10 - مواجهة المرأة الأخرى كانت تارا واقفة بين الشجر على بقعة مرتفعة من الحديقة و هي تنظر الى الميناء لعلها ترى زوجها عائدا من اثينا . و وصلت الى سمعها اصوات اجراس الماعز و نهيق الحمار يصعد لاهثا على طريق معبدة بالحجارة . رأت تارا زورقا كبيرا قد يكون زوجها أحد ركابه . ها هو يخرج من الميناء و في يده حقيبة و يتجه نحو الطريق المتعرجة و الكثيرة الانحدارات بين الفيللات التي هي زينة جزيرة هيدرا الصغيرة .منتديات ليلاس لوح ليون بيده عندما رآها واقفة هناك . و ردت له التحية بمثلها و في نفس الوقت شعرت بضيق في صدرها بسبب ما هي عازمة عليه ، و كذلك بالشوق الى نزواته الغريزية . و تمنت لو انها تفهم موقفها من هذا الرجل الذي يسيطر عليها سيطرة تامة . تكره هذا الرجل ، و الفكرة المتسلطة عليها هي ان تفلت من بين يديه ... و مع ذلك ... كان قد ألمح لها قبل سفره بتأثيره الطاغي عليها و بقوة انجذابها اليه و استسلامها الكلي لانفعالاته . فكانت تحتار في امرها : أهي الرغبة التي تستولي عليها ؟ أهي منحطة الى هذا المستوى العاطفي الذي امتلك قلبها و عقلها ... و حتى روحها ... وطرد منها كل شيئ آخر ؟ هذا هو سجنها الحقيقي لا البيت الذي تعيش فيه . و ما هي آخرة هذا السجن غير النكبة و العار ؟ كانت فتاة مثالية تضع الحب و الاهتمام بالناس فوق كل شيئ ... الى ان التقت بهذا الوثني اليوناني الذي همه الوحيد تعليمها دروسا في الرغبة من مختلف نواحيها . - كم هو جميل ان ارى زوجتي تنتظرني . بالطبع شعرت بفراغ اثناء غيابي ! قال ذلك و ابتسامته الساخرة لا تفارق شفتيه . توترت اعصابها و اصطكت اسنانها . لماذا يتهكم عليها ؟ دارت على نفسها و اتجهت نحو البيت و هي تقول : - صدف خروجي الى هنا لاني مللت من البقاء داخل البيت . لحق بها و امسك بيدها و لم يستمع الى أنتها الخافتة : - كيف كنت تمضين وقتك في غيابي ؟ - في القراءة و حمام الشمس ، و من ثم القراءة و حمام الشمس . وكنت اتناول وجبة طعام بين كل قراءة و حمام شمس و احيانا اتسلى بمراقبة سجاني و اتساءل ما قد عساهم يفعلون لو اني هربت . - انهم يسبقونك في الجري . - من يدري ... قد اتسبب لهم بلحظات يلهثون منها . - و انت يا طفلتي ستسببين لنفسك لحظات تتألمين منها اذا لم تغيري مزاجك هذا . توقعت ترحيبا حارا فاستقبلتني ثعلبة صغيرة لسانها طويل . صمتت و توجهت بافكارها و عينيها نحو اشياء اخرى تشغلها . فأخذت تتطلع الى الاشجار التي تذهب الشمس اوراقها و الى الازهار الكثيفة حول النافورة و الفراشات التي تطير من زهرة الى زهرة . وعن بعد رأت رعاة الماعز في التلال و الطرقات المؤدية الى الميناء الهادئ حيث صيادو السمك يصلحون شباكهم . وانصتت الى اصوات الجنادب بين اشجار الزيتون و الى حفيف اوراق الشجر عندما يداعبها نسيم البحر . كانت سعيدة بهذه اللحظة و هي تسير الى جانب زوجها لأنه لم يقطع عليها تأملاتها . سيكون له الوقت الكافي ليشبعها من صوته ! - اصعدي معي و افرغي حقيبتي و اخبريني بما كنت تفعلينه في غيابي . لم يطلب مساعدتها بل اعطاها امرا قاطعا . - قلت لك ما كنت افعله . - لم تفعلي شيئا آخر ؟ كانا امام باب غرفتهما و كان ممسكا بمقبض الباب و هو ينظر اليها مليا . - كان يجب ان تعطيني وعدك ، و ستعطيني اياه في نهاية الامر . خفضت عينيها لتتجنب نظراته الحادة . كانت تفكر في وعد نيقولاوس لها بابعادها عن الجزيرة في فرصة مقبلة . وضع ليون حقيبته على ارض الغرفة و قال : - تعالي الي ! ذهبت نحوه طائعة مفضلة ذلك على الهرب و من ثم الوقوع في قبضته الحديدية . - و الآن عانقيني ! اطاعت و عانقته و لكن ببرود . عندئد شدها اليه شدا عنيفا و آلمها . - لم تتعلمي بعد . اعتقدت انك تحققت من اني سيدك ! - اكرهك ، اكرهك ، هل تسمع ؟ - اسمع و كل البيت يسمع . اما تكرار عباراتك فليس فيه اقناع . و انت تعلمين انك في اعماق قلبك لا تكرهينني يا تارا . مسكين . كم هو واثق من نفسه ، و أي درس سيتلقنه اذا هي هربت منه ! رفعت عينيها فالتقتا بنظرته السوداء الجشعة بينما كانت يده تتلمس اذنها و رقبتها و كتفها . - انت تكرهين فكرة خضوعك لأوامري و اعتبارها قانونا ، و لكنك لا تكرهينني . و انا مقتنع كل الاقتناع بأنك وصلت الى المرحلة التي تشعرين فيها بأنه لايوجد كره حيث يوجد لذة بيننا نحن الاثنين . أشاحت بوجهها عنه و هي عازمة على ان تكرهه مهما كلف الامر . - هذه مجرد رغبة و هي لا تدوم الا لحظة وقوعها . لم تعلم كيف قالت ذلك ، الا انها تابعت و هي تنظر اليه الآن : - انت تفهم ما أعنيه . - نعم ، انا افهم ما تعنينه يا تارا . - كما قلت ، انه ذو مفعول حال وقوعه و ليس بعد وقوعه . - افهم مما تقولين ان الغرام او ما تسمينه بالرغبة تقتل التعقل ، اليس كذلك ؟ - هذا صحيح . - و انا اوافقك الرأي . و من الطبيعي ان تعيق الرغبة قوى الادراك ، و لا يستطيع المرء ان يتحكم بعقله عندما تتحكم به ... - كفى ! تعقل ! الا يوجد شيئ آخر تتكلم عنه ؟ افلتت منه و ركضت الى الطرف الآخر من الغرفة . - كنا نناقش فقط قدرة المرء او عدم قدرته على استعمال عقله في حالات كهذه. - كنا نتكلم عن كراهيتي لك يا ليون ! ربما لا اكرهك في ذلك الظرف بالذات ... و لكني اكرهك دائما بعد ذلك ... و أنصحك بألا تتحامق ، لأنك مهما حاولت اقناع نفسك او غيرك ، فإنك ستكتشف خطأك في نهاية الأمر . - ماذا تعنين بذلك ؟ اذا كنت ناوية على القيام بشيئ يا تارا ، فإني انصحك أن تتذكري ما قلته مرة : لم يحدث ان حصل شيئ دون معرفتي . و لكن قد تأتي لحظة تفاجئه . على أية حال ، يجب ان تنتبه الى ما تقول فإنها كادت ترتكب هفوة لا تغتفر . - كلامك غير واضح . ماذا استطيع ان افعل و حراسك يراقبون كل حركاتي ؟ حاول ان يقول شيئا و لكنه عدل . تركها و لم تره بعد ذلك الا في ساعة متأخرة من النهار . كان أول موضوع تكلم به في صبيحة اليوم التالي موضوع الوعد . فقال بصوت خشن : - من الافضل ان تعطي هذا الوعد ، و الا سأبقيك سجينة الى حين ولادة طفل لنا . و هذا أمر يزعجك اكثر مما يزعجني . - هل يزعجك حقا ؟ - سأرافقك الى اثينا في المرة القادمة . شركائي يعرفون انني متزوج لذلك استغربوا زيارتي الأخيرة بمفردي ، و لا أريد تكرار ذلك اذ انه سيبدو غير طبيعي . - هذا مفهوم . - و لكنك لا تتفقين او تشعرين معي . - و لماذا أشعر معك ؟ - هل ستعطيني هذا الوعد ؟ - كلا ، لأني لا أستطيع إعطاء وعد ليس في نيتي الوفاء به . ازعجها هذا الأمر لأنه قد يؤجل رحلته الى اثينا اذا لم ترافقه . و قال لها في السابق ان من عادته زيارة اثينا كل اسبوعين تقريبا حيث يمضي عدة أيام ، و يبدو الآن انه متردد في الذهاب بدونها . و من الطبيعي ان يستهجن اصدقاؤه و شركاؤه غياب زوجته . - هذا يعني انك تأملين في إيجاد وسيلة للهرب . كان ذلك اثناء تناول الفطور حيث انتظر وصولها اكثر من ربع ساعة . و لما دخلت نهض و قدم لها الكرسي و ابدى ملاحظة على مظهرها مبديا إعجابه به . كان لباسها يتكون من بلوزة حرير لها اكمام طويلة و سروال بزرقة الياقوت . كان شعرها يتألق و لا أثر للحزن في عينيها . و ابدى لها هذه الملاحظة ايضا ، و لكن كل هذا الاطراء لم يؤثر فيها ، و عزت سبب ذلك الى أملها في ان يذهب ليون الى اثينا ليأخذها نيقولاوس الى بيراوس فتتحرر ! و من هناك تأخذ أول طائرة الى الحرية في انكلترا ! نظرت إليه و علقت على كلامه الذي فيه شيئ من القلق : - انت تعرف اني لم اقطع الأمل في الهرب . و تأكد لك منذ البداية ان الهرب يسيطر على جميع حواسي . برقت عيناه و صعد الدم الى وجهه . - إذا هربت ستأخذين طفلي معك . - سأهرب قبل ولادته ... لماذا تتكلم عن الطفل ؟ لن احمل جنينا في بطني ! انت تبدو متأكدا و ارجو ان تكون مخطئا ! تسببت لي في عذاب اكثر مما استطيع ان اتحمل . و لا أريد طفلا يزيدني عذابا على عذاب ! شحب وجهه فجأة و لاحظت التواء عرق في وجنته . - ترضين بنصيبك ! - لماذا ارضى به ؟ و اضافت بحرارة : - هل يرضى به أي سجين حاله مثل حالي ؟ - انت لي ، و كلما اسرعت في الأعتراف بذلك اسرعت سعادتك بالاقتراب ! - اني مللت من ذلك . هل يمكن نسيان هذا الموضوع ؟ لا أطيق الدخول في نقاش هذا الصباح . لم يقل شيئا و تابعا تناول فطورهما ، و اتى ستاماتي بالبيض المقلي و الفطر ، و بعد خروجه سألت تارا زوجها : - متى ستذهب الى اثينا ؟ حاولت ان يكون صوتها طبيعيا قدر الامكان . - لماذا تسألين ؟ - لا لسبب . اتساءل فقط . - سأطيل مكوثي هنا . و اريد وعدك لآخذك معي . لم تعجبها هذه النتيجة . يجب ان يذهب عاجلا ام آجلا ، و لكن متى ؟ لا يستطيع ان يهمل أعماله الى الأبد . - اذن عليك ان تنتظر وعدي . و من المؤكد ان التزاماتك في اثينا لن تصبر عليك كصبري في إعطاء الوعد . أخافتها نظراته و تشنجات وجهه و اخذت اعصابها تتوتر . يا إلهي ! دعه يذهب . دعه يواجه مشاكل او مصاعب او أي شيئ فيضطر للذهاب ! - يبدو انك تستعجلين ذهابي . هل لديك سبب ؟ هزت تارا رأسها و لم تنظر الى صحنها . اضاف زوجها : - تكونين مخطئة تماما إذا اعتقدت ان خدمي سيخاطرون بوظائفهم عندي اذا هم تهاونوا في مراقبتك . كوني عاقلة و قدمي لي هذا الوعد . احست باليأس يدخل الى قلبها . و لكن ما عتمت بعد دقيقة ان واتتها فكرة أعطتها أملا جديدا . و تكلمت متصنعة اليأس في صوتها و محاذرة ألا يكشف كلامها عن نواياها : - قد أرغم في النهاية على اعطاء الوعد . تنهدت بطريقة جعلته يصغي بانتباه و خفضت كتفيها حزنا . و أضافت : - كسبت كل جولاتك في معاركك معي يا ليون ، و لا أرى سببا يمنعك من ان تكسب هذه الجولة ايضا . ارتجفت شفتاها و وضعت شوكتها و سكينها في الصحن كأنها فقدت شهية الأكل . - أرى انك بدأت في التعقل . كنت اعرف انك تتقبلين الحقيقة في آخر الامر . كان بادي السرور اذ ان شفتيه ابتسمتا و بدا الارتياح في عينيه . نظرت في عينيه و ازدردت ريقها آملة ان يكون لاحظ ذلك . و كل همها الآن ان تجعله يلاحظ ترددها في إعطاء الوعد . و ان يقبل بالفكرة التي توحيها إليه . - لن تنال هذا الوعد الآن . جعلت صوتها يرتجف ليدل على انها هزمت و تابعت تقول : - انك لم تحطم إرادتي كليا بعد ... بالرغم من كل محاولاتك . - ليست لدي اية رغبة في تحطيم ارادتك . - لك كل الرغبة . كم مرة قلت لي انه يتوجب علي اعتبارك سيدا لي ؟ كم مرة حصلت مني بالاكراه على ما ترغب فيه ؟ - كل ما أريده منك هو ان تتوقفي عن معاكستي . امتنعت عن المضي في الجدال و مضت بضع دقائق لم يقولا اثناءها شيئا . و بعد ان جمع ستاماتي الصحون و ذهب بها الى المطبخ . قال ليون : - اذا قبلت بمبدأ إعطاء الوعد فالأفضل ان تعطيه الآن . لم تزوري الجزيرة بعد و لم تري شيئا خارج نطاق الفيللا . انت حمقاء يا تارا . - لا يمكنني إعطاؤه الآن . يجب ان اتروى ... امهلني قليلا . طلبت الامهال بصوت كله توسل و رياء و فيه رنة لوم على عدم صبره . كانت دائما صريحة و مخلصة معه و لكنها الآن و لأول مرة في حياتها تلجأ الى الخداع . وافق ليون و هو يتنهد : - حسنا سأمنحك مهلة . و أضاف : - أرى لا خيار لي غير ذلك . فهمت من نظرته انه ما يزال يعتبرها عنيدة . ليعتقد ما يريد شرط ألا يكشف نواياها . ربحت هذه الجولة اذ قال لها بعد مضي عشرة أيام انه ذاهب الى اثينا . - احب ان ترافقيني الى اثينا يا تارا . و الوعد ؟ - ربما اتيت معك المرة القادمة . اتمنى لك رحلة موفقة . خجلت من نفسها لأنها كانت تخدعه . ولكن لم يكن لها خيار آخر . - لو تأتين معي ستكون زيارة متعة ايضا . و ستعجبك اثينا بمعالمها و مشاهدها . - سمعت عنها الكثير و سأزورها يوما . - اذن تعالي معي . كان صوته هادئا وطبيعيا جدا يخلو من لهجة الأمر او الغطرسة . و لما رفعت عينيها و نظرت اليه أحبت فكرة مرافقته . و لكن كان عليها ان تعده ، و الوعد يعني الوفاء . و عندها يكون قد فات الأوان . - المرة القادمة . كانت في غرفتها عندما دخل و عانقها قائلا انه ذاهب . - فيك الكثير لتقدميه لي . و نظرت إليه و هو يهرول نازلا الى الميناء . كان رشيقا مليئا بالشباب و الحيوية في كل حركاته . و أسفت لأنها ستحرم نفسها منه اذا هي تركته . لن يتأخر نيقولاوس عن المجيء . فقد زارها ثلاث مرات في الغياب السابق لزوجها . و في كل مرة كانت تخشى ان يطلع احد الخدم ليون على ذلك . و لكنها لم تقلق كثيرا نظرا للفارق الكبير بين طبقته و طبقة الخدم خاصة في بيت ليون . و امضت بعد الظهر تتجول في انحاء الحديقة و هي تتطلع الى قدوم صديقها في كل لحظة . ربما لم يكن نيقولاوس على علم برحيل ليون بعد . او ربما عدل عن تقديم المساعدة لها معتبرا ان هذه المجازفة لن تفيده بشيئ . حل وقت العشاء و لم يحضر ، و عندما كانت ستجلس الى المائدة دخل ستاماتي قاعة الطعام و أخبرها ان زائرة تريد السيد ليون . - اسمها الأنسة فلورو يا سيدتي . ترغب في مقابلة السيد ليون ، لكنني قلت لها انه مسافر ، و هي موجودة الآن في غرفة الجلوس . هذه إلين ! أتت لترى ليون ... - أحتفظ بعشائي ساخنا يا ستاماتي . وجدت إلين جالسة تحمل سيكارة بين اصابعها الطويلة الرشيقة . حيتها تارا و هي معجبة بالوضع الرزين المحترم الذي تتخذه بسهولة . - تريدين مقابلة ليون ... - قال ستاماتي أنه متغيب . كان بودي محادثته في موضوع عرض الأزياء المقبل في اثينا . آسفة لأني لن اتمكن من رؤيته . ذهب اليوم ؟ - نعم . - سأراه عند عودته . القت إلين نظرة احتقار على ملبس تارا التي لم ترى ضرورة في تغيير السروال و القميص الى لباس رسمي و هي وحيدة . - لم ترغبي في الذهاب معه ؟ - أفضل البقاء هنا . - كنت اعتقد انك تحبين ان تكوني برفقته . - ربما رافقته في المرة القادمة . جلست تارا و تمنت ان تسرع إلين في الذهاب . لا ترى دافعا لأن تطيل اقامتها ما دام الشخص الذي تريد رؤيته لم يكن موجودا . - سيكون كثير الانشغال في المرة القادمة لأهمية العرض ، اذ سيأتي مشترون من بريطانيا و باريس و امريكا . كانت تتكلم بترفع كأنها تحاول ان توحي اليها بأنها تعرف كل شيئ عن مؤسسة هيرا مقابل جهل تارا المطبق . - اعتقد انك تعرفين اني النموذج الأول لليون . - ذكر شيئا من هذا القبيل . اضافت إلين بشيئ من الكبرياء : - ليون لا يساوي شيئا بدوني . - صحيح ... ؟ رفعت تارا حاجبيها استغرابا و تهكما و أضافت : - و لكن لا يوجد انسان لا يمكن الاستغناء عنه ! تورد وجه إلين من الغيظ . وضعت السيكارة بين شفتيها و سحبت نفسا و هي تسلط نظرها على تارا من خلال الدخان . - هل علمت اني كنت مخطوبة الى ليون ؟ فوجئت تارا بهذا القول و قالت : - هذا قول لا يعاد أمام زوجته . ألا تظنين ذلك ؟ لم تتأثر إلين بهذا بل ثبتت نظرها على تارا التي كانت توشك ان تبكي . - أنه تخلى عني بطريقة غير لبقة و الكل يعلم بالأمر . و استغرب انك تجهلين ذلك . بقيت نظراتها الثابتة مسلطة على تارا التي كانت تعتقد ان إلين تتكلم بهذه الطريقة مدفوعة بغريزتها الأنثوية أو لأنها تحسدها على كونها زوجة ليون . - لا أعرف كيف التقيتما أو كيف تزوجتما ، و لكني اعرف انه تزوجك في نزوة غضب أو حقد . و كنا قد تشاجرنا قبل ذلك ، و لكن شجارنا لم يكن ذا بال . غضب لأنه اعتقد اني ... توقفت فجأة كأنها غضبت من نفسها لأنها كشفت الكثير . و لكنها اضافت على الفور قائلة : - هذا هو ليون ، مندفع ، متقلب . هزت تارا رأسها و قالت : - زوجي ليس مندفعا . لماذا تقولين ذلك ؟ - بسبب قصر المدة التي تزوجتما فيها . سحقت إلين طرف السيكارة في المنفضة . و مدت يدها لتأخذ واحدة من علبة سكائر ذهبية امامها و قالت : - لم يتسع له الوقت الكافي ليتعرف عليك بما فيه الكفاية . تجاهلت تارا هذا التعليق ، و لكن إلين اصرت على معرفة ذلك فسألت : - كم طالت مدة التعارف بينكما ؟ - لا يهم ان يعرف الناس طول مدة تعارفنا . - انه لا يحبك ... لا ، لا تقاطعيني ! لو كان يحبك لأخذك معه . غاب عنك مرتين و لم تكوني معه في أيهما . و نظرت إلين الى تارا بإمعان ثم أضافت : - كان من المستحيل ان يسافر دون أن يأخذني معه عندما كنا مترافقين . - كان في امكاني الذهاب معه ، لكني فضلت البقاء هنا . - هذا يعني انك لا تحبينه ايضا . هل تزوجته من أجل ماله ؟ كاد الغيظ يخنقها . تأكد لتارا ان الغيرة تقتل إلين و لا تبالي بما تقول . وقفت تارا و قالت و هي تشير بيدها الى الباب : - بما انك اتيت لتقابلي ليون ، فأنا متأكدة انك لا ترغبين في البقاء اكثر من ذلك . ان عشائي ينتظرني . و سأعلم ليون بأنك اتيت و قد يتصل بك تلفونيا . بلعت إلين هذه الاهانة و وقفت بكل رشاقة فاتجهت نحو الباب و هي تنظر الى تارا نظرة احتقار . و كانت تجيبها بثقة اكثر منها تحية عندما قالت : - طابت ليلتك . - و ليلتك يا آنسة فلورو . رافقتها تارا حتى الباب الأمامي رغم وجود ستاماتي ليفتحه لها . - عشاؤك جاهز يا سيدة ليون . - اشكرك يا ستاماتي . نظرت تارا اليه و رأت الدهشة و الاستغراب اللذين لاحظتهما في عيني كليانش عندما قدمها ليون على انها زوجته . و تذكرت كلمات كليانش حينذاك : - زوجتك يا سيد ليون ؟ و الآنسة ... ؟ كاد يلفظ اسم إلين و لكنه توقف في الوقت المناسب . كان كل خدم ليون و جميع سكان هذه الجزيرة الصغيرة يعرفون العلاقة المتأصلة بين ليون و نموذجه إلين ، و كلهم كانوا يتوقعون ان يتزوجها . هل يهتم ليون بها ؟ يصعب ان تصدق تارا ان ليون يهتم بأحد غير نفسه . الحب شيئ يكاد لا يعرف منه شيئا . ************************* |
11 - خطة الهرب بدا انتظار تارا لزيارة نيقولاوس أبديا . نهضت مبكرة من نومها مما جعل النهار أطول و أثقل على اعصابها . لم يقل ليون كم سيطول غيابه و قد يعود في اليوم التالي أو نفس اليوم . لا ، لن يعود الليلة اذ ليس من الممكن ان يكون قد أنهى اعماله في هذه البرهة الوجيزة . - لماذا لا تأتي يا نيقولا ! لماذا ؟ كانت تمشي من غرفة الى اخرى و تتفرج على بلاطها المرمري و سقوفها المزينة و اثاثها الثمين ذي الطراز القديم و على آنية الصيني الهشة . و حاولت ان تركز افكارها على اشياء غير الهرب . اقتربت من النافذة و وقع نظرها على النافورة الجميلة فاجتذبها جمالها لتخرج الى الحديقة حيث السلام و الهدوء و لكن السلام لم يجد طريقة الى قلبها و لا الهدوء ان يطرد منه القلق و الشك . و اذا تخلى نيقولاوس عنها فستكون نهاية حياتها . اذ سترغم حينئذ على اعطاء الوعد او انها ستجن ! لا تستطيع ان تتحمل هذا السجن اكثر من ذلك . و إذا و لدت طفلا هنا فلن تتمكن من ترك الجزيرة الا بعد سنوات . و سيتبع الطفل الأول طفل ثاني و ثالث ... من يدري ؟ تابعت تجوالها في الحديقة و كانت تنظر الى ساعتها بين لحظة و اخرى . - نيقولا ، أرجوك ... تعال ! ستصيبها الهستيريا اذا ظلت على هذه الحال . و لذا عزمت على عمل شيئ . عادت الى البيت و تناولت كتابا لتقرأ في الحديقة ، و لكنها لم تستطع ان تركز افكارها . نظرت الى الازهار و الى الفراشات الجميلة فلم تتأثر بأي منها بعد ان كانت تجد فيها متعتها الكبرى . نهضت لتمشي و لم يلفت نظرها أي شيئ ، و تطلعت الى الأفق فرأت البحر ، هذا البحر الذي خيل اليها انه سينقلها الى ارض الحرية . كان دافوس و كليانش يرشان شجر البرتقال و الليمون بمرشوش ضد الحشرات . و رأت دافوس يوجه نظره الى نقطة معينة بعد اشارة من زميله . و تبعت تارا اتجاه نظرهما فرأت رجلا يصعد الطريق نحو البوابة الكبرى . توقف الرجلان عن العمل و انتظرا ، لكن تارا ادارت ظهرها اعتقادا منها ان الرجل آت ليرى أحد الخدم . كانت جالسة امام البيت و الكتاب في يدها عندما اتى كليانش و الرجل بصحبته . قال الرجل : - معي رسالة للسيدة ليون ، نسوا ان يرسلوها اليك عندما وصل البريد هذا الصباح . قد تكون مهمة و لذا أتيت بها شخصيا لأسلمها لك . كانت لغته الانكليزية ركيكة . نظر حواليه و حك شعر رأسه و قال : - الحر شديد ! انا عطشان ه استطيع ان اشرب قدحا كبيرا من الماء ! كانت نظراته مثبتة في عيني تارا ، و في أسرع من البرق فهمت كل شيئ و صرخت في وجه كليانش : - حالا ، كأس ماء ... أو تحب شراب الفواكه ؟ - جميل جدا ! الكثير من عصير البرتقال ! انحنى كليانش و لكنه قال قبل ان يذهب : - لم أرك من قبل . - اتيت لزيارة أختي . هي سيدة ... سيدة البريد ؟ كان من الواضح انه يعني مديرة مكتب البريد . قال كليانش : - اخوتها كثيرون . اهلا بك الى جزيرتنا . - شكرا جزيلا ! ابتسم عندما قال ذلك و كشف عن عدد لا بأس به من أسنان الذهب . - سآتي لك بالشراب . ذهب كليانش و دعت تارا الغريب لأن يجلس فجلس و أخرج مظروفا من جيبه . أبقته في يدها برهة و هي تتساءل عما يمكن ان يحتوي الغلاف من ... أخبار حسنة أو اخبار سيئة . اما ان فيها خبر استعداد نيقولاوس ليساعدها أو انسحابه من العملية لعجزه عن القيام بها . تحسست تارا الغلاف و من ملامستها عرفت ان في داخله قلما . اذن نيقولاوس يريد منها جوابا . فتحت الغلاف و الأمل يتسرب الى قلبها و اخرجت منه ورقة مطوية ، و سمعت الرجل يقول : - انا سافاس ، و سأنقل جوابك الى السيد نيقولاوس . اومأت برأسها و بدأت تقرأ : - قبل ان تستمري في القراءة ، اكتبي على الغلاف مكان غرفة نومك بكل دقة و اعطيه لسافاس . كانت هذه الكلمات مكتوبة بأحرف كبيرة على رأس الرسالة . كتبت تارا على الغلاف ماطلب نيقولاوس و أعادته الى الرجل . كان قلبها ينبض بقوة و بدأت تشعر بأنها حرة . و ضع الرجل الغلاف في جيبه و في هذه اللحظة اتى كليانش بالشراب و لم يغب إلا دقيقتين . و هنا فهمت تارا معنى و قيمة العبارة المكتوبة بأحرف كبيرة و التي تعجلها بالرد ، و ليساعدها في تعجلها وضع قلما مع الرسالة . كان كليانش واقفا ينظر الى سافاس و هو يجرع شراب البرتقال ... و من ثم رافقه الى البوابة . وضعت تارا الرسالة في جيبها و دخلت البيت . و لما آوت الى غرفتها ، قرأت ماكتب لها نيقولاوس بينما كانت دقات قلبها تعلو و تهبط حسب مؤثرات الرسالة : " عزيزتي تارا بالرغم من أني عرفت بسفر ليون المبكر هذا الصباح ، رأيت من الأنسب ألا آتي إليك ... و أنا متأكد من ان هذا هو رأيك ايضا . ومن المستحسن ان نبقي كل شيئ سرا بقدر الامكان . و لذا ذهبت البارحة الى بوروس و رجعت برجل يقوم بأعمال على زورقي من وقت لآخر . سافاس غير معروف مطلقا في هيدرا و هذه الحيلة ستنجح . اما الخطة فهي كالآتي : اريدك ان تكوني جاهزة في الساعة الثانية صباحا عندما اضع سلما تحت نافذتك . و اذا رغبت في أخذ بعض الثياب ضعيها في صرة و ارمي بها من النافذة و سأضعها في حقيبة فيما بعد . لا تستعملي اية حقيبة لأن صوتها يوقظ الخدم . ضعي حراما على حجر النافذة لكي يرتكز عليه و هكذا لا يخرج صوتا . هذا كل ما هو مطلوب منك . و سأعيد سافاس الى بوروس الساعة السابعة من هذا المساء و هكذا يكون بعيدا عن الانظار . و سيكون زورقي جاهزا و سيقلك الى بيراوس . لا أدري لماذا اقوم بهذا العمل . ربما لأنه مثير ، او ربما لأني أحب ان أنقذ فتاة من مأزق ، أو ربما لأني احببتك كثيرا " . كان على الرسالة توقيع نيقولاوس فقط . مزقت تارا الرسالة قطعا صغيرة جدا و رمتها في التواليت واختفت مع الماء . لم تمر تارا ابدا بوقت اطول من الفترة بين قراءة الرسالة و بين فتح النافذة بكل هدوء و وضع الحرام عليها كيلا تتسبب في أي صوت . كل شيئ حاضر و تطلعت من النافذة الى الحديقة فلم ترى شيئا بسبب الظلام الدامس . كان قلبها يدق بسرعة كبيرة و اعصابها مشدودة . لم يكن هناك أي صوت أو حركة و كانت صرة الثياب في النافذة . ها هو ! تصورت أنها رأت شبح رجل يتحرك ... و ان السلم رفع الى النافذة . حبست انفاسها و هي تتوقع ان يتأرجح السلم بسبب ثقله فيهوي الى الأرض يصطدم بالحائط او بإحدى النوافذ الأخرى . لكن نيقولاوس قوي و قد وضع السلم في مكانه . رمت تارا بالصرة الى أسفل و كانت على وشك ان تعبر من النافذة و تضع قدمها على درجة السلم عندما رأت ظل رجل آخر يتحرك و من ثم يركض مسرعا الى الناحية الأخرى من الحديقة . و جمدت في مكانها عندما رأت ظل رجل ثالث ، طويل و ذي خطوات سريعة ...منتديات ليلاس شعرت ان قلبها توقف . لا ، غير ممكن ! هذا غير حقيقي ! من المستحيل ان يكون ليون هنا في هذا الوقت من الليل ! و من الرجل الطويل الآخر السريع الحركة ؟ كادت تموت من الرعب و تسمرت في مكانها عندما رأت الشبح واقفا يتفحص المكان و من ثم ينحني و يلتقط الصرة . و في اللحظة التالية رأته يرمي بالصرة على الأرض و يركلها برجله و يشتم ... كاد يغمى عليها . كانت ما تزال مسمرة في مكانها عندما دخل زوجها غرفة النوم بوجه لم تتميزه بسهولة من حدة الغضب . كان دمه يغلي حتى بدا كأنه الشيطان نفسه . و الآن ماذا سيعمل بها ؟ رأت الغضب يتملك زوجها في السابق كثيرا و لكن ليس بالدرجة التي تراه فيها الآن . انه سيقتلها حتما و بحركة غريزية وضعت يدها على عنقها . نعم ، سيخنقها الآن ... - من كان يساعدك ؟ صدمها صوته الهادئ و أحست انها مريضة معقودة اللسان . و لما لم تجبه سألها ثانية و بصوت هادئ ايضا : - سألتك سؤالا ! كانت تبتلع ريقها و تبكي . - لن ... لن اقول لك ! لن اقول ل ... لك ! - ستقولين ... و إلا اضطررت الى تعذيبك ! قفز قفزة خفيفة و أمسك بيدها فأحست بألم شديد فيها و صرخت . - أجيبيني ! كشر عن أسنانه و بدا كأنه نمر يستعد للهجوم على فريسة . - أجيبيني قبل ان أميتك خنقا ! - لا ... لا استطيع . رفعت رأسها و كانت تعرف ان نقطة دم لم تبقى في وجهها . و تساءلت عن الحظ المشؤم الذي اتى به في تلك اللحظة بالذات بينما كانت على وشك التخلص من قبضته المخيفة . كان الشيطان بجانبه ... أنه الشيطان بنفسه ! - أرجوك الا ... تطلب مني ما ... ما يمنعني شرفي من ... - شرفك ! انت تكلمينني عن الشرف ؟ رماها بنظرة جعلت جسمها المرتعد يتقلص . لم يتكلم و لكن عينيه كانتا تعبران عن ازدراء أقوى من الكلام . - ذلك الوضع الذي تكلفته قبل سفري لتظهري نفسك في موقف المهزوم و الوعد الذي أملتني به لأصدق انك استسلمت بعد ان خسرت كل الجولات ، كان كل ذلك جزءا من مخطط الهروب الذي صممته سلفا . أليس كذلك ؟ كانت هزاته من أعنف ما عرفت ، و لما رفع رأسها اليه ارغمها على النظر اليه . - أليس كذلك ؟ أشارت بعينيها بنعم و هي تتساءل عن مدى احتمالها و ما اذا كانت ستبقى واقفة على رجليها لو أخلى سبيلها . - نعم ، كان كذلك . - مع من خططت ؟ ربما رشوت أحد الخدم ليساعدك ، و إلا فمن يستطيع مساندتك ؟ - لا علاقة بأي من الخدم بهذا . - لا تكذبي ... ! أخذ يهزها هزا عنيفا و بلا شفقة . - لقد شبعت من خداعك ! - لي مطلق الحق في ان أخدعك ! لم تعرف كيف خرجت هذه العبارة من فمها . و شعرت باصابعه تطوق عنقها فبدأت تحس بالاختناق ، بدأت تقاوم و تتلوى لتنقذ حياتها من موت محقق . في هذه اللحظة رفع يده عن عنقها و سألها بصوته الهادئ الناعم الذي يخفي وراءه عاصفة كاسحة : - قولي لي مع من كنت تخططين للهرب بينما كنت تحاورين و تداورين معي ؟ لم تعرف لماذا اغاظتها عبارتا " تحاورين و تداورين " ، و بخفة لم ينتبه اليها افلتت منه و قفزت الى الطرف الآخر من النافذة . - من حقي ان أخطط و لكل سجين الحق في الهرب . فكيف تجسر على اتهامي بأني أعمل في الخفاء بينما انا أعمل لأنقذ نفسي ؟ و بالرغم من ان كلماتها لم تكن بحدة كلماته إلا انها اغضبته . - ما زلت انتظر اسم شريكك ! من هو ؟ كان ظهرها الى النافذة و أحست بالهواء يداعب شعرها . هل تقفز ... ؟ تفضل الألم الناتج عن هذه القفزة على الألم الذي سيسببه لها الآن و هو يتقدم نحوها بخطى ثابتة . تلمست حجر النافذة و امسكت به و لكنها لم تكن متأكدة من أنها تستطيع ان تقفز قبل وصول زوجها اليها . فطن هذا الى نيتها فقفز و أمسك بها . و في الفترة القصيرة التي اقتضته لإنزالها عن النافذة تسارعت الأفكار في رأسها و فكرت في العقاب . ارادت ان تستسلم الا ان مرأى عينيه المرعبتين و فمه الملتوي من الغيظ و يديه القويتين أثرت فيها و مدتها بقوة خارقة مكنتها من القفز و الجلوس على حافتها ، و صرخت : - سأقفز . استعد ... - قفي ! انت مجنونة ... قفي ! كان خائفا ، و لأول مرة في حياته كان خائفا . حاول ان يتقدم لكنها صرخت في وجهه : - خطوة أخرى و سأقذف نفسي ! - تارا ، لا تكوني حمقاء ! خفت حدة صوته قليلا و لكنها كانت تعلم أنه اذا أعادها الى رشدها ستعود الحياة كما كانت . كما تعلم ان سبب هياجه هو رفضها افشاء اسم من ساعدها ، و الويل لها اذا ضعفت امامه فلن يشفق عليها و لن يرحمها . - انزلي عن النافذة ! انزلي الآن ! - هذا ليس وقت القاء الأوامر . أتى دوري انا لأحمل السوط بيدي . و أفضل ان اتسبب في أذى نفسي على ان اتأذى منك . سمعت أسنانه تصطك و رأت يديه تنقبضان . أفرحها تغلبها على خوفها لأنها متأكدة من انه لن يتركها تقفز ، و في هذه الحالة سيستسلم لها و يحد من كبريائه اليوناني . كان واقفا امامها لا يعرف ما يفعل في هزيمته امامها . فحاول ان يقنعها بصوت ألطف : - انزلي . - لن انزل قبل ان تعدني بأنك لن تستعمل القوة معي و لن تجبرني على افشاء اسم من ساعدني في وضع السلم ... و التفتت لتدل على مكان السلم ففقدت توازنها و كانت على وشك ان تسقط لولا انه اسرع بخفة مذهلة و امسك بها من ثيابها و أنزلها . رمت نفسها عليه و وضعت رأسها على صدره و أخذت تنتحب . طوق جسمها بذراعيه ليمنعها من السقوط على الأرض لا ليجعلها تشعر بحنانه . و عدا ذلك لم يتفوه حتى بكلمة عطف ، و كان جسمه متصلبا . و لما رفعت نظرها الى وجهه عاودها الخوف من جديد . اذ كان ينظر اليها نظرته في كل مرة يريد ان ينزل بها عقابا . قال بصوت هادر : - انك فتاة مجنونة حقا ! يجب ان اجلدك لمسلكك هذا ! و بدلا من جلدها عانقها بنفس العنف . كانت مقاومتها بلا فائدة لأنها فقدت كل قواها و رأت ان شعوره نحوها كان شعور السيد نحو خادمه لأنه كاد يتذوق طعم الاهانة و الاستسلام عندما فرضت عليه شروطها . تركها و أغلق النافذة . صحيح انه انقذ حياتها و لكن هل لتحيا حياة اطمئنان بعد الآن ام لتعود الى نمط حياتها السابق ؟ هو هو في نظرته الحديدية . هو هو في بطشه الجامح . اخذها ثانية بين ذراعيه و قال : - سأستجوبك مرة اخرى في الصباح . اما الآن ... عانقها و اخذت ترتجف معتبرة عناقه عقابا لها . و ذكرت نفسها ان وجودها تحت سقفه نتيجة اختطاف و ارغام . - حذرتك و قلت لك اني لن أؤخذ على غفلة . - نعم ، حذرتني ياليون . - هل تعرفين سبب وجودي هنا الليلة بدلا من اثينا ؟ - كلا . توقع منها تعجبا أو استغرابا و لكن كل ما سمعه كان صوت بكاء هادئ . - و لكنك تودين ان تعرفي . هزت كتفيها و قالت : - انت دائما تكسب و ستكسب دائما . - هل يئست الآن من الهرب ؟ ابتلعت ريقها و كان قلبها يبكي من الحسرة . و اجابت لكن بعد ان هز كتفيها ليذكرها بأنه ينتظر جوابها : - اعتقد ذلك ... - لم افطن الى معنى كلامك إلا فيما بعد عندما قلت انك ستفكرين بإعطاء وعدك . و رأيت ان هناك شيئا غير طبيعي في قولك . فتراءى لي انك لم تكوني صادقة . و ان طريقتك في الكلام ربما كانت خدعة . فسقطت في الفخ بعد ان جذبني الطعم . و لن أفهم أبدا كيف انخدعت بهذه السهولة و التفسير الوحيد هو اني وثقت فيك . و لكن هذه الثقة تلاشت حالما تفتح ذهني ، فاستأجرت زورقا سريعا و أتيت بأقصى سرعة ممكنة . توقف و دهشت لأن شفتيه كانتا ترتجفان و جبينه يعرق . - يجب ان تعرفي ان ما عندي يكون ملكا لي ، يا زوجة ، و اعتقد الآن أنك ستعتبرينني زوجا لك ... و سيدا . تنهدت و اشاحت بوجهها . و لكنه أدارها نحوه و ثبت نظره في نظرها . سألته و هي تتعلثم : - هل ستسيء معاملتي غدا ؟ - أنا أسيء معاملتك ؟ بدأت يده تعبث بأزرار بلوزتها . - اي بارغامي على إعطائك اسم من وضع السلم ؟ فكرت تارا في دافوس و كليانش اللذين رأيا الرسالة عندما اتى بها الرجل . سيعرف بها حتما و سيكون يوم غد كابوسا بالنسبة اليها . - لن أقول لك أبدا . يمكنك ان تقتلني ، و لكنك لن تعرف من ساعدني . - لن اقتلك ... بدأ الآن عملية عناقه و لم تختلف هذه بتفاصيلها عما سبقها من عمليات مماثلة . - في حياتي كلها لم استمتع بوجود امرأة كما استمتع بك . نسيت تارا مغامرة تلك الليلة و خوفها من المستقبل . ************************** يتبع... |
وااااااااااو رائع تعبينك معانا يا قمر
|
شكراً شكراً شكرا ًجزيلاً والله تعبناك معانا بس سامحينا وبليز بليز بليز كمليها !!!!!!!!!!!! في انتظارك thanx :flowers2: |
مشكورين على المرور safsaf313 و QUEEN CROWN
على المرور و خلاص الراوية قريب بتخلص باقي الفصل الأخير بس و الحقيقة أسعدتني متابعتكم للرواية . |
الساعة الآن 08:15 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية