" أكون شاكرة لك لو قمت أنت بهذه المهمة يا أستاذ دارت". وكاد الحوار يتحول الى مشاداة عنيفة , لولا أقتراب بو الذي رفع قبعته ليحيي كولبي بأبتسامة عريضة: " صباح الخير آنسة كولبي". وألتفت الى دارت يسأله بجدية: " هل أنت مشغول يا سيدي؟". " لا يا بن ,ما بك؟". " أحتاج لمساعدتك , لا أستطيع السيطرة على الفرس , يبدو أنها حديدية الأرادة". " حسنا يا بن , علينا أولا محاصرتها في زاوية محددة , كولبي أنزلي عن السور , وأبتعدي قليلا عن الحظيرة". منتديات ليلاس وأحست كولبي بشخص ما يقف وراءها: " أهلا بوكا , جئت لترى فرسك , أليس كذلك؟". أجابت عينا بوكا حتى قبل أن يتفوه بكلمة واحدة : " نعم , كم هي جميلة ... فرسي!". وألتفت اليه جده محذرا: " لا تقترب من الحظيرة يا صغيري , أرجوك أن تبقى قرب الآنسة كولبي , أنها ليست فرسك بعد". وأمسك بوكا بيد كولبي , وعيناه لا تفارقان الفرس السوداء. تمكن الرجلان من محاصرة الفرس في أحدى الزوايا , لكن قبل أن يتمكن بن من رمي الحبل حول عنقها , ركضت نحو السور تحاول تحطيمه بقوائمها , ورمى دارت حبله بدقة فأحاطت العقدة العريضة في آخرة عنقها , أسرع لمساعدته بن في شد الحبل , وسقطت الفرس الغاضبة بثقل على جانبها تئن لهزيمتها , ظل بن ممسكا بالحبل , بينما أقترب دارت منها وهو يتكلم ببطء وهدوء , ليطمئن الفرس الخائفة , نظرت اليه بهلع , فمد يده يربت على ظهرها بحنان حتى هدأت تدريجيا . " هل أنتهى الأمر؟". كان بوكا قد أغلق عينيه حتى لا يشاهد عذاب الفرس . " نعم يا بوكا , أفتح عينيك , كل شيء على ما يرام الآن". وأقترب منهما دارت. " تعال يا بوكا , ألا تريد التعرف على فرسك الجديدة؟". وأنطلق بوكا في رقصة بدائية , يعبر بها عما عجزت الكلمات التعبير عنه ولم يتوقف الصغير عن رقصه حتى سمع صوت جده الآمر : " أهدأ يا صغيري , أهدأ! متى تكف أستعمال الطريقة الصاخبة للتعبير عن فرحك؟". وهدأ بوكا فورا , وبخفة تسلل الى فرسه ليراقبها بمزيج من الحب والشعور بالملكية. " فرسي... أنت لي... لي وحدي". أبتسمت كولبي لحماسه , وراقبته لبضع دقائق قبل أن تعود الى المنزل , عليها أن تنجز ما تبقى عليها من مهام قبل موعد الغداء. منتديات ليلاس لازمت بيللا غرفتها , لأنها كانت تشعر بصداع قوي , ولذا تناولت الفتيات طعام الغداء بمفردهن على الشرفة , أمضت روشيل وسوزان معظم ساعات الصباح تتنزهان في أحضان الطبيعة , أبتسامة سوزان الرائعة شملت هذه المرة كولبي أيضا. " كنت أتمنى لو رافقتنا في هذه النزهة يا كولبي ,كان الصباح رائعا , ماذا فعلت كل هذا الوقت؟". " كنت مع دارت وبن في الحظائر , أختار بن فرسا سوداء رائعة لبوكا , كم كان سعيدا بها!". |
وقطبت روشيل حاجبيها أستياء. " ماذا ! فرس لبوكا!ستفسدون هذا الصبي بمعاملتكم الطيبة له,لن يعرف حدوده بعد الآن , على دارت أن يكون أكثر قسوة معه , أنه مجرد صبي من السكان الأصليين". قاطعتها كولبي بغضب: " بوكا سيصبح قريبا من أمهر رعاة البقر , تماما كجده , من صالح دارت أن يبدأ باكرا , كنت أصغر من بوكا عندما حصلت على جوادي الأول". ولم تحاول روشيل أخفاء نفورها. " العائلة كانت طيبة في معاملتها لك أيضا ,وما زالت حتى الآن". أستاءت سوزان من هذا الهجوم الواضح على قريبتها , لم تسمع روشيل تتكلم بمثل هذه العدوانية من قبل . " كولبي تبقى في كل الأحوال أبنة عم دارت , ترعرعت على أرض كنغارا قبل مجيء أي واحد منهم , ودارت يحبها كثيرا". وضعت كولبي فنجان القهوة بحذر على الطاولة , وأستأذنت بالأنصراف : " سأذهب لأغسل شعري من الغبار الذي علق عليه في الحظائر". وفوجئت كولبي عندما أستوقفتها سوزان: " تعالي معنا يا كولبي , مايك وعدنا بزيارة الوادي أنه ينتظرك!". منتديات ليلاس " شكرا سوزان , أعتقد أنكما ستستمتعان بالرحلة أكثر بدوني". وغادرت المكان تاركة وراءها صمتا ثقيلا قطعته روشيل بعد لحظات: " لا تقولي أنك وقعت تحت تأثير ألاعيب الآنسة كولبي كينغ يا سوزان! كنت أظنك أذكى من ذلك!". " لا أفهم ما تقولين يا روشيل؟". وتفحصت سوزان صديقتها بعبوس , ثم شغلت نفسها بأبريق القهوة. "لا تفسدي هذا النهار يا روشيل , كنت قاسية جدا مع كولبي , عندما تتعرفين اليها أكثر ستجدينها في غاية اللطف". قطبت روشيل حاجبيها قبل أن تجيب: "أنا أنضج منك يا عزيزتي سوزان , ولي خبرة أوسع بالناس وبالحياة , كولبي فتاة مواربة , ستكتشفينها مع الأيام , أسمعي نصيحتي يا صغيرتي وأبتعدي عنها". وبلعت سوزان ريقها بصعوبة , لا ترغب بمجادلة روشيل , أعز صديقاتها, ستنسى الموضوع , لا بد أن تغير روشيل رأيها قريبا , وقدمت سوزان لصديقتها فنجانا من القهوة فتناولته مبتسمة . "شكرا سوزان , نستطيع الآن أن نتناول قهوتنا بسلام". كادت كولبي تصطدم بروشيل وهي تنزل درجات المنزل جريا , ولاحظت روشيل أن كولبي ترتدي ثياب الفروسية , أرادت أن تقول شيئا , لكنها غيرت رأيها فجأة , فمرت بصمت أمام كولبي وذهبت لتجلس في الشرفة. وعضت كولبي على شفتها السفلى ,آه لو تعود روشيل الى منزلها ! من المستحيل الشعور بالأمان والراحة وهذه الفتاة تسكن معها تحت سقف واحد وأخرجها من شرودها صوت روشيل البارد: " هل أنت ذاهبة الى الحظائر يا كولبي؟". توقفت كولبي وهي تظلل عينيها بيديها لتقيهما لهيب الشمس: " نعم روشيل". " دارت يريد حصانه الأسود ,هل تسرجينه لي يا عزيزتي , تأخرت عن الموعد". وللحظة لم تصدق كولبي ما سمعت , سمرتها المفاجأة في مكانها ,لم يكن دارت يسمح لأحد بلمس حصانه المفضل وتمكنت كولبي من النطق أخيرا : " ماذا ؟ أنت ستمتطين حصان دارت الأسود؟". منتديات ليلاس " طبعا , ومن يستطيع ذلك غيري! كنت أتمنى لو كان بأمكانك القيام بهذه المهمة عني". وأشتعلت في عيني كولبي ثورة مكبوتة: " طبعا , بأمكاني القيام بهذه المهمة , أعرف كيف أتعامل مع الخيول , مثلك تماما". بل أفضل منك ! رددت كولبي في نفسها. " حسنا يا كولبي , أن كنت تظنين أنك قادرة على ذلك". |
وأسترخت روشيل بتكاسل على سور الشرفة. " ستوفرين عليّ الكثير من الوقت يا عزيزتي , سبقتني سوزان الى الوادي". "أنها مجرد خدمة بسيطة يا روشيل أستمتعي بنزهتك". " وأنت أيضا". وأبتعدت كولبي بدون أن تلاحظ البريق الساخر في عيني روشيل , ولم تشك كولبي بنوايا الضيفة العزيزة ألا حين أنطلقت بالحصان تسابق الريح . دارت حذرها مرارا ألا تقارب جواده , وهو ليس من الرجال الذين يسامحون العصيان , لا, لا يمكن أن تخدعها روشيل الى هذه الدرجة ,دارت يريد حصانه , وهو يعرف تماما أنها تفوق روشيل مهارة في ركوب الخيل والبرهان أن جواد دارت لم يمانع أبدا وجودها على ظهره. منتديات ليلاس وجابت كولبي التلال بحثا عن دارت , فكن هو أول من رآها , وبلمحة حملها بين ذراعيه لينزلها بقسوة عن الحصان , وعرفت من بريق الغضب في عينيه , أنها كانت ضحية لعبة شريرة , أنصرف عنها دارت ليهدىء من روع الحيوان الثائر فتعلقت عيناها بوجه بن الذي وقف قريبا منها يتابع المشهد بقلق , وأحس العجوز بحاسته السادس أنه لن يستطيع أن يفعل شيئا لمساعدتها في هذا الموقف , فأبتعد ليجنبها أحراج وجوده. أغلقت كولبي عينيها وهي تحاول جاهدة السيطرة على الذعر الذي بدأ يتسلل الى كل كيانها , كم يبدو دارت مخيفا في هذه اللحظة , أنه من الرجال الذين يرهبهم الجميع , وينفذون أوامرهم بسرعة. وفتحت كولبي عينيها , أحست بيدي دارت تضغطان على كتفيها بقسوة مؤلمة. " أيتها البلهاء الصغيرة , هل تظنين أنني أريد مأساة أخرى على أرض هذه المزرعة , ألم أحذرك من الأقتراب من جوادي الأسود ؟ لماذا لم تلتزمي بأوامري؟". وأخذ يهزها بعنف ,وقد أعماه الغضب , أنهمرت دموعها وهي تحاول أن تدافع عن نفسها. " لكن يا دارت". " لا أريد أن أسمع كلمة واحدة , أستطيع تحطيمك يا كولبي , لا تتحديني أكثر من ذلك". وتقلصت عضلات وجهه هو ينظر اليها. " هل نسيت اليوم الذي عادوا به بأمي الى المزرعة ! أعتقد أنك تتذكرين المشهد جيدا , أنت مثلها تماما , لا تعرفين حدود قدراتك كأمرأة". وعاد يهزها بعنف , غضبه العارم لم تشهد له مثيل من قبل ..بلى... مرة واحدة , هكذا كان يبدو العم سيروس عندما خرج ليقتل الحصان الذي أودى بحياة زوجته. وقبل أن تعرف كولبي ما جرى لها , وجدت نفسها مستلقية على ركبتي دارت الذي أخذ يضربها بقوة كطفلة صغيرة , تدفق الدم الى رأسها , وغلى في دماغها , لم يكن يهمها أن تموت في تلك اللحظة , الدموع تحترق في عينيها , لكنها لن تدعها تنهمر. يا له من رجل متوحش! كيف يتجرأ على ضرب أمرأة ! أنها تكرهه.... نعم , تكرهه ... طبعا تكرهه! ولم تعرف كولبي أنها كانت تصرخ الكلمات عاليا , ساعدها دارت على الوقوف بعدما هدأ قليلا. " سواء كرهتني أم لا, لا تنسي هذا الدرس يا كولبي , وأتمنى ألا تعيدي الكرة , أكتشفت أن الأفعال لها تأثير أكثر عليك من الكلمات". منتديات ليلاس " يا ألهي!". وغرزت كولبي أظافرها في راحة يدها لتمنع نفسها من صفعه. " كم أكرهك يا دارت , كيف تجرأت على ضربي أيها الثور الهائج! ولماذا؟". وأنهمرت دموعها غزيرة وهي تردد بعصبية : " كيف تجرأت... كيف تجرأت!". " سأتجرأ على فعل أي شيء طالما أنت في رعايتي". " لن أبقى في عهدتك بعدما حدث , أنا غير مرغمة على تحمل هذا النوع من المعاملة , تستطيع ممارسة سيطرتك على كل من حولك , لكنك لن تتمكن مني أبدا أيها الوحش البري". |
ورفعت يدها لتصفعه , فكان أسرع منها. " كفي عن الصراخ يا كولبي , لن أعتذر عما حدث , أنت أرغمتني على تأديبك , الا تعتقدين أن الدرس الذي تلقنته الآن يبقى أفضل من أن تكسري عنقك على المدى الطويل". وحاولت كولبي الأفلات من قبضته لكن بدون جدوى , الدموع في عينيها أعمتها عن رؤية وجهه الشاحب . " أرجوك دعني أذهب يا دارت , لا تذلني أكثر , لو كنت رجلا لقتلتك فورا". وعكس ما توقعت ضحك دارت وكأنها تمازحه: " لو كنت رجلا يا كولبي لما حدث كل هذا". وعندما تركها أخيرا , تعلقت كولبي بآثار أصابعه التي تركت خطوطا حمراء على بشرتها الرقيقية. " كولبي , آه يا كولبي , كيف أتصرف معك؟". وراقبها لحظات بصمت , ثم ألتفت لينادي بن فظهر العجوز بعد ثوان قليلة: " عد بالآنسة كولبي الى المنزل يا بن , سأهتم أنا بالحصان الأسود". وقفزت كولبي على صهوة الجواد بدون أن توجه نظرة واحدة الى دارت الذي وقف يراقبها بصمت. وعلى بعد أمتار ألتفت بن الى رفيقته الشابة ليعاتبها بحنان: " لماذا فعلت ذلك يا آنستي ,كان السيد دارت محقا في غضبه". وأنهمرت دموع كولبي مجددا: " حتى أنت يا بن!". ومد العجوز يده ليربت على كتفها محاولا التخفيف عنها: "أهدأي يا صغيرتي , لم أكن أنوي أن أجرح أحاسيسك بكلماتي , عرفتك منذ كنت طفلة صغيرة , لكنني لا أفهم ما الذي دفعك الى تحدي أرادة السيد دارت , أنت تعلمين جيدا أن هذا الحصان بالتحديد أقوى من أن يخضع لأرادة أمرأة". منتديات ليلاس وأكمل العجوز حديثه يعاتبها بصوت حنون : " ألا تذكرين اليوم الذي قضت فيه سيدة كنغارا حتفها؟ كانت سيدة عظيمة ,لكنها كانت شديدة الأعتداد بأرادتها وصلابتها , أنا نفسي حذرتها من ركوب جواد السيد سيروس ! لم تسمع , لن أتكلم الآن عن الماضي , ضعي نفسك مكان السيد دارت , كان خائفا على سلامتك ,ولذا كان غضبه بهذه الشدة , أنه يحبك كثيرا يا صغيرتي , فيك يجري الدم ذاته". وعضّت كولبي على شفتيها لتوقف أرتعاشها : " لا أعتقد أنه يحبني يا بن , بدأ يضيق بالمسؤولية التي ألقاها والدي على عاتقه". " لا , لا تقولي هذا يا صغيرتي , أنت من لحمه ودمه". ولم تتمالك كولبي أعصابها أكثر من ذلك فأنفجرت قائلة: " أنها روشيل ,الآنسة تينانت ! هي سبب كل ما حدث , قالت لي أن دارت يريد جواده , فتبرعت بتأدية المهمة عنها". " الآنسة تينانت ! لكنها تعرف جيدا أن دارت حذرا , أيا كان الأقتراب من حصانه , هل أخبرته بحقيقة ما جرى؟". " لا , وأرجوك يا بن أن لا تخبره أنت أيضا بما حدث , يكفي ما جرى حتى الآن , كنت ضحية مزحة سمجة , لا أدري كيف صدقتها ! يا له من نهار مزعج". وأبتسم العجوز وهو يقول: " أعتقد أن الآنسة تينانت ,لا بد أن تعود الى منزلها قريبا". وعادت الحياة الى عيني كولبي وهي تردد: " أتمنى ذلك يا بن , آه كم أتمنى ذلك!". |
8- الصفعة ******************** صباح اليوم التالي أستيقظت روشيل باكرا , ونزلت الى الحديقة لتختار مجموعة من الزهور , ستنسقها لاحقا بفن مترف ومعقد تعلمته خلال دراستها المكلفة في أحدى أشهر المدارس الأسترالية. وكانت سوزان تلاحقها كيفما توجهت لتستفسر منها أكثر عن مغريات الحياة في المدينة , , وعن كل الأشياء الرائعة التي فعلتها ورأتها روشيل. ولم تعد كولبي تستطيع تحمل المزيد , فتركتهما لتساعد بيللا في الأعتناء بحديقة الأزهار الصحراوية , مكانها المفضل , معظم الغرسان كانت تتفتح في النهار وبعضها في الليل , فتتألق في أحتفال رائع من الألوان يتماوج بين الأحمر والوردي والأصفر والأخضر والأبيض. ووقفت كولبي قرب بيللا المنحنية على مجموعة جديدة من الشتلات اليانعة تغرسها وتسقيها بحب. " هل أستطيع مساعدتك يا عمتي؟". " طبعا يا عزيزتي , هذا نوع جديد يحتاج الى عناية خاصة جدا , صحيح أنه يتطلب وقتا طويلا ليفرج عن زهوره لكن النتيجة تكون رائعة فعلا وتستحق الجهد المبذول لها , يمكنك ري الغرسات التي أنتهيت من زرعها , أنت تعرفين طبعا أن هذا النوع من النباتات لا يحتاج الى الري ألالا عند زرعه وتفتحه ,وبعد ذلك يترك بدون عناية". " وأين أضع الماء؟ على جذور الغرسة فقط؟". " سأعلمك". ووقفت بيللا تنفض التراب عن ركبتيها. " أنها عملية مهمة جدا". وتناولت بيللا وعاء الماء لترش منه قليلا على الجذور وعلى التربة المحيطة بها , ثم نثرت قليلا على الأوراق الخضراء. " هل عرفت كيف الآن؟ عليك أن تعاملي النبات بحب ورقة , وأذا أكثرت من الماء ستؤذبها ". وعملتا معا بصمت في جو عائلي ودي حميم , فبرغم الفارق الكبير في عمريهما , توطدت بينهما محبة عميقة وصداقة هادئة ,وبين وقت وآخر كانت كولبي تلمح في عيني بيللا أستسلاما حزينا , جعلها تشعر نحوها بحنان أكبر , من المؤسف حقا أن العم سيروس لم يترك لأرملته مبلغا كافيا يؤمن لها الأستقلال المادي , صحيح أن بيللا ليست بحاجة الى المال الآن , لكن الأمر يختلف عندما يعرف المرء أن له رصيدا خاصا يعتمد عليه. منتديات ليلاس وعقدت كولبي حاجبيها عندما فكرت بدارت , لقد تجنبها بالأمس كمن يتجنب مرضا معديا , لا , فلنقل بالأحرى أنها هي التي تجاهلته , لأنه لم ينتبه لها أبدا , كان مشغولا بشرح تحركات النجوم لروشيل لأكثر من ساعة. وفجأة ظهر بوكا من وراء سور الأعشاب , فأفزع السيدتين المستغرقتين في عملهما وأفكارهما ,رأى الصبي شعر كولبي الناري عن بعد فجاء ليسليها , أبتسمت بيللا لكولبي , صحيح أن رفقته ممتعة وطريفففة لكنه سيعيق عملهما أيضا , وأخذ بوكا يركض من واحدة الى أخرى وهو يوجه أرشاداته ونصائحهالتي كان من الأفل تجاهلها. وفي زاوية بعيدة من الحديقة كان النحل يطير فرحا بين الزهور ليمتص رحيقها بنهم , وكانت نساء المنزل الكبير يتجنبن تلك الزاوية في هذه الفترة من النهار خوفا من غضب النحل , أما بوكا فلم يكن يستطيع ذلك برغم الأنذارات المتلاحقة التي وجهت اليه بهذا الصدد ,ولم يقتصر نشاط بوكا على مراقبة النحل , بل كان يحاول ألتقاط بعضها ليجففه لاحقا ويأكله , فهذا هو الطعام المفضل لدى السكان الأصليين , ويئست بيللا من أستدعائه بعد النداء الرابع. |
الساعة الآن 04:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية