7 - كيف أسامحك ؟فى وقت لاحق ذلك اليوم ، انفردت انيتا مع جولى وأصرت على أن ترافقها فى حوله تسوق إلى قريه ( فاغيو رافينو ) ، وسألتها : - عن ماذا تكلمتما ؟ - عن امور مختلفه . وبالفعل كانت جولى تجد صعوبه فى تذكر ما تحدثا به بالضبط ، ولم يرتح ضميرها عندما لاحظت أن انيتا لم تظهر أى أثر للغيره ، بل على العكس ، بدت مسروره لأن راوول غير رأيه ورافقها ، ولكنها كانت خائبه الأمل ، لأن جولى لم تستفد من هذه الفرصه للتحدث مع راوول حول مشاكلها . - أعتقد أن من الغريب أن تتمكنى أنت وراوول من قضاء وقتكما معا . . . أعنى بعد هذه السنين . أنا أعرف أنه لن يتمكن من مقاومه إغرائك . - انيتا ! - لا يجب أن تبدى مصدومه هكذا يا جولى ، أنا لا أقصد أبدا أن هناك شيئا معيبا . . . - أتمنى هذا ! - ولكن . . عليك أن تعترفى أنك لا زلت تجدينه جذابا . . أليس كذلك ؟ - لأجل السماء يا انيتا ! - حسنا ، هذا أمر حقيقى ، اختيارك أن تتنكرى لأنوثتك لا يعنى أبدا أنك صممتى على الرهبه يا جولى . - لا . . لا يعنى هذا ، ولكن ليست حياتى خاليه من العلاقات الاجتماعيه ، حتى ألتفت لزوج فتاه أخرى للتسليه ! - أوه يا جولى ! أنا لا أشير إلى انك تفكرين بإقامه علاقه مع راوول أنا أحاول أن اكون واقعيه فقط ، على كل الأحوال إذا أصبحت أنت وراوول أصدقاء ، يمكن أن يصبح حديثك معه من أجلى أسهل بكثير . - أنت مقتنعه حقا ، أنه يإمكانى إقناع راوول . . أليس كذلك ؟ - دون سائر الناس . - وإذا رفص التحدث معى بالأمر ؟ - ستجدين طريقه . - انيتا ، قد لا اتمكن من هذا . - إذا كنت تهتمين بى فستفعلين . - إنها ليست مسأله اهتمام . متى كانت آخر مره حاولت فيها التحدث معه ؟ - لست أدرى ، بالأمس ، الأسبوع الماضى ، ماذا يهم ؟ لقد قلت لك . . . - لا أستطيع التصديق بأنه عنيد هكذا . . . - وكيف لك أن تعرفى ؟ هل سألته ؟ - انيتا استمعى إلى . . . - لا . . انت استمعى إلى ، أخشى يا جولى ، أننى أؤمن بأن راوول تزوجنى ، ليعاقبنى فقط . - هذا أمر سخيف يا انيتا ! - وهل هو سخيف ؟ بعض الأحيان أعتقد أنه لا يهتم بى أبدا . واستقامت جولى فى جلستها إلى طاوله المطعم حيث تجلسان وتابعت انيتا تناول ما تبقى من طعامها . منتديات ليلاس |
- قد تظنين بأننى أكل كثيرا أيضا ، ولكن ألا يقولون بأن الأكل هو أحيانا نوع من التعويض . - لن يساعدك لو أنك زدت من وزنك ، أليس كذلك ؟ - وزنى لم يزد بعد وقوامى لا يزال كما هو ! - طبعا أنت لم تخسرى جمال قوامك بعد ، ولكن . . . - قد لا يرغب بى عندما اصبح سمينه ! - كل ما أحاول قوله . . . - كل ما تحاولين قوله إن على أن أتابع فى الاستسلام لأنانيه راوول . هل تستطيعين مثل هذا ؟ هل تستطيعين أن تعيشى كما أعيش ؟ - نحن لا نتحدث عنى . - لا . . هذا صحيح ، ولكن ربما يجب أن نتكلم عنك . ربما يجب أن نفكر بالأسباب الى تدفعك لعدم الرغبه فى مساعدتى . - انيتا ! وتطلعت جولى بعينى انيتا بغضب ، وكأنما أدركت بأنها قد تمادت كثيرا فتغير التعبير على وجهها ، وقالت لجولى : - أنا آسفه . . آسفه . لم أقصد هذا . . لم أقصد . أعرف أنك تفكرين بى ، ولكنك لا تعرفين ما هى حياتى . . ونهضت جولى عن كرسيها : - أنا لن أعدك بشئ . - ولكنك ستفكرين بالأمر . - أنا افكر فعلا . كان العشاء وجبه خفيفه تلك الليله . . ولاحظت جولى أن انيتا كانت تحاول جهدها أن لا توتر الجو ، وبدا راوول مستغرقا فى تفكيره . وبعد أن انتهت الوجبه قال قبل أن بترك الفتاتين تتناولان قهوتهما : - لقد اتصلت أمى بعد الظهر ، ودعوتها لقضاء بضعه أيام معنا ، أثناء وجود جولى ، وبما أنها تعرف المنطقه مثل ما اعرفها بالضبط . أعتقد بأنكما سترحبان بها بديلا عنى ، إذ على السفر غدا إلى روما . - لا . . . وقفت انيتا على قدميها قبل أن يكمل كلامه ، ثم ، وكأنما ادركت أن احتجاجها قد يساء فهمه ، أضافت : - أعنى أننى سأجئ معك إلى روما . أنا وجولى . وأنا . . أنا واثقه بأننا سنتمتع . . . - لا أظن هذا . لقد دعوت جولى لقضاء عطله هنا يا انيتا . ولا أظن أن شوارع العاصمه الحاره هى المكان الذى ستتمتع به . - لا تكن سخيفا يا راوول ، لا يمكن لك أن تنتظر من جولى أن ترتاح بصحبه والدتك . . . إنها امرأه عجوز ! وكان على جولى أن تتدخل ، ولكن ليس بالطريقه الى تتوقعها انيتا . |
- انيتا ، صدقا . . . سأنتظر بفارغ الصبر أن ألتقى مع السنيورادى فيلانو . . أرجوك لا تزعجى نفسك بسببى .
ورمقتها انيتا بنظره مجنونه ، وعيناها الزرقاوان الصافيتين تلمعان بدموع لم تكن مخفيه . وبدأت جولى ترتاب بأنها لم تحسن تقدير حاله توازن انيتا ، فحتى هذه اللحظات لم تكن تدرك مدى عدم استقرار أعصاب هذه المرأه . وبدا لها فجأه أن تهديدات انيتا بالانتحار ليست بعيده عن التصديق ، وقال راوول غير مكترث بانزعاج زوجته : - مهما يكن الأمر ، لقد تمت الترتيبات ، وسوف نلتزم بها . وحان الوقت لتهتمى بشخص آخر غير نفسك ، ووالدتى كانت صبوره معك جدا فى السابق . وارتجفت شفتا انيتا : - لا اريدها هنا ! لا أريد هذه العجوز الكاذبه هنا ! إنها تكرهنى ، وأنت تعرف ، لماذا تفعل هكذا معى لتؤلمنى ؟ ورد عليها راوول بصوت حاد بارد كالثلج : - لأؤلمك ؟ أنت لا تعرفين معنى هذه الكلمه ! ولاحظت جولى أن انيتا تترنح الآن بشكل ظاهر وخافت أن يجر غضب راوول صديقتها إلى حاله الانهيار فقالت : - أوه . . أرجوكما . . . أنا واثقه أن انيتا لا تعنى ما تقول ، إنها منزعجه ، هذا كل شئ إنها مضطربه وأنا واثقه . . . وقال راوول بحده ، وهو يتوجه نحو الباب : - لا تتدخلى فى هذا جولى . ! أنت لست من العائله ! وليس لك الحق بالتدخل بأمور لا تعنيك . أرجو أن تبقى آراءك لنفسك . . فأنت لا تعرفين شيئا ! وصفق الباب وراءه ، وراقبت جولى انيتا وهى تعود إلى الجلوس فى مقعدها ، ولم تكن تدرى من منهما يشعر بالأسوأ . صحيح أن انيتا كانت ترتجف ، وأصابعها تتشابك ثم تنفلت ، مظهره اضطراب مشاعرها ولكن المشاعر التى اجتاحت جولى لم يكن ممكنا أن تكبحها .فقد شعرت بالغثيان ، والدوار ، وقد صدمها الألم من صده لها . وتأوهت انيتا قائله : - لا فائده من الامر . . . لا فائده . . . واعادت هذه الكلمات انتباه جولى إلى حيث هو وإلى ما يحدث . فمهما كان شعورها ، يجب عليها أن تهتم يمشاعر انيتا ، فجمعت قواها وقالت بهدوء : - ما هو . . الذى لا فائده منه ؟ انيتا لا يجب أن تتركى هذه النقاشات تكدرك . فكل المتزوجين لديهم خلافاتهم ، ولا يمكن أن تكون والدة راوول سيئه إلى هذه الدرجه . - إنها سيئه . . سيئه ، إنها تكرهنى ! - لا تكونى سخيفه ، فالحماوات لا يكرهن زوجات أبناءهن ، قد لا يتوافقن تماما . . . - نتوافق ؟ جولى أنت لا تعرفين شيئا . إنها امرأه فظيعه سوف تقلبك ضدى أنت ايضا . - لن تستطيع . . ماذا تقولين ؟ هل تحاولين القول إن أمه هى التى قلبته ضدك ؟ - أجل . . أجل . . أوه يا جولى ، ماذا سأفعل ؟ إذا ذهب راوول إلى روما وبقيت أنت هنا ، فكيف ستتمكنين من التحدث معه ؟ - لن يبقى فى روما إلى الأبد ، أليس كذالك ؟ - أتعنين . . أنك ستبقين ؟ ولكننى ظننت أنك قلت . . . - صحيح . . ولكن بإمكانى أن أبقى اسبوعا آخر . - اسبوع ؟ أوه يا جولى لن تعرفى ابدا كم أنا شاكره لك ! انتظرى إلى أن يعرف راوول هذا ! سيكون . . - غاضبا ؟ - لا . . ولماذا يغضب ؟ لقد طلب حضور أمه لأجلك ، أو هكذا قال . - حسنا أنا تعبه ، سأذهب لإلى الفراش . . سأراك فى الصباح . وراقبتها جولى وهى تخرج . . وقد حل الارتياح مكان التعبير الهستيرى السابق ، وحسدتها لمقدرتها على تغيير مزاجها بهذه السرعه .فهى لا تستطيع التصديق بأنها منذ دقائق كانت تتأرجح على حافه الأنهيار العصبى ، وأدركت جولى مدى حرج الوضع الذى تتعايش معه وبدا أن الأمور لن تتحسن أبدا . فى اليوم التالى ، قررت جولى أن تتجول قليلا حول القصر ، بعد أن اعلنت انيتا رغبتها فى الراحه بعد الغادء . والتقت بالسائق بيدرو كازولى فى الباحه ، فعرض عليها مرافقاتها ، وقال بمرح : - دون توتر . . ورفع يديه عندما ظهر على وجه جولى تعبير متشكك حول مدى أمانته ، وأعجبها إشارته فوافقت . |
وتركا القصر ورائهما ، متسلقين سفح جبل قريب ينفجر نبع عند حافته ، حول الصخور القريبه منه كانت تنمو الطحالب ، فتجعل المكان منزلقا ، وخلعت جولى حذائها ، وغمرت قدميها فى المياه البارده . من هنا يمكن رؤيه امتداد الوادى كله ، وجلست على حافه صخره ورفعت ركبتيها ، فقال بيدور بهدوء : - يبدو عليك التوتر ، هل هناك شئ خاطئ ؟ تبدين مشتدوده الاعصاب ، ألا تتمتعين بعطلتك هنا ؟ ونظرت إليه جولى بسرعه : - ماذا ؟ أوه . . أجل . . ولم تكن ترغب فى التورط بأحاديث شخصيه ثانيه ، قأكملت ببرود : - كنت أتمتع بالمناظر . غنها رائعه تماما . - إنها هادئه ، والكونت أفضل شخص يقدر هذه المناظر . ورفضت جولى أن تلتقط الطعام . وأشارت لإلى المنحنى الذى يرتفع نحو التل على يمينها . - هذه هى الطريق إلى سانتو جيستينو أليس كذلك ؟ هناك كاتدرائيه جميله هناك ، وأعتقد أنك تعرف هذا ، فأنت عشت هنا طوال حياتك . - وكيف تعرفين أين عشت طوال حياتى ؟ هل قالت لك انيتا ؟ - انيتا ؟ . . لا . . لماذا ، لماذا تظن أنها تتكلم عنك ؟ فهز كتفيه دلاله عدم الاهتمام : - حسنا . . إنها لا تستطيع الكلام مع الكونت . . أليس كذلك ؟ - لماذا لا تستطيع ، وما هو الأمر الذى . . لا تستطيع التحدث به مع الكونت ؟ - حول المشروب التى اشتريه لها بالطبع سنيوريتا . ولكن جولى ، تملكها شعور أنه لم يقصد هذا ، وهزت رأسها ، ثم أراحت ذقنها على ركبتيها ، وفكرت لماذا يزعجها تصرف بيدرو تجاه انيتا هكذا ، فلو أن راوول يشك بأى شئ بين زوجته وسائقه الوسيم ، لكان صرفه من العمل منذ زمن طويل ، ويبدو واضحا من تصرفات بيدرو أن هذا ليس واردا ، فالرجل شديد الثقه بنفسه ، وتساءلت فى نفسها لماذا وافقت على صحبته ؟ وسألها : - لديك وظيفه فى انكلترا سنيوريتا ؟ دعينى احزر : أنت عارضه أزياء . . لا ؟ - أنا عارضه أزياء . . لا . . فى الواقع أنا موظفه فى مكتب ، وهذا ليس شيئا مبهجا ، كما اخشى . وأطرق بيدرو : - أوه . . هذا مؤسف . . يمكن أن تكونى عارضه أزياء رائعه ، كما أظن . فردت عليه بحده : - وأنت كذلك . وأتت ضحكته عاليه وطبيعيه وقال : - أظن أنك تؤمنين بالمساواه بين الرجل والمرأه ، سنيوريتا ، فهل هذا سبب عدم زواجك ؟ لا يمكن أن اصدق أن رجلا لم يطلبك للزواج من قبل . - وكيف تعرف أننى لن أتزوج من قبل ؟ أو مطلقه ؟ وبما أكون هذا قأنت لا تعرف . فرفع كتفيه معترفا : - هذا صحيح . . ولكن لا أعتقد أنك كنت متزوجه سنيوريتا . ربما لك عشيق ، أجل ، ربما ، أكثر من واحد ، ولكن لا زوج . وقفزت جولى على قدميها فجأه مسيطره على غضبها قدر الإمكان ، فآخر شئ تريده أن يذكرها أحد بعلاقتها مع راوول ، وعينا بيدرو كانتا لئيمتين كثيرا ، وفيهما كثير من المعرفه ، وخطر فى ذهنها أنه قد يكون يرتاب بشئ ما ، وكان هذا إضافه إلى كثير غيره يستوجب عودتهما إلى القصر فورا . مع دخولهما إلى باحه القصر ، كانت الكونتيسه دى فيلانو تنزل من سيارتها الى تقودها بنفسها ، سياره مرسيدس قديمه التراز ، ولكن فى حاله ممتازه ، وبدت قصيره ، مليئه الجسم قليلا وفى متوسط العمر . وتمتلك حضورا رائعا ، ولمعت عيناها السوداوان ، لمشاهده جولى و بيدرو المحمرى الوجه اثر تعبهما من السير . وأذهلت جولى نظره العداء التى ظهرت على وجه والدة راوول ، وتوترت أعصابها لانها تعلم أن العجوز تعرف تماما من هى ، وكان ممكنا لها أن تتذكر ، على كل ، هو من أرادهما أن تلتقيا ، ولكن إذا كانت أمه تكره علاقتمها السابقه كما فعل هو ، فلماذا دعاها إلى هنا فى مثل هذا الوقت ؟ - أنت السنيوريتا فولروك . . أليس كذلك ؟ - أجل يا كونتيسه . . كيف حالك ؟ هل كانت رحلتك مريحه ؟ - أنا أحب قياده السياره . . هكذا التقينا أخيرا . أنت لست كما تخيلتك أبدا . - أنا آسفه لهذا . - لا تأسفى . . فأفكارى عنك لم تكن لطيفه أبدا سنيوريتا ، ولكننى مجبره على القول إن راوول لم يبالغ بوصف جمالك . - شكرا لك . - هذا ليس إطراء يا سنيوريتا لقد كنت أعلق فقط على أسباب تعلق راوول بك . . إنه تعلق دمر حياته ، وهو لا يزال يدفع الثمن ! وقبل أن تستطيع جولى الرد على كلمات الكونتيسه التى تدينها ، استدارت الكونتيسه مبتعده ، متجاهله سخطها الذى أبدته بفتح فمها وأشارت إلى جوليانو ليحضر حقائبها ، وقالت وهى تصعد سلم القصر وراء الخادم : - كيف حالك . . أين السنيورا ؟ وتبعتهما جولى ببطء ، غير راغبه فى أن تشارك فى الاستقبال الذى يسجرى بين انيتا وحماتها . ولكنها اعترفت لنفسها بأن صديقتها على حق : فوالدة راوول لا توافق ابنها أبدا على ذوقه بالنساء . وشعرت بالراحه لعدم رؤيتها للزائره عندما دخلت القصر فلا بد أن جوليانو قد أخذ سيدته الكبيره إلى غرفتها . وهكذا صعدت هى أيضا إلى غرفتها . العشاء كان سيقدم عند الثامنه كالعاده ، وحضرت حولى نفسها بحماس أقل من حماس الليله الماضيه ، فلقاء والده راوول بحضور انيتا لن يكون سهلا . وصممت على أن لا تترك العجوز ترهبها ثانيه ، وتظرت إلى نفسها فى المرآه قبل أن تخرج من الغرفه ، وتصورت بأنها تبدو هادئه ومحنكه ، زمع قليل من مظاهر الاسترجال ، ولكنها لم تكن تدرك أن ثنايا حسدها الجميل لا تترك أى مجال للشك فى نفس أى أنسان حول جنسها . ولكن ، هكذا ستحقق هدفها بإقناع والدة راوول أنها وجدت النجاح الذى كانت تسعى إليه على حساب ابنها . بعد ثورتها الليله الماضيه ، بدت انيتا مستكينه بأدب . ولم تظهر أى اهتمام بحماتها ، وما كدن يتركن غرفه الطعام ، بعد العشاء ، حتى عرفت جولى السبب ، فقد كانت انيتا تشرب . وتجاهلت انيتا شهقه الاستغراب التى بدت من جولى ، وأمسكت بيدها وهزتها ، مبتسمه ، ثم تبعت حماتها إلى المكتبه ، ولكن بعد تأكدها من وجود صينيه القهوه ، اعتذرت لبضع دقائق ، ومضت ربع ساعه ، وعرفت جولى أنها لن تعود . وقالت والدة راوول لجولى ، بعد أن لاحظت بأنها تستمر فى النظر نحو الباب : - ليس عليك أن تبقى هنا سنيوريتا ، اذهبى ، أفعلى ما شئت . سأكون راضيه ببقائى هنا . لقد جلبت معى تطريزى ، أترين ؟ الخياطه تسليه للمرأة العجوز ، وهو أمر لا ترغب واحده فى مثل ذكائك أن تفعل مثله . وتنهدت حولى وردت عليها : - لدى انطباع بأن من هن مثلى ، وفى ذكائى ، لا تنظرين إليهن بارتياح يا كونتيسه ؟ - وهل لاحظتى هذا سنيوريتا ؟ وانحنت العجوز لتفرش غطاءا أبيضا ، وأخرجت لفه من الخيوط الحريريه من حقيبه أمامها . - لم أقصد بكلامى الانتقاد ، كنت فقط أقرر أمرا واقعا . - كنت أطرز فى الماضى . عندما كنت صغيره يا كونتيسه . والدتى وأنا كنا غاليا نخيط ثيابنا بأنفسنا . - حقا ؟ أنت تدهشيننى يا سنيوريتا ، لقد وجدت أنك وجدت طريقه أخرى لشراء ملابسك . هل الرجال عمى فى انكلترا ؟ - هذا كلام عدوانى . لا أعرف ماذا تقصدين به سنيوريتا ، ولكن الفتيات فى بلادى لا يبعن أجسادهن عاده من أجل الطموح ! والدتى وأنا ، كنا فقيرتين ، وهذا صحيح ، بعد أن تركنا والدى لم يكن من السهل علينا أن نتدبر أمرنا ، ولكن حسب علمى ، لم تكن أى منا يائسه لدرجه أن تعرض نفسها فى الشارع ! لا بد أن عنف دفاع جولى أثر كثيره على الكونتيسه ، فعندما حاولت جولى أن تقف ، وضعت الكونتيسه يدها على كم ثوبها وقالت : - انتظرى يا سنيوريتا ، أنا آسفه ، لم يكن يجب أن اقول هذا ، وأطلب منك السماح ، لا بد أن تعذرى لهفه أم عجوز على ولدها . من الصعب على أن اسامحك ، ولكن بما أن راوول قد سامحك ، فعلى الأقل يجب أن احاول . - لست . . أدرى ما تعنين . - أوه . . أظن أنك تدرين . لا يمكنك الادعاء بأن الماضى لم يكن . وأخبرنى راوول كل شئ . ويمكنك أن تعرفى أنك لو لم تتخلى عنه لما كان الآن يعانى نتائج رده فعله . وشعرت جولى يارتخاء فى اطرافها ، ولكن ذهنها ولسانها بقيا قويين ، وانتقت كلماتها بحذر وهى تقول : - أنا لم اتخلى عن راوول كونتيسه ، هو من تخلى عنى . - ما هذا الكلام السخيف ؟ هل تقولين بأن ولدى كاذب ، سنيوربتا ؟ لقد قال لى بنفسه إنك رفضت الزواج منه . - أوه . . أجل . . أجل اعتقد اننى فعلت هذا ، ولكن هذا لا يعنى أننى . . - بالنسبه لابنى يعنى الكثير ، فنحن عائله فخوره سنيوريتا . هل تعتقدين بأن راوول كان سيقبل العيش معك دون بركه الزواج ؟ |
- أعرف بأنه لن يفعل . - إذا ، لقد اخترت أن تعاقبيه لأنه رجل شريف . - ليس الأمر هكذا ، أنت لا تفهمين يا كونتيسه ، أردت أن أكون مستقله ، أردت أن أثبت أننى قادره على إعاله نفسى مثل أى رجل . ولقد أثبت هذا . فلدى عمل جيد ، ومستقبل جيد . . . - من دون حب ! عجبا . . هل الأمر يستحق ؟ وتفرست جولى بها : - أظن هذا . - إذا أنت مغفله ! وغرزت الإبره فى القماش بغضب وتابعت : - أرى الآن ما رآه ولدى فيك . . لماذا أرادك ، بدلا من هذه المخلوقه التى ليس لديها إيمان ، لديك الكبرياء والأمانه ، ولن تخونى مبادئك ، وتختارى الطريق السهل فى الحياه ، ولكنك غبيه مع ذلك . وعاجلا أم آجلا ستدركين هذا ! |
الساعة الآن 01:21 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية