لن تجدها . و كيف سيجدونها . لن تفكر الشرطة ان هناك صلة بين اختفائها و بين مالك اليخت كاتانا الراسي في ميناء دورست . تذكرت تارا اول مقابلة لها لليوناني في غرفتها بالمستشفى ، وعضت اصابعها ندما لأنها لم تخبر ديفد بمعاملته لها ، و بما انها لم تطلع اى انسان على علاقتها به فلن يذكر اسمه في تحقيقات الشرطة . هذه نتيجة حماقتها . كانت لديها كل الاسباب لتشكو منه و مع ذلك احتفظت بها سرا . فتح الباب و رأت ليون واقفا في المدخل متكئا بيد على دعامة الباب و اليد الاخرى في جيبه . كان وجهه مشرقا بابتسامة ساخرة و وقفته وقفت انتصار و تحد . الا انها كانت ايضا وقفة ارستقراطية ، يونانية ، وثنية . كانت عيناه السوداوان تتحركان ببطء و بوقاحة و هما تتفحصان الجالسة على السرير في ثوبها الابيض . كان منظرها من سخريات القدر مضحكا و مبكيا في آن . - من المؤسف انه لا يوجد كاهن ليقوم بمراسيم الزواج . خاصة و انت جاهزة لمناسبة كهذه . كان تعليقه فيه تهكم آلمها ، لكنها امسكت عن البكاء . و احتارت بين ان تتهدده او تتوسل اليه و لما رفعت نظرها و رأت سحنته المتحجرة ادركت تفاهة محاولتها . فهمست سائلة : - ما هي نيتك تجاهي الآن ؟ فقط لو تكف عيناه عن التطلع فيها بسخرية . ضحك قليلا ثم تكلم بجد : - هذا سؤال سخيف يا عزيزتي . نواياي تعرفينها جيدا ... هذه اول مرة تكون نيتي فيها شريفة حقا : اني اريد ان اتزوجك . كان و هو يتكلم ينظر الى وجهها الجميل و رأسها المنحني و قوامها الرشيق و يديها اللتين كانت تفركهما بعصبية . - يجب ان تفخري و تشعري بالسعادة لا ان تكوني بائسة حزينة كأن مأساة حلت بك . و فجأة تحول صوت الغريب الى لهجة فيها شدة وعزم و شيئ من الحدة : - هل تريدينني ان ارغمك على الابتسام ام انك ستبتسمين طوعا ؟ كان جوابها دموعا تسيل بغزارة : - ارجوك ، دعني اذهب . اتوسل اليك ، ! ارجعني ، ارجوك ! ارجوك ! أتعيدني الى البيت اذا وعدت ب ... بعدم ابلاغ الش ... شرطة ؟ - هل قمت بهذه العملية الخطرة حتى تأتي انت و تقنعينني بان اعيدك ؟ - الا قلب لك ؟ كنت على وشك الزواج ... و الذهاب الى شهر العسل . كن رحيما معي و دعني اعود الى الرجل الذي احب . قالت هذا و يداها مضمومتان و مرفوعتان امام وجهها تتوسلان . عبثا حاولت . ظل واقفا غير متأثر بتوسلاتها و كانت عيناه تنظران اليها بلا شفقة و لا تتحركان . تذكرت كيف سحر عينيها في احدى المرات بجاذبية مغناطيسية و جعلها تخضع لارادته . - تعتقدين انك تحبين ذلك الشاب ، ولكني اؤكد لك عكس ذلك . و ان زواجك سيكون نكبة عليك . انا انقذتك و ستشكرينني يوما على ذلك . قالت بصوت تخنقه العبرات : - لن اشكرك ابدا . من اين لك الحق ، انت الغريب ، تتدخل في حياتي ؟ - لن اتدخل في حياتك فقط بل سأتحكم بها ايضا . صدمها هذا القول . من هو حتى يعين نفسه طاغية على الغير ؟ ثار فيها شعور بالغضب نسيت معه خوفها و بؤسها و أملها الضائع . - اخرج من هنا و اتركني وحدي ! اخرج و لا تعد مرة اخرى ! و لكنه على العكس مما كانت تأمل ، اقترب منها و تناول يدها . - فيك جرأة و انا احب المرأة الجريئة . و لهذا السبب افضل الانكليزيات على اليونانيات اللواتي تعلمن ان يكن متواضعات . شد على يدها بقوة عندما حاولت سحبها من يده و هو يتكلم . - الا انه لا يجب ان تظني اني سأمنح امرأتي الحرية بأن تتعدى المعقول في كلامها و مسلكها . و الرجل اليوناني سيد في بيته و انا يوناني . لم يعجبه انها لم تكف عن البكاء . قال : - آمل انني اوضحت الامور الآن . رفعت نظرها اليه . كانت شاحبة اللون و اتخذت وضع كرامة و احتشام لعل ذلك يؤثر فيه اكثر من اوضاع الغضب و البكاء . أجابت : - كل التوضيح ، و بما اني لست امرأتك فان التقاليد اليونانية لا تعنيني . ضحك مرة اخرى . اوقفها على رجليها و جذبها نحوه ثم رفع وجهها اليه . توترت اعصابها و لكنه انحنى ببطء و عانقها بليونة . - يمكنك ان تستمري في النظر الي بغضب و لكن غضبك سيتحول الى رضى بعد لحظة . كادت تبصق في وجهه . - الى رضى ! آراؤك بشخصك متكبرة ! - علمتني خبرتي معك اكثر مما توقعت انك ستكونين رفيقة مذهلة في الليالي . نسيت موقف الكرامة الذي ارادته لنفسها و تملكها غضب شديد لحقيقة ما نوه به . - اتركني ، و الافضل ان تتركني لأنني لن اكون امرأتك ، ابدا ! - ستكونين لي لأنني مصمم على ان تكونين لي يا تارا ، بزواج او بغير زواج . لذا من الانسب ان تتقبلي ما هو محتوم . وعلى هذا طوقها بذراعيه في عناق . * * * * * * - نعم ، من المحزن عدم وجود أحد لعقد قراننا . - ان وجد احد ام لم يوجد عندي سيان . لن اتزوجك . - لن يفيدك عنادك . - ... الذين سيخدمونك سفلة مثلك . - لي بينهم اصدقاء . صدقيني ، سنتزوج . - يعني ذلك انكم ستجرونني الى المعبد بقوة السلاح ؟ - لن نحتاج الى هذه المسرحية . - كيف ستجبرني اذن ؟ وجهت اليه هذا السؤال و هي تحاول ان تتصور ما يحدث الآن هناك في المستشفى . و في بيت ديفد الذي لابد ان يكون غارقا في حزن عميق . و في والديه اللذين احباها و احبتهما و في اخته ماري التي كانت بمثابة صديقة لها . تصورت الفوضى التي تكون قد دبت في المعبد حيث المدعوون في انتظارها ، و فكرت بموقف جايك الذي كان مؤتمنا عليها ليوصلها الى عريسها امام المحراب . و مرة اخرى لعنت تارا نفسها لأنها لم تخبر انسانا عن مضايقات اليوناني و تحرشه بها . - اذا رفضت الزواج الشريف فستكونين امرأة غير شرعية . لم تجب بشيئ لأنها فطنت الى فكرة ربما كانت دخانا في الهواء و لكنها قد تنفع . - اعتقد انك ستختارين طريق الزواج لأنك من النوع الذي يرفض حياة الخزي و العار. - لن اكون لا زوجتك و لا شيئا آخر ! - كلام مدهش يطيره الهواء . انت في قبضتي و تعرفين ذلك . استطيع ان استولي عليك في هذه اللحظة بالذات . منتديات ليلاس جفلت من تهديده هذا . وترددت قبل ان تقول له ما في ذهنها . نظرت اليه و كان نظره مسلطا عليها يعريها من كل قوة . الا انها ستحاول ، فقد تنجح : - هل تعتقد فعلا انك ستنجو من العقاب لاختطافي ؟ الم يخطر لك اني اطلعت صديقاتي و غيرهن على علاقتك بي ومعاملتك لي ؟ ضحكت لتظهر له انها صادقة فيما تقول . واضافت : - كثيرون هم الذين يعرفون قصتك معي . خطيبي يعرف و بعض ممرضات المستشفى ، و ما على الشرطة الا ان تقوم ببعض التحريات لتتبع آثارك . و سيلقى القبض عليك حالما تصل الى اليونان ... ستحاكم وتسجن سنوات و سنوات ... وخف حماسها و هي تحاكمه و تسجنه سنوات و سنوات عندما رأته يبتسم لسذاجتها . و بلعت ريقها بصعوبة لتقديرها الخاطئ و فشلها في سبر اغوار هذا الرجل الخارق . قال مبتسما : - يا طفلتي الصغيرة ، انت شفافة كالزجاج . استطيع ان اقرأ افكارك ، اذ انك اخترعت كل هذا منذ لحظات . - انت مخطئ . كل ما قلته صحيح . انني احذرك و ستندم اذا لم تهتم بهذا التحذير ! - محاولتك هذه حسنة ، و لكن يبدو انك نسيت وعدك بألا تخبري الشرطة اذا انا اطلقت سبيلك . و وعدك لا يفيد بشيئ طالما الشرطة تبحث عني الآن . هذه هفوتك الاولى . اما الهفوة الاخرى انك كنت تتوسلين باكية كي اعيدك الى بيتك . فلماذا التوسل اذا كان الكل يعلم بأمري و الشرطة جادة في انقاذك ؟ لست تلك الفتاة التي تتوسل كالجبناء ... صرخت في وجهه : - لست جبانة ! و نظرت اليه كمن يحاول قتله . - كما قلت لك انت جريئة ولزمك الكثير لتتنازلي و تتوسلي الي . و ما كنت توسلت الي لو كنت تعلمين ان الشرطة تبحث عنك . - اكرهك . لقتلتك لو استطعت . - الآن فقط . اما في المستقبل فسأغيرك و ستختلفين عما انت عليه الآن . اطبقت فمها و ادارت وجهها عنه . ترك الغرفة ثم عاد بعد لحظات بثلاث علب من الكرتون وضعها على السرير و قال : - يجب ان تغيري ملابسك . لا تستطيعين التنقل في ثوب العرس . اتيت لك بثياب خارجية ارجو ان تعجب ذوقك و بملابس داخلية تعجب ذوقي . نظرت اليه حانقة . - انت ذهبت لتشتري ملابس ... داخلية ؟ ضحك و قال ان عملا كهذا ليس غريبا عنه . - صديقاتي يتوقعن مني هدايا كهذه ... أغلاها طبعا . رأى ان نظرة الاحتقار و الاشمئزاز كانت حقيقية في عينيها . و هذا اغضبه حقا و لكنه لم يفعل شيئا سوى ان يعض على شفتيه . - من الواضح ان نسوتك كثيرات . - عدد لا بأس به . الا تريدين فتح العلب ؟ - كلا ، لا اريد . مد يده و أمرها ان تفتحها . - لن افتحها . لا اريد هداياك ، كما تسميها انت ! خذها الى احدى صديقاتك . اغمض عينيه الى النصف و هددها قائلا : - أطيعيني . و اذا كنت تعرفين المزيد عني لن تنتظري طلبا ثانيا . - تعني أمرا ثانيا . - مزاجي لا يتحمل جدلا تافها يا تارا . افعلي كما اقول لك حالا . هزت رأسها رافضة . و لكنها خشيت موقفه الذي قد ينقلب الى غضب حقيقي . - لا اريد هدياك . و صرخت من الألم عندما لوى معصمها و صرخ فيها كالرعد : - افعلي ما اقوله لك و الا ارغمتك على ذلك و قد اؤلمك و اهينك . تأكدت تارا من حدة غضبه ، فاتجهت نحو السرير و فكت رباط احدى العلب و رفعت غطاءها . - اخرجي ما فيها . سيفرحك ذلك كثيرا . اخرجت رزمة في داخلها قميص نوم يبدو شفافا او شبه شفاف . و رمت بالرزمة على السرير ثم التفتت اليه و الدموع تملأ عينيها . - دعني اذهب . لم اتسبب لك في اي اذى ، لذا ارجوك ، اعتقني . كان يهز رأسه بالرفض حتى قبل ان تنهي كلامها . تملكها يأس شديد و غطت وجهها بيديها . و لكن قبل ان تبدأ بالبكاء رفع يديها عن وجهها و اخذها بين ذراعيه بشيئ من الحنان . - لا تكوني حزينة هكذا . صدقيني ، المسألة ليست بهذا السوء . اساس حزنك قائم على تفويت فرصة الاكليل عليك و حرمانك من الرجل الذي كنت ستتزوجينه . سيكون كل ذلك في خبر كان عندما نصبح زوجا و زوجته . و ستعرفين حينئذ انه مكتوب لي ان اكون زوجا لك و حبيبا. امال رأسها قليلا الى جنب و ربت خدها بلطف قائلا : - ابتسمي . لا يزعجني اكثر من منظر امرأة تبكي . افتحي الآن علبة ثانية ، و لكن افرغي ما تبقى في هذه . رأت تارا انه من الحكمة ان تطيعه . اخرجت ملابس داخلية و قميص نوم آخر و تنورة . و طلب ان تفتح العلبة الثانية ثم الثالثة .نثرت كل شيئ على السرير ، فكان هناك فستانان وتنورتان و ثلاث بلوزات و عدة ملابس للسباحة او الاستحمام على اليخت . و كل قطعة تحمل ماركات باريس . بعد ان انتهت من التأمل فيها نظرت اليه و قالت : - لا شك انك غني . - املك ما فيه الكفاية . - انك تملك اكثر من اللازم . اغضبه كلامها قليلا وحذرها قائلا : - انتبهي . حتى الآن تعرفين الجانب الصالح في ... ضحكت قائلة : - بل الاصلح ... ثم اضافت : - اذا كان هذا احسن شيئ فيك ارجو الا ارى فيك أي جانب آخر ! تقدم نحوها ببطء دون ان يرفع نظره عنها . فهمت حركته و تراجعت . - انت اردت ذلك . فإما ان اجعلك تفهمين او اني سأهينك . تناولها بين ذراعيه و ضمها بعنف و اعاد مشهد العناق بطريقة اسوأ من سابقتيها . كان فيها وحشية لم تعهدها فيه . قاومت بشدة و بقوة و لكن اين ضعفها من بطشه . و في النهاية كانت تنفذ ما يطلب منها لكن دون ان تتعدى طلباته حدود العناق . اشمأزت من نظرته المألوفة بعد كل عناق من هذا النوع ، اي نظرة النصر ، نصر القوي على الضعيف . وبالرغم من قهرها ظلت تغلي حنقا . وعضت اصبعه الذي كان مازال يلامس فمها . صرخ من الألم و اخافتها نظرته المستهجنة و حاولت ان تهرب الا انه امسك بها من شعرها و شدها كالوحش الى الوراء . و شعرت بألم شديد و صرخت هي الاخرى . - يالك من ... شقية ! سأكيل لك الصاع صاعين . وضع يده على عنقها و اخذ يضغط تدريجيا الى ان اتسعت فتحتا عينيها و بان فيهما خوف كبير . اكتفى بهذا و رفع يده عنها و قال بصوت هادئ : - هذا انذار فقط ضد اية محاولة جنونية اخرى مثل هذه . - اني اكرهك و سأقتلك اذا سنحت لي الفرصة . كان وجهها اقرب الى وجوه الاموات لخلوه من الدم اثر هذه المعركة . - جربي أحد الفستانين . قال ذلك و جلس على كرسي بجانب المرآة . - اذا كنت مرغمة على ان اجربه اتركني وحدي في الغرفة . - لماذا هذا الخجل و نحن مقبلان على الزواج بعد بضعة ايام ؟ - كلا ، لن تنجح في ارغامي على الزواج و لن يخاطر اي كاهن بذلك ! - قلت اننا سنتزوج في خلال بضعة ايام . جربي الفستان الازرق . احب ان ارى كيف تظهرين فيه . ظلت واقفة و في عينيها حقد ظاهر . - ماذا تجني من القاء الاوامر ؟ اخذتني من خطيبي و دمرت حياتي . لم تتم كلامها لأن البكاء تغلب عليها . - ليتني اموت ! دعني اذهب . لا تستطيع ان تتقبل امرأة تكرهك و تتمنى ان تراك ميتا عند قدميها ! - قلت لك ان شعورك سيتغير و لن تكوني كما انت الآن . مد رجليه الى الامام مشيرا بذلك الى انه باق ، ثم اضاف : - كفاك تفكيرا في الماضي . تطلعي الى المستقبل . ادارت اليه ظهرها و بدأت برفع فستانها . - ليس لي اي مستقبل و لا ارى نورا في حياتي و انا سجينتك . نهض و قال انه سيعود بعد خمس دقائق ليراها في الفستان الازرق . اقفل عليها الباب و سمعت اصواتا في الخارج . ربما كان يصدر تعليماته الى افراد اليخت اذ ان اليخت بدأ يتحرك . و رأت من كوة غرفتها ان اضواء الفنادق تبتعد الى الوراء . وخرج اليخت من المرفأ مما يدل على ان اجراء معاملات السفر قد تم . هذه لحظة انتقال بين ماضيها و مستقبلها و لحظة كئيبة في حاضرها . الا توجد وسيلة للهرب ؟ قد يأتي يوم تنجح فيه . و لكن قد يحدث الكثير الى ان يحين ذلك اليوم . و بدأت تبكي ، الا انها توقفت قائلة لنفسها ان البكاء لا يفيدها ، و استبدلت الدموع بالعزم على مقاتلته بكل الطرق الممكنة و في كل الظروف . و سيأتي اليوم الذي يلعن فيه الساعة التي جمعته بها . خلعت فستان العرس و وضعته على السرير. وقارنت بين شعورها منذ بضع ساعات مضت عندما لبسته بمساعدة سو و شعورها الآن و هي تنزعه . كانت حياتها هانئة سعيدة . كلها ورود . وجودها على زورق اليوناني الغريب لا يصدق ، و فوق كل ذلك هي سجينة . بينما يتخبط خطيبها في الظلام ليعرف ماذا حل بخطيبته . انه يلاحق الشرطة لتحل لغز اختفائها او يلوم جايك على إهماله . لكنها طردت من فكرها كل هذا و ركزت قواها جميعا على شيئ اكثر الحاحا : ايجاد طريقة للهرب . كانت ترتدي الفستان الازرق عندما عاد ليون الى غرفتها . تفحص كل شيئ فيه و وجده كاملا . - جذاب ! اللون يليق بك تماما و ينسجم مع عينيك . و الآن ضعي ثوب العرس جانبا و الى الأبد او يمكنك القاؤه في البحر . هزت رأسها رافضة : - كلا ! لن ألقيه . - اذن سأرميه بنفسي . اسرع نحو الفستان ، فستان آمالها ، و حشاه في احدى علب الكرتون وحمل العلبة . و قال قبل ان يخرج : - اظن انك جائعة الآن ، وسنتناول طعام العشاء في الصالون . ولكن اذا حدث ان ملت الى اثارة أحد مشاهدك الصاخبة فان بحارتي وكلهم يونانيون لن يصغوا الى تذمرك او شكواك حسب تعليماتي لهم . ولا تأملي في اية طريقة للهرب . - بل هناك طريقة واحدة ... اقذف بنفسي في البحر . قال ببرود مطلق : - سننتشلك ، و ان حاولت ذلك ، فسأصفعك . وبعد قليل سيأتي احد البحارة ليعلمك بموعد العشاء ، في حوالي عشر دقائق . اسمه كارلوس و سيرافقك الى الصالون . - لن اتناول اي طعام . - ستفعلين ما يقال لك . خرج غاضبا و اغلق الباب بالمفتاح . ************ يتبع... |
اختيارك للروايات راااائع هاي الرواية بتجنن وانا بمووووت فيها محتفظة فيها عندي وما ببدلها ههههههههه تسلم ايديك |
:flowers2:
اقتباس:
و أسعدتيني بمرورك يا قمر |
اختيار يجنن
|
الساعة الآن 08:02 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية