منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t148673.html)

اماريج 19-09-10 01:32 AM

110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/upp//uploads/i...0e5284e9b3.gif
صباحكم ومساءكم ورد ياحلوين:flowers2:
اليوم راح انزل رواية حلوة كتيرررررررر هي من روايات عبير القديمة وبتمنى انو تنال رضاكم ياحلوات
وللامانة الرواية منقولة وكل الشكر والتقدير لكاتبة الرواية

اسم الرواية:خطوات نحو اللهب
الكاتبة:
نيرينا هيليارد

:liilas:
قراءة ممتعة للجميع


اماريج 19-09-10 01:34 AM

خطوات نحو اللهب
الملخص
*******************
المصادفة تتدخل في حياتنا رغم ارادتنا.. اسمها ترينا مرتيون والمصادفة تتدخل في حياتها مرتين
حين انتقلت مع جدها من انكلترا الى استراليا حيث اكملت دراستها وامتهنت البالية ,وتعرفت على دنيس الشاب الوسيم الذي حاول زحزحتها عن خط حياتها ومبادئها فهربت منه علها تنساه
وهنا تدخل القدر مرة ثانية لتعمل مدرسة اطفال في منزل اندرو دلوين المليونير والوصي على الاطفال ,اندرو ليس كبقية الرجال, انه انسان وحيد وملئ بالمرارة يعيش تعسيا نتيجة تشوة في وجهه ,تركته خطيبته من اجل ذلك فلم يعد يثق بالمرأة والحب.
منتديات ليلاس
لكن ترينا ايضا ليست كبقية النساء ....عفريتة صغيرة تقفز كالجنيات ورقيقة كالندى, جريئة وصريحة ولاتخافه..ام ترى هل تخافه فتهرب منه؟
*******************
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...4a2df04983.gif


اماريج 19-09-10 03:21 AM

1_معلمة تشبه الجنية
****************************
وقفت ترينا مريتون لحظة وقد تدلّت جديلتاها السوداوان على طرفي وجهها العابث المرح كأنها هندية ,وبسرعة فائقة ومهارة , عقدت الشرائط اللماعة في طرفي الجديلتين , كان عبوسها ينم عن ألم عميق.

ترينا خائفة من المقابلة المرتقبة من أجل عملها وتود لو تنتهي من هذه المهمة الصعبة التي لا يمكن تأجيلها , فهي ترغب في الحصول على تلك الوظيفة لأنها ستمّنها من الأبتعاد عن سيدني في الوقت الحاضر

وتريد الهروب من دنيس ومن الأحاسيس الخاطئة التي حركها في داخلها, أحاسيس خطرة هدامة زعزعت كل القيم التي تؤمن بها والتي عاشت وتربت على كنفها
لقد أكتشفت ترينا منذ أسبوع أن دنيس رجل متزوج ولم تستطع أن تقرر ما أذا كانت تحبه حقا أم لا , كان دنيس يفتنها مع أنه مغرور وبدون أخلاق ولا نفع منه , هل تستطيع المرأة أن تحب رجلا حتى لو ضللها؟
لقد لاحقها منذ أول لقاء لهما مع أنه كان يعرف أنه رجل متزوج ولن يحصل على شيء من أذكاء جذوة الحب بينهما , ولكنه نجح في مهمته , ومع ذلك لا يعترف بأنه كان مخطئا وهي واثقة بأن علاقتهما غير مشروعة .
منتديات ليلاس
ترينا ليست واثقة من قدرتها على مقاومة كلامه المعسول , ولم تحاول أن تمنع نفسها من الوقوع في حبه قبل أن تعرف أنه رجل متزوج
كانت تتمنى أن تختفي تصرفاته السيئة بأعجوبة بعد الزواج , لقد فشلت المرأة منذ القدم في تغيير طباع الرجل الذي تحبه وقد عرفت ترينا الآن أن أنانية دنيس لينارد المتأصلة قسم من طباعه التي لا تتغير
أنه لا يحترم ترددها وحيرتها بشأن علاقتهما , وعليها أن تجد وسيلة للهروب كي تتمكن من التحكم بزمام عواطفها العاصفة.

مشت ماردا ببطء وهي تبتعد عن المرآة وتهز رأسها بحنان وتمسك سترتها القرمزية.
" هل تشعرين بالعصبية والنرفزة؟".
هزت ترينا رأسها موافقة وقالت:
" أنني أزداد عصبية كل دقيقة".

نظرت ترينا الى صديقتها الشقراء وتمنت لعلاقتها الهدوء كعلاقة ماردا غريتون مع صديقها بيرس جاكسون
من ينظر الى صديقتها مادا يعتقد أنها ستقع عشرات المرات في الحب وتعذب قبل أن تستقر , كانت ماردا شقراء الشعر وقد قصته قصة قصيرة تشبه القنفذ , تكثر الصباغ على وجهها وطويلة القامة وكان بيرس طويل القامة وأسود الشعر يدمن أرتداء البنطلون المخملي المضلع والكنزات البراقة الألوان

أحبت ماردا صديق طفولتها بيرس وصممت على الزواج منه عندما يتمكنان من جمع المال الذي يكفي كدفعة أولى لشراء منزلهما الزوجي , كان حبهما هادئا منذ كانت ماردا في الرابعة عشرة من عمرها وبيرس في السادسة عشرة من عمره
كلاهما يهوى الرسم ويتقن الرسم التقني , شكلهما بوهيمي متطرف في الكلام واللباس ومن الصعب أن يرى الأنسان الطيبة الحقيقية الموجودة في داخلهما مما يؤكد أن الشكل الخارجي نادرا ما يعكس الجمال الباطني
منتديات ليلاس
من يلتقي ماردا لأول مرة وهي ترتدي بنطلونها الأسود المقلم وفوقه كنزة لماعة ويستمع الى تعليقاتها الغريبة والتي صيغت خصيصا لتصدم سامعها , يتركها ويهز كتفيه أستهجانا
هؤلاء يخسرون عشرتها الطيبة ولا يعرفونها على حقيقتها
كانت ماردا تضحك من تعليقاتها اللاذعة التي لا تقصد من ورائها أي أذى , تبدو لا مبالية في عواطفها مع أنها حساسة جدا وعواطفها عميقة وأكيدة
وتحكم التصرف بأعصابها ولا تخسر رباطة جأشها ألا نادرا عكس صديقتها ترينا التي تنفجر عصبيتها لأتفه الأسباب.

اماريج 19-09-10 03:22 AM

عبست ماردا وهي ترفع حاجبيها الرفيعين اللذين خطهما قلم حواجب أسود اللون وقالت:
" شكلك يا عزيزتي يشبه أحد العبيد الذين أطعموهم للأسود".
صمتت قليلا ثم أكملت :
" لقد ولى زمن تشغيل العبيد الى غير رجعة".

أبتسم ترينا وأجابتها:
" هل أبدو هكذا؟ كنت أريد أن أبدو هادئة ومتمكنة من نفسي".
" هناك بعض الأمل ".
قالت ماردا وهي تذهب الى المطبخ الصغير .
" تناولي هذه الحبة المهدئة وهي تتولى تهدئة أعصابك , لا تدعي آل دلوين يخدعونك".
" أنني ضعيفة عندما أريد الحصول على شيء ما... ثم أنا لا أحمل مؤهلات تلك الوظيفة .... عليّ أن أغادر سيدني".

قالت جملتها الأخيرة بصوت منخفض جدا ولكن ماردا فهمت كلامها والأسباب الموجبة له:
" دنيس , ما يزال يزعجك؟".
هزت ترينا رأسها موافقة ولم تتكلم.
قالت ماردا بهدوء:
" أنك تعرفين أنه رجل سيئ؟".

ماردا لا تحب دنيس أبدا , لو كان الموضوع لا يتناوله لكانت علّقت بكلمات ساخرة ,ولكن الأمر يتعلق بصديقتها ترينا وعليها أن تكون حيادية في أمور مهمة كهذه.
" أعتقد أنني أعرف هذه الحقيقة, ولكنني لا أستطيع أن أبعد تفكيري عنه , عليّ أن أغادر سيدني حتى أتمكن من وضع الأمور في نصابها".

كان دنيس فنانا وقد قابلته ترينا في حفلة صغيرة أقامها أحد أصدقاء ماردا في الأستديو , وقد لامت ماردا نفسها لأنها السبب في لقائهما
وكانت ترينا بالوحدة والكآبة بعد وفاة جدها وقد أقنعتها ماردا بحضور تلك الحفلة كي تخرجها من حزنها ووحدتها , وهناك ألتقت دنيس البالغ الوسامة , فقد كان جذابا بقدر ما هو قليل الأخلاق.
منتديات ليلاس
ساعدت ترينا ماردا في تحضير الفطور , كانت ماردا تفكر بتربيتها وأفترضت أنها السبب في جعلها سريعة العطب وسهلة الوقوع في شرك أشخاص مثل دنيس , فهي لم تعتد مقابلة أشخاص مثله.

ولدت ترينا في ضاحية هادئة من لندن وأمضت سبع سنوات هناك ,وبعد وفاة والديها ذهبت لتعيش مع أهل والدها في دورمنستر وهي مدينة صغيرة في باكنغهامشاير , وفيها كلية ذات مستوى علمي رفيع , جدّاها يحملان درجات علمية ويعملان كمحاضرين في الكلية
هناك أمضت ترينا حياتها في هذا الجو المفعم بالتربية والتعليم والمبادىء والقيم , جداها تركا لها حرية تخصصها كي تصبح راقصة بالية ولكنهما أصرا على أكمالها العلوم الجامعية أولا
ولولا أصالة روحها المرحة ونزعتها الى العصبية لدخلت في سلك التربية والتعليم وأمتنهت التدريس , من يراها يشك في التعليم العالي الذي نالته
فهي نحيلة صغيرة الحجم وتشبه الجنية الصغيرة , أنفها مروس وعيناها زرقاوان عابثتان , جديلتاها المعقوصتان بترتيب فوق رأسها تعكسان شخصيتها بعض الشيء وتخففان من كبريائها وتجعلها أقرب الى الجنية المزعجة.

لم تلتق ترينا دنيس ألا في أستراليا ,ووفاة جدتها المفاجئة جعلت جدها يهمل صحته , أما برد أنكلترا القارس فقد سبب له مرض ذات الرئة ,ونصحه الأطباء بمغادرة أنكلترا الى مكان أكثر دفئا.

لم تكن ترينا ترغب في مغادرة أنكلترا ولكنها مضطرة الى أقناع جدها بالأنتقال الى مكان أكثر دفئا من أجل صحته , كان هذا أقل ما يمكنها فعله من أجله بعد أن قدم لها كل شيء
أنها تحب جدها كثيرا ولقد أنذره الطبيب أنه لن يعيش في أنكلترا أكثر من ثلاثة الى ستة أشهر , ولقد أمضى في أستراليا حوالي الأربع سنوات مستمتعا بدفء الشمس سعيدا يعيش على راتب التقاعد الذي كانت الكلية تصرفه له شهريا ,كانت ترينا تعمل في فرقة الباليه لمدينة سيدني
وفرصة العمل في هذا الحقل جيدة في أنكلترا ولهذا السبب كانت لا ترغب في مغادرة أنكلترا ولكنها حين قدمت أستراليا مع جدها لم تندم أبدا لأنها وجدت أن بأستطاعتها أن تتابع مهنتها هنا.

أربع سنوات أمضتها في سيدني جعلتها تشعر أنها تنتمي فعلا الى هذه المدينة , وبعد وفاة جدها البروفسور مريتون كان عليها أن تتخلى عن الشقة الكبيرة المستأجرة لأن معاش التقاعد قد مات بموته , لبت ترينا أعلانا في الجريدة لمشاركة شقة صغيرة مع فتاة أخرى , فألتقت ماردا
ولكنها ترددت في البداية بمشاركة فتاة بوهيمية مثلها ألا أن غريزتها جعلتها لا تتخلى عن تلك الفرصة
تقع الشقة الصغيرة في شارع بوندي وتبتعد مسافة صغيرة عن الشاطىء الشهير في سيدني , شارع نظيف وهادىء , تحتوي الشقة على غرفة نوم كبيرة ومطبخ صغير وغرفة للجلوس وحمام , ما يزعجها هو أنها ستقاسم فتاة غريبة غرفة نومها ,كانت ترينا معتادة على غرفة نوم خاصة بها ولكن ليس باليد حيلة وتكاليف المعيشة غالية بالنسبة الى فتاة مثلها تعمل لتعيل نفسها

كان بأستطاعتها أن تستأجر غرفة صغيرة وحدها حيث تستعمل زاوية منها للطبخ ولكنها أحست أنها تستطيع أن تعيش بسلام مع ماردا بالرغم من مظهرها الخارجي
الفتاة التي كانت تشارك ماردا قبلها تركت لتتزوج وليس لعدم التوافق بينهما أو الشجار , كانت الأريكة قرب النافذة من نصيب ترينا
بعد ساعات قليلة من الحديث مع ماردا أحست ترينا أنها مرتاحة جدا في بيتها الجديد.
منتديات ليلاس
كانت ماردا تدخن سيكارته وتتناول المالك تعليقاتها اللاذعة الخفيفة , وتشير الى الألوان والأثاث في الشقة وتؤكد بأنها تستطيع أن تزين الشقة أفضل لو كان لها الخيار في ذلك , الشقة مؤجرة ولا مجال لأي تبديل أو تغيير.

كانت حفلات ماردا التي تضم الفنانين مسلية , ألتقت ترينا دنيس في أحدى هذه الحفلات , وظل يلاحقها بلا هوادة وقد أزعجها لأنه هز لها كل معتقداتها والقيم التي عاشت تؤمن بها
لقد تركت نفسها تحبه مع أن غريزتها أنذرتها بأنها لن تجد سعادتها مع رجل على شاكلته , لو عرفت منذ البداية أنه متزوج لأبتعدت عنه , عليها أن تبتعد عن طريقه وتختفي من حياته حتى لا يجدها ... وحتى تستفيق لنفسها ويعود عقلها اليها , أنها مفتونة به .... ستنساه حتما.

اماريج 19-09-10 03:27 AM

عليها أن تكبح جماح نفسها ولا تستسلم لحبه حتى لا تقتل كل القيم التي تؤمن بها , فهي تؤمن أن الحب لا يرتكز على الخطأ وعدم أحترام النفس , دنيس رجل متزوج ومهما كانت علاقته بزوجته ليندا نافرة فهذا لا يغيّر من حقيقة زواجهما
ربما تكون ليندا قاسية وخبيثة لأنها ترفض أعطاء الطلاق ولكن ذلك لا يغير الوضع أبدا.

قالت ماردا وهي تنظر الى الشاي الذي كانت تصبه لنفسها:
" ربما تخسرين مهنتك بذهابك؟".
" ألم أقل لك .... أنني سأذهب لشهر واحد , لم تسمعي بقية أخباري , هناك فرقة للباليه جديدة , أنها فرقة الباليه الدولية , لقد قالوا لي أنني أستطيع الأنضمام اليهم بعد شهر ,وهذا يناسبني".
" هذه أخبار جديدة وجيدة ,هل هذه الفرقة أفضل من السابقة؟".

هزت ترينا رأسها موافقة وقالت:
" أعتقد ذلك , فرصة أكبر لي , ربما أستطيع أن أقوم بدور منفردة هنا".
" لقد حان الوقت , يظهر أن الأمور بدأت تسير وفق رغباتك وظيفة جديدة.... مدخول جيد.... أمل جديد , وفي خلال شهر واحد عليك أن تنسي دنيس وتخرجيه من كيانك كليا".
" لو أفوز بهذه الوظيفة!".
منتديات ليلاس
أكملتا شرب الشاي , غسلتا الصحون سوية , أكملت ترينا ترتيب نفسها , عقدت أصبعيها تتمنى لنفسها التوفيق في هذه المقابلة.
تمنت لها ماردا كل توفيق , غادرت ترينا الشقة بأتجاه القطار الذي سيقلها الى وسط المدينة , تحتاج لبضع دقائق من المشي بعد أن تصل الى موقف القطار في المدينة لتصل الى الفندق الفخم المذكور في الأعلان.

شغلت ترينا نفسها بالوظيفة الجديدة وهي تجلس في القطار لتبعد دنيس عن أفكارها , أنها لا تحمل مؤهلات الوظيفة المطلوبة , هي ليست معلمة مدرسة ولا تعطي دروسا خاصة
كانت ترجو أن تمكنها دراستها الجامعية من الفوز بهذه الوظيفة , المطلوب منها أن تعطي دروسا خاصة لأربعة أطفال , زوجان من التوائم , لن يكون العمل شاقا , لن يحتاجوا لدراسة متقدمة , توأم في السابعة من عمرهما وهما بنتان ,وتوأم في الحادية عشرة وهما صبي وبنت.

وصلت ترينا الى الفندق الفخم وذهلت من الرفاهية المتناهية والعظمة , أن جيرالدين دلوين غنية جدا وتملك مدخولا سخيا كي تنزل في فندق بهذه الفخامة , ذهبت ترينا الى مكتب الأستقبال , طلبت مقابلة السيدة دلوين
أستعملت المصعد ومشت على ممر مفروش بسجاد رمادي اللون , أوصلها خادم في زي بني الى جناح السيدة دلوين وأنحنى مودعا
فتحت لها خادمة شابة ترتدي ثوبا أسود وتحاول أن تبدو محترمة قدر الأمكان , منظر الخادمة يشبه منظر جدتها البروفسورة وهي تلقي محاضرة من فوق منصة الكلية في قاعة المحاضرات , شرحت لها ترينا سبب حضورها , قادتها الخادمة الى غرفة الأنتظار , فوجدت نفسها مع ثلاث نساء غيرها.

تفحصتها عيون النسوة بأهتمام وهي تفحصت بدورها منافساتها , كل منهن تحاول أن تعرف فرصتها وترغب أن تفوز بالوظيفة لأسباب مختلفة.
كانت أحداهن كبيرة السن شاحبة الوجه , تبتسم أبتسامة رقيقة , أما الثانية فكانت طويلة وممتلئة وشكلها غير جميل وشفتاها رقيقتين , وأما الثالثة فكانت شابة جذابة في الثانية والعشرين من عمرها تقريبا , بقيت ترينا تنتظر دورها للمثول بين يدي السيدة دلوين بفارغ الصبر .
وأخيرا حضرت الخادمة وقالت:
" ستراك السيدة دلوين الآن , تفضلي يا آنسة مريتون".

نهضت ترينا وتبعت الخادمة الى القاعة ثم الى غرفة جانبية , أغلقت الخادمة الباب خلفها وخرجت , نهضت السيدة جيرالدين دلوين ورحبت بها وأشارت اليها أن تجلس على الكرسي أمام الطاولة.
" أجلسي أرجوك يا آنسة مريتون".

وأنتظرت السيدة جيرالدين ترينا حتى جلست أولا ثم جلست هي بعد ذلك , كانت جيرالدين أمرأة متوسطة العمر ترتدي ثيابا أنيقة , حسنة المظهر وجميلة , عيناها السوداوان فيهما بريق محبب.
" عليّ أن آخذ أسمك وعمرك وعنوانك أولا ثم نسجل مؤهلاتك ".
أعطت ترينا أسمها وعمرها وعنوانها وجميع التفاصيل عن حياتها التي رغبت جيرالدين أن تعرفها , جلست جيرالدين في مقعدها تتأملها وقالت:
" أنت أصغر مما أحتاج.... ولكني حتما لا أريد سيدة من عمري".

فهمت ترينا من قولها أن السيدتين السابقتين لا أمل لهما بالوظيفة , هزّت جيرالدين رأسها ثم أكملت حديثها:
" السيدتان السابقتان لا أحتاجهما : الأولى تشبه الضابط الصارم , الأولاد سيعصون أوامرها ويرفضونها , والثانية لن تستطيع أن تضبطهم أو تديرهم , عليّ أن أعترف أن الأولاد بدون أنضباط تقريبا".
منتديات ليلاس
لم تزد ترينا أي شيء على قولها , كانت تتعجب من قولها , يبدو أنهم خطيرون.
" لا تهتمي لهذا الأمر".
قالت جيرالدين :
" أنهم يحسنون التعامل مع من يحبون , يعيشون على هواهم ولكنهم ليسوا مفسودين , دراستهم أدنى مستوى من عمرهم ومع قليل من التدريس وأستعمال الحيلة يصلون الى المستوى المطلوب".

سألتها ترينا:
" هل تأخروا عن الدراسة بسبب المرض؟".
قالت جيرالدين عابسة:
" لا , لكنهم كانوا خارج المدرسة كليا ,كان يسمح لهم بالتهرب منها ما أرادوا وهم الآن تحت أشراف أبن أخي , ويرغب في أيصالهم الى مستوى أعمارهم العلمي وبذلك يستطيع أن يدخلهم مدرسة جيدة".
" أنك تريدين معرفة مؤهلاتي لهذا العمل".

اماريج 19-09-10 03:28 AM

" بالطبع , في أي مدرسة عملت؟ أم هل كنت تعطين دروسا خاصة".
" أنا لست معلمة ولم أعط دروسا خاصة ".
ترددت ترينا قليلا ثم قالت:
" أنا راقصة باليه".
تعجبت جيرالدين:
" راقصة باليه!".
أحست ترينا أنها أزعجت جيرالدين بقولها ... وأقتنعت بأن الحق معها .

" أنت راقصة باليه".
كررت جيرالدين:
" ولكنني لا أرى كيف يمكنك أن.........".
" دعيني أشرح لك".
قالت ترينا بيأس وهي تقطع حديث جيرالدين :
" عندما تخرجت من الجامعة قيل لي أن بأمكاني أن أصبح معلمة مدرسة ولكنني رغبت في الباليه , أنا واثقة بأنني أستطيع أن أعلم الأولاد أذا أعطيت لي هذه الفرصة".

هزت جيرالدين رأسها غير موافقة وقالت:
" أعتقد أنني أريد شخصا لديه خبرة في التعليم وفي معاملة الأطفال , أخبرتك أنهم غير نظاميين ".
أبتسمت بلطف ولكن وجهها كان صارما وهي تقول :
" آسفة يا عزيزتي , لا أعتقد أنك مناسبة للوظيفة".
منتديات ليلاس
لقد أنتهى أملها , عليها أن تبتعد عن دنيس بأرادتها القوية , تستطيع أن ترحل عن سيدني في أجازة قبل أن تبدأ عملها الجديد مع الفرقة الدولية للباله , كانت ترينا تشك أن بأستطاعتها أبعاد دنيس عن تفكيرها وهي بدون عمل
ستدخل من جديد في تجربة العودة اليه وأذا عادت اليه ستكون قد قضت نهائيا على كل القيم التي تؤمن بها , لا بد لها من أيجاد وظيفة أخرى لتشغل تفكيرها بها أو لتبعدها عن سيدني ولو مؤقتا , أما أذا بقيت في الشقة مع ماردا فسوف يزورها دنيس رغما عنها.

شعرت ترينا بأنهزامها المؤقت , نهضت واقفة وأعتذرت لجيرالدين عن أزعاجها وغادرت الفندق بهدوء.
حين عادت ترينا الى الشقة كانت تعابير وجهها تعبر عن قصتها وخيبة أملها , نظرت اليها ماردا من مجلسها تحت النافذة حيث كانت ترسم وسألتها:
" ألم توفقي؟".

" ليس هناك أي أمل , ذهبت بعد ذلك في جولة على مكاتب التوظيف , مطلوب فتاة كورس لتعمل في عرض متنقل , ذهبت لمقابلة المسؤول......".
أكملت ماردا جملة ترينا:
" لم يكن العمل جيدا أيضا".
" ربما كنت سأقبل لو.......".
كانت تعابير وجه ترينا تقول أن هناك بعض الأمور التي لا تحتملها , أرتفع حاجبا ماردا بطريقة خبيثة وغمزت عيناها بمرح عابث وهي تقول :
" أن فتاة الكورس تلبس أقل ما يمكن من الثياب ويلاحقها المدير ؟".

" ماردا!".
ضحكت ترينا رغما عنها وقالت:
" شيء من هذا القبيل , شكل المدير خبيث وسيء ومستوى العرض فئة خامسة".
" لا تهتمي يا عزيزتي".
أكدت ماردا ببساطة :
" سيحصل شيء ما .... ربما نذهب سوية في عطلة ... وأذا حاولت أن تعودي لدنيس أربطك بالحبال وأشدك الى عامود السرير".

ضحكت ترينا لمزاح ماردا ثم قالت بجدية:
" لا تستطيعين القيام بأية رحلة الآن".
كانت ترينا تعرف أن ماردا تعمل حاليا في مشروع هام :
" فقط من أجل رعايتي والأهتمام بمشكلتي".
وافقتها ماردا بعفوية:
" أعتقد أنك على حق , أذا لم تحصلي على عمل بعيدا عن سيدني عليك أن تأخذي عطلتك فورا , عديني بذلك , يجب أن تختفي من وجه دنيس.... وأيضا عن كل محيطك هنا , كي تفكري بمشكلتك بهدوء , أذا بقيت هنا سيزعجك دنيس".

" أنت لا تحبينه؟".
" أنا أبغضه وأكرهه".
قالت ماردا بصراحة وجدية:
" هذا رأيي يا عزيزتي وأنت ستفيقين يوما وستندهشين , ماذا أعجبك فيه؟".
" هذا ما أفكر فيه دوما ".

وافقتها ترينا وقد بدا التعب على محياها :
" لا ينفع هذا الحديث الآن , أنني واثقة بأنه سيء الأخلاق لأنه جعلني أقع في حبه مع أنه رجل متزوج ولا أمل لهذه العلاقة بيننا في نهاية سعيدة .........".
توقفت ترينا عن الكلام وعضت على شفتيها بقوة وهزت رأسها في محاولة لحبس دموعها من الأنسياب من مآقيها.

" أشعر أحيانا أنه لا يحترمني............ وألا لماذا سألني أن أهرب معه .... أن الألم يعصرني".
" كم هو أناني ,أنت تعرفين مثلي أن الشخص الوحيد الذي يهمه هو دنيس لينارد .... أنه لا يحبك , ستكتشفين هذه الحقيقة بنفسك يوما ما... أذا هربت معه سيتركك بعد أن ينال مأربه منك أو يملّك".
قالت ترينا:
" لا!".
بقيت ترينا صامتة لفترة , أعتقدت ماردا أنها سرحت بأفكارها بعيدا , نظرت ترينا اليها بعينيها الزرقاوين المليئتين بالدموع.
منتديات ليلاس
" في الظلام ....أمضي الليل بطوله صاحية أفكر في هذه الأمور وأحاول أن لا أصدق .... وعندما أراه مرة ثانية أنسى نفسي وأعود اليه كأن شيئا لا يهمنا غير أننا نحب بعضنا .... عليّ أن أرحل مهما حصل , عليّ أن أختفي من حياته لفترة من الزمن هذه هي الطريقة الوحيدة كي أنساه".
ربما ستخدع ترينا نفسها وتقول أنها شفيت من حبه , وحين تراه بعد ذلك مرة ثانية تعود لسابق عهدها ويخفق قلبها بحبه من جديد أقوى مما كان عليه, قالت ماردا:
" دعينا نتغدى الآن وبعد ذلك نذهب لمشاهدة فيلم سينمائي , سنبعد هذه المشكلة عن تفكيرنا اليوم , ربما غدا صباحا يحدث شيء جديد....".

جنون العشق 19-09-10 03:30 AM

الملخص راائع

ناطرينك ياعسل

اماريج 19-09-10 03:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنون العشق (المشاركة 2447993)
الملخص راائع

ناطرينك ياعسل


الاروع مرورك وتواجدك فيها ياامورة
لك كل الود


اماريج 19-09-10 03:37 AM

كان الفيلم يدور بحوادثه عن روما القديمة – هذه الفترة التاريخية تعجب ترينا ويلذ لها مشاهدتها , حقق الفيلم نجاحا كبيرا في أبعاد دنيس عن تفكيرها لفترة زمنية وفي الصباح حصل شيء جديد بالفعل.

كانت ترينا وماردا في ثياب البيت عندما رن جرس الهاتف , تكلمت ماردا أولا ثم طلبت من ترينا أن تتناول السماعة.
" المكالمة لك .... أنها السيدة جيرالدين دلوين".
" السيدة دلوين!".
قالت ترينا وهي تخطف منها السماعة وقد بان أمل جديد في عينيها الزرقاوين :
" أهلا , أنا ترينا أتكلم ".

قالت وهي تحاول أن تخفي حماسها قدر الأمكان , كانت ترينا تستمع اليها وهي ترد عليها بكلمات متقطعة ثم أقفلت الخط :
" تطلب مني أن أقبل الوظيفة".
" جيد , هذا غير منتظر , الأفضل لك أن تعيدي النظر بتمعن قبل أن تقبلي العرض".
منتديات ليلاس
قالت ترينا :
" لقد قبلت وأنتهى الأمر".
" لا بأس , حاولي أن تعرفي لماذا رفضت الأخريات الوظيفة".
" كنا أربع نساء , أثنتان رفضتهما السيدة جيرالدين أصلا , والثالثة وهي في مثل عمري تقريبا وقع حادث مؤسف لها وكسرت رجلها".

" بدأت أفهم الوضع".
قالت ماردا ولم يخف عليها أن التي كسرت رجلها هي المنافسة التي فازت بالوظيفة وليست السيدة دلوين , بدأت ماردا تضحك بعبث من جديد وهي تذكرها:
" ألم أقل لك؟ لقد حصل شيء كما توقعت".
قالت ترينا مهمومة:
" كنت أتمنى لو لم تكسر هذه الفتاة رجلها".

" أنها ليست غلطتك , ربما كانت ستكسر رجلها لو قدمت طلبا لوظيفة أخرى أيضا ".
قالت ماردا وهي تفكر بطريقة عملية:
" المهم أن تسرعي لمقابلتها فورا قبل أن تغيّر رأيها وتعيد النظر وتفتش عن معلمة من جديد".

نزلتا من المنزل , أفترقتا كل منهما في طريقها , وصلت ترينا في الموعد المحدد , قبل العاشرة بقليل , كانت الخادمة الشابة في أستقبالها فقادتها الى الغرفة الداخلية حيث أجتمعت مع جيرالدين في اليوم السابق , كانت المرأة المتوسطة العمر تدثر بمعطف طويل من المخمل لا يلبس ألا في البيت وتنظر من النافذة , ألتفتت حين دخلت ترينا الغرفة وأشارت اليها كي تجلس على كرسي قبالتها.

" كم أنا مسرورة لأنني وجدتك مستعدة لقبول الوظيفة يا آنسة مريتون ".
" أنا ممنونة لأنك قررت أن تمنحيني هذه الفرصة".
" سأكون صريحة معك , لم أكن لأفعل ذلك لو كان لدي فتاة غيرك لهذه الوظيفة , عليّ أن أترك المدينة وبالتالي أنتهي من هذه المهمة , سأوجز لك قدر الأمكان وضع العمل , هناك أربعة أولاد لتدريسهم , هم زوجان من التوائم , أن ذلك نادر جدا , توأم من البنات في السابعة من عمرهما وتوأم صبي وبنت في الحادية عشر من عمرهما , هم أيتام , التوأم الصغيران لا يعرفان والدتهما لأنها توفيت ساعة الوضع".

قالت ترينا تعلق على كلام جيرالدين:
" أنه شيء محزن!".
" لا ترثي لحالهم يا عزيزتي , أنا واثقة أنها كانت سعيدة لرحيلها ,كان زوجها مدمن شراب ولا شفاء من مرضه , ويعاملها أسوأ معاملة ".
هزت جبرالدين كتفها دون أكتراث ثم أكملت :
" أنا لا أتردد في أخبارك ذلك.... عليك أن تعرفي ماذا ينتظرك , الأولاد يتحدثون بحرية عن والدهم , لقد توفي منذ فترة وجيزة , أبن أخي يتولى رعايتهم ومسؤوليتهم فوالدتهم تمت بصلة قرابة بعيدة لعائلتنا ومع ذلك فوجئنا بالحقيقة حين ترك والدهم وصية يعين فيها أندرو وصيا على الأولاد".
منتديات ليلاس
سألتها ترينا:
" أبن أخيك غير متزوج؟".
" لا".
عبست جيرالدين من سؤالها ثم أكملت:
" لن أخفي عليك صعوبة عملك , أندرو لا يحب الأولاد ولا يعاملهم معاملة جيدة , عليك أبعادهم عن طريقه".
عرفت ترينا واقع الحال ولم يعجبها الوضع , ستكون مسؤولة عن أربعة أولاد شياطين ويحتاجون لتربية ولتعليم , خسروا والديعم وأرتبطوا في هذا المحيط الجديد وشعروا بأن وجودهم غير مرغوب فيه.

" لماذا يحتاجون لمعلمة خصوصية؟ ألا يمكنهم متابعة دراستهم واللحاق بالبرنامج بعد دخولهم المدرسة؟".
" ربما , لكنني أعتقد أنهم يستفيدون أكثر من هذه الدروس قبل بدء المدرسة , لقد قررنا أدخالهم القسم الداخلي في مدرسة حجيدة المستوى , مع أولاد من عمرهم ومستواهم الأجتماعي".

اماريج 19-09-10 03:38 AM

على الأولاد أن يشكروا جيرالدين لأهتمامها بهم وبمستقبلهم , من الواضح أن أبن أخيها أندرو كان سيرميهم في المدرسة بدون أي تحضير ولأنتهى بهم الأمر ليصبحوا أغبياء الصف وأغبياء القسم الداخلي , حتما لا يريد أرهاق موظفي منزله بأمرهم لفترة طويلة , وجدت ترينا نفسها تميل لكره أندرو بشدة مسبقا.

أكملت جيرالدين حديثها بصوت رقيق ومتزن وهي تصف المنزل الذي ستعيش فيه ترينا
يقع المنزل في الريف ويبعد قليلا عن سيدني , أخبرتها أن أندرو يسكن في شقة في سيدني حيث مركز عمله ويذهب الى منزله
منزل يملكه آل دلوين منذ مئة وخمسين سنة , أخبرتها أيضا أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء خلال أيام الأسبوع أما في نهاية الأسبوع فيتوجب عليها أن تبقى هي والأولاد بعيدين عن رؤية وسمع أندرو.

كأن ترينا تريد أن تقترب من الرجل .... يبدو أنه كريه وبغيض .
كان أندرو شابا في الثلاثينات.... أراؤه خاصة به ولا يهتم أبدا لمباهج الحياة , وبينما جيرالدين تكمل حديثها في وصفه , فهمت ترينا بطريقة مواربة أنها تحذرها بالأبتعاد عن طريقه وأن لا تدخل في رأسها أي أفكار رومانسية عنه , أنه لا يهتم بالنساء....
منتديات ليلاس
لم تكره ترينا جيرالدين لهذا الأنذار اذ زادها كراهية للرجل الذي لم تلتقه بعد والذي ستعمل عنده , لقد أصبحت فكرتها حول الأستاذ أندرو قاسية ومريرة.
قالت بهدوء مع أنها كانت تغلي من الغضب في داخلها:
" أؤكد لك يا سيدة جيرالدين أنني لن أسبب لأبن أخيك أي أزعاج أو أهتمام".

فكرت في نفسها : ( يا ألهي ! وهل يعتقد الرجل أنه أدونيس كي تقع في حبه كل فتاة تلتقيه؟).
أكملت حديثها :
" ثم أنا مغرمة بشخص آخر..........".
أبتسمت جيرالدين مستنكرة تصريحها الأخير , وقالت:
" أنا مسرورة لأنك تفهمت الوضع , لم أقصد أهانتك , أنا فقط أنذرك لمصلحتك , يعتقد أندرو للأسف الشديد , أن أية أمرأة تهتم به يكون أهتمامها بالدرجة الأولى مركزا على أمواله وهذا ما يجعله قاسيا ومريرا في تعامله مع المرأة".

هذا يضيف بعدا جديدا للموضوع , يختلف كثيرا.... ومع ذلك شعورها بكرهه لا يزال على حاله , أنها غلطته ولا شك في أن أمواله هي التي تجذب الناس للتعرف اليه.... ومن الغريب أيضا أن تكون جيرالدين الرقيقة اللطيفة عمته.
سافرت ترينا بعد ثلاثة أيام الى براكيه , منزل حجري قديم يملكه رجل ذو قلب حجري , ولكنه لن يحضر الى براكيه ألا في نهاية الأسبوع , وهي لن تبقى هنا سوى أربعة أسابيع , ستتحمل أزعاجه مهما كان الأمر.

نزلت ترينا من القطار السريع في مدينة ميونا التي أخذت أسمها من البحيرة ذات الماء الصافي التي تقع المدينة على ضفافها , تبعد المدينة حوالي سبعين ميلا الى جنوبي غربي العاصمة سيدني , أنها مدينة ريفية خلابة تحيط بها المصانع الحديثة ذات الحدائق المسورة الخضراء.
كان أول ما لفت نظرها في المحطة مجموعات ملونة من الزهور في أحواض كبيرة فوق رصيف المحطة , هناك ثلاث شجرات طويلة تكسوها الأزهار الحمراء المتوهجة خارج المحطة , سألها رجل بعد أن قدمت تذكرتها وخرجت من المحطة.

" آنسة مريتون؟".
ألتفتت بسرعة ,كان الرجل يرتدي ثياب سائق , وهو في متوسط عمره .
" نعم , أنا ترينا مريتون".
رحّب السائق بها وهز رأسه ناحية السيارة وهو يقول:
" أرسلتني السيدة جيرالدين لأستقبالك في المحطة , هي بأنتظارك في براكيه".
منتديات ليلاس
أنتقلت حقائبها بمهارة الى السيارة الفخمة
وبعد أن جلست ترينا داخلها تحركت في طريق جيدة ولكن ضيقة وسط سهل منبسط , كانت أشجار الصمغ الطويلة ذات الجذوع الرفيعة تحيط بها مرت السيارة بعد نصف ساعة بمستوطنة , هذه القرية الكبيرة هي أقرب مكان حضاري لبراكيه , أخبرها السائق ساندرز تلك المعلومات بجفاف

وبعد قليل تخلى السائق عن الرسميات وبدأ يثرثر معها عن حوار
قال ساندرز:
" أن آل دلوين يملكون معظم الأراضي هنا ".
أنعطفت السيارة بعد خمس دقائق ودخلت سهلا منبسطا سيّج بالأعمدة الخشبية حول منحدراته ألا من الناحية التي دخلتها السيارة , شكل المكان يشبه الهلال ويق المنزل في الوسط , المنزل حجري قاس , ونوافذه العديدة تضحك وهي تعكس أشعة الشمس كأنها ترحب بمقدمها.

اماريج 19-09-10 03:39 AM


وسألته:
" هذا منزل براكيه؟".
" نعم يا آنسة , أنه ملك آل دلوين منذ مئة وخمسين سنة تقريبا".
نزلا ممرا ضيقا تصطف على جانبيه أشجار الصمغ الطويلة , المنزل مربع ومتين ومبني على طريقة أبنية المستعمرات القديمة
فيه قناطر متعددة تضفي الظلال على الشرفات في الطابق الأرضي والعلوي , بعد أن توقفت السيارة نزلت ترينا ودخلت الى قاعة كبيرة باردة
وبعد لحظة حضرت جيرالدين لأستقبالها والترحيب بها:
" تعالي لأعرفك على الأولاد مسؤوليتك التعليمية".

مشت جيرالدين وتبعتها ترينا الى غرفة واسعة بها نوافذ على الطريقة الفرنسية تطل على الحديقة , كان الأولاد مصطفين للتعرف عليها , فتاتان صغيرتان كالملاكين , شعرهما أصفر ذهبي وتبدوان أصغر حجما من عمرهما , صبي وبنت يميلان للعبث والأزعاج , شعرهما أحمر كاللهب , والنمش يكسو وجهيهما وقد بدا الأرتباك عليهما.
منتديات ليلاس
تم التعارف كما يجب بأحتفال مهيب , ضحكت الفتاة الكبيرة جولي ضحكة أستهزاء وعيناها تغمزان بعبث:
" الحمد لله , أنك شابة صغيرة , كنت أخاف أن تكوني عجوزا شمطاء".
قالت ترينا:
" أنا أغضب قليلا وأثور أحيانا".

كانت تذكرها بمكر أنها صارمة وقت اللزوم ولن تكون متساهلة معهم
فتح رود شقيقها التوأم عينيه:
" يظهر أنك لست معلمة مدرسة".
" هي ليست معلمة مدرسة".
قالت جيرالدين بجفاء , كانت تجيل نظرها بين الأولاد الأربعة الصغار الذين يتمتعون بصحة وعافية واضحة , أنها راضية عن تعليقاتهم مع أنها تحاول أن تبدو شديدة صارمة معهم في بعض المناسبات.
" هي راقصة باليه".

" هي ماذا؟".
تعجبت جولي وصرخت مسرورة من الفرح لهذه المفاجأة .
" أذن لن ندرس دروسنا".
" أنت مخطئة".
قالت جيرالدين عابسة:
" هي راقصة باليه ولكنها تحمل شهادة جامعية تؤهلها لتدريسكم".

كان الأولاد يراقبون ترينا بعيون صادقة , وجيرالدين مسرورة من وجود ترينا للقيام بهذا العمل , سيسر الأولاد بهذه الأستاذة وسيطيعونها بسهولة , أن الحظ قد لعب دورا كبيرا في وجودها والفتاة تستطيع أن تقوم بالمهمة الموكلة اليها خير قيام , ستبقى هي والأولاد بعيدة عن طريق أندرو.

صرفت جيرالدين الأولاد ليلعبوا في الحديقة ثم مشت مع ترينا لتريها المنزل وتشرح لها ما يلزم قبل أن تعود لمنزلها الذي يبعد حوالي عشرين ميلا عن براكيه.
المنزل كبير ولكنه جيد الصيانة ومفروش بأفخر الأثاث وأثمنه , دلائل الثراء في كل مكان بالمنزل ولكن المعروضات متناسقة تنم عن ذوق ولا تثير الأعصاب في تفاخر.

قادت جيرالدين ترينا الى القسم الخلفي من المنزل لتعرّفها على مديرة شؤون المنزل السيدة جاميسون وهي سيدة أسكتلندية عجوز ولا تزال تحتفظ بلكنتها الأصلية مع أنها هنا منذ ثلاثين سنة
تساعد السيدة جاميسون فتاتان شابتان من المزارع المجاورة في تلك المنطقة , ثم هناك الطاهية السيدة بيري نحيلة صغيرة الحجم على عكس أغلب الطهاة الضخام

تشبه السيدة بيري في تنقلاتها العصفور الدوري , وهي تفاخر بأن عائلتها تقطن أستراليا منذ قدم آل دلوين , وهناك رجلان يعملان في الحديقة والسائق ساندرز , أنتهت جيرالدين من الطابق الأرضي وأعطت جيرالدين تعليماتها الى ترينا وأشارت الى الغرف التي يمكنها أستعمالها هي والأولاد
أشارت الى مكتب أندرو وأنذرتها بالأبتعاد عنه ألا حين يطلب هو اليها الأجتماع به لتصريف بعض الشؤون المتعلقة بالأولاد وتعليمهم , أن أندرو رجل غريب الأطوار , الحمد لله لا يحضر الى براكيه ألا في نهاية الأسبوع.

مشت جيرالدين الى السلالم العريضة التي تربط الطابق الأرضي بالطابق العلوي , لحقت ترينا بها صامتة , في الطابق العلوي شرفة كبيرة لها ثلاث واجهات تشرف منها على القاعة الكبرى في الطابق الأرضي
وهناك ممر طويل من وسط الشرفة الى الطرف الآخر للمنزل حيث توجد سلالم أخرى ليست بعرض ولا زخرفة السلالم العريضة , أنها ولا شك سلالم يستعملها الخدم في المنزل
وتقع غرفة أندرو في بداية الممر , بينما غرف الأولاد وغرفة ترينا في الجانب الآخر بعيدا عن غرفة أندرو , وهناك أيضا غرفة الدراسة وضمنها غرفة التسلية , وقد أسمتها جيرالدين غرفة الضوضاء أو الضجيج , بعيدا جدا عن شقة أندرو.
منتديات ليلاس
" أظن أنه يسرك أن تكون غرفة الدراسة بعيدة عن الجميع ,هنا يمكنك أن تضربي رؤوسهم بعضها ببعض أذا تمادوا في شيطنتهم وهناك غرفة ثانية ضمنها يمكن أستعمالها للتسلية وقت الراحة , أنا لا أريدهم أن يدرسوا بأستمرار بدون توقف بل أن يقسموا وقتهم بين الدرس واللعب".

تحتوي غرفة الدراسة على أربعة مكاتب بأحجام مختلفة وقد رصت فوقها كتب القواعد والحساب التي طلبتها ترينا , ومكتبة صغيرة في مقدمة الغرفة لأستعمال ترينا وخلفها اللوح الأسود , الأضاءة جيدة والنوافذ كبيرة تغطي حائطا من الغرفة.

" أنها ممتازة , ماذا قال الأولاد عنها؟".
" لقد رأوها وغادروا الغرفة على رؤوس أصابعهم بدون أي تعليق , كل منهم يكشر تكشيرة شيطانية , أنا لا أحسدك على مهمتك , عليّ أن أعترف لك".

اماريج 19-09-10 03:43 AM

ضحكت ترينا كثيرا وهزت رأسها بأنها لا تكترث , فتحت جيرالدين الباب الى الغرفة المجاورة , غرفة اتسلية , في زاوية من الغرفة حصان خشبي للقفز والرياضة البدنية وبالقرب منه بعض الأخشاب المتوازية وأدوات للرياضة غيرها
وفي زاوية أخرى طاولة مغطاة بقماش أخضر من أجل لعب كرة الطاولة , النوافذ كبيرة وعريضة وتقع تحتها مباشرة خزائن عديدة ملونة بألوان متناسقة مليئة بالألعاب والألغاز التي يتسلى بها العقل.
هناك أيضا طاولة كبيرة في الوسط وحولها بعض الكراسي وفوقها رتديو ومسجلة وبعض الأسطوانات.

أنحنت ترينا الى المسجلة وهي تبتسم:
" هل أستطيع أن أتفحصها؟".
" طبعا , سيعجبك قسم منها , جولي لها ذوق الكبار في الموسيقى".
هزت ترينا رأسها موافقة وقد بدا الأهتمام على وجهها , هذه المجموعة من الأسطوانات ستخبرها الكثير عن ميول الأولاد , سألتها:
" هل أختاروا هذه الأسطوانات بأنفسهم؟".
منتديات ليلاس
هزت جيرالدين رأسها موافقة:
" لقد حصرت العدد بست أسطوانات لكل منهم , أنها تسلية مفيدة في المساء أو في أيام الشتاء حين ينتهون من تحضير دروسهم بالطبع".
وافقتها ترينا وقالت:
" طبعا".

لم تنس مهمتها الأولى في براكيه وهي تعليم الأولاد , سيسرها أن تسمع الموسيقى برفقتهم , جميع أسطوانات جولي من الموسيقى الكلاسيكية , بينما أسطوانات رود من المغامرات , أسطوانات الصغيرتين كلها من القصص الخيالية الحالمة وقصص الجنيات.
" حسنا , هل أختيارهم ينبئك أي شيء عن أخلاقهم وميولهم؟".

" قليلا, سأكتشف بنفسي كل شيء عنهم تقريبا".
أخرجت ترينا حوائجها من حقيبتها في المساء , كانت مسرورة في غرفتها الأنيقة التي تشرف على الوادي المنبسط وتمنت أن تكون مهمتها هنا سهلة , لقد غادرت جيرالدين براكيه وأصبحت هي المسؤولة عن الأولاد
المنزل مليء بالخدم , أذن هي ليست وحدها المسؤولة عن الأولاد , أحست براهة كبيرة مع موظفي المنزل , ستعيش معهم بأطمئنان وشعرت بأنهم جميعا أصدقاؤها.
سرى الدفء في قلبها , فهم سيساعدونها في مهمتها ولن تكون حياتها صعبة برفقتهم , يكفيها أن مالك المنزل ومديرها صعب التعامل....

أندرو دلوين ؟ كيف هو؟ أنه شاب.... عليها أن لا تقترب منه.... فهو نكد ونزق وسريع الغضب مثل أي عازب كبير ... ما دامت ستبتعد عنه هي والآولاد فلن يكون هناك أي مشكلة , من الغريب أن لا توجد في المنزل أي صورة له.

هزت ترينا كتفيها بدون أكتراث وطرحت جانبا هذه الفكرة الغريبة , همها الآن أن تتعرف الى الأولاد , جلست تتحدث معهم قليلا , لم يعدوها بالهدوء , أنها تخشى هذه المشكلة
لن يكونوا مطيعين ولن ينقادوا بسهولة , لهم أرواح متمردة ولقد أعتادوا أن يظهروا أحاسيسهم أمام الجميع , كانت تفكر ببعض الوسائل التي تجعل مهمتها معهم أقل صعوبة
ستجرب هذه الطرق معهم لترى فعاليتها , الأهم في نظرها أن تبقى هي والأولاد بعيدا عن طريق الأأستاذ أندرو , وهي لا ترغب في أن تزعج سلام وهدوء سيادته.
منتديات ليلاس
كانت الشمس تسطع من النوافذ فوق وجوه الأولاد الصغار , وترينا تقف قبالتهم بأناقة فائقة ترتدي فستانا كحليا محتشما وتعقص جديلتيها كتاج فوق رأسها , لقد شدت غرتها السوداء اللامعة الى الخلف بعيدا عن جبهتها
كانت عيناها الزرقاوان تشعان بالحيوية والشباب ,وقد وضعت القليل من البودرة فوق وجهها ولونت شفتيها بحمرة باهتة , شكلها يؤكد أنها ليست معلمة مدرسة بل جنية صغيرة مقنّعة تمثّل دور الأجتهاد والجدية.

كشرت جولي ثم صفرت بأعجاب ونظرت من طرف عينيها وقالت:
" أنت لن تعطينا دروسا ؟ أليس كذلك؟".
" بلى".
أكدت لها ترينا وهي عابسة :
" أنني هنا من أجل تعليمكم وهذا بالتأكيد ما سأفعله لا يكون لديك أدنى شك بهذه الحقيقة".

اماريج 19-09-10 03:44 AM

أقترح رود ضاحكا:
"ماذا لو لعبنا؟".
هزت ترينا كتفيها كأن ذلك لا يعنيها لا من بعيد ولا من قريب وقالت:
" عندئذ , حين تذهبون جميعكم الى المدرسة , ستكونون الأغبياء في صفوفكم وربما الأواخر , ومن الممكن أيضا أن يضعوكم في صفوف أدنى مما تتطلب أعماركم".

عبست جولي وهي تفكر جاهدة في نجاح دراستها , قالت ترينا:
" أنت تعرف يا رود أن أيام التهرّب من المدرسة قد ولّت , لقد هربتم بما فيه الكفاية , ولا مجال للتذمر من العلم بعد الآن ".
وافقت جولي على كلام ترينا وهي مسرورة لأنها تعاملها على قدم المساواة مع الكبار وقالت:
" أعتقد ذلك".
منتديات ليلاس
لم يقل رود أي شيء , كان يفكر في أمكانية تصنيفه مع الكسالى في الصف وهذا لا يتماشى مع عزة نفسه وكبريائه , الصغيرتان لينت وغايل لم تفهما الوضع ولكنهما حتما ستتبعان جولي ورود في حل هذه المشكلة
قالت ترينا:
" من الأفضل لنا أن نبحث هذا الأمر بوضوح الآن , أنا لا أسألكم التعاون معي بل أؤكد لكم أنني أذا لم أنجح بمهمتي التي حضرت من أجلها الى هنا سيطلبون لكم معلمة غيري لتقوم بالمهمة , أو ربما تذهبون الى المدرسة لتكتشفوا أن الأولاد الذين هم أصغر منكم سنا يعرفون أكثر منكم , حان الوقت لتكبروا قليلا وتعرفوا مصلحتكم".

" أعتقد أنك على حق".
قالت جولي موافقة:
" وأذا لعبنا وأهملنا دراستنا سوف يحضرون لنا عجوزا شمطاء بدلا من الآنسة ترينا".
وافقتها ترينا كأن الأمر لا يعنيها أبدا وقالت:
" ربما".
" أوه , حسنا سنحاول أن نجيد التصرف قدر الأمكان ".

قالت جولي عابسة وهي تغمز بشيطنة محببة :
" ربما سيكون الدرس صعبا علينا ,لأننا لم نعتد الدراسة وواجباتها".
كانت الدراسة صعبة عليهم بدون شك ولكن ترينا تعترف أنهم يحاولون جاهدين , كانت جولي قائدة المجموعة في كل شيء , ورود ساعدها الأيمن ويتبعها فيما تفعل بتحفظ بينما الصغيرتان تتبعانهما بدون أدنى تحفظ
عندما تكون جولي سهلة القيادة ومطيعة تكون المجموعة كلها كذلك , ولكن شيطنتهم موجودة في داخلهم ولا بد من أن تنفجر في وقت من الأوقات.

أمضت ترينا الصباح الأول في أعطائهم تمارين مختلفة لتتعرف الى مستواهم العلمي , وجدت معلوماتهم أفضل بكثير مما أنتظرت , أو مما أخبروها عن مدى تأخرهم
ربما كانوا يعبثون في الظهور بمن يعرف أقل من حقيقته , تنهدت ترينا براحة , لقد وجدت أن الأمر لن يكون صعبا كما توقعت
تستطيع أن توصلهم الى مستواهم المطلوب قبل بدء الموسم الدراسي , أذا واظب الأولاد على التعاون معها كما وعدوها , تغدوا جميعا في غرفة التسلية ثم عادوا بعد الغداء الى غرفة الدراسة
, في الرابعة بعد الظهر مسحت ترينا اللوح وهي تبتسم راضية وقالت:
" أنتهينا اليوم".
منتديات ليلاس
" سألتها جولي بمرح:
" كيف كنا؟".
" جيد تقريبا , ولكن لا يركب رأسك الغرور ".
قالت ترينا مازحة :
" داومي على الأجتهاد لتبقي جيدة وربما غدا تكونين أفضل".
" ليكن عندك قلب ".

قالت جولي معترضة :
" أنت سيئة مثله , مثل زيوس".
" من؟".
سألتها ترينا وقد أخفت ضحكة مرحة حين عرفت أن الفتاة ترمز الى أندرو:
" هل تقصدين عمك؟".
" أنه ليس عمنا".
قالت غايل:
" أنه مسؤول عنا الآن فقط".

اماريج 19-09-10 03:45 AM

أخفت ترينا عبوسها هذه المرة , حتى الأولاد الصغار يعرفون أنهم غير مرغوب فيهم في هذا المنزل , شعور بغيض بعدم الأمان يملأ كيان الأولاد ,هم يتوقعون أن يغادروا براكيه في أي وقت.
سألتهم ترينا متعجبة:
"لماذا تدعونه زيوس؟".

هزت جولي كتفيها دون أكتراث وكشرت:
" زيوس كبير الرموز عند اليونانيين القدماء , وهم دائم العبوس والوعيد".
هذا الوصف لأندرو يؤكد لها أنه ميؤوس منه , أكتأبت ترينا قليلا وكرهت لقاءه مسبقا.

" ولكن لزيوس وجها آخر , وربما لا يعجب عمكم لو سمعكم تنادونه بهذا القلب".
" أوه؟ ما هو؟".
سألتها جولي بأهتمام فائق:
" هل كان يتقبل القرابين ويحرقون له البخور .... أو شيء من هذا القبيل؟".

" لا , كان دائم السعي وراء الفتيات الجميلات على الأرض , وكانت زوجته تهيمن عليه بسحرها وتغير فتياته الجميلات الى بقر أو حيوانات أخرى".
ضحكت جولي كثيرا ولكن رود كان يضحك كمن يصرخ , أنضمت الصغيرتان وشاركتهما ضحكهما بدون أن تفهما أسبابه بوضوح.
منتديات ليلاس
" هل تعرفين أنك معلمة غير عادية".
قالت جولي بعد أن هدأت موجة الضحك معها:
" معلمتنا الأخيرة في المدرسة كانت تشبه الأرنب البري .... علينا أن نبقيك هنا".
" شكرا".
قالت ترينا بصرامة :
" لنرى أذا كان الشاي جاهزا , لقد أكلنا الكثير وقت الغداء ولا أعلم أين سنضع كل هذا الطعام".

ضرب رود فوق معدته الخاوية وقال:
" المكان هنا يتسع للكثير".
لقد أكلوا بشهية وربما أكثر مما أكلوا على الغداء , قالت جولي تخاطب ترينا:
" سترقصين لنا هذا المساء , أليس كذلك يا ترينا؟".
تناست ترينا أستعمال أسمها بدون مقدمات مع أنها كانت واثقة بأن ذلك لا يجوز في مجال التربية , سألتها:
" ما الذي أوحى اليك بهذه الفكرة؟".

" أنه الألهام ".
قالت جولي مكشرة :
" سترقصين لنا ؟ أليس كذلك؟".
ترددت ترينا قليلا قبل أن توافق:
" حسنا , عندما تستعد الصغيرتان للنوم ننتقي أسطوانة مناسبة ".
سألتها الصغيرتان وقد فرحتا بموافقتها:
" وهل نستطيع أن نتفرج أيضا؟".

حان وقت تنفيذ وعدها , ذهبت ترينا الى غرفتها وأستبدلت ثيابها الضيقة ولبست فستانا أبيض واسع التنورة وأنتعلت حذاء الباليه
كانت قد أحضرت معها ملابسها لأنها ترغب في أن تتمن في غرفتها وقت فراغها, ثم خرجت من جديد قاصدة غرفة التسلية
كان رود مع جولي يفتشان بين الأسطوانات عن أسطوانة مناسبة , سألتهما:
"هل أتفقتما على الأسطوانة؟".

حمل رود اليها الأسطوانة يتصدر غلافها عربة قطار تحتمي من هجوم الهنود الحمر , وقال:
" يمكنك أن تؤدي رقصة حرب بديعة على أنغام هذه الأسطوانة".
أرتجفت ترينا خوفا , لماذا سمحت لهم بوضعها في هذا المأزق؟ قالت جولي ضاحكة:
" ألا تستطيعين أن تخترعي بعض الحركات وأنت ترقصين ؟ لقد أعتقدنا أن الصغيرتين ستحبان ذلك أكثر من أي شيء آخر".

كانت جولي صادقة فيما تقول بالرغم من ضحكتها المازحة , وجدت ترينا نفسها راغبة في الأنتهاء من هذ المأزق بسرعة
سترقص لهم مهما كان الثمن ,طلبت اليهم أسماعها الأسطوانة أولا , وبعد أن سمعتها تمنت أن تنجح في هذه المهمة الصعبة

يلزمها بعض الأدوات للزينة لتكون الرقصة أقرب الى الحقيقة , الأدوات موجودة ضمن ألعاب الأولاد في الخزانة تحت النافذة
أنها رقصة حرب هندية تقليدية , أي عضو من قبيلة الأباتشي يستطيع أن يؤدي الرقصة أفضل منها بكثير مع أنها راقصة محترفة
حين دخلت الخادمة مارغريت مع الصغيرتين لينيت وغايل برّت ترينا بوعدها وقامت لترقص لهم , وضعت فوق رأسها قبعة الريش التي جلبها لها رود من بين الألعاب وناولها الفأس القاطع وهو لعبة من النايلون لتمسك بيدها اليمنى لتحارب.
منتديات ليلاس
سألته ترينا بمكر:
" وهذا أيضا؟".
قالت جولي بأصرار:
" حتما".
أدار رود الأسطوانة وللفور سمع قرع الطبول , أبتعد الجميع عن المسجلة وتجمعوا في زاوية يراقبونها.

بدأت ترينا ترقص مسرورة فرحة , موسيقى الأسطوانة لها أيقاع حماسي , كان قرع الطبول يسمع صداه في قلبها ودمها , وكانت تتجاوب مع الأيقاع وتزيد من سرعتها أكثر فأكثر مما جعل شعرها يقع عن رأسها الى كتفيها مما أعطاها شكل المحاربة الهندية
صفقت لها جولي أعجابا وكذلك رود , تنبهت ترينا أن باب غرفة التسلية فتح بهدوء ودخل رجل وجهه أسود كالرعد وقف يتفرج على هذا المشهد , ولم يكن من الضروري أخبارها من يكون , لقد عرفته لفورها........

نهاية الفصل الاول

جنون العشق 19-09-10 03:50 AM

راااااااااااااااااائع

بداية حلوة

تسلم يدك ياقمر

rosi 19-09-10 05:09 AM

ننتظرها حلوة واختياراتك دوما موفقة مرسي :dancingmonkeyff8::8_4_134::mo2:

زهورحسين 19-09-10 12:41 PM

:rdd12zp1::55::rdd12zp1::55::rdd12zp1::55:

اماريج 19-09-10 04:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنون العشق (المشاركة 2448023)
راااااااااااااااااائع

بداية حلوة

تسلم يدك ياقمر


الله يسلمك يارب
والاروع واالحلى تواجدك فيها وكلامك يلي زي العسل
دمتي بخير

اماريج 19-09-10 04:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rosi (المشاركة 2448070)
ننتظرها حلوة واختياراتك دوما موفقة مرسي :dancingmonkeyff8::8_4_134::mo2:


مرورك اسعدني جدا ياروزي ربي يسعدك
وشاكرة لك حماستك وتشجيعك
دمتي بخير

اماريج 19-09-10 04:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2448535)
:rdd12zp1::55::rdd12zp1::55::rdd12zp1::55:


العفووووووووو ياحلوة
وانا يلي بشكرك لمرورك الحلو والرائع حبيبتي منورة والله
دمتي بخير

اماريج 19-09-10 04:54 PM

2_ وجه أمام المرآة
*************************
توقفت ترينا عن الرقص فورا , سقط لباس رأسها فوق عينيها ,بدأت جولي تضحك على شكلها ولكنها لاحظت أن توقف ترينا عن الرقص يعود لسبب آخر غير سقوط الريش فوق عينيها
نظرت جولي الى الباب وشحب وجهها وصرخت:
" يا ألهي!".
منتديات ليلاس
صرخة جولي التعجبية جعلت ترينا تتمالك أعصابها وتبعد عنها الخوف , أكتشفت أنها لا تزال واقفة على رؤوس أصابعها ويدها مرفوعة بالفأس
نزلت مستوية الى الأرض وتنفست نفسا عميقا , ورمت الفأس الذي بيدها فوق الطاولة , ونزعت عن رأسها لباس الريش ووضعته قرب الفأس
لم تستطيع الآن أن تركز أهتمامها بالرجل الواقف بالباب , أحست أن نفسها قد علق ببلعومها , كانت ندبة مثلمة خشنة طويلة فوق خده الأيمن أول ما لفت نظرها
عرفت الآن لماذا لم تر له أية صورة في المنزل .

" قالت لي السيدة جاميسون أنني أستطيع مقابلة معلمة الأولاد الآنسة مريتون هنا".
" أنا ترينا مريتون".
قال أندرو:
" فهمت!".
كانت نظرات عينيه السوداوين باردة ومعادية كصوته , تفحصتها من أخمص قدميها الى قمة رأسها .
" أنت لست كما كنت أنتظر".

قالت جولي وقد أستعادت شيئا من جرأتها:
" وليست كما أنتظرنا أيضا".
نظر أندرو الى جولي بعينيه الباردتين الخاليتين من الدفء أو الحنان :
" بالتأكيد لا".
ثم نظر الى ترينا من جديد كأنه عاصفة ثلجية مدمرة.
" ربما يا آنسة مريتون تستطيعين الحضور الى مكتبي عندما تنتهين من عرضك بالطبع".

أستدار أندرو وخرج بعد أن أغلق الباب بكل هدوء بدون أدنى صوت .
أندرو دلوين غير عنيف , أنه لا أنساني ولا يمكن لأي مشاعر أو أحاسيس أن تتحكم في تصرفاته , هو بالطبع مستاء من أختيار عمته لمعلمة للأولاد.

" بررر.......".
أرتجفت جولي بطريقة مصطنعة :
" أشعر بالبرد".
" لم نكن ننتظر أن يحضر قبل يومين ( سأل رود) لماذا حضر قبل موعده؟".
نعم لماذا؟ غرفة التسلية مخصصة للأولاد ليفعلوا هنا ما يحلو لهم , أذا رغبت معلمتهم أن تلهو برفقتهم فهذا ولا شك من شؤونها الخاصة
طالما هي تحافظ على النظام فلن يلومها أحد على لهوها معهم , لا يمكن لأندرو أن يحضر الى غرفة التسلية وهو يحمل وجها كالعاصفة
أذا كان لا يستطيع أن يتمتع بمباهج الحياة فليترك الآخرين يتمتعون بها أذا رغبوا , كان بأستطاعته أن يرسل خادمة يطلبها للأجتماع به ولا يحضر بنفسه كما فعل.

نظرت مارغريت الى ترينا وهي ترثى لحالها , أبتسمت وأمسكت بالتوأم الصغيرتين:
" سآخذ الصغيرتين الى فراشيهما يا آنسة مريتون , جولي ورود يتأخران ساعتين بعدهما".
ذهبت خارج الغرفة قبل أن يعترض أحد.
منتديات ليلاس
عبست جولي من كلام مارغريت ثم نظرت الى ترينا مواسية , كانت ترينا تلتقط دبابيس شعرها عن الأرض لتعيد جديلتيها كما كانتا فوق رأسها , قالت جولي:
"أتمنى لك حظا سعيدا , أنتبهي من وعيده!".

مشت ترينا الى غرفة مكتب أندرو لتجتمع به , كانت تتمنى لنفسها الحظ فهذه بداية غير مشجعة , كانت تريد أن تكون مرتدية الثياب المحتشمة والمظهر اللائق بها كمعلمة مدرسة في أول لقاء لها معه

اماريج 19-09-10 04:56 PM

وبدلا من ذلك رآها تلبس قبعة من الريش فوق رأسها وتمسك الفأس بيدها وهي ترقص رقصة حرب هندية , لا يمكن أن يكون شكلها أسوأ مما كان , هل من المعقول أن يطلب اليها أن ترحل فورا؟
لا , لا بد أن يتعرف الى قدراتها ومؤهلاتها التربوية قبل أن يطلب منها الرحيل , بأمكانها أن تعلّم الأولاد وتقوم بواجبات الوظيفة التي قدمت من أجلها.

رفعت ترينا يدها ,ترددت قليلا ثم دقت بلطف على الباب وسمعت أمرا بالدخول , دخلت , نظرت الى أندرو كان واقفا أمام مكتبه طويلا أسمر البشرة , عيناه سوداوان وكذلك رموشه وحاجباه , شعره أشقر بلون البلاتين , أنه جذاب ووسيم
الندبة فوق خده الأيمن لا تعيبه , بل على العكس تضفي عليه مزيدا من الوسامة , ربما تعود وسامته الى شعره الأشقر الذي يحيط بعينيه السوداوين , هذه المفارقة العجيبة هي من صنع الطبيعة
تكاوينه رقيقة وقد لوحته الشمس وزادت من سمرة بشرته , أنه ولا شك وسيم وجذاب , كيف سيكون شكله لو أبتسم؟ أن ذلك غير معقول فهو يبدو أنه لا يعرف الأبتسام في حياته
رفع أندرو يده الرقيقة والقوية ولامس الندبة فوق وجهه ونظر اليها ساخرا وقال:
" ألا تلاحظينها ؟".
منتديات ليلاس
قالت ترينا بدون تردد:
" نعم".
لا يمكنها أن تنكر وجودها , أن الندبة ظاهرة بوضوح فوق وجهه ولكنها لا تعيبه أبدا , من غير المعقول وهي فتاة غريبة أن تقول له أنه الرجل الوحيد الذي ألتقته ويحمل ندبة في وجهه تزيده وسامة.
قال أندرو متذمرا , كأنه لا يريد أن يمدحها ولو بكلمة هي حقيقة واضحة:
" أنت صادقة على الأقل".

لم تعلق ترينا على كلامه , موقفها لا يحتاج ألا لين , وقفت أمامه شكلها بسيط وجديلتاها معقوصتان فوق رأسها بأنتظام
تمنت ترينا أن لا يعترض حتى على شكلها الخارجي ويقرر أيضا أن شكلها لا يعجبه , أنه من الأشخاص الذي يتأثرون بالنظرة الأولى ويحكمون على هذا الأساس , تذكرت شكله العاصف ساعة وقعت عيناه عليها لأول مرة.
" هل توافقينني أن العرض الذي شاهدته منذ لحظات ليس كما أنتظر من أنسان حضر الى هنا في مهمة تربوية تعليمية".

" أعترف أن العرض ليس تربويا , ولكن الأولاد كانوا يتسلون مسرورين , أن ساعات التدريس لهذا اليوم قد أنتهت".
تعجبت ترينا من جرأتها , أنها ليست آسفة , عليها أن تريه منذ البداية , أنه لا يحق له أن يتكبّر عليها , لقد أقتنعت ترينا اليوم أن مؤهلاتها ممتازة لهذه الوظيفة لا ينقصها ألا الخبرة .

رفع أندرو حاجبيه السوداوين , وعلى فمه أبتسامة ساخرة , سألها:
" صحيح , أنت لا ترغبين في تعليمهم في المساء؟".
" أنهم أولاد أذكياء , أذا تابعوا دراستهم بجدية لن يحتاجوا لدراسة مسائية أيضا , لو كان.....( توقفت عن متابعة حديثها وهزت كتفيها) بالطبع لو أحتاجوا دروسا أضافية في المساء فسأعطيهم ما يلزمهم".

هز أندرو رأسه موافقا وهو يفكر برصانة وقال:
" أنت تعرفين أننا لا نحتاجك هنا ألا لبدء الفصل الدراسي؟".
كانت عيناه تراقبانها بدون أن يبدو أي تعبير فيهما.
" لن يحتاج الأولاد لممرضة أو رفيقة أو أي شيء من هذا القبيل".
رفعت ترينا رأسها الى الخلف بكبرياء وقالت ببرود مصطنع:
" أنا أعرف ذلك جيدا , وأنا أيضا لا أرغب في البقاء , لدي عملي الذي أحبه كثيرا وسأعود اليه".

ليأخذ أندرو كل أمواله ويدخنها في غليونه , أمواله لا تهمها , تذكرت ما قالته لها جيرالدين حين حذّرتها من التعامل معه
من غير المعقول أن ترغب أي فتاة في التعرف اليه فهو لا يحاول أن يغيّر من طباعه القاسية وعبوسه , الذنب ذنبه أذا كانت النساء حوله يرغبن في أمواله أكثر من رغبتهن في شخصه.
" حقا؟".
منتديات ليلاس
كان صوته بارد :
" هل لي أن أسألك ما هو تخصصك وفي أي حقل تعليمي؟".
" أنا لست معلمة مدرسة ".
توقفت قليلا ثم أضافت عن قصد:
" أنني راقصة باليه".

بعد أن سمعت كلماتها أحست أنه من غير المعقول ولا يمكن أن يكون حقيقة , تأسفت ترينا لأنها أخبرته الحقيقة ثم غيّرت رأيها لأنها تود أن تكون صادقة في معاملاتها معه منذ البداية
هي لم تخف حقيقة أمرها عن جيرالدين فلماذا تخفيها عنه , لن يتهمها مرة ثانية بأنها لا تملك الخبرة في التعليم , نظرت اليه , سرتها نظرة المفاجأة التي كست وجهه.
" راقصة باليه !".
عبس أندرو:
" ولديك الوقاحة لتحاولي تعليم الأولاد".

اماريج 19-09-10 04:57 PM

أنه مغرور ومتزمت , يتمسك بالمبادىء ,حتى الأزعاج , أخفت ترينا غضبها وسخريتها , لن تنفعل أمامه حتى لا يعتقد بأنها راقصة هوائية المزاج.
" ربما لدي.... الوقاحة , كما تقول أن أقبل القيام بعمل لم أمارسه من قبل , ولكنني شرحت الوضع لعمتك بصراحة , في البداية قالت لي أن ذلك لا يناسبها , ولكن كل اللواتي حضرن لمقابلتها بعد أن قرأن الأعلان في الجريدة كنّ لا يناسبنها ولا يستطعن الحضور , لقد كنت أنا الوحيدة التي تقدمت للوظيفة".

" كنت أفضل المعلمات السيئات".
أنهى أندرو كلامه وصمت قليلا:
" شكرا".
قالت ترينا ببرود وهي لا تخفي كراهيتها له.
"لو كنت أسوأ المتقدمات أم لم أكن.... لقد طلبتني عمتك لمقابلتها للمرة الثانية , ووجدت بعد أن درست مؤهلاتي العلمية أنني أستطيع تدريس الأولاد".
منتديات ليلاس
سألها بخشونة وسخرية:
" وما هي هذه المؤهلات؟".
" حصلت على درجة علمية متفوقة من جامعة دورمنستر في مواد مشتركة بين العلوم والآداب , ونجحت في مادة الحساب في شهادة الثانوية العامة الرسمية بدرجة ألف , لن أجد صعوبة في شرح الكسور العادية أو الكسور العشرية للأولاد أذا كان هذا ما يزعجك يا أستاذ دلوين , عن أذنك ,سأعود الآن الى جولي ورود , ربما تعلمني في الصباح أذا كنت تريدني أن أبقى أم أرحل".

أنحنت ترينا ببرودة وتركت الغرفة في أعقابها , أغلقت الباب بتحفظ شديد كما فعل هو ساعة غادر غرفة التسلية مع أنها كانت ترغب في أن تغلقه بشدة وخشونة وتصفقه صفقا.

كم هو كريه وبغيض ولا يحتمل , لم تلتق شخصا يماثله في حياتها ,أبتسمت ترينا وهي تذكر معاملتها القاسية له , لقد طلبت رأيه في الصباح كأن الأمر لا يعنيها أن بقيت في وظيفتها هذه أم خسرتها , طريقته وأسلوبه فرضا عليها أن ترد له الصاع صاعين
لم تكن مهمتها سهلة , تركت الأبتسامة وجه ترينا وحل محلها العبوس وهي تتذكر أمكانية رحيلها عن براكيه , ستعود لتواجه مشكلتها من جديد , ستعود لرؤية دنيس
لقد وجدت ترينا في عملها الجديد وفي تعليم أولاد كامبل الأربعة بعض ما يلهي تفكيرها ويبعده عن دنيس , ولكن وقت النوم لم يحل دون وجوده في تفكيرها
الليلة الماضية بالرغم من تفكيرها بمسؤوليتها في تعليم الأولاد ألا أن ذكراه المؤلمة عاودتها بقوة , تشتاق الى صوته وحنانه , لا تستطيع قطعا أن تنساه , الليلة الماضية كانت ترغبه قربها أكثر من أي وقت مضى , هي تعلم أنه بعيد جدا عنها وعليها أن تحاول نسيانه ,أذا ألتقته مرة ثانية ستحاول أن يكون لقاؤها به سطحيا وأن تنسى تأثيره عليها.
أن دنيس رجل فاسد وهو فاسد معها ومع غيرها , لقد أعطت ماردا رأيها فيه بصراحة , بأنه سيء وعفن في جوهره وقد وافقتها ترينا على قولها وهو أناني وقاس ولا يقيم أي وزن لقيم أو مبادىء ولا يحترم العقائد التي تربت هي عليها ومع كل ذلك لم تستطع ترينا أن تمنع نفسها من الوقوع في حبه وربما لن تفلح أبدا في نسيانه
المثلث دنيس وليندا وترينا.... دنيس متزوج من ليندا , ترينا تحب دنيس وليندا لا تمنحه الطلاق , ما هي نتيجة حب ترينا ودنيس , لا نهاية سعيدة.... لا أمل.

أهو حب ما تشعر به نحو دنيس أم أفتتنان ؟ من الصعب على ترينا أن تقرر : كم تتمنى أن يكون أفتتانا ويزول عنها هذا الكابوس البغيض يوما ما ليتركها حرة من جديد
حرة في عواطفها وحرة في تفكيرها ومحررة من قبضته الى الأبد , ربما عندئذ ستقع في الحب.... الحب الحقيقي هذه المرة
ومع شخص آخر حر في أن يرد لها حبها مضاعفا , وأذا لم تقع في حب جديد فأنها ستهب حياتها لعملها , ستكتفي بالعمل الشاق في الحياة وأذا وجدت أن ما يربطها بدنيس هو الحب وليس الأفتنان ستنخرط في عملها كليا كي تنساه
ربما حزنها سيحسن أخلاقها ويساعد على أبداعها في الرقص لتصبح راقصة باليه شهيرة , سيحضر دنيس ويتفرج على عرضها من بين الحضور ويحن اليها من بعيد.
منتديات ليلاس
ضحكت ترينا لخيالاتها , كانت تعرف أن بأستطاعتها أن تنجح في الرقص ولكنها لن تصبح شهيرة وعظيمة , ستنجح علىقدر أمكاناتها التي تملكها , وهذا بالنسبة اليها سيكون كافيا ومرضيا.

دخلت ترينا غرفة التسلية , كانت عيون جولي ورود المتسائلة بأنتظارها
سألتها جولي كأنها صديقتها:
" هل كانت المقابلة خشنة وقاسية؟".
رفعت ترينا أصابعها المتشابكة كأنها تطلب حظا وقالت:
" ربما أرحل غدا أو ربما أبقى".
" من الأفضل له أن يتركك هنا ولا يرسلك بعيدا ( قال رود) سنقيم الدنيا ونقعدها أن فعل".

اماريج 19-09-10 04:58 PM


أعترضت ترينا بلطف:
" رود! أنتبه الى ألفاظك!".
لقد سرها كثيرا شعورها بأن الأولاد يحبونها.
" يحق له أن يرفضني أن أراد : أنني لست معلمة مدرسة محترفة".
" سيندم الرجل العاصفة أن فعل".
قالت جولي ثم وضعت يدها مواسية فوق ذراع ترينا وأضافت :
" لن تدعيه يرسلك على أعقابك ؟ تدريسك لنا مفيد وملذ , سيزعجنا كثيرا لو حضرت عجوز شمطاء مكانك".

حاولت ترينا أن تخفي ضحكتها ولكنها لم تفلح:
" أنا لم أعطكم دروسا بعد , لقد أعطيتكم بعض التمارين فقط ,ولا أستطيع فعل شيء أن رغب في ترحيلي".
قالت جولي:
" هذا صحيح , ليس بيدنا أي حيلة".

كانت تحاول أن تفكر بحل لهذه المشكلة , وقف رود مفكرا أيضا وقد وضع يده خلف ظهره وبدا عابسا .
" علينا أن نجد وسيلة.... ترينا ألا تستطيعين ...".
توقفت جولي قبل أن تنهي كلماتها تنظر الى ترينا وهي تتساءل:
" لا , لا تستطيعين , أنت لست من هذا النوع من الفتيات".
منتديات ليلاس
سألتها ترينا بأنزعاج:
" أي نوع تقصدين؟".
ضحكت جولي وقالت:
" أنت لا تستطيعين أغواءه!".
قالت ترينا مؤكدة وقد أزعجتها فكرة جولي كثيرا:
" لا أحد يقدر!".
" أقترح رود بمكر:
" ماذا لو نستعمل معه التنويم المغناطيسي؟".

سألته جولي بأستغراب:
" وهل تعرف أحدا يتقن هذا الفن؟".
" لا".
أعترف رود , وبالتالي سقط هذا الأقتراح غير العملي , ران الصمت بينهم , هؤلاء الأطفال الأذكياء , لم تتمكن ترينا ألا أن تبتسم راضية
لم تعد تريد البقاء في براكيه من أجل الهروب من دنيس.... بل ترغب البقاء من أجل الأولاد ,لقد أحبتهم كثيرا وتريد تدريسهم ليصبحوا من الأوائل في صفوفهم
وترغب أيضا أن تتحدى أندرو دلوين وتجعله يندم على مخاطبتها بهذه اللهجة أو ربما في الشك بمقدرتها في تعليم الأولاد.

" هو لم يقرر بعد , لم يقل لي أن أرحل".
نظرت ترينا الى ساعتها تود تغيير دفة الحديث لناحية أخرى :
" لدينا ساعة ونصف قبل موعد النوم , ماذا تفضلون أن نفعل سويا؟".
قال رود:
" عليّ أن آخذ الجرو في نزهته المسائية قبل موعد النوم".

كل ليلة وبمعاونة السيدة جاميسون يأخذ رود جروه الصغير خلسة الى غرفته , لا أحد يعرف حقيقة الأمر , هل كان أندرو يعرف هذه الحقيقة ويتغاضى عنها ,ترينا تعتقد أنه يجهل هذا الواقع , فهو من النوع الذي سيرفض السماح برود بأصطحاب جروه الى غرفته , خرج رود في مهمته المسائية المعتادة , نظرت ترينا الى جولي وهي تبتسم
سألتها جولي:
" ترينا , هل ترغبين حقا بالبقاء؟".

" نعم , أريد أن أبقى , أريد أن أبتعد في الوقت الحاضر عن سيدني".
أضافت ترينا بسرعة بعد أن رأت نظرة أهتمام تكسو وجه جولي :
" لا , لا تعتقدي أنني هاربة من وجه العدالة".
منتديات ليلاس
" أوه أنك تهربين من رجل , تهربين من ثور كبير مجنون , هذا هو الحال عادة".
صعقت ترينا من قول جولي لدرجة أنها فقدت معها القدرة على التفكير , لم تستطع أن تنفي رأي جولي بالموضوع , حين حاولت ترينا الكلام سبقتها جولي وهي تهز كتفيها بدون أكتراث.

" أعرف أنني طفلة مبكرة النضوج , كان والدي يقول ذلك عني , لن نستطيع أن نغير الحقيقة , لقد تأخر الوقت".
أنها بالفعل مبكرة النضوج ومذهلة , سألتها ترينا:
" وهل يجب أن يكون رجلا؟".
" ليس بالتأكيد , ولكن غالبا ما يكون الهروب من رجل , عرفت أن هناك ما يشغل فكرك وأعترفت أنت برغبتك في الهروب من سيدني , الرجل هو السبب الأقرب لمشكلتك".

اماريج 19-09-10 05:00 PM

لم تجد ترينا ما تقوله , هزت رأسها:
" أفضل أن لا نتكلم بهذا الموضوع يا جولي , أن ذلك.........".
" من الأمور الصعبة ؟".
أكملت جولي عنها جملتها :
" لنتكلم في شيء آخر , هل ترقصين لي؟".
قالت ترينا بأستغراب:
" أرقص مرة ثانية؟".

" لقد أفسد علينا الرقص الرمز زيوس بدخوله علينا".
رددت ترينا:
"وربما يدخل علينا مرة ثانية".
قالت جولي تترجاها:
"لا , من غير المعقول أن يدخل الغرفة مرتين في ليلة واحدة , لقد قام بزيارته الملكية , هل ترقصين؟".
منتديات ليلاس
وافقت ترينا لأنها تحب الرقص في أي وقت كان ولأي سبب , وقد وجدت فيه فرصة جيدة لأبعاد أفكارها عن دنيس , لقد حركت جولي ذكراه في قلبها بقوة.

جلست ترينا تربط حذاء الرقص بينما شرعت جولي تنتقي أسطوانة من المجموعة , منذ أول لقاء لها مع جولي ورود لم تستطع أن تعاملهما معاملة الأطفال , كانت ترينا تعرف بالغريزة أن عليها معاملتهما كالراشدين وعلى قدم المساواة معها
لكنها تحتفظ لنفسها ببعض السطوة لتستطيع السيطرة عليهما حين ترغب , بما نجاحها معهما يعود لهذا السبب
فهما يكرهان معاملتهما كالأطفال , وهذا أهم سبب من أسباب رفضهما وثورتهما ,هما أنضج بكثير من عمرهما , التوأم الصغيرتان تقلدان التوأم الكبيرين , وهما لينّا العريكة وطيعان.

سمعت ترينا موسيقى بحيرة البجع تنساب من المسجلة في غرفة التسلية وقفت منتصبة على الفور وبدأت تميل على أيقاع الموسيقى الساحرة لمؤلف مبدع خلدته أعماله الموسيقية.

أستفاقت ترينا في اليوم التالي ببطء , تثاءبت مسرورة , كانت الشمس الدافئة تدخل غرفتها عبر النافذة الواسعة , تذكرت فجأة عملها تذكرت آندرو وشكله الغريب , الشعر البلاتيني الذهبي فوق الوجه الأسمر والعينين السوداوين.

سيقرر آندرو هذا الصباح بقاءها أو رحيلها عن براكيه , هو سيد المنزل وسيعلمها قراره , لو لم تكن تريد هذه الوظيفة وتحتاجها لقفزت من فراشها ورتبت حوائجها في حقيبة السفر بأنتظار الأنتقال الى سيدني , أنها تعترف أن الحق معه
ماذا كانت تنتظر منه أن يفعل بعد أن فوجىء بمشهد راقص غريب بينما كان ينتظر أن يرى شابة محترمة ناضجة في متوسط عمرها مسؤولة عن تدريس الأولاد.... رمت الأغطية عنها وأسرعت ترتدي ملابسها التي كانت قد قررت سابقا أن تلقاه بها في أول لقاء بينهما
عقصت جديلتيها فوق رأسها بترتيب ورصانة , لبست ثوبها الغامق وقد زينته قبة بيضاء وكذلك رؤوس أكمام بيضاء , نزلت لتتناول فطورها , الأولاد بأنتظارها بفارغ الصبر يتساءلون أذا سمعت قراره بعد , هزت ترينا رأسها نفيا.

وصلها طلب للأجتماع به بعد الفطور , تمنت لها جولي التوفيق وكذلك رود والصغيرتان , شعرت أنها محصنة بتمنياتهم القلبية الصادقة , ولكنها لن تحتمل خشونة رئيسها كثيرا.
مشت ترينا الى مكتبه وكانت تفكر بأن جلّ ما يستطيع أندرو أن يفعله هو صرفها , وأذا صرفها عليها أن تحارب دنيس بكل قوتها وأرادتها , ولن يؤثر كثيرا في حياتها بعد اليوم , لقد صمّمت على محاربته.
منتديات ليلاس
كانت هذه الأفكار تجول في رأسها حين قرعت باب مكتب أندرو بقوة وسمعت أمرا بالدخول , دخلت , كان أندرو جالسا هذا الصباح وراء مكتبه , لم تستطع أن تتبيّن شعوره نحوها..... أو نحو جميع النساء على حد سواء....
لكنه نهض بتهذيب لأستقبالها.
" صباح الخير يا آنسة مريتون , أرجوك أن تجلسي".

ردّت ترينا له التحية بمثلها وجلست الى حيث أشار قبالته , كانت أشعة الشمس تنعكس فوق صفحة وجهها المشرقة
لم تلاحظ ترينا أي قرار من لهجته وهو يخاطبها حين قال:
" لقد تكلمت مع عمتي وقد أخبرتني أنك الوحيدة الموجودة لأداء هذا العمل.....".
وسألت ترينا بمكر لذيذ وكانت نظراتها الساخرة تعني مجلدات لمن يعرفها جيدا:
" هل أفترض بقائي؟".

اماريج 19-09-10 05:01 PM

هزّ أندرو رأسه موافقا بطريقة خالية من اللياقة :
" هذا هو الوضع".
أجابته ترينا في لهجة ساخرة وفيها برودة وأشمئزاز :
" شكرا".
نظر اليها أندرو نظرة قاسية ولكنه فضّل أن يتجاهل الأنذار الذي حمله صوتها ولهجتها.
" سأكون هنا في عطلة نهاية الأسبوع فقط , أريدك أن تفهمي أن على الأولاد أن يبقوا في القسم المخصص لهم في المنزل أثناء وجودي في براكيه".

" أفهم ذلك جيدا , أؤكد لك يا سيد دلوين لا أنا ولا الأولاد سنزعجك أثناء وجودك هنا , وأذا حصل لا سمح الله فسيكون ذلك بأمر الصدفة ليس ألا".

كانت عيناها الزرقاوان تنفثان الغضب , لم تشعر بمثل تلك العصبية قبل ولكنها بقيت تحافظ على برودة صوتها
لن تترك لهذا الرجل الفرصة ليشعر أنها لا تستطيع السيطرة على هدوء أعصابها.... أو يقول بأنها راقصة باليه هوائية المزاج؟
ثم أكملت:
" من حظي السيء أن ألتقي رجلا قاسيا مثلك وأنا أرغب في الوقت الحاضر بالأبتعاد عن سيدني وألا لم أكن لأبقى لحظة واحدة في هذه الوظيفة , لقد سمحت لي بقبولها بشكل مناف للّياقة".
منتديات ليلاس
ثم وقفت من مجلسها في عزة وكبرياء وقالت بدون وعي:
" سأعود الآن لعملي مع الأولاد لو سمحت , وأذا قررت فيما بعد أن عليّ أن أرحل أرجوك أعلمني بالأمر قبل الظهر لأستطيع أن ألحق بالقطار السريع المتوجه الى سيدني في موعده".
أنحنت ترينا مودعة وخرجت من المكتب زاد غضبها بعد أن أغلقت الباب هزت ترينا رأسها غضبا وقالت بتحد:
" لقد نلت حقك منه يا فتاة!".

كانت تفكر بالأعذار لنفسها عن تصرفها , لا يمكن لفتاة تتمتع بالكرامة وعزة النفس أن تقبل هذه المعاملة السيئة من شخص غريب لا تعرفه , ربما تقبل الفتاة هذه المعاملة وتتغاضى عنها فقط من رجل تحبه
هي ستقبل وترضخ لهذه المعاملة من دنيس مثلا ... ولكن مع أندرو فالأمر يختلف..... حتى دنيس لم يكن ليكلمها بهذه الطريقة الخالية من اللياقة .

أستعادت ترينا هدوءها بعد فترة وجيزة وعادت اليها طبيعتها المرحة ,دخلت غرفة الدراسة لتلحق بالأولاد , عليها أن تكمل عملها على أحسن وجه ما دامت باقية هنا وما دام لم يصرفها من عملها بعد , لو قرر أندرو أن يتغاضى عن تعليقاتها اللاذعة فهو لن يتغاضى عن أي أهمال في عملها........
تسمرت عيون الأولاد عليها بعد أن دخلت الغرفة , سألتها جولي بسرعة:
" ماذا حصل؟ هل ستبقين أم سترحلين؟".

لقد حسمت الموقف كله بهذه الكلمات القليلة.
قالت ترينا:
" ما زال القرار يتأرجح في الميزان".
أخبرتهم ترينا خلاصة الموقف بدون أن تعيد عليهم تفاصيل ما حدث , أستغربت ترينا من جرأتها.... أنها غلطتها لو طلب منها أن ترحل اليوم.
قالت جولي متذمرة:
" لماذا لا يصل هذا الرجل العنيف الى قرار؟".

رأت ترينا أن لا تذكر لهم حقيقة الأمر , لقد قرر أندرو بقاءها ولكنها طلبت اليه أن يعيد نظره بالموضوع من جديد.
بعد قليل أستقروا ليدرسوا مستويات الأولاد العلمية تختلف بين التوائم , ولن يضر جولي ورود أن يستمعا الى دروس الصغيرتين المبسطة , بعد أن أنتهت ترينا من شرح الدرس أرسلت الصغيرتين الى الغرفة المجاورة لأنهاء بعض التمارين المكملة لدرس ثم تفرغت للتوأم الكبيرين.

كانت ترينا تشرح مادة الحساب حين دخل آندرو غرفة الدراسة بدون أن يستأذن أو حتى أن يقرع الباب قبل دخوله , وجمت ترينا للوهلة الأولى ثم نظرت اليه بهدوء مصطنع وقالت:
" هل ترغب يا سيد دلوين في الحديث معي؟".
" سأتحدث معك بعد الدرس , أكملي الآن شرحك".

أذن لقد حضر أندرو بصفة تفتيشية , حضر ليتأكد من صلاحيتها في عملها , أذا كانت تستطيع أن تدرّس الأولاد أم لا!
حضر للمراقبة , أنه ممل كريه , المراقبة عمل مربك يجعل المعلمة القديرة الخبيرة تعمل بعصبية ونرفزة , ولكن ليس باليد حيلة وعليها أن تكمل عملها كما أمرها
وهكذا أكملت ترينا شرح الدرس ووجدت لدهشتها أن وجوده زاد من نشاطها وحماسها وأعطى نتائج حسنة عوضا عن أن يربكها ويشل حركتها
أما جولي ورود فكانا طالبين مثاليين في الطاعة والذكاء , ومتيقظين ومتفهمين للوضع , لم يطرحا أسئلة عديدة مما يوحي الى السامع أنهما لا يفهمان ما تقوله لهما
منتديات ليلاس
بل على العكس كانت أسئلتهما ضرورية ومعقولة مما يؤكد حسن شرحها ووضوح تعابيرها , كانت ترينا تجيبهم ببساطة وترفض كليا أن يكون وجود أندرو معهم موضع أرباك أو أزعاج
طلبت ترينا من جولي أن تحل مسألة على اللوح , مشت جولي الى اللوح , وبكثير من الثقة وصفاء الذهن حلّتها بدون أي غلطة , ثم طلبت من رود أيضا أن يفعل الشيء نفسه وأنتهى بحل المسألة بدون أن خطأ ,فرحت ترينا كثيرا بنباهتهما وتمنت لو تعانقهما , تصرفاتها كانت مثالية.

قالت جولي وهي تعبس بمكر:
" لما لا تسألين أندرو سؤالا؟".
رغبت ترينا في تويبخها لأنها أستعملت أسم أندرو بدون ألقاب , ولكنها تجاهلت الأمر , ستوبخها على ذلك بعد الدرس وعلى أنفراد.
قالت ترينا:
" لا أعتقد , ألا أذا رغب هو في ذلك".

نجمة33 19-09-10 07:33 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

اماريج 19-09-10 08:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجمة33 (المشاركة 2448835)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



العفووووووو يالغلا وشاكرة لك مرورك العطر
دمتي بود

اماريج 19-09-10 08:57 PM

كانت ترجو أن تهمل هذا الموضوع ولكنها رأت في عيني أندرو بعض التحدي , كأنه يعتقد أن معلوماتها لا تؤهلها أن توجه اليه سؤالا في مستواه , أحست أحساسا غريبا في أن ترد له تحديه
مشت ترينا الى اللوح وبسرعة فائقة كتبت معادلة مركبة من الأحرف والأرقام , ملأت اللوح كتابة وشعرت كأنها تتباهى بمعلوماتها أمامه
وقد خجلت من نفسها لهذا التصرف لأنه لمس لمس اليد مقدرتها في تعليم الأولاد , نظرت ترينا الى أندرو وشعرت شعورا غريبا لا تفسير له حين رفع يده الى الندبة في وجهه, بدا كأنه تلميذ خجول وقد تراجع الى قوقعته وكذلك تراجعت يده الى مكانها.

لماذا فعل ذلك؟ أنه أنسان وحيد , أنه ليس قاسيا ولا سيء الأخلاق, لكنه لا ينسى لحظة واحدة وجود الندبة فوق خده.... تساءلت في نفسها : من المسؤول عن أحساسه بوجودها كل الوقت
يشعر أن الندبة قد جعلته مسخا ولا أحد يستطيع أن يحتمل منظره
من أجل ذلك يبتعد أندرو عن الناس ولا يتقرب من أحد , لقد أنكفأ خلف حاجز بارد مترفع ولا يرغب في صداقة أحد أو التعامل مع أحد.
منتديات ليلاس
تعجبت ترينا من نفسها حين وجدت نفسها تبتسم له كأنها تمنحه الثقة بالنفس , صوّب اليها أندرو سهام عينيه السوداوين , وحدق بها ثم أنسحب فجأة من الغرفة بدون أن يتكلم معها ولا كلمة.
تنهدت جولي مرتاحة وقالت:
" آوه , الحمد لله لقد أنتهى بقاؤه معنا".

كانت ترينا لا تزال في غيبوبة أفكارها , طلبت منهما أن يكملا تمارينهما , بدأت تتساءل : لماذا أبتسمت له؟ أبتسامتها لا تعني أنها تحبه , نظراته الصبيانية الغريبة العابسة لامست قلبها بطريقة عجيبة لم تألفها.

كان يمكن لترينا أن تتناسى كل ما حصل وتترك لمخيلتها تفسيره , ولكن في وقت آخر من النهار وجدت أندرو واقفا وحده في القاعة الكبرى وينظر نظرته الغريبة تلك
كانت ترينا تراقبه من الشرفة المطلة على القاعة بدون أن يشعر بوجودها , لا بد وأنه يكره أن تراقبه لو أحس بها , كان وجهه الأسمر العابس يملأ الشعور بالوحدة
مر بيده من جديد فوق الندبة على خده الأيمن , قطب حاجبيه وقد علت وجهه تعابير الكبرياء والأنفة , أنه لا يتحمل العطف من أي أنسان
نظر الى وجهه في المرآة الكبيرة وحملق من جديد في صفحة وجهه اليمنى حيث الندبة يعيد النظر اليها من جديد , لامست يده مكانها للمرة الثانية وعلت وجهه أبتسامة ساخرة فوق شفتيه ثم هز كتفيه بأحتقار ومشى الى مكتبه.

بقيت ترينا مكانها في الشرفة تفكر بما شاهدته من تصرفات أندرو في القاعة , نظرة رجل عادي الى المرآة ربما تعني أنه يتفقد وسامته ولكن ليس أندرو دلوين!
حتما هو لم يفكر بوسامته بقدر ما كان يشعر بالبشاعة التي خلفتها الندبة في سحنته , أنها تراهن أنه لم يلحظ أي وسامة عكستها المرآة , كل أهتمامه كان ينحصر في الندبة
المرارة الساخرة والأحتقار لنفسه وتعابير وجهه المؤلمة كلها تشير الى الألم الذي خلفته أبتسامتها في نفسه.
منتديات ليلاس
هزت رأسها مبتسمة برقة , لا بد وأن أحدا ما مسؤول عن شعوره الكئيب , ربما كان أندر
و يحب أمرأة , وبعد الحادث الذي ترك أثره على خده الأيمن بشكل واضح ...
جعلته يرى نفسه كشخص بغيض لا يطاق , أنها أمرأة مجنونة , أذا كانت هذه المرأة تصرفت هذا التصرف فهي حتما لا تحبه بصدق
حتى لو أن الندبة قد مسخت شكله فأن كانت تحبه حقا فهي لن تهتم بشكله الخارجي بقدر أهتمامها بروحه وسلامته

اماريج 19-09-10 08:58 PM

والأغرب من كل ذلك أن الندبة لا تشوه جمال وجهه , أن لم تكن المرأة هي المسؤولة عن أحساسه فمن الواضح أن شيئا ما أعطاه فكرة أن منظره كريه وبغيض
هو الذي جعله يتراجع خلف هذا القناع القاسي , لا عجب أنه يكره كل النساء فهو مقتنع أن أهتمام أي فتاة به يعود لأهتمامها بأمواله وليس بشخصيته , وضع أندرو مؤسف
هزت ترينا رأسها حزنا ودخلت غرفتها , أنه يخسر الكثير من مباهج الحياة , بدأت ترينا تجد له العذر أذا كانت طريقته في المحادثة تزعجها , فهي متأكدة بأنها لا تحبه ولكنها مستعدة الآن لبعض التنازلات كعادتها عندما تشعر بأنها في خطر وهي قادرة على قبول الأعذار حتى من الشخص الذي تبغض.
منتديات ليلاس
كانت ترينا قد قطعت الأمل في أن يدعوها أندرو لمشاركته عشاءه حين سمعت قرعا خفيفا على بابها , دخلت الخادمة مارغريت وأبلغتها الدعوة للعشاء مع أندرو في غرفة الطعام هذا المساء وبأن عليها أن تقابله قبل العشاء في غرفة الجلوس
لم تنس الخادمة أن ترفق بأسمه الألقاب المناسبة ولكن ترينا وجدت نفسها تفكر فيه من دون ألقابه , عليها أن تحترز من أستعمال أسمه بدون ألقاب في حضرته هذا المساء , يمكنها أن تتصور الثلج يذوب لو نادته بأسمه المجرّد من ألقابه الرسمية.

شكرت ترينا الخادمة وسألتها:
" هل يلبس السيد دلوين ثيابا رسمية للعشاء؟".
أكدت لها مارغريت ذلك , شكرتها ترينا مرة ثانية وبعد أن خرجت فتحت خزانة ملابسها لتنتقي ثوبا مناسبا من بين ثيابها
قطنية أو كتانية , لم تكن ترينا تتوقع أن ترافق الجنس الآخر هنا في براكيه , يوجد بين ثيابها ثوب حريري يفي بالغرض
منوع من الفوال الأحمر اللاهب , مفتوح الصدر ومحلى بأزرار لامعة من ألماس الأصطناعي.

بدّلت ترينا ثيابها ورتبت شعرها الأسود اللامع وعقصته فوق رأسها كعادتها , راقبت شكلها في المرآة , تمنت لو كانت قامتها أطول مما عليها قليلا , أنها تشبه جدتها برصانتها ولياقتها
نزلت السلالم وقرعت باب غرفة الجلوس , أنها غرفة واسعة تمتد على طول المنزل من الجهة الأمامية
سمعت أمرا بالدخول بلهجة قاسية خشنة , دخلت وهي ترتجف , حتى الساعة لم يخبرها أندرو بقراره بعد, حتما ليس لديه أنباء حزينة وألا لأرسل لها رسالة مع الخادمة كي توضب حقائبها وتستعد للرحيل....

كان أندرو يقف أمام طاولة الشراب.
" مساء الخير يا سيد دلوين".
قالت بتهذيب رفيع كأنها لم تتبادل وأياه قارص الكلام في صباح ذلك اليوم.
" قالت لي مارغريت أنك ترغب في رؤيتي".
كانت تحاول أن تبدو جادة كأنها في أجتماع عمل حتى لا يبني أمالا خداعة لأنها قبلت دعوته للعشاء.
" هل هذا الأجتماع بشأن بقائي أو رحيلي؟".
" بالطبع".

تعجبت ترينا , لم تفهم من جوابه ماذا يعني , ما الذي يدور خلف قناعه الأسود؟ كانت عيناه تحدقان في فستانها الأحمر , هل قرّر أن لونه فاقع؟ هل يعتقد أنه زين بطريقة تنم عن ذوق سقيم , شكلها حتما يختلف عن شكل معلمة مدرسة محافظة , عليها أن تغادر براكيه بدون تأخير!
قال أندرو مخترقا أفكارها بصوته الأجش:
" أرجوك أجلسي , هل تشربين عصير الليمون؟".
" شكرا".
منتديات ليلاس
شكرته بهدوء , تناولت كأسها الزجاجي , وتشاغلت بالنظر الى لون الشاب بداخله , كانت تنتظر قراره بفارغ الصبر
عبس أندرو قليلا وظنت أن النتيجة مؤسفة وليست لصالحها:
" هل قررت أن عليّ أن أرحل؟".
رد بلهجة عادية خالية من الأنفعال:
" لا , بما أنك تستطيعين القيام بعملك الذي حضرت من أجله فأنا لا أرى سببا لترحلي".

أنه شهم , شعرت بسرور يغمرها , شكرته وأكدت له أنها تشعر بالثقة من قدرتها في أيصال أولاد كامبل الأربعة الى المستوى المطلوب , ماذا عليها أن تخبره , أنه شديد الحساسية
كان يتعمد أن يخفي عن المتكلم معه , وجهه الأيمن حيث تقع الندبة , ويحاول أن يخفيها قدر الأمكان , لا يمكنها أن تبحث معه في أمكانية جراحة تجميل لوجهه الآن.

اماريج 19-09-10 08:59 PM

كانت ترينا تحس بشعوره ورهافة حسّه على عكس شعورها نحوه هذا الصباح , هي لا تستطيع أن تنسى وضعه في القاعة أمام المرآة والمرارة التي أرتسمت على وجهه وهو يحدّق في الندبة ويلمسها بيدة مرة تلو المرة , أنها لا تزال تكرهه ولكنها تشعر بالحزن لوضعه وتتفهّم أسباب حساسيته.

حضرت السيدة جاميسون وأعلنت أن العشاء جاهز وبذلك أنقذت الحديث الصامت بينهما , دخلا غرفة الطعام المجاورة وهي ليست الغرفة الزرقاء كما أعتقدت ترينا بل غرفة أصغر منها , أضواؤها خافتة وستائرها مخملية داكنة الألوان.

تظاهرت ترينا بتفحص الغرفة وموجوداتها ثم أكتشفت أن رفيقها يراقبها عن كثب ولكن تعابير وجهه باردة كالعادة , أستدار أندرو فجأة وعن قصد وجعل الندبة في مواجهتها , نظرت ترينا الى وجهه وقالت:
" كيف حصل لك ذلك؟".
سألته وتمنت لو أنها لم تفعل , تسمر أندرو لحظة وأعتقدت بأنه لن يجيب عن سؤالها.
قال بأقتضاب:
" حادث سيارة".

" والديّ توفيا في حادث سيارة".
" أحيانا الموت يكون أفضل".
" هل هذا ما تعتقد؟".
بقي لحظة يفر بألم ومرارة كما كان حاله في القاعة أمام المرآة , سألها:
" وهل كنت تتمنين أن يبقيا على قيد الحياة.... مشوهين؟".
قالت بلهجة أكيدة:
" بالطبع".

أخبرته عن حزنها وألمها لفقدانهما , لم يبد عليه التأثر أو الحزن , ربما كان شعوره خفيا ولا يظهر للعيان.
" أذا كنت تحب شخصا حبا حقيقيا كل ما يهمك أن يبقى على قيد الحياة ,ولا تهتم لجراحه الخارجية".

أبتسم أندرو ساخرا , أنه لا يعرف كيف يبتسم , لقد أختلف شكله, أنها أول مرة يبتسم فيها , فهي أبتسامة مواربة ومع ذلك أضفت الكثير من التعابير الغريبة على شكله وعلى عينيه السوداوين.
منتديات ليلاس
لم تنتظر منه أن يعلّق بأي شيء حول موضوع الحب مع أنه كان يبدو على وشك الكلام وغيّر رأيه أخيرا , الدقائق التالية كان الحديث يدور فيها حول أشياء تافهة ثم أنتقل الى الحديث عن طعم الشوربة اللذيذ التي كانا يتناولانها.

كل شيء في الغرفة حميم ودافىء ولكن الرجل الذي يشاركها عشاءها كان باردا جدا , لو كان دنيس هو الذي يشاركها العشاء ويجلس أمامها.......
ولكن ترينا صرفت هذه الفكرة من عقلها على الفور , عادت تحدق من جديد في شكل أندرو ومفارقات الطبيعية الواضحة في هيئته
شعره البلاتيني الذي يحيط بوجهه الأسمر وعينيه السوداوين , تذكرت هيئة دنيس , كان شعره أسود يحيط ببشرته البيضاء وعينيه الزرقاوين , شكل عادي لا طعم له ولا نكهة أو أمتياز
لاحظت ترينا أنها تقارن بين الرجلين بدون سبب واضح , أبتسمت أبتسامة ساخرة , أنها تشعر بحلّ من تأثير دنيس عليها , أنها لا تضلّل نفسها أبدا بل هي الحقيقة , ربما اللغز أمامها والشخص الغامض أندرو هو الذي أبعد تفكيرها عن دنيس

ولكن ذلك لا يعني أنها واثقة بأنها لن تنجذب الى دنيس حين تلتقيه من جديد بعد عودتها الى سيدني , أن ترينا تنتظر أن يساعدها بقاؤها في براكيه على تركيز أفكارها بشكل واضح لترى حقيقة الأمور في علاقتها مع دنيس.
خيم صمت بينهما , نظر اليها أندرو , كانت تحدق فيه دون أن تستطيع أن تتكهن بما يدور في خلده , تعابير وجهه غامضة , لا يمكنها أن تتخطى الحواجز التي بناها حول نفسه.

اماريج 19-09-10 09:07 PM

سأل أندرو بلهجة جدية كأنه يطلب تقريرا مفصلا من أحد أمناء مجلس الأدارة في شركته:
" كيف تسير دراسة الأولاد؟".
حاولت ترينا أن تخفي ضحكة طائشة لأنها خافت أن يسيء فهمها , تعجبت ما هو نوع عمله؟ ما الذي يشغله الأسبوع كله , كانت تتخيل سكرتيرته أمرأة عانسا متقدمة في السن ومتزمتة وتضع نظارات طبية فوق عينيها , كان أندرو ينتظر جوابها.

" أنهم يجتهدون , أعتقد أنهم تصنّعوا التخلف أكثر مما هم متخلفون فعليا , جولي ورود يمتازان بروح قيادية والصغيرتان تقلدانهما وتتبعان خطواتهما بأنتظام , بدأوا يعملون بجد ونشاط بعد أن ذكرت لهم أمكانية تصنيفهم في المؤخرة بين رفاقهم في الصف , هناك أحترام وأعتبار للمتفوقين من الطلاب في مدرستهم السابقة وهو لا يرغبون في الذهاب الى مدرسة جديدة حيث لا أصدقاء لهم ولا أحد يعرفهم".
منتديات ليلاس
سألها:
" هل تجدين صعوبة معهم؟".
" أنهم يعتبرونني معلمة فريدة وغير مألوفة".
ثم أضافت قائلة عن عمد:
" ربما لأنني لست معلمة رسمية ومحترفة".
كلامها كان حافزا للمزيد من الصدام بينهما , ضاقت عينا أندرو السوداوان ولكنها نظرت اليه بجرأة , سألها بجد:
" فقط أسألك من باب التسلية.... ما الذي جعلك تحضّرين لشهادة جامعية ولا تستفيدين من تحصيلك العلمي؟".

حتى لو سألها من باب الأهتمام فأن نبرته كانت تؤكد عدم أهتمامه .... الموضوع المقترح ينفع للحديث فوق طاولة العشاء , لقد سأل عن الأولاد ودراستهم والآن فتح موضوع دراستها
وجدت ترينا نفسها تخبره عن بيتها القديم.... الموضوع شيّق بالنسبة اليها ولذكرياتها ولكنها ولا شك قد أضجرته.

" أنا لم أهتم أبدا بهذا الأختصاص"
" أعترفت بصراحة:
" لكنني عشت مع جديّ بروفسور علوم وجدتي بروفسورة لغة وأدب... وكان من الطبيعي أن يكون المنزل ملتقى نخبة من المتعلمين والمثقفين , وكان من المحتم عليّ أن أكمل دراستي الجامعية".

توقفت ترينا لحظة تحدق فيه , كانت تعابيره لا تزال غامضة , ثم أكملت حديثها:
"ربما شهادتي الجامعية الضمان للمستقبل المجهول , لم أقصد أن أعمل بعد تخرجي لأنني كنت أهتم للباليه منذ البداية .... منذ كنت طفلة صغيرة".
ثم أضافت:
" هل تذكر رقصة الحرب الهندية التي شاهدتها حين دخلت غرفة التسلية؟ هذه الرقصة لا تقارن برقص الباليه الكلاسيكي الذي أمارسه".

كان تفكير أندرو في شيء آخر , وبعد قليل قاطعها قائلا:
" ما الذي كتبته على اللوح هذا الصباح؟".
كان بادي الأنزعاج , وجدته ترينا ينظر اليها نظرة غريبة متفحصة , كأنه يعرف ماذا كتبت ولكنه ليس متأكدا , أو كأنه يتعجب , كيف تستطيع أن تحفظ هذه المعادلة الصعبة؟

قالت ببرود:
" هي مقطع من معادلة أينشتين في نظرية النسبية".
هز أندرو رأسه موافقا ولكنه لا يزال محتارا , قال ببطء:
" أعتقدت أنها كذلك".
أعترفت له تربنا:
" أنا نفسي لا أفهمك جيدا".

أنها تكره أن تخدعه وتكره أن يوصمها أحد بالخداع ألا أذا كان الأمر لا بد منه في مسألة حياة أو موت , ثم أكملت:
" بعض الرفاق أرادوا أن يوهموا البروفسور بمعرفتهم لهذه النظرية .... قمنا سوية بحفظ بعض أجزاء المعادلة من النظرية غيبا".
قال أندرو بأقتضاب:
" أفهم".

ربما لو أبدى لها بعض الأهتمام لشرعت ترينا تغمز له برموشها ! تنهدت قليلا ثم قالت:
" حاول جدي دائما أن يفهمني , وقد رضخ أخيرا لرغباتي , لقد أصر على الدرجة الجامعية قبل أحترافي رقص الباليه ".
تابعت حديثها وهي تضحك كأنها نسيت لمن تتحدث:
" والدرجة الجامعية تناسب قدراتي ودرجة ذكائي بأعتقاده".
منتديات ليلاس
قالت جملتها وتمنت أن لا يعتقد أندرو أنها تنتظر منه المديح , أنها تتكلم الحقائق عن نفسها.
ران صمت رهيب بينهما , كانت ترينا دفة الحديث على هواها بينما أندرو يشاركها بكلمات مقتضبة , كانت فرحتها كبيرة حين أنتهى العشاء أخيرا وذهبت تحتمي بغرفتها.

كان رود وجولي في القاعة حين دخلت ترينا , رود يحمل تحت أبطه جروه الأسود والأبيض وهو ينظر حوله نظرة عابثة , ركض الولدان اليها حين دخلت يستطلعان أجتماعها مع أندرو
تحرك الجرو تحت أبط رود كأنه يريد أن ينضم الى المجموعة.
سألها رود:
" كيف كانت نتيجة الأستماع؟".
سألتها جولي:
" هل ألتهمك؟".

اماريج 19-09-10 09:08 PM

كانت تعرف أنه دعاها للعشاء معه بعد الأجتماع , وتعتقد أن أندرو يملك قدرة الحيوانات آكلة اللحوم , وربما يتوجب على ترينا أن تقدم نفسها بدل الصحن الرئيسي في قائمة العشاء
ثم أضافت وهي تشكر بوجه ترينا لأنها كانت تعتقد أن هذه الفكرة قد وردت في ذهنها أيضا:
" أنني أتكلم بالمعنى المجازي".
أجابتهم بجلال وبساطة:
" سأبقى".

كان على ترينا أن تهدىء من صراخهما وصياحهما لشدّة فرحتهما , وقد شاركهما الجرو فرحتهما وشرع يبنح أيضا.
" أصعدا الى غرفة التسلية أذا رغبتما بهذا الضجيج".
ثم أضافت بجدية وهي عابسة:
" هي تفي بالمطلوب".
قالت جولي وهي تضحك بملء جوارحها:
" نعم يا معلمتي".
منتديات ليلاس
ثم مشت على رؤوس أصابعها الى السلالم وهي تتصنع الهدوء وتفتعل السكون وكذلك فعل رود وهو لا يزال يتأبط الجرو تحت أبطه , ولسوء الحظ كان أنتباه رود الى شقيقته التوأم وما تفعله أكثر من أنتباهه الى السلالم وأذا به يتعثر على الدرجة الأولى من السلالم وينكفىء على وجهه ويسقط الجرو من تحت أبطه بعد أن أختل توازنه , ظن الجرو أنها لعبة يلعبها مع رود .

فركض حول الجميع مسرورا وهو ينبح بأعلى صوته:
" من هو هذا الشيطان؟".
ثم خرج من الغرفة بادي الأنزعاج ليرى أسباب هذه الضجة .
رأى أندرو الآنسة ترينا مريتون التي كانت تجالسه منذ دقائق في منتهى الرصانة والهدوء , تقفز فوق السلالم بأسرع ما تستطيع يرافقها جولي ورود وهما يضحكان بصوت مرتفع ويركض بينهما الجرو متحمسا وهو ينبح بأعلى ما تستطيع رئتيه الصغيرتين.

حين وصل التوأم الى غرفة التسلية تهاويا على أقرب كرسيين وهما يضحكان كأن نوبة قد أصابتهما , حاولت ترينا أن تبدو صارمة ولكنها وجدت أنه من الصعب عليها أن تعترض على تصرفاتهما وهما على هذه الحالة من الضحك الهستيري
فشاركتهما الضحك بينما الجرو يدور حولهم فرحا.
" تعال الى هنا أيها المخلوق الصغير!".

صرخت ترينا وهي تمسك بالجرو وترفعه عن الأرض , واصل الجرو نباحه وهو يحاول أن يمسح وجهها بلسانه .
هدأت عاصفة الضحك بعد لحظات , هدأ التوأم وعاد الجرو يقبع تحت أبط رود من جديد
قالت ترينا:
" لنكن أكثر جدية , علينا أن نكون أكثر أنتباها بعد اليوم لو أن عمكما يرغب في العزلة والهدوء , علينا أن نوفر له هذا الجو , فهذا البيت بيته".
" أعرف ذلك".

قالت جولي بنزق وقد غابت الأبتسامة عن وجهها , ودّت ترينا لو أنها لم تتكلم معها على هذا النحو , كانت الفتاة تشعر بعدم الأمان , لماذا تذكرهم ترينا بأنهم في بيت ليس بيتهم
شعورهم بالغربة يزداد يوما بعد يوم , ويعلمون بأنهم سيرسلون الى مدرسة داخلية في أقرب وقت , المستقبل غامض بالنسبة اليهم وها هي ترينا تذكرهم بواقعهم.

" أنا آسفة يا جولي, هذا منزلك أيضا الآن".
رفضت جولي قولها بجدية الراشدين وقالت:
" لا , أنه ليس كذلك أنه ليس بيتنا لأننا غير مرغوب بنا هنا".
هز رود رأسه موافقا على قول شقيقته , أنه كمن يقبل هذا الوضع كارها , قال رود:
" بالحقيقة أنه ليس عمنا ولا يمت الينا بصلة القرابة".
منتديات ليلاس
قالت جولي بدون أي أكتراث:
" ربما كان والدي مترنحا عندما كتب وصيته".
" ربما كان والداك في كامل قواه العقلية ووعيه عندما كتب وصيته وربما تحقق أنه بهذه الوصية أنما يؤمن لكم المنزل الجيد والبيت الأفضل مع أندرو".
" هيه.........".
ضحكت جولي بتهكم وقالت:
" أنا واثقة بأنه لم ير الرمز زيوس مؤخرا".
" وهل كان يختلف؟".

" لم نره قبل الحادث.... ولكن والدي كان يتكلم عنه أحيانا ولم يكن سيء الطباع".
قال رود وهو يتكلم كأنه فرد من عصابة أميركية :
" ربما هي الآنسة لانجلي التي تسببت بذلك بعد أن رمته أرضا".

اماريج 19-09-10 09:13 PM

حذرته ترينا بلطف وطلبت منه أن لا يستعمل هذه التعابير الغريبة , نظر رود اليها مستغربا وقال:
" هذا ما قاله بنز".
قالت ترينا بصرامة وقساوة:
" أنت لست بنز".

بنز مراهق من دلثروب يحضر أحيانا الى براكيه ليقوم ببعض الأعمال أو ليساعد في أعمال الحديقة , عبست ترينا وتعجبت كيف وصلت هذه القصة الى سمع الأولاد؟ ربما بطريق الصدفة لأنه من غير المعقول أن يبحث بنز مع الأولاد خصوصيات أندرو.

لقد تأكدت نظريتها , أن الآنسة لانجلي هي المسؤولة عن حالى أندرو النفسية وحساسته من الندبة فوق خده الأيمن , بدأت الحقيقة تتوضح لها كل دقيقة , لقد رفضت الآنسة لانجلي حبه ,وهذا يعني أنها بالنسبة اليه أكثر من صديقة , ربما تكون خطيبته, وقد رفضت حبه بعد الحادث.....
هذا يفسر كل شيء , من يستطيع أن يبدّل أحساس رجل طبيعي ليصبح حساسا ورافضا بعد أن تشوه وجهه قليلا سوى رفض الفتاة التي كان يحبها , في مثل تلك الأحوال تكون الآنسة لانجلي لا تحبه...
منتديات ليلاس
لأن المرأة لا تستطيع أن تحطم الرجل الذي تحبه كما فعلت الآنسة لانجلي مع أندرو ,أنها مجنونة بل قاسية الفؤاد وصلبة
كانت جولي تراقب ترينا بعينيها الزرقاوين الراشدتين عن كثب:
" تعتقدين أنه أصبح على هذا الشكل بسبها؟".
سألت وهي تفكر بما قال رود , ألتفتت ترينا الى جولي بسرعة:
" ربما هو كذلك".
قالت بلطف:
" الراشدون أشخاص مضحكون يا جولي , عندما يجرحون يختبؤن خلف حاجز وهم يعتقدون بأنهم يحمون أنفسهم بذلك لن يجرحوا مرة ثانية".

سألها رود:
" وهل يجب أن يصبحوا قساة ووقحين؟".
" دعونا ننظر الى المشكلة من زاوية أخرى – لنفترض أن أحدا جرحك يا رود , ماذا ستفعل؟".
" سأقول له ليذهب الى الجحيم....".
" رود!".
كانت ترينا تؤنبه على أستعمال تعابير منافية للياقة , كشر رود من جديد ولم يأبه لأنذارها بل أكمل:
" عليه أن يذهب الى هناك على كل حال".

سألته:
" ألم تكن قاسيا ووقحا؟".
" نعم , أعتقد ذلك, ولكنني أنسى الأمر بسرعة ولا أبقى فترة طويلة في حالة الغضب والثورة مثله".
قالت جولي بحكمة:
" نعم لأننا نعيش مع والد يحمينا ممن يجرحوننا ولكننا لن نستطيع أن نستعمل هذه الطريقة مع أندرو؟".
سألتها ترينا بأهتمام:
" أية طريقة؟".

" كان والدي أحيانا يشد شعرنا وأحيانا يقبلنا وأذا أخطأنا ربما كان يكسر رؤوسنا ,والدي لا يكون سيئا حين يكون واعيا بالرغم من كونه مدمنا أخبرنا الطبيب أن علينا مساعدته كي يتخلص من هذا المرض , علينا أن نتسامح معه بسبب مرضه".

وافقت ترينا بسرها على أقوال جولي , طبعا هذه الطريقة لا تنفع أندرو , فهو يحتاج للعطف والحنان والمرأة التي تعيد اليه الثقة بنفسه بحبها له , قالت:
" ربما تتسامحون أيضا مع أندرو وتتحملون قساوته وصلابته لأنه أيضا مريض".
قال رود:
" ولكنه لا يشرب.... أو على الأقل لم نلحظ عليه ذلك".

وافقت ترينا بجدية:
" نعم أنه يختلف كثيرا عن والدكم في نوع مرضه ,عليكم أن تسامحوا معه بطريقة أخرى , أندرو لم يعتد وجود أطفال حوله في المنزل".
" أظن ذلك".
وافقت جولي ببطء , ثم بدأت تثور فجأة :
" ولكنه لا يريدنا هنا يا ترينا , شعرنا بذلك أنا وأخوتي منذ أول لحظة لنا في هذا البيت......حتى لينت وغايل تعرفان هذه الحقية , كان على والدي أن لا يضعه وصيا علينا , كنا نفضل لو ندخل أحد المياتم!".

أعترضت ترينا غاضبة وقالت:
" جولي!".
" أنا أعتقد أن الميتم أفضل لنا من وجودنا في بيت غير مرغوب فينا".
أصرت جولي على قولها :
" أنه لا يريدنا معه , بل يقوم بواجب فرض عليه".

ثم أكملت بسرعة وحدّة وهي غير راضية وقد نفذ صبرها :
" أوه , أنا أعلم أنه يجب علينا أن نكون شاكرين فضله , لقد صرف علينا الأموال الطائلة للأن , نحن شاكرين فضله حقيقة , ومع ذلك نشعر بأننا نفسد عليه عزلته ونشكل عبئا ثقيلا على كاهله , عندما كنا نعيش مع والدي كان الأمر يختلف, لقد أجمع الجميع على أنه لم يكن أبا وصالحا ومع ذلك كان يحبنا كثيرا..... وحاول جهده أن يكون أبا صالحا لنا , أندرو يفعل ما يتوجب عليه وليس ما يريد أن يفعله , ربما يتمنى لنا الهلاك ليتخلص منا".
منتديات ليلاس
أعترضت ترينا مرة ثانية:
" جولي!".
كانت تؤنبها بلطف فمن الصعب أن تؤنب شخصا يتكلم الصدق .... ولكنها لا تستطيع أن تدين أندرو لقساوته , غريزتها تخبرها أنه كان رجلا مختلفا قبل الحادث المشؤوم الذي غيّر طباعه ومجرى حياته ليجعلها درب عذاب ومرارة
أنه يختبىء خلف قناع قاتم , تبناه وأظهره للعالم الخارجي حوله , وتحت هذا القناع يقبع رجل حساس , سريع التأثر عرضة للأنهيار , رجل جرح جرحا عميقا ولا يزال يقاسي من النزف الذي ترك ندبة كبيرة في نفسيته أكبر بكثير من الندبة الظاهرة على خده الأيمن
الندبة الكبيرة تسكن في عقله ولا يمكن شفاؤها , جراحه الداخلية خفية ولا تزول , يجب أن تطفو الى السطح حيث يضمدها الحب والحنان وهو لن يسمع لأي شخص بالأقتراب منه ..... ستبقى هذه الندبات الداخلية على حالها مرّة تتآكل في داخله وتسمّم حياته.

أن حياة أندرو ليست من شأنها , سترحل ترينا عن براكيه بعد شهر , رحيلها لن يمنعها من التفكير به , ستظل تفكر به طويلا وتتساءل أذا كان قد وجد السعادة أخيرا.

وصلت ترينا الى هنا في تفكيرها , لتترك هذا الموضوع يرتاح قليلا , جلست وكتبت رسالة طويلة الى صديقتها ماردا تخبرها كل شيء عن براكيه والأولاد الأربعة الذين تدرّسهم .....
ربع الرسالة يدور حول الأولاد والبقية حول أندرو رب البيت , لم تتوقف عن التفكير به وبمشكلته , لقد نجح أندرو في أن يجعلها تنسى دنيس وتخرجه من تفكيرها.

نهاية الفصل الثاني

نجمة33 19-09-10 10:39 PM

جميل جداا
شكرالك

صداقة للابد 20-09-10 12:02 AM

:flowers2:ميرسى على الرواية الجميلة
وبنستنى على نار البقية

جنون العشق 20-09-10 01:33 AM

حلو
متاابعة يالغلا
ناطرينك

أحاااسيس مجنووونة 20-09-10 02:26 AM

يعطيك الف عافية
رواية كتتتير حلوة
بانتظار لا تتأخري علينا



:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2: :flowers2:

سانيورتة الامورة 20-09-10 09:25 AM

يعطيك الف عافيه على الروايه بس لا تتأخري علينا

اماريج 20-09-10 08:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجمة33 (المشاركة 2448991)
جميل جداا
شكرالك


الاجمل مرورك وتعليقك الحلو
لك ودي


اماريج 20-09-10 08:53 PM

:flowers2:ميرسى على الرواية الجميلة
وبنستنى على نار البقية






العفوووو ياصداقة للابد
وشاكرة لك مرورك ومتابعتك وانتظارك للتكملة يالغلا
لك ودي

اماريج 20-09-10 08:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنون العشق (المشاركة 2449119)
حلو
متاابعة يالغلا
ناطرينك


الاحلى تواجدك فيها ياعسل
وشاكرة لك انتظارك وان شاءالله مش راح اتاخر في التنزيل
لك ودي

اماريج 20-09-10 08:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام مريم 2010 (المشاركة 2449159)
يعطيك الف عافية
رواية كتتتير حلوة
بانتظار لا تتأخري علينا



:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2: :flowers2:


الله يعافيك يارب
الاحلى مرورك ومتابعتك وتواجدك فيها يالغلا
دمتي بود

اماريج 20-09-10 09:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سانيورتة الامورة (المشاركة 2449762)
يعطيك الف عافيه على الروايه بس لا تتأخري علينا

الله يعافيك يارب
وشاكرة لك كتيررر مرورك العطرومتابعك الحلوة يالغلا
لك ودي

اماريج 20-09-10 09:04 PM

3_بينهما الآن أبتسامة!
*******************************
الجمعة كان اليوم التالي وعملت ترينا مع الأولاد دروسا مختلفة وتمارين أساسية , جعلت ترينا السبت والأحد يومي عطلة مدرسية , حجتها أهم يتقدمون بسرعة والمدارس الرسمية عادة لا تشمل يومي السبت والأحد
أنتظرت من أندرو أن يعارض ولكنه لم يفعل ولم يعلق بأي تعليق مع أنها أستعدت له ببعض الأسباب الموجبة والعقلانية في حال محاولة الجدال معها , لم تره يوم الخميس
ربما تناول العشاء عند عمته جيرالدين , لقد عفاها من جلسة مملة معه , كالليلة السابقة , حيث بقيت متوترة الأعصاب , من المحتمل أن يدعوها من جديد هذا المساء للعشاء معه , هذا الأحتمال المرتقب سبب لها بعض السرور والذعر
لو تستطيع أن تبقى هادئة الأعصاب برفقته , أنها تعتقد أنه رجل لطيف لو ترك نفسه على سجيتها ولم يتحفظ أو يخفيها وراء قناع مزيف من القساوة والعزلة
وأنه شخص مختلف مع أصدقائه الرجال ومعارفه في العمل , كانت ترينا واثقة بأنه يوما ما سينزع قناعه المقطب الأسود عن وجهه المشوّه وهي برفقته.
منتديات ليلاس
بعد أن تناولت ترينا أفطارها صباح السبت عادت الى غرفتها بدون أن تحدد برنامجها لهذا اليوم , فلا يدخل في نطاق عملها مراقبة الأولاد خارج فترة تدريسهم أو الأهتمام بهم
كانت ترينا تبقى برفقة الأولاد معظم الأوقات بعد دوام ساعات الدراسة , تشاركهم ألعابهم حين يحين موعد نوم الصغيرتين لينت وغايل
وبعد ذهاب الصغيرتان الى فراشهما كان رود وجولي يطالعان بعض القصص أو يثرثران معها ويمطرانها بالأسئلة الخاصة والغريبة التي يسر الأولاد طرحها بدون أن يفطنوا أنها أسئلة شخصية , رود وجولي لديهما هوايات مفضلة عن صرعات الزمن الحاضر
رود مغرم بالأقمار الصناعية التي تطلقها الدول الى الفضاء وهي تتسابق فيما بينها , جولي تنمّي هوايات متعددة أحداها لعبة الشطرنج
لقد أخبرتها ترينا أنها تجيد هذه اللعبة الذكية التي كانت تلعبها مع جدها البروفسور مريتون ووعدتها بتعليمها أياها قريبا حين تتوفر لهما مجموعة شطرنج للأستعمال.

نزلت ترينا السلالم ولمحت أندرو الشاب الطويل وهو يدخل غرفة مكتبه ويختفي في عزلته , المكان المحرّم دخوله على الجميع , أبتسمت ترينا لنفسها ثم أخذت الممر المؤدي الى خلفية المنزل والذي يفضي الى الحديقة
الأولاد يلعبون هناك منذ الصباح , لقد أنذرتهم بأن لا يقتربوا بصراخهم من المنزل , خلف شجرة الليمون توجد فسحة واسعة يلعب ضمنها الأولاد ويعتبرونها جنتهم , تحيط بالفسحة أشجار طويلة وشجيرات علّيق تكسوها الأزهار الملونة وفيها بركة ماء ساحرة تزنرها حجارة صغيرة يكسوها العشب الأخضر

أنه ملعب الأولاد المفضل وهو بعيد عن المنزل ولا يصل صراخهم وضجيجهم الى أذني أندرو أبدا , أندرو يحتاج لأن ينزل الى الحديقة البرية , كما تدعى , ويلعب مع الأولاد في ألعابهم , لا شيء يوازي لعب الأولاد ومرحهم في كسر الجمود والقساوةفي أخلاق الأنسان
الأولاد لا يلاكمون ولا ينافقون كالكبار , وأذا أختلفوا فهم صريحون ولا يخفون الحقيقة , صراحتهم واضحة وتعرف الحقيقة الخالصة عن طريقهم دون مواربة ,ومن الصعب جدا خداع ولد والأصعب من ذلك أن يخدع الولد شخصا راشدا.
وصلت ترينا الى الحديقة البرية
كان رود يرتدي قبعة غريبة الشكل مصنوعة من الورق الأسود , حيّاها بغضب وتقطيب وعرّفها بنفسه : السير هنري مورغان وكانت جولي تضع فوق رأسها منديلا منقطا وتحمل سكينا من الكرتون المقوى وعرّفت بنفسها : السير فرنسيس دريك , أرادت ترينا أن تصحح لهما معلوماتهما التاريخية ولكن جولي قالت:
" نحن نعرف يا معلمتنا أنهما عاشا في فترات زمنية مختلفة".
منتديات ليلاس
" ولماذا أذن تتظاهران بعكس ذلك؟".
قالت جولي:
" لآن شخصيتهما أكثر أهمية من الشخصيات الأخرى".
قالت غايل وهي تشير الى لينت قربها:
" ونحن الأسرى".

كانت الصغيرتان تجلسان في مغطس قديم من التنك يعلوه التراب وهو يمثل دور السفينة الحربية الأسبانية الضخمة , والجرو يركض حولهما بجنون وقد حشر أنفه ونشب أظافره بكل شيء حوله ,كل شخص يستطيع أن يتخيّل دور الجرو كما يرغب.

رأت ترينا أنه من الحكمة ألا تسأل أذا كان السير هنري والسير فرنسيس حليفين أو عدوين لئلا ترهق نفسها بتفسير عويص , عادت ترينا أدراجها الى المنزل وتركت الأولاد يلعبون ويمثلون الأدوار التي يرغبونها
ربما تشاركهم لعبهم في وقت آخر , أنها تشعر ببعض القلق في داخلها منذ الصباح ولا تدري له سببا , قررت أن تذهب الى غرفة الدراسة وتقوم بتحضير بعض الدروس ليوم الأثنين , حين وصلت غرفة الدراسة غيّرت رأيها وقررت أن تزور قرية دلثروب وتجوب أسواقها.

اماريج 20-09-10 09:05 PM

قالت السيدة جاميسون:
" يستطيع ساندرز أن يوصلك الى القرية".
ولكن ترينا هزت رأسها بأنها لا تريده أن يفعل بل تفضل المشي .
" ليس من الضروري أن يوصلني فأنا لا أحتاج لأي شيء , سأقوم بنزهة سيرا على الأقدام , ربما لا أصل الى القرية".

كانت ترينا تريد أن تضع رسالة ماردا التي كتبتها الليلة الماضية بالبريد
أبتسمت ترينا للسيدة جاميسون وقالت:
" هل ترغبين في أي شيء أن وصلت للقرية؟".
" يمكنك أن تحضري بعض الزبيب..... مع أن الطاهية تقول أنه ليس طلبا ملحا".

كانت السيدة جاميسون ممتلئة الجسم وتنفع أن تكون هي الطاهية أكثر من السيدة بيري النحيلة التي تشبه العصفور في حركتها , مرت السيدة جاميسون بيدها فوق ورقة موجودة في جيب ثوبها
كانت تتكلم بعصبية:
" هناك.... هناك يا آنسة مريتون حفلة موسيقية ستقام قريبا في دلثروب".
منتديات ليلاس
أبتسمت لها ترينا قليلا ولم تدر ماذا تقول , أكملت السيدة جاميسون :
" نحن نأمل أن ترقصي في هذه الحفلة يا آنسة مريتون أذا كان ذلك لا يزعجك".
" أحب ذلك كثيرا.... ولكنني أرقص عادة ضمن مجموعة من الراقصات ولا أؤدي رقصة منفردة".
" الآنسة جولي أخبرتنا أنك ترقصين بأبداع".

" جولي لا يمكنها أن تحكم كثيرا في هذا الموضوع ... ولكنه يسرني أن أرقص ضمن برنامج الحفلة أذا كنتم فعلا تريدونني أن أفعل".
تنهدت السيدة جاميسون كأن حملا ثقيلا قد أزيح عن كاهلها أو كأنها أنهت مهمة شاقة.
" كنت أفضل أن أنتظر قليلا قبل أن أفاتحك بهذا الأمر ولكن الحفلة قريبة".

سألتها:
" ألم يرتب برنامج الحفلة بعد؟".
" كانت السيدة رتنون ستلعب مقطوعة موسيقية على الكمان ولكنها كسرت رسغها وأعتذرت من لجنة الحفلة , أنهم يفتشون عن بديل , سيسرهم قبولك أن تشاركي في البرنامج في رقصة باليه".
أبتسمت ترينا مسرورة وأكدت من جديد للسيدة جاميسون سرورها وقبولها الأشتراك في الحفلة التي ستقام قريبا في دلثروب ثم مشت في طريقها.

أول قسم من رحلتها يستوجب صعود التلة لتصل الى الطريق العام , اليوم دافىء والشمس مشرقة , وصلت ترينا الى أعلى التلة حيث تلتقي الطريق الفرعية بالطريق العام
ألتفتت خلفها تنظر الى المنزل , كان كما رأته أول مرة , مشت ترينا فوق الطريق المعبدة وهي تحاول أن تتناسى أندرو , مشت حوالي النصف ساعة قبل أن تسمع محرك سيارة خلفها .

مالت الى طرف الطريق لتفسح الطريق للسيارة القادمة وتنتظر أن تراها بعد لحظة وقد سبقتها ,لكن السيارة توقفت قربها , كان أندرو يجلس على كرسي القيادة.
مال أندرو بداخل السيارة ليفتح لها الباب قربه في مقدمة السيارة:
" أخبرتني السيدة جاميسون أنك خرجت قاصدة قرية دلثروب...... أدخلي!".
منتديات ليلاس
دخلت السيارة بدون جدال , قدمت له الطاعة , كانت تراقب وجهه الأسمر الغامض , شعرت بخيط رفيع من الأحتقار في تعابير وجهه , صعقت لأول وهلة وأذا بالألهام الغريب يفسر لها تصرفه , ربما يعتقد بأنها تحركت مشيا بأتجاه دلثروب لأنها كانت تعرف أنه ذاهب لهناك وكانت ترجو أن يحملها بطريقه , ربما هذا كان أعتقاده الراسخ لأنها رفضت أن يوصلها ساندرز
أحست بأنزعاجه ولكنها تناست الموضوع وهي تشفق عليه وعلى طريقة تفكيره.... هل من المعقول أن يشك بتصرفاتها ويعتقد أن لديها دوافع خفية .... أنه يشك بكل شيء وبكل أنسان.

اماريج 20-09-10 09:06 PM

بقي صامتا خلف مقود السيارة , لم تجرؤ أن تتكلم معه لأنها كانت ترتاب مما يدور في عقله , أنها لا ترغب في الحديث معه كي لا تؤكد له تهافتها على رفقته.
رحلتها معه كانت غير مريحة , حين توقف أندرو في الشارع الوحيد في قرية دلثورب ونزلت من السيارةبعد أن شكرته براحة وسرور لأبتعادها عنه , بعد أن أبتعدت سيارته السوداء الفاخرة نظرت ترينا حولها تفتش عن مركز البريد كي تضع رسالتها الى صديقتها ماردا.

شارع دلثروب الرئيسي يحتوي على محلات عديدة نسبة الى صغر حجم القرية , دخلت ترينا مركز البريد أولا أستقبلتها المسؤولة هناك , كانت أمرأة بدينة تنظر اليها تتفحصها بفضول ظاهر , أعطتها ترينا الرسالة
نظرت المرأة البدينة بدون خجل لتقرأ عنوان المرسلة.
" أنت من براكيه أليس كذلك؟".
" نعم".

" أعتقدت ذلك , أخبرتنا دورا أبنة السيدة كريست عن شكلك بالتفصيل , وهي تعمل في براكيه".
كتمت ترينا أبتسامة خفيفة ولم تتضايق , الظاهر أن أوصافها عممت على جميع سكان قرية دلثروب , وجود شابة في براكيه يثير بالطبع أهتمام نساء القرية وتأملاتهن , فجميع سكان القرية يعلمون عزوف أندرو عن الجنس اللطيف في معاملاته , سألتها السيدة البدينة المسؤولة في مركز البريد:
" كيف تجدين العمل عنده؟".
" أنه شديد الحذر ويراعي حقوق الآخرين".

لم تستعمل المرأة البدينة أسم أندرو في سؤالها وكذلك ترينا في جوابها , ولكنهما كانتا تعرفان أنه المقصود في السؤال , كانت ترينا لا تريد الخوض في أمور تتتعلق برئيسها ,فربما يكره أن يكون موضوع ثرثرة أهل القرية
ومهما تكن ملاحظاتها بريئة فسوف تحاك حولها الأقاويل وتنتشر في القرية الصغيرة , أن هذه القرية في أستراليا تذكرها بقريتها دورمستر في أنكلترا , كانت ترينا شديدة الحذر في كلامها على عكس محدثتها.

" هل هو سريع الغضب ومتوحش كما قالت دورا".
ومع أن الوصف صحيح ومطابق جدا لأندرو ألا أن ترينا لم تعلق بشيء وأكتفت بالأبتسامة الخفيفة الباهتة وهي تحاول أن تتفوه بعبارة تقليدية حول الطقس قبل أن تخرج من مركز البريد
ولكن محدثتها سبقتها قائلة:
" لا تدعيه يزعجك كثيرا لم يكن على هذا الحال قبل الحادث , أنها جنيفر لانجلي التي حوّلته الى ما هو عليه .... صرخت مذعورة وركضت الى خارج الغرفة عندما شاهدت وجهه المشوه , هكذا قيل".
منتديات ليلاس
الظاهر أن أهل القرية لا يعرفون الكثير عما حصل , رفضت ترينا أن تسمح لنفسها بالأنسياق مع الثرثرات والأقاويل مع أنها كانت متشوقة لمعرفة حقيقة ما حصل , ليس عجيبا أن ينظر أندرو الى صورته المعكوسة في المرآة بكآبة ونكد وينظر لنفسه بمرارة وأحتقار
أنه يتذكر دائما أن المرأة التي أحبها هي التي صرخت وركضت الى خارج الغرفة.... بدلا من أن تقبع قربه وتضع شفتيها فوق الندبة مواسية حتى ولو كان ذلك مناف للصحة العامة وأوامر الطبيب , أكملت المرأة:
" الندبة كانت أسوأ مما هي عليه الآن , بالطبع".
" هذا طبيعي بعد الحادث مباشرة".

وافقتها ترينا ومشت مسرعة الى الخارج , كانت واثقة بأنها أكتسبت شهرتها بأنها متكبرة ولا تحب العشرة , هذا أفضل بكثير من أن تخوض في هذا الموضوع الحساس وهي واثقة بأن أقوالها ستحرّف وتنتشر ولا فرق أن كانت أقوالها بريئة أم لا , ستصل كلماتها الى سمع جيرالدين وربما الى أندرو نفسه
لن تسمح له بأن يأخذ عليها مأخذا جديدا , تركت ترينا مركز البريد وتوجهت الى محل لبيع الأقمشة , أشترت قماشا من الحرير المطرز , لاحظت سيدتين عجوزين شعرهما أبيض تنظران اليها بأهتمام منذ دخلت المحل , كانت تشتريان شرائط مخرمة للتخريج.

كانت الآنسة أليزابيث مورغان تمتم لشقيقتها مابيل وتؤكد لها:
" هي الشابة التي تعيش حاليا في براكيه , لقد قالت دورا أبنة السيدة كريستي أنها راقصة باليه , تصوري".
لم تسمعهما ترينا بوضوح ,ولكن كان بأمكانها أن تتكهن حديثهما , كتمت ترينا أبتسامتها من جديد , لم تكن تعتقد أنها ستجد في أستراليا ما يذكّرها بقريتها دورمنستر.

اماريج 20-09-10 09:07 PM

غادرت ترينا متجر الأقمشة ودخلت مقصف الشاي , سكان دلثروب يعرفون ندرة المواصلات وعدم أنتظام المواعيد , ووجود هذا المقهى الصغير يؤمن للركاب أستراحة هادئة , دخلت ترينا لترتاح قليلا وتستعد لرحلة العودة مشيا على الأقدام
قرب المقهى من المتاجر ساعد على أزدهاره ونجاحه , كان في المقهى بعض الأشخاص يجلسون ويثرثرون ويتناولون الشاي , ومنذ لحظة دخولها بلياقة الراقصة الرشيقة , وجدت أن أنظار الجميع قد أنصبّت عليها
تقدمت منها خادمة المقهى البدينة لتظهر فضولها مثل الآخرين , سجلت طلب ترينا من الشاي والكعك ثم عادت تتسكع وهي تحمل لها فنجانا وصحيفة.

كان سؤالها المنتظر :
" أنت الفتاة التي تعيش في براكيه؟".
هزت ترينا رأسها موافقة وقالت:
" نعم".
ثم أكملت لتوفر عليها المزيد من الأسئلة :
" ولقد حضرت لأعلّم أولاد كامبل شهرا قبل بدء الفصل الدراسي".
" أوه ..... ستعودين بعد ذلك؟".
" نعم , انني راقصة باليه".
لم يكن يهمها أن يثرثر الناس حولها , كان هذا يناسبها أكثر من موضوع رئيسها الوسيم العدائي.
" أوه".
منتديات ليلاس
وسعت عينا الفتاة بأستغراب وقالت:
" ما قالته دورا كريستي صحيح".
من المؤكد أن دورا كريستي هي من اللواتي يقرعن الطبول لأيصال المعلومات الى الجميع في قرية دلثروب.
أكدت ترينا لخادمة المقهى صحة ذلك بأبتسامة عريضة , وأذا بالخادمة تسمع أحدا يناديها لتعود لعملها , تركت سؤالا يدور على شفتيها وعادت الى داخل المقهى وهي متبرمة
جلست ترينا تفكر وهي تتناول فنجان الشاي , كانت تفكر بجنيفر , لا بد أنها جميلة..... ولكنها غير مصقولة أو رفيعة الثقافة , ربما عنفوان الشباب هو الذي جعلها تتصرف على هذا النحو , لقد تسرعت بتصرفها ثم ندمت عليه ...لا
لم تندم أبدا وألا لعادت اليه وتصالحت معه , ربما حاولت ذلك ولكنه صدها ورفض عودتها , كانت ترينا تؤمن أن أندرو من النوع الذي لا يسامح ولا يتساهل مع الغلط , كانت ترينا تنظر عبر النافذة حين مرت بها سيارة سبور مكشوفة تقودها جيرالدين , رفعت جيرالدين يدها تحييها وهي تبتسم , كانت تربط شعرها بمنديل حريري
تعجبت ترينا كيف يمكن لسيدة محترمة ومصقولة ورفيعة التهذيب أن تقود سيارة مكشوفة على هذا النحو , حين رأتها لأول مرة في الفندق الفخم في سيدني حيث تمت المقابلة معها من أجل العمل , لم يكن يخطر ببالها أنها كذلك.

دخلت جيرالدين المقهى بعد خمس دقائق وجلست على الطاولة مع ترينا وطلبت الشاي وصدّت خادمة المقهى بصرامة وأدب وأبعدتها عن مجلسهما .
" كنت سأمر عليك في براكيه لأرى كيف تسير الأمور معك".
قالت جيرالدين ثم تابعت:
" البارحة كان أندرو يتعشى معي ولكن الرجال لا يسرفون بالشرح عن الموضوع".

ثم أبتسمت بمكر:
" عرفت منه أنه قابلك لأول مرة في وضع غير تعليمي".
ضحكت ترينا بدون أرادتها وهي تتذكر ما حصل , أنها ترتاح لمحادثة جيرالدين , فهي لا تشبه أندرو في تصرفاتها مع أنها من آل دلوين.
" لقد أقنعني الأولاد بتأدية رقصة الحرب الهندية ".

ثم ضحكت:
" وأظن أن أبن أخيك قد ذعر".
" لا , لقد غضب أكثر مما ذعر".
قالت جيرالدين بصراحة :
" لقد أتصل بي هاتفيا وهو يسألني كيف أستخدم راقصة لتعليم الأولاد بدلا من معلمة مدرسة".
ضحكت ترينا من جديد وهي تتصوره يقول هذه الجملة والغضب يتطاير شررا من عينيه.
" كنت أنتظر منه ردة الفعل تلك ولكنني أقنعته الآن أنني أستطيع أن أعلم الأولاد".
منتديات ليلاس
" حسنا".
خلعت جيرالدين منديلها عن رأسها وزت رأسها موافقة .
" وكيف يتصرف الأولاد؟".
" كالملائكة".
تعجبت جيرالدين:
" أنت تدهشينني , كنت أنتظر أن يتصرفوا على عكس ذلك".

" يجب أن أعترف أنني قمت ببعض التهديد , لقد أخبرتهم بأنني أن لم أنجح في تعليمهم سيرسلني أندرو ويأتي بمعلمة عجوز شمطاء بدلا مني لتقوم بالمهمة , وعليهم أيضا أن يطيعوني".
" فكرة مدهشة".
قالت ترينا :
" ولكنها ليست تربوية على ما أعتقد".
" حتى الأنظمة التربوية يجب أن تتطور".

اماريج 20-09-10 09:08 PM

قالت جيرالدين:
" في مثل ظروفك عليك تأمين طاعتهم وتعاونهم , لو كنت معلمة محترفة لوجدت طريقة أخرى لمعاملة الأولاد أفضل من الرشوة ".
نظرت جيرالدين اليها نظرة صداقة ومحبة :
" أخبريني كيف تتعاملين مع أندرو بعد أن زالت العاصفة وأنقشع الغضب عن وجهه؟".

" نادرا ما أراه عندما نلتقي نتكلم عن الأولاد لبعض الوقت , لقد أتيت الى دلثروب هذا الصباح برفقته ".
كانت ترينا تخشى أن يكون أحد قد رآها تنزل من سيارته هذا الصباح وقد يصل النبأ الى جيرالدين مزخرفا :
" بدأت أمشي الى براكيه.....".
" كنت ستحضرين الى دلثروب مشيا! يا ألهي , وهل تحتاجين للقصاص".
منتديات ليلاس
قالت ترينا:
" لا , أنني أحب المشي وأحتاج لبعض التمرين".
نظرت جيرالدين اليها وقالت:
" أنت لست بحاجة الى أنقاص وزنك".
ضحكت ترينا ثم قالت:
" وهل تتصورين راقصة باليه بدينة؟".
" لا أعتقد , على فكرة , ربما ستقابلين بعض الأشخاص ليطلبوا رأيك في الرقص في الحفلة الموسيقية التي ستقام هنا قريبا".

" لقد أستلمت العرض".
هزت ترينا رأسها بكبرياء :
" أن ذلك لا يزعجني أبدا وأتمنى أن لا ينتظروا شيئا ممتازا , أنا ما زلت فتاة كورس".
" سيعجبهم كل شيء تقدمينه لهم , أنت جديدة وكل ما تقدمينه سيكون جديدا على سكان القرية , لن يكون هناك أي أنتقاد".
" لقد أكتشفت أني شيء فريد منذ وصلت الى دلثروب ,كأنني قرد في قفص ضمن حديقة الحيوانات ويتفرج الجميع علي".

" هذه هي حياة القرية , وهل يزعجك الأمر؟".
" لا أبدا , أنها تذكرني بحياتي في قريتي في أنكلترا , السيدة المسؤولة في مركز البريد هنا تشبه المسؤولة هناك تماما".
" أوه , لقد قابلت السيدة بنترول موظفة البريد".
" دخلت مركز البريد لأرسل رسالة الى صديقتي في سيدني".
" حتما بدأت تثرثر , أنها تحب أن تمرر معلومات وتفضل أكثر أن تستلمها".
منتديات ليلاس
" أنا لم أبحث معها أي شيء عن براكيه أو عن مالكه , أذا كان هذا ما تقصدين اليه".
أبتسمت جيرالدين وقالت:
" أنا لا أتهمك بالثرثرة يا صغيرتي , السيدة بنترول ربما حاولت أن تمرر لك معلوماتها مما جعلك فضولية".
" نعم , لقد فعلت ولكنني لم أشجعها على الكلام".
سألتها جيرالدين:
" هي لا تحتاج للتشجيع.... ماذا قالت؟".

" ليس كثيرا .... قالت أن شابة أسمها جنيفر لانجلي صرخت وركضت خارج الغرفة عندما رأت وجه أبن أخيك بعد الحادث".
" من الأفضل أن أخبرك القصة الكاملة ".
قالت جيرالدين وهي تتنهد :
" حتى لا يصلك نصا مشوها".
" لا أريدك أن تفعلي ما لا ترغبين فيه".
" طبعا , ولكنني أفضل".

اماريج 20-09-10 09:09 PM

قالت جيرالدين بألم:
" كنت عرابة جنيفر لانجلي , ومع ذلك كنت لا أحبها كثيرا , كنت واثقة بأن خطوبتها لآندرو غلطة ولكنني لم أستطع أن أفعل أي شيء , ولو رغب أي شخص أن يتدخل بأمر خطوبتهما لهربا خطيفة".
وافقتها ترينا على كلامها مع أنها كانت تجد صعوبة في أن تصدق أن أندرو يخطف فتاة بقصد الزواج
أكملت جيرالدين:
" حضرت جنيفر لتعيش معي منذ كانت في الثامنة من عمرها , كان والدها طبيبا ماهرا في أستراليا , أصيب بعدوى مرض عضال من أحد المستوطنين , وأعطى العدوى بدوره الى زوجته بدون أن يعرف أي شيء عن هذه الجرثومة المميتة , توفي قبل وفاة زوجته بأسبوع , كانت جنيفر في المدرسة لحسن حظها وكان عليّ أن أعلمها بموت والديها وعدت بها لتسكن معي , لقد فقدت زوجي قبل سنوات والوحدة تضيق عليّ خناقها , كنت مسرورة من وجود جنيفر معي وقد دللتها كثيرا وأعتقد أن هذا هو السبب الذي جعلها أنانية".

لم توافق ترينا على نظرية جيرالدين , فالأنانية جزء من الطبيعة البشرية ولا تكتسب في التربية.
" كان أندرو يحبها كثيرا , وهذا شيء طبيعي على ما أعتقد , جنيفر آية في الجمال , ويوم الحادث.... كان أندرو عندي , لقد أوصل جنيفر ثم غادر دلثروب وفي طريق العودة الى بركيه , أصطدمت سيارته بسيارة كبيرة يقودها سائق مترنح , أنحرف على الزاوية خطأ وداهم سيارة أندرو دون هوادة , لم يستطع أندرو تفاد الأصطدام , ولحسن الحظ لم تكن أصابته خطيرة ولكن زجاج الواجهة الأمامية تحطم وأصيب بجروح عميقة في خده الأيمن ضمّدها له الطبيب , حين وصلت جنيفر لتراه بعد الجراحة صرخت وركضت خارج الغرفة , كان الجرح بشعا.... في ذلك الوقت , لحقت بها على الفور.... أصابتها نوبة هيستيرية.... وقال أنها لا تستطيع أن تتزوج رجلا منظره مخيف , كانت تكره التشويه في كل شيء".

أنها مجنونة وقاسية , قالت ترينا في نفسها , لو لم يوصلها لبيتها لما حصل له هذا الحادث , لقد تخلّت عند عندما كان يحتاجها أكثر من أي وقت سابق , أكملت جيرالدين ذكرياتها الأليمة:
" لم تذهب لزيارته في المستشفى بعد ذلك وبعد أسبوع هربت مع رجل آخر وتزوجته".
سألتها ترينا:
" وتركت لك مهمة أخبار أبن أخيك؟".

هزت جيرالدين رأسها ايجابا:
" نعم , لقد تركت لي رسالة تذكر فيها أسباب هربها , كانت تخاف أن أحاول أقناعها كي لا تفسخ خطوبتها مع أندرو , لكني لم أطلع أندرو على الرسالة , أعتقد أنه فهم الوضع , حاولت أن أجعله يصدق أنها أقترفت خطأ بخطوبتها لأنها تحب شخصا غيره".
منتديات ليلاس
سألتها ترينا:
" ماذا قال؟".
" لا شيء.... أدار وجهه بعيدا عني , حاولت أن أتكلم معه لكنه تجاهلني وتظاهر برغبته في النوم , كان يطوي نفسه على المرارة في داخله التي بدأت ولا تزال تتلف وتفسد حياته الى اليوم".
" ألم يحاول الجراحة التجميلية؟".

" من الواضح أنه لم يكن هناك ما يمكن أن تفعله , كان الجرح عميقا جدا... وكذلك في موقع حساس , وهناك خوف على بصره ولذا رفض هو الجراحة , لم يتكلم عنها كثيرا وأنا لا أعرف التفاصيل ".
هزت جيرالدين رأسها متسفة:
" الشاب الجاهل لا يعرف أن الندبة لا تشوه وجهه أبدا".
هزت ترينا رأسها موافقة , وأكملت جيرالدين:
" وأنت توافقينني على هذا الرأي!".

" نعم , منذ رأيته لأول مرة لاحظت هذه الحقيقة ,ولكنني لم أنس تحذيرك ... لا يمكن لأي فتاة ألا أن لاحظ وسامة الشاب وهي تراه للمرة الأولى.... حتى ولو كانت تحب شابا آخر".
قالت ترينا ببطء وهي تتمنى أن تكون جيرالدين قد تفهمت كلامها مع أنها أصبحت غير واثقة من أنها لا تزال تحب دنيس , غريب كيف تتغيّر مشاعر الأنسان فجأة .قالت جيرالدين:
" هذا صحيح.

اماريج 20-09-10 09:11 PM

كانت تتمنى من كل قلبها أن يقع أندرو في غرامها , أنها فتاة ذكية ناضجة , وتتمنى أن يغيب حبيبها البعيد عن مسرح حياتها .
" أذا صدق حدسي فربما هو أكثر وسامة بالندبة منه بدونها .... أنني طبعا لا أعرف شكله عن السابق".
" أنت فتاة حادة الذهن".
كانت جيرالدين تمدحها:
" هو أكثر وسامة ولكنني لا أعتقد أنه يعرف هذه الحقيقة ونحن لا نجرؤ على ذكر هذه الحقيقة له لأنه سيقول بأننا نتظاهر بهذا الأمر ".

ثم حاولت جيرالدين أن تبحث أمورا أخرى , سألت ترينا عن تعليمها الجامعي وأختصاصها شعرت ترينا بأن حديثها عن نفسها مع جيرالدين كان أسهل منه مع أندرو , بقيت تثرثر براحة وسهولة وأعتذرت أخيرا عن كثرة كلامها:
" آسفة , ربما أكون قد أضجرتك".
" لا أبدا , دراستك الجامعية ليست عادية يا عزيزتي , لو تخبرينني ببعض ألعابك وحيلك التي قمت بها مع الأساتذة".

ضحكت جيرالدين , أخبرتها ترينا بعضا منها على سبيل التسلية .
" ربما تخبرين أندرو هذه القصص الطريفة يوما ما ".
أقترحت جيرالدين وهي تنظر اليها نظرتها الى صديقة حميمة :
" هل تعرفين أنه ملم بالعلوم؟".
قالت ترينا:
" لا , لم أعرف بل لاحظت شيئا من هذا حين تعرّف الى نظرية أينشتاين في النسبية يوم كتبت معادلتها على اللوح , ما نوع عمله؟".

" أنه لا يقوم بالأبحاث ولكن معلوماته في العلوم ترتكز على أسس جيدة".
سألتها ترينا مرة ثانية بدون أن تخفي فضولها:
" ماذا يعمل؟".
" أنه يملك مصنعا ينتج أدوات ألكترونية".
"أوه! "
أنها لم تربطه بشيء من هذا القبيل, كانت تظن أنه من رجال المال في المدينة.
" حاليا يفكر في بناء مصنع جديد في ميونا".

أضافت جيرالدين :
" هناك طلب متزايد على الأدوات الألكترونية في هذه الآونة".
" حتما".
ضحكت ترينا وهي تتذكر رود وهوايته :
" ضقت ذرعا بالأقمار الصناعية والصواريخ , لقد أكتشف رود مؤخرا أن أنوارا جديدة تلمع في السماء غير النجوم وقرر أن يعرف ما هي".
لحسن حظه أن يجد من يساعده في أكتشاف هذه المعلومات , كانت جيرالدين تفكر , بأن ترينا ليست شخصا تافها كي ترغمها على تناسي الموضوع برمته , كأن حقيقة ترينا قد صعقتها فجأة .
منتديات ليلاس
تساءلت : كم تصلح هذه الفتاة لأندرو ! تستطيع أن تحادثه بذكاء وتبحث معه شؤون عمله وترفه عن موظفيه الأختصاصيين والفنيين , ولن تبقى خارج نطاق محادثاتهم , ذكاؤها يفوق ذكاء الرجل العادي وهي أفضل من معظم الفتيات , جدها بروفسور فيزياء ترعرعت في منزل يحيط بها الأساتذة والدكاترة من كل الأختصاصات , ومن المؤسف أن أندرو قد دفن نفسه في قوقعة وأنكفأ بداخلها... لا يراها , ثم هناك المعجب الآخر في حياتها...

سألتها جيرالدين :
"لم أسألك ! كيف تجدين الحياة في أستراليا؟".
" أحبها كثيرا , لم أرغب في الحضور في البداية , كنت أتعلّم الباليه على يد أستاذ ماهر وخفت أن أضيّع فرصة تكميل دروسي في رقص الباليه هنا , ولكنني غيّرت رأيي حين وصلت الى سيدني , قبل أن نحضر الى أستراليا كنا نعرف عن ماضيها أكثر بكثير مما نعرفه عن حاضرها".
توقفت ترينا وقدلانت قسمات وجهها ثم أكملت:
" ساعة دخلت الباخرة مرفأ سيدني دهشت لجماله , لم أر في حياتي منظرا أجمل منه , كان فصل الصيف وجميع الألوان مشرقة .... السماء زرقاء والبحر أزرق والجسر يمتد أمامنا كأنه شريط محرّم , ومن مسافة بعيدة بدت أشرعة اليخوت البيضاء كأنها نوارس ضخمة.....".

توقفت ترينا فجأة عن الكلام ونظرت الى جيرالدين بأستحياء:
" يبدو أنني أصبحت شاعرة..... لقد أضجرتك".
" لا , أبدا , حين نستمع لمثل هذه التعابير نشعر بالفخر والأعتزاز في بلدنا".
" لديكم أسباب لفخركم , أن البلاد بديعة , حين دخلنا مرفأ فريمنتال كانت تنتظرنا أول مفاجأة ".
" دخلتم مرفأ بيرث؟".
" كانت ستفوتنا الباخرة , نزلنا البر لتمضية بضع ساعات وكنا نجهل كم تستغرق طريق العودة من بيرث الى مرفأ فريمنتال ".

" هل ركضتم المسافة الطويلة فوق الجسر الهزيل؟".
هزت ترينا رأسها موافقة وهي تتذكر الجسر الطويل الذي يلف المرفأ , كان طويلا كأن لا نهاية له وخاصة عندما يتأخر المرء عن موعد الباخرة .
" جدي لا يستطيع الركض , كنا نمشي بسرعة ولم يبق على موعد قيام الباخرة سوى خمس دقائق , وصلنا أخيرا وأذا بزوجين شابين يركضان فوق الجسر وقد أنقطع نفسهما".

" شعور غريب ومريع".
وافقتها جيرالدين :
" لقد فاتتني الباخرة مرة حين كنت في أميركا كان علي أن أستقل الطائرة الى المرفأ التالي لألحق بالباخرة".
لم تذكر ترينا ماذا يعني للزوجين الشابين أن تفوتهما الباخرة.... وهما لا يملكان من المال ألا القليل.
قالت جيرالدين :
" في كل حال , أنتهت المفاجأة نهاية سارة هل ظننت أنك ستشاهدين حيوان الكنغارو يقفز في الشوارع وسكان أستراليا السود يطلون برؤوسهم من خلف كل بناية؟".

" بالطبع لا ".
أنكرت ترينا وهي تضحك بمرح :
" ولكنني لم أنتظرها هكذا.... مدينة حديثة".
" وتضم فرق أوبرا وفرق باليه........".

كانت جيرالدين تضايقها بلطف وتمزح معها , ثم تكلمت بجدية :
" أين ستعملين بعد عودتك الى سيدني؟".
" لدي عمل جديد".
شرحت لها بعد أن شعرت بضربة قوية في قلبها:
" هناك فرقة باليه جديدة , أنها فرقة دولية".
سألتها جيرالدين:
" حقا! فرقة دولية؟".
منتديات ليلاس
" نعم , تضم أشخاصا من كل الجنسيات".
سألتها جيرالدين بتعجب:
" وكيف ستتعاملين معهم؟".
" جيد جدا .... مع أنني لم أقابل أكثرهم بعد".
" أنا مسرورة لأنك لست متعصبة مثل العديد من الناس لبلد أو لجنس".
قالت جيرالدين , ثم صمتت قليلا قبل أن تكمل:
" هل تعرفين أن والدة أندرو أيطالية الأصل؟".
أجابت:
" لا".

ولكنها لم تفاجأ , أن عامل الوراثة هو المسؤول عن تكوين أندرو الغريب , لون شعره الأشقر البلاتيني يعود لأصوله النورماندية بينما سواد بشرته وعينيه يعود لأصوله اللاتينية.
" الزيجات المختلطة هي السبب , لقد حضرت الى أستراليا جنسيات مختلفة".
هزت جيرالدين رأسها موافقة:
" أن أستراليا مثل أميركا بهذا الشأن".

اماريج 20-09-10 09:12 PM

نظرت الى ترينا نظرة غامضة وقالت:
" هل يشبه أندرو الأيطاليين , كان يشبه والدته قليلا".
ثم صمتت قليلا وسألتها:
" وماذا عن حبيبك الشاب؟ أعتقد أنه راقص باليه في الفرقة معك".
أعتقدت ترينا أن جيرالدين أتت على ذكر دنيس فقط لتنذرها من جديد كي تبتعد عن طريق أندرو.
" لا , أنه لا يعمل في الباليه".

" أعتقد أنك ستتخلين عن مهنتك بعد الزواج أم أنه سيسمح لك بالعمل؟".
"لم نبحث هذا الموضوع بعد".
أجابتها ترينا بهدوء:
" أنه متزوج وزوجته لا تمنحه الحرية وترفض أعطاء الطلاق".

من المستغرب أنها تتكلم عن هذا الموضوع بدون أي شعور بالألم أو الأنزعاج , كأن الأمر لا يعنيها , بعدها عن دنيس سادها في رؤية الأمور على حقيقتها وأسترجعت قواها الكاملة , يبدو أن علاقتها به سحابة جنون بل أفتنان.
" آسفة , أتمنى أن لا تفكري بتحدي التقاليد والقيم لتعيشي معه , أن ذلك خطأ كبير".

هزت ترينا رأسها موافقة:
" لا أستطيع أن أفعل ذلك مهما كنت أحبه.... الخداع سيقتل الحب حتما , وسأخسر أحترام نفسي".
" أنت محقة يا عزيزتي , أشك في أن تنجح علاقة الحب هذه , سيخسر الأنسان شيئا ما مهما كانت قوة الحب".
مدت جيرالدين يدها ولامست ذراع ترينا بحنان وهي تشفق لحالها :
" أتمنى أن تنتهي مشكلتك نهاية جيدة".

حولت جيرالدين الموضوع بسرعة كي لا تشغل فكر ترينا بغرامها التعيس.
" هل قررت أية رقصة ستؤدين في الحفلة الموسيقية؟".
" لا , ليس بعد , لقد سمعت بالحفلة هذا الصباح ".
ابتسمت بمكر :
" أعتقد أنني لا أستطع أن أرقص رقصة سالومي والبراقع السبعة".
" ولماذا لا؟ رقصتك ستكون موضوع حديث دلثروب لعدة أشهر".

أبتسمت ترينا وتمنت لو تخبر جيرالدين كم كان حديثها ملذا , تعجبت هل كان أندرو قبل الحادث مثل عمته؟
بدأت تفكر في نفسها : كيف سيتلقى أندرو نبأ رقصها في الحفلة الموسيقية ؟ كأن الأمر لا يعنيه أبدا ما دامت لا تهمل وظيفتها التعليمية للأولاد , نظرت نظرة شيطانية مرة أخرى وهي تعجب : كيف ستكون تعابير وجهه لو رقصت فعلا رقصة سالومي والبراقع السبعة؟
هل سيصدم؟ أم أنه لن يهتم أبدا كأن الأمر لا يعنيه.

أصرت جيرالدين أن توصل ترينا الى براكيه بسيارتها , مرتا بطريقهما الى منزل السيدة ماري باركنسون منظمة برنامج الحفلة وهي أمرأة متوسطة العمر وتملك حيوية ونشاطا وأهدافا كبيرة
كانت مسرعة في أعمالها ولا وقت لديها تضيعه لذا كانت الزيارة قصيرة , رتبت السيدة ماري موعدا لزيارة ترينا في براكيه خلال الأسبوع المقبل
ستجلب معها برنامج الحفلة , بعد أن تتمكن من التغيرات الضرورية في تعديل البرنامج.
منتديات ليلاس
وصلت جيرالدين الى براكيه وسلمت على الأولاد ثم عادت أدراجها , كانت مشغولة ولا تستطيع البقاء , لم يعد أندرو بعد من عمله , يظهر أنه ذهب الى أبعد من دلثروب , ربما ذهب الى ميونا من أجل المصنع الجديد الذي سيشاد هناك , لن يحضر قبل المساء.

لم تره ترينا وقت الغداء , تناولت طعامها وحدها ثم صعدت الى غرفتها , وحين وصلت الى الشرفة سمعت سيارته تقف ثم شاهدته يدخل القاعة ويتكلم مع السيدة جاميسون التي حضرت لملاقاته
أجابها أندرو:
" شكرا يا سيدة جاميسون لقد تناولت غدائي".
ثم أكمل طريقه الى مكتبه وأغلق بابه بقوة وتصميم وأخرج الجميع من حياته , تنهدت ترينا وأكملت طريقها الى غرفتها , لماذا تنهدت؟ حتما ليس من أجل دنيس.....
حضرت جولي في المساء الى غرفة ترينا تريد أن تشاركها في موضوع ما:
" أريدك أن تنزلي معي الى الحديقة , أريد أن أريك شيئا غريبا".

اماريج 20-09-10 09:13 PM

تبعتها ترينا الى الحديقة , كان يجلس فوق غصن شجرة طويلة حيوان رمادي اللون شعره طويل وذيله كثيف , قالت ترينا على الفور:
" أنه الأبوسوم!".
قالت جولي:
"تعيش عائلة منها داخل فجوة في جذع الشجرة".

ثم مدت يدها الى جيبها وأخرجت بعض الخبز والمربى , كانت الصغيرتان لينت وغايل تراقبانها بأهتمام , قسّمت الخبز الى فتات وقدّمته الى الأبوسوم , أمسك الحيوان الصغير بمخالبه وبدأ يمضغها
طعام الأبوسوم الأصلي هو أوراق الشجر ألا أنه كان يتناول طعامه الجديد بسرور , حضر الأبوسوم الأب الكبير وأغتصب لنفسه بعض الفتات ثم دخل فجوة الشجرة من جديد , هزّت ترينا رأسها وهي تضحك لمشاهدة الحيوانات تتنازع طعامها بقوة
قالت ترينا:
" أنها حيوانات صغيرة وماكرة".
منتديات ليلاس
لقد رأيت العديد منها في سيدني حيث عاشت مع جدها في شمال البلاد في الضواحي , وهي حيوانات لها جراب أو كيس في بطنها وتنتمي الى فصيلة الكنغارو , تعيش في النهار داخل الأشجار وتخرج منها في الليل وأحيانا تتسلق سطوح المنازل , وتتأقلم بسرعة لتعيش مع الأنسان
كثيرة الشجار مع بعضها ويعتبرها الأنسان من الحيوانات الضارة والمؤذية , بعض الناس يدجنون صغارها لشكلهم اللطيف والجذاب ويتسامحون من أزعاجهم.

دخلوا جميعا البيت , بدأت جولي تفتش عن شقيقها التوأم , ودخلت ترينا غرفتها وحاولت المطالعة في كتابها , لكنها شعرت بقلق غريب ولم تستطع أن تركز أفكارها في الكتاب
تركت الكتاب من يدها وخرجت , زارت الأولاد في فراشهم قبل موعد نومهم وتمنت لهم نوما هادئا.

وقفت ترينا وحدها في أعلى السلالم , نظرت عبر النافذة الى الحديقة ثم عادت بسرعة الى غرفتها وتناولت سترة واقية من البرد ولبستها فوق ثوبها الصيفي ونزلت السلالم الخلفية
هناك غرف للمؤنة قرب السلالم الخلفية بنيت حديثا وأتبعت بالمنزل , يوجد سلم خشبي يصل الى سطح غرف المؤونة , صعدت ترينا السلم الخشبي برشاقة وخفة ومشت الى السطح تريد أن تلقي نظرة من فوقه علّها ترى البحر
كانت السيدة جاميسون قد ذكرت أمامها بأن البحر يرى من فوق السطح في ضوء القمر في يوم صاف , تعجبت ترينا وهي تلمح شيئا يشبه البحر عن بعد في ضوء القمر في يوم صاف.

يحيط بالسطح سور من الحديد المطلي بالدهان ويرتفع حوالي المتر ,كان منظر الحديقة من فوق وكأنها أرض الأحلام , تنفست بأرتياح وهي تتبين البحر عن بعد في ضوء القمر , ثم شعرت فجأة بأنها ليست وحدها.
سألها الرجل الواقف بعيدا عنها ببطء:
" الآنسة مريتون؟".
أجابته :
" نعم".
أحتارت ماذا تفعل , هل تركض من وجهه على الفور وتختفي....
ولكن تصرفها سيبدو غريبا أن فعلت , كل ما تتمناه أن لا يظن أنها لحقت به الى السطح كما أعتقد هذا الصباح أنها تعمّدت أن تضع نفسها بطريقة ليحملها معه
قالت ترينا وهي مرتبكة وشعرت بأن كلامها غير لائق:
" ليس محظرا علي دخول هذا المكان!".
منتديات ليلاس
أجابها بهدوء:
" ولماذا يحظر عليك دخول السطح؟".
" أنا..... أنا لم أعرف أن المكان ..........".
لم تكمل جملتها , حاولت أن تغير الموضوع , كان أندرو قد أنتصب واقفا وأتجه لناحيتها.
" أن المكان جميل , المنظر....".
توقفت ترينا عن الكلام فجأة لأنها وجدته يغازلها ثم ما لبث أن أمسك بها وسألها بخشونة فائقة:
" هذا ما كنت ترغبين فيه أليس كذلك؟".
كان الصمت يلفهما , تساءلت بهدوء:
" أنت تعتقد أنني تبعتك الى هنا!".

" أليس كذلك؟".
" لا".
كان أندرو يبتسم بأزدراء يمتزج بالسرور , هزت ترينا رأسها غضبا :
" وكذلك لم أتعمد أن توصلني بسيارتك الى دلثروب هذا الصباح , لم أكن أعرف أنك ستذهب الى هناك".
" من الواضح أن عليّ أن أعتذر".
" لا , لا أريد أعتذرا ليس صادقا لقد أهنتني .... ومع ذلك .... أعتقد أن عليك أن تسمعني بصراحة".
قال بأقتضاب:
" تفضلي".

اماريج 20-09-10 09:15 PM

وفي ضوء القمر رأته يرفع يده الى خده الأيمن ويمر بأصابعه فوق الندبة دون وعي , رفعت يدها بسرعة وأمسكت بيده من الرسغ وجرتها الى جانبه بعيدا عن وجهه وقالت:
" لا تفعل ذلك!".
هناك مشكلة ضمن المفاجأة , أبعد رسغه من قبضتها كأن لمستها قد أحرقته:
" عفوك!".

" هذه الندبة اللعينة هي المشكلة . رجل في مثل ذكائك.... ألا تعتقد أنك تتصرف بجنون ؟ أنها ندبة بسيطة وهي لا تشوهك كما تظن".
هزت رأسها وهي ترى أمامها شابا طائشا لا يصدق ما يسمع , كان وجهه الأسمر مشدودا مقابل وجهها , ثم أكملت:
" أنا لا أتظاهر ولا أكذب .... أن الندبة لا تشوهك أبدا ربما أنت رجل من مليون تزيده الندبة وسامة , وأعتقد أنك كنت أقل وسامة قبل الحادث , أنت اليوم تشفق على نفسك وتحتقرها......".

" أنا أشفق على نفسي؟".
" أليس كذلك؟ هل من المعقول أن تسمح لهذه الندبة أن تجعلك مسخا كريها يرتعد كل أنسان ينظر اليك ويبتعد عنك".
أعتقدت لأول وهلة أنها تخطت حدود اللياقة , نظرت اليه في ضوء القمر ,كأنه تلقى ضربة على رأسه , أبيض وجهه وشحب ثم أمتدت يداه النحيلتان القويتان وأمسكتا بذراعيها من جديد , لكنه لم يهزها هزا عنيفا كما توقعت, لم يفعل أي شيء , أمسك بها بدون وعي ووقف ينظر اليها مستغربا.

أفلتت يدا واحدة ومرّت بأصابعها بلطف فوق الندبة وقالت بلطف:
" أنها ليست بشعة ".
أكدت له مرة ثانية , ثم أفلتت من قبضته المتوترة وركضت مسرعة تنزل السلالم الخشبية وهي تقول لنفسها( لقد أنتهت مدة بقائك في براكيه حتما .... عندما يستفيق من صدمته سيطردك).
منتديات ليلاس
قامت ترينا بأسوأ ما يمكنها , لكنها ليست آسفة لما قالت , حان الوقت كي يعرف الحقيقة التي لا يجرؤ أحد على مفاتحته بها.... كان ينتظر ردة فعلها أو على الأقل شيئا من التقريظ الشفهي أو ما شابه , ربما كلامها معه كان على خلاف ما أنتظر.

حين وصلت غرفتها كان شعورها بالذنب يتضاعف , من غير المعقول أن تنسى ما حدث أو أن تركن الى مطالعة كتابها كالليلة الماضية , أطفأت النور وجلست قرب النافذة تفكر بأضطراب تحت ضوء القمر.
هل ما زال أندرو واقفا مكانه على السطح.... ربما كان يمطرها بوابل من شتائمه , راقصة حقيرة لها الجرأة لتتكلم معه على هذا النحو
ربما يكون الآن في مكتبه يوقع لها شيكا بأتعابها لتغادر براكيه ويضمنه رسالة قاسية يأمرها بالرحيل في أول قطار , عندما تركته لم يظهر عليه الغضب بل الجمود , لقد صدم , ربما ستتبع الصدمة موجة الغضب والثورة.

وفي الصباح الباكر ,ومع فنجان الشاي الصباحي وصلتها رسالة مغلفة مع الخادمة , أنتظرت قليلا حتى أنفردت بنفسها وفتحت الرسالة بأصابع ترتجف , كانت ورقة بيضاء مكتوب عليها الكلمات التالية بخط واضح:
" أرجو أن تعذريني , أنني صادق فيما أقول".

صعقت ترينا هذه المرة من دهشتها , قرأت الرسالة مرتين لتتأكد من مضمونها , قرصت نفسها لتتحقق بأنها ليست في حلم أو أنها تتخيل هذه الكلمات , أرتاحت فوق وسائدها وأبتسمت لنفسها أبتسامة رضى وقد داهمها شعور غريب وأحاسيس متضاربة.

( كم هو أنساني) , قرأت رسالته من جديد وقد غمرها أحساس لذيذ بأنها ستبقى في براكيه .... لن يطردها بالرغم من كل ما قامت أو تفوهت به.
أنهت فنجان الشاي بسرعة وقفزت من سريرها بدون أن تتلهى , كانت تحس ببعض الخجل لأنها ستقابله , لقد أعتادت أن تتناول فطورها مع الأولاد
نظرت حولها ولكنها لم تره , خاب أملها , ذهبت برفقة الأولاد الى الكنيسة , هذا يوم الأحد , وحين عادوا لم تره أيضا ولم تشعر بوجوده مع أنه كان فوق السطح حيث ألتقته البارحة ليلا
كان يراقب خروجهم جميعا من السيارة التي عادت بهم من دلثروب , كان الأولاد يتصايحون ويتراكضون الى غرفهم ليبدلوا ثياب الأحد الرسمية بلباس اللعب في الحديقة , ستختفي أناقتهم المصطنعة بعد خمس دقائق.

الطقس دافىء وجيد , صعدت ترينا الى غرفتها وبدلت ثيابها , لبست بنطلونا أبيض قصيرا وفوقه بلوزة قطنية خفيفة وخرجت بصحبة الأولاد الى الحديقة ,جولي ورود يتسلقان شجرة بينما الصغيرتان لينت وغايل تجلسان على جذع شجرة فوق الأرض تراقبانهما بأهتمام
كانت غايل تمسك بالجرو بقوة وحزم حتى لا يفلت منها , دعت جولي ترينا لتسلق الشجرة ولكنها رفضت وأعتذرت , أصبحت أكثر أنتباها لنفسها وتفضل أن تتجنب الأخطار قدر الأمكان وهي تخاف أن تسقط من فوق الشجرة فتكسر رجلها أو تلوي كاحلها
أنها ليست مسؤولة عن مراقبتهم خارج ساعات التدريس ومع ذلك كانت تحب أن ترافقهم , وبعد أن تأكدت من سلامتهم تركتهم ومشت في الحديقة الى مكانها المفضل , كانت تحب الجلوس على حائط البركة تراقب أنسياب الماء من النافورة الصغيرة في وسطها , يحيط بالبركة جدارا من الحجارة
جلست ترينا توازن نفسها فوق طرفها الضيق وتحمل بيدها بعض الحصى الصغيرة تتسلى برميها في بركة الماء , هنا جلستها المفضلة في أوقات فراغها , تجلس وتحلم....
وهناك شجرة مرتفعة تتمايل بفعل النسيم وتساقط أزهارها الزرقاء فوق شعرها وعلى سطح الماء في البركة.
رسالة أعتذار أندرو لها سحرتها , كانت تعتقد أنه رجل قاس لا تسمح له عزة نفسه بالأعتذار , ومع ذلك كان صادقا في أعتذاره , لقد أثرت فيه محاضرتها الأخلاقية على عكس ما توقعت.
رمت حصوة أخرى في البركة وعلى الفور أنهمرت الحصى من خلفها
نظرت بسرعة لتجد أندرو واقفا خلفها
قال بسرعة:
" قال لي الأولاد أنك هنا".

نظرت اليه ترينا ولم تدر ما تقول..... فبقت صامتة كأن لسانها قد عقد :
" حضرت لأعتذر لك بنفسي ".
أكمل وكأنه يجد صعوبة في الكلام .
" عملي لا مبرر له أبدا".
" لا بأس".
كان صوتها متهدجا :
" أعرف لماذا تفعل ذلك".
منتديات ليلاس
راقبته وهو يرفع يده مرة ثانية الى خده بدون وعي:
" أرجوك لا تفعل".
نظر أندرو الى يده المرتفعة وتعجب , كيف وصلت الى وجهه بدون أرادته
هزت ترينا رأسها:
" أنت تفعل ذلك بدون وعي أليس كذلك؟".
" أعتقد ذلك".

أعترف لها , ألتقت عيناه السوداوان فجأة بعينيها , كانت نظرة أسف تطل منهما , ركز بصره بعد ذلك على كتلة صمغ فوق جذع الشجرة
ثم بدأ يدهس برجله نبتة صغيرة من العشب الأخضر كانت تنبت قرب جدار البركة.
" هل كنت تعنين ما قلت ليلة البارحة .... أنها ليست.... بشعة ولا تشوه وجهي؟".


اماريج 20-09-10 09:16 PM

" طبعا لو أنك لم تقرر بحزم أنها تشوهك لكنت رأيت الحقيقة بنفسك".
نظرت اليه وجها لوجه ولكنه فضل أن يراقب النبتة التي دهسها وهشمها.
" أنسان آخر .... ساعدني على هذا الأعتقاد".
كان صوته لينا ومتردا كأنه لا يرغب في التحدث عما حصل معه ولكنه لا يستطيع كتمان الحقيقة مدة أطول.
سألته:
" تقصد خطيبتك؟".

نظر اليها نظرة حادة غير متوقعة , هزت ترينا كتفيها تعتذر :
" لا يمكنني أن أتظاهر أنني لا أعرف عنها أي شيء , أنت تعرف أهل القرية وثرثرتهم , أنهم مستعدون لتقديم كل المعلومات في أول فرصة".
" أعتقد ذلك , هل أخبروك القصة الكاملة؟".
" عمتك هي التي أخبرتني ما حصل بعد أن حاولت السيدة بنترول أن تمدني ببعض التفاصيل , قررت السيدة دلوين أنك ربما تفضل أن أسمع القصة على حقيقتها منها حتى لا تصلني الأخبار مشوهة من الآخرين".

أنفعل أندرو من جديد وعاود رفس النبتة الخضراء برجله حتى خلعها من جذذورها.
" أعتقد أنك كنت ستسمعين القصة حتما , القرية مليئة بالثرثرة والأقاويل".
لا تحتاج ترينا أن تجيبه عن كلامه , ألتزمت الصمت وأنتظرت قوله.
" هل تعتقدين أنني مجنون لأنني تأثرت كثيرا بالحادث؟".
منتديات ليلاس
" نعم أعتقد ذلك".
أستدار اليها فجأة , أحس بلدغة قوية من كلامها , بدت عيناه السوداوان مليئتين بالحزن والغضب.
" أنت صريحة ولا تتصنعين الكلام؟".
" لقد أعطيتني الحق بالكلام الصريح الليلة الماضية".

ذكرته بلطف ثم تمنت لو أنها لا تتكلم معه بخصوصياته , شعرت بحرارة تتصاعد الى وجنتيها تكاد تحرقهما , ركعت على ركبتيها لتتحاشى نظراته وشرعت تثبت النبتة التي أنتزعها من جذورها في التربة.
أضافت بلطف:
" أنظر ماذا فعلت للنبتة المسكينة".

كان كالأسطورة بشعره البلاتيني وسواد عينيه وسمرة بشرته هذا المزيج من المتناقضات , يلفت نظرها مرة بعد مرة , شكله الآن يشبه شكل القرصان.....يحتاج فقط للأبتسامة , ستكتمل صورة القرصان لو أنه يبتسم أبتسامة شيطانية ماكرة , أبتسامة تخلو من المرارة والسخرية
حين تمالكت نفسها جيدا عادت الى جلوسها السابق فوق الحائط حول البركة ونظرت اليه وسألت:
" منذ متى حصل الحادث؟".

" منذ تسع سنوات ".
وقف فجأة , سرها أنه أبتعد عن النبتة الصغيرة .
" ماذا تقترحين عليّ أن أفعل؟".
" لماذا لا تبدأ بالتعرف الى الأولاد ؟ أنت المسؤول عنهم وهم يحتاجون لأكثر من الطعام الكثير والمنزل المريح , أنهم يعتقدون بأنهم غير مرغوب فيهم , هذا الأعتقاد يسيء الى الأولاد.... فهم يحتاجون للأمان والأستقرار والحب أكثر من حاجتهم الى متطلبات الجسم من المأكل والملس".

تمتم حزينا:
" لكنني لست معتادا على الأولاد".
" عندما يخلق الأولاد لا يكون أحد معتادا على وجودهم في البداية ".
ضحكت وهي تتذكر كيف غمرها الأولاد بحبهم وكيف أكتسبت محبتهم وثقتهم :
" أنهم يستحقون أن تتعب نفسك قليلا من أجلهم , فهم لا يخادعون , يصدقونك الشعور بالمحبة أو الكراهية".

" لقد أظهروا لي ذلك بوضوح".
" أنت طلبت منهم الأبتعاد عن طريقك , ولكنهم لا يزالون يتشوقون ليكونوا أصدقاءك".
" حتى الآن".
هزت ترينا رأسها موافقة وقالت:
" حتى الآن".
" الأطفال أكثر تسامحا من الراشدين".
" طبعا وهناك بعض الراشدين يتسامحون أيضا وبكرم".
" أنهم يخادعون".

" هل تعني أنك لن تسامح أحدا على غلطته؟ حتى لو كان ذلك التسامح من أجل سعادة غيرك؟".
ضاقت عيناه ثم نظر اليها نظرة حادة وماكرة سألها متعمدا:
" هل تقصدين خطوبتي الى جنيفر؟".
" نعم ,كان عليك أن تسامحها حين أكتشفت أن خطوبتها لك كانت غلطة أقترفتها".

" لا , لن أسامح".
كلمته القاسية المرعبة كانت كافية لأن تجعلها تنظر اليه بذعر.
" حتى ولو كانت آسفة فعلا".
" لا".
" أذن أنت لا تنتظر أن يسامحك أحد على غلطة ترتكبها".
أجابها بقساوة:
" أنا مستعد دائما أن أكون مسؤولا عن كل هفوة أرتكبها , لن أنتظر أن يسامحني أحد".

" أتمنى أن لا تجد نفسك في مثل هذا الموقف , تطلب السماح والشخص الآخر يرفض مسامحتك ".
قالت بهدوء وتفكير عميقين :
" أن تسامح أو تطلب السماح هو من طبيعة الأنسان".
" وأنت لا تعتقدين أنني أنسان".
" أنت أنسان ولكنك تتظاهر بأنك لست أنسانا".

كان ينظر اليها بغضب باهت وهو يفكر بما قالت , لقد وضع نفسه تحت مراقبتها وتفسيراتها وهو لا يحب ذلك , لقد تشعب الموضوع
تمتم بلطف:
" لا أعرف كيف أسمح لك أن تحدثيني بهذه الطريقة؟".
" ولا أنا".
قالت بصراحة:
" أعتقد أن الوقت قد حان ليصارحك أحد ما بالحقيقة التي تجهلها وهي أن الجميع هنا يخافونك كثيرا".

"وأنت لا تخافينني؟".
" لقد أثات فضوله أكثر مما أغضبته
ثم أكمل:
" لا , لقد قلت لي ذلك بوضوح منذ ألتقينا".
عاد العبوس لوجهه ورفس النبتة من جديد برجله.
" هل تكرهينني كثيرا؟".
" أنا لا أكرهك أبدا .... ليس الآن , كرهتك يوم حضرت الى هنا".

أبتسم أندرو لها وشعرت بنبضات قلبها تسرع , كانت تشعر بتأثيرها عليه ولكنها لم تتخيل أنها تؤثر عليه بهذا القدر , لقد شع وجهه ولانت قسماته ,ثم أكملت قولها:
" عليك أن تبتسم أكثر".
قال مبتسما:
" أنت صغيرة وجريئة ".
منتديات ليلاس
ران صمت بينهما , كانت ترينا تنظر الى النبتة المسكينة.
" حان وقت الغداء ".
وقف أندرو فجأة ونظر الى ساعته وهز رأسه :
" علينا أن نعود الى المنزل".
وقفت ترينا أيضا:
"علي أن أطلب من الأولاد تنظيف أنفسهم قبل موعد الطعام".

كانت ترينا تعرف أن وقت الطعام لم يحن بعد ,شعرت أنه يريد عذرا ليتركها ,أحست معه برعشة خفيفة ومرت بتجربة لذيذة وأحساس رقيق , أنه حساس ومنطو على نفسه
نظر اليها بعينيه السوداوين نظرة تفاهم عميق ثم تمتم بشيء لم تفهمه وأستدار ومشى بين الأشجار بأتجاه المنزل
تركها واقفة قرب البركة وعلى شفتيها أبتسامة وقد غمرها شعور بالأنتصار والفرح , ودت لو تعانق نفسها من شدة فرحها.

نهاية الفصل الثالث

اماريج 20-09-10 09:59 PM

4_الفدية الجميلة!
***********************
غادر أندرو صباح الأثنين الى عمله في سيدني , وجدت ترينا أيام الأسبوع بطيئة ومملة , في منتصف الأسبوع أستلمت رسالة جوابية من صديقتها ماردا
أخبرتها في بداية الرسالة أنباء سيدني ثم أكملت رسالتها بمزاحها الذي يصعق المستمع اليها قالت:
" أذا كنت لا تستطيعين العيش مع دنيس , فالأفضل أن تتزوجي رئيسك , أنه يثير الفضول ,الرجال الذين يكرهون الجنس اللطيف يكون ترويضهم ملذا .... ثم لا تنسي أمواله الطائلة يا عزيزتي , لو لم يكن بيرس قد دخل حياتي لطلبت منك أن تعرفيني به , لا , بعد أعادة النظر في طلبي أتراجع لأنني لن أعتدي على ممتلكاتك ,لن أحطم صداقة دامت دهرا , أنت تحتاجين لراحة يا عزيزتي لراحة يا عزيزتي , أذا لم تفوزي بالحب فلا بأس أن تفوزي بالمال , أكتبي لي تفاصيل ما يجري ,وأذا رغبت بالنصائح والأرشادات تعرفين عنواني , أفضل الطريق للوصول الى قلبه هو طريق المديح , الرجل يعشق أن يكون مرغوبا ".

أنتهت ترينا من قراءة الرسالة وسرت بمزاج صديقتها , شعرت أنها أشتاقت لها ولنكاتها , تخيلتها تجلس وراء مكتبها تكتب لها هذه الرسالة وعيناها الخضراوان تضحكان , هي حتما لا تعني كلمة واحدة مما كتبت , جلست ترينا تجيبها على رسالتها وتصحح لها فكرتها الأولى عن أندرو وتشرح لها تعاونه معها.

القسم الثاني من الأسبوع كان أسرع , حاول رود وجولي التهرب من الدراسة ولكن ترينا تمكنت بصرامتها أن تحبط مسعاهما , وبالرغم من شدتها بقيا على أحترامها ومحبتها وطاعتها , الجمعة عادت الأمور طبيعية في الدراسة.
الجمعة مساء ,شاهدت ترينا من نافذة غرفة نومها السيارة السوداء تقف في مدخل براكيه , ثم نزل منها الشاب الوسيم الطويل الذي كان يقودها ونظر الى أعلى.

تراجعت ترينا الى الوراء بسرعة وقد شعرت بضربات قلبها تسرع بعد أن تأكدت أنه لمحها.
حضرت مارغريت , كالأسبوع السابق , تطلب منها أن تشارك رب البيت شرابه قبل العشاء , كان شعورها هذا الأسبوع يختلف , أرتدت ثوبها وتمنت لو جلبت معها المزيد من ثيابها الرسمية , أرتدت ثوبها الأحمر نفسه وهي واثقة أن لونه يناسبها ويليق به.

ركضت السلالم ثم أجبرت نفسها على التباطؤ بعد أن أحست أن نفسها قد أنقطع من سرعتها , سألت نفسها : هل أسف أندرو على معاملته الودودة وتراجع الى داخل نفسه في قوقعة جليدية كما عرفته أول مرة؟ هل عاود الأبتسام ولو ببرود؟
منتديات ليلاس
تذكرت يوم الأحد الماضي وأبتسمت , لقد حضر أندرو الى غرفة التسلية بشخصية مختلفة يحمل كيسا من الحلوى المختلفة للأولاد , أندفع الأولاد اليه وقد تحطم الجليد بينه وبينهم , حين سألته في وقت لاحق أخبرها أنه نزل بعد الغداء خصيصا الى دلثروب وأبتاعها لهم.

وبعد العشاء , بدلا من أن تعود ترينا الى غرفتها , أخذها أندرو الى غرفة أخرى حيث أستمعا سويا الى تسجيلات موسيقية من أجهزة قوية وأكتشفت أنهما يتمتعان بذوق مماثل في الموسيقى
ولم يكن من المعقول أنه كان ينظر اليها بأزدراء وأحتقار في الليلة الماضية وأنها كانت تنتظر منه رسال تحمل طردها من براكيه... والآن يجلسان جلسة شاعرية يستمتعان فيها بسماع الموسيقى الخالدة.

اماريج 20-09-10 10:00 PM

صعدت بعد ذلك الى غرفتها وتأملت ما جرى وأبتسمت راضية ونامت وهي لا تزال تبتسم.
هذا الأسبوع كان الأولاد يثرثرون عن ( عم أندرو) بدهشة ومحبة
لقد شعروا بالعلاقة الطيبة التي تربطهم به , أعترفت جولي أن أندرو رجل طيب حين يخرج من عزلته .... كل ما طلبته منه ترينا نفذه وجاءت نتيجته طيبة للجميع.

تمنت لو تكون عطلة الأسبوع هذه مرضية كالعطلة السابقة , وصلت الى باب الغرفة ونقرت نقرا خفيفا وللحال فتح أندرو الباب بنفسه.
" تفضلي يا آنسة مريتون".
دخلت , أنتظرته وهو يغلق الباب ويشير الى كرسي كي تجلس عليه..... كان وجهه الأسمر مبهما وغامضا في تعابيره , ولا وجود للأبتسام , قدم لها كأسا من شراب الكرز , نظرت اليه شاكرة وأبتسم لها بسرعة أبتسامة عريضة أجفلت ترينا وتراجعت.
قال بمكر وقد بدا مسرورا :
" هل تعتقدين أنني سأعض من جديد؟".
منتديات ليلاس
أعترفت وهي تبتسم له أبتسامة شيطانية وقالت:
" حسنا ..... نعم".
جلس قربها على كرسي مريح وسألها:
" كيف كان تصرف الأولاد؟".
" تصرف ملائكي أحيانا وشيطاني أحيانا , لكنهم طائعون دائما , لم تحاول أن تخفي ضحكتها الشيطانية , يبدو أنني كسبت لقبا جديدا , سفينة حربية صغيرة".

" لا أستطيع أن أنكر أن اللقب يناسبك , ماذا فعلت؟ هل ضربت رؤوسهم ببعضها؟".
" لا , لكنهم كانوا يخافون أن أفعل".
" أنك تستحقين هذا اللقب".
أبتسمت ترينا أبتسامتها الشيطانية التي أصبحت تلازمها.
" لو تعرف ماذا يلقبونك".
أمتلأ وجهه عبوسا:
"أنه لقب كريه على ما أعتقد".

كتمت ترينا ضحكتها وهي تتذكر لقب الرمز زيوس كبير الرموز عند الأغريق وخاطف الفتيات الجميلات عنوة , قالت:
" حسنا.... بعضها مديح والبعض الآخر لا , هذا يتوقف على الوجه الذي تنظر اليه".
" ماذا".
طالب بمعرفة اللقب آمرا ترينا , هزت رأسها غير موافقة.

" لا.... لا يمكنني أن أخبرك به الآن , ربما سيخبرك به الأولاد يوما ما".
عرف أندرو أنه لا يستطيع أقناعها بخلاف ذلك , رضخ للأمر الواقع , حضرت السيدة جاميسون الى الغرفة لتخبرهما بأن العشاء جاهز , نظرت الى ترينا أولا ثم الى أندرو وقالت:
" لقد وعدت الآنسة مريتون أن ترقص في الحفلة الموسيقية في دلثروب يا سيدي , ألن تحضر الحفلة؟".

سألته بصداقتها القديمة وخدمتها الطويلة في منزله , أحست أنه عاد الى طبيعته السابقة قبل الحادث.
" طبعا سأحضرها".
ثم نظر الى ترينا وقال:
" لقد قيدوك وسجلوك في برنامج الحفلة , أليس كذلك؟".
" هل عندك أي مانع؟".
منتديات ليلاس
" طبعا لا , وقت فراغك هو ملك لك , أردت أن أخبرك في وقت سابق أن لا حاجة لك للبقاء عطلة الأسبوع في براكيه , أذا رغبت في الخروج الى الى القرية في أي وقت.....".
أنهى جملته بقليل من العبوس , ولكن ترينا أكدت له أن لا حاجة لذلك لأنها لن تبقى في براكيه أكثر من شهر واحد".
وشعرت بالكآبة أيضا لفكرة مغادرة براكيه بعد شهر.
" لقد تكلمت مع عمتك بهذا الشأن وهي تعتقد أن لا بأس في أن أرقص في الحفلة".

" نعم.... طبعا".
أختفى العبوس وحل محله تكشيرة ماكرة:
" ماذا؟ سترقصين. هل ستؤدين رقصة الحرب الهندية؟".
" سأجرب , تعتقد عمتك أنني أستطيع أن أرقص رقصة سالومي والبراقع السبعة , ستوقظ الجوار بأكمله".
" سأحجز مقعدا في الصفوف الأمامية".
" لقد تغيرت كثيرا".
" ربما أستمعت الى محاضرتك الأخلاقية وعملت بنصيحتك".

اماريج 20-09-10 10:02 PM

أبتسم لها متعمدا وهو ينظر اليها عبر الطاولة.
" هل تعرفين أنني لا زلت أجهل أسمك الأول؟".
" ترينا".
" هل هو تصغير لأسم آخر؟".
هزت رأسها نفيا:
" لا".
"فقط ترينا ".
أعادها مرة ثانية :
" أنه يناسبك".

" لماذا؟ هل يذكرك بأسم سفينة حربية تدعى ترينا؟".
" أنت عفريتة صغيرة !".
توقف الحديث بعد أن وصل الطعام الأساسي , حين عادا منفردين سألها بمكر:
" كيف تمضين أمسياتك وحدك؟".
" أعمل أشياء عديدة.... أتحدث مع الأولاد أو مع السيدة جاميسون والسيدة بيري , نشرب الشاي سوية في المطبخ بعد أن ينام الأولاد".
منتديات ليلاس
نظرت اليه لترى أذا كان يعارض تصرفاتها :
" بعد نوم الأولاد أحيانا أعود الى غرفة التسلية وأتمرن".
سألها :
" تتمرنين؟".
" أقوم بتمارين الرقص وأصحح تمارين الأولاد وأحضر دروس اليوم التالي".
"لن أتهمك بالتهرب من واجبك ".
ثم أكمل:
" متى ستقام الحفلة؟".
" السبت المقبل ".
ثم سألته:
" هل يحضرها العديد من الناس؟".

" الجميع تقريبا ...... ودائما تليها حفلة راقصة كبرى في المساء في منزل باتنغا".
" أوة , لم أكن أعلم أي شيء عن الحفلة".

لم يخبرها أحد أن الحفلة الموسيقية تقام بعد الظهر , أحتارت , هل ستدعى الى الحفلة الراقصة ؟ أم أنها تقام فقط للنخبة من السكان ؟ منزل باتنغا هو منزل جيرالدين دلوين.
قال كأنه يقرأ أفكارها:
" كل من يحضر الحفلة الموسيقية يذهب الى ناتنغا".
ثم سألها بمكر وخبث:
" هل تتحملين مرافقتي الى الحفلة؟".

" يسرني أن أرافقك".
قبلت على الفور ,أحمرت وجنتاها خجلا , لم تجرو على النظر اليه , في تلك اللحظة وصلت القهوة.
كل شيء قد تغير , حين حضرت الى براكيه لم تعتقد أنها ستقبل دعوته لحضور الحفلة , ماذا حصل؟ الوجه الأسمر والعينان السوداوان الباردتان قد تغيرتا أيضا , ساد بعض الصمت وهما يرتشفان قهوتهما , حاولت أن تبدد هذا الصمت , تذكرت أنها وعدت جولي أن تعلمها لعبة الشطرنج.

" على فكرة ,هل يوجد في البيت علبة شطرنج؟ لا أريد علبة ثمينة , لقد وعدت جولي أن أعلمها هذه اللعبة".
قال مستغربا ومسرورا:
" وتلعبين الشطرنج أيضا".
هزت ترينا رأسها أيجابا , سألها بسرور:
" من علّمك ؟ هل هو أحد الأساتذة أو الدكاترة الذين كانوا يدخلون منزل جدك بأستمرار".

ضحكت ترينا وأعترفت له صادقة بأن ما قاله هو الحقيقة.
" عليّ أن أصطحبك في زيارة لصديق لي , أعتقد أنك ستحبينه , أنه المدير المسؤول لموظفي العلوم في أعمال المدينة".
" يسرني ذلك".
وافقته على الفور.
" أخبرتني عمتك أن أهتمامك هو في حقل العلوم".
" تقريبا".
قالت ضاحكة:
" ولكنك لاحظت معادلة النسبية حين كتبتها راقصة حمقاء على الوم ".
منتديات ليلاس
" هل أخبرتك جيرالدين أنني قلت ذلك عنك؟".
قالت ترينا تعتذر:
" أعتقد أنها زلة لسان".
" ما هذا الحديث الشيق بينكما؟".
" كان حديثا بناء".
بانت أبتسامة ماكرة ولم تستطع أن تخفيها.

أبتسم لها أندرو مجاريا ومشى وأياها الى غرفة ثانية حيث أخرج لها من الخزانة علبة شطرنج ثمينة :
" يمكنك أستعمال علبة الشطرنج هذه لتعلمي جولي..... بشرط واحد". وقال مبتسما :" أحب أن ألعب معك الشطرنج الآن".
جلست قبالته تلاعبه الشطرنج بمهارة فائقة , مرت السهرة بسرعة , كانت قدرته على اللعب تساوي قدرتها , لو كانت جيرالدين تراقبهما لأبتسمت راضية عن الوضع".

اماريج 20-09-10 10:03 PM

لبست ترينا بنطلونا قصيرا وصندلا مريحا وخرجت من غرفتها لتشارك الأولاد لعبهم , لم تر أندرو ولم تحاول أن تفتش عنه بأسم الصداقة الجديدة التي ولدت بينهما في الليلة الماضية.
قالت جولي ترحب بها:
" مرحبا".
المغطس القديم مكانه وقد جلست لينت وغايل بداخله , أنهما الأسيرتان , كل منهما تمسك خشبة طويلة تستعملها كمجذاف.
قالت غايل وهي تكشر عن أسنانها:
" وضعونا في السفينة وساقونا الى عرض البحر".

لقدأختفى أثنان من أسنان الحليب من واجهة فمها , جلس الجرو الصغير ينبح ليطرد القرش الكبير المتعطش للدماء.
سألت ترينا رود:
" من أنت هذا الصباح , السير فرنسيس أم السير هنري؟".
كشّر الصبي وقال:
"السير هنري".
" لكن شعرك ليس أشقر , السير هنري من ويلز الأنكليزية ".
منتديات ليلاس
حاول رود أن يستعمل مادة الأوكسجين ليصبغ شعره أشقر .
عارضت ترينا بسرعة:
" لن تفعل شيئا من هذا القبيل , ماذا سيقول عمك حين يجد لون شعرك قد أصبح أشقر؟".
" سيبدأ صخبه ووعيده , الرمز زيوس ينفع في دور السير هنري لأن شعره أشقر".
سألت جولي:
" ما لون شعر السير فرنسيس درايك؟".

أعترفت ترينا أنها تجهل الحقيقة:
" ربما هو أحمر بلون شعري".
لم يستطع أحد أن يجيب عن مصير الأسيرتين اللتين تمخران المحيط ,الأمر لا يهم ما دامتا تستطيعان أن تجذفا الى ما لا نهاية في المحيط وضمن البستان , حتى الجرو لم يهتم.

أشتركت ترينا في اللعب , أنها الشراغ والقوة التي تدفع السفينة وتجرها , بدأت تشد الحبال مع الصغيرتين بينما رود وجولي يتبارزان بالسهام الورقية التي صنعاها الليلة الماضية , كان الجميع منهمكين في أدوارهم حين حضر أندرو لى الحديقة ونظر اليهم مدهوشا.
سأل:
" ماذا حصل؟".
" أنا الشراع".

قالت ترينا وقد أنقطع نفسها من الأندفاع :
" أنظر الى السير هنري والسير فرنسيس , حترس لئلا تصيبك قنبلة من مدافعهم".
توقفت السفينة , طار سهم بأتجاه ترينا , أنحنت فأصاب السهم أندرو في صدره , ضحك وهو ينحني ليلتقط السهم الورقي:
" هل يعني هذا أنني غرقت؟ ".
ثم ألتفت الى الصغيرتين:
" ماذا تعملان في المغطس؟".

قالت غايل وقد تبدل دورها للحال:
" نحن السفينة التي تحمل الخزينة والكنز ورود هو القرصان".
" يمكن للعم أندرو أن يقوم بدور القرصان السير هنري أفضل من رود".
قالت لينت:
" ترينا تقول أن شعر السير هنري أشقر".
نظر أندرو وقد أحمر وجهها من جديد وقال:
" هي قالت ذلك , هذا مثير".
منتديات ليلاس
"كنت نتكلم عن لون شعر القرصان".
كانت عيناه السوداوان تضحكان بمكر مما جعل نفسها يختنق بصدرها
سأل أندرو وهو ينظر الى شعر ترينا الأسود اللماع المعقوص فوق رأسها:
" ألم يكن السير هنري مولع بأختطاف الفتيات الجميلات الأسبانيات ذوات الشعر الأسود؟".
قالت لينت ببراءة:
" ترينا ليست أسبانية!".
" ولكن شعرها أسود".

اماريج 20-09-10 10:04 PM

قالت جولي مسرورة :
" ربما تمثل ترينا دور الكنز ويخطفها السير هنري ويطلب فدية لأعادتها".
" لنفعل".
قال أندرو ومشى مكشرا بأتجاه ترينا التي خافت وتراجعت الى الوراء بدون وعي , وبلحظة حملها أندرو بين ذراعيه عاليا , صرخ الأولاد ضاحكين يتصايحون من الحماس وبدأ الكلب ينبح مشاركا بأعلى صوته.

" فرقة الأنقاذ ! أنتظموا".
أمر رود غايل ولينت , خرجتا من المغطس وحملتا المجاذيف فوق كتفيهما كالبنادق :
" سفينة الأنقاذ قد تعطل شراعها ".
قالت جولي مسرورة وراضية :
" علينا أن نتراجع بأنتظام كي نقوم بالأصلاحات الضرورية ".
أستغرب رود:
"هيه.......؟".

قالت جولي متمتمة:
" لا تكن جامد التفكير".
" حسنا , كم أنا مجنون ! تعنين زيوس وترينا".
قال جولي :
" أصمت , ستسمعك الصغيرتان ".
" روب!".
صرخ كأنه في ساحة الحرب:
" سأسابقك الى المدخل!".
منتديات ليلاس
أجابته جولي:
" حسنا".
بدأت جولي تركض الى المدخل الذي يقضي الى البستان وحدائق براكيه في أتجاه معاكس للطريق التي سلكها أندرو وترينا , كان رود يلحق بها وفي أعقابه الكلب ينبح ,ولينت وغايل تركضان في المؤخرة كالحرس , أبتعدت الأصوات كليا عبر المسافة.

وضع أندرو ترينا فوق جدار البركة ووقف أمامها ويده على خصره :
" هنا مرفأ رويال".
سألته مازحة وهي تغطي حماسها وأرتباكها لوجوده قريبا جدا منها .
هز أندرو رأسه موافقا:
" تخيلي نفسك تحت سيطرتي التامة".
تراجعت ترينا الى الوراء تمثل الخوف وقالت:
" أوه , لقد أخفتني".
" أشك بذلك".

عبس وهو يجلس قربها على جدار البركة :
" لدي فكرة تجعل السير هنري الشهير يتخلى عن سيطرته ".
رفع حاجبيه يساومها:
" أخبريني عن اللقب الذي يطلقه الأولاد عليّ".
"لا!".
قالت ضاحكة وهي تمزح وقد مدت يدها الى الماء في البركة.

" لقب فخم جدا ولن أخبرك به".
" أثرت فضولي".
" لن أتكلم".
" لا؟".
أمسك بها بسرعة وحملها فوق البركة:
" تكلمي وألا ......!".

هددها , صرخت ترينا صرخة لاشعورية من خوفها ثم بدأت تضحك , بقيت هادئة وتعابير وجهها ساخرة:
" أرم بي في البركة , لا يهمني , لن تكون هذه المرة الأولى التي ألقى بها".
أمسك بها بقسوة:
" أنت شيطانة صغيرة!".
منتديات ليلاس
كانت متأكدة أنه لن لن يلقي بها في البركة , أنه لا يحب هذا المزاح , أعترف لها بعد لحظة بأنهزامه ثم وضعها على الأرض ووقف ينظر اليها متعجبا , سألها:
" ألا تتراجعين عن عزمك؟".
قالت:
" لا".
كانت تضحك بأنتصار ومشت عائدة.
" الى أين تذهبين؟".
" الى الأولاد".

أمسك أندرو بها بقوة , أحست شعورا غريبا ومربكا , تراجعت لا شعوريا لتحل نفسها من قبضته , صدمت بجذع شجرة خلفها ولا تستطيع أن تتحرك , ضحك ضحكة مازحة وهو ينذرها , كان أنذاره رقيقا جعل ضربات قلبها تسرع وشعورها بضعفها يزداد , سألها :
" وماذا عن الفدية؟".
" الفدية!".

اماريج 20-09-10 10:05 PM

ألم تحذرها جيرالدين بالأبتعاد عنه , أنه خطر , أحست بكلمات تختنق في صدرها وهي تنظر اليه , كانت الشمس ترخي سدولها فوق شعره الأشقر , وقد ظهر صدره العاري الأسمر من قبة قميصه الحريرية وتعابير وجهه الصارم لا تلين , تحرك ببطء بأتجاهها , أنها تشعر برجولته لأول مرة.
" أعتقد أننا أتفقنا على أنك سجينتي في مرفأ رويال ولن أتخلى عنك بدون الفدية".
كان صوته هادئا وتعابير وجهه كلها مرح وعيناه السوداوان تتحديان , أبعدت ترينا نظرها عنه , كان قد حبسها فوق جذع الشجرة , وحين رفع رأسه أبتسمت له كالشمس المشرقة , كأنهما يلعبان في صباح يوم مشمس , شعورها برفقته لا يضاهيه أي شعور عرفته من قبل ولا حتى مع دنيس.
" عليّ أن أتركك تغادرين مرفأ رويال الآن".
قال مازحا:
" أنني واثق بأن السير هنري كان سيطلب ثمنا أعلى بكثير كفدية".
أجابته مازحة:
" من حسن حظي أنك لست السير هنري".
منتديات ليلاس
يسرها أن تدفع له فدية أثمن.... أن تدفع له كل حياتها , لن تخذله , أنها ليست واثقة من أنه يبادلها الشعور نفسه , الدفء يغمرها وسعادتها لا توصف .
ومن بعيد وصلت أصوات الأولاد , لقد عادا الى واقع الحياة من رحلة سحرية.
"حان وقت الغداء .علينا أن نعود".
مشيا سويا والسحر يلفهما , أصابعه القوية تشبك أصابعها لا شعوريا , لقد نسي أن يتركها.
وفي صباح اليوم التالي , يوم الأحد , حضرت جولي راكضة الى غرفة ترينا قبل الفطور , كانت ترينا أنتهت لفورها من أرتداء ملابسها .
" لقد رأيت أندرو الآن..... قال نستطيع أن نذهب للسباحة.... بعد الفطور , سنذهب بالسيارة..... مسافة ساعة واحدة".
قالت ترينا لجولي:
" توقفي قليلا وأرتاحي ثم أخبريني القصة".
لقد تسلقت السلالم مسرعة بدون توقف وقد أنقطع نفسها , وبعد أن تنفست الهواء من جديد أعادت جولي قصتها:
" أندرو ينتظر , قال لي أن الطقس جيد للسباحة , سألته أذا كان بأستطاعتنا أن نأخذ السيارة الصغيرة ونذهب الى الشاطىء , قلت له أنك تجيدين قيادة السيارة وسنكون بأمان معك كل النهار".
" شكرا".
منتديات ليلاس
أبتسمت ترينا وهي تشعر بخيبة أملها:
" لن يأتي معنا أذن".
" طبعا سيأتي , ولكنك لم تدعيني أكمل حديثي".
" متأسفة , أذن سيأتي؟".
هزت جولي رأسها موافقة :
" سيقودنا بنفسه وسنأخذ سلة طعامنا لنتغدى هناك , لقد ضحك كالمجنون عندما أخبرته أننا نطلق عليه لقب زيوس".

قالت ترينا آسفة:
" لقد أخبرته ذلك".
" نعم بعد أن سألني".
قالت الطفلة الواقعية :
"لم أستطع الأمتناع عن أخباره بعد أن وعد بأصطحابنا الى الشاطىء".

اماريج 20-09-10 10:08 PM

" هذا أبتزاز".
" ماذا قلت؟".
" لا شيء مهم , ماذا قال بعد أن توقف عن الضحك؟".
" وعد بأن لا يصرخ علينا ويتوعدنا من جديد , قلت له أننا نحبه أكثر في حالته الجديدة".
ثم مالت جولي برأسها وهي تفكر وقالت:
" هل تعرفين أنك كنت على حق عندما ذكرت أنه وحيد؟".

سألتها ترينا :
" لماذا؟".
" عندما قلت له أننا نحبه وضع يده حول عنقي وعانقني وأنا بدوري قبلته , أحمر قليلا".
أحست ترينا بشيء يخنقها , كان عليها أن تخفي وجهها عن جولي , أنها مسرورة لأنها أستطاعت أن تخرجه من قوقعته ووحدته.
منتديات ليلاس
نزل الجميع الى الشاطىء يتصايحون , كانت السماء زرقاء ضاحكة والبحر الأزرق يرحب بهم , أنتقوا بقعة نائية على الشاطىء لا يؤمها أحد ولا مساكن بالقرب منها , هناك مجال للتزلج فوق الألواح الخشبية
الأمواج المتكسرة على الشاطىء هادئة نسبيا , فك أندرو اللوحين الخشبيين له ولترينا , أعترفت ترينا بأنها تستطيع التزلج فوق اللوح الخشبي.

الشاطىء مهجور تماما ولا أثر للمستوطنين فيه , السماء والرمال وبعض الصخور , النوارس بأجنحتها البيضاء تدور فوق الشاطىء وتصطاد طعامها من الأسماك , هناك بركة طبيعية من المياه الضحلة تحيط بها الصخور حيث يمكن للصغيرتين السباحة بأمان
تسلم رود وجولي مسؤولية مراقبة الصغيرتين , لا يمكن لسمك القرش أن يصل الى البركة الطبيعية , تفحص أندرو المكان جيدا قبل أن يعلن أن المكان آمن ولا خطر البتة.

أكتشف أندرو كهفا بين الصخور , دخلت ترينا تغير ثيابها وتبعها الآخرون بالتناوب , خرجت بثياب السباحة الصفراء وشعرت بنظرات أندرو المتفحصة تتبعها
لم تخجل أو ترتبك لأن جسمها متناسق ورشيق, لقد تلكأ أندرو عمدا ليراقبها , أراد أن يتمعن برشاقتها ولياقتها , كانت تتهادى في مشية مهيبة أكتسبتها من مهنتها كراقصة محترفة , ركضت الى الماء ورمت نفسها وصرخت من البرودة
كان أندرو يضحك خلفها , سبحا لبضع دقائق , ثم جلبا الألواح الخشبية ليتزلجا فوق الأمواج المتكسرة , كانا يراقبان وجود سمك القرش الفتاك
الطقس جميل ولا أثر لوجود هذا الحيوان المفترس , كانت ترينا تقف متوازنة برشاقة فوق اللوح الخشبي يحملها مع أمواجه الى الشاطىء بسرور ومرح , كل شيء حولها مثير , الحركة الرشيقة والسماء الزرقاء ووجود أندرو قربها.

بعد الغداء تشمسا قليلا , ثم عاودا السباحة وكذلك التزلج فوق الألواح الخشبية , حملت ترينا موجة مرتفعة ورفعتها عاليا ورمتها بطريقة قاسية بعد أن صفعتها صفعة قوية قرب صخرة لا تبعد كثيرا عن الشاطىء
مر أندرو قربها وأمسك بها بسرعة من رسغها وبحركة سريعة جذبها الى اللوح الخشبي الذي كان يقف فوقه , قام بعمله بدون أي جهد.

صداقة للابد 20-09-10 10:10 PM

شكرا على مجهودك عزيزتى اماريج
اتمنى لك التوفيق نحن فى الانتظار

اماريج 20-09-10 10:11 PM

شعرت بقوته وقدرته على حمايتها.
نزل أندرو برفقتها ليرتاح وأياها فوق صخرة قريبة من الشاطىء , رجل لوحته الشمس كأنه قد أمضى أياما سابقة على الشاطىء , فتاة صغيرة رشيقة ومتناسقة , جائلها مبللة تلمع فوق رأسها كأنها فقمة , جلدها العاجي لم تلوحه الشمس بعد.

أبعدت ترينا نظرها عنه وهي ترى أبتسامة غريبة تعلو شفتيه , تمددت فوق الصخرة الدافئة وأغلقت عينيها من نور الشمس الوهاج
قال أندرو بصوت منخفض:
" يبدو عليك التعب".

" كأنني نبتة من أعشاب البحر؟".
أبتسمت , فتحت عينيها , هناك ما يزعجها في نظراته , أبعدت نظرها عنه وتظاهرت بأنها مهتمة بالنوارس فوقها
سألته:
" أنه النورس الفضي أليس كذلك؟".
" هناك العديد منها حول الشاطىء".
منتديات ليلاس
" هل صحيح أن هناك نوعين من النوارس فقط في أستراليا؟".
هز كتفيه بدون أكتراث وأجاب:
" ربما".
" قيل لي أن نورس الباسفيك هو النوع الآخر , أنه يملك منقارا أسود وأصفر".
عبس أندرو ولم يخف نزقه وقد رقص الشيطان في عينيه السوداوين".
" كفى ثرثرة".
" أنا لا أثرثر".

تراجعت بكبرياء.
" أعتقد أنها طيور جميلة , أنا أحب النوارس".
رفع نفسه قليلا ونظر اليها , تحملته ترينا قليلا ولكن نظراته المحدقة أصبحت لا تطاق , وقفت على الفور تستعد للسباحة.
كان صوته الرقيق ينساب بكسل وهو يقول:
" الى أين تهربين؟".
نظرت اليه وجها لوجه وقالت:
" هل تأمل في أن تلعب من جديد دور السير هنري؟".

" هل لديك أي مانع؟".
" سؤالك تصعب الأجابة عليه".
" لماذا؟".
" حتى لو كان لدي مانع عليّ أن أجيب بالعكس".
" ولماذا؟".
" أن الطريقة الحديثة في العلاقات أصبحت لا تعطي العناق أهمية كبرى".

قالت بجدية:
" وجدتي كانت تقول دائما لي أن الفتاة التي تسمح بعناقها بسهولة تجد نفسها رخيصة في النهاية".
وقف أندرو على رجليه وبدا جادا وكسى وجهه بعض العبوس وقال بحدة:
" لا أحد يعتقد أنك رخيصة , هل فهمت تصرفي معك البارحة على هذا النحو؟ أنا لا أعتقد أنك رخيصة ولن أعتقد ذلك أبدا".
" أفهم ما حصل........".
" أنا أشعر أنني مدين لك بالكثير".
منتديات ليلاس
مد يده فوق الندبة يتلمسها وهو يبتسم:
" كنت سأتركها تدمر كل حياتي".
" أنا مسرورة لأنني أستطعت أن أساعد".
ضحكت وقالت بتحدّ:
" سأسابقك الى الشاطىء".

قفزت من فوق الصخرة برشاقة ولحق بها أندرو , وصل قبلها الى الشاطىء , كانت عيناه تتراقصان وتضحكان بسرور , عرفت ترينا أن وجود الأولاد قربهما هو الذي منعه من عناقها بعد أن أنتصر في السباق , أنها تحب أولاد كامبل كثيرا , ولكنها في تلك اللحظة تمنت أن يكونوا في مكان آخر بعيدين عنهما.

نهاية الفصل الرابع

اماريج 20-09-10 10:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صداقة للابد (المشاركة 2450329)
شكرا على مجهودك عزيزتى اماريج
اتمنى لك التوفيق نحن فى الانتظار

ياهلا وغلا بالحلوة
العفوووو انا يلي بشكرك لمرورك وتعليقك الرقيق واللطيف
تسلميلي يارب
لك ودي ياعسولة واحلى ليلاسية

سانيورتة الامورة 21-09-10 01:34 AM

شكرا عزيزتي اماريج على التكمله ولا تطولي علينا

جنون العشق 21-09-10 03:18 AM

الله! كذا بدأ الحماااااااس
راحت العقدة وانفكت

بانتظار التكملة ياعسل

الجبل الاخضر 21-09-10 05:53 AM

ممـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتعه وننتظ التكمله تسلمين

اماريج 21-09-10 08:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سانيورتة الامورة (المشاركة 2450526)
شكرا عزيزتي اماريج على التكمله ولا تطولي علينا


العفووووووو حبيبتي
وشاكرة لك مرورك وتواجدك فيها منورة
دمتي بود

اماريج 21-09-10 08:36 PM

الله! كذا بدأ الحماااااااس
راحت العقدة وانفكت

بانتظار التكملة ياعسل




جنون العشق
سعيدة كتير^_* لمرورك وتواجدك ولتعليقك الحلو يالغلا
دمتي بكل الود

اماريج 21-09-10 08:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2450710)
ممـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتعه وننتظ التكمله تسلمين


الله يسلمك يارب
وشاكرة لك مرورك يالغلا
دمتي بود

اماريج 21-09-10 08:41 PM

5_السعادة....... هل تدوم؟
*******************************
مر الأسبوع بطيئا لا يحتمل
كانت ترينا تجد نفسها كل ليلة تنظر من نافذة غرفتها تبحث عن وصول سيارة سوداء الى مدخل المنزل , وتتأمل أن يحضر أندرو قبل يوم الجمعة كعادته , ولكن الكآبة غمرتها مساء يوم الجمعة حين لم يحضر وبقيت تنتظر وصوله بدون كلل ولكن أملها خاب

نزلت صباح السبت لتتناول فطورها وأخبرتها السيدة جاميسون بطريقة عفوية أنه أتصل بها هاتفيا البارحة مساء وأعلمها أنه لن يحضر في عطلة الأسبوع بسبب بعض الأعمال , شعرت ترينا كأنها تلقت صفعة قوية على وجهها وأن فطورها لا طعم له , وتذكرت سرورها برفقته في عطلة الأسبوع السابق.
منتديات ليلاس
صعدت ترينا بعد الفطور الى غرفتها , بدأت تفكر في أسباب غياب أندرو , هل تعمّد عدم الحضور هذا الأسبوع؟ ربما يريد أن يخبرها أن لا شيء يربطهما ....
يجب عليها أن تتقبل الأمر الواقع ببساطة , وأن تحكّم عقلها في هذا الأمر وليس قلبها وأحساسها , الكآبة تتسرب الى نفسها بدون أرادتها , غيرت ثيابها ولبست بنطلونا قصيرا وأنضمت الى الأولاد تشاركهم لعبهم في الحديقة البرية.

حيّتها جولي وهي تبتسم أبتسامة عريضة:
" مرحبا ,لماذا لم يحضر أندرو هذا الأسبوع؟".
" أنا لا أعرف , هل تفتقدينه؟".
عبست جولي كما يفعل الراشدون:
" شعور غريب , نعم أنني أفتقده, لقد تغير في الفترة الأخيرة وأصبح شخصا مختلفا , أتمنى أن لا يعود لسابق عهده في العبوس".

وهذا ما كانت تتمناه ترينا أيضا , هل حصل ما أزعجه؟هل سيعود لسابق عهده؟ هل سترى من جديد نظرته الباردة المحتقرة والقساوة في تعابير وجهه؟ سيكون ذلك رهيبا , عليها أن تغادر ملعب الأولاد سريعا حتى لا يلاحظوا كآبتها وحزنها , وصلت متثاقلة الى غرفتها
عليها أن تفعل أي شيء لتشغل نفسها وتبعد تفكيرها عنه , دخلت الحمام تغتسل , غسلت شعرها الطويل الأسود وتركت الكتلة السوداء اللماعة تنساب كالحرير فوق ظهرها وتصل الى خصرها
خرجت الى الحديقة لتجلس تحت أشعة الشمس تجفف شعرها , سلكت الى البركة طريقا جانبية حتى لا تلتقي الأولاد , تريد الأبتعاد عنهم والأنفراد بتفكيرها

جلست على حافة حائط البركة وبدأت تستعيد ذكريات الأسبوع الماضي برفقة أندرو , تذكرت تهديده بأن يرميها بالماء..... وبدلا من ذلك عانقها , كان يريد فدية لكونها سجينته , تنهدت.
لماذا لم يعد هذا الأسبوع؟ فكرت من جديد , بدأت تمر بأصابعها خلال خصلات شعرها ليتمكن النسيم من أختراق الكتلة الكثيفة من شعرها الحريري , لماذا لم يعد هذا الأسبوع؟
منتديات ليلاس
جلست تفكر طويلا , الوقت يمر بطيئا , شعرها الناعم جف وبدأت خصلاته تتطاير في الهواء , قامت تتحرك من مجلسها وأحست أن أعضاءها قد يبست من كثرة بقائها في مجلسها بدون أية حركة
تنهدت ومدت أصابعها الى شعرها في محاولة لترتيب خصلاته المبعثرة تريد تجديله
أحست بيدين قويتين تمسكان بأصابعها , أمرها بصوته الأجش:
" أتركيه".
نظرت خلفها مذعورة ووقفت لدهشتها وقد أتسعت مقلتاها من المفاجأة.
" أندرو!".

نظر اليها بعمق , أستسلمت تلقائيا لعناقه , في هذه اللحظة بالذات عرفت أن شعورها نحو دنيس يختلف تماما عما تشعر به اليوم نحو أندرو , شعورها مع دنيس شعور الأفتنان وليس الحب ,لم يبق أي شك في داخلها بأنها تحبه.... تحبه .... تحبه!
قال أندرو مازحا:
" سيبحر السير هنري من جديد".

صوته دافىء وشعاع يلمع في عينيه :
" ويصر أن تدفعي كل حياتك فدية له".
جذبها اليه وضمها:
" هل تتحملين الزواج مني؟".
" أندرو... يا حبيبي!".

اماريج 21-09-10 08:42 PM

كان جوابها كافيا , لقد أختنق صوتها وغابت الكلمات عنها , أغلقت عينيها وأحست نبضها يضرب بسرعة , دفن أندرو رأسه بين طيات شعرها الحريري , كانت تضحك بصوت مبحوح ولا تصدق كل هذه السعادة التي غمرتها
سألته بعد أن هدأ روعها من المفاجأة السارة:
" لماذا لم تحضر الليلة الماضية؟".

عبس أندرو قليلا وشدّ ذراعيه حول كتفيها وهو يجلس قربها فوق حافة البركة.
قال ببطء:
" شيء أخجل منه الآن , توصلت خلال أيام الأسبوع لمعرفة حقيقة شعوري وما حصل لي.... لم أكن أرغب في الوقوع مرة جديدة في الحب , رغبت في العودة الى براكيه يوم الأثنين.... وخفت من رؤيتك من جديد , أنا سعيد يا حبيبتي لأنك لم تشاهديني على تلك الحالة خلال الأيام القليلة الماضية , كنت لا أحتمل , أستغرب موظفو المكتب تصرفاتي الجديدة , وحاولت أن أقنع نفسي بأنني لا أحبك وبأنني لو أبتعدت عن طريقك سأنساك..... ولكنني فشلت".

تمتمت بصوت منخفض:
" لهذا السبب لم تحضر الليلة الماضية أذن".
كانت خائفة على سعادتها من الضياع .
" وكنت لن تحضر الأسبوع التالي أليس كذلك؟".
عملها في براكيه ينتهي الأسبوع المقبل وسترحل الى الأبد , لقد مر الشهر الذي تعاقدت للعمل فيه في براكيه.
" ولكنني أكتشفت أنني لن أستطيع أن أحارب حبي أكثر , كانت الليلة الماضية أسوأ أيام عمري كلها , وجدت بالنهاية أن عليّ أن أحضر حتى لا أخسرك وتختفين من حياتي الى الأبد".

لم تفه ترينا بكلمة , وضعت يديها بين يديه بمحبة , أنها تفهم حالته النفسية تماما , ثقته بالنساء لا تزال مزعزعة , هنالك بعض الشك اللاشعوري داخل نفسه من تأثير فعل جنيفر نحوه
أنه يحبها كثيرا ولكنه يخاف أن تجرحه ,حاول أن ينساها ولكنه وجد أنه سيتألم أكثر لو تركها تختفي كليا من حياته , الندبات الخفية في نفسه لا تزال موجودة
وتحتاج ترينا لوقت أطول كي تتمكن بحبها أن تمحو آثارها تماما من نفسه , أنه كالطفل , أذا جرح مرة يخاف أن تتكرر العملية .... وهو واثق أنها تبادله حبه وحبهما سيقوى على كل الصعاب.

بعد أن عادا الى المنزل أتصل أندرو بعمته جيرالدين هاتفيا ليخبرها النبأ , كانت في الخاج , وتبين لهما فيما بعد أنها في طريقها الى براكيه. أستقبلتها ترينا مهللة حين دخلت القاعة , ركضت لملاقاتها بفرح.
قالت جيرالدين:
" تبدو الفرحة في عينيك هذا المساء".
" هكذا أنا دائما".
" ولكنك تشعين سعادة".
سألتها جيرالدين :
" هل أصبح حبيبك الشاب حرا ليتزوج بك؟".
منتديات ليلاس
" لقد نسيته وهو لا يعني لي شيئا".
قالت وهي تحتقر نفسها لأنها عرفت دنيس في حيتها الماضية:
" أنا لم أفكر فيه منذ زمن بعيد".
أتسعت عينا جيرالدين فجأة من الأستغراب سألتها مذهولة:
" يا ألهي !نه ليس ..... أندرو؟".
قالت ترينا ببرود:
" أنت لا تمانعين؟".

ظهر أندرو في تلك اللحظة , دخل القاعة وهو ينظر من خطيبته الى عمته:
" هل أخبرتك ترينا الأنباء السعيدة؟".
جالت جيرالدين بين ترينا وأندرو كأنها مذهولة ثم فهمت القصة التي كانت ترينا تحاول أخبارها أياها, فبان السرور على وجهها
قالت تخاطب ترينا:
" أنها أجمل مفاجأة وقد حان الوقت ليمسك أحد بيده بمحبة".

اماريج 21-09-10 08:43 PM

كشّر أندرو بمكر :
" أنتظر أن تسيطر عليّ زوجتي سيطرة تامة".
قال ببطء وكسل :
" هل تعرفين أن الأولاد يلقبونها بالسفينة المحاربة الصغيرة؟".
" مما يؤكد أن الروح هي المهمة وليس الحجم ".
قالت جيرالدين ضاحكة:
" أعمل جهدك لرعايتها أفضل رعاية ".
ثم مالت الى ترينا وقالت:
" لا يجوز أن يبقى الزوج هو المسيطر في العلاقات الزوجية".

قالت ترينا:
" أعتقد أنه يستطيع أن يعتني بنفسه جيدا".
دخلوا غرفة تشرف على المدخل , تبادلوا التهاني والشراب والأنخاب , ضحكوا وتمنوا نهاية سعيدة للخطبة الميمونة
نظرت جيرالدين الى ترينا مستفسرة:
" ماذا ستفعلين عندما يذهب الأولاد الى المدرسة؟ هل ستعودين الى سيدني؟".
قال أندرو معترضا على الفور وقد بدا مسيطرا ومتمكنا:
" بالطبع لا".

نظرت اليه جيرالدين نظرة عاتبة كأنها لا توافق على سطوته المبكرة , أقترحت:
" أعتقد أن من الأفضل لها أن تنتقل لتعيش معي؟".
" شكرا....".
بدأت ترينا جملتها ولكن أندرو قاطعها قائلا:
" ولماذا؟ أنها ستعيش معي في براكيه , المنزل يعج بالمرافقين".
" لا شك بذلك , ولكن منزلك منزل عازب . من الأفضل لو تعيش معي في بانتغا , وهذا طبعا عائد الى ترينا ورغبتها".

وافقت ترينا قائلة:
" أحب ذلك , عمتك على حق , من الأفضل أن أعيش معها"."
" منزلي لا يبعد كثيرا عن براكيه".
قالت جيرالدين ضاحكة :
" ستزورها متى شئت , ثم علينا أن نتشاور سوية من أجل جهاز العروس".
ضحك أندرو فجأة وقال:
" أذا رفقتها لشراء جهاز العروس تأكدي من شرائها ثياب نوم حالمة".

" أندرو!".
قالت ترينا وقد شعرت بحمرة الخجل تكسو وجهها , كانت نظرات عابثة ومرحة وتعني أكثر بكثير مما أفصحت عنه الكلمات.
" أنه يتعمد أن يخجلك".
قالت جيرالدين ترطب الجو:
" أضربي ساقه برجلك ليصمت".

فعلت ترينا ذلك من تحت الطاولة وبقوة
قال بلطف يتوعدها بالعقاب عندما يخلو له الجو.
" أيتها العفريتة الصغيرة!".
ضحكت ترينا وهي تتذكر عقابه , كانت تصلي بقلبها تشكر الله على السعادة التي غمرتها , كم يبدو غريبا الآن أن تقع في غرام الشاب العابس البارد والصلب الذي ألتقته أول يوم وصلت به الى براكيه , كم شعرت نحوه يومئذ بالكراهية والعداوة والبغضاء ... وكيف أنقلب كل ذلك الشعور الى حب , كم يختلف شعورها نحوه عن شعورها الطائش لدنيس.
منتديات ليلاس
كان أندرو يتكلم مع عمته , تركت ترينا نفسها على سجيتها وهي تتفحصه ,وجهه الأسمر وفمه الصلب .... كيف تغير؟ لقد أستطاعت أن تحدث تغييرا كبيرا في شكله في وقت قصير
نظر اليها أندرو في تلك اللحظة , ألتقت نظراتهما المليئة بالمعاني والحب , كانت جيرالدين تراقبما بتكتم وهي أيضا تقدم صلاتها الصامتة لأنها منذ البداية عرفت أن هذه الفتاة تناسب أندرو
حين عادت الى بيتها كانت تشعر بالسرور العميق وراحة البال لأنها تركت وراءها شابين تغمرهما السعادة , بعد أن غابت سيارة جيرالدين عن النظر شعرت ترينا بذراع أندرو تلفها
أدارها حوله في الغرفة ونظر اليها وجها لوجه وأنحنى قليلا وهو يبتسم
كانت نظراته الشيطانية تنذرها والسعادة ترقص في عينيه السوداوين.
" العقاب؟".
ضحكت ترينا وتظاهرت بالأبتعاد عنه.
" أجابها:
"نعم أنه العقاب يا عفريتتي الصغيرة".

ثم أمسك بها بسرعة وهي تتنهد بسرور وسعادة , تمتم وهو يترجاها بصوت أجش.
" لن تصري على خطوبة طويلة؟".
تمتمت وهي تبتسم:
" ستضربني أن فعلت".
" سأضربك ضربا مبرحا حتى لا يبقى على موتك ألا القليل".
أجابها بصوت مازح كله حنان وعاطفة:
" آه يا حبيبتي........!".
أبعدها قليلا عنه وأبقى ذراعيه حول كتفيها وجلس قربها على الأريكة تحت النافذة.

اماريج 21-09-10 08:45 PM

" علينا أن نتكلم بجدية".
نظرت اليه ترينا وقد أتسعت عيناها الزرقاوان وبدا الحزن الخفيف يطل منهما .
" لا تنظري ألي هكذا وألا أعدت الكرة".
" من يريد أن يكون جادا الآن؟".
قال مازحا:
" أحسني التصرف وأطيعي سيدك".
قالت ترينا وهي تتظاهر بأنها نعجة مطيعة:
" نعم يا مولاي".
" أنت طفلة مزعجة ".

أجابها:
" أريد أن أبحث مسألة سكننا".
سألته بأستغراب:
" ألن نعيش هنا في براكيه؟".
" وماذا عن مهنتك؟".
" سأتخلى عنها بالطبع".
أتسعت عيناها .
" هل تقصد أنك ستسمح لي بمزاولتها بعد الزواج؟".
" لقد قلت لي سابقا أنها تعني لك الكثير".

قالت ترينا صادقة:
" كان هذا قبل أن ألقاك وأحبك".
" شكرا يا حبيبتي".
قال أندرو بهدوء:
" أذا غيّرت رأيك يوما ما أخبريني , يمكننا أن نعيش في الشقة في سيدني ونحضر الى براكيه في العطل ونهاية الأسبوع".
" لم أكن أعتقد أنك متفهم لهذا الأمر".
" وهل أعتقدت أنني سأخفيك خلف حجاب؟".
منتديات ليلاس
كانت أبتسامته فيها مضايقة مفتعلة ولكنه جاد فيما يقول:
" لا أعتقد أنه يحق للرجل أن يمنع زوجته من ممارسة مهنة تحبها وتستطيع أن تعطي العالم شيئا خالدا".
ران صمت غريب ثقيل , أحست ترينا برجاحة تفكيره , كانت تنتظر من أندرو أن يكون أنانيا في حبه ويتطلب تفرغها الكامل له وكانت هي مستعدة للتضحية بكل شيء في سبيله , لقد صعقها بكرمه وأخلاقه ورجاحة عقله.

" ليس لدي أي شيء مهم أعطيه للعالم , لن أصبح راقصة أولى , أعرف أنني أستطيع النجاح في مهنتي كراقصة .... ولكنني سأظل في الصف الثاني , لست واهمة في مقدرتي , أنا أحب الرقص كثيرا وزواجي لن يمنعني من الرقص".
بدت على وجهها أبتسامة شيطانية ماكرة:
" حين أشعر بالرغبة في الرقص أستطيع دائما أن أؤدي رقصة الحرب الهندية في غرفة التسلية".
غمر أندرو الشعور بالأرتياح.
" لم أرك معلمة مدرسة يومئذ".

ثم أضاف:
" لقد جن جنوني".
" منظرك كان يشير الى ذلك".
تجولا سوية في الحديقة , كانا يتكلمان همسا كالعشاق وهما ينظران لبعضهما:
" عندما رأيتك جالسة وشعرك الأسود الحريري يلفك.... لا شيء أبدا يشبه تلك الكتلة الجليدية البشرية الصغيرة التي رأيتها أول مرة , لم أستطع الأنتظار".
" أنا مسرورة لأنك لم تنتظر".

وصلا الى البركة وجلسا جنبا الى جنب فوق حافتها , وصل طائر صغير ذو ذنب طويل جدا وحط قربهما قليلا ثم طار من جديد وقد فرد جناحيه في دفء الشمس يفتش لنفسه عن صديقة تشاركه حبه, أبتسمت ترينا وهي تراقبه , العالم سعيد كله اليوم , لا شيء حولها ينذرها بالغيمة السوداء التي كانت تنتظرها في الأفق.
منتديات ليلاس
لم يعد أندرو الى سيدني في ذلك الأسبوع , قام برحلة في السيارة برفقة ترينا الى ميونا حيث يشاد المصنع الجديد , عندما سينتهي المصنع هنا لن يسكن سيدني خلال الأسبوع
سيعيّن مديرا عاما للمصنع في سيدني ويتولى هو بنفسه أدارة المصنع الجديد وسيعيش كل الوقت في براكيه , لقد راودته هذه الفكرة منذ فترة.

هذا الترتيب يناسبها , سيدني ليست بعيدة حين يرغبان في زيارة العاصمة , أنتهى الأسبوع بهدوء , يوم الجمعة نزلت ترينا برفقة أندرو من جديد الى ميونا , كانت في طريقها الى سيدني
ستركب القطار بينما يمضي هو نهاره في تصريف بعض أعماله وسينتظر عودتها في المساء بالقطار أيضا
أنها تحتاج لفستان جديد للحفلة الساهرة التي ستقام يوم السبت بعد الحفلة الموسيقية , فكرت في أن تطلب من ماردا أن ترسل لها الثوب المخمل الأصفر لترتديه في الحفلة الساهرة ولكنها عدلت عن فكرتها , أن المناسبة هامة في حياتها
ستعلن خطوبتها رسميا ولا بد لها من شراء ثوب جديد للمناسبة وقررت أن تشتري أفخم ثوب تجده حتى لو كانت مادياتها لا تسمح لها بالبذخ
فالأنظار ستكون مركزة على الفتاة التي أختارها أندرو شريكة لحياته , هو رجل معروف في وسطه وهناك العديد من الناس ينتظرون التعرف اليها.

بدأ القطار يتحرك , شعرت ترينا بأنقباض وهي تفكر لو أنها ستغادر المكان بدون رجعة أو أنها لن ترى أندرو من جديد , لقد أنتهى هذا الأسبوع عملها في براكيه وكان عليها أن تغادر نهائيا .....
أنها ستغادر اليوم لتعود في المساء , ستعود لتعيش مع جيرالدين , لقد هدد أندرو عمته بأنه سيكون على عتبة المنزل يوميا.

كانت ماردا تنتظرها في المحطة الرئيسية في سيدني , كيف ستكون ردة فعلها لأنباء خطوبتها , وهي لم تخبرها بعد , لقد كتبت لها تقول أنها قادمة الى سيدني لتشتري فستانا من أجل مناسبة خاصة ولم تذكر لها الأسباب , كانت ماردا تنتظرها في المحطة خلف الحاجز وقد كست وجهها بالأصباغ الكثيفة من أدوات التجميل:
" مشاركتك منزل التنين تناسبك".
ثم كشرت:
" هل كنت تعيشين معه".

ضحكت ترينا كثيرا مما زاد النرات الماكرة في وجه صديقتها .
" حسنا .... أخبريني الحقيقة , هل كنت تعيشين معه يا عزيزتي؟".
" لا , ولكنني صممت على ذلك".

قالت ترينا بسرعة وقد رقصت عيناها فرحا ومرحا :
" نحن مخطوبان".
صرخت ماردا:
" ماذا".
أحست ترينا أن ماردا قد فقدت توازنها ولكنها وبسرعة أستعادت شيطنتها من جديد وقالت:
" أذن ,عملت بنصيحة عمتك ماردا , تهانينا!".
كانت ماردا صادقة بتهنئتها وألحت عليها بسرد التفاصيل
ثم نظرت اليها نظرة تساؤل وفهمت ترينا بسرعة ما قصدته وقالت:
" لا , أنني لا أهرب من دنيس ".
منتديات ليلاس
ثم لان صوتها:
" بل أحب أندرو كثيرا".
لم تعلق ماردا على أقوالها ولكنها شدت على ذراع صديقتها قليلا كأنها تقول لها : أنني أفهم وضعك لأنني أعرف طعم الحب الحقيقي.
" لنذهب ونشتري فستان الأحلام , أذن هو فستان الخطوبة".
" تقريبا".

ثم أخبرتها عن الحفلة الموسيقية وأشتراكها بالبرنامج برقصة قصيرة والحفلة الساهرة التي ستليها والتي سترافق أندرو اليها.
تجولتا سوية بالأسواق وأستعرضتا جميع الواجهات والمعروضات قبل أن تتوصلا الى ضالتهما , وأخيرا وجدتا الفستان البديع
كان مصنوعا من المخمل الأحمر القرمزي , تنورته فضفاضة طويلة وقبته مفتوحة محلاة باللؤلؤ الأصطناعي ويكشف كثيرا عن الرقبة والكتفين , بعد ذلك دخلتا اى مقهى صغير حيث تناولتا طعام الغداء وهما تثرثران أبتهاجا وسعادة .

كانت ترينا تتكلم عن أندرو بشكل عفوي وطبيعي كأية خطيبة تتكلم عن خطيبها وفارس أحلامها وتنظر الى العالم من حولها نظرة وردية متفائلة .
قالت ماردا تضايقها:
" لقد غرقت في الحب لأذنيك".
" أعتقد ذلك وأشك بأنني أستطيع أن أنسى أندرو كما نسيت دنيس, هذه المرة الشيء يختلف تماما , أنه الحب الحقيقي".
" هل أخبرت أندرو عن دنيس؟".


اماريج 21-09-10 08:47 PM

" لا.... لم أذكره له أطلاقا , هل كان عليّ أن أخبره؟".
" لا أعتقد , لا لزوم لذلك لأنك أنتهيت منه الى الأبد".
كانت ترينا تفكر لو سألها أندرو أذا أحبت شخصا قبله ستكون صادقة , ستخبره بطريقة عابرة , جيرالدين تعرف حقيقة علاقتها بدنيس ولكنها لن تخبر أندرو , ربما يعتقد أندرو أنها أخفت الحقيقة عنه عمدا !
لا..... هي لن تخفي عنه أي شيء من الممكن أن يسبب لحياتها الزوجية أي أزعاج في المستقبل.

أفترقت ترينا وماردا بعد الغداء , كانت ماردا على موعد هام من أجل العمل ولا تستطيع تأجيله , وذهبت ترينا لمقابلة المسؤول عن فرقة الباليه الدولية لتعلمه عزمها التخلي عن مهنة الرقص بعد زواجها.
أنتهت ترينا من تصريف هذا العمل ومشت بأتجاه محطة القطار في طريق العودة الى ميونا حيث ينتظرها أندرو , فجأة سمعت صوتا يناديها , تسمرت في مكانها وهي تسمع دنيس , نعم هو الشاب الوسيم بشعره الأسود الفاحم وعينيه الزرقاوين , لقد أمتلأ وجهه وأصبح يشبه ممثل سينما معروف.

قالت :
" دنيس!".
كانت تتمتم بغيظ , المفاجأة غير سارة بالنسبة اليها , لم تتوقع أن تلتقيه اليوم , فدنيس أبعد ما يكون عن تفكيرها.
قال وهو ينظر اليها نظرة أعتداد بالنفس وأنتصار وقد بدا مغرورا أكثر منه وسيما:
" لم تنسي أسمي!".
" لن أستطيع ألا بجهد كبير ".

ثم أكملت بتحد:
" خصوصا لأنك قلبت حياتي رأسا على عقب في فترة من الزمن".
" فقط لفترة.....".
ضحك ضحكة كبيرة هازئة ثم تبدلت الى عبوس وهو ينظر الى الجموع حولهما:
" لا يمكننا أن نتكلم هنا , أعرف مكانا صغيرا قريبا من هنا نستطيع أن نتناول فنجان قهوة ونتحدث.
منتديات ليلاس
كانت على وشك أن تعتذر له ولكنها قررت أن ترافقه لتضع حدا قاطعا لعلاقتهما , ربما يكف عن أزعاجها أو الأتصال بها بعد أن تخبره بأمر خطوبتها , جلسا متقابلين حول طاولة صغيرة
كان دنيس يبتسم أبتسامة نكراء سألها:
" لماذا هربت مني؟ أتصلت أسأل عنك في المنزل ولكن صديقتك المرعبة لم تساعدني ولم ترضى أن تعطيني عنوانك لأكتب لك".
" أنا طلبت منها ذلك".

كانت تنظر اليه مستغربة أنها في يوم من الأيام تخيلت أنها تحبه , كم هو مغرور , الجميع يؤكد وسامته والشبه الكبير بينه وبين أحد نجوم السينما ولكنه بلا أخلاق على عكس أندرو الذي يجمع الجاذبية والوسامة والأخلاق وروح النكتة والحضور
ضحكت وهي تتذكر ساعة سجنها في مرفأ رويال , أبتسمت ترينا لذكرياتها الجميلة وظن دنيس أنها تبتسم له , وضع يده فوق يدها على الطاولة متوددا.

" كان جنون منك أن تهربي ".
قال بلطف:
" أن قدرنا واحد ولا بد أن يجمعنا".
سحبت ترينا يدها بكبرياء .
" لو كان بأرادتي فلن ألتقيك بعد اليوم".
" كيف؟".
" نعم , كل ما أريد قوله قلته لك آخر مرة ألتقينا".
" نسيت أن تقولي أننا لا نستطيع أن نعيش بعيدين عن بعض".

" أؤكد لك أنني أستطيع أن أعيش بدونك".
قالت ببرودة أعصاب لأن غروره بدأ يزعجها:
" وأنا مخطوبة وسأتزوج عما قريب".
سرّها كثيرا أن تراه مصعوقا من المفاجأة :
" لا أصدق!".
" أنها الحقيقة , لم ألبس خاتم الخطوبة بعد , خطوبتنا الرسمية ستعلن مساء السبت , غدا".
" لن أدعك تفعلين ذلك , أنت ملك لي".

قالت بصرامة وتحد:
"أنا لست ملكا لك .... ليس بعد اليوم".
ثم سحبت يدها بسرعة ووقفت خارجة :
" لآخر مرة أقول لك , أنا لا أملك لك ذرة من الشعور سوى الأحتقار والأزدراء , أنا أحب الشاب الذي سأتزوجه , لا تحاول الأتصال بي بعد اليوم".

تركته ومشت كانت الخادمة التي تحمل صينية القهوة لهما قد حضرت , نظرت ترينا خلفها ورأته يرسل الخادمة على أعقابها بالقهوة ويلحق بها , كان عليه أن يدفع ثمن القهوة التي لم يتسن لهما أن يشرباها
أسرعت وأختفت عن نظره داخل مخزن كبير متعدد المداخل , لقد عيل صبرها من وجوده قربها وندمت لأنها رضيت أن ترافقه , لقد أزعجها أكثر مما تصورت , كان من السهل عليها أن تضيعه داخل المخزن
وحين خرجت من باب آخر يفضي الى شارع آخر لم تر له أي أثر , وصلت المحطة وهي تفكر , حين تتحرك العواطف لأول مرة يصعب على الرجل أو المرأة أن يتعرف على حقيقة هذه المشاعر الجديدة ,أحيانا تختلط الأحاسيس ويعتقد الأنسان أن ما يشعر به هو الحب
ولكنه يكتشف أنه ليس حبا بل أفتنانا , وهذا ما عرفته مع دنيس , كم هي سعيدة الح لأنه لم يكن حرا وألا لكانت تزوجته وبعد ذلك أكتشفت أنها قد خدعت بحب وهمي.

كان أندرو ينتظرها حين وصلت الى محطة القطار في ميونا , رفضت ترينا بأصرار أن تريه ثوبها الجديد الذي أبتاعته لمناسبة الخطوبة لقد غمرها بحبه وعاد وأياها الى براكيه والسعادة ترافقهما
مر صباح السبت ببطء , الحفلة الموسيقية بعد الظهر والكل بأنتظارها , أختارت ترينا أن ترقص رقصة العصفور الأزرق
أحست وهي ترقص أنها تعيش دورها , سعادتها الداخلية جعلتها تقفز بمرح كأنها تفرد جناحيها لتغمر العالم كله بالمحبة وكل من حضر الحفلة أكد نجاحها المنقطع النظير.
منتديات ليلاس
بعد الحفلة عادت ترينا والأولاد بصحبة أندرو الى براكيه , كان الأولاد معجبين بها اعجابا خالصا , صعدت غرفتها ولبست ثوبها الجديد ونزلت الى مكتب أندرو , المكان الذي كان محرما عليها دخوله سابقا بدون دعوة خاصة من رب البيت , أبتسم أندرو بمحبة وهو ينظر اليها
كان فخره بها كبيرا فهي ملكه , أعجابه يشع بريقا من عينيه السوداوين
مشى لا شعوريا نحوها ثم أمسك بكتفيها العاريتين وتساءل بمكر وعبث:
" هل يتجعد الفستان بسهولة؟".

" قيل لي أنه مضمون ضد التجعد ولكنني لا أصدق أقوال الآخرين".
" أوافقك الرأي , علينا أن نجرب بأنفسنا لنتأكد من هذا القول".
ثم جذبها الى ذراعيه بحنان.

ركبا السيارة وذهبا الى باتنغا , ألتقتهما جيرالدين في القاعة , كانت ترتدي ثوبا رماديا من الحرير الشفاف الذي يناسب شكلها ونضوجها .
" أنتما كعصفورين يطيران في الهواء".
قالت جيرالدين ترحب بهما , ضحكت ترينا ونظرت الى حذائها ذي الكعب العالي وقالت مازحة:
" لا أستطيع أن أرى الأرض من فوق!".
بدأت الموسيقى تعزف , حمل أندرو ترينا الى حلبة الرقص , أنهما منسجمان حتى في رقصهما.
تمتم أندرو:
" أنت خفيفة كالريشة".
أجابته:
" هل يمكنك أن تتصور راقصة باليه ضخمة؟".


اماريج 21-09-10 08:48 PM

كان عليها أن تمزح وألا لأختنقت من سعادتها , أنها تشعر بأحاسيس عارمة لدرجة تحس معها أن دموعها ستنهمر ,دموع الفرح والسعادة .
أخذها أندرو بعد الرقص ليعرفها الى صديقه الذي وصل مؤخرا , أنه رئيس فريق العلماء في مصنعه , ثيابه الرسمية بغير أنتظام وشروده ظاهر للعيان , قالت ترينا:
" لقد عرفتك قبل أن يعرفك أليّ أندرو".

قال مازحا:
" هل يوحي شكلي بأن عقلي بعيد وفي مكان آخر؟".
قالت ترينا:
" لا , ولكنني أحسست بجو علمي حولي".
قال أندرو يضايقها:
" لقد عاشت مع الأساتذة والدكاترة حولها في البيت".
منتديات ليلاس
" مريتون؟".
حاول أن يتذكر .
" أعرف بول مريتون , هل هناك قرابة؟".
قالت ترينا :
" كان جدي".
" آه , أنه رجل ممتاز وعالم كبير , لقد قرأت تقريره عن تجزئة الطاقة النووية".

ثم بدأ يلقي محاضرة تقنية وشاركته ترينا وأندرو فيها , حضرت جيرالدين على الفور ووضعت حدا لهذه المناقشة.
" كفى , ليس الوقت مناسبا لصنع قنبلة ذرية".
قال مدير موظفي دائرة العلوم في مؤسسة دلوين:
" ولكننا لا نبحث في القنبلة الذرية بل في تجزئة الطاقة النووية".

عبست جيرالدين وقالت:
" أرجوك لا تشرح لي فأنا لا أعرف الفرق بينها وبين حبة وجع الرأس".
قالت ترينا وهي تضحك:
" تعرفين الفرق أذا أبتلعت قسما من المواد ذات النشاط الأشعاعي بدلا من حبة وجع الرأس".
قالت جيرالدين تشارك ترينا ضحكتها:
" أعتقد أنك على حق".
ثم ألتفتت الى أندرو:
" أنا أعجب من تصرفاتك , ريتشارد يبدأ في الكلام العلمي عند أول أشارة ولكن أنت اليوم مع عروسك وعليك أن تغازلها مؤكدا لها جمالها وأناقة ثوبها الجديد".
" لقد قمت بذلك من قبل وأكتشفنا أيضا أنه لا يتجعد".
" أندرو!".
ضحك ريتشارد وقال:
" العلم في خدمة الغرام , يمكن للأثواب أن تتجعد بدون أن يلحظها أحد".

أعترضت ترينا وقد وضعت يديها على خديها لتخفي حمرتهما وقالت:
" كفى".
قالت جيرالدين:
" هذه هي مشكلة العلم , أنه يبسط ويشرح كل التفاصيل".
ضحك ريتشارد وقال مخاطبا أندرو:
"أشعر أنني لا أنساني , لقد شعرت بوجود فتاة جميلة وذكية , وفهمت كل ما دار بيننا , لو كنت أصغر بثلاثين سنة لخطفتها منك".
أجابه أندرو:
" لن أترك لك هذه الفرصة".
منتديات ليلاس
ثم حمل ترينا مسرعا بها الى حلبة الرقص من جديد.
كانت جيرالدين تراقبهما برضى , نظر اليها ريتشارد وقال:
" أنت شديدة الأناقة يا عزيزتي".
أبتسمت جيرالدين:
" هذا الأمر أصبح لا يهمني , أنني مسرورة جدا لما أنتهى به الأمر بينهما , الفتاة تناسب أندرو كثيرا وهي تلعب الشطرنج أيضا".

نظر أندرو الى ترينا وهو لا يصدق أن القدر قد أرسلها اليه , لقد ربطهما القدر برباط الحب السرمدي , سعادتهما تامة ومثالية ..... هل يمكن أن تدوم؟

اماريج 21-09-10 08:50 PM


6_عقد ماسي كالمشنقة
******************************
أمضت ترينا يوم الأحد في ترتيب حقائب الأولاد وأمور أخرى ضرورية من أجل أنتقالهم الى المدرسة , كذلك كان عليها أن توضب حقائبها لتنتقل للعيش مع جيرالدين في باتنغا
لم تكن ترينا تتوقع حدوث ما يعكر صفو حياتها , هبّت ريح خفيفة ولكنها لم تتوقع مع هبوبها حدوث كارثة أليمة هزّت حياتها وسددت لها ضربة قاسية فيما بعد.

كانت لا تزال في غرفتها تهيء نفسها للرحيل .... ملف رسائلها مفتوح تحت النافذة لتنقل اليه الرسائل الموجودة في حقيبة يدها , نادوها من أسفل لتصريف بعض الأمور الملحة , نزلت على عجل وتركت ملف الرسائل مفتوحا تحت النافذة , هبت الريح تعصف بأوراق الشجر وتوقعها أرضا..... أشتد هبوبها خلال ساعة ودخلت غرفة ترينا عبر النافذة المفتوحة وعبثت بالرسائل .... واحدة طارت وحطت أرضا تحت السرير وأخرى قبعت فوق السجادة وثالثة علقت برجل الكرسي ورابعة خرجت من النافذة....
منتديات ليلاس
عادت ترينا الى غرفتها وأغلقت النافذة وأعادت الرسائل المبعثرة الى الملف , أغلقته ووضعته في حقيبتها , لم تنتبه الى الرسالة التي طارت من النافذة وحطت فوق الأرض المرصوفة قرب المدخل , بقيت الرسالة طوال الليل في مكانها
وفي الصباح طارت وعلقت بشجيرة قرب المدخل , دخل أندرو المدخل بسيارته السوداء بعد أن أوصل الأولاد الى محطة القطار حيث سيغادرون من هناك الى المدرسة.

لم ترافقهم ترينا بل بقيت في براكيه بعد أن ودّعتهم وزوّدتهم بآخر أرشاداتها , بكت الصغيرتان قليلا مع أنهما ذاهبتان الى مدرسة نهارية وستعودان مساء أذ تقع مدرستهما في ميونا بينما جولي ورود ذهبا الى مدرسة داخلية.

وقفت السيارة ونزل منها أندرو , علقت عيناه بالرسالة المعلقة فوق الشجيرة , مضى اليها وفي نيته أن يعصرها بين يديه ويتخلص منها في سلة المهملات داخل البيت
أول ما أمسك بها علقت عيناه بكلماتها بدون أرادته ,كانت ورقة واحدة وأحرفها واضحة قرأ:
" أذا كنت لا تستطيعين أن تعيشي مع دنيس في الخطيئة فمن الأفضل لك أن تتزوجي رئيسك".

جمد أندرو في مكانه ثم أمسك الرسالة عمدا وفتحها وبدأ بقراءتها من بدايتها , بدأ وجهه يشحب ولا شعوريا أمتدت يده الى الندبة فوق خده من جديد كما أعتاد أن يفعل سابقا والتي كان قد نسيها منذ أسابيع.
أكمل مشيته بخطى وئيدة الى داخل المنزل , ومن يراه يلحظ على الفور شحوبه وجموده , كانت ترينا في خلفية المنزل فلم تسمع وصول السيارة
صعدت الى غرفتها بعد ذلك وأطلت من النافذة ترقب عودته , فوجئت بوجود السيارة السوداء أمام المدخل , أبتسمت بمرح وهي تعتقد أنه وصل لتوه , وركضت بأتجاه السلالم لتستقبله , ألتقت السيدة جاميسون وهي صاعدة .
منتديات ليلاس
قالت مدبرة المنزل بأستغراب:
" يريدك السيد أندرو في مكتبه يا آنسة ترينا , شكله غريب... أتمنى أن لا يكون قد حصل أي مكروه للأولاد".
قالت ترينا بعد أن توقفت عن الركض:
" أعتقدت أنه وصل لتوه".
" لقد وصل منذ نصف ساعة تقريبا".
" أوه.........!".
عبست ترينا متعجبة ثم تكلّفت أبتسامة تقليدية :
" عليّ أن أذهب لأرى ما المشكلة ربما الأمر يتعلق بحزنه لفراق الأولاد فقد بدأ يعتادهم ويحبهم".
لم تعلق السيدة جاميسون بشيء , شاهدت ترينا تقفز السلالم مسرعة الى مكتب أندرو , ما الذي حصل ليعود غاضبا؟ ولماذا دخل مكتبه وطلب ألا يزعجه أحد.

اماريج 21-09-10 08:51 PM

دخلت ترينا غرفة المكتب , لم تر أي أثر للغضب أو عصبية على ملامح وجهه , جمدت مكانها وهي تراه على صورته السابقة , يوم ألتقته لأول مرة .
" أغلقي الباب خلفك".
أمرها بنبرة قاسية وقد بان الشحوب على وجهه بوضوح.
تمتمت بصوت منخفض كأنها تخاطب نفسها , عيناه السوداوان باردتان وفمه مشدود وتعابير وجهه جامدة.
" أندرو......".
" أعتقد أن هذه الرسالة تخصك".

أخذتها ترينا بأصابع هادئة , نبرة صوته تنم عن الكراهية والحقد , تفحصت الرسالة التي ناولها أياها وللفور صعد الدم الى وجهها ثم تراجع .... وأصبحت شاحبة كالموتى
في تلك اللحظة شعرت كيف يبدو أسلوب ماردا البوهيمي في المزاح لرجل غريب مثل أندرو , لا يعرفها أو يعرف مزاحها الذي يصعق السامع لأول وهلة .
" أندرو .... سأشرح لك ....".

بدأت جملتها ولكنه قاطعها متهكما:
" لا مبرر لذلك! أعتقد أن الرسالة واضحة ولا تحتاج لتفسير , هل كتبت لها أنك تمكنت من الحصول على الثروة".
" هي تمزح".
" هذا أكيد.... عندما يكتشف الأنسان الحقائق تصبح كلها مزاحا".
" أنك لا تعرف ماردا ....هذا أسلوبها في الحديث , دائما تقول أشياء تصعق السامع ولكنها لا تعني ما تقول , أنها تمزح".

" ودنيس؟ ".
أبتسم بمكر :
" هل أخترعته أيضا وجعلته مزحة".
" لا.... دنيس موجود ".
تمتمت:
" ولكنه لا يعني لي أي شيء".
" حقا؟".
نظرت اليه , كان يهزأ بها ولا يصدق كلمة مما تقول.
" أنت لم تتصلي به منذ حضورك؟ أنا واثق من أنك ستؤكدين لي ذلك ".
منتديات ليلاس
أرادت ترينا أن تؤكد له عدم رؤيتها لدنيس منذ حضورها الى براكيه ,ولكنها تذكرت كيف قابلته في سيدني وتمنت من كل قلبها لو أنها لم تلتقه صدفة ولم تجتمع به , لن يصدق أنها ألتقته صدفة.
ضحك عاليا وهو يرى تعابير وجهها الصادقة :
" أذن رأيته مؤخرا , منذ يومين , يوم ذهبت الى سيدني".

هزت ترينا رأسها موافقة:
" كان..... مجرد صدفة : أحلف لك يا أندرو أن دنيس لا يعني لي أي شيء , يجب أن تصدقني".
" لقد كسرت نظارتي الوردية منذ زمن بعيد يا عزيزتي".
أجابها ساخرا :
" ولماذا لم تذكريه لي من قبل؟".
" لم يكن ذلك ضروريا , أنه لا يهمني.....".

سألها بمكر:
" الرجل الذي تحبين..... لا يهمك؟".
قالت صادقة:
" أنا لا أحبه".
ثم تملكها اليأس , لقد تأكدت أن وجود دنيس في حياتها يهدد سعادتها ومستقبلها , أنه لا يشكل سوء تفاهم ويزول
بل أنه يشبه جنيفر لانجلي في حياة أندرو , ونظرت ترينا اليه بحزن:
" أنت الذي أحبه , هذه هي الحقيقة".
" أو هي أموالي التي تحبين؟".

أجابها بسرعة وقد جمدت عيناه السوداوان وهو يردد عليها مقاطع من الرسالة:
" الرجال الذين يكرهون الجنس اللطيف يكون ترويضهم ملذا , هل كنت مسرورة وأنت تروضينني؟ حتما , الأموال ستجعل لترويضي ثمنا عادلا".
" أنها تمزح".
" أهكذا! وأنت؟ ألم تفعلي بنصيحتها؟ ألم تقرري بأن تحصلي على المال أن لم تفوزي بالحب؟ ثم ألم تستعملي سبيل المديح معي؟".

اماريج 21-09-10 08:52 PM

قال أندرو كلماته بطريقة ماكرة وعابثة وساخرة , لم يصدقها حتما , عرفت ترينا أنه من المستحيل أن تقول أي شيء لأنه لم يكن يسمعها....
عليها أن تنتظر قليلا ليهدأ من الصدمة التي أصابته من قراءة رسالة ماردا أولا , سيكتشف بعد وهلة أنها تمزح وسيتحقق بنفسه من طريقتها الهزلية....
رأت يده تصعد لا شعوريا الى وجهه لتلامس الندبة كالسابق , لم تستطع أن تمنع نفسها من التقدم اليه لتمسك بيده وتعيدها الى جنبه.

" لا يمكنك أن تفعل ذلك , لا يمكنك أن تترك المرارة تعود الى نفسك ".
أبتسمت وهي تترجاه :
" أنا أعني كل كلمة قلتها لك , الندبة لا تشوهك ".
" أنا واثق بأن أموالي كانت أفضل من عملية التجميل في نظرك".
" أهذا حقا ما تؤمن به؟".
شعرت أن صوتها الدافىء سيؤثر فيه من جديد ولكنه هز كتفيه بدون أكتراث.
" لن ينفع نكرانك يا عزيزتي , أنا لست غبيا كي ألدغ من الجحر مرتين ".

" أذن , لا مجال , لماذا أذهب لأعيش مع جيرالدين".
قالت بصوت منخفض وهي تأمل يائسة أن يقر بغلطته ويعتذر ويؤكد لها أن العلاقة بينهما لم تنته .
" أفضل أن أعود الى سيدني ..... كما كان مقررا في السابق".
قال ببرود:
" ليس من الضروري".
نظرت اليه وكلها أمل , أبتسم هازئا وهز رأسه مطمئنا :
" لا تهتمي يا عزيزتي , أموال دلوين لن تهرب من بين يديك , أنا ما زلت أريدك , أنت للبيع فلماذا لا أشتريك؟ ".
منتديات ليلاس
مد يده وأمسك بكتفيها وشدّها بقوة اليه:
" ستذهبين لتعيشي مع جيرالدين كما قررنا من قبل , يجب أن لا تعرف حقيقة أمرنا".
وجدت ترينا نفسها غير قادرة على الكلام , لم تحاول أن تتهرب من قبضته الوحشية ,كانت تحس بتعمده أهانتها وهو يشدها اليه
أحست بالذل وأرادت أن تتهرب منه ولكن قوته الفولاذية التي سحرتها سابقا جعلتها سجينته اليوم , أرادت أن تمنعه ولكنها لا شعوريا كانت ترغب به بالرغم من قساوته وأحتقاره.

" أنت ممثلة بارعة وتساوين ما أدفعه , لن أندم على هذه الصفقة".
كان يتعمد أهانتها , لم تتكلم , كانت ترتدي ثوبا للبحر له حمالتان على كتفيها , أمسك أندرو بالحمالتين وأزاحهما بطريقة وقحة وبشكل خال من الأحترام وحين أراددت أن تمنعه قهقه بصوت وقح أخافها.
" لا , لا يا عزيزتي , أنا سأعطيك مالي وأسمي ولكن لا تنتظري أن أعطيك أحترامي".

تحملت ترينا المزيد من غزله القاسي الخالي من أي حنان أو محبة , أحتارت كيف تتصرف؟ أنها لا تصدق أنه عاد لسابق عهده , من غير المعقول أن لا يحس بحبها الصادق , رفع رأسه ونظرت اليه , عرفت أن أملها قد خاب , أنه لا يصدقها , لا تزال عيناه تنظران اليها بشك ورغبة.

عليها أن تختار , هل تتركه ليعود الى رشده ويكتشف أنها تريده لشخصه لا لماله , أم تتركه وترحل وينتهي كل شيء بينهما؟
هل تبقى وتتحمل أهاناته وأستهزائه وتنتظر أن تمر فترة الشك وأنعدام الثقة ليعود لصوابه ويتذكر علاقتهما الطيبة وحبهما العميق , يجب أن يتحقق بنفسه أنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء مما يتهمها به.

تمتمت وهي تحاول للمرة الأخيرة أن تفهمه الحقيقة:
" ماردا تمزح".
قال مستهزئا:
" صحيح؟".
" أنا معتادة على أسلوبها لذلك لا آخذ أقوالها مأخذ الجد , أنها تمزح , وأنا لا أكذب عليك".
قال متهكما:
" أنت لا تكذبين؟".
قالت بصدق:
" أندرو , أنا أحبك , عليك أن تصدقني".

" حسنا".
قال بخشونة:
" الموضوع كله مزحة , بل أكبر مزحة في الموسم , لا تهتمي سأدفع ما علي , وستحصلين بالمقابل على الجواهر والماس الذي ترغبين".
قالت:
" لا , لا أريد شيئا.....".
" جميع النساء اللواتي يفتشن عن الثروة والمال يفضّلن الماس".

" أذا كان هذا هو شعورك نحوي فأنا لا أفهم لماذا تصر على الزواج مني".
" ألا تفهمين؟".
أبتسم بمرارة ووضع يديه بخشونة فوق كتفيها بأحتقاء :
" قلت أن لي رغبة فيك , سأصر على الزواج وكما قلت سابقا أنت سلعة للبيع وأنا سأشتريها وأدفع الثمن".
بدأ الغضب يساورها , حاولت ترينا أن تتراجع , أن تقول له أنها ليست للبيع ولا للشراء , كتمت كبرياءها وجرحها
قالت تجاريه:
" لا بأس , سأتزوجك على أساس هذا الأتفاق".
منتديات ليلاس
" هذه شهامة منك ".
قال بأستهزاء :
" ماذا ترغبين أن أقدم لك هدية زواج؟ يمكنك أن تجعليها غالية الثمن , لا بد وأنك تعلمين أن رصيدي بالبنك يتحمل كل طلباتك".
أجابته :
" أريد عقدا من الماس".
لقد برد غضبها بسرعة كما بدأ , أمسكت بذراعه من جديد تحاول التفاهم معه:
" لا أريد عقدا وأفضل أن أحظى بحبك".
" أنك لست عملية , ثمن الماس المادي أفضل بكثير.... سأشتري لك عقدا ثمينا من الماس كما طلبت".
أفلت ذراعه من قبضتها ثم نظر الى ساعته:
" ستصل جيرالدين في أية لحظة , سأصعد لأحمل لك حقائبك".
قالت حزينة :
" أنها جاهزة".

زهورحسين 21-09-10 10:17 PM

حقيقة انت لهب واختياراتك روعة وذهب000
:flowers2:هذه الك00
:flowers2:هذه هم الك00
:flowers2:وهذه مااكدر اكول موالك00

جنون العشق 22-09-10 12:51 AM

حماااس
يعطيك العافية ياغالية

اماريج 22-09-10 05:32 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2451622)
حقيقة انت لهب واختياراتك روعة وذهب000
:flowers2:هذه الك00
:flowers2:هذه هم الك00
:flowers2:وهذه مااكدر اكول موالك00


شاكرة لك مرورك ومتابعتك وانتظارك
ومشكورة يالغلا على هذا الكلام الجميل وشكرا على الزهرات يااحلى زهرة
دمتي بود ياعسل
:flowers2:


اماريج 22-09-10 05:39 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنون العشق (المشاركة 2451765)
حماااس
يعطيك العافية ياغالية




الله يعافيك يارب
ومشكورة يالغلا على التشجيع وعلى متابعتك ومرورك العطر
دمتي بود يالغلا
:flowers2:


اماريج 22-09-10 05:40 AM

أحست كأنها مخدرة , تمنت أن تدوم هذه الحالة معها لأنها كانت واثقة بأن الألم سيتبعها , الألم سيدوم طويلا , لن يصدق أقوالها....
تمتمت وهي صاعدة لتغير ثوبها وتحضر نفسها لتنتقل الى باتنغا.
" يا ألهي أجعله يؤمن بصدق أقوالي".

حمل أندرو حقائبها ووضعها في القاعة ونظر اليها محذرا وهو يرى جيرالدين تدخل مدخل البيت بسيارتها.
" تذكري جيدا , يجب أن لا تعرف جيرالدين أي شيء , لقد لعبت دورك بأتقان في السابق وعليك أن تكملي التمثيل".
" أنا لم أكن أمثل......".

قاطعته وهي متأكدة بأنه لم يكن يعيرها سمعه , فقدان الثقة والشك قد عاوداه من جديد وربما تضاعفا عنده بدخول عنصر الغيرة المدمرة , لقد عرف أنها كانت تحب شخصا غيره يوم حضرت الى براكيه , والوقت هو الكفيل بأظهار الحقيقة.
منتديات ليلاس
وجدت ترينا نفسها تبتسم رغما عنها الى جيرالدين حين دخلت القاعة , وكذلك فعل أندرو , تابعت ترينا التظاهر بالسعادة وأجبرت نفسها على الثرثرة بمرح كعادتها
دخلت السيارة السبور وجلست في المقعد الأمامي قرب جيرالدين ,مالت بوجهها اليه مودعة , حاول أن يخفي أحتقاره لها أمام جيرالدين ألا أنها أحست به , قال:
" سأكون عندك في الصباح الباكر".

ضحكت جيرالدين ومدّت يدها تلوح بها مودعة وقالت:
" سأعتني بها من أجلك".
بدأت السيارة رحلة الصعود وصوت المحرك يهدر ولكن ترينا لم تسمع هديره , كانت لا تزال تسمع كلمات أندرو الساخرة وتتذكر أقواله المريرة.

حضر أندرو صباح اليوم التالي كما وعد , عملت ترينا مجهودا كبيرا لتبدو طبيعية في حضرة جيرالدين , وكذلك فعل أندرو لأن كبرياءه تمنعه من الظهور بمظهر الساذج السهل الأنخداع
كانا يتبادلان الأبتسمات الرقيقة والنظرات الناعمة الحالمة ظاهريا ولكن مزاجهما كان يحمل بطياته التقريظ والقساوة وحين ينفردان ببعضهما تسود علاقتهما المرارة والشك وفقدان الثقة
كان المكر والغضب يملأن عينيه السوداوين والأحتقار والكره على شفتيه وهي مرتبكة لا تعرف ماذا تفعل , ربما كان من الأفضل لها أن ترحل ,ولكنها لم تستطع أن تقرر بعد.

خلال الأسبوع نزل أندرو الى ميونا لزيارة المصنع الجديد برفقة ترينا , وعندما أبدت أهتمامها بالبناء سألها بعصبية أذا كان أهتمامها يعود للأموال الطائلة المنتظر أن يجنيها المصنع الجديد , وجدت أن من الأفضل لها أن لا تسأل أي سؤال ولا تبدي أي أهتمام.

قبل نهاية الأسبوع ذهب أندرو الى سيدني , وبالرغم من الجفاء بينهما وجدت أنها أفتقدته وأشتاقت لزيارته , تساءلت أذا كان يبادلها شعورها مع أنه لا يثق بها.....
شعورها نحوه لم يتبدل بعد كل الذي حصل , أنها تحبه ولن تستطيع أن تتخلص من حبه أبدا حتى لو قرر أن تنتهي العلاقة بينهما بالأنفصال , حبها الحقيقي له جعلها تتحمل كل ما فعله معها بل هي مستعدة أن تسامحه على الفور.

كانت ترينا تجلس مع جيرالدين في الشرفة حين حضر أندرو عائدا من سيدني
رأت جيرالدين السيارة السوداء القادمة وأعتذرت بلباقة.
" عليّ أن أساعد مارتا في تدبير العشاء".

نزل أندرو من سيارته وخف مسرعا اليها , وجدت ترينا نفسها تبتسم بالرغم من أبتسامة لا شعورية لأنها فعلا أشتاقت له , أبتسم أندرو تلقائيا كأنه نسي دوره القاسي الغاضب , وبعد لحظة وبسرعة عادت اليه نظرة الأحتقار.
" أحسنت في أستقبالي , هل جيرالدين ترانا".
" لا ".
كانت قاسية في نبرتها :
" أبتسمت لك لأنني أريد ذلك فعلا".

" لم لا؟ ".
قال مازحا :
" ربما لأنك ترغبين في عقد الماس".
" لا أريد عقدا من الماس!".
أجابها بطريقة كريهة:
" هذا ليس معقولا يا عزيزتي".
كان يحيطها بذراعيه , ثم أكمل:
" قلت بأنني سأدفع ثمن حبك".
تغيرت تعابيره , بدأت شرارة تلمع في عينيه السوداوين وغاب المكر منها.

قال بصوت أجش:
" أنت حسناء وصائدة أموال".
" لا أسمح لك بأن تقول ذلك عني؟".
أجابها وهو يستعمل قوته كي لا تهرب منه:
" وماذا تستطيعين أن تفعلي".
تراخت في مقاومتها لا شعوريا , ثم صدته بسرعة ودخلت مسرعة الى غرفة قريبة من الشرفة , تبعها على الفور , وقد وصلت جيرالدين الى الغرفة أيضا فتوقف عن ملاحقتها.
منتديات ليلاس
أبتسمت جيرالدين لهما وقالت مخاطبة أندرو:
" مرحبا يا عزيزي , أرجو أن تقدّر حسن تصرفي بالأختفاء عند قدومك".
كان يمزح وهو راض ومسرور:
" سأشكرك الى ما لا نهاية".
" لن يتأخر العشاء كثيرا هل حرك الغرام شهيتك؟".
" أشعر بالجوع الشديد".
أجابها أندرو ونظر الى ترينا متكاسلا :
" على فكرة يا حبيبتي لدي هدية لك".

أخرج علبة مخملية فاخرة من جيبه وللفور أحست ترينا كأنها قطعة ثلجية قالت بأرتباك:
" أنا.... ظننت أحدا يناديني".
كانت لا تدري ماذا تقول لأنها كانت تراقب أندرو يفتح العلبة المخملية التي بين يديه.
قالت جيرالدين ضاحكة:
" لا تقولي أنك تخجلين من وجودي".

اماريج 22-09-10 05:44 AM

جلست في كرسي مريح :
" لا تهتمي , أنا أيضا أتذكر أيام شبابي".
لم تتكلم ترينا , كان نظرها مركزا على العلبة في يد أندرو ... لا يستطيع أن يفعل ذلك.... لكنه فعل..... رأت بريق الماس يشع من فتحة العلبة , كان عقدا ثمينا وجميلا.
جعل أندرو يتباطأ في حركته وهو يضع العقد حول عنق ترينا , كان بريقه رائعا , شعرت بالعقد باردا فوق بشرتها وهي تقف مشدوهة تحاول أن تقنع نفسها بأن ذلك لم يحصل ...عادت تتذكر كلامه .... وتسمع صوته....
" أذا كنت للبيع, لما لا أشتريك؟".

نظرت جيرالدين الى العقد بأعجاب ثم أبتسمت الى ترينا:
" يا عزيزتي , أنك تجيدين تدريبه على أفضل السبل".
قال أندرو:
" أليس كذلك".
سمعت ترينا نبرته وما تنطوي عليها من معان , لم تفهم جيرالدين المقصود ولكنها هزت رأسها توبخه قائلة:
" كان عليك أن تعطيها العقد على أنفراد لتشكرك كما يجب , الآن وأنا معكما لن تستطيع أن تفعل , ولن أغادر الغرفة وأختفي بلباقة من جديد".
منتديات ليلاس
ضحكت ترينا رغما عنها :
" أستطيع أن أشكره في وقت لاحق , عليه أن ينتظر فالغلطة غلطته".
ستقيم الدنيا وتقعدها فوق رأسه , ستقذفه بالعقد , صحيح أن أهاناته السابقة لم تزعجها ولكن العقد أهانة كبرى ولن تغفرها له.

أحسن أندرو بما يدور في خلدها , كان يعلم لا شعوريا أنه يتصرف خطأ لذلك أغتنم فرصة وجود جيرالدين معهما ليقدم لها العقد وكان يعرف أنها لن تستطيع أن تقذف به أمامها
جلست جيرالدين بعد العشاء تطرز وهي تستمع لآخر الأستعراضات الموسيقية من المذياع , نزل أندرو بصحبة ترينا من الشرفة الى الحديقة.
" نراك فيما بعد".
قال لعمته:
" أعتقد أن الوقت قد حان لتشكرني ترينا على هديتي".

ضحكت جيرالدين ولكن ترينا لم تفه بكلمة وهي تسير برفقته , الليلة مقمرة ومناسبة لتكون ليلة سعيدة للعاشقين , ولكن الظروف معهما تختلف.
قال متشدقا:
" الآن..... ألا تعتقدين أن الوقت قد حان لتشكريني؟".
" أنا لا أريد العقد".

مدت يدها وخلعته من حول رقبتها , أرتفع حاجباه وقال هازئا:
" لماذا لا تريدينه؟ أظن أن جميع الفتيات يرغبن في عقد ماسي وأنت قلت أنك تريدين عقدا من الماس".
" أنا لم أكن جادة".
" مزحة أخرى؟".
" لا , قلت شيئا لا أعنيه , كنت أنت تضايقني وترغب أن أقول لك شيئا من هذا القبيل... أنا متأكدة بأنني لا أريده".

قذفته اليه وهي ثائرة:
" هل تعتقد أن هديتك تسرني في مثل هذه الظروف؟".
ضحك ضحكة خبيثة:
" أنت تجيدين التمثيل , موقفك الآن خطير , ربما آخذ العقد وتخسرينه".
" أنا أريدك أن تأخذه وتعيده".
ضحك بمكر وقال:
" لا تهتمي , لن أتهمك بالخداع والمراوغة , يمكنك أن تحتفظي به".

" أنا لا أريده".
كررت ترينا قولها :
" خذه وألا سأرميه أرضا!".
أخذه منها ببطء:
" سأعيده الى عنقك".
وجعل يربطه حول عنقها من جديد.
بقيت ترينا واقفة بدون حراك وهو يثبته حول رقبتها ولكن غضبها عاد اليها من جديد ومدت يدها تحاول أن تنتزعه من مكانه من جديد
أمسك أندرو أصابعها بقسوة :
" قلت لك أتركيه مكانه".

وقبل أن تقول أي شيء جذبها اليه وعانقها فأحست ترينا أن كل أحتقاره وكراهيته قد أختفيا , وشعرت أن الشك وأنعدام الثقة قد ذابا , وأن الأمل يتسرب الى داخلها , الأمل بأن الحب الذي يربطهما سيتغلب على كل الصعاب.
تمتمت ورأسها فوق كتفه:
" آه ... أندرو.......!".
" أنت تجيدين التمثيل , لديك مؤهلات أنثوية أتمتع بها بالمقابل".
منتديات ليلاس
كانت كلماته الساخرة المتشدقة كالصفعة القوية على وجهها , أختفت جميع الألوان من محياها وبدت شاحبة كالموتى ومات أملها الجديد
قالت بأنكسار:
" لماذا تتفوه بتلك التعابير البذيئة؟".
" لماذا تمثلين ؟ لن تخسري أي شيء أن كنت صادقة".
قالت بمرارة :
" وماذا سأخسر؟".
" ألا تعرفين؟".

نظر متعمدا الى العقد في جيدها ومال بيديه القوية يمسكها:
" أفهمي جيدا وتذكري دائما ما كتبته لك صديقتك : أن كنت لا تحصلين على الحب فلماذا لا تحصلين على المال..... لن تحصلي على الأثنين معا".
قالت ترينا ببطء:
" أنا لا أفهمك".
قال ضاحكا:
" أعتقد أنك تفهمين قصدي جيدا".

اماريج 22-09-10 05:45 AM

" أنت لا تقصد أنني سأتزوجك لمالك ثم أخدعك مع دنيس؟".
" ألم يخطر ذلك ببالك؟".
" لا , لم يخطر ذلك ببالي أبدا ".
كانت مفاجأة لها أن تسمعه يقول ذلك , بدأت تتجمد وتبرد وكل شعور نحوه يموت .
" أذا كان هذا هو شعورك فلا ينفع أن نكمل مشوار الزواج؟".
" أنا مستعد أن أسيره معك على هذا الأساس".

قال جادا:
" أريده مفهموما منذ البداية".
حدقت ترينا به فترة طويلة وهي لا تدري بما تجيب , من غير المعقول أن يكون أندرو هو الذي يتكلم معها على هذا النحو , أنه كابوس ثقيل , أنه ليس حقيقة , أنه حلم مزعج.

سألها وقد أكد لها أنها تعيش الحقيقة.
" حسنا , ما هو قرارك؟".
أمسكت ترينا بالعقد وشدته من رقبتها وقذفته الى الأرض قرب رجليه ثم ركضت داخلة الى المنزل , مرت قرب جيرالدين بدون أن تكلمها
صعدت الى غرفتها وبدأت توضب حقائب السفر بيدين مرتجفتين وتستعد للرحيل , ليس هناك أي أمل بعد , لقد أعتقد أندرو أنها ستخدعه مع دنيس بعد الزواج , هو حتما لا يحبها.
منتديات ليلاس
وبعد دقائق قليلة كانت جيرالدين تطرق بابها بلطف وتطلب الدخول .
" ترينا أرجوك أن تسمحي لي بالدخول يا عزيزتي , هناك مشكلة وربما أستطيع المساعدة".
قالت ترينا بعناد:
" ليس هناك أية مشكلة".
" لا ؟ لقد مررت بي كالعاصفة وبعد دقائق ركب أندرو سيارته بدون وداع , وتقولين ليس هناك مشكلة!".
مشت ترينا الى الباب متثاقلة وفتحته:
" سترحلين؟".

قالت جيرالدين بأستغراب بعد أن ألقت نظرة على الحقائب , وهزت رأسها غير موافقة.
" لا تفعلي ذلك يا عزيزتي, لا يمكن لأية مشكلة أن تكون بهذه الخطورة , سوء التفاهم يحصل في البداية بين الخطيبين من جراء توتر الأعصاب الذي يسبق الزواج ,جميع هذه الخلافات تهدأ وتبرد بعد فترة قصيرة".

" أنها ليست خلافات بسيطة".
أستدارت ترينا اليها مواجهة:
" الأمور بيننا سيئة منذ فترة".
" لم ألاحظ عليكما أية خلافات".
أجابتها ترينا بمرارة:
" ربما لأننا نجيد التمثيل".
" أن أستطعتما أخفاءها فهذا يعني أنها ليست مهمة".

" أنها مشكلة ولن أستطيع أن أكمل مشواري معه.... هذا كل ما في الأمر".
" هل الخلاف يتعلق بحبيبك الشاب؟".
" تقريبا".
" ظننت أنك شفيت من حبه... وأنك تحبين أندرو".
أجابتها ترينا :
" وأنا كذلك".

كان في نيتها أن تخير جيرالدين بالحقيقة , لا لزوم لأن تخبرها عن النعوت البذيئة التي وصمها أندرو بها.
" تعتقدين أنك لن تستطيعي الزواج من أندرو بسبب حبك القديم؟".
" دنيس!".
" ولكنك قلت أنه متزوج ولا سبيل لحريته ولا نهاية لحبكما ...".

" لن أتزوج من أندرو...... لن أنفعه".
" أنت لا تصدقيني القول".
أبتسمت جيرالدين مواسية:
" أنت تحبين أندرو كثيرا".
" نعم أحبه وسأظل أحبه الى الأبد".
" ولماذا تهربين أذن ؟ أعتقدت أنكما أسعد خطيبين!".
أجابتها ترينا بمرارة وحزن:
" لسنا كذلك؟ أنها الندبة المشؤومة.....".
منتديات ليلاس
" هي جنيفر والحادثة..... تعتقدين أنه لا يزال يحبها .... هل هذه هي المشكلة؟".
هزت ترينا رأسها نفيا , عادت جيرالدين تسألها ملحة:
" أذن ما السبب الذي أدّى الى أنفصالكما؟".
" لا أستطيع أن أخبرك؟".
" من الأفضل أن نتكلم عن المشكلة سوية , الأنسان لا يستطيع أن يرى الأمور على حقيقتها ليتخذ القرار المناسب , العاطفة تحجب الرؤية الصحيحة للأمور".

" لن ينفع سردي للمشكلة".
" ولماذا لا تجربي؟ لا يمكنك التكهن بالنتائج قبل أن تحاولي , من الممكن أن أستطيع مساعدتك".
بقيت ترينا صامتة لفترة ثم خضعت لرغبة جيرالدين وسردت لها القصة بحذافيرها كما حصلت , كانت جيرالدين تستوضحها بعض الأمور وتسألها بعض الأسئلة وتستمع اليها بجدية وتعقل بدون أن يبدو عليها العطف أو الأنحياز أو أي أنفعال آخر.

اماريج 22-09-10 05:47 AM

" لا ألومك على شعورك يا عزيزتي ولكن المشكلة لا تحل برحيلك , لقد قطعت شوطا كبيرا في علاقتك.....".
" ولكنني لا أستطيع أن أتحمل المزيد من الأهانات , أنه يعتقد أنني سأخونه.... وأخدعه بعد الزواج , من المؤكد أنه لا يحبني وألا لما أستطاع أن يتفوه بهذه العبارات".

" على العكس , أعتقد أن ذلك يؤيد حبه لك .... لا يمكنك أن تتركي كل شيء وترحلي".
" لا , لا أستطيع أن أكمل المشوار , أنا لا أتزوجه لماله".
" أعرف ذلك يا عزيزتي , سيفهم ذلك عندما يثوب الى رشده ,أعطه بعض الوقت".

" بعض الوقت..... لقد صبرت أسبوعا , تفهمت غضبه في البداية ولكن غضبه يتفاعل ويتضاعف".
صمتت قليلا تحاول ضبط أعصابها , ولما أكملت كان صوتها هادئا .
" عليّ أن أرحل , هي الطريقة الوحيدة ليتأكد أنني لا أتزوجه لماله....... حين أقطع علاقتي به الآن وأرحل لا بد وأن يصدقني ...... وأذا كان حقا يحبني سيلحق بي".

نزعت خاتم خطوبتها من أصبعها وناولته الى جيرالدين , أخذته منها مترددة.
" أرجوك أن تعيدي اليه خاتمه وتشرحي له وضعي , سأكتب له رسالة تبرر تصرفي , ربما لن أستطيع أن أشرح وضعي بوضوح الآن".
قالت جيرالدين معترضة:
" لن تسافري هذه الليلة؟".
منتديات ليلاس
" بل يجب".
أنتصبت ويدها فوق رأسها :
" آسفة , أشعر أن علي أن أرحل فورا فأنا مرتبكة التفكير , لقد أحتملت ما فيه الكفاية".
" فقط أنتظري للصباح".
قالت بتمرد:
" لا أستطيع , يجب أن أرحل الآن".
وجدت جيرالدين أنه من الصعب أقناعها أو الحوار معها , هي حزينة وغير سعيدة وربما أذا أصرت عليها في البقاء ستحاول الهروب ولو مشيا على الأقدام , قالت بهدوء:
" سأوصلك الى محطة القطار".

" لا لزوم , سأستدعي سيارة أجرة".
حملت ترينا حقائبها الى أسفل بعد عشرة دقائق حيث وجدت جيرالدين بأنتظارها في القاعة , كانت باردة وجامدة في وقفتها.
" أتصلت ببراكيه تلفونيا منذ دقائق".
قالت ترينا:
" الأفضل لو لم تفعلي.....".
" ألا تعتقدين أنه يحق له أن يعرف أنك راحلة من حياته؟ ربما يريد اللحاق بك الى المحطة أو منعك من السفر".

" ماذا قال؟".
" لم يصل بعد الى براكيه.... تركت له رسالة".
ران الصمت خلال الرحلة , كل منهما كانت تفكر على أنفراد.
وصلا الى ميونا بعد نصف ساعة ,لم تكن ترينا تتصور أنها ستترك ميونا على هذا الشكل وقلبها متعلق بحب أندرو , لقد حرمها من حبه بسبب حساسية ولّدتها فيه فتاة أخرى صدمته في حبه , ولأن صديقتها ماردا برسالتها أعادت اليه ذكرياته الأليمة بمرارة مضاعفة بدون أن تدري .

كانت جيرالدين تراقبها مذعورة , هناك عطل عام في محطة القطار مما تسبّب في التأخير ساعة وربع على موعد القطار المعتاد.
سألتها جيرالدين:
" هل تحبين أن أبقى معك لحين قيام القطار؟".
" لا , أفضل أن أبقى وحدي".
" أكره أن أتركك على هذا الحال".
" ليس باليد حيلة".

عبست جيرالدين ثم أمسكت ذراع ترينا بلطف وحنان.
" لن أقول وداعا لأنني متأكدة أنك ستعودين , سيلحق بك أندرو فور أستلامه رسالتي ".
قالت جيرالدين مؤكدة , لكن ترينا هزت رأسها نفيا لأنها لا تصدق.
" لا تنظري هكذا , سيلحق بك , أنا واثقة من ذلك وألا لما تركتك ترحلين".

سألتها ترينا حزينة:
" وأذا لم يلحق بي؟".
" سيلحق بك سنقول الى اللقاء , لن نقول وداعا".
ذهبت جيرالدين عائدة الى باتنغا
تساءلت ترينا : هل ستجري الأمور معها حسب ما تشتهي؟ هل سيلحق بها أندرو حقيقة؟ لا بد أن يلتقيا من جديد ,أنه ليس الوداع الأخير.
منتديات ليلاس
راقبت ترينا سيارة جيرالدين تبتعد قبل أن تعود الى داخل المحطة , كانت فترة الأنتظار مملة وطويلة ولكنها ستيح لأندرو فرصة اللحاق بها أن أراد .... بعد أن يستلم رسالة عمته.

شعرت بأنقباض وهي تفكر بأمكانية عدم اللحاق بها , يجب أن يلحق بها , لا يمكنه أن يصدق كل ما جاء برسالة ماردا ...... أنها تحبه فعلا.
جلست في غرفة الأنتظار ثم أنتقلت الى مطعم المحطة وطلبت فنجانا من الشاس , شربت نصفه ووجدت أن لا طعم له


اماريج 22-09-10 05:49 AM

لكنه لم يفعل , كانت داخل القطار ساهمة وهو يبدأ مسيرته ببطء وتردد كأنه يشاركها التذمر , جلست في القطار وهي تتمنى .... ولكن خاب أملها ,وببطء أبتعدت المحطة عن ناظريها وأختفت الأشجار الطويلة كليا .
منتديات ليلاس
ربما سيلحق بها الى سيدني , عليه أن يلحق بها الى هناك , لا يمكنه أن ينساها .... القطار البطيء جعل الرحلة مريعة , لقد زاد ألمها وكربها وهي تعيد ذكرياتها لنفسها , وصل القطار الى سيدني أخيرا وبدأت تراقب من جديد وجود سيارة سوداء بأنتظارها في محطة سيدني ......
ولكن لا شيء من هذا القبيل , توقف القطار وسمعت تنهيدته الكبيرة وهو يخرج البخار الكثيف قبل أن يقف , لم تكن ماردا بأنتظارها لأنها لم تتصل بها لتخبرها بعودتها , الوقت متأخر وستكون نائمة بسلام , كانت ماردا تعرف أنها باقية في باتنغا الى يوم الزفاف.

الزفاف! شعرت بأختناق في حنجرتها وصعوبة في البلع , ملأت الدموع مآقيها ومسحتها بكآبة , حملت حقيبتيها وبدأت تمشي على الرصيف , لم تنتظر حمالا يساعدها , كانت تجد في تعذيب نفسها راحة تشغل تفكيرها بعيدا عن همومها , حاول رجل مساعدتها ظنا منه أنها مريضة ولكنها أبعدته بنظراتها القاسية
وأخيرا دخلت سيارة الأجرة التي حملتها الى الشقة عند ماردا , أستفاقت ماردا على صوت المفتاح يدور في القفل .... أعتقدت أن أحدا يقتحم عليها المنزل ليلا , خرجت مذعورة لترى ترينا أمامها.

رفعت نظرها وفتحت فمها لتقول شيئا ولكنها توقفت بعد أن شاهدت ترينا على تلك الحالة , مشت لمساعدة ترينا بحمل حقيبتيها الى غرفة النوم ثم عادت وأجلستها فوق كرسي وذهبت الى المطبخ لتضع أبريق الشاي على النار.

" توجد علبة بسكويت هناك أفتحي العلبة بينما أحضر الشاي يا عزيزتي".
لبت ترينا أوامرها لا شعوريا , عادت ماردا بالفناجين والشاي.
" لقد تشاجرت مع أندرو!".
" لا لزوم لتتكلمي عن ذلك الآن أذا كنت لا ترغبين".
" ألا تتعجبين من عودتي الآن....".

توقفت وهي تتذكر أن رسالة ماردا هي السبب الرئيسي في خلافها مع أندرو , عليها أن تخفي هذه الحقيقة عنها حتى لا تلوم نفسها , حتى لو كانت ماردا هي المسؤولة عن تعاستها فليس من الحكمة أن تتشاجر معها أيضا.
منتديات ليلاس
" أندرو شديد الحساسية وأنا كذلك حادة الطبع وسريعة الأنفعال .... وقد تطورت الأمور بيننا ووجدت من الأفضل أن أرحل".
" لا يهمك , ستعود الأمور بينكما الى سابق عهدها , في الصباح الباكر عندما تستيقظين ستجدينه بأنتظارك أمام الباب".
قدمت لها فنجان الشاي كأنها تقول أنه الدواء الشافي لجميع العلل , أنه يشفي حتى من وجع القلب........ من الحب.

عليها أن تصدق أقوال ماردا , الرابطة القوية بينها وبين أندرو لن تنقضم عراها بسهولة , سيعود غدا صباحا كما قالت ماردا , ولكنها لم تستطع أن تهدىء من ضربات قلبها السريعة وهي تفكر في المستقبل , كيف سيكون المستقبل بدونه .... لو لم يلحق بها , أنها تفضل قربه حتى لو ظن بها أسوأ الأمور.

نهاية الفصل السادس

اماريج 22-09-10 05:50 AM

7_الأنتظار ليس للأبد
******************************
خلافا لما توقعت , نامت ترينا نوما عميقا متواصلا , كانت منهكة القوى من كثرة التفكير , نعمة كبيرة أنها لم تبق صاحية لتعيد في ذهنها ذكرياتها السوداء , أستفاقت قرب الظهر
وبالرغم من نومها العميق ألا أنها لا تزال تشعر بالتعب , نهضت من فراشها وهي تساءل : هل أنته كل شيء بينها وبين أندرو؟ أنها تتعذب من خوفها أن لا يعود أبدا.

لبست ثيابها مسرعة بعد أن أخذت دوشا منعشا ودخلت الى غرفة الجلوس , كانت جديلتاها منتظمتين بترتيب فوق رأسها , ولم تر ماردا لأنها كانت في المطبخ تحضر الفطور وتغلي الشاي
نظرت ماردا اليها حين دخلت الى غرفة الجلوس نظرة ماكرة وهي تحاول جهدها أن تبدو طبيعية كعادتها , كان همها أن تشعر ترينا بأنها في بيتها وأن لا شيء قد تغير بينهما منذ غادرت سيدني قبل أسابيع وأن الأمور طبيعية كالسابق.
منتديات ليلاس
" مرحبا.... هل نمت جيدا؟".
حيتها ماردا:
" لم أزعجك بعد الرحلة الشاقة الليلة الماضية , أن قطار الليل البطىء متعب للغاية".
" نمت جيدا لم أستيقظ مرة واحدة خلال الليل".
" حسنا , أثناء نومك نزلت الى السوق وأشتريت بعض الحاجيات".

وقفت ترينا وسط غرفة الجلوس وسمحت لأفكارها أن تجنح بها الى الماضي القريب ثم نظرت عبر النافذة مستطلعة , رأت فوق الطاولة قرب النافذة بعض رسوم ماردا
نظرت اليها متفحصة:
" هذه الرسوم ممتازة".
" شكرا يا صغيرتي تابعي مديحك , هذا ما أرغب في سماعه".
أبتسمت ترينا لا شعوريا وهزّت ماردا رأسها موافقة على تصرفاتها :
" وهذه الأبتسامة هي ما أحب أن أرى على وجهك , لا تهتمي... سيعود كل شيء الى مجراه الطبيعي".

تنهدت ترينا كأنها لا تصدق :
" أتمنى ذلك".
" طبعا".
البارحة أكدت لها بأنه سيكون أمام بابها حين تستفيق .... ولكن لم تصدق في ظنها , هل من الممكن أن لا يصل أبدا؟ هذه الفكرة ترعبها وتخيفها وتجعلها ترتجف.
قالت ماردا مازحة :
" الفطور جاهز , كلي جيدا".
أبتسمت ترينا غصبا عنها وقالت:
" حاضر".

لم يتكلما في بداية الفطور ولكن حين شارف الشاي على النهاية قالت ماردا بطريقة عفوية:
" هل ترغبين في الكلام الآن؟".
هزت ترينا كتفيها:
" لا يوجد الكثير لأقوله".
" الكلام يساعدك في التنفيس عن صدرك , أنا لن أثرثر ولن أقدم لك أية نصيحة أذا كنت تفضلين ذلك".

" أنا لا أريد أن أحملك همومي".
طلبت منها ماردا أن تتكلم دون تباطؤ وبدأت ترينا تخبرها القصة بدون أن تذكر لها أي شيء عن رسالتها التي كانت السبب المباشر في سوء التفاهم بينهما.
" ولكنك كنت تعرفين أسباب الندبة من قبل وتفهمين أنه يوليها أهتماما كبيرا , لقد ذكرت ذلك في رسالتك".
" أنه لا ينسى أنها تشوهه وتجعله يبدو كالمسخ .... وتجعل الجميع ينفرون منه..... ولما سمع.... عن دنيس.....".
منتديات ليلاس
" أذن دنيس هو السبب , هو الذي أشعل الفتيل؟".
" تقريبا , لا أستطيع أن أخبرك بالضبط... لقد فسر شيئا على غير حقيقته ولم يصدقني حين أقسمت له أن ذلك ليس صحيحا".
" نهضت ورميت له خاتمه في وجهه بعد أن ظهر طبعك الحاد الى الوجود".
قالت ترينا:
" ليس بعد , لقد حدث ذلك بعد أسبوع".
" بعد أسبوع!".

" حاولت خلال الأسبوع أن أشرح له ولكنه لا زال يؤمن بأنني سأتزوجه لأمواله , ثم قال أن عليّ أن أقرر أذا كنت أرضى بماله بدون حبه ".
ثم أرتجفت وهي تتذكر:
" هو يؤمن أنني سأتزوجه وأبقى على علاقتي بدنيس سرا".
قالت ماردا بعزم:
" الغبي!".
"لا....".

هزت ترينا رأسها غير موافقة ثم أكملت ما عدت أحتمل المزيد , فكرت بأنني أن فسخت خطوبتي ورحلت سيتأكد أن أمواله لا تهمني..... أعتقدت أنه سيلحق بي....ز لكنه للأن لم يفعل".
قالت ماردا:
" سيحضر عما قريب".

اماريج 22-09-10 05:52 AM

بدأ الوقت يمر بطيئا , كانت ترينا تستشير ساعتها كل خمس دقائق بدت الفترة الصباحية كأنها أشهر , لم يحضر أندرو في الصباح ,وساعات بعد الظهر مرت بطيئة , ولم يحضر أندرو بعد الظهر , غابت الشمس وأرخى الليل سدوله
لن يحضر أندرو في الليل ولم يحضر.... ولا زالت تتأمل أن يحضر في صباح اليوم التالي , ولكن اليوم أنقضى كاليوم السابق ولم يحضر أندرو , ومرت الأيام , فقدت ترينا كل أمل بعودته , وأجبرت نفسها على تقبل الأمر الواقع....... أنه لن يحضر أبدا.

لم تشعر نحوه بالكراهية , كانت واثقة بأن جرحه القديم بدأ ينزف , الجرح الذي خلفته جنيفر في نفسه كان أقوى من الندبة الظاهرة على وجهه , جرحه عميق ولن يندمل بسهولة وساعدت رسالة ماردا في أعادة شكوكه وعدم ثقته بالمرأة.

الحياة يجب أن تستمر , بدأت ترينا تفتش من جديد عن عمل كانت سعيدة لتجد أن مكانها في فرقة الباليه الدولية لا يزال شاغرا بدأت دوامة العمل من جديد وساعدها عملها في تضميد جراحها
كانت أحيانا تنسى أندرو في وهلة الرقص ولكنه يعود اليها حين تخلو لنفسها , من غير المعقول أن تنساه , ما تكنه له يختلف تماما عما كانت تكنه لدنيس
لن تشفى أبدا من حبه كما شفيت من حب دنيس , عليها أن تكيّف حياتها لتعيش بدونه , سكوته كان أبلغ مما يمكن أن يقوله , حين يصدقها ويثق بها سيعود اليها مستغفرا.... ستغفر له وتسامحه على الفور , فهي تحبه, ولكنه للآن لم يسترجع ثقته بها ولا يريدها.
منتديات ليلاس
مرت الأسابيع والشهور ولم تستلم منه أية رسالة , قررت أنه حادث عرضي في حياتها ربطها الى ما لا نهاية , لقد أنتهت بالنسبة اليه , لقد وضعها في صف جنيفر , الشك وعدم الثقة بها سيحولان دون تصالحهما ..... لن تعود المياه الى مجراها بينهما قبل أن يتغلب على شكوكه.

كانت ترينا ترقص مع زميلها الشاب القوي , حملها الى أعلى وطوحت نفسها الى الخلف بحركة رشيقة ويداها توازن حركتها , صدحت الموسيقى بعنف وضربت الصاجات ضربة قوية تعلن أنتهاء الرقصة ,عمّ القاعة صمت قبل أن يبدأ الجمهور بالتصفيق , كانت الرقصة تمثل أسطورة فلكلورية
بقيت ترينا مأخوذة بالموسيقى لفترة قبل أن تعود الى الواقع , لحظاتها الراقصة هي التي تتيح لها فرصة الهروب من ذكرياتها , لو بأستطاعتها أن تطبق على ذكرياتها الأليمة مع أندرو بأصابع قوية وتخنقها كليا في ذاكرتها.

دخلت غرفة الملابس مع الراقصات وهي تثرثر وتضحك , كان العمل المرهق وما يتطلبه من تمارين يشغلها عن حنينها الى أندرو , جميع أفراد الفرقة عرفوا بفسخ خطوبتها لأنها كانت قد أستقالت سابقا بسبب رغبتها في الزواج
كانوا يعتقدون أن أسباب فسخ الخطوبة تعود لأنها تحب الرقص ولا تستطيع أن تتخلى عنه لأي سبب , وقد وافقت على هذه المغالطة لتحمي ماء وجهها.

فكرت ترينا مرارا بالعودة الى براكيه ولكن كبرياءها تمنعها من هذه الخطوة , كانت تؤمن أن الخطوة الأولى للمصالحة يجب أن تأتي من طرفه بما أنه هو الذي أتهمها بالزواج طمعا في ماله
ولكن أندرو لم يخطو هذه الخطوة المنتظرة وبالتالي وهبت ترينا حياتها للعمل , أجهدت نفسها بالتمارين لعلها تنساه , تعجبت لأنها لم تسمع من جيرالدين أو تستلم منها رسالة
ربما وجدت جيرالدين أن من الأفضل أن تقبل بالأمر الواقع .... بأن كل شيء قد أنتهى ومن الأفضل أن تقبل بالأمر الواقع ... بأن كل شيء قد أنتهى ومن الأفضل أن لا تحيي الماضي بأتصالها.

مرت الأيام وتلتها الأسابيع والأشهر ... أربعة أشهر مرت منذ رحيلها عن براكيه , كم تمنت ترينا أن تلتقي أندرو صدفة في سيدني حيث يعمل كل أيام الأسبوع ولكن أملها ضعيف جدا لأزدحام المدينة بالسكان لكن تمنياتها باءت بالفشل ولم تلتقه أبدا , حتى لو ألتقته ما الذي سيحصل؟
ربما تكتشف بنفسها أذا كان كل شيء بينهما فعلا قد أنتهى أو ربما بأعجوبة تعود علاقتهما لمجراها الطبيعي.

مرت الأيام متشابهة , أعتادت حياتها الجديدة مع الألم والحزن وهي ليست أول فتاة تتألم لفسخ خطوبتها , كانت أحدى فتيات الفرقة الراقصة قد مرت بالتجربة نفسها حيث نبذها حبيبها وأحست أن العالم قد أنتهى
كان الجميع يخففون عنها , الراقصة الأولى في الفرقة , وهي سيدة عصبية المزاج تصاب بنوبات من الغضب مما يجعل من حولها يبتعد عن صداقتها, كانت تواسي الفتاة وتساعدها على تحمل مصيبتها
قالت:
" لا تدعيه يسبب لك كل هذا الحزن يا صغيرتي , مهما يكن فأنه لا يساوي دموعك الغالية".
أجابتها الفتاة وهي تبكي بحرقة:
" ما زلت أتألم كثيرا ولكنني سأنساه مع الوقت".

كانت ترينا نادرا ما تذهب في المساء خارج البيت , وأذا خرجت فألى دور السينما لوحدها أو برفقة ماردا , خرجت مرة لتشاهد فرقة الرقص الأسبانية التي كانت ستقدم أستعراضها في العاصمة....
وكانت تتناول غداءها مع فتيات الفرقة , أحيانا كانت تجد نفسها منفردة بزميلها الراقص النروجي , لم تخدع نفسها بأنه يحبها أو يتودد اليها وعادة كانت تتكلم معه بأمور الرقص والفرقة والتمرين ولكن ماردا كانت تجد في علاقتهما بصيص أمل .

ربما يستطيع هذا الشاب أن ينسيها أندرو قليلا
قالت ماردا مازحة:
"حان الوقت ليجد أندرو منافسا له , آسفة يا صغيرتي ولكن عليك أن تنظري الى الطرف الآخر للشاطىء".
" علاقتي به ليست كما تعتقدين , أنه لم يسألني أن أخرج معه في موعد".

" لقد حان الوقت تناولتما العديد من فناجين القهوة سوية قرب شجيرة الصبير".
" كان أجتماع عمل , نتكلم في شؤون الرقص".
" يجب أن نطلب منه أن يفحص رأسه".
" لا , لن تفعلي! ".
ضحكت ترينا بعد أن تذكرت أن ماردا تمزح .
"كم أنت خبيثة , معظم الأوقات لا أعرف مزاحك من جدك".

" لو كنت واثقة بأنه يستطيع أن ينسيك رجلك من آل دلوين لذهبت اليه وطلبت منه أن يغازلك , على فكرة ,هل يشتهر شباب النروج بالغزل؟ أنا لم أفكر بذلك من قبل".
أجابتها ترينا بسرعة:
" ليس لدي أية فكرة عن مواهبهم أو مؤهلاتهم في هذا المضمار , أياك أن تفكري بأي مقلب".
" ستكون تجربة علمية لو كنت واثقة بأنه سينسيك أندرو.........".

" أشك بذلك".
" المرة الثالثة , هي الثابتة .... يقول المثل".
" ليس دائما".
" لقد حان الوقت لتجربي حظك للمرة الثالثة , أنا لا أعني الشاب النروجي .... ولكنك لا تذهبين مع أحد مع أنني متأكدة بأنك تستلمين دعوات من غيره , ولكنك ترفضينها , لماذا لا تقبلين دعوة منها؟".
" لا رغبة لي".

صمتت ماردا برهة:
" أعرف أن حديثي يؤلمك , ولكن الرجل الذي لا يعترف أنه أقترف خطأ أو لا يستطيع أن يعترف أنه أقترف خطأ لا يمكن أن يسعد أية فتاة , لقد وصفته في رسالتك الأولى , أنه صلب قاس ولا قلب له..... وهذه الصفات تنطبق عليه تماما".
" لا , أنه ليس كذلك , أنه رجل مجروح ويحاول أن يجرح كل من حوله".
" أذا كان مجروحا فليس له الحق بجرح الآخرين حوله".
منتديات ليلاس
" لا حيلة لديه".
أجابتها ماردا بأشمئزاز:
" يا ألهي , أنك تنتحلين له الأعذار , أنه شيطان رجيم".
" المرأة دائما تنتحل الأعذار للرجل الذي تحب".

" عليه أن يثق بك أولا , أنه لا يصدق ما تقولين وحتى بعد أن أقسمت له..... كيف يمكنك بعد أن تحبيه".
هذا الجدل هو الذي كانت تخافه ترينا , كانت تخاف من أن تتوصل الى حقيقة أنه لا يحبها .... ولكن شعورها كان يطمئنها بأنه لا يزال على حبه لها بالرغم من كل ما حصل بينهما , وهو يحتاجها كما تحتاجه ولا بد لهما في النهاية من التلاقي.

حاولت ترينا أن تضع نفسها مكانه علها تتفهم تصرفاته , فوجدت أن ذلك صعب جدا لأنها كانت ستصدق كل ما يقوله لها , الثقة هي ركيزة الزواج.
لن تسعد بحمل أولاد منه, لن يكون لها ولد صورة طبق الأصل عن والده... عليها أن تنسى الموضوع برمته , هذا الموضوع قد أنتهى.

أدارت ترينا وجها فوق وسادتها , سيطول الليل وستنتظر طلوع الفجر وهي تفكر فيه وتتذكر حياتها معه التي لا يمكن أن تنساها أبدا.
يتدخل القدر في حياتنا رغم أرادتنا , لقد أصبح دنيس حرا أخيرا .... أنحل من رباط الزوجية.

صباح يوم السبت كانت ترينا تغني لنفسها نغما شائعا وهي ترتب الشقة وتنظفها بعد أن خرجت ماردا الى السوق لتبتاع بعض الحاجيات , ومع أنها حزينة من كثرة شوقها لأندرو ألا أنها أحيانا تنغم لنفسها لا شوريا , قرع جرس الباب
أعتقدت أن ماردا بالباب .... ربما نسيت مفتاحها في البيت أو لم تجده في حقيبتها لكثرة الأشياء التي تحتويها , فتحت ترينا الباب وظهر أمامها دنيس.

اماريج 22-09-10 05:53 AM

كانت ردة الفعل التلقائية أن تغلق الباب بوجهه , لكنه عاجلها ودخل قبل أن تتمكن من ذلك وهو يبتسم أبتسامة ماكرة ويهز رأسه موبخا:
"ما هذه الطريقة الباردة في أستقبالي؟".
سألته:
"لماذا حضرت الى هنا؟".

" أريد أن أراك يا حبيبتي!".
كانت ترغب صادقة في صرفه وقطع كل علاقة تربطها به ألا أنها سألته:
" كيف عرفت برجوعي الى سيدني؟".
" كنت مارا الليلة الماضية بالقرب من النادي الدولي للباليه , شاهدت صورتك على الملصقات بالخارج".
منتديات ليلاس
عندما شاهدت ترينا صورتها على ملصقات الفرقة الدعائية فرحت وأحست بفخر لنجاحها , فهي تؤدي رقصة صغيرة منفردة ضمن البرنامج مما يدل على نجاحها وتقدمها , ومن أجل دنيس , تمنت لو بقيت راقصة مغمورة ضمن المجموعة.
" قمت ببعض التحريات , كنت أعلم أنك ذهبت لتتزوجي , قيل لي أن الخطوبة قد فسخت وأنك عدت ترقصين مع الفرقة".

أمسك دنيس يدها اليمنى ليتحقّق من خلوها من خاتم خطوبة وهو راض يبتسم.
" لم تستطيعي المضي في الزواج الى النهاية من أجل حبي".
سحبت ترينا يدها بسرعة من بين يديه:
" هذا شيء لا يخصك ولا يعنيك , وليس له أية علاقة بك".
قال وهو يبتسم أبتسامة الواثق:
" لا أصدق؟".

سألته بغضب وأنفعال :
" هل تعتقد جادا بأنني فسخت الخطوبة من أجل حبك؟".
" أليس كذلك؟ لدي أنباء سارة لك يا حبيبتي".
" بحق السماء , نحن ندور بحلقة مفرغة , لقد قلت لك في لقائنا الأخير أنني لا أريدك أن تتصل بي أبدا".
" كنت أفهم وضعك وأسباب تذمرك , لقد أنحلت العقدة الآن ".
ثم أضاف:
" ألن تسأليني عن أخباري السارة ؟".

" أنا لا أهتم بك ولا بأنبائك , حتى لو ربحت الجائزة الكبرى في اليانصيب أو ورثت تاجا من المجوهرات ..... أخرج من هنا فورا".
بدأ الأنفعال يبدو في عينيها الزرقاوين ورفست الأرض برجليها بحدة:
" كم أنت جميلة حتى في غضبك! ".

قال ببرود:
" بحق السماء ! كفى مزاحا يا حبيبتي".
قالت ترينا وهي تتراجع الى الوراء مبتعدة عنه وهزت كتفيها وقد نفذ صبرها وهي تتعجب من غبائها لأنها أعتقدت في يوم ما أنها أحبت هذا المغرور والأناني
ثقيل الدم ثم أضافت:
" ما هي أخبارك؟".

سألته وفي نيتها أن تتخلص منه فور الأجابة على سؤالها.
" توفيت ليندا".
قالت حزينة:
" أوه..... أنا آسفة".
" آسفة؟ لا تكوني غبية !".
" وأنت لا تكن قاسي الفؤاد".
" هل ترغبين في أن أكون مخادعا؟ كنا على خلاف مستمر والود مفقود بيننا , لقد كرهتها يوم رفضت أعطائي حريتي لأتزوجك".
منتديات ليلاس
" آسفة لأن الحديث جاء متأخرا , اليوم لا فرق عندي أن كنت حرا أم مقيدا , لقد قلت لك سابقا أن كل شيء بيننا قد أنتهى".
" كانت الأمور تختلف في الماضي , أما الآن فنستطيع أن نتزوج".
" لكنني لا أريد الزواج منك".

كان صوتها صارما :
" ألا تفهم يا دنيس؟ يوم ألتقيتك كنت وحيدة وحزينة..... كنت لا أعرف أي شيء عن الحب أو الرجال .... أعتقدت أن شعوري نحوك هو الحب .... ولكنني تبينت فيما بعد أنني كنت مخطئة , لقد وقعت في الحب الحقيقي ومع شخص غيرك, لم تنته قصة حبي نهاية سعيدة ولكنني ما زلت أحبه ".
" لا أصدقك , أنك تلفقين الأمور لتصرفيني!".

اماريج 22-09-10 05:55 AM

" ولماذا؟".
" لأنني طلبت منك سابقا أن تهربي لتعيشي معي , أنت ما زلت حاقدة علي من أجل طلبي ذلك".
" أذا كنت حقودة فمن الأفضل لك أن تتركني".
هز رأسه نفيا:
" حتما لا , كل أنسان لديه بعض الأخطاء".
" هذه شهامة منك ".
وجدت أن اللين معه لا ينفع , بدأت تثور غاضبة وهي تقول:
" أذا كان الأمر لا يهمك........".

توقفت عن أكمال تهديدها وهي تسمع الباب يفتح وتظهر ماردا..... دخلت وهي تسد أنفها بأصابعها وتقول أنها تشم رائحة نتنة , تبادلت نظرات الكراهية مع دنيس
قالت بوقاحة:
" أنت في طريقك الى الخارج , أليس كذلك؟".
" نعم , رددت ترينا :
" لقد قلنا كل شيء".

نظر دنيس نظرة ثانية الى ماردا ثم الى ترينا وأستدار على أعقابه خارجا.
" علنا أن نفتح كل النوافذ , كم مضى على وجوده هنا؟".
" ليس كثيرا , أنا لم أطلب منه الدخول".
" حتما لا , أنا لا أعني ذلك , كيف عرف طريقك؟".
أخبرتها ترينا بسرعة فسألت ماردا من جديد:
" ما الذي يريده منك ؟".
" أخبرني أن زوجته قد توفيت".

" هل قدمت له التعازي أم التهاني ؟ أعذري سلاطة لساني ولكنه يثير غضبي وأشمئزازي , هل طلب منك الزواج؟".
" نعم".
"لم تفقدي عقلك وتجيبيه بنعم؟".
" طبعا لا".
" خفت أن يكون قد ألتقاك في حالة نفسية سيئة وقررت أن تحني لحبك الأول ونسيت رجلك من آل دلوين".
"لا أستطيع أن أنساه أبدا".
منتديات ليلاس
فتحت ترينا المذياع تتسلى بسماع الموسيقى والأخبار ونسيت دنيس تماما , قررت أن تحمل ثياب السباحة وتخرج الى الشاطىء برفقة ماردا بعد الظهر أذ لا يزال الطقس دافئا وجميلا.
________
في صباح يوم الأحد خرجت ترينا وحدها وركبت الترام تقصد المدينة , المدينة هادئة يوم العطلة , تجولت في الحديقة لا تلذ النزهة ولا الأستمتاع بجمال الطبيعة على أنفراد
مشت الى المرفأ تراقب السفن في ذهابها وأيابها وقررت أن تذهب الى مانلي في نزهة بحرية , أشترت تذكرة وأنتظرت وصول المعدية , كانت ترغب بالأنفراد مع ذكرياتها.

الرحلة مريحة , المعدية كبيرة وهي تتمايل بلطف فوق الأمواج الهادئة عبر المحيط الهادىء , نزلت في مانلي الى الشاطىء , هناك شباك كثيرة لحماية الشاطىء من سمك القرش الفتاك
مشت بمحاذاة الشاطىء تتفرح على السابحين والسابحات ثم دخلت شارع كورسو حيث المخازن الحديثة تنتشر على طرفيه وفي وسطه أشجار النخيل الطويلة , مشت قليلا ثم أستراحت فوق مقعد على الشاطىء , قبل أن تعود أدراجها الى المعدية في طريق العودة.

سألتها ماردا:
" هل تمتعت بوقتك؟".
" لا بأس كان تغييرا مفيدا".
" كنت أريد أن أخبرك أنني وبيرس نخطط لتمضية الأسبوع القادم في هكسبوري قبل أن يبدأ موسم الخريف".
" هذا جيد , أحب أن أرافقكما".

أرادوا أن يحجزوا في الفندق ولكن الموسم السياحي يشارف على نهايته والأزدحام شديد فلم يتمكنوا من أيجاد غرف لهم , وافقوا على مرافقة زوجين من الأصحاب يملكون كوخا على ضفة نهر هكسبوري وعلى قبول دعوتهم لمشاركتهم عطلة الأسبوع.

كان المطر ينهمر بغزارة في بداية الرحلة ولم تمض بضع دقائق حتى أنقشع الضباب فتفاءلوا أخيرا , كان الموكب يتألف من ثلاث سيارات , أستأجر بيرس سيارة لأنه لا يملك واحدة
كان هو وماردا يجلسان في المقعد الخلفي بينما جلست ترينا قرب السائق تحاول أن تحادثه بتهذيب لكنه كان من النوع الذي يسأل ويجيب في الوقت نفسه
ولذلك لم تجد ترينا صعوبة في مجاراته في الحديث ببضع كلمات , كانت سيارة الزوجين تسبقهما لتدلهما على الطريق وخلفهما السيارة الثالثة تضم بقية الرفاق
قالت ماردا:
" سنصل عما قريب , لقد زرت المكان من قبل , سيعجبكم كثيرا".

يقع الكوخ الذي يقصدونه على ضفة النهر بعيدا عن المدينة ضمن أكواخ مبعثرة هنا وهناك على ضفتي النهر , وبدأت السيارة رحلة صعود من جديد , الطريق جبلية وعرة ملتوية وتحتوي على منعطفات ضيقة ومخيفة
فجأة برزت أمامهم شاحنة كبيرة تسير على غير هدى ويبدو أن كابحها قد تعطل , أطلت الشاحنة عليهم من خلف منعطف وأنزلقت الى الجهة المعاكسة لأتجاه سيرها , لم تصطدم بالسارة الأمامية ولكنها أصطدمت بهم.
كان على السائق أن يختار بين الأصطدام بالشاحنة أو تفاديها وبالتالي يميل بسيارته نحو المنحدر ويسقط بالوادي السحيق , أختار أن يضرب نفسه بالشاحنة لجهة الجبل , رمى بنفسه فوق ترينا يحميها وهو يغيّر أتجاه السيارة بسرعة حتى يتفادى السقوط بالوادي
ضربت السيارة في مقدمة الشاحنة وتهشمت فوق الصخور الجبلية , تذكرت ترينا أنها سمعت صراخا وتحطم زجاج ثم عمّ الظلام.....
فتحت ترينا عينيها لتجد قربها فتاة بلباس أبيض , أنها الممرضة.
" هل أنا في المستشفى؟".

سألتها الممرضة:
" هل تشعرين ببعض التحسن؟".
" ماذا حدث؟".
" لا تهتمي للأمر".
قالت بضعف ظاهر ولكن بلهجة آمرة:
" يجب أن أعرف ماردا؟ بيرس".
" هما بخير , بعض الكدمات والخدوش السطحية , لا يوجد كسور في العظام , لم يصب المقعد الخلفي للسيارة بأي أذى".

سألتها ترينا:
" والسائق؟".
كانت قد أستعادت بذاكرتها منظر الشاحنة التي فلت كابحها والسائق يحاول بسرعة أن يغير أتجاه سيارته ويرمي بنفسه فوقها
رأت ترينا نظرة حزينة ترتسم على وه الممرضة:
" لقد مات! ..... أليس كذلك؟".
قالت الممرضة:
" أنا آسفة يا عزيزتي , لم نستطع أن نسعفه".

أدارت ترينا وجهها والدموع تنساب من مآقيها.
" لقد رمى بنفسه فوقي ليخلصني , أنا لا أعرفه ....... لقد أنقذ حياتي.........".
" بعض الرجال يتصرفون بشهامة , لقد مات على الفور , لم يشعر بألم.... أذا كان ذلك يساعد في تخفيف حزنك عليه".
قالت ترينا ساهمة:
" نعم , أنه شجاع وشهم , ضحى بحياته لينقذني , رجل عرفته لساعات قليلة".
منتديات ليلاس
شرعت تبكي بحرقة , أحضرت الممرضة أبرة صغيرة في محاولة لتهدىء من روعها وتجعلها تخلد للسكون والنوم , حين أستفاقت من راحتها الأجبارية وجدت ترينا وجها أليفا بالقرب من سريرها , تمتمت:
" ماردا , أنت بخير؟".
" أنا التي سأسألك هذا السؤال".

كانت ماردا بصحة جيدة وتلف يدها ببعض الضمادات البيضاء .
" أخبروني بأنني سأعيش ولكني لم أكن لأعيش لولا تضحية السائق".
" كان شابا مهذبا كسر سائق الشاحنة رجله , لا نستطيع أن نلومه , لقد تعطل الكابح معه فجأة ".
سألتها بصعوبة:
" وبيرس ؟ كيف حاله؟".

" بعض الكدمات والخدوش السطحية لن تؤثر أبدا على وسامته ورجولته الفتاكة".
لاشعوريا تذكرت ترينا أندرو , لقد خرج من حادث مماثل بندبة فوق خده الأيمن , أحست ماردا بما تفكر به ترينا.
" أنت تفكرين بأندرو , أليس كذلك؟".

اماريج 22-09-10 05:56 AM

لم تجد ترينا فرصة للأجابة عن السؤال لأن الممرضة حضرت لتطرد ماردا الى الخارج وتطلب منها أن تعود في الغد بعد أن تكون ترينا قد أستعادت قليلا من عافيتها.
كانت ترينا في غرفة العناية الخاصة ,ولتمر فترة الخطر , وبعد أن تجاوزتها نقلت ترينا بعد الظهر الى غرفة فيها سريران فقط
وتفصل ستارة بينهما , حضرت ممرضة بعد ذلك وأزاحت الستارة
قالت تخاطب المريضتين :
" يمكنكما أن تشاهدا بعضكما".

كانت رفيقة ترينا في الغرفة أمرأة في الخمسين من عمرها ويكسو شعرها الشيب , قالت تخاطب ترينا:
" سيسمحون لي بمغادرة المستشفى بعد غد".
" أعتقد أنك مسرورة , بالرغم من حسن المعاملة والراحة التامة ألا أن العودة للبيت أجمل".
ما زالت ترينا منهكة ولا تقوى حتى على المحادثة , نظرت عبر النافذة الكبيرة التي تشرف على الحديقة الغناء حول المستشفى
ثم نظرت الى داخل الغرفة تعاين محتوياتها , هناك طاولة صغيرة بالقرب من سريرها ثم طاولة لها دواليب لتتناول عليها الطعام والجرس الصغير في متناول يدها تطلب الممرضة لخدمتها متى أرادت.
منتديات ليلاس
أن الغرفة بسريرين تكلف أكثر من الجناح العام الذي يضم عددا أكبر , ربما لا يوجد سرير فارغ في الجناح العام
عليها أن لا تهتم بالأمور المادية الآن فلديها بعض المال المدخر ستصرفه على نفقات المستشفى , ثم لا تزال تحتفظ بالمال الذي ورثته عن جدها وهناك المال الذي كسبته من عملها في براكيه لم تصرف منه ألا القليل.

تذكرت أندرو عندما ذكرت عملها في براكيه ولكنها حاولت أن تصرفه بعيدا عن تفكيرها حتى لا تقع في الحزن من جديد ,وبدأت تتسلى بعد وريقات الزهور التي جلبتها ماردا ووضعتها قربها على الطاولة الصغيرة
ربما عدت الكثير منها قبل أن تنام , أستفاقت في موعد تناول الشاي بعد الظهر ,وشعرت برغبة في الطعام مما يدل على تحسن في صحتها العامة.

في الصباح الباكر أستيقظت ترينا على جلبة الممرضات في عملية التنظيف ومساعدة المرضى في الأغتسال وتوزيع الشاي والأدوية , كانت ترينا لا تزال مرهقة ولم تتوان عن الأستراحة والنوم فترة قبل الظهر , خلال فترة الزيارة بعد الظهر , وجدت ترينا زائرة غير متوقعة في غرفتها حضرت جيرالدين تعودها في المستشفى , كانت مفاجأة غير منتظرة.

" مرحبا يا عزيزتي ترينا".
أبتسمت وهي تغلق الباب خلفها:
" الحمد لله على سلامتك".
قالت ترينا مازحة:
" قيل لي أن لا أتشاجر مع شاحنة بدون كابح في المرة الثانية".
" ولا تقتربين من الصخور الصماء".
لامست جيرالدين الفتاة بحنان :
" كيف تشعرين الآن يا عزيزتي؟".

قالت وهي تبتسم:
" سأشفى تماما , لا يوجد أي عطب وسأعود للرقص من جديد".
" الحمد لله ,كنت مهمومة من أجلك".
سألتها ترينا :
" أعتقد أنك قرأت عن الحادث في الجرائد".
" نعم.... وكذلك صديقتك ماردا أتصلت بي هاتفيا بعد الحادث مباشرة".
" ماردا! هي أتصلت بك!".

" نعم".
لم تفه بأكثر من هذه الكلمة ثم عبست وهي تنحي بالمحادثة ناحية أخرى :
" هذا الشاب .... قيل أنه حماك بنفسه.... هل هو صديقك؟".
" لقد ألتقيته لأول مرة يوم الحادث".
تنهدت جيرالدين مرتاحة كأن كابوسا أزيح عن كاهلها , صمتت قليلا:
" أراد الأولاد أن يزوروك في المستشفى ولكنني طلبت منهم أن يتأخروا قليلا".

" أحب أن أراهم..... ربما في مرة ثانية أذا حضرت الى سيدني قبل أن أغادر المستشفى".
" حتما سأحضر لزيارتك مرة ثانية".
ثم ترددت قليلا وقالت:
" ألا تتساءلين لماذا لم يحضر أندرو معي؟".
" لا أرى سببا لحضوره ..... لقد فسخنا الخطوبة ولا تربطنا أية علاقة".
" نعم!".
منتديات ليلاس
علقت الكلمة في الهواء كأنها بداية لحديث طويل , سألت ترينا وهي تحاول أن تتكلم في موضوع عام.
" كيف يسير العمل في المصنع الجديد؟".
قالت جيرالدين:
" لا بأس , هناك بعض التأخير في وصول الآلآت , ما عدا ذلك فكل شيء يسير على ما يرام , أعتقد أنك لا تعرفين أن أندرو في أميركا".
" لا , لا أعرف".
سألتها جيرالدين بعطف:
" لا زلت تحبينه! أليس كذلك؟".

هزت ترينا رأسها موافقة وقد أختنقت العبارات في حلقها:
" نعم ,أعتقد أنني أحبه ولن أنساه.... الحب من الأمور التي لا نستطيع أن نتحكم بها".
" وأندرو ..... لا نعرف له قرار.... أشعر أحيانا أنني أريد أن أضربه".
قالت ترينا مبتسمة:
" ليس باليد حيلة , أنها من الأمور التي لا نستطيع أن نفعل حيالها أي شيء".
" ربما تتعجبين لماذا لم أتصل بك من قبل! أعتقدت أن ذلك أفضل , ربما تنسين كل شيء".

اماريج 22-09-10 05:58 AM

أنها لن تنسى أندرو قطعا , سألتها عن أولاد كامبل وتحصيلهم , أخبرتها جيرالدين أن جولي في المرتبة الأولى في صفها وقد أكد رود أنه رأى صحنا طائل , ربما هي خدعة بصرية ولكن الحادثة أشعلت وزادت من أهتمامه للعلوم
تقرير المعلمين عنه أنه تلميذ متميز في تلك المادة , لقد نجا منذ مدة بأعجوبة ألهية , كان مع رفيقين له في مختبر المدرسة , وقعت في المغسلة قطعة صوديوم وفتح فوقها الحنفية وتسبب في أنفجار من جراء تفاعل الماء والصوديوم وتسبب في ثقب الأنابيب
كانت كارثة لولا عناية الله.
أبتسمت جيرالدين وهي تؤكد لها أن المدرسة قامت بما يلزم من أجراءات صارمه بحقه وحق رفاقه.....
قالت ترينا وهي تبتسم:
" الصغير الشيطان".

" أعتقد أنه سيصبح عالما , أندرو لن يتوانى عن تقديم كل مساعدة له وأعطائه الفرصة ليكمل تخصصه في الخارج أذا لزم الأمر".
هذا هو أندرو , كريم ومسؤول , أنها مسرورة لأن محبته للأولاد لا زالت كما رغبت ولم يتغيّر في معاملتهم كما تغيّر في معاملتها.

دخلت ماردا مسرعة , تمنت ترينا أن تقول لجيرالدين أن ماردا لا تعرف شيئا عن الرسالة المشؤومة التي تسببت في فراقها مع أندرو , هزت جيرالدين رأسها أنها فهمت.
" أردت أن أحضر قبل اليوم ولكن حريقا نشب في الترام اللعين تسبب في تأخيري , يمكنكم أن تتصوروا الرعب بين الركاب , لحقت النار بالأرض الخشبية ولكنها لم تكن خطرة , لقد أخمدوها بسرعة وقام رجل ونفخ عليها من فمه فماتت النار , حضر ترام آخر ونقلنا الى المدينة ولكن بعض الركاب النزقين أعترضوا على التأخير".
منتديات ليلاس
لقد تفاهمت جيرالدين بسرعة مع ماردا وطريقتها في الكلام , لم يخدعها شكلها البوهيمي وأحست بطيبتها وصداقتها ووفائها , تركت جيرالدين المستشفى بعد وصول ماردا بقليل
ربما أرادت للصديقتين أن تنفردا , بدأت ترينا تعاتب ماردا لأنها أتصلت بجيرالدين , أخبرتها ماردا أنها أتصلت ببراكيه أولا لتخبر أندرو بالحادث ولما لم تجده أتصلت بجيرالدين
وقبل أن تنتهيا من المعاتبة قرع جرس يعلن أنتهاء موعد زيارة المرضى , بعد ذهاب ماردا أستسلمت ترينا للراحة من جديد , بقيت نائمة حتى موعد تناول الشاي.

حضرت جيرالدين مرة ثانية بعد الظهر , تكلمت معها في أشياء عامة , أخبرتها أن دلثروب لا تزال تتكلم عن الحفلة الموسيقية الناجحة التي رقصت فيها ترينا وأبدعت ولم تجرؤ ترينا أن تسألها أذا كانت القرية لا تزال تثرثر أيضا حول خطوبتها التي فسخت.

بعد ذهاب جيرالدين تركت ترينا لنفسها العنان وهي تفكر في أندرو , أنه كتاب لا يقرأ ...... لا زال قاسي الفؤاد ويملؤه الشعور بالمرارة والكراهية , يحتاج لأعجوبة لتعيده الى رشده , لقد فقدت كل أمل في عودته اليها ومع ذلك لن تنساه
ذكرياتها معه لا تزال حية أمامها , لقاؤها الأول معه والخصومات والتنافر بينهما وكيف تعرّفت الى جراحه الداخلية التي يخفيها وراء قناع صلب يحاول أن يظهر به للعالم حوله.....
وذكرياتها الوردية بجانب البركة في الحديقة..... تذكرت كلماته:
"وماذا عن الفدية؟".

سألته :
" الفدية؟".
عانقها وطالب بفدية تدوم كل حياتها , هل دام الحال معهما؟ لا , لقد تركها لذكرياتها الوردية..... تذكرت العقد الماسي وما رافقه من أهانة لها لا تغتفر .... كيف قذفت به في ضوء القمر , تساءلت: ماذا فعل بالعقد؟
رفيقتها في الغرفة غادرت المستشفى وبقيت ترينا وحدها , سيبقى السرير فارغا لليوم التالي قبل أن تحتله مريضة ثانية , حان موعد زيارة المرضى , بدأت تتساءل : هل ستحضر جيرالدين؟

ماردا لن تستطيع الحضور لأنها مشغولة , سمعت الباب يفتح لم تتبين صورة الزائر لأن الستارة كانت مسدلة قربها , ظهر بعد قليل دنيس
لم تسر لرؤيته أبدا , قال لها:
" هذا نتيجة عبثك مع الشباب الآخرين , قلت لك دعيني أعتني بك!".
يا ألهي كم هو سمج وبدون أحساس , أجابته محتدة:
" لم تكن غلطة السائق , لقد ضحى بحياته لأنقاذي".

وها هو دنيس يحاول أن يبدي ملاحظات سمجة عنه , قال مازحا:
" رويدك , حاولي أن تكبحي جماح غضبك".
من حسن حظها أن المرضة حضرت لتسجل درجة الحرارة وسرعة النبض سجلت الممرضة النتائج في الملف الخاص ثم أبتسمت:
" سمعت أننا سنهنئك قريبا جدا".
سألتها ترينا مستغربة:
" على ماذا التهنئة؟".
منتديات ليلاس
قالت الممرضة:
" تهنئة بمناسبة خطوبتك, أتمنى لك السعادة".
وقبل أن تعترض ترينا خرجت الممرضة من الغرفة بسرعة , ران صمت ثقيل , سمعت ترينا اباب يغلق خلف الممرضة
ألتفتت ببطء شديد نحو دنيس وفي عينيها شرر:
" هل أخبرتها أننا على وشك أعلان خطوبتنا؟".
" كانت في الخارج حين وصلت , دلتني على غرفتك , أخبرتها أننا صديقين حميمين".

" أعصابك حديد......!".
" كنت أستعجل الأمور قليلا ..... في النهاية ستقبلين الزواج مني , أليس كذلك؟".
لم يسمع أي منهما الباب يفتح ببطء لأن الستارة كانت تحجبهما وراءها وتمنع رؤية القادم.

اماريج 22-09-10 05:59 AM

رفعت ترينا نفسها بجهد عن الوسائد وبدت غاضبة قالت محتدة:
" للمرة الأخيرة يا دنيس لينارد .... لا أريد الزواج منك ولو كنت آخر رجل على وجه البسيطة ".
حاول أن يتكلم فقاطعته:
" أصمت , أسمعني جيدا , أعرف ما أريد , أبتعد عني فأنا لا أريد رؤيتك مرة ثانية , لقد تسببت لي بالكثير من المشاكل , حاولت أغوائي وجعلتني مفتونة بك دون أن تذكرني بأنك رجل متزوج , أردت أن أصبح عبدة لك أرتهن بأمرك , لكنك فشلت , لا زلت أتمتع ببعض العقل , عرفت أن شعوري نحوك ليس حبا حقيقيا ,لقد عرفت الحب الحقيقي مع رجل آخر غيرك , وبطريقة غير مباشرة أستطعت أن تفسد علي هنائي .... لا أريد الزواج منك ولن أغير رأيي ولو بعد ألف سنة , أخرج من الغرفة حالا!".
منتديات ليلاس
حاول التقرب منها قائلا:
" حاولي أن تفهمي شعوري....".
قالت حانقة:
" أخرج فورا قبل أن أقذفك بأبريق الماء".
أمسكت الأبريق بيدها فعلا , لقد تحقق له أنها تعني ما تقول , وقبل أن يتفوه بشيء , فتحت الستارة ودخل رجل طويل عيناه سوداوان وشعره أشقر وفوق خده الأيمن ندبة رفيعة.
قالت وهي ترتجف:
" أندرو!".

أفلتت الأبريق من يدها قال أندرو مخاطبا دنيس:
" أعتقد أن عليك أن تخرج".
قالت مرددة أسمه:
" أندرو ,أعتقدت أنك في أميركا".
قال بسرعة وجلس بالقرب من سريرها:
" لقد وصلت الآن ".
سألها بخفة:
" هل ترغبين أن أخرج أنا أيضا ".
" لا , لا".

كيف تطلب منه أن يخرج بعد أن حصلت المعجزة التي تمنتها بحضوره , لكنها حاولت أن لا تتأمل كثيرا من وجوده معها.
" كيف حالك الآن".
" أنني حسن بكثير , قيل لي أن كل شيء يسير على ما يرام , سأستطيع معاودة الرقص عما قريب".
" هذا جيد , لقد أخبرتني في السابق أن الرقص يعني لك الشيء الكثير".

قالت مازحة:
" هذا صحيح , ولكن لو حدث لي مكروه ومنعني من مزاولة الرقص..... كنت سأمتهن التعليم لكسب قوتي بعد أن أشفى وأستقر".
" والشاب الذي قتل في الحادث....".
" أنه صديق ألتقيته لأول مرة صباح يوم الحادث..".
" أعتقدت في البداية أن له أهمية خاصة بالنسبة اليك".

كان في صوته نبرة غريبة لم تفهمها :
" لقد أرسلت لي جيرالدين برقية الى نيويورك,ركبت أول طائرة عائدا اليك".
" أوه.....".
" لقد زارتك جيرالدين على ما أعتقد".
" نعم , أكثر من مرة , ألم ترها بعد؟".
" لا , لقد حضرت من المطار الى المستشفى".
" هذا لطف كبير منك ".
قال آسفا :
" أنا لطيف بعد كل معاملتي السيئة لك؟".
منتديات ليلاس
أمسك أندرو بيدها فجأة وقد شعرت بقوته وحساسيته:
" أنا لا زلت أدفع ثمن غلطتي , حين وصلتني البرقية...".
نظر اليها بحب وهو لا يزال يشد على أصابعها بقوة:
" كان عليّ أن أحضر لأطمئن عليك بالرغم من كرهك لي......".

قالت بهدوء :
" أنا لا أكرهك".
" كلمة آسف ربما لا تعبر لك عن مدى أسفي , لقد أهنتك .... ولكنني سأجد طريقة لأجعلك تسامحيني , هل تعطيني فرصة جديدة , هذا أقصى ما أتمناه بعد..........".
كان أندرو يترجاها ويستعطفها أن تسامحه وتغفر له.

اماريج 22-09-10 06:03 AM

" لقد سمعت حديثي مع دنيس ووثقت بأنني لا أتزوجك لأموالك".
" عرفت أنني كنت على خطأ منذ تركتني ورحلت".
" ولماذا لم تلحق بي؟ أندرو لو تعلم كم أشتقت اليك وتمنيت أن تلحق بي , أنتظرتك أياما وأسابيع وأشهر......".

" لم أكن أطمح بأن تسامحيني , وحق السماء لم أعتقد أنك ستصفحين ".
" طبعا أصفح وأسامح , يا حبيبي ألا تعرف أن المرأة التي تحب تسامح".
شد بقسوة على أصابعها حتى شعرت بالألم.
" وبعد هذا الغياب , ألا أستطيع أن أعانقك؟".
قالت عابثة:
" ولكنني لا أحمل أية عدوى".
منتديات ليلاس
كانت ترينا تتمدد قرب أندرو على الشاطىء الدافىء , نظرت اليه مبتسمة , لقد مضى على الحادث ستة أشهر وقد تزوجا منذ أسبوع , أسبوع كله عسل وسعادة
حضرا الى جنة التزلج فوق الأللواح الخشبية لتمضية شهر العسل هنا كما كانا قررا من قبل , كانت ترينا واثقة أن أي مكان مع أندرو هو الجنة , وهي متمددة فوق الرمال سرحت بأفكارها الى الماضي القريب
خرجت من المستشفى وأمضت فترة النقاهة في باتنغا عند جيرالدين , أحضر أندرو أولاد كامبل لزيارتها في باتنغا وكان سرورها بلقائهم عظيما وشعرت بأنهم يحبون أندرو كثيرا , أعطاهم حبه وبادلوه العاطفة وأعلنوا رضاهم عن عودتها لتعيش معهم في براكيه.

عرفت ترينا أن جيرالدين دفعت كل مصاريف المستشفى عنها بعد أن قامت بترتيب الأمور بشكل لا تشعر معه بالأمر , دفعت ترينا للمستشفى أقل ما يمكن وسددت جيرالدين الفرق , في البداية لم تذكر جيرالدين أي شيء عن البرقية التي أرسلتها الى أندرو خوفا من أن لا يحضر.
كانت حفلة الزواج هادئة , أندرو حساس أتجاه الندبة التي في وجهه مع أنها أصبحت لا تعني له الكثير.

رددت ترينا أسمها الجديد , ترينا دلوين وهي لا تصدق أنها فعلا قد تزوجت من أندرو , سيبقى هذا أسمها لنهاية العمر.
ركبت القطار من ميونا برفقة أندرو في طريقهما الى رحلة شهر العسل
كانت عجلات القطار تناديها بأسمها الجديد طوال الرحلة , تابعا رحلتهما من سيدني بالطائرة شمالا الى برزباين , وقرر أندرو أن لا يقود سيارته لأن الرحلة طويلة ومتعبة ولكنه أستأجر سيارة مدة بقائهما في كوينزلاند.

لم تستغرق الرحلة من بريزباين الى جنة التزلج طويلا , صعقت ترينا من فخامة الفندق والجناح المحجوز لأمرهما , تحيط بالفندق أشجار النخيل الباسقة وأحواض الزهور الأستوائية المختلفة الألوان والأشكال
ويحتوي على ملاعب للتنس وبركة خاصة للسباحة وغيرها من الأمور التي تؤكد لها أنها تزوجت من رجل غني .... ولكن أمواله لا تهمها .... أندرو بشخصه هو الذي يهمها , لقد رجع اليها طالبا الصفح وفي عينيه السوداوين دفء العاطفة التي أفتقدتها , وقفت ترينا في غرفة النوم تنتظره بغلالة بيضاء .

قال صادقا:
" كم أنت جميلة يا ترينا دلوين".
ستتذكر دائما رقته وحنانه وهو يكلمها بصوته الأجش العاطفي ويكاد يطير من السعادة لأمتلاكها , كانا يمضيان أوقاتهما على الشاطىء , ينتقيان بقعة منعزلة بعيدة عن الأزدحام ككل عروسين جديدين , أحس أندرو بنظراتها أستدار من مكانه وأمسك بيده حفنة من الرمل الدافىء ورشها فوق ظهرها.
" هل أنت سعيدة؟".
قالت ترينا لزوجا:
"" أكاد أطير بجناحين من سعادتي".

عبس قليلا , مدت أصبعها على جبينه تحاول أن تفرد عبوسه:
" ولماذا العبوس؟".
" كنت أفكر..... أنك لست محظوظة مع الرجال , أليس كذلك؟ أولا دنيس .... وما تسبب لك من ألم ..... ثم أنا ومزاجي العابس وشكوكي".
" لا أعتقد ذلك , دنيس لا يعني لي أي شيء , كان أنانيا ومحبا لذاته وربما أشكره لأنه جعلني أترك سيدني , لولاه لما ألتقيتك أبدا , أما أنت , فأنا لا أستغني عنك بالرغم من مزاجك العابس وشكوكك".
منتديات ليلاس
عانقها , صمتا طويلا , كانت حرارة الشمس تلفهما ,أصابعهما متشابكة وأرواحهما متعانقة.
" أما بشأن الأولاد .... لا يمكنني أن أسألك الأهتمام بالبيت وبالأربعة المزعجين".
" ولكنني أحبهم وأنت تريدهم معنا في البيت أليس كذلك؟".
" نعم ..... لقد أعتدت عليهم".

قالت وقد أحمرت وجنتاها فجأة :
" المكان واسع والغرف عديدة وتتسع للمزيد".
" غرف عديدة وتتسع للمزيد!".
قال أندرو ضاحكا وهو يحاول أن يضايقها بمزاحه , أبتسمت ترينا وهزت رأسها موافقة وحمرة الخجل تكسو وجهها
سألته وهي تلاحظ تعابير وجهه تقسو:
" وماذا بعد؟".

" هل أستحق هذه السعادة معك بكل الذي فعلته؟".
" يجب ألا نفكر بالماضي.... بل بالمستقبل الباسم مستقبلنا معا".
" آه يا حبيبتي الغالية".


النهاية


اماريج 22-09-10 06:06 AM

تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع للاعضاء وللزائرين
وبتمنى انكم استمتعتم بقرائتها وبتمنى انو اختياري لها نال وحاز على رضاكم ياامورات المنتدى
تحياااااااااااتي العطرة لكم
:flowers2:
:liilase:

جنون العشق 22-09-10 07:28 AM

رائعة بكل ما للروعة من معنى
وربي هالرواية مميزة

مشكورة اماريج
ربي يسعدك ياعسولة

Rehana 22-09-10 07:54 AM

يعطيك العافية حبيبتي
اذكر اني قرأتها من زمااااان وهي بالفعل حلوووة
تحياتي لك ياأريج ليلاس:flowers2:

http://2.bp.blogspot.com/_X1QzuRcro5...s400/thank.jpg

اماريج 22-09-10 06:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنون العشق (المشاركة 2452017)
رائعة بكل ما للروعة من معنى
وربي هالرواية مميزة

مشكورة اماريج
ربي يسعدك ياعسولة

ياهلا وغلا باالامورة
ماني عارفة كيف اشكرك لمرورك ومتابعتك المتواصلة وانتظارك وتعليقاتك الحلوة ياحلوة مشكورة يالغلا
لك كل الود وربي يسعدك ويحفظك وهذه وردة لااحلى ليلاسية
http://www.liilas.com/upp//uploads/i...7d00cc53a2.gif


اماريج 22-09-10 06:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2452035)
يعطيك العافية حبيبتي
اذكر اني قرأتها من زمااااان وهي بالفعل حلوووة
تحياتي لك ياأريج ليلاس:flowers2:

http://2.bp.blogspot.com/_X1QzuRcro5...s400/thank.jpg


الله يعافيك يارب
وشاكرة لك مرورك العطر والمميز وتعليقك اللطيف يارب ماانحرم من هالطلة الحلوة ياعسل
لك كل الود يااحلى واذكى رائحة في المنتدى كله

http://www.liilas.com/upp//uploads/i...f8c901f39a.jpg

سانيورتة الامورة 23-09-10 06:44 AM

شكرا عزيزتي أماريج على الروايه الرائعه

قصائد 23-09-10 10:08 AM

سلام الرواية مرة روعة مشكورةةةةةةةةةةةةةةةةةةة

اماريج 23-09-10 09:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سانيورتة الامورة (المشاركة 2453096)
شكرا عزيزتي أماريج على الروايه الرائعه


العفوووووووو يالغلا
واسعدني جدا تواجدك فيها وانها نالت وحازت على رضاك ياحلوة
لك ودي
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


اماريج 23-09-10 09:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصائد (المشاركة 2453278)
سلام الرواية مرة روعة مشكورةةةةةةةةةةةةةةةةةةة


العفوووووووو ياحياتي
والاروع صدقا هو مرورك المميز والعطر وتواجدك فيها يالغلا
دمتي بود
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


أحاااسيس مجنووونة 24-09-10 12:01 AM

رواية كانت رائعة جدا ............

يعطيك الف عافية ............ وسلمت يداك.......

ودائما اختيارات مميزة وجميلة...........

وهي احلى باقة ورد مع احلى قالب كيك صحة وهناعلى قلبك...........

ههههههههههههههه




http://www.almaraya.net/userfiles/re...hocolate_c.jpg

اماريج 24-09-10 04:30 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام مريم 2010 (المشاركة 2454096)
رواية كانت رائعة جدا ............

يعطيك الف عافية ............ وسلمت يداك.......

ودائما اختيارات مميزة وجميلة...........

وهي احلى باقة ورد مع احلى قالب كيك صحة وهناعلى قلبك...........

ههههههههههههههه




http://www.almaraya.net/userfiles/re...hocolate_c.jpg


الاروع مرورك وتواجدك فيها ياعسل
والله يعافيك ويسلمك يالغلا وتسلمي على تعليقك الحلو
لك كل الود
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


زهورحسين 27-09-10 06:41 PM

مشكووووووووووووووووورة
:liilas::liilas::liilas:

فجر الكون 28-09-10 04:40 PM


الله يعطيــك الف عافيــة ,,,
يسلمــوااا

اماريج 28-09-10 06:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2458251)
مشكووووووووووووووووورة
:liilas::liilas::liilas:


العفوووووو يالغلا منورة والله
شاكرة لك مرورك وتواجدك فيها ياعسل
لك كل الود
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


اماريج 28-09-10 06:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فجر الكون (المشاركة 2459827)

الله يعطيــك الف عافيــة ,,,
يسلمــوااا


الله يعافيك ويسلمك يارب
وشاكرة لك مرورك وتواجدك فيها وتعليقك الحلو
لك كل الود
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


العنقاء الحزين 29-09-10 02:43 AM

رواية رائعة ومميزة جدااا
تسلم ايدك ياقمر
واتمني انك ماتحرميناش من مواضيعك المميزة

الجبل الاخضر 29-09-10 09:52 AM

:55::0041:والله يعطيك العافيه :f63:

اماريج 29-09-10 06:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العنقاء الحزين (المشاركة 2460849)
رواية رائعة ومميزة جدااا
تسلم ايدك ياقمر
واتمني انك ماتحرميناش من مواضيعك المميزة


الاروع هو مرورك وتواجدك فيها وتعليقك الحلو ياحلوة
والله يسلمك حبيبتي وربي يحفظك
لك ودي
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif


اماريج 29-09-10 06:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2461133)
:55::0041:والله يعطيك العافيه :f63:



ياهلا وغلا بالحلوة
والعفووووووو يالغلا والله يعافيك حبيبتي
دمتي بود
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...7d00cc53a2.gif




قماري طيبة 31-10-10 06:51 PM

thannnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnks

البلونة البنفسجية 01-11-10 04:10 PM

ميرسي يا اماريج ^^

قلب حائر 14-02-11 07:29 PM

رواية جدا رائعة شكراا تحياتي

manshe 14-03-11 02:30 PM

شكرا على الرواية اللى اكثر من رائعة

ندى ندى 21-11-11 04:11 AM

جميله جدا جدا

اماريج 22-11-11 01:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2505151)
thannnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnks

العفوووووو حبيبتي منورة الرواية فيك^^
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البلونة البنفسجية (المشاركة 2506719)
ميرسي يا اماريج ^^

العفووووووو يالغلا اسعدني جدااااتواجدك فيها^^
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلب حائر (المشاركة 2635886)
رواية جدا رائعة شكراا تحياتي

الاروع طلتك العطرة فيها
حبي وودي لك
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة manshe (المشاركة 2671179)
شكرا على الرواية اللى اكثر من رائعة

العفووو واسعدني جداااااااا انو الرواية عجبتك^^منور والله
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 2933570)
جميله جدا جدا

الاجمل ياعسولة طلتك العطرة فيها ويلي اسعدتني جداااااااااا ربي يحفظك يالغلا
:liilas:

كن فيكون 28-02-12 06:16 PM

الله يطيك الف عافيه
الروايه فيها حماس وتشويق

renas 03-03-12 10:42 PM

جميله جدا جدا واعجبتنى النهايه تســــلمى حبيبتى

زهور الندى 04-03-12 09:27 PM

:dancingmonkeyff8:اماريج انا بموت فيكى............ بصراحة اختيارتك للقصص تجنن.......... وعندك زوق رهيب انا اول مرة ازور المنتدى كانت بقراءة قصة من كتابتك......... بجد شكراااااااا......... شكراااااااا وميرسى بحبك وبموت فيكى ياعسل................واضافة كل جديد من ايديكى الحلوة بحبكو كلكو :liilas:

one star 10-04-13 07:37 AM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
شكرااا يا عسل على الروووواية الروووعة تسلم ايدك

ايدن 11-04-13 06:55 PM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
رواية حلوه ورائعة

جوهرة الدانة 08-12-13 02:58 PM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة (كاملة)
 
شكرا حبيبتي
الرواية رائعة وكل شي من ايد المبدعة اماريج رائع :55::8_4_134:

الجبل الاخضر 14-08-14 11:41 PM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
سلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ميرين 16-04-15 10:53 PM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اختيار رائع وموفق لرواية

يسلمو ننتظر المزيد

شكرا جزيلا الك

حنان محمد ابراهيم 17-11-15 08:11 AM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية ممتعة جدا ااااااا شكرا على مجهودك الرائع

ام السعد كله 23-12-20 05:18 PM

روعه استري

سماري كول 04-01-21 12:01 AM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا ع الروايه

لولي ثابت 18-02-21 12:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماريج (المشاركة 2447901)
خطوات نحو اللهب
الملخص
خطوات نحو اللهيب ووووووو
*******************
المصادفة تتدخل في حياتنا رغم ارادتنا.. اسمها ترينا مرتيون والمصادفة تتدخل في حياتها مرتين
حين انتقلت مع جدها من انكلترا الى استراليا حيث اكملت دراستها وامتهنت البالية ,وتعرفت على دنيس الشاب الوسيم الذي حاول زحزحتها عن خط حياتها ومبادئها فهربت منه علها تنساه
وهنا تدخل القدر مرة ثانية لتعمل مدرسة اطفال في منزل اندرو دلوين المليونير والوصي على الاطفال ,اندرو ليس كبقية الرجال, انه انسان وحيد وملئ بالمرارة يعيش تعسيا نتيجة تشوة في وجهه ,تركته خطيبته من اجل ذلك فلم يعد يثق بالمرأة والحب.
منتديات ليلاس
لكن ترينا ايضا ليست كبقية النساء ....عفريتة صغيرة تقفز كالجنيات ورقيقة كالندى, جريئة وصريحة ولاتخافه..ام ترى هل تخافه فتهرب منه؟
*******************
http://www.liilas.com/vb3/../upp/upl...4a2df04983.gif


خطوات نحو اللهيب
خطوات نحو اللهيب

صابرين عادل 19-02-21 06:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لولي ثابت (المشاركة 3737294)
خطوات نحو اللهيب
خطوات نحو اللهيب

رااااائعة يعطيددكم العافية وشكراااااا

هتونا 03-07-22 10:42 PM

رد: 110_ خطوات نحو اللهب_نيرينا هيليارد_روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوة اوي اوي اوي أحلا تحية واحلا شكر


الساعة الآن 09:23 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية