منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   46_صرخة البراري_مارغريت واي _روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149680.html)

اماريج 11-10-10 04:55 PM

" صباح الخير يا ذات العينين الخضراوين ".
بادرها ستيفن:
" صباح الخير ستيفن , صباح الخير سوزان".
وأبتسمت كولبي لسوزان وهي تضع بعض البيض في صحنها , فأجابتها هذه الأخيرة وهي تحاول أن تبدو أكثر رقة:
" أستيقظت باكرا هذا الصباح يا كولبي".
" يبدو أن الجميع لاحظوا ذلك , دارت ألقى عليّ محاضرته الصباحية منذ برهة".
منتديات ليلاس
ودخل دارت الغرفة , وسمع ملاحظتها الأخيرة , فعلق ضاحكا:
" لم أبدأ بعد يا كولبي ".
وتجاهلته كولبي متوجهة الى الأثنين الأخرين :
"هل هو هكذا دائم العنجهية واللامبالاة السيد المستبد الذي يفرض سيطرته على الجميع؟".

وضحك دارت بدون أن يظهر عليه أي أنزعاج من وصفها القاسي له
وأسترقت النظر الى وجهه فرأته هادئا مع لمسة ساخرة تعرفها جيدا :
" الحمد لله أنني أنتهيت تقريبا من تناول أفطاري".
قالتها لتخفي أضطرابها العابر , فعيناه كانتا تخترقانها حتى الأعماق:
" هل تريد فنجانا من القهوة؟".

أومأ دارت موافقا وألتفت الى ستيفن الذي كان يراقبهما بأستغراب فأن أحدا لم يكن يجرؤ على التحدث الى دارت بنبرة الصوت التي خاطبته بها كولبي.
" ستيفن , الطبيب البيطري سيأتي الى المزرعة بعد ظهر اليوم , العجول بحاجة الى تلقيح , أريد أن تساعد ماغاني , علينا أن نجمع حوال ثمانمئة رأس في مكان واحد , أهتم بهذا الأمر كشاب طيب".

" أعتبر أن الأمر قد نفذ ما دمت لاتطلب الي دمغها بالنار , أكره رؤيتها مستلقية أرضا تستقبل الحديد الحار بدون تذمر , لا أستطيع تحمل ذلك".
" سأجعل منك في يوم من الأيام , راعي بقر قديرا ".
وأنصرف دارت لتناول القهوة التي قدمتها له كولبي وهي تسأل:
" هل أستطيع مرافقتكما؟".

قطب دارت حاجبيه قبل أن يقول:
" سيغطيك الغبار !سوزان مثلا لا تحب ذلك".
" أنا لا يخيفني الغبار , سأغطي شعري بمنديل".
" لا أعرف , سأفكر بالأمر".
" العمل هو للرجال فقط , أما النساء فعليهن البقاء في المنزل , أليس كذلك يا دارت؟".

" شيء من هذا القبيل يا كولبي العزيزة ".
أنتهى من تناول القهوة , وغادر الغرفة فلحقت به كولبي وقالت بأصرار :
" ما هو القرار يا حضرة الرئيس ؟".
نظرته جعلتها تشعر بالتردد:
" أنت مصرة على المجيء معنا , أليس كذلك؟ هذا عمل صعب حتى للمتفرجين , أنه عالم للرجال فقط يا كولبي الصغيرة".
منتديات ليلاس
" لماذا لا تتابع قائلا :
" والحمد لله!".
كانت تعرف بفطرتها الأنثوية كيف تصل الى مبتغاها بطرق ملتوية:
" حسنا هذا عالم للرجال فقط والحمد لله".
" أذا لا يسمح للنساء بدخوله".

ونظرت مباشرة الى عينيه الرماديتين المليئتين رجولة ,وبدا عليه التردد:
" نعم غير مسموح , لكنني قد أستثني فتاة صغيرة أعرفها لو وعدتني بألا تزعجيني , وتتدخلي في أعمالي , فتكتفي بالمراقبة عن بعد".
وشكرته بأبتسامة بريئة فيها شيء من الأنتصار:
" شكرا دارت أعدك بالبقاء هادئة".

اماريج 11-10-10 04:56 PM

" حسنا , نفذي وعدك , وألا...".
ربما كان تأثير الظلال , لكن كولبي رأت على وجهه أنطباعا قاسيا :
" أعرف أنك تعني ذلك يا دارت".
وفجأة شعرت بأنه يفوقها طولا وقوة , وأمسك معصمها بقسوة :
" أردت أن أحذرك يا ذات العينين الخضراوين".
وحررت كولبي نفسها من قبضته :
" هذا عدل يا دارت".

وقاطعهما صوت ستيفن الذي لحق بهما الى الشرفة:
" هل رأت كولبي فرسها؟".
" لا, لم ترها بعد , تعالي معي الى الأسطبل يا كولبي ".
ولحقت به كولبي متلهفة ووراءها ستيفن:
" ستعجبك يا كولبي , أنها فرس رائعة ".
" كفى يا ستيفن, أفسدت المفاجأة , دع كولبي تراها أولا".
منتديات ليلاس
وفي الطريق ألتقوا بوكا , فأستوقفه دارت قائلا:
" تعال هنا يا بوكا , أريد التحدث اليك".
وألتفت دارت الى كولبي وممر أصابعه في خصلاتها الحمراء:
" هذه أبنة عمي يا بوكا , الفتاة التي أخبرتك عنها أريدك أن تبقى ساهرا على سلامتها يا مساعدي المفضل".

وسجن دارت بين أصابعه خصلة من شعر كولبي , التي جمدت مكانها بدون حراك
وتابع قائلا:
" والدتها سرحت شعرها بشعاع شمس , هل تفهم الآن؟".
" نعم , سحر النساء , أليس كذلك؟".
" شيء من هذا القبيل , أذهب الآن ".
وأبتعد بوكا مسرعا تلاحقه أبتسامة دارت:
" حسنا فلنتابع طريقنا الآن الى الأسطبل".

ومشوا بصمت حتى وصلوا الى هدفهم :
" أنتظري هنا يا كولبي".
أمر دارت , وأختفى داخل الأسطبل , ليخرج منه بعد قليل بفرس رائعة , لم تصدق كولبي بصرها , فالفرس البنية اللون أمامها كانت جميلة فعلا بعينيها المشتعلتين شررا , وقوائمها الرقيقة العصبية التي بدت لخفتها كأنها لا تطأ الأرض.

" قولوا لي أنني لا أحلم! هل حقا ستعطيني هذه الفرس يا دارت؟".
أنحنى دارت برشاقة وهو يقول:
" أنها لك وحدك يا كولبي , مفاجآت كهذه تجعل الحياة مثيرة ".
وأبتسمت له بحرارة , كانت سعادتها واضحة :
" شكرا لك يا دارت ,كم أنت طيب , أعتقد بأننا سنصبح صديقين".
" يا له من أقتراح مفاجىء".

" أعني ما أقول ".
ووقفا على جانبي الفرس يربتان على ظهرها :
" ما أسمها يا دارت؟".
" سورشا , أبنة الشمس ".
وراقبت كولبي أنعكاس الشمس على الجسم الطري , الذي تحول لونه البني الى شعلة ذهبية , وهزت رأسها سرورا.
منتديات ليلاس
" ما من حاجة لأن أسألك أذا كانت الفرس أعجبتك!".
قال ستيفن وهو يستمتع بمراقبة الفرس والفتاة , كانتا تليقان ببعضهما , كلاهما تنحدر من سلالة أصيلة , وكلاهما تعتد بنفسها .
وشعرت كولبي بنظرة دارت ترتاح عليها فألتفتت اليه قائلة بأبتسامة طفولية رقيقة:
" شكرا يا دارت , سأعاملها كأميرة".

" أعرف يا صغيرتي , ولذا أعطيتك أياها , أذهبي الآن الى بيللا , أنها تحتاج الى المساعدة هذه الأيام".
كان واضحا أنه يريد صرفها , فأبتعدت مبتسمة وهي تلوح له بيدها , وكان آخر ما رأته صورة دارت وستيفن يتوجهان معا الى مقر رعاة البقر في المزرعة.

اماريج 11-10-10 04:57 PM

ومر ما تبقى من الصباح بسرعة , أمضت كولبي ساعة في فك وترتيب حقائبها , ثم نزلت الى الحديقة لتساعد بيللا وسوزان في زرع أزهار جديدة , صحيح أن بيللا كانت تستعين بعدد من العمال الوطنيين للأعتناءبالحدائق الشاسعة ألا أنها كانت تصر على القيام وحدها بزرع النباتات الطرية ,والأشراف على الأعمال الأخرى.

وهذا الصباح كانت بيللا منهمكة في زرع نوع جديد من البنفسج المداري وجدته قرب سفح أحدى تلال الرمل على بعد عدة أميال من الزرعة.
حرارة الشمس , وعطر الهواء جعلا سوزان تبدو أكثر ودا , فمضى الوقت سريعا , بينما كانت بيللا تعطي تعليماتها للفتاتين عن أصول العمل , وكيفية غرس البذور.
منتديات ليلاس
وبعد الغداء ,أرتدت كولبي سروالا مريحا وقميصا أحمر اللون ,وجلست تنتظر أن يناديها دارت , ولم تنسى أخراج منديلها الحريري الأبيض والأصفر ,ففي هذه المنطقة يعلق الغبار الأحمر حتى بالمساحات المصقولة الملساء.

كانت الساعة تجاوزت الثانية عندما وصل الطبيب البيطري أخيرا الى المزرعة , قيل لها أنه سيمضي الليل في كنغارا , وهامت كولبي في أرجاء المنزل , بدون هدف معين , كانت تخشى أن يعود دارت عن رأيه ويذهب بدونها .

سمعت صوته في الحديقة , فوقفت قرب النافذة لتراقبه عن بعد ,كان يتحدث الى الطبيب البيطري , ورجل آخر لم تره من قبل , وحاولت كولبي أن تنظر الى ملامح دارت بموضوعية لكن الأمر كان مستحيلا , فهو مقرب جدا الى قلبها
ويستأثر بجزء مهم من عواطفها ,وأحست أتجاهه بمزيج متناقض من المشاعر لم تستطع أن تتبين معناها بعد.

وأبتسمت كولبي لنفسها ,لم يكن دارت يتصرف فعلا كرعاة البقر أو كأصحاب المواشي , قامته الرشيقة , وأناقته الميزة , وحركاته العفوية , كانت كلها تشير الى جل ينحدر من عائلة أرستقراطية عريقة.

وفجأة ألتفت دارت متوجها الى المنزل وهو ينادي بأسمها , فطارت كولبي الى الشرفة , وكادت تقع على الدرج وهي تسرع الى حيث كان ينتظرها.
نظر اليها دارت بمزيج من الحنان والمداعبة وقال:
" كنت أعلم أنك ستلبين النداء بسرعة , لكنني لم أتوقع أنقضاضك علي كالسهم ".
" هل فعلا جئت بهذه السرعة؟".

سؤالها كان فيه شيء من التحدي , وأمام بريق عينيها , والحمرة الخفيفة التي لونت خديها , قرر دارت الأستسلام حتى قبل دخول المعركة.
" تعرفين فرانك كينيدي أليس كذلك يا كولبي؟".
أبتسمت كولبي وهي تمد يدها مرحبة بالطبيب , لم تنسه , كان غالبا ما يزور المزرعة في الأيام الغابرة
وبادلها الطبيب أبتسامتها :
" أنا سعيد جدا بعودتك الينا , يا آنسة أليني , يا آنسة كولبي , وأسمحي لي بأن أقول لك أن الأيام حولتك الى شابة جميلة فعلا".
منتديات ليلاس
" أسمح لك بقول ذلك يا دكتور فرانك".
" كف عن أطرائها يا فرانك’ ستدير رأسها , وستصاب بالغرور ولن نتمكن من السيطرة عليها بعد ذلك".
ألتفت دارت الى الرجل الآخر قائلا:
" كولبي , أعرفك بمايك فراداي هذا رجل لكل المهام ولكل الفصول ".

أطالت كولبي النظر الى الرجل الواقف أمامها , فرأته طويل القامة , متناسق التقاطيع ,فاتح الشعر , يقارب عمره سن دارت أي أنه يبدو في أوائل الثلاثينات , وأستراحت عيناه البنيتان على كولبي بتعبير فيه الكثير من الأهتمام.
" أنا سعيد بمعرفتك يا آنسة كينغ , دارت كلمني كثيرا عنك".

اماريج 11-10-10 04:58 PM

وكان لصوته رنة خفيفة وعذبة , وألتفتت كولبي الى دارت فوجدته أبتعد عنها ليفتح باب السيارة الكبيرة المتوقفة على بعد أمتار قليلة.
" هيا يا كولبي , أصعدي , حان وقت الذهاب".

جلس الرجال في المقعد الخلفي , وأستراحت كولبي قرب دارت الذي أنطلق بالسيارة مسرعا صوب حظائر الماشية , وعند وصولهم كان رعاة البقر يأتون بالقطعان الى الأماكن المسيجة التي أنشئت خصيصا لجمعها وكان العمال قد أمضوا يومين كاملين يجوبون أراضي كينغ الشاسعة بحثا عن القطعان , لفصل الحيوانات المحتاجة الى تطعيم ودمغ , كان هناك حوال ثلاثة آلاف رأس من الماشية مجتمعة في الحظيرة المؤقتة تتراوح أعمارهما بين يوم وشهر , وكلها برفقة أمهاتها.

وغطّت هالة من الغبار الأحمر المكان , الرجال كانوا يرتدون ثياب رعاة البقر التقليدية ,وهي تشابه كثيرا أزياء رعاة بقر ولاية تكساس الأميركية , قبعة عريضة تقي عيونهم من حدة الشمس
وسروال جلدي ضيق , ومنديل حول العنق , وجزمة عالية من جلد العجل , وقميص مزين بمربعات فاتحة اللون , وحزام عريض من الجلد , وفي المناسبات الخاصة كان الرجال يستبدلون القميص فقط بآخر من الحرير المطرز برسوم زاهية.

في الغرب كان الرجال يبدون أكثر طولا ورشاقة , وأعرض أكتافا من زملائهم في المدن , وكذلك تبدو وجوههم أكثر رجولة وقوة...
ورأت كولبي حوال أربعة عشر رجلا من رعاة البقر يتحلقون حول الحظائر للسيطرة على المواشي التي بدأت تظهر عصبيتها.

أوقف دارت السيارة , فخرج منها أولا مايك والطبيب وأتجها الى الحظيرة الأولى , ربطت كولبي المنديل حول رأسها وهمت باللحاق بهما
فأوقفها دارت:
" مهلا يا ذات الخصلات النارية , حقا أنت أنثى عنيدة , قلت لك أنني أسمح لك بمشاهدة ما يحدث عن بعد".
" أين تريدني أن أقف بالتحديد".

ورسم دارت بيده خطا وهميا .
" قرب السيارة , لا تقتربي أكثر من ذلك , بعض الثيران في القطيع قد تكون خطرة ,هل من أسئلة أخرى؟".
" لا يا دارت".
" حسنا".
منتديات ليلاس
وأبتعد عنها ليتحدث الى الرجال , فأختارت كولبي مكانا ظليلا تقف تحته , الحر أشتدت وطأته , خلعت قبعتها ووضعت نظارتين داكنتين على عينيها , الشمس بدت أكثر أحتراقا في السماء الصافية , والتلال أنتصبت بقساوة أكثر طوال خط الأفق , أما الغبار فتراكم كثيفا على كل الوجوه .

على بعد أمتار قليلة منها , رأت كولبي ستيفن بقميصه الأزرق الفاتح , يتحدث الى أحد الشبان الأصليين , عرفته برغم المنديل الذي غطى نصف وجهه لحماية رئتيه من تنشق الغبار الخانق.
وبدأ عمال المزرعة بطرح العجول أرضا لدمغها بحرف (ك) وسكتت فجأة همهمة القطيع , وكأنه شعر بتهديد الحديد الساخن الذي سينهال بعد لحظات على جلده , وكانت كولبي تشارك ستيفن نفوره من هذا الأجراء الضروري لحصر رؤوس الماشية الخاصة بمقاطعة كينغ
فأبعدت نظرها عن القضبان المشتعلة التي تضع دوائر صغيرة على العجول الخانقة ,لتراقب الطبيب المنهمك في تطعيم الحيوانات الأخرى التي عرفت طعم النار قبل سنوات , وراحت تنظر بحنان الى صغارها.

بعد ساعة من العمل الشاق ألتف الرجال على نداء طباخ المزرعة وهو صيني من مقاطعة كانتون , كان طاهيا ماهرا , والمسؤول عن تأمين المؤونة الغذائية للبيت الكبير ومقر العمال .

اماريج 11-10-10 04:59 PM

جلس على جذع شجرة كبيرة , وعلى وجهه المرح الصغير أبتسامة مميزة لا يراها المرء الا على وجوه الشرقيين , وتذكرت كولبي كم كانت تستمتع برفقته المسلية وهي طفلة , كان صديقا لكل أطفال المزرعة , ومشت كولبي اليه وهي تحاول أن تتجنب غيوم الغبار المتراكم في الجو.
" مرحبا يا لي , كم أنا سعيدة برؤيتك مجددا".
" وأنا كذلك يا آنستي".

وقفز من مكانه لينحني لها بأحترام , صوته ما زال فيه تلك الرنة الغنائية القديمة , وأشارت كولبي بأصبعها الى قالب كبير من الحلوى:
" ما أشهى مظهره".
ولم تكد تنهي كلماتها حتى أمسك الصيني بسكينة ليقطع لها جزءا كبيرا منه :
" هذه القطعة لك وحدك يا آنستي , هؤلاء الرجال لا يشعرون بالسعادة الا أذا أطعمتهم حتى هنا".
منتديات ليلاس
وأشار بيده الى نقطة وهمية فوق رأسه.
" " أنتظري يا آنستي , سأهب لك فنجانا من الشاي , كنت أعرف أنك ستأتين اليوم , ولذا أحضرت لك كوبا جميلا من الزجاج الصيني".
" شكرا لألتفاتتك الطيبة".

وأنحنى لها مجددا , فبادلته كولبي الأنحناء مبتسمة , وعادت الى مكانها الظليل , الرجال ما زالوا يتوافدون الى عربة الطباخ , فتوقعت أن يلحق بهم دارت ليستريح برهة , ألا أنه تابع عمله الى جانب الطبيب.

وتناولت كولبي كوب الشاي ببطء , وعندما فرغت منه , وقفت لتعيده الى الطباخ ,رفع العمال قبعاتهم تحية لها عندما مرت مبتسمة قريبا منهم , كان من النادر وجود أمرأة في مكان كهذا , وحررت كولبي خصلات شعرها من المنديل , كان الجو شديد الحرارة.

ولم يتوقع أحد ما حدث بعد ذلك , ماغاني , وتد أيفانز كانا يحاولان السيطرة على ثور كبير لكنه تمكن من الفرار من قبضتهما وفي عينيه الصغيرتين تهديد بالأنتقام من معاملة الأنسان , وأتجه الثور الغاضب نحو الفتاة , التي بدأ شعرها المكشوف وكأنه شعلة من نار , الرجال كلهم تحركوا في الوقت ذاته, فسقطت أكواب الشاي , وتبعثرت قطع الحلوى , وأمتدت الأيدي الى الأسواط في محاولة يائسة لتجنب الكارثة .
جمدت كولبي مكانها والخوف يشلها , ورفضت ساقاها التحرك , وكان دارت أول من تمكن من الوصول اليها بسرعة , حماها بجسمه ودفعها بعيدا عن طريق الحيوان الهائج , وسقطت وجرحت ركبتها.

أندفع الثور نحوها والشرر يتطاير من عينيه , وأحست كولبي بالرعب يعصر معدتها , أصبح دارت في خطر حقيقي , وجهه القوي بدا صلبا كالصخر , وتقلصت عضلات جسمه أستعدادا للمعركة , الرجال كلهم جمدوا في مكانهم
وبدا وكأن أحدا منهم لا يجرؤ حتى على التنفس , فالثور كان قريبا لدرجة لا يمكن معها تجنب الهجوم , ولذا كان لا بد من المجابهة , ثبت دارت قدميه في الأرض وبيديه القويتين أمسك بذيل الحيوان فور أقترابه منه
وقبل أن يستعد الثور لمجابهة التحدي , كان دارت قد تمكن من أخلال توازنه , فسقط أرضا وفي أنفاسه المتلاحقة مزيج من الغضب والخوف , وأسرع الرجال من كل صوب للسيطرة عليه , وربط قوائمه الأربع.
منتديات ليلاس
نظرت كولبي الى دارت , فرأت قميصه الممزق ملطخا بالدماء عند الكتف , أستطاع الثور أن يطعنه أذا قبل أن يسقط أرضا , وأغلقت كولبي عينيها بسرعة وهي تشعر بالغثيان , ترنحن وكادت تسقط لولا أن أسرع مايك فاراداي الى جانبها ليساعدها على الوقوف .
" هل أنت بخير يا كولبي؟".

نسي أن يدعوها بالآنسة كينغ , الألقاب في تلك اللحظة لم يكن لها أي معنى , ولاحظت كولبي رغم توترها أختفاء طابع اللامبالاة عن وجهه أذ دل على شحوبه الواضح على الخوف الذذ عرفه الجميع قبل دقائق.
" كانت دقائق مرعبة فعلا يا كولبي , شكرا لله أن دارت من أمهر رعاة البقر , ما قام به يتطلب جرأة فائقة".


الساعة الآن 09:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية