منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t191425.html)

Rehana 24-11-13 02:58 PM

33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...5296404431.gif


برج الرياح

للكاتبة: أليزابيث هنتر

من روايات عبير القديمة


الملخص

حين يفقد الطفل والديه... من يبقى له, من يأخذ بيده في الحياة , يعلمه ويربيه , من له الحق في تربيته: أهل أبيه أم أهل أمه؟
هذا ما حدث لألكسندر فبعد وفاة والدته الأنكليزية ووالده اليوناني, تنازعته عواطف خالته تشاريتي وعمه لوكوس , كل منهما يحس بالحق في رعايته.
لوكوس بعقليته اليونانية وشخصيته الطاغية يحاول فرض شروطه على تشاريتي التي حضرت الى اليونان لأعادة الطفل الى بريطانيا حسب وصية أختها.
لوكوس يرفض التخلي عن ألكسندر , تشاريتي تصر, فهل تقبل تشاريتي ما أشترطه لوكوس , أم تترك الطفل وتعود مع خطيبها الأنكليزي الى بلادها؟


الرواية للعضوة الغالية نيو فراولة..الى اتمنى انها تكون بخير

Rehana 24-11-13 03:00 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
الغلاف الاصلي

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...8529640452.jpg

فصول الرواية

1 - الو للو

2 - لا حزن بعد الآن

3 - المرأة المجهولة

4 - انت لا تحبني

5- الزوج المناسب

6- المساومة

7- القرار

8- إمرأة بيتي

9 - حفلة العرس

10 - خذني الى زوجي

11- الرهينة

12 - المصارحة

Rehana 24-11-13 03:24 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

1- أبوللو


أستيقظت العاصمة اليونانية أثينا لتوها بعد فترة قيلولة طويلة وبدأت الحياة تدب في متاجر سوق البلاكا واحدا بعد الآخر, وفجأة سكتت أغنية ذات نغمات حزينة آتية من المذياع , وتفرَقت السيدات متجهات الى منازلهن قبل الغروب , كانت الساعة الرابعة بعد الظهر,ولم يبق سوى أسبوع واحد حتى أعياد الميلاد ورأس السنة.
مالت تشاريتي آرتشر قليلا برأسها , وأخذت تنظر الى هيكل الأكروبوليس الذي بدا شامخا, بحيث يمكن مشاهدته من أي اتجاه, فيظهر فجأة في نهاية طريق, أو يطل عليك من فوق صف من المباني , ويذكرك دائما بأن تماثيل القدماء ما زالت تفرض حمايتها على المدينة, كانت تشاريتي مصممة على زيارة الأكروبوليس بمجرد الألتقاء بأختها واكتشاف ما حدث بالضبط.
كن ثلاث أخوات أطلقت عليهن أسماء فيث وهوب وتشاريتي ( ايمان, وأمل وأحسان) وهي أسماء كانت تسبب لهن الكثير من الضيق , تزوجت أختاها خارج أنكلترا منذ فترة طويلة , وظلت تشاريتي أصغر أختيها تقيم في منزلها لترعى والدها المحتضر ولتاكفح من أجل الأبقاء على منزل الأسرة , لأن أختيها أعتقدتا أنه قد يصبح مفيدا في يوم من الأيام عندما تكبر أسرتهما .

Rehana 24-11-13 03:25 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
تزوجت هوب من أمريكي وعاشت في مزرعة جنوب فيرجينيا , واستمتعت بحياتها هناك , أما فيث فكانت لها قصة حب رومانطيقية مع شاب يوناني غامض , ولم يزر أنكلترا أبدا منذ ذلك الوقت , وتساءلت تشاريتي كم من السنوات مرَت منذ آخر مرة رأت فيها فيث, ربما منذ خمس سنوات , لم يقطعها سوى بطاقات بريدية متفرقة ورسائل قليلة , كانت أحداها سبب مجيء تشاريتي الى أثينا , فلم تستطع أن تفهم لها أولا من آخر , ولكن ذلك لم يثر دهشتها , لأن فيث تحب الأشياء المعقدة بدون البسيطة , الغموض بدون الوضوح من أي شيء تفعله,أحد هذه الأشياء , أن تأتي بأختها الصغرى مهرولة من آخر أوروبا مع قليل من التوجيهات , ليس فيها توجيه واحد واضح , مثل المكان الذي ستقيم فيه أو مكان اللقاء!
سافرت تشاريتي الى أثينا في اليوم السابق , وهي التي لم تذهب في حياتها الى أبعد من فرنسا ومنذ بداية رحلتها لم تعرف لها رأسا من عقب , حتى حروف الكلمات كانت غريبة بالنسبة اليها , ولا تفهم معناها , وكانت تحمل عنوان الفندق الذي تريد الأقامة فيه والذي حددته لها أختها , ولكن يبدو أنه ما من أنسان يعرف أين يوجد هذا الفندق, توجه بها التاكسي الى فندق هيلتون أولا ثم الى فندق غراند بريتاني الا أن تشاريتي هزت رأسها نفيا مصممة على العنوان الذي معها , وهنا هز سائق التاكسي كتفيه بلا مبالاة زربَت على كتفها مواسيا , عندما حل الظلام في النهاية
صاح السائق فجأة وكأن نوعا من السحر قد مسه:
" نعم, نعم, كوكاكي".
منتديات ليلاس
وبعد ثوان قليلة كانا أمام الفندق.
استيقظت بعد ليلة من النوم العميق وهي تشعر بالأنتعاش وأمضت النهار في السير في الفندق الى وسط المدينة , وكان هناك الكثير يستحق المشاهدة.
وصلت الى البلاكا مبكرة وتناولت غذاءها في كافيتريا صغيرة حيث تعزف في المساء موسيقى البوزوكي الراقصة, وحاولت أن تسأل أي أنسان له ولو معرفة ضئيلة بالأنكليزية ليدلها على مكان برج الرياح , ولكن أحدا لم يعرف, وأخيرا وجدته بنفسها وهي تحاول مشاهدة هيكل الأكروبوليس من مكان مناسب , كانت تعلم أن السوق في أثينا القديمة تقع تحت الأكروبوليس , وعلى الخريطة التي معها كان يشار الى السوق باسم أغورا , وهناك على جانب الخريطة وجدت برج الرياح.
أسرعت تشاريتي بعد هذا الأكتشاف المثير بشراء تذكرة , وسارت عبر أرض غير ممهدة متطلعة الى ذلك المبنى الغريب ذي الثمانية أضلاع والذي ظل الأعتقاد بأنه قبر سقراط مما جعل الأتراك يحافظون عليه ويحولونه الى تكية, والواقع أن المبنى لم يكن قبرا بل كان ساعة مائية بناها السوربون في القرن الأول بعد الميلاد.
ماذا لو أمضيت عيد الميلاد معي في أثينا ؟ لقد أستجدت أحداث وأنا في حاجة لمساعدتك , قد يكون من المناسب ابلاغك أنني قررت ترك نيكوس وأخذ الطفل معي , وهكذا تفهمين لماذا لا أستطيع أستقبالك هنا, لذا حجزت لك مكانا في فندق, قابليني في التاسع عشر من هذا الشهر, عند برج الرياح في الساعة الرابعة بعد الظهر ,و وسأشرح لك كل شيء , تجدين تذكرة وكل شيء آخر تحتاجين اليه بما في ذلك بعض النقود داخل المحفظة , أعتمد على حضورك ! اذا حدث لي شيء فأنا أرغب أن تأخذي طفلي وتتولي تربيته في أنكلترا , صرت أكره اليونان , وكل ما هو يوناني , ولا أستطيع أن أتحمل فكرة أن يكون طفلي يونانيا , سأحكي لك كل شيء بالتفصيل عندما نلتقي
ليباركك الله
فيث

Rehana 24-11-13 03:26 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
فور قراءة تشاريتي للرسالة لم تلق بالا الى المأساة التي كانت تنطوي عليها, ومع ذلك يبدو أن أختها كانت في حالة من اليأس والحزن, تنهدت تشاريتي وهي تأمل بمعرفة المزيد عن الرجل الذي تزوجته, فيث كانت تعرف أن اسمه نيكوس باباندريوس. وينحدر من عائلة غنية جدا , ولكنها لم تر حتى صورة له.
أسترجعت تلك المذكرة القصيرة المحايدة التي ردت بها على رسالة أختها, وتمنت لو أنها جعلتها أكثر حرارة , فقد حاولت الا تسمح لمشاعرها الشخصية أن تتدخل في الأمر , ولكنها لم تتمكن تماما من أغفال البطاقات البريدية التي كانت ترسلها فيث, والتي لم تحدثها فيها عن شيء, وخاصة تلك البطاقة التي أرسلتها عندما توسلت اليها بالحضور لتشييع جنازة والدهما , حتى هوب جاءت من الولايات المتحدة , وكانت السعادة تبدو عليها حتى أن الموت لم يغيَر حالة الهناء التي شعرت بها طوال أقامتها في الولايات المتحدة.
وقفت تشاريتي وهي تلملم معطفها حول جسمها, الجو بارد بالفعل , تحركت من مكانها وسارت وسط الأعمدة المحطمة لئلا تشعر بوطأة الأنتظار , لكن القلق أستبد بها, ماذا لو أنها لم تأت؟
منتديات ليلاس
وشعرت بقشعريرة ليس بسبب البرد, وأنما بسبب توقع حدوث المجهول, ثم جلست مرة أخرى وأخرجت الكتاب الذي كانت تطالعه أنها مصممة على الأحتفاظ بهدوئها , كعادتها دائما , ستحضر فيث في نهاية الأمر وهي تتوقع أن تجد أختها في أنتظارها , فهناك أشياء كثيرة يمكن أن تحدث وتكون السبب في تأخيرها , ربما كان الطفل مريضا , أو ربما عاد زوجها الى البيت مبكرا ورغب في أن تظل معه , ولكن لا فالسبب الأخير غير محتمل , ألم تقل في رسالتها أنني أكره اليونان وكل ما هو يوناني , وبالتأكيد كان نيكوس باباندريوس يونانيا.
اشترت الكتاب لأن اسم أبوللو كان من ضمن عنوانه وجذبتها صورة رمز الشمس على غلافه, يجلس مسترخيا الى جانبه بوسيدون رمز البحر عند الأغريق , وعلى الجانب الآخر توأمه أرتيميس , وكان رفع يده اليسرى في اشارة لم تعد واضحة لأن هذه اليد كانت مفقودة , أما اليد الأخرى فكانت تلملم بخفة أطراف ثوبه , في أية حال أكثر الأشياء جاذبية فيه هو جمال رأسه, شعره مجعد بطريقة حديثة تماما , الأنف مستقيم وأغريقي , يكاد يكون صلفا لا يتفق مع نعومة الوجنتين والفم ممتلىء , يبدو عابسا لكنه يكاد يكشف عن ابتسامة , لاحظت تشاريتي في المذكرة المكتوبة داخل الكتاب أن صورة الغلاف هذه أخذت عن الجانب الشرقي لسور هيكل البارثينون , وقررت أن ترى الأصل عندما تقوم في النهاية برحلتها الى قمة الأكروبوليس , نظرت الى أعلى ورأت الأصل متجها أليها , كان شعره أسود مجعدا وليس ذهبيا بلون العسل, لم يكن الفم مبتسما , ولكن التشابه كان واضحا ومثيرا للدهشة , ولذلك هبت واقفة وهو يسير باتجاهها وحملقت فيه وهي تعلم تماما أنها تتصرف تصرفا فظا, ولكنها لم تستطع أن تفعل غير ذلك , كانت أشعة الشمس الأخيرة تضيء وجهه , لتظهر بوضوح طول أدابه وتشكيل فكه القوي.

Rehana 24-11-13 03:27 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
سألها في لغة أنكليزية سليمة :
" ما الأمر؟".
ربما كان أنكليزيا , لكن لا , فمثل تلك النظرات لا بد أن تكون يونانية , أنه أبوللو بعينه , دبت فيه الحياة فسار على الأرض كأنه يملكها , أعطته الكتاب في صمت , نظر الى الغلاف وابتسم لتظهر أسنانه لامعة في أشعة الشمس الذهبية الغاربة.
قال متسائلا :
" هل تعتقدين أنه يشبهني أم من الأنسب لو عكسنا الوضع فأن أبوللو هو الذي جاء أولا؟".
ردت عليه قائلة :
" أعتقد ذلك".
هز كتفيه قائلا:
" ربما".
ووضع الكتاب في جيبه بدون أن ينظر اليه مرة أخرى , راقبته تشاريتي وهو ينحني ليستند الى أسفل البرج , ويتفحصها في جرأة أحرجتها , ذكَرت نفسها بأن اليونانيين شعب محب للأستطلاع , ويروقه أن يسأل دائما أسئلة شخصية , ويحب أن يكون أتصاله بالآخرين عن طريق اللمس بدون أن يعني هذا شيئا , في أي حال لم تكن في موقف يسمح لها بالشكوى , بل حدَقت فيه هي أيضا , سألها فجأة :
" هل أتيت الى هنا لمقابلة شخص ما؟".
قفزت قائلة:
" أختي تأخرت".
منتديات ليلاس
ولوَح بيده للشمس الغاربة قائلا:
" سيحل الظلام بعد قليل , ماذا ستفعلين اذا لم تأت؟".
" سوف أنتظر".
بدا عليه الضيق بها, ولكنها تظاهرت بعدم ملاحظة ذلك , أخرج الكتاب من جيبه مرة أخرى وفتح الصفحة التي تلي الغلاف وقرأ بصوت عال:
" تشاريتي آرتشر , هل أنت هي؟".
" نعم".
" اذا أنت تنتظرين فيث بابا بدريوس ".
التفتت تشاريتي اليه في حدة قائلة:
" هل تعرفها ؟ كيف حالها؟ هل ستأتي؟".
قال ببطء:
" كلا , لن تأتي ".
" أذن ماذا عليَ أن أفعل؟".
ودون أن تدري جاء صوتها متوسلا , بطريقة جعلته يعاود النظر اليها بعينيه السوداوان وقال بثبات:
" عليك أن تتحلي بالشجاعة وتتقبلي ما سأقوله لك, وبعدها تعودين الى أنكلترا ولا تفكرين فينا مرة أخر ى, هذا سيكون أفضل".
أفضل لمن ؟ وبللت شفتيها:
" هل أنت نيكوس؟".
هز رأسه نفيا وعيناه ما زالتا تنظران في عينيها :
" كلا, أنني أخوه , لوكوس ... ربما سمعت عني؟".
عقدت أصابعها في يأس وقالت:
"أختي – أختي لم تكن تجيد الكتابة الرسائل...".
قال في دهشة :
" بكل تأكيد كانت تكتب لك بعض الردود على رسائلك لها؟".
" بعض البطاقات البريدية القليلة , لم تكن تحب كتابة الرسائل".
" وأنت هل تحبين كتابتها؟".

Rehana 24-11-13 04:01 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" كلا , ولكنني أعتقد أنه كان لدي من الأسباب ما جعلني على أتصال دائم بها , فهي لها زوجها وابنها , بينما لم يكن لديَ ما يشغلني".
قاطعها قائلا:
" كان هناك والدك لترعيه".
وبدا أنه يعرف الكثير عنها وتابع كلامه :
" ولكنني أعتقد أنه لم يكن لديك الكثير ليشغل قلبك , والآن مات أبوك , ألا يوجد شخص ما في حياتك بعد؟".
" أن لي أصدقاء, وقد أتزوج...".
" آه , أن لك صديقا خطيبا!".
" أنه لم يطلب الزواج مني بعد , وهذا لا يعنيك في شيء".
قالتها في شيء من الحدة , لم ترغب التفكير في كولين والواقع أنها لم تفكر في كولين على الأطلاق , ولكن هو الذي كان يفكر فيها ويرسل لها الزهور ويصحبها الى العشاء , ويزعجها أيما أزعاج!
" وهل تنوين قبوله عندما يتقدم لطلب يدك ؟".
أخذ أبوللو يلح عليها متسائلا غير عابىء بتعنيفها:
" نعم!".
" هذا حسن ... فسوف يجعلك تقوين على ما سأقوله لك , فأنت جرعت في العام الماضي كأس الحزن حتى ثمالتها والأنكليز بطبعهم لم يخلقوا للحزن".
" ومن الذي يستطيع ذلك؟".
منتديات ليلاس
قالتها تشاريتي بتحدَ فابتسم ابتسامة قصيرة وقال:
" لقد عرف اليونانيون معنى المأساة منذ زمن طويل , فأن لنا تاريخا مأساويا , ونعرف ماذا يعني أن نكون عبيدا وأن تنتزع منا أطفالنا ماذا تعلمين أنت عن مثل هذه الأشياء؟".
تململت تشاريتي في ضيق وقالت:
"ما الذي تريد أن تقوله لي؟".
مدَ اليها يده في حركة تعاطف رقيقة , ولدهشتها , وجدت نفسها تتجاوب معه بوضع يديها في يديه , فأشعرها دفء الأيادي بالراحة.
" أن الأمر يتعلق بأختك , لقد ماتت".
" ولكن هذا مستحيل , لقد قالت لي أنها ستقابلني هنا".
قال برقة:
" لعلها كانت قادمة الى هنا, كل ما أعلمه أنها تشاجرت مع نيكوس , وركبت واحدة من سيارتيهما وقادتها هاربة من بيته , وبطبيعة الحال تبعها في سيارة أخرى وأعتقدت أنه كان يحاول أخافتها عندما أجبرها أن تسير على حافة الطريق , وهي لا تجيد القيادة فسقطت بسيارتها في المنحدر, وتبعها نيكوس وعندما عثر عليهما لم يكن أي منهما حيا".
حملقت تشاريتي فيه وملء عينيا الشك فيما يقول:
" كل منهما وجد ميتا".
واستدارت بعيدا حتى لا يرى التأثير المدمر لكلماته عليها , فهي لن تسمح له أو لأي شخص آخر أن يتغلغل الى عالمها الخاص المقفر , أن أفراد عائلة آرتشر ظلوا متمسكين بكبريائهم , وهذا ما تبقى لها الآن, الكبرياء وفراغ مؤلم في داخلها , تمتمت بصوت عال:
" كان يجب ألا يسير وراءها لماذا لم يتركها لحالها؟".
" لقد كانت زوجته وله كل الحق في أعادتها اليه".
استعانت تشاريتي بغضبها وصاحت:
" أنني لا أصدقك , كانت فيث تخاف منه , وكتبت اليَ تقول ذلك".
جاء رفضه حادا كالسكين في خضم بؤسها ليصيبها بالذعر , وقالت:
" لقد كانت تريد الأنفصال عنه".

Rehana 24-11-13 04:01 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
كلامها معه جعل رفضه يزداد قوة, فبحثت عن سلاح آخر لتشهره في وجهه وتثبت له أن جزءا ما من أختها يعيش داخلها , وأن الأنكماش لم يصبها على الأطلاق من جراء سماعها نبأ موت أختها , سألت بحدة:
" أين الطفل؟ سوف أعود به الى أنكلترا".
" للأسف لا يمكنك ذلك أن ألكسندروس مسؤوليتي , فهو ابن شقيقي وسيكبر بهذه الصفة".
" آوه , كلا".
قالتها تشاريتي وهي تضم قبضتيها استعدادا للدخول في معركة , فالقتال دفاعا عن قضية أختها أفضل كثيرا من الدموع , فهي لا تريد لهذا الرجل الذي يبدو شبيها بأبوللو , أن يعلم كم هي وحيدة ومحرومة , قال ببرود:
" لست على أستعداد للنقاش معك في هذه المسألة , لقد تقرر الأمر بالفعل".
لم يكن من عادة تشاريتي أن تفقد أعصابها , ولكن عندما يحدث ذلك فأنها تفقدها تماما , والآن حان الوقت للتخلص من عقدة العذاب التي تربض داخلها , حملقت فيه بغضب وهي تميل بذقنها الى ألى الأمام لتظهر مدى أصرارها:
" اذا يمكنك أن تلغي القرار , أنه ابن أختي وهي ترغب أن يشب في أنكلترا وأنا عازمة على تنفيذ ذلك تماما , أين هو؟ أريد أن أراه الآن , وفي الحال".
" هذا مستحيل".
منتديات ليلاس
"مستحيل لأنك أنت أردت أن تجعله مستحيلا ! أن معي رسالة من أختي وأنا مصرة على التصرف وفقا لتعليماتها – واذا حاولت أن تمنعني ستدفع ثمنا باهظا".
عندئذ ألقى اليها نظرة ثاقبة وقال:
"هل تهددينني؟".
" نعم, أهددك".
" فهمت , ولكنني أعتقد أنك تعلمين أنك لا تقفين على أرض صلبة".
" أنني أمتُ بصلة القرابة عن طريق الدم , وفي استطاعتي أثبات رغبة أختي في حصولي على الطفل!".
لم يقلل كلامه من غضبها وقال:
" ماذا يفيدك ذلك؟ والده كان يريد العكس والطفل يوناني".
ابتلعت ارتباكها المتزايد وقالت:
" ولكن فيث أمه, سوف أذهب الى المحكمة اذا صممت على التمسك به".
أزعجها صمته أكثر من أي شيء آخر كان يمكن أن يتفوه به, ونظر اليها نظرة لاهية , وهو أبعد ما يكون عن التفكير في غضبها واثقا كل الثقة من نفسه.
قالت مجازفة:
" هل تعتقد أن ذلك سيفيدك في شيء".
هز رأسه قائلا:
" أنه يوناني , ورغبة والده يجب أن تتحقق حتى في المحاكم , وحتى في أنكلترا, على ما أعتقد كانت أختك زوجة نيكوس , امرأة بيته , ولكن لم يكن لها أي الحق في أن تأخذ الطفل بعيدا عن أبيه".
امرأة بيته , يا له من تعبير يقال عن فيث , ظلت دائما تتميز باعتبارها وحريتها واستقلالها عن الآخرين , ليس من المستغرب الآن كيف وصلت الى أن تكره اليونان.
وقف لوكوس باباندريوس قائلا:
" من الصعب عليك الآن أن تفعلي أي شيء , من الأفضل لك أيضا أن تبقي الطفل معي , من أن تبدأي زواجك ومعك طفل أختك ".

Rehana 24-11-13 04:02 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
تحسست تشاريتي رسالة فيث في جيبها , لا بد أن هناك شيئا ما يمكن عمله ! لو أنها تمكنت من رؤية الطفل , ربما أعطاها ذلك نوعا من الألهام , يجب ألا تيأس من أخذ الطفل والعودة به الى أنكلترا , ولكن كلا, لا يمكنها أن تفعل ذلك , ربما كانت عائلته اليونانية مغرمة به أيضا , قالت بصوت عال:
" أنني أرغب في رؤيته".
" ألكسندروس؟".
" بالطبع لم يكن يناديه بأألكسندر الا فيث فقط وسوف أفعل ذلك أنا أيضا".
هز كتفيه قائلا:
" كما تشائين , أنه ما زال صغيرا ولن يثير هذا ارتباكه , لكن هناك نصيحة أود أن أبديها يا تشاريتي , اذا أخذتك لتري والداي ولتري الطفل ,لا تحاولي التدخل في أشياء لا شأن لك بها , لقد تسببت أختك في جراح عميقة لوالداي يكفيهما أن يعلما أنك أخت فيث".
نظرت تشاريتي بعينين مذعورتين , وذهب عنها الغضب ليحل محله قلق مزعج , بأن هناك أشياء أخرى عن فيث لا تعلم عنها شيئا , حتى لو كان أقرباء زوجها متحاملين عليها , فلا يمكن أن تتصور أن يدينها هذا الرجل بشكل مطلق.
" كانت فيث أنسانة رقيقة".
منتديات ليلاس
نظر اليها من أعلى الى أسفل بوقاحة , ما كانت لتتحملها من رجل أنكليزي ثم قال:
" أنك لا تشبهينها كثيرا".
لم يكن أحد يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة , كانت فيث لها قامة فارعة وكأن جسمها نسج على منوال جسد هوب وشعرها يصطبغ بلون النحاس البني وعيناها خضراوان , أما تشاريتي فكانت مختلفة , لم تكن تتميز بالقوام الفارع أو بأي شيء آخر سوى شعرها الذي يميل الى لون الظلال البنفسجة للون الأحمر, ردت عليه قائلة:
" وانت هل تشبه نيكوس؟".
فاجأها بضحكة ثم قال:
" كلا على الأطلاق , بينما أنت لأول نظرة تشبهين أختك الى حد ما , وأن كنت تختلفين عنها في أسلوب حياتك ".
" أشكرك كثيرا".
تمتم قائلا:
" لقد كانت هذه مجاملة".
" أذا فهي مجاملة خبيثة! لقد كانت فيث...".
تساءلت: ماذا كانت فيث في الحقيقة , لا تتذكر الكثير عنها , لقد نسيت فترة المراهقة , تحاول أجتذاب الشباب اليها بسهولة شديدة , الأمر الذي كان يضايق أختها هوب, ويجعلها تبدو أقل جاذبية , كانت شديدة الأنانية في كل شيء , واذا أرادت شيئا لا يوجد أي سبب يمنعها من الحصول عليه , وحثَها لوكوس على الكلام قائلا:
" كانت ماذا ؟".
" كانت فيث رائعة".
قالت ذلك وهي تشعر أن حماسها بدأ يتحول الى نوع من التشكك , واستطردت قائلة :
" كان حماسها للحياة كبيرا , ولها طريقتها لتكون محور الأحداث , وجعل كل أنسان قريب منها يستمتع بالحياة".
" أتفق معك في أنها كانت كذلك , وهل شعرت بمتعة أكثر وهي بالقرب منك؟".

Rehana 24-11-13 04:03 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
طرح السؤال وبريق عينيه يطالبها بالصدق , فتهربت قائلة:
" يبدو أنك لم تكن تحبها ".
" كلا , لم أحبها".
لقد أدهشها رده, وأدهشها أكثر أنه كان قادرا على أن يصرح بذلك, فالأنسان لا يتحدث بمثل هذه الطريقة عن الموتى... وابتلعت دموعها فهي لا تصدق أن فيث ماتت, يا للمسكينة! هل كانت تخشى الموت, كما كانت تخشى نيكوس؟
لم يحاول لوكوس أن يسرَي عنها , بل ظل ينظر اليها ويعدَل من وضعه قليلا حتى يتمكن من رؤية آخر شعاع للشمس, وقال:
" يجب أن نذهب الآن, هذا المكان يغلق أبوابه مع غروب الشمس , سأعود بك الى فندقك!".
" أرجوك لا تفعل, يمكنني العودة بمفردي".
" اذا سرت في شوارع أثينا بمفردك أثناء الليل , فأن ذلك سيفسر بطريقة لا تعجبك , أين تقيمين؟".
أفضت له على مضض باسم الفندق , ولاحظت الأستياء الذي بدا عليه عندما عرف ذلك.
" أستطيع أن أستقل تاكسي , لن يفسر ذلك بطريقة خاطئة".
منتديات ليلاس
" قلت لك سأصحبك يا آنسة آرتشر , لا غبار على الفندق كمكان للنوم , ولكن طعامه غير مناسب , سأعود اليك فيما بعد لنتناول العشاء معا , وسنرتب أمر أصطحابك الى أراخوفا لرؤية الطفل , أعتقد أنك ترغبين أيضا في مشاهدة دلفي, وسيكون من المناسب أن تصحبيني , فسآخذ ألكسندروس الى والدايَ , وهو طريق طويل بالنسبة لطفل صغير , حتى لو كانت معه مربيته , وأعطيك هذه الفرصة للتعرف جيدا على الطفل , أليس هذا ما تريدينه؟"
ابتسمت تشاريتي بالرغم منها وقالت:
"أعتقد أن الطفل لا يطيق السيارات ".
" لقد قيل لي ذلك بالفعل , هل ستأتين؟".
" نعم , سآتي , ولكن هناك سؤالا , أليست دلفي بعيدة عن أثينا , لماذا يعيش ألكسندر هناك؟ كنت أعتقد أن فيث تعيش في أثينا؟".
" كانا يعيشان هناك في وقت ما".
" في وقت ما؟".
قال لها مفسرا على مضض:
" كان ذلك قبل أن يصبح نيكوس مغرما بالمسرح الأغريقي , لقد قرر نيكوس أن يقوم بأنتاج مسرحية أغريقية في مسرح دلفي بعد مشاهدته لواحدة منها , أخرجتها أحدى الأميركيات المغرمات بالمسرح الأغريقي, ولذلك أستأجر بيتا في أراخوفا , وهي قرية قريبة من دلفي وذهب ليعيش هناك , كان يخطط لموسم درامي كبير في العام القادم, والآن ذهبت كل خططه معه الى القبر".
وصاحت تشاريتي بدهشة:
" يا للعار".
وابتسم لوكوس بمرارة قائلا:
" لقد كانت فيث تعارض فكرة تخليه عن حياته كرجل أعمال , من أجل تحقيق حلم, ولولا الطفل لرفضت الذهاب معه , ولكنها كانت تخشى أن يتركها بمفردها في أثينا , فلم تكن تتكلم اليونانية".
" ولكن كان معهما والدا نيكوس".
" أنهما يتحدثان الأنكليزية قليلا, لقد طعنا في السن وليس هناك ما يدعوهما لتعلم أشياء جديدة, ولم يكن نيكوس ليسمح لفيث بأن تعكر صفو السلام الذي كانا يعيشان فيه".
وأضاف وهو يتنهد :
"ولكن يبدو أنها نجحت في ذلك رغما عنه, فوجود طفل في البيت أمر غير مرغوب فيه, عندما يصل الأنسان الى مرحلة معينة من العمر ".

Rehana 24-11-13 04:04 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" ربما من الأفضل لك أن تعطيني الطفل؟".
هز رأسه بالنفي, ومع ذلك ابتسم لها وأخذها من ذراعها بثقة الى خارج الميدان حيث كانت تقف سيارته, فتح لها باب السيارة , واستدار نحو الباب الآخر متوقفا قليلا ليشعل سيكارة , وعندما أضاء عود الثقاب ملامحه , تذكرت تشاريتي الكتاب, وطاف بخاطرها سؤال:
" أريد أن أعرف أي أنسان كان أبوللو؟".
فأجاب على الفور في شيء من الأزدراء:
" لن تعرفي الكثير عنه من خلال هذا الكتاب , فالرموز القديمة لا تكشف عن أنفسها بهذه السهولة".
وبدأ في أدارة محرك السيارة وقال ملتفتا اليها:
" لعلَك تأملين أن تعرفي المزيد عني؟".
وأعطاها الكتاب قائلا في ثقة:
" ستكتشفين المزيد عن كلينا غدا في دلفي, وأنا سأساعدك على ذلك".
دق قلب تشاريتي في عنف , ولكنها أوحت لنفسها أن ليس هناك ما تخشاه من لوكوس باباندريوس , وما من سر قريب يمكن أن يكتشفه, أما هو فعليه أن يكشف لها الكثير قبل أن تقتنع , لقد التمست فيث منها المساعدة , وبطريقة أو بأخرى سوف تسوَي أمور أختها مع عائلة زوجها , سألته:
" لقد كان من السهل فهم نيكوس, واذا كنت تعتقدين أنني أشبه أبوللو , فأن نيكوس بالتأكيد كان يشبه ديونيسوس ".
"أن ديونيسيوس يتمتع بسمعة سيئة بالنسبة اليَ , فهو يشبه الرمز اليوناني أليس كذلك؟".
" أن رموز اليونان ليست قساة كرموز الرومان , تشاريتي, هل تحضرين معك رسالة أختك الليلة , أنني أرغب بقراءتها , هناك أشياء لا يعرف أي منا عنها شيئا, ولكن لا يوجد ما يدعو الى أن نكون أعداء".
جلست تشاريتي تفكر في هذا الأمر , كانت تعتزم في البداية أن تسلم الرسالة ولكنها كانت تعلم أن فيث لم تثق في أي شخص من عائلة باباندريوس , قالت في النهاية:
" سأفكر في الأمر".
خرجت مسرعة من السيارة شاكرة له توصيلها الى الفندق.
" سأعود اليك في الساعة الثامنة والنصف, اذا لم يكن هذا الموعد مبكرا بالنسبة اليك".
وافقت وأسرعت مبتعدة عنه الى داخل الفندق.
كانت حجرتها في الفندق مظلمة كئيبة , أضاءت أنوارها الخافتة, رمت بنفسها على السرير وهي تشعر فجأة بالأرهاق من وطأة المشاعر التي مرت بها في هذا اليوم.
وبدأت تفكر: أوه فيث لماذا تموتين في ريعان الشباب! وغطت وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء.

Rehana 25-11-13 02:42 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

2- لا حزن بعد الآن


بذلت تشاريتي ما في وسعها لتزيل آثار البكاء , وضعت وجهها في ماء بارد , حاولت التفكير في أشياء مبهجة ومع ذلك ظلت تبدو في حالة سيئة.
جلست طويلا على حافة سريرها تفكر بما ستفعله , ستبعث بمذكرة الى موظف الأستقبال تقول فيها أنها ليست على ما يرام , ولكنها ليست متأكدة من أن لوكوس باباندريوس لن يصعد ليطمئن عليها, الواقع أن فكرة الخروج معه لتناول العشاء لم ترق لها, فلم تكن على أستعداد لمواجهته , كانت تريد أن تصل الى قرار أولا, ولكن كيف يمكهنا ذلك وكل ما تستطيع أن تفكر فيه هو تلك اللحظة الرهيبة , التي سقطت فيها فيث من قمة الصخرة العاتية في نهاية الطريق لتلقى مصرعها.
في الثامنة والنصف نزلت من غرفتها , وشغلت نفسها بالتطلع حولها في الفندق وزواره , لذا لم تر لوكوس باباندريوس وهو يدخل الى الفندق , قال باليونانية:
" مساء الخير يا تشاريتي".
استدارت اليه مجفلة , ناسية للحظة قرارها بأن تظل جالسة في المكان المظلم نسبيا:
" مساء الخير".
لقد استبدل ملابسه, وارتدى ملابس السهرة , وأصبح الشبه بينه وبين أبوللو أكثر وضوحا الآن.
أردفت قائلة:
" أعتقد أنه يجب عليك أن تناديني آنسة آرتشر لأننا- مهما يكن من أمر – لا يعرف أحدنا الآخر جيدا".
رفع حاجبيه في دهشة وقال:
" قلت لك اسمي, وأعطيتك الحرية في مناداتي به, أن اسم آرتشر عسكري لا يناسبك , وفي أي حال أعتقد أن شخصا بأسم آرتشر لا يقضي ليلته باكيا , فيث لم تكن لتفعل ذلك , لماذا أذا تبكين من أجلها؟".
" أنها أختي , وأنا أحبها".
" بالطبع هي أختك , ومن المناسب أن تحزني لوفاتها , فليكن حزنك على الفتاة التي كانت فيث , وليس على المرأة كما أصبحت ولم تعرفيها حقا, هل نذهب الآن؟".
قالت تشاريتي مترددة :
" من الأفضل لي أن أعود الى غرفتي , قد أشرع في البكاء مرة أخرى ولا أريد أن أسبب لك حرجا".
قال بثقة:
" كلا, لن تبكي بعد الآن! سنستمتع ونبتهج ولن نفكر الا في المستقبل".
وتسللت ابتسامة الى عينيه وأضاف:
" قد تكون هذه آخر عطلة لك بمفردك قبل أن تتزوجي , هل فكرت في ذلك؟ سأبذل ما في وسعي لأجعلك ترين كل ما ستفتقدين لرؤيته فيما بعد".
ألقت اليه تشاريتي بنظرة دهشة وبدأت تقول:
" ولكن...".

Rehana 25-11-13 02:50 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قاطعها سائلا:
" كم يطول بقاؤك في أثينا؟".
" لا أعرف , حتى عيد الميلاد على الأقل , ولكنني لا أدري اذا كنت سأبقى الآن".
وضع لوكوس معطفها حول كتفيها ورافقها الى الخارج, بعيدا عن الجو الحار داخل الفندق الى الليل البارد.
" لماذا لا تطلبين من صديقك الشاب, أن يأتي لقضاء عيد الميلاد معك هنا؟".
كولين هنا؟ أهتزت من مجرد الفكرة... ربما يكون جميلا أن يصحبها أحد لرؤية المناظر الممتعة , ولكنها شعرت أن ذلك ينطوي على نوع من الألتزام اتجاهه , بينما هي الآن أبعد ما تكون عن الشعور بهذا الألتزام فردَت بشرود:
"لا أعرف".
وضعها في السيارة وعيناه اللامعتان في عينيها , ثم قال لها متحديا:
" هل لأنك غير متأكدة؟ أن تعتقدين أنه سيمكنك أصطحاب ألكسندروس معك الى أنكلترا؟".
ألقت بنظرها الى اللوحة في مقدمة السيارة , وقالت بأصرار:
" أعتقد أن هذا ليس من شأنك!".
" ولكنني مصر أن أعرف بأنك لن تأخذي ألكسندروس , يا آنسة آرتشر , ستشعرين بسعادة أكثر اذا واجهت هذه الحقيقة".
" أذن سأطلب من كولين أن يحضر الى أثينا , ولكن تذكرة الطائرة باهظة الثمن , ولا أعرف وضعه المالي الآن".
منتديات ليلاس
" يسرني أن أرى صديقك الشاب هذا , سأدعوكما الى منزلي في يوم ما خلال العطلة".
عجزت تشاريتي عن الكلام للحظة , هل يعتزم حقا أن يتفحص صديقها بدقة؟ واذا كان الأمر كذلك, فلماذا؟ أنها لا تعني شيئا بالنسبة اليه , وقد ظلَت دائما تتخذ قراراتها بنفسها منذ سنوات لا تحصى.
" ألا تتوقف عن الأهتمام بما لا يعنيك؟".
ولكن لوكوس لم يجب الا بضحكة فقط ثم قال لها مغيظا:
" أهو شخص غير محتمل الى هذا الحد؟".
" بالطبع لا".
قالتها ببعض الحماس.
" اذا لماذا تعترضين؟".
حاولت البحث عن كلمات تقولها له , لا يسيء فهمها , وهي أنها تتولى بنفسها شؤون حياتها , ولن تطلب منه أن يخبرها ماذا تفعل مهما كانت نواياه , لكن كل ما استطاعت قوله:
" أنني أعرف كولين منذ سنوات , وأعرفه كما أعرف أي أنسان آخر".
" بالطبع, ولكن يا آنسة آرتشر , أنت أمرأة ولا يمكنك أن تريه بالطريقة نفسها كرجل, يجب أن تسمحي لي أن أقوم بواجبي , أن بيننا رابطة زواج أختك من أخي, ومن المناسب أن أضمن أن يكون هذا الكولين مناسبا لك كزوج , عليك أن تخبريني بكل شيء عنه ونحن نتناول الطعام".
لم تكن لدى تشاريتي أية نية لتفعل ذلك, وتحوَلت بنظرها تشاهد الأنوار التي تزين شوارع أثينا , كان عجيبا – في نظرها- أن ترى أثينا وكأنها وضعت في غير مكانها , فقد بدت كمدينة ألمانية حديثة , وليس بها شيء من تلك الروعة الأغريقية , التي قذفت بها الى مخيلتها صور البارثيتون وغيرها من الأطلال .
قالت وقد نسيت غضبها من رفيقها:
" أنها لا تبدو كمدينة أغريقية".

Rehana 25-11-13 02:55 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" ربما لأن المهندسين البافاريين هم الذين وضعوا أساسها".
ردَت في سخرية :
" هل سيكون مسموحا لي أن أخرج مع كولن وحدنا".
" أن ذلك يتوقف".
ردَت بسرعة:
" على ماذا؟".
ألقى اليها بواحدة من نظراته اللامعة :
" يتوقف على من هو هذا الكولين من ناحية, وعلى من أنت هي من ناحية أخرى".
لمس يدها في لحظة أتصال خاطفة وقال:
" كان يجب على فيث أن تصر على حضورك الى اليونان بمجرد وفاة والدك , لم يكن من الصواب تركك بمفردك بدون أن يكون هناك من يحميك . أين كنت تعيشين؟".
عضَت تشاريتي شفتيها وقالت:
" في منزل أبي".
" الذي هو الآن منزلك؟".
" كلا , ليس تماما , أنه ملك لثلاثتنا ".
" أذن لن تقيمي فيه عندما تتزوجين ؟".
" لم أفكر في ذلك , آمل ألا أعيش فيه, فهو مكان واسع ومقبض وغرفه السفلى مظلمة للغاية , أما الدور العلوي ففيه العديد من غرف النوم الباردة".
" ولكن قد يفضل كولين أن يعيش فيه؟".
استاءت تشاريتي من أصرار لوكوس , ماذا يعنيه من المكان الذي يفضَل كولين أن يعيش فيه؟ تمتمت قائلة:
" لا أعتقد ذلك".
وأوقف السيارة بمهارة في الميدان القريب من برج الرياح واستدار نحو الجانب الآخر ليفتح لها الباب, وعندما همَت بالنزول وضع يده تحت ذقنها , ورفع وجهها ليقابل شعاع النور الساقط من المصباح فوقهما , وقال في رقة:
" لا دموع بعد الآن , ولا حزن بعد هذه الليلة على الأقل , تعاهدنا ؟".
ابتسمت بضعف وقالت موافقة:
" لا دموع بعد الآن , بكيت من أجل هذه الأشياء من قبل".
" هكذا ؟ أنت أيضا مثقفة ويمكنك القاء مقتطفات من مسرحياتنا الأغريقية ؟ هل يمكنك معرفة مؤلف هذه المسرحية؟".
كانت تلك مهمة صعبة , خاصة وهي تشعر بلمسته القوية تحت ذقنها وقالت على الفور:
" بوربيدس على ما أعتقد".
كانت تفضل أن يكون هناك نوع من التحفظ في الحديث بينهما فهي تعتبره رجلا غريبا , ولم تحدد بعد ما اذا كان صديقا لها أو عدوا , تمنت لو تستطيع الأعتماد عليه , ولكن عندما يتعلق الأمر بفيث فأنه بلا شك يعتبر عدوا.
" رقيق منك أن تهتم بشؤوني , ولكنني ظللت لوقت طويل أعتمد على نفسي , وأفضل أن يستمر ذلك".
تحوَل برأسه عنها , غير عابىء بما قالته وقال في أحتقار.
" ما من أمرأة تفضل ذلك".
" ولكن أنا أفضل ذلك".
هز كتفيه وقال:
"ليس لوقت طويل".
ومدَ اليها يده وقال:
" تعالي يا تشاريتي لا بد أنك جائعة , وهناك العديد من الأشياء التي يجب بحثها قبل أن نتوجه الى أراخونا ودلفي في الصباح".

Rehana 25-11-13 02:56 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أسرعت خلفه وسألت:
"ماذا؟"
" أولا ... ما زلت أرغب في قراءة رسالة أختك, هل هي معك؟".
أومأت بالأيجاب.
" لوكوس , ماذا ستفعل مع الصغير ألكسندر؟ أعتقد من حقي معرفة ذلك. على الأقل قبل عودتي الى أنكلترا".
تجنب للحظة نظرتها الثاقبة اليه , وأحست أنه لا يرحب بهذا السؤال , فرد بجفاء:
" عندما أتخذ قرار في هذا الشأن سأبلغك بدون شك , لن أنسى أنك خالته , وسترغبين في رؤيته من وقت لآخر , عليك أن تعلمي أنني أنا الذي سأقرر مستقبله".
قالت متوسلة:
" ألن تناقش الأمر معي على الأقل؟".
" لا أجد سببا يدعوني لذلك, اذا كان هذا الكولين هو الرجل الذي تصفينه , فقد يكون وجوده مفيدا عندما ننتهي الى قرار , هذا سبب رغبتي في أن يأتي الى هنا".
قالت محتجة:
" ولكن ليس لكولين شأن بذلك , أنه أمر يعنيني أنا بالضرورة ".
توقف فجأة ونظر اليها بحدة قائلا:
" أعتقدت أنك تفكرين في الزواج من هذا الرجل؟".
" وماذا في ذلك؟".
" عندما يصبح زوجك , فمن الطبيعي أن يتولى هو شؤونك , فمن الأفضل أن يلعب دوره من البداية".
" ولكنك لا تفهم!".
منتديات ليلاس
أسكتها بحركة من يده وقال:
" هذا يكفي , من الأفضل للمرأة الجميلة أن تهتم بأشياء لا تشغل بالها , وأنت أمرأة جميلة للغاية".
أوقفتها المفاجأة عن الكلام, كانت غاضبة للغاية لأنه يتعمد أن يكون وصيا عليها , وأن يتجاهل رأيها, لا لسبب الا لكونها أمرأة ,ومع ذلك لم تستطع مقاومة أحساسها بشعور مثير , لأنه يراها جميلة , بل جميلة للغاية كما قال.
تبعته الى داخل الكافيتريا , حيث الأضواء والصخب وحب الحياة.أتي اليهما المضيف مبتسما , أخذ منه لوكوس قائمة الطعام وأعطاه الطلب بسرعة, شعرت تشاريتي بالضيق لعدم أستشارتها , ونظرت حولها الى الصبي الصغير الذي كان يركض من منضدة الى أخرى لأحضار الطلبات, رد الصبي على نظراتها بقبلة على يده أرسلها اليها في الهواء.
" يا ألهي أن عمره لا يتعدى الأثني عشر عاما".
نظر اليها لوكوس نظرة شغف زادت من حرجها :
"ألم أقل لك؟ هو أيضا يراك جميلة".
" كان الأجدر به أن يكون تلميذا في المدرسة".
ضحك بصوت عال:
" أن الرجل اليوناني يعبَر عن أعجابه بالمرأة وهو ما يزال في المهد".
شعرت بأنفاسها تسرع وهي تدرك تماما الأعجاب الذي بدا في عينيه السوداوين , ووجدت نفسها تتساءل ماذا سيكون شعورها لو وجدت نفسها بين ذراعيه, كان خاطرا مربكا للغاية , لم يرد على ذهنها من قبل , لقد صدمها أن تفكر في رجل بهذا الشكل غير اللائق , وأن يعصف بها مثل هذا التفكير , قالت بسرعة تذكره , وهي مصممة على تغيير موضوع الحديث .

Rehana 25-11-13 02:58 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" لقد أبديت رغبتك في رؤية رسالة أختي".
وضعت الرسالة على الطاولة حتى لا تكون هناك فرصة لتلامس أصابعهما وتابعت:
"سترى كم كانت خائفة , وترغب في أن أحصل على ألكسندر".
قرأ الرسالة مع تقطيبة صغيرة بين عينيه وقال معلقا:
"أمر مؤسف , أهذه الرسالة الوحيدة منها أم أنها تركت لك رسالة أخرى في الفندق؟".
أدهشها السؤال وقالت:
" كان موعدنا عند برج الرياح , وقالت ستروي لي كل شيء . اذا ما الذي يدعوها لأن تكتب لي مرة أخرى؟ بالأضافة الى أنها كانت تكره كتابة الرسائل".
أعاد اليها الرسالة قائلا:
" لا بد أنها كانت تثق بك ثقة عظيمة , ولكن أليس هناك عنوان لها لتردي عليها؟".
" ولكن عنوانها كان معي, أعني عنوانها بأثينا , وكنت أكتب اليها عليه دائما , لم أكن أعلم أنها تعيش في مكان آخر".
" انني أعجب لماذا لم تخبرك أنها في أراخوفا , باعا شقتهما في أثينا منذ نحو عام, ومن حسن الحظ أنني تسلمت رسالتك وقرأتها , لقد فحصت كل أوراق أخي وتعرَفت على خطك فوق المغلف".
" ولكنني لم أراسل نيكوس أبدا!".
" كانت أختك تشاركه في مكتبه , وجميع رسائلك هناك تائهة وسط الفواتير والرسائل الأخرى المتعلقة بعمل نيكوس".
" أوه , لم أتصور أنه يقرأ رسائلي".
" ولم لا؟ أنه زوج فيث".
" أعتقد أنك قرأت رسائلي أيضا , لم تكن غلطتي أنها لم تحتوي على الكثير من المعلومات , فأن فيث لم تكن تبلغني أبدا ماذا كانت تفعل, وهكذا ترى أن هذه الرسائل كانت من طرف واحد".
" هل تصدقينني لو قلت أنني لم أكن أنوي قراءة هذه الرسائل في بادىء الأمر ؟ ولكنني أردت معرفة عنوانك لأبلغك ماذا حدث لأختك , ووجدت نفسي أريد معرفة المزيد عنك , كانت قراتي لرسالتك الأخيرة مفيدة فلم تنتظري في برج الرياح الى ما لا نهاية , أما بقية الرسائل فدارت حول مرض والدك والمنزل الذي تعيشين فيه , تشاريتي , ألم تتح لك الفرصة طوال هذه السنوات لأقتناص نصيبك من المتعة, يبدو لي أنك أصغر من أن تتحملي مثل هذه المسؤولية , أليس لك أقرباء من الممكن أن يساعدوك؟".
" لي عم أعزب , ولكنني لم أره منذ سنوات , في أي حال لم أكن صغيرة الى هذا الحد , بالأضافة الى كولين ".
" آه بالطبع لقد نسيته , بلا شك هذا هو السبب الذي جعل نيكوس لا يطير الى أنكلترا لدى وفاة والدك , أنني مسرور لوجود هذا الكولين ليقوم لك بجميع الترتيبات , فليس من المناسب أن تقوم امرأة بمثل هذه الأمور".
أحست تشاريتي بالدماء تتدفق في وجنتيها ولكنها لم تقل شيئا , كيف تقول له أن كولين لم يكن موجودا في ذلك الوقت, وحتى لو كان موجودا فلن يخطر بباله التدخل في أمورها الخاصة, كان يمكن أن تشعر بشيء من السعادة , لو أن شخصا آخر تولى عنها مسؤولية أتخاذ القرارات السريعة في ذلك الوقت, نظرت الى لوكوس الذي كان مشغولا عنها بالتحدث الى خادم المطعم, لم يكن من طبيعتها أن تعقد المقارنات بين الناس , ولكنها وجدت صعوبة بألا تفكر في كولين, وكيف كانت على ثقة من أنها تستطيع القيام بهذه الأمور خير قيام , ليس بالنسبة لمشاكلها هي فقط ولكن بالنسبة الى مشاكله هو أيضا, في حين أن لوكوس لم يأخذ رأيها فيما تريد أن تأكل- أو تشرب! كان رأيه هو السائد فيما يختص بذلك , لقد حوَل لوكوس مسار تفكيرها الحزين الى شيء آخر استحوذ على مشاعرها , بدأ قلبها يخفق بشعور غريب, يخفق بحب لوكوس , ونظرت اليه خلسة من بين رموشها , وتعجَبت من مشاعرها , هل هذه المشاعر نتيجة تأثير اليونان عليها , اذا كلما أسرعت في العودة الى الأمان في منزلها كان ذلك أفضل.

Rehana 25-11-13 02:58 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قالت شيئا عن أبوللو أثار فيه موجة عارمة من الضحك, رجَت في أنحاء الكافيتيريا , وتصوَرت أن الموجودين سينظرون أليهما في دهشة , ولكن أحدا غيرها لم يلاحظ شيئا غير عادي في أنسان يحاول أن يقضي وقتا سعيدا وعلَق لوكوس على قولها:
" يا فتاتي العزيزة , أؤكد لك أنني لست أبوللو مهما كنت تعتقدين أنني أشبهه , أنا لوكوس باباندريوس ! ألا يكفيك ذلك؟".
لقد ضايقتها هذه الجلسة التي تنم عن صلف أنا لوكوس باباندريوس ! وحاولت أن تتخيل نفسها تعلن أنها تشاريتي آرتشر بنغمة الصوت نفسها , وأزعجها هذا الخاطر فلم تكن واثقة أنها شخص يمكن أن يشار اليه بالبنان وحسدته على هذه الثقة بالنفس , قال:
" سآخذك لتقومي برحلتك الى هيكل أبوللو غدا فهل ستنتظرينني في أثينا حتى أعود اليك بالطفل لتريه؟".
" لقد وعدتني أن أذهب معك!".
كانت توق لرؤية دلفي , ليس لأن أختها عاشت هناك , ولكن لترى ذلك المكان الذي ظلَ الناس يرتادونه منذ خمسة آلاف عام , قال لها وهو يمد يده تعتصر أصابعها في قبضته القوية:
" اذا ستذهبين الى هناك , وآمل ألا يكون ذلك مخيبا لآمالك".
منتديات ليلاس
شعرت تشاريتي بأنها مرهقة للغاية من ضوضاء الكافيتيريا عندما أخذها ليعود بها الى الفندق , لقد عرفت الكثير عن اليونانيين في ليلة واحدة , أنهم لا ينامون ويحبون الحياة مما يجعلها تحب مشاركتهم هذا الحب ".
وعرفت أيضا شيئا عن لوكوس , أبلغها بأنه رجل أعمال على صلة بالسفن والزيتون, ولكن لم يكن ذلك ما يثير أهتمامها , واكتشفت شيئا عن نفسها أيضا, وهذا ما كانت تحب أن تعطيه مزيدا من التفكير , أنه أمر يتعلق بالصبي خادم المطعم الذي-اذا صدق لوكوس - شبه شعرها الأحمر بأشعة الشمس , كانت تريد أن تعيد التفكير أيضا في الطريقة التي كان لوكوس ينظر بها اليها ويرقص معها, وكيف قبَل يدها عندما أفترقا , أضاف ذلك الى الأحساس الغريب الذي كانت تشعر به لأول مرة , أحساسا بأنوثتها أسعدها.
كولين الذي ظنَت أنها تحبه , لم يعطها الأحساس بأنها أمرأة , ولكن هذه الليلة تغيَر كل شيء , برغم دموعها وحزنها على وفاة أختها , الا أنها أمسكت بومضة من ومضات الحياة , ولن يكون هناك مكان للحزن بعد الآن.
غدا, سيكون مجال للتفكير في فيث وابنها, اذا كانت ستضع ثقتها في لوكوس , ولكن هذه الليلة بالذات فلن تفكر الا في أحلام تداعبها , وسعادة بالحياة كما يفعل لوكوس , نظرت في المرآة وأدهشها أنه لم يكن على وجهها أثر للدموع التي ذرفتها , كانت عيناها تشعان بريقا مثل بريق عينيه عندما يضحك على بعض النكات , أطفأت النور وجذبت الغطاء , وقررت أن تضع خطة صارمة قبل أن ترى لوكوس مرة ثانية , لكنها نامت لحظة وضعت رأسها على الوسادة.

Rehana 25-11-13 02:59 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
3- المرأة المجهولة

نظرت تشاريتي الى الأطلال الأثرية في دلفي والى المسرح الأغريقي , الى الأعمدة الست المتبقية من هيكل أبوللو , والطريق الذي اصطفت على جانبيه الكنوز المختلفة التي تمثل جميع أنحاء اليونان.
أوقف لوكوس السيارة على جانب الطريق ليسمح لها بالتمعن في الآثار وأخذ يشرح لها عن الأساطير اليونانية المرتبطة بها .
ثم عاد الى السيارة وقادها لوكوس حتى وصلا الى قاعدة الهيكل حيث أوقفها , وأسرعت تشاريتي صاعدة الدرج قبله, كانت تتحرق شوقا للسير في الطريق القديم المتعرج المؤدي الى أعلى الهيكل , قال لها لوكوس:
" سيفوتك الكثير اذا أسرعت بهذا الشكل, يجب عليك أولا مشاهدة الكنوز على جانبي الطريق".
أطاعته تشاريتي وسارا جنبا الى جنب , وهو يشرح لها كل شيء يقع عليه نظرهما, وظلت تتحرك بخفة صعودا ونزولا في المستويات المختلفة للهيكل.
جلست تشاريتي على حافة الهيكل , شعرت بمزيد من الراحة تجاه موت أختها , فقد ظلَت طوال الطريق من أثينا يتسلط عليها شعور بأنهما قد يمران بالبقعة نفسها حيث لقيت فيث حتفها , وظل لوكوس طوال الطريق صامتا تقريبا.
سألت تشاريتي لوكوس:
" هل كان الحادث بالقرب من هذا المكان؟".
أومأ لوكوس بالأيجاب , ولكنه لم يحدد لها بالضبط موقعه , وفكرت في رسالة أختها , وسبب مجيئها الى اليونان , كانت حياتها موزعة بين أفراد عائلتها , تلتقط قطعا متناثرة من أعمارهم , لم تكن لها حياة خاصة بالمعنى الحقيقي, وكم رغبت في أن تكون هي نفسها, وأن تسير في الطريق الذي تريده , حتى تستطيع هي أيضا أن ترفع رأسها عاليا قائلة في تصميم: أنا تشاريت آرتشر , هل هذا الشيء بكثير الآن , بعد أن مات أبوها وأحدى شقيقاتها ولم يبق لها سوى هوب . التي لم تكن في حاجة أليها .
نظرت تشاريتي الى أعلى وهما يصعدان المسافة القصيرة الى المسرح.
" من المؤسف الا تدب الحياة في هذا المسرح , طوال الصيف المقبل كما أراد نيكوس , أنه مكان لا مثيل له , أليس كذلك؟".
كان عليها الأعتراف أنه كذلك بالفعل , لقد بدا صغيرا عند النظر اليه من أسفل , وضم ثلاثة وثلاثين صفا من المقاعد , ترتفع على شكل نصف دائرة حول المسرح في أسفله , أسرعت تشاريتي تصعد الدرجات في خفة وجلست بالقرب من القمة.
كانت الشمس قد احتجبت عند عودتهما الى السيارة , وبدأ المطر يهطل ببطء على الوادي .
قال لوكوس:
" لا تقلقي , سنعود مرة أخرى بعد الغداء لألقاء نظرة سريعة على المتحف, قرية دلفي تقع عند المنعطف , ولكن علينا العودة الى أراخوفا".

Rehana 25-11-13 03:01 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أسندت رأسها على جانب المقعد ونظرت اليه قائلة:
" أشكرك على أصطحابي الى هنا , لن أنسى لك ذلك أبدا".
كان الطريق متعرجا حول الجبال , ومرتفعا بحدة نحو القمة حيث قرية أراخوفا , كانت منازلها مقامة على المنحدرات , بحيث يقع سقف المنزل في نفس مستوى الدور الأرضي للمنزل الذي يليه , وعند وصولهما أراخوفا تحوَل المطر الى سيول.
أوقف لوكوس السيارة في مكان مناسب قائلا:
" علينا أن نذهب سيرا على الأقدام ".
أمسكها لوكوس من ذراعها , واندفع بها صاعدا أحدى حارات البلدة , منبها ايَاها أن تأخذ حذرها لئلا تتعثر في الماشية والدجاج المتجولة بحرَية عند وصولهما الى القمة وهما يلهثان , قال لوكوس:
" كان نيكوس يحب هذا المنظر ".
قالت تشاريتي لنفسها : أستطيع أن أفهم هذا , ولكنها لم تستطع مقاومة نفسها من التعجب كيف كانت فيث تتصرف , وهي تحمل مشترياتها صاعدة الى ذلك التل , أو هابطة منه الى بداية الطريق , سألت تشاريتي:
" هل هذا هو المنزل؟".
منتديات ليلاس
لا تستطيع التصديق, كان الدور الأرضي يستعمل كأسطبل وليس به سوى حمار واحد.
لم يهتم لوكوس بالأجابة , وسبقها الى درج حجري يؤدي الى غرفة الجلوس في الطابق العلوي وهو ينادي باليونانية , أطلَت أمرأة عجوز ظهر على وجهها علامات الشك والعداء , سرعان ما تلاشت عندما تبينت من القادم.
" لوكوس , هذا أنت! حسبتك شخصا آخر".
" هل تودَن رؤية الطفل أولا أم ترغبين في تناول الطعام؟".
" أرغب في رؤية ألكسندر".
كلَم المرأة العجوز التي ابتسمت فجأة لتظهر مجموعة من الأسنان السوداء غير المستوية , قال لوكوس بجفاء:
" المرأة هي مربية ألكسندروس وهي ترعى الطفل والبيت, أنها من نساء القرية وجديرة بالثقة".
هزت تشاريتي رأسها تحيَة للمرأة , وأنتظرت بلهفة وهي تراها تذهب الى غرفة النوم لتأتي حاملة الطفل على ذراعيها , كان نائما, ولكنه فتح عينيه عندما مدَت تشاريتي ذراعيها لتتلقاه , وتثاءب في وجهها , كان متدثرا في دفء , تشع منه رائحة الحليب وبودرة الأطفال . جعل الدموع تملأ عينيها عندما نظرت اليه , بكت بسبب شعره الأحمر الذي يشبه لون شعرها وأهدابه البرونزية التي تحرس عينيه الواسعتين, نظرت الى لوكوس في شيء من الأتهام , وقالت في تعجُب:
" أنه يشبه آل آرتشر في كل جزء منه".
قال فجأة مذكرا اياها:
" ولكن اسمه باباندريوس , سأكون شاكرا لك لو تذكرت ذلك جيدا".
" لا أعتقد أنك ستسمح لي بنسيانه , ولكن لا يمكنك تغيير ملامحه , أنه يشبه فيث تماما , أليس كذلك؟".
جاء ونظر الى الطفل من فوق كتفيها وقال:
" ليس بالضرورة , أما اذا كان لا بد , فأنني أقول أنه يشبهك أنت أكثر , فلم يكن لفيث نضارة بشرتك".

Rehana 25-11-13 03:11 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
رمقته بنظرة خجولة وودَت لو أنها لم تفعل , لأن تعبير الرضى الذي ملأ وجهه أثار التوتر, مما جعلها تتساءل فجأة ماذا سيكون شعورها لو أحست بوجهه يلامس وجهها , حاولت وقف أتجاه تفكيرها , وشعرت أن يديها ترتعشان مما أيقظ الطفل الذي بدا أنه يفكر في البكاء , هزَته برفق وهي تخفي وجهها في وشاحه وكلَمته بالأنكليزية في رقة , قال لوكوس في لهجة آمرة:
" تعالي , لقد حان وقت الغداء , يستطيع الطفل أن ينتظر ".
" كم هو طفل حبيب , أنني أرغب, أعرف أنه ينتمي الى باباندريوس أيضا , ولكنني أتمنَى لو كان لي".
رفع لوكوس حاجبيه في دهشة وقال:
" سيكون لك أطفالك أنت , وقد يختلف شعورك نحوه".
" أبدا".
كانت نظرته الساخرة كفيلة بأن تجعلها تشعر بأنها حمقاء , أعادت الطفل الى مربيته التي وضعته في مهده , جالت تشاريتي بنظرها في الغرفة , وشعرت أن أشياؤها تبدو يونانية صرفة, وأن فيث لا بد شعرت بأنها غريبة في هذا الجو , لم يكن في الغرفة شيء حديث سوى صورتين معلقتين على الحائط للعذراء والطفل , أمامها مصابيح حمراء صغيرة لم تكن مضاءة , أما بقية أثاث الغرفة فكان متواضعا للغاية, منضدة لامعة في وسط الغرفة حولها أربعة مقاعد مصنوعة يدويا , ومنضدة ثانية , وهو كل أثاث الغرفة , وعلى الأرض أمتدَ بساط ذو لون برتقالي فاتح بدا عليه كثرة الغسيل , وفي غرفة النوم , استطاعت تشاريتي أن تلحظ سريرا كبيرا مزدوجا ومهد الطفل.
سألت لوكوس وهما يجلسان الى المائدة:
" ما الذي حدث لكل أشياء فيث؟".
" أخذت الكتب والأوراق الى شقتي في أثينا , أما بقية الأشياء , فقد تم توزيعها , لو علمت بقدومك لحفظت لك ملابسها".
" ليس هذا بالأمر الهام".
" لم تكن أختك تملك شيئا سوى زوجها لذا لم يكن ضروريا كتابة وصية أو شيء من هذا القبيل!".
ابتسمت تشاريتي وقالت:
" ما دام نيكوس تخلَى عن أعماله التجارية لا أعتقد أنه كان يمتلك الكثير , فلو كان يملك شيئا لما أقاما هنا , أليس كذلك؟".
عادت المرأة اليونانية الى الغرفة ووضعت على الطاولة زجاجة شراب بدأت سكبه في أكواب لا تعرف من أين جاءت بها , وهي تحث لوكوس على تذوقها.
قال لوكوس لتشاريتي :
" هذا الشراب تعودنا عليه, ولكن يمكنك شرب الماء , طلبت من أفيجينيا أن تحضره لك".
شربت تشاريتي من الشراب لترضي لوكوس , في بداية الأمر لم تكن تستسغ مذاقه , ولكنها بدأت تتعوَد وقالت في حرص:
" أنا لا أشرب كثيرا".
ولم يعد بأستطاعتها مواجهة نظرات عينيه , وأحست بالراحة حين أحضرت أفيجينيا صحنا كبيرا يتصاعد منه البخار, يحتوي على نوع من الخليط , وبدأت توزيعه عليهما بكرم ظاهر.
كانت وجبة سعيدة, أنست تشاريتي أن فيث لم تكن تشعر بالأنتماء الى هذا البيت , أنه شعور غريب تسلط عليها لم تعرفه في حياتها من قبل, فقد عاد اليها السحر نفسه الذي أحاطها لوكوس به في الليلة السابقة , وأحست أنها تقترب من أكتشاف عظيم , ورحبت بهذا الشعور.
عندما استيقظ ألكسندر وبدأ في البكاء , شعرت بالأسف لأن بكاءه أنهى الوجبة الشهية , أحضرته أفجينيا من غرفة النوم بعد أن غيَرت له ملابسه ووضعته على ركبة تشاريتي , وسألت بعض الأسئلة التي ترجمها لوكو.س.

Rehana 25-11-13 03:12 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" أنها تسأل اذا كنت تودين أطعامه...".
سعدت تشاريتي وقالت:
" هل يمكنني ذلك حقا؟ أنه صغير جدا , أليس كذلك؟".
" كل الأطفال المولودين حديثا يبدون هكذا . أن عمره الآن لا يتعدى سبعة أسابيع".
" لاأعرف كيف كانت فيث ترتاح لتركه".
" كان الأجدر بها أن تبقى معه, أن النساء العصبيات يسببن الأزعاج لغيرهن".
قالت تشاريتي محتجة:
" لم يكن هذا قولا طيبا منك".
" لو كانت زوجتي لعرفت كيف أتعامل معها, لن تهرب من بيتي بهذا الشكل مهما كانت تصرفاتي , كان يجب عليها البقاء مع أبن نيكوس , لا أن تهرب وتسبب لنفسها الشقاء".
" أكيد أن نيكوس فعل شيئا لا تطيقه!".
" كان زوجها , ولها طفل وكان يجب أن يكفيها ذلك".
" أن معظم النساء الأنكليزيات يشعرن أن لهن حقوقا مثل أزواجهن , ربما نيكوس أساء معاملتها لدرجة أن صبرها نفذ".
" يجب على المرء أن يكون اما رجلا أو أمرأة".
يبدو أنه لم يكن هناك رد على ذلك, وهكذا شغلت تشاريتي نفسهابأطعام الطفل , وهي منبهرة بالطريقة التي التهم بها حلمة الزجاجة وأخذ يرضع الحليب منها, راقبها لوكوس لفترة , ولكن يبدو أن المنظر لم يرق له لأنه ألقى بنفسه على المقعد وأخذ يدق الطاولة بأصابعه, لاحظت تشاريتي بشيء من المتعة أن يديه نادرا ما تظلان ساكنتين , فهو يستخدمها عندما يتحدث ليؤكد على نقطة ما , أو حتى للتعبير عن أشياء بدون اللجوء الى الكلام أطلاقا.
وعندما يكون صامتا فهو يلعب دائما في أشياء تقع بين يديه, لا عجب اذا أن اليونانيين كانوا نحاتين قبل أن يكونوا شيئا آخر, كان الطفل قد أنتهى من رضاعة نصف الزجاجة عندما سمع نهيق الحمار معلنا وصول زائر, ونظر لوكوس عبر النافذة اتجاه الباب , لكنه لم يحاول النهوض لأستقبال الزائر.
منتديات ليلاس
نادى أفيجينيا وأومأ لها برأسه اتجاه الباب , تعثرت المرأة اليونانية وهي تسير عبر الغرفة لتفتح الباب الذي تدفقت منه رياح باردة , وصاحت مرحبة باليونانية ... ورد عليها باليونانية , صوت أنثوي رقيق , وسمعت أصوات وقع الأقدام مسرعة على الدرج الحجري , حولت تشاريتي نظرها عن ألكسندر , وهي تتساءل ترى من تكون هذه المرأة المجهولة, دخلت المرأة مندفعة الى الغرفة وتوقفت عند المدخل لتتبادل معهما النظرات , كانت ذات ملامح أغريقية أصيلة, وبنية قوية مع بعض الثقل عند كتفيها وصدرها , وعندما وقع بصرها على تشاريتي بدا عليها الأرتباك بوضوح , وقالت فجأة بالأنكليزية:
" أنت شقيقة فيث؟".
أنطلق ألكسندر بالصراخ بشكل حاد , عندما توقف الحليب في الزجاجة عن الوصول الى فمه , وكان كفيلا بأعادة تشاريتي الى الأهتمام به , ابتسمت له وأخذت تربت عليه لتهدأ من ثورته , قال لوكوس من خلال الهدوء الذي ساد الغرفة:
" أقدَم الآنسة تشاريتي , الآنسة أدرياني فوزاس وحدة من أشهر ممثلاتنا , وكانت ستظهر في مسرحية نيكوس".
قالت أدرياني وهي تبدو عابسة:
" لقد استأجر لي غرفة في القرية".
ونظرت الى لوكوس نظرة سريعة من بين أهدابها وأضافت:
" لم يكن لوكوس موافقا , وسأعود الى أثينا لأرضائه, ولكنه رجل يصعب أرضاؤه, صدقيني!".
وافقت تشاريتي على كلامها , وراقبتها بأنبهار , وهي تعبر الغرفة وتلف ذراعيها حول رقبة لوكوس في حركة مسرحية قائلة له بأستعطاف:
" قل أنك مسرور لرؤيتي".
" لماذا تمكثين هنا؟".
" ظننت أنه ربما يقوم شخص آخر باستكمال المسرحيات , ولكن أحدا لن يفعل , كل شيء يبدو مختلا بدون نيكوس".
مال لوكوس الى الأمام ولمسها برقة فوق خدها قائلا:
" وأكثر أختلالا ... بالنسبة الى ألكسندروس".
" أن له خالته".
" وأنت كل شيء لك وفي أنتظارك في أثينا".
قالها وهو يبتسم....

جنى وكرمه 25-11-13 05:03 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
مبروك اخت ريحانه الروايه رواياتك كلها متميزه وجميله واشكرك جدا على اغلفة الروايات فكره رائعه بتخلينى اتخيل الابطال بترسمي الاحداث كأنى بشاهد فيلم مش روايه :0041:

Rehana 27-11-13 05:43 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
جنى شكرا لكلامك الرقيق
وانا بحب دائما اضيف اغلفة الروايات الاصلية كل ماتوفرت عندي
نورت الرواية بردك

Rehana 27-11-13 05:45 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
4- أنت لا تحبني

حاولت تشاريتي تجنب نظراتها , وهي تعجب من شعورها بالغضب, ربما كانت علاقتهما تسمح لهما بهذه التصرفات أو كانت العائلتان متعارفتين منذ أعوام, بالأضافة الى أن أردياني كانت تعمل لصالح نيكوس , وأن ما يحدث ليس له علاقة بلوكوس , ولكن ما الذي ينتظرها في أثينا؟ شقة جديدة؟ وبدأ ألكسندر يحتج, ملوحا بقبضة صغيرة في الهواء عندما بذلت خالته ما في وسعها لتنظيف فمه بمنديل , راقبتها أردياني وعلقت قائلة:
" يبدو أنك تعرفين جيدا ما تفعلين!".
وافقتها تشاريتي:
" الى حد ما, كان لي أصدقاء لهم أطفال صغار , ولكن لم يكن لي تجربة شخصية معهم".
ابتسمت أردياني في خبث وتحولت الى لوكوس قائلة:
" مما يؤسف له أن أفيجينيا لن تذهب الى أثينا , ماذا ستفعل بالطفل؟ أن والدتك لن تسعد بوجوده في كيفيسيا".
" هناك دائما أليكترا".
قالها بجفاء, ردت ضاحكة:
" آه , نعم , أليكترا , لقد نسيتها , يا للمسكين ألكسندروس , آمل ألا تخنقه بحبها".

Rehana 27-11-13 05:48 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قطب لوكوس جبينه وقال مؤنبا الفتاة اليونانية:
" أنت تخيفين تشاريتي عندما تتحدثين بهذه الطريقة , أنها تريد أن تأخذ ألكسندروس لنفسها".
" ألكسندروس فقط؟".
" ليس هذا من شأنك , تشاريتي , اذا لم تنتهي من أرضاع الطفل , دعي أفيجينيا تقوم بذلك , علينا الأسراع اذا أردت رؤية المتحف وأنا لا أرغب في تسليم الطفل الى والداي في وقت متأخر".
أخذ الطفل منها بيدين قويتين وذهب بنفسه الى غرفة النوم وأعاده الى مهده وتابعته أردياني بتهجم:
" أعتقد أنكما ذهبتما هذا الصباح لمشاهدة دلفي؟ لو علمت بعودتكما الى هناك مرة أخرى لما أتيت , أشعر بالتعاسة لرؤية هذا المسرح الرائع, وأنا أعلم بعدم تمثيلي هناك أبدا, كان لدينا خطط رائعة, نيكوس وأنا, أنه عبقري بطريقته الخاصة , برغم أن أختك لم تقتنع أبدا , أو تقدر ما يحاول القيام به, كانت تريد منه أن يعود الى أثينا".
تجولت تشاريتي بنظراتها في أنحاء الغرفة وقالت:
" أنني لا أستغرب ذلك".
" هل تعنين الأثاث؟ هذا ليس مهما لم يكن عليها المجيء الى أراخوفا".
ظهر لوكوس خارجا من غرفة النوم , وقال شيئا باليونانية لأردياني جعلها تلوذ بالصمت , ثم قال لوكوس بالأنكليزية :
" ما دام نيكوس قد أتى الى أراخوفا فمن الطبيعي أن تحضر معه فيث, كانت أمرأة بيته وزوجته يا أردياني!".
ثم دار بينهم حديث عن فيث شعرت منه تشاريتي بمدى كراهيتها لأراخوفا , ثم خرج الجميع.
أطارت الرياح العنيفة تنورة تشاريتي لتصطدم بشدة بساقيها بينما كانت تمر عبر الحارة المنحدرة , لاحظت أن أردياني تمسك بذراع لوكوس بقوة, لم تعتد تشاريتي التعلق بذراع أحد, وشعرت بالغباء لأن الأمر لم يكن سوى أحساسها بالحسد الأنثوي عندما شاهدت أقتراب رأسيهما, وعينا أدرياني لا تفارقان وجه لوكوس , ما هذا التفكير الصبياني! أنهما أصدقاء منذ زمن بعيد, في حين أنها دخيلة ووجودها غير مقبول, أذا ماذا يهمها ماذا يفعلان؟.
عندما وصلوا الى السيارة أبدى لوكوس حرارة وودا اتجاهها , الأمر الذي زادها كرها له , وقال لنفسها: ليحتفظ بسحره لأردياني.
وصل جميعهم الى دلفي . وكانت في نظر تشاريتي بلدة رائعة الجمال, نظر لوكوس نظرة ذات معنى الى ساعته وقال لتشاريتي:
" أمامك نصف ساعة فقط . لا يمكننا الأنتظار أكثر من ذلك".
وتساءلت: هل سيأتي لوكوس معها أم سيظل في السيارة مع أردياني , ولكنه نزل من السيارة ناصبا قامته القوية ذات البشرة الذهبية.
" هل تريدين أن آتي معك؟".
هزت رأسها بسرعة موافقة , بالفعل كانت تريده معها , وقالت وهما يقتربان من مدخل المتحف معا:
" هل يمكنك ذلك؟".
" كنت سآتي في أي حال, لأنني أتعجَلك في أول زيارة لك , ولكنك ستعودين الى زيارته مرة أخرى".
" نعم, فسأقوم بزيارة ألكسندروس كلما تمكنت من ذلك".
" لا أعتقد أن هذا آخر عهدنا برؤيتك".

Rehana 27-11-13 05:49 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
تجوَلا في أنحاء المتحف , حيث قام لوكوس بمهمة شرح أشياء معينة مما يحتويه , في حين لو أنها بمفردها لأعطت كل شيء مما تراه جزءا من وقتها , أمسكها لوكوس من ذراعيها بطريقة وديَة بينما كانا في طريقهما الى السيارة , ولم تحاول أن تتخلص منه , كانت سعيدة بهذا الأتصال وودت لو أنه لا يترك ذراعها حتى يصلا الى السيارة , وسألته تشاريتي وهما يهبطان درج المتحف:
" هل ستعود أدرياني معنا الى أثينا؟".
" آمل ذلك تشاريتي , أرجو أن تكوني لطيفة معها قدر أستطاعتك , أن والديها على خلاف معها , وعودتها الى أثينا تكلفها الكثير".
سألته تشاريتي وهي تحاول ألا تتبسط معه في الحديث:
" أليست هي في سن يجعلها قادرة على رعاية شؤونها بنفسها ! أعني ألم تتعدَ الواحدة والعشرين الآن؟".
ابتسم لوكوس وقال:
" مثل هذه الأمور لا تهم كثيرا في اليونان كما في أنكلترا بالنسبة للمرأة , بطبيعة الحال يحب أبواها أن يحمياها بقدر أستطاعتهما , هذه هي تقاليدنا".
" ألم يرغبا في أن تقوم بالتمثيل في مسرحية نيكوس ؟ أن الأمر كما يبدو لي , لا يشكل أي خطورة ".
" ولكن دلفي تبعد كثيرا عن أثينا".
توقف لوكوس بينما كانت يده تشدَد قبضتها على يدها, سألها:
" هل ستحسنين معاملتها؟".
منتديات ليلاس
" نعم, اذا كانت هذه رغبتك , سأحاول ولكنني أعتقد أنها لا تحبني كثيرا, وأنها لم تحب فيث أيضا, لعلمك فيث على حق تماما , كان يجب على نيكوس أن يعود ألى أثينا مهما كان الثمن , فمن واجبه رعاية زوجته وطفله, ولا يمضي متصورا نفسه منتج الأجيال".
" حسنا, حسنا".
" لا يهمني ما تقول , فسأظل واقفة الى جانب فيث".
" ألم يهمك ما أقول؟".
قالت في أنكار:
" لا يهمني".
بينما عيناها تتسعان, والواقع أن رأيه كان يهمها , لماذا؟ لم تكن تعرف.
" كانت أختي".
" قد تكون فيث أختك , ولكنها كانت متزوجة من نيكوس , وما حصل بينهما ليس من شأنك ".
" في الوقت الذي يمكنك أن تجعل كل شيء من شأنك أنت , أليس كذلك؟ نيكوس , فيث , ألكسندر , حتى أنا!".
ثم أخذت نفسا عميقا باكيا وهي تشعر أنها مجروحة تماما وأردفت:
" حتى أردياني".
" يبدو لي أنك تتدخلين في شؤون عائلتي , أنَ كلينا سيشعر بالراحة عندما يأتي رجلك كولين هذا".
ترك ذراعها فجأة , ورماها بنظرة عميقة ساهمة وقال:
" لا تعتمدي كثيرا على صبري معك".
" أنت أيضا لا تحبني".
شعرت بحماقتها عندما قالت ذلك.
" ترى, ماذا صدر مني؟".
ضحك فجأة وأمسك بذراعها مرة أخرى وقال:
"أنت .... أنت دائما , وهذا يكفي تماما".

Rehana 27-11-13 05:49 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" أنني أنا؟".
هل يعني أنه يراها شخصية لها كيانها الذاتي المستقل , وليست مجرد أخت فيث؟ أضافت:
" ماذا لو لم يحضر كولين؟".
" أن الأمر يستحق التفكير به".
قالها بحزن وهو يدفعها اتجاه السيارة.
" هل يريحك أكثر أن تجلسي على المقعد الأمامي, أنت والطفل؟".
" لا ضرورة لذلك, أستطيع أن أعطيه كل أهتمامي في المقعد الخلفي, كما أن أردياني تستطيع أن تحدثك باليونانية".
" اذا فالأمر بالنسبة اليك مجرد يوناني, أليس كذلك يا عزيزتي؟".
كانت هذه هي الحقيقة , ولكن تشاريتي رفضت أن تعلنها , تحولت أردياني الى لوكوس وابتسمت له وهو يدخل السيارة بجانبها , ألقت تشاريتي بظهرها على المقعد الخلفي وهي تشعر فجأة بأنها متعبة ومهزومة , كان لوكوس محقا, أن الأمر كله يوناني بالنسبة لها, لم تكن تصدق أبدا أن فيث أقامت في مثل هذا البيت , ولكنها لا تعرف شيئا عن نيكوس, ربما كان يستحق هذا, البرد والفقر , والأقامة في أراخوفا , ولكن اذا كانت فيث أحبَت نيكوس الى درجة تحمُل كل ذلك , ما الذي حدث لتهرب منه؟
توقفت عن التفكير في هذا اللغز , وحوَلت أهتمامها الى مشاهدة الحقول التي أخذت تتوارى الى الخلف.
خرجت أفيجينيا من أحد متاجر أراخوفا وهي تحمل ألكسندر , كان الحزن واضحا على وجهها وهي تضع الطفل على ركبتي تشاريتي , وربَتت على رأسه وتحسست شعره الأحمر, ثم أستدارت مبتعدة عنهم وهي تمتم بدعوات كانت مثقلة بأحزان الفراق , تمنت تشاريتي لو أنها تعرف اليونانية , لتحدثت الى المرأة أو الى أي أنسان يعرف من هي فيث معرفة حقة, أثناء اقامتها في أراخوفا , أنسان تثق هي أنه كان مغرما بها, كما هي مغرمة بأبنها.
" أوه , يا ألكسندر".
" سيكون ألكسندروس مرتاحا مع والداي , في عمره هذا لن يلاحظ كبر سنهما ".
"أن الأطفال في حاجة للحب , فهل سيمنحانه له؟".
ضحكت أردياني ضحكة خافتة طويلة وقالت:
" ستمنحه أليكترا الحب, ستغرقه بحبها".
" هذه مجرد ترتيبات مؤقتة , فسأنتقل بألكسندروس الى شقتي, وأجد من يرعاه , ربما أليكترا تقوم بالمهمة في الوقت الراهن , ولكنها هي الأخرى ليست صغيرة الآن".
أغمضت تشاريتي عينيها , وحاولت أن تفكر بكولين بشيء من الحماس, في عقلها صورة له عن آخر مرة رأته فيها, كان شعره الذهبي مجعدا , النظافة المفرطة أهم ما يميز مظهره, وبفضل الملابس التقليدية الغامقة دائما مع القميص الأبيض وربطة العنق الوقورة , وحياته شبيهة بملابسه , كان يعمل في بنك وله شقة صغيرة مؤجرة يقوم بنفسه على تنظيفها وترتيبها , لا يمكن لأحد أن يعترض على زواجها منه حتى لوكوس.
أحست بالخطر مع أزدياد أدراكها بدفء جلد لوكوس والطريقة التي تمسك بها يداه الجميلتان عجلة القيادة, لم تستطع تحويل نظرها عنه, وتمنت لو تلمسه بأطراف أصابعها , بذلت جهدا في محاولة السيطرة على نفسها, يا للحظ! أن الظلام سيحل على الفور , ما الذي دهاها؟ كلما أسرع كولين بالمجىء كان أفضل, وتذكَرت أنها لم تطلب منه حتى الآن أن يأتي , سوف تتصل تلفونيا الليلة عند عودتها الى الفندق.

Rehana 27-11-13 05:51 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
توقف لوكوس قليلا أمام فيللا دائرية الشكل تحيط بها حديقة مسورة , لا شك أن نقودا كثيرة أنفقت على هذا المنزل , على عكس بيت أراخوفا.
ارتعشت أردياني وهي تتسلل بنظرها من نافذة السيارة , وقالت للوكس:
" لن يرغب أحد في رؤيتي".
وضع يده على كتفها وجذبها اليه.
" تعالي يا أردياني لتريهما, سيعتقدان أن هناك خطأ اذا بقيت وحدك هنا".
جالت تشاريتي بنظراتها المتسائلة من واحد الى الآخر, ولكنهما تجاهلاها , وتمنت لو لم يتحدثا بالأنكليزية , ما داما لا يريدانها أن تعرف شيئا عما يدور بينهما.
ترى ما هو السر الذي يحيط بأردياني, ويجعلها تسبب مثل هذا الأضطراب لوالداي لوكوس ؟ ألقت اليه نظرة تنم عن صبر نافذ , وضمَت ألكسندر الى صدرها ونزلت من السيارة مسرعة , لدرجة أن ذراعها أصيبت بأحتكاك بالباب , لاحظ لوكوس غضبها فقال:
" أنك تحتدين بلا سبب".
" ليس من الذوق أن تتحدثا بهذه الصورة أمامي , يمكنكما أن تحتفظا بأسراركما!".
" سأفعل ذلك! هل آخذ الطفل؟".
" كلا! لقد أستيقظ لتوه وقد تفزعه".
منتديات ليلاس
وانطلقت نحو المنزل, وهي تدق الممر بكعب حذائها في غضب, ولكنها لم تبتعد كثيرا حتى وجدت يديه على كتفيها ويديرها نحوه لتصبح في مواجهته , وقال بهدوء ولكن بعناد:
" أنا سآخذ ألكسندروس , حان الوقت ليتعود عليَ يا آنسة آرتشر , واذا فزع , فهذا ليس من شأنك".
ردت عليه باحتجاج:
" بل من شأني , أفزاع طفل من شأن أي أنسان, وألكسندر ابن أختي".
" لقد نسيت, وأعتقد أنك نسيت أنه ابن أخي أيضا".
تخلت له عن الطفل على مضض , ولاحظت وهي تضعه على ذراعيه , الرقة التي وضع بها يده تحت رأس الطفل , وضايقها أكثر الطريقة التي ثرثر بها ألكسندر وهو ينظر اليه.
" أنت لا تسمح لي أن أنسى يا سيد باباندريوس".
أثار غضبها بضحكه , وجذب شعرها بيده الخالية بشدة آلمتها , وضحك مرة أخرى من تعبيرات الغضب التي أرتسمت على وجهها وقال:
" هل نعلن الهدنة فيما بيننا الى أن يصل خطيبك؟".
تلاشى غضبها عندما جاء ذكر كولين , شعرت بالحزن وقالت متوسلة:
" أنني أود رؤية ألكسندر ولكن لا يمكنني المجيء الى اليونان كثيرا , أنه أمر مكلف للغاية".
" سوف نتحدث في ذلك أيضا عندما يأتي".
" أفضل أن أرتب أموري بنفسي".
" لقد رددت على مسمعي ذلك, أنني أرثي لكولين".

Rehana 27-11-13 05:52 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
لم يتح لها الفرصة للرد على هذه الملاحظة الجافة , فقد فتح الباب الأمامي على مصراعيه وألقت سيدة مسنة نظرة واحدة على الجميع , وأطلقت صرخة ترحيب واندفعت نحو ألكسندر وهو آمن في مهده , بينما راحت تطلق صرخات البهجة , قالت أردياني:
" أليكترا".
وقدَمها لوكوس قائلا:
" خالتي".
أعدَت تشاريتي نفسها لتحية المرأة اليونانية , ولكن أليكترا لم تر أحدا سوى الطفل , وفي لحظات كانت قد أختطفته من لوكوس واندفعت به داخل المنزل معلنة قدومه لكل من يستمع اليها , تابعتها تشاريتي بنظراتها مندهشة , وسمعت أردياني تضحك خلفها , وتذكرت ما قالته من أن أليكترا ستمنحه كل الحب في بيت جديه , نظرت الى لوكوس نظرة فيها كبرياء وتحد , اذا كان يظن هو, أن أليكترا هي الشخص المناسب لرعاية ابن أختها , فهي لا ترى ذلك, كان بريق عينيه قد أشعل جمرات في خديها , فأشاحت بوجهها بعيدا عن لوكوس.
" كما قلت لك, مجرد ترتيبات مؤقتة".
" آمل ذلك".
لم يكن لقاء والديَ لوكوس بالمحنة التي توقعتها , كانت أمه صغيرة الحجم وممتلئة , يداها منشغلتان دائما بالتطريز الذي تهواه وتجد متعة فيه, وعندما قابلت تشاريتي أحنت رأسها قليلا ورحبت بها باليونانية ولم تحادثها مباشرة مرة أخرى, ولكن تشاريتي كانت تشعر أنها تراقبها من وقت لآخر , وتمنت لو أنها لم تقارنها بفيث.
كان لزوجها نفس ملامح ابنه, ولكنه أصغ حجما وزاد وزنه كثيرا في السنوات الأخيرة , له ولع بالجمال كما ظهر شعوره بالسعادة بصحبة أردياني , غازلها وامتدح مظهرها واعتصر يديها بين يديه , وفجأة التفت الى تشاريتي قائلا باليونانية:
" أذا أنت أخت فيث؟".
أومأت تشاريتي بالأيجاب , بينما قامت أردياني بالترجمة وهي تبتسم لتشاريتي في تعاطف.
" لماذا أتيت الى اليونان؟ كنا نتساءل دائما اذا كان لأختك أسرة في أنكلترا , لقد تأخرت كثيرا في الحضور الى هنا, لقد ماتت هي ونيكوس".
قالت تشاريتي بثبات:
" لم أكن أعلم ذلك عندما أتيت".
وسار نحو رف مثبت في الحائط , وبحث بين مجموعة التماثيل والأيقونات الموضوعة عليه, وعاد وفي يده صورة ألقى بها على ركبة تشاريتي وقال:
" أبني نيكوس".
هل هذا زوج فيث حقيقة؟ هذا الشاب الغريب المشعث, ذو العينين المفكرتين , والنظرة التي تنم عن أنه رأى كل شيء يمكن رؤيته.
" أنني آسفة".
أنتزعت أردياني الصورة منها وأعادتها الى الرف وقالت:
" كان نيكوس شيئا آخر يتدفق حيوية , ان هذه الصورة لا تعبَر عنه في شيء, كيف يمكن لآلة التصوير أن تعرف ما يفكر فيه الأنسان أو يشعربه , حتى سبيرو وكزينيا والدي نيكوس لم يعرفا عنه شيئا".
توقف لوكوس عن الحديث مع أمه ونظر عبر الغرفة الى أردياني وقال:
" لم يكن من الصعب فهم نيكوس , كانت له زوجة وطفل وشغوفا بالمسرح , ليس من المستحسن أن تحيطيه بكل هذا الغموض, أليس كذلك؟".
وافقته أردياني وجلست بالقرب من كزينيا باباندريوس التي ابتسمت وبدأت تريها التطريز .
أما سبيرو باباندريوس فلم يقتنع وقال باليونانية:
" بل هناك الكثير عن نيكوس".
أحاط لوكوس والده بيديه وقبله بطريقة تلقائية رقيقة وقال:
" تشاريتي تعتقد أنني أبوللو. وقد قلت لها أن نيكوس يشبه ديونيسيوس ألا توافقني؟".
قال الوالد في سرور:
" نعم, هذا صحيح , لا بد أن أكون أنا زيوس كبير الرموز نفسه حتى أنجب مثل هؤلاء الأبناء وضحك قائلا:
" أبوللو وديونيسيوس, هذا رائع , رائع".

Rehana 27-11-13 05:53 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
5- الزوج المناسب

كان لوكوس محقا بشأن مطعم الفندق , كان الطعام خليطا فاشلا من المطبخين اليوناني والأنكليزي , في محاولة لأرضاء الجميع, ولكن تشاريتي لم تكن تحب التوجه الى الكافيتريا بمفردها ,وتتعرض لحملقة كل رجل فيها وحديثه عنها, كان ذلك يمنحها شعورا بأنها تشبه حصان السباق في الحلبة , وتمنت مجيء كولين , لحمايتها من مغازلاتهم وملاحظاتهم الشخصية التي تحيط بها أينما ذهبت.
أكَد لها أنه سيأتي ولم يأبه لأجرة مكالمتها الهاتفية له بشأن قضائهما عطلة عيد الميلاد معا. قال لها عبر التلفون:
" لم أرغب في ذهابك بعيدا لوحدك, لماذا لم تعودي الى الوطن؟".
" بسبب ألكسندر".
" نعم. نعم. الطفل".
توقف الحديث بينهما لحظة . ثم قال:
" اذا سأحاول حجز مكان في رحلة الطائرة غدا".
" أوه , يا حبيبي , سيكون ذلك رائعا , ولكنه مكلف الى حد ما, هل يمكنني تقديم المساعدة؟".
" ستكون هذه هديتي لك في عيد الميلاد".
أنها لا تذكر أنها تبادلت الهدايا مع كولين من قبل.
" وهو كذلك".

Rehana 27-11-13 05:55 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" وسنقوم معا بكل شيء على وجه خير , أنني سعيد بهذه المكالمة الهاتفية برغم أنها كلفتك الكثير".
" فعلا...".
" لا يهمك يا حبيبتي , سأكون غدا عندك بنفسي , ما هو اسم الفندق؟ احجزي لي غرفة هناك من فضلك".
ذكرت له اسم الفندق , وهي تحس بأرتياح كبير لأنه طلب غرفة لنفسه , لقد تعجبت للحظة من هذا التفكير , ولكنها تعلم أن كولين كان من أكثر الناس أتزانا وأحتراما , نه يؤمن بالزواج وجميع الفضائل المتعارف عليها... عندما تكون معه تعرف أين تقف , ولا يسبب لها الأرتباك كما يفعل لوكوس , بتذكيرها أنها امرأة , ولا يعتدَ برأيها , ومع ذلك يشعرها بسعادة تفوق الوصف لأنها امرأة , أما كولين فيراها كشخص مسؤول , وقادرة مثله تماما على تحمُل مسؤولية نفسها , لم يكن أبدا يرغب في أتخاذ القرارات لها, ولا شك أن هذا شيء يستحق الأعجاب به.
وعندما وصل, لم تشعر بالحماس.
دخل كولين الى غرفة الطعام , يبدو عليه الأرهاق والعصبية , وصاحت تناديه:
" كولين!".
شاهدها وسار نحوها اتجاه طاولتها وألقى بنفسه على مقعد في مواجهتها :
" لم أكن أتصور أبدا أن تكون اليونان بهذا الشكل".
" بأي شكل؟".
منتديات ليلاس
" لا أعرف , أنها مخيبة للآمال ,أليس كذلك؟ أن أثينا أصغر مما كنت أتصور".
ابتلعت تشاريتي ريقها وقالت:
"أنها مدينة حديثة تماما".
" ولكن لها بعض السمات القديمة , ألم تشاهدي آثارها بعد؟".
" لم أفعل, ولكنني شاهدت دلفي".
" حسنا, المزيد من الأطلال؟".
وحاولت تغيير الموضوع , وهي تشعر بمسؤوليتها عن أحساسه بخيبة الأمل في المدينة التي جاءت به اليها , قالت:
" لقد كان كرما منك أن تأتي".
" لم يكن ذلك مناسبا تماما , والحق عليَ , أنني لم أدرك أننا وصلنا الى هذه النقطة في علاقتنا , الواضح أن غيابك عني جعلني أشتاق اليك أكثر, أرجو أن يعبر ذلك عما أعنيه".
" أعتقد ذلك".
" وماذا يعني لك؟".
" لا أعرف , أوه كولين , كان يجب أن أعبر عن شعوري نحوك بالضبط , لكن ما أشعر به هو أنني فقدت القدرة على الأحساس , الا فيما يتعلق بألكسندر , أنه طفل حبيب , وهو الجزء الوحيد المتبقي من فيث".
" يبدو أن ذلك ليس بالخسارة الكبيرة,أنك لم تريها منذ سنوات ولم تكونا على أتفاق في أشياء كثيرة عندما تلتقيان".
" كولين!".
تمتم معتذرا:
" ولكن يجب أن تعترفي بأن هذه هي الحقيقة , لا بد أنك شعرت بصدمة كبيرة عندما علمت بنبأ وفاة فيث, ولكنك لم تكوني أبدا ضعيفة في مثل هذه المواقف".
" أية مواقف؟".
" حسنا, لقد تحملت وفاة والدك بشجاعة , وليس من طبيعتك أن تظهري مثل هذا الوله بطفل لا تعرفين شيئا عنه".

Rehana 27-11-13 05:56 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" أنه أبن أختي".
أخذ كولين قائمة الطعام من الساقي ولوَح بها في الهواء وكان ذلك مختلفا عن الطريقة الذكية , التي يستخدم بها لوكوس يديه للتعبير عن فكرة.
" كلها يا تشاريتي , أن لي نصف دستة من أبناء الأخوات , ولا أهتم بهم كثيرا , صحيح أنني أرسل هدايا صغيرة في عيد الميلاد, ولكنني لا أهيم بهم هكذا , أنهم ليسوا أولادي . أعني أن شعوري سيكون مختلفا لو كانوا أولادي , أليس كذلك هو شعور كل أنسان؟".
" أحقا ما تقول ؟ لا يمكنني أن أبدي رأيا فلم يكن لي أولاد أبدا".
" لعل هذا هو ما ينقصك , عندئذ لن تهيمي هكذا بألكسندر".
" أنني لا أهيم بأحد".
قالتها تشاريتي ببطء ووضوح حتى أن كل الموجودين في غرفة الطعام كانوا يستطيعون سماعها , قال لها راجيا:
" هس, هس, أن الناس ينظرون اليك".
" أن هذا لا يهمني".
" أطن أن وجودك في اليونان غيَرك كثيرا , لو أنك في لندن لما أثرت هذا الأنتباه اليك".
" لم أحس أبدا بالحاجة لذلك, أوه كولين , لا تدفعنا للتشاجر , أعلم أنك لا تستطيع فهم هذا التعلق من جانبي بألكسندر , ولكنك ستفهم عندما أحدثك في الأمر, أنه وحيد , يا للطفل المسكين , أن عائلة باباندريوس كانت تكره فيث , فما هي الحياة التي يمكن لهذا الطفل أن يتطلع أليها؟ هناك لوكوس بالطبع , ولكنني لست واثقة من أنه متهم به حقا, لا أحد يهتم به مثلي!".
" من هو لوكوس؟".
" أخو زوج فيث, ليتك شاهدت المنزل الذي كانت تعيش فيه فيث في أراخوفا ! لم أندهش حين سمعت برغبتها في الفرار, وان كان ذلك شيئا مروعا أيضا".
" أظنك قلت أنها قتلت بالقرب من دلفي؟".
" أنها قرية ملاصقة لدلفي, وقتل نيكوس أيضا , أعتقد أنهما كانا يسيران بسرعة كبيرة".
ثم نظرت اليه تشاريتي بحنان:
" أوه كولين , جميل أن أراك , أنك تتصرف بشكل طبيعي , ستطلب من لوكوس أن نحصل على الطفل . أليس كذلك؟".
تدفق وجه كولين بالسعادة وقال:
" أعتقد أن كل ذلك كان بمثابة صدمة لك".
" أتعرف, أن لوكوس يرفض التحدث معي بشأن ألكسندر , وله آراء رجعية جدا بشأن النساء".
" يعتقد أنهن لا يصلحن الا لشيء واحد؟".
احمر وجه تشاريتي , متذكرة أنها هي أيضا لها بعض الأفكار الغريبة حول لوكوس , ولم يخطر ببالها أن تفكر فيما يكون أحساسها حين تلمس شفتي كولين بأطراف أصابعها , ولكنها عرفت الآن, نظرت اليه نظرة ناقدة عبر الطاولة وتساءلت لماذا تشعر بالضيق أنه يبدو شاحبا, ولأن شفتيه تبدوان بهذا التوتر , أن الذنب ليس ذنبه أنه يعمل في لندن , وليس في دفء الشمس الساطعة لبحر ايجة .
" حسنا, هل حاول معك شيئا؟".
" بالطبع لا, أنه يظن فقط أن المرأة يجب أن تتمتع بحماية الرجل, ويعتقد أن المرأة تنتمي الى زوجها!".

Rehana 27-11-13 05:56 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

" وماذا يعنينا فيما يعتقد, من هو لوكوس بالضبط؟".
" لوكوس باباندريوس , أخو نيكوس".
أحسَ بالراحة وابتسم لها قائلا :
" اذا فقرابته لألكسندر تماثل قرابتك له؟ ألا يريد هو الطفل؟ اذا كانت أراؤه عن النساء غريبة كما تقولين , فأعتقد أنه قد يفكر بالقيام بتربية الطفل؟ فما الذي يجبرك على تحمل عبئه؟".
" ولكن هذا هو الوضع بالضبط , هو يقول أنه يمكنه أن يرعى ألكسندر لأنه مثل والده يجب أن ينشأ في اليونان , ولكن فيث أرادت أن ينشأ أنكليزيا وأن أرعاه".
سألها كولين بحدة:
" هل أبلغت لوكوس بذلك؟".
"بالطبع , ولكنه لا يريد حتى مناقشة الأمر معي , يقول أنه سيتحدث معك بشأنه".
" لا تبتأسي يا تشاريتي , أن عليه التحدث معي في ذلك طالما أنني سأتزوجك , يجب عليه أن يحمي الطفل, وقد أرفض أخذه, أو أرفض أعالته".
صاحت تشاريتي وقد أمتقع لونها:
" ترفض أعالته؟".
منتديات ليلاس
" أنني لا أرغب فيه كثيرا , ولكنني أرغب فيك بدرجة تجعلني أتحمله ".
تأثرت تشاريتي من صدقه وقالت تحثه:
"أذا سوف تتحدث مع لوكوس؟".
" لا أرى مانعا من ذلك , سوف يجد صعوبة في النقاش معي, هذه أحدى خصائص الأنكليز , التفوق على اليونانيين أبتداء من لورد بايرون الى الحرب الأخيرة".
ذكرت تشاريتي نفسها بأن كولين لم ير لوكوس بعد, وحتى لو رآه لم يخامرها الظن أنه وقح بهذا الشكل , يبدو لها كأنه غريب, أجنبي أكثر من بعض الأجانب؟ لوكوس!
فوجئت بالأتجاه الذي تحوَلت اليه أفكارها , وأغتصبت ابتسامة وبدأت في الكلام:
" أنك على حق , لا بد أن يستسلم لك اذا تحدثت اليه".
وأضافت في محاولة لأرضائه , وهي محاولة لم تضطر للقيام بها مع لوكوس برغم أفكاره عن النساء , وبرغم أن كولين يؤمن بقدرة المرأة على التفكير وتولي شؤونهن بأنفسهن.
" كان لطيفا منك أن تأتي , لقد حجزت لك غرفة في طابق غير الطابق الذي فيه غرفتي , ولكنها تطل على منظر أجمل , ستطل منها على أثينا , الأضواء وكل شيء."
" تبدو مزعجة قليلا".
" أوه كولين!".
" آسف , أنني متعب , هذا كل ما في الأمر, لعل هذا يرجع الى توتر الرحلة الجوية".
وافقته تشاريتي على رأيه برغم أستمتاعها تماما برحلتها منذ أيام قليلة, ونصحته بأن يخلد الى الراحة مبكرا , وأنها ستبلغ لوكوس بوصوله ورغبته في مقابلته.
" سأقوم لأكلمه تلفونيا الآن".
" وهو كذلك يا حبيبتي , سأطلب شيئا في هذه الأثناء , ماذا تحبين, الشراب الأسباني؟".
" أفضَل الشراب الوطني لقد تعوَدت عليه تماما".
" قيل لي أن مذاقه فظيع".

Rehana 27-11-13 05:57 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" لماذا لا تجربه؟".
ولكن كولين أشمأز من مجرد الفكرة, أسرعت تشاريتي صاعدة الى مكتب أستقبال الفندق , أعطت شابا رقم تلفون لوكوس ليطلبه, رد لوكوس بنفسه , وأحست بموجة من الراحة تجتاحها عند سماعها صوته.
" أنه أنا , تش... تشاريتي".
" كيف حالك يا تشاريتي .( قالها باليونانية)
" ماذا؟".
" لقد سألتك كيف حالك؟ هل تتلعثمين هكذا دائما في التلفون؟".
" كلا , بالطبع , كنت أخشى أن يرد علي شخص آخر , أعني , ربما أنت في الخارج , أو كان هناك شخص آخر؟".
قال مداعبا:
" اذا كنت تودين معرفة ما اذا كنت بمفردي , فالواقع أنني لست وحدي ألكسندروس معي وأليكترا , لم تكن فكرة تركه مع والداي فكرة ناجحة".
" أن كولين هنا".
منتديات ليلاس
كان هذا المقطع الذي راح يمط فيه طويلا بالمعاني , مما جعل تشاريتي أكثر غضبا مما هي عليه بالفعل , كانت تشعر أن لوكوس لن يحب كولين كما تريد , ولم تكن على أستعداد لأن يختبر ذوقها في الرجال , وحتى لو أعجبه كولين , فليس هناك ما يمكن أن يعجب كولين فيه , وبدأت تحس أنه من الأفضل للرجلين ألا يتقابلا على الأطلاق".
" أنه يريد ألكسندر مثلي تماما".
" هذا ما أشك فيه".
كانت رنة الدعابة ما زالت في صوته , وكأنه يعلم حالة الترقب العصبي التي تمر بها , قال:
" متى ستحضرينه لأراه؟".
" هل يمكنك ترتيب موعد اللقاء غدا؟".
" بالطبع , هل يوافقك الساعة الثانية والنصف , أن مكتبي يغلق أبوابه حتى الرابعة في فترة الغداء, تشاريتي , ستتركين رجلك الشاب وحده معي, هل هذا مفهوم؟ أما أنت فيمكنك التحدث مع أليكترا وألكسندروس في الحجرة الأخرى".
" ولكن كولين".
" سوف أراه بمفرده, لا شأن لذلك بألكسندروس , سنقرر أولا ما اذا كان هو الزوج المناسب لك , وذلك أسهل لكل منا عندما لا تكونين معنا".
" ولكن لا يمكنك! أن كولين لا يستطيع ذلك! لوكوس , هذا الأمر لا يخصك".
" أعتقد أن كولين سيفهم تماما , وبدأت أشك بأنك لا تثقين فيه".
نظرت تشاريتي بتعاسة في سماعة التلفون , كيف يمكن أن يفعل ذلك؟ من المؤكد أن كولين سيكون فظا معه, وعندئذ لن يسمح لهما أبدا بأخذ ألكسندر . فلوكوس ليس بالشخص الذي يمكن معاملته بفظاظة مرتين. قالت:
" بالطبع . أنا واثقة منه , سنحضر في الثانية والنصف".
" حسنا , سأراك حينئذ , تصبحين على خير يا تشاريتي , أنا سعيد لأنك تتمتعين بالحماية , ولن يمنعني شيء من أختلاس قبلة , هل ستكونين سعيدة أنت أيضا؟".

Rehana 27-11-13 05:58 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
كانت روح الدعابة واضحة تماما في صوته, وكان غضبها واضحا, ولكن لم تشعر به عميقا في قلبها , بعد أن وضعت السماعة بفترة طويلة, ظلت تشعر بدفء عندما داعب خيالها أحتمال تنفيذه لهذا التهديد, ولكن هذا لا يعني أي شيء, أن كل أنسان يمر بلحظات يود فيها أن يقبله شخص ما حتى أن كان لا يحفل به على الأطلاق.
كان كولين يتثائب عندما عادت الى غرفة الطعام , سألها:
" هل حدَدت موعدا مع اليونني؟".
هزَت رأسها بالأيجاب وكانت على وشك أن تبلغه أن لوكوس ينوي أن يفحصه ليرى مدى صلاحيته كزوج لها , ولكن شجاعتها خانتها , لو أنها قالت ذلك لأي أنسان لأنفجر في عاصفة من الضحك , ولكن كولين لم يكن من النوع الخفيف الظل , وفي تلك اللحظة تأججت حقا كراهيتها له.
كانت شقة لوكوس في أحد الأحياء الراقية من أثينا بالقرب من السفارة الأميركية وفندق هيلتون , ألقت تشاريتي نظرة جانبية على كولين بينما كان يسير برفقتها وهما يدخلان المبنى , قال كولين:
" أنه رجل له قيمته , لا بد أن أحواله المالية جيدة , كنت أتمنى الأقامة في مكان كهذا".
منتديات ليلاس
" ربما مكتب الشركة التي يعمل بها في هذا المبنى , لا أعتقد أن عائلة باباندريوس ثرية بدرجة كبيرة, فالمنزل في أراخوفا لم يكن به أثاث تقريبا, كما أن نيكوس لم يكن يملك أكثر مما كان يكسبه من عمله".
تمنت تشاريتي لو أن كولين تخلَى عن ذلك التصرف الصبياني وهو ينظر حواليه بأحترام شديد, قبل أن يراه لوكوس , لقد بدا قزما وسط ما يحيط به, فتح لهما لوكوس الباب بنفسه:
"أهلا تشاريتي , أن أبن أخوينا تسمعين صوته يصرخ من الداخل مرحبا بطريقته الخاصة".
رفع كولين يديه بالتحية متجاهلا يد لوكوس الممدودة اليه , رأت لوكوس يرفع حاجبيه في دهشة , ودخل كولين مسرعا , وقد أشتعل حماسه لرؤيته أحدى الصور المعلقة على الجدار:
" هذا هو أول شيء متحضَر أراه في أثينا".
وتجوَل بنظره في أنحاء المكان , وهو يحسب على ما يبدو تكاليف الأثاث.
" جميل جدا, لقد أعطتني تشاريتي أنطباعا خاطئا تماما عنك".
" لم أقل شيئا عنك أطلاقا : سوى أنك لا تريد أعطائي ألكسندر".
" هل أبلغت كولين لماذا أريد أن أراه؟".
وكأنما ألقى على وجهها بماء بارد واتسعت عيناها في شعور بالذنب :
" أرجوك لا تفعل".
" ولكنني سأفعل , أليكترا تنتظرك في غرفتها في نهاية الممر, يمكنك أن تنضمي أليها الى أن ننهي حديثنا , أتفقنا؟".
كانت لمسة يده على ظهرها كفيلة بأن تجعل قلبها يدق في عنف , من الممكن أن تجادله في تصرفه مع كولين كما لو كان أباها , أو قريبها, ولكنها شعرت بجفاف في دمها , وركبتاها ترتعشان , ولم تقو على مواجهة بريق عينيه.
كان كل ما يهم كولين هو أن يتوجه الى غرفة الجلوس , أخذه لوكوس وأغلق الباب خلفهما بقوة , ليبعدها عن مؤتمر خاص بالرجال كانا سيعقدانه , وقفت في مكانها لفترة طويلة , وهي واثقة أن مستقبلها على وشك الأنهيار , أنها لا تثق في كولين, ولوكوس سيمزقه أربا , وهي لن تكون هناك لتخف الى نجدته وتوجهه الأتجاه الصحيح, كان لوكوس يمارس معها التقليد الأغريقي القديم , الخاص بالعناية باليتيم والأنثى التي ليس لها من يحميها.

Rehana 27-11-13 05:58 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
دخلت الغرفة ووجدت أليكترا تحمل ألكسندر على ركبتيها , نظرت الى تشاريتي وقد ساورها الشك ثم قالت:
" لماذا أتيت الى هنا؟ هل تريدين أخذ الطفل بعيدا عني؟ ولكن لوكوس وعدني أن أرعاه الى أن يقوم بأعداد مكان مناسب لأقامته , وهذا هو كل ما أريده , أسابيع قليلة أرعى فيها الطفل, هل ستحرمينني من ذلك أيضا؟".
" كل ما أريده أن أرى الطفل , لن آخذه منك , أنا أيضا أحبه كما ترين".
" من هو الرجل الذي أتى معك؟".
" أنه كولين, صديق لي, وقد أتزوجه".
" أذا وافق لوكوس".
" هذا الأمر لا يخصه , كل ما هناك أنني لم أقرر بعد".
" بالطبع هذا يهم لوكوس أن والدك غير موجود , أليس كذلك؟ وليس لك أخوة يتولون أمر تسوية مثل هذه الأمور , أن لوكوس يقول أنك لا تمتلكين الكثير مثل أختك ولذلك فهو لن يتزوجك من أجل المال".
" أن فيث أيضا لم تستفد كثيرا من زواجها".
" ماذا تتوقع؟ أن العائلات لا تقنع دائما بزواج هروبي , لقد قبلنا كلمة نيكوس بأن الفتاة كانت طاهرة, ولكننا لم نعرف شيئا عنها من تصرفاتها , ولم نكن حتى واثقين من أنها تحب نيكوس , هذا أمر تتصعب معرفته من أية فتاة أنكليزية , هل تحبين ذلك الرجل؟".
" أعتقد ذلك".
" أن كزينيا ليست بالمرأة السهلة برغم أنها أختي , أنني أقدر تماما عدم ثقتها في فيث".
ثم قالت فيما يشبه الهمس:
" أنها لم تتحمل الطفل, وكان على لوكوس أن يأتي بنا الى شقته , لم أكن أرغب المجيء في بادىء الأمر".
" لماذا؟".
" بسبب أردياني, أن لوكوس يعتقد أنني لا أعرف عنها شيئا, ولكنني أرى أكثر مما يظن , فأنا أعرف أن أفراد عائلتها على خلاف معها, وكيف كانوا سعداء , عندما أخذها نيكوس من أثينا لتقوم بدور في مسرحيته في دلفي , وأعرف أيضا لماذا؟ هل تعلمين أن شابا وعدها بالزواج والآن قطع علاقته بها ولم يبر بوعده , لقد تحطَمت! بت أخشى اذا جئت الى هنا أن أجدها هي أيضا أمامي".
" هنا؟".
" أنها تحب لوكوس , والا فما السبب في أن تسمح له بما فعل؟ يا للفظاعة! من الذي يرضى أن يتزوجها الآن؟ ربما كانت تظن أن لوكوس سيفعل ذلك , ولكن ما الذي يجبره على أن يتزوجها ؟ أعتقد أن العلاقة بينهما ما زالت قائمة".
تساءلت تشاريتي كيف لم تلاحظ ذلك؟ أصابتها رعشة وشعرت فجأة بأنها تجمدت.

الامل المفقود 29-11-13 02:51 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
شكرا لكي بانتظار التكملة من ايدك الحلوة و لا تتاخري علينا حتى ابدا بعدك بكتابة روايتي الجديدة

Rehana 02-12-13 05:12 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
اهلين فيك يا أمل منورة الرواية بردك

Rehana 02-12-13 05:39 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
6- المساومة

" حسنا , ماذا قال؟".
كان غضب تشاريتي يزداد حدَة , وهي تسير مع كولين الى الفندق, خاصة وأن كولين التزم الصمت أزاء ما دار بينه وبين لوكوس من حديث.
" لا بد أنه قال شيئا".
" نعم, لقد فعل , ولكن ليس ما قاله بشأن ألكسندر".
" بشأني أنا؟".
قالت ذلك بصيغة الأمر, فهي لا تريد لوكوس أن يتدخل في شؤونها , تكفيه أردياني , ويكفيه أيضا أنه دمَر حياة الفتاة اليونانية ,قال كولين معترفا:
" الى حد ما , لا أدري ماذا رويت له عن حياتك في أنكلترا , ولكن لم يجب عليك القول أنك وحيدة , فأنا موجود , أليس كذلك؟".
" بالتأكيد".
" أذا لماذا قلت له أنه عليك القيام بكل شيء وحدك؟".
" لا أظن, لم أكن لأقول ذلك حتى ولو كان صحيحا".
" هذا الرجل باباندريوس يعتقد أنه ينبغي عليَ القيام بكل العمل, وأن أبصرك بماذا تفعلين , لقد حاولت أفهامه أن علاقتنا في ذلك الوقت لم تكن تسمح بذلك".
" أنني لست عاجزة , حقيقة أن لليونانيين أفكارا غريبة بشأن النساء , ولكني لست شيئا يملكه أي أنسان , ولا تقتصر مهمتي على أرضاء الرجل".
" أنت محقة تماما , أنك أمرأة عملية تماما, ما يجعلني أطلب منك أن تسايري باباندريوس , لو أتقنت دورك معه فأعتقد أنه يساعدك في زواجك بطريقة ما, فهو يشعر بنوع من المسؤولية اتجاهك , بسبب فيث, على ما أعتقد , لأنه يعتبرك واحدة من العائلة , وهذا شيء مفيد لك".
" كلام فارغ, كان نيكوس فقيرا للغاية".
" ولكن لوكوس ليس فقيرا".
" كلا, ولكنني لن أقبل منه نقودا حتى لو عرض عليَ ذلك, ربما يفكر أن يهب شيئا لألكسندر , هذا شيء يختلف , ولكن لن نقبل شيئا مما قاله".
" لم يقل أي شيء عن ألكسندر , كان حديثنا عنك أنت , وكان لديه الجرأة لسألني ماذا أكسب!".
أمتقع لون تشاريتي , وأحست بالحيرة تمزقها , وبأحساس غريب بالعرفان بالجميل للوكوس , لتحمله مثل هذا العناء من أجلها , يا لأردياني المحظوظة , حتى لو لم ينو الزواج بها , أندهشت للأفكار التي راودتها وحاولت مواجهة نظرات الدهشة في عين كولين.
" أتضحكين ؟ ليس هناك ما يثير الضحك على الأطلاق , أنه يعتقد أنني لا أكسب ما يكفيني وحدي . لذا عليَ عدم التفكير في الزواج بالمرة".
" يا ألهي!".
" لقد أخبرته أن الفكرة فكرتك , وأني أفضل الأنتظار قليلا".

Rehana 02-12-13 05:47 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" هل قلت ذلك؟".
" لكنك لا تودين الأنتظار بسبب ألكسندر".
" أشكرك كثيرا , يبدو أنك لا تريد الزواج مني على الأطلاق! كولين لست مرغما على ذلك, أستطيع أن أدبر أموري لوحدي".
" لن تستطيعي طالما أنك ترغبين في الحصول على ألكسندر".
قالت معترفة:
" نعم, أريد ألكسندر, ولكن يبدو أنه لا يكفيك الحصول عليه , أليس كذلك؟".
" لن يأتيني بيدين خاليتين".
" هل تقصدني أنا؟".
" أعتقد ذلك".
لم يكن ذلك حديث حب , كانت تفضل لو أنه أخذها بين ذراعيه حتى ينسيها ألكسندر , وهذا ليس من طباع كولين, فهو مثلا لن يستخدم قوته العضلية للفوز بجدل معها , كما أنه قد يحتقرها لو أستخدمت أنوثتها لأغرائه بالموافقة على أمر ما.
" كولين , ألم تبلغه أن زواجنا ليس من شأنه؟".
أفزعه الأصرار الذي بدا في صوتها وقال:
" ولكنني يا تشاريتي أقول لك أنه مصمم على مسؤوليته اتجاهك , واذا كان يريد أن يمنحك بعض النقود عندما تتزوجين , فلماذا نرفضه؟".
منتديات ليلاس
" لا مناقشة في هذا الأمر , أنه لا يمثل شيئا بالنسبة لي, حتى قرابته , نستطيع أن نعمل ونكسب بجهدنا ما نحتاج اليه, أستطيع أن أعمل يا كولين ولن أكون عبئا عليك".
" أعرف يا حبيبتي , ولكنك مهما فعلت لن تكسبي سوى الفتات, أما لوكوس فأنه سيعطي أموالا كثيرة".
" لن أقبل منه شيئا".
قال كولين ضاحكا:
" أما أنا فليست لي مثل هذه الحساسية , أقبل أي قرش أستطيع الحصول عليه منه , أوضحت له ألا يتوقع مني الخسارة من جراء رعايتي لألكسندر , وسألته اذا كان نيكوس قد ترك أي شيء لتعليم أبنه , ولكنه نظر الي بطريقته المعروفة , وكأنه يستطيع قراءة الأفكار , فأخذت أتحدث واستغرقني الحديث قاطعا شوطا أكبر مما قصدت, وصارحته بأنني أضطررت الى أقتراض ثمن تذكرة الطائرة الى أثينا لحضور عيد الميلاد".
وعرفت تشاريتي بأنها لم تكن تعلم شيئا عن المهانة حتى دخل لوكوس حياتها وقلب نظرياتها عن الحب رأسا على عقب, بمجرد النظر اليها بعينيه السوداوين اللامعتين , والآن يهبط بها الى هذا العذاب, بكشفه لمشاعر كولين الفاترة اتجاهها , جمعت شتات نفسها لتقول له:
" قلت لك سأدفع أنا التكاليف!".
" ولكن اذا كان على استعداد لأن يدفع".
" لا يمكن على الاطلاق سأدفع أنا كل قرش".
هز كولين كتفيه , متحيزا لغضبها الجامح وقال:
"لماذا لم تتكلمي معه, طالما لا توافقين على شيء قلته!".
" لأنه يرفض المناقشة معي , أنه يوناني قبل كل شيء!".
" يبدو أنك معجبة به لهذا السبب".
" أبدا , بل أعتقد أنني أكرهه , في كل حال ماذا يهم, أنه لا يستطيع أن يشترينا بأمواله اللعينة, وعندما يدرك ذلك سيتركنا وشأننا , ولن يبقى سوى ألكسندر, بالتأكيد نستطيع اللجوء الى محام للقيام بأية ترتيبات متعلقة به".

Rehana 02-12-13 05:48 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" أن ذلك يكلف كثيرا".
" لا يهمني مهما كلفني , لا أريد أن يكون لي أي شأن بعد الآن بلوكوس باباندريوس , هذا هو رأيي النهائي!".
" لقد دعانا الى شقته لقضاء عيد الميلاد وقلت بأننا سنأتي".
" أوه , كولين, لا أريد الذهاب!".
" لماذا لا تريدين؟ أن لديه الأمكانيات التي تجعل عيد الميلاد يوما مشهودا".
" أفضل أن أقضي عيد الميلاد مع أناس أحبهم".
حاولت تشاريتي التخل من حالة اليأس التي أنتابتها بعد أدراكها أن كولين يشعر بالغيرة من ثروة لوكوس, ولكن لماذا يغار؟ أنها لا تعتقد أن لوكوس غني بالدرجة التي يتخيلها كولين , وحتى لو كان غنيا , فهذا أمر لا يعنيها , كما لا يعني لوكوس أن يتولى عنها ترتيب أمر زواجها.
تركت تشاريتي كولين في بهو الفندق , وتوجهت على الفور الى غرفتها , كانت في حاجة ماسة الى الجلوس مع نفسها لتدبُر الأمر, ماذا عليها أن تفعل الآن؟ من الموكد أنها أخطأت بدعوة كولين للحضور ألى أثينا , ولكنها لم تشك في أنها ترغب الزواج منه ولم يكن مهما من الذي ستتزوجه طالما يعني ذلك أن لوكوس سيسمح لها بالحصول على ألكسندر , ولكنها كرهت الطريقة التي يجيل بها نظره في شقة لوكوس , وحساب تكاليفه كل شيء فيها, وقبوله أن يقوم لوكوس بترتيب أمر الزواج بدلا منها وكأنها في حاجة الى نوع من الرشوة للزواج بها, واذا رفضت , فأن لوكوس لن يسمح لها أبدا بالحصول على ألكسندر, ربما ستراه لفترة قصيرة مرة كل عامين , أنها غير قادرة على تكاليف السفر الى اليونان كثيرا, وهكذا ستفقد ألكسندر تماما, ومعه آخر خيط يربطها بفيث".
أما لوكوس نفسه , فهي مصممة على ألا تفكر به على الأطلاق , وكان من السهل عليها أسترجاع الصورة التي رسمتها لها في مخيلتها , البريق المشع لعينيه السوداوان , شعره الأسود اللامع , خشونة جلده الذهبي, لمسة الرجولة من يديه وتغيُر أيقاعها , فمرَة تكون صلبة ومرة أخرى غاية في الرقة كأنها لمسة فراء, ولكن هناك أردياني تطلُ من فوق كتفيه , هذه الفكرة التي تجعلها تشعر بغيرة قاتلة.
وجاء يوم عيد الميلاد, ولا مفر من لقاء لوكوس مرة أخرى, فتحت لهما أليكترا الباب وأخذت تشاريتي تداعب الطفل , وفجأة أحست أن لوكوس خرج الى الردهة وأخذ يراقبها , اندفع الدم الى وجهها , ولم تستطع أن تقول الا:
" عيد ميلاد سعيد".
" عيد ميلاد سعيد, هل ستضعين ألكسندروس في فراشه أم ترغبين في مداعبته قليلا؟".
تحوَلت بعينيها بين ألكسندر وكولين الذي يبدو عليه عدم الرضى , ولم تستطع أن تنظر في وجه لوكوس على الأطلاق!
" أود حمله بعض الوقت, أنه في حاجة الى الحب".
" أذا, لنذهب الى غرفة الجلوس , أبواي ينتظرانكما لتناول الشراب".
عندما أجتمعوا كان كولين هو الوحيد الذي يشرب من زجاجة الشراب التي أحضرتها تشاريتي كهدية لحفل عيد الميلاد, أما البقية فكانوا يشربون الشراب الوطني.

Rehana 02-12-13 05:50 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قالت الأم وهي ناظرة اليها بحنان وهي تحمل الطفل:
" أنك مغرمة بالطفل وهو يشعر بذلك, جميعنا كبرنا بشكل لن نتحمَل أن يقلب لنا حياتنا رأسا على عقب , أفهمت لوكوس مرارا أن تأخذي ألكسندروس , بمجرد زواجك بالطبع".
نظرت الى كولين نظرة متفحصة وقالت:
" هل ستتزوجينه؟".
" لم أقرر بعد".
أحتقرت نفسها لهذه الأجابة غير المحددة , لماذا لم تعلن ألتزامها وتنتهي من الموضوع؟ ما الذي يدعوها دائما لأن تقول ربما , وأظن ذلك, بدلا من كلمة نعم الحاسمة.
قالت كزينيا مبتسمة:
" من الأفضل للشباب الزواج من مواطنيهم , لقد أرتكبت أختك غلطة بالزواج من غريب , أنني واثقة بأنك ستسعدين مع خطيبك الأنكليزي".
كانت أليكترا تقوم بترجمة حديث الأم , ولكنها بعد تردد قالت الجملة الأخيرة على النحو التالي:
" الطفل يوناني قد لا يشعر بالدفء والحب مع رجلك الأنكليزي".
" سيكون معي أنا".
منتديات ليلاس
جاء لوكوس ووقف خلفها ويده تمسك بذراع أليكترا :
" لن يذهب ألكسندروس الى أنكلترا , سيبقى معي , وتشاريتي تعرف ذلك تماما!".
قالت تشاريتي محتجة:
" ولكن عندما أتزوج".
لمس لوكوس خد الطفل برقة بالغة وقال:
" لقد قررت أن يبقى ألكسندروس في اليونان سواء تزوجت أم لا ... أن مكانه هنا معي , ولا مناقشة في ذلك بعد الآن".
حاولت تشاريتي جهدها ألا تبكي , ما الفائدة اذا لم تستطع الحصول على ألكسندر , شعرت بيد لوكوس قوية على كتفيها وحاولت الأبتسام.
" عندي لك هدية صغيرة لعيد الميلاد , أود أن أعطيها لك قبل الغداء".
" لي أنا؟ لا أعتقد أنني أرغب في أي شيء منك".
رفع حاجبيه في دهشة , ولم يقل شيئا, أحست تشاريتي على الفور بأنها كانت فظَة .
" أعني , أن الشيء الوحيد الذي أريده هو ألكسندر , لوكوس أن أمك على حق , لا مكان لطفل صغير هنا".
" اذا كنت تريدين ألكسندروس فيجب عليك أن تقرري البقاء هنا في اليونان".
" ولكنني لا أستطيع".
" أذن يجب عليك أن تتحملي الأمر كما هو".
قالها برقة بالغة كما لو كان يرثي للمأساة التي تعيش فيها, أخذ يدها بين يديه وجذبها نحو الطاولة حيث كان الغداء قد أعدَ بالفعل , قالت له في يأس:
" ليس عليك أن تعطيني أي شيء, أن أمري لا يعنيك".
قاطعها مبتسما:
" أنه شيء صغير للغاية , يمكنك القول أنه ليس مني بل هدية من أبوللو".
وأخرج من جيبه علبة صغيرة, تحتوي بروشا ذهبيا صغيرا على شكل ورقة شجر.

Rehana 02-12-13 05:51 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
لم تتفوه بكلمة ولكنها حملقت في البروش كما لو كانت مذعورة منه , وضعه على فستانها فشعرت بخوف وخطت للوراء وهي تخلَص البروش من يده, ويداها ترتعشان وتقوم بنفسها بأغلاق المشبك , قالت هامسة:
" أنه جميل".
" ألا تشكرينني ؟".
ألقت نظرة سريعة على الحاضرين في الغرفة, ولكنها لاحظت عدم أهتمامهم بما يدور بينها وبين لوكوس , نظر هو الآخر عبر الغرفة في أتجاه كولين وأخذ يدها بين يديه.
" هذا هو حاميك له أن يعترض اذا شاء , لماذا لا تشكرينني ؟ هل أنت ناكرة للجميل؟ أو أن البروش لم يعجبك؟ أن أنَ أبوللو لم يعد له تأثير جارف عليك؟".
جذبها بقوة اليه واضعا أحدى يديه على عنقها خلف شعرها , توهجت عيناه , جفَ فمها وهي تتوقع ما سيحدث , يجب عليها أعتبار الأمر شيئا عارضا, تعبيرا عن شكرها على الهدية ثم تعود الى كولين وتنسى كل شيء عن الأمر , ولكن لم يكن الأمر كذلك , بل كان رقيقا للغاية , قبَل عينيها ووجنتيها , فظنت أن قلبها سيتوقف , ولكنه كان يهتز بين ضلوعها بقوة معلنا عن شيء لم تكن راغبة في الأستسلام له , ليس هذا فقط بل خشيت أن يسمع هو هذه الدقات , قالت:
" أليس في ذلك ما يكفي تعبيرا عن الأمتنان؟".
لم يعد لديها مقاومة لهذا السحر , أغلقت عينيها وأحست بأنها على وشك السقوط أستندت بقوَة الى الجدار , وهي لا تجرؤ على النظر اليه , وأخيرا ابتسمت له بغموض وقالت:
" كانت تلك من أجل أبوللو".
" قولي ذلك لكولين".
وجذبها من يديها وأجلسها الى جانب كولين الذي أنشغل بشرح نظام الضرائب الأنكليزي لأليكترا , التي لم تكتب في حياتها ورقة رسمية , فلا حاجة لذلك طالما هناك رجلا أو آخر في العائلة يقوم عنها بذلك.
سألها سبيرو فجأة:
" هل كان والدك ثريا؟ كنا نتساءل عن عائلة فيث".
" لا أعتقد أن هناك أي ثري في عائلة آرتشر".
نظرت الى كولين الذي بدا عليه الضيق من أجابتها وابتسمت له قائلة:
" أننا لا نهتم كثيرا بالمال أليس كذلك؟".
قال مداعبا:
"بل بالأفتقار اليه".
ما ذنبها اذا لم تتحمل الأستماع الى كولين وهو يتحدث؟ لم يكن يهمها من قبل ماذا يقول , بل كانت تعتقد أنه ماهر جدا الى الحد الذي يجعله يفهم تماما كل شيء عن الأوراق المالية والسندات والأمور المالية , اذا لماذا تشعر بالضيق الآن كلما فتح فمه ليتكلم؟
كان لوكوس يتحدث أثناء الغداء عن الطرائف التي تصادفه في عمله, هذه الصناعة التي تدرُ ثروات غير معقولة , وأن كانت بعض الأحيان تسبب خسائر كبيرة , عندما تغرق احدى السفن أو تضيع أوراقها.
أحست تشاريتي بالراحة عندما جاء وقت أنصرافها هي وكولين, وشعرت بالأمتنان عندما قبلتها كزينيا وأليكترا في حرارة, وكأنها واحدة من الأسرة وليست مجرد أخت فيث , مدت يدها الى لوكوس الذي أخذها بين يديه ورفعها الى فمه.

Rehana 02-12-13 05:52 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
كانت تشاريتي تشعر بالغضب لأحساسها بأن لوكوس أصبح يعاملها وكأنه على معرفة حميمة بعقلها وجسمها , لماذا ينظر اليها وكأنه أمتلكها!
" ألا يهمك في شيء أن يعطيني البروش؟".
" أنه هدية جميلة".
توقفت تشاريتي تماما وقد وصلت الى خيبة الأمل الى ذروتها , كانت تود أن تشبعه ضربا.
" أهذا هو كل ما يمكنك قوله؟ أنها قطعة ثمينة؟ أهذا هو كل ما يهمك؟ حسنا لم يكن هذا كل شيء , بل جعلني أتجاوب معه".
" وماذا في ذلك؟ كنا جميعا في الغرفة نفسها , وهذا لا يعني شيئا , الناس هنا لا يتوقفون عن تقبيل بعضهم البعض , الرجال والنساء على حد سواء, بالأضافة الى أن هذا الأمر لا يهمك , أليس كذلك؟".
" بل يهمني , يهمني جدا , لو كانت لديك ذرَة من الرجولة لحاسبته , فأنا أنتمي اليك , أليس كذلك؟".
" أن كلا منا يفكر في الزواج من الآخر , ولكنني لم أفكر على الأطلاق في أنتمائك لي , واذا سألتني عن رأيي , فأنني أعتقد أنك تهولين الأمر أكثر مما يستحق".
" كلا, فهو يتوقع منك أن تحميني منه , وأنا أيضا".
" اذا فهذه خيبة أمل , كنت مسرورا لأنه يرغب في ذلك , فهذا يجعلك في موقف أقوى , وخذي مني هذه النصيحة , يمكنك مسايرة لوكوس باباندريوس , كما تفعلين الآن تماما , فقد علمت من حديث خالته عنه , أنه يحب الفتيات الجميلات كما أنه سخي معهن".
حملقت فيه تشاريتي , ووصل غضبها الى الحد الذي يمنعها من الكلام, أجبرت نفسها على الحديث وهي تبكي:
" كولين, أنك لا تحبني على الأطلاق".
" أوه , لا أعرف, كنت أعلم دائما أنني سأتزوجك في النهاية ولم أكن أتصور أن يتم ذلك بهذه السرعة , قبل دخول ألكسندر في حياتنا, كما أنني أستحق شيئا مقابل أستعدادي بتولي أمره , لا بد أن هذا الرجل مثقل بالأموال , أوه تشاريتي , لن نتشاجر , كما أنك لن تشاجري مع لوكوس باباندريوس أيضا, اذا كان يرغب في عناقك من آن لآخر فلن أعترض , طالما أنه سيقوم بترتيب زواجنا , ويمكنه أن يفعل ما يحلو له خلال الوقت القليل الذي سنمضيه هنا".
أنفجرت تشاريتي صائحة في وجهه:
" حسنا, أنا أعترض على ذلك , ليس هناك ما يدعوني للزواج منك فهو لن يعطيني ألكسندر , سواء تزوجت أم لا, وأنا لا أريد أن أتزوجك, أنني أكرهك".
ضحك كولين :
" سوف تتزوجينني يا تشاريتي آرتشر , لأنني أعرف كيف أجعله يتخلَى عن ألكسندر ".
" أنت؟ هل تظن أنك تستطيع الأنتصار على لوكوس؟".
" أجل أستطيع ذلك".

Rehana 02-12-13 05:52 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
7- القرار

قالت تشاريتي لنفسها, ربما كان قضاؤها لعيد الميلاد خارج أنكلترا, هو الذي يصيبها بالتوتر, مضت أربعة أيام منذ آخر مرة رأت فيها لوكوس ومع ذلك لم تستطع أبعاده عن فكرها, لماذا قبَلها؟ لقد كانت تتصرف بصورة مقبولة قبل ذلك, صحيح كان لوكوس رجلا أجنبيا جذب أنتباهها , ولكن لم يكن تلك الشخصية الآمرة التي تجعلها مثل آلة في يده, تستجيب لكل لمسة خفيقة منه, حاولت أن تفكر في كولين ولكنها وجدت أنها تفضل ألا تفكر فيه أبدا, كانت معجبة بكولين مثل والدها , ولكن في هذه اللحظة كانت تشعر بنفاذ الصبر أزاءه, ومع ذلك فهي لا تريد أن تسعد به, لأنه جواز المرور الوحيد لديها للحصول على ألكسندر ,لقد قال أنه سيتغلب على لوكوس في التفكير ويأتيها بألكسندر وتتزوجه, بالطبع ستتزوجه , وبعد ذلك سيسير كل شيء بشكل طبيعي...
لم تر كولين طوال الأيام الأربعة الأخيرة , وكان بأختيارها من ناحية , ووفق رغبته هو من ناحية أخرى, كما أنها لم تر أحدا من عائلة باباندريوس , نزلت الى صالون الفندق للبحث عن كولين وأحست بسعادة طاغية وهي تراه هناك, حيَته مداعبة:
" مرحبا أيها الغريب ".
"أعتقدت أنك لا ترغبين في رؤيتي , وأنت تقضين وقتك عابسة في غرفتك".
" لست عابسة , حاولت اتخاذ قرارات حول بعض الأشياء".
" وأعتقد أنك أتخذت هذه القرارات بالفعل , عندما طلبت مني الحضور لمساعدتك , أما قراري فهو أن أخفَ الى نجدتك , وأعتقد أننا لن نواجه الصعوبات في طريقنا , لذا سيكون من الأفضل لك مسايرة لوكوس , ولكنني لا أريد أن يشك في شيء".
" ولماذا يشك؟".
" من الأفضل ألا تعرفي كل شيء , فقط وافقي على أقتراحاتي وأتركي الباقي لي".
" ولكنني خائفة يا كولين".
" يا ألهي, أنا أعرف أنه يقلب كيانك , ولكنني لا أعتقد أنك تفضلين قضاء بقية حياتك معه , أن القليل من القبلات لا تهم على المدى الطويل , فسيكون لديك ألكسندر ليسري عنك , فكري في الأمر ".
" وأنت؟".
" عندما نعود الى لندن , سأتشبث بكليكما".
" تعني أنك تحبني؟".
" ألم أكن كذلك دائما؟ أهدأي يا تشاريتي , ليس هناك ما يدعو للقلق بعد الآن".
" ولكنني قلقة بالفعل".
" قلت لك لا داعي , كل ما عليك هو أن تتركي كل شيء لي, أليس هذا سهلا للغاية؟".
" يكون الأمر سهلا لو كنت أحبك, ولكنني لست واثقة الآن, أن الأشياء تبدو مهتزة أمامي, في أنكلترا ظننت أنني أحبك".

Rehana 02-12-13 05:55 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ضحك كولين وقال:
" أن هذ اليس بالأهمية التي تخيلينها , أن هذا النوع من الحب لا يدوم طويلا, سترين كيف سنستقر معا ونكون سعداء , ليس هناك أفضل من الحصول على المال , وسنحصل عليه اذا ما تركت الأمر لي".
أفزعتها هذه النظرة المكشوفة للحياة, لدرجة أنها لم تفكر في سؤاله من أين سيأتي هذا المال , وبدأت تحس بالندم لمغادرتها غرفتها للبحث عنه, وعندما قيل لها أنها مطلوبة على التلفون , أحست براحة أخافتها , هل ترغب بالتأكيد في أن تتخلص من كولين الى هذا الحد؟
ومما زاد الأمر سوءا أنها سمعت صوت لوكوس على الطرف اآخر من التلفون , أحست بقلبها يكاد يخرج من صدرها , وأنه لو كان موجودا أمامها في تلك اللحظة , لما أستطاعت أن تمنع نفسها من الأرتماء بين ذراعيه , قالت وهي تحاول أخفاء حالة اليأس التي تشعر بها:
" لقد أتصلت بك تلفونيا لأشكرك على أستضافتك لنا في عيد الميلاد , وردَت عليَ أليكترا".
" أعلم ذلك فقد أبلغتني , لأنني كنت خارج أثينا خلال الأيام القليلة الماضية , وأنا الآن تحت تصرفك لتشاهدي المدينة , ألا تحبين ذلك؟".
" نعم".
" نعم فقط؟".
" ماذا تريد أن أقول؟".
" يمكنك أن تقولي أنك أفتقدتني , وأنك تتطلعين لرؤيتي".
منتديات ليلاس
كان ذلك أقرب شيء للحقيقة, والتزمت الصمت لا تقوى على التنفس , وهي تأمل أن يكون ذلك تشجيعا كافيا له للأستمرار في الحديث, وقد فعل:
" سأمر لمقابلتك عند برج الرياح, أحضري معك كلب الحراسة".
" لا أدري اذا كان كولين يرغب في المجيء أم لا".
ردَ لوكوس بثقة غير متوقعة :
" سيأتي".
" لا أدري".
" قولي له أنك تخشين وجودك معي بمفردك , أن ذلك لن يقلق ضميرك لأنها الحقيقة".
لم تحب تشاريتي أن تقول له أنها أبلغت كولين بالفعل شيئا يشبه ذلك.
" كيف- كيف لك أن تعرف؟".
ضحك وقال:
"سأقول لك اليوم".
لحسن الحظ أن كولين كان راغبا في الخروج معها , وكانت سعيدة لأنهما وصلا الى برج الرياح قبله , أنَ رؤية البرج أعادت لها ذكريات جارفة عن المرة الأولى التي رأت فيها لوكوس في بادىء الأمر .
" لقد أوقفت السيارة عند قمة الدرج, أسرعي يا تشاريتي بالصعود , أنَ الجو بارد هنا ومعطفك ليس ثقيلا بدرجة كافية , سأنتظر أنا كولين".
أسرعت تشاريتي بصعود الدرج , وهي لا تنظر خلفها حتى لا ترى كيف سيحيي كولين لوكوس, ولا تريد أن تحس بالخجل منه مرة أخرى , دخلت تشاريتي الى الجزء الخلفي من السيارة وهي تلهث, تاركة المقعد الأمامي لكولين , كانت تريد أن تجد الفرصة لتعقد مقارنة بين الرجلين بدون أن يعلما بذلك, رغم علمها أنه لا فائدة من تلك المقارنة , لأنها تعلم بالفعل أن كل حيوية ورجولة كولين لا شيء في ظلَ الجاذبية الهائلة للوكاس.

Rehana 02-12-13 05:55 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
دخل الرجلان الى المقاعد الأمامية للسيارة بدون النظر اليها , كان كولين يضحك قليلا وهو يقول:
" هذا جميل منك يا سيد باباندريوس , لم تكن تشاريتي ترغب في مشاهدة الآثار , فهي لا تهتم كثيرا باليونان , ولكنها يجب أن ترى منها قدر ما تستطيع قبل العودة الى أنكلترا , ألا ترى ذلك؟".
" أن أمامها متسع من الوقت".
ضحك كولين مرة أخرى وقال:
" لا يمكنني الأستغناء عنها طويلا".
" لا يمكنك؟ ولكنها ستأتي كثيرا الى اليونان لترى ألكسندروس , لقد كنت أود التحدث معك في هذا الموضوع , بالطبع نفقات السفر مدفوعة كلما حضرت".
" هذا جميل منك , ولكن لا أظن أن هناك ضرورة لذلك, أذا لم تسمح لها بأن تأخذ الطفل, وأعتقد أنه يجب الأنتهاء من هذا الأمر برمته لصالحنا جميعا , أن تشاريتي يصيبها الأنزعاج بسهولة".
" أذا فعلينا ألا نسبب لها أنزعاجا بقدر الأمكان , سنناقش الأمر في وقت آخر".
فزعت تشتريتي , لو أنها تستطيع فقط أن تثق في كولين , لما أهتمت بأن تترك له هذا الأمر, ولكنها لم تكن واثقة من أنه يريد ألكسندر, أو أي شيء متعلق به , قالت من الخلف:
" أريد أن أكون موجودة عند مناقشة الموضوع".
قال لوكوس بهدوء:
" لا أظن ذلك".
" ولم لا؟".
ابتسم لها في مرآة السيارة وقال بمنتهى الهدوء:
" كولين سيتحدث بالنيابة عنك في عدم وجودك, سنكون أكثر حرية في مناقشة الأمر, يجب أن تدركي ذلك يا تشاريتي, اذ كيف يتسنى لكولين أن يقول ما يريده , خاصة اذا علم أنك تريدين شيئا مختلفا , وعندئذ تظنين أنه غير مخلص لك؟".
" ولكنه يريد ما أريد".
" اذا فليس هناك ما يدعوك للقلق".
لا فائدة من الجدال معه , والتفتت الى كولين, ولكن الكلمات ماتت على شفتيها عندما رأت تعبير المرح على وجهه , قالت له في عصبية:
" هل ستوافق على أستبعادي من مناقشة الأمر؟".
" أذا كانت هذه هي الطريقة اليونانية لقضاء الأمور فلا أرى داعيا للأعتراض , أنك لا تجعلين الأمور تسير في يسر أمامي يا تشاريتي, كل شيء سيكون على ما يرام".
كانت تشاريتي تلاحظ نظرات لوكوس الجانبية الساخرة الى كل منهما, لم تكن تعرف ما الذي يجعله واثقا من أن الأمور ستسير على هواه , أنها تعرف أنهما سيفعلان في نهاية الأمر كل ما يريده لوكوس, وكان الأجدر بها أن تكون غاضبة من هذا اليوناني, ولكنها لم تكن كذلك , لقد شعرت بالغضب نحو كولين الذي بدا معتدَا بنفسه وواثقا منها.
ألقت عيناها بعيني لوكوس في مرآة السيارة , كانت تعرف أنه يقرأ أفكارها , وتأكد لها ذلك عندما قال:
" اذا قررت أمرأة الأرتباط برجل ما, يجب عليها أن تثق في أنه سيرعى مصالحها ويحميها , لذا فأننا في اليونان , نبحث الأمر جيدا قبل أن نسمح للرجل بالزواج من أمرأة في عائلتنا".

Rehana 02-12-13 05:56 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قالت بثبات:
" في أنكلترا نختار أزواجنا بأنفسنا".
" أنني لا أقرُ ذلك , فالمرأة لا يمكن أن ترى الرجل على حقيقته كما يراه رجل آخر".
" ربما لا ترغب هي في ذلك!".
" هكذا؟ يبدو لي هذا نوعا باردا من الحب , أن أمرأتي يجب أن تهب نفسها لي تماما , لا أن تتعامل معي بمثل هذا الفتور , ما هو المستقبل اذا بدون ثقة؟".
" واذا كان الرجل غير جدير بهذه الثقة؟".
"من الأفضل أكتشاف ذلك قبل الألتزام بأي شيء, أعتقد أن كولين يتفق معي في هذا الرأي".
وشعر كولين أنه لا بد أن يقول شيئا:
" أننا نعرف بعضنا بطريقة أفضا في أنكلترا , فأنا أعرف تشاريتي منذ أعوام".
" نعم قلت لي ذلك من قبل, وأن والدها وافق على خطبتها لك, من الأفضل لها أن تعرف أن هناك من يحميها".
احمر وجه كولين لشعوره بالذنب, نظرت اليه تشاريتي وهي تتساءل كم من الأدعاءات نسبها لنفسه وقال عنها للوكوس, هذا جانب جديد مشين تعرفه عنه.
منتديات ليلاس
بعد أن قام لوكوس بسرد أحدى الأساطير اليونانية حول أحد الهياكل, رأت كولين يبتعد متوجها الى أحد المطاعم, كم ودَت لو أنها صحبته بدلا من تركها وحيدة مع لوكوس , دار بينهما حديث تطرَق الى أردياني , ووجدت نفسها تقول له:
" ماذا عن فتاتك أردياني؟".
" فتاتي؟ أن أردياني ليست فتاتي, لا تصدقي ما يثار من أشاعات".
" أنت تعرف تماما ما أعني".
دخلا الى الهياكل وراحا يتفحصان بعض الكتابات على جدرانه , أقترب منها حتى شعرت بأنفاسه على خدها , حاولت الأبتعاد , ولكنه أمسك برسغها في يده وجذبها اليه:
" ما الذي قلته بشأن أردياني؟".
" لا شيء".
ضغط بشدة على رسغها وقال:
" اذا كنت ترغبين في معرفة شيء عني , ما كان عليك الا سؤالي أنا وليس خالتي".
" لم أسأل أليكترا".
" ولكنها قالت لك شيئا , ماذا قالت؟".
" لن أخبرك, لا يعنيني في شيء ما تمثله لك . هذا شيء لا يهمني على الأطلاق".
" حقا, لا أظن أن أليكترا قالت لك أنني كنت في نافبليون خلال الأيام القليلة وأن أردياني كانت معي؟".
هزَت تشاريتي رأسها نفيا , وأحست بشيء يثقل قلبها وودَت لو أنه لم يخبرها أين كان.
" كلا, لم تخبرني".
" أننا ندين لعائلة أردياني بشيء ما, ولكن ذلك لا يجعل منها فتاتي, أرجو أن يكون ذلك مفهوما".

Rehana 02-12-13 05:57 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أن تشاريتي تفهم ذلك جيدا , ألم تخبرها أليكترا أنه لن يتزوج أردياني مطلقا؟.
ما الذي يدعوه للزواج منها , لقد حصل بالفعل على كل شيء يريده منها, جذبت ذراعها منه بشدَة وأسرعت الى الناحية الأخرى من الهيكل قال بلهجة آمرة :
" تعالي هنا يا تشاريتي "
ترددت , نظرت اليه بعصبية , وقد أربكها بريق عينيه.
" لماذا؟".
" تعالي هنا يا تشاريتي وستعرفين".
كان صوته ضاحكا, مشت اليه ببطء وقالت:
" لوكوس؟ أنا أعرف أنك لا تحب كولين , ولكنك قلت أنك لن تلمسني".
قال مذكرا أياها:
"فقط عندما تكونين وحيدة , وليس هناك من يحميك, ولكن بوجود كولين الآن...".
" لقد ذهب الى الكافيتيريا".
" وتركك لي, تماما كما كنت أتوقع منه".
بعد ذلك, كان عليها أن تتذكر أنها لم تأت بحركة لتمنعه من أحتوائها بين ذراعيه, لمسها عند كتفيها وذاب الذعر في داخلها وتحوَل الى سعادة.
أغمضت عينيها وتركت نفسها لعناقه بشغف وجذبها هو بشدَة, وعندما تركها كانت على وشك السقوط لولا أنه وضع يده تحت مرفقها .
" هل ستخبرين كولين؟".
" ما الذي يدعوني لذلك؟ هذا لا يعني شيئا".
جذبها اليه مرة أخرى وعانقها , ليس برقة كما كان يفعل من قبل, بل كأنه يريد أن يثبت لها من منهما السيد ومن المسود , أحسَت بضلوعها على وشك أن تتكسر.
" أرجوك يا لوكوس, أنك تؤلمني ".
" لا شيء؟ ألم يعن ذلك شيئا؟".
هزَت رأسها وهي تمسح دموعها بظهر يدها.
" لماذا أجرح كولين بأخباره؟".
وضع يده تحت ذقنها ليجبرها على النظر اليه.
" كان يجب عليه أن يرعاك بطلاقة أفضل مما فعل, ماذا تفيدين من رجل كهذا؟".
" أنه طيَب , ويعاملني كأنسانة , لا كشيء لا يصلح الا للعناق".
" وهل هذا فقط هو ما يرضيك؟".
كانت نبرة الأحتقار تملأ صوته , أبتعدت عنه مسرعة نحو الكافيتيريا وكولين , وأتاح له طول ساقيه أن يلحق بها.
" دعني وشأني , ما الذي يعنيك مما أفعل؟".
" أنك تريدين ألكسندروس".
توقفت تماما :
" نعم, أريد ألكسندر , متى ستتخذ قرارا بشأنه؟ أن والديك أكبر من أن يقوما على تربية طفل, مهما كانت رغبتك في أن يشُب يونانيا".
" هذا صحيح, ولكن هل تعتقدين أنه من الأفضل له أن يكون مع كولين؟ أنه في رأيي لا يصلح أن يكون عاشقا , فهو يسمح لك بمغازلة رجال آخرين , بل لا يمانع أن تكوني هدفا لقبلاتهم".
أسرعت أنفاسها لفرط شعورها بخيبة الأمل لأن كولين لم يبق معها في الهيكل , قالت صارخة:
"أن ما أفعله من شأني وحدي".

Rehana 02-12-13 05:57 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
رفع حاجبه في دهشة وقال متهكما:
" أذا من المناسب لك أن تختاري كولين , لأنك لن تتجرأي على التفوه بمثل هذا الكلام لي".
جذبت عينيها بعيدا عن بريق عينيه , أولته ظهرها وتوجهت الى الكافيتيريا تبحث عن كولين, لم يحاول أن ينظر اليها وهي تجلس الى جانبه وتصب لنفسها فنجانا من الشاي, سألته:
" لماذا تركتني مع لوكوس؟".
" أعتقدت أن ذلك لن يضايقك , وأنك قد تستمتعين بحديثه أكثر من أستمتاعك بصحبتي".
" حسنا , أنني لا أستمتع , أنا لا أحبه على الأطلاق , كولين أرجوك تحدَث اليه عن ألكسندر بأسرع ما يمكنك حتى نعود الى أنكلترا , فأنا لا أريد أن أبقى هنا لحظة أخرى".
هز كتفيه:
" هذا يناسبني".
استمر في تناول قطعة الكعك التي كانت في يده, في نفس الوقت الذي دخل فيه لوكوس متوجها نحوهما , لكزته تشاريتي برجلها من أسفل المنضدة وهمست:
" حاول أن ترتَب معه موعدا الآن , والا فلن نتمكن من ذلك أبدا".
حوَل وجهه ناحية لوكوس وقال:
" هل يمكنني الحضور لرؤيتك غدا ياسيد باباندريوس ؟ تشاريتي تريد قرارا نهائيا بصورة أو بأخرى , وأنني أتفق معها, لا يمكن لنا الأنتظار هكذا الى الأبد".
أخذ لوكوس ينتقل بنظراته من أحدهما الى الآخر وقال:
"حسنا, سوف أراك غدا في الساعة العاشرة والنصف في مكتبي , هل يناسبك ذلك؟".
بدا كولين فجأة سعيدا بنفسه:
" هذا مناسب تماما".
غمز بعينيه لتشاريتي وقال:
" ماذا ستفعلين أنت يا حبيبتي ".
" لا أعرف , أعتقد أنني سأذهب الى دافني لأرى الدير هناك".
قال لوكوس :
" أستقلي تاكسي , هناك باصات ولكَن المحطة بعيدة عن الفندق , وربما يناسبك بعد ذلك أن تتناولي الغداء في شقتي لتري الطفل".
قال كولين مقطبا:
" قد تحب تشاريتي ذلك, ولكنني لا أظن أنني سأفعل , فلديَ أشياء أخرة يجب قضاؤها".
تعجَبت تشاريتي في ضيق , أيَة أشياء ؟ كل ما تمنته هو ألا يضيف هذا لوكوس الى مساوئه , أنها ترى بوضوح أنه لا يحب كولين ولا يعتقد أنه رجل مناسب ليعيش الطفل معه , كانت متأكدة أنه لن يسمح لهما بأخذ ألكسندر , وماذا ستفعل حينئذ ؟ لا يمكنها أن تتزوج كولين هكذا بدون مقابل, في الواقع , بدأت تعتقد أنها لا يمكن أن تتزوج كولين مهما كان قرار لوكوس.

Rehana 04-12-13 03:14 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
8- أمرأة بيتي

ذهبت تشاريتي الى دافني في الأوتوبيس , كانت تتعمَد القيام بنوع من التحدي عارفة أنه صبياني , مع ذلك شعرت بنوع من الراحة , ولعلمها أنها لن ترى لوكوس , زيَنت صدرها بالبروش الذي أهداه لها , وكان منظره جميلا ومنسقا مع السترة الصوفية الحمراء التي ترتديها.
صاح المحصَل :
" دافني!".
بدأت في شق طريقها نحو الباب تنتظر فتحه , وأضاف المحصل مشيرا بيده عبر طريق جانبي.
"سيدتي ها هي دافني".
كان ما شعرت به تشاريتي للوهلة الأولى هو الأحساس بخيبة الأمل, هل هذا يمثل الفن البيزنطي ؟ يبدو مظلما وكئيبا ولكن بمجرد دخولها, لمحت على الفور اللوحة الشهيرة للمسيح مصنوعة من الفسيفساء , لقد بدت التماثيل على ضوء الشموع وكأن الحياة توشك أن تدبَ فيها.
عندما نظرت في ساعتها , دهشت تشاريتي للسرعة التي مرَ بها الوقت, لم يخطر ببالها طوال الصباح لقاء كولين مع لوكوس , ولكنها بدأت تفكر فيه الآن, كم ودَت أن يكون لها دور خاص في الحياة , وليس مجرد دور الخادمة لكل أفراد عائلتها, وها هي الآن, تبذل كل ما في وسعها لتفوز بحضانة ألكسندر, حتى الى درجة الموافقة على الزواج من أجل الحصول عليه , فالزواج من كولين أمر لم يخطر على بالها بالمرة, ترى أي نوع من الحياة ستعيشها؟ أحسَت بقشعريرة البرد وبالظلام داخل الكنيسة , وودت لو أنها لم تفكر في ذلك الآن.
جلست عند أحد الأعمدة الأثرية في الخارج , وتركت الهدوء الذي كان يلف المكان يتسلل الى داخلها , ولذلك فزعت عندما رأت شخصا يسير على العشب متوجها اليها , وأتَضح لها أنه لوكوس.
هبَت واقفة وهي تصلح من التعبير الذي بدا عليها , حتى لا يلاحظ لوكوس حالة الرثاء النفسي التي أنساقت اليها , ولكنها لم تستطع بالطبع أن تخدعه لحظة, سألها:
" هل تفكرين في كولين؟".
" أجل , بصورة أو بأخرى".
" حسنا, أذن حان الوقت لأن تفكري في أبعد من مجرد حفل الزفاف".
حاولت أخفاء الأحساس بالنفور اتجاه أي علاقة أوثق بكولين , سألته بدون أن تنظر اليه تماما:
" هل ستسمح لنا بأن نحصل على ألكسندر؟".
قال وهو يمد يديه أليها لتضع يديها بينهما بحركة غريزية :
" كلا, لا يمكنني يا تشاريتي أن أترك لكولين الكلمة الأخيرة في تنشئة الطفل لذاته".
قاطعته تشاريتي:
" لأي سبب تعتقد أنه يريده؟".
ظلَ صامتا لفترة طويلة , ثم قال أخيرا:
"ربما يريده لأن ذلك يهمك كثيرا؟".

Rehana 04-12-13 03:16 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ولكن تشاريتي هزت رأسها :
" أنه لا يفهمني على الأطلاق".
وانفجرت قائلة, وهي تدرك أنها تنطق لنفسها بالحقيقة:
" أنه لا يعنيه شيء من أمر فيث ويستوي في نظره أنه أختي , أو أن ألكسندر في حاجة الى أنسان من دمه ليرعاه!".
جلس لوكوس على أحد الأعمدة المجاورة ونظر اليها مفكرا وقال:
" أذا ؟ هل سألت نفسك لماذا يريد كولين الحصول على ألكسندروس؟ لقد كان يلُح عليَ في ذلك عندما تقابلنا هذا الصباح بشكل دائم".
قال الجملة الأخيرة مع أشارة من يده تدل على ضيقه بذلك الرجل.
" لا أعتقد أنني أريد التفكير في هذا الأمر, كل ما هنالك أنك لا تريد أن آخذ الطفل لمجرد أنك لا تحب كولين".
"هذا غير صحيح, قد أسمح لك أنت بأخذ الطفل, ولكن أكرر لك مرة أخرى أن كولين شيء آخر أنه لن يكون متعاطفا مع الجزء اليوناني من الولد".
ثم نظر في عيني تشاريتي بثبات وقال:
" أننا لن نناقش هذا الأمر يا عزيزتي , لقد أتخذت قراري وعليك أن تقبليه".
" ولماذا عليَ أن أقبله؟".
منتديات ليلاس
ابتسم وقال:
" لأنني أعتقد أنه من الأفضل لك أن تعملي على أرضائي , بدلا من تعمد مواجهتي , أليس كذلك يا فتاتي تشاريتي؟".
" كلا , بالطبع".
" كم أنت مصممة على خداع نفسك , ولكنك لا تخدعينني".
ومدَ يده ليتحسَس البروش الذي أهداه لها قائلا:
" لو كنت أمرأة بيتي للقنتك درسا عن واجبك اتجاه الرجل الذي تنتمين اليه".
نظرت اليه في ذعر وقالت بسرعة مذكرة أياه :
" أنَ كولين ليس معي الآن ! لقد وعدتني يا لوكوس".
قام بحركة من رأسه تنم عن الأحتقار وقال:
" أن من أخترته حاميا لك لم يفعل شيئا عندما كان معك".
" يمكنني أن أحمي نفسي".
قالت ذلك والدم يندفع الى وجنتيها في حرارة , لأنها تدرك تماما أنها لم تحسن القيام بهذه المهمة , عندما كان الأمر متعلقا به , ويبدو أنه هو الآخر كان يفكر في الشيء نفسه عندما قال:
" لو أنك- أمرأة بيتي , لما سمحت لرجل آخر أن يقبلك ويظل على قيد الحياة, ولما سمحت لك بعناق رجل آخر".
" لكنني لم أفعل, أنك أنت الذي....".
قاطعها بجفاء:
" بلا شك, كان يجب عليَ أن آخذ في حسابي ممانعتك الواضحة".
لم يكن من حقه أن يقرأ أفكارها هكذا وكأنه أمتداد لشخصيتها , ولكن من المستحيل أن تترك له الكلمة الأخيرة في ذلك:
" أنا لا أفهم ماذا يعني التعبير أمرأة بيتي".
وضع يده أسفل ذقنها , حتى يرغمها على النظر الى البريق الأسود في عينيه قال:
" لا تعرفين؟ أنه شيء ستحبينه كثيرا".
لكزته بقدمها وقالت ودقات قلبها تعصف من اللوعة المؤلمة:
" أنك لا تعرف أي شيء عما أريد!".

Rehana 04-12-13 03:17 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ضحك في مرح لا يخلو من الطيبة ثم قال:
" أنت تريدين ما تريده معظم النساء , تريدين رجلا تحبينه بلا خجل, رجلا يشعرك بأنه يمتلك وتشعرين بمتعة في ذلك, هل يمكن أن تلقي هذه العذوبة التي تنبض بها روحك الى مثل حبيبك هذا الهش؟ لا أعتقد ذلك!".
قالت في محاولة منها أن تكون أكثر وضوحا:
" كنت أريد ألكسندر".
" والآن وأنت تعلمين أنك لن تحصلي على ألكسندروس , لن توافقي بعد الآن على الزواج من هذا الرجل , أليس كذلك؟".
" لا أظن أنني سأتزوجه , أنه لا يتصرف مثلما كان يفعل في أنكلترا ".
" اذا كنت ترغبين في الحصول على ألكسندروس , هناك حل واحد يمكَنك من ذلك, هل توافقين على أن تمكثي هنا في اليونان وتتزوجينني؟".
أرتفع الدم الحار الى وجنتيها :
" ولكنك لا ترغب في الزواج مني؟ أنك تريد أمرأة لا يهمُها أن تنكمش وتتحول الى مجرد أمرأة بيتك , أمرأة يونانية , وأنا أريد أن أعيش حياتي على طريقتي الخاصة".
" اذا فالأختيار لك".
ورمقها بنظرة متعجرفة دون مبالاة وشعرت بألم عميق:
" اذا تزوجتك, هل ستدعني أحصل على ألكسندر".
أومأ لها موافقا:
" أعدك أن أدعك وشأنك اذا حصلت على ألكسندر, ولكنني لا أعرف ما الذي يجعلك ترغب في الزواج مني".
" أحقا لا تعرفين؟ اذا أتركي لي ذلك فهو أمر يخصني, ولكن السؤال المهم هو أن أعرف هل تعتبرين رغبتك في الحصول على ألكسندر ثمن الموافقة على الزواج".
كان أستخدامه للأسم الأنكليزي لأبن أختها مفاجئا , مما جعلها ترفع اليه عينيها بسرعة , نفذ البريق الدافىء من عينيه الى قلبها , هي ليست حمقاء الى درجة الأفتراض بأنه يحبها , وأنَ عليها أن تغمض عينيها عن أية علاقات يسمح بها لنفسه , علاقات مثل تلك التي سعد بها مع أردياني , أنَ غيرتها ستؤلمها وتذلُها , ولكنها على الأقل ستكون زوجته , وهو لن يسمح لها بمثل الحرية التي يسمح بها لنفسه , اذا تزوجته فلن يكون أمامها ألا أن تتبعه أينما ذهب, هل هذا ما تريده؟
استدارت اليه فجأة وقالت:
" لوكوس, أنت تحبني ولو قدرا ضئيلا , أليس كذلك؟".
لفَ ذراعه حول خصرها وجذبها اليه.
"نعم يا أمرأة بيتي , أحبك قليلا , ستشعرين بالأمن تماما معي لأنني قادر على رعاية من يعيش في كنفي".
أحنت رأسها الى كتفه وأحست براحة لم تتوقعها , تركها في هذا الوضع فترة طويلة, وأحسَت بالعرفان لتقديره شعورها.
" والآن يا أمرأة بيتي , هل نوقع على الأتفاقية بقبلة؟".
تنهَدت تشاريتي بعمق وقالت بصوت آخر غير صوتها:
" سأتزوجك من أجل ألكسندر , وذلك لن يكون بالأمر السهل على كلينا, لكن مستقبل ألكسندر يجب أن تكون له الأولوية أليس كذلك؟".
" هو كذلك, اذا كنت ترغبين في التفكير في الأمر على هذا النحو".
لقد أحسَت بالأمر وكأنه عملية تجارية لا دخل فيه للميول الشخصية, لو قال لها أنه يحبها, ولكن لا فائدة من التطلُع الى المستحيل.

Rehana 04-12-13 03:18 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
مضت قائلة وهي تحاول ألا تبدو غير واثقة مما تقول:
" ينبغي عليَ أن أبلغ كولين , هل قال لك أي شيء هذا الصباح؟".
" سيكون ذلك سرا بيني وبينه , لو كنت مكانك يا عزيزتي لذكَرته بأنه لم تكن هناك خطوبة حقيقية بينكما . ولذلك لست مدينة له بشيء , فهو لن يتورَع عن الأستفادة من أي بادرة ضعف يراها فيك , ولو حدثت أية متاعب يا تشاريتي , عليك أن تبلغيني فورا على التلفون, وعندئذ سوف أوضح له تماما أنه أصبحت لك الآن عائلة".
نظر اليها وتابع:
" أصارحك القول , لو أنك أمرأة يونانية , لما تركت لك هذا الأمر , ولكنك ستكونين معه أكثر طيبة مني , بالأضافة ألى أنك أنت التي أحضرته ألى أثينا وأثرت به الآمال".
قالت مداعبة:
" قد أستمتع بوداعي له".
أنفجر ضاحكا:
" أنا لا أخشى ذلك أبدا, لقد خلقت ليكون عليك شعار أبوللو".
لمس دبوس البروش في صدرها:
" أنني أتزوجك فقط من أجل ألكسندر!".
أمسكها من ذراعها , وأصابعه تضغظ على لحم ذراعها :
" لقد قدَر عليك أن تكوني أمرأة بيتي, سواء كان هناك ألكسندر أم لا, سوف أجعلك تعترفين بهذا في أحد الأيام".
"لن يحدث هذا مطلقا, المرأة تحتاج الى أكثر من...".
منتديات ليلاس
قطع عليها كلامها بحركة جعلت تلك الكبرياء التي بدت عليها تتلاشى, ما الذي يمكن أن تفعله اذا علم كم هي تريده؟ قال:
"أن المرأة تريد رجلا يتعلق بها ويدللها , كما سأتعلق أنا بك وأدللك واذا حصلت على ذلك, فيجب عليها أن تشعر بالرضى عن الحياة التي كفلها لها زوجها".
" ولكن هذا ظلم!".
قالت ذلك وهي تشعر بالثورة لأن لوكوس مقتنع أنها ستسمح لنفسها أن تكون تابعة له بقية حياتها.
ابتسم لوكوس , وعانقها من جديد وهو يحس أحساسا كاملا بمتعة جعلت من المستحيل عليها أن تفكر في شيء سوى مبادلته لمسته القوية, أقترب جسمها منه بنفس الحرارة وشعرت بلمسة يده تداعب شعرها, وتنزلق على كتفيها , صاحت وهي تحس بالهزيمة:
" أوه, لوكوس".
أزاح خصلة من شعرها من فوق جبينها ونظر اليها بأمعان وقال:
"هل كان يرضيك أن أكون أقل رجولة, أو أن أشاركك أفكارك الباردة حول كيفية معاملة الرجل المرأة؟ ولكنني يوناني يا عزيزتي , وأفكارنا عن الزواج تختلف عن أفكاركم, فالمرأة اليونانية لا تناقش حق زوجها في أن يكون سيدا في بيته , هل هذا مفهوم؟".
أخفت وجهها في صدره وهي تحس برغبة في عناقه مرة أخرى.
" هل كان من الضروري أن تقول ذلك صراحة؟".
" نعم. فأنا لا أريد أن تقولي فيما بعد أنك لم تعرفي, فاليونان ليست ذلك البلد المتحرر مثل مجتمعكم في لندن , عندما يتم الزواج بيننا يجب أن نستمر زوجين مهما حدث, هل أنت على أستعداد أن تكوني زوجة يونانية , وأن تضعي مستقبلك بين يدي؟".
" أجل... أجل... أجل , أوافق على أي شيء تريده".
أبعدها عنه , وأبتسامة صغيرة تلوح على شفتيه:
" هل كان من العسير عليك أن تقوليها؟".

Rehana 04-12-13 03:18 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
"لم يكن ذلك ضروريا".
جذبها اليه مرة أخرى وقال:
" ربما لم يكن ضروريا , ولكنني أعتقد من الأفضل الوضوح , فقد تعلمت الشيء الكثير من تجربة فيث ونيكوس, فهي لم ترضخ له أبدا, ومع ذلك لم يؤد بها هذا التحدي الى السعادة , وأنا لن أسمح بمناقشة قرار لي أو بالتشكك فيه, ولن أسمح لزوجتي بأن تتعس نفسها أو تفكر في الهرب وهي تتصور أنني أوافق على ذلك, أنني لن أرضى لزوجتي ألا تعرف أن مكانها هو أنتظاري في البيت حتى أعود اليها ".
قبَلها على وجنتيها ثم عينيها وتمتم شيئا باليونانية لم تفهمه , ومع ذلك وجدت فيه شعورا بالراحة, ولم تستطع الا أن تقول:
" لقد تأخرنا , ألا تنتظرنا أليكترا على الغداء؟".
قبَلها للمرة الأخيرة وقال مداعبا وهو يربت على مؤخرة عنقها :
" هل أحسست بالجوع؟".
ردَت بالأيجاب وأن كانت في الواقع لا تشعر بالجوع , بل تخشى عناقه , وحيَرتها كلماته برغم وضوحها , لا شك أنه سيتزوجها ليضمن بيتا لألكسندر, تماما كما ستتزوجه هي لنفس السبب, ولكن ما الذي يدعوه اذا الى تقبيلها؟ هل لمجرد تفوقه كرجل؟ لقد أراحتها هذه الفكرة, فمجرد تأكده من أذعانها للتقاليد اليونانية , سيتركها لشأنها فتتولى مهمة العناية بألكسندر , لا يمكن أن يرغب في شيء آخر منها , فهو لا يحبها ولا يزعم أبدا أنه يحبها وهكذا ستعيش حياتها كما تريد, ولكن المشكلة أنها لا ترغب بذلك, وأحست بالراحة عندما وصل بها التفكير الى أنها لا يجب أن تشعر بالقلق بعد الآن , أنه من النوع الذي يمكن أن تعتمد عليه تماما, وهذا الأعتماد لن ينهار مع أول خلاف قد يحدث بينهما , أحسَت فجأة بالرضى عن نفسها وقالت:
" لا بد أنك تحب ألكسندر كثيرا".
أشعرتها أبتسامته بالدفء والسعادة , لأنها كانت تحب الطريقة التي تنفرج بها شفتاه وقال:
" أوه, أنني أحبه بالفعل".
حتى أليكترا أحسَت بأن هناك نوعا من الأرتباط بين ألكسندر وخالته عندما جلست لأرضاعه , وسعدت تشاريتي بذلك.
قالت أليكترا وهي تعرف بأنها تطلعها على سرها:
" أنهم يخشون أن أغرم بالطفل كثيرا , فهم دائما يخشون علي , ولكن ليس هناك ما يدعوهم الآن لذلك".
" ما الذي يجعلهم يخشون عليك؟".
" ألم يخبرك أحد منهم؟ لقد أصبحت أتصور أن الجميع يعرفونني بمجرد أن يتطلعوا الى وجهي, رغم أنني أصبحت عجوزا مثل أختي كزينيا".
" على العكس أنك تبدين أصغر منها كثيرا".
" أنني أصغر قليلا, لقد تزوجنا في وقت يعتبر متأخرا جدا في هذه البلاد ".
" لم أعلم أنك كنت متزوجة؟".
" تزوجت قبل أختي , وبعد عامين كان لي ولد , لا بد أن عمره أصبح الثالثة والثلاثين الآن , كان ذلك منذ وقت طويل جدا".
" ولكن هل هو موجود؟".
" من يدري؟ أنني لم أره منذ كان عمره أربعة أعوام , لم يكن من السهل أن يعيش المرء في اليونان في تلك الأيام , رحل أناس كثيرون في ذلك الحين , أرسل العديد من الأطفال الى بلغاريا ليشبوا هناك ومنهم أبني ديمتري أيضا أخذه والده معه, ولم أسمع عنهما شيئا بعد ذلك أبدا".

Rehana 04-12-13 03:19 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

" أن ذلك أمر فظيع".
" كان الأمر صعبا علي في البداية , ولم أكن أرى طفلا يركض في الشارع الا وأعتقدت أنه أبني , كنت صغيرة حينئذ , ولكن الوضع قد تغير الآن, فأنا أعلم أن أبني أصبح رجلا , وحتى لو أنني رأيته لما عرفت أنه أبني , أنهم يخشون أن يتحول ولهي بألكسندروس الى درجة أعتقادي أنه أبني , لقد تخطيت مرحلة الحماقة تلك منذ زمن طويل , ولكنهم نسوا أنني لم أعد أفرح لبكاء الطفل , فبكاؤه يذكرن بأن مفاصلي تؤلمني , أنا أود أن أكون جدَة الآن وليس أما".
" يمكنك أن تكوني جدة لألكسندر , وأن تلفتي نظري عندما أبالغ في تدليله".
ولكنك ستعودين ألى أنكلترا مع رجلك كولين".
" لقد قررت البقاء في اليونان, وسأتزوج لوكوس".
" لمصلحة أبن أختك؟".
" أجل".
" أنك تقولين ذلك الآن, ولكن ماذا سيكون شعورك عندما يطارحك لوكوس الغرام؟ فهو لن يرضى بأمرأة في فراشه تعيش معه بنصف قلبها فقط كما لو أنه ليس بالرجل الذي يقبل ألا تهتمي به فترة طويلة".
" لن يكون الأمر كذلك, أنها مسألة أتفاق, حتى يكون لألكسندر بيت".
" ما من رجل يرضى عن ذلك طويلا, وأنت؟ هل سيشعرك ألكسندر أنك أمرأة؟".
" سأكون راضية".
" سأمهلك أسبوعا فقط بعد الزواج, وسترين أن لوكوس سيقلب كيانك رأسا على عقب ويجعلك غارقة في حبه".
" ربما, ربما يحبني لوكوس؟".
" سيكون لوكوس لطيفا معك , أما عن الحب؟ فلا شك أنه يحب أردياني من يدري؟ ولكن بمجرد أن تصبحي زوجته فسيخفي هذا الأمر عنك وعن أولاده , ولكن ماذا يهمك من ذلك , ستكونين أهم من أي أمرأة أخرى في حياته , ومن الأفضل لك أن ترضي بذلك".
ربما كانت تلك نصيحة لها وجاهتها , ولكنها شعرت بقشعريرة تجتاحها , كما لو كان هذا هو شعورها الآن , فماذا سيكون شعورها في مستقبل الأيام؟ لم تكن تطمح أن يحبها كما أحبته بل لم تكن تتوقع ذلك, وما كانت تريده هو أن يشعر لوكوس بالسعادة لزواجه منها , لأنه يفضلها عن أي أمرأة أخرى , عن أردياني!
" هل ستغضب كزينيا ؟ أو تشعر بخيبة الأمل؟".
" اذا شعرت بذلك سيكون بسبب عدم أحساس أختك بالأنتماء الى المنزل, كانت أختك تحتقر أسلوب حياتنا اليوناني , وتحتقر زوجها لأنه يوناني , لم تكن كزينيا تكرهها , ولكنها في الوقت نفسه لم تكن ترحب بها كزوجة لأبنها , ولم يكن هناك أحترام متبادل بينهما".
" ربما يظن أنني سأكون مرآة لأختي؟".
" أنك أخت فيث , ولكن لوكوس يختلف تماما عن نيكوس, برغم أنهما أخوان , اذا كنت ستتزوجين رجلا من بلد آخر , فلا تتوقعي منه أن يصبح أنكليزيا , أن كزينيا سترحب بك كزوجة للوكوس اذا فعلت ما هو متوقع منك أن تفعليه وأحترمت تقاليدنا".
" أمرأة بيته".

Rehana 04-12-13 03:20 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
9- حفلة العرس

" ماذا أنت فاعلة؟ هل جننت؟".
ضمَت تشاريتي شفتيها في حركة تنم عن العصيان , قالت:
" أنك تتحدث كأن هناك حب بيننا".
أنفجر كولين قائلا:
" ما دخل الحب في ذلك؟ عودي الى رشدك يا فتاة, أية فرصة يمكن أن تحظي بها معه؟".
" لا أفكر بسعادتي, أنني أفكر في ألكسندر , ليس الخطأ خطأي حين تركت أثرا سيئا لدى لوكوس الى درجة أنه رفض أن تشرف على تربية ألكسندر , كان عليَ أن أتزوجه اذا كنت أريد أبن فيث, وأنا أريده".
هز كولين رأسه وقال بخبث:
" وتقومين بتضحية كبيرة , أليس كذلك؟".
بلَلت تشاريتي شفتيها , وهي لا تعرف كيف تجيبه على هذا السؤال , وقالت كحل وسط"
" ليس تماما, أن الأمر مجرد تخطيط يتيح بيتا لألكسندر . أنني آسفة يا كولين , أنا أعلم أنني أذيتك, ما كان عليً أبدا أن أطلب منك الحضور".
" ولكنني سعيد لأنك طلبت مني ذلك!".
نظرت اليه في دهشة وسألته فجأة:
"لماذا؟".
" ربما لأنني لا أعتبر نفسي فقدتك تماما , حتى ألآن على الأقل, أنَ في رأسي مشاريع هائلة لنا نحن الأثنين يا تشاريتي , سنطوف العالم, وأنا أعرف الوسيلة التي تحقق بها هذه المشاريع , سيكون شيئا رائعا أن نحمل الغنيمة , ونأخذ قدر ما نستطيع من لوكوس باباندريوس في ضربة واحدة".
كان يبدو عليه أنه يكره لوكوس , وشعرت تشاريتي بالخوف ولكنها في الحقيقة لم تصدقه , أنها تعلم الآن أنه شخص ضعيف , ويشعر أن العالم مدين له بشيء, أما لوكوس , فهو قادر على أن يرعى نفسه ويرعاها هي أيضا, نظرت الى كولين مبتسمة وقالت:
" وما الذي تنوي أن تفعله؟".
نظر اليها مفكرا وقال:
" من الأفضل ألا تعرفي, ألتزمي السكون يا تشاريتي , فأنا أحاول التفكير في شيء بالنسبة لزواجك هذا, ربما كان هو الشيء الذي سنشغل به وقت صديقنا اليوناني , حتى لا يلتفت الى ما نفعل".
أنحنى أمامها متكلفا الأبتسام وقال:
" حسنا يا عزيزتي , أستمري في اللعبة معه حتى أكون في حالة طيبة ومستعدا لأن أفعل شيئا , سوف تستمتعين بهذه اللعبة , أليس كذلك؟ لقد لا حظت أنك تحبين عناقه , ولكنني لا أظن أنك تودين الزواج منه , لذا أعتقد أنه عليك أن تعوَدي نفسك على الزواج بي في نهاية الأمر".
ضحك في عصبية وأكمل:
" ولكنك ستحصلين على ألكسندر ليسري عنك, أما أنا , آه لن أخبرك لئلا تسرعي الى لوكوس لأبلاغه , سأشعر بالراحة بعد أن أترك تلك البلاد الوثنية, أعتقد أنك سريعة الأستسلام لألاعيبهم ".
" أعتقد أنك أصبت بالجنون".

Rehana 04-12-13 03:22 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" أخبريني هل وقعت في حبه؟".
" أنني جادة تماما في الزواج منه, ولا أصدق كلمة مما تهذي به , كلانا يعرف أنك لا ترغب في الزواج".
" ولكنني معجب بك الى درجة تكفي لأن أتزوجك ".
" أما أنا فلست معجبة بك بدرجة كافية يا كولين, أنني آسفة , سوف أتزوج من لوكوس وأصبح أمرأة بيته".
" وماذا عن أردياني؟".
" ماذا عنها؟ لقد أنتهى كل شيء بينهما , هذا اذا كنت تريد أن تعرف".
" سيكون هناك العديد من النساء غيرها".
لم تستطع أن تخفي الألم الذي سببته كلماته , كانت تعلم أن لوكوس يتمتع بجاذبية تجعله يحصل على أية أمرأة يريدها , بالزواج أو بدون زواج, قالت:
" سأحصل على ألكسندر".
ضحك ساخرا وقال:
"وستحصلين عليَ أيضا, يمكنك التظاهر بأنك ستتزوجينه في الوقت الراهن, سأتغيَب خلال الأيام القليلة القادمة , وهكذا ستكون لك الحرية في أتقان هذا الدور يا حبيبتي , لن تجديني ذلك الزوج الغيور".
" أرجو أن تستمع أليَ يا كولين , لقد قررت الزواج من لوكوس , ولن يستطيع أي شيء أن يمنعني من ذلك".
" هذا ما تظنين أنه سيحدث عندما يحين الوقت ستسقطين في يدي مثل الثمرة الناضجة , على فكرة, لا أعتقد أنني سأتمكن من تسديد مصاريف أقامتي هنا, هل بأمكان أبوللو أن يفعل ذلك من أجلي؟".
" لن أطلب منه ذلك, سأدفع أنا بنفسي".
" أفعلي ما تشائين , سأراك فيما بعد يا تشاريتي , يا حبي".
"كلا يا كولين أرجو ألا تعود!".
" أنك تطلبين مني الكثير يا عزيزتي , سأعود بعد يوم أو نحو ذلك , وسترين أنك ستسعدين برؤيتي , الى اللقاء يا تشاريتي , أعتني بنفسك جيدا".
راقبته تشاريتي وهو يهبط درج الفندق , وجزء منها يشعر بالأرتياح لأنه ذهب , أما الجزء الآخر فكان يتساءل عما اذا كانت تكرهه, أو تشعر بالأشمئزاز من تباهيه بمستقبلهما معا, لقد كرهته لأنه جعلها تشعر بأن ما تحس به أتجاه لوكوس , هو نوع رخيص ومؤقت من المشاعر , ولأنه أستخف بلوكوس , قد تقبل أن يقول أي شيء عنها, أما عن لوكوس فلا, لماذا؟ لأن لوكوس يساوي عشرة من أمثاله , فكولين لا يستحق حتى أن ينظف حذاء لوكوس.
توجهت الى مكتب أستقبال الفندق لتسدد فاتورة كولين , حتى لا تضطر الى التفكير فيه بعد الآن , ولكن رغم تصورها أن ما قاله هو مجرد كلام , فقد شعرت أن هذا اللقاء كان شيئا غير مريح , تمنت لو أنَ لوكوس كان معها , ليته معها الآن,وأرتفعت معنوياتها لمجرد تفكيرها فيه, فهو سيأتي ليصحبها في زيارة الى والديه هذا المساء, وستخبره حينئذ بما قاله كولين, سدَدت حساب كولين وصعدت الى غرفتها , لن تمر سوى ساعة حتى يأتي لوكوس.
ولكنها في نهاية الأمر لم تخبر لوكوس بأي شيء عن كولين, فقد ضنت بسعادتها عندما جاء ليصطحبها , فكانت حذرة في تحيتها له حتى أظهر لها سروره برفقتها , ولم يدفعها ذلك أن تفعل شيئا سوى أن تحييه بوضع يدها في يده, ولكنها حين ركبت السيارة جلست بعيدا منه, وسألته:
"هل أبلغت والديك؟".

Rehana 04-12-13 03:37 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

رد عليها مبتسما في تباطؤ:
"هل تشعرين بالتوتر؟".
" نعم, أشعر بذلك, لأنني أعتقد أنهما لم يحبا فيث".
" هذا أمر مختلف".
" لا أعتقد أنه مختلف, فأن فيث أختي وأنا أشبهها في أوجه كثيرة, ولا يسعني الا أن أتصور أنهما شعرا بخيبة أمل".
" لا داعي لكل هذا القلق , صحيح أن نيكوس كان أخي, ولكن زواجنا سيكون مختلفا تماما عن زواجهما , أؤكد لك ذلك وأمي سترحب بك, اذا أدركت أنك ستسعدين أبنها ,أنها ليست ذلك الغول الذي تظنينه , بل أعتقد أنها هي أيضا تخشاك".
" تخشاني أنا ؟ لماذا؟".
" أنها تخشى أن تتحدى كل ما تعودت عليه في الحياة , ولا تستطيع هي أن تفعل شيئا أزاء ذلك , فلم يكن من السهل عليها أن تسمع النساء يتحدثن عن طريقة فيث المستقلة في الحياة".
" ولكن فيث لم تكن السبب في فضيحة !".
" قد لا تعتبر هذه فضيحة في أنكلترا , ولكن تصرفها في أثينا أثار كلاما كثيرا, لقد رفضت التخلي عن شقتها في أثينا , والذهاب مع نيكوس الى دلفي , ثم الطريقة التي كانت تشكو بها من حياتها في أراخوفا , فأشاع ذلك الذعر بين صديقات أمي, وبدأن في تقديم الأقتراحات الممكنة عن الطريقة التي يمكن لنيكوس أن يردَها بها عن غيها".
" يا للفظاعة!".
منتديات ليلاس
مد يده يبحث عن يدها وتخلل أصابعها بأصابعه, أحست تشاريتي بوخز خفيف في أعصابها عندما تلامست أصابعهما , ولكنها ضغطت على نفسها حتى لا تستجيب لمشاعرها.
" لم يكن الأمر سهلا على أمي".
" ويبدو أنه لم يكن سهلا على فيث , كما أنه لا تدهشني عدم رغبتها الأقامة في أراخوفا!".
تحدَاها بنظرة من عينيه وسألها:
" لو قلت لك أننا سنعيش هناك, هل تحزمين متاعك وتتبعينني؟".
أحزنها هذا السؤال , فهي تود أن تتبعه الى أي مكان , حتى الى ذلك البيت الفقير في أراخوفا , فهو أفضل مكان يجعله يحبها, ولكن اذا قالت له هذا, فسيكون بمثابة خيانة لأختها فيث التي كانت لها ظروف مختلفة , لأنها واثقة من حب نيكوس لها , كما أنها كانت تنتظر وليدا لها في ذلك الوقت , أصر لوكوس على سؤالها:
" هل كنت تفرين هاربة مني؟".
" كلا!".
" كنت أعرف ذلك!".
" وكيف عرفت؟".
ضحك وقال:
" أنا أعرف عنك الكثير يا أمرأة بيتي ...".
ناطقا الكلمة الأخيرة من جملته الأخيرة باللغة اليونانية .
" لا يمكنك أن تعرف ذلك, أنا نفسي لا أعرف , قد أظن أنني لا أفر منك , ولكن ربما تكون الحقيقة شيئا آخر تماما".
ثم أن اللقب الذي أضفاه عليها أثارها فجأة , وجعل قلبها يخفق في صدرها , أمرأته! كم تتوق الى أن تكون كذلك!
" ستكون الحقيقة أفضل مما تتصورين , وهو ما يقودني الى الحديث عن زفافنا يا تشاريتي , أن هذا الوضع غير المسقر صعب علينا, هل هناك ما يدعونا لتأجيل الحفل, أم أنك على أستعداد للزواج مني بمجرد أنهاء الترتيبات؟".

Rehana 04-12-13 03:38 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
فكَرت لحظة في الأمر , فمن الأفضل لها أن تقابل أصدقاء لوكوس في أثينا على أساس أنها زوجته , وليست أخت فيث , رغم أستحالة الأعتراف بذلك, قالت في صوت مخنوق:
" أريد أن أبلغ أختي هوب, من الحماقة أن تأتي خصيصا من أميركا لتحضر زفافنا , ومع ذلك لا أحب أن يتم زواجي بدون علمها".
" أوه , أجل , هوب أختك الأخرى , سأطلبها لك تلفونيا أذا أعطيتني الرقم , ويمكنك أن تتحدثي معها كما تشائين , موافقة؟".
أوقف السيارة عند منزل والديه وابتسم وهو يلتفت أليها قائلا:
" أنت تستحقين ذلك".
قبَلها في وجنتيها وقال:
" أنت لا تطلبين الكثير لنفسك , أنك اسم على مسمى يا تشاريتي ".
قبَلها من جديد على وجنتها ثم أنتقل بشفتيه الى جبينها وعينيها , بدا الأمر كأنه مداعبة تلقائية , ولكن حاجتها اليه أنكلقت تعبر عن نفسها وأنستها كل شيء, الا تلك الأستجابة التي أحست بها بداخلها , وحاجتها اليه , أرتعشت وراحت تبكي وهو يبعدها عنه , كيف ستكون حياتها في ظل هذا الزواج الأفلاطوني , في الوقت الذي تحس بحبه يجتاح قلبها؟ لا بد أن يعرف تأثيره عليها , لأنه أكثر منها تجربة مع الجنس الآخر, حاولت أن تبتعد بنظراتها عنه , حتى لا يقرأ في عينيها الأحساس بالمهانة.
منتديات ليلاس
قال لها مداعبا:
" كلما أسرعت بالزواج منك كلما كان ذلك أفضل".
وافقته بأيماءة من رأسها وهي ما زالت لا تجرؤ على النظر اليه وقالت:
" ستكون مسرورة أليكترا , هكذا قالت لي".
توقَفت فقد خانتها قدرتها على الأستمرار في الكلام.
" أوه – يا تشاريتي !".
" أرجوك لا تفعل , أنك تعلم أننا سنتزوج من أجل ألكسندر".
فتحت باب السيارة وأسرعت تعدو في ممر الحديقة , غير عابئة اذا كان يتبعها أم لا, حتى أحست بيده ثقيلة على كتفها , وقال لها وعيناه يملؤهما الغضب:
" هل ستستمرين في ترديد ذلك القول بعد زواجنا؟".
" بالطبع, لأنه يعبر عن الحقيقة".
كان في الواقع يعبر عن جزء من الحقيقة, أخذت نفسا عميقا لتكمل كلامها, ولكن ماذا تقول؟ فتح الباب وأطلَ منه والد لوكوس وهو يبتسم مرحبا , وأخذ بيدها الى داخل المنزل.
كان سبيرو وكزينيا كريمين معها للغاية في تلك الأمسية , ثم تحولا الى الحديث بحرية باليونانية لمناقشة أمور زفاف أبنهما.
وبين فترة وأخرى تنظر اليها كزينيا بأبتسامة راضية, ثم تعود الى الحلبة اليونانية كما لو كان الجميع في معركة عائلية , يبدو أن تلك هي عادة آل باباندريوس في الأتفاق على شيء ما , جلست صامتة تنظر اليهم وأحسَت برغبة في الضحك, أن الأمر هنا يختلف كثيرا عن الحياة العائلية التي عاشتها , وخاصة بعد ذهاب أختيها والصمت الحزين الذي ران عليها وعلى والدها المريض , ألتقت عيناها بعيني لوكوس وبدأت ضحكاتها ترتفع , ولدهشتها أن الجميع بدأوا يشاركونها الضحك في مرح, مع أنه لم تكن لديهم فكرة عما يضحكها .

Rehana 04-12-13 03:39 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
لفَها لوكوس بذراعه وضمَها اليه قائلا وعيناه تنطقان بالأستمتاع:
" هل الزواج يعتبر نكتة في نظرك؟".
" ليس ذلك بالضبط , ولكن الحيوية في الحوار بين والديك وكل طرف يلقي كلمة في وجه الآخر دون أن يلقي بالا الى أي كلمة مما يقوله الطرف الثاني".
" هذا صحيح , ولكننا نتفق في النهاية , وأتفقنا بالفعل على الكنيسة التي سيتم فيها الزفاف".
" أوه , ومتى سيكون ذلك؟".
" بعد ثلاثة أيام حيث تصر أمي على أن ترتدي ثوب زفافها , الذي ستجري عليه بعض التعديلات ليناسبك , وأبي سيقف الى جانبك عند المذبح".
ثلاثة أيام فقط؟ أنها تشعر أن لوكوس ما زال غريبا عنها , كيف ستعيش معه في شقة واحددة وتراه كل يوم, ربما لا تعجبه حياته معها حينئذ لن تحتمل ألا يكون سعيدا بها .
لا تدري كيف أنتهت الأمسية , وكيف وجدت نفسها تقبل أقرباء المستقبل وهي تودعهم , حاولت ألا تفكر فيما يخفيه لها المستقبل , حفل زفاف غريب, وأيضا زواج أغرب, كل ذلك من أجل ألكسندر!
منتديات ليلاس
مرَت الأيام التالية وهي في دوَامة , فقد أتَضح أن ثوب زفاف كزينيا يناسبها أكثر مما تصور أي شخص, ولم يتطلب الأمر الا بضع تعديلات بسيطة, كان ثوبا من الحرير بلون العاج , مصمما على طريقة العصور الوسطى, له أكمام هائلة تتدلَى حتى قدميها فبدت وكأن لها أجنحة كلما رفعت ذراعيها , ومطرزا باللؤلؤ وبخيوط الفضة عند فتحة الرقبة المستديرة وعند الذيل, لا بد أنه كان غالي الثمن, وشعرت كزينيا بضيق لأن خيوط الفضة أنطفأ لونها وعلتها الأوساخ , ولكن أليكترا ذات التجربة العملية أبتكرت طريقة لتنظيفها, كانت تشاريتي تطيع كل أمر يصدر لها, مهرولة هنا وهناك , من مصفف الشعر الى الخياط, الى الصائغ , ومحلات الحلوى التي كانت كزينيا تحب زيارتها أكثر من أي شيء آخر , لم يخطر كولين على بالها على الأطلاق , أما لوكوس فقد حاولت ألاَ تفكر فيه لأن مجرد التفكير كان يجعل قلبها ينخلع دقا بين ضلوعها.
في الليلة السابقة ليوم الزفاف ذهبت لتقيم مع والدي لوكوس , وجاء لوكوس الى العشاء , وقد أدهشها هذا , لأنه أعتقدت أنه سيمضي الليلة في الخارج يحتفل مع أصدقائه بآخر ليلة له كرجل أعزب, عندما أسرَت له بذلك أجاب في دهشة:
" لا أعتقد أن أقامة حفل كهذا في الليلة التي تسبق الزواج, يعتبر مجاملة للعروس , أنك تمزحين, أليس كذلك؟".
رحَبت تشاريتي بما قاله وشعرت بالأبتهاج في داخلها, لأنها وجدت في ذلك تأكيدا بأنه ينظر الى زواجه منها كشيء يبعث على البهجة, ولا يرى فيه سجنا يدخل فيها ليقضي بقية حياته , ولكنها عادت تقول لنفسها: أن الرجل اليوناني لا يعتبره سجنا لأنه في الواقع سجن للمرأة في هذا البلد , فالرجل يظل حرا يعيش كما كان قبل الزواج, وها هي تهرع الى هذا السجن بأسرع ما يمكنها , فهي في الواقع, تود أن تكون زوجة لوكوس أكثر من أي شيء آخر في الحياة .
طلب لها لوكوس أختها هوب تلفونيا في الولايات المتحدة , وعندما جاء موعد المكالمة , تحدَث لمدة طويلة مع أختها قبل أن يدعوها هي لتتحدث معها, أخذت منه تشاريتي السماعة بأبتسامة عصبية.
كان من الحماقة أن تطلب هوب للتحدث معها, في الوقت الذي لم يكن هناك ما يستدعي الحديث.

Rehana 04-12-13 03:40 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" هوب؟".
جاءها صوت أختها بلكنته الأميركية غريبا عنها تماما .
" حبيبتي , أرجَح أنك تمكنت من أتمام أفضل زواج في عائلة آرتشر , حسنا فعلت ! أعتقد أنه زواج حب أيضا؟".
نظرت تشاريتي حولها لتتأكد من أن أحدا لا يسمعها :
" أنني أحب لوكوس , أحبه كثيرا".
" أذا هذا زواج موفق, فالعريس يبدو رقيقا للغاية , قال أنه سيأتي بك الى الولايات المتحدة عندما يعود اليها في المرة القادمة".
" أنني لا أعوَل كثيرا على ذلك , لأن الأمر سيكون مكلفا للغاية , أليس كذلك؟ كما أن هناك ألكسندر وينبغي عليَ أن أرعاه".
" أحضريه هو أيضا".
" ولكن ذلك سيكلف المزيد".
ضحكت هوب وقالت:
" يا عزيزتي أليس لديك أية فكرة عن مدى ثراء زوجك؟ أنه يكاد يكون مليونيرا".
أندهشت تشاريتي وقالت:
" هل قال لك ذلك؟".
" لقد قمت برحلات على سفنه, أوه تشاريتي , ليس غريبا عنك ألا تعرفي شيئا كهذا , ألم تخبرك فيث بذلك؟ لقد بدأت أعتقد أن لوكوس رجل محظوظ , هل يعرف أنك لا تتزوجينه من أجل ماله؟".
" لا أدري".
أحسَت بالأرتباك بعد أنتهاء المكالمة أكثر من أي وقت مضى , ربما كانت عائلة باباندريوس ثرية في وقت من الأوقات , ولكن لا يبدو عليها الآن أي مظهر من مظاهر الثراء الكبير , وهي لا تهتم كثيرا بذلك. فهي ستتزوج لوكوس وليس ثروته.
ظنت أنها لن تستطيع النوم تلك الليلة , ولكنها على العكس راحت في سبات عميق بمجرد أن لمس رأسها الوسادة , وعندما أستيقظت سمعت الحركة المحمومة التي تحيط بها من كل جانب , حثَتها أليكترا على النهوض حتى لا تتأخر عن الكنيسة.
أرتدت ثوب حماتها ونظرت في المرآة وخفق قلبها , كانت باهرة الجمال , وودت لو أن لوكوس شعر هو أيضا أنها جميلة , أكثر جمالا من أردياني مثلا, وأكثر حبا له.
توجَهت الى الكنيسة متعلقة بذراع سبيرو وهي لا تعرف ماذا ينتظرها, كانت الأشياء جديدة بالنسبة لها , الكنيسة الشرقية من الداخل, والأيقونات المتدلية من كل مكان , وملابس القساوسة الذهبية , وقفت الى جانب لوكوس , الذي بدا جادا, حاولت أن تركز أهتمامها على تفاصيل الحفل الذي سيجعل منها زوجة للوكوس , همس لها لوكوس بأن تقول تعهداتها الزوجية بلغتها وكان صوتها واضحا وقويا وهي توجه له شخصيا كل تعهداتها.
بعد ذلك وقفت الى جانب لوكوس عند باب منزل والديه ليرحبا بالضيوف, وهي تعجب من أين جاء كل أولئك الناس , أستمرت الأحتفالات طوال النهار , وأحست بالسعادة وهي تقف الى جواره.
كان الوقت قد تأخر عندما أنصرف آخر ضيف , أخذ لوكوس أليكترا وألكسندر وأجلسهما في المقعد الخلفي للسيارة , ثم أخذ بيدها ليجلسها في المقعد الى جواره , لم تنبس بكلمة واحدة طوال الطريق الى شقته , لأن سببا جديدا للقلق بدأ يساورها , تبعت أليكترا الى المصعد , وقالت لها وهي تعرف أن لوكوس لم يأت بعد:
"أظن أنني سأذهب الى السرير على الفور".

Rehana 04-12-13 03:40 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أبتسمت لها أليكترا , وفتحت لها أحدى غرف النوم وأومأت لها أن تدخل:
" أستمتعي بنومك جيدا, سأقوم أنا الليلة على رعاية ألكسندر الى أن تتعودي أنت على ذلك".
أجتاح تشاريتي أحساس بالحزن , أمضت وقتا طويلا في الحمام وفي تصفيف شعرها قبل أن تدخل الى السرير , كان ذلك بمثابة الأنحدار من قمة الروعة التي عاشت فيها طوال اليوم , لم تكن مستعدة لدخول لوكوس الى غرفة النوم , فجذبت بسرعة الغطاء حول رقبتها وصاحت:
" هذه غرفتي".
رفع حاجبيه في دهشة :
" غرفتك؟ حتى اليوم كانت غرفتي بمفردي , ومع ذلك فأنني على أستعداد لأن تشاركيني فيها , أنه سرير كبير لا يتناسب مع صغيرة مثلك".
" ولكنني لم أفكر في هذا النوع من الزواج, أنه مجرد ترتيب , من أجل ألكسندر!".
" ما زلت ترددين هذا القول".
أبتسم لها وهو يجلس على حافة السرير الى جانبها:
" أستطيع أن أفعل الكثير من أجل ألكسندر, أستطيع أن أجد له مربية دون الحاجة الى الزواج منها, لقد أقسمت على أشياء كثيرة اليوم , والآن حان وقت الوفاء بما أقسمت عليه, أعتقد أنك كنت تفهمين ذلك؟".
" نعم, ولكن..".
أقترب منها أكثر , وأحست بدفئه.
" لو مضيت الآن لحال سبيلي , فلن يكون هناك زواج على الأطلاق , ستعودين ألى أنكلترا وسيبقى ألكسندر هنا معي, وسينتهي كل شيء , هل هذا ما تريدينه؟".
لو أنه نطق بكلمة حب واحدة لتوسَلت أليه أن يبقى , ولكنه لم يفعل.
" لوكوس , أنني في حاجة الى وقت, هل أطلب بذلك الكثير؟".
وضع يدا قوية على وجنتها وتحسَس فكها ثم أنحناءة رقبتها , أنَ لمسة منه جعلت الدم الحار يندفع الى وجهها .
" يا لك من حمقاء يا تشاريتي , قاومي قدر ما شئت , ولكننا في النهاية سنصل الى شيء واحد".
قبَلها برقة متعمدة , وهو يمسك بكلتا يديها وراء ظهرها , أحسَت أن قلبها سينفجر في ضلوعها وأنه يعلم ذلك تماما , أبتعد قليلا الى الخلف وقال مبتسما:
" حسنا, أنت الآن زوجة محبة".
"لا يمكنك أن تجبرني".
قبَلها من جديد وأحسَت بالضياع , خلَصت يديها منه وأحاطت بهما عنقه مستسلمة لمداعباته .
" حسنا؟".
" أريدك أن تبقى".
" قولي من فضلك".
همست:
" من فضلك".
قال شيئا باليونانية لم تفهمه , ولكن لم يكن هناك شك في الرسالة التي أراد فمه أن يبلغها أياها أو في القوة التي عانقها بها, وعانقته بحرارة , ثم تذكرت , يا للمسكينة يا أردياني , لقد فقدت كل ذلك! بعد ذلك لم تعد تفكر في شيء.

اماريج 05-12-13 12:40 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...6196588571.gifتسلم الايادي حبيبتي
وموفقة في الااختيار كالعادة

Rehana 05-12-13 01:05 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
الله يسلمك .. اماريج
منورة الرواية بطلتك

Rehana 05-12-13 03:31 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

10- خذني الى زوجي


سمعت تشاريتي بكاء ألكسندر, وتسللت من السرير بدون أن تزعج لوكوس, أرتدت الروب وهي تنظر اليه وهو نائم وقلبها يتدفَق حبا له, علا صراخ ألكسندر بدرجة لا يمكن تجاهلها , توقفت تشاريتي عن التثاؤب والنظر في أعجاب الى زوجها , وذهبت لترى أبن أختها, أليكترا على حق, كانت بالفعل طاعنة بالسن, لقد تخطَت بكثير السن التي يمكن أن تكون فيها أما لألكسندر.
وضعت تشاريتي الطفل على ركبتيها وأخذت في مداعبته وهي تقوم بتغيير ملابسه, قالت لنفسها لو أنها أسرعت في هذه المهمة لأمكنها أن تتسلل عائدة الى السرير قبل أن يصحو لوكوس.
أرتعشت حين خامرتها هذه الفكرة , كم كان رقيقا معها! لم تكن تتصور أن قمة المتعة في الزواج ستكون بمثل هذه الروعة, كان صبره معها لا ينفذ , وأحست مع دفء جسده بوجة فياضة من الحب له, تحملها بعيدا في أعماق أعماقها الى بحار لم يخضها أحد من قبل سوى لوكوس والحب الجارف الذي تحمله له.
لقد أنتزع منها تلك الليلة الأعتراف بحبها له مرارا عديدة , وكان يبدو عليه أنه يستمتع بسماعها وهي تردد ذلك مرارا ولكنه لم يقل لها ولو لمرة واحدة أنه يبادلها نفس الحب.
وهي تذكر أيضا أنها قالت له أشياء أخرى , أشياء لم تقلها من قبل لأي أنسان, أشياء لم تكن هي نفسها تعرفها عن نفسها , حكت له عن صمت والدها الطويل, والوحدة التي ظلت تعانيها بعد أن ذهبت اختاها وتركتاها وحيدة تواجه مرضه الطويل ووفاته في نهاية الأمر, ذكرت له أيضا كيف أنها لم تنجح أبدا في أن تكون لها شخصية قائمة بذاتها, وقال لها مداعبا وهو يحتضنها:
" والآن يجب عليك أن تكوني خالة ألكسندر".
وردَت عليه وهي مقطبة الجبين في الظلام:
" أعتقد ذلك, لو أنه لم يكن شبيها بفيث الى هذا الحد , لعدت الى أنكلترا بأسرع ما يمكنني ".
أجابها وشفتاه تغيبان في شعرها:
" لن يحدث أبدا, فلم أكن أسمح لك بذلك".
فردت عليه بصوت عال وأصرار:
"أنني أحبك".
ضحك هو وهمس في أذنها بهمهمة باللغة اليونانية , وقبَلها كأنه أستجاب لرغبتها الكامنة تماما.
ألتهم ألكسندر زجاجة اللبن , وتجشأ فاتسخت كل ملابسها .
قامت بتنظيف كل الفوضى التي سببها, ونهرته لأنه حرمها من العودة مرة أخرى الى لوكوس.
" كان يجب عليَ أن أتركك تبكي الى أن تعود للنوم مرة أخرى".
قال لوكوس الذي ظهر عند الباب مشعَث الشعر حافي القدمين , وهو ما زال يقوم بأرتداء بيجامته.
" ولماذا لم تفعلي ذلك معه؟".
أحسَت بالخجل لدى رؤيته , وبشيء من الأندهاش لتجوّله في المنزل على هذه الصورة , وقالت:
" قد تراك أليكترا على هذه الصورة ".
ضحك عاليا وأتجه اليها ليدسّ يده متخللا شعرها , وليربت على عنقها مداعبا.
" هل مشاعر الغيرة تتأجج فيك كما تتأجج عاطفتك؟".
رفعت اليه رأسها متأهبة لأستقبال قبلة منه:
" آمل ألا أكون غيورة, لأنني أعتقد أنّ الغيرة نوع من ضيق الأفق".
" الغيرة من جانب المرأة, لا تنم عن ضيق الأفق , فكل النساء يعانين الغيرة عندما تخفق قلوبهن بالحب".
" وهل الرجال لا يشعرون بالغيرة؟".
" يستطيع الرجل أن يجعل زوجته تمتنع عن القيام بما يشعل نار الغيرة فيه".
" أذا فأنت تعتقد أنه ما من شيء أبدا يدعو للقلق؟".
" ألا تفعلين ذلك أنت؟".
" أنني لا أخجل أن عبّر لك عن مدى حبي".
أخذ الطفل من بين ذراعيها ووضعه في مهده عندما سمع تعبيراتها التي تتأجج بالحب له , سمعا وقع أقدام أليكترا عبر الممر قادمة أليهما.
قالت أليكترا معتذرة عن عدم سماعها بكاء ألكسندر:
" كان يوم أمس يوما شاقا ولم أستطع النوم , ولذلك أخذت واحدة من دواء كزينيا المنوم , لا بد أن أشرب فنجانا من القهوة لأصحو , هل تناولتما أفطاركما أم أقوم أنا بأعداده ؟".
قبّل لوكوس خالته على وجنتها وقال مداعبا:
" لقد كنت أنتظر من شخص ما أن يقوم بتغذيتي , ماذا تأكلين يا تشاريتي؟ لم أسألك من قبل عن ذلك , هل تحبين البيض واللحم المقدّد والمربى ؟ أم ستتناولين معي خبزا وقهوة؟".
قالت تشاريتي على الفور:
" خبزا وقهوة من فضلك".
كانت تود لو أوتيت الشجاعة لتقول له أنها تريد طعاما مثل طعامه, ولكنها كانت تخشى أن تجرح أحساس أليكترا , أي شهر عسل كان ذاك؟ وهما يقضيانه مع أليكترا والطفل؟ ولكن طالما أن لوكوس يعتبر ذلك شيئا لا بد منه فلا أعتراض لها , وراعها مرة أخرى لون بشرته الذهبية وجمال عينيه المتلألئتين , كان بالفعل أبوللو دبّت فيه الحياة, أحسّت برغبة جارفة في التوجه الى هيكل البارثيون لتعقد من جديد مقارنة بين لوكوس وأبوللو.
" لوكوس , هل يمكن أن نقوم اليوم بزيارة الأكروبوليس؟".
نظر لوكوس في ساعته وهز رأسه قائلا:
" نذهب بعد الظهر أذا شئت , لأن لدي شيئا هاما لا بد أن أفعله هذا الصباح".
وأضاف وقد لاحت على وجهه أبتسامة تداعب شفتيه:
" كان يجب علي أن أنجز هذا الأمر أمس , ولكنني كنت مشغولا".
لم تتفوه تشاريتي بكلمة , كانت تعرف أنه مضطر لذلك , ولكنها تمنّت لو أنهما أستطاعا الأنفراد ببعضهما لعدة أيام قليلة, تعتاد فيها على حبه, وربما تستطيع خلالها أن تقنعه بأنه لا يرغب في أمتلاكها فقط بل بحبها أيضا.
أنتهى لوكوس من شرب قهوته ومن قراءة الجريدة , ووقف بدون أن يلقي عليها ولو نظرة واحدة , جفّفت تشاريتي الدموع التي ملأت عينيها وتظاهرت بالأهتمام بعلبة السكر الموجودة أمامها.
" ما الذي كنت تتوقعينه؟".
سألتها أليكترا بصراحة محبّبة ومضت تقول:
" كان العمل بالنسبة له يأتي دائما في المقدمة , ولن يتغير الحال الآن".

Rehana 05-12-13 03:33 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
تذكرت تشاريتي ما قالته لها أختها هوب في المكالمة التلفونية وقالت:
"كنت فقط أوّد أن يتفرغ لي عدة أيام قليلة , قالت لي هوب أنه يمتلك أموالا طائلة , ولذلك كان في مقدوره أن يحصل على أجازة لبضعة أيام".
هزّت أليكترا رأسها في تعجب وقالت:
" هل كنت في حاجة الى أن تخبرك أختك أن لوكوس رجل ثري ؟ صحيح أنه ليس أرسطو أوناسيس , ولكن خطوط باباندريوس للشحن البحري معروفة جيدا في أنحاء العالم , ولقد أعتزل سبيرو العمل منذ عدة أعوام كما أنّ نيكوس أدار ظهره للشركة, وهكذا حصل لوكوس على كل شيء , وبدأت مسؤوليات كبيرة تقع على عاتقه , ولذلك لا يستطيع أن يذهب الى هنا وهناك لمجرد أرضاء زوجته, بل على زوجته أن تأقلم نفسها على طبيعة عمله".
" أعرف هذا , ولكن ليس في اليوم التالي لزواجنا".
" أنك مدللة مثل أختك".
نظرت أليها أليكترا نظرة غير ودية وقالت:
" هناك بعض الملابس لألكسندروس تحتاج الى غسيل , كما أن هناك أحد أزرار قميص لوكوس يحتاج الى أعادة وضعه في مكانه , هل أفعل أنا ذلك أم أنك ستقومين به؟".
كان ذلك تأكيدا لحياتها الزوجية, قالت:
" سأقوم أنا بذلك , أما الذهاب الى الأكروبوليس فيمكن القيام به في أي وقت آخر طالما أني سأقيم هنا".
منتديات ليلاس
قالت لها أليكترا مؤكدة:
" كلاّ لن يحدث ذلك, فأن لوكوس سيكون برفقتك بعد ظهر اليوم , وسأقوم أنا في ذلك الوقت برعاية ألكسندروس , أما هذا الصباح فسأقوم بزيارة أختي للأطمئنان عليها بعد ليلة أمس".
قامت تشاريتي بجمع الملابس للغسيل وسمعت أليكترا وهي تخرج من الباب في الوقت الذي كان لوكوس يصفّر لحنا في غرفة المعيشة , أسرعت تشاريتي الى غرفة النوم لتبديل ملابسها, عندئذ سمعت جرس الباب يدق بشدة, ثم سمعت لوكوس مرحبا بالقادم بشكل مبالغ فيه.
أسرعت تشاريتي بأرتداء ملابسها للترحيب بالزائر , كان باب غرفة المعيشة مغلقا , تردّدت لحظة قبل أن تفتحه بهدوء , رأت من فتحة الباب الصغيرة لوكوس واقفا قرب النافذة وبين ذراعيه أردياني , وكان يقبلها , أما هي فقد أحاطت عنقه بذراعيها وقد دنت منه كثيرا.
أغلقت تشاريتي الباب وقد أنتابها أحساس بالمرض , حاولت أقناع نفسها بأنها كانت تعرف الحقيقة طوال الوقت , ولكنها لم تشاهدهما معا منفردين من قبل , أنها نهاية كل أحلامها!
كيف يتسنى لها أن تجذبه اليها بينما هو منجذب الى أردياني؟ لا بد أنه يحبها حبا طاغيا ما دام يقبلها على هذه الصورة النهمة, وفي هذا الصباح بالذات , بعدما حدث بينهما ليلة أمس , ولكنها لا , لن تفكر في الليلة الماضية , لن تفكر.
أسرعت عائدة الى المطبخ وقامت بالغسيل بصورة آلية والدموع تتساقط من عينيها لتختلط بمياه الغسيل , وبمجرد أنتهاء الغسيل أحسّت بصداع, وبدأ ألكسندر في الصراخ من جديد, نظرت الى قميص لوكوس الذي ينقصه زر , وألقته عمدا على الأرض , فهي لن تخيط له أزراره أو تقوم بأي عمل آخر له,
ولن تمكث في نفس الشقة التي يعيش فيها هو , طالما أنّ هذه المرأة معه , ستأخذ ألكسندر وتذهب به ألى أي مكان طوال النهار حيث لا يمكنه أن يعثر عليها.
توجّهت الى غرفة ألكسندر الذي توقف عن البكاء عندما رآها .

Rehana 05-12-13 03:33 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قالت له وهي تبكي:
" أنت الذي بدأت كل ذلك , هل ستجيء معي أم ستبقى هنا؟".
لوّح لها الطفل بيديه السمينتين في الهواء , قالت له:
" ليس لديك خيار أذ أنني لا أستطيع أن أتركك لوحدك هنا طوال اليوم".
وضعت الطفل في مهده المتنقل , بينما عيناها مغرورقتان بالدموع, وخرجت من الشقة وخبطت الباب وراءها بشدة, أنها لم تأخذ معها حتى مفتاحا للشقة , كان المهد المتنقل أثقل مما توقعت , ولكنها كانت منهمكة في البكاء الى درجة أنها لم تكن تدري ماذا تفعل , لم يكن لديها أية فكرة ألى أين تتوجه.
ولكن ماذا يهم؟ أسرعت بالخروج الى الشارع لتجد كولين يلقاها بيدين ممدودتين , أخذ منها الطفل وقال لها مبتسما:
" يا له من توقيت مناسب , كنت آمل أن تاح لي الفرصة أن أراك بمفردك , فقد أبلغوني في الفندق أنك أنتقلت الى هنا".
لم تستطع تشاريتي أن تتفوه بكلمة وتقبلت في ضيق قبلته , وتمنت لو ذهب عنها لئلا يرى أنها في غاية التعاسة وأنه آخر شخص تود أن تراه , ولكن من الواضح أنه لم يلحظ شيئا.
"لقد أحضرت معي سيارة , فقد أعتقدت أنه يمكننا أن نقوم نزهة , هل يناسبك ذلك؟".
هزت تشاريتي كتفيها , ما الذي يمنعها أن تذهب معه وليس لديها شيء تفعله أفضل, سألته:
" أين ستذهب؟".
" ما رأيك في ايميتوس , أنه المكان الذي يأتي منه العسل".
أضاف بنغمة الصوت نفسها:
" ما الذي يبكيك؟".
" لأنني كنت حمقاء".
أمسك بها وأدارها لتواجهه , وقال:
" هل قمت بدورك مع لوكوس كما قلت لك؟ أنني ألحظ أنك تقومين برعاية الطفل, الأمر الذي قد يكون في صالحنا , ولكن ما الذي جعلك تنتقلين الى شقة لوكوس؟ لقد ظننت أنك ستكونين أكثر حرصا على سمعتك!".
" ولكنني قلت لك أنني سأتزوجه".
" بل ستتزوجينني أنا, أن ذلك جزء من الخطة".
" ولكنني لا أستطيع , كولين أن الأمر لا أهمية له بالنسبة لك , فأنك لم ترغب أبدا في الزواج بي".
أمسكها من ذراعها بشدة وأجبرها على الدخول الى السيارة قائلا:
" أدخلي , لا يمكننا أن نتحدث هنا!".
حاولت تشاريتي التملص منه وقالت:
" ولكنني يا كولين تزوجته, لقد تزوجته أمس , كان يجب عليّ أن أخبرك".
ترك ذراعها وكّرر عليها القول بلهجة آمرة:
" أدخلي!".
" ولكن ما من داع".
رفع يده وصفعها على وجهها بقوة , أرتطم رأسها بسقف السيارة .
" أدخلي ! ربمل تكونين قد تزوجت منه , ولكنني لن أدعك تفسدين خططي! يمكنك يا عزيزتي تشاريتي ألغاء هذا الزواج".
" لن أفعل!".
" أوه , بربك أدخلي الى السيارة , أم هل ترغبين في لكمة أخرى أقوى".
رفعت يدها وتحسّست وجهها حيث أرتطمت بالسيارة , لقد تورمت وبدأت تحس بآلام شديدة.

Rehana 05-12-13 03:34 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" ولكن لماذا يا كولين لماذا؟".
فتح باب السيارة بشدّة وأدخلها بسرعة وصفق الباب الذي أشتبك بطرف ثوبها ومزّقه , وألقى بألكسندر في مهده في مؤخرة السيارة بدون أكتراث.
"ارجوك يا كولين اريد العودة الى المنزل ".
" ستعودين يا عزيزتي , لقد حجزت ثلاث تذاكر بالطائرة في الرحلة الليلية الى باريس , ومنها الى لندن في الصباح".
" ولكنني أعني الذهاب الى منزلي".
" أن منزله لن يكون أبدا منزلك".
" لن أعود معك الى أنكلترا , لن أذهب معك الى أي مكان, لا أدري ما الذي أصابك , لقد قلت لك أنني متزوجة من لوكوس".
" لم أكن أظن أبدا أنك ستتزوجينه , لقد قالها لي بوضوح تام أنه لن يدعك تحصلين على ألكسندر!".
" ولكن ذلك عندما كان يعتقد أنني سأتزوجك!".
" أعلم هذا , أنه لا يحبني , وهو شعوري نحوه, كان يشك في أنني أعرف شيئا عن النقود, بالطبع أعرف , وكنت طوال الوقت أقوم بتحريات عنه".
" أوه, كلا ".
" ماذا حدث يا حبيبتي,. ألا تريدين أن يكون لك نصيب في مليون جنيه؟".
" كلا".
منتديات ليلاس
" بالطبع تريدين, وها هي النقود تنتظرنا لنأخذ نصيبنا منها , كم أحسست بالسعادة وأنا أراك اليوم تخرجين حاملة المهد المتنقل , ومعه مليون جنيه".
" لا أصدق ذلك".
" ولماذا لا تصدقين؟".
" هل نسيت؟ رأيت بعينيّ كيف كان نيكوس وفيث يعيشان في أراخوفا , لقد تخلى نيكوس عن كل ثروته عندما ذهب ليعيش هناك".
" هراء يا عزيزتي , أن نيكوس لم يترك وصية , ولكن كل ثروته ذهبت ألى ألكسندر , وليس هناك فرد من أفراد عائلته يحاور في ذلك, ربما لا تكون رابطة الحب بيننا قوية , ولكنني أعتقد أن رابطة النقود ستكون قوية , أليس كذلك؟".
" تعني نقود ألكسندر؟".
" نقودنا , فعندما نصل الى أنكلترا , لن تستطيع أي محكمة أن تحرمك من حقك في حضانة أبن أختك , فالطفل في مثل سنه يحتاج لرعاية أمرأة ".
" لا أعتقد للحظة واحدة أن ألكسندر يمتلك أي نقود , وحتى أذا كان يمتلك , فهل تتصور أنني أمد يدي اليها؟".
" ستفعلين يا حلوتي ستفعلين, تماما مثلما ستستقلين الطائرة هذا المساء".
أحسّت أنه يعني ما يقول , وشعرت أن حالتها في غاية السوء , كان لا بد أن تفكر في طريقة للهرب من كولين , وهذا الأمر لن يكون سهلا ومعها ألكسندر وكولين يراقب كل حركة تأتي بها, كان الشيء الوحيد الذي يمكنها أن تفعله هو أن تشدّه اليها وتشعره بأمان زائف اتجاهها , من المستحيل عليها أن تتحدث معه , ولكنها أجبرت نفسها على ذلك:
" طالما أن معي ألكسندر".
ردّ عليها كولين في أحساس بالأنتصار:
" أنك لا تحبين صديقك اليوناني بالدرجة التي كنت تتصورينها , أليس كذلك؟ يا للأشياء الرائعة التي يمكن لمليون جنيه أن تفعلهاّ".

Rehana 05-12-13 03:35 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ربت على ركبتها وقال:
" لن يكون الأمر سيئا كما تعتقدين , دعينا نتحدث عن ذلك فيما بعد يا تشاريتي , أن أمامنا فترة بعد الظهر بطولها".
فتحت حقيبة يدها وتظاهرت بتمشيط شعرها في مرآة علبة البودرة الصغيرة , نظرت الى وجهها , كان خدها متورما بصورة ظاهرة , وأصبح مكان الأصابة داكن اللون , ماذا سيقول لوكوس عن ذلك؟ أندفعت الدموع الى عينيها بمجرّد أن جال بخاطرها اسم لوكوس , ماذا لو ظنّ أنها ذهبت مع كولين برغبتها؟ أنه لن يغفر لها هذا أبدا , وهي لن تلومه على ذلك , كان من الأفضل لها أن تشغل نفسها بتركيب زر قميصه".
في الطريق الى أيميتوس , أحست تشاريتي بحب لليونان ولكنها حاولت أن تبعد تفكيرها عن اليونان لأن ذلك سيؤدي بها حتما الى التفكير الى لوكوس , وكيف أنها تحبه كثيرا , لو أنها فقط لم تره مع أردياني , لكانت الآن تعيش ناعمة البال , ما أحلى أن تظل في أنتظاره لبضع ساعات في شقته حتى يعود اليها , ولكنه الآن سيعتقد أنها فيث أخرى , تهرب من بيتها لأنها تشعر بجرح غائر في مشاعرها تماما كما حدث لأختها , أنها ستستحق منه ألا يسامحها على الأطلاق جزاء فعلتها.
كانت أيميتوس في ضاحية تقع في واد صغير , يمتد على جانب جبل صغير , وهناك أعداد هائلة من أشجار الزيتون والسرو, تشكّل بألوانها التي تتفاوت في خضرتها منظرا رائعا في الوادي , ويمكن للمرء حين يلقي نظرة الى الخلف على أثينا الجديدة , أن يرى على البعد مبانيها ذات اللون العاجي , تتشابه جميعها في التصميم وقد بنيت منذ أعوام قليلة لمواجهة مشكلة الأنفجار السكاني للمدينة.
منتديات ليلاس
أشار كولين الى شجرة كبيرة تبرز في نهاية الوادي وقال:
" أعتقد أنه مكان مناسب لقضاء نزهتنا , لقد جئت الى هنا من قبل وأنا على يقين أنه سيحوز أعجابك, هناك نبع من الماء يتدفق دائما".
" أعرف ذلك".
نظر اليها كولين بأهتمام نظرة خاطفة قائلا:
" هل أتيت الى هنا من قبل؟".
" كلا, ولكنني قرأت عنها".
" لو كنت مكانك لتركت القراءة جانبا".
" لماذا أتركهه جانبا وأنا أحب أن أعرف أشياء كثيرة".
ثم قالت بدون أن تدرك ما تقول :
" ثم أنها جزء من لوكوس".
ألتفت أليها كولين في غضب وقال:
" ألا يمكنك الحديث عن أي شيء آخر ؟ لو ذكرته مرة أخرى فسوف...".
" ماذا ستفعل؟ تضربني من جديد؟".
" لم أكن أقصد بك أذى , ولكنك دائما عنيدة , عندما نتحدث عن أشياء هامة".
" مثل النقود؟".
نزلت تشاريتي من السيارة وتوجّهت الى نبع الخصوبة , ستفيد منها؟ أرتعدت حين طافت بخاطرها فكرة حمل طفل لوكوس , وأزاحتها بسرعة من عقلها , ها هنا ماء سيفيدني أن أغمر وجهي فيه , سمعت خطوات كولين قادمة خلفها, ولكنها لم تحاول أن تلتفت الى الوراء.
" هل تحبينه؟".
" ظننت أنك لا تريد الحديث عنه, من الأفضل أن تذهب لتجيء بألكسندر من السيارة, آمل أن تكون قد أحضرت له شيئا من الحليب".
صاح بها كولين في صوت يمتزج باليأس:
" لم أحضر أي شيء , ظننت أننا سنعثر على كافيتيريا هنا, وأعتقدت أنه مكان رومانطيقي يتناسب مع حديثنا عن مستقبلنا معا , ولكن ها أنت غارقة في حب ذلك اليوناني, أليس كذلك؟".
" نعم , أنني أحبه".
" هذا لن يغير من الأمر شيئا , أنا لن أتخلّى عن مليون جنيه بعد أن أصبحت قاب قوسين مني, ربما تكونين قد تزوجت منه , ولكن من الممكن ألغاء هذا الزواج , سيكون الأمر هينا بالنسبة أليه , طالما أنك ستتحملين مسؤولية الطفل دون أن تكلفيه شيئا".
" هل هذا ما تفكر فيه؟ أنك لا تعرف عن كلينا اللا القليل جدا".
" ماذا تعنين؟".
" ألم يدر بخلدك سبب آخر لزواج لوكوس مني؟".
" لماذا تركته يفعل ذلك يا تشاريتي , كيف؟ لقد قلت لك أنني سأعود بعد أيام قليلة وأن كل شيء سيكون على ما يرام, ما الذي دفعك الى الزواج به؟".
" لأنه طلب مني ذلك ! وأنا أيضا كنت متلهفة عليه, أنني فخورة بأن أكون زوجته!".
" أنني أعجب كيف تطيقين أن يطلق عليك لقب السيدة باباندريوس".
خفق قلب تشاريتي بين ضلوعها , هل تلك هي حقيقتها؟ وقالت في أصرار أدهشها كما أدهش كولين:
" أنني أحب أن أكون كذلك , وليست لدي أية نية في ألغاء الزواج , حتى أذا أستطعت ذلك, ماذا تنوي أن تفعل الآن يا كولين أندرسون ؟ هل ستأخذني لتعود بي الى زوجي؟".

زهرة منسية 05-12-13 08:12 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...6266978462.jpg

و أنا ما عندى خبر إلا دلوقت بس اللى شوفتها

مبروك ريحانتى و سورى على التأخير بس ما شوفتها

يسلم أيديكى و يسلم فريال الغائبة الحاضرة بروائع الروايات القديمة

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...6266978441.gif

بعتذر مرة تانية و لية عودة بعد القراءة

زهرة منسية 07-12-13 06:22 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
يسلموا ريحانتى و شكرا ليكى و للعزيزة فريال اتمنى انها تكون بخير
الرواية من اجمل و اروع الروايات القديمة استمتعت كتير باسترجاع احداثها
بارك الله فيكى
مممممممممممواه

Rehana 07-12-13 08:31 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
الله يسلمك زهور .. والعفوووو

إن شاء الله تكون بخير .. وشكرا لتواجدك في الرواية
وانا حبيت الرواية لأنها كلاسيكية من الروايات القديمة ^-^

Rehana 07-12-13 08:37 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
11- الرهينة

" أوه , كلا, آنسة آرتشر , لن أتركك أنت والنقود تضيعان مني بمثل هذه السهولة".
ردت عليه تشاريتي بفخر:
" لم أعد آنسة آرتشر".
قالت وهي ترفع رأسها الى الخلف, في تقليد متقن للحركة التي رأت لوكوس يقوم بها مرة.
" أنني السيدة باباندريوس!".
" لن تكوني كذلك لفترة طويلة يا حلوتي , ليس لفترة طويلة".
" لا يمكنك أن تلغي زواجي".
" لن أفعل أنا ذلك, سيقوم لوكوس نيابة عني بهذا , وأنت تعلمين ذلك جيدا, كما أعلمه أنا تماما , أن له غرور الشيطان ترى ماذا سيقول عن هروبك معي الى الريف؟ هل فكرت في ذلك؟ أوه, كلا يا صغيرتي!! فهو سيقذف بك أسرع مما يقذف بقميص له , ومن الذي سيصدقك من عائلة باباندريوس بعد الذي فعلته بهم فيث؟".
أعترفت تشاريتي لنفسها أن أحدا لن يصدقها , كما أن أحدا لم يفهم السبب الذي جعل فيث تفرّ هاربة من بيت أراخوفا , بيت زوجها , أنَ الجميع سيجدون فيها مطعنا حين تهرب مع كولين.
" لن تستطيع أن تجبرني على الرحيل, فأنني لم أحضر معي جواز السفر, كما أن ألكسندر ليس له جواز سفر على الأطلاق".

Rehana 07-12-13 08:39 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
" هل تظنينني أبله, لقد كنت طوال تلك الأيام أقوم بالتخطيط يا حلوتي , لن يحدث أي خطأ الآن".
" اذا أضفتنا الى جواز سفرك , فأن ذلك غير قانوني!".
فأجاب ساخرا:
" أبلغي ذلك الى مقر الجوازات , اذا أستطعت".
" ماذا تعني؟".
" سترين ! هل ستستمرين هكذا في المناقشة طوال اليوم أم أنك ستستمتعين بالمنظر قبل أن نتوجه للغداء؟".
لم يعد أمامها شيء تستطيع أن تفعله , ولكنها قالت:
" لا يمكننا أن نترك ألكسندر هكذا في السيارة وحده".
" وما الذي يمنع؟ يمكنه أن ينام هناك كما يفعل في أي مكان آخر , كما أنه صغير جدا , ولا يمكنه الا النوم".
لم تشعر تشاريتي بمثل هذه التعاسة من قبل , لم يعد يعنيها أي شيء بعد الآن , ولا تستطيع أن تغيّر من الأمور شيئا , أمسكها كولين من ذراعها وشعر بالضيق للطريقة التي أبتعدت بها عنه.
منتديات ليلاس
" أحمد الله أنني لست بالرجل الغيور , ولكنك يجب أن تتصرفي بطريقة أفضل ذلك, أهدأي يا تشاريتي قد لا أكون أفضل الأزواج بالنسبة اليك, ولكن ليس أمامك سواي, سوف نصعد الى أعلى التل لنتمكن من رؤية المنظر بشكل أفضل".
دفعها أمامه الى أعلى المنحدر , حيث يستطيع مراقبة كل حركة تبدر منها, بدأت تشاريتي في السير وهي تحسّ به في مرارة قادما خلفها , ليس أمامها أي مكان تستطيع الأختباء منه, وشعرت بصداع منعها من التفكير السليم.
حاولت تشاريتي أن تتوقف لتلتقط أنفاسها , ولكنها كانت تعلم أن كولين وراءها , فأخذت تسرع الخطى الى القمة المستوية للتل, حيث تستطيع أن ترى المنظر بصورة أفضل , هذه هي بلد لوكوس , التي أصبحت بلدها بحق الزواج منه, فليفعل كولين ما يشاء , ولكنها لن تترك هذا البلد أبدا, لو أنها أستطاعت أن تغري كولين بالأقتراب منها لأمكنها أن تدفعه الى المنحدر وأن تسرع هابطة قبل أن يفيق , التفتت اليه وأغتصبت أبتسامة.
" أليس ذلك رائعا؟ شكرا لك يا كولين لأصطحابي الى هنا, أعرف أنني كنت صعبة المراس وأنا آسفة لذلك , ولكنني ظننت أنك تركتني وقد جرحني هذا بعض الشيء".
ثم قالت بصوت خفيف وهي تشعر بالأحتقار للدور الذي تلعبه .
" ولكن ما دمت ستعطيني ألكسندر".
" لقد كنت على ثقة من أن لغة النقود ستقنعك في نهاية الأمر".
أقترب منها وقال:
" أن لوكوس لم يكن في نظرك بمثل هذه الجاذبية, أليس كذلك؟".
لم تستطع أن تقسو على نفسها بالموافقة على ذلك , وقالت:
" لقد كنت دائما مغرمة بك".
أقترب منها قليلا , وأحست بأنفاسه تصطدم بالجرح على وجنتها , فأزدادت كراهيتها له, مال ناحيتها واستعدت هي للحظة التي تدفعه بها فيختل توازنه , ابتسم لها, فدفعته بكل قوتها دفعة كادت تهوي بها معه وهو ينظر اليها مدهوشا, دفعته مرة أخرى بقوّة لم تعهدها في نفسها من قبل, ولكنها كانت قوة التحديّ , وواتاها الحظ , فقد أندفع مترنحا الى أسفل المنحدر , وكان ذلك كافيا ليعطيها فرصة بضع ياردات لتعدو هابطة لتحتمي بالدير.

Rehana 07-12-13 09:01 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
تعثّرت وهي تركض في بعض الأغصان المتناثرة وتمزّقت ملابسها , ولكنها كانت تردد أسم لوكوس كما لو كان نوعا من السحر يمنحها القوة والسلامة , سقطت بشدّة وتدحرجت هابطة على الأغصان الشائكة, ولكنها تمكنت من الوقوف على قدميها من جديد, وهي لا تحسّ بالأصابات والخدوش في جسدها.
لاح لها الدير وأدركت أن كولين لم يظهر له أثر خلفها حتى الآن غيرت رأيها , لم تذهب الى الكنيسة بل هرولت مسرعة الى السيارة وألكسندر.
كان كولين يحتفظ بمفاتيح السيارة في جيبه ,وعلى الرغم من أنها شاهدت مرة في أحد الأفلام كيف يمكن أدارة السيارة دون مفتاح , الا أنها كانت واثقة أنها لن تفعل ذلك في الحياة الواقعية , جذبت الباب الخلفي للسيارة وتحسّست مهد ألكسندر وشعرت بالأرتياح لأنها وجدته آمنا وما زال نائما , فكرت بسرعة , ستترك المهد المتنقل حتى يتطلع كولين أليه أو يفحص داخله فيرى أن الطفل قد ذهب, اذا أعتقد أن الطفل ما زال هناك فسيظن أنها ما زالت في مكان قريب وقد يضيّع وقتا في البحث عنها .
وفي تلك الأثناء تكون قد أختفت في زحام شوارع الضاحية , ولكنها نسيت أن تلك الشوارع كانت مزدحمة أثناء مجيئهما ستكون الآن مقفرة بسبب ساعات الغداء الطويلة, لم يكن هناك مخلوق الآن يمكن رؤيته في الشارع, بدأ ألكسندر في البكاء طلبا لغذائه, حاولت تهدئته ولكنها شعرت بمزيد من التوتر لعلمها أن كولين لا بد أن يكون وصل الآن الى السيارة , لا تستطيع أن تتحرك خطوة واحدة , ازداد ثقل ألكسندر ولم تعد تقوى على حمله , كانت على وشك البكاء لأحساسها أنها كانت قاب قوسين أو أقرب من الفرار من كولين.
ماذا لو أنها فشلت الآن في ذلك , رفعت رأسها وشاهدت سيارة أجرة قادمة أتجاهها , لم تتوقعها على الأطلاق , توقفت السيارة ونظر السائق الى ملابسها والكدمات في وجهها , ألقت تشاريتي بنفسها على المقعد الخلفي للسيارة وأراحت ألكسندر على ركبتيها وشعرت بمفاصلها ترتجف.
تمتمت بالعنوان للسائق وهي تأمل أن يفهم لكنتها , ولكنه لم يفهم, أعادت عليه العنوان مرة أخرى , قائلة السفارة الأميركية التي كانت تقع في نفس الشارع الذي يقيم فيه لوكوس , بدا عليه مزيد من الأرتباك وأخرج من جيبه خريطة , تمكنت بعد جهد من العثور على المكان.
ومما زاد من متاعبها أن ألكسندر بدأ يبكي ويصيح بصوت مرتفع, كان جائعا ويحتاج الى تغيير ملابسه , هدهدته تشاريتي على صدرها , وبدأت في الغناء له برقة, ولكنها عبثا حاولت , لقد أخذ يركلها بقدميه معلنا عن غضبه.
وصلت السيارة الى الشارع , وأشارت تشاريتي الى السائق وتبادل مع تشاريتي حديثا باللغة اليونانية , التي لم تعرف هي منها سوى بعض العبارات التي دوّنتها في مذكرتها , فأستعصى على كليهما التفاهم, حاولت الهبوط من السيارة ولكنها تعثرت وهي تتألم وكادت تتهاوى وهي تخرج منها , هبط السائق من السيارة وسألها شيئا باليونانية, آه , لقد فهمت, أنه يسأل أين ستذهب ؟ أشارت الى أعلى المبنى , أومأ السائق مصدقا على كلامها وأخذ منها ألكسندر , ثم عاد اليها مرة أخرى وأفضى اليها بحديث فهمت منه أنه سيحتفظ بالطفل معه , قالت صائحة:
" ولكنك لا يمكن أن تفعل ذلك , لا بد أن تسلمني الطفل".

Rehana 07-12-13 09:03 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ولكنه أشار ناحية السفارة الأميركية , لم تبق لها حيلة معه , فقالت صائحة :
"لا بأس , أحتفظ بالطفل كرهينة , ولكن لا تبرح مكانك هذا قبل أن أعود اليك".
بعد هذا الحديث والذي كان واضحا منه أن السائق لم يفهم منه شيئا أندفعت الى داخل المبنى.
صعد بها المصعد الى حيث شقة لوكوس , وتعثرت وهي تندفع الى باب الشقة الخارجي , وقرعت الجرس بشدة , كانت تشعر , والألم يكاد يعتصرها , أنها على وشك الأغماء , ألا يفتح أحد هذا الباب ؟ ماذا لو أنهم جميعا في الخارج؟ ماذا ستفعل حينئذ؟
فتح الباب ووجدت نفسها تندفع بين يدي لوكوس , قالت باكية:
" أنني آسفة يا لوكوس , كنت أنوي أن أرجع وقت الغداء, لم أقصد أن...".
" على رسلك, على رسلك, أين كنت؟".
أخذت نفسا عميقا وقالت معترفة:
" مع كولين , ولكنني لم أكن أقصد أن أذهب معه !".
نظرت اليه ولم تعرف ما الذي يفكر فيه.
" ألكسندر تحت في التاكسي , لم يكن معي نقود لأدفع للسائق ولم أفهم ماذا يقول".
" بالطبع , سوف أهبط لكي أدفع له الحساب وستقوم أليكترا بالعناية بألكسندر , وربما يحلو لك أن تجلسي لتتحدثي مع أمي حتى أعود".
منتديات ليلاس
حاولت أن تتكلم ولكنه قاطعها:
" كلا- أسمع منك كل شيء عندما أعود وعندما تهدأين".
" أوه , لوكوس , لا تعرف كم أنا آسفة , ما كان يجب أن أذهب على الأطلاق".
دفعها برقة الى غرفة المعيشة قائلا:
" أمي هناك , ولكن لا أحب أن أراك تبكين مرة أخرى".
هبّت كزينيا واقفة على قدميها يروعها منظر زوجة أبنها , أجلستها على الأريكة , ووضعت الوسادات بصورة تجعلها تشعر بالراحة.
" كيف تقع مثل هذه الأحداث الغاشمة؟".
" سأنادي أليكترا لتصنع لنا الشاي , ولن نبكي بعد الآن , فلا يليق ذلك بنا بينما الرجال من حولنا".
" أوه , أنّ رأسي يؤلمني ".
تحسّست كزينيا الكدمة في وجهها وقالت:
" هل رأى لوكوس ذلك؟ لن يسره ذلك أبدا".
" لقد كان الخطأ كله خطأي ".
" ما هو الذي لن يسرني؟".
قال لوكوس ذلك وهو يدلف من الباب , وضع ألكسندر بين يديّ أليكترا وتوجه الى تشاريتي, رفع ذقنها بيده وحرّك وجهها أتجاهه , أرتعشت عضلة فمه وتحسّس الكدمة بأصابع رقيقة لم تكد تحسّ بها.
" من يجرؤ أن يفعل بك هذا ؟ هل هو كولين؟".
قالت له مؤكدة:
" لا شيء".
" بينما أوقع بك هذا الأذى, سيكون لي معه حساب عسير , وعندما أصفّي معه الحساب سيتمنى لو أن أمه لم تلده , أعدك بذلك يا أمرأة بيتي . كان يجب أن يصفي حسابه معي أنا, لا أن يواجه أمرأة بلا رجل يحميها".

Rehana 07-12-13 09:03 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أرتعشت تشاريتي , ورفعت يده الى خدها مستمتعة بلمسته.
" أن الأمر يختلف عما حدث مع فيث , ما كان يجب عليّ الخروج, كان الأجدر بي أن أحيك زر قميصك , عندئذ لما حدث شيء".
لم يظهر عليه ما توقعت من غضب :
" هذا ليس سجنا يا تشاريتي , لا يمكن لأحد أن يخرج من بابه الخارجي".
" ولكنني كنت مرتبكة وغاضبة".
لمس شعرها برقة من فوق وجهها :
" ما الذي جعلك ترتبكين؟ أللأنني لم أذهب معك الى الأكروبوليس هذا الصباح؟".
أغضبها أن يتصور أنها ضيقة الأفق الى هذا الحد.
"أوه لوكوس, لقد رأيتك مع أردياني".
توقفت عن الكلام وهي واثقة الآن أنه سينفض يده منها , ولكنه ابتسم بسخرية , قالت مرة أخرى:
" أنني آسفة".
" أه , أجل أردياني , كان يجب أن تكوني أكثر ثقة في نفسك يا زوجتي السخيفة! ولكن ذلك ليس وقت الشرح المطوّل لأشياء لا تعنيك , فلديّ أشياء أخرى يجب أن أنجزها".
مال اليها وقبّلها بعنف:
" لم يخلق من يتجرأ أن يرفع الحجاب بينه وبين أمرأتي , ويذهب هكذا بدون عقاب , سوف يدفع الثمن كاملا".
قالت متوسلة:
" لا تؤذه".
قطب لوكوس جبينه:
" هل تتوقعين أن أكون رقيقا مع مثل هذا الرجل؟ أنني أودّ أن أكسر رقبته!".
" نعم , اعرف , ولكن كولين يظن أنك ثري للغاية وأنه سوف يقاضيك , ولكنني لم أحتمل ذلك وهذا ما جعله يفكر في أن يأخذنا أنا وألكسندر الى أنكلترا معه , أنه يعتقد أن ألكسندر ورث ثروة كبيرة من نيكوس , مليون جنيه ! وأن المحاكم في أنكلترا ستمنحني الوصاية على ألكسندر , وهكذا أثرى".
" وماذا كان سيفعل في أمر زواجك بي؟".
" لقد تحدّث عن ألغائه , وقلت له أن ذلك مستحيل , ولكنه قال أنك ستتخلّى عنيّ بمجرد أن تكتشف أنني كنت معه , وظننت أنا ذلك أيضا".
نظر اليها لوكوس نظرة براقة وقال:
" ذلك شيء أعتزم أن أسويه , الآن أفعلي ما تقوله لك أمي تماما , سأعود بأسرع ما يمكنني , وأريد أن أراك أفضل من الآن بكثير".
أحسّت تشاريتي بالسعادة الغامرة, أستراحت فوق الأريكة وراقبته وهو يخرج وأفكارها تسبقه ألى عودته اليها, وخطرت لها فجأة فكرة أخرى أوقفتها على قدميها:
" ولكنه لا يعرف أين يوجد كولين".
أبتسمت كزينيا في خبث, تلك الأبتسامة التي أشتهر بها اليونانيون وقالت:
" لا تقلقي يا أبنتي سوف يعثر عليه , وينتقم منه شرّ أنتقام لما ألحقه بك من أذى".
" ولكنه قد يؤذي لوكوس".

Rehana 07-12-13 09:04 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
لم يعن كزينيا كلامها هذا , فقالت في أحتقار:
" أنّ لوكوس رجل يا عزيزتي , ورجلك كولين هذا ليس سوى صبي شره كيف يتسنّى له أن يؤذي لوكوس؟".
وافقت تشاريتي على كلامها , فهي تعلم أنّ كولين هو الشخص الجدير بالقلق حقا, ولكنها كانت متعبة الى الحد الذي تمنّت فيه فقط أن تسلم رقبته من قبضة لوكوس".
" هل سيؤذيه لوكوس؟".
" بالطبع , سيجد لوكوس طريقة لذلك, هل كنت تعتقدين أن زوجك يقوم بأقل من ذلك مع رجل ألحق بك الأذى؟".
" هل كان الأمر يختلف لو أنه هو الذي أصابني ومزّق ملابسي ؟".
" أنه زوجك, أنت متعبة يا عزيزتي , لماذا لا تستريحين برهة؟ أو على الأقل تغيّرين ملابسك وتغسلين وجهك المتغضن ؟ سوف تعد لك أليكترا شيئا لتتناولينه , وسأقوم أنا بوضع المراهم على الخدوش في ساقيك"
" لست جائعة , ولكن رأسي يؤلمني وأحس بجسدي متخشبا".
" أن حماما دافئا سوف ينعشك , على فكرة , أردياني ستتزوج برجل ما في كويثسوس, أذهبي يا عزيزتي لتأخذي حمامك وستحادثك أليكترا أثناء تناولك الطعام, فهي تجيد الأنكليزية أفضل مني , وسوف أرجىء تبادل الأحاديث معك الى أن تتعلمي لغتنا".
منتديات ليلاس
أحسّت بالأرتياح بعد الحمام الدافىء , وبعد تغيير ملابسها, لم تعد تشعر بالألم في رأسها الا حينما تحركه فجأة أو تنحني لتلتقط شيئا من الأرض , وكانت جائعة برغم أنكارها ذلك في بادىء الأمر, توجهت الى المطبخ والخجل يرتسم على وجهها , وابتسمت لأليكترا التي كانت ترضع ألكسندر بقية زجاجة اللبن.
كان قميص لوكوس على الطاولة وقد أستبدل الزر الناقص بعناية قالت:
" كان عليك أن تتركيه لي لأقوم أنا بذلك, لأنها مسؤوليتي الآن".
" لقد قمت أنت بغسل الملابس".
فرغت أليكترا من أرضاع الطفل وقالت لتشاريتي:
" خذيه وضعيه في مهده, وسأقوم أنا بتسخين بعض الحساء لك ".
" كان يجب عليّ أن أفكر فيه قبل أن أندفع خارجة من هنا هذا الصباح , أن كولين لا يعتبره أنسانا على الأطلاق ولا يعنيه أمره".
" لا عليك الآن, توقفي عن توجيه اللوم الى نفسك , لقد عدت به سالما وهذا يكفي".
" هل ترك نيكوس مالا كثيرا لألكسندر؟".
" وماذا يحدث لو أنّ الأمر كان كذلك؟".
" كنت أعتقد أنه هو وفيث لم يتركا أية نقود , فأن البيت الذي كانا يعيشان فيه في أراخوفا يبدو بائسا للغاية خاصة وأن نيكوس كان لديه كل هذا المال".
" عندما ترك نيكوس الشركة , منعه لوكوس من أستخدام أسهمه التي كان يمتلكها في شركة الشحن البحري , فقد أدرك لوكوس أن أنتاج المسرحيات في دلفي لن يستمر الى الآن , ماذا كان عليه أن يفعل حينئذ؟ فنيكوس عنده زوجة وطفل يجب أعالتهما , وكان عليه أن يتذّكر ذلك, ومن المؤكد أن يعود الى أعمال الأسرة التجارية في نهاية الأمر".
" وهل كانت فيث تعلم بذلك؟".
" فيث؟ وما الداعي لأن تعرف ذلك؟ فهذا شيء معروف لدى لوكوس نيكوس !".

Rehana 07-12-13 09:05 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
حملت تشاريتي صينية الطعام الى غرفة المعيشة , وحاولت تجنّب نظرات حماتها المتسائلة حول الحديث الذي دار بينها وبين أليكترا .
سألت تشاريتي بصورة عفوية:
" هل تعتقدين أن لوكوس سيتأخر؟".
واصلت كزينيا حياكتها دون أن تجيب , وشغلت تشاريتي نفسها بتقطيع الخبز الى قطع صغيرة وأغراقها في صحن الشوربة.
" لا أعتقد أن هناك متعة في أن يكون المرء أمرأة , طالما أن كل ما على الواحدة منا أن تفعله , هو مجرد الأنتظار , لا أدري كيف يتسنّى لك أن تجلسي هكذا هادئة, في الوقت الذي يمكن أن يحدث فيه أي شيء".
ابتسمت كزينيا وقالت:
" قال لوكوس أن عليك أن تستريحي".
" كلا لم يقل... لقد قال أنه يتوقع أن يجدني على صورة أفضل, وهو شيء يختلف تماما".
" وهل تشعرين أنك أفضل الآن ؟".
وافقت تشاريتي وهي تشعر بالخجل لأنفجارها على هذه الصورة , تنهدت وقالت:
" هل تعتقدين أنه سيتأخر؟".
" لقد سألتني هذا السؤال من قبل, يجب أن تكون لك هواية لتشغلي نفسك بها في مثل هذه الأحوال".
أنفجرت تشاريتي ضاحكة في مرح وقالت:
" آمل ألا تتكرر مثل هذه الظروف كثيرا!".
توقفت ثم قالت وهي تشعر فجأة بالعصبية من جديد:
" لو أفترضنا أن شيئا حدث له ؟ أنني لن أغفر لنفسي أبدا , ليته أخذني معه!".
" لم يكن هذا مناسبا على الأطلاق , لماذا لا تشغلين نفسك بأي شيء ؟ ماذا كانت هوايتك عندما تجلسين في منزلك في أنكلترا"."
" لا أدري , كنت أتريّض سيرا على الأقدام , كما أنني أحب أن أتجول من مكان الى مكان وأمتّع عينيّ بالتطلع الى شتى البقاع".
أبتسمت كزينيا أبتسامة برّاقة تشبه تماما أبتسامة أبنها وقالت:
" أذا , أذهبي الآن ومتعي ناظريك من الأكروبوليس , سنشعر براحة أكثر ونستريح من منظرك وأنت ماثلة كالشبح , تهبين مذعورة عندما تسمعين نبرة صوت تحسبينه صوت لوكوس , هيا أخرجي يا عزيزتي وأستمتعي بوقتك".
وجدت نفسها- وقد أثارها هذا الكلام , مندفعة في شيء من الأعتراض:
" ولكن لوكوس سيعود الى هنا".
" سنكون هنا أنا وأليكترا , وسنبعث به ليبحث عنك بمجرد وصوله".
وألقت عليها نظرة مداعبة وقالت:
" على الأقل لن يكون هناك أحد يسمع حديثه معك , أحيانا يكون من الأفضل أن يتحدث الرجل الى زوجته على أنفراد , أليس كذلك؟".
" كم أنت حبوبة".
قالت تشاريتي ذلك بحرارة وأحاطت كزينيا بذراعيها وقبّلتها فوق وجنتها وقالت:
" ولكنك ستقولين للوكس أنها فكرتك , أليس كذلك؟ لقد قال لي أن أفعل أي شيء توحين به".
" سأشرح له الأمر بالضبط والآن أرجو أن تذهبي قبل أن أغرز هذه الأبرة في جسمي".
" ها أنا قد ذهبت بالفعل ".
وأسرعت تشاريتي خارجة الى الممر لتلتقط معطفها .

Rehana 07-12-13 09:06 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 

12- المصارحة


أبلغوها أن الأكروبوليس يغلق أبوابه عند غروب الشمس, وكانت الساعة قد وصلت الى الرابعة والنصف, وذلك يعطيها على الأكثر نصف ساعة تقوم خلالها بأول رحلة لها الى قلعة الرموز الأثينية الموجودة في أعلى مكان في المدينة, حيث كان اليونانيون القدامى يشيّدون هياكلهم , رفضت تشاريتي أن تناقش فكرة ترك المكان قبل أن يحضر لوكوس اليها , كان الأمر في نظرها غاية في الأهمية أن يأتي اليها هناك, الى حيث كان يأتي دائما أبطال أثينا.
وقفت عند الطرف الجنوبي للمنحدر تنظر الى أعلى , وهي تعجب من فظاظتها التي تسمح لها بالأستمتاع بالمنظر أمامها, في وقت يقوم فيه زوجها بالأنتقام من رجل, ظلّت هي معجبة به الى ما قبل ذلك بيوم واحد , ومع ذلك فأن كل ما شعرت به لم يكن تعاطفا مع كولين, وأنما كان شعورا بالفخر الغامر بأنها زوجة لوكوس , وأنه لهذا السبب فقط لا يسمح لها أن يمسّها أي أذى من أي أنسان آخر دون أن يدفع ثمنا غاليا , كان نوعا بدائيا من الحب ولكنه كان كل شيء بالنسبة لها.
كانت تشاريتي تأمل أن ترى الجانب الشرقي من هيكل البارثيون والسوو المحيط بأبوللو , تماما كما شاهدته على غلاف الكتاب, وقضت تشاريتي وقتا طويلا تتطلع الى البارثيون , وفي المتخف الملحق به شاهدت أبوللو الذي طالما تطلّعت الى رؤيته .
منتديات ليلاس
كان جالسا في أسترخاء بين تمثالي رمز البحر وأرتيميس ورأسه يتجه نحو رمز البحر كأنهما يتبادلان حديثا ودّيا , أقتربت منه فأدركت أن الشبه بينه وبين لوكوس يثير الدهشة , ربما يكون وجه أبوللو أكثر رقة وذقنه أقل صلابة , ولكن لعل ذلك الأختلاف لم يكن سوى نتيجة لعوامل الطبيعة طوال تلك القرون, كان الشبه بينهما كبيرا الى حد جعل الدموع تطفر الى عيني تشاريتي وقلبها يذوب في داخلها , ألا يأتي اليها بعد؟
وقفت عند أطلال السور , وتمنّت لو أنها تمكنت من لمس وجه أبوللو الرخامي , واسترجعت تشاريتي بعض الأساطير اليونانية القديمة التي قرأت عنها , تلك الأساطير التي تقول, أن المرأة الفاضلة هي التي لا يتحدث عنها أحد بشيء . سواء مدحا أو قدحا , أنّ النساء الأثينيات كنّ يتزوجن الطامعين في ثرواتهن , ويلتزمن بيوتهن , ويلدن لأزواجهن أطفالهم الشرعيين , وعندما كان رجالهن يتطلعون الى صحبة الجنس الآخر , كانوا يتوجهون الى نساء من مدن أخرى, ربما كنّ أقل أحتراما , ولكنهم كانوا يجدون في صحبتهن متعة أكبر.
مثل أردياني! ومع ذلك فأن أردياني ستتزوج رجلا آخر من كورينثوس لو صح ما قالته كزينيا .
لقد كنت أطمع أن أكون الحبيبة المفضلة لدى لوكوس , ولكنني أصبت بخيبة أمل, لا بد وأن لوكوس أحب المرأة الأخرى ولا يمكن أن يحب كلتينا أليس كذلك؟ لم يعر تمثال أبوللو شكواها التفاتا ومضى في حديثه مع بوسيدون.
في الواقع أنه لا يشبه لوكوس على الأطلاق , ذلك أن لوكوس لم يخذلها على الأطلاق في أوقاتها العصيبة, حتى عندما قابلها لأول مرة عند برج الرياح.

Rehana 07-12-13 09:08 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
بدأ العمال في أغلاق أبواب المتحف وأضطرت هي التحرك بعيدا عن السور , وعادت الى الخارج آملة أن ترى غروب الشمس, أذا كان لوكوس مزمعا أن يأتي فلا بدّ وأن قدومه وشيك, كانت لوعتها عليه تعتلج رابضة بين جوانحها , عندما ألقت بنظرها اتجاه الجانب الغربي من الأكروبوليس , وجدت نفسها تبحث بصورة آلية عن برج الرياح , لأنه كان مرتبطا بلوكوس . أنّ كل مرة ستراه فيها ستعيش تلك اللحظة التي جاء فيها متجها اليها مثل أبوللو وقد دبّت فيه الحياة , أنّها لا تستطيع أن تمنع نفسها من التفكير فيما يفعله لوكوس طوال ذلك الوقت.
لماذا لم يأت لوكوس؟ لم يتبقّ أمامها سوى دقائق , وبعد ذلك لا بد أن تعود , أغلقت عينيها وتذكرت كيف أن كولين تجاهل أمر زواجها كأنه شيء لا أهمية له, أن لها دينا عليه لا بد أن تتقاضاه منه , فزواجها كان أثمن شيء في الوجود , كما أنها تدين له بشعورها بالكبرياء ... فهو الذي أيقظ فيها الأحساس بالزهو كونها زوجة للوكوس , أحساسا كانت هي خليقة به, وما من أحد يستطيع أن يسلبها هذا الأحساس , أنتصبت تمدّ قامتها الى أعلى ثم أخذت نفسا عميقا لتملأ صدرها بهواء الأصيل.
" أنا السيدة لوكوس باباندريوس".
أرتفع صوتها بتلك الجملة فوجدت يدان قويّتان تعرفهما أينما كانتا توقظانها من أحلامها , صاحت ووجهها يضيء بالسعادة:
" لوكوس! لقد أتيت خيرا!".
أبتسم لها وقال:
" وهكذا يقدّم أبوللو لك معجزته في النهاية".
هزّت رأسها وقالت:
"كلا , ليس أبوللو, وأنما هو أنت".
قال لها برقة بالغة:
" هل فصلت بيننا في النهاية؟".
" أعتقد ذلك , أنا أعرف الآن ماذا أريد أن أكون , أريد أن أكون زوجتك يا لوكوس , على أي وضع, أريد أن أكون زوجتك فقط!".
جذبها اليه وتحسّس الكدمة في جانب رأسها وقال جملة باليونانية أتبعها بقوله:
" لم أكن أشك في ذلك أبدا, هل تظنين أنني لا أعرف أنك تحبينني , كيف لا أعرف بعد ما حدث ليلة أمس؟".
أحمر وجه تشاريتي خجلا وغيّرت موضوع الحديث قائلة :
" هل وجدت كولين؟".
" نعم وجدته".
أفزعتها صرامة صوته فقالت:
" لوكوس, هل ألحقت به أذى؟".
" لقد فعلت ما يجب عليّ أن أفعله".
" ولكنك لا تعرف كولين, ليس من الحكمة أن تجعل منه عدوا, اذا أستطاع أن يتمكن منك مرة أخرى لما تردد , وأنا لا أطيق ذلك".
" أنا وكولين نفهم بعضنا تمام الفهم , ليس هناك ما يدعوك للقلق عليه, أن النساء يعقّدن الأمور, ومن الأفضل أن يبتعدن عندما يكون هناك أتفاق بين الرجال".
" لا يمكنك أن تقنعي بأن كولين وافق على أي شيء".
"لم لا؟".
" هل أتفق معك على شيء, لقد أعتقدت أنك قد تضربه ومن غير المحتمل أن يغفر لك ذلك".

Rehana 07-12-13 09:09 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
ضحك لوكوس وقال:
" وهل أحسست بالرضى لأنني سأفعل هذا نيابة عنك؟ تودّين الآن معرفة كل التفاصيل حتى تشعري بلذة الشماتة؟".
" لوكوس , هل ضربته؟".
" نعم, ضربته!".
أتسعت عيناها :
" ولكنك لم تلحق به أذى؟".
لمس الكدمة في رأسها مرة أخرة , وضمّ شفتيه وقال:
" لقد خرج بعين متورمة وكدمة مماثلة لهذه الكدمة ".
صاحت تشاريتي:
" ولكنه لم يمسك!".
" ولن يجرؤ على أن يمسّك أنت أيضا مرة أخرى".
ضغط عليها بيدين قويتين وقربها منه , قالت له معترفة:
" أنني أستحق اللوم الى حد ما, ما كان عليّ أن أطلب منه المجيء من البداية, ولكنه كان الرجل الوحيد الذي أعرفه, وأعتقدت أنني اذا تزوجت ستترك لي ألكسندر تنفيذا لرغبة أختي, وظننت أنني أعرف عنه كل شيء , ولكنني في الواقع لم أعرف عنه شيئا بالمرة".
منتديات ليلاس
رفعت رأسها اليه لتراه جيدا وقالت:
" هل كان نيكوس حقا ثريا, وترك كل أمواله لألكسندر؟".
قال لها لوكوس مداعبا:
" ألم تعرفي ذلك؟ أحيانا كنت أظن أنك لا تعرفين, ولكنني لم أكن تصور أن فيث تلوذ بالصمت فيما يختص بهذا الأمر على الأطلاق, ألم تكتب لك عن ذلك الرجل الثري الذي تزوجته؟".
هزّت تشاريتي رأسها, وهي تفكر كيف كانت تتألم لعدم تلقيها رسائل من أختها , وقالت:
" لقد قلت لك من قبل أنها لم تكن تجيد كتابة الرسائل, كانت ترسل بعض البطاقات البريدية القليلة".
جذبت نفسها مبتعدة عنه وقالت:
" وهل تعتقد أن ذلك هو ما أتي بي الى هنا؟".
أحسّت بأرتباك حقيقي وبأن رأسها بدأ يؤلمها من جديد , وقالت:
" لقد أعتقدت أن أنك قد تكون أعجبت بي على الأقل , ولكن, كيف يحدث ذلك وأنت لا تثق بي".
" لا يهم ما أعتقده أنا , كان عليّ أن أحمي ألكسندر برغم أي شيء أعتقده".
أحسّت بالهزيمة تماما, قالت:
"يجب علينا أن نذهب الآن".
تنهّد ونظر الى وجهها الشاحب البائس وقال:
"أن كل ما نعرفه أنه لم يأت أحد منكم ليرى فيث!".
" أنها لم تطلب منّا ذلك بالمرة!".
" أعلم ذلك الآن , وأن كنت قد عرفت الشيء الكثير عنك يا حبيبتي تشاريتي, كان ما أصبو اليه هو أنني أرغب في أن أقبّلك , وأن تنظري ألي بهاتين العينين النجلاويتين , وكل ما كنت أعرفه هو أنك أخت فيث, وأنها تزوجته من أجل أمواله, برغم أنها أحبّته فيما بعد".
" لم أكن أعلم ذلك!".
" لم تعلمي ذلك عن أختك؟".
أشتعلت عيناه البراقتان فألهبت في عينيها غراما أنساها غضبها منه.
" لم أعلم ماذا كنت تريد مني!".
" أن أطارحك الغرام؟ كلا يا حبيبتي الحمقاء, كنت أظن أنك تعلمت شيئا عني في الليلة الماضية لو أنك كنت محتفظة بقواك العقلية اذ ذاك!".

Rehana 07-12-13 09:09 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أنحنى عليها وقبّلها وكانت تشعر بضحكة فوق بشرتها , قال مداعبا:
" سأبذل كل جهدي حتى أبدو في صورة أفضل هذه الليلة ! هل سترحبّين بي بنفس الحرارة كما فعلت؟".
قاطعته بقبلة سريعة , وهي تحس بالأرتباك من كلماته , أبتعدت عنه وحاولت أن تبعد وجهها عن عينيه الثاقبتين , حتى تخفي أحمرار وجهها خجلا , سألته:
" ماذا فعلت مع كولين؟".
ضحك بصوت عال وقال:
" كولين ينتظر الآن طائرته في المطار , لقد صحبته بنفسي ومعي شرطي حتى مرّ من خلال مكتب الجوازات , فمن الناحية الفنية قد غادر الآن اليونان بالفعل , ولكن تجنبا لأي شيء , كان هناك شخصا يراقبه حتى يتأكد من أنه لن يعود ثانية!".
توقف عن الضحك وقال:
" أنني لا أتظاهر يا تشاريتي بأن الغيرة نوع من ضيق الأفق , هل هناك أي سبب يدعوني لأن أغار من كولين؟".
حملقت فيه تشاريتي , وهزت رأسها ثم سألته:
" هل تغار عليّ؟".
قال في أيجاز:
" أنت أمرأتي , ألا يكفيك ذلك؟".
" نعم بالطبع يكفيني".
ولكنها ودّت لو أنه تحدث أيضا عن حبه لها , تحوّلت برأسها لترى آخر شعاع في غروب الشمس, وقلبها يهتز أشتياقا اليه, وقالت بصوت عال:
" يجب أن نذهب الآن, أبلغوني أنهم ينهون يومهم عند الغروب".
سارا جنبا الى جنب عبر الممر المتعرّج ويداهما متشابكتان , بينما راحت هي تقول لنفسها لقد حصلت على الكثير , وكانت تطمع أن يعبّر عن حبه لها بالكلمات , وتريده أن يقول لها أنه يرغب فيها, وأن يهمس في أذنيها بكلمات الحب.
وعندما تتزوج أردياني بسلام , ربما ينسى حبه لها ويتحول بحبه أليها في نهاية الأمر , تماما كما تحبه هي , أنها تنتظر هذا اليوم في لهفة حتى لو أقتضاها ذلك أن تنتظر عمرها كله! سألته عندما بلغا نهاية الممر:
" هل سنذهب الى البيت؟".
" ليس الآن يا عزيزتي , هناك كلام يجب أن نقوله قبل أن نذهب الى البيت , بعض الأسئلة التي أرغب في توجيهها اليك, وشيء آخر أودّ أن أقوله لك".
بحثت في ثنايا عقلها عما يمكن أن يسأل عنه , وعلى وجهها علامات الحيرة قالت:
" يمكن أن نعود الى البيت سيرا على الأقدام".
" أوه ,كلا, لن تهربي من السؤال بهذه السهولة, سوف نتجه الى ذلك المطعم هناك , ونطلب شايا , وسنعود الى البيت فقط عندما ننتهي من حديثنا, فأن أمي وأليكترا ستكونان في أنتظارنا بالبيت! هناك دائما شخص ما في المنزل , وأنا أريدك لي وحدي لبرهة قصيرة".

Rehana 07-12-13 09:10 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
أبتسم وأزداد بريق عينيه:
" أمي كانت قلقة جدا عليك, يبدو أنها تعتقد أنك تخافين مني, هل حقا يساورك الخوف مني يا تشاريتي؟".
" ليس خوفا , ربما بعض العصبية".
" لأنني يوناني وأجنبي بالنسبة لك؟".
" كلا, كل ما في الأمر أنني لا أعرف ماذا تتوقع مني أن أفعل".
قطب جبينه وقال يغيظها:
" أظن أنني أوضحت هذا الأمر تماما, ربما كنت أطلب الكثير من أمرأة أنكليزية تعتبر نفسها ندا لأي رجل؟".
حاولت أن تضحك معه , ولكنها أحسّت أنها بائسة:
" أما أنا فلا أعتبر نفسي ندا لك".
أعجبه هذا القول واحسّت بأعصابها تخونها , سألها:
" ماذا؟ أستمري في الحديث".
" أنه أمر واضح".
" واضح لي؟ أم لك؟".
أبتلعت ريقها وقالت:
" واضح لي, أنك الطرف الأقوى من الناحية الجسمانية , وأنت أيضا أغنى وتنتظر مني أن أطيعك , لقد قلت لي ذلك , وأنا أحبّذ هذا الوضع".
ظلّ صامتا , ألقت عليه نظرة سريعة , وودت لو أنها أمسكت زمام لسانها , كان المرور كثيفا أمامهما, ووقفا فترة قبل أن يستطيعا عبور الشارع, أمسك لوكوس بذراعها وهما يعبران ليصطحبها الى الطعم.
منتديات ليلاس
كانت الطاولات مفروشة بأغطية زاهية الألوان , ووضعت عليها المناديل النظيفة وأواني الزهور , كان هناك بعض الطلبة حول أحدى الطاولات يتجادلون , وفيما عدا ذلك كان المطعم يبدو مهجورا , أشار لوكوس الى طاولة في الركن البعيد وقال:
" أذا جلسنا هناك, أستطعنا أن نتحدث بدون أزعاج".
" لا أظن أن هناك شيئا آخر يمكننا التحدث فيه".
قالت ذلك وقد أشتعلت فيها رووح التحدي , خوفا من أن يجعلها تبوح بأشياء أخرى , تلك هي مشكلتها , أنه يعرف الكثير عنها في حين ظلّ هو على غموضه بالنسبة لها , كل ذلك بسبب لسانها الغبي! لم يكن هناك داع لأن تقول له أي شيء على الأطلاق.
رفع حاجبيه في دهشة ساخرة ولكن تعبير وجهه كان رقيقا للغاية :
" ماذا تطلبين , شايا ... كعكا؟".
وافقت تشاريتي فلم يكن يهمها ماذا تأكل , أنفجرت تسأله:
" أية أسئلة تريد أن توجهها اليّ؟".
" كنت أريد أن أعرف سبب أنزعاجك هذا الصباح".
طرفت بعينيها , شعرت بجفاف في حلقها وتورم لسانها:
" لقد كان سخفا مني".
وأنتظرت منه أن يقول شيئا , ولكنه ظل جالسا هناك في صبر ينتظر منها أن تكمل حديثها.
" لقد قلت لي أنك مشغول في عمل".
ورمقته بنظرة غاضبة , ولكنها لم تستطع الأستمرار فيها . فهي لا تشعر بالغضب منه الآن , وما الذي يغضبها؟ أنه لم يزعم أنه يحبها.
" لم يكن يهمني من الأمر شيء لو أنه حدث في أي مكان آخر , أو أي وقت آخر, هل كان من الضروري أن تقبل أردياني هناك, وبهذه السرعة بعدما حدث بيننا ليلة أمس؟".
" هل ستعودين للغيرة وضيق الأفق من جديد؟".
أنكرت بحرارة على الفور:
" كلا , أنني لا أغار , فأنا أعرف كل شيء عن أردياني , ولكنني كنت أظن..".

Rehana 07-12-13 09:12 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
سألها بحدة:
" من قال لك شيئا عن أردياني؟".
" أليكترا".
" من الأفضل أن تفضي أليّ بما قالت لك, كنت أعتقد أننا نجحنا في أبعاد الأمر كله عن العائلة".
" أن العائلات تعرف دائما مثل هذه الأمور , هناك دائما شخص ما يفضي الى المجتمع بهذه الأشياء".
" أعتقد أنك على حق يا تشاريتي , حسنا , ثم ماذا؟".
" لقد قالت لي أن أردياني عشيقتك وأنك كنت غارقا في حبها , ولكنك لن تتزوجها لأن الرجل اليوناني لا يفعل ذلك, على الرغم من أنني أرى طالما أنك تحب فتاة حبا حقيقيا , فما الذي يمنعك من الزواج منها".
أعجبها أن يستمر في مداعبتها برغم عدم الأرتياح الذي كانت تشعر به.
" لم أفعل ذلك لأن هناك أعتقادا يونانيا بأن المرأة التي تعطي نفسها للرجل مرة بدون زواج , ربما تفعل ذلك مرة أخرى , وهذا أمر لا نحبه في زوجاتنا".
" أوه!".
" ماذا قالت لك أيضا أليكترا؟".
" قالت أن عائلة أردياني غاضبة منها, أنتم شعب غير متسامح , أليس كذلك؟".
هز لوكوس رأسه نفيا وقال:
" أن مشاعر الكراهية تظل ملتصقة , وترجع بنا آلاف السنين الى الوراء , حتى أنها تعود بنا الى عهد هوميروس وهذا هو ما يجعلنا أفضل فرسان العشق على وجه الأرض".
لمعت في عينيه الضحكة وسألها فجأة:
" وهل صدقت أليكترا؟".
" بالطبع, بالأضافة ألى أنني رأيتكما معا".
" أذا لماذا وافقت على الزواج بي؟".
توقف تنفسها في حلقها وقالت دون أن تنظر اليه:
" أنت تعرف لماذا تزوجتك! قالت لي أمك أن أردياني ستتزوج شخصا من كوريثيوس".
صحّح كلمتها قائلا:
" نافيليون . أظن أنها تعرف كل شيء عن ذلك أيضا".
مد يديه عبر الطاولة وأمسك بيدي تشاريتي , ليتأكد أنها تصغي أليه بأهتمام كامل:
" أعتقد أنني بدأت أفهم لماذا كنت تظنين أنها فتاتي أردياني كما أطلقت عليها , ولكنك كنت مخطئة فلم أكن أحبها في يوم من الأيام, هي أيضا لم تكن تحبني , لم أستطع أن أبوح لك بذلك حتى لا أثير مشاكل عديدة , ولم أرغب أن أثقل عليك بشيء ليس من شأنك؟".
" ليس من واجبك أن تقول لي".
" صحيح؟".
رق وجهه لها ولمحت في عينيه نظرة أسرعت بدقات قلبها :
" أعتقد أننا مدينون لك بأن نبلغك القصة كلها , يا حبيبتي, اذا كانت مجرد قبلة أعتراف بالجميل من أردياني لأنهاء مشاكلها في الحياة يمكن أن تشغلك الى هذا الحد".

Rehana 07-12-13 09:14 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
قاطعته:
"لم تكن قبلة عرفان بالجميل".
هز كتفيه وقال:
" أن أردياني ممثلة , وهي تجيد تمثيل أي موقف , يجب أن تصدقيني عندما أقول لك أنها مجرد قبلة عرفان بالجميل, رغم أنها لم تكن تحبني كثير , حتى الآن وبعد أن وجدت لها زوجا ومنحته مبلغا لا بأس به من المال يكفي لأن يتزوجها ! لقد كان الأمر كله يتعلق بنيكوس , عندما تزوج فيث, أرتبطت هي برجل آخر وتمنينا جميعا لها حظا سعيدا, ولكن ذلك لم يحدث, فقد طلب منها نيكوس أن تذهب الى دلفي حتى تكون الى جانبه , وكانت بينهما علاقة طيبة , وأعتقد أن نيكوس كان يشعر بالتعب من تصرفات أختك , وعندما أكتشفت فيث العلاقة بينهما , وكان هذا شيئا مؤكدا في نهاية الأمر , صمّمت أن تترك نيكوس وأن تأخذ الطفل معها , حدث ذلك عندما أرسلت تطلبك".
أنحسر الدم من وجه تشاريتي وقالت:
" ولكنكم قلتم جميعا أن اللوم يقع على فيث!".
" كانت أختك مخطئة كثيرا , فهي لم تخف سبب زواجها من نيكوس , لقد تزوجته لأنه رجل ثري! وعندما قرر الذهاب الى دلفي , ظلّت تتشاجر معه طوال الوقت وجعلت من حياته جحيما لأنها لم تشك في شعوره أتجاهها , وكان عليها أن تدرك , كزوجة له, أنه قد يلتمس راحته في مكان آخر , وينبغي عليها أن تغيّر من معاملته وأن تجعله يعود اليها مرة أخرى , خاصة بعد أن علمت أنها تحتاج اليه , بل وتحبه أيضا , كان يجب عليها أن تنتظره في بيتها مع أبنها وأن تتعلم كيف تكون زوجة صالحة بدلا من أن تكون طفلا مدللا , ولكنها أرسلت أولا في طلبك , ثم بعد ذلك فرّت هاربة من منزلها في الوقت الذي كان نيكوس يحاول أن يصلح من أموره معها , وتسبّبت بعملها ذلك في مصرعهما".
أحسّت تشاريتي بأن ذلك حكم جائر ضد أختها , صحيح أن اليونانيون لا يسامحون بسهولة , وفيث في رأيهم تفتقر الى صفات الأنثى التي يعتبرونها ذات أهمية قصوى , لقد وجدوا فيها مطعنا لأنها لم تكن تشبههم , وألتسمت لها تشاريتي العذر قائلة:
" ربما لم تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله , أستطيع أن أقدّر كيف كان شعورها ".
قال في شيء من الغرور والتعالي:
" لم أكن أنا لأسمح لك بأن تتركيني تحت أي ظرف من الظروف".

Rehana 07-12-13 09:15 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
كان يتحدث بثقة كبيرة في النفس , وله لحق في أن يكون كذلك , فقد قالت له أنها تريد أن تكون زوجته مهما كانت شروطه , وقد أثبتت ذلك بالفعل بزواجها منه, برغم أنها كانت تظن أنه يحب أردياني.
أبتسمت له وقالت:
"وكيف كنت ستمنعني؟".
" لا تعوزني الوسيلة , لا أعتقد أن مقاوتك لي ستكون قوية اذا قررت أن أجعل منك زوجة محبة , لأن دفء قلبك سيفضحك , ويجعلك تشعرين بالقلق علي وتعودين لتطمئني اذا كنت سعيدا بدونك , ويشعرك بالذنب كما لو كنت قد قتلتني".
" كلا لم أكن لأعود".
كان أنكارها يفتقر الى الأقناع مما جعلها تضحك , كم هي حمقاء لتقول ذلك في وقت يعلم كلاهما تماما أن شيئا في الدنيا لن يجعلها تتركه, مهما فعل بها , قالت متنهدة:
" مسكينه فيث! كنت أتمنى أن تكون أسعد من ذلك".
تقابلت عيناها مع عيني لوكوس ولمحت فيهما شيئا من القلق , سألها:
" هل حبك لي, يمنحك السعادة؟".
" أنني سعيدة جدا".
كانت تعلم أنه سيجيء وقت تتوق فيه الى رؤية الأرض التي ولدت فيها وشبّت عليها , وتتوق الى سماع لغتها والى عادات أصدقائها الأنكليز المختلفة, ولكن لن يجيء وقت أبدا تندم فيه على أنها تزوجت لوكوس, وسألته:
" ماذا كنت تريد أن تقول لي؟ أو أنك كنت تريد أن تتحدث عن فيث؟".
منتديات ليلاس
هز رأسه نفيا وقال:
" كلا, أذ كان ينبغي أن أقول لك هذا الشيء منذ وقت طويل ولكنني كنت أظن أنك تعرفينه بالفعل ".
تحسّس خاتم الزواج في أصبعها وقال:
" يا حبيبتي تشاريتي, ألا تعرفين حقيقة أنني أحبك؟ صممت على أن أتزوجك وأجعلك لي وحدي منذ أول مرة رأيتك فيها عند برج الرياح ! ولكن ماذا فعلت أنت؟ أتيت بمن يدعى كولين وهو كما يعرف الجميع لن يقدرك أو يسعدك, ألم تشعري بأنني أحبك عندما قبّلتك في يوم عيد الميلاد , أو في دلفي في الوقت الذي لم تفعلي فيه شيئا سوى وعدك بأن تتزوجينني فقط لأنني كنت في نظرك جسر العبور الى ألكسندر".
حملقت فيه , ثم قالت معترفة:
" كل ما كنت أعرفه أنني كنت غارقة في حبك, وأنا أحبك بالفعل يا لوكوس, أحبك لدرجة أنني أشعر بلواعج الشوق ليل نهار, أنت لا تعرف كم أحبك! ولا أتوقع منك أن تبادلني مثل هذا الحب, ولكن لو أنك أحببتني حتى ولو قليلا..".
توقفت عن الكلام عندما شاهدت تعبير وجهه:
" لوكوس؟".
" حتى ولو قليلا! لقد أمضيت ليلة كاملة أبثك حبي الجارف , أوه تشاريتي , يا حبيبتي , كلما أسرعت في تعلم اللغة اليونانية كلما كان أفضل! ومع ذلك فلا بد أن تكون لديك فكرة غريبة جدا عني جعلتك تعتقدين أنني يمكن أن أكون مع غيرك يا حبيبتي كما كنت معك ليلة أمس".
" كنت أعتقد".
أغمضت عينيها ونظرت اليه خلسة من بين أهدابها , وهي تشعر بسعادة غامرة لأنها تمكنت من أثارة عواطفه , تماما كما تذوب هي حبا فيه, قالت وهي تبتسم:
" قد لا تكون أبوللو حقيقة, ولكنك بالنسبة ألي رجل شبيه بالرموز".
داعبها عند مؤخرة عنقها بقوة كاسحة جعلتها تلهث , قال :
" هيا بنا نعود الى البيت يا تشاريتي , سوف نرسل ألكسندروس وأليكترا عند والدتي لبعض الوقت , فأنا أريد زوجتي لي وحدي لفترة قصيرة ".
نظرت اليه وقالت:
"لوكوس , هل حقا تحبني؟".
" حقا أحبك , وسوف أثبت لك ذلك حالا مرة أخرى".


تمت

زهرة منسية 07-12-13 02:51 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 

يسلموا ريحانتى على المجهود

و تظل دائماً روايات عبير القديمة الأرقى

مشكورة حبيبتى كتيرررررررررررررررررررر


http://im38.gulfup.com/5OabS.jpeg

نجلاء عبد الوهاب 12-12-13 05:33 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوه كتييييييييييييييييير تسلم الايادى

حلاتي في غلاتي 16-12-13 11:16 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة
 
يسلموا الايادي :55:

الجبل الاخضر 17-08-14 09:51 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ندى ندى 29-08-14 03:21 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه رائعه وقمة التميز

يسلمو حبيبتي ويعطيك العافيه

منى على سيد 09-04-15 09:02 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث غراهام – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
واضح انها حلوة جدا

الباكي الحساس 20-08-15 01:49 PM

الباكي الحساس

الباكي الحساس 20-08-15 02:05 PM

الباكي الحساس

همسة عتاب و ندم 16-06-17 11:26 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:8_4_134::8_4_134:

paatee 11-10-17 07:34 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوووووووه🌹يعطيكي العافيه

ام رجوان 17-10-17 04:50 AM

استمتعت شكرا على المجهود🥀❤

نجلاء عبد الوهاب 11-06-22 07:42 PM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::c8T05285::c8T05285: :c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285: :LgN05096::LgN05096::LgN05096::LgN05096::LgN05096::LgN05096:

هتونا 02-07-22 04:07 AM

رد: 33 - برج الرياح – أليزابيث هنتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
واااو حلو اوي احلا تحية واحلا شكر


الساعة الآن 01:20 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية